القواعد المتعلقة بعبء الإثبات

 المبحث الثاني:  القواعد المتعلقة بعبء الإثبات:

لا شك أن الذي يقوم بالإثبات هو الخصوم لا سيما في ظل مبدأ حياد القاضي وعدم قضاءه بعلمه الشخصي، ومنه فإن تكليف أحد الخصوم بإقامة الحجة والبينة على الشيء المتنازع عليه أمر في غاية الخطورة لأنه يؤثر في سير الدعوى وفي نتيجتها ويلقي على الخصم عبأ ثقيلا يجعله في مركز دون مركز خصمه، إذ يكلف بالقيام بعمل إيجابي تتوقف عليه نتيجة الدعوى بينما يكتفي من خصمه بأن يقف من الدعوى موقف سلبيا ولا شك أن ذلك يجعله في موقف أفضل من موقف خصمه، وقد بينا في المبحث الأول أن المكلف بعبء الإثبات هو المدعي وفي هذا المبحث نتعرض لأهم القواعد المتعلقة بعبء الإثبات وهي لا تخرج في المفهوم القانوني عن قاعدتين وهما البينة على من ادعى واليمين على من أنكر وقاعدة عبء الإثبات يقع على من يدعي خلاف الظاهر بتناولهما بشيء من التفصيل في مطلبين.

 

المطلب الأول:   البينة على من ادعى واليمين على من أنكر:

تعد هذه القاعدة هي الأساس في الإثبات فهي القاعدة العامة لأنها تبين الطرف الذي يتكبد مشقة القيام بتحمل عبء الإثبات وتبين كذلك الطرف الذي يتحمل عبء حلف اليمين عند عجز الطرف الآخر عن القيام بما كلف به، وهذه القاعدة متفق عليها بين فقهاء القانون والشريعة الإسلامية[1] .

 

أولا: البينة على من ادعى:

إن معنى هذه القاعدة أن الذي يلقى عليه عبء الإثبات هو المدعي لأنه هو المكلف بإقامة الدليل، ذلك أنه ومن المعلوم أن كل خبر يحتمل الصدق والكذب والادعاء المجرد لا يخرج عن مجرد كونه خبر فلا بد من دعمه بحجة، والحكمة في جعل البينة في جانب المدعي هي أن جانبه ضعيف لأنه يدعي خلاف الظاهر فكانت البينة عليه لإظهار ما خفي وكشف ما استتر واثبات أن هذا الأمر الظاهر الذي يبدو معهودا للكافة ليس على حقيقته و إنما هناك أمر خفي عليهم، أما المدعى عليه فلا يكلف بإقامة بينة لأن قوله مؤيد بالظاهر، و إذا أقام المدعي البينة وجب على القاضي أن يحكم له بها مادامت كافية لإثبات الحق.

كما يتفق الفقه القانوني شأنه شأن الفقه الإسلامي على تقرير هذه القاعدة فيذهب إلى أن المكلف بالبينة هو المدعي أما المدعى عليه فإنه يكلف بحلف اليمين إذا تعذر إقامة البينة من المدعي وجرد هذا الاتفاق الفقهي هو الاتفاق التشريعي فالنصوص التشريعية في القانون المدعي، و مرد هذا الاتفاق الفقهي هو الاتفاق التشريعي، فالنصوص التشريعية في القانون المدني (المادة 323 من القانون المدني) والقوانين العربية الأخرى تؤكد مضمون هذه القاعدة، وتتفق مع سائر التشريعات العربية في تكليف الخصم الذي يدعي شيئا بإقامة الدليل على ما يدعيه وإلا اعتبر ادعاءه مجردا لا أساس له فترفض دعواه. وتطبيقا لهذا المبدأ يكون على من ادعى دينا على غيره أن يثبت وجود السبب الذي أنشأ هذا الدين وذلك بإظهار سند الدين الذي يؤكده، أو إقامة الدليل الذي انشأ هذا الدين وذلك بإظهار سند الدين الذي يؤكد ذلك أو إقامة الدليل على أية واقعة يترتب عليها إثبات الالتزام في ذمة الخصم، وهذه القاعدة لها أهمية كبرى بل يمكن اعتبارها من المبادئ الأساسية التي يظهر أثرها في المجال العملي للمحاكم، إذ يعد عجز المدعي عن إثبات ما يدعيه سببا في خسارة دعواه، إذ أن القاضي يفصل عادة في الدعاوى إما لإقتناعه بما قدمه المدعي من أدلة وإما لعجز المدعي عن إثبات إدعاءه. ويرى الدكتور السنهوري أن هذه القاعدة[2] ليست كما يذهب إليه الاعتقاد من البداهة بحيث كانت مقررة في كل العصور، وإنما كان عبء الإثبات على المدعى عليه لا على المدعي في القانون الروماني قبل الأوامر البريطورية، ولم تظهر هذه القاعدة إلا من أجل البريطور ليحمي مجرد الحيازة فيحمي الوضع الظاهر، وعندئذ ألقى عبء الاثبات على من يدعي خلاف الظاهر. أما في القانون الفرنسي القديم فقد كانت العادات القديمة تحمل المدعى عليه عبء الإثبات.

ونخلص مما سبق إلى أن الاجماع قائم على أن الذي يتكبد مشقة القيام بعبء الإثبات إنما هو المدعي، حتى لو تكفل المدعى عليه بإثبات حقه على الشيء المدعى وأخفق في ذلك فلا يحكم للمدعي لمجرد عدم استطاعة المدعى عليه التدليل على عدم صحة الدعوى لأن ذلك يخالف قاعدة البينة على من ادعى، أما إذا أقام المدعي البينة و ثبت للمحكمة فوق ذلك عدم استطاعة المدعي عليه التدليل على عدم صحة الدعوة فحكمت للمدعي، فإن حكمها لا يكون قائما على عدم استطاعة المدعى عليه نفي صحة الدعوى و إنما يكون الحكم مؤسسا على بينة المدعي.

ثانيا: اليمين على من أنكر:

و مقتضى هذا الشق من القاعدة أنه إذا لم يتمكن المدعي من إقامة البينة على ما ادعاه و انقطعت به السبل لأجل الوصول إلى إقناع القاضي بصحة ما يدعيه فان الأمر لا يقف عند هذا الحد ولكن ما زال عند المدعي بادرة أمل في اللجوء إلى ضمير المدعي عليه و الاحتكام إلى ذمته و عقيدته عساه أن ينطق بالحق فيعترف به، و من هنا جاءت أهمية توجيه هذا اليمين فكأن المدعي والمنكر قد قبلا الاحتكام إلى إشهاد الله - جل وعلا - على صحة دعواهما.

و هذه اليمين مقتضاها أن المدعي لاحق له فيما يدعيه و أن المدعى عليه هو صاحب الحق فيه فإذا كان الحالف صادقا فقد دفع افتراء المدعي و خيب مطامعه و حافظ على حقه من الضياع، و السبب في تكليف المدعي عليه حلف اليمين أن هذا الظاهر الذي يشهد له حجة ضعيفة لاحتمال أن يكون الحق على خلافه فهذا الظاهر لا يفيد إلا ضنا قويا، فكانت الحاجة ماسة إلى هذا اليمين ليقطع هذا الشك و إنما كانت البينة حجة قوية و اليمين حجة ضعيفة لأن البينة صادرة من غير أطراف الدعوى و لا يستجلب بها صاحبها نفعا لنفسه فكانت قوية في إظهار الحق. فالشاهد مثلا لا ينتظر نفعا لنفسه من شهادته أما اليمين فهي و إن كانت مؤكدة بذكر لفظ الجلالة إلا أنزع كلام الخصم فلا تكفي دليلا لإظهار الحق و إنما تكفي كمرجع مساند لما هو ظاهر[3]

و قد اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن اللفظ الذي ينعقد به يمين المدعي عليه هو القسم بلفظ الجلالة "و الله "، و هذا اللفظ الذي ينعقد به اليمين واجب على الجميع المسلم و الذمي و الكافر و الذكر و الأنثى لأن الحلف المقصود به التعظيم و لا يجوز تعظيم غير الله سبحانه في القسم لما رواه عبد الله بن عمر عن الرسول  صلى الله عليه و سلم : "  من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ".

فقد أقر فقهاء القانون و استقر عليه القضاء أنه إذا لم يتمكن المدعي من إقامة الحجة على ما ادعاه فانه يكون معرضا لخسارة دعواه إذا ما التجأ إلى ضمير المدعى عليه ليطلب منه اليمين على الحقيقة في الشيء المدعى.

 

كما أن المدعى عليه يقف موقفا سلبيا أثناء مدة تكليف المدعي لإقامة البينة، و لكن هذه السلبية تنتهي عند حد معين ذلك أنه إذا نجح المدعي في إثبات ما ادعاه هنا يفتح المجال لخصمه ليرد على ما أثبته المدعي فإذا سلم بادعاء خصمه و بما أقامه من حجج عدا هذا إقرارا منه لصالح خصمه و تنتهي الدعوى عند هذا الحد، أما في حالة عدم نجاح المدعي في إقامة الأدلة على ما ادعاه فان المدعي عليه إما أن يسلم له بما ادعاه و إما أن ينكر و عندئذ يلتجئ المدعي اضطراريا إلى الوازع الديني فيطلب منه على أنه صاحب الحق في الشيء المدعى و المدعي لا حق له فيه مطلقا.

المطلب الثاني: عبء الإثبات على من يدعي خلاف الظاهر

من استعراض القواعد التي تعد أصولا يتبين أن الأصل يستخلص بالعقل و المنطق أو بالنص، فالأصل عبارة عن قواعد أما الظاهر فعبارة عن وضع أو موقف ثابت في نظر الكافة، فينظر أنه الوضع أو الموقف الحقيقي إلا إذا ثبت كذب هذا الوضع أو الموقف لذلك من كان قوله على وفق الظاهر لا يكلف بالإثبات و إنما يلقي عبء الاثبات على من يدعي خلاف هذا الظاهر. ومن قبيل ما يعد ظاهرا ما تنص عليه المادة 836 من القانون المدني: "من حاز بسند صحيح منقولا أو حقا عينيا على منقول أو سندا لحامله فانه يصبح مالكا له إذا كان حسن النية و قت حيازته".

فقد يتنازع شخصان على حق من الحقوق و يكون أحدهما حائزا له، هنا يجعل القانون الحائز في مركز المدعى عليه في الدعوى، فأخذ القانون بالوضع الظاهر يجعل الحائز في هذا المركز ويجعل عبء الاثبات يقع على من يدعي خلاف هذا الظاهر، فالظاهر أن من يحوز حقا فهو غالبا ما يكون صاحبه فإذا جاء آخر وادعى العكس لزمه إقامة الدليل[4].

كما أن الظاهر أن حق الملكية خال مما يثقله من أعباء و تكاليف عينية فالمالك الذي يتمسك بهذا الظاهر لا يطالب بإثباته و إنما يقع عبء اثباته على من يدعي خلاف هذا الظاهر، مثال ذلك من يدعي أن له على العين حق ارتفاق أو انتفاع أو مرور، فيجب عليه إثبات ما يدعيه.

و الظاهر أيضا هو اجتماع سلطات حق الملكية جميعها لصاحبها فمتى كان الشخص مالكا فهو متمتع بسلطات الملكية الثلاث: من استعمال و استغلال و تصرف، و على من يدعي خلاف هذا الظاهر أن يقدم الدليل و الظاهر أيضا هو شمولية ملكية الأرض لما فوقها و ما تحتها، و الظاهر هو شمول ملكية الأرض للأراضي التي تلتصق بها نتيجة طمي النهر حيث تقضي المادة 778 من القانون المدني: " الأراضي التي تتكون من طمي يجلبه النهر بطريقة تدريجية غير محسوسة تكون ملكا للمالكين المجاورين" و الظاهر أن الأرض التي يكشف عنها البحر تكون أصلا ملكا للدولة حسب المادة 773 من القانون المدني، كما أنه يحكم بالظاهر فيما يتعذر الإطلاع عليه، و من أمثلة ذلك لو اطلع المشتري على العيوب التي توجد في المبيع واتخذ مسلكا من قبل الشراء لهذه العيوب فإنه لا يستطيع أن يرجع على البائع بهذا الضمان، و يقع على البائع عبء إثبات علم المشتري أو إمكانية العلم بهذه العيوب و سوف نفصل القول في هذا المطلب من خلال الآتي بيانه.

أولا: عبء الإثبات على من يدعي خلاف الأصل.                                                                        

يعتبر الأصل من الأمور المرجحة لجانب أحد المتداعيين على الأخر و بالتالي فإن الذي يتمسك به يكون جانبه قويا و يكون الظاهر أن الحق في جانبه و منه فإنه يعفى من تحمل عبء الإثبات، أما الطرف الآخر الذي يكون قوله مخالفا لهذا الأصل فعليه يقع عبء الإثبات، و من قبيل القواعد التي تعد أصلا:

الأصل براءة الذمة:

ففي نطاق الحقوق الشخصية أو الالتزامات الأصل هو براءة ذمة الشخص من أي التزام و لذلك من يتمسك بهذا الأصل لا إثبات عليه و إنما يقع عبء الإثبات على من يدعي خلاف هذا الأصل، و مثالها من يدعي أنه أقرض غيره مالا فعليه أن يثبت عقد القرض، و من طالب أخر بثمن المبيع فعليه إثبات عقد البيع[5].

و في الشريعة الإسلامية تعني هذه القاعدة أن ذمة الإنسان – بحسب الأصل – غير مشغولة بأي حق من الحقوق التي تترتب للغير عليها و ذلك لأن الشخص يولد و ذمته خالية من أي التزام عليها و انشغالها إنما يجعل عن طريق التعاملات التي يقوم بها الشخص. و منه فإن أي من يدعي خلاف هذا الأصل يكلف بإثبات ما يدعيه، أما المدعى عليه فنظرا لأن الأصل يشهد له فإنه يعفى من التكليف بإثبات عدم شغل ذمته.

الأصل في الصفات العارضة العدم:

ومنها أن كل شخص هو أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون أو القضاء و على ذلك من يدعي أن العاقد ناقص الأهلية أو عديمها، عليه يقع عبء الإثبات. وكذلك الأصل أن العقود سليمة خالية من كل عيب و من يدعي خلاف هذا يقع عليه عبء الإثبات. و في الفقه الإسلامي يقصد بالصفات العارضة التي لم توجد مع الموصوف و لم تتصف بها ذاته ابتدءا كالمرض و العيب أو هي ما كان عدمها هو الحالة الأصلية أو الغالبة فيكون العدم هو المتيقن لأنه الحالة الطبيعية، أما الصفات الأصلية فهي التي توجد مع الموصوف ابتدءا بحسب الأصل أو الغالب كالصحة و السلامة من العيوب و يقتضي العمل بهذه القاعدة القول بأنه في حالة التنازع حول وصف من الصفات التي تلحق الشيء المتنازع حوله فإنه ينظر في هذا الوصف، فإن كان من الصفات الأصلية فإنه يكون شاهد لمدعيه و يكون القول قوله لأن الأصل في الصفات الأصلية الوجود و العدم طارىء، أما إذا كان الوصف من الصفات العارضة فإن مدعيه يكلف بالإثبات لأن الأصل فيها هو العدم و الوجود طارىء.

الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته:          

يقرر الفقه القانوني أنه في حالة وقوع نزاع في زمن حدوث تصرف من التصرفات أو أمر من الأمور، فإن هذا التصرف ينسب إلى أقرب أوقاته، و مثالها ما نصت عليه المادة 408 من القانون المدني إذا باع المريض مرض الموت فإن البيع لا يكون ناجزا إلا إذا أقره باقي الورثة، وإذا تم للغير في نفس الظروف اعتبر غير مصادق عليه و يكون قابل للإبطال و منه إذا ادعى الورثة أن التصرف صدر خلال مرض الموت فتطبق عليه أحكام الوصية إلا إذا استطاع المتصرف إليه إثبات صدوره في زمن الصحة[6].

ثانيا: عبء الإثبات على من يدعي خلاف العرف و العادة

إذا كان غني عن البيان أن المدعي هو الذي يدعي خلاف الظاهر سواء أكان هذا الظهور بحسب الأصل أم بحسب العرف أم بحسب قرائن الأحوال و هنا سنتكلم عن أن العرف يرجح قول أحد الخصوم على الآخر الذي يقع عبء إثبات ما يخالف العرف، و إن كان العرف احتل محل الصدارة في المجتمعات الأولى، و لعل أول مصدر عرفته الإنسانية من المصادر الرسمية للقاعدة القانونية هو العرف فكانت القاعدة القانونية تظهر في العمل مستكملة قوتها الإلزامية نتيجة تواتر الأفراد على العمل بها مع اعتقادهم بإلزامها، و في القانون الجزائري و حسب نص المادة الأولى من القانون المدني فيحتل العرف المرتبة الثالثة بعد التشريع و الشريعة الإسلامية و بالرجوع إلى القانون المدني نجد عدة نصوص تحيل إلى العرف و العادة و منها المادة 387 من القانون المدني: " يدفع ثمن البيع من مكان تسليم المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بخلاف ذلك".و كذا المادة 338: "يكون ثمن المبيع مستحقا في الوقت الذي يقع فيه تسليم المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بخلاف ذلك ".

ثالثا: عبء الإثبات على من يدعي خلاف القرائن

تعد القرائن من الأمور التي ترجع جانب أحد المتداعيين ابتداءا و يطلب من الخصم إقامة الحجة على خلاف ما تدل عليه القرينة و إلا حكم لمن شهدت له القرينة مع يمينه، و القرائن تختلف من حيث القوة و الضعف فقد تكون قوية تفيد القطع و قد تنزل إلى درجة الاحتمال البعيد فهي في حيز التردد، و قد نصت المادة 331 من القانون المدني على أن القرائن القانونية تغني من تقررت لمصلحته عن أية طريق أخرى من طرق الإثبات دون أن يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك.

و قد نصت المادة 340 من القانون المدني على أن  يترك للقاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون ولا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بالبينة. و القرائن نوعان قاطعة و غير قاطعة، و القرينة القانونية هي التي لم يترك أمر تقديرها للقاضي و هي طريق معفي من الإثبات فإذا وجدت القرينة القانونية بنص ما فإن من يقع عليه عبء الإثبات هو الطرف الذي لا يستفيد منها[7] .

وقد أقر فقهاء الشريعة الإسلامية جملة من القواعد تحكم عبء الإثبات و جب علينا الإشارة إليها في هذا المقام و هي فضلا عما سبق بيانه:

اليقين لا يزول بالشك:

اليقين طمأنينة القلب على حقيقة الشيء و الشك استواء طرفي الشيء وهو الوقوف بين الشيئين بحيث لا يميل القلب إلى أحدهما، و بعبارة أخرى اليقين جزم بين القلب مع الاستناد إلى الدليل القطعي، ومعنى هذه القاعدة أن ما كان ثابتا بيقين لا يزول بالشك لأن ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين، مثالها أن " أ " له لدى " ب "  1000 دينار و برهن "ب" على الوفاء أو الإبراء ثم برهن " أ " على أنه له عليه 1000 دينار هنا لا يقبل حتى يبرهن أن هذا المبلغ وقع بعد الإبراء أو الوفاء الأول.

دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقامه:

ومثالها أن يشتري أحدهم من السوق بقرة و يجدها بعد ذلك مريضة فيشرع في دواءها، فالمداواة دليل على الرضاء بالعيب.



[1]   محمد فتج الله النشار – المرجع السابق – ص 110.

[2]   عبد الرزاق أحمد السنهوري – المرجع السابق –  ص 68 هامش 3.

[3]   محمد فتح الله النشار – المرجع السابق – ص 114.

[4]   رمضان أبو السعود – المرجع السابق – ص 348.

[5]    رمضان أبو السعود – المرجع السابق – ص 326.

[6]   رمضان أبو السعود – المرجع السابق – ص 330.

[7]   محمد فتح الله النشار – المرجع السابق – ص 186.

ابحث عن موضوع