بسم الله الرحمن الرحيم
العوامل المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي
المقدمة:
يعد الطلاق من أكبر المشكلات التي يمكن أن تهدد كيان الأسرة لما له من آثار سلبية على حياة الأسرة وترابطها، كما يعني عرقلة بناء مجتمع سليم خال من العقد. فالطلاق مشكلة تترتب عليها مشكلات اجتماعية ونفسية ومالية، وتختلف حدة هذه المشكلات ودرجة المعاناة منها باختلاف المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، كما تختلف الآثار والمعاناة منها باختلاف أعضاء الأسرة: الزوجة، والزوج أو الأطفال.
وفيما يتعلق بالمجتمع السعودي على وجه التحديد؛ يعد الطلاق ظاهرة اجتماعية خطيرة، بدأت تبرز وبشكل ملموس في نطاقه، وصار الحديث عنها بشكل مسموع. ومن يتأمل البيانات الرسمية بإثبات عقود الزواج، وإصدار صكوك الطلاق، يدرك خطورة الظاهرة، ويؤكد الحاجة الماسة إلى دراسات علمية وشرعية ونفسية واجتماعية واقتصادية للظاهرة، لما لها من آثار سلبية على حياة الفرد والأسرة، وتنعكس كلياً على المجتمع بأسره ، خاصة مع ما لوحظ في السنوات الأخيرة من انتشار حالات الطلاق بشكل مبالغ فيه، لدرجة اعتبره بعض الناس فيها ظاهرة جديرة بالدراسة والبحث.
و يأتي هذا البحث امتدادا لنطاق الدراسات المهتمة بظاهرة الطلاق و الوقوف على العوامل المؤدية إلى ظهورها ..
مشكلة البحث :
يعتبر الطلاق ظاهرة عالمية حيث تنتشر هذه الظاهرة في كافة أقطار العالم النامية و المتقدمة و على اختلاف أيديولوجياتها على حد سواء ... و المجتمع العربي و الخليجي و السعودي يعاني أيضا من هذه الظاهرة مثله مثل غيره من المجتمعات ...
و كل إنسان في هذه الحياة عادة ما يبحث عن الحياة المستقرة الهادئة دون مشاحنات، التي تسودها السعادة والبهجة والأمن والحياة الطيبة. ولقد حرص الدين الإسلامي على وحدة الأسرة وعدم تفككها فشرع حلولاً عملية يستهدي بها كل من الزوج والزوجة في حالة استفحال الخلاف والشقاق بينهما و آخره هذه الحلول يأتي الطلاق.
و يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية.. وهو ظاهرة عامة في جميع المجتمعات ( بدوي ، 1986م ، 115) ويبدو أنه يزداد انتشاراً في مجتمعاتنا في الأزمنة الحديثة حيث نجد أن نسبة الطلاق في المجتمع المصري، بلغت (5،3) لكل ألف زواج في عام 1960م وصلت عام 1970 إلى نسبة 7% و حتى عام 2000م .
وفي المملكة العربية السعودية أوضحت دراسة أجراها الدكتور (محمد السيف)، الباحث بقسم الاجتماع بجامعة الملك سعود بالرياض، أن المحاكم الشرعية بالسعودية تقضي فيما بين 25 إلى 35 حالة طلاق يومياً (السيف ، 1418هـ، ص 134).
وأوضحت دراسة أجرتها وزارة التخطيط أن نسبة الطلاق ارتفعت في عام 2003م عن الأعوام السابقة بنسبة 20%. كما أن 65% من حالات الزواج التي تمت عن طريق طرف آخر أو ما يعرف ب (الخاطبة) تنتهي هي الأخرى إلى الطلاق. وسجلت المحاكم أكثر من 70 ألف عقد زواج ونحو 13 ألف صك طلاق خلال عام 2001م.
وأوضحت أنه يتم طلاق 33 امرأة يومياً، وفي مدينة الرياض وحدها وصل عدد المطلقات إلى 3000 امرأة، في حين بلغت حالات الزواج 8500 زيجة ، و نسبة الطلاق في مدينة جدة وحدها وصلت إلى40% من حالات الزواج عام 2003م، بينما انخفضت في القرى المجاورة إلى 5%.( وكالة الأنباء السعودية، موقع محاميي المملكة، 18-4-2004م).
و في إحصائية حديثة صادرة عن وزارة العدل السعودية ( 1427هـ ) فإن عدد حالات الطلاق الصادر من الوزارة من خلال صكوك طلاق من محاكم المملكة بلغت 24428 حالة طلاق مثبتة في سجلات المحاكم، وأظهرت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مختلف محاكم المملكة خلال عام واحد فقط .
- وقد سجلت منطقة الرياض أعلى نسبة في عدد حالات الطلاق مقارنة بمناطق المملكة الأخرى حيث بلغت 7085 صك طلاق في منطقة الرياض أي بنسبة 29% من إجمالي صكوك الطلاق في المملكة تلتها منطقة مكة المكرمة في عدد حالات الطلاق حيث سجلت إحصائيات المحاكم الشرعية في منطقة مكة المكرمة 5749 صك طلاق بنسبة 23.5% من إجمالي صكوك الطلاق في المملكة .
-وسجلت منطقة الباحة أقل نسبة طلاق على مستوى المملكة حيث بلغت 354 صك طلاق بنسبة 1.4%.
و لما كان الطلاق هو " أبغض الحلال " لما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وازدياد العداوة والبغضاء والآثار السلبية على الأطفال ومن ثم الآثار الاجتماعية والنفسية العديدة بدءاً من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة وغير ذلك.
فقد نال الطلاق اهتمام المفكرين منذ زمن بعيد . ونجد في كل الشرائع والقوانين والأخلاق فصولاً واسعة لتنظيم هذه العلاقة وضمان وجودها واستمرارها. ويهتم رجال الدين ورجال الفكر وعلماء الاجتماع وعلماء النفس بهذه العلاقة، كل يحاول من جانبه أن يقدم ما يخدم نجاح هذه العلاقة و من أجل الكشف عن حقيقة الأسباب و العوامل التي تؤدي إلى الطلاق، وعن آثاره على كلا من الرجل والمرأة و الأبناء .
و عليه فإن مشكلة هذه الدراسة تتحدد في الكشف عن العوامل المؤدية إلى الطلاق في المجتمع السعودي.
أهمية الدراسة :
تتمثل أهمية هذه الدراسة في النقاط التالية :
1- إن مشكلة الطلاق تعد مشكلة اجتماعية تواجه المجتمع السعودي و باتت تهدد النظام الأسري في استقراره .
2- إن من شأن دراسة العوامل المسببة لحدوث الطلاق من شأنه أن يسهم في إمكانية البحث عن حلول مناسبة للحد من آثار الطلاق أو القضاء على آثار هذه المشكلة إن أمكن ذلك .
3- على حد علم الباحثة لا توجد هناك دراسات حديثة تتناول بتركيز شديد تأثير الطلاق على المرأة المطلقة و تبين العوامل الرئيسية المؤدية للطلاق .
أهداف البحث :
هناك هدف رئيسي تسعى إليه هذه الدراسة هو : التعرف على العوامل المؤدية إلى الطلاق في المجتمع السعودي .
و ينبثق عن هذا الهدف الرئيس الأهداف الفرعية التالية :
1- الكشف عن العوامل الاجتماعية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
2- الكشف عن العوامل النفسية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
3- الكشف عن العوامل الاقتصادية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
4- الكشف عن العوامل الثقافية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
5- الكشف عن العوامل الداخلية و الخارجية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
تساؤلات الدراسة :
هناك تساؤل رئيسي لهذه الدراسة هو :
ما العوامل المؤدية إلى الطلاق في المجتمع السعودي ؟
و يتفرع عنه عدة تساؤلات فرعية هي :
1- ما العوامل الاجتماعية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
2- ما العوامل النفسية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
3- الكشف عن العوامل الاقتصادية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
4- ما العوامل الثقافية المؤدية للطلاق في المجتمع السعودي ؟
مصطلحات البحث :
الطلاق : هو إنهاء العلاقات الزوجية بحكم الشرع والقانون ، ويترتب إزالة ملك النكاح لخطورة هذه الظاهرة في حياة الأسرة والمجتمع فقد قيدته المجتمعات بقيود شديدة وأباحته في حالات محدودة ( الخشاب ، 1981م ، ص 25)
العوامل : هي المتغيرات المجتمعية التي تؤدي إلى نتائج سلبية أو ايجابية أو تكون ممهدة لنشوء ظاهرة اجتماعية أو نفسية أو اقتصادية أو غيرها أو إنهائها أو تطورها أو استمرارها.
الإطار النظري
مقدمة
الطلاق عرفته الأقوام والمجتمعات منذ زمن بعيد وكان معمول به في العصر الجاهلي ولم تستحدثه الشريعة الإسلامية وإنما قننته وحددت عدد مرات الطلاق حيث ذكر بعض الفقهاء إن الطلاق لفظ جاهلي جاء الشرع بتقريره ، و أهل الجاهلية كانوا يستعملونه في حل العصمة أيضا لكن لا يحصرونه في الثلاث. و كان الناس في الابتداء يطلقون من غير حصر ولا عدد ، وكان الرجل يطلق امرأته ، فإذا قاربت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها كذلك . كما إن الطلاق عند اليهود يباح بغير عذر ، كرغبة الرجل بالتزوج بأجمل من امرأته ، ولكنه لا يحسن بدون عذر ، والأعذار عندهم قسمان : ( الأول ) عيوب الخلقة ، ومنها : العمش ، والحول ، والبخر ، والحدب ، والعرج ، والعقم . ( الثاني ) وعيوب الأخلاق وذكروا منها : الوقاحة ، والثرثرة ، والوساخة ، والعناد ، والإسراف ، والنهمة ، والبطنة ، والتأنق في المطاعم ، والفخفخة ، والزنا أقوى الأعذار عندهم ، فيكفي فيه الإشاعة ، وإن لم تثبت. وعند المسيحية بمذاهبه
1 - المذهب الكاثوليكي .
2 - الأرثوذكسي .
3 - البروتستنتي .
فالمذهب الكاثوليكي ، يحرم الطلاق تحريما باتا ، ولا يبيح فصم الزواج لأي سبب مهما عظم شأنه ، وحتى الخيانة الزوجية نفسها لا تعد في نظره مبررا للطلاق ، وكل ما يبيحه في حالة الخيانة الزوجية ، هو التفرقة الجسمية ، بين شخصي الزوجين ، مع اعتبار الزوجية قائمة بينهما من الناحية الشرعية ، فلا يجوز لواحد منهما في أثناء هذه الفرقة أن يعقد زواجه على شخص آخر ، لان ذلك يعتبر تعددا للزوجات ، والديانة المسيحية لا تبيح التعدد إطلاقا . والمذهبان المسيحيان الآخران ، الأرثوذكسي ، والبروتستانتي ، يبيحان الطلاق في بعض حالات محدودة ، من أهمها الخيانة الزوجية ، ولكنهما يحرمان على الرجل والمرأة كليهما أن يتزوجا بعد ذلك .
تعريف الطلاق :
التعريف اللغوي:
اهتم العرب كثيرا باللغة العربية كونها لغة اشتقاق وتتمتع بالحيوية ومواكبة الحياة وإنها لغة القران الكريم ووعاء الفكر الإسلامي النير فكان لابد لهم أن يهتموا بها لارتباط شموليتها بشمولية القران الكريم والأحكام الشرعية وهذا ما سنلاحظه في هذا الجزء تجاه كلمة الطلاق، لان الطلاق كلمة مشتقه من أصل الفعل الثلاثي طَلًَقَ ومعناه في اللغة ( إخلاء السبيل ، والمرآة تطلق طلاقا فهي طالق وطالقة غدا ، قال الأعشى : أيا جارتي بيني فانك طالقه وطلقت وطلقت تطليقا . والطالق من الإبل ناقة ترسل في الحي ترعى من جنابهم أي حواليهم حيث شاءت ، لا تعقل إذا راحت ولا تنحى في المسرح ، وأطلقت الناقة وطلقت هي أي حللت عقالها فأرسلتها . ورجل مطلاق ومطليق أي كثير الطلاق للنساء) كما ذكر بعض اللغويين بان (الاسم من طلق : الطلاق ، وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة ( طالق ) . وطلاق المرأة يكون لمعنيين أحدهم حل عقدة النكاح . والآخر بمعنى الترك والإرسال . من قولهم طلقت القوم : إذا تركتهم . وطلقت المرأة بالفتح تطلق من باب قتل - وفي لغة من باب قرب - فهي طالق بغير هاء . فإن جاؤا بالهاء فعلى سبيل التأويل ) كما إن (الطلاق لغة هو حل القيد والإطلاق, وهو اسم بمعنى المصدر الذي هو التطليق كالسلام بمعنى التسليم والسراح بمعنى التسريح, أو هو رفع الوثاق)( الرازي ، 1993م ، ص166) وذكر الفقيه المصري سيد سابق بان (الطلاق : مأخوذ من الإطلاق ، وهو الإرسال والترك . تقول : أطلقت الأسير ، إذا حللت قيده وأرسلته)
( سابق ، 1426م ، 2/241) ومن ذلك نرى إن التعريف اللغوي للطلاق هو إخلاء السبيل أو الترك أو الإطلاق.
التعريف الاصطلاحي:
أما في الاصطلاح فقد أورد علماء الشريعة الإسلامية جملة من التعاريف التي تتفق في كون الطلاق هو رفع القيد وفك وثاق الزوجية وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة طالق، وطلاق المرأة يكون لمعنيين احدهم حل عقدة النكاح والآخر بمعنى الترك والإرسال ومن الفقهاء من قال بان الطلاق (هو رفع قيد النكاح بلفظ مخصوص صريحاً أو كفاية أو إشارة) كما ذكر في مورد آخر بان الطلاق ((شرعا حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه . والأصل فيه قبل الإجماع الكتاب كقوله تعالى ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ، وعرفه النووي في تهذيبه (بأنه تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب فيقطع النكاح) وقيل أيضا بان (الطلاق وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة " طالق) ومن المتأخرين من الفقهاء سيد سابق الذي عرف الطلاق (حل رابطة الزواج ، وإنهاء العلاقة الزوجية )( سابق ، 1426هـ،ص 2/241 ) .
وكان الطلاق معروف قبل الإسلام إلا انه لم يكن محدد العدد بل مطلق للرجل أن يوقعه متى شاء وعدد شاء كما كان الطلاق في صدر الإسلام بغير عدد ، وكان الرجل بطلق امرأته ما شاء من واحد إلى عشرة ، ويراجعها في العدة ، فنزل قول الله تعالى ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) فبين أن الطلاق ثلاث ، فقوله ( مرتان ) إخبار عن طلقتين ، واختلفوا في الثالثة ، فقال ابن عباس : ( أو تسريح بإحسان ) وقال بعض التابعين : ( فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ) .
والملاحظة على إن الفقهاء كان إجماعهم في الطلاق ناجم عن وحدة الموضوع في التشريع السماوي الوارد في القران الكريم وفي الآيات الكريمة ومنها((وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً)) ((وان عزموا الطلاق فأن الله سميع عليم)) وقوله ((والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ...)) وقوله ((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)) وقوله ((يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم)) وقوله ((يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً)) .وقوله ((للمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين)) . وهناك موارد وشواهد كثيرة في القران الكريم على الطلاق و وردت سورة باسم سورة الطلاق، مما يدل على أهمية الطلاق وأثره في بناء المجتمع وتأثيره في مسيرة الأمة، كما ذكر في العديد من الأحاديث النبوية ومنها قوله صلى الله عليه و سلم ( ابغض الحلال إلى الله الطلاق ) لذلك فان التعريف الاصطلاحي أو الشرعي للطلاق هو ( هو تصرف مملوك للرجل يتم بموجبه حل رابطة الزواج ، وإنهاء العلاقة الزوجية ) .
أقسام الطلاق
اجتهد الفقهاء في حصر وتعداد أنواع و أقسام الطلاق وذهبوا مذاهب شتى في ذلك وسأجملها بما يلي :ـ
أنواع الطلاق من حيث الآثار
أنواع الطلاق من حيث الآثار التي يرتبها في إنهاء العلاقة الزوجية وينقسم إلى : ـ
1. الطلاق الرجعي
المقصود بالطلاق رجعي، هو الذي للمطلق الحق في مراجعة مطلقته فيه ، أثناء العدة الشرعية بدون حاجة إلى عقد جديد أو مهر جديد وبين فقهاء المسلمين تعريف شبه متفق عليه للطلاق الرجعي ومن تلك التعاريف (هو الطلاق الذي يوقعه الزوج على زوجته التي دخل بها حقيقة ، إيقاعا مجردا عن أن يكون في مقابلة مال ، ولم يكن مسبوقا بطلة أصلا ، أو كان مسبوقا بطلقة واحدة) وعند فقيه آخر يرى بان (الرجعي صفته أن يطلق واحدة ويدعها تعتد في سكناه ونفقته ، و يحل له النظر إليها ، وهو أملك برجعتها ما لم تخرج عن العدة) وبعضهم يعرفه بان (الرجعي هو الطلاق الذي يجوز للرجل بعده أن يرجع بنكاح المرأة المطلقة ما دامت في العدة ) وورد تعريف للطلاق الرجعي في نص الفقرة (1) من المادة ( الثامنة والثلاثون) من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل بان الطلاق الرجعي (هو ما جاز للزوج مراجعة زوجته إثناء عدتها منه دون عقد ) ومن أهم أثاره إن يرجع الرجل بمطلقته أثناء العدة دون مهر أو عقد جديد وان الرجعة تكون أما قولية أو فعلية كان يقول أن فلانة قد أرجعتها إلى ذمتي او راجعتها بأي مفردة يستدل بها على الرجوع وإرجاع المطلقة إلى ذمة الزوج وتثبت بما يثبت به الطلاق وعلى وفق كل مذهب والرجعة تكون بمثابة رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن ، في العدة ، أي هو رد المطلقة في زمان عدتها إلى نكاحها السابق ، ولا رجعة في البائنة ولا في التي انقضت عدتها
2. الطلاق البائن
البائن ومعناه المنفصل الذي يفصل بين الزوجة وزوجها على الفور على وفق ما عرفه فقهاء المسلمين إذ يعتبر الطلاق البائن (هو الطلاق الذي ليس للرجل بعده أن يرجع بالمطلقة) وآخر عرفه بأنه ( ما لا يصح للزوج الرجعة معه) وينقسم الطلاق البائن إلى ستة أنواع (: طلاق التي لم يدخل بها . واليائسة. ومن لم تبلغ الحيض. والمختلعة . والمبارأة ما لم ترجعا في البذل. والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان)
ويكون الطلاق البائن على ضربين الأول : ـ
البائن بينونة صغرى وهو الذي يجوز فيه للزوج الرجوع إلى زوجته بعقد ومهر جديدين وبإيجاب وقبول الطرفين وان يتوفرا على الشروط الشرعية والقانونية لإتمام عقد النكاح على خلاف الرجعي الذي لا يعتد بقبول أو عدم قبول الزوجة بالرجوع ، وهو الذي ( يزيل قيد الزوجية بمجرد صدوره ، وإذا كان مزيلا للرابطة الزوجية فإن المطلقة تصبح أجنبية عن زوجها . فلا يحل له الاستمتاع بها ، ولا يرث أحدهما الآخر إذا مات قبل انتهاء العدة أو بعدها ، ويحل بالطلاق البائن موعد مؤخر الصداق المؤجل إلى أبعد الأجلين الموت أو الطلاق) كما عرف في مورد آخر (وهو الذي يكون بعد مضي العدة من الطلقة الأولى ، أو الثانية والذي لا رجعة فيه إلا بمهر وعقد جديدين ) .
و الضرب الثاني : البائن بينونة كبرى وهو الطلاق الذي يحرم المرأة على الرجل، فلا يحق له الرجوع إلى المطلقة إلا بعد أن تنكح من رجل آخر ويدخل بها دخولا حقيقيا بموجب عقد نكاح صحيح ثم يفترق عنها أما بالطلاق أو الموت وتنتهي عدتها وعرفه فقهاء الشريعة (الطلاق البائن بينونة كبرى يزيل قيد الزوجية مثل البائن بينونة صغرى ، ويأخذ جميع أحكامه ، إلا أنه لا يحل للرجل أن يعيد من أبانها بينونة كبرى إلى عصمته إلا بعد أن تنكح زوجا آخر نكاحا صحيحا . ويدخل بها دون إرادة التحليل . يقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 230: " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ") .
أنواع الطلاق من حيث وقوعه ومشروعيته:
أنواع الطلاق من حيث وقوعه ومشروعيته وينقسم إلى عدة أنواع منها ما يلي :ـ
1. الطلاق السني :
وهو الطلاق الواقع على الوجه الذي ندب إليه الشرع ، وهو أن يطلق الزوج المدخول بها طلقة واحدة ، في طهر لم يمسسها فيه وبين بعض الفقهاء ان (الطلاق السني فهو طلاق مدخول بها في طهر لم يجامعها فيه ولا في حيض قبله ، وليست بحامل ولا صغيرة ولا آيسة ، وهي تعتد بالاقراء ، وذلك لاستعقابها الشروع في العدة) واعتبره البعض الاخر هو الطلاق الجامع للشروط الشرعية مقابل الطلاق البدعي .
ومنهم من عرف الطلاق السني بأنه الطلاق الذي يتبع فيه المطلق سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كيفية إيقاعه وطريقته ووقت إيقاعه بالنسبة لطهارة الزوجة ووطئها ومستوفي لكافة الشروط الشرعية
2. الطلاق البدعي
وهو الطلاق غير الجامع للشرائط المتقدمة في المذكورة في الطلاق السني وهو المخلف للطلاق المشروع كطلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك .( سابق ، 1426هـ، 2/253)
الطلاق في المجتمع السعودي:
فيما يتعلق بالمجتمع السعودي ؛ يعد الطلاق ظاهرة اجتماعية خطيرة، بدأت تبرز وبشكل ملموس في نطاقه، وصار الحديث عنها بشكل مسموع. ومن يتأمل البيانات الرسمية بإثبات عقود الزواج، وإصدار صكوك الطلاق، يدرك خطورة الظاهرة، ويؤكد الحاجة الماسة إلى دراسات علمية وشرعية ونفسية واجتماعية واقتصادية للظاهرة، لما لها من آثار سلبية على حياة الفرد والأسرة، وتنعكس كلياً على المجتمع بأسره (المقرن ، 1429 هـ، ص43)، خاصة مع ما لوحظ في السنوات الأخيرة من انتشار حالات الطلاق بشكل مبالغ فيه، لدرجة اعتبره بعض الناس فيها ظاهرة جديرة بالدراسة والبحث(حلواني ، 1427هـ).
ونظراً لخطورة ظاهرة الطلاق وانعكاساتها على المجتمع، فإن هناك كثيرا من الجهود التي تبذل للحد منه، سواء للشباب قبل الزواج، بتهيئة المقبلين منهم على الزواج بالحقوق والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، وتأهيل الأزواج والزوجات حديثي العهد بالزواج على الحياة الزوجية، وامتصاص أي ردود فعل سلبية من طرف تجاه الطرف الآخر، وأيضاً بإنشاء مراكز التأهيل الأسري التي تقدم الاستشارات للزوجين (المقرن ، 1429هـ، ص 43).
وقد حددت محكمة الضمان والأنكحة بالرياض في المملكة العربية السعودية أربعة وعشرين سبباً شائعاً للطلاق في المجتمع السعودي، وهي كما يلي: (الفيصل ، 1991م، ص 198)
1. عدم التوافق وعدم تلاؤم الأخلاق.
2. عدم الإنجاب (العقم أو تعاطي حبوب منع الحمل).
3. عيب خفي في أحد الزوجين.
4. فارق السن الكبير.
5. مرض لا تستطاع معه العشرة.
6. الزواج من امرأة أخرى.
7. اختلاف في العادات والتقاليد.
8. وجود أولاد للزوجة من زواج سابق.
9. سبب أخلاقي.
10. الخلاف على أمور مادية.
11. الفرق في المستوى الثقافي.
12. تدخل الأهل.
13. ضعف الإمكانيات المادية للزوج.
14. كثرة مطالب الزوجة.
15. عدم اهتمام الزوجة بشؤون المنزل.
16. وجود أولاد للزوج من زوجة سابقة.
17. عدم رغبة الزوجة العيش مع أهل الزوج في منزل واحد.
18. عدم رؤية الزوجة بعد خطبتها.
19. المغالاة في المهر.
20. ارتباط الزوجة بعمل وظيفي.
21. إصرار الزوجة على إكمال تعليمها.
22. إكراه المرأة على الزواج وعدم أخذ رأيها.
23. الدافع له الرغبة في التجديد.
24. سوء معاملة الزوجة وعدم طاعتها لزوجها.
وإذا كان الأصل العام في الطلاق هو الحظر، فإنه بالنظر إلى بعض الحالات الفردية قد يبدو الحكم غير ذلك . فقد يجب الطلاق: وذلك متى كان الزوج عاجزا عجزا مطلقا عن أن يمسك زوجته بالمعروف مما يعرضها إذا استمرت الحياة الزوجية بينهما للعنت ، فيجب عندئذ التفريق بإحسان. ويكون الطلاق مكروها: إذا كان لغير حاجة، لما فيه من إلحاق الضرر بالزوج والزوجة ، وتفويت للمصلحة الحاصلة بالزواج من غير حاجة داعية إليه. ويكون الطلاق حراماً: إذا كان في الحيض ، أو في طهر جومع فيه. ويكون الطلاق مندوبا إليه: إذا وجد الرجل من تزوجها غير عفيفة لا يأمن إفسادها لفراشه وإلحاقها به ولدا ليس منه؛ فلا ينبغى له إمساكها، لأن فيه نقصا لدينه. ويكون مباحاً: وذلك عند الحاجة إليه ، لسوء خلق المرأة ، وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض منها (الغزالي ، 1421هـ، ص35-36).
وقد شهد المجتمع السعودي العديد من التغيرات التي أثرت على بنائه الاجتماعي. ولما كانت الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع؛ فإن التغيرات التي حدثت في المجتمع السعودي انعكست بظلالها على الأسرة وأدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق فيها. وكان من أهم هذه التغيرات اكتشاف البترول وتنمية المجتمع ؛ حيث يعتبر اكتشاف البترول نقطة تحول في مسيرة المجتمع السعودي، جعلته ينتقل من حياة البداوة القاسية إلى حياة المدنية المرفهة في مدة زمنية قصيرة. كما حدثت تغيرات في تركيبة البناء الاجتماعي في المجتمع السعودي نتيجة الثروة النفطية، فمع اكتشاف البترول والتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي صاحبته؛ فقدت كثير من الأسر العريقة اجتماعيا مكانتها بسبب تفتيت الملكية، وظهور طبقة غنية جديدة في المجتمع تتكون من التجار وكبار موظفي الدولة وأصحاب رؤوس الأموال، فتغيرت تركيبة المجتمع السعودي، وأصبحت الفروق الطبقية واضحة فيه، وأصبح التعليم والعمل والثروة متغيرات جديدة في البناء الاجتماعي إلى جانب متغير الهيبة الذي كان سائدا لسنوات طوال في المجتمع السعودي التقليدي. كذلك فقد تغير شكل الأسرة ووظائفها؛ ولم يكن التغير الذي أصاب الأسرة في شكلها فقط، ولكن في وظائفها كذلك؛ فالأسرة في المجتمع السعودي التقليدي كانت تقوم بالوظائف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية والدينية والترفيهية. أما الآن فقد فقدت الأسرة كثيرا من وظائفها. إذ أصبح هناك مؤسسات أخرى؛ كالمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات التي تساهم في تربية الأبناء. أيضاً فقد أصبح الاستهلاكي هو السلوك السائد في المجتمع المعاصر، وظهرت كثير من الكماليات في الأسرة السعودية؛ كالجوال والسيارة والمكيفات والتلفزيون والأطباق الفضائية، وغيرها من الكماليات التي لم تكن متوفرة، وهذا السلوك الاستهلاكي تسبب في تأخير سن الزواج في المملكة لعجز كثير من الشباب على توفير متطلبات الزواج؛ مما أدى إلى ظهور ظاهرة العنوسة بين النساء والرجال في المملكة. يضاف إلى ذلك انتشار التعليم بين الجنسين وعمل المرأة واستقلالها الاقتصادي وانتشار وسائل الاتصال الحديثة الحديثة والفضائيات؛ وجميعها من الظواهر الحديثة في المجتمع السعودي التي عملت على تغير النسق القيمي (الخطيب ، 1429هـ، ص22-24)
أسباب ظاهرة الطلاق
وإذا كانت هذه أرقام وإحصاءات حالات الطلاق الفعلي، فكم يكون عدد الأسر المشتتة أو المهددة بالطلاق الواقفة على حافته، أو تلك الأسر التي تقاوم الوقوع فيه؟ وما الذي وصل بمجتمعنا إلى هذا الوضع المتردي من العلاقات الأسرية؟ لاشك أن ثمة أسباب قوية وراء هذا الخلل، ومن أهم هذه الأسباب:
1- البعد عن الدين
فكثير من شباب الجنسين لا يلتزم عند اختيار شريك حياته بالضوابط التي حثنا عليها رسولنا- صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).ويقول- صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)
فقد اشترط الإسلام مصاحبة الدين في كلا الطرفين على أن يكون هذا الدين عند الرجل مرضياً، لا أي دين كان، ثم اشترط الأمانة، وهي مظهر الدين كله بجميع حسناته، وأيسرها أن يكون الرجل للمرأة أميناً على عرضها وعلى كرامتها وفي معاشرتها فلا يبخسها حقها، ولا يسيء إليها، ولا يعنتها، لأن ذلك كله في أمانته، بل إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يبخسها حقها.
وهي أمينة على ماله وعياله وعلى نفسها وعفتها، فكما يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك).
ومن هنا كان التوجيه القرآني:
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم (البقرة: 221) فالاختيار الصحيح هو الذي يقوم على أساس الدين والأمانة والخلق، ولا بأس أن يأتي بعد ذلك الجمال أو المال أو الحسب فكما يقول الشاعر:
ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا
وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
لكن المفروض ألا يأتي أي من عرض الدنيا مالا كان أو جمالاً أو حسباً على حساب الدين، لأن كل ذلك عرضة للزوال.
ألم تر أن الفقر يرجى له الغنى وأن الغنى يخشى عليه من الفقر
فإذا تزوج الرجل المرأة لمحض الجمال ثم عرض لهذا الجمال ما يشوهه أو تغيرت نظرته إلى الجمال، وهو أمر نسبى فما تراه جميلا اليوم قد لا تراه جميلا غدا أو قد ترى ما هو أجمل منه، فكيف يكون الأمر حينذاك؟ ومن تزوج على أساس المال، وتقلبت الأيام ونفد المال، أو تزوج لطمع لم يدرك، فكيف يكون حال هذا الزواج ومآله؟
أما الرابط الحقيقي والمعدن النفيس الذي لا يصدأ أبداً ولا يتحول بتحول الأيام فهو الإيمان الحقيقي والدين الصحيح والخلق المنبثق من وحي الإسلام وتعاليمه.
فلو أن كل واحد من الزوجين عرف- في ضوء تعاليم ديننا الحنيف - ما له من حقوق وما عليه من واجبات لعاش الجميع حياة آمنة مستقرة لا تعرف القلق والاضطراب، ولا تقف على حافة الهاوية متراقبة أو متفادية هذا الكابوس المزعج الذي يدمر أمن الأسر واستقرارها(1).( المالكي ,2004م , ص32)
2- غياب الدور التوجيهي للآباء والأمهات:
يظن بعض الآباء والأمهات أن دوره التربوي أو التوجيهي ينتهي بزواج ابنه أو ابنته، ناهيك عن بعض التوجيهات الخاطئة التي تهدم أو تدمر، وتحرض أحد الطرفين على مشاكسة الآخر، خلافاً لما أمرنا به ديننا من توجيه النصح وفق منهج الإسلام وشرعته، وقد كان سلفنا الصالح والعقلاء من أمتنا إذا زفوا امرأة إلى زوجها أمروها برعايته وحسن القيام بحقه وتعهدوها بالنصح والرعاية، وأوصوها دائماً بالحفاظ على استقرار أسرتها، فهذا جعفر بن أبي طالب يوصى ابنته قائلا:
"إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وإياك وكثرة العتاب فإنه يورث البغضاء، وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة وأطيب الماء".
وهذه امرأة جاهلية لكنها عاقلة إنها أمامة بنت الحارث توصى ابنتها فتقول: "أي بنية: إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل.
ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدة حاجتهما إليها، كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خُلقن، ولهن خلق الرجال.أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلقت العش الذي فيه درجتِ إلى وكر لم تعرفينه، وقرين لم، تأليفه، فأصبح بملكة عليك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكا.واحفظى له خصالاً عشراً، يكن لك ذخرا:
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مغماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحا".
فليت الآباء والأمهات يدركون أن مسؤوليتهم تجاه (أبنائهم لا تقف عن حد معين، فيقومون بما ينبغي القيام به، من أجل المحافظة على استقرار حياة أبنائهم، والحيلولة دون تشرد أحفادهم، وبين زوجة أب أو زوج أم، أو ما هو أخطر من ذلك العقد النفسية المدمرة التي تصيب الأولاد في حالات الشقاق والخلافات، وتجعل حياة آبائهم وأمهاتهم نموذجاً سيئاً للحياة الزوجية أو الأسرية.
3- وسائل الإعلام:
فالإعلام المرئي ينقل في كثير من الأحوال صوراً خيالية غير واقعية للحياة الزوجية، فالزوج شاب وسيم أنيق مترف مغداق للهدايا بمناسبة وبلا مناسبة، والزوجة جميلة حسناء جذابة متفرغة للعواطف والحفلات والنوادي هي وزوجها، وكأن هذه المرأة لا تعرف حملاً ولا وضعاً ولا رضاعاً ولا تربية أبناء ولا ترتيب شؤون المنزل، فهي فقط للشهوة واللذة فترسم صورة حالمة واهمة للحياة الزوجية من خلال هذه المشاهد الخيالية أو الهلامية، وسرعان ما يصطدم الخيال بالواقع، فلا يصمد الواقع أمام الخيال، ويخر السقف على رءوس حامليه، ومن ثم نوجه نداءً للحريصين على أمن واستقرار هذا المجتمع أن يتقوا الله فيه، وفي شبابنا خاصة، فينزلوا إلى أرض الواقع بعيداً عن الخيالات والأوهام وأن يعملوا على تنقية وسائل الإعلام من كل ما يضر بأمن المجتمع وسلامته ويتنافى مع ديننا وقيمنا وأخلاقنا العربية الإسلامية، بعيداً عن المظاهر الزائفة، والمجون والخلاعة التي ينبذها الدين والعرف والعقل السليم، مؤكدين أن شباباً خليعاً لا يحمى وطناً، ولا يدافع عن أمة، ولله در حافظ حيث قال:
إذا الذئب استحال بمصر ظبيا فمن يحمى البلاد من الذئاب
وإلى أن يأذن الله بتصحيح الأوضاع نهيب بالآباء والأمهات أن يحسنوا مراقبة أبنائهم وتوجيههم إلى متابعة الإعلام الهادف النافع المتسق مع تعاليم الإسلام، والبعد عن كل ما يخالف الدين أو يسهم في إفساد الفطرة والطبع السليم(1).( أبو زهرة , 1983م , ص1007)
4- الأزمات الاقتصادية الطاحنة:
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الأزمات الاقتصادية لها دور كبير في الشقاق الأسري الذي يصل ببعض الأسر إلى الطلاق، حيث لا تقف متطلبات بعض النساء عند حد، وتدعو المباهاة والمظاهر الكاذبة بعضهن إلى إجهاد الزواج بما لا قبل ولا طاقة له به، ومن ثم علينا أن نرشد هؤلاء إلى السيرة العطرة لأمهات المؤمنين، والصحابيات، والتابعيات، وتابعاتهن، وسائر النماذج الصالحة من نساء أمتنا الإسلامية، كيف كن يصبرن على خشونة الحياة وهذه أم المؤمنين عائشة تقول: "كنا نمكث في بيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شهرين كاملين ( ثلاثة أهلة) نرى الهلال ثم الهلال، وما يوقد في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- نار، قيل: وما كان طعامكم يا أم المؤمنين؟ قالت: الأسودان: التمر والماء". ويرشدنا رسول الله صلى- الله عليه وسلم- الى ما يحفظ توازننا النفسي والأسرى في الرضا والقناعة وعدم التطلع إلى ما في أيدي الآخرين فيقول- صلى الله عليه وسلم-(لا ينظر أحدكم إلى مَنْ فوقه ولينظر إلى من هو دونه، فذلك أحرى ألا تزدروا نعمة الله).
آثار ظاهرة الطلاق:
1- على الأطفال
أجمع الخبراء على أن الأطفال هم المتضررون من انهيار العلاقات الزوجية ، حيث يؤثر الطلاق سلباً على عملية تنشئتهم النفسية والاجتماعية وفي بناء الشخصية السوية، ويفقدون الشعور بالأمان، ولا يحصلون على حاجاتهم الطبيعية من الشعور بالراحة والاستقرار والطمأنينة التي هي عصب عملية التنشئة النفسية والاجتماعية للطفل، كما يفقد المثل الأعلى
وقد أظهرت دراسة أجراها الدكتور (عبدالله محمد الفوزان، الأستاذ المشارك في قسم الاجتماع في جامعة الملك سعود بالرياض)، على عينات من المجتمع السعودي أن 90% من حالات إيذاء الأطفال ناتجة عن سوء معاملة الأم والأب المنفصلين، حيث تأتى في المرتبة الأولى من وسائل إيذاء الأطفال، ثم التحرش الجنسي، ثم الإهمال.
فالأطفال هم الأكثر تضررا من ظاهرة الطلاق , و الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية لمشكلات الطفولة المعاصرة مثل التشرد و الانحراف و التسول و الاضطرار إلى العمل في عمر هم أحوج فيه إلى اللعب و الترويح و الترفيه , ففي ظل الطلاق يبتعد الأطفال عن المحضن الطبيعي بين كنف الوالدين و يحرموا من أي فرصة للتنشئة الاجتماعية و النفسية و التربوية القويمة , فتنعكس سلبا على هؤلاء الضعفاء الذين لا يملكون من أمرهم شيئا فيصبحون لقمة سائغة في أيدي المغرضين و ضعاف النفوس و يحدث ما لا يحمد عقباه فيساء استغلال هؤلاء الأبرياء أسوأ استغلال , و يكون مصيرهم مجهولا , و يؤكد ذلك تزايد حالات الإيداع في مؤسسات إيداع الأحداث ...
أثر تفكك الأسرة على الطفل:
و يمكن تلخيص تلك الآثار في :
1 ـ تنشأ لدى الطفل صراعات داخلية نتيجة لانهيار الحياة الأسرية فيحمل هذا الطفل دوافع عدوانية تجاه الأبوين وباقي أفراد المجتمع.
2 ـ في كثير من الحالات ينتقل الطفل من مقر الأسرة المتفككة ليعيش غريباً مع أبيه أو أمه فيواجه بذلك صعوبات كبيرة في التكيف مع زوجة الأب أو زوج الأم.
وقد يقوم الطفل بعقد عدة مقارنات بين والديه وبين الوالدين الجدد مما يجعله في حالة اضطراب نفسي مستمر.
3 ـ يتحتم على الطفل وفقاً لهذا الوضع الجديد أن يتكيف مع بيئات منزلية مختلفة في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمستوى الثقافي مما يؤثر على شخصية
الطفل بدرجة كبيرة فيخلق منها شخصية مهزوزة غير مستقرة ومتأرجحة.
4 ـ يتحمل الطفل كالآباء تماماً عبء التفكير الدائم في مشكلة الانفصال.
5 ـ يعقد الطفل مقارنات مستمرة بين أسرته المتفككة والحياة الأسرية التي يعيشها باقي الأطفال مما يولد لديه الشعور بالإحباط، أو قد يكسبه اتجاهاً عدوانياً تجاه الجميع وبالأخص أطفال الأسر السليمة.
6 ـ يتعرض الطفل للاضطراب والقلق نتيجة عدم إدراكه للأهداف الكامنة وراء الصراع بين الوالدين أو أسباب محاولة استخدامه ـ من قبل والديه ـ
في شن الهجوم على بعضهما البعض واستخدامه
كأداة لتحقيق النصر على الطرف الآخر.
7 ـ يؤدي هذا الاضطراب في مرحلة الطفولة إلى اضطراب النمو الانفعالي والعقلي للطفل فيبرز للمجتمع فرد بشخصية مهزوزة أو معتلة يعود بالضرر
على المجتمع بأكمله.
و هنا يمكن الإشارة إلى آثار الطلاق بشكل موجز على المرأة و الرجل و المجتمع إتماما للفائدة :
2- الأثر على المرأة:
تعاني الزوجة من ضغط نفسي قوي بعد الانفصال نتيجة ظروف الطلاق، وبسبب وجود أبناء، حيث تتحول المطلقة لعائل وحيد، فضلا عن موقف أسرتها من عملية الطلاق، حيث تخضع في المجتمعات الشرقية لرقابة اجتماعية ظالمة وخاصة من والديها وأخواتها وأقربائها، وكذلك سنها فإذا كانت فوق سن الأربعين يصعب زواجها مرة أخرى، خاصة أن أغلب الشباب في المجتمعات الخليجية لا يفضلون الزواج من امرأة مطلقة، وفي المقابل لا يمانع البعض الآخر في الارتباط بالمطلقة متى ما تبينت أسباب الطلاق، فقد يكون السبب الحقيقي للطلاق في بعض الأوقات الزوج، وقد أكد مأوذن مدينة الخرج بالمملكة العربية السعودية الشيخ نايف بن ناصر القحطاني إقبال الشباب على الزواج بالمطلقات خاصة في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن هذه النسبة تصل إلى30% ويعود السبب إلى أن بعض الشباب ينظر إلى المطلقة على أنها أكثر خبرة في الحياة مما يمنع كثيراً من المشكلات الأسرية، إلا أن الأهل والعادات تقف حائلا دون الزواج بمطلقة.
وتعانى المطلقة من نظرة المجتمع إليها، حيث يلقى عليها اللوم في فشل العلاقة الزوجية، فتلاحقهما التهم والهمسات الظالمة والنظرات المملوءة بالشك والريبة، وتكون (محاصرة) من الرجال أو النساء اللواتي يخشين على أزواجهن منها.
3-الأثر على الرجل
ليس من شك أن الآثار المدمرة للطلاق لا تقتصر فقط على المرأة، وإنما تشمل الرجل أيضاً، حيث يعاني كثيراً منه شأنه شأن المرأة، فقد كشفت أحدث الدراسات النقاب عن تزايد نسبة الرجال المطلقين الذين يعانون أمراضاً جسدية ومشكلات نفسية بعد الطلاق، مقارنة بحالاتهم قبل وقوعه فالرجل غالباً ما يجد نفسه بعد الطلاق وحيداً، نتيجة طبيعة العلاقات الاجتماعية التي يبنيها حوله والتي تتسم عادة بالسطحية، فهو يشعر بالخيبة لفقدان دوره كأب وزوج، ويصدم نتيجة شعوره بالمسؤولية نتيجة انهيار العائلة، إضافة إلى عدم السماح له قانوناً بحضانة الأولاد في معظم الأوقات إلا في سن متأخرة للأبناء.
4- على المجتمع:
لخص علماء الاجتماع الآثار الخطيرة الناجمة عن انهيار العلاقات الزوجية في عدد من المخاطر، لعل أبرزها خروج جيل حاقد على المجتمع، بسبب فقدان الرعاية الواجبة له، وتزايد أعداد المشردين، وانتشار جرائم السرقة والاحتيال والنصب والرذيلة، وزعزعة الأمن والاستقرار في المجتمع فضلاً عن تفككه. ويضيف هؤلاء العلماء إلى قائمة الآثار المدمرة للتفكك الأسرى على المجتمع، انتشار ظاهرة عدم الشعور بالمسؤولية، فضلاً عما يصيب القيم الأخلاقية والأعراف الاجتماعية السائدة فيه من مظاهر التردي والانحطاط، نتيجة عدم احترام تلك القيم والأعراف والتقيد بها كضوابط اجتماعية تنظم حياة المجتمع وتضبط سلوك أفراده وجماعاته.(1)( صلاح , 2004م , ص23)
قائمة المراجع
1- أبو زهرة , محمد (1983م): مدى حرية الزوجين في الطلاق في الشريعة الإسلامية، دار الفكر العربي، القاهرة .
2- بدوي ، أحمد زكي ( 1986م ) : معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية ، ط 2 ، مكتبة لبنان ، بيروت .
3- حلواني، ابتسام عبد الرحمن (1427هـ): ما وراء الطلاق ـ دراسة استطلاعية على عينة من المطلقين والمطلقات بمدينة جدة، (في): تقرير ندوة "ظاهرة الطلاق في المملكة العربية السعودية"، التي نظمها مركز البحوث والدراسات الجامعية للبنات بجامعة الملك سعود خلال الفترة من 5-7/2/1427هـ الموافق 5-7/3/2006م.
4- الخشاب ، مصطفى (1981م) : دراسات في الاجتماع العائلي ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بيروت .
5- الخطيب، سلوى عبد الحميد (1429هـ) : الطلاق والتغير الاجتماعي في المجتمع السعودي، (في): ندوة الطلاق في المجتمع السعودي، وزارة الشؤون الاجتماعية، الرياض، الأربعاء 7 محرم 1429هـ الموافق 16 يناير 2008م.
6- الرازي ، محمد بن أبي بكر (1993م): مختار الصحاح ، ط3 ، مكتبة لبنان ، بيروت .
7- سابق ، السيد ( 1426هـ) :فقه السنة ، دار الرسالة ، بيروت.
8- السيف ، محمد بن إبراهيم السيف (1418هـ) :المدخل إلى دراسة المجتمع السعودي ، دار الخريجي للنشر و التوزيع ، الرياض .
9- صلاح , منى ( 2004م ) :الطلاق ناقوس خطر يهدد البيوت العربية، دار الراية للنشر، بيروت.
10- الغريب، عبد العزيز بن علي (2007 م) : بعض التغيرات البنيوية للأسرة السعودية، دراسة ميدانية لعينة من الأسر في محافظة الخرج بمنطقة الرياض، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،العدد (4).
11- الغزالي، أحمد بخيت (1420هـ): الطلاق الانفرادي و تدابير الحد منه: دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى .
12- الفيصل، عبد الله عبد الرحمن (1991): بعض خصائص المطلقين الاجتماعية في إحدى محاكم الطلاق بالمملكة العربية السعودية. الرياض: مجلة جامعة الملك سعود . مج3.
13- المالكي , عبد الرزاق فريد (2004م ) :دراسة بعنوان ظاهرة الطلاق في دولة الإمارات العربية المتحدة، درا القلم للنشر.
14- المقرن، محمد بن عبد الله (1429هـ) : وقوعات الطلاق في ضوء سجلات وزارة العدل، (في): ندوة الطلاق في المجتمع السعودي، وزارة الشؤون الاجتماعية، الرياض، الأربعاء 7 محرم 1429هـ الموافق 16 يناير 2008م.
الدراسات السابقة :
دراسة (الغريب،2007م) :
و التي تناولت بعض التغيرات البنيوية للأسرة السعودية، استناداً لدراسة ميدانية لعينة من الأسر في محافظة الخرج بمنطقة الرياض. وقد طبقت الدراسة باستخدام منهج المسح الاجتماعي، على عينة بلغت (304) من أسر سعودية في محافظة الخرج بمنطقة الرياض بالمملكة العربية السعودية. وقد سعت الدراسة لتحقيق مجموعة من الأهداف؛ منها: التعرف على خصائص النمط الأسرى الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، ومن حيث حجم الأسرة ونوعها. إضافة إلى التعرف على التغيرات المعاصرة التي تعرض لها النظام الزواجي في الأسرة، وكذلك العوامل المؤثرة على الأسرة، وتحديد صور التغير الأسرى والمشكلات الأسرية. وقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج حول خصائص النمط الأسري، كما توصلت الدراسة إلى أن غالبية الأسر مكونة من زوجة واحدة، وأن أكثر من النصف كانت طبيعة زواجهم داخلي قرابي. وأن غالبية عينة الدراسة يفضلون زواج أبنائهم من أقاربهم، وخصوصا من أقاربهم الأعمام. وأن غالبية العينة يؤيدون ترك الحرية للأولاد الذكور. بينما أكثر من نصف العينة تؤيد ترك الحرية للبنات لاختيار أزواجهن. وتوصلت الدراسة – أيضاً - إلى ترتيب العوامل المؤثرة على التغير الأسري، حيث جاء في المرتبة الأولى عامل صراع الأدوار داخل الأسرة، وفي المرتبة الثانية عامل ضعف الوازع الديني، والمرتبة الثالثة عامل الاتصال الثقافي بالآخرين، والمرتبة الرابعة عامل المنفعة والمصالح، والمرتبة الخامسة عامل قوة تأثير وسائل الإعلام. كما توصلت الدراسة إلى ترتيب صور التغير الأسري، وهي: المرتبة الأولى: تغير قيادة الأسرة، المرتبة الثانية: تغير أدوار ومكانات بعض أفراد الأسرة، المرتبة الثالثة: انخفاض الغيرة والحمية الأسرية، المرتبة الرابعة: تغير علاقات أفراد الأسر الواحدة، المرتبة الخامسة: تغير علاقات العائلة والقبيلة، المرتبة السادسة: الاستقلالية في المسكن والدخل، المرتبة السابعة: علاقات جماعات الجيرة وسكان الحي، المرتبة الثامنة: تغير تأثير الأسرة على التنشئة الاجتماعية ، المرتبة التاسعة: النزعة الفردية لدى أفراد الأسرة.
هي أسباب قد تكون نفسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، داخلية أو خارجية.
و من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق الأسباب الاجتماعية وتتمثل في نوعية المعاملة بين الزوجين (العنف، الإهانة، عدم الاحترام، عدم الانسجام، الإهمال، عدم تحمل المسؤولية، مصاريف البيت، تربية الاطفال، الصراع الدائم من أجل الهيمنة على الآخر...)، كلها عوامل تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الطلاق، و تشير الأستاذة فاطمة الحنوني (محامية و فاعلة جمعوية) في هذا الإطار إلى « أن أغلب حالات الطلاق التي ترد على مكاتب المحاماة تكون بسبب العنف الموجه ضد الزوجة، بحيث يتفنن الزوج في استعمال مختلف وسائل العنف التي تتوفر لديه من أجل معاقبة المرأة على ذنب لم ترتكبه، فأي امرأة معرضة لهذا العنف مهما كان مستواها الثقافي و الاقتصادي و الاجتماعي، هذا العنف الذي يتفشى في مختلف الأوساط الاجتماعية الراقية والمهمشة، و أحيانا يعود الزوج إلى البيت تحت تأثير الخمر أو المخدرات، فيعنف زوجته، كما أن الاستسلام و الخضوع المستمر الذي تعاني منه المرأة المغربية القابعة تحت وطأة التقاليد و العادات البالية التي يعرفها المجتمع المغربي، يساهم في تفاقم المشاكل الزوجية و الطلاق، و أحيانا ترجع أسباب الطلاق إلى الخيانة الزوجية التي يتسبب فيها أحد الطرفين بسبب الإهمال العاطفي والجنسي، و هناك أسباب أخرى لا تفصح عنها المرأة لأنها أكثر حميمية بالنسبة إليها ».
كما أن التنشئة الاجتماعية لكل من المرأة و الرجل تلعب دورا كبيرا في فشل تجربة الزواج، حيث إن الرجل يريد الزوجة نسخة مطابقة لأمه في حين تفضل المرأة أن تكون لها شخصية و تفكير مستقلين، هذا ما تخلص إليه الدكتورة سلمى الحاضي ( باحثة اجتماعية)، وتضيف أن اختلاف الطباع بين الزوجين يدفع أحيانا إلى زرع أشواك الغيرة بينهما، حيث إن الرجل غالبا ما يكون هادئ الطباع و بطيء الحركة في حين أن المرأة تتميز بالحيوية والمرح، إضافة إلى اختلاف المفاهيم حول الزواج، واختلاف التقاليد و البيئة الاجتماعية، يقول سعاد 24 سنة (ربة بيت) « بينما كنت أرى البيت هو الشيء الأول في حياتي، يهتم هو بعمله و أناقته و أصدقائه في المقهى، و البيت عنده المكان الثانوي الذي يلجأ إليه من أجل النوم و الراحة، حاولت أن أكون جميلة في عينه، اهتم بهندامي و أناقتي، إلا أنه لم يهتم بالأمر و لم يلاحظ أي تغيير سواء في شكلي أو في بيتي و كثيرا ما كان يعتذر عن تناول العشاء، الذي تعبت كثيرا في تحضيره بحجة أنه اضطر لمشاركة أصدقائه عشاءا شعبيا على طاولة إحدى المطاعم، ولأني تربيت على أساس الاهتمام بزوجي و بيتي فقط، فقد كان هذا العمل هو هاجسي الوحيد، أما هو فله عالم آخر خارج البيت، كان الغضب يعتريني كلما أهملني وأهمل مشاعري، التي كانت تجف يوما بعد يوم، و كأنه لم يتعود بعد على كونه متزوجا، وعليه التخلي نوعا ما عن حياة العزوبية، ليستقر و يهتم بي قليلا، إلا أنه كان يزداد انسياقا يوما بعد يوم في عالمه، و فشلت كل محاولتي للاحتفاظ به في البيت، و تحولت مع الأيام إلى مجرد قطعة من أثاث المنزل ».
هذا دون أن ننسى الاختلاف في المستوى العلمي والثقافي بين الزوجين و التفاوت في السن، والتطور الذي عرفته المرأة مؤخرا و دورها المميز في المجتمع، مقارنة مع السنوات الماضية، إذ كانت المرأة تتلقى تربية قائمة على أساس الاهتمام بأشغال المنزل والأسرة وصيانة بيت الزوجية، لكنها حاليا أصبحت أكثر تطورا و استقلالية عن الأسرة بحكم دراستها وعملها، و يمكنها اختيار زوج مناسب لها، و لا تتردد في طلب الطلاق إن لم يكن الزوج يناسبها أو يعرقل طموحها الاقتصادي و الثقافي، وكثيرا ما يساهم الوضع المادي المزري في تفاقم المشاكل بين الزوجين و انهيار الزواج،
_ من أكثر الأسباب المؤدية للطلاق، ويعتبرها الكثير من الناس الأساس في الطلاق، هو سوء الاختيار من كلا الطرفين، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فأظفر بذات الدين ثربت يداك" أيضا تقول الحكمة في هذا الموضوع: إذا امتلاءت كف اللئيم من الغنى تمايل كبراً وقال أنا . أنا، ولكن كريم الأصل كالغصن كلما تحمل أثماراً تمايل وانحنى .
2_ عدم التكافؤ بين الزوجين
3_ عدم معرفة كلاً منهما للآخر جيداً قبل الزواج.
4_ عدم إشباع أحدهما للأخر.
5_ بخل الزوج وإسراف الزوجة.
6_ القسوة والعنف من قبل الزوج أو أهله على الزوجة.
7_ تدخل أهل الزوج أو الزوجة في حياة الزوجين.
8_ عدم تحمل المسؤولية لكلا الطرفين.
9_ انعدام التفاهم بين الزوجين.
10_ إقبال الشاب والشابة على الزواج دون مناقشة تفاصيل الحياة المشتركة لأن المقبل على الزواج لا يتصور ابداً المشاكل التي ستواجهه.
11_ انعدام المودة والرحمة والاحترام المتبادل بين الزوجين. إذ يجب ان لا تكون علاقة المودة والاحترام المتبادل من جانب واحد، فكما على الزوجة ان تطيع وتحترم وتتحمل زوجها على الزوج ايضاً أن يحترم ويتحمل زوجته.
12_ عدم احترام الزوج لحقوق الزوجة.
13_ العجز الجنسي للزوج.
14_ صغر سن الزوجين.
15_ المشاكل الاقتصادية.
16_ الاضطرابات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع مثل الانحراف والإدمان.
17_ مشاكل وأسباب الطلاق هي جزء من عدم التكافؤ الإنساني بين الرجل والمرأة،