توجد عدة تعاريف للقانون الجوي، فهو مجموعة القواعد التي تحكم العلاقات القانونية التي تتولد عن استخدام البيئة الجوية، فبموجب هذا التعريف لا يقتصر نطاق القانون الجوي ومضمونه على المسائل المتعلقة باستخدام الطائرة، ولكن يتعداها ليشمل الاتصالات السلكية واللاسلكية والرادار والإذاعات وأبحاث الفضاء(1).وهو ذلك الفرع الذي ينظم الملاحة الجوية والعلاقات القانونية التي تنشأ بسبها، سواء كانت خاصة بالطائرة أم بعناصر الملاحة الجوية وأجهزتها في وقت السلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمــة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره ، و نستهديه , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد...
فإن الحديث على صفحات هذا البحث سيدور بحول الله وقوته حول موضوع : " نشأة القانون الجوي ومبدأ السيادة ونطاقه "
و سيتم في هذا الموضوع الاعتماد على جمع المعلومات من عدة مصادر ومراجع علمية و ذلك في ضوء ما تيسر لي من معلومات...
وأرجو من الله العلي العظيم أن يلهمني السداد و التوفيق في عرض هذا الموضوع على النحو الأفضل ...إنه سميع مجيب ..
و الله الموفق.
الفصل الأول:
تعريـف القانـون الجـوي وخصائصـه
المبحث الأول:
مفهـوم القانـون الجـوي.
توجد عدة تعاريف للقانون الجوي، فهو مجموعة القواعد التي تحكم العلاقات القانونية التي تتولد عن استخدام البيئة الجوية، فبموجب هذا التعريف لا يقتصر نطاق القانون الجوي ومضمونه على المسائل المتعلقة باستخدام الطائرة، ولكن يتعداها ليشمل الاتصالات السلكية واللاسلكية والرادار والإذاعات وأبحاث الفضاء(1).
وهو ذلك الفرع الذي ينظم الملاحة الجوية والعلاقات القانونية التي تنشأ بسبها، سواء كانت خاصة بالطائرة أم بعناصر الملاحة الجوية وأجهزتها في وقت السلم.
وهناك من يفضل التطرق إلى تبيان سمات هذا القانون، فيكون هذا كافيا للتعريف به على النحو التالي(2):
تدور أحكام هذا القانون إما حول الطائرة وإما حول البيئة التي تعمل فيها وهي الفضاء الجوي، وهذه ظاهرة لا يربطها أي شيء بالماضي، فهو قانون حديث، سريع التطور يميل بحكم هذه الطبيعة نحو الاستقلال عن بقية فروع القانون، وينحو بشدة نحو العالمية، ويتميز بأنه قانون تنظيمي ولائحي.
المبحث الثانـي :
خصائص القانون الجوي:
01- حديـث النشـأة سريـع التكويـن:
فالطائرة ظاهرة تقنية حديثة استلزمت قواعد قانونية جديدة، وكان للتشريع الدور الكبير، فالعرف لم يكن موجودا بسبب عدم معرفة الطائرة وبالتالي لم يكن للعرف دورا كبيرا في نشأته، ولكن أسرع الخطى بعد التكوين وصار الآن مصدر آخر له. ويشيرون بهذا الصدد إلى العرف الجوي الذي ظهر بعد التشريع الجوي في واقعة تعقيم أول مركبة فضائية روسية قبل إطلاقها، حيث حصل نفس الشيء عندما أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية سفينتها الفضائية ولوحظ بأن التشريع كان أسرع في مجال القانون الجوي العام منه في الخاص، حيث بدأ في سنة 1919 في حين بدأ التشريع في القانون الجوي الخاص منذ سنة 1929م (1).
02 – يميـل القانـون الجـوي نحـو الاستقـلال:
فصار لدينا قانون جوي عام وقانون جوي خاص، فلا يمكن القول بتطبيق القانون البحري على الجو، بعبارة أخرى لا يمكن استعارة قواعد ذلك القانون لتطبيقها هنا، فبكل بساطة لا يمكن تعريف الطائرة بأنها سفينة، ومخاطر الجو غير مخاطر البحر، والسرعة المتوخاة من الطائرة تختلف عن سرعة السفينة وأن عمر الباخرة أطول من عمر الطائرة، بحيث أن الذي يثير الشك في الوقت الحاضر هو ليس اقتباس بعض الأحكام القانونية البحرية لتطبيقها على الطائرة ولكن مدى إمكان تطبيق القواعد القانونية التي وضعت أساسا للطائرات لتطبيقها على الطائرات الجديدة المستحدثة، وهذا يعني أن القانون الجوي بلغ مرحلة من النضوج لا يجوز القياس فيها مع الفروع الأخرى للقانون ولا تنفع الاستعارة منها.
03 - طبيعتـه الدوليـة:
فالطائرة بحكم طبيعتها معدة للمسافات الطويلة، لذا لم يكن غريبا أن تسبق الاتفاقيات الدولية تشريعات وطنية وأن الأولى فرضت نفسها على الثانية.
04 - إنه قانون تنظيمي:
فلا يعقل أن تشرك الحرية للطائرات بالطيران والمرور بالأجواء أو الهبوط أو الإقلاع من دون مراعاة قواعد وأوامر تضعها الدول، وأن هذه التعليمات تصل حتى إلى تذاكر النقل وما يجب أن تتضمنه من بيانات ليطلع عليها الراكب أو الشاحن (1).
المبحث الثالث:
تشريعات القانون الجوي الدولية:
أدى تطور الطيران والعلاقات الناشئة من استخدامه إلى أن تعمل الدول على الالتقاء لتنظيم هذه الظاهرة. وقد انبثق من هذه اللقاءات العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية أهمها ما يأتي:
1ـ اتفاقية روما لعام 1933: تتعلق بتوحيد قواعد الحجز الاحتياطي على الطائرات.
2ـ اتفاقية شيكاغو لعام 1944: وتشمل موضوعات عدة تتعلق بسيادة الدول على فضائها وتنظيم جنسية الطائرات والشروط الواجب توافرها لصلاحية الطائرة. وكان أهم ما تضمنته تلك الاتفاقية إنشاء «منظمة الطيران المدني الدولي».
3ـ اتفاقية جنيف لعام 1948: تتعلق بالاعتراف الدولي بالحقوق التي ترد على الطائرات.
4ـ اتفاقية روما لعام 1952: خاصة بالأضرار التي تلحقها المركبات الهوائية بالغير على سطح الأرض.
5ـ اتفاقية طوكيو لعام 1963: تتعلق بالجرائم والأفعال التي ترتكب على متن الطائرة وهي في حالة طيران.
6ـ اتفاقية لاهاي لعام 1970: خاصة بقمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات.
7ـ اتفاقية مونتريال لعام 1971: وتتعلق بقمع الأفعال غير المشروعة الموجهة ضد أمن الطيران المدني.
8ـ اتفاقية وارسو لعام 1929: وتعد هذه الاتفاقية مع (البروتوكولات) والاتفاقيات المعدلة والمكملة لها التشريع الرئيس في مجال النقل الجوي الدولي.
اتفاقية شيكاغو لعام 1944ومضامينها
اشتملت اتفاقية شيكاغو على أربعة أجزاء: عالج الجزء الأول موضوع الطيران عموماً وسيادة الدول على فضائها، وحق الطيران فوق أراضي الدول المتعاقدة. وبحث الجزء الثاني في موضوع منظمة الطيران المدني الدولي. وتضمن الجزء الثالث القواعد الخاصة بالنقل الجوي الدولي لجهة المطارات والطرق الجوية. أما الجزء الرابع فقد احتوى أحكاماً ختامية تتعلق بإمكانية عقد اتفاقيات ثنائية بين الدول وحل المنازعات.
ـ مبدأ سيادة الدولة على فضائها الجوي: استهلت الاتفاقية أحكامها بتأكيد سيادة الدولة المطلقة على فضائها الجوي. فقد نصت المادة الأولى منها على أن «تعترف الدول المتعاقدة بأن لكل دولة على الفضاء الذي يعلو إقليمها سيادة كاملة مقصورة عليها».
ـ حقوق الطيران التجاري ـ الحريات الخمس: إذا كانت اتفاقية شيكاغو قد أقرت للدول المتعاقدة سيادتها الكاملة على فضائها الجوي، فإنها وضعت أحكاماً عامة تكفل لطائرات الدول المتعاقدة حق المرور في فضاء الدول المتعاقدة الأخرى.
وقد قسمت الاتفاقية حاجات النقل الجوي إلى خمس حريات:
1 ـ حرية العبور.
2 ـ حرية الهبوط لأسباب غير تجارية.
3 ـ حرية إنزال ركاب أو بضائع قادمة من الدولة التي تحمل الطائرة جنسيتها.
4 ـ حرية أخذ مسافرين أو بضائع متجهين إلى الدولة التي تتبعها الطائرة.
5 ـ حرية إنزال أو أخذ ركاب أو بضائع قادمة من أي دولة أخرى أو ذاهبة إليها.(1)
الفصل الثاني :
مبدأ السيادة ونطاقه:
المبحث الأول :
مفهوم السيادة:
ولد مبدأ السيادة مع ميلاد الدولة ثم تطور مع تطور الدولة الوطنية في أوربا وظهور المؤتمرات والمنظمات الدولية، وكانت السيادة قي نظر فقهاء القرن السادس عشر دائمة ومطلقة لا يحدها إلا لله والقانون الطبيعي وغير تابعة إلى أي سلطة داخلية أو خارجية، إلا أن تطور العلاقات الدولية وتشابك مصالحها وكثرة الحروب أدت إلى ظهور المؤتمرات والمنظمات الدولية التي لعبت دوراً هاماً في تقنين مبدأ السيادة (2)، فالسيادة تعتبر من الأفكار الأساسية التي يقوم عليه بنيان القانون الدولي المعاصر, لذا نجد
أن معظم المواثيق الدولية تحرص على التأكيد على ضرورة احترام مبدأ السيادة.
وهذا ما يقرره ميثاق الأمم المتحدة حيث نص في فقرته الأولى من المادة الثانية على انه( تقوم الهيئة على المساواة في السيادة بين جميع أعضائها) كذلك بنصه في الفقرة السابعة من نفس المادة على انه (ليس في هذا الميثاق ما يسوغ "للأمم المتحدة" أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما ).
يمكننا تعريف السيادة بأنها سلطان الدولة الكامل على الأشخاص والأموال والإقليم، وحريتها في تصريف شؤونها الخارجية .
وللسيادة جانبان(1):
• جانب ايجابي :يتمثل في ممارسة الدولة-والمتمثلة في الهيئة الحاكمة- لكافة مظاهر السيادة فوق إقليمها البري والجوي والبحري.
• جانب سلبي :ويتمثل في امتناع الدول الأخرى عن الاعتداء على هذه السيادة .
ولها أيضا مظهران:
• مظهر داخلي :ويعني سلطان الدولة على الأشخاص والأموال والإقليم بحيث تستطيع إدارة شؤون الإقليم المختلفة .
• مظهر خارجي :ويعني حرية الدولة في تصرفاتها الخارجية بحيث تستطيع تنظيم علاقاتها مع الدول الأخرى عن طريق التمثيل الدبلوماسي وإبرام المعاهدات والاشتراك في المنظمات وحضور المؤتمرات وغير ذلك من مظاهر السيادة الخارجية.
ومن هنا وجب علينا أن نشير ولو بشكل موجز إلى وجود دول تامة السيادة ودول ناقصة السيادة.
• دول تامة السيادة :وهي التي لا تخضع في شؤونها الداخلية والخارجية لسيادة دول أخرى ولا يحد من سلطتها شيء سواء قواعد القانون الدولي وهذا هو الوضع الطبيعي.
• دول ناقصة السيادة أو ذات السيادة الناقصة: وهي التي لا تتمتع بكامل حريتها في التصرف ،بسبب خضوعها لدولة أخرى أنما تتمتع بمركز قانوني ولكنها كالقاصر لا تستطيع إدارة شؤونها بنفسها. (1)
ثانياً: السيادة والاستقلال:
بالرغم من أن أدبيات القانون الدولي تشير إلى استخدام مفهوم السيادة والاستقلال كمفهومين منفصلين ،إلا أن الواقع يؤكد الارتباط الوثيق بينهما ،ذلك أن غاية مفهوم السيادة في القانون الدولي حل النزاعات التي قد تنشأ بين الدول ذات السيادة ولا معنى لتعدد السيادات المتعايشة إلا إذا كانت كل دولة مستقلة عن الأخرى
وقد جرى القضاء الدولي كلما كان بصدد البحث فيما إذا كانت وحدة من الوحدات الدولية تعتبر دولة في مفهوم القانون الدولي أن تنطلق في بداية البحث فيما إذا كانت تلك الوحدة تظهر كشخص ذا سيادة واستقلال أم لا .
ونرى أن مفهوم السيادة ومفهوم الاستقلال ما هما إلا وجهان لعملة واحدة.
ثالثا: السيادة لا تتعارض مع الخضوع للقانون
يوجد مبدأ في القانون الدولي يعرف بمبدأ الخضوع الفوري للقانون الدولي من لحظة ولادة الدولة . وبالتالي فهي ليست ذات سيادة إلا بخضوعها للقانون الدولي . فالسيادة لا تتنافى مع الخضوع للقانون ،والذي يتنافى معها هو الخضوع لإرادة دولة أخرى.
وقد حسمت المحكمة الدائمة للعدل الدولي سنة 1923في قضية ويمبلدون حيث قالت بأن المعاهدات والاتفاقيات التي تلزم بها الدولة نفسها ومن تم تقيد سيادتها ما هو إلا تطبيق للسيادة. (1)
المبحث الثاني :
الآثار القانونية المترتبة على مبدأ السيادة:
لا يمكن حصر المبادئ والقواعد التفصيلية النابعة من مبدأ السيادة، ولكن يمكن ذكر بعضها بإيجاز:
1. المساواة في السيادة :
يترتب على مبدأ السيادة كذلك أن الدول متساوية قانونا إذ ليس هناك تدرج في السيادات بان تكون هناك سيادة أعلى من أخرى ،ومعنى ذلك أن الحقوق والواجبات التي تتمتع بها الدول متساوية من الناحية القانونية حتى وان كان هنالك فروق بين الدول من ناحية الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية والموارد الاقتصادية ودرجة التقدم العلمي والتقني ومدى القوة العسكرية و إلى غير ذلك من الفروق.
2. عدم جواز التدخل في شؤون الدول الأخرى حيث يحظر القانون الدولي تدخل أية دولة في شؤون الدول الأخرى إذ كل دولة حرة في اختيار وتطوير نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون التدخل من دولة أخرى.
3. حرمة الإقليم -حق السلامة الإقليمية
4. حرية التصرف في المجالات التي لا توجد بشأنها قواعد قانونية دولية ويعنى ذلك عدم تعارضها مع القانون الدولي.
5. القيود على السيادة لا تفترض- الشك دائما يفسر لصالح السيادة.
6. الأصل أن ما تقوم به الدولة مشروع- افتراض صحة أعمال الدولة.
7. الأصل انه لا شيء يقيد الدولة إلا ما قيدت به نفسها(1).
نطاق مبدأ السيادة على الإقليم الهوائي:
يقوم هذا المبدأ على قاعدة مأخوذة من القانون الخاص وهي (من يملك الأسفل يملك الأعلى) وهي تقوم على ملكيه العلو ويترتب على ذلك بأنه لكل دوله سيادة مطلقه وتامة على اقليمها الجوي فهي تستطيع أن تمنح أو تمنع الدول الأخرى من استخدام اقليمها الجوي وبالواقع بالرغم من أن هذا المبدأ يظهر أنه منطقي لكنه معيب من عدة أوجه :
أ- كما هو معلوم فحق الملكية مقيد بعدم التعسف باستخدامه فحرية الفرد تقف عندما تتعارض مع مصلحة الغير أي احترام حقوق الأخريين .
ب- عدم امكانية القياس أو المقارنة من حيث سيطرة الدولة على اقليمها الجوي مع الإقليم الأرضي أو المائي مثال عليها :الأقمار الصناعية - مراكب الفضاء اجهزة التجسس .
ج- هذا المبدأ يؤدي الى نتائج غير منطقية كعرقلة الملاحة الجوية ، وتنظيم الاتصالات اللاسلكية ، الموجات الإذاعية .
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات و الصلاة و السلام على خاتم النبيين , محمد بن عبد الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ... أما بعد ...
فقد تناولت على الصفحات السابقة من هذا البحث موضوع : " نشأة القانون الجوي ومبدأ السيادة ونطاقه "
و قد عرضه من خلال فصلين الفصل الأول تحدثت فيه عن نشأة القانون الجوي والفل الثاني تطرقت فيه إلى مبدأ السيادة و نطاقه.
هذا و أسأل المولى تبارك و تعالى و أدعوه أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على نحو طيب .
و بالله التوفيق .
قائمة المراجع:
(1) إلياس حداد : القانون الجوي، منشورات جامعة دمشق كلية الحقوق 2004م.
(2) أحمد أبو الوفاء، الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية ،القاهرة،2004.
(3) عدلي أمير خالد: عقد النقل الجوي في ضوء قانون الطيران المدني الجديد ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية 1996.
(4) محمد المجذوب ، القانون الدولي العام، دار النهضة العربية ،القاهرة،2004م.
(5)http://www.startimes.com/?t=27362968
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الملك سعود
كلية الحقوق
بحث بعنوان :
نشأة القانون الجوي ومبدأ السيادة و نطاقه
إعداد الطالب: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الوابل
الرقم الجامعي: