المقــــــدمة
لم تكن الإرادة ذات شأن في تكوين التصرفات القانونية أيام القانون الروماني بحيث كان التصرف القـــــــــانوني لا يقوم إلا بإستــيفائه للشكـليات المقررة قانونا ، وكانت الأشكال في ظله ثلاث أنواع الأولى منها تتم بصورة مادية ملموسة ، وأخرى كتابية لا تقوم إلا بعد كتابتها على نحو معين ، إضافة إلى أخرى لفظية لا تنعقد إلا بألفاظ مخصوصة ، ولم تكن التصرفات الشكلية معروفة بالمعنى الموجـــود حاليا بل كـانت مجرد قوالب لابـد من مراعـاتها لقيام التصرف ، فالبيع مثلا والقرض والإيجار والشركات وغيرها من التصرفات لا تعتبر قائمة إلا إذا وضعت في أحد الأشكال السالفة الذكر .
وكان الشكل ضروريا لإنعقاد التصرف وركن كاف لقيامه وإنعقاده ، ولا يوجد التصرف بدونه بغض النظر عن إرادة أطرافه وسلامتها ، فلا يهم وجودها إلى جانب الشكل فهو وحده الذي يوجد التصرف ، لكن وبتأثر القوانين الحديثة بالمدارس الفلسفية التي ركزت على حرية الإنسان في التعاقد أخذت التصرفات القانونية تبتعد شيئا فشيئا عن الشكليات التي كانت شرطا أساسيا في تكوينها ، لتصل إلى الإرادة الحرة التي ينبع منها الإلتزام ثم إلى مبدأ سلطان الإرادة .
وهذا المبدأ الذي إعتنقه المشرع الجزائري وحدد في نطاقه وسائل التعبير عن الإرادة في المادة 60 من القانون المدني وجعلها إما لفظا أو كتابة أو إشارة أو إتخاذ موقف معين بصفة صريحة أو ضمنية ، ثم قسم التصرفات إلى رضائية وشكلية إذ أكدت المادة 59 من القانون المدني على مبدأ الرضائية بنصها : (يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإ خلال بالنصوص القانونية ) .
وبذلك تكون هذه المادة قد فتحت الباب للنصوص القانونية لأن تقيد هذا الرضا بأشكال وإجراءات تختلف باختلاف نوع التصرف ، فقد تشترطها النصـوص القانونية في مرحلة إنشاء التصرف القانوني وتكـون مصاحبة للتــراضي سواء بغرض التعبـير عن الارادة أو لانعقاد التصـرف أو لإثباته ، وتكون حينذاك كتابة رسمية أوعرفية ورقية كانت أو إلكترونية ، كما قد تشترط قبل إنشاء التصرف بحيث يتوقف إبرامه عليها ، أي تكون سابقة له ومن ضمنها شكل الوكالة والوعـد بالتصرف والاوامر القضائية المؤهلة للقيام بـه ، وتكون أحينا أخرى لاحقة للتصرف كالتسجيل الضريبي والشهر العقاري والقيد والنشر التجاري .
ورغم تنوع هذه الشكليات وإختلافها حسب المراحل الزمنية لنشأة التصرف القانوني فإنها لا تؤدي إلى الإستغناء عن مبدأ الرضائية إطلاقا ولكنها في كل الأحـوال مدعمة له خاصة إذا كانت الشكـلية إتفـاقية نابعة من إرادة الأطراف ، وتعتبر الشكلية عموما وفي أية مرحلة كانت ذات أهمية معتبرة بالنسبة للتصرف في حد ذاته كونها قد تكون ركنا فيه أو وسيلة لإثباته ، أو قرينة على صحته ، وذات أهمية أيضا بالنسبة لأطراف التصرف إذ توفر لهم الحماية لاسيما بالنسبة للطــرف الضعيف منهم ، خاصة إذا إختـاروها بإتفاقهم ، وبذلك يكون الشكل بإعتباره وسيلة للتعبير عن الإرادة وقيدا عليها متعدد الوظائف حسب مختلف صوره فيكون للإثبات أو الإنعقاد أو إجراء مفروض قانونا لابد من إستيفائه .
وفي ظل هذا التزاحم لمجموع هذه الأفكار نتساءل حول هذه الشكليات المطلوبة قانونا . فما هي إذن الشكلية التي يمكن أن تلحق التصرف القانوني في مرحلة إنشائه ، والشكليات التي قد تسبقه أو تلحقه ؟
وهي العناصر التي نحاول التطرق إليها بالدراسة والتحليل في هذا البحث منتهجين الخطة التالية :
الخطــــة
الفصل الأول : الشكلية في مرحلة إ نشاء التصرف القانوني
المبحث الأول:الشكل الرســــــمي
المطلب الأول:مفهوم الشكل الرسمي وشروطه
المطلب الثاني:آثار توافر أو تخلف الرسمية في التصرف القانوني
المطلب الثالث: بعض تطبيقات الرسميـــة
المبحث الثاني:الشكل العرفــــــي
المطلب الأول: الكتابة العرفية الورقية
المطلب الثاني: الكتابة الإلكــترونية
الفصل الثاني:الشكلية السابقة للتصرف القانوني واللاحقة له .
المبحث الأول:الشكليات السابقة للتصـرف
المطلب الأول:شكل الوعــد بالتصرف
المطلب الثاني:شكل التوكيل في التصرف
المطلب الثالث:شكل التأهيل للقيام بالتصرف القانوني
المبحث الثاني :الشكلـيات اللاحقة للتصرف
المطلب الأول :التسجيل الضريبي
المطلب الثاني:الشهر العــقاري
المطلب الثالث :الإشهار التجاري
الفصل الأول :
الشكلية في مرحلة إ نشاء التصرف القانوني
بعد إعتناق المشرع الجزائري لمبدأ سلطان الإرادة في التصرفات القانونية وتوسيعه لرقعة الرضائية فيها ، فإنه لم يلغ دور الشكل نهائيا وإنما فتح المجال لوجوده في بعض التصرفات الهامة ، واشترطه في بعض الحالات كركن فيها وشرط لإنعقادها ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني والتي رتبت على تخلفه البطلان ، فلا تنعقد التصرفات الناقلة للملكية العقارية والمحلات التجارية وغيرها مما ذكرت المادة إلا بعد إستيفاء الشكل الرسمي ، ونصت المادة 467 مكرر من القانون المدني على أن الإيجار لا ينعقد إلا كتابة وأن يكون له تاريخ ثابت وإلا كان باطلا وفي هذه الحالات يكون الشكل الكتابي ركنا في العقد إضافة إلى الرضا والمحل والسبب يترتب على تخلفه البطلان .
ونصت المادة 615 من القانون المدني كذلك على أن المرتب مدى الحياة لا يكون صحيحا إلا إذ كان في عقد مكتوب ، وهنا تكون شكلية الكتابة مشترطة لصحة التصرف القانوني ، ونصت المادة 334 من القانون المدني على :( لا يجوز الإثبات بالشهود ولو لم تزد القيمة على 100000 دج فيما يخالف ما اشتمل عليه مضمون عقد رسمي ... أو هو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة ) ، وبالتالي تكون قد فرقت بين العقد الرسمي وبين الكتابة كوسيلة إثبات .
ومن كل ما سبق يمكن القول بأن وظائف الشكل تختلف باختلاف نوعه والذي يكون إما رسميا أوعرفيا في صيغة كتابة ورقية أو إلكترونية ، ويختلف الشكل أيضا باختلاف طبيعة التصرف ، فيأخذ التصرف الرضائي الشكل الذي يرتضيه الأطراف مهما كان نوعه ، بينما يأخذ التصرف الشكلي الشكل المفروض قانونا . وعليه سوف نتناول هذه الشكليات الكتابية التي يمكن للأطراف إفراغ تصرفهم القانوني فيها في مرحلة إنشائه سواء بإتفاقهم أو بنص القانون ، مقسمينها إلى مبحثين نتناول في أولهما الشكل الرسمي ، و في الثاني الشكل العرفي ، بنوع من الفصل بين الشكل والتصرف في حد ذاته ومبينين أهمية الشكل و آثاره مع التطرق إلى بعض تطبيقاته كما يلي :
المبحث الأول :الشكل الرسمي
وهو الشكل المحدد قانونا وفق شروط وأشكال معينة ويحرر من أشخاص مؤهلين قانونا وتفرغ فيه التصرفات التي اشترط فيها القانون الرسمية والتصرفات التي يرى الأطراف إفراغها فيه وهو مـا نتناوله وفقا للعناصر التالية :
المطلب الأول : مفهوم الشكل الرسمي وشروطه
ونحاول من خلاله تحديد مفهوم الشكل الرسمي بمعنييه الواسع والضيق لنعرج بعد ذلك على شروطه القانونية ثم أنواعه على النحو التالي :
الفرع الأول : مفهوم الشكل الرسمي
عرفت المادة 324 العقد الرسمي على أنه :(عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ، ما تم لديه أوما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه ).
ومن خلال هذا النص يكون للعقد الرسمي مفهومان الأول منهما واسع أما الثاني فمفهوم ضيق نفصلهما كما يلي :
أولا : المفهوم الواسع : ويقصد به كل سند محرر من قبل موظف عام مختص بغض النظر عن نوعية المهام التي يمارسها ، سواء كانت تقتصر على تحرير العقود بصفة خاصة فقط ، أو تتعداه إلى أعمال أخرى ، بحيث تشمل السندات الرسمية بهذا المعنى إلى جانب العقود التوثيقية وثائق الحالة المدنية والأحكام القضائية والقرارات الإدارية و كل التصرفات الرسمية الصادرة عن مديري أملاك الدولة وكذا دواوين الترقية والتسيير العقاري وكذا العقود المحررة في القنصليات الجزائرية وغيرها من الوثائق الرسمية[1].
ثانيا : المفهوم الضيق : ويتعلق الأمر هنا بتلك السندات المحررة من قبل ضابط عمومي مختص بتحرير العقود والتصـرفات بصفة خاصة وهـو الموثق، وتسمى التصرفات الرسمية التي يحررها عقودا توثيقية كما هي منظمة في قانون التوثيق[2] .
الفرع الثاني : شروط الشكلية الرسمية
إن المادة 324 وبالرغم من قصرها لكنها تعج بالمفاهيم القانونية والشروط المختلفة للشكل الرسمي التي نفصلها حسب العناصر الأساسية التالية:
ـ صفة محرر العقد ( موظف ، ضابط عمومي ، مكلف بخدمة عامة ، في حدود سلطته واختصاصه )
ـ عقد محرر وفق الشكل القانوني .
ـ عقد إشهادي أو تصريحي .
وتضيف المادة 324 مكرر3 :( يتلقى الضابط العمومي ، تحت طائلة البطلان العقود الإحتفائية بحضور شاهدين ). وبذلك يكون هناك عنصر رابع هو :
ـ العقود الإحتفائية والعقود الرسمية الأخرى .
أولا : صفة محرر العقد: وقد قصرتها المادة السابقة على :
01 / الموظف عمومي : عرفته المادة 04 من القانون الأساسي العام للوظيفة العامة الصادر بالأمر رقم 06/03 المؤرخ في 15 يوليو 2006 بأنه :( يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في السلم الإداري ) . واستثنت المادة 02 منه في فقرتها الأخيرة القضاة والمستخدمون العسكريون والمدنيون للدفـاع الوطني و مستخدمو البرلمان .
02/ الضابط عمومي : وهو الشخص الذي يخول له القانون سلطة التصديق وإعطاء الصبغة الرسمية للعقود أو الوثائق ، كالموثق حيث نصت المادة 03 من القانون رقم 06/02 المؤرخ في 20 فبراير 2006 المتضمن تنظيم مهنة الموثق على : ( الموثق ضابط عمومــي ، مفوض من قبل السلطة العمومية ، يتولى تحرير العقود التي يشترط فيها القانون الصبغة الرسمية وكـذا العقود التي يرغب الأشخاص إعطاءها هذه الصبغة[3] ).
03/ الشخص المكلف بخدمة عامة : ويقصد بهم الخواص الذين يساهمون في تسيير بعض المرافق العمومية ومثالهم الخـبراء المقبولون الذين تعينهم المحكمة ، ورؤساء المجالس الشعبية المنتخبون[4] .
ثانيا: سلطة محررواختصاصه : ويعني أن يكون لمحرر العقد الولاية أو التفـويض القانوني في تحريره إضافة إلى اختصاصه الموضوعي أي استنادا إلى نوع العقد الذي يجوز له القيام بتوثيقه كأن يكون إداريا أو توثيقيا ثم اختصاصه المحلي ومثال ذلك نص المادة 02 من قانون تنظيم مهنة التوثيق على أن الاختصاص الإقليمي لمكاتب التوثيق يمتد إلى كامل التراب الوطني[5] .
وتجدر الإشارة هنا الى أن العقود المحررة من القضاة تكتسي نفس طابع الرسمية الذي تكـتسيه العقود المحررة من قبل الأعـوان العموميين وهو ما كرسه اجتهاد المحكمة العليا في القرار المؤرخ في 03 /06/1989:( من المستقر عليه فقها وقضاء أن العقود التي يحررها القضاة الشرعيون تكتسي نفس طابع الرسمية الذي تكتسيه العقود المحررة من قبل الأعوان العموميين وتعد عنوانا على صحة ما يفرغ فيها من اتفاقات وما تنص عليه من تواريخ بحيث لا يمكن إثبات ما هو مغاير أو معاكس لفحواها . ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بخرق القانون غير مؤسس .
ولما كان من الثابت ـ في قضية الحال ـ أن القسمة المحررة من طرف القاضي الشرعي صحيحة ومعترف بها ، ومن ثم فإن قضاة الموضوع طبقوا القانون تطبيقا صحيحا )[6] .
وكذلك ألامر في العقود الإدارية العقود المتعلقة بالمستثمرات الفلاحية بحيث جاء في قرار المحكمة العليا المؤرخ في 19/ 03/ 2003 :( إن العقد الإداري المشهر الذي يمنح للمستثمرة الفلاحية هو عقد رسمي يثبت حق الإنتفاع الدائم على الأرض وهو حق عيني على العقار متفرع عن الملكية العقارية يمنح للمستفيد الصفة في ممارسة كل الدعاوى القضائية لحماية حقه في ذلك )[7].
ثالثا: تحرير العقد وفقا للشكل القانوني : وقد نصت كل من مواد القانون المدني وقانون تنظيم مهنة التوثيق وكذا الأمر74/75 على نوعين من البيانات، بيانات عامة وأخرى خاصة:
01/ البيانات العامة : وهي بيانات لابد أن يتضمنها كل تصرف رسمي منها ما نصت عليه المادة 324 مكرر2 ق م كتوقيع العقود الأطراف والتأشير على ذلك من قبل الضابط العمومي وأضافت المادة 324 مكرر 4 ق م على أن يبين في العقود الناقلة أو المعلنة عن ملكية عقارية ، طبيعة ومضمون وحدود العقارات وأسماء المالكين السابقين ، وعند الإمكان صفة وتاريخ التحويلات المتتالية .
كما نص الفصل الخامس من القانون المتضمن مهنة التوثيق في مواده من 26 إلى 32 على أشكال العقود التوثيقية ومضمونها فتحرر باللغة العربية وتتضمن المبالغ المالية والتواريخ بالأحرف والأرقام ، تكون خالية من كل تشطيب أوتحشير ولا تخلو من التنويه على هوية الأطراف ...إلخ.
02 / البيانات الخاصة : وهي البيانات المتعلقة بكل تصرف ٍاذ ينفرد بها عن باقي التصرفات وأهمها الشهود في العقود الإحتفائية طبقا للمادة 324 مكرر3 ق م ، وكذلك البيانات المتعلقة بتحديد الملكية وأصلها، كما هو محدد ومبين في المواد 21 و 66 و 67 و 114 من المرسوم رقم 76/63، وكلها تتعلق بالحالة المادية والطبيعة القانونية للعقارات .
الفرع الثالث : أنواع العقود الرسمية
يمكن تقسيم العقود الرسمية وخاصة التوثيقية منها على ضوء النصوص القانونية إلى ما يلي :
أولا: العقد الإشهادي والعقد التصريحي :
01/العقد الإشهادي : وهو العقد الذي يثبت فيه محرره ما تم لديه ، أي يثبت فيه ما جرى تحت سمعه وبصره بأمانة تامة ، فيثبت حضور ذوي الشأن وما قام به كل منهم ، وتسليم الثمن وحضور الشهود وذكرهم بأسمائهم وتلاوة الصيغة الكاملة للعقد مع بيان الأثر القانوني المترتب عليها، وقيام ذوي الشأن والشهود بتوقيعها[8]، أي أنه يكون شاهدا على كل ما جرى ، وحجة هذا العقد مطلقة لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن فيها بالتزويروهو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 30/04/1997 :( من الثابت قانونا وقضاء أنه إذا كان للعقد الرسمي قوة إثباتية فيما يخص المعاينات التي قام بها الموثق نفسه فإن المعلومات الأخرى المعطاة من قبل أطراف العقد تكون لها قوة إثباتية إلى غاية تقديم الدليــل العكسي )[9] .
02/العقد التصريحي : وهو العقد الذي يقتصر فيه دور الموثق على استقبال التصريح من ذوي الشأن ـ أي ما وقع تحت سمعه فقط ـ ويصبه في قالب رسمي ، أي يثبت فيه الوقائع التي ينقلها طالبوه إليه وهذا العقد يجوز الطعن فيه عن طريق إثبات عكسه وجاء في قرارالمحكمة العليا المؤرخ في 30/04/1997: (ولما كان ثابتا في قضية الحال أن الفريضة التي تم على أساسها البيع أمام الموثق لم تكن تشمل جميع الورثة الشرعيين ، بتعمد من المدعين ، فهذا يشكل غشا من شأنه أن يؤدي إلى بطلان البيع ...)[10] ، ومن بين هذه العقود التصريحية عقد الشهرة وعقد الفريضة والشهادة التوثيقية وعقد اللفيف .
ثانيا: العقود الإحتفالية والعقود الرسمية الأخرى :
01/العقود الإحتفالية : وهي عقود شكلية ورسمية اشترط المشرع تحريرها بحضور شاهدين تحت طائلة البطلان طبقا للمادة 324 مكرر3 ق م ، ولم يقم المشرع الجزائري بتحديدها لا بتسميتها ولا حتى بوضع معيار تشريعي معين يسمح بتحديدها ، لكن العمل القضائي والتوثيقي خاصة ذهب إلى اعتبار كل من عقود الهبة ، الوقف والوصية كعقود احتفالية[11] .
ولقد أورد المشرع الجزائري هذا النوع من العقود في القانون المدني نقلا عن المشرع الفرنسي رغم أنها غريبة عن المجتمع الجزائري وهو الشيء الذي جعلها غير معروفة وأدى إلى عدم القدرة على تحديدها بدقة ، وماهي إذن إلا موروث عن القانون الفرنسي الذي كان يفرق بين العقود الرسمية العادية والعقود الإحتفالية والتي من ضمنها عقد الزواج والوصية .
02/العقود الرسمية الأخرى : وهي كل العقود التي فرض المشرع تحريرها من قبل موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة تحت طائلة البطلان إلا أنه لم يشترط فيها حضور الشهود وأبقاه أمرا اختياريا ، واكتفى فيها فقط بشهادة محررها والتي هي قرينة كافية على رسميتها ، لكن الملاحظ في الواقع أن العمل التوثيقي درج على إشتراط الشهود في كل العقود التوثيقية دون إستثناء .
ومن خلال هذه النظرة الوجيزة حول شروط وأنواع العقود الرسمية يتضح جليا أن العقد الرسمي لا يعني العقد التوثيقي فقط ، بل هذا الأخير ليس إلا صورة من صوره إضافة إلى العقود الإدارية كتلك العقود الصادرة عن مدير أملاك الدولة ، أو الصادرة عن دواوين الترقية والتسيير العقاري ، كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن العقد الرسمي قد يكون شكلا قانونيا وذلك عندما يشترطه المشرع لقيام التصرف أو إثباته أو يكون إتفاقيا وذلك في غير العقود التي يشترط فيها المشرع الرسمية ، وإنما رأى أطرافه وحدهم إفراغه فيها .
المطلب الثاني : آثار توافر أو تخلف الرسمية
في التصرف القانوني
تترتب عن توافر شروط الرسمية في التصرف القانـتوني أو تخلفها آثار ذات أهمية بالغة وذلك كونها هي التي تمــنحه الوجود القانـــوني أو القـوة التنفيذية ، أوتؤدي به إلى العدم أو صعوبة إثباته عند تخلفها ، وهو ما سنتناوله في فرعين إثنين كالآتي :
الفرع الأول : آثار توافر الرسمية
بعد إبرام التصرف القانوني وإصباغ الشكلية الرسمية عليه من قبل الموظف المختص يكتسب قوة تنفيذية وحجية فيما بين طرفيه وفي مواجهة الغير ، هذا إضافة إلى قابليته لإجراءات الشهر العقاري عندما يتعلق الأمر بعقار أوحقوق عينية عقارية ، كما أن اشتراط المشرع الشكل الرسمي في تصرف قانوني ما فإن ذلك ينصرف إلى كل وعد بهذا التصرف أو التوكيل فيه :
أولا :القوة التنفيذية : العقد الرسمي المتكامل الشروط سند يمكن الدائن الذي يحمله من التنفيذ على مدينه ، إن إحتوى على إلزام ما ، بعد تذييله بالصيغة التنفيذية دون حاجة إلى اللجوء للقضاء ، وقد نصت المادة 31 من قانون تنظيم مهنة الموثق على أن تسلم النسخة الممهورة التنفيذية بالصيغة التنفيذية للعقد التوثيقي وفقا للتشريع المعمول به ، ويسري عليها ما يسري على الأحكام القضائية ويؤشر على الأصل بتسليم النسخة التنفيذية ، وهذا ما يجعل الأشخاص يفضلون اللجوء إلى الموثق في تحرير العقود التي لها قيمة كبيرة حتى ولو لم يشترط القانون فيها الرسمية[12] . إلا أن هذه القوة التنفيذية تستثنى منها العقود الرسمية المحررة خارج الوطن فلا يمكن تنفيذها بالجزائر إلا بعد أمر قضائي وهو ما تضمنته الإتفاقية الجزائرية الفرنسية في مادتها 08 وقانون الإجراءات المدنية في المادة 325 ، وهو ما أقرته المحكمة العليا في القرار[13] المؤرخ في 27/09/1994 :( من المقرر قانونا أن العقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين أجانب ، لا تكون قابلة للتنفيذ في الجزائر ، إلا وفقا لما تقضي بتنفيذه إحدى الجهــات القضائية الجزائرية ...).
ثانيا: حجية الشكل الرسمي : كل تصرف قانوني يفرغ في قالب رسمي يكتسب قرينة الرسمية ، وذلك بأن يصبح له مظهر خاص يوحي بذلك فبمجرد الإطلاع عليه تقوم القرينة على رسميته ، ومن العلامات التي تدل على الرسمية ختم الموثق ، وهو صعب التقليد والتزوير[14]، وقد أعطيت هذه القرينة حتى للصور المأخوذة عن الورقة الرسمية طبقا للمادتين 325 و326 ق م ، وللعقد الرسمي حجية مابين الأطراف وفي مواجهة الغير وقد أكدت المحكمة العليا على هذه الحجية في قرارها المؤرخ في 18/11/1998 :(من المقرر قانونا أنه يعتبر ما ورد في العقد الرسمي حجة حتى يثبت تزويره ويعتبر نافذا في كل التراب الوطني )[15].
ثالثا : إمكانية شهر التصرف الوارد في شكل رسمي : ويخص هذا الأثر القانوني التصرفات الواردة على العقارات أو التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تصريح أو تعديل أو انقضاء حق عيني لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تـاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العــقارية ، وذلك استنادا إلى نص المادة 16 من الأمر75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقار، وكذلك نص المادة 61 من الـمرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المعدل والمتمم :( كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية ، يجب أن يقدم على الشكل الرسمي ) .
رابعا:التأثير على الوصف الجزائي عند التزوير : فقد نصت كل من المادتين 214 و215 من قانون العقوبات على جرم التزوير في المحررات العمومية أو الرسمية المرتكب من قبل قاض أو موظف أو قائم بوظيفة عمومية ، وأضافت المادة 216 منه باقي الأشخاص مع إعطاء الوصف الجنائي للفعل ، وهذا على خلاف التزوير المرتكب في باقي الأوراق والذي عادة ما يشكل جنحة .
خامسا : إنصراف شكل التصرف إلى شكل الوعد به والتوكيل فيه : نصت المادة 72 من القانون المدني في فقرتها الثانية على أنه :(إذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين فهذا الشكل يطبق أيضا على الاتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد ).
ونصت المادة 572 ق م كذلك على أنه : ( يجب أن يتوفر في الوكالة الشكل الواجب توفره في العمل القانوني الذي يكون محل الوكالة ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك ).
وتجدر الإشـارة هنا بـأنه كذلك لا يمكن تعديل عقد رسمـي إلا بعقد مماثل ، كما لا نفوت الفرصة للتساؤل حـول ما إذا كانت المادتين 72 و572 ق م تشملان كلا من الشهر والتسجيل ؟؟؟
وهو التساؤل الذي نجيب عليه عند التطرق للشكليات غير المباشرة في الفصل الثاني .
الفرع الثاني : آثار تخلف الرسمية أو أحد شروطها
وتتمثل هذه الآثار في بطلان التصرف الرسمي أو تحوله إلى ورقة عرفية كما يلي :
أولا : بطلان التصرف الرسمي : في كل التصرفات التي جعل المشرع الشكل الرسمي ركنا لانعقادها تبطل بطلانا مطلقا ، مثل العقود الواردة في المادة 324 مكرر1 ق م كنقل ملكية عقار أو محل تجاري ، ولا يصح القول بصحة مثل هذه التصرفات عند إنعدام الشكل الرسمي أو عند تخلف البيانات الجوهرية فيه ، وهو الأمر الذي خاضت فيه المحكمة العليا كثيرا إذ كانت تقضي بصحة العقود الشكلية رغم تخلف الشكل الرسمي فيها ، إلا أنها تخلت عن ذلك منذ إصـدارها وبغرفـها المجتمعة القرار رقم 136156 بتـاريخ 20/02/1997 الذي جاء فيه :( حيث أن الشكل الرسمي في عقد بيع ـ محل تجاري ـ شرط ضروري لصحته ، وأن تحرير عقد البيع في شكل آخر يخالف القانون ويؤدي إلى بطلان ذلك العقد )[16]. ونفس الشيء جاء في القرار المؤرخ في 28/06/2000 ( الرسمية لازمة تحت طائلة البطلان في جميع العقود المتضمنة نقل ملكية العقارات ، إعتمادا على المادة 12 من الأمر 70/91 المـدرج مضمونها في المـادة 324 مكرر من القانون المدني وكذلك على المادة 16 من الأمر 75/74 )[17].
وفي نفس السياق كذلك صدر قرار مجلس الدولة رقم 210419 المؤرخ في 26/02/2000 عن الغرفة الثالثة :(حيث أن عقد بيع العقار لا ينعقد ولا وجود قانوني له إلا إذا حرر أمام موثق ).
إلا أن التصرف الذي لا يشترط فيه القانون شكلا معينا ويكتفي فيه بالرضا لا يبطل عند تخلف الشكل فيه إن كان الأطراف قد إتفقوا على إفراغه فيه كون الأمر يتعلق بمصلحة الأطراف فقط ، ويمكنهم التنازل عن ذلك ويكون قابلا للفسخ فقط على أساس الإخلال بإلتزام عقدي وبعد طلب من له المصلحة في ذلك .
ثانيا : تحول العقد الرسمي إلى عقد عرفي :
نصت المادة 326 مكرر 2 ق م على أنه :( يعتبر العقد غير رسمي بسبب عدم كفاءة أو أهلية الضابط العمومي أو انعدام الشكل ، ويعتبر كمحرر عرفي إذا كان موقعا من قبل الأطراف ). ويلاحظ على هذه المادة سوء صياغتها إذ سقطت منها كلمة يعتبر المسطرة بعكس صيغتها الفرنسية ، واستنادا إليها يكون العقد الرسمي محررا عرفيا عند وجود عيب في كفاءة أو أهلية محرره أو في شكله شرط أن يكون موقعا من الأطراف ، فوجود التوقيع في العقد الرسمي الذي تخلف أحد شروطه طبقا لهذه المادة يمنحه صفة العقد العرفي.
وهو أمر سليم ومنطقي يتماشى و القواعد العامة لا سيما المادة 105 من القانون المدني التي تنص :( إذا كان العقد باطلا أوقابلا للإبطال وتوفرت فيه أركان عقد آخر فإن العقد يكون صحيحا باعتباره العقد الذي توفرت أركانه إذا تبين أن نية المتعاقدين تنصرف إلى إبرام هذا العقد ) ، لكن إذا كان هذا العقد يتضمن تصرفا شكليا فإنه لا يقبل التصحيح ولا يثبت إلا التزامات شخصية كبيع العقار مثلا فهو لا ينعقد في هذه الحالة وإنما يمكن أن يستعمل باعتباره عقدا عرفيا لإثبات قبض البائع مبلغا من النقود ، وهو ما أكدته المحكمة العليا في القرار رقم 136139 المؤرخ في 18/02/1997 الذي جاء فيه :(حيث أن الشكل الرسمي في عقد بيع القاعدة التجارية شرط ضروري لصحته ، وأن تحرير عقد البيع في شكل آخر يخالف القانون ويؤدي إلى بطلان العقد .
حيث أنه إذا كان من الصحيح أن العقد العرفي المتعلق ببيع قاعدة تجــارية يتضمن التزامات شخصية على عاتق البائع والمشتري إلا أنه باطل بطلانا مطلقا لكونه يخضع لإجراءات قانونية تخص النظام العام ، لا يمكن للقاضي أن يصححها بالحكم على الأطراف بالتوجه أمام الموثق للقيام بإجراءات البيع ) .
المطلب الثالث : بعض تطبيقات الرسمية
لما كان من الصعوبة بمكان حصر تطبيقات الرسمية ، فقد إخترنا البعض منها لتـقريب الصورتها أكثر، ويتعـلق الأمر بالمــعاملات الواردة علـى العقارات ، المحلات التجارية والشركات في الفرع الأول والمعاملات الواردة على السفن في الفرع الثاني:
الفرع الأول : المعاملات الواردة على العقارات والمحلات التجارية والشركات
لقد نصت المادة 324 مكرر1 ق م على بعض العقود التي يجب أن تخضع إلى الشكل الرسمي تحت طائلة البطلان وهي العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية وحتى الصلح فيها[18] أو محلات تجارية أو صناعية أو كل عنصر من عناصرها ، أو التنازل عن أسهم من شركة أو حصص فيها ، أو عقود إيجار زراعية أو تجارية أو مؤسسات صناعية في شكل رسمي ، ويجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد .
ومنه فإن كل العقود المذكورة في هذه الفقرة هي عقود شكلية يكون الشكل الرسمي ركنا أساسيا فيها ، وهذا النص واضح لا لبس فيه ولا يحتاج إلى أي توضيح إلا أن المحكمة العليا أكدت ما جاء فيه ليس بقرار عادي فقط بل وبقرار مبدئي مشهور صادر عن غرفها المجتمعة بتاريخ 20/02/1997 تحت رقم 136156 المذكور آنفا ، والسؤال المطروح هنا هل أن هذا النص كان بحاجة إلى اجتهاد ؟ ونحن نعلم أن الاجتهاد لا يكون إلا عندما لا يوجد النص أوعند عدم وضوحه ؟
إلا أن اللبس الذي كان حول هذا النص يعود لعدة عوامل أهمها الخطأ في تفسير النص من بعض الجهات ، ثم وروده في باب إثبات الالتزام وليس ضمن أركان العقد ، وقد كان من المفروض أن يكون ضمنها لاسيما وأن القانون المدني عرف عدة تعديلات في عامي 2005 و 2007 لكن لم يتم تدارك الأمر، إضافة إلى أن ما جاءت به الفقرة الثانية من نفس المادة :( كما يجب تحت طائلة البطلان إثبات العقود المؤسسة أو المعدلة للشركة بعقد رسمي ...). فقراءتها توحي بأن الشكل الرسمي وسيلة إثبات فقط والبطلان المقرر عند تخلفها يلحق الإثبات فقط دون أن يتعداه إلى بطلان التصرف .
وأصبح الآن من المسلم به قضاءا أنه لا يجوز أن يأمر القاضي المتخاصمين بإتمام توثيق التصرفات التي إشترط فيها المشرع الرسمية وهو ما جاء في قرار المحكمة العليا المؤرخ في 28/02/2000 :( المبدأ : استجابة قضاة الموضوع لطلب الطاعن الرامي إلى إتمام عملية البيع أمام الموثق وإفراغه في الشكل الرسمي رغم مخالفة عقد البيع مقتضيات المادة 12 من الأمر 70/91 يعد تطبيقا خاطئا للقانون )[19].
الفرع الثاني : المعاملات الواردة على السفن
من خلال المادتين 49 من القانون البحري و324 من القانون المدني نلاحظ أن كافة التصرفات المتعلقة بنقل ملكية السفينة بالبيع أو التنازل يجب أن تحرر في عقد رسمي موثق ، والرسمية هنا لتحقيق الغرض الذي تطلبه المشرع والمتمثل في مراقبة التصرفات الواردة على السفن وتوجيهها لتحقيق المصلحة العامة ، كما أن أهمية السفينة بالنسبة للأفراد تقتضي أن تكون المعاملات الواردة عليــها واضحة وبعـيدة عن كل غموض قد يجر إلى نزاعـات لاحقة ، ويساهم الشكل الرسمي بدرجة كبيرة في تحقيق هذه الغاية إذ يسهل به إثبات إنتقال الملكية والآثار المترتبة على ذلك ، وبصفة عامة كل رهن أو تنازل عن السفينة سواء اتخذ شكل البيع أو الهبة ، وسواء ورد على السفينة في طـور البناء أو بعد إكتمــالها يجب أن يحررفي شكل رسمـي وإلا كان باطلا ، والملاحظ هنا أن الرسمية مشترطة لصحة العقد وليس لإثباته لأن تخلفها يؤدي إلى بطلان العقد بطلانا مطلقا مثلها مثل العقارات والمحلات التجارية وذلك لتقارب كل منها في الأهمية .
المبحث الثاني : الشكل العرفي
نظم المشرع الجزائري الشكل العرفي في المواد 326 مكرر2 و 327 و 328 من القانون المدني تحت تسمية العقد العرفي وتطرق إلى حجيته وشروطه دون أن يعطيه تعريفا محددا ، وزيادة على ذلك أضاف في 20 يوليو 2005 شكلا جديدا بموجب القانون رقم 05/10 المعدل للقانون المدني حيث تنص المادة 324 مكرر1 منه : ( يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني كالإثبات بالكتابة على الورق بشرط إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها ، أو أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها ) ، وبالنظر إلى هذا النص نجد أن المشرع أورد الشكل الإلكتروني باعتباره وسيلة للتعبير والإثبات ، وسوى بينه وبين الكتابة على الورق ، بعد توفر شرطي التأكد من هوية المصدر والحفظ في ظروف تضمن سلامتها ، وبذلك تكون الكتابة العرفية إما ورقية أو إلكترونية وهو ما نتناوله كما يلي :
المطلب الأول : الكتابة العرفية الورقية
ويعتبر هذا النوع من الكتابة الصورة التقليدية للشكلية العرفية وسنتناوله في هذا المطلب بالتطرق إلى مفهومه ، آثاره ثم بعض تطبيقاته في فروع ثلاث على التوالي :
الفرع الأول : مفهوم الكتابة الورقية وشروطها
أولا : مفهوم الكتابة العرفية الورقية :
01/ تعريفها : يعرفها البعض على أنها الشكل الذي تعارف عليه الناس واتخذوه وسيلة لإثبات تصرفاتهم القانونية ، ثم قننه المشرع وأعطاه تسمية العقد العرفي ، ونظمه في نصوص القانون المدني في المادتين 327 و 328 منه .
كما يعرفها آخرون "بأنها الشكل الذي إستلزم المشرع أن تصاغ فيه بعض التصرفات القانونية وترك مهمة إعداده لأطراف التصرف دون ضرورة تدخل موظف عام لتحريره"[20]، أوأنه" كل عقد غير رسمي ، لم يتدخل في تحريره موظف ما بحكم وظيفته"[21] .
02/ صورها : يأخذ العقد العرفي عدة صور أهمها العقد الرسمي مختل أحد الشروط ، والعقد المعد من قبل الأطراف ، إضافة إلى العقد وفق نموذج مهيأ سلفا كما يلي :
أ/ العقد الرسمي مختل أحد الشروط : وهوما نصت عليه المادة 326 مكرر2 ق م: ( يعتبر العقد غير رسمي بسبب عدم كفاءة أو أهلية الضابط العمومي، أو إنعدام الشكل ، كمحررعرفي إذا كان موقعا من قبل الأطراف) ، وعليه فكل عقد رسمي حرره موظف عام عديم الكفاءة ، أو غير مؤهل ، أو لم يحرر وفق الشكل المحدد قانونا ، يعد محررا عرفيا متى كان موقعا من قبل الأطراف . والملاحظ هنا أن لفظ الأطراف جاء بصيغة الجمع ، بعكس بعض التشريعات التي تفرق بين توقيع أحد الأطراف أو جميعهم حسب نوعية العقد العرفي المعني فيما إذا كان تبادليا يجب توقيعه من الأطراف كلهم كالإيجار، أو فرديا كالإقرار بالدين[22] .
بـ /العقد العرفي المعد من قبل الأطراف : وهو كل عقد محرر من قبل أحد الأطـراف أو شخـص آخر في الشكــل الذي يرضونه وبالطـريقة التـي يحددونها ، بشرط أن يحمل العقد إحدى العلامات الشخصية الواردة في المادة 327 ق م من كتابة أو إمضاء أو بصمة ، مما يمكن من نسبة أو نفي المحررعنه في حال النزاع .
جـ/ العقود العرفية المعدة وفق نماذج مهيأة سلفا : وهو ما يكون وفــق إستمارات أو مطبوعات معدة مسبقا ولا يبق على الأطراف سوى ملئها ، كعقود التــأمين والشيكات ، وأوسع مجال لتطبيق هذه العقـود العرفية هو الأوراق التجـارية كالسفتجة والسند لأمر[23] .
ثانيا : شروط الكتابة الورقية العرفية : كل عقد عرفي لا بد أن يكون مكتوبا أو محررا من الأطراف ، أو على الأقل موقعا من قبلهم كي يحتج به ، ولذلك تكون شروط الكتابة الورقية العرفية كما يلي :
01/ الكتابة : ويقصد بها ما هو وارد في المادة 323 مكرر ق م من تسلسل حروف أو أوصاف أو أرقام أو أية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم ، مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها ، وكذا طرق إرسالها ، وبذلك فكل كتابة تدل على الغرض المقصود من تحرير المحرر ، أو بعبارة أخرى تكون الكتابة تعبيرا أو إفصاحا عن واقعة قانونية ما مهما كانت اللغة أو الخط الذي كتبت به، بالآلة الناسخة أو الكمبيوتر أو غير ذلك[24] ، ولا يشترط في الشكل المكتوب التاريخ فهو يصح بدونه رغم أهميته وتـأثيره على صحة التصـرف ، ولكـن المشرع قد يشترط ثبوته أو كتابته ، وأحيانا ذكره مثلما هو الحـال في الأوراق التجارية كالسفتجة 390 ق ت ، والشيك في المادة 472 ق ت ، والسند لأمرفي المادة 465 من القانون التجاري[25].
02/العلامة المميزة الرابطة بين المحرر وصاحبه : وفي هذا الصدد يتكلم الكثير من الشراح عن التوقيع كشرط من شروط العقد العرفي ، إلا أن هذا وانطلاقا من نصي المادتين 326 مكرر2 و327 ق م فإنه لايصدق على ما هو في القانون الجزائري ، لأن المادة الأولى تكلمت عن وجوب وجود التوقيع في العقد الرسمي المعيب ، في حين ذكرت المادة الثانية الكتابة بخط يد المتصرف ثم توقيعه أو بصمة إصبعه ، ثم أضافت التوقيع الإلكتروني ومن ذلك فالمهم أن تكون في العقد العرفي علامة مميزة من العلامات المذكورة في المادة سالفة الذكر تربط بين صاحب التصرف والعقد العرفي، وهي ليست بالضرورة دومـا توقيعـا فقد تكون بصمة أو ختما مثلا .
الفرع الثاني : آثار الكتابة الورقية العرفية
كل عقد إتخذ الشكل العرفي المكتمل الشروط تكون له حجية على مصدره مالم ينكره صراحة ، وعلى ورثته مالم يؤدوا اليمين على عدم علمهم بأنه صادر من مورثهم ، أما بالنسبة للغير ـ وهو كل شخص لم يذكر إسمه في العقد كطرف ، ويدعي بحق خاص له يتضرر لو ثبت أن للعقد تاريخ سابق ـ فلا يكون حجة في مواجهته إلا من يوم ثبوت تاريخه[26] بإحدى الطرق الذكورة في المادة 328 من القانون المدني .
أولا : عدم إنكار العقد العرفي : ويعني عدم تجاهل من أحتج بالعقد العرفي في مواجهته صدوره عنه ، وإذا أنكره فلا بد أن يكون الإنكار صريحا وقبل منـاقشة الموضوع ، لأن مناقشة الموضـوع تعتبر سكـوتا وإقرار ضمنـيا بنسبةالعقد اليه ، وفي حالة الإنكار يتم اللجوء إلى مضاهاة الخطوط طبقا للمواد 76 إلى 80 ق إ م . أما بالنسبة لورثة مصدر السند فلهم أن يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون أنه صادر من مورثهم ليستبعد كوسيلة إحتجاج في مواجهتهم .
ثانيا: ثبوت التاريخ : وهو مايمنح العقد العرفي الحجية في مواجهة الغير طبقا للمادة 328 ق م ، ويثبت العقد بموجبها من يوم تسجيله أو ثبوت مضمونه في عقد آخــر محرر من موظف عام ، أو مؤشر عليه من قبل ضابط عـام مختص ، أو من يوم وفاة أحد الذين لهم على العقد خط أو إمضاء .
الفرع الثالث : بعض تطبيقات الكتابة العرفية الورقية
ونتطرق إلى البعض منها في التصرفات المدنية ثم إلى البعص الآخر في التصرفات التجارية كالآتي :
أولا : في التصرفات المدنية
وتكون في كل العقود التي يرى الأطراف إبرامها في هذا الشكل إلا ما إستثناه المشرع صراحة ، كالعقود التي فرض فيها الرسمية ، وقد نص المشرع على وجـوب الكتابة في العديد من العقـود دون أن ينص على وجـوب الرسمية ، أي أنه اكتفى فيها بالشكل العرفي فقط ، ومنها على سبيل المثال عقد الإيجار المدني حيث تنص المادة 467 مكرر ق م على :( ينعقد الإيجار كتابة ويكون له تاريخ ثابت وإلا كان باطلا ) ، والملاحظ في هذا الشأن أن المشرع في التعديل الأخير للقانون المدني الصادر في 13 ماي 2007 قد زاد الأمور إبهاما بحيث إشترط لإنعقاد الإيجار الكتابة وثبوت التاريخ ، ولم يشترط الرسمية رغم أن ثبوت التاريخ عن طريق التسجيل قد تم إلغاؤه بقانون المالية لسنة 1990 ، ولم يبق من وسائل ثبوت التاريخ طبقا للمادة 328 ق م إلا ثبوت مضمونه في عقد آخر حرره موظف عام ، أوالتأشير عليه على يد ضابط عام مختص ، أو وفاة أحد الذين لهم على العقد خط أو إمضاء ، وما يعزز القول بأن المشرع لا يتجه إلى الرسمية في عقود الإيجار المدني هو كذلك النص الفرنسي إذ تنص المادة على أنه :( le bail est conclu , sous peine de nullité , par écrit ayant date certaine ) فهي إذن تؤكد على الكتابة وليس على الرسمية لأن العقد الرسمي هو:(acte authentique ) وليس ما هو معبر عنه في المادة 467 مكرر بـ :( écrit ) ، وزيادة على هذا فإن العقد الرسمي ثابت التاريخ بذاته ومن يوم تحريره ، كونه مؤشر عليه من قبل ضابط مختص ، ولا حاجة للمشرع في ذكر ثبوت تاريخه لأنه ربط هذه الوسيلة بالعقد العرفي دون غيره .
وإلى جانب عقد الإيـجار كذلك يوجد عقد المرتب مدى الحيـاة إذ نص المادة 615 ق م :( العقد الذي يقرر المرتب لا يكون صحيحا إلا إذا كان مكتوبا وهذا دون إخلال بما يتطلبه القانون من شكل خاص بعقود التبرع ) .
ثانيا : في التصرفات التجارية
ونركز فيها بصفة أساسية على الأوراق التجارية والتي تعرف بأنها "سندات مكتوبة في شكل قانوني محدد وتتضمن إلتزاما بدفع مبلغ من النقود في وقت معين أو قابل للتعيين "[27]، ويمكن نقل الحق الثابت فيها عن طريق التظهير أو التسليم ، والأوراق التجارية معدة أصلا للإستجابة لحاجيات التجارة خاصة ما يتعلق منها بالسرعة والإئتمان ، وهو ما جعل الطابع العرفي يغلب عليها ، وبذلك فهي عبارة عن أوراق عرفية نظمها المشرع في القانون التجاري في الكتاب الرابع منه بالمواد من 389 إلى 543 مكرر24 منه واشترط فيها بعض البيانات الإلزامية تحت طائلة عدم قبولها والإحتجاج بها ، ومن بين هذه البيانات تسمية السند وتاريخ إستحقاقه وإسم المستفيد منه والمسحوب عليه ، ومكان الوفاء بها وتوقيعــها .
وإضافة إلى الأوراق التجارية هناك عقود نقل الحقوق المادية المتعلقة بالملكية الفكرية والحقوق المجاورة إذ تنص المادة 62 من الأمر[28] 03/05 ( يتم التنازل عن حقوق المؤلف المادية بعقد مكتوب ، ويمكن إبرام العقد عند الحاجة بواسطة رسائل أو برقيات تحدد الحقوق المادية المتنازل عنها وفقا لأحكام المادة 65 ) وكذلك عقود نقل العلامات ، حيث نصت المادة 15 من الأمر[29] 03/06 المتعلق بالعلامات على :( تشترط تحت طائلة البطلان الكتابة وإمضاء الأطراف في عقود نقل أو رهن العلامة المودعة أو المسجلة في المادة 14 ، وفقا للقانون الذي ينظم هذه العقود ) . وتشترط الكتابة كذلك في كل من عقدي نقل وتحويل الحقوق المتعلقة ببراءة الإختراع طبقا للمادة 36/2 من الأمر[30] 03/07 ، وكذلك الأمر فيما يخص التصاميم الشكلية.
المطلب الثاني : الكتابة الإلكترونية
بالرجوع إلى نص المادة 323 مكرر1 من القانون المدني نجد أن المشرع قد سوى بين الكتابة الورقية والإلكترونية كشكلين للتصرفات القانونية ، إلا أن الملاحظ هو أن الكتابة الورقية في قد تكون رسمية أو عرفية فكيف يكون ذلك في الكتابة الإلكترونية ؟.
لقد عرفت المادة 324 ق م العقد الرسمي على أنه :( عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ، ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته وإختصاصه ) ، ومن ثم فإذا لم يتوافر أي شرط من الشروط التي تطلبها القانون لإعتبار العقد رسميافإنه يفقد صفته الرسمية ولا يكون له إلا قيمة المحرر العرفي ، وهذا ما يكون مبررا كافيا لإستبعاد الرسمية في العقود الإلكترونية لصعوبة تطبيقها ، واعتبارها كتابة عرفية ، وهنا يثور التساؤل عن مدى جدية هذا الشكل كطريقة من طرق الإثبات في العقود الإلكترونية[31]، وذلك من منطلق أنها تتوفر على شرطي الكتابة والتوقيع مع إمكانية التصديق عليها بإنشاء موقع على الأنترنيت ، وهو الأمر الذي أصبحت تضطلع به حديثا شركات متخصصة تقوم بالتصديق وحفظ المعلومات المدونة على الدعامات الإلكترونية لضمان سلامتها لمدة طويلة ، ويقوم هذا الموقع بوظيفته بعد إمداده بوسائل تمكنه من معرفة هوية المتعاقد ، ثم القيام بشهر هذه التصرفات[32] .
الفرع الأول : مفهوم الكتابة في الشكل الإلكتروني
عرف المشرع الجزائري الكتابة في المادة 323 مكرر ق م كما سبق وأن ذكرنا ، وهي تشمل الكتابة الإلكترونية التي لم يعط لها تعريفا مستقلا ، في حين يعرف المحرر الإلكتروني فقها على أنه :( كل إنتقال أو إرسال أو إستقبال أو تخزين لرموز أو إشارات أو كتابة أو صور أو أصوات أو معلومات أيا كانت طبيعتها من خلال وسيط إلكتروني )[33] ، كما يعرف العقد الإلكتروني بأنه :( كل عقد تصدر فيه إرادة أحد الطرفين أو كليهما أو يتم التفاوض أو تبادل وثائقه كليا أو جزئيا عبر وسيط إلكتروني ).
إذن تتمثل الكتابة الإلكترونية في النص المكتوب إلكترونيا ، أوالصور أوالرسومات المصاحبة له على شاشة الحاسب الآلي ، وكذلك المعطيات المرتبطة بهذا النص المخزن في ذاكرة هذا الأخير ، وأخيرا جهاز الطباعة المتصل بالجهازالآلي والذي يمكن من خلاله نقل النص المكتوب إلكترونيا إلى الكتابة الورقية[34] .
الفرع الثاني : شروط الكتابة الإلكترونية
لا يعتد بالشكل في الكتابة الإ لكترونية طبقا للمادة 323 مكرر 1 ق م إلا بتوفر شرطين أساسيين هما: التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها ، ثم حفظها في ظروف تضمن سلامتها .
أولا : التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها : لا يتأتى التأكد من هوية مصدري التصرفات القانونية إلا بالتوقيع الذي يعد إقرارا منهم بمضمون ما ورد بالعقد ، وبالتالي فإن آثار التوقيع في الدعامات الورقية هو الأصل ومفصول فيه وفي مدى حجيته منذ أمد ، إلا أن الإشكال لا يزال قائما في العقود الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني ، وبذلك لا بد من تحديد مفهوم التوقيع الإلكتروني ثم حجيته .
01/ مفهوم التوقيع الإلكتروني : نصت الفقرة الثانية من المادة 327 ق م على :( يعتد بالتوقيع الإلكتـروني وفق الشروط المذكورة في المادة 323 مكرر 1 أعلاه) ، إلا أنه لم يعرف لا من المشرع ولا الفقه ولا القضاء الجزائري لحداثة عهده ، في حين عرفته التوجهات الأوروبية المتعلقة بالتجارة الإلكترونية الصادر بتاريخ 08 يونيو2000 ، والمنشورة بالجريدة الرسمية للإتحاد الأوربي j.o.c .e بتاريخ 17 يوليو 2000 في المادة 02 منها علـى أنه :( بيان يأخذ الشكل الإلكتروني ويرتبط أو يتصل بشكل منطقي بمعطيات إلكترونية أخرى ، والذي يمكن أن يخرج بشكل موثق )[35]. إذن هو عبارة عن توقيع رقمي يقوم على رموز سرية وبمفتاح غير متناسق ، أي خاص ومختلف يقوم بحل التشفير لقراءة بقية الرسائل المرموزة ، وهو يأخذ أشكال متعددة ومختلفة فيمكن أن يكون عن طريق الماسح الضوئي ، أو بطاقات الإئتمان الممغنطة ، أو بتوقيع رقمي يقوم على فكرة اللوغرتمية الحسابية.
02/ حجية التوقيع الإلكتروني : بالرجوع إلى نصوص القانون المدني لا سيما المادتين 323 مكرر و327 منه نجد أن المشرع الجزائري قد حسم الأمر فيما يخص ذلك وإعتبره كالتوقيع على الورق ، وجعله معتدا به شرط أن يتوفر على الشروط التي يجب أن تتوفر في الشكل الإلكتروني فيما يخص التأكد من الهوية والحفظ بما يضمن السلامة ، أما فيما يخص قبول المحررات الموقعة إلكترونيا في المعاملات التجارية كشكلية للإثبات فلا مانع قانوني لها[36] .
ثانيا : وسائل الحفظ التي تضمن السلامة : بالرجوع إلى القانون الجزائري لانجد نصوصا تنظم ذلك ، بعكس بعض التشريعات الأخرى الحديثة ، وإنما الوسيلة المتعارف عليها هي اللجوء إلى مقدمي خدمات التصديق الإلكتروني والتي لها دور فعال في تحقيق الأمان القانوني للتصرفات ذات الشكل الإلكتروني ، فمقدمي هذه الخدمات هم من يضمنون أن المفتاح العام المستخدم هو فعلا لمرسل الرسالة ومن صلاحياته ، أما مقدمي الخدمات فيعرفون بأنهم "جهة أو منظمة عامة أو خاصة تستخرج شهادات إلكترونية تؤمن صلاحية الموقع وحجية توقيعه" ، وهذه الشهادة تعتبربطاقة هوية إلكترونية تم وضعها بواسطة شخص مستقل عن العقد ومحايد ، إذن فلا مجال للتأكد من هوية القائم بالتصرف القانوني في الشكل الإلكتروني إلا عن طريق مقدمي خدمات التصديق الذين يرمز إليهم بـ[37](PSC) ، وهم كل كيان أو شخص سواء طبيعي أو معنوي يتولى تسليم الشهادات أو يقدم أية خدمات أخرى متصلة بالتوقيعات الإلكترونية[38] .
الفرع الثالث: تطبيقات الكتابة الإلكترونية
ينتشر إستعمال العقود الإلكترونية أساسا في عقود التجارة الخارجية بحيث تعد مجال خصبا له ، إذ تتميز بأنها عبارة عن نوع من أنواع العقود بين الغائبين إذ تقع بين شخصين طبيعيين أو معنويين لا يعرفان بعضهما ، ولايريان البضاعة ، وإنما يطلعان فقط على المواصفات عبر شاشة جهاز الكمبيوتر ولا تتوفر فيها الضمانات الكافية ، لاسيما في حالات الجزاءات المترتبة عن الإخلال بالإلتزامات وفسـخ العقد بإرجاع الأطراف المتعـاقدة إلى ما كانوا
عليه ، فهو أمر جد صعب في هذا النوع من العقود خاصة في الجزائر وذلك للنقص الملحوظ في هذا المجال فيما يخص النصوص المنظمة لها ، ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر بأن المشرع الجزائري قد أحاط هذا النوع من العقود والبيانات الإلكترونية بحماية جزائية في المواد 394 مكرر إلى 394 مكرر 7 من قانون العقوبات .
الفصل الثاني :
الشكلية السابقة للتصرف القانوني واللاحقة له
كما سبق وأن أشرنا فإن الغالب في القوانين الحديثة و من بينها القانون الجزائري طغيان مبدأ سلطان الإرادة والرضائية في التصرفات القانونية ، رغم ما قد يرد عليهما من الإستثناءات ، بإشتراط بعض الشكليات التي قد تستلزم في مرحة إنشاء التصرف ـ وهي التي تناولناها بالدراسة في الفصل الأول ـ فقد تشترط هذه الشكليات قبل إبرام التصرف أيضا كما هو الحال في كل من شكل الوعد بالتعاقد طبقا للماتين 71 ، 72 من القانون المدني ، و التوكيل فيه طبقا للمادة 572 من التقنين المدني، و أوامر التصرف في أموال القصرالصادرة عن القضاء طبقا لأحكام قانون الأسرة ، وبالإضافة إلى ذلك كله فقد تشترط هذه الشكليات في مرحلة ما بعد إنشاء التصرف ، مثلما هو الحال بالنسبة لتسجيل بعض العقود لدى مصلحة الطابع والتسجيل، أو شهرها بالمحافظة العقارية ، أو قيد ونشر بعض التصرفات الأخرى لدى مصالح السجل التجاري والنشرات المختصة بذلك ، وهو ما يسمى بالإشهار التجاري ، ولتحليل كل هذه الشكليات سابقة كانت للتصرف أو لاحقة له في هذا الفصل الثاني إرتأينا تقسيمه إلى مبحثين حسب مرحلة إشتراط الشكل كالآتي:
المبحث الأول :
الشكليات السابقة للتصرف
ونقصد بهذه الشكليات كل من الوعد بالتعاقد والتوكيل فيه ، ثم التصرفات المتوقـفة على إذن من القاضي أو ما يسمى بشكليات التأهيل ونتناولـها على التولــــي :
المطلب الأول : شكل الوعد بالتصرف
ونفرق في هذا المطلب بين الوعد بالتصرف و شكله ، ثم نبين الإرتباط بين شكل الوعد بالتصرف وشكل التصرف في حد ذاته .
الفرع الأول : المقصود بالوعد بالتصرف
نصت عليه المادتين 71 و72 من القانون المدني ، وهو إتفاق يعد فيه أحد المتعاقدان الآخر بالتصرف إليه إذا رغب هذا الأخير في ذلك خلال مدة معينة في المستقبل[39] ، وقد ساوى المشرع الجزائري في المادتين المذكورتين أعلاه بين الوعد المتبادل الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين بإبرام عقد معين في المستقبل وبين الوعد الملزم لجانب واحد سواء من حيث الشروط الواجب توافرها فيـه أو الآثار المترتبة عنه ، ويشترط في إنعقاد الوعد حصول الإتفاق على طبيعة الوعد ، وتعيين المسائل الجوهرية للتصرف الموعود به ، وتحـديد المدة المقررة لذلك[40]
الفرع الثاني : تأثير شكل التصرف على شكل الوعد به
من خلال الفقرة الثانية من المادة 71 ق م التي تنص على :( إذا اشترط القانون لتمام العقد إستيفاء شكل معين فهذا الشكل يطبق أيضا على الإتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد ) ، و المادة 72 من نفس القانون على :( إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه المتعاقد الآخر طالبا تنفيذ الوعد ، وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد وخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة ، قام الحكم مقام العقد ) ، و نستخلص منها أن الوعد بالتصرف لا بد أن يكون شكليا كلما اشترط المشرع الشكلية في التصرف الموعود به ، وقد أكدت المحكمة العليا على شكلية الوعد بالتعاقد في عدة قرارات كالقرار[41] المؤرخ في 25/07/1995 ، وكذلك مجلس الدولة في القرار[42] المؤرخ في15/07/2002 الذي جاء فيه :(لا يمكن الإحتجاج بالوعد بالبيع في مواجهة الغير إلا إذا أتبعت فيه إجراءات الشهر العقاري )[43] ، ولا يمكن إجراء الشـهر إلا في العقد الرسمي ، كما أن إستيفاء الشكل في الوعد بالتصرف يلزم القاضي بالأمر بإتمام التصرف عند رفع النزاع إليه ، مثلما كان يفعل القضاء الجزائري خطاءا قبل عام 1997 حينما كان يأمر باستكمال الإجراءات في العقود العرفية التي موضوعها نقل ملكية عقارية أو محلات تجارية .
المطلب الثاني : شكل التوكيل في التصرف
قد تناول المشرع الجزائري تنظيم الوكالة في الفصل الثاني من الباب التاسع من الكتاب الأول من القانون المدني في المواد من 571 إلى 589 منه باعتبارها عقدا مؤهلا للقيام بتصرف قانوني ما ، فنصت المادة 571 على أن الوكالة أو الإنابة هي عقد تفويض للقيام بعمل ما[44] ، ثم نصت المادة 572 على أنه :( يجب أن يتوفر في الوكالة الشكل الواجب توفره في العمل القانوني الذي يكون محل الوكالة ، ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك ) . وبذلك نكون أمام قاعدة عامة هي أن كل عقد شكلي ، لا بد أن يتخذ التوكيل فيه شكله إذا لم يقرر القانون خلاف ذلك ، ويمكن في هذه الحالة أن يحدد القانون شكلا خاصا[45] ، وعليه نتناول التصرف القانوني محل الوكالة ، ثم شكل الوكالة كـما يلي :
الفرع الأول : التصرف القانوني محل الوكالة
يكون إلتزام الوكيل في عقد الوكالة منصبا أساسا على القيام بعمل أو تصرف قانوني لحساب الموكل ، ولذلك فمحل الوكالة الأصلي هو دوما تصرف قانوني[46] ويجب أن تتوفر في التصرف القانوني محل الوكالة عدة شروط مثله مثل سائر العقود طبقا للقواعد العامة، فلا بد أن يكون التصرف ممكنا غير مستحيل ، معينا أو قابلا للتعيين ، ومشروعا[47] .
الفرع الثاني : تأثير شكل التصرف على شكل التوكيل فيه
ويعني ذلك أن توجد علاقة تبعية بين عقد الوكالة والتصرف القانوني موضوع أو محل التوكيل لتحديد الشكل القانوني الذي يجب أن يتخذه عقد الوكالة ، فمثلا إذا كان عقد الوكالة يتمثل في قيام الوكيل ببيع عقار الموكل ، فيجب أن يتخذ عقد الوكالة الشكل القانوني الذي يجب توفره في عقد بيع العقار ، وطالما أن المشرع يشترط في التصرفات العقارية شكلية الكتابة أو الرسمية ، فيجب عندئذ بالتبعية أن تكون الوكالة مكتوبة ورسمية ، ونتيجة لذلك يمكن القول على سبيل الذكر لا الحصر[48] ، أنه كلما كان محل الوكالة تصرفا من التصرفات القانونية التي أوردتها المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني والتي يشترط فيها الكتابة والرسمية ، فإن شكل الوكالة تكون كذلك ، ويجب أن يحرر عقد الوكالة في قالب رسمي طبقا لمقتضيات المادة 324 ق م وبذلك تكون له نفس حجية العقود الرسمية ويرتب الآثار نفسها التي ترتبها تلك التصرفات[49].
المطلب الثالث :
شكل التأهيل للقيام بالتصرف القانوني
ويقصد بالأشكال المؤهلة للقيام بالتصرفات القانونية الأعمال القانونية المعدة لإكمال التعبير عن الرضا من أجل جعل التصرف صحيحا ونافذا ، وتتعلق أساسا بأهلية الآداء ، فيمكن في بعض الحالات أن تكون إرادة أحد الأشخاص غير كافية لتكوين وإبرام التصرف بصورة سليمة ، وعند إذ يجب إتمامها بالحصول على إذن من أشخاص آخرين ، فالقاصر مثلا أو الموضوع تحت الوصاية أو القوامة ليس بإمكانه القيام ببعض التصرفات ، إلا بعد الحصول على إذن قضائي[50] ، ومنه ما ورد في المادة 84 من قانون الأسرة ، كما أن ولي القاصر هو كذلك يحتاج لهذا الإذن في بعض الحالات كما ورد في المواد 88 و95 و 100 من نفس القانون ، فالإذن القضائي المطلوب في هذه الحالات سواء تعلق الأمر بإكمال إرادة عديم الأهلية أو سلطات أحد الأشخاص[51] ، هو عمل قانوني متميز ، وهو منفصل ومستقل عن التعبير عن الرضا ويختلف عن باقي الأشكال القانونية والإتفاقية المذكورة سلفا[52] .
المبحث الثاني :الشكليات اللاحقة للتصرف
وهذه الشكليات قد تكون متعلقة بالعلنية وحق الغير في العلم بالتصرف الجاري على الأموال وخاصة ذات الأهمية كالعقارات والمحلات والشركات التجارية ، كما قد تتعلق بإستيفاء حقوق الخزينة العامة على هذه المعاملات ، وسوف نتناول كل هذه الشكليات بداية بالتسجيل الضريبي ثم الشهر العقاري ثم القيد والنشر في السجل التجاري وهو مانسميه بالإشهار التجاري كما يلي :
المطلب الأول : التسجيل الضريبي
قد نص قانون التسجيل رقم 76/105 المؤرخ في 19/06/1976 على تسجيل جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية العقارية والحقوق المتعلقة بها ، وكذلك التصرفات الواردة على المحلات والشركات التجارية بل كل العقود الرسمية مهما كان موضوعها ، ولذلك سوف نتعرض إلى مفهوم التسجيل باعتباره أحد الأشكال اللاحقة للتصرف ،ثم إلى أهميته وآثاره كم يلي :
الفرع الأول : مفهوم التسجيل الضريبي
التسجيل الضريبي هو تلك العملية الجبائية المنظمة من طرف إدارة الضرائب وفق قواعد وضوابط محددة قانونا، يتم من خلالها تأدية الرسم المستحق لحساب الخزينة العمومية ، كما أنه يمثل شكلية مفروضة قانونا على معاملات محددة[53] .
وبما أن التسجيل عملية تكون لأجل تحصيل الرسوم ، فإن هذه الرسوم تختلف عن غيرها من الرسوم الأخرى كرسوم الشهر مثلا التي تستوفيها المحافظة العقارية ، أما هذه الأخيرة فترجع إلى مصلحة التسجيل والطابع[54].
والمعيار المعتمد أساسا في إستيفاء حقوق التسجيل باعتبارها ضريبة هو القيمة التجارية الحقيقية عند تاريخ نقل الملكية ، أو الثمن الحقيقي أو المصرح به في العقد محل التصرف إضافة إلى الأعباء[55] .
الفرع الثاني : أهمية التسجيل الضريبي
تعود أهمية التسجيل بالدرجة الأولى باعتباره إجراء لتحصيل الرسوم إلى كونه مصدر من مصادر تمويل الخزينة العمومية ،ويتعلق بحقوق تستوفيها الإدارة بغض النظر عن مدى صحة العقد ، سواء كان رسميا صحيحا أو باطلا ، ولذلك نصت المادة 190 من قانون التسجيل على أنه :( لا يمكن إسترداد الرسوم المحصلة بصفة قانونية على الوثائق التي يتم ابطالـها أو فسخها فيما بعد )[56].
الفرع الثالث : آثار التسجيل الضريبي
إن التسجيل ما هو إلا إجراء جبائي يستهدف تحصيل الرسوم ، وهو لا يعطي أية صبغة رسمية إضافية للمحررات الرسمية الخاضعة له ، وما هو إلا إلتزام قانوني يقع على عاتقالأطراف أحيانا والموثقأحيانا أخرى، وذلك تحت طائلة العقوبات المالية والجزائية في حالة عدم قيامه بذلك أو تأخره عن تسجيل المحرر في مواعيده[57]، كما أنه ورغم نص المشرع على ثبوت تاريخ العقد العرفي من يوم تسجيله في المادة 328 من القانون المدني إلا أن التسجيل لا يمنحه الصبغة الرسمية وهو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في24/09/1990 تحت رقم 62624 :(...بما أن تسجيل العقد العرفي لا يكسبه الرسمية ، بل أقصى مايفيده التسجيل هو إثبات التاريخ فقط ، أما مضمون العقد فيبقى دوما بعيدا عن الرسمية )[58].
بل أن حتى تسجيل العقود العرفية أصبح غير جائز منذ صدور قانون المالية لسنة 1992 والذي منعت المادة 63 منه مسؤولي إدارة التسجيل من القيام بتسجيل العقود العرفية الناقلة لملكية المحلات التجارية والعقارات[59]وغيرها وبالتالي تكون وظيفة التسجيل باعتباره وسيلة لإعطاء العقد العرفي تاريخا ثابتا قد ألغيت .
المطلب الثاني : الشهر العقاري
باعتبار أننا لسنا في دراسة متخصصة في موضوع الشهر العقاري الذي هو موضوع واسع يستحق بحثا مستقلا فإ فلا يسعنا الإحاطة بجميع جوانبه ولذلك نحاولفي هذا المقام تحديد مفهومه وأهميته ، ثم الآثار المترتبة على إتمامه أو تخلفه في التصرفات الواجبة الشهر،ونتناول هذه المسائلفي فرع ثلاث كما يلي :
الفرع الأول : مفهوم الشهر العقاري
في ظل التشريع الجزائري الحالي لا نستطيع إعطاء تعريف محدد للشهر العقاري ، وذلك نظرا للنظام المزدوج الموجود حاليا والذي يزاوج بين كل من انظام الشهر العقاري العيني في الأراضي التي تم استكمال إجراءات المسح فيها والشهرالشخصي في الأراضي التي لم يتم المسح فيها وذلك لصعوبة تقدم عمليات المسح ، فضلا على أن المشرع الجزائري لم يحسم بعض المسائل التي تشكك في تبني نظام الشهر العيني ، وهو ما وتتسبب في بروز عدة تناقضات بين ما ورد في الأمر 75/74 وبعض أحكام القانون المدني المنقولة من القانون المصري المتبني لنظام الشهر الشخصي[60] ، وأهمها قابلية قرارات المحافظ العقاري للطعن القضائي .
أما شهر التصرف فهو إجراء يتطلبه القانون أساسا بغية إعلام الغير بحصول هذا التصرف حتى يكون حجة عليهم في نقل الملكية العقارية أو الحقوق العينية العقارية [61] التي تكون محل عقود رسمية سبق شهرها ، ويعتبر ذلك شرطا ضروريا لإجراء عملية الشهر تحت طائلة عدم قبوله.
كما يعرف الشهر العقاري كذلك بأنه عمل فني يهدف إلى تسجيل مختلف التصرفات الواردة على العقارات بإدارة الشهر العقاري لإعلام الكافة بها إظهارا لوجودها ، ليكون الجميع على بينة من أمرها ، ويعتبر من الأهداف التي ترمي إليها معظم تشريعات العالم من أجل تنظيم الملكية العقارية ومنع المضاربة فيها[62] .
إلا أنه وفي دراستنا هذه سنحاول أن نعطيه تعريفا أكثر ارتباطا يموضوع الدراسة ، وذلك على أنه يمثل مجموعة الإجراءات التي نظمها المشرع واشترط أن تتبع العقد الرسمي الناقل للملكية العقارية أو الحقوق العينية عليها لإتمام ترتيب آثاره ، وأوكلها للمحافظة العقارية[63] .
وفي هذا الصدد أيضا لا بد من التذكير بأن هناك إختلاف بين إجراءات الشهر العقاري والمتمثلة في التسجيل والقيد والتأشير ، بحيث يتعلق التسجيل (transcription ) بنقل الملكية العقارية أو الحقوق العينية الأصلية ، وهو ما تؤكده المواد 165 و793 و803 و916 من القانون المدني و يختلف بدوره التسجيل في المحافظة العقارية عن التسجيل في مصلحة الطابع والتسجيل ، أما القيد فهو الإجراء الذي يتعلق بالحقوق العينية التبعية أو التأمينات العينية كالرهون ، مثلما نصت عليه المواد 897/2 و904 و909 و1000 من القانون المدني ، ويتم كل من القيد والتسجيل في سجل الإيداع الممسوك لدى المحافظ العقاري ، بعكس التأشير والذي هو مجرد ملاحظات ملخصة عن الحقوق العينية التبعية وحقوق الإمتياز والأوامر القضائية المتعلقة بها كالتي نصت عليها المواد 922 و 944 و 967 ق م ، يقوم بها المحافظ العقاري في البطاقات العقارية فقط دون تسجيلها في سجل الإيداع وذلك نظرا لطابعها المؤقت لأنها قد تخضع للتجديد أو الشطب فيما بعد .
الفرع الثاني : أهمية الشهر العقاري
يضطلع الشهر العقاري بدور وأهمية بالغين فهو الضمان الأساسي للعلنية في إنتقال الحقوق العقارية ، بحيث يستطيع أن يعلم كل شخص يريد التعامل فيها بمن هو مالكها الذي يصح التعامل معه ، كما أنه يوفر الثقة بين المتعاقدين ويضمن سلامة التصرفات العقارية ، ويسهل تداول العقارات ويدعم الإئتمان بشأنها نظرا لأهميتها البالغة وقيمتها ، كما أنه ينشط سوق المال وينمي الإقتصاد الوطني ويتيح فرص الإستثمار بشكل واسع[64] ، وذلك بتبيان العقارات والحقوق العينية وأصحابها وتدعيم الرهون والقروض ، إضافة إلى أنه وسيلة من وسائل رقابة الدولة على السوق العقارية وتحصيل الرسوم وفرض الضرائب على الملاك لفائدة الخزينة العامة[65] ، كما أنه يعتبر النظام الأمثل الذي يؤمن المالك مما قد يعترضه من مضايقات عند مزاولة حقوقه على عقاره من إنتفاع واستغلال وتصرف[66] .
الفرع الثالث : آثار الشهر العقاري
نصت المادة 793 من القانون المدني على أنه :( لا تنقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في العقار سواء بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار ).
ونصت المادة 15 من الأمر 75/74 [67]على أن :( كل حق للملكية وكل حق عيني آخريتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ إشهارهما في مجموعة البطاقات العقارية ...) ، ونصت المادة 16 منه على أن :( العقود الإدارية والإتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تصريح أو تعديل أو إنقضاء حق عيني لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية ) ، ونصت المادة 17 منه على شهر عقود الإيجار التي تزيد مدتها عن 12 سنة .
ومن خلال هذه النصوص المذكورة تكون كل آثار التصرفات الواردة فيها موقوفة على إستكمال إجراءات الشهر العقاري ، سواء كان ذلك بين الأطراف أو بالنسبة للغير وهو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها رقم 68467 بقولها : ( وأن عملية الشهر العقاري هي وحدها التي تستطيع نقل الملكية طبقا لمقتضيات المادة 793 من القــانون المدني )[68] وعليه في حالة تزاحم المشترين فإن الملكية تنتقل إلى من إتخذ إجراءات الشهر وسجلها برقم محدد قبل الآخر ولو بساعات محدودة[69] ، ولا ينتج عن التصرفات التي لم تشهر إلا إلتزامات شخصية بين أطراف العقد في حالة ما إذا إستوفى العقد الشكليات المطلوبة لإنعقاده ، وهنا تجب التفرقة بين العقود المبرمة قبل 01/01/1971 والتي تعتبر صحيحة حتى ولو لم تكن رسمية ومشهرة ويمكن شهرها إستثناء تطبيقا لمبدأ الأثر النسبي للشهر المسبق طبقا للمادة 89 من المرسوم 76/63 ، لكن لا يكون لها أثر في مواجهة الغير إلا بعد إفراغها في الشكل الرسمي وشهرها ، أما العقود المبرمة بعد التاريخ المذكور أعلاه فلا يجوز شهرها إلا إذا كانت رسمية[70] ، وتشمل عملية شهر التصرفات الناقلة للملكية العقارية أو الحقوق العينية كذلك الوعد بالتصرف فيها[71] .
ويعتبر الدفتر العقاري النتيجة المباشرة والنهائية لإجراءات الشهر العقاري والذي تكون له القيمة القانونية النهائية والمطلقة لإثبات الملكية العقارية وهو ماجاء في القرار المؤرخ 21/04/2004 :( يؤسس الدفتر العقاري على أساس سند الملكية طبقا للمرسومين 75/74 و76/63 بعد استكماله للإجراءات والشكليات والآجال مما يجعله يكتسب القوة الثبوتية ، فالنعي باعتماد القضاة على التصريحات دون عقد الملكية يكون دون جدوى )[72] . كما أن الدفتر العقاري بعد منحه لا يمكن الطعن فيه إلا أمام القضاء وهو ماجاء في القرار المِؤرخ في 23/02/2005 :(لايجوز إعادة النظر والمنازعة في الحقوق الناتجة عن الترقيم النهائي ، المجسد في الدفتر العقاري إلا قضائيا )[73].
كما تجدر الإشارة هنا إلى أن المحافظ العقاري قد يرفض شهر العقد الرسمي المقدم له إستنادا إلى المادة 100 من المرسوم 76/63 وبذلك لا يكون لصاحبه سوى طريق الطعن في قرار الرفض أمام القضاء الإداري وبالغرفة الجهوية المختصة طبقا لنص المادة 24 من الأمر 75/74 وذلك بعكس منازعات الترقيم المؤقت التي يختص بنظرها القضاء العادي .
المطلب الثالث : الإشهار التجاري
قد نص القانون التجاري في عدة مواد على وجوب قيد التصرفات الواقعة على المحل التجاري وكذا عقود تأسيس الشركات وتعديلها وانحلالها والتنازل عن حصص فيها في السجل التجاري ، ومن بين هذه المواد 83 و 97 و 548 و 550 منه ، وهنا نلاحظ اختلاف المصطلحات المستعملة بين الإشهار والقيد أو التسجيل والنشر ، ويتبين أن الإشهار يقصد به كلا من إجراءات التسجيل والقيد بنفس المعنى إضافة إلى النشر بمعنى الإعلان .
الفرع الأول : مفهوم الإشهار التجاري
ويقصد به إجراءات القيد في السجل التجاري ثم عمليات النشر ونتناولهما على التوالي :
أولا:القيد في السجل التجاري : ويعني قيام مأمور المركز الوطني للسجل التجاري في إطار مسكه لهذا السجل وتسييره بتسجيل كل العقود الرسمية التي تعالج الوضع القانوني للمحلات التجارية والشركات التجارية في الدفتر العمومي الممسوك لديه ، ويعتبر القيد في السجل التجاري من شكليات التصرف في المحلات التجارية طبقا للمادة 97 من القانون التجاري[74] .
ثانيا:النشر : ويعني إعلان التصرف في شكل ملخص في جريدة مختصة بالإعلانات القانونية في الدائرة أو الولاية التي يستغل فيها المحل التجاري المتصرف فيه أو تم تأسيس الشركة ضمن نطاقها ويكون هذا الإعلان محليا ، كما أن هناك إعلان وطني يتم في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية خلال 15 يوما من أول نشر[75] .
إضافة إلى أن هناك نوع آخر من تسجيلات التصرفات التي تتعلق بالحقوق المعنوية لأصحاب الإبداعات الفكرية والتي يتوقف عليها نفاذ التصرف ، بحيث نصت المادة 36/3 من الأمر 03/07 المتعلق بالعلامات على :( لا تكون العقود المذكورة في الفقرة أعلاه نافذة في مواجهة الغير إلا بعد تسجيلها).
الفرع الثاني : أهمية الإشهار التجاري
لقد فرض المشرع الجزائري الإشهار في بعض التصرفات التجارية لا سيما المتعلقة بالمحلات والشركات التجارية كونها من عناصر الإنتاج المهمة التي يجب أن يعلم بها كل المعنيون وخاصة منهم دائنوا البائع أو المتنازل الذين قد يتعرضون إلى الخطر في حالة التصرف سرا وخفية ، ولهذا السبب ولحماية حقوقهم فرض المشرع إعلان هذه العمليات وشهرها لحماية الغير الذي يمكن يمكن أن تضر به[76] ، كما أن إعلان هذه التصرفات يعتبر إحدى ضمانات الإئتمان في القانون التجاري وتدعيما لإستقرار المعاملات التجارية داخل المجتمع ، وجعل كل المتعاملين على بينة من التصرفات الهامة الجارية داخل السوق .
الفرع الثالث : آثار الإشهار التجاري
إن إتمام عمليات الإشهار التجاري تمنح صفة التاجر لمتلقي المحل التجاري ، وتمنح الشخصية المعنوية للشركة التجارية ، إلا أن العنصر الأهم هو عند تخلف هذه الإجراءات وهو البطلان وذلك ما نصت عليه المادة 97 من القانون التجاري : ( يجب قيد البيع في ظرف ثلاثين يوما من تاريخ عقده وإلا كان باطلا ) ، كما نصت المادة 548 منه على وجوب إيداع العقود التأسيسية للشركات والعقود المعدلة لها لدى المركز الوطني للسجل التجاري ونشرها وإلا كانت باطلة ، وهو ما سارت عليه المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 27/09/1994 :( من المقرر قانونا أن كل تنازل عن محل تجاري ، ولو كان معلقا على شرط يجب إثباته بعقد رسمي وإعلانه في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية في الآجال المحددة وإلا كان باطلا وبدون أثر ...)[77].
كما تجب الإشارة إلى أن هناك فرق بين الإشهار العقاري الذي يخص التصرفات الواردة على العقارات والحقوق المتعلقة بها ، والإشهار التجاري الذي يخص التصرفات المرتبطة بالمحلات والشركات التجارية ، وهو ما بينته المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 06/11/2001 :( إن عقد التوثيق المتضمن إبرام عقد إيجار محل تجاري يخضع لإجراءات إشهار محددة في القانون التجاري وليس لإجراءات الإشهار العقاري المنصوص عليها في المادة 85 من قانون السجل العقاري لأنه لا يؤدي إلى أي تعديل في الوضعية القانونية للعقار الموجود في المحل المستأجر ، وأن القرار المطعون فيه لما إعتبر عقد
الإيجار لمحل تجاري يخضع لعملية الإشهار العقاري فإنه خرق للقانون يعرضه للنقض )[78].
كما أنه وبناء على القرار المذكور تكون التفرقة كذلك واجبة بين آثار الشهر التجاري والشهر ، العقاري فيترتب عن تخلف الأول البطلان المطلق للتصرف بينما يترتب عن تخلف الثاني توقف ترتيب العقد لآثاره سيما في نقل الملكية .
الخـــــــــاتمة
من خلال هذا العرض الموجز لبعض الشكليات الخاصة بالتصرفات القانونية والتي قد توجد قبل إنشائها أو حال الإنشاء أو بعد ذلك ، نلاحظ بأن هذه الشكليات تجعل التصرفات القانونية في بعض الحالات محل خلل ، وذلك نظرا للجزاءات التي قد تلحق التصرف من جراء تخلفها أو وجودها ناقصة ، ونجد أيضا أن المشرع بعد أن إعتنق مبدأ الرضائية وجعله قوام التصرفات القانونية عاد وقيده في بعض الحالات وجعله يخضع لصيغ وإجراءات شكلية ، ووضع بغرض ضمان إحترامها عدة جزاءات تترتب عن تخلفها ، والتي تكون في بعض الحالات البطلان مثلما هو الحال في التصرفات التي جعل القانون فيها الرسمية أو الكتابة ركنا ، وفي بعض الأحيان الأخرى عدم الصحة مثلما هو الأمر في عقد المرتب مدى الحياة ، وعدم إنتقال الملكية في التصرفات الواجبة الشهر ، إلا أنه أغفل في حالات أخرى ذكر الجزاء وترك الأمر للإجتهاد الذي يحدده إنطلاقا من أهمية الشكل في التصرف ، فإذا ظهر الشكل في التصرف وكان المشرع قد فرضه لحماية مصالح عليا كان الجزاء المترتب عليه هو البطلان المطلق ، أما إن اتخذ الشكل دورا حمائيا لمصالح المتعاقدين فقط كان الجزاء عدم الصحة أو تراخي بعض آثار التصرف ، وإن تعلق بالغير كان غير نافذ في مواجهته ، إلى غير ذلك من الحالات .
وفي الختام وبعد كل هذا لا يسعنا إلا أن نقدم بعض الملاحظات التي تتعلق بالموضوع وبالنصوص المنظمة له وأهمها مايلي :
- ضرورة حصر النصوص المتعلقة بشكليات إنعقاد التصرفات القانونية ووضعها ضمن الباب المتعلق بأركان العقد في القانون المدني لتمييزها عن باقي الشكليات وضمان معرفتها واحترامها .
- وجود التعديلات غير المنسقة للقوانين والمواد خاصة الواردة منها في قانون المالية والتي تمس أحيانا بنصوص القانون المدني مثل المادة 256 من قانون التسجيل والتي عدلت بقانون المالية وأوجدت تعارضا بينها وبين المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني فيما يخص دفع الثمن لدى الضابط العمومي .
- تحديد الشكليات اللاحقة للتصرفات القانونية بدقة وضبط المصطلحات بشأنها وتوحيدها بين مختلف القوانين مع توضيح الآثار المترتبة على كل منها لتفادي اللبس الذي قد تثيره مثلما هو الحال بالنسبة لمصطلح التسجيل الذي يختلف معناه بين كل من قوانين التسجيل ، القانون المدني ، القوانين المنظمة للشهر العقاري والإشهار التجاري .
- عدم ضبط المصطلحات كذلك فيما يخص تسمية العقود والتفرقة بين الكتابة والرسمية لتفادي الغموض بينهما وما يخلقه من آثار على التصرفات القانونية ذاتها وإختلاف التوجهات في فهمها وتفسيرها .
وأخيرا نتمنى أن نكون قد وفقنا ولو بشيء يسير في عرض الموضوع وساهمنا ولو بالقليل في طرحه للنقاش .
المراجـــــــــع
أولا :المؤلفات
01. أحمد المهدي ، الإثبات في التجارة الإلكترونية ، المجلة الكبرى . طبعة 2006 . دار الكتب القانونية ، مصر .
02. الأستاذ بكوش يحيى ، أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي ، الطبعة الثانية عن المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر .
03. الأستاذ بو عبد الله رمضان، أحكام عقد الوكالة في التشريع الجزائري ، الطبعة الأولى 2007 ، دار الخلدونية ، الجزائر .
04. جاك غستان المطول في القانون المدني ، تكوين العقد ، ترجمة منصور القاضي ومراجعة فيصل كلثوم – الطبعة الثانية 2008 – مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت .
05. حمدي باشا عمر وليلى زروقي ، المنازعات العقارية . طبعة 02 سنة 2006 دا هومه الجزائر .
06. حمدي باشا عمر، نقل الملكية العقارية في ضوء آخر التعديلات وأحدث الأحكام ، طبعة 2004 دار هومه ، الجزائر .
07.حمدي باشا عمر ،الملكية العقارية الخاصة ، طبعة 2004 ،دار هومه . الجزائر .
08. الدكتور رمضان أبو السعود ،شرح العقود المسماة في عقدي البيع والمقايضة ، طبعة 2006 ، دار الجامعة الجديدة . الإسكندرية .
09. الدكتور رمضان أبوالسعود أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية – الدليل الكتاب طبعة 1994. الدار الجامعية .
10. الدكتور سعيد السيد قنديل ، التوقيع الإلكتروني ، طبعة 2006 ، دار الجامعة الجديدة . الإسكندرية .
11. للدكتور سليمان مرقس ،شرح القانون المدني ، العقود المسماة ، عقد البيع ، الطبعة الرابعة 1980،عالم الكتب .مصر .
12. للأستاذ سمير جميل حسين الفتلاوي، العقود التجارية الجزائرية ، طبعة 2001 ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر .
13. الدكتور عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – مصادر الإلتزام – المجلد 2 ، 1998، منشورات الحلبي ،بيروت لبنان.
14. عبد الحكم فوده، المحررات الرسمية والمحررات العرفية ، دار الفكر القانوني ، مصر
15. الدكتور علي فيلالي، الإلتزامات النظرية العامة للعقد ، 1997، مطبعة الكاهنة الجزائر .
16. عمر قليمي، الدليل العملي في التسجيل والطابع ، 1990 ، الجزائر .
17. مجيد خلفوني ، نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري ، د. و . أ . ت الطبعة 01 سنة 2003 . الجزائر .
18. الدكتور محمد علي عبده ، دور الشكل في العقود ( دراسة مقارنة ) . طبعة 02 عام 2005 منشورات زين الحقوقية ، بيروت . لبنان .
19. الدكتورة فرحة زراوي صالح ، الكامل في القانون التجاري الجزائري . المحل التجاري طبعة 2001 نشر وتوزيع إبن خلدون . الجزائر .
ثانيا :المذكرات
1. الكتابة الرسمية والتسجيل والشهر في نقل الملكية العقارية . مذكرة ماجيستير . بكلية الحقوق إبن عكنون ،من إعداد الطالبة بلقاضي كريمة . 2004/2005 .
2. حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات . دراسة مقارنة . علاء محمد عيد نصيرات (رسالة ماجستير ) دار الثقافة للنشر والتوزيع 2005 . العقود التجارية الجزائرية للأستاذ سمير جميل حسين الفتلاوي . طبعة 2001 ديوان المطبوعات الجامعية .
3. الشكلية للصحة في التصرفات المدنية في القانون الجزائري . زواوي محمود . رسالة ماجيستير .
ثالثا : المجلات القضائية
1. مجلة القضائية لسنة 1992 العدد الأول .
2. المجلة القضائية لسنة 1994 العدد الثالث .
3. المجلة القضائية لسنة 1996 . العدد الأول .
4. المجلة القضائية لسنة 1997 العدد الثاني .
5. المجلة القضائية لسنة 1999 العدد الأول .
6. المجلة القضائية لسنة 2001 العدد الثاني .
7. المجلة القضائية لسنة 2003 العدد الأول .
8. المجلة القضائية لسنة 2003 عن الغرفة العقارية ، العدد الثالث .
9. المجلة القضائية . الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية لسنة 2004 الجزء الثاني .
10 . مجلة المحكمة العليا لسنة 2005 العدد الأول .
11. مجلة مجلس الدولة لسنة 2003 العدد الثالث .
النصوص القانونية :
1. الأمر رقم 66/165 المؤرخ في 08/06/1966 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 49 بتاريخ 11/06/1966 المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم .
2. الأمر رقم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 92 بتاريخ 18/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري المعدل والمتمم .
3. الأمر رقم 75/58 المؤرخ في 26/12/1975 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 78 بتاريخ 30/10/1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم .
4. الأمر رقم 75/59 المؤرخ في 26/10/1975المنشور في الجريدة الرسمية رقم 101 بتاريخ 19/12/1975 المتضمن القانون التجاري المعدل والمتمم .
5. الأمر رقم 76/105 المؤرخ في 09/12/1976 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 49 بتاريخ 05/12/1978 المتضمن قانون التسجيل المعدل والمتمم .
6. المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 30 بتاريخ 13/04/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري المعدل والمتمم .
7. القانون رقم 84/11 المؤرخ في 09/06/1984 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 24 بتاريخ 12/06/1976 المتضمن قانون الأسرة المعدل والمتمم .
8. الأمر رقم 03/05 المؤرخ في 19/07/03 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 44 بتاريخ 23/07/03 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة .
9. الأمر رقم 03/06 المؤرخ في 19/07/03 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 44 بتاريخ 23/07/03 المتعلق بالعلامات .
10. الأمر رقم 03/07 المؤرخ في 19/07/03 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 44 بتاريخ 23/07/03 المتعلق ببراءة الإختراع .
11. القانون رقم 06/02 المؤرخ في 20/02/2006 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 14 بتاريخ 08/03/2006 المتضمن قانون تنظيم مهنة الموثق .
12. الأمر رقم 06/03 المؤرخ في 15/07/06 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 46 بتاريخ 16/07/06 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية .
الفهــــــــــــــرس
العنوان الصفحة
مقدمة ..........................................................................ص 01
الفصل الأول:الشكلية في مرحلة إنشاء التصرف القانوني.........................ص 04
المبحث الأول:الشكل الرسمي ...................................................ص 06
المطلب الأول:مفهوم الشكل الرسمي وشروطه ..................................ص 06
الفرع الأول:مفهوم الشكل الرسمي ..............................................ص 06
الفرع الثاني :شروط الشكلية الرسمية ...........................................ص 07
الفرع الثالث:أنواع العقود الرسمية ..............................................ص 10
المطلب الثاني:آثار توافر أو تخلف الرسمية في التصرف القانون ................ص 13
الفرع الأول:آثار توافر الرسمية ................................................ص 13
الفرع الثاني :آثار تخلف الرسمية أوأحد شروطها ..............................ص 16
المطلب الثالث: بعض تطبيقات الرسمية ........................................ص 18
الفرع الأول:المعاملات الواردة على العقارات والمحلات التجارية والشركات.... ص 18
الفرع الثاني: بعض المعاملات الواردة على السفن ..............................ص 20
المبحث الثاني:الشكل العرفي :..................................................ص 21
المطلب الأول الكتابة العرفية الورقية ...........................................ص 22
الفرع الأول:مفهوم الكتابة الورقية وشروطها .................................. ص 22
الفرع الثاني:آثار الكتابة العرفية الورقية ........................................ص 24
الفرع الثالث :بعض تطبيقات الكتابة العرفية الورقية ........................... ص 25
المطلب الثاني:الكتابة الإلكترونية .............................................. ص 28
الفرع الأول:مفهوم الكتابة الإلكترونية ......................................... ص 29
الفرع الثاني:شروط الكتابة الإلكترونية ......................................... ص29
الفرع الثالث:تطبيقات الكتابة الإلكترونية ....................................... ص31
الفصل الثاني:الشكلية السابقة للتصرف القانوني واللاحقة له ....................ص 33
المبحث الأول:الشكليات السابقة للتصرف ......................................ص 34
المطلب الأول:شكل الوعد بالتصرف ...........................................ص 34
الفرع الأول:المقصود بالوعد بالتصرف.........................................ص 34
الفرع الثاني :تأثير شكل التصرف على الوعد به................................ص 35
المطلب الثاني:شكل التوكيل في التصرف ......................................ص 36
الفرع الأول:التصرف القانوني محل الوكالة ....................................ص 36
الفرع الثاني:تأثير شكل التصرف على شكل التوكيل فيه.........................ص 37
المطلب الثالث:شكل التأهيل للقيام بالتصرف القانوني............................ص 38
المبحث الثاني :الشكليات اللاحقة للتصرف......................................ص 39
المطلب الأول :التسجيل الضريبي ..............................................ص 39
الفرع الأول:مفهوم التسجيل الضريبي...........................................ص 39
الفرع الثاني:أهمية التسجيل الضريبي ..........................................ص 40
الفرع الثالث:آثار التسجيل الضريبي............................................ص 40
المطلب الثاني:الشهر العقاري...................................................ص 42
الفرع الأول:مفهوم الشهر العقاري..............................................ص 42
الفرع الثاني:أهمية الشهر العقاري..............................................ص 44
الفرع الثالث:آثار الشهر العقاري................................................ص 45
المطلب الثالث:الإشهار التجاري................................................ص 47
الفرع الأول:مفهوم الإشهار التجاري............................................ص 47
الفرع الثاني:أهمية الإشهار التجاري............................................ص 48
الفرع الثالث:آثار الإشهار التجاري.............................................ص 49
الخاتمة........................................................................ص 51
الفهرس .
________________________________
[1] زواوي محمود ، الشكلية للصحة في التصرفات المدنية في القانون الجزائري . رسالة ماجيستير . بن عكنون . ص 62 .
[2] قانون التوثيق رقم 06/02 المؤرخ في 20 فبراير 2006 المتضمن تنظيم مهنة الموثق المادة 26 .
[3] ـ وهو ما يعزز القول بأن هناك شكلية قانونية وأخرى اتفاقية . يرى الأطراف إفراغ تصرفهم فيها ويختلف الفقه حول إعتبارها ركنا في العقد أم لا والراجح هو أن الجواب عن ذلك يرجع إلى القاضي بعد بحثه في نية الأطراف حول ما إن كانوا يعتبرونها ركنا أم لا.
[4] ـ حمدي باشا عمر ـ نقل الملكية العقارية ، دار هومه ، طبعة سنة 2004 . ـ ص 107 .
[5] الدكتور علي فيلالي ، الإلتزامات النظرية العامة للعقد. مطبعة الكاهنة 1997 . ص 236 .
[6] ـ القرار رقم 40097 المجلة القضائية عدد 01 سنة 1992 ص 119 نفس المرجع ـ حمدي باشا ـ ص 109 .
[7] القرار رقم 261995 المنشور بالمجلة القضائية عدد 01 سنة 2003 ص 338.
[8] الدكتور عبد الرزاق السنهوري . الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – مصادر الإلتزام – المجلد 2 ، منشورات الحلبي . بيروت . لبنان 1998. ص 115 .
[9] القرار رقم 148561 المنشور بالمجلة القضائية عدد02 سنة 1997 ص47.
[10] نفس القرار السابق .
[11] حمدي باشا عمر، حماية الملكية العقارية الخاصة ، دار هومه . طبعة 2004. ص30.
[12] الشكلية للصحة في التصرفات المدنية . مرجع سابق . ص66.
[13] القرار رقم 16876 المنشور بالمجلة القضائية عدد 03 سنة 1994 ص 146.
[14] الشكلية للصحة في التصرفات المدنية . مرجع سابق . ص 65.
[15] قرار رقم 176264 المنشور بالمجلة القضائية لسنة 1999 عدد 01 ص102 . الغرفة المدنية .
[16] . حمدي باشا عمر، نقل الملكية العقارية. مرجع سابق ص 129.
[17] القرار رقم 197347 المنشور بالمجلة القضائية . الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية 2004 الجزء الثاني ص258.
[18] وهو ما أكدت عليه المحكمة العليا في قرارها رقم 274325 المؤرخ في 21/07/2004 المنشور بمجلة المحكمة العليا عدد 02 سنة 2004 ( المبدأ: الصلح المنصب على عقار يخضع للرسمية) .
[19] القرار رقم 196507 المنشور بالمجلة القضائية . الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية الجزء 02 سنة 2004 ص 266.
[20] زواوي محمود ، الشكلية للصحة . مرجع سابق . ص 91.
[21] عبد الحكم فوده ، المحررات الرسمية والمحررات العرفية . دار الفكر القانوني . ص 53.
[22] نفس المرجع ص 54 .
[23] الأستاذ بكوش يحيى ، أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي . الطبعة الثانية عن المؤسسة الوطنية للكتاب ، ص 129.
[24] – الدكتور رمضان أبوالسعود ، أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية – الدليل الكتابي –.الدار الجامعية طبعة 1994. ص 201 .
[25] عبد الحكم فوده ، المحررات الرسمية والمحررات العرفية ، مرجع سابق ، ص55.
[26] الدكتور عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – مصادر الإلتزام – المجلد 2 ، منشورات الحلبي . بيروت . لبنان 1998 ، ص190 .
[27] الشكلية للصحة في التصرفات المدنية . مرجع سابق ص 116 .
[28] المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة و المؤرخ في 19/07/2003 جريدة رسمية رقم 44 المؤرخة في 23/07/2003 ص 03 .
[29] المتعلق بالعلامات المؤرخ في 19/07/2003 . ج ر 44 .
[30] المتعلق ببراءة الإختراع المؤرخ في 19/07/2003 . ج ر 44 .
[31] أحمد المهدي . الإثبات في التجارة الإلكترونية . دار الكتب القانونية . مصر . المجلة الكبرى . طبعة 2006 . ص 43 .
[32] الدكتور سعيد السيد قنديل ، التوقيع الإلكتروني دار الجامعة الجديدة . الإسكندرية . طبعة 2006 . . ص 105 .
[33]أحمد المهدي . الإثبات في التجارة الإلكترونية . دار الكتب القانونية . مصر . المجلة الكبرى . طبعة 2006 . ص 25 .
[34] نفس المرجع . 27.
[35] الدكتور السيد قنديل ، التوقيع الإلكتروني . مرجع سابق ص 60.
[36] علاء محمد عيد نصيرات ، حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات . دراسة مقارنة . (رسالة ماجستير ) دار الثقافة للنشر والتوزيع 2005 . ص 82 .
[37] PRESTATAIRS DE SERVICES DE CERTIFICATION
[38] الدكتور السيد قنديل . التوقيع الإلكتروني . 62 .
[39] الدكتور رمضان أبو السعود ، شرح العقود المسماة في عقدي البيع والمقايضة . طبعة 2006 . دار الجامعة الجديدة . الإسكندرية . ص 166 .
[40] الدكتور سليمان مرقس ، شرح القانون المدني . العقود المسماة . عقد البيع . الطبعة الرابعة 1980عالم الكتب . ص 98 و99 .
[41] ملف رقم 133143 منشور بالمجلة القضائية عدد 01 سنة 1996 . ص 157 .
.
[43] ملف رقم 004983 منشور بمجلة مجلس الدولة . عدد 03 سنة 2003
[44] تنص المادة 571 من القانون المدني .( الوكالة أو الإنابة عقد بمقتضاه يفوض شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل وباسمه ) .
[45] مثل شكل الوكالة في قانون الإنتخابات رقم 89/13المؤرخ في 07/08/1989 المعدل والمتمم المواد من 50 إلى 60 .
[46] وذلك بعكس عقود العمل والمقاولة رغم أنهما ردا في نفس الباب التاسع المتعلق بعقود العمل من القانون المدني.
[47] طبقا للمواد 93 . 94 .95 . 96 . من القانون المدني .
[48] وذلك لأن هناك عقود أخرى إشترط فيها المشرع الرسمية في غير المادة 324 مكرر 01 ق م .
[49] الأستاذ بو عبد الله رمضان ، أحكام عقد الوكالة في التشريع الجزائري . دار الخلدونية . الطبعة الأولى 2007 . من ص 55 إلى 63 .
[50] المطول في القانون المدني . مرجع سابق . ص 471 .
[51] ( الولي . الوصي . المقدم ) .
[52] المطول في القانون المدني . مرجع سابق ص 472 .
[53] بلقاضي كريمة الكتابة الرسمية والتسجيل والشهر في نقل الملكية العقارية . مذكرة ماجيستير . بكلية الحقوق إبن عكنون. 2004/2005 ص 82 .
[54] الكتابة الرسمية والتسجيل والشهر . مرجع سابق . ص82 .
[55] عمر قليمي ، الدليل العملي في التسجيل والطابع 1990 ص 43 .
[56] حمدي باشا عمر ، نقل الملكية العقارية . مرحع سابق . ص116 .
[57] بلقاضي كريمة ، الكتابة الرسمية والتسجيل والشهر . مرجع سابق . ص 105 .
[58] حمدي باشا عمر ، نقل الملكية العقارية . مرجع سابق ص 117 .
[59] المقال المنشور في المجلة القضائية لرئيسها . ص 42 و43 . الإجتهاد القضائي للغرفة التجارية والبحرية . عدد خاص . 1999 . ص 42 و43 .
[60]عمر حمدي باشا وليلى زروقي، المنازعات العقارية . ص 41 طبعة 02 سنة 2006 دا هومه .
[61] حمدي باشا عمر، نقل الملكية العقارية في ضوء آخر التعديلات وأحدث الأحكام . ص 122 طبعة 2004 دار هومه .
[62] . أ. مجيد خلفوني ، نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري ، طبعة 01 . د. و . أ . ت 2003 . ص 13
[63] قد نظم المشرع الجزائري الشهر العقاري في القانون المدني المادة 793 والأمر 75/74 والمراسيم التنفيذية 76/62 و76/63 و80/210 و93/123 .
[64] الدكتور سليمان مرقس ، شرح القانون المدني . العقود المسماة. مرجع سابق ص 275 و276 .
[65] نظام الشهر العقاري . مرجع سابق . ص 20.
[66] نقل الملكية العقارية . مرجع سابق . ص 120 .
[67] المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري .
[68] القرار المؤرخ في 21/10/1990 مجلة قضائية 1992 عدد 01 ص 86 .
[69] نقل الملكية العقارية . مرجع سابق . ص 121 .
[70] المنازعا ت العقارية . مرجع سابق . ص 67 ، وذلك تأسيسا على بداية سريان قانون التوثيق .
[71] أنظر قرار مجلس الدولة رقم 004983 المذكور سابقا .
[72] قرار منشور بالمجلة القضائية عدد 03 سنة 2003 عن الغرفة العقارية ص 334 .
[73] قراررقم 282811 المنشور بمجلة المحكمة العليا عدد01 سنة 2005 ويكون الأمر من إختصاص القضاء الإداري بعكس الطعن بإلغاء العقود التوثيقية الذي هو من إختصاص القضاء العادي قرار مجلس الدولة رقم 013673 المؤرخ في 01/02/2005 ( إلغاء العقد التوثيقي المحرر من الموثق يخضع لرقابة القاضي العادي حتى في حالة وجود إدارة عامة طرفا في النزاع ) .
[74] الدكتورة فرحة زراوي صالح . الكامل في القانون التجاري الجزائري . المحل التجاري . طبعة 2001 نشر وتوزيع إبن خلدون . ص 264 .
[75] الأستاذ سمير جميل حسين الفتلاوي . العقود التجارية الجزائرية. طبعة 2001 ديوان المطبوعات الجامعية . ص 129 و130
[76] الكامل في القانون التجاري الجزائري . المحل التجاري مرجع سابق ص 242 .
[77] قرار رقم 125118 مأخوذ من كتاب القضاء التجاري . حمدي باشا عمر . ص 57 .
[78] القرار رقم 256008 المنشور بالمجلة القضائية . عدد 02 . سنة 2001 ص 214 وما يليها .