يستمد هذا المبدأ أهميته من مبدأ المساواة أمام القضاء باعتباره نتيجة حتمية له.
مفهوم مبدأ مجانية التقاضي:
ويقصد بمجانية القضاء الا يتقاضى القضاة أجراً من الخصوم مقابل الفصل في منازعاتهم , وانما يؤدون مهمتهم لقاء مرتبات تدفعها لهم الدولة .
مجانية القضاء في الشريعة الاسلامية :
سبقت الشريعة الاسلامية كافة القوانين الوضعية في اقرار هذا المبدأ ,فالقاضي واعوانه يتقاضون مرتباتهم من بيت مال المسلمين كذلك فكل أدواتهم يحصلون عليها من بيت المال(1) و بالتالي لا يجوز لهم أخذ أية أجور من المتقاضين , بسبب الفصل في خصوماتهم على الإطلاق(2) .
فقد اعطى الرسول صلى الله عليه وسلم عتاب بن اسيد عندما عينه على مكة بعد فتحها والياً وقاضياً أربعين أوقية في السنة .
المبادئ العامة للنظام القضائي السعودي :
الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية .
مبدأ استقلال القضاء.
نظام القاضي الواحد ونظام تعدد القضاء.
مبدأ إصدار الحكم بالأغلبية .
مبدأ التخصص النوعي.
مبدأ التقاضي على درجتين (الاستئناف).
مبدأ مجانية القضاء .
مبدأ علنية جلسات القضاء .
معنى مجانية القضاء هو أن يلجأ إلى القضاء لا يكلف بدفع نفقات الفصل في دعواه ، و على الخصوص لا يعطي إلى القاضي مقابلا لعمله في الفصل في هذه الدعوى .
فالقاضي في الدول الحديثة موظف يتقاضى راتبه من الدولة ، و ذلك على خلاف ما كانت عليه الحال في فرنسا و في بعض الدول الأوربية قبل قيام الثورة الفرنسية ، إذ كان القاضي يأخذ من الخصوم نظير القضاء و قد كان هذا النظام ذريعة للرشوة كما كان منافيا لما يجب للقاضي من اعتبار و احترام .
و يقول بعض الفقهاء بوجوب جعل العدالة تمنح بغير مقابل ، و أن يكون قيام الدولة بها واجبا ، لا تقتضي عليه أجرا خاصا ، و يستند أصحاب هذا الرأي في تأييده إلى أن السلطة القضائية لم تقد لفائدة المتقاضين و حدهم و لكن لفائدة جميع أفراد الدولة على السواء فقيام المحاكم يكفي وحده لمنع مظالم كثيرة ، و رد الاعتداء ، و حماية الضعيف من سطوة القوي بغير حاجة دائما للاتجاه إليها ، أي أن هذه المحاكم تعمل لمصلحة المجموع و لحمايته ، و الفرد المطمئن في مباشرة حقه مدين بهذا الاطمئنان ، لقيام المحاكم بأعمالها . و الخصم الذي يقاضي ، لا يدافع عن حقوقه وحدها ، بل يدافع بطريق غير مباشر عن حقوق الجميع . و الفصل في قضية على وجه ما ، يحمل كثيرا من الأفراد على القيام بتنفيذ تعهداتهم على هذا الوجه ، فليست فائدة الخصومة مقصورة على الخصوم فيها ، و إنما تتعداهم إلى المجموع .
إلا أنه يلاحظ أن كل الدول الحديثة تحصل صوائر أو واجبات على الدعاوي و العمال القضائية بصفة عامة . و لكن هذا لا يعني مخالفة لمبدأ مجانية القضاء ، لأن جباية هذه الصوائر لا يقصد منه حصول الدولة على تكاليف التقاضي من الخصوم ، و إنما القصد من فرض هذه الصوائر أو الواجبات إيجاد بعض الأعباء على رافع الدعوى عند رفعها حتى لا يسهل على المشاغبين سبيل التقاضي فيلجئون إليه بداع و بغير داع ، و لذا يلزم المدعي بهذه الصوائر أو الواجبات كنوع من الرقابة على جدية دعواه .
و يلاحظ أن الصوائر لا تمثل التكاليف الحقيقة للتقاضي و إنما تمثل جزءا قليلا منها ، و مع ذلك فهي تعتبر من مصادر إيرادات الدولة وتعين إلى حد ما على مواجهة نفقات القضاء.
و تجدر الإشارة إلى أن الواجبات أو الصوائر التي تؤدي عند رفع الدعوى من قبل المدعي لا تستقر على عاتقه ، ذلك أن ما يحكم عليه في الدعوى أي من يحكم ضده يلتزم بهذه الصوائر مع سائر المصاريف القضائية فيؤديها إلى المدعي إن كان الطرف الخاسر هو المدعي عليه.
إذا كان صاحب الحق الذي يريد المطالبة به عن طريق القضاء فقيرا معوزا لا يستطيع أداء الرسوم القضائية فقد كفل التنظيم القضائي إعفاءه منها بما يسمى "نظام المساعدة القضائية ".
و المساعدة القضائية هي تدبير أقره المشرع لمصلحة المتداعين الذين لا تمكنهم حالتهم المادية من دفع نفقات الدعوى ، فيستعطون بموجبه رفع هذه الدعوى و السير بها و إتمام جميع إجراءات التحقيق فيها حتى صدور الحكم و تبليغه و الطعن فيه عند الاقتضاء بالطرق القانونية و إجراء تنفيذه ، وتسخير محام يساعدهم في خصومتهم مجانا ، دون إلزامهم بدفع الرسوم و النفقات المقررة في القانون أو من قبل المحكمة و ذلك بصورة مؤقتة أو نهائية حسب الأحوال .و يمكن أن يستفيد من المساعدة القضائية جميع الأشخاص الذين لهم حق الادعاء سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين أو أجانب .
المراجع:
1- روضة القضاء , السمناني , ج1.
2-معين الأحكام , الطرابلسي.
http://www.startimes.com/f.aspx?t=21728176