بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

بحث بعنوان: واجبــــــات القضــــاة


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمــة


     إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره ، و نستهديه , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.  أما بعد...

         فإن الحديث على صفحات هذا البحث سيدور بحول الله وقوته حول موضوع : "واجبات القضاة " 

و سيتم في هذا الموضوع الاعتماد على جمع المعلومات من عدة  مصادر ومراجع علمية و ذلك في ضوء ما تيسر لي من معلومات... 

 وأرجو من الله العلي العظيم أن يلهمني السداد و التوفيق في عرض هذا الموضوع على النحو الأفضل ...إنه سميع مجيب ..

و الله الموفق.


القضـــاة في نظام القضاء الجديد :

إن « نظام القضاء » الجديد فصّل الـكـلام عــن القضاة أكثر بكثير من الأنظمة التي سبقته، ونص لأول مرة على شروط القاضي ، ثم ذكر تصنيف القضاة ،وشروط كل صنف، وبين حقوق القضاة وضماناتهم ، وتعيينهم ، ونقل القضاة ، وندبهم ، وإجازاتهم ، ثم تحدث عن واجبات القضاة ، والتفتيش عليهم ، ونص على تأديب القضاة وعقوباتهم ، وكيفية انتهاء خدمات القضاة .

شروط تعيين القاضي : 

يشترط في القاضي أن تتوافر فيه الشروط الآتية :

1- أن يكون سعودي الجنسية .

2- أن يكون حسن السيرة والسلوك .

3- أن يكون متمتعاً بالأهلية الكاملة للقضاء بحسب ما نُصّ عليه شرعاً ، وهو البلوغ والعقل، والذكورية، والحرية، وأن يكون سميعاً بصيراً ناطقاً، وفيه كفاية(1).

4- أن يكون حاصلاً على شهادة إحدى كليات الشريعة بالمملكة العربية السعودية ، أو شهادة أخرى معادلة لها ، بشرط أن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان خاص تعدّه وزارة الـعدل  .

5- أن لا يقل عمره عن أربعين سنة إذا كان تعيينه في درجة قاضي تمييز ، وعن اثنين وعشرين سنة إذا كان تعيينه في درجات السلك القضائي الأخرى .

6- أن لا يكون قد حكم عليه بحد ، أو تعزير ، أو في جرم مخل بالشرف ، أو صدر بحقه قرار تأديبي ، بالفصل من وظيفة عامة ، ولـو كان قد ردَّ إليه اعتباره  (1) 

واجبات القضاة في الشريعة والنظام السعودي:

على القاضي واجباتٌ كثيرة في الإسلام، وهي حقوق للمتقاضين من ناحية أخرى، وإذا استثنينا واجبًا أساسيًّا على كل قاضٍ وحاكم في الشريعة الإسلامية، ألا وهو الحكم بأحكام الشريعة الإسلامية؛ فإنه ليس لقاضٍ أن يَحِيد عن النصوص الشرعية في الحياة الإسلامية؛ فإن واجبات القاضي تتمثل فيما يلي:

•  ألاَّ يحكم القاضي في قضية من القضايا وقتَ الانفعال النفسي أو العاطفي، أو أي انفعال آخر؛ كالغضب، والجوع، والعطش، بل يختار الوقت المناسب لإجراء القضاء؛ بحيث يكون مطمئنَّ القلب، هادئ النفس، فلا يحكم بين المتخاصمين وهو غضبان؛ لأن الغضب يدهشه.

يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَقضينَّ حَكَمٌ بين اثنين وهو غضبان))[ صحيح البخاري بشرح فتح الباري، 16/ 256.]، وقد قاس الفقهاء على الغضب أحوالاً كثيرة، فاعتبروا: "كل ما شغل فكرَ القاضي عن التأمل، والتدبر، والنظر، حكمه حكم الغضب؛ فلا يجوز للقاضي أن ينظر في القضاء، أو يجلس إليه، وهو في حالة من الجوع المفرط، والعطش الشديد، والوجع المزعج، ومدافعة أحد الأخبثين، وشدة النعاس، والهم والغم، والحزن والفرح" (1)

• التفرغ للقضاء: فلا ينبغي للقاضي العمل بأي مهنة يتعامل فيها مع الآخرين، وتدرُّ عليه ربحًا كالتجارة وغيرها؛ لأن ذلك يؤدي إلى تهاون الناس مع القاضي التاجر ومحاباته؛ طمعًا في ظلمه، فهو شبيه بالهدية والرشوة.

"يقول شريح: شرط عليَّ عمر حين ولاَّني القضاء: أن لا أبيع، ولا أبتاع، ولا أرشي، ولا أقضي وأنا غضبان"

وقد فرض المسلمون لأبي بكر - رضي الله عنه - راتبًا بدل تفرغه للولاية، فقد "حمل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في اليوم الأول لتوليه الخلافة أقمشتَه، وكان يتعيش من تجارة القماش، وخرج لبيعها؛ فلقيه في الطريق إلى السوق عمرُ - رضي الله عنه - فسأله: أين تريد؟ قال: السوق، قال: تصنع هذا وقد ولِّيت أمر المسلمين؟ قال: ومن أين أُطعِم عيالي؟ قال عمر: انطلق يَفرِض لك أبو عبيدة - وكان أبو عبيدة خازنًا لبيت المال، وهو أمين هذه الأمة كما سمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلقا إلى أبي عبيدة، فقال: أفرض لك قوت رجل من المهاجرين، ليس بفضلهم ولا بأوكسهم، وكسوة الشتاء والصيف، إذا أخلقت شيئًا رددته وأخذت غيره، فلما حضر أبا بكر الموتُ، قال: قد كنت قلت لعمر: إني أخاف ألا يسعني أن آكل من هذا المال شيئًا، فغلبني، فإذا أنا مت، فخذوا من مالي ثمانية آلاف درهم وردوها إلى بيت المال.

وكان أبو عبيدة خازن بيت المال، قد قدر له أربعة آلاف درهم سنويًّا للنفقة التي ذكرها، فلما جاؤوا بها إلى عمر - رضي الله عنه - قال: رحم الله أبا بكر؛ لقد أَتْعَب من بعده تعبًا شديدًا"

وهكذا ينبغي للقاضي التفرغُ للقضاء، كما طلب عمر من أبي بكر التفرغ للولاية، وألاَّ يعمل أي عمل آخر كالتجارة ونحوها مما له علاقة بالناس ويدرُّ عليه ربحًا في ماله.

• التسوية بين المتخاصمين: يجب على القاضي المسلم أن يُجلس الخصمين أمامه؛ فيسوِّي بينهما، ولا يُحَابِي أحدًا على آخر.

فقد روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وأبي بن كعب، اختصما في حادثة إلى زيد بن ثابت، فألقى زيد لسيدنا عمر - رضي الله عنه - وسادة، فقال عمر - رضي الله عنه -: هذا أول جَوْرك، وجلس بين يديه.(1)

فقد مر معنا في دستور القضاء في الإسلام قول عمر لأبي موسى الأشعري - رضي الله عنهما -: "وسوِّ بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك"، ولا يقدح في هذا الواجب - التسوية بين المتخاصمين - مراعاةُ تقديم الخصوم بحسب حضورهم إلى مجلس القضاء، إلا لضرورة يراها القاضي مناسبة كأن يكون أحد الخصمين غريبًا، يقول عمر - رضي الله عنه -: "قدِّم الغريب؛ فإنك إذا لم ترفع له رأسًا، ذهب وضاع حقه، فتكون أنت الذي ضيَّعته"

ولا يقدح كذلك في واجب التسوية بين المتخاصمين تقديمُ القاضي للدعوى المشفوعة بحضور الشاهدين على الدعوى التي لم يُحضِر صاحبُها شهودَه؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أكرموا الشهود؛ فإن الله - تعالى - يستخرج بهم الحقوق، ويدفع بهم الظلم))(1)

•  الشورى: على القاضي أن يستشير أهل العلم في المسألة التي يتشكك فيها، قال - تعالى -: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (النحل: 43)

ويقول - عز وجل -: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، وقد استشار الصحابة بعضهم بعضًا؛ فقد استشار أبو بكر - رضي الله عنه - الصحابةَ في ميراث الجَدَّة، واستشار عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في حد شارب الخمر، وشاور في حق المرأة على زوجها، فقد روي أن: "كعب بن سوار كان جالسًا عند عمر، فجاءت امرأة، فقالت: يا أمير المؤمنين، ما رأيت رجلاً قط أفضل من زوجي، والله أنه ليَبِيت ليله قائمًا، ويظل نهاره صائمًا في اليوم الحار ما يُفطِر، فاستغفر لها وأثنى عليها، وقال: مثلك أثنَى الخير، قال: واستحيت المرأة، فقامت راجعة، فقال: يا أمير المؤمنين، هل أَعدَيت المرأة على زوجها، قال: وما شكت؟ قال: شكت زوجها أشدَّ الشكاية، قال: أوَ ذاك أرادت؟ قال: نعم، قال: ردُّوا عليَّ المرأة، فقال: لا بأس بالحق أن تقوليه، إن هذا زعم أنك جئتِ تشكين زوجك، أنه يجتنب فراشك، قالت: أجل إني امرأة شابة، وإني لأبتغي ما يبتغي النساء، فأرسل إلى زوجها فجاء، فقال لكعب: اقض بينهما، قال: أمير المؤمنين أحقُّ أن يقضي بينهما، قال: عزمتُ عليك لتقضين بينهما؛ فإنك فهمتَ من أمرها مالم أفهم، قال: فإني أرى كأنه عليها ثلاث نسوة هي رابعتهن، فأقضي له بثلاثة أيام يتعبَّد فيهن، ولها يوم وليلة، فقال عمر: والله ما رأيك الأول أعجب إليَّ من الآخر، اذهب فأنت قاضٍ على البصرة".

•  النمو العلمي والمِهنِي والتربوي للقاضي: فمن واجب القاضي المسلم أن يُكثِر من مطالعاته العلمية، ودراساته في القضاء؛ حتى يتسع أُفُقه في المهنة التي تحمَّل أعباءها ومسؤولياتِها أمام الله - تعالى - وأمام الناس، وعليه أن يربِّي نفسه على التقوى والعبادة والزهد، ويصطبر على كل ذلك.

يقول ابن المناصف في تنبيه الحكام:

"واعلم أنه يجب على مَن تولى القضاء، أن يعالج نفسه على أدب الشرع، وحفظ المروءة، وعلو الهمة، ويتوقى ما يَشِينه في دينه ومروءته وعقله، ويحطه عن منصبه وهمته؛ فإنه أهل لأن ينظر إليه، ويُقتَدى به... فليأخذ نفسه بالمجاهدة، ويسعى في اكتساب الخير ويطلبه، ويستصلح الناس بالرهبة والرغبة، ويشدد عليهم في الحق؛ فإن الله تعالى بفضله يجعل في ولايته وجميع أموره فرجًا ومخرجًا، ولا يجعل حظه من الولاية المباهاة بالرئاسة، وإنفاذ الأمور، والالتذاذ بالمطاعم والملابس والمساكن"(1)

تلك هي بعض واجبات القاضي في الشريعة الإسلامية، وهي بالطبع حقوق للناس و منها ينبثق ما رتبه نظام القضاء السعودي من واجبات للقاضي و هي ما سيتم عرضه في الفقرة التالية.


واجبات القضاة في نظام القضاء السعودي:

نص « نظام القضاء » الجديد على بعض الواجبات التي يقتضيها عمل القاضي لأداء وظيفته بشكل نزيه ومتجرد ومتفرغ لعمله (1)، وهي :

1- عدم الجمع بين وظيفة القضاء ، و مزاولة التجارة ، أو أية وظيفة أو عمل لا يتفق مع استقلال القضاء وكرامته ، أو يتعارض مع واجبات الوظيفة وحسن أدائها ( م 58 ) .

2- الحفاظ على سرية المداولات القضائية ، وعدم إفشاء أسرارها ( م 59 ) .

3- المواظبة على الدوام ، وعدم الانقطاع عن عمله بسبب غير مفاجئ إلا بترخيص كتابي ( م 61 ف 1 ). فإن تغيب القاضي عن مقر عمله ، أو أخل بالمواظبة على الدوام  نبه إلى ذلك  كتابة ، فإن تكرر منه ذلك يـرفع أمره إلى مجـلس القضـاء الأعلى في محاكمته تأديبياً ( م 61 ف 2 ).

ويظهر أن النظام اقتصر على الواجبات الإدارية ، على حين أغفل النص على الواجبات الأساسية ، كالالتزام بالحكم بموجب الشريعة الإسلامية ، والتقييد بالأنظمة النافذة  التي تفهم بالإشارة من نصوص النظام في استقلال القضاء ، أو أن هذه الواجبات محلها في نظام المرافعات وغيره ، وجاء في نظام « تنظيم الأعمال الإدارية في المحاكم الشرعية » واجبات أخرى على القضاء في التأمل بالقضية ، والنظر في الدعوى ، وتعيين تاريخ الجلسة ( م 1 ، 41 )(1) .



الخاتمة

الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات و الصلاة و السلام على خاتم النبيين , محمد بن عبد الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ... أما بعد ... فبعد العرض السابق لموضوع هذه الدراسة فإنه يمكن الخروج بالنتائج التالية:

- كفلت  الشريعة الإسلامية للقضاة حصانة  من العزل إلا لأسباب وردت على سبيل الحصر تحول  دون إقامة العدل ،ولم تتقرر هذه الحصانة لشخص القاضي ولكن   ضمانة لنزاهة القضاة وهذا منهج المنظم  السعودي في نظام القضاء .

- تقوم مسئولية الفرد الجنائية نتيجة ارتكابه فعلاً من الأفعال الموجبة للعقوبة الجنائية ويقتضي مبدأ المساواة ضرورة خضوع المسئولية الجنائية للقضاة لذات القواعد التي يخضع لها سائر أفراد المجتمع . وعليه فإن القواعد الخاصة بمسئولية رجال القضاء الجنائية لا تتصل بالأحكام الموضوعية ، وإنما تتمثل في تقرير بعض القواعد الإجرائية ، كما نصت على ذلك المادة الثامنة والخمسون من نظام القضاء السعودي .

- تقوم مسئولية الفرد المدينة نتيجة إخلاله بأي التزام قانوني ترتب عيه ضرر للغير ، ويقضي مبدأ المساواة أيضاً ضرورة خضوع المسئولية المدنية للقضاة عن أعمالهم وتصرفاتهم خارج نطاق العمل القضائي لذات القواعد التي يخضع لها سائر أفراد المجتمع. وتنحصر القواعد الخاصة التي لا ينفرد بها رجال القضاء في مجال المسئولية عن أعمالهم القضائية في ناحيتين:

أولاً : الناحية الإجرائية حيث  تخضع دعوى المسئولية في هذه الأحوال لإجراءات تتناسب مع مكانة القاضي من أجل توفير الاستقرار والهيبة لرجال القضاء .

ثانياً : الناحية الموضوعية . حيث تقتصر مسئوليتهم عن أخطائهم في القضاء على حالات محدودة .

- تقوم مسئولية الموظف العام التأديبية بالدولة  نتيجة إخلاله بواجباته الوظيفية أو الخروج عن مقتضياتها . والقاضي يعد أحد الموظفين العمومين بالدولة إلا أن المنظم السعودي قد خصه بإجراءات خاصة.

- خص المنظم القضائي السعودي القاضيَ بعددٍ من المميزات ،وكفل له عدداً من الضمانات التي تحفظ له هيبته ومكانته ،كما رتب عليه القيام بمجموعة من الواجبات .

هذا و أسأل المولى تبارك و تعالى و أدعوه أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على نحو طيب ...

و بالله التوفيق ...










قائمة المراجع

1- البدوي , إسماعيل إبراهيم ،  نظام القضاء الإسلامي , القاهرة , دار النهضة العربية ،1410هـ.

2- الحربي , عبدالوهاب بن عوض بن هاذل الحربي :تأديب القضاة في الشريعة الإسلامية والنظام السعودي, كلية الشريعة الجامعة الاسلامية , المدينة المنورة , 1431هـ.

3-   أبو فارس , محمد, القضاء في الإسلام, دار الفرقان للنشر والتوزيع, القاهرة ,2013م.

4- أبو طالب , حامد محمد ،  النظام القضائي في المملكة العربية السعودية , دار الفكر العربي , القاهرة, 1404هـ.

5- ابن قدامة المقدسي , الكافي،. 

6- السيوطي , الجامع الصغير بشرح المناوي.

7- ابن فرحون , تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام،

8- نظام القضاء السعودي.


 المملكة العربية السعودية

وزارة التعليم العالي

 جامعة الملك سعود

كلية الحقوق والعلوم السياسية

بحث بعنوان:

واجبــــــات القضــــاة

إعداد الطالب: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الوابل

الرقم الجامعي: 429107378

إشراف سعادة الدكتور: محمد رفاعي

العام الجامعي

1434/1435هـ

0 تعليق:

إرسال تعليق