التقنية ومشكلات التأقلم معها

التقنية ومشكلات التأقلم معها


التقنية ومشكلات التأقلم معها


بسم الله الرحمن الرحيم


المقدمة


           شهدت المجتمعات الحديثة في القرن العشرين وخصوصاً خلال النصف الثاني منه وفي أوائل القرن الحادي و العشرين معالم نهضة حضارية جديدة نتجت عن النمو الهائل لتطوير واستخدام التقنيات الحديثة . وقد أدى هذا النمو إلى تغيير العديد من المفاهيم في العلوم التقنية والهندسية التقليدية وازدادت مكوناتها الأساسية بشكل كبير ، حيث تعاظمت الابتكارات والتطبيقات التقنية في جميع جوانب الحياة . وتعمل هذه التقنيات على تلبية احتياجات المجتمع المحققة للنمو الحضاري والازدهار وارتفاع مستوى المعيشة والمعززة من القدرات والقوة خاصة للمجتمع الذي يقوم بتطبيقها وتطويعها فتمكنه من الارتقاء إلى مستوى المنافسة العالمية والتعامل بكفاءة ومساواة مع المجتمعات الأخرى خصوصاً في ظل ظاهرة العولمة التقنية وقيام منظمة للتجارة العالمية .

       من هنا تبرز أهمية توفير وتقوية دور التقنية في المجتمع السعودي الحديث باعتبارها المحور الأساسي في بناء قدرات أبنائه  ويتحمل المهندسون والتقنيون العبء الأساسي في التعامل مع التقنيات بمجالاتها المختلفة بالقيام بعمليات النقل والتوطين والاستيعاب بداية من مجالات البحث والتطوير إلى مجالات التطبيقات المختلفة لقطاعات الإنتاج والخدمات في المجتمع ومن خلال العمل التقني التطبيقي لأعمال التصميم والتصنيع والتشغيل والصيانة . وعليه تتناول هذه الورقة البحثية استعراضاً لموضوع التقنية ومشكلات التأقلم معها .

       و أسأل المولى تبارك و تعالى السداد و التوفيق في عرض هذا الموضوع على النحو الأفضل ...

و الله الموفق ...

توالي الثورات التقنية :

    يعيش عالمنا المعاصر الآن عصر الثورة التقنية الحديثة والتي دأب البعض على تسميتها بالثورة التقنية الرابعة، وتعتبر هذه الثورة حلقة في سلسلة التغيرات الاقتصادية العالمية، حيث بدأت الحلقة الأولى منها في أواخر القرن الـ18 عندما تم انتشار استخدام المحرك البخاري والتكنولوجيا المصاحبة له والتي تم إدخالها لتطوير صناعة النسيج الحديثة.

والحلقة الثانية تزامنت مع مد السكك الحديدية والتطورات المصاحبة التي تمت في الصناعات الميكانيكية وصناعة الحديد والصلب.

وثالث الحلقات فقد نتجت من تطوير القوى الكهربائية والمحرك الداخلي للاحتراق والصناعات الكيماوية.

أما الثورة التقنية الحديثة فهي تمثل الحلقة الرابعة في سلسلة هذه التطورات، وتؤدي الإلكترونيات الدقيقة دور المحرك الرئيس فيها، والتي أدت إلى استخدام الحاسب الآلي في تكنولوجيا المعلومات.

وترجع جذور التقدم العلمي الأساس في هذه الثورة الأخيرة إلى العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحلقة الأخيرة من الثورة تختلف جذرياً عن الحلقات الثلاثة الأولى، إذ إن هذه الحلقات كانت أساساً ذات طبيعة ميكانيكية مكنت الإنسان من التحكم بقوى الطبيعة بمساعدة قوته الجسدية، أما الجانب الآلي فقد كان أساساً ذا طبيعة معرفية مستهدفاً معالجة المعلومات وتوسيع قدرات الإنسان الذهنية(1).

السمات الرئيسة للثورة التقنية العاصرة:

هناك بعض السمات التي تتميز بها الثورة التقنية المعاصرة والتي منها(1):

- أن تطبيقاتها تحدث بسرعة وبمعدلات متسارعة في حقبة زمنية قصيرة. ونجد أن الروبوت هو مثال صريح لهذه السمة، حيث نجد أن أمريكا صنعت أول روبوت في عام 1966م، وعرض في اليابان عام 1967، وفي عام 1968م تم توقيع اتفاق لنقل الخبرة التكنولوجية المتعلقة به، ثم تم تصنيع أقل ربوت من حيث الحجم في اليابان التي أصبحت الدولة الرائدة في هذا المجال.

-   أنها ساعدت على اختصار الفترة بين الاختراع والتطبيق، ويتضح هذا في ضيق المدة اللازمة لتطبيق الأفكار والاكتشافات العلمية على الصعيد العلمي، فبينما تطلب ذلك 12 عاماً للتليفزيون، تطلب 5 أعوام للترانزستور، و3 سنوات فقط للدوائر المتكاملة (IC) وعاماً واحداً فقط لأشعة الليزر، وهذا الاختصار يعرف بالوصول المبكر للمستقبل.

- أنها تودي إلى ازدياد أهمية دور المعرفة، فالسمة الرئيسية للثورة العلمية التقنية المعاصرة هي اعتمادها على المعلومات وتقوم على مصدر متجدد ولا نهائي قوامه العقل البشري، فعلى خلاف الثورات التقنية الثلاثة الأولى والتي اعتمدت على مصادر غير متجددة كالحديد والفحم والنفط، فإن الثورة التقنية الحديثة تعتمد على مصدر متجدد ومتدفق وهو صناعة المعلومات، مما مكن التقدم العلمي في مجالات الأقمار الصناعية والحاسبات الآلية والإنترنت من تخزين وتشغيل واسترجاع كميات هائلة من المعلومات عبر المسافات البعيدة في وقت محدود للغاية.

- أنها تؤدي إلى تقسيم دولي جديد للعمل، تزداد فيه مشكلات الدول النامية، وتتسع الفجوة بين الذين يمتلكون قدرات التعامل في الثورة العلمية والذين لا يتمكنون من ذلك، ويعطي هذا الوضع بعض الدول التي تمتلك هذه القدرات الهيمنة والسيطرة، مما يؤدي إلى قفز في درجة وتعقد التقنية ونوع المهارة اللازمة لإدارتها، وإذا لم تستوعب الدول النامية هذا التطور بوعي تام وسرعة فائقة فسوف يكون هناك مزيد من التهميش وضياع للموارد.

    - أنها ساعدت في الاعتماد على المجهود الذهني واختصار العمل اليدوي، فبعد أن كانت الثورات الأولى تعتمد على الجهد البشري كمدخل أساسي في أنظمة الإنتاج، أصبحت الثورة الحديثة توفر هذا الجهد للعمليات الأكثر ملاءمة لطبيعة الإنسان، وهي مهارات الإبداع والابتكار والتصميم والتخطيط لجودة المنتج، فنقلت بذلك نشاط الإنسان إلى مرحلة ما قبل الإنتاج.


ملامح التغير التقني في عالمنا المعاصر:

أ  - تكنولوجيا المعلومات:

تمثل تكنولوجيا الإلكترونيات الدقيقة المحور الرئيسي في التطور المتسارع لصناعة الحاسب الآلي وصناعة المعلومات، بل يمكن القول أنها تؤدي الدور الفعلي في مجمل الثورة التقنية الحديثة، فقد تم انتشار تكنولوجيا الإلكترونيات الدقيقة في جميع أنشطة المجتمعات المتقدمة وغزت جميع القطاعات، حيث شملت الزراعة، الصناعة، الخدمات، كما تم الدمج بين العديد من استخداماتها والتي نتجت عنها تطبيقات واسعة في مجال الصناعة، ومنها التي حدثت بين تقنية الحاسبات ونتج عنها المعلوماتية (Informatics)، وكذلك الدمج بين الإلكترونيات الدقيقة وتكنولوجيا الاتصالات ونتج عنها تقنية المعلوماتية عن بعد(1) (Telematics).

وتتم أيضاً عمليات الدمج في مجال الأتمتة، والتي تجمع بين العديد من التقنية الحديثة، ومجالات الدمج تمت بين تكنولوجيا الحاسبات والمعلومات والعامل الآلي (الربوت)، والليزر، حيث أصبح بالإمكان تسيير الدورة الإنتاجية في مصانع ضخمة باستخدام اليسير من القوى البشرية عالية المستوى، إضافة إلى تطوير نظام الأتمتة الصناعية المتقدمة والتي تتراوح فعاليتها ما بين قمة الأتمتة المتمثلة في نظام التصنيع المرن والتصنيع المتكامل بالحاسب الآلي والذي يرى البعض فيها المدخل الأساسي لخلق مصنع المستقبل.

ونظام التصنيع المرن يمكن تعريفه بشكل مبسط على أنه: منظومة إنتاج متكاملة تتضمن آلات التصنيع المبرمجة والربوت الصناعي الذي يقوم بعمليات النقل والتحميل بين كل الآلات، إضافة إلى وجود مستودعات مؤتمتة لتخزين المواد، مع استخدام آلات قياس مبرمجة للتأكد من جودة التصنيع. وهذا كله بالطبع يعتمد على تقنية المعلومات الموزعة على نظم التحكم والمراقبة باستخدام نظام اتصالات معد لهذا الغرض. وهي النظم التي أصبحت أكثر تكيفاً مع متطلبات السوق العالمي والمحلي.

ب-  تكنولوجيا المواد الجديدة:

إن بداية إيجاد المواد المختلفة ليست حديثة، إذ يرجع تاريخها إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية وقد أعطاها المجهود الحربي اهتماماً في تطوير العديد من هذه المواد نتيجة صعوبة الحصول على المواد والخامات الطبيعية وقد لعبت الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية دوراً مركزياً، ولا تزال تؤديه في مجال تطوير المواد الجديدة. إن التقدم السريع الذي تم إحرازه في هذا المجال يبدو في زيادة عدد المواد المخلقة المستخدمة في الصناعة وفي قطاعات أخرى من المجتمع، فالعديد من هذه المواد الجديدة المخلقة قد حلت مكان مواد تعتمد على خامات طبيعية نادرة أو محدودة وتشمل مجموعة المواد التي يرجع تطويرها إلى بداية تخليق المواد الآتية: ألياف البوليستر، النايلون، المطاط المخلق، وهي مواد حلت بديلاً للقطن، الصوف، الحرير، الجلود، وأصبحت بدائل لها العديد من الاستخدامات. ويندرج في هذه المجموعة بعض المواد البلاستيكية التي تم استخدامها في مجالات أخرى عديدة حلت محل الحديد والصلب، الألومنيوم، والخشب وغيرها في الصناعة والتشييد والبناء , إن التقدم السريع الذي حدث في العقود الثلاثة الأخيرة في هذا المجال تم إدراجه تحت ما يسمى بالمواد الحديثة (New Materials) والتي تتحلى بمواصفات فنية فائقة.

ج-  التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية: 

لقد مكنت الهندسة الوراثية الإنسان من إعادة هيكلة الجينات في الكائن الحي عن طريق وصل أو إدماج الجينات. وتشمل تطبيقات هذه التقنية مجالات عديدة في الصناعة والزراعة والطب والمستحضرات الدوائية، وعلى الرغم من أن التقدم الذي تم إحرازه في مجالات عديدة لا يزال في طور الأبحاث والتطبيقات المعملية، إلا أنه من المتوقع أن تحدث تغيرات جذرية في قطاعات عريضة لبعض المجتمعات وبالأخص في قطاع الصناعة والتعدين، والتي كان من أهمها مجال الطاقة وتوليد الطاقة البديلة من الكتلة الحيوية وتحويل هذه الكتلة وبقاياها إلى بروتينات غذائية، إضافة إلى الأبحاث والدراسات الهامة الجارية في مجال الصناعات الدوائية والصناعات الكيماوية والبتروكيماوية، ففي مجال الصناعات البترولية أمكن التوصل إلى استكمال مركبات جرثومية وكائنات حية دقيقة لرفع مستوى ضخ آبار البترول، إضافة إلى استخدام هذه المواد في معالجة البيئة .

وهناك بعض الدراسات التي توصلت إلى أنه يمكن استخدام الهندسة الوراثية وتطبيقاتها في تخليق الجينات التي تؤدي إلى سرعة اكتشاف الأعطال في الأجهزة الكهربائية والإلكترونية بسرعة فائقة عن طريق النبضات المختلفة (PLUS)..

د. الطاقة الجديدة والمتجددة:

إن الأبحاث المتعلقة بتطوير بدائل للطاقة قد سبقت الهزة السياسية والاقتصادية التي نتجت عن تصحيح أسعار النفط، واستخدامه كأداة ضغط سياسي في منتصف السبعينيات وإلى الآن. ورغم الأبعاد السياسية والاقتصادية التي نتجت عن هذا الحدث إلا أنه في الوقت نفسه قام بتسليط الضوء على أهمية إيجاد بدائل لهذه السلعة النادرة(1).

وتجدر الإشارة إلى أن الأنشطة المتعلقة بتطوير التكنولوجيا للطاقة الجديدة لاتزال مستمرة ولكن بفعالية أقل مما كان عليه الحال في أواخر السبعينيات، ويشمل ذلك الطاقة النووية والشمسية وطاقة الرياح. وقد سجل مجال الطاقة الشمسية تقدماً ملحوظاً، وتم استخدامه في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول المتقدمة في أعمال التدفئة المركزية للمباني، وتم الآن استخدام هذا المجال بكثرة في المملكة العربية السعودية . 

وهناك أيضاً تكنولوجيا الطاقة الفوتوفولتية (photo Voltage) والتي أخذت عدة مسارات متسارعة تؤكد على أنها تمثل البدائل الأمثل الآن وخصوصاً في البدائل المتاحة للطاقة الكهربائية، وكذلك بدائل للطاقة الشمسية أيضاً من خلال الخلايا البلورية المتعددة.

مشكلة التأقلم مع التقنية في المجتمع السعودي :

بكل تأكيد أي مجتمع عرضة للتغير الاجتماعي بشكل تلقائي، ولذلك يجب ألا تكون لدينا أي إشكالية في أن المجتمع سيتغير أو أن قيمه ستتغير، نحن الآن في ذروة عصر المعلومات، وبالتأكيد (تويتر) أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي ، أو ما أفرزته التقنية الحديثة، سيكون له تأثير شئنا أم أبينا، والسؤال المطروح هنا: هل هذا التأثير سلبي أم إيجابي؟، والإجابة عن هذا السؤال، هو ما يجب أن نبحث عنه، لنعرف إن كان التأثير السلبي أكثر من الإيجابي، وكي نضع حزمة من الحلول الممكنة التحقيق، وإن كنت أرى من وجهة نظر شخصية، أن التأثير الإيجابي لتويتر أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من السلبي، ويكفي الآن أنه أصبحت لدينا الإمكانية لنحصل على الخبر أو المعلومة قبل أي وسيلة رسمية بما في ذلك الصحف الإلكترونية، التي أصبحت أبطأ من تويتر، فعن طريق تويتر يمكنك أن تعرف الأخبار في وقت حدوثها أو في لحظة حدوثها، والأشياء الإيجابية كثيرة، منها أنها وضعتنا مع التقنية وفي لب الأحداث ولا تستطيع أي سلطة تحد منها. السلبية الوحيدة أراها في عاملين، العامل الأول في إدمان التقنية أو الارتباط بهذه المواقع، بحيث أصبحنا مستسلمين لها ويقضي فيها الشخص زمناً أكثر مما يقضيه في تأدية مهامه الخاصة، سواء الأسرية أو الاجتماعية أو الثقافية، وهذا شيء سلبي نجده بوضوح في الجيل الجديد. العامل الثاني يتمثل في تجاوز الخطوط الحمراء، وإن كنت أرى أن الرقابة ليست عاملاً إيجابياً وإنما سلبي، وأنه شيء جميل أن نتجاوز الرقابة، ولكن غير الجميل في إثارة النعرات العصبية والقبلية والطائفية، بسبب قدرة الشخص على التخفي، وإن كنت أراه أمراً وقتياً، فالتخفي خلف الأقنعة لن يستمر، بدليل أن في الغرب لا يعانون من أي إشكالات، والإشكالية الوحيدة تتمثل في إدمان التقنية وتحديداً مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه أثر بصورة سلبية على إنتاجية الفرد العامل في تلك البلاد.

لقد أحدثت التقنية الحديثة هوة كبيرة بين الأجيال، وهذه الهوة لا بد أن تردم، وهذه مسؤولية الآباء والمربين، وهي مسؤولية أجيال كاملة، والردم لا يعني أن ندع الشباب، ولكن علينا أن نزرع فيهم المثل والقيم، حتى يتفاعلوا مع بيئتهم الحالية وثقافتهم دون أن يخرجوا على المسلمات والقيم الأساسية، ومع ذلك علينا التسليم أن وسائل التواصل الاجتماعي لن تخلو من الشواذ مما لا تتفق آراؤهم مع قيمنا الأساسية الدينية والأخلاقية والعقائدية، وأن محاربتها لا تكون إلا الرأي بالرأي، ويتصدى لها أولو المعرفة والخبرة، وهذا عن طريق التربية، فالشباب لا يسمعون إلا للشباب، ولذلك علينا أن نوجد قيادات من بينهم، نهتم بتربيتهم، وتعليمهم التعليم الذي يوجد فيهم الُمثل والأخلاقيات حتى لا يكون المجتمع سهل اختراقه وتضليل أبنائه، وهذا لا يتم إلا بوسائل تربوية، يتحملها المنبر، وتتحملها المدرسة، وتتحملها وسائل الإعلام المختلفة، فالمسؤولية مشتركة، ولا يمكن التأثير على الشباب، لا بالقانون، ولا بالرقابة، فالرقابة لم تعد قادرة على فعل شيء، والاختراق أصبح يتجاوز السيادة الخاصة بالدولة، وهذا الوضع ليس فقط في بلادنا وإنما في جميع أنحاء العالم، وتبقى القضية: هل الشباب قابل أن يتقبل هذا التوجيه؟، حينها يمكن الجزم ما إذا كنا أتممنا المهمة أم لا، أما إذا كان الشباب يريد أن يتقبل كل شيء فهذا معناه أننا أصبحنا في مهب الريح، ولهذا أقول إن إصلاح هذا الخلل، لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال المؤسسات التربوية المتخصصة، ولا يمكن تكريس أجهزة الرقابة والتصنت؛ لإحكام قبضتنا على هذه الأداة، فمن شأن ذلك أن يدخلنا في متاهة كبيرة مع جهاز حقوق الإنسان، وكي نصحح آراء هؤلاء، لا بد أن نجري حديثاً مباشراً معهم.



الخاتمة

لعل من أهم ما تتميز به حضارة العصر ، هو التطور التقني في جميع أوجه الحياة وتطبيقاتها المتعددة مما يجعل التقنية تلعب الدور الريادي في المجتمع السعودي المعاصر حيث تشكل أحد أهم العوامل المسؤولة عن النمو الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع إن لم يكن أهمها على لإطلاق والمؤثرة على بيئة المجتمع السعودي بشكل عام  .

ويظهر جليا أنه يجب توفير التقنية ووسائلها الأساسية للوصول إلى التطور والتقدم ، حيث إن التحول التقني لا يمكن أن يتم بمجرد استيراد منتجات تقنية متطورة وإنما يتم بحيازة واستيعاب التقنيات المتطورة وحتى توليدها مما يتطلب توفر المهارات الهندسية والتقنية و الفنية  العالية من القوى البشرية . 

وعملية اكتساب التقنية و التأقلم معها تعني  تأصيل التقنية في المجتمع السعودي  فيصبح أبناؤه قادرين على القيام بمجموعة من النشاطات لمستوى تقني معين في كل مرحلة من مراحل اكتساب التقنية التي تشمل النقل والتطويع والتوطين والتولي،  حيث تجري مجموعة من النشاطات تشمل أعداد المصادر والتصميم والتصنيع والتشغيل والصيانة لكل مرحلة فيتم تأصيلها والانتقال إلى المرحلة التالية . ويعتبر فقدان أي عملية تأصيل لأحد من هذه النشاطات يؤثر سلباً على اكتساب التقنية والتأقلم معها والانتقال إلى المراحل التالية .

و قد شهد المجتمع السعودي خلال العقود الثلاثة الماضية حركة تصاعدية نشطة غير مسبوقة كما ونوعاً في النمو الاقتصادي والتقني بوتيرة ديناميكية عالية نتيجة الدعم الحكومي ووفرة المواد الأولية والموارد المالية مما نتج عنه استيراد أحدث ما أنجزه التقدم العالمي من تقنيات مختلفة لمنظومات العمل وتسخيرها في خدمة التنمية الوطنية  . وبالرغم من استجلاب هذه التقنيات بالوسائل الخارجية إلا أنه لم يصاحبها نمو في اكتساب التقنية في مختلف مراحلها بصورة فعالة وما يتطلبه ذلك من تهيئة الوسائل المحلية لتوطين وتوليد التقنيات في المجتمع السعودي وهذا الواقع يفرض علينا الإسراع بتأهيل و تدريب الكوادر الوطنية على  التأقلم الاندماج و الانخراط في منظومة التقنية التي باتت تغمر شتى مناحي الحياة المعاصرة ليس في المجتمع السعودي فحسب بل في كافة المجتمعات .

و الله الموفق ...



قائمة المراجع


1- أسامة علي عبد الخالق: تنمية وتطوير الموارد البشرية العربية واستراتيجية البقاء في ظل المتغيرات الاقتصادية الجديدة، مجلة العمل العربية، العدد 60 (2-1995) القاهرة منظمة العمل العربية.

2- أسامة ماهر حسين محمد : العنصر البشري و التقنية في السعودية : لا بديل عن التدريب , التطوير التربوي , الإدارة العامة للمناهج, وزارة المعارف , الرياض , 1427هـ.

3- حازم الببلاوي: «على أبواب عصر جديد »، القاهرة، دار الشروق 1997م.

4-- صديق محمد عفيفي:«التخصصية لماذا.. وكيف؟»، كتاب الأهرام الاقتصادي، العدد60، أول فبراير  1993م.

5- محمد مهدي مصطفى: أيزو900- المفهوم والتطبيق، القاهرة، مكتبة عين شمس،1996م.

6- يحي أبو الحاج: «التغير في قوى وهياكل الإنتاج»، سلسلة بحوث: العرب في عالم متغير، القاهرة، معهد التخطيط القومي، ديسمبر 1996م.

7-http://www.alriyadh.com/alyamamah/article/951541


ابحث عن موضوع