النفايات في الدول العربية و الدول المتقدمة
1- الاهدار في الوطن العربي
النفايات والمخلفات عبارة عن ثروة مهملة يجب الحفاظ عليها وتغيب إمكانية استغلال هذه المخلفات بشكل فعال في الدول العربية في تصنيع الأعلاف التي تعاني الدول العربية عجزا في انتاجه وكذلك استغلال المخلفات في إنتاج الطاقة بطرق مختلفة، وكانت دراسة اقتصادية قدرت حجم خسائر الدول العربية نتيجة عدم تدوير المخلفات ب5 مليارات دولار سنويا.
والمخلفات يجب التعامل معها على اعتبار انها ثروة قومية، المشكلة اننا لا نعرف كيف نستفيد منها، ولا نحسن التعامل معها، نحن من الممكن مثلا ان نستغل المخلفات الزراعية ونفايات التصنيع الزراعي في إنتاج الاعلاف ذات القيمة الاقتصادية العالية والاستفادة منها في تغذية الحيوان وذلك لانخفاض محتواها من البروتين وارتفاع محتواها من السليوز، كذلك يمكن الاستفادة من المخلفات الرزاعية والحيوانية في إنتاج الطاقة وذلك عن طريق وحدات البيوجاز التي أثبتت الدراسات جدواها الاقتصادية عند استخدامها في المزارع لإنتاج الكهرباء، ايضا يمكن استخدام المخلفات الزراعية في إنتاج الاسمدة، وكذلك باقي أنواع المخلفات الاخرى يمكن تدويرها محققة الوفر الاقتصادي فمثلا انتاج طن من الورق يوفر 2ونصف طن من الاخشاب.
مشكلة إنتاج الأعلاف في الوطن العربي جاءت من اتجاه الفلاحين لزراعة المحاصيل الاقتصادية وليس من بينها المحاصيل العلفية التي تتغذى عليها الحيوانات بالطبع، هذا مع وجود مخلفات زراعية في مصر على سبيل المثال تصل إلى 23 مليون طن سنويا، ويرجع العجز في وجود اعلاف مع هذه الكمية من المخلفات إلى ان عدم تشجيع الدول لهذا الاتجاه لفترة طويلة من الزمن ثم عندما بدأ التفكير في استغلالها كانت المشكلة في احتواء هذه المخلفات على مواد منخفضة المحتوى من الطاقة، وكذلك انخفاض محتواها من الكربوهيدرات المتاحة مثل السكريات والنشا، ايضا كونها تشغل حيزا كبيرا ما يرفع تكلفة نقلها وتداولها ولكن هذه المشاكل تم التغلب عليها في السنوات الأخيرة.
وهناك عدة طرق أحدها طريقة يستعملها الان كثير من الفلاحين في قرى مصر خاصة وهي جمع المخلفات وهي خضراء مع نسبة من البرسيم الاخضر ودفنها في الارض بطريقة معينة( مضغوطة وبمعزل عن الهواء ) لمدة تتراوح بين شهر وشهرين ثم تستخدم كعلف بعد ذلك يحتوي على قيمة غذائية مرتفعة وتسمي هذه الطريقة الكمر في ريف مصر، كذلك يتم استخدام المخلفات الزراعية بعد جفافها كتربة لزراعة بادرات الشعير والذي يستخدم كعلف في التربة التي زرع فيها بعد ان زادت قيمتها الغذائية بواسطة الشعير،ايضا هناك طريق بتقطيع المخلفات واضافة اليوريا او الامونيا اليها و تخلط بعد ذلك مع الاعلاف بنسبة معينة.
تم ذلك عن طريق ما يعرف بوحدة البيوجاز و قد تبنت وزارة البيئة المصرية ووزارة الزراعة هذا المشروع وجرب فيه قش الارز والذي تصل كميته سنويا إلى 6.3 ملايين طن كان يتم حرقها مخلفين ما يعرف بالسحابة السوداء، حيث يتم وضع المخلفات الزراعية مع الحيوانية بمعزل عن الهواء مع انواع معينة من البكتريا لتنتج غاز الميثان بجانب سماد عضوي وعلف حيواني وتجري تجارب لاستخدام حطب القطن ومصاصة القصب، كذلك يمكن واعتقد ان اعلان الحكومة المصرية الاخير عن وجود مشروع كبير جديد لانتاج الطاقة المتجددة اعتمادا على المخلفات الزراعية يصب في الاتجاه نفسه، وهناك كذلك إمكانية لتحويل قش الارز لإنتاج الغاز الحراري ويتم ذلك عن طريقة بأجهزة صينية الصنع.
يتم التركيز على تدوير المخلفات الزراعية لان حجمها كبير حيث تبلغ المخلفات الزراعية 196.5 مليون طن سنويا على مستوى الدول العربية، وتبلغ في مصر 35 مليون طن سنويا،و ويمثل قش الأرز والقمح مصاصة القصب وحطب الذرة والقطن النسبة الأكبر في هذه المخلفات،وهذه المخلفات يتم التخلص منها عادة بطريقة ضارة بالبيئة،وبالنسبة إلى استغلالها لم تنظر الدول العربية لاعادة التدوير نظرة جدية ولا تجيد التعامل معها،وليس هناك استثمارات كبيرة في تدوير المخلفات في اي دولة عربية، حيث يقدر حجم الاستثمارات في الدول العربية في اعادة تدوير كل انواع المخلفات ب20 مليون دولار فقط في حين انه يمثل 28% من الاستثمار الصناعي في الولايات المتحدة و 35% في دولة مثل المانيا.
اوجه الاستفادة من المخلفات الزراعية كثيرة،ومن أهمها إنتاج سماد عضوي مصنع من المخلفات الزراعية ولذلك هناك اكثر من طريقة يتم بها وتعتمد هذه الطرق على التخمير ويمتاز هذا النوع من السماد بانه سهل التحلل في التربة وانه عن طريقه يتم التخلص من المخلفات الزراعية، كذلك فإنه يخلو من الحشائش ومن مسببات الأمراض للنبات، ايضا هناك اوجه اخرى للاستفادة من المخلفات الزراعية باستخدامها كتربة لزراعة عيش الغراب والخضروات،كذلك يمكن استخدام المخلفات في إنتاج الاخشاب وهناك تجارب نجحت في استعمال قش الارز في إنتاج الطوب.
ان المخلفات يمكن ان تكون ثروة وطنية لو أحسن استغلالها، تقريبا كل انواع المخلفات يمكن اعادة تدويرها بما فيها مخلفات المستشفيات والعيادات التي تتم معالجتها والتخلص بالحرق تحت ظروف معينة ويمكن استغلال الطاقة المتولدة من الحرق في عمليات صناعية، في ما عدا ذلك يمكن الاستفادة من كافة انواع المخلفات، حتى ان مخلفات هدم المباني يمكن استخدامها في تصنيع انواع من الطوب.
http://www.tunisia-sat.com/vb/showthread.php?t=974949&page=23
2- الاهدار في المملكة العربية السعودية
لا يمكن لنا أن نتخيل أن 10 مليارات دولار أميركي تهدر سنويا والسبب عدم الاستفادة من مئات الأطنان من النفايات التي تهدر من دون تدويرها والاستفادة منها بشكل أفضل، وفي الوقت الذي تتسابق الشركات في دول العالم على تدوير هذه النفايات والخروج بمكاسب عدة منها، لا تزال النفايات في السعودية تراوح مكانها ولا يستفاد منها، بل إن أضرار هدرها لا تتعلق فقط بالخسائر المادية التي لا يستفيد منها الاقتصاد الوطني فحسب، بل أيضا هناك من الأضرار البيئية الجمة التي تعاني منها مناطق كثيرة في البلاد، ناهيك عن تأثيرها السلبي على نقص الأسمدة الداعمة للمجال الزراعي في السعودية.
المستثمرون في مجال التدوير، يرون أن العقبة الأولى التي تواجههم هي عدم تصنيف الحاويات، بالإضافة إلى عدم وجود الوعي الحضاري البيئي. لذا فمن الطبيعي أن يكون استغلال النفايات بوضعها الحالي أمرا مزعجا لكل الجهات الراغبة في الاستثمار، مما يبعد غالبية رجال الأعمال عن هذا الاستثمار داخليا والتحرك عالميا للاستثمار، نظرا لعدم وجود قطاعات للفرز، بل يقومون بالاستفادة حتى من الغازات الموجودة في مرامي النفايات.
وحتى تعود الأمور إلى نصابها الصحيح، يمكن القول إن تدوير النفايات في السعودية هو بالفعل «الذهب المفقود»، فمليارات الدولارات تذهب هباء منثورا من دون الاستفادة منها بشكل فعلي، ناهيك عن أضرار هذه النفايات على الاقتصاد الوطني في حالة عدم تدويرها بالشكل السليم.
دعت جهات بيئية مختصة في السعودية إلى الشروع في إنشاء مصانع كبيرة لتدوير النفايات بعد أن وصلت النفايات في مكة المكرمة إلى 70 طنا خلال ثلاثين يوما، كانت هذه هي أيام شهر رمضان المبارك التي احتضنت مكة المكرمة فيه أكثر من أربعة ملايين نسمة من المعتمرين.
وناشد البيئيون بضرورة التحرك على النطاقين الحكومي والخاص لخلق رافد اقتصادي مهم، ضيع غيابه على الاقتصاد السعودي مليارات الريالات جراء التأخير في التنفيذ، محذرين في السياق ذاته من خطورة التراخي في معالجة النفايات الطبية في المستشفيات، التي تهدد المياه الجوفية بشكل دائم.
وقال مراقبون إن مدينتي الرياض وجدة وحدهما فيهما أكثر من 400 طن سنويا فقط من المخلفات المنزلية ناهيك بالمواد الأولية والحديد والأخشاب والورق والبلاستيك، معتبرين أن تأخير تنفيذ مصانع للتدوير يضر بالاقتصاد السعودي من خلال ضياع عائدات قدرت بمليارات الريالات، فضلا عن تأثيرها بشكل سلبي على نقص الأسمدة الداعمة للمجال الزراعي في السعودية.
وكشف المهندس صالح عزت مدير الإدارة العامة للنظافة في أمانة العاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط» إن «أمانة العاصمة رفعت دراسة مستوفاة إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية بخصوص تهيئة مكان عملت عليه دراسات ميدانية متكاملة تهدف إلى إنشاء مصنع كبير وضخم لتدوير النفايات، تم العمل عليه وإعداد مخطط متكامل له بشروط ومواصفات، لاستثمار النفايات في مكة المكرمة، خاصة في موسمي الحج والعمرة واللذين تستضيف فيهما العاصمة المقدسة ملايين القادمين فضلا عن المواطنين والمقيمين، وهو ما يخلف عددا كبيرا من النفايات بعدهما»، وأضاف صالح عزت أن «مرامي النفايات لدى الدول المتقدمة تعني (الذهب)، وقد أتانا رد عقب دراستنا بضرورة التريث بحكم أن لدى الوزارة مشروعا وطنيا كبيرا يعنى بتدوير النفايات، ونتمنى أن تكون ساعة انطلاق هذا المشروع قد اقتربت للحاجة الماسة إلى الحفاظ على البيئة في المقام الأول، وللاستفادة اقتصاديا من عمليات التدوير في حال تمامها»، مفيدا أن «عملية تدوير النفايات تلزمها مساحات شاسعة وأراضي ضخمة، وهو ما تفتقده العاصمة المقدسة بحكم طوبوغرافيتها، والسلسلة الجبلية التي تحيط بها، وفي حال استغلالها في عمليات التدوير، سيسمح ذلك بتقليصها لمساحات تصل لعشرة في المائة».
وبحسب إحصاءات غير رسمية، فإن قيمة تدوير النفايات في السعودية تتراوح بين 36 مليار ريال (9.6 مليار دولار) و40 مليار ريال (10.6 مليار دولار)، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى مصانع أكثر لتلبية عمليات تدوير النفايات.
http://aawsat.com/details.asp?section=6&article=588072&issueno=11623#.UnqkBiflDcg
3- مقارنة المملكة العربية السعودية بالدول المتقدمة:
عالميا، أضحت الاستدامة البيئية وإدارة النفايات من المواضيع الرئيسية التي تلقى اهتماما متزايدا في الدول الصناعية، يترجمه ضخ الاستثمارات في تأسيس بنية تحتية متكاملة لإعادة استعمال وتدوير النفايات وتقديم حوافز للمستثمرين في هذا القطاع، مدعومة بإقرار تشريعات تحظر إلقاء النفايات أو التخلص منها من خلال عمليات الدفن أو الحرق.
ووفقا لهذا المعطيات أضحت عمليات إعادة التدوير اليوم قطاعا تتجاوز قيمته 500 مليار دولار.
أحد الخيارات المستخدمة منذ عقود في معالجة النفايات البلدية الصلبة، التي اكتسبت اهتماما متزايدا في السنوات الأخيرة تتمثل في تحويل النفايات إلى طاقةWaste To Energy، الذي أصبح اليوم قطاعاً تتجاوز قيمته السوقية عالميا 3.5 مليار دولار.
ففي عام 2011، بلغ عدد تلك المحطات 668 موزعة كالتالي: 400 في أوروبا، 100 في اليابان، 89 في الولايات المتحدة، 79 في عدد من البلدان الآسيوية.
وتستخدم هذه المحطات تقنية حرق كتلة النفايات Mass Burn، وتراوح طاقاتها التصميمية بين 200 إلى 10 آلاف طن من النفايات الصلبة يوميا، يتم من خلالها استخدام الحرارة الناتجة من عمليات الحرق في التدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية، فيما يستخدم الرماد الناتج في التشييد والبناء أو كسماد.
ويتطلب عمل هذه المحطات تجهيز شبكات واسعة لجمع النفايات ونقلها لضمان تغذية مستمرة لتلك المحطات.
ويتباين حجم النفايات البلدية المستخدمة لتوليد الكهرباء في الدول الصناعية وفقا للمساحات المخصصة للردم وتكلفة نقل النفايات، ففي الولايات المتحدة يستخدم 12.7 في المائة فقط من النفايات البلدية الصلبة لهذا الغرض، فيما ترتفع تلك النسبة إلى مستويات أعلى في الدول الأوروبية، حيث تراوح بين 18 في المائة في بريطانيا و65 في المائة في السويد، وتصل في سويسرا إلى 85 في المائة، وهي الأعلى أوروبيا.
وإضافة إلى استرداد محتوى الطاقة من النفايات تكمن أبرز مزايا هذه المحطات في تقليص حجم النفايات الصلبة بنسبة تراوح بين 60 و90 في المائة من حجمها الأصلي، وفقا لتركيبة النفايات والتقنية المستخدمة.
ونتيجة للتطور المستمر في تقنيات تشغيل هذه المحطات تحسنت اقتصادياتها، وأضحى بعضها مجديا اقتصاديا حتى عندما تكون أسعار البترول في حدود 40 دولارا للبرميل.
ومع ذلك تبقى عمليات تحويل النفايات إلى طاقة مكلفة نسبيا، حيث تبلغ التكاليف الاستثمارية لمحطة بطاقة 1.200 طن في اليوم نحو 150 مليون دولار.
ولهذا السبب فإن معظم محطات تحويل النفايات إلى طاقة تكون في الغالب ممولة من قبل البلديات أو من خلال مشاركة القطاعين العام والخاص (PPP).
4- اتجاه التدوير يزيد من الاستثمار و يحد من البطالة في المملكة:
هناك أربعة أسباب رئيسية تجعلنا نندفع تجاه هذه التكنولوجيا المتقدمة من أجل تعميمها وتطبيقها ليس فقط على مستوى الدول ولكن على مستوى العالم أجمع:
1- الحفاظ على الموارد الطبيعية:
تسارع وتيرة الإنتاج وتنوعه نظرا لتطور ألألات و نظم التصنيع مع زيادة عدد السكان و احتياجاتهم المتعاظمة والمتنوعة بما يواكب التطور و النهضة التي يعيش فيها الإنسان الآن، كان له الأثر السيئ الكبير على مخزون الموارد الطبيعية لكوكب الأرض بدءا من الأخشاب إلى المعادن و الثروات المائية والطبيعية، التدوير يعمل على الحد من تسارع استنفاذ تلك الموارد.
2- ترشيد الطاقة:
عمليات الإنتاج المختلفة تستهلك كما كبيرا من الطاقة التي ينعكس تأثيرها السالب بصورة مباشرة على الناتج القومى للبلاد، على سبيل المثال لولا عمليات التدوير للورق لتم قطع العديد من الأشجار ونقلها ومعالجة لحائها للحصول على منتج الورق النهائي بعد استنفاذ الكثير من الطاقة في محطات الإنتاج المختلفة، بالإضافة إلى التأثير السلبي الآخر الناتج عن قطع تلك الكميات من الأشجار على المناخ و التوازن البيئي.
3- الحد من التلوث:
نظرا لإن عمليات الإنتاج المختلفة كما ذكرنا تستهلك كما كبيرا من الطاقة، الأمر الذي يؤدى إلى انبعاث الكثير من الأدخنة و الأبخرة الضارة وملوثات البيئة إلى فضاء الأرض، وهى أحد الأسباب الرئيسية لظاهرة الاحتباس الحرارى، وخصوصا الناتجة من عمليات التصنيع المرتبطة بتشكيل المعادن، لذلك نرى أن عمليات إعادة التدوير و على الرغم من إحتياجاتها أيضا للطاقة إلا إن معدل التلوث الناتج عنها لا يقارن بعمليات الإنتاج المستهلكة للطاقة الكثيفة.
4- تقليص الامتلاء:
تصاعد المستوى الكمي للنفايات على مستوى العالم ككل وتمدد تلك النفايات على مساحات شاسعة من سطح الأرض يشكل عاملا مدمرا للبيئة المحيطة ومؤثرا سلبيا على الحياة الطبيعية للكائنات واضطراب في التوازن الطبيعي المطلوب للجميع بما فيهم الإنسان، التدوير يعمل على تقليص هذا الكم المتزايد وتنظيف هذه المساحات من التلوث وزيادة المساحات الخضراء التي تمثل رئة الأرض اللازمة لتجديد حيويتها.
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=25638