الفصل الأول : الاطار العام للدراسة
المقدمة :
بعد إعلان فكرة الاتحاد خلال الأشهر الماضية استبشر القطاع الاقتصادي على وجه الخصوص بهذا التوجه، خصوصا انها ستفتح آفاقا متنوعة لأصحاب الأعمال لتطوير تجارتهم، وعلى الجانب الآخر فإن الاتحاد من شأنه أن يشكل أكبر قوة اقتصادية على مستوى الوطن العربي حيث بينت دراسة قام بها معهد الدراسات الدبلوماسية أن الاتحاد الخليجي سيكون أكبر كتلة اقتصادية عربية بناتج محلي إجمالي بلغ عام 2011 الماضي أكثر من 1,4 تريليون دولار، مما يعني أن الاقتصاد الخليجي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد العربي ككل، كما تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي نحو 630 بليون دولار من الاحتياطي النقدي الرسمي، ونحو تريليوني دولار من الاستثمارات الخارجية تشمل موجودات الصناديق السيادية، مما سيقود الاتحاد لعملية تكامل اقتصادي عميقة بين دول الخليج العربية بشكل يستهدف تنويع قواعدها الاقتصادية ومصادر دخلها بما يحقق رفاه شعوبها، ويقوي مكانتها الاقتصادية الدولية، ويؤكد دورها كمصدر رئيسي موثوق للطاقة عالميا بشكل يدعم مكانة دول الخليج العربية على المشهدين السياسي والاقتصادي الدوليين.
و يأتي هذا البحث في هذا الاطار حيث يسعى الباحث في الصفحات التالية من هذا البحث التعرف على مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد .
مشكلة البحث
إن عامل توحيد التشريعات الاتحادية ذات الطابع الاقتصادي والعمل بها في دول الخليج العربية، التي من المتوقع أن يفضي الاتحاد إلى زيادة فرص العمل للشباب الخليجي وسهولة تنقل المواطنين ورؤوس الأموال ضمن أقطار الاتحاد الخليجي. وكذلك على المستوى التنموي الاجتماعي والثقافي، سيقود الاتحاد لعملية تفاعل وتحديث كبيرة بين دول الخليج تركز على المشترك بينها في المجالات ليكون المواطنون عموما، والشباب خصوصا، محور التنمية بما يعزز من قيم الولاء والمواطنة ويفتح المجالات للشباب للتفاعل الإبداعي مع محيطهم، وتعزيز دور المجتمع المدني في العمل الاتحادي الخليجي، مع الاهتمام بقطاع الشباب ودورهم البناء، والاهتمام بالمؤسسات الاتحادية نحو تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وقيم المساواة والعدالة في الفرص والتنمية المتوازنة ضمن أقطار الاتحاد الخليجي.
في هذا الاطار نلمس ما يمكن أن يؤدي إليه الاتحاد بين الدول الخليجية من فوائد خاصة في المجال الاقتصادي , وعليه تتبلور مشكلة هذا البحث في التساؤل التالي ؟
ما هو مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد ؟
أهمية البحث :
أ- الأهمية العلمية:ـ
تبرز الأهمية العلمية لهذه الدراسة في كونها تسعى إلى التعرف على مستقبل اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد ، فبالرغم من العديد من الدراسات التي تناولت قضايا التنمية الخليجية و من زوايا مختلفة ، فإن أهمية هذه الدراسة العلمية تتضح من تركيزها على بعد مستقبل اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد ، خاصة في ظل المتغيرات المعاصرة التي شهدتها دول الخليج في ميدان التنمية و الاقتصاد، كما أن نتائج الدراسة إن ارتقت إلى المستوى المطلوب ستعد بمثابة إسهام متواضع إلى الرصيد العلمي في مجال التنمية بشكل عام.
ب- الأهمية العملية:
تتضح الأهمية العملية لهذه الدراسة في كونها تسعى للكشف عن مستقبل اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد ، مما يعني إمكانية التعرف على هذا الدور، وبالتالي يسعى المسؤولين إلى تعظيم الايجابيات و الحد من السلبيات و القضاء عليها .
أهداف البحث :
1- تحديد مفهوم الاتحاد بين دول الخليج .
2- التعرف على مقومات الاتحاد بين دول الخليج العربي .
3- معرفة الايجابيات و السلبيات التي تنجم عن الاتحاد الخليجي .
4- تحديد دور الاتحاد في تحقيق التنمية الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي.
5- مستقبل اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد.
6- تقديم ما يمكن طرحه من التوصيات و المقترحات الممكنة لدعم الاتحاد الخليجي.
أسئلة البحث :
1- ما مفهوم الاتحاد بين دول الخليج ؟
2- ماهي مقومات الاتحاد بين دول الخليج العربي ؟
3- ما هي الايجابيات و السلبيات التي تنجم عن الاتحاد الخليجي ؟
4- ما دور الاتحاد في تحقيق التنمية الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي؟
5- ما هو مستقبل اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد؟
6- تقديم ما يمكن طرحه من التوصيات و المقترحات الممكنة لدعم الاتحاد الخليجي.
7- ما هي التوصيات و المقترحات الممكنة لدعم الاتحاد الخليجي ؟
حدود البحث :
الحدود الموضوعية : يقتصر موضوع هذا البحث على دراسة مستقبل اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد.
الحدود المكانية : تجرى هذه الدراسة في مدينة الرياض .
الحدود الزمانية : تجرى هذه الدراسة في الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي : 1433/1434هـ.
تحديد المصطلحات:
مفهوم الاتحاد لدول المجلس :
هو أن تقوم الدول الخليجية بالاتحاد فيما بينها في شتى المجالات على غرار الاتحاد الاوربي .
الفصل الثاني : الاطار النظري:
الاقتصاد و الاتحاد الخليجي :
التكامل الاقتصادي
عرف الإنسان أنواعاً مختلفة من التجمعات البشرية كالأسرة والمدينة والمقاطعة والدولة. ولم يقف التطور البشري عند هذا الحد بل استمر نحو تكوين مجتمعات تتسم بمزيد من الكبر والتعقيد. و بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبدء ما يعرف بحقبة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي الشيوعي والغربي الرأسمالي ظهرت رغبات متعددة في مناطق مختلفة من العالم تهدف لتحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي. وقد تعززت تلك الرغبات بالنمو الهائل في حجم التجارة وتزايد الاعتماد المتبادل بين الدول والدور المتعاظم للشركات المتعددة الجنسية في توجيه التجارة وتنميتها. ولقد ‘عزى الاهتمام بالتكامل الإقليمي في جوهره إلى" نظره أخلاقية وقيميه تقوم على بناء نمط من التفاعلات بين دول في إقليم بعينه، يؤدي إلى خلق أنماط جديدة ممكنة للتجمعات الإنسانية بطريقة سلمية وعلى درجه عالية من التنظيم، مع خلق الشروط والعمليات اللازمة لتحقيق هذا الوضع"(سعيد، 1986، ص ص :15-16).
استخدم مصطلح التكامل لأول مره مقترناً بالاقتصاد الدولي خلال الفترة الزمنية 1939-1942. فقد عرّف Tinbergen التكامل الاقتصادي بالنظر إلى جانبين الجانب السلبي ويقصد به إلغاء أدوات معينة في السياسة الاقتصادية، والجانب الإيجابي ويتضمن اتخاذ إجراءات تدعيمية بهدف إزالة الاختلاف في الضرائب والرسوم وبرامج إعادة التنظيم اللازمة لعلاج مشاكل الانتقال بين الدول المتكاملة(عفر ،1980، ص: 109). فالتكامل الاقتصادي يهدف إلى خلق مستوى امثل للهيكل الاقتصادي الدولي عن طريق إزالة الحواجز المصطنعة وإدخال عنصر التنسيق بشكل تدريجي( الرشيد، 1983،ص :38 ).
أما Balassa فينظر للتكامل الاقتصادي باعتباره عملية وحالة معاً. فهو عملية لأنه يتضمن كافة الإجراءات المؤدية إلى إزالة التمييز بين الوحدات الاقتصادية، وحالة لأنه يتسم بغياب كافه أشكال التمييز بين الاقتصاديات المتكاملة(Balassa، 1961، ص:1). ويعرف Walter التكامل الاقتصادي بأنه "الجهود المبذولة من مجموعه اقتصاديات والتي قد تكون أو لا تكون متقاربة جغرافيا من أجل الحد أو التقليل من القيود على حركة التجارة والعناصر الإنتاجية والمدفوعات فيما بينها مع استبقاء معظم أو كل هذه القيود على التبادل مع العالــــم الخارجـــــي"
أماPinder فيرى انه من المناسب التفرقة بين التكامل الاقتصادي والاتحاد الاقتصادي. فالتكامل الاقتصادي ما هو إلا إزالة لأشكال التمييز، وتطبيق وتنسيق السياسات بدرجة كافية بما يتوافق مع تحقيق الأهداف الاقتصادية. أما الاتحاد الاقتصادي فهو الحالة التي تنتج عن هذه العملية أي الحالة التي يتم فيها إزالة التمييز وتنسيق السياسات بدرجة تسمح بتحقيق الأهداف الاقتصادية .
وذكر Pinder أن تنفيذ التكامل السلبي( إزالة كافه أشكال التمييز بين الوحدات الاقتصادية للأقطار المتكاملة) شرط أساسي لأي تكامل اقتصادي، إلا أنه لا يجب تنفيذ التكامل السلبي بشكل كامل قبل البدء بالتكامل الإيجابي(إنشاء وتطبيق سياسات مشتركة ومتسقة على نطاق كاف لتحقيق الأهداف الاقتصادية )(عفر، 1980، ص :109).
ولقد انتقد Vajda تعريف Balassa وPinder للتكامل الاقتصادي، فتعريف Balassa ينطبق اكثر على اقتصاديات السوق وغير مقبول في الاقتصاد المخطط والذي يقوم على وضع الخطط وتنسيقها. أما تعريف Pinder فيراه Vajda بأنه تعريف غامض ولا يحدد النقطة الرئيسة في التكامل الاقتصادي.
ويرى الرشيد بأن التكامل الاقتصادي ما هو "إلا عملية موضوعية وموجهة لتنظيم تبادل اقتصاديات الدول الأعضاء ذات الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية المتشابهة للوصول إلى هيكل اقتصادي أمثل ضمن اقتصاد دولي معقد يؤدي إلى توفير الوقت وزيادة إنتاجية العمل الاجتماعي"(الرشيد ، 1983، ص :38).
أما في الفكر الاشتراكي فإن التكامل الاقتصادي يشير إلى "عمليه توحيد تدريجي لاقتصاديات الدول الاشتراكية بهدف التغلب على المشاكل الاقتصادية وأسلوبه في ذلك هو تعميق تقسيم العمل بين هذه الدول والتنسيق بين سياساتها المختلفة. وهو يبدأ بتطوير التجارة
بين دول المجموعة ويعمل من خلالها على تطوير هياكل الإنتاج الداخلية " (عفر ، 1980، ص: 110). فالتكامل الاقتصادي عمليه سياسية تشتمل على علاقات تداخل حكومية( اتخاذ القرارات ) وعمليه اقتصادية تتسم بتقسيم العمل بهدف تحقيق التغيرات الهيكلية وخلق العلاقات اللازمة على كل من المستوى الإقليمي والمستوى القطري لإقامة وحدة اقتصادية إقليمية (الرشيد ، 1983، ص: 38).
ويلاحظ بأن التعاريف السابقة للتكامل الاقتصادي في الفكر الاشتراكي لا تتعارض مع مفهوم السوق، ولكن السوق وعلاقاته تأتي في وضع تابع للتخطيط المستخدم لتحقيق التكامل الاقتصادي. كما أن نمو التبادل التجاري لا يحتل نفس الأهمية لدى الفكر الاشتراكي كما هو الحال في الفكر الرأسمالي. إلا أن تنسيق الخطط وتقسيم العمل والتخصيص الإنتاجي لا بد وأن ينعكس إيجاباً على معدلات التبادل التجاري. أما بالنسبة للدول النامية فنجد أن النموذج الذي أتُبِع هو النموذج الرأسمالي القائم على تحرير التجارة ومبادلاتها. وتجدر الملاحظة بأنه في حين توجد نماذج واضحة ومحددة لعملية التكامل بين الدول الرأسمالية ولعملية التكامل بين الدول الاشتراكية إلا أن الوضع لا يتسم بنفس الوضوح والتحديد بالنسبة لمحاولات التكامل في الدول النامية (شقير ، 1986، ص :55-62).
ويرى شقير بأن التجمع الاقتصادي بين الدول هو "عمليه تحقيق الاعتماد المتبادل بين اقتصاداتها، بدرجات قد تتراوح ، تصاعداً بين صور من التعاون الاقتصادي البسيط ، والتي تصل في أقصى درجاتها إلى الاندماج الاقتصادي الكامل الذي يتميز بتحقيق درجة عالية من الترابط العضوي بين هذه الاقتصاديات ، على نحو يجعل العلاقات الاقتصادية بينها مماثلة للعلاقات التي تقوم داخل اقتصاد وطني واحد ، بما في ذلك توحيد السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية. وباستبعاد الصور البسيطة للتعاون الاقتصادي ، فإن الأشكال الأخرى التي تتخذها عملية " التجمع الاقتصادي " هي التي تحقق ما يطلق عليه "التكامل الاقتصادي" الذي تتحدد درجاته المتصاعدة حسب ما يحققه كل شكل منها من قوة في درجة الترابط العضوي بين اقتصاديات الأطراف "(شقير ، 1986، ص: 82).
فالتكامل الاقتصادي الدولي هو وسيلة لتحسين مستوى الرفاه الاقتصادي لمجموعة من الدول. ويتطلب معرفة أن العلاقات الضعيفة أو القوية بين الدول الأعضاء لتحقيق هذا الهدف هي الطريقة الأفضل (الأكفأ) مما لو قامت هذه الدول باتباع سياسات لتحقيق هذا الهدف بشكل منفرد. فالتكامل يتطلب على الأقل تقسيم العمل وحرية حركة السلع والخدمات بين الدول الأعضاء. وبالمقابل فالمراحل العليا لاتفاقيات التكامل الاقتصادي تتطلب حرية حركة عوامل الإنتاج داخل المنطقة المتكاملة، كما تتطلب بعض القيود على هذه الحركة بين المنطقة المتكاملة والدول خارج نطاق هذا التكامل. والنقطة الهامة هنا هي أن هذه الدول تتبع بشكل جماعي نوعاً من سياسة النظر إلى الداخل والاهتمام بشكل أكبر بما يحدث في الداخل عما يحدث خارج منطقة التكامل. وبالإضافة إلى ذلك فهناك تنسيق للمنافسة وللنواحي النقدية والمالية ولسياسات التنمية المحلية والذي يعد شرطاً ضرورياً لنجاح واستمرار عملية التكامل و لابد وأن يدعم هذا بنظام لحل الخلافات والمنازعات. فعملية التنمية يمكن أن تكون غير محدودة مثل عملية التكامل المستمرة بين المناطق المختلفة في الدولة. ومن وجهة نظر فنية فالتكامل الاقتصادي الدولي يمكن أن يكون عملية نهائية تتضمن الحد من التعريفة الجمركية والقيود الكمية، بالإضافة إلى إدخال دور المنافسة والحماية العامة الخارجية في الاتحاد الجمركي. وبالمقابل فالمنافسة، والتقنية الجديدة والتغير في الأسواق يتطلب عملية تعديل مستمرة للدولة العضو بالإضافة إلى المجموعة المتكاملة مما يجعل من عملية التكامل عملية مستمرة أكثر من كونها عملية محدودة. فالتكامل الاقتصادي الدولي ما هو فلا عملية تظهر من خلالها المنشآت والاقتصاديات للدول الأعضاء كوحدة واحدة .
يتضح من العرض السابق أنه من الصعوبة الحصول على تعريف واضح ومحدد وجامع للتكامل الاقتصادي. فالتعريف المقترح يختلف باختلاف الأهداف والأدوات المستخدمة لتحقيق التكامل وباختلاف النظرة التحليلية التي يستند إليها التكامل. وحتى يكون تعريف التكامل مقبولاً، لا بد وان يشمل التحولات الاجتماعية، وإمكانية تطبيقه على كل من الاقتصاد الحر والاقتصاد المخطط، وأن يوضح الفرق بين التكامل كعملية وكحالة، وأن يتناول كلاً من الأثر الساكن(خلق وتحويل التجارة ) والأثر الحركي الناتج من تداخل الاقتصاديات المتكاملة.
الفصل الثالث : السيناريوهات المحتملة للاتحاد الخليجي :
يمكن تصور أكثر من سيناريو فيما يتعلق بمستقبل مشروع الاتحاد الخليجي، جميعها مؤسس على المدى الزمني القريب والمتوسط، وفي ضوء إدراك طبيعة صناعة القرار الخليجي والمواقف السابقة للدول.
السيناريو الأول هو الإعلان عن اتحاد شامل تدريجي، وهذا الاحتمال ينبع من إدراك دول المجلس الست لصعوبة إعلان إحداها رفضها لمشروع اتحادي، يقوم بالأساس على النظام الأساسي للمجلس منذ ثلاثين عاما. أما السيناريو الثاني فهو "الإعلان عن صيغ اتحادية أدنى، تقتصر على الإعلان عن اتحاد بين السعودية ودول الخليج، على أن يطرح ويعلن على أنه مجرد بداية سوف تلحق بها باقي الدول.
فيما يتبنى السيناريو الثالث الاتحاد وفق الاختيار والتخصيص، بمعنى أن الاتحاد الجديد هو لمن يختار الدخول فيه، على أن تبقى صيغة المجلس لكل الدول كما هي تؤدي ذات الغرض. وهنا تتيح صيغة الاختيار للموافقين والمعارضين بابا لحرية الحركة، ومبررا أمام الرأي العام والشعب في الداخل لموقف الرافض أو المعارض، فضلا عن أنه يفتح الباب له لدخول الاتحاد وفق مستجداته وظروفه.
والاتجاه الآخر ضمن السيناريو الثالث أن يؤسس الاتحاد على أساس تخصيص مجالات محددة للاتحاد الكامل، ومجالات أخرى تبقى عند ذات المستوى غير الاتحادي، بأن يتم تعميق الاتحاد الاقتصادي مثلا دون الاتحاد الأمني أو السياسي، على نحو ما تميل وجهة النظر القطرية بالأساس. وهذا يمكن قادة دول المجلس من الوقوف عند ذات المواقف، وإمهال أنفسهم فرصة لصناعة القرار الداخلي بتأنٍ.
الرقم الصعب
إن تحول دول مجلس التعاون إلى قوة اقتصادية مؤثرة في العالم يجعله رقما صعبا لا يمكن تجاوزه كما ان الدول الكبرى ستعمل لها ألف حساب، وهذا ما سيجعل شعوب المنطقة واثقين بدرجة أكبر من أنفسهم. طبعا إلى جانب الازدهار الثقافي المتوقع فبما ان منطقة الخليج العربي تربطها لغة واحدة وتقاليد مشتركة وتاريخ ومصير واحد فان ربط البرامج الثقافية سيجعلنا نبلغ مرحلة تبلور الهوية الثقافية ليقف العنصر الخليجي شامخا محترما بين ثقافات شعوب العالم وهذا ما يعبر عن الرقي الحضاري والإنساني، ولا يمكن إغفال الجانب الايجابي والخاص بالتعليم والصحة والحاجات الأساسية للإنسان الخليجي، والترابط الأسري بين أبناء المنطقة، من شأنها أن تتطور وتزدهر، كما ان هناك آثارا وقواعد ايجابية وفي اعتقادي الشخصي أن الاتحاد سيغير وجه المنطقة للأفضل بلا شك وسيعيد تنظيم القوى الاقتصادية وسيجعلنا من أكبر الكتل على مستوى العالم العربي، وبالتالي فإن عوائد الاتحاد سنحصد ثمارها ما ان يتم إعلانه وهذا ما يدفعنا للمطالبة بضرورة الإسراع فيه حتى نتمكن من استرجاع قوتنا الاقتصادية التي أثرت الأزمات الأخيرة في كلا من دول الخليج و عُمان فيها بشكل سلبي.
المنظومة النقدية
الاتحاد الخليجي يثير أهمية وجود المنظومة النقدية المشتركة لأن توحيد العملة الخليجية سيكون له الكثير من الآثار الايجابية التي ستساعد على النهوض بالاقتصاد وتسهيل عملية المبادلات التجارية والحوار مع الجهات الأجنبية بشكل عام، كما انه بلا شك سيمنحنا ثقلا اقتصاديا أكبر وقدرة على إدارة المشاريع التجارية بصورة متميزة والقوة عند الجلوس الى طاولة المباحثات التجارية، لذلك فإن توحيد العملة الخليجية بات مطلبا ملحا جدا وبحاجة إلى تطبيقه.
وعلى الجانب الآخر فإن الاتحاد بلا شك سيحمي الدول الخليجية من التذبذبات الاقتصادية التي قد تهز اقتصاد أي دولة تعمل بمفردها، وبالتالي فإنه بلا شك قد يغطي النواقص التي قد تطرأ على أي اقتصاد، وليس هذا وحسب بل إنه سيخفف من درجة التأثير السلبي الذي قد نواجهه في أي لحظة، وبما ان دول الخليج تلتزم بمعايير الاقتصاد الدولية فإن المخاطر التي قد تسلط المؤسسات العالمية الضوء عليها قد لا تشكل تأثيرا سلبيا على الاقتصاد الخليجي لأنه بطبيعة الحال مدعوم من بقية دول الخليج وبالتالي فإن النتائج ستكون رائعة وبعيدة عن السلبية وكل هذا بلا شك سيكون نتاجا حتميا للاتحاد الخليجي.
المزيد من القوة
أن الاتحاد سيمنح الدول الخليجية المزيد من القوة كما انه سيسهم في اتساع السوق التجاري وانفتاحه مما سيكون له بالغ الأثر في تقوية الاقتصاد الخليجي على مستوى العالم، فلو أخذنا بعين الاعتبار الفوائد التي جنتها أوروبا بعد الاتحاد فسيتضح لنا جليا أن القيام به بات حاجة ملحة، كما انه سيكون بلا شك مصدر القوة الحقيقية في مواجهة الأزمات، لذلك على جميع أبناء الخليج أن يسعوا إلى إنجاح الفكرة والإسراع الى تطبيقها، فضلا عن إمكانية الانتشار على المستوى الخليجي بالإضافة إلى سهولة الحصول على الدعم المادي من الجهات كافة التي تتولى هذه العملية.
مواجهة العراقيل
أن الاتحاد سيكون له الأثر الايجابي في مختلف المجالات وخصوصا فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية فهو سيسهم في التقليل من العراقيل التي تؤرق أصحاب الأعمال وتعطل تجارتهم، كما انه سيقوم بفتح المجال لازدهار عملية التسويق التجاري لما من شأنه أن يسهم في إنعاش الاقتصاد كما ان هذا التوجه سيساعد وبشكل لافت على تعزيز قوة الخليج السياسية والدفاعية بالإضافة إلى الاقتصادية لأن الاتحاد بطبيعة الحال قوة والتفرق ضعف وعلى كل من يقوم بالاعتراض على الاتحاد أن يعي تماما أنه يقف في وجه مستقبل مشرق يهدف إلى التطور والنماء.
أهمية الاتحاد
أن الاتحاد ماض في طريق التحقيق وكلنا أمل أن يتم بأسرع وقت خصوصا اننا بحاجة ماسة لتطبيقه لأنه سيسهم في دعم الاقتصاد دول الخليجي بالدرجة الأولى.
الجدير بالذكر أن هناك نموذجا معروفا وناجحا بكل المقاييس وهو الاتحاد الأوروبي، فلو تم تطبيق هذا النموذج بين الدول الخليجية فإن هذا الأمر سيعود علينا بالمنفعة كما سيسهم في تقوية اقتصادنا بالإضافة إلى عملية توحيد العملة التي ستضيف لنا الكثير من الأمور الإيجابية وعلى الجانب الآخر فإنه سيسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي لأسواق دول المجلس المالية وتوحيد الأنظمة والسياسات المتعلقة بهذه الأسواق.
ولا يمكن أن نغفل جانب التعاون في الأزمات الطارئة التي قد تتعرض لها المنطقة بين فترة وأخرى، وبالتالي فإن المساندة الحقيقية ستكون موجودة من قبل الأطراف كافة خصوصا ان إمكانية العمل بها ستصبح أفضل وأسرع، وعلى الجميع أن يعي أن الاتحاد بات أمرا مهما لو تم فإنه بلا شك سيخدم كل التجار وأصحاب الأعمال بل سيكون له الدور الأكبر، كما انه سيفتح لنا المجال لفتح أسواق جديدة والحصول على معاملات تجارية في جميع الدول الخليجية لذلك فإنني من مؤيدي الاتحاد وخصوصا في الجانب الاقتصادي لما له من دور كبير في الإسهام في إنعاش الاقتصاد الخليجي ومنحه المزيد من القوة.
الفصل الرابع : النتائج و التوصيات :
في ضوء ما اسفر عنه مناقشة البحث من نتائج فإنه يمكن الخروج بالتوصيات التالية :
التوصيات:
1- ضرورة العمل على وضع مبادرة خادم الحرمين الشريفين الداعية إلى انتقال دول الخليج العربية من حالة التعاون إلى حالة الاتحاد موضع التنفيذ، لما تمثله من تعبير عن مطالب الشعوب الخليجية وعن الضرورات الاستراتيجية الملحة، وأن تستهدف عملية الانتقال من حالة التعاون إلى حالة الاتحاد إقامة كيان دفاعي منيع قادر على مواجهة الأخطار الخارجية جميعا.
2- أهمية أن يفضي الاتحاد إلى تعزيز مكانة وثقل دول الخليج العربية إقليمياً ودولياً، وأن يعزز قدراتها التفاوضية في المحافل الدولية، وأن تعزز كل دولة البنية المؤسساتية للأجهزة السياسية الموجودة حاليا، إلى جانب خلق مؤسسات جديدة، من أجل تعزيز العملية الاتحادية ذاتها، وذلك أن نجاح الكيان الاتحادي في تحقيق الأهداف المرجوة منه يعتمد بشكل كبير على مدى فاعلية المؤسسات السياسية في الأقطار المشكلة له.
3- تعزيز الجبهة الداخلية للاتحاد عن طريق تفعيل المشاركة السياسية وتطوير آلياتها ضمن المؤسسات الوطنية والاتحادية، وأهمية أن تتجاوز عملية الانتقال من التعاون إلى الاتحاد في إطار ردود الأفعال المؤقتة، وأن يبنى الكيان الاتحادي كإطار مؤسسي جامع معبر عن المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية طويلة الأمد لمواطني دول الخليج العربية.
4- اعتماد مبدأ التدرج في الانتقال من حالة التعاون إلى حالة الاتحاد، والعمل على تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الخليج العربية بشكل يستهدف تنويع قواعدها الاقتصادية ومصادر دخلها بما يحقق رفاهية شعوبها، ويقوي مكانتها الاقتصادية الدولية، جاءت ضمن توصيات المؤتمر، إلى جانب أهمية أن يعكس الاتحاد دور دول الخليج العربية كمصدر رئيس موثوق للطاقة عالميا بما يدعم مكانة دول الخليج العربية على المشهدين السياسي والاقتصادي الدولي.
قائمة المراجع :
1- شقير، محمد لبيب . (1986). الوحدة الاقتصادية العربية:تجاربها و توقعاتها، الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.
2- الرشيد، عبد الوهاب(1983). نظرية التكامل الاقتصادي و التجارب المعاصرة، السجل العلمي لندوة التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون، الجزء الأول، جامعة الملك سعود، الرياض، 17-20 ديسمبر.
3- سعيد، عبد المنعم . (1986). الجماعة الأوربية تجربة التكامل و الوحدة، الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،حزيران /يونيو.
4- عفر، محمد عبد المنعم. (1980). اقتصاديات الوطن العربي بين التنمية و التكامل، دار المجمع العلمي، جدة.
5- موقع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي:
http://www.gcc-sg.org/index9038.html?action=Sec-Show&ID=93
http://www.itjs.ae/Report/ReportPrint.aspx?Con_ID=44&type
http://www.aleqt.com/2012/06/23/article_669352.html
http://www.alarabiya.net/articles/2012/05/13/213848.html
http://www.akhbar-alkhaleej.com/12603/article/46131.html
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية
عمادة التعليم عن بعد
قسم الاقتصاد
بحث في :
مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء الاتحاد
البحث من اعداد
إعداد الطالب : ضياء مطر قعيمان الشمري
الرقم الجامعي: ...
رقم الجوال : ....
المستوى السابع
إشراف الدكتور : عطا الله الشرعة
العام الجامعي
1433/1434هـ