القضاء التجاري
النشأة والتطور - المشكـلة والحلول
إعداد القاضي/ محمد محمود عبدالله علي بازي
القاضي بالمحكمة التجارية بالأمانة
ورقة عمل مقدمة للمؤتمر القضائي الفرعي الأول
لأمانة العاصمة ومحافظات صنعاء والجوف والمحويت ومأرب
المنعقد في صنعاء للفترة من 21 إلى 22/9/2003م
عناصـر الورقة
1- مقدمة .
2- أهمية القضاء التجاري .
3- نشأة القضاء التجاري وتطوره والمراحل التي مر بها .
4- المشكلة التي يعاني منها القضاء التجاري وأسبابها .
- الأسباب الموضوعية .
- الأسباب التي تعود إلى القصور في التشريع .
- الأسباب التي تعود إلى الإدارة القضائية .
5- الحلول المقترحة .
مقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه العزيز ) إن الله يأمركم
أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ( ([1])
والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد القائل : « إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا » ([2]).
أما بعــد :
فإن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة ، وأمر من أمور الدين ، ومصلحة من مصالح المسلمين ، وهو أساس الحكم ، وسلطة من السلطات التي يقوم عليها بناء الدولة الحديثة ، ورمز لرقيها ودليل على حضارتها ، وميزان تقاس به تصرفاتها ، ولهذا أعلت من شأنه الدولة الإسلامية وأحاطته بقدر من الهيبة والتوقير فكان خير الأمة ومصدر عزتها وكرامتها ، ومن هنا اهتمت الشريعة الإسلامية بالقاضي سلوكاً وعلماً وبالقضاء فقهاً وأدباً ([3]) .
وإذا كان العدل هو أساس الحكم وهو البناء الذي تقوم عليه الدول وتعمر بقدر رسوخة وصموده حتى قال بعض السلف : « إن الله يبقى الدولة العادلة ولو كانت كافرة ويزيل الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة » .
وإذا كانت السنن الإلهية قد ربطت بقاء الدول واستقرارها بالعدل فإن القضاء هو الوسيلة التي يتحقق بها العدل ، فالعدل بالقضاء يرسخ ويقوي لأن القضاء هو حصن العدل الحصين ، وحارسه الأمين ، ومكانه في الدولة هو مكان الأساس من البنيان باعتباره ميزان الحق والباطل والخير والشر والقاعدة التي تقوم عليها النظم والمجتمعات البشرية والحضارات الإنسانية ([4]) .
ومن هنا جاء الاهتمام بالقضاء وتقديسه واستقلاله على مر العصور ، وَوُضِعَتِ الأنظمة التي تساهم في تطويره وحسن سير أدائه وتطور ذلك حتى أصبح النظام القضائي في مختلف البلدان يتألف من شقين : قضائي وإداري .
الشق الأول : قضائي بحت ويتعلق بأنواع القضاء – جهاته – ودرجات التقاضي
وما إذا كان يقوم على أساس وحدة القضاء أو تعدده .
والشق الثاني : إداري ويتعلق بشكل ونوع الإشراف الإداري على أجهزة القضاء بما يساعد على تحقيق الغاية المرجوة منه وهي تحقيق العدالة الناجزة ، حيث يختلف شكل ونوع هذا الإشراف ، فهناك إشراف قضائي بحت – لا وجود فيه لوزارة العدل – أو إشراف قضائي إداري مشترك – توجد فيه وزارة العدل و مجلس قضاء – أو إشراف إداري فقط–لا وجود فيه لمجلس قضاء– ([5]).
كما أن الشق الإداري للنظام القضائي يمتد ليشمل الجانب الإداري في أعمال المحاكم الذي يقوم به القضاة ومعاونوهم تحت إشرافهم ويقوم المعانون بأعمال هامة ومؤثرة في سير أعمال المحاكم فينعكس عملهم سلباً أو إيجاباً على الجانب القضائي([6]).
ولما للقضاء من أهمية فقد حرصت كل الأمم والشعوب على تطوير نظمها القضائية ومعرفة الصعوبات والمشاكل التي تعاني منها ووضع الحلول لها وتذليل كل الصعوبات التي تعيق تحقيق القضاء للغاية المرجوة منه في تحقيقه للعدالة
السريعة الناجزة .
ولئن كانت السلطة القضائية في بلادنا قد وقفت أمام نفسها في عام 1979م مشخصة الصعوبات والمشاكل التي نعاني منها في المؤتمر القضائي العام الذي انبثقت عنه خطة الإصلاح القضائي التي احتوت على برنامج شامل لتطوير القضاء ثم تلا ذلك في عام 1997م خطة إصلاح قضائي كانت متسقة مع الخطة الأولى ومتممة لأهدافها.
فإن جميع أعضاء السلطة القضائية اليوم يقفون مع بعضهم تلبية لدعوة مخلصة توجه بها فضيلة وزير العدل الدكتور / عدنان الجفري لمؤتمر قضائي عام سيعقد في الفترة من 18 – 20 أكتوبر 2003م تمهيداً للخروج بوثيقة عمل شامله سعياً للارتقاء بالأداء القضائي , ويجيء اجتماعنا اليوم في هذا المؤتمر الفرعي تمهيداً للمؤتمر العام وذلك حتى يكون تشخيص المشاكل التي تعاني منها السلطة القضائية نابعاً من القاعدة فصاحب البيت أدرى بالذي فيه والذي يعايش الواقع القضائي ويطبق النصوص التشريعية هو أدرى بالصعوبات والمعوقات التي تواجه تحقيق السلطة القضائية للغاية السامية التي وجدت من أجلها ، ولذلك كانت أوراق العمل مقدمة من أعضاء السلطة القضائية أو معاونيهم أو ممن لهم علاقة مباشرة بالقضاء ، كالمحاميين والمتخصصين من أساتذة الجامعات أو غيرهم .
الغاية والهدف من هذه الورقة وعناصرها
وانطلاقاً من الغاية التي يعقد لها هذا المؤتمر أقدم هذه الورقة المتواضعة عن القضاء التجاري محاولاً التركيز فيها على الجانب العملي ، فَبَعْدَ بياني لأهمية القضاء التجاري سأذكر نبذة عن نشأته مبيناً تطوره والمراحل التي مَرَّ بها على مدى الثلاث العقود الماضية لنصل بعد ذلك إلى المقصود الأهم من هذه الورقة وهو بيان المشاكل والمعوقات التي يعاني منها القضاء التجاري والتي تؤدي إلى عدم تحقيق القضاء التجاري للغاية المرجوة منه على الوجه الذي نطمح إليه جميعاً ، وأبين أسباب
هذه المشاكل .
ثم سأوضح المقترحات بالحلول اللازمة لمعالجة المشاكل المشار إليها وذلك سعياً للرقي بأداء المحاكم التجارية كَلَبِنَةٍ مهمة في البناء القضائي اليمني ، وأخيراً أقول إن واجب الأمانة يفرض عَلَيَّ أن أذكر أنني اعتمدت في هذه الورقة على خبرة من عايشوا القضاء التجاري ومسيرته خلال العقود الثلاثة الماضية إضافة إلى ما لاحظته من خلال ممارستي العملية في المحكمة التجارية طيلة الثلاثة الأعوام الماضية .
أهميــة القضــاء التجـــــاري
تنبع أهمية القضاء التجاري من أهمية القضاء بشكل عام ، فالقضاء كما قلنا هو الأداة التي بواسطتها يتم تحقيق العدل الذي هو أساس الحكم ، والقضاء كل لا يتجزأ والمنظومة القضائية منظومة واحدة متكاملة ولا يمكن أن ينهض جانب منها دون الآخر بل لا بد أن تعالج جميعها بخطة واحدة تضمن لها أن تتطور جميعاً بصورة مطردة ومتناسقة لا سيما وبلادنا تأخذ بنظام القضاء الموحد.
ولكن إضافة إلى تلك الأهمية تتجلى أيضاً أهمية القضاء التجاري باعتبارين :
الاعتبار الأول : أهمية التخصص في مجال القضاء وبيان ذلك هو أننا وإن كنا نرى أنه لابد أن يعمل القاضي ابتداءً في جميع الاختصاصات في المحكمة الابتدائية فَيُلِمّ بجميع أنواع القضايا المدنية والجنائية والإدارية والشخصية والمستعجلة ولكننا نرى بعد ذلك أنه لابد من أن نستفيد من مبدأ التخصص ، إذ أنه كلما عمل القاضي في تخصص معين جنائي أو مدني أو تجاري لفترة أطول ، وكلما كانت القضايا التي فصل فيها في هذا النوع كثيرة متعددة ، كلما زادت خبرة القاضي بهذا النوع من القضايا وزاد إلمامه بالقوانين الموضوعية والإجرائية المتعلقة به ، وبالتالي أمكن لهذا القاضي أن يحسم القضايا التي تعرض عليه على وجه يضمن سرعة الإنجاز مع ضمان صحة أحكامه وعدالتها أي يضمن سرعة السير في إجراءات نظر القضية حتى حسمها بحكم عادل إن شاء الله .
إضافة إلى ذلك فقد تشعبت العلوم والمعارف في زماننا في جميع الجوانب والعلوم النظرية والتطبيقية حتى أصح مبدأ التخصص من المسلمات التي لابد منها ، كما أن القاضي المتخصص كلما رُقّيِ درجة أعلى فانتقل إلى محكمة الاستئناف ثم إلى المحكمة العليا كلما كانت قدرته وكفاءته العلمية والفنية المتعلقة بهذا النوع من القضايا أكبر وأفضل ، وبالتالي تتحقق غاية المقنن من جعل نظام التقاضي على درجتين ؛ إذ تتحقق الرقابة على حسن تطبيق الشرع والقانون ويكون تفسير القضاة ذوي الخبرة لنصوص القانون أَدَقَّ وهو ما يوحد الفهم القانوني للنصوص القانونية عن طريق السوابق القضائية الصادرة عن هؤلاء القضاة في المحكمة العليا وهو ما يحقق أحد أهم وظائف المحكمة العليا .
الاعتبار الثاني : أن أهمية القضاء التجاري بوجه خاص هي أهمية تفرضها المصلحة العامة المتمثلة في متطلبات التنمية والاستثمار إذ أنه يتجلى فيه بوضوح دور القضاء في تحقيق التنمية والاستثمار .
وبيان ذلك أننا في عصر انفتحت فيه الأمم على بعضها عصر العولمة والإنترنت حيث أصبح العالم كله كالقرية الواحدة وأصبحت العلاقات الاقتصادية هي أهم العلاقات والروابط وسعت كل الدول إلى فتح أسواقها أمام المستثمرين ، وبلادنا مثل بقية الدول تسعى إلى تطوير اقتصادها والنهوض به بما يحقق التنمية للشعب ،
ولا تتحقق التنمية إلا بالاستثمارات في المجالات الحيوية ولا يمكن للاستثمار أن ينمو ويؤتي ثماره إلا مع تحقيق الأمن والاستقرار ولا يتحقق الأمن والاستقرار إلا بالقضاء العادل والسريع .
كما أن فتح المجال أمام الاستثمارات والشركات المحلية والأجنبية والتطور الاقتصادي الذي يشهده العالم قد أوجد معاملات تجارية متطورة لم تكن معروفة من قبل، ولا يمكن للقاضي أن يحكم في معاملة إلا إذا تَصَوَّرَهَا وعرفها حق المعرفة ؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ومن هنا تبرز أهمية وجود قضاء تجاري متخصص يلم القاضي فيه بالمستجدات والمعاملات المعاصرة إضافة إلى إلمامه بالقواعد الشرعية والقانونية المنبثقة من شريعتنا الإسلامية فنحن بحاجة إلى هذا القاضي لنواكب التطور ونساهم بما يساعد على قوة اقتصادنا وازدهار التنمية في بلادنا .
إننا لا نستطيع أن نبقى بمعزل عن العالم لأننا بحاجة إليه للاستفادة من كل ما هو لصالح أمتنا كما أننا لا يمكن أن نخضع بعماء للأنظمة التي يراد فرضها علينا
ولذا لا يمكن أن يظل نظامنا الشرعي والقانوني غير محيط بما حوله من مستجدات فالشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان ولذا يجب الاعتناء بالقاضي اليمني خصوصاً في المجال التجاري حتى يكون ذلك القاضي الذي يجمع بين الشرع والقانون ويجمع بين الأصالة والمعاصرة فيكون عالماً بالشرع وقواعده العامة وملماً بمستجدات الحياة ومعاملاتها المعاصرة وفاهماً لها ، ففهم الواقع هو من أهم العلوم ولا يمكن للقاضي أن يطبق حكم الشرع على الواقع إلا بعد أن يفهم الواقع كفهمه للشرع ولذا قال الله سبحانه وتعالى ) ففهمناها سليمان ( وقال السلف الصالح « القضآء فهم » .
نشأة القضاء التجاري وتطوره
تعود نشأة القضاء التجاري في اليمن ( الجمهورية العربية اليمنية ) إلى منتصف السبعينات حيث شهدت بلادنا في تلك الفترة طفرة ونمواً اقتصادياً مضطرداً ودخلت معتركاً تجارياً واقتصادياً جديداً نتج عنه الكثير من المعاملات التجارية التي لم تكن معروفة من قبل واستجابة لدواعي التطورات التجارية والاقتصادية المذكورة تم تأسيس المحاكم التجارية فتم إنشاء قضاء نوعي متخصص للفصل في المنازعات الناشئة عن العلاقات التجارية وذلك أن من أهم سمات المعاملات التجارية هو قيامها على السرعة وهو ما يقتضي الحسم في القضايا والنزاعات الناشئة عنها على وجه السرعة أيضاً إضافة إلى أنه نتيجة لتنوع هذه المعاملات وجدتها كان لابد من إيجاد قضاة متخصصين فيها يلمون بكافة جوانبها ويتم حسمهم لها على وجه السرعة دون أن تتأثر بزحمة القضايا في المحاكم العادية .
إضافة إلى ما ذكر فقد كانت هناك شركات أجنبية قد دخلت إلى اليمن ولعدم وجود قضاء تجاري متخصص كانت هذه الشركات تشترط في العقود والاتفاقيات التي تبرمها مع الحكومة اليمنية أو مع التجار اليمنيين أنه في حالة حدوث نزاع بينهما حول أي من تلك العقود يتم حل النزاع عن طريق التحكيم لجهات في خارج اليمن كالغرف التجارية الأجنبية وهو ما كان يشكل عبئاً على الحكومة اليمنية وعلى التجار اليمنيين .
فحلاً لهذه المشكلة وحتى تطمئن الشركات الأجنبية تم إنشاء قضاء تجاري متخصص في المعاملات التجارية ليطمئن المستثمر أنه بإمكانه اللجوء إلى قضاء تجاري يمني يمكنه من الحصول على حقه على وجه السرعة كما تقتضيه طبيعة التجارة والاستثمار .
المراحل التي مر بها القضاء التجاري اليمني
المرحـــــلة الأولـــــى (الإنشــــاء)
ونتيجة لما سبق أنشئت المحاكم التجارية لأول مرة في الجمهورية العربية اليمنية بالقانون رقم (40) لسنة 1976م بتاريخ 7 ربيع أول 1396هـ الموافق
8 مارس 1976م الذي نص في المادة الأولى منه على أن تنشأ محاكم تجارية ابتدائية بعواصم المحافظات التي يصدر بتحديدها قرار جمهوري وتشكل كل محكمة من رئيس وعضوين يتم تعيينهم لأول مرة بالقرار المشار إليه آنفاً ومع مراعاة توافر الشروط اللازمة لذلك بمقتضى هذا القانون .
كما نصت المادة الثانية على أنه « تنشأ شعبة استئنافية تجارية بالمحكمة العليا وتشكل من رئيس وأربعة أعضاء يتم تعيينهم بقرار جمهوري وفقاً للشروط المنصوص عليها في هذا القانون … الخ » .
كما نصت المادة الثالثة على أنه « تختص المحاكم التجارية الابتدائية والشعبة الاستئنافية التجارية بنظر جميع الدعاوى ذات الطابع التجاري وفقاً لقواعد وأحكام القانون التجاري وفروعه الأخرى » .
كما صدر قرار مجلس القيادة رقم (80) لسنة 1976م في 21/7/1396هـ الموافق 19/7/1976م بأن تنشأ محكمة تجارية ابتدائية في كل من عواصم المحافظات الآتية : صنعاء والحديدة وتعز ولقد كان العضو الثالث في كل من المحاكم الثلاث هو قاض منتدب من جمهورية السودان الشقيق كما كان مقرروا المحاكم الثلاث كذلك منتدبون من جمهورية السودان الشقيق لتنظيم أعمال المحاكم التجارية ([7]) .
فنلاحظ مما سبق أن المرحلة الأولى من تأسيس المحاكم التجارية اليمنية كانت في 1976م وكان التقاضي على درجة واحدة محكمة ابتدائية ثم محكمة استئنافية عليا يطعن أمامها بالحكم ([8]) وكانت هناك ثلاث محاكم تجارية ابتدائية في صنعاء
والحديدة وتعز .
المرحلة الثانية من تطور القضاء التجاري
استمر ذلك حتى صدر قانون السلطة القضائية لعام 1979م الذي نص على ترتيب المحاكم على درجات وتجلى ذلك بوضوح في صدور قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم (42) لسنة 1981م الذي ألغى قانون المرافعات السابق ونص فيه على استئناف أحكام المحاكم الابتدائية التجارية أمام محكمة استئناف الألوية ثم شكلت محكمة استئناف تجارية بصنعاء عام 1982م ([9]) ويمكن أن نعتبر ذلك هو المرحلة الثانية من مراحل تطور القضاء التجاري .
وقد شهد القضاء التجاري في الفترة من 76 – 85م ازدهاراً رائعاً حيث حظيت المحاكم التجارية بالاهتمام والرعاية وتجلى ذلك في جعل تلك المحاكم تابعة إدارياً للمكتب القانوني للدولة الذي كان معنياً بشؤونها المالية والإدارية وتقييم نشاطها ونشر أحكامها وهو الذي أبرم الاتفاقيات مع حكومة جمهورية السودان الشقيق ممثلة بالهيئة القضائية تضمن الاتفاق ندب قضاة من السودان للعمل في المحاكم التجارية تلاه اتفاق آخر لندب مقررين للعمل في المحاكم التجارية وتدريب المقررين اليمنيين للاستفادة من خبرة القضاء السوداني في هذا المجال وقد آتت هذه التجربة ثمارها . حيث شهد القضاء التجاري أداءً رائعاً ساعد على ذلك الاستقرار المعيشي والإقبال على مهنة المحاماة والتطور التشريعي إضافة إلى قلة عدد القضايا المرفوعة أمام تلك المحاكم بالقياس إلى ما هي عليه اليوم ، وفي بعض الفترات كانت هناك محكمتان تجاريتان في أمانة العاصمة.
المرحلة الثالثة من تطور القضاء التجاري
بعد تحقيق الوحدة المباركة في 22 مايو 1990م استحدثت المحاكم التجارية ولأول مرة في المحافظات الجنوبية ، ثم في عام 1995م صدر قرار وزير العدل
رقم (252) لسنة 1995م بشأن تكليف الشعب المدنية في بعض محاكم الاستئناف بنظر القضايا التجارية وذلك في محاكم الاستئناف التي لم يتضمن تشكيلها شعباً تجارية وخلال الفترة من 1985م – 1999م كان وضع المحاكم التجارية مثل وضع المحاكم الأخرى التابعة لوزارة العدل إذ ألغيت إدارة المحاكم التجارية وانتهى دور
القضاة المنتدبين .
المرحلة الرابعة من تطور القضاء التجاري .
وتتمثل هذه المرحلة بصدور قرار رئيس الجمهورية رئيس مجلس القضاء الأعلى رقم (22) لسنة 1996م بشأن إنشاء محاكم تجارية متخصصة نوعياً بالدعاوي والمنازعات التجارية وتبرز أهمية هذا القرار فيما يلي :
1- أنه وسع من نطاق الاختصاص المكاني للمحاكم التجارية إذ أنشأ خمس محاكم في أمانة العاصمة وعواصم محافظات صنعاء والحديدة وحضرموت وعدن وتعز إضافة إلى خمس شعب استئنافية تجارية في كل محافظة من المحافظات سالفة الذكر لنظر الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم التجارية الابتدائية التي يطعن فيها بالاستئناف ، كما أن هذا القرار أجاز إنشاء أكثر من شعبة تجارية في محكمة الاستئناف عند الحاجة إلى ذلك ، كما نص هذا القرار على تشكيل هيئة حكم أو أكثر للدائرة التجارية في المحكمة العليا للفصل في الطعون على أحكام الشعب الاستئنافية التجارية .
2- أن هذا القرار نص على أن تختص هذه المحاكم دون غيرها بالمنازعات التجارية.
3- أن هذا القرار نص على أنه يشترط فيمن يعين قاضياً في المحاكم التجارية أن يكون من ذوي الخبرة بالقضاء التجاري والقوانين والمعاملات المصرفية وأن تعطى الأولوية للمتخصصين .
4- نص القرار على أن تكون للمحاكم المنشأة بهذا القرار مخصصاتها المالية المستقلة بما يفي بحاجتها وأنه تنشأ إدارة عامة خاصة بشؤونها تابعة لمجلس القضاء وتتميز هذه المرحلة بعودة الاهتمام بالمحاكم التجارية وإعادة إنشاء الإدارة العامة الخاصة بها التابعة لمجلس القضاء الأعلى.
المرحلة الخامسة من تطور القضاء التجاري
تم صدور القرار الجمهوري رقم (378) لسنة 1999م بشأن المحاكم التجارية بتاريخ 28 رجب 1420هـ الموافق 6 نوفمبر 1999م وهو بنفس مضمون القرار السابق ولكنه بتفصيل أوسع كما يلي :
1- أجاز هذا القرار تشكيل هيئة الحكم في كل محكمة تجارية من قاض فرد أو هيئة من ثلاثة قضاة عند توافر العدد الكافي من القضاة ، ولكن التطبيق العملي لهذا القرار كان بتشكيل المحاكم من هيئة من ثلاثة قضاة ولم تشكل أي محكمة من قاض فرد.
2- نص على أن تختص المحاكم التجارية دون غيرها بالنظر في الدعاوى والمنازعات ذات الطابع التجاري وفقاً للقانون التجاري والقوانين الأخرى ذات الصلة ، فاعتبر الاختصاص التجاري اختصاصاً نوعياً مقصوراً على هذه المحاكم.
3- نص على أن الاختصاص الوارد في الفقرة السابقة يبقي منعقداً للمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة في عواصم المحافظات والمديريات التي لا يوجد فيها محاكم تجارية وذلك إذا كانت الدعاوى والطلبات لا تتجاوز قيمتها مليوني ريال وكانت غير متعلقة بقضايا الأوراق التجارية وقضايا الإفلاس والبنوك والعلامات والأسماء التجارية والقضايا التي تتعلق بالشركات الأجنبية أو التي يكون أحد أطرافها
عنصراً أجنبياً .
4- اشترط القرار فيمن يعين في القضاء التجاري إضافة إلى ما اشترطته المادة 57 من قانون السلطة القضائية أن يكون من ذوي الخبرة في القضاء التجاري والقوانين ذات الصلة بالأنشطة التجارية المختلفة.
5- أعطى القرار الأولوية في التعيين في القضاء التجاري إضافة إلى ما اشترطه
قانون السلطة القضائية في المادة (57) للمتخصصين من أساتذة القانون التجاري
في الجامعات اليمنية ومن المحامين ذوي الخبرة في الترافع أمام المحاكم التجارية .
6- وزع القرار محافظات الجمهورية كاملة على المحاكم التجارية الخمس فاعطي كل محكمة الاختصاص المكاني لأكثر من محافظة فدائرة اختصاص محكمة أمانة العاصمة تشمل أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار والبيضاء ومأرب والجوف ودائرة اختصاص محكمة محافظة عدن تشمل محافظات عدن ولحج وأبين ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بتعز تشمل محافظات تعز والضالع وإب ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بحضرموت تشمل محافظات حضرموت وشبوة والمهرة ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بالحديدة تشمل محافظات الحديدة وحجة والمحويت فنلاحظ أن هذا القرار قد وسع من الاختصاص المكاني للمحاكم التجارية وإن كان قد حدده بالنسبة للمحافظات التي لا يوجد فيها محاكم تجارية بما هو أكثر من مليونين فيما عدا ما استثناه من القضايا .
7- نص هذا القرار على أن تكون للمحاكم التجارية والشعب التجارية مخصصات مالية مستقلة بما يفي بحاجاتها ضمن ميزانية المحاكم وفي إطار الموازنة العامة للسلطة القضائية ويتولى رؤساء الشعب الاستئنافية التجارية الإشراف المالي والإداري على المحاكم التجارية الابتدائية.
8- نص هذا القرار على إنشاء إدارة عامة للمحاكم التجارية تختص بشؤونها وتكون تابعة لوزير العدل مباشرة ويصدر بتشكيلها واختصاصاتها قرار منه ([10]) .
فنلاحظ أن المرحلة الرابعة والخامسة متقاربتان في ملامحهما ما عدا أن الإدارة العامة للمحاكم التجارية بدلاً أن كانت تابعة لمجلس القضاء الأعلى في المرحلة الرابعة أصبحت تابعة لوزير العدل في المرحلة الخامسة وهو إجراء عملي لأن تبعيتها لوزير العدل أسرع في الإشراف والمتابعة وتوفير متطلبات المحاكم التجارية بخلاف تبعيتها لمجلس القضاء الأعلى الذي كانت اجتماعاته متباعدة وغير منتظمة.
المرحلة السادسة من تطوير القضاء التجاري
في شهر 8 من العام 2002م صدر قرار مجلس القضاء الأعلى بإعادة تشكيل هيئة الحكم في المحاكم التجارية من قاضي فرد بدلاً عن الهيئة وكان ذلك حلاً مهماً للتراكم الذي تعانيه المحكمة التجارية وتخلصاً من سلبيات نظام الهيئة.
ثم في تاريخ الاثنين 3 رجب 1424هـ الموافق 31 أغسطس 2003م صدر قرار رئيس الجمهورية رئيس مجلس القضاء الأعلى رقم (19) لسنة 2003م بشأن المحاكم التجارية وقد تضمن هذا القرار الآتي :
1- إنشاء محاكم تجارية في كلٍ من : أمانة العاصمة ومحافظات عدن والحديدة وتعز وحضرموت ونص القرار على أن تنشأ محكمة ابتدائية واحدة أو أكثر حسب الحاجة في كل محافظة مما ذكر وفقاً للحاجة وتيسيراً لسرعة البت في القضايا وذلك للنظر والفصل في الدعاوى والمنازعات التجارية . كما نص على أنه تنشأ في محكمة استئناف الأمانة ومحاكم استئناف المحافظات المذكورة شعب استئنافية تجارية واحدة أو أكثر تختص دون غيرها بنظر الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم الابتدائية والتجارية التي يطعن فيها بالاستئناف.
2- تتألف هيئة الحكم في المحاكم الابتدائية المذكورة من قاضي فرد ، فألغى هذا القرار التخيير في تشكيل المحاكم التجارية من هيئة ، كما نص على أنه تتألف تتوتتألف هيئة الاستئناف من ثلاث قضاة وأجاز هذا القرار تشكيل أكثر من هيئة حكم في نطاق الشعبة الاستئنافية التجارية الواحدة . وجاء هذا الجواز تلبيةً لكثافة القضايا في بعض الشعب التجارية الاستئنافية مما يستلزم تشكيل أكثر من هيئة حتى يمكن الفصل في القضايا المتراكمة ، ونتوقع أن يتم تشكيل أكثر من هيئة في الحركة القادمة في هذه الشعب.
3- نص هذا القرار على أن اختصاص المحاكم التجارية هو النظر في الدعاوى والمنازعات ذات الطابع التجاري وفقاً للقانون التجاري والقوانين الأخرى ذات الصلة ، كما نص على أن دائرة اختصاص كل محكمة من هذه المحاكم هو نطاق المحافظة المنشأة فيها ، ونص على أنه في عواصم المحافظات والمديريات التي لا توجد فيها محاكم تجارية يبقى الاختصاص في المواد التجارية منعقداً للمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة ما عدا قضايا الإفلاس والبنوك والشركات الأجنبية أو التي يكون أحد أطرافها عنصراً أجنبياً أو قضايا العلامات والأسماء التجارية فإنها تكون من اختصاص المحاكم التجارية في المحافظة التي ألحقها القرار بها ، ففي هذه القضايا المستثناة وزع هذا القرار جميع محافظات الجمهورية على الخمس المحاكم التجارية المنشأة وفقاً لما يلي:
تكون دائرة اختصاص المحكمة الابتدائية التجارية بصنعاء هي أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار والبيضاء ومأرب والجوف ، ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بعدن هي محافظات عدن ولحج وأبين ، ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بتعز هي محافظات تعز وإب والضالع ، ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بحضرموت هي محافظات حضرموت وشبوة والمهرة، ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بالحديدة هي محافظات الحديدة
وحجة والمحويت .
4- نلاحظ أن هذا القرار لم يعتبر القضايا المتعلقة بالأوراق التجارية من ضمن القضايا المستثناة التي يكون اختصاص نظرها مقصوراً على المحاكم التجارية كما هو نص القرار السابق رقم 378 لسنة 1999م وهو ما يعني أنه تركها لولاية المحاكم العادية.
5- أكد هذا القرار على الاستقلال المالي للمحاكم والشعب التجارية بأن أوجب تخصيص ميزانيات خاصة بها ضمن ميزانيات المحاكم وجعل الإشراف الإداري والمالي على المحاكم التجارية الابتدائية لرؤساء الشعب الاستئنافية التجارية.
6- نص القرار على إنشاء الإدارة العامة للمحاكم التجارية وجعلها تابعة لوزير العدل مباشرة ، ونص على أن يصدر قرار بتشكيلها واختصاصاتها.
7- ونود أن نشير هنا إلى أن المطلع على هذا القرار لأول وهلة يظن أنه قد أنشأ المحاكم التجارية ، ولكن الحقيقة كما ذكرناه أن المحاكم التجارية قد أنشئت منذ عام 1976م ، وأن هذا القرار هو من ضمن القرارات التي صدرت لتطوير القضاء التجاري ومعالجة بعض المعوقات التي يعاني منها ، وأن هذا القرار قد جاء متفقاً مع القرار الصادر برقم 378 لسنة 1999م فيما عدا ما ذكرناه من التعديلات التي جاءت كمعالجات لبعض المعوقات التي برزت في الواقع العملي ، ومن هذه المعالجات:
أولاً: تأكيد القرار على نظام القاضي الفرد بدلاً عن تشكيل الهيئة في المحكمة الابتدائية التجارية وذلك للتخلص من سلبيات الهيئة التي أدت إلى بطء الإنجاز وتراكم القضايا.
ثانياً: تضييق نطاق اختصاص المحكمة التجارية بالنسبة لعواصم المحافظات والمديريات التي لا توجد فيها محاكم تجارية وذلك بنص القرار على أنه يظل الاختصاص منعقداً للمحاكم المدنية ذات الولاية العامة في نظر القضايا التجاريـة ما عدا قضايا الإفلاس والبنوك والشركات الأجنبية أو التي يكون أحد أطرافها عنصراً أجنبياً وقضايا العلامات والأسماء التجارية ، وهذا الحد من الاختصاص الموضوعي لهذه المحاكم سيخفف الضغط عليها.
8- أكد هذا القرار على وجوب إحالة القضايا التجارية المنظورة أو التي تقدم أمام المحاكم المدنية إلى المحاكم التجارية المختصة ، ما عدا ما سبق حجزه للحكم ، وبهذا أكد الاختصاص النوعي للقضاء التجاري في نظر القضايا التجارية وذلك عناية بالاستثمار وتأكيداً لمبدأ التخصص في مجال القضاء ، ولاسيما وقد جاء صدور هذا القرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد فترة من صدور قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم 40 لسنة 2002م الذي نص في المادة 91 منه على أنه "مع مراعاة ما ورد في قانون السلطة القضائية لا يعد توزيع الاختصاص بنظر القضايا بين هيئات الحكم داخل المحكمة الواحدة أو بين المحاكم التي من ذات الدرجة من قبيل الاختصاص النوعي المنصوص عليه في مواد هذا الفصل".
خلاصــــــــــــة :
يتضح مما سبق أن المحاكم التجارية قد نشأت محدودة النطاق ثم توسعت حتى شملت الجمهورية كاملة من حيث نطاق اختصاصها المكاني ، وأن نطاق اختصاصها الموضوعي قد شمل جميع القضايا ذات الطابع التجاري سواءً بالمعيار الموضوعي أو القضايا التجارية بالتبعية أو التي نص عليها القانون ؛ ولكنه في الفترة الأخيرة اتجه المقنن إلى التضييق من نطاق اختصاصها المكاني والموضوعي بالنسبة للمحافظات وعواصم المديريات التي لا توجد فيها محاكم تجارية ، وذلك للحد من تدفق القضايا إلى المحاكم التجارية الأمر الذي أدى إلى التراكم وبطء الفصل في القضايا.
كما يتضح لنا أن القضاء التجاري في اليمن قد رسخت جذوره وتفرعت أغصانه حيث وجدت مدرسة للقضاء التجاري اليمني تشمل مجموعة من القضاة الذين أبدعوا في هذا المجال والذين نفخر بهم ، إذ صدرت عنهم أحكام نموذجية في القضايا التجارية طبع بعضها ونشرته وزارة العدل ونشر بعضها بصورة فردية إضافة إلى أنه قد أصبح القضاء التجاري والمحاكم التجارية سمة بارزة من سمات القضاء اليمني .
ولكن رغم التوسع في إنشاء القضاء التجاري وتطوره إلا أنـه لا زال يعاني مما يعاني منه القضاء بشكل عام ، فلم يعد القضاء التجاري يقوم بدوره في الحسم السريع والدقيق للمنازعات التجارية كما هو المفترض والغاية من إنشائه . فما هي المشاكل التي أدت إلى ذلك ، هذا هو العنصر التالي من الورقة .
المشاكل التي يعاني منها القضاء التجاري وأسبابها
أو الأسباب التي تحول دون أداء المحاكم التجارية للغاية المقصودة من إنشائها ([11])
إن الغاية من إنشاء المحاكم التجارية هي قيامها بدورها في حسم القضايا
على نحو فعّال وسريع وإن المشكلة التي تعاني منها المحاكم التجارية
أو القضاء التجاري هي عدم قيامه بالدور المطلوب منه في حسم القضايا على الوجه الفعال والسريع وهذه هي مشكلة القضاء بشكل عام في بلادنا وفي غيرها من البلدان ، ولكن هذه المشكلة عندما تظهر في القضاء التجاري يكون لها وقع أشد وذلك لانعكاساتها على التنمية والاستثمار إذ أن القضاء القوي الحاسم من الأسباب التي تؤدي إلى ازدهار التنمية والاستثمار والعكس يؤدي إلى العكس ، ولأجل إيجاد حل
لهذه المشكلة لا بد من معرفة أسبابها أي معرفة المعوقات والصعوبات التي تحول دون
أداء المحاكم التجارية للدور المطلوب منها قضائياً ، وهذه المعوقات منها ما هو موضوعي خارج عن القضاء ومنها ما يعود إلى التقنين أي القصور التشريعي ومنها
ما هو ذاتي يعود إلى الإدارة القضائية .
أولاً : الأسباب الموضوعية : وهي كما يلي:
1- ازدياد عدد القضايا وزيادة تنوعها بينما لم يقابل ذلك زيادة مطردة في عدد القضاة المتخصصين في القضايا التجارية لاسيما بعد إيقاف القبول بالمعهد العالي للقضاء وذلك للفترة (من 1995م إلى 2001م) .
وازدياد القضايا وتنوعها ناتج عن عدة عوامل منها :
أ – زيادة الأنشطة الاقتصادية والتجارية في البلد في جميع القطاعات التجارية والخدمية وخاصة زيادة عدد المصارف وزيادة عدد المعاملات التجارية والصناعية والخدمية وظهور معاملات جديدة لم تكن معهودة من قبل نتيجة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية وتطور العلوم والتكنولوجيا وزيادة وتنوع العلاقات والروابط التجارية والمالية الخارجية والداخلية ومن ثم ظهور معاملات وعقود جديدة لها طابع وطني شامل أو إقليمي أو دولي مثل معاملات المصارف وشركات الاستثمار والتنمية والمشروعات المشتركة وبراءات الاختراع وعقود التأمين وأعمال البترول المختلفة مع كل ما تتسم به من سمات فنية وعلاقات قانونية متعددة ومتشعبة بين أطراف عدة على المستوى الداخلي والخارجي .
فإذا وضعنا في الاعتبار إلى جانب ذلك الزيادة في عدد السكان فإن كل ما سبق قد أدى إلى زيادة وتنوع المنازعات التجارية وهذا كله أدى إلى تراكم القضايا وتزاحمها وبالتالي عدم القدرة على حسمها بشكل فعال وسريع .
2- من الأسباب الموضوعية التي تؤدي إلى زيادة عدد المنازعات التجارية وبالتالي تنعكس على شكل بطء في السير في الإجراءات وعدم حسم القضايا على الوجه السريع ما يلي :
أ – عدم قيام الجهات الأخرى بواجباتها المنصوص عليها في القوانين مثلاً بعض الشركات لا يوجد لديها ميزانيات معتمدة سنوياً ولا يتم نشر الميزانيات وفقاً للقانون ولا تصادق عليها الجمعية العمومية ولا يلتزم مجلس الإدارة بمواعيد دعوة الجمعية العمومية للانعقاد وغير ذلك من الأمور التي أوجبها القانون وأوجب على الجهة ذات العلاقة في وزارة التجارة متابعة ذلك فعدم متابعة الإدارة المختصة بوزارة التجارة لذلك يؤدي إلى عدم تقيد الشركات بذلك وهذا يكون سبباً للنزاع بين الشركاء في المستقبل .
ب- عدم إعطاء ذوي الشأن المعلومات الحقيقة حول رأس المال وقيمة الحصص العينية والميزانيات وانتشار الشركات العرفية غير المشهرة وغير المسجلة والتي لا تمسك دفاتر منظمة ، وكل ذلك من أسباب زيادة المنازعات التجارية ، ومما يؤدي إلى البطء في حسمها.
ج- عدم متابعة الجهات ذات العلاقة للكيانات القانونية المنشأة بالمخالفة للقانون.
د- التدهور القيمي للعملة الذي أدى إلى إفلاس كثير من الشركات وهذا سبب لحدوث كثير من المشاكل خصوصاً مع غياب النصوص التي تعالج مسألة التدهور القيمي بشكل كامل ونظرة عامة ، وإن كان هناك معالجات جزئية لذلك في أحكام بعض العقود . كما أن التدهور القيمي للعملة يؤثر على مسألة تقييم أصول الشركة فقد تظهر الشركة أنها قد حققت ربحاً وهو في الحقيقة ناتج عن التدهور القيمي .
هـ– عدم الموازنة في المصارف ما بين سعر الفائدة ونتائج النشاط المحقق في المشاريع الاستثمارية فارتفاع سعر الفائدة عن هامش الربح المحقق من الأنشطة التجارية الاستثمارية أو مساواته له قد أدى إلى نشوب نزاعات قضائية بين التجار والمصارف ناتجة عن عدم القدرة على سداد الالتزامات إذ أنه في أغلب الدول يكون سعر الفائدة منخفضاً عن هامش الربح ويكون الفارق بين فائدة الاقتراض والعوائد الربحية كبير حتى يعطى التاجر الفرصة لسداد التزاماته .
و- الاستثمار في أذون الخزانة وأثره في ارتفاع سعر الفائدة والتأثير على ميادين الاستثمار الأخرى فمن اقترض من البنوك يواجه مشكلة ارتفاع سعر الفائدة وبالتالي يكون عرضة لعدم القدرة على السداد وهذا من عوامل ازدياد المنازعات التجارية .
ز- عدم تفعيل السجل التجاري التابع لوزارة التموين والتجارة في قيد وإشهار التصرفات التجارية مع أهمية ذلك قانوناً بل إن التجار أنفسهم لا يولون التسجيل الأهمية التي أصبغها القانون عليه وهذا الخلل يؤدي إلى نشوء المنازعات مستقبلاً .
ح- غياب الوعي القانوني لدى المجتمع وخصوصاً لدى بعض العاملين في النشاط التجاري وهذا يؤدي إلى إبرامهم عقوداً غير مستوفية للشروط
أو إهمالهم في توثيقها وتسجيلها لدى جهة الاختصاص ودخولهم في معاملات غير واضحة المعالم والالتزامات وهذا كله له دور كبير في زيادة المنازعات التي تعرض على القضاء التجاري .
ط- عدم تفعيل قانون التوثيق وتوثيق العقود توثيقاً صحيحاً وفصل التوثيق عن المحاكم بحيث يتولاه قانونيون متخصصون .
ى- عدم الالتزام بنصوص قانون البنوك التي تمنع تحويل رأس المال إلى أصول بينما يجري العمل الآن في أخذ الضمانات العقارية بشكل واسع
وهذا يؤدي إلى تجميد الأموال ويعرقل الاستثمار كما يؤدي إلى تورط البنوك في ضمانات عقارية فيها مشاكل كثيرة نتيجة لعدم انتظام السجل العقاري وهذا بدوره يؤدي إلى كثرة المنازعات التجارية ومن ذلك منازعات كثيرة معروضة على القضاء التجاري .
ك- أنه لا يجوز لمجلس الإدارة في أي شركة الاقتراض أوبيع الأصول
أو رهنها تأميناً للقرض طويل الأجل إلا بتفويض من الجمعية العمومية وأحياناً في الواقع العملي يحصل المخالفة لهذه الشروط وهذا يؤدي إلى حصول المنازعات مستقبلاً .
ل- عدم قيام السجل العقاري بدوره كما يجب في التأكد من صحة ملكية العقارات المرهونة لمن رهنها فكل البنوك تقريباً تقرض عملاءها بناءً على عقود رهن موثقة تقيد لدى السجل العقاري وما لم يقم السجل العقاري بدوره في التأكد من صحة ملكية العقارات لمن رهنها فإن ذلك سيبقى عائقاً من عوائق التنفيذ مستقبلاً ويؤدي إلى تراكم القضايا في المحاكم .
ونشير هنا إلى أمر جوهري يتعلق بالسجل العقاري الذي ويمثل إحدى الضمانات الهامة لاستقرار الملكية الخاصة في البلاد بالنسبة للعقارات حيث إن توثيق التصرفات القانونية يكون حجة بين أطرافه ، أما التوثيق في السجل العقاري ، فقيمته القانونية أنه يصبح حجة قانونية رسمية في مواجهة الكافة لا يمكن إنكارها أو جحودها، ولا يمكن أن يكون للسجل العقاري هذه الحجية البالغة إلى إذا استكملت في عملية التوثيق لديه إجراءات قانونية تشمل الأعمال المساحية والإجراءات القانونية معاً ، وللأسف الشديد أن الجميع يعيش وهما هو الاعتقاد موجود السجل العقاري في بلادنا بالصورة التي يوجد بها في البلدان الأخرى ، وفي الحقيقة أنه يوجد منذ عقود قانون للسجل العقاري وتوجد مصلحة للمساحة والسجل العقاري ولا شك أن هذه المصلحة قد حققت إنجازات طيبة في مجال المساحة ، ولكن فيما يتعلق بالسجل العقاري فإنها تقوم بتوثيق العقود التي يطلب منها توثيقها من قبل الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين مقابل رسوم تستفيد منها الخزينة العامة للدولة ولكن القيمة القانونية لما يثبته لا تتعدى القيمة القانونية لما يقوم به أمناء التوثيق لا غير وذلك لأن تحقيق الحجية القانونية في مواجهة الكافة لا يمكن أن يتم إلا بالالتزام بخطوات ما يعرف بالشهر العقاري وما يسبقه ويرافقه من إجراءات وإعلانات قانونية وخطوات قضائية ، ذلك أن أعمال السجل العقاري هي أعمال قانونية قضائية ولا تمثل الأعمال المساحية سوى عنصر من عناصرها ، ونظراً لأهمية السجل العقاري في استقرار الملكية وتخفيف حجم المنازعات بشأن الأراضي والعقارات فلابد من تقييم كامل لموضوع السجل العقاري وإصدار قانون السجل العيني والجوانب الإجرائية والتنظيمية المتعلقة به ([12]) وفي غياب السجل العيني تظل مشاكل العقارات كثيرة متزايدة وهذا بدوره يؤدي إلى كثرة القضايا التي تعرض على المحاكم ومنها القضاء التجاري .
3- من الأسباب الموضوعية التي تؤدي إلى صعوبة الفصل في القضايا بشكل حاسم ما يتعلق بقلة الإمكانات المادية للقضاء التجاري وهو قلة الموارد المتاحة الأمر الذي انعكس على عدم توفير العدد الكافي من المقرات والمباني ومتطلباتها وعدم الاستخدام الأمثل للمتوفر من الإمكانيات ولا شك أن هذا من الصعوبات التي تلعب دوراً هاماً في تعثر وبطء سير القضاء المدني والتجاري وغيرها ([13]) .
4- ومن ذلك عدم توفر إمكانيات تنفيذ الأحكام بل إنه حتى الشرطة القضائية لم توفر لها الإمكانيات اللازمة للقيام بدورها .
5- عدم تعاون بعض الجهات ذات العلاقة في تنفيذ الأحكام القضائية وفي تنفيذ
أوامر القضاء .
6- من الأسباب الموضوعية ما يتعلق بالاستقلال القضائي ونترك هذا للورقة التي تتحدث عن استقلال القضاء .
7- عدم توفير المرتبات الكافية خصوصاً للكادر الإداري المساعد بل وعدم وجود أي تنظيم لمسألة الأعمال الإضافية خارج أوقات الدوام الرسمية .
8- وجود بعض المحكمين بل الكثير منهم الذين يحكمهم الأطراف ويصدرون أحكاماً غير مستوفية للشروط القانونية وبإجراءات يشوبها الخلل ويعود الخصوم مرة أخرى إلى القضاء للنزاع حول هذه الأحكام أو حول تنفيذها وهذا مما يؤدي إلى كثرة المنازعات التجارية .
9- إلغاء قانون الرسوم القضائية أدى إلى كثرة القضايا الكيدية .
10- عدم قيام الأمناء بالدور الواجب عليهم عند كتابتهم للعقود بل ووجود بعض البصائر المتناقضة التي حررها أمين واحد في أرض واحدة يتم التنفيذ عليها مما يؤدي إلى عرقلة التنفيذ وعدم استيفاء طالب التنفيذ لحقوقه من قيمة الأرض .
ثانياً : الأسباب التي تعود إلى القصور في التشريع :
لقد شهدت اليمن تطوراً ملحوظاً في تقنين أحكام الشريعة الإسلامية وفي التقنين بشكل عام انطلاقاً من أن شريعتنا الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان تجمع بين الثبات في الأصول والمرونة في الفروع ، وقد استفاد المقنن اليمني من الاتجاه الذي نحاه القانون المدني رقم (14) لسنة 2002م الذي نص في المادة 13 منه على أن الأصل في العقود والشروط الإباحة والصحة ما لم تخالف الشرع وأن كيفيات العقود والشروط منها ما هو مسمى ومنها ما هو متروك للعرف والاجتهاد وأن الأصل فيها ما أقره الشرع ثم ما جرى به عرف الناس وتراضوا عليه ما لم يخالف حكم الشرع من تحليل حرام أو تحريم حلال (مادة 12 من نفس القانون) .
ولقد شهد التقنين التجاري بالذات ثورة تشريعية إذ شهدت اليمن في الثلاثة العقود الماضية تطورات ملحوظة في مجال التشريع التجاري وتجلي ذلك في صدور عدد كبير منها يزيد على السبعين قانوناً صدر منها في الجمهورية العربية اليمنية سابقاً في الفترة من 1962م إلى 1990م ستة وثلاثون تشريعاً تجارياً وفي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً في الفترة من 1967م إلى 1990م عشرون تشريعاً تجارياً وبعد الوحدة المباركة وقيام الجمهورية اليمنية صدر منذ عام 1990م أكثر من تسعة عشر تشريعاً تجارياً ([14]) .
ورغم هذه التشريعات أو القوانين الكثيرة العدد إلا أنه لايزال هناك قصور تشريعي يؤدي إلى بطء المحاكم في حسم القضايا ويتمثل ذلك فيما يلي :
1- حداثة التقنين التجاري مما يترتب عليه صعوبات تتعلق بحسن استيعاب نصوص القانون وتفسيرها مع قلة الخبرة وقصور فترة التجربة وانعدام الاجتهاد والفقه القانوني المساعد للقضاة من جهة أخرى .
2- قانون المرافعات الجديد رقم (40) لسنة 2002م لاشك أنه سد ثغرات كبيرة يواجهها القضاة في الواقع العملي والقضائي وشكل قفزة نوعية في الرقي بالإجراءات القضائية ولكن هناك بعض النقاط لاتزال بحاجة إلى مراجعة وتعديلات ومن ذلك بعض المواد المتعارضة أو غير المنسجمة مع بعضها في إطار السياق العام للقانون أو بعض المواد التي لا تتناسب مع الواقع العملي أو بعض الأمور في القانون لاتزال بحاجة إلى تطوير مثل نظرية الانعدام التي تعتبر وسيلة للحفاظ على صحة الإجراءات والأحكام ولكنها بحاجة إلى دراسة ([15]) .
3- هناك قصور تشريعي بالنسبة لإجراءات الإثبات خصوصاً مع وجود الوسائل الحديثة للإثبات التي لم ينظمها المقنن اليمني .
4- عدم وجود القوانين المنظمة لأعوان القضاة مثل قانون الخبراء .
5- هناك قصور في القوانين التجارية الموضوعية فيما يتعلق بعدم التقنين لبعض المعاملات الحديثة التي بدأت تنتشر في الواقع العملي مثل بطاقات الائتمان الفيزاكارت والتجارة الإلكترونية ومثل الشركات المهنية التي لا يوجد قانون ينظمها ومثل قانون سوق الأوراق المالية ( البورصة ) .
6- هذا الثراء التشريعي يشكل ميزة إلا أنه يشكل أحياناً عبئاً من حيث وجود عدم الانسجام والتناسق بين التقنينات ووجود النصوص المتناقضة والتي يكون لها تأثير سلبي في الواقع العملي والمنازعات .
7- عدم وجوب الرسوم القضائية بشكل يؤكد الجدية في النزاع وإلغاء قانون الرسوم القضائية السابق .
8- هناك بعض الثغرات القانونية الإجرائية التي يستغلها بعض من يريد إطالة الخصومة مثلاً الدفع بسبق ما يكذب الدعوى محضاً من الدفوع التي جعلها قانون المرافعات متعلقة بالنظام العام وأوجب الفصل فيها استقلالاً بينما ماهية هذا الدفع
لا تتحقق في الواقع العملي إلا في مسائل نادرة ومع ذلك لم يُعْطَ القاضي سلطة تقديرية بإعطائه الحق في ضم هذا الدفع للموضوع .
9- القوانين الإجرائية لا تعطي القاضي سلطة واسعة في كثير من المسائل حتى يمكنه تسيير الخصومة كما يجب .
10- من العيوب التقنينية التي تؤدي إلى كثرة القضايا وازدحامها في المحاكم التجارية أن قرار إنشائها وسع نطاق اختصاصها الموضوعي والمكاني حتى أصبحت تدخل فيها قضايا كثيرة ونوعيات من القضايا التي من الأفضل أن تكون من اختصاص المحاكم المدنية ذات الولاية العامة ، ويقصر اختصاص المحاكم التجارية على القضايا التجارية البحتة .
11- من العيوب التشريعية أن نظام هيئة الحكم داخل المحكمة التجارية كان مشكلاً من ثلاثة قضاة وهذا وإن كان ضمانة لكنه كان يؤدي إلى بطء الإنجاز وعدم الانسجام وعدم تحمل المسئولية بينما الضمانة يحققها الاستئناف والمحكمة العليا ولذا فقد أحسن القرار الذي أعاد تشكيل المحكمة من قاض فرد .
ولكن الملفت للنظر أنه حتى بعد تشكيل المحكمة التجارية من قاضي فرد وبعدد أربعة قضاة في أمانة العاصمة زاد إقبال الناس على هذه المحاكم ، إذ أن الوارد من القضايا على المحكمة التجارية بأمانة العاصمة في هذا العام حتى التاريخ يفوق الوارد في العام الماضي ، ولعل ذلك لأن الناس أدركوا أنه بتشكيل المحكمة من قاضٍ فرد وبذلك العدد أصبح السير في الإجراءات سريعاً فأقبلوا على هذه المحاكم بقضاياهم التي كانوا لا يرفعونها إلى القضاء خوفاً من البطء في التقاضي.
ثالثاً : الأسباب التي تعود إلى الإدارة القضائية :
هناك عوامل ذاتية تعوق أداء المحاكم التجارية تعود إلى الإدارة
القضائية ومنها :
1- عدم الاستقرار القضائي نتيجة لعدم انتظام الحركة القضائية في مواعيدها ولا في معاييرها وهذا يؤدي إلى عدم اطمئنان القضاة وبالتالي يؤدي إلى عدم وجود الحافز النفسي للإنجاز والإبداع . بالإضافة إلى أنه كلما تمكن قاض في فهم القضايا المعروضة عليه يتم نقله فيأتي قاضي يحتاج إلى فترة حتى يلم بالقضايا المعروضة عليه والتي كانت معروضة على سلفه ثم يتم نقله وهكذا يتعطل دور المحاكم في الحسم السريع للقضايا ([16]) .
2- عدم الأخذ بنظام التخصص في الحركة القضائية يؤدي إلى البطء في الإنجاز فعندما يعين قاض في المجال الجنائي مثلاً يحتاج لمدة سنة أو أكثر حتى يلم بالقضايا الجنائية وعندما يصل إلى مرحلة الإلمام بها وبنوعياتها وبإجراءاتها يتم نقله إلى قسم آخر فيعود من البداية وهكذا يحدث في القضاء التجاري .
3- لقد كانت المحاكم التجارية تابعة للمكتب القانوني في إدارتها ثم بعد فترة أصبحت لها إدارة خاصة تهتم بشؤونها ثم ألغيت ثم أعيد تشكيلها مرة أخرى وعدم إعطاء هذه الإدارة دورها في الإشراف على المحاكم التجارية وبحث احتياجاتها وتنظيم شؤونها يؤدي إلى عدم انتظام العمل داخل المحاكم التجارية وهو ما يؤثر على الإنجاز بصورة غير مباشرة كما أن من العيوب والمشاكل انفصال هذه الإدارة في مبنى بعيد مستقل وفي مبنى محكمة لا علاقة لها بالقضاء التجاري .
4- عدم الاعتناء بالكادر المساعد في المحاكم التجارية من حيث إعطاؤه حقوقه من المكافآت والحوافز ومن حيث انتقاؤه بدقة من ذوي الخبرة ثم من حيث توفير الإمكانات المادية اللازمة له من المكاتب والكمبيوترات والإرشيف وغيرها ومن حيث تأهيله بالدورات التنشيطية أو التأهيلية التي تساعده على الرقي بأدائه .
5- عدم وجود آلية تنظم إدارة المحكمة ([17]) فلابد من لائحة تنظم ذلك لا سيما عند وجود أكثر من قاض داخل محكمة ولائحة المحاكم لا نجد لها تطبيقاً في الواقع .
6- عدم توافر العدد المناسب من المعلنين المؤهلين وعدم توفير الإمكانيات اللازمة لهم مثل وسيلة النقل .
7- افتقار المحكمة التجارية لكثير من المتطلبات الأساسية والضرورية اللازمة
لتنفيذ عملها .
8- عدم توفر الإمكانات اللازمة للقضاة كالسيارات والحوافز والبدلات .
9- عدم إطلاع القضاة على القضايا أولاً بأول بسبب زحمة القضايا .
الحلـــــــول المقترحــــــــة
1- تعديل قرار إنشاء المحاكم التجارية بحيث يقصر اختصاصها على القضايا التجارية المحضة ويترك اختصاص بعض القضايا مثل القضايا التجارية التبعية وقضايا الإيجار للقضاء المدني وذلك حتى يخف الضغط على المحاكم التجارية وتتفرغ لحسم المنازعات التجارية التي لها علاقة مباشرة بالتنمية والاستثمار .
2- دعم الاستقلال القضائي للمحاكم التجارية بتطبيق النصوص التشريعية المتعلقة بذلك على الواقع ومنع كافة صور التدخلات التي يتعرض لها القاضي بصورة مباشرة وغير مباشرة سواءٌ من داخل السلطة القضائية أو خارجها .
3- دعم الاستقلال المالي والإداري للمحاكم التجارية .
4- تفعيل دور الإدارة العامة للمحاكم التجارية ونقل مقرها إلى مقر الشعبة الاستئنافية التجارية والمحكمة الابتدائية .
5- تزويد المحاكم التجارية بالجريدة الرسمية والقوانين الصادرة أولاً بأول والمنشورات الصادرة عن الوزارة وتزويد المكتبات القانونية للمحاكم بالأحكام القضائية والفقهيه اليمنية والعربية واللوائح الوطنية والدولية المقرة للقوانين التجارية وكذا المجلات العربية والدولية المتخصصة بالقضاء التجاري .
6- توفير المتطلبات اللازمة للمحاكم التجارية من أجهزة الكمبيوتر وغيرها وتوفير السيارات لقضاة المحاكم وتوفير الحوافز والبدلات للقضاة وللكادر الإداري .
7- توفير وسائل المواصلات للمعلنين في المحاكم التجارية وعقد دورات تأهيلية لهم لرفع كفاءتهم .
8- تزويد المحاكم التجارية بكل المستجدات في القضاء التجاري مثل القواعد التجارية الدولية الموحدة في المجالات التجارية المختلفة والمستجدات في قواعد التجارة الدولية مثل الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية ومشاريع لجان الأمم المتحدة للتجارة الدولية مثل أحكام الأوراق التجارية والشيكات والتحكيم وجهود جمعية القانون الدولي في المجال التجاري مثل توحيد الخسارات البحرية .
9- تشكيل لجنة متخصصة من كبار القضاة ذوي الخبرة والكفاءة في المجال التجاري ومن المختصين لمراجعة وتقييم التشريعات التجارية النافذة مثل القانون التجاري والقوانين الأخرى وبيان مدى انسجامها مع بعضها البعض من جهة ومدى تجاوبها مع المستجدات المحلية والدولية من جهة ثانية وتكلف هذه اللجنة بوضع مشاريع قوانين للمعاملات المستجدة في المجال التجاري وفي إجراءات المرافعات والإثبات بما يتلافى أوجه القصور الموجودة .
10- كما تكلف هذه اللجنة أيضاً بمتابعة وتشخيص مظاهر بطء الإجراءات
وبطء سرعة الفصل في المنازعات التجارية وتقديم المقترحات للتغلب على
تلك الأسباب .
11- العمل على اتخاذ أعوان القضاة اللازمين في كل محكمة تجارية وانتقائهم بعناية وعمل دورات تأهيلية وبسيطة لرفع مستوى أدائهم .
12- تدريب إدارة القلم في المحكمة المختصة باستلام الدعاوى بالقيام بفحص الدعاوى وإلزام مقدميها باستيفاء النواقص فيها قبل توزيعها إلى القضاة .
13- بحث ودراسة الجوانب المالية للمحاكم التجارية على نحو واقعي وموضوعي لكل محكمة على حده وتوفير كل ما تحتاجه للمحكمة وللقضاة وللإداريين مع مراعاة خصوصيات كل محكمة فمثلاً المحاكم في المناطق الحارة لا يمكن أن تتساوى مع المحاكم في المناطق الباردة فيما يخص نفقات الكهرباء ومن الضروري توفير أجهزة كمبيوتر مع العاملين عليها لكل محكمة تجارية .
14- طباعة الأحكام التجارية النموذجية وطباعة جميع الأحكام التجارية الصادرة عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا وموافاة القضاة التجاريين بها دورياً وذلك حتى يمكن إرساء مبدأ السوابق القضائية وتوحيد فهم نصوص التشريعات التجارية .
15- إنشاء قسم خاص في التفتيش القضائي للتفتيش على المحاكم التجارية ويراعى في المفتشين في هذا القسم أن يكونوا من ذوي الخبرة في القضاء التجاري حتى يتمكنوا من تحديد أوجه القصور في أداء القضاة التجاريين ومن ثم عمل دورات تنشيطية لهم للرفع من مستوى أدائهم .
16- الاستعانة المؤقتة بالخبرات القانونية القضائية والإدارية في المجال التجاري من الدول الشقيقة .
17- عدم هدر الخبرات القضائية اليمنية في مجال القضاء التجاري وإعادة تنظيمهم في المحاكم التجارية الاستئنافية وفي المحكمة العليا واستشارتهم في جميع شؤون القضاء التجاري .
18- رفع مشروع تعديل قانون الرسوم القضائية بما يضمن الجدية في
رفع الدعاوى .
19- وضع خطة زمنية لمدة 3 سنوات لإنشاء مقرات ومباني خاصة بالمحاكم التجارية تليق بها ووضع التصاميم الخاصة بها والتي تستوفي جميع احتياجاتها وقبل ذلك البحث عن الأراضي اللازمة لذلك .
20- دعم الشرطة القضائية بما تحتاجه من الإمكانيات .
21- عقد اجتماعات خاصة ما بين وزارة العدل ورؤساء المحاكم الابتدائية التجارية والجهات التنفيذية ذات العلاقة لبحث معوقات تنفيذ الأحكام القضائية ووضع آلية لتنفيذ تلك الأحكام .
22- إعادة النظر في قانون التوثيق وفي آلية تنفيذه وفصل مكاتب التوثيق عن المحاكم ورفدها بالكادر القانوني اللازم للقيام بدورها .
23- رفع مقترحات إلى الجهات ذات العلاقة فيما يتعلق بالسجل العقاري العيني .
24- نرى أن يسبق الحركة القضائية دراسة ميدانية ومسح للقضايا الموجودة في المحاكم التجارية ومعرفة مدى ما يمكن للقاضي إنجازه خلال شهر مثلاً وبالتالي يمكن أن نعرف متوسط ما يمكن أن ينجزه القاضي خلال العام ثم يعين
قضاة بالعدد الكافي لإنهاء التراكم في القضايا خلال عام واحد ثم بعد ذلك
في الحركة القضائية التي ستليها يكون تعيين القضاة حسب متوسط الوارد من القضايا ومتوسط إنجاز القاضي .
25- تحقيق الاستقرار القضائي من خلال القيام بالحركة القضائية في موعدها المحدد وبمعايير تأخذ في الاعتبار تقارير التفتيش القضائي التي يقوم بها المفتشون الأكفاء والمحايدون والاستفادة من مبدأ التخصص في الحركة القضائية .
26- نقترح تشكيل هيئتين استئنافيتين تجاريتين في أمانة العاصمة حتى يمكن
إنهاء القضايا المتراكمة .
27- وضع دليل إرشادي للإجراءات والمواعيد القضائية لأن ذلك يمثل ضرورة لترسيخ الممارسات والتقاليد القضائية الصحيحة .
28- عمل دورات تخصصية داخلية وخارجية للقضاة التجاريين تشمل إطلاعهم على تجارب الآخرين وعلى مستجدات القضاء التجاري وعلى الوسائل الحديثة في حل المنازعات التجارية .
29- أن يحرص القضاة على دراسة القضايا أولاً بأول ويحرصوا على توجيه إجراءات القضية وعلى أن لا تزيد الجلسات في اليوم الواحد عن عشر جلسات لأن الزيادة على ذلك تؤدي إلى عدم قدرة القاضي على الإطلاع على القضايا وبالتالي عدم قيامه بدوره الإيجابي في توجيه إجراءات التقاضي.
30- الاهتمام بالمعهد العالي للقضاء وتوفير الإمكانيات اللازمة له التي تمكنه من القيام بدوره في تأهيل أعضاء السلطة القضائية قضاةً وأعضاء نيابة ، وكذلك الكادر المساعد وفي عقد الدورات التنشيطية التي تساهم في معالجة أوجه القصور لديهم والرفع من كفاءتهم وذلك بالتنسيق مع التفتيش القضائي ، فالمعهد العالي للقضاء هو الرافد الذي أمد السلطة القضائية بالقضاة والمعاونين طيلة العقود الماضية ولايزال كذلك.
31- أن يحتوي برنامج الدراسة في المعهد العالي للقضاء على المواضيع التجارية المستجدة ، إضافة إلى ما يحتويه أصلاً من المواضيع التجارية . وأن ينص في برنامج التدريب في المعهد العالي للقضاء على كون جزء منه في المحاكم التجارية بصورة إلزامية .
32- التحري والدقة في الموافقة على الأمناء كتبة العقود وعقد دورات تدريبية لهم في المعهد العالي للقضاء بالتنسيق مع إدارة الأمناء بوزارة العدل والرقابة عليهم في أدائهم لمهنتهم .
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
إعــداد القاضــي /
محمــد محمود عبـد الله بازي
القاضي بالمحكمة التجارية بالأمانة
مراجع هذه الورقة
1- خطة الإصلاح القضائي الأولى محرم 1400م – نوفمبر 1979م وزارة العدل .
2- المعالم الرئيسية لخطة الإصلاح القضائي المقرة من مجلس الوزراء عام 1997م وزارة العدل .
3- دور الإدارة القضائية وأهمية قانون المرافعات المدنية والتجارية في النظام القضائي اليمني ، القاضي محمد راشد عبد المولى رئيس هيئة التفتيش القضائي الأسبق .
4- تطور التشريع والقضاء في الجمهورية اليمنية القاضي محمد راشد عبد المولى . الناشر عالم الكتب – مكتبة خالد بن الوليد ط ثانية 1415هـ – 1995م .
5- التقرير المقدم من اللجنة المشكلة من رئيس الوزراء بالقرار رقم (1) لسنة 1999م لتفصيل دور المحاكم المتخصصة بالدعاوى والمنازعات التجارية .
6- المجلة العربية للفقه والقضاء العدد رقم (17) أكتوبر 1996م .
7- مجلة الأحكام التجارية الصادرة عن وزارة العدل العدد الأول القواعد المقرة من الدائرة التجارية بالمحكمة العليا للفترة من 1977م – 1980م سنة النشر 1420هـ 2000م .
8- مجلة القسطاس العددان 12- 13 مايو ويونيو 1999م .
9- مجلة القسطاس العدد 39 نوفمبر 2001م .
10- مجلة القسطاس العدد 41 يناير 2002م .
11- مجلة التحكيم العدد 24 فبراير 2002م .
12- مجلة المحاماة العدد صفر أكتوبر 2002م .
13- مجلة التحكيم العدد 20 أكتوبر 2002م .
14- مجلة المحاماة العدد الأول إبريل 2003م .
15- مجموعة التشريعات التنظيمية للسلطة القضائية الكتاب الأول الطبعة الأولى يناير 2001م الناشر وزارة العدل .
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الآية رقم (58) من سورة النساء .
([2]) رواه الإمام مسلم .
([3]) المجلة العربية للفقه والقضاء – العدد 17 أكتوبر 1996م ص 12 .
([4]) خطة الإصلاح القضائي الأولى محرم 1400هـ الموافق نوفمبر 1979م وزارة العدل ص 1 .
([5]) دور الإدارة القضائية وأهمية قانون المرافعات المدنية والتجارية في النظام القضائي اليمني للقاضي / محمد راشد عبد المولى رئيس هيئة التفتيش القضائي السابق ص5 والمعالم الرئيسية لخطة الإصلاح القضائي المقرة من مجلس الوزراء عام 1997م وزارة العدل ص 5 .
([6]) المرجعين السابقين .
([7]) أنظر تطور التشريع والقضاء في الجمهورية اليمنية للقاضي / محمد راشد عبد المولى – الناشر عالم الكتب اليمنية ومكتبة خالد بن الوليد الطبعة الثانية 1415هـ – 1995م ص 65-67 .
([8]) المرجع السابق ص 80 ومجلة الأحكام التجارية الصادرة من وزارة العدل العدد الأول للقواعد المقرة من الدائرة التجارية بالمحكمة العليا للفترة 1977م – 1980م سنة النشر 1420هـ / 2000م ص 6 .
([9]) المرجعين السابقين .
([10]) انظر القرار كاملاً في مجموعة التشريعات التنظيمية للسلطة القضائية – الكتاب الأول – الطبعة الأولى يناير 2001م ، الناشر وزارة العدل ص 60 – 62 .
([11]) انظر في ذلك تقرير اللجنة المشكلة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1 لسنة 1999م بشأن تفعيل دور المحاكم المتخصصة نوعياً بالدعاوى والمنازعات التجارية .
([12]) خطة الإصلاح القضائي والمعالم الرئيسية لها عام 1997م ص 42 – 43 ومجلة القسطاس العدد (39) نوفمبر 2001م ص 16 .
([13]) انظر مجلة القسطاس العدد 39 نوفمبر 2001م ص 34 ومجلة المحاماة العدد صفر أكتوبر 2002م ص20.
([14]) بحث بعنوان الثورة اليمنية وتطور التشريع التجاري للدكتور / محمد علي حسن الأهدل نشر في سلسلة دراسات وأبحاث ثورة 26 سبتمبر 1962م كتابات وأبحاث والناشر مقر مركز الدراسات والبحوث اليمن ص 115 – 117 .
([15]) انظر حول قانون المرافعات الجديد مجلة التحكيم العدد 24 فبراير 2002م بعنوان أصداء على تعديلات قانون المرافعات والعدد 20 أكتوبر 2002م ص44 وما بعدها .
([16]) مجلة القسطاس العدد 41 يناير 2002م تقييم مبكر للحركة القضائية مقابلات مع القضاة ص40 ومجلة المحاماة العدد الأول إبريل ص .
([17]) مجلة القسطاس العدد 12 – 13 مايو ويونيو سنة 99م ص7 .
النشأة والتطور - المشكـلة والحلول
إعداد القاضي/ محمد محمود عبدالله علي بازي
القاضي بالمحكمة التجارية بالأمانة
ورقة عمل مقدمة للمؤتمر القضائي الفرعي الأول
لأمانة العاصمة ومحافظات صنعاء والجوف والمحويت ومأرب
المنعقد في صنعاء للفترة من 21 إلى 22/9/2003م
عناصـر الورقة
1- مقدمة .
2- أهمية القضاء التجاري .
3- نشأة القضاء التجاري وتطوره والمراحل التي مر بها .
4- المشكلة التي يعاني منها القضاء التجاري وأسبابها .
- الأسباب الموضوعية .
- الأسباب التي تعود إلى القصور في التشريع .
- الأسباب التي تعود إلى الإدارة القضائية .
5- الحلول المقترحة .
مقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه العزيز ) إن الله يأمركم
أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ( ([1])
والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد القائل : « إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا » ([2]).
أما بعــد :
فإن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة ، وأمر من أمور الدين ، ومصلحة من مصالح المسلمين ، وهو أساس الحكم ، وسلطة من السلطات التي يقوم عليها بناء الدولة الحديثة ، ورمز لرقيها ودليل على حضارتها ، وميزان تقاس به تصرفاتها ، ولهذا أعلت من شأنه الدولة الإسلامية وأحاطته بقدر من الهيبة والتوقير فكان خير الأمة ومصدر عزتها وكرامتها ، ومن هنا اهتمت الشريعة الإسلامية بالقاضي سلوكاً وعلماً وبالقضاء فقهاً وأدباً ([3]) .
وإذا كان العدل هو أساس الحكم وهو البناء الذي تقوم عليه الدول وتعمر بقدر رسوخة وصموده حتى قال بعض السلف : « إن الله يبقى الدولة العادلة ولو كانت كافرة ويزيل الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة » .
وإذا كانت السنن الإلهية قد ربطت بقاء الدول واستقرارها بالعدل فإن القضاء هو الوسيلة التي يتحقق بها العدل ، فالعدل بالقضاء يرسخ ويقوي لأن القضاء هو حصن العدل الحصين ، وحارسه الأمين ، ومكانه في الدولة هو مكان الأساس من البنيان باعتباره ميزان الحق والباطل والخير والشر والقاعدة التي تقوم عليها النظم والمجتمعات البشرية والحضارات الإنسانية ([4]) .
ومن هنا جاء الاهتمام بالقضاء وتقديسه واستقلاله على مر العصور ، وَوُضِعَتِ الأنظمة التي تساهم في تطويره وحسن سير أدائه وتطور ذلك حتى أصبح النظام القضائي في مختلف البلدان يتألف من شقين : قضائي وإداري .
الشق الأول : قضائي بحت ويتعلق بأنواع القضاء – جهاته – ودرجات التقاضي
وما إذا كان يقوم على أساس وحدة القضاء أو تعدده .
والشق الثاني : إداري ويتعلق بشكل ونوع الإشراف الإداري على أجهزة القضاء بما يساعد على تحقيق الغاية المرجوة منه وهي تحقيق العدالة الناجزة ، حيث يختلف شكل ونوع هذا الإشراف ، فهناك إشراف قضائي بحت – لا وجود فيه لوزارة العدل – أو إشراف قضائي إداري مشترك – توجد فيه وزارة العدل و مجلس قضاء – أو إشراف إداري فقط–لا وجود فيه لمجلس قضاء– ([5]).
كما أن الشق الإداري للنظام القضائي يمتد ليشمل الجانب الإداري في أعمال المحاكم الذي يقوم به القضاة ومعاونوهم تحت إشرافهم ويقوم المعانون بأعمال هامة ومؤثرة في سير أعمال المحاكم فينعكس عملهم سلباً أو إيجاباً على الجانب القضائي([6]).
ولما للقضاء من أهمية فقد حرصت كل الأمم والشعوب على تطوير نظمها القضائية ومعرفة الصعوبات والمشاكل التي تعاني منها ووضع الحلول لها وتذليل كل الصعوبات التي تعيق تحقيق القضاء للغاية المرجوة منه في تحقيقه للعدالة
السريعة الناجزة .
ولئن كانت السلطة القضائية في بلادنا قد وقفت أمام نفسها في عام 1979م مشخصة الصعوبات والمشاكل التي نعاني منها في المؤتمر القضائي العام الذي انبثقت عنه خطة الإصلاح القضائي التي احتوت على برنامج شامل لتطوير القضاء ثم تلا ذلك في عام 1997م خطة إصلاح قضائي كانت متسقة مع الخطة الأولى ومتممة لأهدافها.
فإن جميع أعضاء السلطة القضائية اليوم يقفون مع بعضهم تلبية لدعوة مخلصة توجه بها فضيلة وزير العدل الدكتور / عدنان الجفري لمؤتمر قضائي عام سيعقد في الفترة من 18 – 20 أكتوبر 2003م تمهيداً للخروج بوثيقة عمل شامله سعياً للارتقاء بالأداء القضائي , ويجيء اجتماعنا اليوم في هذا المؤتمر الفرعي تمهيداً للمؤتمر العام وذلك حتى يكون تشخيص المشاكل التي تعاني منها السلطة القضائية نابعاً من القاعدة فصاحب البيت أدرى بالذي فيه والذي يعايش الواقع القضائي ويطبق النصوص التشريعية هو أدرى بالصعوبات والمعوقات التي تواجه تحقيق السلطة القضائية للغاية السامية التي وجدت من أجلها ، ولذلك كانت أوراق العمل مقدمة من أعضاء السلطة القضائية أو معاونيهم أو ممن لهم علاقة مباشرة بالقضاء ، كالمحاميين والمتخصصين من أساتذة الجامعات أو غيرهم .
الغاية والهدف من هذه الورقة وعناصرها
وانطلاقاً من الغاية التي يعقد لها هذا المؤتمر أقدم هذه الورقة المتواضعة عن القضاء التجاري محاولاً التركيز فيها على الجانب العملي ، فَبَعْدَ بياني لأهمية القضاء التجاري سأذكر نبذة عن نشأته مبيناً تطوره والمراحل التي مَرَّ بها على مدى الثلاث العقود الماضية لنصل بعد ذلك إلى المقصود الأهم من هذه الورقة وهو بيان المشاكل والمعوقات التي يعاني منها القضاء التجاري والتي تؤدي إلى عدم تحقيق القضاء التجاري للغاية المرجوة منه على الوجه الذي نطمح إليه جميعاً ، وأبين أسباب
هذه المشاكل .
ثم سأوضح المقترحات بالحلول اللازمة لمعالجة المشاكل المشار إليها وذلك سعياً للرقي بأداء المحاكم التجارية كَلَبِنَةٍ مهمة في البناء القضائي اليمني ، وأخيراً أقول إن واجب الأمانة يفرض عَلَيَّ أن أذكر أنني اعتمدت في هذه الورقة على خبرة من عايشوا القضاء التجاري ومسيرته خلال العقود الثلاثة الماضية إضافة إلى ما لاحظته من خلال ممارستي العملية في المحكمة التجارية طيلة الثلاثة الأعوام الماضية .
أهميــة القضــاء التجـــــاري
تنبع أهمية القضاء التجاري من أهمية القضاء بشكل عام ، فالقضاء كما قلنا هو الأداة التي بواسطتها يتم تحقيق العدل الذي هو أساس الحكم ، والقضاء كل لا يتجزأ والمنظومة القضائية منظومة واحدة متكاملة ولا يمكن أن ينهض جانب منها دون الآخر بل لا بد أن تعالج جميعها بخطة واحدة تضمن لها أن تتطور جميعاً بصورة مطردة ومتناسقة لا سيما وبلادنا تأخذ بنظام القضاء الموحد.
ولكن إضافة إلى تلك الأهمية تتجلى أيضاً أهمية القضاء التجاري باعتبارين :
الاعتبار الأول : أهمية التخصص في مجال القضاء وبيان ذلك هو أننا وإن كنا نرى أنه لابد أن يعمل القاضي ابتداءً في جميع الاختصاصات في المحكمة الابتدائية فَيُلِمّ بجميع أنواع القضايا المدنية والجنائية والإدارية والشخصية والمستعجلة ولكننا نرى بعد ذلك أنه لابد من أن نستفيد من مبدأ التخصص ، إذ أنه كلما عمل القاضي في تخصص معين جنائي أو مدني أو تجاري لفترة أطول ، وكلما كانت القضايا التي فصل فيها في هذا النوع كثيرة متعددة ، كلما زادت خبرة القاضي بهذا النوع من القضايا وزاد إلمامه بالقوانين الموضوعية والإجرائية المتعلقة به ، وبالتالي أمكن لهذا القاضي أن يحسم القضايا التي تعرض عليه على وجه يضمن سرعة الإنجاز مع ضمان صحة أحكامه وعدالتها أي يضمن سرعة السير في إجراءات نظر القضية حتى حسمها بحكم عادل إن شاء الله .
إضافة إلى ذلك فقد تشعبت العلوم والمعارف في زماننا في جميع الجوانب والعلوم النظرية والتطبيقية حتى أصح مبدأ التخصص من المسلمات التي لابد منها ، كما أن القاضي المتخصص كلما رُقّيِ درجة أعلى فانتقل إلى محكمة الاستئناف ثم إلى المحكمة العليا كلما كانت قدرته وكفاءته العلمية والفنية المتعلقة بهذا النوع من القضايا أكبر وأفضل ، وبالتالي تتحقق غاية المقنن من جعل نظام التقاضي على درجتين ؛ إذ تتحقق الرقابة على حسن تطبيق الشرع والقانون ويكون تفسير القضاة ذوي الخبرة لنصوص القانون أَدَقَّ وهو ما يوحد الفهم القانوني للنصوص القانونية عن طريق السوابق القضائية الصادرة عن هؤلاء القضاة في المحكمة العليا وهو ما يحقق أحد أهم وظائف المحكمة العليا .
الاعتبار الثاني : أن أهمية القضاء التجاري بوجه خاص هي أهمية تفرضها المصلحة العامة المتمثلة في متطلبات التنمية والاستثمار إذ أنه يتجلى فيه بوضوح دور القضاء في تحقيق التنمية والاستثمار .
وبيان ذلك أننا في عصر انفتحت فيه الأمم على بعضها عصر العولمة والإنترنت حيث أصبح العالم كله كالقرية الواحدة وأصبحت العلاقات الاقتصادية هي أهم العلاقات والروابط وسعت كل الدول إلى فتح أسواقها أمام المستثمرين ، وبلادنا مثل بقية الدول تسعى إلى تطوير اقتصادها والنهوض به بما يحقق التنمية للشعب ،
ولا تتحقق التنمية إلا بالاستثمارات في المجالات الحيوية ولا يمكن للاستثمار أن ينمو ويؤتي ثماره إلا مع تحقيق الأمن والاستقرار ولا يتحقق الأمن والاستقرار إلا بالقضاء العادل والسريع .
كما أن فتح المجال أمام الاستثمارات والشركات المحلية والأجنبية والتطور الاقتصادي الذي يشهده العالم قد أوجد معاملات تجارية متطورة لم تكن معروفة من قبل، ولا يمكن للقاضي أن يحكم في معاملة إلا إذا تَصَوَّرَهَا وعرفها حق المعرفة ؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ومن هنا تبرز أهمية وجود قضاء تجاري متخصص يلم القاضي فيه بالمستجدات والمعاملات المعاصرة إضافة إلى إلمامه بالقواعد الشرعية والقانونية المنبثقة من شريعتنا الإسلامية فنحن بحاجة إلى هذا القاضي لنواكب التطور ونساهم بما يساعد على قوة اقتصادنا وازدهار التنمية في بلادنا .
إننا لا نستطيع أن نبقى بمعزل عن العالم لأننا بحاجة إليه للاستفادة من كل ما هو لصالح أمتنا كما أننا لا يمكن أن نخضع بعماء للأنظمة التي يراد فرضها علينا
ولذا لا يمكن أن يظل نظامنا الشرعي والقانوني غير محيط بما حوله من مستجدات فالشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان ولذا يجب الاعتناء بالقاضي اليمني خصوصاً في المجال التجاري حتى يكون ذلك القاضي الذي يجمع بين الشرع والقانون ويجمع بين الأصالة والمعاصرة فيكون عالماً بالشرع وقواعده العامة وملماً بمستجدات الحياة ومعاملاتها المعاصرة وفاهماً لها ، ففهم الواقع هو من أهم العلوم ولا يمكن للقاضي أن يطبق حكم الشرع على الواقع إلا بعد أن يفهم الواقع كفهمه للشرع ولذا قال الله سبحانه وتعالى ) ففهمناها سليمان ( وقال السلف الصالح « القضآء فهم » .
نشأة القضاء التجاري وتطوره
تعود نشأة القضاء التجاري في اليمن ( الجمهورية العربية اليمنية ) إلى منتصف السبعينات حيث شهدت بلادنا في تلك الفترة طفرة ونمواً اقتصادياً مضطرداً ودخلت معتركاً تجارياً واقتصادياً جديداً نتج عنه الكثير من المعاملات التجارية التي لم تكن معروفة من قبل واستجابة لدواعي التطورات التجارية والاقتصادية المذكورة تم تأسيس المحاكم التجارية فتم إنشاء قضاء نوعي متخصص للفصل في المنازعات الناشئة عن العلاقات التجارية وذلك أن من أهم سمات المعاملات التجارية هو قيامها على السرعة وهو ما يقتضي الحسم في القضايا والنزاعات الناشئة عنها على وجه السرعة أيضاً إضافة إلى أنه نتيجة لتنوع هذه المعاملات وجدتها كان لابد من إيجاد قضاة متخصصين فيها يلمون بكافة جوانبها ويتم حسمهم لها على وجه السرعة دون أن تتأثر بزحمة القضايا في المحاكم العادية .
إضافة إلى ما ذكر فقد كانت هناك شركات أجنبية قد دخلت إلى اليمن ولعدم وجود قضاء تجاري متخصص كانت هذه الشركات تشترط في العقود والاتفاقيات التي تبرمها مع الحكومة اليمنية أو مع التجار اليمنيين أنه في حالة حدوث نزاع بينهما حول أي من تلك العقود يتم حل النزاع عن طريق التحكيم لجهات في خارج اليمن كالغرف التجارية الأجنبية وهو ما كان يشكل عبئاً على الحكومة اليمنية وعلى التجار اليمنيين .
فحلاً لهذه المشكلة وحتى تطمئن الشركات الأجنبية تم إنشاء قضاء تجاري متخصص في المعاملات التجارية ليطمئن المستثمر أنه بإمكانه اللجوء إلى قضاء تجاري يمني يمكنه من الحصول على حقه على وجه السرعة كما تقتضيه طبيعة التجارة والاستثمار .
المراحل التي مر بها القضاء التجاري اليمني
المرحـــــلة الأولـــــى (الإنشــــاء)
ونتيجة لما سبق أنشئت المحاكم التجارية لأول مرة في الجمهورية العربية اليمنية بالقانون رقم (40) لسنة 1976م بتاريخ 7 ربيع أول 1396هـ الموافق
8 مارس 1976م الذي نص في المادة الأولى منه على أن تنشأ محاكم تجارية ابتدائية بعواصم المحافظات التي يصدر بتحديدها قرار جمهوري وتشكل كل محكمة من رئيس وعضوين يتم تعيينهم لأول مرة بالقرار المشار إليه آنفاً ومع مراعاة توافر الشروط اللازمة لذلك بمقتضى هذا القانون .
كما نصت المادة الثانية على أنه « تنشأ شعبة استئنافية تجارية بالمحكمة العليا وتشكل من رئيس وأربعة أعضاء يتم تعيينهم بقرار جمهوري وفقاً للشروط المنصوص عليها في هذا القانون … الخ » .
كما نصت المادة الثالثة على أنه « تختص المحاكم التجارية الابتدائية والشعبة الاستئنافية التجارية بنظر جميع الدعاوى ذات الطابع التجاري وفقاً لقواعد وأحكام القانون التجاري وفروعه الأخرى » .
كما صدر قرار مجلس القيادة رقم (80) لسنة 1976م في 21/7/1396هـ الموافق 19/7/1976م بأن تنشأ محكمة تجارية ابتدائية في كل من عواصم المحافظات الآتية : صنعاء والحديدة وتعز ولقد كان العضو الثالث في كل من المحاكم الثلاث هو قاض منتدب من جمهورية السودان الشقيق كما كان مقرروا المحاكم الثلاث كذلك منتدبون من جمهورية السودان الشقيق لتنظيم أعمال المحاكم التجارية ([7]) .
فنلاحظ مما سبق أن المرحلة الأولى من تأسيس المحاكم التجارية اليمنية كانت في 1976م وكان التقاضي على درجة واحدة محكمة ابتدائية ثم محكمة استئنافية عليا يطعن أمامها بالحكم ([8]) وكانت هناك ثلاث محاكم تجارية ابتدائية في صنعاء
والحديدة وتعز .
المرحلة الثانية من تطور القضاء التجاري
استمر ذلك حتى صدر قانون السلطة القضائية لعام 1979م الذي نص على ترتيب المحاكم على درجات وتجلى ذلك بوضوح في صدور قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم (42) لسنة 1981م الذي ألغى قانون المرافعات السابق ونص فيه على استئناف أحكام المحاكم الابتدائية التجارية أمام محكمة استئناف الألوية ثم شكلت محكمة استئناف تجارية بصنعاء عام 1982م ([9]) ويمكن أن نعتبر ذلك هو المرحلة الثانية من مراحل تطور القضاء التجاري .
وقد شهد القضاء التجاري في الفترة من 76 – 85م ازدهاراً رائعاً حيث حظيت المحاكم التجارية بالاهتمام والرعاية وتجلى ذلك في جعل تلك المحاكم تابعة إدارياً للمكتب القانوني للدولة الذي كان معنياً بشؤونها المالية والإدارية وتقييم نشاطها ونشر أحكامها وهو الذي أبرم الاتفاقيات مع حكومة جمهورية السودان الشقيق ممثلة بالهيئة القضائية تضمن الاتفاق ندب قضاة من السودان للعمل في المحاكم التجارية تلاه اتفاق آخر لندب مقررين للعمل في المحاكم التجارية وتدريب المقررين اليمنيين للاستفادة من خبرة القضاء السوداني في هذا المجال وقد آتت هذه التجربة ثمارها . حيث شهد القضاء التجاري أداءً رائعاً ساعد على ذلك الاستقرار المعيشي والإقبال على مهنة المحاماة والتطور التشريعي إضافة إلى قلة عدد القضايا المرفوعة أمام تلك المحاكم بالقياس إلى ما هي عليه اليوم ، وفي بعض الفترات كانت هناك محكمتان تجاريتان في أمانة العاصمة.
المرحلة الثالثة من تطور القضاء التجاري
بعد تحقيق الوحدة المباركة في 22 مايو 1990م استحدثت المحاكم التجارية ولأول مرة في المحافظات الجنوبية ، ثم في عام 1995م صدر قرار وزير العدل
رقم (252) لسنة 1995م بشأن تكليف الشعب المدنية في بعض محاكم الاستئناف بنظر القضايا التجارية وذلك في محاكم الاستئناف التي لم يتضمن تشكيلها شعباً تجارية وخلال الفترة من 1985م – 1999م كان وضع المحاكم التجارية مثل وضع المحاكم الأخرى التابعة لوزارة العدل إذ ألغيت إدارة المحاكم التجارية وانتهى دور
القضاة المنتدبين .
المرحلة الرابعة من تطور القضاء التجاري .
وتتمثل هذه المرحلة بصدور قرار رئيس الجمهورية رئيس مجلس القضاء الأعلى رقم (22) لسنة 1996م بشأن إنشاء محاكم تجارية متخصصة نوعياً بالدعاوي والمنازعات التجارية وتبرز أهمية هذا القرار فيما يلي :
1- أنه وسع من نطاق الاختصاص المكاني للمحاكم التجارية إذ أنشأ خمس محاكم في أمانة العاصمة وعواصم محافظات صنعاء والحديدة وحضرموت وعدن وتعز إضافة إلى خمس شعب استئنافية تجارية في كل محافظة من المحافظات سالفة الذكر لنظر الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم التجارية الابتدائية التي يطعن فيها بالاستئناف ، كما أن هذا القرار أجاز إنشاء أكثر من شعبة تجارية في محكمة الاستئناف عند الحاجة إلى ذلك ، كما نص هذا القرار على تشكيل هيئة حكم أو أكثر للدائرة التجارية في المحكمة العليا للفصل في الطعون على أحكام الشعب الاستئنافية التجارية .
2- أن هذا القرار نص على أن تختص هذه المحاكم دون غيرها بالمنازعات التجارية.
3- أن هذا القرار نص على أنه يشترط فيمن يعين قاضياً في المحاكم التجارية أن يكون من ذوي الخبرة بالقضاء التجاري والقوانين والمعاملات المصرفية وأن تعطى الأولوية للمتخصصين .
4- نص القرار على أن تكون للمحاكم المنشأة بهذا القرار مخصصاتها المالية المستقلة بما يفي بحاجتها وأنه تنشأ إدارة عامة خاصة بشؤونها تابعة لمجلس القضاء وتتميز هذه المرحلة بعودة الاهتمام بالمحاكم التجارية وإعادة إنشاء الإدارة العامة الخاصة بها التابعة لمجلس القضاء الأعلى.
المرحلة الخامسة من تطور القضاء التجاري
تم صدور القرار الجمهوري رقم (378) لسنة 1999م بشأن المحاكم التجارية بتاريخ 28 رجب 1420هـ الموافق 6 نوفمبر 1999م وهو بنفس مضمون القرار السابق ولكنه بتفصيل أوسع كما يلي :
1- أجاز هذا القرار تشكيل هيئة الحكم في كل محكمة تجارية من قاض فرد أو هيئة من ثلاثة قضاة عند توافر العدد الكافي من القضاة ، ولكن التطبيق العملي لهذا القرار كان بتشكيل المحاكم من هيئة من ثلاثة قضاة ولم تشكل أي محكمة من قاض فرد.
2- نص على أن تختص المحاكم التجارية دون غيرها بالنظر في الدعاوى والمنازعات ذات الطابع التجاري وفقاً للقانون التجاري والقوانين الأخرى ذات الصلة ، فاعتبر الاختصاص التجاري اختصاصاً نوعياً مقصوراً على هذه المحاكم.
3- نص على أن الاختصاص الوارد في الفقرة السابقة يبقي منعقداً للمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة في عواصم المحافظات والمديريات التي لا يوجد فيها محاكم تجارية وذلك إذا كانت الدعاوى والطلبات لا تتجاوز قيمتها مليوني ريال وكانت غير متعلقة بقضايا الأوراق التجارية وقضايا الإفلاس والبنوك والعلامات والأسماء التجارية والقضايا التي تتعلق بالشركات الأجنبية أو التي يكون أحد أطرافها
عنصراً أجنبياً .
4- اشترط القرار فيمن يعين في القضاء التجاري إضافة إلى ما اشترطته المادة 57 من قانون السلطة القضائية أن يكون من ذوي الخبرة في القضاء التجاري والقوانين ذات الصلة بالأنشطة التجارية المختلفة.
5- أعطى القرار الأولوية في التعيين في القضاء التجاري إضافة إلى ما اشترطه
قانون السلطة القضائية في المادة (57) للمتخصصين من أساتذة القانون التجاري
في الجامعات اليمنية ومن المحامين ذوي الخبرة في الترافع أمام المحاكم التجارية .
6- وزع القرار محافظات الجمهورية كاملة على المحاكم التجارية الخمس فاعطي كل محكمة الاختصاص المكاني لأكثر من محافظة فدائرة اختصاص محكمة أمانة العاصمة تشمل أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار والبيضاء ومأرب والجوف ودائرة اختصاص محكمة محافظة عدن تشمل محافظات عدن ولحج وأبين ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بتعز تشمل محافظات تعز والضالع وإب ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بحضرموت تشمل محافظات حضرموت وشبوة والمهرة ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بالحديدة تشمل محافظات الحديدة وحجة والمحويت فنلاحظ أن هذا القرار قد وسع من الاختصاص المكاني للمحاكم التجارية وإن كان قد حدده بالنسبة للمحافظات التي لا يوجد فيها محاكم تجارية بما هو أكثر من مليونين فيما عدا ما استثناه من القضايا .
7- نص هذا القرار على أن تكون للمحاكم التجارية والشعب التجارية مخصصات مالية مستقلة بما يفي بحاجاتها ضمن ميزانية المحاكم وفي إطار الموازنة العامة للسلطة القضائية ويتولى رؤساء الشعب الاستئنافية التجارية الإشراف المالي والإداري على المحاكم التجارية الابتدائية.
8- نص هذا القرار على إنشاء إدارة عامة للمحاكم التجارية تختص بشؤونها وتكون تابعة لوزير العدل مباشرة ويصدر بتشكيلها واختصاصاتها قرار منه ([10]) .
فنلاحظ أن المرحلة الرابعة والخامسة متقاربتان في ملامحهما ما عدا أن الإدارة العامة للمحاكم التجارية بدلاً أن كانت تابعة لمجلس القضاء الأعلى في المرحلة الرابعة أصبحت تابعة لوزير العدل في المرحلة الخامسة وهو إجراء عملي لأن تبعيتها لوزير العدل أسرع في الإشراف والمتابعة وتوفير متطلبات المحاكم التجارية بخلاف تبعيتها لمجلس القضاء الأعلى الذي كانت اجتماعاته متباعدة وغير منتظمة.
المرحلة السادسة من تطوير القضاء التجاري
في شهر 8 من العام 2002م صدر قرار مجلس القضاء الأعلى بإعادة تشكيل هيئة الحكم في المحاكم التجارية من قاضي فرد بدلاً عن الهيئة وكان ذلك حلاً مهماً للتراكم الذي تعانيه المحكمة التجارية وتخلصاً من سلبيات نظام الهيئة.
ثم في تاريخ الاثنين 3 رجب 1424هـ الموافق 31 أغسطس 2003م صدر قرار رئيس الجمهورية رئيس مجلس القضاء الأعلى رقم (19) لسنة 2003م بشأن المحاكم التجارية وقد تضمن هذا القرار الآتي :
1- إنشاء محاكم تجارية في كلٍ من : أمانة العاصمة ومحافظات عدن والحديدة وتعز وحضرموت ونص القرار على أن تنشأ محكمة ابتدائية واحدة أو أكثر حسب الحاجة في كل محافظة مما ذكر وفقاً للحاجة وتيسيراً لسرعة البت في القضايا وذلك للنظر والفصل في الدعاوى والمنازعات التجارية . كما نص على أنه تنشأ في محكمة استئناف الأمانة ومحاكم استئناف المحافظات المذكورة شعب استئنافية تجارية واحدة أو أكثر تختص دون غيرها بنظر الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم الابتدائية والتجارية التي يطعن فيها بالاستئناف.
2- تتألف هيئة الحكم في المحاكم الابتدائية المذكورة من قاضي فرد ، فألغى هذا القرار التخيير في تشكيل المحاكم التجارية من هيئة ، كما نص على أنه تتألف تتوتتألف هيئة الاستئناف من ثلاث قضاة وأجاز هذا القرار تشكيل أكثر من هيئة حكم في نطاق الشعبة الاستئنافية التجارية الواحدة . وجاء هذا الجواز تلبيةً لكثافة القضايا في بعض الشعب التجارية الاستئنافية مما يستلزم تشكيل أكثر من هيئة حتى يمكن الفصل في القضايا المتراكمة ، ونتوقع أن يتم تشكيل أكثر من هيئة في الحركة القادمة في هذه الشعب.
3- نص هذا القرار على أن اختصاص المحاكم التجارية هو النظر في الدعاوى والمنازعات ذات الطابع التجاري وفقاً للقانون التجاري والقوانين الأخرى ذات الصلة ، كما نص على أن دائرة اختصاص كل محكمة من هذه المحاكم هو نطاق المحافظة المنشأة فيها ، ونص على أنه في عواصم المحافظات والمديريات التي لا توجد فيها محاكم تجارية يبقى الاختصاص في المواد التجارية منعقداً للمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة ما عدا قضايا الإفلاس والبنوك والشركات الأجنبية أو التي يكون أحد أطرافها عنصراً أجنبياً أو قضايا العلامات والأسماء التجارية فإنها تكون من اختصاص المحاكم التجارية في المحافظة التي ألحقها القرار بها ، ففي هذه القضايا المستثناة وزع هذا القرار جميع محافظات الجمهورية على الخمس المحاكم التجارية المنشأة وفقاً لما يلي:
تكون دائرة اختصاص المحكمة الابتدائية التجارية بصنعاء هي أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار والبيضاء ومأرب والجوف ، ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بعدن هي محافظات عدن ولحج وأبين ، ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بتعز هي محافظات تعز وإب والضالع ، ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بحضرموت هي محافظات حضرموت وشبوة والمهرة، ودائرة اختصاص المحكمة التجارية بالحديدة هي محافظات الحديدة
وحجة والمحويت .
4- نلاحظ أن هذا القرار لم يعتبر القضايا المتعلقة بالأوراق التجارية من ضمن القضايا المستثناة التي يكون اختصاص نظرها مقصوراً على المحاكم التجارية كما هو نص القرار السابق رقم 378 لسنة 1999م وهو ما يعني أنه تركها لولاية المحاكم العادية.
5- أكد هذا القرار على الاستقلال المالي للمحاكم والشعب التجارية بأن أوجب تخصيص ميزانيات خاصة بها ضمن ميزانيات المحاكم وجعل الإشراف الإداري والمالي على المحاكم التجارية الابتدائية لرؤساء الشعب الاستئنافية التجارية.
6- نص القرار على إنشاء الإدارة العامة للمحاكم التجارية وجعلها تابعة لوزير العدل مباشرة ، ونص على أن يصدر قرار بتشكيلها واختصاصاتها.
7- ونود أن نشير هنا إلى أن المطلع على هذا القرار لأول وهلة يظن أنه قد أنشأ المحاكم التجارية ، ولكن الحقيقة كما ذكرناه أن المحاكم التجارية قد أنشئت منذ عام 1976م ، وأن هذا القرار هو من ضمن القرارات التي صدرت لتطوير القضاء التجاري ومعالجة بعض المعوقات التي يعاني منها ، وأن هذا القرار قد جاء متفقاً مع القرار الصادر برقم 378 لسنة 1999م فيما عدا ما ذكرناه من التعديلات التي جاءت كمعالجات لبعض المعوقات التي برزت في الواقع العملي ، ومن هذه المعالجات:
أولاً: تأكيد القرار على نظام القاضي الفرد بدلاً عن تشكيل الهيئة في المحكمة الابتدائية التجارية وذلك للتخلص من سلبيات الهيئة التي أدت إلى بطء الإنجاز وتراكم القضايا.
ثانياً: تضييق نطاق اختصاص المحكمة التجارية بالنسبة لعواصم المحافظات والمديريات التي لا توجد فيها محاكم تجارية وذلك بنص القرار على أنه يظل الاختصاص منعقداً للمحاكم المدنية ذات الولاية العامة في نظر القضايا التجاريـة ما عدا قضايا الإفلاس والبنوك والشركات الأجنبية أو التي يكون أحد أطرافها عنصراً أجنبياً وقضايا العلامات والأسماء التجارية ، وهذا الحد من الاختصاص الموضوعي لهذه المحاكم سيخفف الضغط عليها.
8- أكد هذا القرار على وجوب إحالة القضايا التجارية المنظورة أو التي تقدم أمام المحاكم المدنية إلى المحاكم التجارية المختصة ، ما عدا ما سبق حجزه للحكم ، وبهذا أكد الاختصاص النوعي للقضاء التجاري في نظر القضايا التجارية وذلك عناية بالاستثمار وتأكيداً لمبدأ التخصص في مجال القضاء ، ولاسيما وقد جاء صدور هذا القرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد فترة من صدور قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم 40 لسنة 2002م الذي نص في المادة 91 منه على أنه "مع مراعاة ما ورد في قانون السلطة القضائية لا يعد توزيع الاختصاص بنظر القضايا بين هيئات الحكم داخل المحكمة الواحدة أو بين المحاكم التي من ذات الدرجة من قبيل الاختصاص النوعي المنصوص عليه في مواد هذا الفصل".
خلاصــــــــــــة :
يتضح مما سبق أن المحاكم التجارية قد نشأت محدودة النطاق ثم توسعت حتى شملت الجمهورية كاملة من حيث نطاق اختصاصها المكاني ، وأن نطاق اختصاصها الموضوعي قد شمل جميع القضايا ذات الطابع التجاري سواءً بالمعيار الموضوعي أو القضايا التجارية بالتبعية أو التي نص عليها القانون ؛ ولكنه في الفترة الأخيرة اتجه المقنن إلى التضييق من نطاق اختصاصها المكاني والموضوعي بالنسبة للمحافظات وعواصم المديريات التي لا توجد فيها محاكم تجارية ، وذلك للحد من تدفق القضايا إلى المحاكم التجارية الأمر الذي أدى إلى التراكم وبطء الفصل في القضايا.
كما يتضح لنا أن القضاء التجاري في اليمن قد رسخت جذوره وتفرعت أغصانه حيث وجدت مدرسة للقضاء التجاري اليمني تشمل مجموعة من القضاة الذين أبدعوا في هذا المجال والذين نفخر بهم ، إذ صدرت عنهم أحكام نموذجية في القضايا التجارية طبع بعضها ونشرته وزارة العدل ونشر بعضها بصورة فردية إضافة إلى أنه قد أصبح القضاء التجاري والمحاكم التجارية سمة بارزة من سمات القضاء اليمني .
ولكن رغم التوسع في إنشاء القضاء التجاري وتطوره إلا أنـه لا زال يعاني مما يعاني منه القضاء بشكل عام ، فلم يعد القضاء التجاري يقوم بدوره في الحسم السريع والدقيق للمنازعات التجارية كما هو المفترض والغاية من إنشائه . فما هي المشاكل التي أدت إلى ذلك ، هذا هو العنصر التالي من الورقة .
المشاكل التي يعاني منها القضاء التجاري وأسبابها
أو الأسباب التي تحول دون أداء المحاكم التجارية للغاية المقصودة من إنشائها ([11])
إن الغاية من إنشاء المحاكم التجارية هي قيامها بدورها في حسم القضايا
على نحو فعّال وسريع وإن المشكلة التي تعاني منها المحاكم التجارية
أو القضاء التجاري هي عدم قيامه بالدور المطلوب منه في حسم القضايا على الوجه الفعال والسريع وهذه هي مشكلة القضاء بشكل عام في بلادنا وفي غيرها من البلدان ، ولكن هذه المشكلة عندما تظهر في القضاء التجاري يكون لها وقع أشد وذلك لانعكاساتها على التنمية والاستثمار إذ أن القضاء القوي الحاسم من الأسباب التي تؤدي إلى ازدهار التنمية والاستثمار والعكس يؤدي إلى العكس ، ولأجل إيجاد حل
لهذه المشكلة لا بد من معرفة أسبابها أي معرفة المعوقات والصعوبات التي تحول دون
أداء المحاكم التجارية للدور المطلوب منها قضائياً ، وهذه المعوقات منها ما هو موضوعي خارج عن القضاء ومنها ما يعود إلى التقنين أي القصور التشريعي ومنها
ما هو ذاتي يعود إلى الإدارة القضائية .
أولاً : الأسباب الموضوعية : وهي كما يلي:
1- ازدياد عدد القضايا وزيادة تنوعها بينما لم يقابل ذلك زيادة مطردة في عدد القضاة المتخصصين في القضايا التجارية لاسيما بعد إيقاف القبول بالمعهد العالي للقضاء وذلك للفترة (من 1995م إلى 2001م) .
وازدياد القضايا وتنوعها ناتج عن عدة عوامل منها :
أ – زيادة الأنشطة الاقتصادية والتجارية في البلد في جميع القطاعات التجارية والخدمية وخاصة زيادة عدد المصارف وزيادة عدد المعاملات التجارية والصناعية والخدمية وظهور معاملات جديدة لم تكن معهودة من قبل نتيجة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية وتطور العلوم والتكنولوجيا وزيادة وتنوع العلاقات والروابط التجارية والمالية الخارجية والداخلية ومن ثم ظهور معاملات وعقود جديدة لها طابع وطني شامل أو إقليمي أو دولي مثل معاملات المصارف وشركات الاستثمار والتنمية والمشروعات المشتركة وبراءات الاختراع وعقود التأمين وأعمال البترول المختلفة مع كل ما تتسم به من سمات فنية وعلاقات قانونية متعددة ومتشعبة بين أطراف عدة على المستوى الداخلي والخارجي .
فإذا وضعنا في الاعتبار إلى جانب ذلك الزيادة في عدد السكان فإن كل ما سبق قد أدى إلى زيادة وتنوع المنازعات التجارية وهذا كله أدى إلى تراكم القضايا وتزاحمها وبالتالي عدم القدرة على حسمها بشكل فعال وسريع .
2- من الأسباب الموضوعية التي تؤدي إلى زيادة عدد المنازعات التجارية وبالتالي تنعكس على شكل بطء في السير في الإجراءات وعدم حسم القضايا على الوجه السريع ما يلي :
أ – عدم قيام الجهات الأخرى بواجباتها المنصوص عليها في القوانين مثلاً بعض الشركات لا يوجد لديها ميزانيات معتمدة سنوياً ولا يتم نشر الميزانيات وفقاً للقانون ولا تصادق عليها الجمعية العمومية ولا يلتزم مجلس الإدارة بمواعيد دعوة الجمعية العمومية للانعقاد وغير ذلك من الأمور التي أوجبها القانون وأوجب على الجهة ذات العلاقة في وزارة التجارة متابعة ذلك فعدم متابعة الإدارة المختصة بوزارة التجارة لذلك يؤدي إلى عدم تقيد الشركات بذلك وهذا يكون سبباً للنزاع بين الشركاء في المستقبل .
ب- عدم إعطاء ذوي الشأن المعلومات الحقيقة حول رأس المال وقيمة الحصص العينية والميزانيات وانتشار الشركات العرفية غير المشهرة وغير المسجلة والتي لا تمسك دفاتر منظمة ، وكل ذلك من أسباب زيادة المنازعات التجارية ، ومما يؤدي إلى البطء في حسمها.
ج- عدم متابعة الجهات ذات العلاقة للكيانات القانونية المنشأة بالمخالفة للقانون.
د- التدهور القيمي للعملة الذي أدى إلى إفلاس كثير من الشركات وهذا سبب لحدوث كثير من المشاكل خصوصاً مع غياب النصوص التي تعالج مسألة التدهور القيمي بشكل كامل ونظرة عامة ، وإن كان هناك معالجات جزئية لذلك في أحكام بعض العقود . كما أن التدهور القيمي للعملة يؤثر على مسألة تقييم أصول الشركة فقد تظهر الشركة أنها قد حققت ربحاً وهو في الحقيقة ناتج عن التدهور القيمي .
هـ– عدم الموازنة في المصارف ما بين سعر الفائدة ونتائج النشاط المحقق في المشاريع الاستثمارية فارتفاع سعر الفائدة عن هامش الربح المحقق من الأنشطة التجارية الاستثمارية أو مساواته له قد أدى إلى نشوب نزاعات قضائية بين التجار والمصارف ناتجة عن عدم القدرة على سداد الالتزامات إذ أنه في أغلب الدول يكون سعر الفائدة منخفضاً عن هامش الربح ويكون الفارق بين فائدة الاقتراض والعوائد الربحية كبير حتى يعطى التاجر الفرصة لسداد التزاماته .
و- الاستثمار في أذون الخزانة وأثره في ارتفاع سعر الفائدة والتأثير على ميادين الاستثمار الأخرى فمن اقترض من البنوك يواجه مشكلة ارتفاع سعر الفائدة وبالتالي يكون عرضة لعدم القدرة على السداد وهذا من عوامل ازدياد المنازعات التجارية .
ز- عدم تفعيل السجل التجاري التابع لوزارة التموين والتجارة في قيد وإشهار التصرفات التجارية مع أهمية ذلك قانوناً بل إن التجار أنفسهم لا يولون التسجيل الأهمية التي أصبغها القانون عليه وهذا الخلل يؤدي إلى نشوء المنازعات مستقبلاً .
ح- غياب الوعي القانوني لدى المجتمع وخصوصاً لدى بعض العاملين في النشاط التجاري وهذا يؤدي إلى إبرامهم عقوداً غير مستوفية للشروط
أو إهمالهم في توثيقها وتسجيلها لدى جهة الاختصاص ودخولهم في معاملات غير واضحة المعالم والالتزامات وهذا كله له دور كبير في زيادة المنازعات التي تعرض على القضاء التجاري .
ط- عدم تفعيل قانون التوثيق وتوثيق العقود توثيقاً صحيحاً وفصل التوثيق عن المحاكم بحيث يتولاه قانونيون متخصصون .
ى- عدم الالتزام بنصوص قانون البنوك التي تمنع تحويل رأس المال إلى أصول بينما يجري العمل الآن في أخذ الضمانات العقارية بشكل واسع
وهذا يؤدي إلى تجميد الأموال ويعرقل الاستثمار كما يؤدي إلى تورط البنوك في ضمانات عقارية فيها مشاكل كثيرة نتيجة لعدم انتظام السجل العقاري وهذا بدوره يؤدي إلى كثرة المنازعات التجارية ومن ذلك منازعات كثيرة معروضة على القضاء التجاري .
ك- أنه لا يجوز لمجلس الإدارة في أي شركة الاقتراض أوبيع الأصول
أو رهنها تأميناً للقرض طويل الأجل إلا بتفويض من الجمعية العمومية وأحياناً في الواقع العملي يحصل المخالفة لهذه الشروط وهذا يؤدي إلى حصول المنازعات مستقبلاً .
ل- عدم قيام السجل العقاري بدوره كما يجب في التأكد من صحة ملكية العقارات المرهونة لمن رهنها فكل البنوك تقريباً تقرض عملاءها بناءً على عقود رهن موثقة تقيد لدى السجل العقاري وما لم يقم السجل العقاري بدوره في التأكد من صحة ملكية العقارات لمن رهنها فإن ذلك سيبقى عائقاً من عوائق التنفيذ مستقبلاً ويؤدي إلى تراكم القضايا في المحاكم .
ونشير هنا إلى أمر جوهري يتعلق بالسجل العقاري الذي ويمثل إحدى الضمانات الهامة لاستقرار الملكية الخاصة في البلاد بالنسبة للعقارات حيث إن توثيق التصرفات القانونية يكون حجة بين أطرافه ، أما التوثيق في السجل العقاري ، فقيمته القانونية أنه يصبح حجة قانونية رسمية في مواجهة الكافة لا يمكن إنكارها أو جحودها، ولا يمكن أن يكون للسجل العقاري هذه الحجية البالغة إلى إذا استكملت في عملية التوثيق لديه إجراءات قانونية تشمل الأعمال المساحية والإجراءات القانونية معاً ، وللأسف الشديد أن الجميع يعيش وهما هو الاعتقاد موجود السجل العقاري في بلادنا بالصورة التي يوجد بها في البلدان الأخرى ، وفي الحقيقة أنه يوجد منذ عقود قانون للسجل العقاري وتوجد مصلحة للمساحة والسجل العقاري ولا شك أن هذه المصلحة قد حققت إنجازات طيبة في مجال المساحة ، ولكن فيما يتعلق بالسجل العقاري فإنها تقوم بتوثيق العقود التي يطلب منها توثيقها من قبل الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين مقابل رسوم تستفيد منها الخزينة العامة للدولة ولكن القيمة القانونية لما يثبته لا تتعدى القيمة القانونية لما يقوم به أمناء التوثيق لا غير وذلك لأن تحقيق الحجية القانونية في مواجهة الكافة لا يمكن أن يتم إلا بالالتزام بخطوات ما يعرف بالشهر العقاري وما يسبقه ويرافقه من إجراءات وإعلانات قانونية وخطوات قضائية ، ذلك أن أعمال السجل العقاري هي أعمال قانونية قضائية ولا تمثل الأعمال المساحية سوى عنصر من عناصرها ، ونظراً لأهمية السجل العقاري في استقرار الملكية وتخفيف حجم المنازعات بشأن الأراضي والعقارات فلابد من تقييم كامل لموضوع السجل العقاري وإصدار قانون السجل العيني والجوانب الإجرائية والتنظيمية المتعلقة به ([12]) وفي غياب السجل العيني تظل مشاكل العقارات كثيرة متزايدة وهذا بدوره يؤدي إلى كثرة القضايا التي تعرض على المحاكم ومنها القضاء التجاري .
3- من الأسباب الموضوعية التي تؤدي إلى صعوبة الفصل في القضايا بشكل حاسم ما يتعلق بقلة الإمكانات المادية للقضاء التجاري وهو قلة الموارد المتاحة الأمر الذي انعكس على عدم توفير العدد الكافي من المقرات والمباني ومتطلباتها وعدم الاستخدام الأمثل للمتوفر من الإمكانيات ولا شك أن هذا من الصعوبات التي تلعب دوراً هاماً في تعثر وبطء سير القضاء المدني والتجاري وغيرها ([13]) .
4- ومن ذلك عدم توفر إمكانيات تنفيذ الأحكام بل إنه حتى الشرطة القضائية لم توفر لها الإمكانيات اللازمة للقيام بدورها .
5- عدم تعاون بعض الجهات ذات العلاقة في تنفيذ الأحكام القضائية وفي تنفيذ
أوامر القضاء .
6- من الأسباب الموضوعية ما يتعلق بالاستقلال القضائي ونترك هذا للورقة التي تتحدث عن استقلال القضاء .
7- عدم توفير المرتبات الكافية خصوصاً للكادر الإداري المساعد بل وعدم وجود أي تنظيم لمسألة الأعمال الإضافية خارج أوقات الدوام الرسمية .
8- وجود بعض المحكمين بل الكثير منهم الذين يحكمهم الأطراف ويصدرون أحكاماً غير مستوفية للشروط القانونية وبإجراءات يشوبها الخلل ويعود الخصوم مرة أخرى إلى القضاء للنزاع حول هذه الأحكام أو حول تنفيذها وهذا مما يؤدي إلى كثرة المنازعات التجارية .
9- إلغاء قانون الرسوم القضائية أدى إلى كثرة القضايا الكيدية .
10- عدم قيام الأمناء بالدور الواجب عليهم عند كتابتهم للعقود بل ووجود بعض البصائر المتناقضة التي حررها أمين واحد في أرض واحدة يتم التنفيذ عليها مما يؤدي إلى عرقلة التنفيذ وعدم استيفاء طالب التنفيذ لحقوقه من قيمة الأرض .
ثانياً : الأسباب التي تعود إلى القصور في التشريع :
لقد شهدت اليمن تطوراً ملحوظاً في تقنين أحكام الشريعة الإسلامية وفي التقنين بشكل عام انطلاقاً من أن شريعتنا الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان تجمع بين الثبات في الأصول والمرونة في الفروع ، وقد استفاد المقنن اليمني من الاتجاه الذي نحاه القانون المدني رقم (14) لسنة 2002م الذي نص في المادة 13 منه على أن الأصل في العقود والشروط الإباحة والصحة ما لم تخالف الشرع وأن كيفيات العقود والشروط منها ما هو مسمى ومنها ما هو متروك للعرف والاجتهاد وأن الأصل فيها ما أقره الشرع ثم ما جرى به عرف الناس وتراضوا عليه ما لم يخالف حكم الشرع من تحليل حرام أو تحريم حلال (مادة 12 من نفس القانون) .
ولقد شهد التقنين التجاري بالذات ثورة تشريعية إذ شهدت اليمن في الثلاثة العقود الماضية تطورات ملحوظة في مجال التشريع التجاري وتجلي ذلك في صدور عدد كبير منها يزيد على السبعين قانوناً صدر منها في الجمهورية العربية اليمنية سابقاً في الفترة من 1962م إلى 1990م ستة وثلاثون تشريعاً تجارياً وفي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً في الفترة من 1967م إلى 1990م عشرون تشريعاً تجارياً وبعد الوحدة المباركة وقيام الجمهورية اليمنية صدر منذ عام 1990م أكثر من تسعة عشر تشريعاً تجارياً ([14]) .
ورغم هذه التشريعات أو القوانين الكثيرة العدد إلا أنه لايزال هناك قصور تشريعي يؤدي إلى بطء المحاكم في حسم القضايا ويتمثل ذلك فيما يلي :
1- حداثة التقنين التجاري مما يترتب عليه صعوبات تتعلق بحسن استيعاب نصوص القانون وتفسيرها مع قلة الخبرة وقصور فترة التجربة وانعدام الاجتهاد والفقه القانوني المساعد للقضاة من جهة أخرى .
2- قانون المرافعات الجديد رقم (40) لسنة 2002م لاشك أنه سد ثغرات كبيرة يواجهها القضاة في الواقع العملي والقضائي وشكل قفزة نوعية في الرقي بالإجراءات القضائية ولكن هناك بعض النقاط لاتزال بحاجة إلى مراجعة وتعديلات ومن ذلك بعض المواد المتعارضة أو غير المنسجمة مع بعضها في إطار السياق العام للقانون أو بعض المواد التي لا تتناسب مع الواقع العملي أو بعض الأمور في القانون لاتزال بحاجة إلى تطوير مثل نظرية الانعدام التي تعتبر وسيلة للحفاظ على صحة الإجراءات والأحكام ولكنها بحاجة إلى دراسة ([15]) .
3- هناك قصور تشريعي بالنسبة لإجراءات الإثبات خصوصاً مع وجود الوسائل الحديثة للإثبات التي لم ينظمها المقنن اليمني .
4- عدم وجود القوانين المنظمة لأعوان القضاة مثل قانون الخبراء .
5- هناك قصور في القوانين التجارية الموضوعية فيما يتعلق بعدم التقنين لبعض المعاملات الحديثة التي بدأت تنتشر في الواقع العملي مثل بطاقات الائتمان الفيزاكارت والتجارة الإلكترونية ومثل الشركات المهنية التي لا يوجد قانون ينظمها ومثل قانون سوق الأوراق المالية ( البورصة ) .
6- هذا الثراء التشريعي يشكل ميزة إلا أنه يشكل أحياناً عبئاً من حيث وجود عدم الانسجام والتناسق بين التقنينات ووجود النصوص المتناقضة والتي يكون لها تأثير سلبي في الواقع العملي والمنازعات .
7- عدم وجوب الرسوم القضائية بشكل يؤكد الجدية في النزاع وإلغاء قانون الرسوم القضائية السابق .
8- هناك بعض الثغرات القانونية الإجرائية التي يستغلها بعض من يريد إطالة الخصومة مثلاً الدفع بسبق ما يكذب الدعوى محضاً من الدفوع التي جعلها قانون المرافعات متعلقة بالنظام العام وأوجب الفصل فيها استقلالاً بينما ماهية هذا الدفع
لا تتحقق في الواقع العملي إلا في مسائل نادرة ومع ذلك لم يُعْطَ القاضي سلطة تقديرية بإعطائه الحق في ضم هذا الدفع للموضوع .
9- القوانين الإجرائية لا تعطي القاضي سلطة واسعة في كثير من المسائل حتى يمكنه تسيير الخصومة كما يجب .
10- من العيوب التقنينية التي تؤدي إلى كثرة القضايا وازدحامها في المحاكم التجارية أن قرار إنشائها وسع نطاق اختصاصها الموضوعي والمكاني حتى أصبحت تدخل فيها قضايا كثيرة ونوعيات من القضايا التي من الأفضل أن تكون من اختصاص المحاكم المدنية ذات الولاية العامة ، ويقصر اختصاص المحاكم التجارية على القضايا التجارية البحتة .
11- من العيوب التشريعية أن نظام هيئة الحكم داخل المحكمة التجارية كان مشكلاً من ثلاثة قضاة وهذا وإن كان ضمانة لكنه كان يؤدي إلى بطء الإنجاز وعدم الانسجام وعدم تحمل المسئولية بينما الضمانة يحققها الاستئناف والمحكمة العليا ولذا فقد أحسن القرار الذي أعاد تشكيل المحكمة من قاض فرد .
ولكن الملفت للنظر أنه حتى بعد تشكيل المحكمة التجارية من قاضي فرد وبعدد أربعة قضاة في أمانة العاصمة زاد إقبال الناس على هذه المحاكم ، إذ أن الوارد من القضايا على المحكمة التجارية بأمانة العاصمة في هذا العام حتى التاريخ يفوق الوارد في العام الماضي ، ولعل ذلك لأن الناس أدركوا أنه بتشكيل المحكمة من قاضٍ فرد وبذلك العدد أصبح السير في الإجراءات سريعاً فأقبلوا على هذه المحاكم بقضاياهم التي كانوا لا يرفعونها إلى القضاء خوفاً من البطء في التقاضي.
ثالثاً : الأسباب التي تعود إلى الإدارة القضائية :
هناك عوامل ذاتية تعوق أداء المحاكم التجارية تعود إلى الإدارة
القضائية ومنها :
1- عدم الاستقرار القضائي نتيجة لعدم انتظام الحركة القضائية في مواعيدها ولا في معاييرها وهذا يؤدي إلى عدم اطمئنان القضاة وبالتالي يؤدي إلى عدم وجود الحافز النفسي للإنجاز والإبداع . بالإضافة إلى أنه كلما تمكن قاض في فهم القضايا المعروضة عليه يتم نقله فيأتي قاضي يحتاج إلى فترة حتى يلم بالقضايا المعروضة عليه والتي كانت معروضة على سلفه ثم يتم نقله وهكذا يتعطل دور المحاكم في الحسم السريع للقضايا ([16]) .
2- عدم الأخذ بنظام التخصص في الحركة القضائية يؤدي إلى البطء في الإنجاز فعندما يعين قاض في المجال الجنائي مثلاً يحتاج لمدة سنة أو أكثر حتى يلم بالقضايا الجنائية وعندما يصل إلى مرحلة الإلمام بها وبنوعياتها وبإجراءاتها يتم نقله إلى قسم آخر فيعود من البداية وهكذا يحدث في القضاء التجاري .
3- لقد كانت المحاكم التجارية تابعة للمكتب القانوني في إدارتها ثم بعد فترة أصبحت لها إدارة خاصة تهتم بشؤونها ثم ألغيت ثم أعيد تشكيلها مرة أخرى وعدم إعطاء هذه الإدارة دورها في الإشراف على المحاكم التجارية وبحث احتياجاتها وتنظيم شؤونها يؤدي إلى عدم انتظام العمل داخل المحاكم التجارية وهو ما يؤثر على الإنجاز بصورة غير مباشرة كما أن من العيوب والمشاكل انفصال هذه الإدارة في مبنى بعيد مستقل وفي مبنى محكمة لا علاقة لها بالقضاء التجاري .
4- عدم الاعتناء بالكادر المساعد في المحاكم التجارية من حيث إعطاؤه حقوقه من المكافآت والحوافز ومن حيث انتقاؤه بدقة من ذوي الخبرة ثم من حيث توفير الإمكانات المادية اللازمة له من المكاتب والكمبيوترات والإرشيف وغيرها ومن حيث تأهيله بالدورات التنشيطية أو التأهيلية التي تساعده على الرقي بأدائه .
5- عدم وجود آلية تنظم إدارة المحكمة ([17]) فلابد من لائحة تنظم ذلك لا سيما عند وجود أكثر من قاض داخل محكمة ولائحة المحاكم لا نجد لها تطبيقاً في الواقع .
6- عدم توافر العدد المناسب من المعلنين المؤهلين وعدم توفير الإمكانيات اللازمة لهم مثل وسيلة النقل .
7- افتقار المحكمة التجارية لكثير من المتطلبات الأساسية والضرورية اللازمة
لتنفيذ عملها .
8- عدم توفر الإمكانات اللازمة للقضاة كالسيارات والحوافز والبدلات .
9- عدم إطلاع القضاة على القضايا أولاً بأول بسبب زحمة القضايا .
الحلـــــــول المقترحــــــــة
1- تعديل قرار إنشاء المحاكم التجارية بحيث يقصر اختصاصها على القضايا التجارية المحضة ويترك اختصاص بعض القضايا مثل القضايا التجارية التبعية وقضايا الإيجار للقضاء المدني وذلك حتى يخف الضغط على المحاكم التجارية وتتفرغ لحسم المنازعات التجارية التي لها علاقة مباشرة بالتنمية والاستثمار .
2- دعم الاستقلال القضائي للمحاكم التجارية بتطبيق النصوص التشريعية المتعلقة بذلك على الواقع ومنع كافة صور التدخلات التي يتعرض لها القاضي بصورة مباشرة وغير مباشرة سواءٌ من داخل السلطة القضائية أو خارجها .
3- دعم الاستقلال المالي والإداري للمحاكم التجارية .
4- تفعيل دور الإدارة العامة للمحاكم التجارية ونقل مقرها إلى مقر الشعبة الاستئنافية التجارية والمحكمة الابتدائية .
5- تزويد المحاكم التجارية بالجريدة الرسمية والقوانين الصادرة أولاً بأول والمنشورات الصادرة عن الوزارة وتزويد المكتبات القانونية للمحاكم بالأحكام القضائية والفقهيه اليمنية والعربية واللوائح الوطنية والدولية المقرة للقوانين التجارية وكذا المجلات العربية والدولية المتخصصة بالقضاء التجاري .
6- توفير المتطلبات اللازمة للمحاكم التجارية من أجهزة الكمبيوتر وغيرها وتوفير السيارات لقضاة المحاكم وتوفير الحوافز والبدلات للقضاة وللكادر الإداري .
7- توفير وسائل المواصلات للمعلنين في المحاكم التجارية وعقد دورات تأهيلية لهم لرفع كفاءتهم .
8- تزويد المحاكم التجارية بكل المستجدات في القضاء التجاري مثل القواعد التجارية الدولية الموحدة في المجالات التجارية المختلفة والمستجدات في قواعد التجارة الدولية مثل الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية ومشاريع لجان الأمم المتحدة للتجارة الدولية مثل أحكام الأوراق التجارية والشيكات والتحكيم وجهود جمعية القانون الدولي في المجال التجاري مثل توحيد الخسارات البحرية .
9- تشكيل لجنة متخصصة من كبار القضاة ذوي الخبرة والكفاءة في المجال التجاري ومن المختصين لمراجعة وتقييم التشريعات التجارية النافذة مثل القانون التجاري والقوانين الأخرى وبيان مدى انسجامها مع بعضها البعض من جهة ومدى تجاوبها مع المستجدات المحلية والدولية من جهة ثانية وتكلف هذه اللجنة بوضع مشاريع قوانين للمعاملات المستجدة في المجال التجاري وفي إجراءات المرافعات والإثبات بما يتلافى أوجه القصور الموجودة .
10- كما تكلف هذه اللجنة أيضاً بمتابعة وتشخيص مظاهر بطء الإجراءات
وبطء سرعة الفصل في المنازعات التجارية وتقديم المقترحات للتغلب على
تلك الأسباب .
11- العمل على اتخاذ أعوان القضاة اللازمين في كل محكمة تجارية وانتقائهم بعناية وعمل دورات تأهيلية وبسيطة لرفع مستوى أدائهم .
12- تدريب إدارة القلم في المحكمة المختصة باستلام الدعاوى بالقيام بفحص الدعاوى وإلزام مقدميها باستيفاء النواقص فيها قبل توزيعها إلى القضاة .
13- بحث ودراسة الجوانب المالية للمحاكم التجارية على نحو واقعي وموضوعي لكل محكمة على حده وتوفير كل ما تحتاجه للمحكمة وللقضاة وللإداريين مع مراعاة خصوصيات كل محكمة فمثلاً المحاكم في المناطق الحارة لا يمكن أن تتساوى مع المحاكم في المناطق الباردة فيما يخص نفقات الكهرباء ومن الضروري توفير أجهزة كمبيوتر مع العاملين عليها لكل محكمة تجارية .
14- طباعة الأحكام التجارية النموذجية وطباعة جميع الأحكام التجارية الصادرة عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا وموافاة القضاة التجاريين بها دورياً وذلك حتى يمكن إرساء مبدأ السوابق القضائية وتوحيد فهم نصوص التشريعات التجارية .
15- إنشاء قسم خاص في التفتيش القضائي للتفتيش على المحاكم التجارية ويراعى في المفتشين في هذا القسم أن يكونوا من ذوي الخبرة في القضاء التجاري حتى يتمكنوا من تحديد أوجه القصور في أداء القضاة التجاريين ومن ثم عمل دورات تنشيطية لهم للرفع من مستوى أدائهم .
16- الاستعانة المؤقتة بالخبرات القانونية القضائية والإدارية في المجال التجاري من الدول الشقيقة .
17- عدم هدر الخبرات القضائية اليمنية في مجال القضاء التجاري وإعادة تنظيمهم في المحاكم التجارية الاستئنافية وفي المحكمة العليا واستشارتهم في جميع شؤون القضاء التجاري .
18- رفع مشروع تعديل قانون الرسوم القضائية بما يضمن الجدية في
رفع الدعاوى .
19- وضع خطة زمنية لمدة 3 سنوات لإنشاء مقرات ومباني خاصة بالمحاكم التجارية تليق بها ووضع التصاميم الخاصة بها والتي تستوفي جميع احتياجاتها وقبل ذلك البحث عن الأراضي اللازمة لذلك .
20- دعم الشرطة القضائية بما تحتاجه من الإمكانيات .
21- عقد اجتماعات خاصة ما بين وزارة العدل ورؤساء المحاكم الابتدائية التجارية والجهات التنفيذية ذات العلاقة لبحث معوقات تنفيذ الأحكام القضائية ووضع آلية لتنفيذ تلك الأحكام .
22- إعادة النظر في قانون التوثيق وفي آلية تنفيذه وفصل مكاتب التوثيق عن المحاكم ورفدها بالكادر القانوني اللازم للقيام بدورها .
23- رفع مقترحات إلى الجهات ذات العلاقة فيما يتعلق بالسجل العقاري العيني .
24- نرى أن يسبق الحركة القضائية دراسة ميدانية ومسح للقضايا الموجودة في المحاكم التجارية ومعرفة مدى ما يمكن للقاضي إنجازه خلال شهر مثلاً وبالتالي يمكن أن نعرف متوسط ما يمكن أن ينجزه القاضي خلال العام ثم يعين
قضاة بالعدد الكافي لإنهاء التراكم في القضايا خلال عام واحد ثم بعد ذلك
في الحركة القضائية التي ستليها يكون تعيين القضاة حسب متوسط الوارد من القضايا ومتوسط إنجاز القاضي .
25- تحقيق الاستقرار القضائي من خلال القيام بالحركة القضائية في موعدها المحدد وبمعايير تأخذ في الاعتبار تقارير التفتيش القضائي التي يقوم بها المفتشون الأكفاء والمحايدون والاستفادة من مبدأ التخصص في الحركة القضائية .
26- نقترح تشكيل هيئتين استئنافيتين تجاريتين في أمانة العاصمة حتى يمكن
إنهاء القضايا المتراكمة .
27- وضع دليل إرشادي للإجراءات والمواعيد القضائية لأن ذلك يمثل ضرورة لترسيخ الممارسات والتقاليد القضائية الصحيحة .
28- عمل دورات تخصصية داخلية وخارجية للقضاة التجاريين تشمل إطلاعهم على تجارب الآخرين وعلى مستجدات القضاء التجاري وعلى الوسائل الحديثة في حل المنازعات التجارية .
29- أن يحرص القضاة على دراسة القضايا أولاً بأول ويحرصوا على توجيه إجراءات القضية وعلى أن لا تزيد الجلسات في اليوم الواحد عن عشر جلسات لأن الزيادة على ذلك تؤدي إلى عدم قدرة القاضي على الإطلاع على القضايا وبالتالي عدم قيامه بدوره الإيجابي في توجيه إجراءات التقاضي.
30- الاهتمام بالمعهد العالي للقضاء وتوفير الإمكانيات اللازمة له التي تمكنه من القيام بدوره في تأهيل أعضاء السلطة القضائية قضاةً وأعضاء نيابة ، وكذلك الكادر المساعد وفي عقد الدورات التنشيطية التي تساهم في معالجة أوجه القصور لديهم والرفع من كفاءتهم وذلك بالتنسيق مع التفتيش القضائي ، فالمعهد العالي للقضاء هو الرافد الذي أمد السلطة القضائية بالقضاة والمعاونين طيلة العقود الماضية ولايزال كذلك.
31- أن يحتوي برنامج الدراسة في المعهد العالي للقضاء على المواضيع التجارية المستجدة ، إضافة إلى ما يحتويه أصلاً من المواضيع التجارية . وأن ينص في برنامج التدريب في المعهد العالي للقضاء على كون جزء منه في المحاكم التجارية بصورة إلزامية .
32- التحري والدقة في الموافقة على الأمناء كتبة العقود وعقد دورات تدريبية لهم في المعهد العالي للقضاء بالتنسيق مع إدارة الأمناء بوزارة العدل والرقابة عليهم في أدائهم لمهنتهم .
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
إعــداد القاضــي /
محمــد محمود عبـد الله بازي
القاضي بالمحكمة التجارية بالأمانة
مراجع هذه الورقة
1- خطة الإصلاح القضائي الأولى محرم 1400م – نوفمبر 1979م وزارة العدل .
2- المعالم الرئيسية لخطة الإصلاح القضائي المقرة من مجلس الوزراء عام 1997م وزارة العدل .
3- دور الإدارة القضائية وأهمية قانون المرافعات المدنية والتجارية في النظام القضائي اليمني ، القاضي محمد راشد عبد المولى رئيس هيئة التفتيش القضائي الأسبق .
4- تطور التشريع والقضاء في الجمهورية اليمنية القاضي محمد راشد عبد المولى . الناشر عالم الكتب – مكتبة خالد بن الوليد ط ثانية 1415هـ – 1995م .
5- التقرير المقدم من اللجنة المشكلة من رئيس الوزراء بالقرار رقم (1) لسنة 1999م لتفصيل دور المحاكم المتخصصة بالدعاوى والمنازعات التجارية .
6- المجلة العربية للفقه والقضاء العدد رقم (17) أكتوبر 1996م .
7- مجلة الأحكام التجارية الصادرة عن وزارة العدل العدد الأول القواعد المقرة من الدائرة التجارية بالمحكمة العليا للفترة من 1977م – 1980م سنة النشر 1420هـ 2000م .
8- مجلة القسطاس العددان 12- 13 مايو ويونيو 1999م .
9- مجلة القسطاس العدد 39 نوفمبر 2001م .
10- مجلة القسطاس العدد 41 يناير 2002م .
11- مجلة التحكيم العدد 24 فبراير 2002م .
12- مجلة المحاماة العدد صفر أكتوبر 2002م .
13- مجلة التحكيم العدد 20 أكتوبر 2002م .
14- مجلة المحاماة العدد الأول إبريل 2003م .
15- مجموعة التشريعات التنظيمية للسلطة القضائية الكتاب الأول الطبعة الأولى يناير 2001م الناشر وزارة العدل .
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الآية رقم (58) من سورة النساء .
([2]) رواه الإمام مسلم .
([3]) المجلة العربية للفقه والقضاء – العدد 17 أكتوبر 1996م ص 12 .
([4]) خطة الإصلاح القضائي الأولى محرم 1400هـ الموافق نوفمبر 1979م وزارة العدل ص 1 .
([5]) دور الإدارة القضائية وأهمية قانون المرافعات المدنية والتجارية في النظام القضائي اليمني للقاضي / محمد راشد عبد المولى رئيس هيئة التفتيش القضائي السابق ص5 والمعالم الرئيسية لخطة الإصلاح القضائي المقرة من مجلس الوزراء عام 1997م وزارة العدل ص 5 .
([6]) المرجعين السابقين .
([7]) أنظر تطور التشريع والقضاء في الجمهورية اليمنية للقاضي / محمد راشد عبد المولى – الناشر عالم الكتب اليمنية ومكتبة خالد بن الوليد الطبعة الثانية 1415هـ – 1995م ص 65-67 .
([8]) المرجع السابق ص 80 ومجلة الأحكام التجارية الصادرة من وزارة العدل العدد الأول للقواعد المقرة من الدائرة التجارية بالمحكمة العليا للفترة 1977م – 1980م سنة النشر 1420هـ / 2000م ص 6 .
([9]) المرجعين السابقين .
([10]) انظر القرار كاملاً في مجموعة التشريعات التنظيمية للسلطة القضائية – الكتاب الأول – الطبعة الأولى يناير 2001م ، الناشر وزارة العدل ص 60 – 62 .
([11]) انظر في ذلك تقرير اللجنة المشكلة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1 لسنة 1999م بشأن تفعيل دور المحاكم المتخصصة نوعياً بالدعاوى والمنازعات التجارية .
([12]) خطة الإصلاح القضائي والمعالم الرئيسية لها عام 1997م ص 42 – 43 ومجلة القسطاس العدد (39) نوفمبر 2001م ص 16 .
([13]) انظر مجلة القسطاس العدد 39 نوفمبر 2001م ص 34 ومجلة المحاماة العدد صفر أكتوبر 2002م ص20.
([14]) بحث بعنوان الثورة اليمنية وتطور التشريع التجاري للدكتور / محمد علي حسن الأهدل نشر في سلسلة دراسات وأبحاث ثورة 26 سبتمبر 1962م كتابات وأبحاث والناشر مقر مركز الدراسات والبحوث اليمن ص 115 – 117 .
([15]) انظر حول قانون المرافعات الجديد مجلة التحكيم العدد 24 فبراير 2002م بعنوان أصداء على تعديلات قانون المرافعات والعدد 20 أكتوبر 2002م ص44 وما بعدها .
([16]) مجلة القسطاس العدد 41 يناير 2002م تقييم مبكر للحركة القضائية مقابلات مع القضاة ص40 ومجلة المحاماة العدد الأول إبريل ص .
([17]) مجلة القسطاس العدد 12 – 13 مايو ويونيو سنة 99م ص7 .