بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

القواعد العلمية لتحقيق المخطوطات

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
    الحمد لله الذي انزل الكتاب محكما ومفصلا؛ ليتفكر فيه أولي الألباب، والصلاة والسلام على البشير النذير, الهادي المبعوث رحمه للعالمين ؛نبينا محمد وعلى صحبه واله الطيبين الأطهار.
   مما لاشك فيه أن التراث العربي الإسلامي ثروة نفيسة, فهو يعكس مجد الأمة وعزها, وهو يمثل تاريخها وفكرها وعلمها وحياتها؛ لذا فقد لاقى اهتمام العلماء المسلمين وعنايتهم, ومن ذلكم العلم علم المخطوطات الذي أولاه الخلف عن السلف عناية كبرى فدرسوه وصنفوه وحققوا نصوصه وأكملوا نقصه وأزالوا زيادته ونسبوا كل مخطوط لمؤلفه-ما أمكن- إيمانا منهم بوجوب نشر العلم والمحافظة عليه وعدم دثره أو إهماله1.
      ومع ذلك كان لعملية تحقيق "المخطوطات" متطلبات هامة ابتدءا  بما يخص المحقق ذاته, من وافر علم وثقافة ودقة ودراية , ثم ما يخص المخطوط من نسبته لمؤلفته أن اسقط اسم المؤلف من المخطوط , وتحقيق العنوان ومتن الكتاب وما إلى ذلك.
       ولقد احتوى هذا البحث على معنى التحقيق لغة واصطلاحا , تاريخ علم التحقيق, أهمية تحقيق كتب التراث والمخطوطات ,الأمور التي يجب أن تراعى قبل التحقيق ,خطوات التحقيق ,مهمات المحقق , والعلوم المساعدة في عملية التحقيق , صفات المحقق ,آفات التحقيق ,مزالق في التحقيق التي قد يقع فيها بعض المحققين.
      ومع إمعان النظر يلحظ أن كل علم دون أو كتاب نشر بين أرجاء المعمورة ونفع الله به البلاد والعباد ما كان ليصل لما وصل إليه لولا أن كانت نية صاحبه خالصة لوجهه الكريم ,ثم بجهود هؤلاء المحققين الحثيثة لإيصال التراث الإسلامي للأجيال جيلا بعد جيل,وكل علم سوى القران الكريم يشمله التحقيق ويجري عليه والله تعالى يقول: "الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ " سورة هود:الآية (1) فالله عز وجل تكفل بإحكامه وكماله, وتفصيله وبيانه,والعلماء المسلمين عكفوا على باقي العلوم دراسة وتحقيقا ابتدءا من الأحاديث النبوية إلى علوم الهندسة والفلك، وستظل للمسلمين راية عالية ما دأبوا على سير السابقين وعلمهم وحمايته من المستشرقين ومن شاكلهم .    
                                
و الله الموفق .....

معنى التحقيق :

    في اللغة :ورد في مختار الصحاح :"حق الأمر تحققه :صار منه على يقين, وتحقق عنده الخبر:صح " .
       وفي الاصطلاح: (إثبات المسالة بالدليل, وشاع في العصر الحديث استعمال هذا المصطلح في نشر الكتب وتصحيحها وخدمتها,بتوثيق نصوصها, وتوضيح غامضها,وضبط مشكلها,وتيسير مادتها للقارئين) .
       فتحقيق المخطوط يعني: قراءته قراءة صحيحة, وإحكام تحريره وضبطه, وإخراجه على الوجه الصحيح الذي وضعه عليه مؤلفه أو على اقرب وجه يطابق الوضع الأصيل الذي تم على يد مصنفه , كل ذلك بالاعتماد على منهج علمي يحكم سير عملية التحقيق 
      وفي الاصطلاح المعاصر:"يقصد به بذل عناية خاصة بالمخطوطات حتى يمكن التثبت من استيفائها لشرائط معينة.
    فالكتاب المحقق هو الذي صح عنوانه، واسم مؤلفه، ونسبة الكتاب إليه، وكان متنه أقرب ما يكون إلى الصورة التي تركها مؤلفه." 

أهمية تحقيق كتب التراث والمخطوطات:

(لقد ترك العرب والمسلمون تراثا من اجل العلوم أصالة وعرقا , ولكن الاستفادة من هذه العلوم لابد أن تقترن بتحقيق علمي بما فيه تحقيق للواقع الاجتماعي والسياسي والديني الذي كان سائدا في فترة من الفترات التاريخية فضلا عن تصحيح جوانب علمية أخرى بما فيها اللغة التي كتبت ودونت فيها تلك المخطوطات , ولا أدل على ذلك ما أشار إليه العلامة ابن خلدون في مقدمته في هذا الإطار من قصور العرب أنفسهم في اللغة) 

تاريخ علم التحقيق:

أن التحقيق علم قديم , يكمن أن نرده إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حين أشار صلى الله عليه وسلم على المسلمين إلا يكتبوا عنه شيئا سوى القران الكريم, كي يظل النص القراني يقينا ,محكما,ثابتا صحيحا, وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام حمع ابو بكر الصديق رضي الله عنه القران من صدور الرجال الحافظين ,مما هيا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجمعه في مصحف واحد, ثم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه جمع القران ووجه إلى الأمصار العربية صورة ثابتة صحيحة محكمة منه.
ولما جاء عهد التابعين رضوان الله عليهم انبرى نفر من العلماء بضبط القراءات عناية تامة,والتحقق والتثبت من ضبط كل قراءة, وتصنيفها على أنواع هذا ما يجعله من أعمال التحقيق الأولى.التي تشكل في ضوئها علم القراءات.
ثم لما نهض التدوين في العصر العباسي وكانت صناعة الوراقين رائجة استعان بهم العلماء لتدوين مصنفاتهم ونسخها أكثر من مرة, وكثير من المخطوطات قد عبث بها النساخ فاضطربت مما حدى بتحقيقها وإعادة النظر فيها.  

ضوابط التحقيق:

و من المجالات التي اتبعها العلماء القدامى في التحقيق عبر التاريخ مايلي: 
1. التحول من الرواية الشفوية للنصوص إلى مرحلة التدوين.
2. تدوين الحديث النبوي الشريف.
3. علم الجرح والتعديل.
4. مراجعة الروايات المختلفة للنصوص.
5. المقابلة بين النسخ ومعارضتها .
6. إصلاح الأخطاء ,والسقط والزيادة وغير ذلك من التقويم.
7. الضبط والشكل. 
8. صنع الحواشي.
9. الكتابة والخط.
10. الرموز والاختصارات القديمة.

ما قبل التحقيق:

    أن التحقيق عملية شاقة, تتطلب جهدا ووقتا من المحقق , ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك أمورا يجب أن يأخذها المحقق بعين الاعتبار قبل أن يشرع قبل في التحقيق ؛ حتى لا يذهب عمله هباء وبدون أدنى فائدة , ومن هذه الأمور ماذكرها هادي نهر في كتابه تحقيق المخطوطات والنصوص ودراستها  :
1. تقديم مانحن أحوج إليه اليوم,واختيار ما فيه نفع وأكثر تأثير في حركة الحاضر, وتأجيل ما نحن بحاجة إليه غدا.
2. تقديم الأقدم في التاريخ على القديم, أو المتأخر زمنيا, بوصف الأول مصدرا للثاني, والثاني مصدر للثالث وهكذا في كل مادة علمية, أو معرفية.
3. الإقدام على مايمثل أصالة , وتنويرا , وفكرا نقديا في موضوعه.
4. اختيار مايمكن اختياره,ورصده,وتحليله ,وتوصيفه,بصدق وموضوعية,وحياد, وشجاعة في الرأي.

قواعد وأساليب ومناهج تحقيق المخطوطات:

للتحقيق المخطوطات قواعد وأساليب ينبغي مراعاتها ومنها: 
1. صحة المخطوطات والوثائق.
2. اطلاع المحقق على مصنفات التحقيق وأدلة المخطوطات.
3. صفات واجب توفرها في المحقق وسنوردها فيما بعد.
4. معرفة الأيام والشهور ومصطلحاتها العربية القديمة .
5. نقد الأصول نقدا علميا بهدف الوصول إلى الحقيقة.
6. التدقيق في تاريخ كتابة الوثيقة ,وهل هذا التاريخ يتلاءم مع اللغة التي كتبت فيها والمفردات التي استخدمت بين سطورها.
7. التأكد من كاتب الوثيقة أو المخطوط فيما إذا كان بالفعل قد عاش في فترة كتابة الوثيقة أو المخطوط
8. التأكد وفحص نوع الورق ونوع الحبر المستخدم ولونه والخط الذي خطت في الوثيقة.
9. دراسة الأختام والتواقيع في حال وجودها على الوثيقة أو المستندات, ومقارنتها مع أختام وتواقيع أخرى عرفت في الفترة التاريخية ذاتها .
10. مقارنة الوثيقة أو المخطوط المنسوخ بمخطوط أخر للمؤلف نفسه قد يوجد في أماكن أخرى بخطه نفسه أو بخط سواه.

خطوات التحقيق:

    تشمل عملية التحقيق  الإجراءات المنهجية الآتية :
1. عملية نسخ المخطوط الأصل.
2. المقابلة "وهي المقارنة بين الأصل ومانسخه المحقق"
3. التخريج , ويشمل:
1. الآيات القرآنية الكريمة.
2. الأحاديث النبوية الشريفة.
3. تخريج الأشعار.
4. تخريج الأمثال والأقوال.
5. تخريج الآراء والمسائل المطروحة في المتن.
6. ترجمة الأعلام.
7. التعريف بالبلدان والأماكن.
8. تقسيم النص المحقق.
9. صنع فهارس للكتاب.

مقدمة النص المحقق:

   "تتقدم الكتاب المحقق دراسة يقوم بها محقق الكتاب يتناول فيها التعريف العام بمادة الكتاب ومحتواه الموضوعي ومؤلفه ووصفا للنسخ التي رجع إليها في دراسته وتختلف الدراسة إسهابا وإيجازا عمقا وسهولة بحسب حال المحقق والنص الذي قام بتحقيقه " 
ولا ريب في أن التحقيق إذا كان جزء من دراسة جامعية ينبغي أن يشفع بدراسة وافية فيها من العمق والإحاطة ما يظهر قدرة الدارس وعلمه وتمكنه من تثبيت الحقائق, وتحتوي مقدمة الدراسة أولا المقدمة: وتشمل مايلي:
1. مدخل في ضرورة بحث التراث ودراسته دراسة علمية, وتمثله وتوظيفه لخدمة الحاضر والمستقبل.
2. أسباب اختيار الكتاب المعين دون سواه من الكتب المخطوطة.
3. عرض للخطة التي انتظم العمل بحسبها.
4. لمحة موجزة عن المنهج المتبع في الدراسة.
5. إشارة إلى ابرز المصادر التي استند إليها.
الباب الأول :

 الدراسة

الفصل الأول:
 المؤلف:حياته وآثاره ومكانته العلمية ,ويتوزع على مباحث: الأول:في حياته ونشأته وفيه نذكر(اسمه,وكنيته,ولقبه ,وشهرته,ومولده,وأطرافا من حياته, ووفاته)
الثاني:في مكونات ثقافته ونذكر فيه (رحلاته ,وأساتذته,وتلاميذه,وكتبه وآثاره المحققة والمخطوطة المفقودة,وجهوده,ومكانته ,ورأي العلماء فيه , وآثره فيمن جاء بعده)
الفصل الثاني : في الكتاب:
ويتوزع على مباحث:
الأول: في المادة العلمية للكتاب ومحاوره.
الثاني:في مصادر الكتاب وأشهر الكتب التي الفت في موضوعه ,وما جاء به الكتاب من جديد في بابه ,وقيمة الكتاب العلمية بالموازنة مع غيره من الكتب التي صنفت في موضوعه.
الفصل الثالث: في منهجية الكتاب ومذهب صاحبه واتجاه الفكري ويتوزع على مباحث أيضا.
منها ما يخص مصنفه في عرض مادته وأفكاره واتجاهاته .
ومنها ما يخص أسلوب الكاتب .ولغته.1
الفصل الرابع: 
في موقف مؤلف الكتاب من الاتجاهات والمدارس العلمية التي اختصت بالموضوع الذي بنى عليه الكتاب كان يكون في (النحو,أو الصرف ,أو الأدب,أو البلاغة)
 الفصل الخامس:
ويختص بوصف المخطوطات المعتمدة في التحقيق.
الفصل السادس:
وهو يتعلق بأبعاد المنهج الذي  اتبعه في التحقيق والإجراءات المنهجية والعلمية التي سلكها والفهارس التي صنعها والأسس العلمية التي استند إليها في وضع هذه الفهارس وكيف تم له تقسيم المخطوطة الأصل وترقيمها ولابد من ذكر الترقيم الذي سلكه كترقيم الآيات والأحاديث والأشعار والإعلام أو الترقيم اللغوي الذي يجب استعماله بدقة من نقطة وفاصلة وشرطة ..الخ 
الخاتمة:
لابد له من عمل ملخص نهائي للمخطوط يناول فيه باختصار وتركيز ما تمخض عنه عمله سواء في الدراسة أو التحقيق وما القضايا العلمية التي أثارها النص المحقق وما القضايا التي افرزها الباحث عبر دراسته وما الفوائد العلمية المتوخاة من وراء تحقيق الكتاب.
مظان الدراسة والتحقيق:
اختلف الباحثون على فرق: فمنهم من يفرز مصادر الدراسة عن مصادر التحقيق ومنهم من يذكر المصادر في نهاية العمل مجتمعه ومنهم من يعتمد أسلوب الابتداء بالمصنفين  في ترتيب قائمة المصادر ومنهم من يعرضها انطلاقا من أسماء الكتب ...
أما الباب الثاني يبدأ بالكتاب محققا. 
مهمات المحقق:
1. تحقيق العنوان.
فبعض المخطوطات يكون خاليًا من العنوان:
1- إما لفقد الورقة الأولى منها.
2- أو انطماس العنوان.
3- وأحيانًا يثبت على النسخة عنوان واضح جلي ولكنه يخالف الواقع:
أ- إما بداع من دواعي التزييف.
ب- وإما الجهل قارئ ما وقعت إليه نسخة مجرة من عنوانها فأثبت ما خاله عنوانها.
1- فيحتاج المحقق في الحالة الأولى إلى إعمال فكرة في ذلك بطائفة من المحاولات التحقيقية، كأن يرجع إلى كتب المؤلفات كابن النديم، أو كتب التراجم، أو أن يتاح له الظفر بطائفة منسوبة من نصوص الكتاب مضمنة في كتاب آخر، أو أن يكون له إلف خاص أو خيرة خاصة بأسلوب مؤلف نم المؤلفين وأسماء ما ألف من الكتب، فتضع تلك الخبرة في يده الخيط الأول للوصول إلى حقيقة عنوان الكتاب.
2- والانطماس الجزئي لعنوان الكتاب مما يساعد كثيرا على التحقيق من العنوان الكامل متى وضح معه في النسخة اسم المؤلف، فإن تحقيقه موكول إلى معرفة ثبت مصنفات المؤلف وموضوع كل منها متى تيسر ذلك.
3- وأما التزييف المعتمد فيكون بمحو العنوان الأصيل للكتاب وإثبات عنوان لكتاب آخر أجل قدرا منه ليلقي بذلك رواجا، أو يكون ذلك مطاوعة لرغبة أحد جماع الكتب. وقد ينجح المزيف نجاحا نسبيا بأن يقارب ما بين خطه ومداده وخط الأصل ومداده فيجوز هذا على من لا يصطنع الحذر والريبة في ذلك. 
2. التحقق من نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
فمن العنوان يمكن التهدي إلى ذلك الاسم، وبمراجعة فهارس المكتبات، أو كتب المؤلفات، أو كتب التراجم التي أخرجت إخراجًا حديثًا وفهرست فيها الكتب، كمعجم الأدباء لياقوت، أو غير ذلك من الوسائل العلمية.
على أن اشتراك كثير من المؤلفين في عنوانات الكتب يحملنا على الحذر الشديد في إثبات اسم المؤلف المجهول، إذ لا بد من مراعاة اعتبارات تحقيقية، ومنها المادة العلمية للنسخة، ومدى تطويعها لما يعرفه المحقق عن المؤلف وحياته العلمية وعن أسلوبه وعن عصره. 
3. تحقيق متن الكتاب.
ومعناه أن يؤدي الكتاب أداءً صادقًا كما وضعه مؤلفه كمًّا وكيفًا بقدر الإمكان، فليس معنى تحقيق الكتاب أن نلتمس للأسلوب النازل أسلوبًا هو أعلى منه، أو نحل كلمة صحيحة محل أخرى صحيحة بدعوى أن أولاهما أولى بمكانها، أو أجمل، أو أوفق، أو ينسب صاحب الكتاب نصا من النصوص إلى قائل وهو مخطئ في هذه النسبة فيبدل المحقق ذلك الخطأ ويحل محله الصواب أو أن يخطئ في عبارة خطأ نحويا دقيقا فيصحح خطأه في ذلك، أو أن يوجز عبارته إيجازا مخلا فيبسط المحقق عبارته بما يدفع الإخلال.
ليس محققا المتن تحسينا أو تصحيحا، وإنما هو أمانة الأداء التي تقتضيها أمانة التاريخ، فإن متن الكتاب حكم على المؤلف، وحكم على عصره وبيئته، وهي اعتبارات تاريخيه لها حرمتها، كما أن ذلك الضرب من التصرف عدوان على حق المؤلف الذي له وحده حق التبديل والتغيير. 
وعليه –أي المحقق- مراعاة مايلي :
1. مقابلة النسخ المخطوطة على النسخة الأم ويبين في الهامش الفروق بعد أن يرمز لكل نسخة برمز خاص.
2. عند اختلاف الروايات يثبت في المتن مايرجح انه صحيح,بعد دراسة المحقق لكل رواية, ويجعل المصحف والمحرف والخطأ في الهامش.
3. عند وجود زيادة في نسخة من النسخ لاتوجد في النسخة الأم تضاف الزيادة إلى النسخة الأم ويشار إلى ذلك في الحاشية .
4. إذا وجد نقلا من مصادر ذكرها المؤلف يرجع إلى تلك المصادر ويعارض النصوص المنقولة بالأصل المعتمد, ويدون الفروق في الهامش.
5. إذا اهتدى إلى مصادر الأصل المخطوط رد كل نص فيه إلى مصدره للاطمئنان إلى صحة النص وتوثيقه.
6. يجوز للمحقق إضافة حرف اوكلمة سقطت في المتن على أن يضع ذلك بين عضادتين.
ومما تجدر الإشارة إليه:أن عمل المحقق الأساسي هو ضبط النص وتوضيحه, والتنبيه إلى مافيه من أغلاط وأوهام وبيان الصواب والخطأ والتنبيه إلى الرأي الضعيف وبيان الرأي الأقوى معززا ذلك بالأدلة والشواهد وموثقا رأيه بالمصادر المعتمدة." 
أهمية الاعتماد على العلوم المساعدة للتحقيق:
(انه ليس من الجائز أن يعتمد محقق مخطوطات اللغة والأدب مثلا على كتب اللغة والأدب فحسب, بل تبين علميا أن العلوم الإنسانية بل والعلوم البحتية يمكن توظيفها في عملية التحقيق , لما لهذه العلوم من اثار ايجابية على مستوى ونتائج تحقيق المخطوطات, وفي حال عدم الاعتماد على هذه العلوم المساعدة تكون نتائج التحقيق قاصرة ومليئة بالاخطاء العلمية ,وبالنقص في الكثير من وجوه المخطوط) 
العلوم المساعدة للتحقيق:
ومن العلوم المساعدة للتحقيق كما أوردها حسان الحلاق: 
1. مصطلح الحديث:
لأنه يمكننا ربط مصطلح الحديث وقواعده بعلم التاريخ وقواعده .إضافة إلى أن المضامين الواردة في الأحاديث النبوية يمكن أن نستثمرها في كتابة موضوعات لغوية تبعا للموضوعات التي يتناولها الباحث. فالأحاديث الشريفة يمكن توظيفها في الموضوعات الشرعية والفقهية وكذلك اللغوية والأدبية والتاريخية .
2. اللغة العربية واللغات السامية:
من واجب المحقق إتقان اللغة العربية – وان أمكن اللغات السامية-لأنه قد تواجه الباحث والمحقق, بعض العبارات والألفاظ التي سادت في وقت من الأوقات ولم تعد متداولة, فمعرفتها قديما وما يقابلها حديثا مسالة هامة في تفسير النص.
3. فقه اللغة (الفيلولوجيا)
بمعنى إدراكه العالم للمعاني والتعابير اللغوية التي كتبت بها النصوص , لكونها من تاريخ العصور القديمة والوسيطة والقرون الانتقالية الحديثة والكثير من التعابير مختلفة عما هي اليوم.
4. علم قراءة الخطوط: وذلك لأنه توجد أنواع متعددة من الخطوط الشرقية والغربية هي بمثابة الطلاسم لكل من يجهل قراءتها.وهي أنواع متعددة منها: الطومار, النسخ , الرقعة , الثلث , الكوفي ، الفارسي، المغربي ، والغبار.
5. علم قراءة الأعداد والحروف:
لان المسلمين اعتمدوا في الرياضيات على الحروف والأعداد كما اعتمدوا في مراسلاتهم السرية عبر الحمام الزاجل "خط الغبار "الدقيق واعتمدوا عليها لدلالات عسكرية أو سياسية أو أمنية, فضلا عن وضعهم إعدادا مكان الحروف عند لوحات المساجد والزوايا والعمائر للدلالة على تاريخ الإنشاء ..
6. الكمبيوتر والفاكس وعلم التوثيق:
فعلم التوثيق هو العلم الذي يهتم بالعمل التوثيقي نفسه وحفظ المعلومات وهو علم تجميع واختزان وتنظيم مواد اللغة والأدب والوثائق لتكون في متناول الباحث.
7. علم الوثائق وعلم الدبلومات أو علم الشهادات الكتابية:
والوثائق هي كل الأصول التي تحتوي على المعلومات ، ويلحق بتدريس الوثائق ترميم دراسة الأختام التي تمر بها , ومن بين هذه الأختام: أختام الشمع,أختام المعادن(الرصاص,الذهب, النحاس),ومنها المستدير ,والمثلث,والبيضاوي..1
8. علم الرنوك أو الرنكيات:
والرنوك هي عبارة العلامات المميزة والشعارات التي تظهر على المخطوطات أو النداءات أو الفرمانات أو قد تظهر على الأختام والدروع والإعلام وعلى الملابس, وقد استخدمت الرنوك في اوروبا في العصور الوسطى , كما استخدمها السلاجقة والايوبيون والمماليك والعثمانيون,وهذه العلم يفيد في اثبات صحة مايقع تحت يد المحقق من الكتابات على الدروع والاسلحة,كما قد يمحى التوقيع من بعض المخطوطات فتساعد العلامة الواضحة على الختم من التعرف على بعض الامور.
9. علم البيبلوغرافيا أو المسوعات المتخصصة:
علم البيبلوغرافيا من العلوم المساعدة في كتابه موضوعات في اللغة والأدب وسواهما فالكتب البيبلوغرافية المتخصصة تجمع بين ثناياها أسماء الأشخاص والكتب والدوريات والمقالات الصادرة هنا وهناك في مجال الأدب أو السياسة أو التاريخ أو العلوم.
10. علم الجغرافيا وعلم التاريخ:
أن الارتباط وثيق بين الجغرافيا والتاريخ والأدب ومختلف العلوم ,وقد سخر العلماء العلوم الجغرافية في كتابة الأدب والتاريخ وقد بات من المتبع في الكثير من الدراسات الأدبية والتاريخية أن تمهد بمقدمة جغرافية تعرف القارئ إلى جغرافية البلد موضوع البحث.
11. الآداب والفنون والعمارة:
أن هذه العلوم الإنسانية والفنية والهندسية تعتبر مراه للحياة الثقافية والفنية والعلمية , وهي تصور واقع الحال الذي يظهر شعرا أو نثرا أو ملحمة أو قصة, وتعطينا صورة المجتمع وعاداته وتقاليده ومفاهيمه وآدابه.
12. الرحلة في طلب العلم:
أن الرحلة في طلب العلم قضية أساسية للمستطيع وللقادر عليه. فقد قال صلى الله عليه وسلم:"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله طريقه إلى الجنة" وبرر ابن خلدون ذلك بقوله :والسبب في ذلك أن البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم وما ينتحلون به من المذاهب والفضائل تارة: علما وتعليما وإلقاء ,وتارة : محاكاة وتلقينا بالمباشرة.
13. علم السكان أو علم خصائص الشعوب"الاثنولوجيا":
يعد علم السكان أو علم خصائص الشعوب من العلوم المساعدة للغة والأدب والتاريخ والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية خاصة.
ويتناول هذا العلم عادة أحجام الشعوب وتكوينها وتوزيعها الجغرافي, والمواليد والوفيات والهجرات..ويعتمد هذا العلم بصورة أساسية على المصادر الرسمية والإحصاءات الدقيقة ,وله أهمية لإلقائه الضوء على خلفيات أدبية وتاريخية واجتماعية.
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات و الصلاة و السلام على نبينا محمد و بعد ....
يعنى فن المخطوطات بإظهار الكتب المخطوطة مطبوعة ، مضبوطة ، خالية نصوصها من التصحيف و التحريف ، مخدومة في حلة قشيبة ، تيسر سبل الانتفاع بها و ذلك على الصورة التي أرادها مؤلفوها أو أقرب ما تكون إلى ذلك و لا يدرك ذلك إلا بعناء و صبر على البحث و التمحيص .
و التحقيق أمر جليل، ويحتاج من الجهد والعناية إلى أكثر مما يحتاج إليه التأليف. وقديما قال الجاحظ: "ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفا أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ وشريف المعاني أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام".
وكما انه قد تم تحقيق المئات من المخطوطات , مازال هناك العديد من المخطوطات  مليئة بالعلم بحاجة لتحقيق ليعم خيرها ونفعها.
وينبغي لمن نصب نفسه لهذا العمل-التحقيق – أن يأخذ ما سبق عرضه من ضوابط  و غيرها من أمور الضبط و التحقيق بعين الاعتبار ويتحلى بصفات المحققين الباحثين, حتى ينجز عمله ويستوفي بحثه بأحسن صوره...
والله الهادي إلى سواء السبيل.
قائمة المصادر و المراجع
1- القرآن الكريم .
2- حلاق, حسان: مناهج تحقيق التراث والمخطوطات العربية,بيروت:دار النهضة
3- الرازي,محمد بن أبي بكر بن عبد القادر:مختار الصحاح ،بيروت:دار الفكر العربي،(1422هـ).
4- الجبوري, يحيى وهيب: منهج البحث وتحقيق النصوص,بيروت :دار الغرب الإسلامي,(1413هـ).
5- نهر،هادي، تحقيق المخطوطات والنصوص ودراستها ،الأردن:دار الأمل للنشر والتوزيع،(1426هـ).
6- هارون, عبد السلام, تحقيق النصوص ونشرها ,ط 2 , مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع ,( 1385هـ ).
7- يوسف، محمد خير رمضان يوسف ، آداب التحقيق: خطوات عملية في تحقيق المخطوطات، القاهرة: وصال: توزيع دار سما للكتاب،( 1433هـ)
8- الهيتي، محمد نبهان ابراهيم المنهج العلمي لتحقيق المخطوطات ، جامعة الأنبار ، كلية العلوم الإسلامية (2009م) .
9- الطويل ، توفيق : في تراثنا العربي الإسلامي ، سلسلة عالم المعرفة ( 17) ، الكويت ،( 1985) .  

 المملكة العربية السعودية 
وزارة التعليم العالي
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 
كلية أصول الدين
القواعد العلمية لتحقيق  المخطوطات
إعداد الطالبة : شهد ظاهر الشمري
الشعبة : 452
إشراف الدكتور: محمد الغانم 
العام الجامعي
1437-1438هـ

0 تعليق:

إرسال تعليق