بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

بحث حقوق الزوجة المالية و غير المالية

 بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمــة


     إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره ، و نستهديه , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.  أما بعد...

         فإن الحديث على صفحات هذا البحث سيدور بحول الله وقوته حول موضوع : " حقوق الزوجة المالية و غير المالية , حيث سأعرض بالتفصيل لهذه الحقوق و سيتم في هذا الموضوع الاعتماد على جمع المعلومات من عدة  مصادر ومراجع علمية و ذلك في ضوء ما تيسر لي منها... 

 وأرجو من الله العلي العظيم أن يلهمني السداد و التوفيق في عرض هذا الموضوع على النحو الأفضل ...إنه سميع مجيب ..

و الله الموفق



حقوق الزوجة :

تنقسم حقوق الزوجة إلى قسمين: 

 حقوق مالية ( وهي : المهر ـ والنفقة ـ والسكنى ) . 

وحقوق غير مالية ( وهي : العدل في القسم بين الزوجات ـ والمعاشرة بالمعروف ـ وعدم الإضرار بالزوجة ) . 

القسم الأول: الحقوق الماليَّة 

1) المهر :

 هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها ، وهو حق واجب للمرأة على الرجل ، قال تعالى : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } النساء أية ، وفي تشريع المهر إظهار لخطر هذا العقد ومكانته ، وإعزاز للمرأة وإكراما لها (1). 

من حسن رعاية الإسلام للمرأة واحترامه لها، أن أعطاها حقها في التملك، وفرض لها المهر، وجعله حقاً على الرجل لها وليس لأبيها، ولا لأقرب الناس إليها أن يأخذ شيئاً منه، إلا في حال الرضا والاختيار، قال الله تعالى: ]وَءاتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا[ (سورة النساء: الآية 4).

والمعنى: وآتوا النساء مهورهن عطاءً لا يقابله عوض. فإن أعْطين شيئاً من المهر بعدما ملكنه من غير إكراه ولا حياء ولا خديعة - فخذوه سائغاً، لا إثم معه. 

فإذا أعطت الزوجة شيئاً من مالها حياءً، أو خوفاً، أو خديعةً. فلا يحل أخذه .

والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء ، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه ، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور لقوله تعالى :  لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة  البقرة أية  فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد

فإن سمِّي العقد : وجب على الزوج ، وإن لم يسمَّ : وجب عليه مهر " المِثل "  - أي مثيلاتها من النساء - . 

2) النفقة: 

وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها ، فإن امتنعت منه أو نشزت لم تستحق النفقة . 

والحكمة في وجوب النفقة لها: أن المرأة محبوسة على الزوج بمقتضى عقد الزواج ، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه للاكتساب ، فكان عليه أن ينفق عليها ، وعليه كفايتها ، وكذا هي مقابل الاستمتاع وتمكين نفسها له . 

والمقصود بالنفقة: توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام ، ومسكن ، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنية ، لقوله تعالى :  وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف  البقرة أية 233 ، وقال عز وجل :  لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله  (الطلاق أية 7 ).  

وفي السنة: عن عائشة قالت : دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك . رواه البخاري ، ومسلم .

وعن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . رواه مسلم .

 وأما الإجماع: قال ابن قدامة: اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الأزواج على زوجاتهم، إلا الناشز منهن. ذكره ابن المنذر وغيره: وعلة ذلك أن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف والاكتساب. فلا بد من أن ينفق عليها

سبب وجوب النفقة

أوجب الشارع النفقة على الزوج لزوجته، لأن الزوجة بمقتضى عقد الزواج الصحيح تصبح مقصورة على زوجها، ومحبوسه لحقه؛ لاستدامة الاستمتاع بها، ويجب عليها طاعته، والقرار في بيته، وتدبير منزله، وحضانة الأطفال وتربية الأولاد، وعليه نظير ذلك أن يقوم بكفايتها والإنفاق عليها، مادامت الزوجية بينهما قائمة، ولم يوجد نشوز، أو سبب يمنع من النفقة عملاً بالأصل العام: كل من احتبس لحق غيره ومنفعته، فنفقته على من احتبس لأجله. 

شروط استحقاق النفقة

ويشترط لاستحقاق النفقة الشروط الآتية: 

(أ) أن يكون عقد الزواج صحيحاً. 

(ب) أن تسلم نفسها إلى زوجها. 

(ج) أن تمكنه من الاستمتاع بها. 

(د) ألا تمتنع من الانتقال حيث يريد الزوج. 

(هـ) أن يكون من أهل الاستمتاع. فإذا لم يتوفر شروط من هذه الشروط، فإن النفقة لا تجب(1). 

لأن العقد إذا كان فاسداً، فإنه يجب على الزوجين المفارقة دفعاً للفساد. 

قال ابن حزم: "وينفق الرجل على امرأته من حين يعقد نكاحها، ولو أنها في المهد، ناشزاً كانت أو غير ناشز. غنية كانت أو فقيرة. ذات أب كانت أو يتيمة. بكراً كانت أو ثيباً. حرة كانت أو أمة على قدر حاله". 

ولا تجب النفقة إذا انتقلت الزوجة من منزل الزوجية إلى منزل آخر بغير إذن الزوج دون وجه شرعي، أو سافرت بغير إذنه، أو أحرمت بالحج بغير إذنه. فإن سافرت بإذنه، أو أحرمت بإذنه، أو خرج معها لم تسقط النفقة، لأنها لم تخرج عن طاعته وقبضته. وكذلك لا تجب لها النفقة إذا منعته من الدخول عليها في بيتها المقيم معها فيه. 

ففي كل هذه الصور وأمثالها لا تستحق الزوجة النفقة، لأنها فوتت حق الزوج في الاستمتاع بها بغير وجه شرعي. فلو كان تفويتها حقه لوجه شرعي لم يسقط النفقة 

تقدير النفقة وأساسه

إذا كانت الزوجة مقيمة مع زوجها، وكان هو قائماً بالنفقة عليها، ومتولياً إحضار ما فيه كفايتها، من طعام، وكسوة، وغيرها فليس للزوجة أن تطلب فرض نفقة، حيث أن الزوج قائم بالواجب عليه. 

فإذا كان الزوج بخيلاً لا يقوم بكفاية زوجته، أو تركها بلا نفقة، بغير حق- فلها أن تطلب فرض  نفقة لها من الطعام، والكسوة، والمسكن، وللقاضي أن يقضي لها بالنفقة، ويلزم الزوج بها متى ثبت لديه صحة دعواها. 

كما أن لها الحق أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالمعروف، وإن لم يعلم الزوج، إذ أنه منع الواجب عليه وهي مستحقة له، وللمستحق أن يأخذ حقه بيده متى قدر عليه. 

والدليل ما روي عن ]عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لا يَعْلَمُ فَقَالَ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ[ (رواه البخاري، كتاب النفقات، باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه: الحديث الرقم 4945). 

والكفاية بالنسبة للطعام مثلاً تعم جميع ما تحتاج إليه الزوجة، فيدخل فيه الفاكهة، وما هو معتاد من التوسعة في الأعياد، وسائر الأشياء التي كانت قد صارت بالاستمرار عليها مألوفة، بحيث يحصل التضرر بمفارقتها، أو التضجر، أو التكدر. ويدخل فيه الأدوية ونحوها. ومما يجب لها من النفقة ما تحتاج إليه من المشط والصابون والدهن وسائر ما تنظف به. 

تقدير النفقة عيناً أو نقداً

يصح أن يكون ما يفرض من النفقة من الخبز، والإدام والكسوة، أصنافاً معينة، كما يصح أن تفرض قيمتها نقداً لتشتري به ما تحتاج إليه. ويصح أن تفرض النفقة سنوية، أو شهرية، أو أسبوعية، أو يومية، حسب ما هو ميسور للزوج .


الخطأ في تقدير النفقة

إذا ظهر، بعد تقدير النفقة، أن التقدير كان خطأً لا يكفي الزوجة، حسب حالة الزوج من العسر أو اليسر، كان من حق الزوجة المطالبة بإعادة النظر في التقدير، وعلى القاضي أن يقدر لها ما يكفيها لطعامها، وكسوتها، مع ملاحظة حالة الزوج. 

الإبراء من دين النفقة والمقاصة به

وإذا كانت النفقة التي تستحقها الزوجة على زوجها تعد ديناً في ذمته، من الوقت الذي امتنع فيه عن أدائها، بغير حق شرعي؛ فإنه يصح للزوجة أن تبرئه من هذا الدين، كله أو بعضه. 

3) السكنى:

 وهو من حقوق الزوجة ، وهو أن يهيئ لها زوجُها مسكناً على قدر سعته وقدرته ، قال الله تعالى :  أسكنوهنَّ من حيث سكنتم مِن وُجدكم  (الطلاق أية 6). 


القسم الثاني: الحقوق غير الماليَّة 

1) العدل بين الزوجات:

 من حق الزوجة على زوجها العدل بالتسوية بينها وبين غيرها من زوجاته ، إن كان له زوجات ، في المبيت والنفقة والكسوة(1). 

2) حسن العشرة :

 ويجب على الزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها ، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها ، لقوله تعالى :  وعاشروهن بالمعروف  النساء أية 19 ، وقوله :  ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف  البقرة أية 228. 

وفي السنَّة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء " . رواه البخاري ، ومسلم . 

وهذه نماذج من حسن عشرته صلى الله عليه وسلم مع نسائه - وهو القدوة والأسوة : 

أ) عن زينب بنت أبي سلمة حدثته أن أم سلمة قالت حضت وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخميلة فانسللت فخرجت منها فأخذت ثياب حيضتي فلبستها ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنفستِ ؟ قلت : نعم ، فدعاني فأدخلني معه في الخميلة . 

قالت : وحدثتني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ، وكنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة . رواه البخاري ، ومسلم 

ب) عن عروة بن الزبير قال : قالت عائشة : والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو . رواه البخاري ، ومسلم 

ج) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم يركع ثم سجد يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي وإن كنت نائمة اضطجع . رواه البخاري 

4) عدم الإضرار بالزوجة :

 وهذا من أصول الإسلام ، وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة أولى وأحرى . 

عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ، والحديث : صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم (1). 

ومن الأشياء التي نبَّه عليها الشارع في هذه المسألة : عدم جواز الضرب المبرح 

عن جابر بن عبد الله قال : قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم . 


الخاتمة

الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات و الصلاة و السلام على خاتم النبيين , محمد بن عبد الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ... أما بعد ...

فقد تناولت على الصفحات السابقة من هذا البحث موضوع :"  حقوق الزوجة المالية و غير المالية " حيث عرضت بالتفصيل لهذه الحقوق المالية و غير المالية ...

هذا و أسأل المولى تبارك و تعالى و أدعوه أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على نحو طيب ...

و بالله التوفيق ...


قائمة المراجع


1- عبدالسلام الترمانيني، "الزواج عند العرب في الجاهلية والإسلام. دراسة مقارنة"، عالم المعرفة، مطابع الرسالة، الكويت، العدد 80، 1984.

2- عبدالعزيز المسند، "الزواج والمهور وأثرهما في الحياة الاجتماعية"، شركة مطابع الرياض، نجد التجارية، الرياض، دون تاريخ.

3- عمر بن علي ابن الملقن : خلاصة البدر المنير في تخريج أحاديث الفتح الكبير, المحقق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي , دار الرشد , الرياض , 1414هـ.



0 تعليق:

إرسال تعليق