المحضـر:Le Procés-Verbal

مقـدمـة :

       جاء في منطوق المادة 23 من قانون المسطرة الجنائية أنه من الواجب على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر بما أنجزوه من عمليات أثناء البحث الذي يقومون به في شأن الجنايات والجنح التي تصل إلى علمهم (المادة 23 من ق.م.ج).

أولا : تعريـف المحضـر :

       إن المحضر هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسته مهامه ويضمنها ما عاينه أو ما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه، نذكر منها على سبيل المثال، محضر المعاينة، محضر التفتيش والحجز، محضر الاستماع...إلخ.(المادة 24 من ق.م.ج.ف1).

ثانيـا : الشـروط الشكليـة والموضوعيـة للمحاضـر :

    أ-الشـروط الشكليـة :

        يجب أن يشار في المحضر إلى مجموعة من البيانات وهي على الشكل التالي حسب ما جاءت به المادة 24 من ق.م.ج :

       1-اسم محرره وصفته ومكان عمله وتوقيعه.

       2-تاريخ وساعة إنجاز الإجراء وساعة تحرير المحضر إذا كانت تخالف ساعة إنجاز الإجراء، ذلك أن هذا التوثيق هو الذي يبين ما مدى قيمة المحضر، خصوصا فيما يرجع إلى الساعة حيث إن المشرع أدخلها في اعتبار الحراسة النظرية وتفتيش المنازل.

       3-أن يتضمن محضر الاستماع هوية الشخص المستمع إليه، ورقم بطاقة تعريفه عند الاقتضاء (الهوية الكبرى).

       4-التصريحات والأجوبة التي يرد بها الشخص المستمع إليه عن أسئلة ضابط الشرطة القضائية.

       5-إذا تعلق الأمر بمشتبه فيه يتعين على ضابط الشرطة القضائية إشعاره بالأفعال المنسوبة إليه.

       6-قراءة المصرح لتصريحاته أو تتلى عليه ويشار إلى ذلك بالمحضر.

      7-يدون ضابط الشرطة القضائية الإضافات أو التغييرات أو الملاحظات التي يبديها المصرح، أو يشير إلى عدم وجودها.

      8-يوقع المصرح إلى جانب ضابط الشرطة القضائية على المحضر عقب التصريحات وبعد الإضافات ويدون اسمه بخط يده، وإذا كان لا يحسن الكتابة أو التوقيع يضع بصمته ويشار إلى ذلك في المحضر.

      9-يصادق ضابط الشرطة القضائية والمصرح على التشطيبات والإحالات ويستلزم ذلك بيانا خاصا بحيث يرد ذلك في الهامش (الطرة) أو في آخر المحضر ويكون التشطيب واضحا وإلغاؤها قانونيا.

     10-يتضمن المحضر كذلك الإشارة إلى رفض التوقيع أو الإبصام أو عدم استطاعته مع بيان أسباب ذلك.

     11-توقيع المحضر على بياض يعتبر تزويرا لأن الشخص يوقع على شيء مجهول وهو أمر يمنعه القانون.

     12-عدم ترك الفراغ بين السطور أثناء تحرير المحضر، حتى لا يفتح المجال لإضافة أو زيادة أشياء أخرى لأن ذلك العمل يعتبر منافيا للقانون ومعاقب عليه.

     13-يجب على كل ضابط من ضباط الشرطة القضائية أن يبين في محضر سماع أي شخص وضع تحت الحراسة النظرية يوم وساعة ضبطه، ويوم وساعة إطلاق سراحه أو تقديمه إلى القاضي المختص.

   يجب أن تذيل هذه البيانات، إما بتوقيع الشخص المعني بالأمر أو بإبصامه وإما بالإشارة إلى رفضه ذلك أو استحالته مع بيان أسباب الرفض أو الاستحالة.(بيان الوضع تحت الحراسة النظرية) (المادة 67 من ق.م.ج ف1).

      14-يقوم ضابط الشرطة القضائية بإشعار عائلة المحتجز، فور اتخاذ قرار وضعه تحت الحراسة النظرية بأية وسيلة من الوسائل ويشار إلى ذلك بالمحضر.(بيان إشعار العائلة) (المادة 67 من ق.م.ج.ف4). 

      15-أن يبرر ضابط الشرطة القضائية أعماله في الإطار القانوني الذي يجري بحثه فيه مثلا : حالة التلبس، البحث التمهيدي أو الإنابة القضائية...

      16-مضمون أو محتوى المحضر يختلف باختلاف نوع الإجراء الذي يقوم به ضابط الشرطة القضائية فقد يكون محضر استماع، أو محضر تفتيش والحجز، أو محضر معاينة...

     17-يحرر ضابط الشرطة القضائية فورا المحاضر التي أنجزها ويوقع على كل ورقة من أوراقها (المادة 69 من ق.م.ج).

     18-ختم المحضر يختلف باختلاف نوع المحضر مثلا : ختم محضر استماع : --- وبعد قراءته للمحضر وافق على ما جاء فيه ووقع ووقعنا ومساعدنا.-----------------

             المصرح             المساعد              ض.ش.ق

     19-المحضر المحرر في عدة صفحات نظرا لطول التصريح أو المعاينة أو الإجراء الذي يقوم به ضابط الشرطة القضائية بصفة عامة فإن التوقيع على كل صفحة من صفحات المحضر أمر ضروري من طرف ضابط الشرطة القضائية على الخصوص وكذلك بالنسبة للشهود أو المصرح، أما بالنسبة للمساعدين فيوقعون فقط على الصفحة الأخيرة.

    20-تسجيل المحضر وترقيمه، بحيث يجب أن تكون المسطرة كلها مسجلة في سجل خاص يسمى بسجل الجنايات والجنح (ج.ج) والرقم الذي يعطى لها يكتب على كل محضر وكل محضر يحمل رقما خاصا به إزاء رقم المسطرة، مثلا :1/365/ج ج.

      ب-الشـروط الموضوعيـة :

           لقد خول قانون المسطرة الجنائية لضباط الشرطة القضائية الحق في تحرير المحاضر بأسمائهم وهذا ما جاءت به المادة 23 من ق.م.ج حيث نصت في فقرتها الرابعة :« يجب أن تشير المحاضر إلى أن لمحررها صفة ضابط الشرطة القضائية».

          أما بالنسبة لأعوان ضباط الشرطة القضائية فإن دورهم هنا ينحصر في مساعدة ضباط الشرطة القضائية لأن المحاضر لا تحرر باسمهم بل يقومون بكتابتها فقط.

ثالثـا : حجيـة المحاضـر

          تنقسم المحاضر من حيث قوتها الإثباتية إلى ثلاثة أنواع : هناك من جهة أولى المحاضر التي تعد مجرد بيانات لا تلزم القاضي وهناك من جهة أخرى المحاضر التي يوثق بها إلى أن يثبت ما يخالفها وهناك أخيرا المحاضر التي يوثق بها إلى أن يثبت ما يخالفها عن طريق مسطرة الطعن بالزور.

     أ-المحاضـر التـي تعتبـر مجـرد معلومـات :

          ورد النص على هذا النوع من المحاضر، في المادة 291 من ق.م.ج التي جاء فيها :«لا يعتبر ما عدا ذلك من المحاضر والتقارير إلا مجرد معلومات».

         ويفهم من هذا النص، أن المحاضر المتعلقة بالجنايات تعتمدها المحكمة على سبيل الاستئناس والاسترشاد، وليست لها حجية قانونية ملزمة.

   لذلك فإن الغرفة الجنائية، وهي تبث في الجنايات، لا تكون ملزمة بمضمون المحاضر المحررة في هذا الشأن.

     ب-المحاضر التي يوثق بمضمنها إلى أن يتبث ما يخالفـها :

          تعرض المشرع إلى هذا النوع من المحاضر في إطار المادة 290 من ق.م.ج التي جاء فيها :« المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت في الجنح والمخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات ».

         يلاحظ أن هذا الصنف من المحاضر له قوة إثباتية أقوى من المحاضر المنجزة في إطار الجنايات ولذلك لا يمكن إثبات ما يخالف محتواه إلا بحجة مماثلة من الوجهة القانونية مثلا كشهادة استمع إليها بعد أداء اليمين.


   ج-المحاضـر التي يوثق بها، ولا يطعن فيها إلا بدعوى الـزور :

         عالج المشرع هذا النوع من المحاضر، ضمن المادة 292 من ق.م.ج والتي جاء فيها :« إذا نص قانون خاص على أنه لا يمكن الطعن في مضمون بعض المحاضر أو التقارير إلا بالزور فلا يمكن - تحت طائلة البطلان - إثبات عكسها بغير هذه الوسيلة ».

         ويتضح من هذا النص، أن هذه المحاضر تنبني على حجية قوية قائمة على قرينة قاطعة، لا تقبل إثبات العكس بالطرق العادية، وإنما يطعن فيها بطريق واحد، وهي دعوى الزور، وذلك وفقا لمسطرة الادعاء بالزور المنصوص عليها في المادة 575 إلى 587 من ق.م.ج.

      ومن الأمثلة على هذه المحاضر :

     -المحاضر التي ينجزها موظفوا الجمارك، في حدود اختصاصاتهم وفقا للفصل 242 من مدونة الجمارك الصادر بتاريخ 09 أكتوبر 1977.

     -الفصل 65 و 66 من قانون 10 أكتوبر 1917 بشأن مخالفات المياه والغابات.

     -الفصل 28 من ظهير 11 أبريل 1922 المتعلق بالصيد في المياه الداخلية.

         والملاحظ أن الحجية المطلقة لهذا النوع من المحاضر، تنصرف إلى ما تلقاه أو عاينه أو باشره الموظفون المكلفون بتحريرها.

         على أن هذه الحجية لا تعطل السلطة التقديرية للمحكمة من حيث التأكد من مطابقة ما جاء بالمحضر للحقيقة الواقعية أو عدم مطابقته.

         والعلة من إضفاء هذه الحجية القوية على هذا النوع من المحاضر، ترجع إلى صعوبة الإثبات في الجرائم التي تتناولها، بحيث قد يتعذر الإثبات بالطرق العادية كالشهادة والاعتراف. 


ابحث عن موضوع