المبحث الثالث: دور القاضي في توزيع عبء الإثبات بموجب اليمين:
- كما رأينا في الفصل التمهيدي أن القاعدة العامة في عبء الإثبات هي البينة على من ادعى و اليمين على من انكر. و لما كان مهمة قيام المدعى بعبء الإثبات مهمة عسيرة و شاقة كان الإتجاه إلى توزيع عبء الإثبات بين الخصوم و ذلك عن طريق القرائن القانونية و القضائية كما رأينا في المبحث الثاني من هذا الفصل. و هذا التوزيع لا يعد خروجا عن القاعدة العامة و لكنه في الواقع تطبيق لها فيكتفي المدعي بإثبات ما يرجح وجود الحق في جانبه ليلقي على خصمه عبء دفع ما قام بإثباته. و يكون الخصم مدعيا في هذا الدفع وبالتالي فإنه مطالب بالإثبات بوصفه مدعيا في هذا الدفع، و ليس بوصفه مدعى عليه. أما دور القاضي في تخفيف و توزيع عبء الإثبات بمقتضى اليمين فإنه يقصد به الخروج عن القاعدة العامة في الإثبات بأن يكلف القاضي المدعى عليه بالبينة. و يكلف المدعي بحلف اليمين. و سنوضح في ذلك دور القاضي في اليمين الحاسمة و الذي لا يملك فيها إلا أن يجيب طلب توجيهها ما دام أن طالبها غير متعسف في طلبه و منه نتطرق لسلطته في منع توجيهها، أما اليمين المتممة فيظهر فيها بوضوح دور القاضي في تخفيف عبء الإثبات حيث أجاز له القانون أن يقوم بتوجيه اليمين من تلقاء نفسه إلى أحد الخصوم.
و سنتعرض في تحليل هذا المبحث إلى مقارنة بين ما جاء في القانون و ما جاء في الشريعة الإسلامية.
المطلب الأول: دور القاضي في توزيع عبء الإثبات بموجب اليمين الحاسمة:
اليمين الحاسمة هي نضام قانوني خاص وضعه المشرع لإسعاف الخصم الذي يعجز عن إثبات ما يدعيه يحتكم بها إلى ضميره لحسم النزاع و هي قسم بالله يصدر من أحد الخصمين و في حلفها يشهد على صحة واقعة قانونية لمصلحته هو. و لهذا لا يكتفي المشرع بقوله و إنما يتخذ من الله عز وجل شاهدا على ما يقول ضمانا وتأكيدا على صدق قول، و في هذا يختلف الإقرار عن اليمين، لأن الإقرار هو شهادة من الخصم على نفسه لمصلحة خصمه بصحة واقعة قانونية بشرط أن يتم ذلك أثناء نظر الدعوى و أمام المحكمة التي ينظر فيها[1] و يؤدي على هذا النحو إلى ثبوت الواقعة محل الإقرار ثبوتا قاطعا يلزم المقر و يلزم المحكمة و يعفي الخصم الآخر من الإثبات.
و تتفق اليمين الحاسمة مع الإقرار في أنهما ينتهيان إلى إعفاء الخصم من الإثبات و في أنهما يعتمدان على قول الخصم و في أن كلا منهما يعتبر تصرفا قانونيا بإرادة منفردة.[2]
أما الحلف ذاته فهو واقعة قانونية لأنه عمل مادي يترتب عليه أثر قانوني و من توجه إليه اليمين يصبح عليه هو العبء الإثبات. فيملك الحلف و يملك نقل هذا العبء إلى خصمه. فيعود من جديد هو الذي عليه عبء الإثبات أما النكول فهو يعتبر بمثابة إقرار من جانب الناكل يعفي خصمه من الإثبات.
و لهذا سوف نتطرق إلى ما يهمنا في هذا الجانب و هو سلطة القاضي في منع توجيه اليمين و موقفه من النتائج المترتبة عن توجيه اليمين الحاسمة و فيهما يبرز دوره في توزيع عبء الإثبات...
أولا: سلطة القاضي في منع توجيه اليمين الحاسمة:
تتميز اليمين الحاسمة بأنها تؤدي إلى قطع النزاع و لهذا لا تكون مقبولة من القاضي إذا كانت وسيلة للتهرب من نتائجها. و لقد نص المشرع الجزائري في المادة 343/01 من القانون ا لمدني على أنه:
" يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر على أنه يجوز للقاضي منع توجيه هذه اليمين إذا كان الخصم متعسفا في ذلك" و يرى الفقه الفرنسي استنادا إلى المادة 1358 من القانون المدني الفرنسي أن توجيه اليمين حق للخصم على أن لا يكون توجيهه إياها إلى خصمه مباشرة بل عن طريق القاضي و أن القاضي ملزم بتوجيهها، و يعزز الفقه رأيه بأن اليمين صلح و ليس للقاضي أن يعترض على هذا الصلح[3]. لذلك خالف القضاء الفرنسي و القضاء البلجيكي الفقه في هذا الشأن و اعترفا للقاضي بسلطة تقديرية في قبول توجيه اليمين و هذا ما ذهب إليه المشرع الجزائري كما رأينا في المادة 343 فقرة أولى من القانون المدني، و عليه فإن توجيه اليمين منوط بإذن القاضي بحيث يجوز له أ ن يأذن أو لا يأذن حسبما يراه من ظروف الدعوى و مركز الخصوم، و يقابل هذا النص المادة 113 بينات سوري و المادة 229 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني و المادة 113 من قانون الإثبات المصري [4].
1- مفهوم التعسف:
و لا يقصد بالتعسف هنا معناه الإصطلاحي فقط، أي مجرد إساءة الحق في ممارسة طلب تحليف الخصم، و إنما المقصود منه رقابة القاضي على الخصم في صدد توجيه اليمين، بحيث لا يجوز له طلبها كلما تخلف شرط من شروط الواجب توفرها فيه، و بالتالي للقاضي أن يمنع توجيه اليمين الحاسمة إذا كانت الواقعة المراد التحليف عليها لا تتعلق بالدعوى، أو غير منتجة فيها أو غير جائز قبول إثباتها باليمين الحاسمة، أو كانت هذه الواقعة غير محتملة الصدق و تكذبها وقائع الدعوى و مستنداتها، أو كانت ثابتة على وجه ما بإقرار الخصم الآخر، و لمحكمة الموضوع كامل السلطة التقديرية في استخلاص كيدية اليمين دون رقابة من المحكمة العليا متى استندت إلى اعتبارات سائغة.
و عليه يجب فيمن يوجه اليمين الحاسمة أن يكون أهلا للتصرف في الحق الذي توجه اليمين بشأنه، و ذلك لاحتمال أن يحلف الخصم اليمين التي وجهها إليه خصمه فيخسر من وجهها دعواه. و على ذلك لا يستطيع القاصر توجيه اليمين الحاسمة إلا بشأن التصرفات القانونية التي يجوز له مباشرتها و المأذون له بالإدارة، لا يملك توجيه اليمين الحاسمة إلا بالنسبة للأعمال التي تدخل في نطاق الإذن. كما لا يجوز للوصي أو وكيل الغائب أو القيم توجيه اليمين فيها يتعلق بأعمال التصرف التي لا تدخل في سلطة أي منهم إلا بإذن المحكمة أما أعمال التصرف التي يستطيع مباشرتها دون إذن من المحكمة فإن له أن يوجه اليمين الحاسمة بشأنها، و لا يجوز للوكيل و كالة عامة أن يوجه اليمين الحاسمة باسم موكله إلا إذا وكله في توجيهها وكالة خاصة. كما يشترط فيمن توجه إليه اليمين أن يكون أهلا للتصرف في الحق الذي توجه اليمين بشأنه. لأنه إذا نكل عن اليمين خسر دعواه و إذا ردها كان هذا بمثابة توجيه لها. ولا يكفي في من توجه إليه اليمين أن يكون أهلا وقت توجيه اليمين إليه، بل يلزم أن تظل له هذه الأهلية إلا أن يتم الحلف أو الرد أو النكول، فإذا كان من وجهت إليه اليمين أهلا عند توجيهها ثم حجر عليه قبل أن يحلفها فلا يجوز أن يحلفها بعد أن حجر عليه. و قد نصت المادة 344 من القانون المدني الجزائري على أنه: " ....و يجب أن تكون الواقعة التي تقوم عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين فإن كانت غير شخصية له قامت اليمين على مجرد علمه بها."
2- محل اليمين :
كما يشمل دور القاضي في الرقابة على الواقعة موضوع اليمين بحيث يجب أن يتوقف عليها الفصل نهائيا في النزاع، لا مجرد أن تكون منتجة في الدعوى، إذ بغير ذلك لن تكون اليمين حاسمة، و مقتضى ذلك أن تكون الواقعة موضوع اليمين متنازعا فيها بين الخصوم، أما إذا ثبتت بدليل آخر من أدلة الإثبات الجائزة قانونا فلا يجوز في شأنها توجيه اليمين الحاسمة.
و لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام، و تكاد التشريعات العربية تجمع على عدم جواز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام[5]. و في ذلك نص المشرع الجزائري في المادة 344 فقرة أولى من القانون المدني : "لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام..." . كأن توجه مثلا لإثبات دين قمار، أو لنقض حجية حكم، و لا يجوز توجيه اليمين بالنسبة لتصرف يوجب في القانون شكلا خاصا ذلك لأن الشكل في هذه الحالة يعتبر شرطا لصحة التصرف.
- و إن مسألة منع القاضي للخصم من توجيه اليمين الحاسمة بحجة الكيد، من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى الكثير من الرؤية و حسن الفهم، فإن نية الخصم الذي يوجه اليمين الحاسمة من الأمور النفسية الخفية التي لا يمكن الاهتداء إليها بسهولة، و من العسير أن يحرم الإنسان حق الالتجاء إلى ذمة خصمه راضيا بيمينه للظن بأنه يقصد الكيد من تحليفه، و إذا كان من حق القاضي أن يرفض توجيه اليمين الكيدية فلابد في ممارسة هذا الحق بأن تكون نية الكيد ظاهرة من وقائع الدعوى ظهورا قاطعا لا أثر فيه للشك و الظن و إلا انقلب الأمر إلا تعسف و ظلم، لذا فإن عليه أن يمارس هذه السلطة بمنتهى الحيطة و الحذر و أن يذكر في حكمه الأسباب التي دعته إلى منع توجيه اليمين. هذا و إذا كان حق الالتجاء إلى القضاء من الحقوق العامة التي تثبت للكافة إلا أنه لا يجوز لمن يستعمل هذا الحق الانحراف به عما وضع له و استعماله كيديا ابتغاء الضرر للغير.
ثانيا : موقف القاضي من الآثار المترتبة على توجيه اليمين الحاسمة:
إذا وجهت اليمين الحاسمة للخصم فإما أن يحلفها و إما أن يردها و إما أن ينكل عنها، و تقتضي دراسة موقف القاضي من الآثار و النتائج المترتبة عنها أن نتطرق إليها على النحو الآتي:
1- آثار حلف اليمين :
إذا حلف اليمين من وجهت إليه، طبقا للصيغة التي أقرتها المحكمة حسم النزاع بها نهائيا، و تعين على القاضي إصدار حكمه على من وجه اليمين، و مؤدى ذلك أنه من ناحية يلتزم القاضي بمضمون هذا الحلف، ومن ناحية أخرى لا يجوز بعد ذلك لمن خسر الدعوى أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذي وجهت إليه، سواء كان ذلك عن طريق دعوى ابتدائية أو عن طريق الطعن في الحكم الذي صدر بناء على حلف اليمين، و قد نصت المادة 346 من القانون المدني على هذا الحكم بقولها :"لا يجوز للخصم إثبات كذب اليمين بعد تأديتها من الخصم الذي وجهت إليه أو ردت عليه على أنه إذا أثبت كذب اليمين بحكم جنائي فإن للخصم الذي أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض دون إخلال بما قد يكون له من حق في الطعن على الحكم الذي صدر ضده".
و لكن هذا لا يمنع من الطعن في الحكم الذي صدر بالتحليف بوجوه تتعلق بصحة توجيه اليمين و بصحة الحلف و بغير ذلكمما يتعلق باليمين ذاتهاو ما يسري عليها من أحكام و مثل ذلك أن يتمسك بنقص أهليته وقت حلف اليمين أو بعيب من عيوب الإرادة، و في هذه الأحوال يلغي الحكم بتوجيه اليمين و يترتب على ذلك بطلان الحلف...
2- آثار رد اليمين :
يجوز لمن وجهت إليه اليمين بدلا من حلفها أن يردها على من وجهها و في هذه الحالة يتعين على من ردت عليه اليمين أن يحلفها فلا يمكنه أن يردها ثانية على من ردها عليه فإذا لم يحلفها و نكل عنها خسر دعواه و تعين على القاضي الحكم عليه، و يلزم أن يكون رد اليمين عن نفس الواقعة التي وجهت عنها أصلا، و إلا كنا بصدد يمين جديدة وجهت لأول مرة و بالتالي يجوز ردها، وذلك مثل ان يوجه الخصم اليمين الحاسمة إلى خصمه ليحلف على أنه غير مدين له فقام هذا بردها طالبا ممن وجه إليه اليمين ان يحلف هو على انه لم تحصل مقاصة بينهما، ففي هذه الحالة نكون بصدد يمين جديدة يجوز ردها.
و إذا كان من الجائز لكل من توجه إليه اليمين أن يردها إلى خصمه إلا أنه يشترط لرد اليمين أن تكون الواقعة محل اليمين مشتركة بين الطرفين بالنسبة لمن وجهها و من وجهت إليه كواقعة قبض الثمن التي يشترك فيها كل من البائع و المشتري فإذا وجه المشتري اليمين إلى البائع عن هذه الواقعة جاز للبائع أن يرد اليمين على المشتري، أما إذا كانت الواقعة محل اليمين يستقل بها من وجهت إليه اليمين فلا يجوز لمن وجهت إليه أن يردها على من وجهها و مثال ذلك إذا وجه الشفيع اليمين إلى المشتري في شأن مقدار الثمن فلا يجوز للمشتري أن يرد اليمين على الشفيع لأن هذا الأخير أجنبي عن الاتفاق الخاص بالثمن.
و لقد نصت المادة 343/02 من القانون المدني الجزائري على ذلك بقولها :" ولمن وجهت إليه اليمين ان يردها على خصمه غير أنه لا يجوز ردها إذا قامت اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين".
و في الفقه الإسلامي:
إن القاعدة العامة في الإثبات مستمدة من حديث الرسول صلى الله عليه و سلم في قوله : " لو يعطى الناس بدعواهم لأدعى ناس أموال قوم ودمائهم و لكن البينة على المدعي و اليمين على من أنكر".
و لهذا اختلف الفقهاء في جواز طلب القاضي اليمين من المدعي أو تكليف المدعي عليه بالبينة على مذهبين"[6].
- فالمذهب الأول و هم أصحاب عدم الجواز ذهب فيه الحنفية و الحنابلة و الإباضية إلى عدم جواز تكليف المدعي عليه بالبينة و طلب اليمين من المدعي و إنما الذي يكلف بإقامة البينة هو المدعي، و ليس على المدعي عليه إلا اليمين، و لذلك قالوا بالقضاء بنكول المدعي عليه عن اليمين و عدم جواز ردها على المدعي.
- أما المذهب الثاني و الذي ذهب إلى جواز ذلك، و ذهب فيه جمهور الفقهاء من المالكية و الشافعية و الحنابلة و الإمامية و الإباضية في قول : إلى جواز تخفيف و نقل عبء الإثبات بأن يكلف المدعى باليمين و يكلف المدعي عليه بالبينة و استدل أصحاب هذا المذهب بأن القاعدة الأصلية جاءت عامة تبين كل ما يكلف به كل طرف من أطراف الدعوى بحسب الأصل، فإذا طرأ أثناء النزاع شيء يكون من مصلحة الدعوى أن ينتقل عبء الإثبات إلى غير المكلف به، فإن القاضي حينئذ يجوز له أن يقوم بهذا العمل بما يراه محققا لإظهار الحق و وصوله إلى صاحبه.
و نجد أن القانون يوافق مذهب الجمهور الذي يقضي بجواز نقل عبء الإثبات من الشخص المكلف به إلى خصمه ما دام هذا النقل في مصلحة الدعوى، حسب ما يراه القاضي أو الخصوم محققا للغاية التي ينشدها أطراف الدعوى من حسم النزاع و قطع الخصومة على نحو يتماشى مع ما تقضي به قواعد العدالة.
كما ان هناك اختلاف في جواز رد اليمين :
فالحنفية لا يجيزون الرد و المالكية و الشافعية يوجيزونه إذا نكل المدعي، و ابن تيمية لا يجيز الرد إلا فيما يقع تحت علم المدعي، و جاء في البدائع في الخلاف ما بين الحنفية و الشافعية في هذه المسألة ما يأتي : " فإن نكل عن اليمين بعد العرض عليه ثلاثا فإن القاضي يقضي عليه عندها، و عند الشافعي رحمه الله لا يقضي بالنكول و لكن يرد اليمين إلى المدعي فيأخذ حقه و احتج الشافعي رحمه الله بقول النبي (ص) :"البينة على المدعي و اليمين على المدعى عليه" فجعل البينة حجة المدعي و اليمين حجة المدعى عليه و لم يذكر (ص) النكول فلو كان حجة المدعي لذكره. و المعقول أنه يحتمل أنه نكل لكونه كاذبا في الإنكار فاحترز عن اليمين الكاذبة. و يحتمل أنه نكل مع كونه صادقا في الإنكار تورعا عن اليمين الصادقة، فلا يكون حجة القضاء مع الشك و الاحتمال. لكن يرد اليمين إلى المدعي ليحلف فيقضى له، لأنه يرجح الصدق في دعواه بيمينه... " و لنا انه ظهر صدق المدعي في دعواه عند نكول المدعي عليه، فيقضى له كما لو أقام البينة و دلالة الوصف أن المانع من ظهور الصدق في خبره إنكار المدعي عليه، وقد عارضه النكول فزال المانع للتعارض فظهر صدقه في دعواه ..." ويتجلى من هذا النص أن الرد في الفقه الإسلامي لا يكون بناء على طلب من وجهت إليه اليمين، بل إن هذا ليس أمامه إلا أن يحلف أو أن ينكل، فإن نكل وجب على القاضي – عند غير الحنفية – أن يرد اليمين على المدعي[7].
3- آثار النكول عن اليمين :
إذا امتنع من وجهت إليه اليمين أو ردت عليه عن حلفها، فإن هذا الإمتناع يعد نكولا عن اليمين يترتب عليه أن يخسر الدعوى و يحكم لخصمه فيها، و هذا ما نصت عليه المادة 347 من القانون المدني الجزائري بقولها : " كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون ردها على خصمه و كل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه". و النكول قد يكون صريحا و قد يكون ضمنيا يستفاد من سلوك الخصم، فيعتبر نكولا عن أداء اليمين حضور من وجهت إليه اليمين و امتناعه عن أدائها دون أن ينازع فيها أو تخلفه عن الحضور دون عذر مقبول[8]. فالنكول يكون بمثابة إقرار، وتكييفه هو تكييف الإقرار.
و قد ينكل الخصم عن الحلف، ولكنه يضيف إلى هذا النكول واقعة من شأنها أن تعطل من أثر هذا النكول، مثل ذلك أن يوجه الخصم إلى خصمه اليمين أنه ما اقترض منه المبلغ المدعى به، فينكل من وجهت إليه اليمين، و لكنه يضيف أن دين القرض هذا قد انقض بالتجديد، فهنا يعتبر النكول إقرارا بواقعة القرض، و لكنه إقرار مركب، إذ أضيفت إليه واقعة أخرى لاحقة هي واقعة التجديد، و يكون حكم النكول في هذه الحالة حكم الإقرار المركب و هو هنا إقرار غير قابل للتجزئة، و يترتب على ذلك أن الخصم الذي وجه اليمين إما أن يطرح النكول بشقيه و يقوم بإثبات القرض بطريق آخر غير اليمين، فعلى خصمه عندئذ يقع عبء إثبات وقوع التجديد و إما أن يستبقي الشق الأول من النكول و هو الإقرار بالقرض على أن يثبت هو عدم وقوع التجديد[9].
تطبيقات قضائية لليمين الحاسمة:
لربط الجانب النظري بالتطبيقي اخترنا في مجال اليمين الحاسمة قرار للمحكمة العليا، الصادر بتاريخ 09/07/1996 ملف رقم 134.417 [10] و التي جاء فيها :
" من المقرر قانونا أنه في حالة النزاع على الأمتعة بين الزوجين توجه اليمين الخاصة بالأمتعة للزوجة و من ثمة فإن القضاء بخلاف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون.
و لما كان ثابتا في قضية الحال – أن النزاع قائم بين الطرفين حول الأمتعة و أن الزوج طالب بتوجيه اليمين للزوجة على عدم ترك أمتعتها في البيت الزوجي فإن قضاة الموضوع لما قضوا بتوجيه اليمين الحاسمة للزوجة المطلقة التي لا توجه من قبل القضاة، بل بطلب من الأطراف بدل اليمين الخاصة بالأمتعة المنصوص عليها في المادة 73 من قانون الأسرة، فإنهم خرقوا القانون و أخطأوا في تطبيقه و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه...
تعليق :
اخترنا هذا القرار لأنه يثير إشكالية الخلط في اليمين، فهناك اليمين الحاسمة و اليمين المتممة كما يوجد يمين خاصة ينص عليها المشرع في حالات خاصة مثل حالة المادة 73 من قانون الأسرة، و التي تتعلق بالنزاع في متاع البيت، كما توجد يمين الإنكار المستمدة من القاعدة العامة "البينة على المدعي و اليمين على من أنكر". فيستوجب على القاضي الحيطة و الحذر في توجيهها و لهذا مع افتراض علمه بعنصر القانون، يجب أن يتأكد من توفر شروط كل منها حتى لا تختلط عليه الأمور فيعرض قراره للنقض.
- و بنظرة تحليلية لهذا القرار الذي يدور نزاعه حول متاع البيت، و جاء في القرار أن الزوج لم يطالب بتوجيه اليمين الحاسمة لزوجته، بل طالب بأن توجه إليه اليمين على عدم ترك المطلقة لديه الأمتعة التي تطالب بها و اعترف بقائمة قدمها و أبدى استعداده لرد ما ورد فيها إلى مطلقته على أن يؤدي اليمين حول عدم ترك غيرها من الأمتعة لديه[11].
و رغم عدم توفر شروط أداء اليمين الحاسمة، إلا أن القضاة قاموا بتوجيهها إلى الزوجة، و إن من أهم شروط أداء اليمين الحاسمة أن يطلبها احد الخصمين، ولا يجوز للقاضي أن يوجهها من تلقاء نفسه، و هذا سبب نقض القرار.
كما انه كان عليهم توجيه اليمين الخاصة المنصوص عليها بالمادة 73 من قانون الأسرة و التي تنص على ما يلي : " إذا وقع النزاع الزوجين أو ورثتهما في متاع البيت و ليس لأحدهما بينة فالقول للزوجة أو ورثتها مع اليمين في المعتاد للنساء و القول للزوج أو ورثته مع اليمين في المعتاد للرجال، و المشتركات بينهما يقتسمانها مع اليمين ".
- و نستنتج من نص المادة أن اليمين الخاصة توجه لأحد الزوجين في حالة وجود نزاع حول ملكية متاع البيت، أي المتاع الموجود و لا ينكر أحد الخصمين وجوده بل يدعي كل منهما ملكيته للمتاع، و هنا ميدان تطبيق المادة 73 من قانون الأسرة.
- أما في القرار الحالي فإن الزوج ينكر وجود بعض من المتاع و يعترف بوجود البعض و مع استعداده لرده للزوجة المطلقة.
و هنا في رأينا لا تتوفر شروط اليمين الحاسمة لأنه لم يطلبها احد الخصوم، كما انه لا تتوفر شروط اليمين الخاصة لأن الزوج لا يدعي ملكيته لمتاع موجود بل هو ينكر أصل وجود بعض المتاع، و لهذا طالب بتوجيه اليمين له ليدعم إنكاره، و من هنا يتضح الأمر بأنه كان على القضاة تطبيق القاعدة العامة في الإثبات : " اليمين على من أنكر " و ليس في تطبيقها استجابة لطلب الزوج بل لأن المطلقة ليس لها بينة على وجود هذا المتاع، أي أن المتاع غير موجود أصلا.
و لتدعيم رأينا نستشهد بقرار من المحكمة العليا الصادر بتاريخ 16/03/1999 ملف رقم 216.836[12]. الذي جاء فيه ما يلي:" حيث أنه في حالة إنكار وجود الأمتعة المطالب بها عند أحد الزوجين ستطبق القاعدة العامة البينة على من ادعى و اليمين على من انكر " و ليس المادة 73 من قانون الأسرة التي تطبق عندما يدور النزاع حول ملكية الأمتعة المطالب بها و بذلك فقضاة الاستئناف قد أصابوا لما حكموا بأن قاضي الدرجة الأولى عندما وجه اليمين للمدعية قد خالف القاعدة العامة البينة على من ادعى و اليمين على من أنكر. باعتبار أن المدعي عليه أنكر وجود المتعة المطالب بها و لكن كما على قضاة الموضوع تطبيق هذه القاعدة العامة و توجيه اليمين للمدعي عليه عوضا عن رفض الدعوى في الحال – الأمر الذي يتعين معه نقض القرار المطعون فيه و إحالته لنفس المجلس".
و استكمالا للتعليق على القرار الأول فإن على القاضي أن يحدد المدعي و المدعى عليه في الإثبات فرغم أن رافع الدعوى هو الزوج و هو المدعي في القرار الأول إلا أنه مدعي عليه في الإثبات لأن المطلقة ادعت وجود المتاع و هو أنكر وجوده فتغير موقفه في الدعوى و أصبح مدعي عليه...
و ما يمكن ملاحظته أن إشكالية الخلط في تطبيق اليمين موضوع يستدعي البحث نفتح فيه المجال للراغبين في إثراء هذا الموضوع.
المطلب الثاني : دور القاضي في توزيع عبء الإثبات بموجب اليمين المتممة :
اليمين المتممة هي اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أي من الخصمين ليكمل بها إقتناعه . عندما يقدر عدم كفاية الأدلة التي يقدمها الخصم وجاء في نص المادة 348 من القانون المدني الجزائري : " للقاضي أن يوجه اليمين تلقائيا إلى أي من الخصمين ليبني على حكمه في موضوع الدعوى أو في ما يحكم به"[13] وقد جعل القانون للقاضي على خلاف العادة دورا إيجابيا في الإثبات فأباح له إذا لم يقدم أي من الخصمين دليلا كافيا على ما يدعيه أن يختار منهما من يرجح عنده صدق قوله، فيوجه إليه يمينا يتمم بها أدلته غير الكافية، ومن ثم سميت اليمين باليمين المتممة .
وتختلف اليمين المتممة إختلافا جوهريا عن اليمين الحاسمة في أن اليمين الأولى يوجهها القاضي للخصم، ولا يوجهها إلا إذا كانت الدعوى خالية من أي دليل، ولا يتحتم عليه أن يأخذها بما تؤدي إليه من حلف أو نكول فقد يرفض طلب من حلف ويجيب طلب من نكل، ثم إن مهمة اليمين المتممة غير مهمة اليمين الحاسمة، فاليمين المتممة إنما توجه لإستكمال أدلة ناقصة، اما اليمين الحاسمة فتكون وحدها دليلا يستبعد أي دليل آخر.
وإذا كان توجيه اليمين الحاسمة من الخصم إلى خصمه هو تصرف قانوني بإرادة منفردة .فتوجيه اليمين المتممة من القاضي ليس إلا واقعة مادية يلجأ إليها القاضي لإستكمال الأدلة، فهي طريق من طرق الإثبات ذات القوة المحدودة وذات الأثر التكميلي ولا تنطوي على أي تصرف قانوني. وسنعالج في هذا المطلب سلطة القاضي الواسعة في توجيه اليمين المتممة، ثم موقف القاضي من النتائج المترتبة على توجيه.
أولا : سلطة القاضي في توجيه اليمين المتممة :
يشترط القانون لكي يتمكن القاضي من توجيه اليمين ألا يكون في الدعوى دليل كاملا وألا تكون الدعوى خالية من أي دليل[14] وتوجه اليمين المتممة لأي من الخصمين بحسب تقدير القاضي، فإن رأى القاضي أن أحد الخصمين قدم أدلة على إدعائه في الدعوى أو في الدفع أرجح من أدلة الخصم الأخر وأن كانت في ذاتها غير كافية، ورأى إلى جانب ذلك أن هذا الخصم ذا الدليل الراجح أولى بالثقة والإطمئنان إليه، وجه إليه هو دون الخصم الأخر اليمين المتممة ليستكمل أدلته بها، وإن رأى الخصمين متكافئين في كل ما تقدم فالظاهر أنه يوجه اليمين المتممة إلى المطلوب من الخصمين لا الطالب، لأن الأصل براءة الذمة.
على أن القاضي في كل هذا إنما يسير بحسب اقتناعه وبمقدار ما يطمئن إلى أي من الخصمين دون أن يتقيد بقاعدة معينة ولا يشترط أهلية خاصة في الخصم الذي توجه إليه اليمين بل تكفي فيه أهلية التقاضي لأن اليمين المتممة ليست تصرفا قانونيا بل هي وسيلة من وسائل التحقيق والإثبات. ولا يجوز توجيهها إلى غير خصم أصلي في الدعوى فلا توجه إلى الدائن الذي يرفع الدعوى باسم مدينه بل توجه إلى هذا المدين بعد إدخاله في الدعوى.
-ومعنى ألا يكون في الدعوى دليل كامل وألا تكون الدعوى خالية من أي دليل:
أي يجب أن يكون في الدعوى مبدأ الثبوت بالكتابة أو بغير الكتابة على حسب الأحوال ذلك أنه إذا كان في الدعوى دليل كامل لم تصبح هناك حاجة لليمين المتممة وقضى لمصلحة صاحب هذا الدليل وإذا كانت الدعوى خالية من أي دليل لم يصح توجيه اليمين لأي من الخصمين لأن هذه اليمين لا توجه إلا لاستكمال أدلة ناقصة فلا تحل مكان أدلة غير موجودة كما هو شأن اليمين الحاسمة وإنما يقضي في هذه الحالة على الخصم الذي خلت دعواه من أي دليل.
والدليل الناقص الذي تكمله اليمين المتممة يختلف باختلاف ما إذا كان الادعاء يجوز إثباته بالبينة والقرائن أو لا بد من الكتابة في إثباته فإذا كان الإثبات جائزا بالبينة والقرائن فالدليل الناقص يصح أن يكون بينة أو قرائن ليست كافية لإقناع القاضي فيستكملها باليمين المتممة، ويكون ذلك في ادعاء لا يتجاوز قيمته عشرة جنيهات وكذلك في جميع المواد التجارية.
أما إذا كانت الإثبات واجبا، فالدليل الناقص يجب أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة لا مجرد بينة أو قرائن إلا في الحالات التي تجوز فيها البينة والقرائن بدلا من الكتابة لمسوغ قانوني كما إذا كان هناك مانع من الحصول على الكتابة أو فقدت الكتابة بسبب أجنبي بعد الحصول عليها.
وإذا كانت الواقعة التي يحلف عليها الخصم هي تلك التي تكمل دليله ليثبت ادعاؤه دعوى كانت أو دفعا فهي إذن لا بد أن تكون واقعة غير مخالفة للقانون ولا للنظام العام ولا للآداب ويجب أن يكون من شأنها أن تكمل الدليل الناقص في تقدير القاضي[15].
ويغلب أن تكون الواقعة التي يحلف عليها الخصم اليمين المتممة هي واقعة الادعاء بأجمعها كأن يحلف الدائن أن له في ذمة المدين مبلغ كذا بسبب القرض ولكن لا شيء يمنع من أن تكون الواقعة مجرد قرينة من شأنها إذا ثبتت أن تضاف إلى أدلة أخرى موجودة فيثبت المدعى به بمجموع هذه الأدلة، و مثال ذلك أن يحلف المدين يمينا متممة على أنه أقرض الدائن بعد حلول الدين المدعى به مبلغا من المال ليستخلص من واقعة القرض قرينة تضاف إلى مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات براءة ذمة من الدين المدعى به.
1-إمكانية رجوع القاضي عن توجيه اليمين :
إذا قام القاضي بتوجيه اليمين المتممة إلى أحد الخصمين ثم بدا له بعد ذلك أن يرجع بأن كشف عن أداة جديدة أكملت الأدلة الناقصة أو نقضتها فلا يسوغ توجيه اليمين المتممة جاز له الرجوع بل يجوز له الرجوع لمجرد أن يكون قد غير رأيه دون حاجة إلى الكشف عن أدلة جديدة أكملت الأدلة الناقصة أو نقضتها فلم يعد هناك مسوغ لتوجيه اليمين جاز له الرجوع بل يجوز له
الرجوع لمجرد أن يكون قد غير رأيه دون حاجة إلى الكشف عن أدلة جديدة فقد يعيد النظر في تقدير الأدلة الموجودة فيراها كاملة وكان يظنها قبل توجيه اليمين ناقصة أولا يرى فيها دليلا بعد أن كان يظنها أدلة ناقصة فيرجع غندئذ عن توجيه اليمين المتممة بعد أن يكون قد وجهها.
ولم ينص القانون المدني الجزائري صراحة على إمكانية رجوع القاضي في اليمين المتممة إلا أن المنطق يستدعي ذلك إذ نصت المادة 348 على لأن : " للقاضي أن يوجه اليمين تلقائيا إلى أي من الخصمين ليبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في ما يحكم به"، فيفهم منها أن للقاضي سلطة تقديرية واسعة في اللجوء إليها ومادام الغرض منها هو لبناء حكمه في الدعوى وعليه إذا رأى أن اللجوء إليها لا يفيد في ذلك شيئا يستطيع الرجوع فيها.
2- اليمين المتممة وسيلة للتخفيف من حدة التنظيم القانوني للإثبات:
يذهب الفقيهان " أبرى" و" رو" إلى أنه كان الأولى بواضعي التقنيين المدني الفرنسي عدم الإحتفاظ باليمين المتممة ويقولان في هذا الصدد ما يأتي : " قد يكون من الخطأ أن واضعي التقنيين المدني استبقوا اليمين المتممة فإن فيها عيبا خطيرا إذا هي تجعل للقاضي سلطة في أن ينقل من تلقاء نفسه وبإرادته وحده البت في الدعوى من منطقة القانون إلى منطقة الضمير".
لكن جاء في صدد الدفاع عن إستبقاء اليمين المتممة في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنيين المصري ما يأتي : " نص التقنيين الفرنسي المادة 1366 على اليمين المتممة واتبعت في ذلك التقنيين الإيطالي المادة 1374 والتقنيين الهولندي المادة 1977 والتقنيين المصري المادة 223 و288 والتقنيين البرتغالي المادة 2533 ثم أبقى واضعوا المشروع الفرنسي الإيطالي (المادة 319) على هذه اليمين رغم ما وجه إليها من نقد".
وقد أشار بعض الفقهاء بوجوب حذف اليمين المتممة لأن المروءة متى توافرت فلا حاجة لليمين لصد الخصم عن المطالبة بغير وهي إذا انتفت لم يستشعر الخصم حرجا من الحنث فيها.
ثم إن القاضي لا يحتاج إلى اليمين لتمكين الاطمئنان من نفسه، لأن من يخفق في إثبات دعواه يبوء بالخسارة. و لا يستشعر القاضي حرجا في القضاء لخصمه عليه، لأنه ينزل في ذلك على حكم القانون، بيد أن هذا النظر يغفل خصائص اليمين بوصفها طريقا للإثبات و طبيعة هذا اليمين و الغاية منها، لأن اليمين طريقة اضطرارية، فيمكن للقاضي من الالتجاء إليها في ظل الضمانات التي يقررها القانون، أي حيث لا يكون الطلب أو الدفع مجردا من كل دليل و حيث يكون هذا الدليل غير كاف في ذاته.
و يراعى أن اليمين نظام تقتضيه العدالة فهي و الحال هذه عامل يعين على سير العدالة، فضلا على أن القانون يترك للقاضي حرية التقدير بشأن ضرورة توجيهها و تعيين من توجه إليه من الخصوم.
و غني عن البيان أن هذا التقدير ينبغي أن يناط بوجه خاص بما يتوافر في الخصم من بواعث الثقة، ولهذا لم ير وجه للتنويه بعدم جواز توجيه اليمين المتممة إذا كان من توجه إليه غير أهل لأي ثقة كما يفهم ذلك من عبارة المادة 2533 فقرة 03 من التقنين البرتغالي، و يلاحظ أن اليمين شرعت لعلاج مساوىء نظام تقييد الدليل و نظام حيدة القاضي إزاء دعاوى الخصوم، فيجب و الحال هذه أن تؤدى وظيفتها كاملة، هذا و يلاحظ من الناحية العملية أن القاضي لا يلجأ إلى اليمين المتممة إلا في كثير من الحيطة و الاعتدال، بعد تقدير جدوى هذا اليمين تقديرا يعتد فيه بشخصية الخصم، إزاء كل أولئك رؤى الإبقاء على اليمين المتممة في نصوص المشروع[16] ، و يستتبع الأستاذ عبد الرزاق أحمد السنهوري بالقول أنه:" لعل خير دفاع عن اليمين المتممة هي أنها وسيلة للتخفيف من حدة التنظيم القانوني للإثبات فهي توسع أمام القاضي بمرونتها ما ضاق بسبب جمود هذا التنظيم".
ثانيا: موقف القاضي من النتائج المترتبة على توجيه اليمين المتممة:
إن من وجهت إليه اليمين المتممة لا خيار له فإما أن يحلف أو ينكل. و لا يستطيع أن يرد اليمين على الخصم الآخر. ذلك لأن اليمين موجهة إليه من القاضي لا من الخصم الآخر. و لأنها تكميلية لاقناع القاضي و ليست احتكاما إلى ضمير الخصم حتى يجوز لهذا ردها ليحتكم هو إلى ضمير خصمه.
و تنفي المادة 349 من القانون المدني الجزائري على ما يلي:" لا يجوز للخصم الذي وجه إليه القاضي اليمين المتممة أن يردها على خصمه.". و هذا النص الذي تقابله المادة 1368 من التقنين المدني الفرنسي و التي تنص على:"اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أحد الخصمين لا يجوز ردها من هذا الخصم على الخصم الآخر."[17]
« Le serment déféré d’office par le juge à l’une des parties ne peut être par elle référé à l’autre. »
فالخصم الذي وجه إليه القاضي اليمين المتممة لا مناص له إذن من أحد موقفين:الحلف أو النكول. و إذا مات من وجه إليه القاضي اليمين المتممة قبل أن يحلفها، اعتبر الحكم بتوجيهها كأن لم يكن. و للقاضي أن يفصل في النزاع دون يمين متممة. أو أن يوجه هذا اليمين إلى الخصم الآخر. أو أن يوجه يمينا متممة بعدم العلم إلى ورثة الخصم الذي مات. و يتفق الحكم في أن اليمين لا تعتبر مردودة إلى الخصم الآخر في كل من اليمين الحاسمة و اليمين المتممة. فإذا مات من وجهت إليه اليمين الحاسمة قبل أن يحلفها، لم تعتبر اليمين مردودة على الخصم الآخر لأن رد اليمين ليست إلتزاما تخييري بل هو إلتزام بدلي. فيتفقان لكن السبب مختلف: في اليمين الحاسمة، الالتزام برد اليمين ليس إلا التزاما بدليا و في اليمين المتممة الالتزام برد اليمين لا وجود له أصلا.
1- حلف اليمين المتممة:
والغالب أن الخصم إذا حلف اليمين المتممة قضى القاضي لصالحه إذ يكون بهذا الحلف قد استكمل الأدلة التي كانت ناقصة. وأقنع القاضي بصحة ادعائه. ولكن إذا ثبت بحكم جنائي كذب اليمين. جاز للخصم الآخر أن يطالب بتعويض مدني. وهذا دون إخلال بالطعن في الحكم الذي صدر تأسيسا على اليمين المتممة بطريق الاستئناف أو بطريق التماس إعادة النظر.
على انه ليس حتما على القاضي، بعد أن يحلف الخصم اليمين المتممة. أن يقضي لصالحه. فقد يقع أن القاضي بعد حلف اليمين و قبل النطق بالحكم، يقف على أدلة جديدة تقنعه بأن ادعاء الخصم الذي حلف اليمين يقوم على غير أساس. فيحكم ضده بل ليس من الضروري أن يكشف القاضي أدلة جديدة. فقد يعيد النظر في القضية بعد الحلف وقبل الحكم. فيقتنع بغير ما كان مقتنعا به عند توجيه اليمين المتممة فيقضي ضد من حلف.
2-النكول على اليمين المتممة:
- إذا نكل الخصم الذي وجهت إليه اليمين المتممة، فإن الأدلة الناقصة التي كان قد قدمها لإثبات ادعائه تبقى ناقصة كما كانت بل ان الريبة لتزداد في صحة ادعائه بعد أن نكل. من أجل ذلك يغلب أن يقضي ضده، ويرى الأستاذ السنهوري أنه يجوز للقاضي بعد أن نكل الخصم الذي وجه إليه اليمين المتممة أن يوجه هذه اليمين إلى الخصم الآخر. لا سيما بعد أن تعززت أدلة هذا الخصم الآخر بنكول خصمه[18]. ولكن ليس من المحتم هنا أيضا أن يقضي ضده. فقد تظهر بعد نكوله أدلة جديدة تكمل أدلته الناقصة. فيقضي لصالحه بالرغم من النكول بل قد لا تظهر أدلة جديدة ولكن القاضي يعيد النظر في الأدلة التي كان يحسبها ناقصة فيرجع عن رأيه ويقدر أنها أدلة كافية، فيقضي هنا أيضا لصالحه.
و في هذا الإطار تزداد المطاعن على اليمين المتممة إذ كيف يتأتى أن يوجه القاضي من تلقاء نفسه اليمين المتممة إلى الخصم فيحلفها، و يتخذ من الله عز وجل شاهدا على ما قال ثم لا يأخذ بها القاضي بعدئذ أو يطرحها جانبا.
وإذا كانت أدلة الدعوى ناقصة غير كافية، ووجه القاضي اليمين المتممة، أفلا يكون من الأوفق أن يصدر حكمه على نحو ما انتهت إليه نتيجة توجيه اليمين. وإلا فما كان في حاجة إلى توجيهها خاصة و أنه هو الذي يختار الخصم الذي توجه إليه ويقدر مقدما مدى ملائمة توجيهها إليه من كافة النواحي[19].
3- صور خاصة من اليمين المتممة:
و من الصور الخاصة باليمين المتممة ما يلي: أ- يمين الإستيتاق ب- يمين الإستظهار ج- يمين التقويم. و الأحكام التي تكلمنا عليها سابقا تتعلق باليمين المتممة الأصلية فتنقسم اليمين المتممة إلى يمين متممة أصلية (serment supplitif: suplétoire)و يمين إستيتاق و يمين استظهار(serment libératoire) ويمين تقويم(serment en plaids.ad litem. estimatoire)[20].
فاليمين المتممة الأصلية كاليمين الحاسمة تكون إما على واقعة شخصية و إما على عدم العلم.
فإذا كانت على عدم العلم سميت يمين عدم العلم، وفي يمين الإستيتاق و يمين الإستظهار، توجيهها إجباري على القاضي. و هو جوازي في اليمين المتممة الأصلية. و الذي توجه إليه اليمين هنا هو أحد الخصمين بالذات يعينه القانون. و اليمين المتممة الأصلية توجه لأي من الخصمين. و لا يملك القاضي هنا إلا أن يقضي لمصلحة من حلف اليمين. و هو لا يتقيد بذلك في اليمين المتممة الأصلية و هذه الفروق تقرب يمين الإستيتاق و يمين الاستظهار من اليمين الحاسمة و تبعدهما عن اليمين المتممة.
و يعتبر الأستاذ سليمان مرقس يمين الإستيتاق يمينا حاسمة. و لكن مهمة كل من هاتين اليمينين هي التي تلحقها باليمين المتممة إذ هي إتمام دليل يراه القانون ناقصا فيريد أن يستكمله بهذه اليمين.
و يمين التقويم يمين خاصة لا توجه إلا في تقويم شيء معين عندما يستعصى تقويمه بطريق آخر. و هي أيضا تنحرف في أحكامها عن أحكام اليمين المتممة الأصلية في أنها لا توجه إلا إلى المدعي. و في أن موضوعها لا يكون إلا التقويم و توجد في الفقه الإسلامي يمين متممة هي يمين المدعي إذا لم يكن عنده إلا شاهد واحد فيقضي له القاضي بشاهده و يمينه. فتكون اليمين متممة للشهادة، و هذا ما ذهب إليه مالك و الشافعي و أحمد لما روى أنه عليه السلام قضى بشاهد و يمين و خالف أبو حنيفة- فلم يجز القضاء بشاهد و يمين .
و اليمين عند القائلين بالجواز تكمل شهادة الشاهد، والقضاء أنما يكون بالشاهد واليمين معا[21]. وسنأتي إلى شرح هذه الصور كما يلي:
أ- يمين الإستيثاق:
نص القانون على هذه اليمين على أنها قد تكون يمينا على عدم العلم:
1* قد نصت المادة 312 الفقرة الأخيرة من القانون المدني على انه:" يجب على من يتمسك بالتقادم لسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلا وهذه اليمين توجه تلقائيا من القاضي إلى ورثة المدين أو إلى أوصيائهم إن كان الورثة قاصرين على أنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء"[22].
والقانون بعد أن جعل بعض الحقوق تتقادم بمدة قصيرة جدا هي سنة[23] فقط و جعل من هذا التقادم قرينة على الوفاء أراد أن يعزز هذه القرينة وقد اعتبرها دليلا غير كامل بيمين متممة يحلفها المدين على واقعة شخصية له، هي أداؤه الدين فعلا. فإذا كان قد مات، خلفه الورثة أو أوصيائهم إن كان الورثة قصرا بيمين عدم العلم بأنه لا يعلمون بوجود الدين، أو بيمين العلم بأنهم يعلمون بحصول الوفاء. ويرى الأستاذ السنهوري أن يمين الاستيثاق تكون في بعض صورها يمينا على واقعة شخصية. و في صور أخرى يمينا على عدم العلم.وتبقى في الحالتين يمين إستيثاق. ويمين عدم العلم لا تختص بيمين الاستيثاق. بل هي قد تكون أيضا في اليمين الحاسمة وفي اليمين المتممة الأصلية. فلا يجوز إذن الخلط ما بين يمين عدم العلم ويمين الاستيثاق.
وخصائص يمين الاستيثاق والتي نحن بصددها هي يمين إجبارية لابد للقاضي من أن يوجهها إلى المدين أو إلى ورثته. وتوجه إلى هؤلاء دون الدائن، وإذا حلفها من وجهت إليه كسب الدعوى حتما. على أنها تبقى بعد كل ذلك يمين متممة لا يمين حاسمة[24]. فهي تختلف اختلافا جوهريا عن اليمين الحاسمة في أنها ليست هي الدليل الوحيد في الدعوى. بل هي دليل تكميلي يعزز الدليل الأصلي و هو قرينة الوفاء المستخلصة من انقضاء سنة على وجود الدين. على أن هناك رأيا يذهب إلى أن اليمين هنا يمين حاسمة إجبارية يوجهها القاضي من تلقاء نفسه في حق تقادم بمدة قصيرة و التقادم يقوم على أساس قرينة الوفاء. فهي قرينة قانونية قاطعة لا يجوز دحضها إلا بالإقرار أو بالنكول عن هذه اليمين .
2* وقد نصت المادة 327 من القانون المدني الجزائري على انه:" يعتبر العقد العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط و إمضاء أما ورثته أو خلفه فلا يطلب منهم الإنكار. ويكفي أن يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون أن الخط أو الإمضاء هو لمن تلقوا منه هذا الحق"[25].
ويتكلم هذا النص عن يمين تتمثل في أنها يمين على عدم العلم، ثم إنها لا تعزز دليلا أصليا في الإثبات، بل هي تساعد الورثة على اتخاذ موقف المنكر للورقة العرفية فهي لا تثبت شيئا و لكنها تنشئ موقفا. بيد أنها على كل حال يمين متممة من نوع خاص، إذ يستكمل بها من حلفها الشروط القانونية اللازمة لدفع حجية الورقة العرفية في الإثبات.
ب- يمين الاستظهار:
هذه اليمين لم ينظمها المشرع الجزائري وهي توجد في التقنين المدني العراقي أخذها عن الفقه الإسلامي. ونص عليها في المادة484 ونقل قانون البينات السوري هذا النص وأضاف إليه حالة رابعة[26]. ويمين الاستظهار في الأحوال المنصوص عليها في المادة 484 من التقنين المدني العراقي إنما هي يمين متممة. ولكنها يمين متممة لها خصائص يمين الاستثاق. فهي يمين إجبارية يوجهها القاضي إلى خصم بالذات يعينه القانون، و إذا حلفها الخصم كسب حتما دعواه.
ج- يمين التقويم:le serment estimatoire . يمين التقويم صورة خاصة لليمين المتممة تناولها المشرع الجزائري في القانون المدني في المادة 350 كما يلي:" لا يجوز للقاضي أن يوجه إلى المدعي اليمين المتممة لتحديد قيمة المدعى به إلا إذا استحال تحديد هذه القيمة بطريقة أخرى".
و يحدد القاضي حتى في هذه الحالة حدا أقصى للقيمة التي يصدق فيه المدعي بيمينه"[27]
و موضوع يمين التقويم هو تقدير قيمة شيء واجب الرد و تعذر رده فيقضي بقيمته، مثل ذلك أيضا بيع أو إيجار فسخ و تعذر رد المبيع أو العين المؤجرة بتقصير من المشتري أو المستأجر فيقضي بالقيمة للبائع أو المؤجر. ولكن هذه القيمة استحال تقديرها بأي طريق ولو بطريق الخبراء على أساس تعيينها بالوصف- فلم يعد مناص من الرجوع في قيمتها إلى المدعي-. فيوجه إليه القاضي يمين التقويم. ومن هنا نرى أن الخصم الذي توجه إليه هذه اليمين هو دائما المدعي الذي يطالب باسترداد الشيء دون المدعى عليه المطلوب منه الرد. ثم إن موضوع اليمين هو دائما المبلغ الذي يقدر به المدعي قيمة الشيء المطلوب رده على أن لا يجاوز هذا المبلغ حدا أقصى يعفيه القاضي بحسب تقديره وفقا لما يستخلصه من ظروف الدعوى.
ويأتي " كولان " و " كابيتان " بمثل لذلك : " يفقد شخص حقيبته أثناء نقلها بسكة الحديدية بخطأ من الشركة، فيحلف يمين التقويم على قيمة ما كانت هذه الحقيبة تشمل عليه من متاع"[28].
ويقرر الفقيهان "أوبري" و " رو" أن القاضي لا يعتبر إلا قيمة الشيء الحقيقية لا قيمة ذاتية بالنسبة إلا المدعي ويدخل في هذا الاعتبار، ما أصاب المدعي من ضرر من جراء تفويت الفرصة عليه في استرداد الشيء عينا، ويجوز للقاضي في تقدير الحد الأقصى الذي يعينه للمدعي للحلف عليه، أن يلجأ إلا الشهادة بالتسامع.
وقد تكفل النص بتعين الشروط الواجب توفيرها لقبول يمين التقويم فاشترط أولا أن يكون تحديد القيمة بطريقة أخرى متعذرا، واشترط كذلك أن يعين القاضي حدا أقصى للقيمة التي حلف عليها المدعي، وعلى هذا التقييد أن القاضي يركن إلى ذمة المدعي لتقدير قيمة مصالحه الذاتية.
أما في ما يتعلق بالحجية، فيمين التقويم واليمين المتممة سواء، فيمين التقويم لا تقيد القاضي فله أن يقضي بمبلغ أقل من المبلغ المحلوف عليه إذا أحس المبالغة في تقدير هذا المبلغ.
فإذا هلك شيء موضوع عارية أو وديعة فحكم برد قيمته و استحال تقدير هذه القيمة يكون للقاضي تحديد حد أقصى للقيمة التي يصدق عليها المدعي بيمينه، فهذه اليمين المتممة لا توجه إلا للمدعي و لا ترد على الخصم الآخر و لا يتقيد بها القاضي فله الحكم بأقل من المبلغ الذي حلف عليه المدعي أو بأكثر منه خاصة إذا قدمت أدلة جديدة بعد الحادث.
تطبيقات قضائية لليمين المتممة بمحكمة معسكر:
في إطار التربص الذي نجريه بمجلس قضاء معسكر و محكمته أردنا أن نربط الدراسة النظرية بشيء من التطبيق في هذا الجانب المتعلق باليمين المتممة. لننقل كيفية العمل باليمين المتممة بهذه المحكمة و لقد وجدنا عدة أحكام أهمها: الحكم المدني الصادر بتاريخ 23/03/2003 تحت رقم الجدول:390/2003 و رقم الفهرس:109/2003 و أهم ما جاء فيه ما يلي:" – حيث ثبت للمحكمة بعد الإطلاع على مذكرات الخصوم و الوثائق المرفقة بالملف أن أساس النزاع يدور حول الطلب المقرض إلزام المقترض بأدائه له مبلغ القرض و ذلك عند رجوع القضية للجدول بعد إجراء جلسة التحقيق المدني.
- حيث أن المدعي و إثباتا لإدعائه قدم للمحكمة بواسطة وكيله شيك مؤرخ في 21/06/1992 تحت الرقم:84317807 يثبت بموجبه أن المدعي سلم للمدعي عليه مبلغ:1500000 دج عن طريق هذا الصك الذي يعتبر أداة وفاء.
-حيث أن المدعى عليه أثناء سماعه في جلسة التحقيق المدني صرح أمام المحكمة أنه بصفته كان إطار متخصص في شؤون المقاولات استعان به المدعي ليتكفل بجميع أمور مؤسسته التقنية و المالية. ويتولى إبرام صفقاتها بتوكيل من المدعي. ونظرا لمجهوداته الجبارة في تسيير شؤون المقاولة، وعده المدعي في شروط توظيفه أن يوفر له مستوى معيشة أحسن من المستوى الذي يوفره له منصبه. ومن بين هذه الوعود أن يشتري له سكنا...الخ.
وقد سلم المدعي للمدعى عليه كثمن لشراء المسكن مبلغ 150 مليون سنتيم عندها تنازل المدعي عليه عن ثمن بيع مسكنه الكائن ببوحنيفية لصالح المدعي و المقدربـ 25 مليون سنتيم وبالتالي فإن المبلغ المطالب به كان على سبيل المكافئة سلمه المدعي للمدعى عليه عرفانا له لمجهوداته التي قام بها لصالح المؤسسة.
حيث أنه طبقا لما سبق فقد ثبت للمحكمة بعد الإطلاع على محضر التحقيق المدني المؤرخ في:24/11/2002- 1/12/2002 أنه ثمة قرائن قضائية طبقا لنص المادة 340من القانون المدني تعزز دفوع المدعى عليه المتعلقة بكون المبلغ المالي المسلم للمدعي عليه كان على سبيل المكافئة و ليس على سبيل القرض و المتمثلة في:- أن المبلغ المالي سلمه المدعي للمدعى عليه سنة 1991 ولم يطالب به إلا بعد أن غادر المدعى عليه المؤسسة سنة 2001. كما انه لم يتم تحديد شروط تسديد القرض إذا اعتبرناه قرضا.كما صرح المدعي في جلسة التحقيق المدني بأنه إذا استمر المدعى عليه في العمل في المؤسسة كان من الممكن أن لا يطالب بالمبلغ هذا إلى جانب تحفظه عن الإجابة في سؤال تم توجيهه له حول ما إذا كان قد حضر عملية بيع المسكن و كذا مجلس العقد أمام الموثق و عليه فإن المحكمة و تعزيزا لقناعتها ترى و قبل الفصل في الموضوع توجيه اليمين المتممة للمدعي عليه يؤديها بالمسجد الكبير بمعسكر بالصيغة المحددة في منطوق هذا الحكم طبقا لنص المادة 348 من القانون المدني[29].
- و بالإضافة إلى هذا الحكم اخترنا حكم آخر للمقارنة بين الحكمين و التعليق عليهما.
*الحكم المدني الصادر عن القسم المدني بتاريخ 28/11/2004 تحت رقم الجدول 115/2004 و رقم الفهرس 287/2004 و أهم ما جاء فيه ما يلي:
" حيث أن جوهر الدعوى يتعلق بطلب تسديد تكاليف أشغال بئر و تهيئة أرض فلاحية و تعويض عن الضرر...
-حيث أن نتائج التحقيق أسندت على تأكيد الشاهدين المستمع إليهما بقيامهما بأشغال تهيئة و حفر البئر بطلب من المرجع في هذه الدعوى و أن المرجع ضده عاين هذه الأشغال و أنهما لم يكونا على علم بأن هذه الأرض التي تقام عليها الأشغال هي ملك له. الأمر الذي يفيد جليا ثبوت قيام المرجع بأشغال في بئر خصمه وأن إنكار خصمه لذلك مردود عليه إلا أن المبلغ المطالب به من قبل المرجع في هذه الدعوى يقع محل توجيه يمين به طبقا للمادة 350 من القانون المدني الجزائري كون الفاتورتين المرفقتين بالملف تثبت أن مبلغ 177000 دج كثمن للعتاد و المواد المستخدمة و من ثمة القول بتوجيه اليمين المتممة للمدعي قبل الفصل في الموضوع و هذا طبقا للمادة 348 من القانون المدني يؤيدها بالصيغة التي تحدد بمقتضى منطوق هذا الحكم[30]
التعليـــق:
-أصل النزاع في الحكم الأول المؤرخ في 23/03/2003 هو هل المبلغ الموجود بالشيك دفع للمدعي عليه على أساس عقد قرض أم على سبيل المكافأة؟ فيقع عبء إثبات عقد القرض على عاتق المدعي في النزاع و هو المقاول. طبقا للقاعدة العامة" البينة على من ادعى" و لكن القانون لا يطلب منه المستحيل بل يقدم ما يرجح ادعاءاته. و لهذا فإن تقديم المدعي لشيك صرف لحساب المدعي عليه يشكل قرينة قضائية على وجود عقد القرض فهنا توزع عبء الإثبات فأصبح على المدعي عليه عبء تنفيذ هذه القرينة بقرينة براءة ذمته. و قد قدم من بين الدفوع أنه كان يعمل لدى المقاول و أن هذا المبلغ كان على سبيل المكافأة. و ليس على سبيل القرض.و أن مبلغ 25 مليون سنتيم هو قيمة البيت الواقع ببوحنيفية و الذي باعه المدعي عليه.
و هنا تشكلت قرينة قضائية لصالح المدعي عليه كونه كان يعمل لدى المقاول و كان له دور كبير في الأرباح التي حققها المقاول.
و القاضي بعدما تعادلت كفة الطرفين، قام بإجراء تحقيق مدني توصل فيه إلى تعزيز كفة المدعي كونه حقق أرباح هامة للشركة حسب تصريح الشهود و المدعي نفسه. فوجه له اليمين المتممة.
و توجيه القاضي اليمين المتممة للمدعي عليه ليس هو تطبيقا للقاعدة العامة في الإثبات " اليمين على من أنكر" بل هو خروج عن هذه القاعدة لأن القاضي يوجهها لمن تعزز موقفه في الدعوى فقد يكون المدعي وقد يكون المدعي عليه فلا يوجد إنكار بل تأكيد لتصريحات المدعي عليه في الدعوى بأن الشيك هو عبارة عن مكافأة و فقط.
و القاضي هنا بذل دور كبير في تحقيق و توزيع عبء الإثبات بين المتخاصمين واستعمل اليمين المتممة في محلها و وفقا لما ينص عليه القانون.
أما الحكم الثاني المؤرخ في 28/11/2004 فإن أصل النزاع فيه هو هل كان المدعي عليه صاحب الأرض يعلم بالأشغال التي تقام لبناء البئر؟ و إذا كان يعلم ماهي القيمة الحقيقية لهذه الأشغال ؟
للإجابة على هذين الإشكالين في النزاع القائم ارتأى القاضي أن يجري تحقيقا مدنيا يدعم به موقف أحد الطرفين.
و توصل القاضي بعد التحقيق مع الشهود أن المدعي عليه كان يعلم بإجراء أشغال بناء البئر و لكن بقي الإشكال في تحديد قيمة الأشغال و هنا القاضي لم يعين خبير بل لجأ إلى نص المادة 350 من القانون المدني و استعمل "يمين التقويم". و الخصم الذي توجه إليه هذه اليمين هو دائما المدعي الذي يطالب باسترداد المبلغ دون المدعي عليه المطلوب منه الرد و هذا كما رأينا سابقا. و أن موضوع اليمين هو دائما المبلغ الذي يقدر به المدعي قيمة الشيء المطلوب رده. على ألا يجاوز هذا المبلغ الحد الأقصى الذي يعينه القاضي بحسب تقديره. طبقا للمادة 350 ق م ج و لقد حدد القاضي المبلغ في "صيغة حلف اليمين" ب 232.250.00 دج.
و نحن نرى من جانبنا في هذا النزاع أنه يمكن تعيين خبير لتحديد قيمة الأشغال و ذلك أن نص المادة 350 من ق م ج جاء فيه على أنه " لا يجوز للقاضي أن يوجه إلى المدعي اليمين المتممة لتحديد قيمة المدعي به إلا إذا استحال تحديد هذه القيمة بطريقة أخرى" و لهذا فإنه توجد طريقة أخرى لتحديد المبلغ. و لكن يكون القاضي قد رأى أن هناك صعوبة قد تعترض الخبير للوصول لهذا التقدير أو تجنبا منه لإطالة أمد النزاع. و لكن النص جاء بصيغة الأمر " لا يجوز للقاضي" فكان عليه ذكر الأسباب التي تشكل استحالة في التقييم.
و مهما يكن فإن القاضي قد اجتهد في ذلك و أثار إشكالية المادة 350 ق م ج في تحديد معنى الاستحالة. و كذا مدى إجبارية ذكر الأسباب التي دعته لتطبيقها. و قد يكون في ذلك اجتهاد من المحكمة العليا.
* كما ندعم دراستنا لليمين المتممة بقرارات من المحكمة العليا نذكر منها:
- القرار المؤرخ في 06/02/1985 ملف رقم 33054[31] الذي جاء فيه:" من المقرر قانونا أن العقد يعتبر صادرا ممن وقعه ما لم يذكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء. أما ورثته أو خلفه فيكفي أن يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون بأن الخط أو الإمضاء هو لمن تلقوا منه هذا الحق. ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون.
ولما كان من الثابت- في قضية الحال – أن الطاعن قدم عقدا عرفيا اشترى بواسطته العقار محل النزاع من أبيه المالك فإن قضاة الموضوع بتقريرهم قسمة تركة الهالك دون مراعاة للعقد العرفي و دون توجيه اليمين لبعض الورثة الذين أنكروا بأنهم لا يعلمون نسبة الخط أو الإمضاء لمورثهم يكونون قد خالفوا القانون.
ومن كان كذلك استوجب نقض و إبطال القرار المطعون فيه".
- القرار المؤرخ في 11/04/2000 ملف رقم 191706[32] الذي جاء فيه:" من الثابت فقها وقضاءا أن عقد الإيجار ينعقد كتابة أو بوصلات الإيجار.
ولما ثبت من القرار المطعون فيه أن الطاعنة اعترفت بقبض مبلغ الحوالتين فهو قرينة على وجود علاقة إيجار تحتاج إلى اليمين متممة عملا بأحكام نص المادتين 467-348 من القانون المدني لإثبات العلاقة الإيجارية.
· التعليـــق:
1- بالنسبة للقرار الأول المؤرخ في 06/02/1985 لقد تضمن نوع من أنواع يمين الاستيثاق وهي يمينا على عدم العلم توجه للورثة الذين ينكرون هذا العقد وهو صورة من صور اليمين كما رأينا في هذا المبحث.
ولقد عاين قضاة الموضوع وجود عقد عرفي موضوعه عقد بيع مؤرخ في 12/06/1970 يزعم الطاعن أنه اشترى بواسطته العقار محل النزاع من أبيه الهالك. فأنكر المطعون ضدهم (الورثة) هذا العقد. لكن قضاة الموضوع قرروا قسمة تركة الهالك دون مراعاة للعقد العرفي وكان تبريرهم لذلك أن الطاعن لم يقدم الدليل على المبالغ التي أرسلها من فرنسا لوالده والتي تشكل ثمن البيع فكان هناك قلبا لعبء الإثبات بجعلهم البينة على عاتق المشتري رغم وجود مادة صريحة في هذا الإطار تلقي عبء الإثبات على الورثة وذلك بإلقاء اليمين عليهم وهي كما رأينا يمين على عدم العلم فلا تعزز دليلا أصليا في الإثبات. بل هي تساعد الورثة على اتخاذ موقف المنكر للورقة العرفية فهي تنشىء موقفا .
2- بالنسبة للقرار الثاني المؤرخ في 11/04/2000. فهو يتعلق بمسألة إثبات عقد الإيجار، ولكن القرار لم يذكر فيه تاريخ انعقاد عقد الإيجار حسب ما يدعيه الخصوم. لأن مسألة إثبات عقد الإيجار تختلف حسب القانون القديم أو القانون الجديد( المادة 476 و م.ت. 93-3 المتعلق بالنشاط العقاري)[33].
ولكن اعتراف الطاعنة بقبض حوالتين بمبلغ 21000 دج يعتبر قرينة قضائية على وجود عقد إيجار بينهما و بين المطعون ضده وهذه القرينة تحتاج إلى اليمين المتممة لإثبات العلاقة الإيجارية وعليه فقضاة الموضوع كان استنتاجهم في محله. وحتى ولو نشأ هذا العقد في ظل القانون الجديد(93/03)فإن وصل الكراء يجسد العلاقة بين المؤجر و المستأجر فيصبح المستأجر شاغل للأمكنة يخول له الحق في عقد إيجار لمدة سنة تبدأ من تاريخ معاينة المخالفة.
[1] المادة 341 من القانون المدني.
[2] د/ أحمد أبو الوفا – المرجع السابق – ص 222.
[3] آدم وهيب النداوي – المرجع السابق – ص 355.
[4] يلاحظ أن الحكم نفسه في جميع القوانين العربية و هو لمنع التعسف في توجيه اليمين. و ذلك بأن يستبقوا للمتقاضين الحرية في توجيه اليمين الحاسمة. على أن يكون للقاضي حق منع توجيهها إذا رأى أنها كيدية وأن الخصم متعسف في توجيهها. (عبد الرزاق أحمد السنهوري – المرجع السابق – صفحة 520.)
[5] - و من التشريعات العربية. قانون الإثبات المصري المادة 115/01 المادة 400/01 قانون مدني ليبي و المادة 229/01. أصول لبناني و المادة 500 التزامات و عقود تونسي و المادة 67 مرافقا كويتي (آدم وهيب النداوي – المرجع السابق -ص 357).
[6] أنظر الدكتور محمد فتح الله النشار – المرجع السابق – ص 278.
[7] عبد الرزاق أحمد السنهوري – المرجع السابق – ص 564 - 565
[8] أنظر د/ محمد حسن قاسم – الإثبات في المواد المدنية و التجارية – ص 290.
[9] أنظر السنهوري – المرجع السابق – ص 570.
[10] أنظر قرار المحكمة العليا – المجلة القضائية – العدد 2 – سنة 1998 – ص 73. – أنظر الملحق-
[11] حيثيات مأخوذة من نفس القرار- أنظر الملحق –
[12] أنظر القرار رقم 216.836 – المجلة القضائية العدد الخاص الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية 2001 - أنظر الملحق -
[13] نجد نفس معنى المادة في التشريعات العربية – أنظر المادة 119 اثبات مصري ( الإثبات في المواد المدنية و التجارية د/ محمد حسن قاسم) ص 291.قانون البينات السوري المادة 121 التقنين المدني العراقي المادة 482في تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني المادتين 237-238
في التقنين المدني الليبي المادة 404التقنين المدني الفرنسي المادتين 1366 و 1367.عبد الرزاق أحمد السنهوري - الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – ص 575 و 576.
[14] أنظر المادة 348 من القانون المدني الجزائري.
[15] رغم أن المشرع الجزائري لم يفرد مادة خاصة كما فعل في اليمين الحاسمة إذا نص على أن تكون الواقعة مخالفة للنظام العام إلا أن حكم المادة 344 من القانون المدني تنطبق على اليمين المتممة لعدم تصور أن تكون الواقعة مخالفة للنظام العام .
[16] عبد الرزاق أحمد السنهوري – المرجع السابق – ص 573،574.
[17] و يقابل هذه المادة في التقنينات المدنية العربية المادة 416 من التقنين المدني المصري و المادة 124 من قانون البيانات السوري و المادة 485 من التقنين المدني العراقي و المادة 239 من تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني و المادة 405 من التقنين المدني للملكة الليبية المتحدة و في التقنينات الأوروبية نجد المادة 1376 من التقنين الإيطالي و المادة 1980 من التقنين الهولندي و المادة 2534 من التقنين البرتغالي.
[18] عبد الرزاق أحمد السنهوري – المرجع السابق – ص 586.
[19] أحمد أبو الوفا – المرجع السابق – ص 240
[20] أنظر أحمد عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص 587.
[21] عبد الرزاق أحمد السنهوري – المرجع السابق – ص 577.
[22] و يقابل هذه المادة في القانون المصري المادة 378.
[23] الحقوق التي تتقادم بسنة هي التي ذكرت في المادة 312 " تتقادم بسنة واحدة الحقوق التالية : حقوق التجار و الصناع على ؟أشياء وردوها لأشخاص لا يتاجرون فيها، و حقوق أصحاب الفنادق و المطاعم عن أجر الإقامة و ثمن الطعام و كل ما صرفوه لحساب عملائهم و المبالغ المستحقة للعمال و الأجراء الآخرون مقابل عملهم.
[24] وهذا ما ذهب إليه السنهوري الصفحة579
[25] تقابلها المادة 394 من التقنين المدني المصري.
[26] تنص المادة 484 من التقنين المدني العراقي على ما يلي:"تحلف المحكمة من تلقاء نفسها في الأحوال الآتية:أ- إذا ادعى أحد في التركة حق و أثبته فتحلفه المحكمة يمين الإستظهار على أنه لم يستوف هذا الحق بنفسه و لا بغيره من الميت بوجه. و لا أبرأه و لا أحاله على غيره. و لا استوفى دينه من الغير. و ليس للميت في مقابلة هذا الحق رهن.ب- إذا استحق أحد المال و أثبت دعواه حلفته المحكمة على أنه لم يبع هذا المال و لم يهبه لأحد و لم يخرجه من ملكه بوجه من الوجوه.ج- إذا أراد المشتري رد المبيع لعيب،حلفته المحكمة على أنه لم يرض بالعيب صراحة أو دلالة" و أضاف قانون البينات السوري في المادة 123 حالة رابعة هي :" إذا طالب الشفيع بالشفعة حلفته المحكمة بأنه لم يسقط حق شفعته بوجه من الوجوه"
[27] و يقابل هذه المادة في التقنينات المدنية العربية. – التقنين المدني المصري المادة 417 . قانون البيانات السوري المادة 122 – التقنين المدني العراقي المادة 483 – تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني المادة 240 – التقنين المدني للملكة الليبية المتحدة – التقنين المدني الفرنسي المادة 1369 : " لا يوجه القاضي اليمين إلى المدعي على قيمة الشيء المطلوب غلا إذا استحال تقديرها بطريق آخر و حتى في هذه الحالة يعين القاضي حدا أقصى للمبلغ الذي يصدق فيه المدعي بيمنيه. ( عبد الرزاق أحمد السنهوري – ص 594).
[28] أنظر عبد الرزاق أحمد السنهوري - المرجع السابق - ص 595
[29] أنظر الحكم الصادر بتاريخ 23/03/2003 عن القسم المدني لمحكمة معسكر بالملحق
[30] أنظر الحكم الصادر بتاريخ 28/11/2004 عن القسم المدني لمحكمة معسكر بالملحق.
[31] قرار المحكمة العليا، المجلة القضائية العدد الرابع 1992موجود بالملحق
[32] قرار المحكمة العليا، المجلة القضائية العدد الأول 2001 موجود بالملحق
[33] بالرجوع إلى نص المادة 21 من المرسوم التشريعي المتعلق بالنشاط العقاري نجد أن عقد الإيجار لا يتم إلا وفق عقد نموذجي حدده المرسوم التنفيذي رقم 94/69 المؤرخ في 19/03/1994.(محاضرات في مادة الإيجار المدني و التجاري ألقيت من طرف الأستاذ بن رقية بن يوسف على الدفعة الثالثة عشر السنة الأكاديمية 2003/2004 بالمعهد الوطني للقضاء.