محاضرات في قانون الاثبات

 بسم الله الرحمن الرحيم

جامعة الامام المهدي

كلية الراسات العليا

كلية الشريعة والقانون

قسم القانون الخاص

 

محاضرات في قانون الاثبات

 

 

اعداد/ الدكتور مصطفي عثمان عبدالله

 

 

 

1440ه –2018م

 

 

مدخل

يعد قانون الاثبات من اهم القوانين باعتباره المعبر الذي تعاد من خلاله الحقوق الي اصحابها , بل هو بمثابة الذراع للجسد الذي لا يمكن الحراك بدونه. وهو الحصن الذي يحقق المحاكمة العادلة

التطور التاريخي لقانون الاثبات في السودان

 

صدر اول قانون ينظم اعمال المحاكم في السودان سنة 1898م وهو قانون العقوبات . الا انه لم يصدر قانون للإثبات اكتفاءً بما كان يطبقه القضاة الانجليز علي المنشورات التي كان يصدرها السكرتير الاداري او رئيس القضاة والتي يصدرها من وقت لأخر.
في نظام المحاكم الشرعية فقد كان يقوم عليه قضاة مصريون, وكان يطبق في الاثبات ما ورد في كتب المرافعات الشرعية علي مذهب ابي حنيفة النعمان، علاوة علي لائحة المحاكم الشرعية السودانية، ومنشورات قاض قضاة السودان .
في سنة 1952م صدر المنشور رقم 29 بتاريخ 31/12/1952م بهدف ملء الفراغ الواضح في مجال الاثبات حيث حدد الاتي : ان قواعد الاثبات موجودة في القوانين الأتية:
الاجراءات المدنية
والاجراءات الجنائية
والمننشورات القضائية
وقانون الاثبات الهندي المستنبط من القانون الانجليزي
علي يسري الأول عند التعارض علي نظام السوابق القضائية Judicical Precedent كمصدر من مصادر القاعدة القانونيه . وقد نوه المنشور الي الرجوع الي مؤلفات واعمال الفقهاء الانجليز والاستعانة بها
في سنه 1972م وفي اطار الثورة التشريعية صدر قانون الاثبات ليطبق علي المواد المدنية والتجارية والاحوال الشخصية. وفيما لم يرد بشأنه نصا في القوانين الخاصة . ولكن لم يبقي هذا القانون في ارض التطبيق الا قليلا وعاد الوضع الي ما كان عليه قبل 1972م .
في سنه 1973م صدر دستور السودان حيث حدد في المادة 9 منه "ان الشريعة الاسلامية والعرف هما مصدرا التشريع".
وكذلك نصت المادة 6 من قانون الاجراءات المدنية لسنة1974م( 1) وفسرت ذلك بانه يجوز تطبيق القواعد التي من شأنها ان تحقق العدالة في حالة غياب النص الاجرائي. كما انه يجب علي المحاكم تطبيق المباديء التي استقرت قضاءً ومباديء الشريعة الاسلامية والعرف والعدالة والوجدان السليم.
وبدات المحاكم في الاستناد علي احكام الشريعة الاسلامية في بعض احكامها. كما سارت المادة 3 من قانون الاجراءات الجنائية علي نفس النحو حيث اوردت بعض المباديء الاسلامية مثل قاعدة البينة علي من يدعي واليمين علي من انكر.
صدر قانون الاثبات السوداني سنة 1983م وكان اول قانون من نوعه يصدر في السودان ليطبق علي اثبات المواد الجنائية والمدنية وتوحد بذلك نظام الاثبات في السودان.
في سنه 1993م صدر قانون جديد للاثبات الغي القانون السابق وذلك بمرسوم جمهوري مؤقت . هذا القانون هو محل بحثنا في هذا المؤلف.
واذا القينا نظره سريعة علي القانونين الاخيرين, يمكن لنا ان نقرر ان كلا القانونين مستمدان من احكام الشريعة الإسلامية ويحكمان مسائل الاثبات في المواد المدنية والجنائيه

تعريف قانون الإثبات ,,

هو مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد طرق إثبات الوقائع أمام المحكمة "الإقرار , الشهادة المستندات , اليمين القرائن"التي تحدد كيفية إثبات الوقائع

البينة في قانون الإثبات ,,

تعريف البينة ,, لغة هي تعني كل ما يبين به الحق أو يظهره وقال تعالي "إلا من بعد ما جاءتهم البينة" تعريف البينة قانونا عرف المشرع البينة بأنها أي وسيلة يتم بهآ إثبات أو نفي واقعة متعلقة بالدعوي أو نزاع أمام المحكمين أو الموفقين

ماذا يقصد بالواقعة ,,

عرفها المشرع بأنها حالة أو فعل أو شي أو علاقة بين الأشياء مما يمكن تكييفه بالعقل

ما هي شروط الوقائع المراد إثباتها ,,

للواقعة المراد إثباتها 6 شروط منها ثلاث شروط بديهية وثلاث شروط قانونية

أولا - الشروط البديهية ,,

- يجب أن تكون الواقعة المراد إثباتها محددة فإذا كانت غير محددة فلا يمكن إثباتها
- يجب أن تكون الواقعة المراد إثباتها ممكنة أي غير مستحيلة
- يجب أن تكون الواقعة المراد إثباتها متنازع عليها فإذا كانت غير معترف بهآ فلا حاجة إلي إثباتها

ثانيا الشروط القانونية للواقعة المراد إثباتها ,,

تناولها المشرع في المادة 6 من قانون الإثبات حيث نص علي انه يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوي منتجة فيها وجائزا قبولها والشروط هي :-
أولا- يجب أن تكون الواقعة المراد إثباتها متعلقة بالدعوي ,,
تناول المشرع الوقائع التي تعتبر متعلقة بالدعوي في المادة 7 من قانون الإثبات وهي ,,
- الواقعة مجل النزاع , عرفها المشرع بأنها كل وقعة يدعيها احد الخصوم وينكرها الخصم الآخر
- الوقائع المرتبطة بالوقائع محل النزاع
- الوقائع الظرفية وصورها وحجتها في الإثبات :-
تعريفها , هي واقعة تمثل ظرف من الظروف المحيطة بالواقعة محل النزاع

صور الوقائع الظرفية ,,

عند المشرع السوداني للوقائع الظرفية أربعة صور ,,
1- قد تكون الواقعة الظرفية سببا أو مناسبة أو نتيجة أدت إلي حدوث الواقعة محل النزاع مثال زيد أتهم بسرقة منزل عمر وثبت من خلال الوقائع أن عمرو قبل وقوع جريمة السرقة كان قد ذهب إلي زيد وأخبره بأنه يحمل في خزنته مبلغا ضخما من المال وأنه لم يخبر بذلك شخص غير زيد
2- قد تبين الواقعة الظرفية دافع الجاني وقصده الذي ارتكب الواقعة محل النزاع مثال زيد قتل عمرو ثبت من خلال الوقائع أن زيد قبل ارتكابه جريمة القتل قام بتجهيز سيف حاد وفي حوالي الساعة الثالثة صباحا دخل منزل فوجده نائم فقام بضربه بالسيف حتى قطع رأسه عن جسده ثم دفع بأنه لم يكن يقصد القتل
3- قد تبين الواقعة الظرفية هوية الأشخاص ارتكبوا الواقعة محل النزاع وأحوالهم الجسدية
4- قد تبين الواقعة الظرفية أن كون الفعل هو من نهج سوابق متشابهة من أجل إثبات أن الفعل هل كان عرضا أم كان مقصودا مثال شمشون تم اتهامه بأنه قد حرق منزله عمدا فأنكر ذلك
ثبت من خلال الوقائع أن شمشون سبق وأن عاش في عدة منازل كان مؤمنا عليها وجميعها قد احترقت وقد حصل علي مبالغ كبيرة من شركات تأمين مختلفة

موقف القضاء من الوقائع الظرفية ,,

حكومة السودان ضد توماس بار كر وحكومة السودان ضد محمد إبراهيم خليل ذكرت المحكمة العليا في هاتين السابقتين المبدأ الآتي :-
يجوز للمحكمة أن تؤسس الإدانة بناء علي الوقائع الظرفية فقط ولكن لابد من توافر شرطين :-
1- يجب أن تكون حلقات الوقائع الظرفية مترابطة مع بعضها ومتسلسلة ولا توجد بهآ حلقة مفقودة
2- يجب أن يكون الاستنتاج الذي تخلص له المحكمة من خلال الوقائع الظرفية تشير إلي نتيجة واحدة هي إدانة المتهم وعدم إدانة أي شخص غيره
ثانيا – يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها منتجة في الدعوي والواقعة المنتجة هي التي تؤثر في ثبوت الدعوي أو نفيها
ثالثا – يجب أن تكون الواقعة المراد إثباتها جائزا قبولها أي غير مخالفة للشريعة الإسلامية أو القانون مثال واقعة إثبات خمر , إثبات واقعة دين ربوي

شروط البينة أو الدليل :-

اشترط القانون في البينة توافر شرطين
1- يجب أن تكون البينة منتجة في الدعوي , البينة المنتجة في الدعوي هي التي تؤثر في ثبوت الدعوي أو نفيها
2- يجب أن يكون الدليل أو البينة مقبولا في الدعوي , وعرف المشرع البينة المقبولة بأنها التي يقبل تقديمها في أي دعوي ولا تكون مردودة وفقا لقانون الإثبات

ما هي حالات البينة المردودة وفقا لقانون الإثبات :-

1- البينة التي تنتهك مبادئ الشريعة الإسلامية أو القانون أو العدالة أو النظام العام
2- بينة الرأي من غير أهل الخبرة
3- البينة التي تبني علي علم القاضي الشخصي , يقصد بعلم القاضي الشخصي ذلك العلم الذي وصل للقاضي بصفته الشخصية وليس بصفته القضائية كالعلم الذي وصل له قبل توليه منصب القضاء أو العلم الذي وصل له بعد توليه منصب القضاء ولكن بصفته فردا من أفراد المجتمع
4- بينة الأخلاق التي تقدم في مواجهة أحد الخصوم إذا لم يكن بيان أخلاق ذلك الخصم متعلق بالدعوي
5- البينة التي يقدمها أحد الخصوم لنفي ما صدر عنه من سلوك دال علي الرضا أو بفعل تام ثبت بإقراره الصحيح أو بمستند أو بحكم قضائي "قاعدة إغلاق الحجة التي تقول أن من سعي في نقض ما تم علي يديه فسعيه مردود عليه"

البينة المتحصل عليها بإجراء غير صحيح ,,

المادة 10من قانون الإثبات تناولت هذا الموضوع نظم المشرع هذه المادة إلي فقرتين :-
- لا ترد البينة لمجرد أنه تم الحصول عليها بإجراء غير صحيح متى ما اطمأنت المحكمة إلي كونها مستقلة ومقبولة
2- يجوز للمحكمة ألا ترتب إدانة بموجب البينة المتحصل عليها بإجراء غير صحيح إلا إذا عضدتها بينة أخري

موقف الفقه الأنجلو سكسوني من البينة المتحصل بإجراء غير صحيح ,,

سابقا كانوا يجوزون العمل بالبينة المتحصل عليها بإجراء غير صحيح ولهم في ذلك مقولة شهيرة تقول سوف أقدم لك يا قاضي الدليل ولكن لا تسألني من أين أتيت به ولكن لاحقا ألغو العمل بالبينة المتحصل عليها بإجراء غير صحيح

موقف الفقه اللاتيني ,,

يمنعون العمل بالبينة المتحصل عليها بإجراء غير صحيح لان ما بني علي باطل فهو باطل

موقف الشريعة الإسلامية ,,

تمنع العمل بالبينة المتحصل عليها بإجراء غير صحيح وأستدل الفقهاء في ذلك بسيدنا عمر بن الخطاب عندما ترك شاربي الخمر
تطبيق عملي في حكومة السودان ضد دهب شريف دهب ذكرت المحكمة العليا في هذه القضية بأنه إذا تم التفتيش بدون أمر تفتيش فإن كل الإجراءات اللاحقة تعتبر باطلة , وفي حكومة السودان ضد محمد دياب وآخر ذكرت المحكمة العليا في هذه السابقة إذا شاب أمر التفتيش عيوب شكلية لا يضار منها المتهم فيجب ألا يمنع العيب الشكلي من إدانته
نموذج تطبيقي , وصلت معلومة لأفراد المباحث بأن المتهم زيد يحوز في منزله علي كمية كبيرة جدا من المخدرات بناء علي ذلك تحرك فريق التفتيش نحو المنزل فدخلوا المنزل ولكنهم للأسف لم يحصلوا علي المخدرات ثم خرج فريق التفتيش إلي المنزل المجاور لزيد فأعترضهم صاحب المنزل بحجة عدم وجود أمر تفتيش لمنزله دخل فريق التفتيش عنوة وتم العثور علي المخدرات !؟

أولاً - الإقرار كدليل إثبات ,,

لغة ,, هو نقيض الإنكار وهو الإذعان والاعتراف قال تعالي"فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير"
قانونا ,, عرف المشرع الإقرار بأنه اعتراف شخص بواقعة تثبت مسؤولية مدعي بهآ عليه أمام المحكمة

أنواع الإقرار ,,

1- إقرار قضائي 2- إقرار غير قضائي

1- الإقرار القضائي ,,

عرفه المشرع بأنه الإقرار بواقعة عند نظر الدعوي المتعلقة بهآ أمام القاضي أو أي جهة شبه قضائية"النيابة" مع الوضع في الاعتبار أن الإقرار أمام الجهات شبه القضائية في المسائل الجنائية لا يعتبر إقرارا قضائيا

الإقرار غير القضائي ,,

سكت المشرع عن تعريفه وترك تعريفه لمفهوم المخالفة فكل ما لا ينطبق عليه الإقرار القضائي يكون إقرار غير قضائي

صور الإقرار ,,

عند المشرع السوداني يكون الإقرار إما صراحة أو دلالة أو باللفظ أو الكتابة أو الإشارة المعهودة من الأخرس الذي لا يعرف الكتابة

حالات عدم صحة الإقرار ,,

حدد قانون الإثبات ثلاث حالات يكون فيها الإقرار غير صحيحاً
الحالة الأولي - إذا كذبه ظاهر الحال مثال كأن يقر شخص بأبوة من يكبره سنا
الحالة الثانية - إذا كان الإقرار نتيجة لإغراء أو إكراه في المسائل الجنائية , ذكرت المحكمة العليا في أن قرار الوعد الصادر من وكيل النيابة الأعلى بموجب المادة 59 من قانون الإجراءات الجنائية يعتبر إغراء للمتهم ولكنه لا يؤثر في صحة الإقرار لأنه كان إغراء بموجب القانون
الحالة الثالثة - إذا كان الإقرار نتيجة لإغراء فقط في المسائل المدنية

شروط المقر ,,

اشترط القانون في المقر توافر الشروط الآتية :-
1- يجب أن يكون المقر عاقلا فلا يصح إقرار المجنون ولا المعتوه
2- يجب أن يكون المقر مختارا
3- يجب أن يكون المقر غير محجور عليه
4- يجب أن يكون المقر بالغا سن المسؤولية التي نص عليها القانون
ملحوظة :- جوز المشرع إقرار الصغير استثناءا من القاعدة العامة إذا كان مأذون له في مجال المعاملات , عرف المشرع المعاملات بأنها تعني العلاقات والتصرفات المالية ومسائل الأحوال الشخصية وسائر المسائل القانونية غير الجنائية"عقد الزواج , الإجارة , الوكالة , التأمين وغيره وجوز المشرع إقرار الوكيل إذا كان إقراراه في حدود سلطة وكالته

حجية الإقرار في الإثبات ,,

تناول المشرع هذه الحجية من عدة نواحي ,,
أولاً - بالنسبة للمقر , يشكل الإقرار حجة قاطعة علي المقر وهو يسري في المعاملات في حق من يخلف المقر فيما أقر به
ثانياً - بالنسبة لصحة المقر , يشكل الإقرار حجة قاطعة علي صحة المقر به إلا إذا قصد به المقر الإضرار بخلفه فيما أقر به أو إختلف الطرفان في سببه
ثالثاً – بالنسبة للمسائل الجنائية , لا يشكل الإقرار بينة قاطعة إذا كان غير قضائي أو إعترته شبه

الرجوع عن الإقرار ,,

يختلف الرجوع عن الإقرار بحسب نوع الدعوي ,, ففي المسائل المدنية"المعاملات"لا يجوز الرجوع عن الإقرار إلا إذا كان هنالك خطأ في الوقائع علي أن يثبت المقر ذلك , أما بالنسبة للمسائل الجنائية فيجوز الرجوع عن الإقرار ويعتبر الرجوع شبهة تجعل الإقرار بينة غير قاطعة

ثانياً - الشهادة كدليل إثبات ,,

لغة , تعني الحضور قال تعالي"فمن شهد منكم الشهر فليصمه"
قانونا, عرفها المشرع بأنها هي بينة شفوية لشخص عن إدراكه المباشر لواقعة تثبت لغيره مسؤولية مدعي بها علي آخر أمام المحكمة , للشهادة أربعة أركان"الشاهد , المشهود له , المشهود ضده , المشهود به"

أهلية وجوب الشهادة , أهلية أداء الشهادة ,,

أهلية الوجوب ,,
يقصد بها أي علي من تجب الشهادة , سكت المشرع عن أهلية الوجوب في قانون الإثبات ولكن في الشريعة الإسلامية تجب الشهادة علي كل شخص أدرك الوقائع بحواسه مباشرتا قال تعالي"ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم" وقال تعالي"ولا يأبي الشهداء إذا ما دعوا"

أهلية أداء الشهادة ,,

يقصد بها أي من الذي يؤدي الشهادة تناول قانون الإثبات أهلية الأداء واشترط في الشخص الذي يؤدي الشهادة توافر شرطين :-
- أن يكون الشاهد عاقلا , فلا تصح شهادة المجنون ولا المعتوه
- يجب أن يكون الشاهد مميزا للوقائع التي شهد بها
ملحوظة :- هل تصح شهادة الصغير غير البالغ ! إن المشرع السوداني لم يشترط البلوغ كشرط لأداء الشهادة ولكن وفقا لقضاء المحكمة العليا تجوز شهادة الصغير غير البالغ إذا توافرت فيها شرطان :-
1- أن يكون الصغير غير البالغ مدركا لمعني القسم
2- أن يكون مميزا للوقائع التي شهد بها
ملحوظة :- في جرائم الحدود يشترط المشرع في الشاهد أن يكون بالغا"مذهب إثبات مقيد"
ملحوظة:- هل تصح شهادة غير المسلم علي المسلم !؟ إن المشرع لم يشترط الإسلام كشرط لأداء الشهادة ووفقا لقضاء المحكمة العليا تجوز شهادة غير المسلم علي المسلم ففي حكومة السودان ضد بدر الدين عباس أبو نورة أدانت المحكمة المتهم تحت نص المادة 251 من قانون العقوبات وحكمت عليه بالإعدام وذلك بناءا علي شهادة رجل ذمي , هنالك إستثناء في جرائم الحدود حيث يشترط المشرع في الشاهد أن يكون مسلما إذا كان المشهود ضده مسلم

موانع الشهادة ,, وهي ثلاث ,,

أولاً - إفشاء المعلومات السرية والرسمية ,,

عند المشرع السوداني لا تقبل شهادة المكلف بخدمة عامة ولو بعد تركه العمل فيما يكون قد وصل علمه بحكم عمله الرسمي من معلومات ذات طابع سري لم تنشر القانون ما لم تأذن له السلطة المختصة بإفشاء تلك المعلومات أو تري المحكمة أن المصلحة العامة لن تضار من إفشاء تلك المعلومات , حتى تتمتع المعلومات السرية والرسمية بحصانة ومن ثم لا يجوز إفشاؤها إشترط المشرع توافر شروط :-
1- أن كون الشاهد مكلف بخدمة عامة
2- أن تكون هناك معلومات سرية ورسمية
3- يجب أن تصل هذه المعلومات إلي الشاهد بحكم عمله الرسمي
4- يجب ألا تكون هذه المعلومات منشورة بطريق قانوني
5- يجب ألا تأذن السلطة المختصة بإفشاء تلك المعلومات
6- يجب أن تتضرر المصلحة العامة من إفشاء تلك المعلومات
ملحوظة:- إذا توافرت الشروط المذكورة أعلاه فإن المعلومات تتمتع بحصانة ولا يجوز إفشاؤها ويمنع الشاهد من أداء الشهادة وإذا إختل شرط واحد من هذه الشروط فإن المعلومات لا تتمتع بحصانة وبالتالي يجوز إفشاؤها

ثانياً - إفشاء أسرار الزوجية ,,

عند المشرع السوداني لا تقبل شهادة أحد الزوجين علي الآخر فيما أسر به إليه الزوج الآخر ما لم يأذن صاحب السر بإفشاء ذلك السر , حتى يتمتع سر الزوجية بحصانة ومن ثم لا يجوز
إفشاؤها , يشترط المشرع توافر شروط :-
1- أن يصل السر من أحد الزوجين إلي الآخر
2- يجب أن يكون وصول السر قد تم حال قيام الزوجية حقيقة أو حكما
3-ألا يأذن صاحب السر بإفشاء ذلك السر
ملحوظة:- إذا توافرت الشروط المذكورة أعلاه فإن سر الزوجية يتمتع بحصانة ولا يجوز إفشاؤه وإذا أختل شرط من هذه الشروط فإن سر الزوجية لا يتمتع بحصانة وبالتالي يجوز إفشاؤه

ثالثاً - إفشاء أسرار المهنة :-

عند المشرع السوداني لا تقبل شهادة الأمناء علي السر كا الأطباء والمحامين ومن في حكمهم فيما علموه بحكم مهنتهم ما لم يأذن صاحب السر فإفشاء ذلك السر أو يتعلق السر بإرتكاب جريمة في المستقبل , حتى تتمتع أسرار المهنة بحصانة ومن ثم لا يجوز إفشاؤها يشترط المشرع توافر شروط وهي :-
1- أن يكون الشاهد أمينا علي السر
2- يجب أن يصل إليه السر بحكم مهنته
3- يجب ألا يأذن صاحب السر بإفشاء ذلك السر
4- يجب ألا يتعلق السر جريمة في المستقبل حكومة السودان ضد محمد الحسن هاشم وآخرين

الإستثناءات الواردة علي تعريف الشهادة ,,

الشهادة بالنقل , الشهادة بالتسامع ,,

أن ينقل الشاهد الشهادة من الشخص الذي أدرك الوقائع بحواسه مباشرةً

موقف قانون الإثبات من الشهادة بالنقل ,,

كقاعدة عامة من قانون الإثبات لا تجوز الشهادة بالنقل وذلك لأنها تتنافي مع تعريف الشهادة حيث أن الشاهد بالنقل لم يدرك الوقائع بحواسه مباشرة ولكن جوز المشرع بقبول الشهادة بالنقل استثناءا من القاعدة العامة إذا توافر واحد من أربعة شروط
1- أن يتوفي الشاهد الأصلي
2- أن يستحيل العثور علي الشاهد الأصلي
3- أن يصبح الشاهد الأصلي غير قادر علي أداء الشهادة
4- إذا كان في إحضار الشاهد الأصلي ضياع للمال أو الوقت لا تري المحكمة ضرورة له
ملحوظة:- نصاب الشهادة بالنقل شاهد واحد وهي تقبل في كافة الدعاوي مدنية جنائية شرعية ويجب أن يسند الشاهد الشهادة إلي شخص الذي أدرك الوقائع بحواسه مباشرةً

الشهادة بالتسامع ,,

هي شهادة ليست للواقعة المراد أثباتها للذات بل للرأي الشائع عن الناس عن تلك الوقائع بمعني أن يشهد الشاهد باستفاضة الخبر المشهود هذا النوع من الشهادة كأصل عام لا يقبل لأنه يتنافي مع تعريف الشهادة ولكن المشرع جوز قبولها استثناءا وذلك في دعاوي علي سبيل الحصر "الولادة , الزواج , النسب , الديانة , الموت"وزن دم
ملحوظة :- نصاب الشهادة بالتسامع شاهدين ويجب أن يشهد الشاهد باستفاضة الخبر المشهود به دون أن يحدد مصدر الشهادة

ما هو الفرق بين الشهادة بالنقل والشهادة بالتسامع ,,

من حيث التعريف , من حيث النصاب من حيث الدعاوي من حيث إسناد الشهادة - يقول أهل الفقه الإسلامي أن القول يدر بحاسة السمع والفعل يدرك بحاسة البصر ومن لم يدركهما بحاسة من حواسه قد يدركهما بحاسة من أحس بهم ناقش هذه العبارة علي ضوء قانون الإثبات !؟

الطعن في الشهادة وردها ,,

المادة 33من قانون الإثبات تناولت هذا الموضوع قسم المشرع هذه المادة إلي فقرتين
- ذكرت بأنه يجوز للمشهود ضده أن يطعن في شهادة الشاهد بتهمة الولاء أو العداء أو المصلحة ويجوز للمحكمة أن ترد الشهادة بعد سماعها إذا لم تطمأن لصحتها
- ذكرت بأنه لا تقبل شهادة المجلود في حد قذف أو المدان في شهادة زور إلا إذا ثبتت توبتهما
ملحوظة :- هذه المادة يطلق عليها اصطلاحا بمطاعن الشهادة حيث حدد فيها المشرع الطعون التي يملك المشهود ضده لأن يطعن بها في حصانة الشهود وهي

1- الولاء ,,

الولاء في الشريعة الإسلامية بمعني القرابة لقوله صلي الله عليه وسلم لا تجوز شهادة الوالد لولده ولا المولود لوالده ولكن وفقا لقضاء المحكمة فان الولاء لا يعني القرابة ولكنه يعني ألا يكون هنالك تحيز واحد وتكذيب ظاهر من الشاهد ولمصلحة المشهود له وفي غير مصلحة المشهود ضده

2- تهمة العداء ,

وفقا لقضاء المحكمة العليا فإن العداء المقصود هنا هو ليس العداء الديني ولكنه العداء الدنيوي

3- تهمة المصلحة ,,

وهذه المتهمة تتحقق عندما يكون في شهادة الشاهد كسب مغنم له أو دفع مغرم عنه 4- الجلد في حد قذف ,, والإدانة في شهادة زور
ما هو الفرق بين الطعون الواردة في المادة 33 الفقرة 1 والمادة 33 الفقرة 2 !؟
الطعون الواردة في الفقرة 1 يتم الطعن بها بعد سماع الشهادة ولكن الطعون الواردة في الفقرة 2يطعن بها بعد سماع الشهادة

الشاهد العدائي:

الشاهد العدائي هو الشاهد الذي يشهد ضد مصلحة من استشهد بحيث يأتي للشهادة في صالح طرف من اطراف الدعوي ثم ينقلب عليه ويشهد ضده وتظهر عدائيته لمن استشهد به ويكون في صالح الطرف الاخر. ولم يرد ذكر الشاهد العدائي في قانون الاثبات الحالي 1994 او السابق 1983 ، كما لم يرد ذكره كذلك في قانون الاجراءات الجنائية 1991 او القوانين السابقة في الفصل الخاص بأخذ اجراءات الشهادة وترك امر تنظيمه في السوابق القضائية للسلطة التقديرية لوزن الشهادة لقاضي الموضوع . وشهادة الشاهد العدائي محل جدل في فقه القانون من حيث التعريف به والفرق بينه وبين الشاهد الذي تاتي شهادته في غير صالح من استدعاه وفي كونه يقول الحقيقة ام لا ومن حيث الاجراءات التي تتخذ في حالة اعتباره عدائيا وما اذا كانت سلطة المحكمة في اعتباره شاهدا عدائيا من النظام العام ومدي عدالة ان يؤخذ بشهادة الشاهد العدائي ضد مصلحة مستدعيه من عدالة عدم ذلك

إجراءات اخذ الشهادة أمام المحكمة ,,

تمر الشهادة بعد أن يحلف الشاهد اليمين بأربعة مراحل رئيسية :-
1- الاستجواب الرئيسي ,, هذه المرحلة يقوم فيها باستجواب الشاهد الشخص الذي استدعي الشاهد لصالحه والهدف توصيل المعلومة من الشاهد للمحكمة بكل سهولة ويمنع في هذه المرحلة توجيه أي سؤال إيحائي للشاهد "تكون إجابته بنعم أو لا"
2- الاستجواب المضاد"المناقشة",, في هذه المرحلة يقوم بها الشخص المشهود ضده والهدف منها تكذيب الشاهدة وزعزعة الثقة فيه وفي هذه المرحلة يجوز توجيه أي سؤال للشاهد إيحائي كان أم غير إيحائي
3- مرحلة إعادة الاستجواب ,, وهي التي يقوم بها الشخص الذي قام بالاستجواب الرئيسي والهدف منها إعادة الثقة في الشاهد بعد أن تمت زعزعتها ويمنع في هذه المرحلة توجيه أي سؤال إيحائي للشاهد
4- الاستجواب بواسطة المحكمة ,, وهو الذي تقوم به المحكمة من تلقاء نفسها تكملة للنقص في الوقائع التي لم تثار في المراحل السابقة

                    البصمات وانواعها

 أنواع البصمة :

على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى خلق الناس جميعاً مشتركين فى وحدة الخلق ووحدة البنية والتركيب ، ووحدة وظائف كيمياء الخلايا ، فالناس جميعاً من دم ولحم
وعظم ... أصلهم جميعاً من تراب ، ومع هذا التطابق والتشابه فى الخلق العام لا يتطابق إنسان مع غيره تطابقاً تاماً في كل التفاصيل الجزئية كالطباع والصوت وشكل العظم ... والرائحة ، كما إنفرد كل منا فى تفاعله الكيماوي مع نفسه لينفرد ببصماته التى يحملها وحده دون سائر البشر.

وهناك أنواع كثيرة للبصمة منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلى

1- بصمة الإبهام :

بصمة الإبهام هي خطوط بارزة في بشرة الجلد تجاورها منخفضات ، وتعلو الخطوط البارزة فتحات للمسام العرقية ، تتمادى هذه الخطوط وتتلوى وتتفرع منها تغصنات وفروع، لتأخذ في النهاية - وفي كل شخص – شكلاً مميزاً ، وقد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثل في شخصين في العالم حتى التوائم المتماثلة التي أصلها في بويضة واحدة ، وهذه الخطوط تترك أثرها على كل جسم تلمسه وعلى الأسطح الملساء بشكل خاص.

وتتكون بصمة الإبهام لدى الجنين في الأسبوع الثالث عشر (الشهر الرابع)  وتبقى إلى أن يموت الإنسان ، وإذا حفظت الجثة بالتحنيط أو فى الأماكن الثلجية تبقى البصمة كما هي آلاف السنين دون تغيير فى شكلها ....

وحتى إذا ما أزيلت جلدة الأصابع لسبب ما ، فإن الصفات نفسها تظهر فى الجلد الجديد ، كما أن بصمة الرجل تختلف عن بصمة المرأة ففي الرجل يكون قطر الخطوط أكبر منه عند المرأة بينما تتميز بصمة المرأة بالدقة وعدم وجود تشوهات تقاطعية.

ومن الذين اهتموا بدراسة البصمات الباحث الألماني (ج. س. أ. مايو) الذى أعلن بعد ذلك فى عام 1856 م أن الخطوط البارزة فى بنان الإنسان تبقى ثابتة لا تتغير ولا تتبدل منذ ولادته وحتى وفاته.

ودلل على قوله هذا بتجربة عملية إذ أخذ طبعة بنانه الأيمن ثم عاد بعد مضى أربعين عاماً وأخذ طبعة نفس البنان ثانية فوجد أنه لا يزال كما هو لم يطرأ عليه شئ من التعديل أو التغيير.

وكذلك فعل الحاكم الإنجليزي (هرتشل) فى مقاطعة البنغال عندما قارن بين بصمتين وعمرة 27 سنة و82 سنة فلم يلحظ أي تغيير يذكر.

                  بصمة الإبهام واستخدامها فى الجريمة

كان الاستخدام العلمي للبصمات عام 1852م بواسطة الحاكم الإنجليزي (وليم هرتشل) عندما أمر بأن يطبع أشكال أكفهم فى نهاية العقود حتى يضمن عدم إنكار أطراف التصادق فى المقاضاة.

وقبل أن تستعمل البصمات لإثبات مرتكبي الجريمة وقعت حوادث مفجعة من القتل والاغتصاب والسرقة ، وكانت الوسيلة لإثبات الجريمة على الجاني هم الشهود أو الاعتراف من الجاني نفسه ، وقد يؤخذ الجاني قهراً لاستجوابه تحت وسائل التعذيب المختلفة ، وهنا يمس كرامة الإنسان كإنسان أولاً لا كمجرم ، مما جعل البعض مما لهم ضمائر يستنكر هذه الوسائل ويندد بها ، ومن هؤلاء (موريس غارسون) الذى يقول فى هذا الصدد (إن قيود هذه الطريقة تسئ إلى شرف العدالة فى البلاد المتمدنة) ولذلك منع وزير الداخلية البريطاني استعمال العقاقير المخدرة فى الاستنطاق عام 1948م ، ومنعها أيضاً وزير العدل الألماني عام 1949م.

وقد حاول عدد من المجرمين فى الولايات المتحدة الأمريكية وفى مدينة شيكاغو بصورة خاصة محو هذا الخاتم الإلهى !! بمحو أو تغيير أو تحريف لأشكال الخطوط الحليمية فى رؤوس أصابعهم مستخدمين طرقاً مختلفة ولكن محاولاتهم باءت جميعها بالفشل.

يقول الله تعالى فى سورة القيامة :

"أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ"  (القيامة : 3 ، 4).

يقول المفسرون : أن القرآن الكريم يخاطب الكفار الذين أنكروا البعث والحياة الآخرة فيقول : أتظنون أننا غير قادرين على أن نجمع عظام الإنسان التى تحللت واختلطت بالتراب وصارت أجزاء منه : أتظنون أنكم باختلاط رفات أجسامكم بعد أن تموتوا بالأرض ... أن الله غير قادر على جمعها وإعادتها ، حاشا لله.

استمعوا إلى الرد القرآني ... إنه يتمثل فى قوله تعالى "بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ"    والبنان : هو نهاية الإصبع.

- بصمة العين :

 

إن بصمة العين التى اكتشفها الأطباء منذ خمس سنوات وتستخدمها الولايات المتحدة وأوروبا حاليا فى المجالات العسكرية هى أكثر دقة من بصمة أصابع اليد لأن لكل عين خصائصها فلا تتشابه مع غيرها ولو كانت لنفس الشخص.

وفي المستقبل القريب سوف تُستخدم بصمة العين فى مجالات متعددة من أهمها تأمين خزائن البنوك مثلما تؤمنها حاليا بالبصمة الصوتية حيث يضع عميل البنك عينيه فى جهاز متصل بكمبيوتر فإذا تطابقتا مع البصمة المحفوظة بالجهاز فتحت الخزينة المطلوبة على الفور.

وبصمة العين التى يمكن رؤيتها مكبرة 300 مرة بالجهاز الطبي "المصباح الشقي" يحددها أكثر من 50 عاملا تجعل للعين الواحدة بصمة أمامية وأخرى خلفية وباللجوء إليهما معا يستحيل التزوير

وقد بدأت بالفعل دولة الإمارات العربية المتحدة بتطبيق مشروع بصمة العين في كافة منافذها الجوية والبرية والبحرية لتكون بذلك أول دولة في العالم تطبق هذا النظام للتعرف على هوية القادمين والمغادري

4-  بصمة العرق :

لكل إنسان بصمة لرائحته المميزة التي يتفرد بها وحده دون سائر البشر في أجمعين ، والآيات تدل على ذلك قال تعالى "اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ {93} وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ" سورة يوسف آية (93 ، 94). ففي هاتان الآيتان تأكيداً لبصمة رائحة سيدنا يوسف عليه السلام والتي تميزه عن كل البشر فقد عرف الابن إبنه من رائحة عرقه على القميص ، ونظراً لزيادة الإجرام والمجرمين وتطور طرق القتل والسرقة والاغتصاب فى عصرنا الحاضر ، نجد عدداً من العلماء يتابعون البحث عن وسائل أخرى تساعد القضاء الجنائي فى إثبات الجريمة على مقترفيها دون أن يمكنه التهرب من قبضة العدالة مهما حاول تضليلها ، وخاصة أن مكافحة الإجرام أصبحت علماً له رواده ومفكروه ووسائله المتطورة جداً ، كما أن القتل يعد مشكلة علمية ، وقد أدى البحث لبعض العلماء إلى اكتشاف عدة سمات سواء للإنسان أو الحيوان ، فكانت بصمة العرق التى أشار إليها القرآن الكريم.

واليوم يستخدم جهاز قياس الرائحة وتسجيل مميزاتها بأشكال متباينة ومخططات علمية لكل شخص ، وهى تعتمد على أن لكل شخص رائحته الخاصة التى لا تتفق مع غيره والتى تبقى مكانه حتى بعد مغادرته لهذا

المكان ، وعليها قامت فكرة "الكلاب البوليسية المدربة" فالكلب المدرب يستطيع أن يميز بين رائحة توأمين متطابقين تماماً.

-  بصمة الصوت :

يحدث الصوت في الإنسان نتيجة اهتزاز الأوتار الصوتية في الحنجرة بفعل هواء الزفير بمساعدة العضلات المجاورة التي تحيط بها 9 غضاريف صغيرة تشترك جميعها مع الشفاه واللسان والحنجرة لتخرج نبرة صوتية تميز الإنسان عن غيره، وفي الآية الكريمة : (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)- النمل: آيه 18.

فقد جعل الله بصمة لصوت سيدنا سليمان جعلت النملة تتعرف عليه وتميزه، كذلك جعل الله لكل إنسان نبرة أو بصمة صوته المميزة.

والأصوات كالبصمات لا تتطابق فكل منا يولد بصوت فريد مختلف عن الأخر ، والأغرب من ذلك أن التوائم على الرغم من تطابقهم فى كل شئ ليس فقط الصعيد المادي المحسوس ، ولكن أيضاً فى الشكل والطول ولون الشعر والعينين والصعيد المعنوي أيضاً إلا أنه تختلف أصواتهم.

هناك قصة شهيرة لتوأمين أمريكيين انفصلا بعد ولادتهما عن بعضهما لتتولى تربيتهما عائلتان مختلفتان وفى ولايتين أيضاً تبعد الأولى عن الثانية عدة أميال ، وبعد عمر طويل تلاقيا ليكتشفا أن كلاً منهما مر بنفس الظروف النفسية واتخذ نفس المهنة وتزوجا فتاتين تحملان نفس الاسم.

ومن المدهش أنه على الرغم من التشابه الكبير إلا أن لكل منهما صوتاً مختلفاً يميزه عن الآخر.  إنه إعجاز رباني يفوق تخيل العقل البشرى المحدود.

الصوت والكشف عن الجريمة :

وقد استغل البحث الجنائي هذه البصمة في تحقيق شخصية الإنسان المعين، حيث يمكنهم تحديد المتحدث حتى ولو نطق بكلمة واحدة ويتم ذلك بتحويل رنين صوته إلى ذبذبات مرئية بواسطة جهاز تحليل الصوت "الإسبكتروجراف"، وتستخدمها الآن البنوك في أوروبا حيث يخصص لبعض العملاء خزائن، هذه الخزائن لا تفتح إلا ببصمة الصوت.

            6- بصمة الشفاه

كما أودع الله بالشفاه سر الجمال أودع فيها كذلك بصمة صاحبها، ونقصد بالبصمة هنا تلك العضلات القرمزية التي كثيرًا ما تغنَّى بها الشعراء وشبهها الأدباء بثمار الكريز، وقد ثبت أن بصمة الشفاه صفة مميزة لدرجة أنه لا يتفق فيها اثنان في العالم، وتؤخذ بصمة الشفاه بواسطة جهاز به حبر غير مرئي حيث يضغط بالجهاز على شفاه الشخص بعد أن يوضع عليها ورقة من النوع الحساس فتطبع عليها بصمة الشفاه، وقد بلغت الدقة في هذا الخصوص إلى إمكانية أخذ بصمة الشفاه حتى من على عقب السيجارة.

   7- بصمة المخ :

ابتكر "لورانس فارويل" تقنية جديدة تعرف باسم" بصمة المخ" يمكن أن يتحدد من خلالها مدى علم المشتبه به بالجريمة مما يمكن المحققين من التعرف على مرتكبي الجرائم. وتعمل تقنية فارويل الجديدة بقياس وتحليل طبيعة النشاط الكهربائي للمخ في أقل من الثانية لدى مواجهة صاحبه بشيء على علم به. وعلى سبيل المثال إذا ما عرض على قاتل جسم من موقع الجريمة التي ارتكبها لا يعرفه سواه يسجل المخ على الفور تعرفه عليه بطريقة لا إرادية. وتسجل التقنية ردود أفعال المخ بواسطة أقطاب كهربية متصلة بالرأس ترصد نشاط المخ كموجات. أما الشخص الذي لم يكن في موقع الجريمة فلن يظهر على مخه أي رد فعل.

                       8- بصمة الأذن

يولد كل إنسان وينمو حاملاً بصمة أذنه المميزة والتي لا تتغير منذ ولادته وحتى مماته ولا تتشابه بين شخصين على ظهر الأرض ، وتهتم بعض الدول بدراسة هذه البصمة وقد تكشف لنا السنوات القليلة القادمة عن تقنيات جديدة لاستخدامها في علم الجريمة واقتفاء الأثر في ظل هذا التطور العلمي المذهل.

 


التوقيع الالكترونى

رغم ان التوقيع الالكترونى يمثل حجر الزاوية فى الاثبات الا انه لا يوجد له تعريفاً جامعاً ، وكل التعريفات الفقيهية تتجه نحو تعريف التوقيع الكتابى بانه العلامة الخطية التى تميز شخص الموقع سواء كان بالامضاء او بالختم او بصمة الاصبع وتكون عل محررات ورقية او دعامات مادية وورد فى قاموس روبير ROBERT  الفرنسى ان التوقيع هو العلامة الشخصية او الخطية التى يضعها الموقع ليؤكد صحة مضمون الورقة وصق ما كتبت به مع اقرار مجمل بالمسئولية والتزامه بما جاء فيه ، ولقد عرفته محكمة النقض الفرنسية بقولها " التوقيع هو العلامة التى تجب اى شك حول هويه صاحب العق ويجب ان  يتطرق اليه اى شك فى قبول مضمون السند عن طريق ارادته التى لا يحيطها اى غموض

شروط صحة التوقيع الالكترونى

تناولت المادة 18 من قانون التوقيع الالكترونى المصرى هذه الشروط كالاتى :

1/ ارتباط التوقيع الكترونى بالموقع دون غيره .

2/ سيطرة الموقع دون غيره على الوسيط الالكترونى

3/ امكانية كشف اى تعديل او تبديل فى بيانات المحرر الالكترونى او التوقيع الالكترونى

لقد اعترفت المادة السابعة من قانون الاونسترال االنموذجى الذى اعتمدته لجنة الامم المتحدة للقانون فى التجرة الدولية بالتوقيع الالكترونى كما تنص المادة التاسعة على المستندات الالكترونية ومقارنتها فى الاثبات بالمحررات المكتوبة ، ونظم قانون الاونترال النموذجى بشأن التوقيعات الالكترونية لعام 2001م شروط ومتطلبات التوقيع الالكترونى المعتد به فى الابثات كما اعترف التوجيه الاروبى الصادر فى 13/12/1999م بالتوقيع الالكترونى حيث الزم الدول اعضاء الاتحاد الاوربى بمنح هذا التوقيع الحجية القانونية ذاتها التى يتمتع بها التوقيع الخطى واعتباره دليلاً .

القلم الالكترونى

التوقيع بالقلم الالكترونى ( Pen Up  ) هى طريقة حديثة من طرق التوقيع البيومترى ويتم هذا النوع بقيام الشخص بالتوقيع على شاشة جهاز الحاسب الالى باستخدام قلم الكترونى خاص تمكنه من اداء مهمته فى التقاط التوقيع من الشاشة  ، فى التوقيع بالقلم الالكترونى يقوم فى التعامل المرسل الرسالة بكتابة توقيعه عن طريق برنامج خاص ويتم التحقيق من صحة التوقيع بالاستناد الى حركة هذا القلم والاشكال التى يخزنها(.

ويستعمل ذلك القلم على قاعدة معينة يمكن معها كتابة التوقيع على تلك القاعدة عبر الموجات الكهرمومغناطيسية والحاسوب يقوم بترجمه تلك الاشارات الى توقيع ، الا انها طريقة محاطة بالمخاطر حيث يصعب احياناً نسبة الرسالة الالكترونية الى موقعها.

ويتم التحقيق من صحة التوقيع بالاستناد الى حركة القلم والاشكال التى يتخذها من انحناءات وغير ذلك من سمات خاصة بالموقع . ويحتاج التوقيع الالكترونى الى جهاز حاسب آلى ذو مواصفات خاصة تمكنه من الالتقاط.

التوقيع الرقمى

يعد من اشهر انواع التوقيع الالكترونى ويسمى بالفرنسية numerigue signature  ويقصد به بيان معلومة تتصل بمنظومة بيانات اخرى او صياغة منظومة فى صورة مشفرة تسمح للمرسل اليه اثبات عن مصدرها .

ومن اكثر التوقيعات الرقمية شيوعاً واكثرها انتشاراً ذلك النوع القائم على الترميز للمفاتيح ما بين مفتاح عام وآخر خاص وهذه المفاتيح تعتمد فى الاساس على تحويل المحرر المكتوب من نمط الكتابة الرياضية الى معادلة رياضية او تعديل التوقيع الى ارقام  ومن

ويعتبر التوقيع الرقمى من أهم صور التوقيع الالكترونى نظراً لما يتمتع به من قدرة فائقة على تحديد هوية الاطراف تحديداً دقيقاً متميزاً اضافة لما يتمتع به من درجة عالية من الثقة والامان فى استخدامه عند ابرام العقود

التوقيع البيومترى

حجية التوقيع الالكترونى فى الاثبات

وسائل اثبات الهوية الالكترونية موثوق بها اكثر من التوقيع اليدوى الذى يمكن تقليده بطرق اسهل بكثير من اكتشاف الرمز السرى ببطاقة رقم مصرفيه ، او حل رموز مفتاح تشفير عمومى او نقض شهادة مصادقة الكترونية صادر من جهة موثوق بها

جهات التوثيق فى عصر ثورة التقنية  حيث اصبح العديد من التعاملات الادارية والمالية والتنظيمية تتم الكترونياً باستخدام اجهزة التقنية الحديثة ، وبصفة خاصة الحاسب اللآلى والانترنت فقد واجهت هذه التعديلات بعض الصعوبات القانونية تدور حول اثباتها وتحديد مضمونها فالكتابة بصورتها التقليدية تنعدم مع التعاملات الالكترونية والتوقيع الخطى ، اختص يحل محله التوقيع الالكترونى الامر الذى يحتاج الى التوثيق من صور المعاملة ممما تنسسب اليه دون تحريف او تعديل فى محتواها .

ان التوقيع الالكترونى يتم بين طبقات المختصين وهو لا يحل محل التوقيع اليدوى وانه يفترض ان يفتررض ان يعرف من يستعمل اجراءاته وعلى المفترض اثبات العكس " التوقيع الالكترونى كوسيلة تعامل دولية تثير اشكاليات عديدة على صعيد القانون الدولى الخاص ، فيما يتعلق بشكل الالتزامات فقد تقدر دولة احد المتعاقدين صحة التوقيع الالكترونى بينما تنفيه ، دولة المتعاقد الاخر او تعترف به بقوة اققل ، كما قد تثور المنازعات حول آلية تطبيق التطبيق التقنية للتوقيع الالكترونى ووسائل وضعه المعلوماتية موضع التنفيذ ، ودور سلطات المصادقة ومسئوياتها.

فى حال استدعت الضرورة وجود اكثر من جهة  بحاجة الى التثبت من صحة التوقيع فان المفتاح التشفيرى العام يجب ان يكون متوفراً لتلك الجهات او يوزع عليهم جميعاً او ربما يتم نشره فى ملف الاتصال المباشر من حيث المككن الوصل اليه بسهولة.

ايضاً نجد التوقيع فى الشكل الكتابى يمكن ان يؤدى مجموعة متعددة من الوظائف حسب طبيعة المستند الذى يحمل التوقيع فمثلاً التوقيع يمكن ان يكون دليلاً على نيه الموقع الاقرار بتحريره نص المستند او دليل اثبات فى حالة نزاع مستقبلى بين الاطراف او اداة تعبير هن ارادة الشخص فى قبول الالتزام بصيغة العقد ووسيلة توثيقه وتأمينه من التعديل ، كما انه يميز شخصية صاحبه ويحدد هويته.

كما اشترطت القوانين الوطنية المختلفة شروطاً بشان التوقيع للاحتجاج به فقانون المعاملات الالكترونية السودانى لسنة 2007م تناول فى المادة 8 منه الاثر القانونى :-

1/ لا ينكر الاثر القانونى للتوقيع من حيث صحته وامكانية العمل بموجبه لمجرد وروده كلياً او جزئياً فى شكل الكترونى .

2/ اذا اوجب القانون التوقيع على مستند اورتب اثراً قانونى على خلوه منه فانه اذا استعمل سجل الكترونى فى هذا الشان فان التوقيع الرقمى عليه يفى بمتطلبات ذلك القانون .

3/ اذا عرض بصدداى اجراءات قانونية توقيع رقمى مقرون بششهادة معتمدة لاى شخص يكون ذلك التوقيع معادلاً لتوقيعه اليدوى .

4/ اذا لم يتم وضع التوقيع الالكترونى باستعمال شهادة معتمدة فان قرينة الصحة القررة بموجب احكام البند اعلاه لاتلحق اى من التوقيع او السجل الالكترونى

ويمكن اجمال هذه الشروط فى انه يمكن ان يكون القصد منه اثبات هوية وشخصية الطرف الموقع وان يتم التوقيع بوسائل خاصة به وتحت سيطرته وان ينفرد به الشخص الذى اصدره وان يكون التوقيع مرتبطاً بالرسالة الالكترونية وان يقوم الموقع بذل العناية المعقولة لحمايته والحيطة اللازمة لتفادى استخدام توقيعه استخدام غير مأذون

هو احد الخواص المميزة لكل شخص باستخدام الخواص السلوكية او الجسدية للشخص وذلك لتميزه وتحديد هويته ويعنى باللغة الانجليزية Biometrie Singature  ويسمى العلم الذى يهتم بدراسة تلك الخواص علم البيلومترى ولذا سمى بالتوقيع البيومترى ومن اهمه البصمة الشخصية او بصمة شبكية العين

ويتم التوقيع بالتقاط صورة دقيقه بصفة جسدية للشخص الذى يريد استعمال الاماضاء البيومترى كعينه او صوته ، وهذا يعنى ان هذا التوقيع طريقة موثوق بها لقدرته على تحديد الشخص مما يسمح باستخدامه فى التوقيع على التصرفات القانونية المبرمة عبر الانترنت، وبالرغم من ذلك الامان فى التوقيع الا انه ليس بعيد عن التزوير فيمكن تسجيل بصمة الصوت وغيرها

مفهوم المستند الالكترونى فى الاثبات

يعرف المستند بانه " كل منشور يتضمن علامات تعطى معنى مترابطاً ينتقل من شخص لآخر لدى النظر اليها. وعرف ايضاً بانه " كل مكتوب منسوب الى شخص معين يتضمن اثباتاً او واقعاً او اعلاناً عن ارادة"

وكذلك عرف بانه " كل مكتوب ينتقل به الفكر من شخص لآخر " فقد اراد المشرع ان يعطى الحماية للمحررات بإعتبارها دليل اثبات لمعاملات الافراد ومصالحهم وتماشياً مع هذه الحكمة لا توجد قيمة خاصة او شروط معينة بالنسبة للمحرر الذى يستوى فيه عرفياً او رسمياً. وعرفته محكمة النقض المصرية بانه " كل مسطور ينتقل به فكر او معنى معين او محدد من شخص لآخر عند مطالعته او التظر اليه اياً كانت مادته او نوعه او اللغة او العلامات التى كتب بها.

ان اسلوب الكتابة كاسلوب مستخدم للتعبير عن قول او فكر لا يوجد قانون يجعلها حكراً على تلك التى تكون فى الورق فقط ، فالدلائل والتطبيقات العملية جعلت من الجائز ان تتم الكتابة على الورق كما تتم على غيرها من الدعامات كالخشب والحجر والرمال بل من الجائز على سبيل المثال ان تكون على الماء وهو ما يدته العديد من القواميس والمعاجم القانونية واللغوية المتخصصة فالكتابة يمكن ان تتخذ اى شكل.

تعريف المستند فى قانون الاثبات السودانى لسنة 1993م

هو البيانات المسجلة بطريقة الكتابة او الصوت ، فالمشرع لم يبين نوعاً واحداً بل اشار الى كل ما يمكن الحصول عليه عن طريق الكتابة او الصوت ، هذا المفهوم لم يكن له وجود فى القوانين السابقة 1973-1983م فهذا امر صائب ومواكب للعصر والتطور الذى يشهده العالم

حجية المستند الالكترونى فى الاثبات

حتى يحوز السند الالكترونى الحجية الاثباتية ومساواته بالمحررات العادية ينبغى ان تتوافر فى المستند نفس الشروط الواجب توافرها فى المستند العادى من شرط الكتابة والتوقيع وهذا ما يتوافر فى المستند الالكترونى وذلك وفقاً لقانون الاونسترال النموذجى.

المستندات هى اداة جمع البيانات والمعلومات فى عملية المراقبة وهى تعتبر ذاكرة القسم المتخصص بالمكافحة وحلقة ربط بين القسم والرئاسة والاقسام الاخرى ومن ناحية اخرى تمثل اداة انسياب البيانات والمعلومات من الواقع الى الدافتر كخوة اولى فى سبيل تحليل وعرض هذه البيانات والمعلومات على الرئاسة.

ونصت المادة 6 /2 من قانون الاونسترال النموذجى لسنة 1996م عندما يشترط القانون ان تكون البيانات مكتوبة تستوفى رسالة البيانات ذلك الشرط اذ تيسر الاطلاع على البيانات الواردة فيها على نو يتيح استخدامها للرجوع اليه لاحقاً.

ونصت المادة 14 من القانون على ان التوقيع الالكترونى فى نطاقالمعاملات المجتية والتجارية ذات الحجية المقدرة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية فى احكام قانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية متى روعى فى انشاؤه واتمامه الشروط المنصوص عليها فلا هذا القانون والضوابط الفنية والتقنية التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

الشروط الواجب توفرها فى المحرر الالكترونى

الشرط الاول  : ان تكون لكتابة مقروءة

فيجب ان يكون المحرر الكتابى محرراً بحروف او رمز او اشارة معروفة مفهومة لمن يحتج بها عليه ، وفى الشريعة الاسلامية يجب ان تكون الكتابة مستبينة على وجه يمكن قراءتها وفهمها .

الشرط الثانى : ان تكون الكتابة مستمرة

وهو ما يقتضى ان يكون التدوين على وسيط يسمح بثبات الكتابة واستمرارها والرجوع اليه عند الحاجة . بالنسبة الى المحرر الالكترونى لا شك انه من الممكن توافر هذا الشرط فى الكتابة الالكترونية اذا تم تخزينها على دعائم او وسائط تتضمن تخزين الكتابة وحقظها واستمرار وجودها

الشرط الثالث : ان تكون الكتابة غير قابلة للتعديل

فيجب ان تكون الكتابة غير قابلة للتعديل الا باتلاف المحرر او احداث تغيير فيه يمكن اكتشافه بالنظ المجرد او بالاستعانة بأهل الخبرة وهذا الشرك يحقق الثقة والامان ويتحقق ذلك بالكتابة بالجبر الجاف او على الالة الكاتبة طالما ان هذه المواد تلتصق بالعامة التى كتب عليها وتتصل كيميائياً بالتركيب المادى لهذه الاوراق بحيث لا يمكن فصل الكتابة على الورق الا بإتلافه او احداث تغير فيه ويمكن التعرف بمجرد النظر او الاستعانة بأهل الخبرة على التغير او التعديل.


 

حجية الرسائل الالكترونية فى الاثبات

ان استخدام وسائل الاتصالات الالكترونية فى انجاز المعاملات التجارية يدخل ذوى الشأن الى وضع توجيه او اطارية تحتوى على قواعد موحدة يجرى فى ضوئئها ابرام وتنفيذ عقود التطبيق ، لذا فان الاطراف التى تستخدم نظام التبادل الالكترونى للبيانات او ترغب فى ممارسة التجارة الالكترونية يجب ان ترتبط فيما ينتها مسبقاً بعقد تبادل بيانات الكترونية ، او كما يطلق الفقه الامريكى  اتفاق الشريك التجارى .

ويقصد منه الاتفاق مسبقاً على كيفية تنفيذ المعاملات الالكترونية وكيفية توزيع المخاطر والمسئوليات الناجمة عن التبادل الالكترونى لبيانات وما اذا كان هذا العقد سوف يغطى عمليات بيع المنتجات ام الخدمات فقط ام كليهما ؟ وكذذلك اذا كان الوضع سيستمر بطريقة الكترونية من عدمه ، وفيما اذا كانت اعمال تجارية سوف تكون على المستوى المحلى ام الدولى وان المستندات الالكترونية المتبادلة بين الاطراف المتعاقدة يجب ان يعتمد عليها كدليل اثبات فى الكتابة والتوقيع مثل المستندات الورقية المعتاد.

ويتضح مما سبق ان عقد التبادل الالكترونى للبيانات هو اطار عقد ينشئ من خلاله شخصان او اكثر سواء كان طبيعين او معنويين شروطاً قانونية وفنية لاستخدام التبادل الالكترونى للبيانات فى اطار علاقاتهم التجارية والادارية بصدق ضمان قيام علاقة تعاقدية بوسائل الكترونية يتوافر فيها الاطار القانونى وتحقق اثارها القانونية الموجودة فيها . ومن ثم يمكن ان يشمل اتفاق التبادل الالكترونى للبيانات ما يلى : -

1/ اتفاق الاطراف على ان يقوم كل طرف بإتخاذ اجراءات أمنية تناسب مقتضيات ابرام العقد الالكترونى وذلك لمنع اعمال القرصنة او الدخول الغير مسموح به او تلف او تغيير او تخريب البيانات الالكتررونية المنقولة عبر الانترنت .

2/ الاتفاق على اضفاء الشرعية على الوسائل الالكترونية المتبادلة ففى مرحلة التفاوض او التعاقد ، وذلك بالنص على ان الوسائل الالكترونية المتبادلة تعتبر سنداً قانونياً يعتمد عليه فى مواجهة مصدرها ولا يجوز ان ينكرها لمجرد ورودها فى شكل الكترونى

حجية السجل الالكترونى فى الاثبات

اقرت غالبية التشريعات الحديثة المتعلقة بالتجارة الالكترونية الاثر الاثر القانونى للسجلات الالكترونية لانها يمكن ان تؤدة بكفاءة نفس وظائف الدفاتر التجارية الورقية حيث تكون مقرءة للجميع ويمكن الحصول على عدة نسخ منها مع امكانية الاحتفاظ بها لفترة من الزمن ويقضى ذلك بيان الحجية القانونية فى التشريعات على النحو التالى :

نص المشرع السودانى " تكون لرسالة البيانات التى تتضمن تصرفاً بالارادة المنفردة على النحو المفصل فى قانون المعاملات المدنية الحجية القانونية المقررة للمستند الرسنى متى صدرت بتوقيع رقمى معتمد " كما نص على :

1/ " لا ينكر الاثر القانونى للمعلومات الواردة فى السجلات الالكترونية من حيث صحتها وامكانية العمل بمقاضاها لمجرد ورودها كلياً او جزئيا فى شكل سجل الكترونى او الاشارة اليها فى هذا السجل

2/ اذا اوجب القانون ان تكون المعلومات ثابته بالكتابة او رتب اثراً قانونياً على عدم الالتزام بذلك فان ورود المعلومات فى سجل الكترونى يفى بمتطلبات هذا القانون بشرط ان تكون المعلومات قابلة للوصول اليها واستخراجها لاحقاص عن طريق البت او الطباعة او غير ذلك .

3/ اذا اوجب القانون ان تكون المعلومات المقدمة الى شخص آخر ثابته بالكتابة فان تقديمها فى شكل سجل الكترونى يفى هذا الغرض اذا توافرت الشروط الاتية :-

أ/ ان يتمكن المرسل اليه من الدخول الى هذه المعلومات واستخراجها لاحقاً سواء كانت عن طريق البث او الطباعة او غير ذلك .

ب/ ان يتمكن المرسل اليه من حفظ هذه المعلومات بما يمكنه من التحقق من منشا رسالة البيانات ووجهة وصولها وتاريخ ووقت وصولها وارسالها واستقبالها.

4/ يراعى فى تقدير حجية السجل الالكترونى فى الاثبات عند النزاع فى سلامته مايلى :-

أ/ مدى الثقة فى الطريقة التى يتم بها انشاء او حفظ او بث السجل الالكترونى .

ب/ مدى الثقة فى الطريقة التى يتم بها توقيع السجل الالكترونى .

ج/ مدى الثقة فى الطريقة التى استعملت فى المحافظة على سلامة المعلومات التى تضمنها السجل الالكترونى .

د/ اى إمور اخرى ذات علاقة بسلامة السجل الالكترونى .


 

التنويم المغنطيسي

التنويم المغنطيسي حالة سببية للنوم تحدث اصطناعياً، حيث يفقد الفرد وعيه، ولكنه يستجيب لإيحاءات المنوم hypnotist وأوامره، وهو نوم جزئي يشبه أحياناً النوم الطبيعي في بعض مظاهره. وهو ظاهرة نفسية تقوم على نظرية العقل التي من شأنها افتراض أن الجهاز النفسي مثله مثل الجهاز العصبي ينقسم إلى جهازين من حيث الوظيفة أحداهما إرادي ويطلق عليه اسم الشعور أو العقل الظاهر، وثانيهما لا إرادي ويطلق عليه اسم اللاشعور أو العقل الباطن. وهو حالة من النوم غير الطبيعي يمكن أن يقع الشخص تحته بطرق مختلفة، ويترتب عليها حجب ذات الشخص الشعورية بدرجات متفاوتة تبعاً لدرجة عمق النوم المغنطيسي واختلاف قابلية الخضوع لهذا المؤثر من شخص لآخر.

كان أول من استخدم مصطلح التنويم المغنطيسي hypnotism جيمس بريد، وهو طبيب بريطاني درس الإيحاء وحالة التنويم في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وأوضح بريد أن هذه الحالة مغايرة للنوم، وأن التنويم المغنطيسي مجرد استجابة جديدة لا وليد قوي جبريه، وربما كانت إسهاماته محاولة لتعريف التنويم المغنطيسي بأنه ظاهرة يمكن دراستها علمياً. وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي أجرى طبيب الأمراض العصبية الفرنسي جان مارتن شاركو تجارب تعتبر حدثاً في تاريخ استعمال التنويم، ووجد أن التنويم يلطف كثيراً من حدة الحالات العصبية. أما فرويد فاهتم خاصة بنتائج أعمال شاركو وبيرنهايم، واستخدم التنويم في دراساته المبكرة لحالة اللاوعي، إلاّ أنه تخلى عنه لأسباب عديدة رغم مواصلته اعتبار التنويم ظاهرة مهمة تستحق البحث. وفي أوائل القرن العشرين حاول العالم الفسيولوجي وعالم النفس إيفان بافلوف اكتشاف سبب عضوي للتنويم إذ اعتقد أن حالة التنويم تقوم على أساس التشبيط أو الاختصار لاندفاعات عصبية في الدماغ.

ويعزى التطور العلمي للتنويم المغنطيسي إلى جهود فرانز أنطون مسمر وهو طبيب نمساوي اشتهر خلال السبعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي، وقد أطلق نظريته المغنطيسية الحيوانيه، واستخدم مسمر حوض استحمام وعصياً مغنطيسية لتوجيه السوائل المزعومه نحو مرضاه، وادعى كثير من المرضى شفاءهم بهذه المعالجة، وفي عام 1784م شكلت لجنة فرنسية للتحقيق في مزاعم مسمر وأتباعه، وقررت اللجنة أنه لا وجود للسوائل المغنطيسية، وفسرت حالات الشفاء بأنها وليدة خيالات المرض. ويعتبر مسمر من أوائل الذين رتبوا أصول علم التنويم وذلك في أواخر القرن الثامن عشر، ثم جاء بعده ليبولت وشركو وبرنهايم، وهؤلاء حولوا مغنطيسية مسمر إلى علم جديد أسموه بالتنويم، بدأوا يطبقونه في شفاء الأمراض العصبية والنفسية والفكرية.

طرق التنويم المغناطيسي :

تختلف طرق التنويم ولكن هناك بعض الطرق التي يستخدمها أكثر المختصين في علم النفس ومن هذه الطرق:

أولاً: يقول أحد المتخصصين في هذا المجال إذا أردت تنويم أي شخص فإني أضع شمعة مشتعلة على علو مرتفع بحيث يكون هناك جهد للنظر إليها وأطلب من الشخص النظر فيها وينبغي على هذا الشخص أن لا يرمش أكثر من الحد الطبيعي كما يجب على الشخص التنفس بشكل منتظم علماً بأنه يطلب من الشخص إبقاء فمه مفتوحاً بمقدار (2-3 سم) بحيث يكون اللسان ملامساً للأسنان السفلى وبعد ثلاث دقائق أقوم برفع يدي اليسرى فوق القسم الخلفي من رأس هذا الشخص وأقوم بتمرير أصابعي المفتوحة للأسفل على طول الأعصاب الفقرية وبعد ذلك أطلب من الشخص أن يغلق عينيه.

ثانياً: وهناك طريقة أخرى وهي كما يقول أن أجعل الشخص يضغط بقوة على يدي وأقوم أنا بالتحديق بسرعة في عينيه هذه المفاجأة تدفعه إلى الارتداد ويظهر ذلك في عينيه.

ثالثاً: أما الطريقة الأخرى وتسمى طريقة (دوناتو) يطلب من الشخص الركوع أمام منفذ التنويم النظر في عينيه بثبات ويضع المنوم راحة يده على جبهة الشخص ويميل رأسه للخلف ويستمر التركيز على عيني المنوم بحيث إنه إذا أراد إرجاع رأسه للأمام فإن نظرة المنوم تؤثر عليه ويقتضي التنويم المغناطيسي مكاناً هادئاً.

  من المعروف أنه ليس أي شخص يستطيع التنويم مغناطيسياً فهذه الطرق تحتاج إلى أشخاص متدربين ولهم قدرة على التركيز وللمعلومية فإن التنويم المغناطيسي ليس فقط للناس حيث إن المنومين المتمكنين  يمكنهم تنويم الحيوانات ومن المعروف أن علماء الهند القدماء كانوا أشهر من استخدم التنويم المغناطيسي وكان المصريون القدماء أفضل من استخدم التنويم المغناطيسي للعلاج.

درجات النوم المغناطيسي:

النوم المغناطيسي يمر بثلاث درجات الأولى: يسيرة وتتميز بأن النائم يكون خلالها في حالة استرخاء وفقدان جزئي للشعور. والثانية: متوسطة وخلالها يكون النائم في حالة نوم عميق مصحوب بتصلب في الجهاز المفصلي، كما أن النائم يكون في حالة فراغ في الشعور يمكن للمنوم ملؤه بطريقة الإيحاء للنائم. والثالثة: وهي أعمق درجات التنويم المغناطيسي وهي حالة التجوال النومي، حيث يمكن فتح عيني النائم ويتجول في ارتباط ايحائي مع النوم.

القيمة العلمية للتنويم المغناطيسي في التحقيق الجنائي:

ومن الناحية العلمية لقيمة هذه الوسيلة فقد أثبتت التجارب عدم فعاليتها في مجال البحث عن الحقيقة الجنائية، لأن نتائجه غير مؤكدة علمياً في أغلب الأحيان. فهذه الظاهرة تتسم بالتعقيد الشديد، والمتهم عادة في حالة التنويم لا يروي في الغالب إلا ما يعتقد أنه الحقيقة من وجهة نظره الخاصة دون أي اعتبار آخر لواقع الحال. فقد تأتي أفكار من نسيج الخيال دون أن تكون لها صلة بالواقع، وبدلاً من الوصول للحقيقة المنشودة يجد المحقق نفسه أمام مجموعة من التصورات والتخيلات التي لا يمكن التعديل أو الارتكاز عليها.

إلا أننا نجد أن القيمة العلمية للتنويم المغنطيسي في المجال الجنائي أكثر استخداماً فيما يتعلق بحالات الخبرة الطبية لفحص حالة المتهم العقلية أو النفسية، أو لدراسة شخصيته ـ بعد إدانته ـ لتقدير العقوبة أو التدابير الملائمة له. وهي في هذا الاستخدام مجرد وسيلة طبيه علمية حديثة تسمح لنا بالكشف عن مثل هذه الأمور بطريقة دقيقة لا نستطيع الوصول إليها بأساليب الفحص العادية، فهي تقودنا بصفة عامة إلى حالة الشخص العقلية والنفسية، والتي تمكن القاضي الجنائي من اختيار أنسب العقوبات والتدابير والإقرار بها لحالة المتهم وظروفه، فقد ينظر إليه بعد تشخيص حالته على أنه مريض نفسياً يجب علاجه بدلاً من توقيع العقاب عليه.

يرى أورن أن نقاط الضعف في التنويم هي تضاؤل الحكم العقلي النقدي، وهذا التضاؤل يدفع بالفرد الذي يتذكر الماضي أن ينسخ التلقين الذي يملى عليه بطريقة طفليّة. التنويم المغنطيسي يجعل النائم خاضعاً لتأثير إرادة المنوم فتأتي إجابته صدى لما يوحي له به.

ومن وجوه النقد التي توجه للتنويم المغنطيسي أنه يساعد المنوم على غزو شخصية الشخص النائم، والنيل من استقلالها والتأثير فيها، وخاصة أن النائم يصبح مطيعا لأوامر المنوم، وقد يأمره بالإثبات ببعض الأعمال غير المقبولة أو الإجرامية.

والتنويم المغنطيسي في التحقيق الجنائي يلقى اعتراضات شديدة من عدة نواحٍ، فمن ناحية لم يتوصل بطريق قاطع إلى صحة النتائج التي يتوصل إليها، ففي بعض الأحوال يكون من الصعب التسلط على إرادة كثير من المجرمين، هذا فضلاً عن احتمال الاختلاف في تفسير الأقوال التي يدلي بها، وقد أثار كثير من الشراح لا سيما الأطباء ناحية الأضرار الصحية التي تصيب الفرد، ومباشرة تلك الإجراءات يهدد القاعدة العامة التي تعطي المتهم الحق في الإجابة أو عدم الإجابة عن الأسئلة التي توجه إليه، وهذا ما يعرف بين الشراح باسم حق العمق الموقف القضائي من مشروعية التنويم المغنطيسي في المجال الجنائي:

هناك طرق للإثبات نص عليها قانون الإثبات وهي التي تعدّ مشروعة، وهي التي يجوز استخلاص الحقيقة عن طريقها، ويسعى مبدأ مشروعية دليل الإثبات بمبدأ تحديد وسائل الإثبات على سبيل الحصر، فكل أسلوب لا يمكن رده إلى وسيلة ما من تلك الوسائل التي أقرها القانون يمتنع على القاضي إتباعها وخصوصاً حيث يكون فيه عدوان على حقوق أساسية للمجتمع. وكل اسلوب يحرمه القانون يلزم إهداره ولا يمكن التعويل على ثمرته.

والقاضي حينما يباشر تقويم دليل من الأدلة الجنائية فهو يمارس ملكتين لديه هما ملكة الوعي أو الادراك، وملكة الحكم، هذا ما يجعل للقاضي صفة لا يتميز بها غيره. فالقاضي يستخدم ملكة الوعي والإدراك في النقاط ذات الأثر المنطبع في النفس البشرية، ويعتمد في ذلك على حواسه ولا سيما حاسة السمع، فيما يتعلق بشهادة الشهود، ثم يستخدم بعد إدراك الدليل ملكة الحكم أي تقويم الدليل على ضوء ما علمته التجربة والخبرة لإعطائه المغزى الذي يكمن فيه إثبات الجريمة.

يعتبر تنويم المتهم مغنطيسياً واستجوابه ضرباً من ضروب الإكراه المادي يبطل صحة الأقوال التي تم الحصول عليها بالنسبة للمتهم أو الشاهد لأنها تؤثر في صحة البينة الصادرة منهما بناء على هذا الإجراء فيشوبها البطلان. ذلك أن أياً من الاعتراف أو الشهادة يجب أن يكون تلقائياً. وأن يتم ذلك بوسائل لا تؤدي إلى تأثيرات أو إكراه.

والمتأمل في هذا الأمر يجد أن التنويم المغنطيسي كأن يستخدم في الحقل القضائي منذ أكثر من مائة عام مضت، وكان يشوب هذا العمل الغموض والتناقض والخوف، وحتى الآن مازالت هناك معارضة علمية لاستخدام التنويم المغنطيسي في استدعاء أو إحياء الذكريات لأنه يعتمد على عملية الإيحاء والتذكر تحت التنويم المغنطيسي قد يتأثر بعوامل أخرى مثل طريقة توجيه الأسئلة، وقد يتأثر بعوامل الخداع.

فإذا كان رجال الأحكام القضائية لم يجيزوا صراحةًً التنويم المغنطيسي في التحقيق الجنائي بغيه الحصول على اعترافات أو أقوال المتهمين، فإن كافة الاعترافات والأقوال المتحصل عليها بواسطته تعد باطلة. لذلك فنحن من خلال هذا البحث ندعم الرأي الرافض للتنويم المغنطيسي في التحقيق الجنائي، لأن النتائج المتحصل عليها تصبح غير مؤكدة، ومحاطة بكثير من الشك واللبس بما لا يستطيع معه معرفة ما إذا كانت الأقوال والاعترافات التي أدلى بها المتهم تحت تأثير التنويم المغنطيسي حقيقة أم لا. وبناءً على وجود هذا الشك الكبير في نتائج التحقيق الجنائي يجب من خلاله تطبيق القاعدة الأصوليه التي تقضي بتفسير الشك لصالح المتهم.

استخدام  جهاز كشف الكذب

مفهوم جهاز كشف الكذب استخدامه

ويعتبر جهاز كشف الكذب من أحدث الأجهزة العلمية التي يستعان بها في البحث الجنائي

تعود هذه الطريقة لآلآف السنين ، حيث كان الاغريق قبل 300 عام قبل الميلاد يجسون نبض المتهم عد التحقيق فان بقى نبضه دون تغيير كان علامة على صدقه ، وان تغير كان علامة على كذبه ، وفى الصين قبل الالاف السنين كان يطلبون من المتهم ان يلوك الارز فان لفظه رطباً كان علامة على صدقة وان لفظه جافاً على علامة على كذبه ، وذلك لان الجانى يكون خائفاً ويكاد لعابه ان يجف والصادق يكون فى حالته الطبيعية .

ويعتبر جهاز كشف الكذب المسمى بـ POLYGROPHE  من الاساليب العلمية الحديثة التى يستعان بها فى المجال الجنائى لمعرفة مدى التزام المستجوب بالحقيقة خاصة فى حالة عدم وجود ادلة مادية او شهادات منفردة .

ويعرف جهاز كشف الكذب : عبارة عن جهاز لتسجيل ضغط الشرايين وحركة التنفس وافرازات العرق لشخص خاضع للأستجواب ، ويكون الشخص موضوعاً لإعمالها ولا تؤثر على ارادته وتسجل وترصد بعض التغيرات الفيسولوجية التى تتعلق بالضغط الدموى والرد الفعلى النفسى وحساسية الجلد للكهرباء وبتحديد هذه المتغيرات يمكن الحصول على حكم تقديرى بان الشخص موضع التحقيق صادق ام كاذب ، ولجهاز كشف الكذب آثار مختلفة فهو يؤدى الى قلق الشخص المختبر من مجرد الاتهام والخوف من احتمال خطأ الجهاز والالم المصاحب لتركيب اجزاء الجهاز على جسمه والاضطراب الشديد الذى ينتابه عند الاستجواب وتوجيه اسئلة شخصية محرجة بعيداً على الموضوع.

عيوب جهاز كشف الكذب وحكمة وموقف التشريعات منه

اولا عيوبه

فمن البلدان التى ادخلت العمل بجهاز كشف الكذب انجلترا وامريكيا والمانيا ومن بعض عيوبه :

1/ لا يفيد لدى المصابين بإضطرابات نفسية او عصبية او مرضى ضغط الدم او مدمنى المخدرات والمشروبات الروحية .

2/ تفاوت مقدرة وخبرة المتحرى فى التعامل مع الجهاز كثيراً ما تؤدى الى نتائج غير صحيحة .

ثانيا حكم الفقهاء له

ولم يعتبر هذا الجهاز فى الاثبات الجنائى لدى الفقهاء للآتى :

1/ لم تؤكد الابحاث العلمية عدم وجود الخطأ فى الاقوال الصادرة عن المستجوب اذ لا تزال تلك الطريقة تحت البحث والدراسة .

2/ بعض الاشخاص يستطيعون التحكم فى الظواهر النفسية خاصة المتعلقة بالاستجواب والتحرى خاصة معتادى الاجرام ، كما ان البعض تثير هذه الطريقة مثل مرضى الاعصاب فتزداد انفعالاته اثناء الاستجواب وهذا قد يؤدى الى ادانة البرئ وبراءة المجرم.

ثالثا: موقف التشريعات

ونجد ان غالبية المحاكم الامريكية ترفض الاخذ ببينة جهاز كشف الكذب فى الاثبات الجنائى لان نتائجه لم تحظى بالاعتراف والتأييد العلمى ، كما رفض المشرع الايطالى الاخذ بنتائج هذا الجهاز واعتبر الدليل المستمد منه غير مشروع بل ان استخدامه يعد من طرق التعذيب غير المشروعة وهو نفس الاتجاه الذى اخذه التشريع الالمانى بل ذهب الى معاقبة رجال الشرطة اللذين يمارسون هذه الاساليب اثناء الاستجواب للمتهمين او الشهود.

اما بالنسبة للتشريعات العربية : فنجد ان المشرع اللبنانى إكتفى وبموجب المادة 401 من قانون العقوبات بتحريم ضروب الشدة والعنف . كما لا يحبذ المشرع المصرى استعمال هذه الوسائل لان نتائجها غير موثوقة ، كما اعتبر الفقة الجزائرى الاعتراف الصادر من المتهم باستخدام هذه الاجهزة باطلاً .

ولا تسمح التشريعات السودانية بإستعمال هذا الجهاز اتفاقاً مع مبدأ لا يجبر المتهم على تقديم دليل ضد نفسه، فوضع الجهاز على جسم المتهم يتم دون رضاه .

رابعا: استعمال جهاز كشف الكذب في مجال البحث الجنائي

ومن خلال كلام الباحثين عن هذا الجهاز، تبين أن غاية ما قيل في هذا الجهاز هو الشك في نتائجه فقط، أما من حيث استعماله فالذي يظهر أن هذا الجهاز لا يسلب إرادة المستجوب أو وعيه أو حريته في التعبير، حيث يظل المتهم أثناء الاختبار محتفظاً بوعيه الكامل، فيستطيع أن يعارض ويحتج أو يمتنع عن الإجابة على ما يوجه إليه من أسئلة وأن يباشر جميع ضماناته وامتيازاته، وهذا الجهاز أيضاً لا يمثل اعتداء على حق الإنسان في حياته الخاصة ويكشف أسراره وخصوصياته وكل هذا مما يؤيد القول بجواز استخدامه إذا دعت إليه الضرورة ـ وتعتبر تلك النتائج التي يشير إليها الجهاز قرائن بسيطة لا ترتقي إلى مرتبة الدليل القاطع ولا يجوز أن يبنى عليها وحدها أي حكم قضائي .

فإن النتائج التي يشير إليها جهاز كشف الكذب تعتبر قرائن بسيطة، لا يجوز أن يبني عليها وحدها أي حكم قضائي، ولا ترقى أبداً إلى مرتبة الدليل القاطع، للأسباب التالية:

1-أن هذا الجهاز غير دقيق في نتائجه لأن هناك من الأشخاص يستطيع  التحكم في هذا الظواهر والأعراض النفسية فلا تظهر.

2-أنه جهاز غير معتمد إذ ما زالت التجارب تكشف عن آراء متناقضة في هذا الجهاز.

3-أن هذا الجهاز لا يصلح حين يكون المتهم مصاباً بحالة عصبية أو بمرض القلب أو الجهاز التنفسي أو يكون على درجة من الحساسية الشديدة تجعله عرضة للاضطراب والقلق.

4-أنه جهاز قاصر، بمعنى أنه لا يصلح لفحص جميع الأشخاص المشتبه فيهم  فهو لا يجدي مع الأشخاص الذي تعودوا على الكذب أو الأشخاص الذي احترفوا الإجرام. وكذلك بعض الأشخاص لديه القدرة الكافية لتضليل هذا الجهاز بل وتضليل المتحرى نفسه

مما سبق أستطيع القول أن جهاز كشف الكذب من أحدث الأجهزة العلمية المستخدمة في البحث الجنائي لمعرفة ما إذا كان المتهم يقول الصدق أو أنه يدلي بأقوال كاذبة ذلك عن طريق رصد الانفعالات النفسية التي يثيرها توجيه الأسئلة  إليه. ويهدف استخدام جهاز كشف الكذب تحديد حالات التوتر والاسترخاء التي تنتاب الشخص المستجوب وكذلك ردود الفعل الخاصة التي قد يتفاعل بها إثر توجيه أسئلة معينة إليه ، أن استخدام هذا الجهاز يؤثر على إرادة المتهم، لأن الانفعالات التي تتم خلال الاختيار، قد تكون ناتجة عن أمور أخرى لا دخل للكذب فيها، بحيث يتعذر على الأخصائي الذي يعمل على الجهاز تصنيف الأعراض السلوكية مهما شاعت فالسلوك البشرى للفرد يمكن أن يتأثر بشيء  قد لا يتأثر به شخص آخر وقد يكون المتهم ذا مهارة يستطيع بها خداع الجهاز ولهذا أوصت المؤتمرات العلمية والحلقات الدراسية بعدم استخدام جهاز كشف الكذب، وايضا وزنه في القانون السوداني هو بمثابة قرينة قابلة لإثبات عكس .

 

ابحث عن موضوع