المملكة العربية السعودية
وزارة التعلــيم
جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل
كلية التربية بالجبيل
بحث عن"السندات في فقه المعاملات "
المقدمة:
إنّ الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من، من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }. ( )
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ( )
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } ( )
أما بعد :
فإن أصدقَ الحديث كتابُ اللّه، وأحسنَ الهَدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكل مُحْدَثة بدعةٌ ، وكل بدعة ضلالةٌ، وكل ضلالة في النار. ( )
أما بعد:
يعتبر الإقبال المتزايد على المعاملات التجارية المختلفة وخصوصاً في هذه القرن، لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية، فقد ساعد الإنفتاح التجاري إلى ازدهار الاقتصاد لسعادة الشعوب.
كل ذلك خلق صورا جديدا عند الناس فاحتاجوا بذلك أن يعرفوا الأحكام الشرعية لتلك المعاملات المعاصرة، فخرج منهم عدد من الفقهاء الذي بحثوا ونقبوا ، وانقسموا إلى ثلاث أقسام:
القسم الأول : مال إلى التساهل ولم يفطن إلى حقيقة المعاملات المعاصرة التي تنطوي إلى محاذير شرعية.
القسم الثاني : منع كل جديد وحرم المعاملات المحدثة من غير تأمل ولا بصيرة ومن غير تطبيق صحيح على أدلة الشرع ومقاصده.
القسم الثالث : أخذوا بالعدل في أحكام هذه المعاملات الجديدة، فاعتبروا الأصول الصحيحة والمقاصد الشرعية ، واقتفوا أثر الدليل الصحيح إثباتاً واستباطاً.
إن السندات هي من السبل التجارية التي أسهمت بها الشركات المساهمة ، والتي لها أهمية في اقتصاديات الدول وانتشارها بين الناس ، والسندات أصبحت تتداول في سوق المال مما يحقق الوساطة المالية التي تحقق مكانة في الاقتصاد لأنها تعتبر من وسائل لتحقيق الكفاءة الإقتصادية. ( )
وحيث ما كان للسندات أهمية كبرى في سوق المال الذي يتم ضبطه في بلادنا التي تحكم بالشريعة وفق الضوابط الشرعية بالمعاملات الجارية عليه وفق فقه صحيح أحببت أن أكتب في هذه الموضوع لكي نعطي ولو شيء بسيط عن فقه المعاملات.
أهمية الموضوع:
حسب قرار رقم (62 / 11 / 6) بشأن السندات
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 – 23 شعبان 140 هـ الموافق 14 – 20 مارس 1990 م.
بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندورة (الأسواق المالية) المنعقدة في الرباط 20 – 24 ربيع الثاني الموافق 1410 هـ 20 – 24 أكتوبر 1989 م. بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية.
وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغا مقطوعا أم خصمة.
قرر
1- إن السندات التي تمثل التزاما بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعا من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول لأنها قروض ربوية سواء كانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة، لا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكا استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحا أو ريعا أو عمولة أو عائدا.
2- تحرم أيضا السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضا يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها خصما لهذه السندات.
3- كما تحرم أيضا السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضا اشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين أو لبعضهم لا على التعيين فضلا عن شبهة القمار.
4- من البدائل للسندات المحرمة – إصدارا أو شراء أو تداولا – السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك – ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلا ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم: 5 للدورة الرابعة لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة.
إذن تعتبر السندات فهي كما رأينا صكوك تتضمن القرض وفوائده، ولذلك فهي محرمة لأنها تدخل في ربا النسيئة الذي حرمه الكتاب والسنة وأجمع على حرمته العلماء كما سبق. ( )
ويكون الهدف الرئيسي من هذه البحث :
اختلاف الفتاوى الموجودة والقائمة اختلافا كثيرا حول السندات، حيث يري هذا الاختلاف ولا يستطيع التمييز بينها، فمن قائل بحل، ومن قائل بالحرمة، فمثل هذا الموضوع موضوع في غاية الأهمية يحتاج إلى تأصيله وإلى معرفة آراء العلماء المعاصرين فيه وإلى أدلتهم، ثم مناقشة هذه الأدلة مناقشة علمية، ثم بيان القول الراجح في المسألة حسب ما يقتضيه الدليل والقواعد الشرعية.
أسباب الاختيار:
ترجع أسباب اختياري لهذه الموضوع إلى مايلي:
1- حاجة الشركات والحكومات إلى هذه السندات للصرف على أعماله يتم الإفراج عنه عند نهاية العمل في الموقع.
2- الآراء حول الخلاف أن السندات قرض بزيادة في مقابل الزمن ، وهذا هو ربا الديون الذي حرمه الإسلام .
الفصل الأول: السندات تعريفها وأنواعها
المبحث الأول: تعريف السندات لغة وشرعاً والفرق بينها وبين الأسهم:
حصة إقراض للبنك أو الشركة أو الدولة مع التزام المصدر بنصيب من الفائدة (الربا) دون أن يكون العقد منصبا على الاستثمار ونتائجه من الربح أو الخسارة، وقد عبر كثير من القوانين عن أن السندات تمثل قروضا تعقدها أو تصدرها الشركة متساوية القيمة وقابلة للتداول وغير قابلة للتجزئة. ( )
أما الفرق بينها وبين الأسهم كما يلي:
والسندات تشترك مع الأسهم في تساوي الاسمية لكل فئة وقابليتها للتداول حسب كونها اسمية وللآمر أو لحاملها وفي عدم قابليتها للتجزؤ، غير أن السندات تتميز عن غيرها بالخصائص الآتية:
1. إن السند يعتبر شهادة دين على الشركة وليس جزءا من رأس المال كما هو الحال في الأسهم.
2. حصول صاحبه على الفائدة الدورية المقررة له دون النظر إلى أن الشركة ربحت أم خسرت أم كانت الأرباح كثيرة.
3. عدم مشاركة صاحبه في إدارة الشركة.
4. تحديده بوقت محدد على عكس الأسهم وبالتالي يحصل صاحبه على قيمة سنده وفوائده في التاريخ الذي حدد له دون النظر إلى تصفية الشركة، ومدده مختلفة أقصرها تسعون يوما وبعضها يمتد إلى مائة عام على أن بعض السندات تستمر لحين قيام المصدر باستدعائها أو شرائها من السوق.
5. يحصل حامله على ضمان خاص على بعض موجودات الشركة وقد يكون الضمان عاما على أموالها، ولذلك يحصل على حقه في حالات التصفية قبل أن يحصل حامل السهم على أي شيء. ( )
المبحث الثاني: أنواع السندات:
للسندات أنواع كثيرة ( )، ولا تزال الأفكار الاقتصادية تبتكر الكثير، ونحن نذكر أهمها مع حكمها:
أنواعها من حيث مصدرها وهي:
1- سندات الدولة حيث تصدرها لتمويل الإنفاق العام.
2- سندات الهيئة الدولية – كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير – حيث تصدرها لتمويل مشاريعها.
3- سندات المؤسسات الحكومية المحلية التي تصدرها لتمويل إنفاقها ومشاريعها.
4- سندات الشركات التجارية والصناعية والخدمات التي تصدرها بضمان بعض أموالها أو جميعها لتمويل مشاريعها.
ولا يخفى أن جميع هذه الأنواع تصدر بفائدة دورية على رأس المال، ولذلك فهي محرم إصدارها وتداولها، ولصاحبها إن عاد إلى رشده رأس ماله {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279] .
أنواع السندات باعتبار فوائدها:
1- سندات مستحقة الوفاء بعلاوة إصدار، حيث تصدر الشركة سند الإصدار بمبلغ تسعين ريالا – مثلا – ولكنها تحسبه بمائة ريال إضافة إلى فوائد منخفضة نسبيا عن غيرها.
2- سندات النصيب: وهي السندات التى تخول لصاحبها الحصول على فوائد سنوية ثابتة، إضافة إلى اليانصيب المخصص لها، والذي يمكن أن يكون من نصيب السندات التي يحالفها الحظ حسب القرعة.
3- سندات عادية ذات الاستحقاق الثابت التي ليس لها سوى قيمة واحدة وتعطى عليها فوائد ثابتة فضلا عن قيمة السند عند نهاية مدة القرض.
4- سندات مضمونة، وهي مثل النوع السابق لكنها مضمونة بضمان شخصي أو عيني، والسندات وإن كان جميع أنواعها مضمونة بأصل الشركة لكن هذا النوع يتميز بضمان شخصي أو عيني أيضا.
5- السندات القابلة للتحول إلى الأسهم التي تعطى للمساهمين بقرار من الجمعية العامة غير العادية، وتعطي هذه السندات لحاملها الحق في طلب تحويلها إلى أسهم حسب القواعد المقررة لزيادة رأس المال. وهذا النوع قد أقره القانون المصري للشركات (م 51 / 1) لسنة 1981 م. والقانون الفرنسي والألماني بينما لم تقره كثير من التشريعات ( )
6- سندات الاستثمار أو شهادات الاستثمار: هذه السندات يصدرها البنك الاهلى المصري لتكون حجة لمن حررت له على أنه أودع لديه مبلغا من ماله مبينا بها شروط الاسترجاع والفوائد التي تعطى له أو الجوائز وهي ثلاثة أنواع وفئات ( )
أولاً : فئة (أ) وهي التي تعرف بالشهادات ذات القيمة المتزايدة، حيث يبقى المبلغ عشر سنوات لدى البنك ثم يسترده صاحبه مع فوائده التي تراكمت خلال السنوات العشر، تبدأ قيمتها من (5) جنيهات مصرية إلى (500) جنيه مصري وبفائدة 5 % أو أكثر. وهذا النوع وإن كان قد سمي بالاستثمار لكنه في الواقع قرض مضمون مع فوائده المحددة، وحينئذ يدخل في الربا كما أقرت ذلك المجامع الفقهية الثلاثة (مجمع البحوث – ومجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي – وكذلك مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي) .
ثانياً: فئة (ب) وهي الشهادات ذات العائد الجاري، حيث يمكن سحب فوائدها كل ستة أشهر وتبدأ هذه الفئة بعشرة جنيهات مصرية إلى خمسة آلاف جنيه ومدة استغلالها عشر سنوات بفائدة 5 %. وحكم هذه الفئة كسابقتها حيث إنها في حقيقتها ربا واضح وإن سميت بالاستثمار فالعبرة بالحقائق والمعاني والمقاصد لا بالألفاظ والمباني.
ثالثاً : فئة (ج) وهي الشهادات ذات الجوائز التي لا تعطي ربحا محددا كل سنة، ولكنها خصصت جوائز نقدية لأصحابها حسب القرعة. وهذه الفئة تدخل في القرض المشروط بمنفعة محددة تكيف على أن ما يرد هو القرض وما يخصص للجوائز هي جزء من الفوائد المخصصة لرأس المال في مقابل إبقائه فترة زمنية محددة. ( )
7- شهادات ادخار العملة المركبة (سلة العملات) : يقوم بنك مصر بإصدار شهادات سماها شهادات ادخار العملة المركبة (سلة العملات التي تتكون من دولار أمريكي وجنيه استرليني ومارك ألماني وفرنك سويسري) .
8- شهادات الادخار الدولارية: وهذا النوع مثل النوع السابق لكنه خاص بالدولار وينص نظامه بوضوح على الربا حيث نص على أنه "يعلن البنك دوريا عن معدل العائد حتى يتمشى مع آخر تطورات المعدلات العالمية". وجاء في نشرة لاحقة بأن هذه الشهادة تضمن لك أعلى سعر فائدة في سوق المال المصرية وهي 16 % صافيا سنويا.
9- شهادات التوفير ذات الجوائز: هذا النوع من السندات يتضمن الفائدة المخصصة للتوفير إضافة إلى جوائز تسحب لأصحابها من حين لآخر، فهي بذلك تجمع بين الربا والقمار.
10- سندات الدخل حيث يكون لها فوائد ثابتة إضافة إلى نسبة محددة من أرباح الشركة بينما غيرها تكون فائدتها دورية دون مشاركتها في أرباح الشركة.
أنواع السندات من حيث التملك:
حيث توجد سندات اسمية وسندات لحاملها.
أنواع السندات من حيث الرد:
لها ثلاثة أنواع:
1- سداد نقدي في موعد الاستحقاق وحينئذ قد تكون القيمة التي تسترد هي نفس ما دفع وقد تكون أعلى فترد بعلامة الإصدار.
2- ردها عن طريق تحويلها إلى أسهم كما سبق.
3- ردها عن طريق الإحلال حيث تقوم الشركة عند تاريخ استحقاقها بإحلالها بسندات أخرى جديدة وبمزايا حسب نظام الشركة ( )
أنواع أخرى جديدة في كل يوم:
لا تزال المؤسسات الاقتصادية ودور المال تفكر في المزيد من أنواع السندات وغيرها وتتفنن في كيفية جلب أصحاب الأموال وشدهم وجذبهم إلى إيداع مدخراتهم في تلك المؤسسات بأية وسيلة مجدية في نظرها.
وتكاد أبصارنا تقع كل يوم على نوع جديد وابتكار جديد في الأوراق المالية وأدوات السوق وآلياتها وفي العمليات البنكية، ونحن هنا نذكر بعض أنواع السندات التي هي جديدة نوعا ما وهي:
1- سندات بفائدة ثابتة وشروط متغيرة حيث تعطي لصاحبها حرية أكثر من ناحية انتقال الملكية والاستفادة منها.
3- سندات مسترجعة حيث يعطى لحاملها الحق في استرجاع قيمتها الاسمية بعد فترة محددة مثل ست سنوات، ثم تقوم الشركة المصدرة بإعطاء شروط أحسن من السابق سندات ذات أصوات تعطي صاحبها حق التصويت في الجمعية العمومية للشركة.
4- سندات بفائدة عائمة تتغير كل سنة أو ستة أشهر على أساس سعر الفائدة الدولية مثلا أو أي أساس آخر إضافة إلى حق صاحبها من تحويلها إلى سندات ذات فائدة ثابتة حسب رغبته.
5- سندات مربوطة بالقوة الشرائية للنقود، أي يحدد النقد الذي دفع بسعره يوم الدفع حتى يتفادى صاحبها التضخم الذي قد يكون أكثر من نسبة الفائدة.
6- سندات بشهادة حق حيث تعطي صاحبها الحق في شراء أوراق مالية طيلة فترة محددة وبسعر محدد مسبقا ( )
رأي الباحثة عن الفصل الأول:
بعد الإطلاع على الفصل تم الاستفادة من هذه فيما يلي:
1- معرفة السندات بشكل عام أنها أداة دين تلجأ إليها الحكومات والشركات لتمويل مشاريعها حيث أنها توفر عائدا جيدا للمستثمرين مقابل مخاطرة مقبولة. ويختلف معدل العائد المعطى من شركة مصدرة إلى أخرى وذلك حسب الشركة وتاريخها وملائتها المالية حيث أن العائد المطلوب من المستثمر لشركة كبيرة سيكون أقل من شركة صغيرة وذلك أن المخاطرة في الشركات الكبيرة أقل.
2- أما السندات بشكل خاص فهي عبارة أوراق مالية تكون بدل الأوراق النقدية لها قيمة معينة وهي من أنواع الاستثمار.
3- معرفة الفرق بين الأسهم والسندات تتشابه من الناحية الاقتصادية والأسمية والتداول ولكنه تختلف بأشياء معينة وخصوصا وجود فوائد على القروض تؤدي إلى الربا.
4- اختلاف السندات من حيث المصدر والفوائد والرد.
الفصل الثاني: دور الفقه في التعامل مع السندات
المبحث الأول: حكم التعامل بالسندات
إن السندات المشتملة على فائدة فهي محرمة بإتفاع جميع العلماء المعتبرين المعاصرين، وذلك لاشتمالها على فائدة ثابتة معينة أربحت الشركة أم خسرت، وهذا من قبيل القرض بفائدة وعلى حرمة القرض بفائدة إجماع المتقدمين.
قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله : (اجمع المسلمون نقلا عن نبيهم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف أو حبة كما قال ابن مسعود: أو حبة واحدة). ( )
وقال الموفق ابن قدامة رحمه الله: (كل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف) ( )
وجاء في القرار الأول من الدورة السادسة عشر للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة : (لا يجوز التعامل بالسندات الربوية ، إصداراً ، أو تداولاً ، أو بيعاً ، لاشتمالها على الفوائد الربوية). ( )
ولكن في الآونة الأخيرة اتجهت بعض المصارف الإسلامية إلى إيجاد بدائل مباحة للسندات المحركة بمسمى الصكوك مثل : صك الإجارة ، وصكوك المضاربة ، وصكوك المشاركة. ( )
فتوى:
قول السائل: إنه أراد أن يشتري أسهماً في إحدى الشركات المساهمة العامة واطلع على النظام الداخلي للشركة فوجد أن الشركة يحق لها إصدار سندات عند الحاجة لزيادة رأس المال ويسأل عن هذه السندات
وما حكمها؟
الجواب: السندات نوع من الأوراق المالية التي يجري التعامل بها في الأسواق المالية المعاصرة وتسمى أحياناً شهادات الاستثمار وهي عبارة عن قرض طويل الأجل تتعهد الشركة المقترضة بموجبه أن تسدد قيمته في تواريخ محددة.
أو هو صك قابل للتداول يمثل قرضاً يعقد عادة بواسطة الاكتتاب العام وتصدره الشركات أو الحكومات ويعتبر حامل سند الشركة دائناً للشركة ويعطى حامل السند فائدة ثابتة سنوياً وله الحق في استيفاء قيمته عند حلول أجل معين.
ويلاحظ في تعريف السندات أن السند عبارة عن دين ثابت على الشركة ويستوفي حامل السند فائدة ثابتة سواء ربحت الشركة أو خسرت.
وخلاصة الأمر أن السند عبارة عن قرض ربوي مهما اختلفت أسماؤه وتعددت أوصافه.
وبناءً على أن السند قرض ربوي فيحرم التعامل بالسندات ما دامت تصدر بفائدة ثابتة معينة لذا لا يجوز إصدار السندات ولا تداولها والقول بتحريم السندات واعتبارها من الربا المحرم هو مذهب أكثر العلماء والفقهاء المعاصرين.
ولأن السند قرض على الشركة أو الجهة التي أصدرته لأجل معين وبفائدة معينة ثابتة ومشروطة وهذا هو ربا النسيئة بعينه الذي حرمته الشريعة الإسلامية بالنصوص الصريحة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ( )
المبحث الثاني: زكاة السندات واختلاف الفقهاء :
اجتمع على وجوب وكاة السندات، واختلفوا الفقهاء في كيفية ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول : الزكاة واجبة في أصل الدين ، أما الفوائد فلا زكاة فيها ، بل ترد إلى أصحابها.
الأدلة:
1- وجوب الزكاة في أصل الدين، أي السندات الأصلية.
2- الفوائد لا زكاة فيها لأنها مال حرام.
3- أن المال غير مملوك والزكاة لا تجب في المال المملوك.
القول الثاني : أن الزكاة تزكى زكاة عروض التجارة.
الأدلة:
1- أنها ديون مرجوة على باذل ملئ ، بل يستطيع صاحب السند بيعه متى شاء في أسواق المستندات ، فهو في حكم المال الذي بيده فتجب زكاته.
المناقشة:
إن هذا الاستدلال في غير محل النزاع فإن الدين المرجو مملوك لصاحبه (الدائن) وتجب زكاته ، إنما الخلاف في هذه الفوائد الربوية الزائدة عن أصل الدين ولم يُذكر في الديل ما يدل على وجوب زكاته.
الدليل الثاني:
أنها إذا اتخذت للإيجار فإن صاحبها ينجز فيها بالبيع والشراء، ويكسب منهما كما يكسب كل تاجر من سلعته، وقيمتها الحقيقية التي تقدر في الأسواق تختلف في البيع والشراء عن قيمتها الأسمية، فهي بهذا الاعتبار من عروض التجارة.
المناقشة:
يناقش هذا الدليل على وجهين:
أ- كيف تجعل حقيقة السندات أنها ديون، وتحرج على هذا أحكام السندات المختلفة في البيوع والزكاة، ثم تصحح على أنها تكون عروض تجارة؟ فهذا ليس صحيح في تفريغ الأحكام، بل يجب أن تبقى على حقيقتها أنها ديون حتى لا تتناقض.
ب- من حكم السندات الذي استقر عليه العمل ذهب جماهير الفقهاء إلى تحريم التعامل بها، ولا يجوز جعلها من عروض التجارة.
القول الثالث : وجوب زكاة السندات بكامل قيمتها إلا إذا اتخذت للتجارة فزكاتها زكاة عروض التجارة
الأدلة :
الدليل الأول:
أن الخلط استهلاك إذا لم يكن تمييزه أي معرفة ، اي معرفة عين الحرام ، أي أن حق الغير يتعلق بالذمة لا بالأعيان ، وهذا مذهب أبو حنيفة.
الدليل الثاني:
أنها ديون لها خصوصية تميزها عن الديون التي عرفها الفقهاء، لأنها تنمي وتجلب للدائن فائدة، وإن كانت محظورة فإن حظر هذه الفائدة لا يكون سبباً لإعفاء صاحب السند من الزكاة، لإن ارتكاب الحرام لا يعفي صاحبه مزية على غيره.
الدليل الثالث:
لو أغفينا الفائدة التي تؤخذ من السندات من الزكاة لأدى ذلك إلى أن يقتنيها الناس بدلاً الأهم، ولأدى ذلك إلأى الإمعان في التعامل بها ، فيكون مشجعاً على المحرم لا قطعاً له.
الدليل الرابع:
إن المال الخبيث إن لم يعلم صاحبه (وليس صاحبه هو الشركة التي تدفع) إنما سبيله إلى الصدقة، فخبث الكسب داع إلى فرض الصدقة لا إلى إعفائه منها.
الراجح:
الراجح فيه قولان القول الأول لقوة أدلته وتشمياً مع الأصول ، ولأن في القول الأول إلزام صاحب العمل بالتخلص من المال الحرام ، أما القول الثاني بزكاته ففيه شيء من التسويغ لما هو عليه.
رأي الباحثة حول الفصل الثاني:
تم تخصيص هذه الفصل فقط أمور الفقه ، وقد تم إيضاحه بالنقاط التالية:
1- معرفة سبب تحريم الشريع للسندات لما فيه من ربا.
2- اختلاف الآراء والأقوال حول السندات.
3- الآراء الفقهية حول زكاة السندات والتعامل.
4- الدليل حول مسألة السندات وزكاتها واختلاف الآراء حول كل دليل ومناقشة هذه الدليل بين الفقهاء والعلماء المسلمين ثم يعطى الرأي الراجح في القول وهذا يعتبر نوع من أنواع فقه المعاملات حول المسألة المعطاة
الخاتمة :
وتشتمل على:
النتائج :
توصلت الباحثة إلى النتائج التالية:
1- إن مالك السند دائن للجهة المصدرة للسند سواء كانت هذه الجهة حكومية أو شركة أو مشروع وعادة ويتم طرح هذه السندات للبيع في سوق المال لتحصيل مبلغ مطلوب في مشروع معين.
2- تكون هذه السندات بمثابة ورقة دين على الجهة المصدرة، وتباع هذه السندات على الناس كوسيلة للاستثمار المضمون، فيقدموا ما لديهم من أموال متوفرة بضمانات معينة من قبل الجهة المستفيدة من القرض.
3- إذا دخلت الفائدة في السند وانتهى المشروع وطلب صاحب السند وهو ليس سلطة في مجلس الإدارة باسترداد قيمته وتم الاسترداد السند وتم حساب الفائدة فإن هذه يعتبر ربا.
4- إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، إن أخذ الزيادة على ذلك ربا وهذا حرام.
5- اختلاف الفقهاء حول مسألة السندات وحكم التعامل معها.
6- اختلاف الفقهاء حول الزكاة في مسألة السندات.
7- اجتماع العلماء أنه إذا كان قرض ودخلت عليه الفائدة فهو ربى وهو حرام.
التوصيات:
1- ترك التعامل بالسندات الربوية واختيار أنواع السندات التي لا يدخل فيها الحرام.
2- وجود هيئة شرعية موحدة تابعة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو تتبع جهة رقابية وليس موظف معين من قبل البنك يصدر فتوته بما يحمي مصالح البنك فقط بخصوص السندات.
3- محاولة مؤسسة النقد إيجاد بدائل بدلاً السندات والاستغناء عنها بما يسمى الصكوك مثل صك الإعارة والإجارة وغيرها.
المراجع:
1- ابن عبدالبر، أبو عمر يوسف بن عبدالله ، التمهيد لما في في الموطأ من المعاني والأسانيد ، المغرب: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية ، 1387هـ.
2- ابن قدامة، أبو محمد موفق الدين عبدالله ، المغني ، القاهرة: مكتبة القاهرة ، د.ط ، 1388هـ - 1968م.
3- الأشعث، داود بن سليمان ، سنن أبي داود للألباني ، ط1 ، الرياض: دار السلام.
4- الأمين، حسن عبدالله ، الودائع المصرفية النقدية واستثمارها في الإسلام ، ط1، جدة : دار الشروق ، 1983م.
5- البقمي، صالح بن زابن المرزوقي ، شركة المساهمة في النظام السعودية : دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي ، مكة المكرمة: جامعة أم القرى ، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي ، 1406هـ.
6- بن عفانه، حسام الدين موسى محمد ، يسألونك عن المعاملات المالية المعاصرة ، القدس / أبوديس / فلسطين: المكتبة العلمية ودار الطب للطباعة والنشر ، 1430هـ - 2009م.
7- الجزاية، محمد الحبيب ، بحثه عن الأدوات المالية التقليدية، المقدمة إلى مجمع الفقه في دورته السادسة.
8- الخثلان، سعد بن تركي ، فقه المعاملات المالية المعاصرة ، ط2 ، 1433هـ - 2012م.
9- الخيل، أحمد بن محمد ، الأسهم والسندات وأحكامها في الفقه الإسلامي ، ط2 ، الرياض: دار ابن الجوزي للطباعة والنشر ، 1426هـ.
10- رضوان، أبو زيد ، شركة المساهمة والقطاع العام وفقاً لتعديلات القانون 111 لسنة 1975م ، القاهرة: دار الفكر العربي ، 1976م.
11- السالوس، علي ، المعاملات المالية المعاصرة في ميزان الفقه الإسلامي ، ط2 ، الكويت: مكتبة الفلاح ، 1987م.
12- القره داغي، علي ، بورصة من منظور الفقه الإسلامي ، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، العدد السادس ، المجلد الثاني ، والعدد السابع المجلد الأول ، ومصادره المعتمدة . - See more at: http://www.qaradaghi.com/chapterDetails.aspx?ID=380#sthash.3Kz8OrAv.dpuf
13- القري، محمد علي ، مقدمة في النقود والبنوك مع تطبيقات على المملكة العربية وعناية بالمفاهيم الإسلامية ، جدة: مكتبة دار جدة ، 1417 – 1997م.
14- مجمع الفقه الإسلامي ، مجلة مجمع الفقه الإسلامية التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بمدينة جدة ، عدد 8.
15- نظام الشركات السعودية ، المادة 116 .
إعداد الطالبة
ربى سعيد الشيخ
إشراف الإستاذة : نجــاة إبــراهيم
العام الجامعي
1437هـ - 1438هـ