من هو الملك حمورابي1792 ـ 1750 ق. م.
- يعد (حمورابي) الملك السادس بين ملوك دولة بابل الأولى
1894 ـ 1595 ق. م. [1]
ـ كما يعد من مشاهير الحكام في تاريخ العراق القديم بسبب ما حققه من إنجازات عظيمة في الميادين كافة.
ـ ويعتبر عصره من أزهى العصور الحضارية للعاصمة بابل ولبلاد ما بين النهرين.
ـ واجه (حمورابي) مهمة توحيد البلاد التي كانت مقسمة، وقضى سنوات حكمه الأولى للوصول إلى هدف الوحدة السياسية، واستطاع فعلا من توحيد البلاد وعاصمتها مدينة بابل الشهيرة.
ـ اهتم كثيرا بالنظام الإداري للدولة.
ـ كان يتفقد المفتشين الذين كان ببعثهم إلى المدن المختلفة للاطلاع على أحوال المواطنين ومحاولة حلها بالسرعة الممكنة.
ـ واهتم (حمورابي) بالنقل وتنظيم البريد لإيصال الرسائل والأخبار بين العاصمة بابل والمدن الأخرى.
ـ كما أبدى اهتماما متزايدا بالزراعة، لأنها كانت الإحساس الاقتصادي لقوة المجتمع ورفاهيته.
ـ وكان يفرض عقوبات صارمة على الموظفين المهملين وغير النزيهين في أداء واجباتهم.
ـ حرص على مبدأ تحقيق العدالة بين المواطنين،وهو يعد من اشهر المشرعين في التاريخ، إذ كشفت التنقيبات الآثارية عن قانون من تشريعه مدون باللغة البابلية والخط المسماري على مسلة من الحجر تحتوي (282) مادة قانونية لتنظيم حياة الفرد في المجتمع عن طريق تحديد حقوقه وواجباته، وفرض العقوبات على المخالفين والمسيئين.
ـ واهتم قانون حمورابي بالجيش، إذ نص على الحفاظ على حقوق الأسير ومن هنا يتبين لنا مدى اهتمام العراقيين بالأسرى، وتشريعه للقوانين والأنظمة التي تحمي الأسير. وبهذا يكون قد سبق البشرية بالتعامل الإنساني واحترام حقوق الإنسان ومنع قبول بديل عن المكلف بالخدمة العسكرية وجعل التجنيد إلزامي.
ـ وقد وضع في أعلى المسلة صورة الملك وهو يتسلم شارات العدل من إله الشمس (شمش) الذي يرمز للحق والعدل في نظر البابليين، والمسلة موجودة اليوم في متحف اللوفر في باريس.
مسلة حمورابي:
يذكر أن المسلة المذكورة كانت من حجز البازلت الأسود وبارتفاع ثمانية أقدام, اكتشفت المسلة في مدينة سوسة بعد سرقتها من قبل الملك العيلامي شونزك ناهونتي مع الغنائم التي حصل عليها بعد غزوه بابل عام 1170 ق . م و لعل سبب نقل المسلة من قبل العيلاميين اعتقادهم إن ذلك يجلب الازدهار و القوة التي عاشتها بابل في عهد حمورابي و مما يذكر إن هذا الملك قد حاول مسح اسم حمورابي من المسلة و لكنه توقف لأسباب مجهولة قد يكون من بينها تهيبه من اللعنات التي ذكرت في خاتمة القوانين بحق كل من يتلاعب بهذه القوانين .
يتكون قانون حمورابي من مقدمة و نصوص قانونية و خاتمة كتبت باللغة البابلية و الخط المسماري :
1. المقدمة:
وفيها يذكر حمورابي الأسباب التي دفعته إلى تشريع هذا القانون وأهمها.. تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد الشعب، ويذكر فيها المدن المختلفة التابعة له وأهم الأعمال الإصلاحية التي قام بها.
2. المواد القانونية:
وعددها (282) مادة تنظم شؤون المحاكم والقضاة وتتناول قضايا الجرائم الخاصة بالأموال وأحكام الأراضي والعقار والمعاملات التجارية والأحوال الشخصية والاعتداءات، وأحكاما خاصة بذوي المهن الأخرى وأخرى متفرقة في شؤون الزراعة والثروة الحيوانية وقضايا الأجور والأسعار وغيرها كما يلي:
· ) من المادة ا إلى 5 ) جرائم الإدارة القضائية وهي الاتهام الكاذب و شهادة الزور .
· ( من المادة 6 إلى 25 ) الجرائم المرتكبة ضد الملكية كالسرقة و الاختلاس .
· ( من المادة 26 إلى 65 ) أحكام الأراضي و الدور .
· ( من المادة 66 إلى 121 ) أحكام البيع و التجارة .
· ( من المادة 122 إلى 194 ) أحكام الزواج و الطلاق .
· ( من المادة 195 إلى 214 ) أحكام الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص .
· (من المادة 215 إلى 240 ) أحكام ذو المهن .
· (من المادة 241 الى 273 ) أحكام الزراعة و الري.
· ) من المادة 274 الى 282 ) أحكام الرقيق.
3. الخاتمة:
يؤكد فيها حمورابي على أهمية الأحكام القانونية المنظمة والتي شرعها في نشر العدل بين المواطنين كافة، ويدعو الناس إلى التمسك بها واللعنات لمن يحرف أو يزيل نصوصا منها.
ومن المواد التي وُردت في تلك المسلة ( سأذكر البعض منها):
المادة الأولى:
إذا اتهم رجل رجلا وألقي عليه تهمة القتل، ولكنه لم يستطع إثباتها، فإن متهمه يعدم.
المادة الثانية:
إذا ألقى رجل على رجل تهمة (ممارسة السحر) ولكنه لم يثبتها، فعلى الذي اتهم بالسحر يذهب إلى النهر، وعليه أن يرمي نفسه في النهر فإذا غلبه النهر فعلى من اتهمه ان يستولي على بيته.. وإذا أثبت النهر أن هذا الرجل بريء وخرج منه سالما، فإن الذي اتهمه بالسحر يعدم، أما الذي خرج سالما من النهر فعليه أن يستولي على بيت متهمه.
المادة الثالثة:
إذا برز رجل في دعوى وأدلى بشهادة كاذبة ولم يثبت صحة قوله، فإن كانت تلك الدعوى دعوى حياة (أي أن عقوبتها الموت) فإن ذلك الرجل يعدم.
المادة الرابعة:
إذا برز لشهادة (كاذبة) في دعوى تتعلق بالحبوب أو الفضة، فعليه أن يتحمل عقوبة تلك الدعوى.
المادة الخامسة:
إذا نظر قاضي قضية قانونية وأصدر بخصوصها حكما، وثبت (الحكم) على رقيما مختوم وبعد ذلك غير قراره، فإذا ثبت أن ذلك القاضي قد غير(حكمه) في القضية التي نظر فيها، فعليه أن يتحمل عقوبة تلك الدعوى ويدفع اثني عشر مثلها.. وزيادة على ذلك عليهم أن يطردوه بلا رجعة من مجلس القضاة ومن على كرسيه ولا يحق له أن يجلس مع القضاة للنظر في دعوى.
المادة السادسة:
إذا سرق رجل حاجة للإله أو للقصر، فإن ذلك الرجل يعدم ويعدم كذلك من تمسك بيده الحاجة المسروقة.
المادة السابعة:
إذا اشترى رجل أو استلم على سبيل الأمانة إما فضة أو ذهبا أو عبدا أو آمة أو ثورا أو حمارا أو أي شيء آخر من يد ابن رجل أو عبد رجل بدون شهود وعقود، فإن ذلك الرجل سارق ويجب ان يعدم.
المادة الثامنة:
إذا سرق رجل أما ثورا أو شاة أو حمارا أو خنزيرا أو قاربا، فإذا الشيء المسروق يعود للإله أو للقصر فعليه أن يتبع غرامة ثلاثين ضعفا. وإذا كان يعود إلى مولى، فعليه أن يدفع عشرة أضعافه، فإذا لا يملك السارق ما يجب دفعه، يعدم.
المادة التاسعة:
إذا فقد رجل حاجة ما، وقبض على حاجته المفقودة في يد رجل آخر، فإذا صرح الرجل الذي قبضت في يده الحاجة المفقودة "أن بائعا قد باعها لي واشتريتها أمام شهود"، وصاحب الحاجة المفقودة قد صرح (كذلك) "سأجلب الشهود المؤيدين لحاجتي المفقودة". فإذا قدم المشتري (أي الرجل الذي قبضت في يده الحاجة المفقودة) البائع الذي باعها له والشهود الذين اشترى الحاجة بحضورهم. وصاحب الحاجة المفقودة قد جلب كذلك الشهود المؤيدين لحاجته المفقودة. فعلى القضاة أن ينظروا في كلماتهم (أي إفاداتهم)، وعلى الشهود الذين تم الشراء بحضورهم وكذلك الشهود المؤيدين للحاجة المفقودة أن يقسموا على صحة إفادتهم إمام الإله
( فإذا تم ذلك) يكون البائع هو السارق ويجب أن يعدم. وصاحب الحاجة المفقودة يسترجع حاجته والمشتري (أي الرجل الذي قبضت بيده الحاجة المفقودة) يستحصل النقود التي دفعها من مال بيت البائع
المادة العاشرة:
فإذا لم يجلب المشتري البائع الذي باعه الحاجة المفقودة التي مسكت بيده ولا الشهود الذين اشتروا الحاجة بحضورهم، بينما صاحب الحاجة المفقودة قد قدم الشهود المؤيدين لحاجته المفقودة. فالمشتري هو السارق ويجب أن يعدم وصاحب الحاجة المفقودة يسترجع حاجته.
المادة الحادية عشر:
فإذا لم يقدم صاحب الحاجة المفقودة الشهود المؤيدين لحاجته المفقودة، فهو كذاب ويدعي باطلا، ويجب ان يعدم.
المادة الثانية عشر:
فإذا كان البائع قد قضى نحبه، فعلى المشتري أي الذي قبضت بيده الحاجة المفقودة أن يأخذ من أموال بيت البائع خمسة أضعاف ثمن الحاجة التي أقيمت بسببها الدعوى.
المادة الثالثة عشر:
فإذا كان شهود هذا الرجل أي الذي قبضت بيده الحاجة المفقودة ليسوا بالمنال (وقت إقامة الدعوى) فعلى القاضي أن يمدد له فترة أمدها ستة اشهر، فإذا لم يقدم شهوده خلال ستة اشهر، فأن ذلك الرجل كذاب، وعليه ان يتحمل عقوبة تلك الدعوى.
المادة الرابعة عشر:
إذا سرق رجل ابنا صغير لرجل (آخر) فيجب ان يعدم.
المادة الخامسة عشر:
إذا ساعد رجل إما عبدا يعود للقصر أو آمة تعود للقصر أو عبدا يعود لمولى أو آمة تعود لمولى على الهروب من بوابة المدينة فيجب ان يعدم.
المادة السادسة عشر:
إذا خبأ رجل في بيته إما عبدا هاربا أو آمة هاربة تعود إلى القصر أو إلى موالي ولم يستجب لصوت المنادي، فصاحب البيت هذا يعدم.
المادة السابعة عشر:
إذا قبض رجل على عبد هارب أو آمة هاربة في ارض زراعية وأرجعه إلى صاحبه، فعلى صاحب العبد ان يدفع له شيقلين من الفضة.
المادة الثامنة عشر:
فإذا لم يذكر العبد (اسم) سيده، فعليه (أي الرجل الذي قبض عليه) ان يأخذه إلى القصر، ثم يتحرى عن هويته داخل القصر ويعيده إلى سيده.
المادة التاسعة عشر:
فإذا كان قد احتفظ بذلك العبد في بيته، وبعد ذلك وجد العبد في حوزته فذلك الرجل يعدم.
المادة العشرون:
إذا هرب العبد من يد ماسكه، فعلى ذلك الرجل ان يقسم بالإله لصاحب العبد وعندئذ يذهب لحاله.
المادة الحادية والعشرون:
إذا أحدث رجل ثغرة في جدارٍ ما (من اجل السرقة) فعليهم ان يعدموه أمام تلك الثغرة ويقيموا عليه الجدار (أي يدفنه داخل الجدار).
المادة الثانية والعشرون:
إذا قام بالسرقة وقبض عليه (في أثنائها) فإنه يعدم.
المادة الثالثة والعشرون: إذا لم يقبض على السارق فعلى الرجل المسروق ان يعرض أمام الإله عما فقده، وعلى المدينة والحاكم الذي حصلت في أرضه ومنطقته السرقة ان يعوضه ما سرق منه.
المادة الرابعة والعشرون:
فإذا كانت نفس (قد فقدت أثناء السرقة) فعلى المدينة والقاتل ان يدفع مناً واحدا من الفضة لأهله.
المادة الخامسة والعشرون:
إذا شبت النار في بيت رجل وذهب رجل لإطفائها، فحط عينه على حاجة بيتية تعود لصاحب البيت ثم أخذ الحاجة البيتية العائدة لصاحب البيت، فإن هذا الرجل يلقى في تلك النار. [2]
ملاحظات عامة:
هناك بعض التخريب على وجه مسلة حمورابي. وقد أثبت الباحث المسماري (أونكناد ـUngnad ) بأن الجزء المخرب من المسلة يحتوي على سبعة أعمدة، واعتقد أن المواد من 67 - 100 كانت مدونة ضمن الحقول المخربة.
هذا وقد استطاع علماء المسماريات من إكمال بعض المواد الخربة عن طريق كسر لرقم طينية.
المواد المكملة:
المادة (أ)
إذا أراد رجل أن يبني بيتا وجاره .............. [3]
المادة (ب)
...... ، عليه أن لا يعطيه ….. بسعره. فإذا دفع حبوبا أو نقودا أو حاجات عينية لبيت عليه التزامات إقطاعية والبيت (هو جزء) من بيت جاره، بغية شرائه، فأنه سوف يخسر كل شئ دفعه والبيت يعود لصاحبه. وإذا لم يكن على البيت التزامات إقطاعية ويرغب في شرائه، فأنه يستطيع أن يدفع حبوبا أو نقودا أو حاجات عينية لقاء عقار كهذا.
المادة (ج)
إذا عمر رجل أرضا بورا (تعود لجاره) دون علم جاره، فأنه سوف يخسر البيت الذي بناه والأرض تعود لصاحبها.
ملاحظة: ان الكلمات الموضوعة بين الأقواس [في المادة أعلاه] هي من تخمين Driver and Miles .
المادة (د)
(إذا) قال لصاحب الأرض المهجورة "قوي سلسك! إذ بسبب بيتك (المهجور ربما) يسطون علي" (أو قال له) "أصلح أرضك المهجورة، إذ بسبب أرضك المهجورة سوف يخترقون داري"، وأيد (هذا التحذير) الشهود، (فإذا تسلق؟) سارق السلم!.. فالأشياء المفقودة بسبب السلم!، سوف يعوضها صاحب السلم!. وإذا حدثت ثغرة (في جدار البيت)، فأن صاحب الأرض المهجورة سوف يعوض كل ما سرق.
المادة ( هـ)
........... في سور يعود ……… سور............
المادة (و)
إذا أجر رجل دارا لرجل آخر لمدة سنة واحدة، والمؤجر قد دفع لصاحب الدار الإيجار كاملا حسب العقد ولمدة سنة واحدة. فإذا طلب صاحب الدار من المؤجر أن يخلي (الدار) قبل الموعد ( أي قبل انتهاء السنة)، فعلى صاحب الدار لكونه طلب من المؤجر أن يخلي (الدار) قبل الموعد، أن يخسر النقود التي دفعها المؤجر له.
المادة ( ز)
............. له............ عليهم أن يعيدوه له.
المادة ( ح)
إذا أقرض تاجر حبوبا بفائض ، فأنه يستلم 100 " قا " من الحبوب لكل كور(أي ثلث الكور) ، فإذا أقرض فضة بفائض ، بفائض ، فأنه يستلم 1/6 الشيقل و6 حبات لكل شيقل من الفضة كفائض.
ملاحظة:
إن الترجمات السابقة للمادة (ح) اعتبرت فائض الشعير أي فائض الحبوب يساوي 60 "قا" للكور الواحد وهذه النسبة تعادل 30%، إلا أن واقع الحال يؤكد على أن فائض الحبوب خلال العهد البابلي القديم (حوالي 2000 - 1600 ق.م) يساوي 3/33,1% أي 100 " قا". وزيادة على ذلك فأن الأستاذ (ليمانس ـF. Leemans ) قد قام بدراسة موسعة لكمية الفائض خلال العهد البابلي واستطاع أن يؤكد خلال دراسته هذه إن فائض الحبوب الرسمي هو 3/33,1%، وفائض الفضة هو 20% أي 1/6 الشيقل و6 حبات.
علما بأن Driver, and Miles يعتقدان كذلك بأن نسبة الفائدة في العصر البابلي القديم هي 3/33,1% للحبوب و20% بالنسبة لقروض الفضة.
المادة ( ط)
إذا حصل رجل على قرض (فضة) وليس لديه فضة (وقت) دفعها ولكن عنده حبوب ،فعلى التاجر (أي المقرض) ان يأخذ حبوبا مقابل الفائض وبالسعر الذي حدده الملك، فإذا زاد التاجر أكثر من 100 "قا" لكل كور من الحبوب أو أكثر من 1/6 الشيقل و6 حبات لكل شيقل (من الفضة)، فأنه يخسر كل ما أقرضه.
المادة ( ي)
إذا أقرض تاجر حبوبا أو فضة بفائض ولكنه لم يستلم الحبوب أو الفضة، بل استلم فائض الحبوب أو فائض الفضة (فقط ولم يطرح الفائض الذي استلمه من اصل القرض) ولم يدون عقدا ملحقا بذلك بل أضاف الفائض (ثانية إلى رأس المال الذي استلم فائضه). فعلى ذلك التاجر ان يعيد كمية الحبوب (أو كمية الفضة) التي استلمها مضاعفة.
المادة (ك)
إذا اقرض تاجر حبوبا أو نقودا بفائض. وعندما اقرضها بفائض دفع النقود بوزن خفيف، والحبوب بمكيال صغير. ولكن عندما استردها، اخذ النقود بوزن ثقيل والحبوب بمكيال واسع .
الفرق بين شريعة حمورابي وشريعة موسى
بحسب التلمود،[4] ولد النبي موسى بعد حمورابي بـ 400 سنة وتحتوي شريعة موسى بعض الأجزاء المطابقة لأجزاء معروفة من
شريعة حمورابي، وبسبب هذا التطابق زعم بعض العلماء أن العبرانيين استسقوا قوانينهم منها. بينما نصَّ كتاب وثائق من وقت العهد القديم: "أنه لا أساس لافتراض أن العبرانيين استعاروا بعضاً من قوانين البابليين. ومع اختلاف مجموعتي القوانين في الصياغة، فإنهما مختلفين في الجوهر".
تحتوي شريعة النبي موسى على الكثير من أحكام القتل بحق مخالفيه في الافكار والمعتقدات وتمتد هذه الاحكام لتشمل اقوام بمجموعها فمثلا" ذكر في سفر تثنية الاشتراع في (الأصحاح العشرين) تحت عنوان
(شرائع حصار وفتح المدن البعيدة) في الفقرة العاشرة وما بعدها:
(حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح 11 فان اجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك 12 وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها 13 واذا دفعها الرب الهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف 14 واما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك 15 هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا
في حين حاولت تشريعات حمورابي تنظيم الحياة المدنية داخل المدن ومعاقبة المتسببين بأعمال تودي بالأمن والسلم الأهلي للمدينة. ومع ذلك لم تخلُ تشريعات حمورابي من أحكام بالموت على مرتكبي الجنح والجرائم التي لاتسحق الموت بمفهومنا اليوم ولكنها كانت ضرورية كما يبدو في حينها.
ويمكن تلخيص الفرق بين شريعة حمورابي وشريعة موسى بما يلي:
شريعة حمورابي
1-عقوبة الإعدام لسرقة معبد أو الممتلكات الحكومية العامة، أو حيازة مسروقات.[5]
2- الإعدام لمساعدة عبد على الهرب أو إواء عبدٍ هارب
3- إذا ما تهالك بيت فوق ابن صاحبه، فإن ابن الباني يُعدم.
4- مجرد نفي عند وقوع سفاح القربى:"إذا ما قام رجل برتبة بمجامعة ابنته، فإن الأب سيجبر على مغادرة المدينة".
5-الفرق في العقوبة اعتماداً على الطبقة التي ينحدر منها الجاني: العقوبة الشديدة لمن يتعدى على شخص من طبقة عليا. والعقوبة البسيطة لمن يتعدى على الطبقات الدنيا.
شريعة موسى
1-يعاقب السارق بدفع تعويض للضحية.
2-يجب أن لا تعيد العبد الهارب من سيده إليك"
3-يجب أن لا يؤاخذ الأبناء بجريرة أبائهم، وأن لا يُعدموا على حساب أبائهم".
4-الإعدام لسفاح القربى.
5-يجب أن لا تعامل من هم دونك بازدراء لصالح من هو أعظم شأناً منه
المشابهات بين قانون حمورابي وشريعة التوراة
تتطابق بعض قوانين التوراة مع قوانين حمورابي وسنورد في ما يلي بعض الأمثلة على ذلك:[6]
قانون حمورابي 8
إذا سرق سيد ثوراً أو شاة أو حماراً أو خنزيراً أو قارباً، إذا كان (المسروق) يعود للإله أو للقصر، فعليه أن يعطي 30 مثلاً. أما إذا كان يعود إلى مسكين، فعليه أن يدفع 10 أمثال كاملة، إذا لم يكن لدى السارق ما يعوّض به فإنه يعدم.
قانون التوراة:
إذا سرق رجل ثوراً أو شاة فذبحه أو باعه فليعوض بدل الثور خمسة من القطيع. وبدل الشاة أربعة من الخراف. (خروج 21: 37).
قانون حمورابي 129
إذا قبض على امرأة مضطجعة، مع سيد فيجب عليهم أن يوثقوهما ويلقوهما في الماء. ويمكن لزوج المرأة أن يبقي زوجته على قيد الحياة إذا رغب، كما يمكن للملك أن يخلّي حياة أمته.
قانون التوراة:
وإن أخذ رجل يضاجع امرأة متزوجة فليمُت كلاهما.
(تثنية 22:22)
قانون حمورابي 195
إذا ضرب ولد والده فعليهم أن يقطعوا يده
قانون التوراة
من ضرب أباه وأمه فليقتل قتلاً (خروج 21: 15)
قانون حمورابي 196
إذا، فقأ سيد عين ابن أحد الأشراف، فعليهم أن يفقؤوا عينه.
قانون التوراة
الكسر بالكسر والعين بالعين والسن بالسن (لاويين 24:20).
قانون حمورابي 197 ـ 200
إذا كسر سيد عظم سيد آخر، فعليهم أن يكسروا عظمه.
إذا قلع سيد سن سيد من طبقته، فعليهم أن يقلعوا سنه.
قانون التوراة
هو ذات القانون السابق.
قانون حمورابي 245
إذا استأجر أحدهم ثوراً وأماته بسبب الإهمال أو الضرب، يعوّض صاحب الثور بثور مثله.
قانون التوراة
ومن قتل بهيمة، فليعوّض مثلها، نفساً بدل نفس (لاويين 24:18)
قانون حمورابي 250
إذا عجل، وهو مار في الطريق، نطح رجلاً ما وأماته، هذه القضية لا تستوجب التعويض.
قانون التوراة
وإن نطح ثور رجل أو امرأة فمات، فليرجم الثور ولا يؤكل من لحمه، وصاحب الثور براء (خروج 21:28).
قانون حمورابي 251
إذا كان عبد أحدهم، يدفع ثلث منة، من الفضة (المنة: تساوي بابل 505 غرام).
قانون التوراة
وإن نطح الثور عبداً أو أمة، فليؤد إلى سيده ثلاثين مثقالاً من الفضة والثور يرجم (خروج 21:32).
وتجمع الكثير من المصادر التاريخية على ان إبراهيم الخليل خرج من مدينة أور، أي من سهل شنعار من بلاد بابل الجنوبية على أيام حكم حمورابي، وعليه فإن إبراهيم حاملاً معه شرائع بلاده الأصلية التي بقيت تراثاً لدى أبنائه وأحفاده على التوالي يعملون بها ويتقاضون بموجبها. علماً أن التوراة تشير مع العلماء الباحثين في أسفارها أن الملك أمرافيل المذكور في سفر التكوين (1:14- 12).
ويذكر ان زواج إبراهيم من هاجر الجارية أمر منصوص عليه في قوانين حمورابي. للسيد ان يتزوج على زوجته العاقر (سارة)، لينجب منها في حين يغيب هذا الامر في قوانين العهد القديم. فقد ورد في قانون حمورابي المادة 145 ما نصه: «إذا تزوج سيد زوجة، ولم تهد له أولاداً، وقرر أن يأخذ جارية فلهذا الرجل أن يأخذ ويأتي بها إلى بيته أنها امرأة ثانية.
وفي التوراة ورد ما نصه: «فقالت ساراي لأبرام: هوذا قد حبسني الرب عن الولادة فأدخل على خادمتي، لعل بيتي يبنى منها»
(تكوين 2:16(.
لذلك عمليا إن إبراهيم، في زواجه من هاجر، طبّق قانوني حمورابي، ثم إن النزاع الذي حصل بين سارة وهاجر مذكورة أسبابه في قانون حمورابي كما ورد في المادة 145: «... لا تكون مساوية للزوجة» والتوراة تنص: فلما رأت هاجر أنها قد حملت هانت سيدتها في عينها. فقالت ساراي لأبرام: ظلمي عليك، إني وضعت خادمتي في حضنك. فلما رأت أنها قد حملت، هنت في عينيها. ليحكم الرب بيني وبينك
( تكوين 16: 4- 5).
لذا فان تظلم سارة قانوني، بحسب شريعة حمورابي ويمتد الامر ليشمل نهاية قصة إبراهيم مع هاجر إذ لم يبع إبراهيم هاجر، حسب عادة الأسياد مع العبيد، بل طردها من المنزل؟ بموجب قانون حمورابي الذي ينص بحسب المادة 146 ما يلي: إذا سيد تزوج زوجة وأعطت لزوجها جارية فولدت أولاداً، وإذا أرادت هذه الجارية أن تتساوى بعد ذلك مع سيدتها لأنها ولدت أولاداً، لا يجوز لسيدتها أن تبيعها بالفضة أو تضعها في السلاسل أو تعدها من الإماء.
والتوراة تشير إلى هذه الناحية بقولها: «فقالت (سارة لإبراهيم): اطرد هذه الخادمة وابنها» (تكوين 21: 10). لذا بعد ولادة إسماعيل عليه السلام، وحسب قانون حمورابي، لم يعد باستطاعة إبراهيم أن يبيع هاجر أو أن يعاقبها. لذلك كان الحل الوحيد أمام سارة أن تطردها من المنزل.
وعلى سبيل المثال أيضاً الفقرة التي ورد ذكرها في
(( 28- 32 / سفر الخروج)) والتي تقول :
" إذا نطح ثور رجلاً أو امرأة فمات يرجم الثور ولا يؤكل لحمه، وأما صاحب الثور فيكون بريئاً. ولكن إذا نطح ثوراً ناطحاً من قبل وأشهد على صاحبه ولم يضبطه فقتل رجلاً أو امرأة فالثور يرجم وصاحبه يقتل أيضاً...إن نطح الثور عبداً أوعبدة. يعطى سيده ثلاثين شاقل فضة، والثور يرجم ".
يقابلها في شريعة حمورابي المادة ((250 -252 )) والتي تنص على :
" إذا نطح ثور أثناء سيره في الشارع رجلاً فقتله، فلا وجه لتقديم مطالبات من أي نوع. أما إذا كان الثور ناطحاً من قبل، وتبينت لصاحبه هذه الحقيقة، ومع ذلك لم يكسر قرونه أو يربطه، فإذا نطح هذا الثور رجلاً حراً فقتله، فعلى صاحب الثور أن يدفع ثلاثين شاقلاً من الفضة. أما إذا نطح عبداً فيعطى سيده عشرين شاقلاً من الفضة".
وبالطبع هذه الاقتباسات الحرفية هي ليست مصادفة عشوائية او شيئا من هذا القبيل كما يقول البعض بل هي امتداد لسلسلة طويلة من الاقتباسات اليهودية المسروقة من الحضارة البابلية وبكل محاورها
ومنها الاله ذاته مع بضع متغيرات بسيطة تكاد تكون ساذجة ومضحكة بعد دخولهم بصورة وباخرى الى الاراضي الكنعانية والتي هي جزء من ارض الاموريين القديمة ... اذ ان اليهود عرف عنهم بانهم ليسوا من اصحاب الحضارة بل هم في حقيقتهم قبائل بدوية رعوية همجية تعتاش على السلب والنهب وربما الشرائع البابلية هي الاخرى لم تسلم من سلبهم ونهبهم ..... وعلى فكرة الاقتباس بحد ذاته ليس عيبا او امرا شائنا ولكن ان ينسب الى الاله فهنا يكمن الخلل.
وتذكر المصادر بأن الشكل النهائي لنص التوراة يعود تأليفها إلى فترة ما بعد العودة من السبي البابلي)القرن الخامس قبل الميلاد)، لذلك فالكاتب عاش مدة نصف قرن وأكثر في العالم البابلي وتعرّف على عاداته وتقاليده، وعلى تراثه الفكري والروحي وتأثر بها في عمله التأليفي لهذه النصوص القانونية.
ثالثاً- الخاتمة:
ومن كل هذا نخلص وبالادلة التاريخية والنقلية ان تعاليم اليهود هي مقتبسة بالنص من الشرائع والاساطير البابلية القديمة ... وهذا دليل على الكذب والادعاء بالوهية التعاليم والشرائع والتي هي في اصلها تعاليم انسانية محضة .
قائمة المصادر والمراجع
1- أثار بلاد الرافدين, أحمد ارحيم هبو
2- ندرة اليازجي , الرد على التوراة .
3- وول ديورانت , قصة الحضارة ,المجلد الأول, الجزء الثاني .
4- قانون حمورابي, منشورات جامع دمشق.
5- الترجمة الإنجليزية للشريعة
المواقع الإلكترونية
http://ar.wikipedia.org/wiki
[1] أثار بلاد مابين النهرين, أحمد ارحيم هبو,ص 130-133
[2] [2] مرجع سابق,ص 130-203
[3] مرجع سابق نفسه,ص 204-210
[4] ندرة اليازجي , الرد على التوراة,ص 87-87
[5] المرجع السابق,ص 88-91
[6] وول ديورانت , قصة الحضارة ,المجلد الأول, الجزء الثاني, ص 250-269.