أثار العقد بالنسبة للغير

  

المبحث الثاني: أثار العقد بالنسبة للغير

يمكن تعريف الأغيار كل شخص أجنبي عن أطراف العقد ،ومن في حكمهم كما أسلفنا الذكر خلال المبحث السابق ،أي وبمعنى آخر جميع الأشخاص الذين لا ينتمون الى هذا العقد سواء كخلف عام أو خاص أو كدائن لأحد المتعاقدين وذلك طبقا لتعريف الذي أورده الدكتور عبد الرزاق السنهوري[1].

ورجوعا للقاعدة العامة فالغير لا يتأثر بالعقد ولا يتحمل بموجبه أي التزام طبقا لما نص عليه الفصل 33 من ق ل ع"لا يحق لأحد أن يلزم غيره ولا أن يشترط لصالحه إلا اذا كانت  له سلطة النيابة عنه بمقتضى وكالة ا وبمقتضى قانون"،  وما أكده الفصل 228 من نفس القانون "الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا  في العقد ،فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون "، فإذا قام شخص ببيع شيء لا يملكه ،فان عقد البيع هذا ليس من شأنه أن يضر المالك الحقيقي "الغير " اللهم اذا أراد أن يقره وإقراره لهذا البيع لا يعني قبوله التضرر من هذا العقد بقدرما  يعني ترتيب أثاره ازاءه.[2]

لكن وكما هو معلوم فلكل قاعدة استثناء ،كما هو الحال بالنسبة لهذه القاعدة اذ نجد في بعض الحالات أثار العقد تتجاوز المتعاقدين  وتمتد للغير. وهذا ما  سنتطرق له من خلال  مطلبين (المطلب الاول التعهد عن الغير) والمطلب الثاني (الاشتراط لمصلحة الغير ).

المطلب الاول  :  التعهد عن الغير :

اذا كان الغير لا يتأثر بالعقد كما أسلفنا  الذكر ،فهناك بعض الحالات التي تنشأ في حق الغير التزامات  بموجب العقد الذي أبرمه المتعاقدين ،من أهمها الالتزام عن الغير شرط  اقراره اياه ( الفقرة الاولى ) التعهد المطلق عن الغير (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الاولى :الالتزام عن الغير شرط اقراره اياه

يمكن تعريف هذا النوع من الالتزام بكونه عقد يبرمه المتعهد باسم المتعهد عنه لفائدة شخص ثالث يدعى المتعهد له ،فهو عقد شبيه نوعا ما بعقد الوكالة ،فمن خلال هذه الرابطة الثلاثية  الأطراف نكون أمام أولي يجمع المتعهد والمتعهد له اذ بموجبه يلتزم الطرف الاول ببذل ما في مقدوره لإقناع الغير بإقرار مضمون العقد .وصورة هذا النوع من الالتزام هي"الوكيل الذي ضاق به الوقت من أجل الحصول على اذن موكله للقيام بعمل معين خارج حدود وكالته فلجئ الى ابرام عقد باسم هذا الموكل (الغير)لكن شرط أن يقره خلال مدة معينة ،ومعقولة لا تتجوز 15 يوما من تاريخ اخطاره بإبرام العقد ،حتى ينتج أثاره بالنسبة للمتعهد عنه  وذلك طبقا لما نص عليه الفصل 36 من ق ل ع "يجوز الالتزام عن الغير على شرط اقراره اياه .وفي هذه الحالة يكون للطرف الآخر أن يطلب قيام هذا الغير بالتصريح بما اذا كان  ينوي اقرار الاتفاق .ولا يبقى هذا الطرف ملتزما اذا لم يصدر الاقرار داخل أجل معقول على أن لا يتجاوز هذا الاجل خمسة عشر يوما بعد الاعلام بالعقد ".

 

ولا يشترط المشرع في هذا النوع من التعاقد أن يكون صريحا  بل أجاز أن يصدر بشكل ضمني وفق الفصل 37 من ق ل ع "يعتبر الاقرار بمثابة الوكالة ،ويصح أن يجيئ ضمنيا وأن ينتج من قيام الغير بتنفيذ  العقد الذي أبرم باسمه .وينتج الاقرار أثره في حق المقر فيما يرتبه له وعليه من وقت ابرام العقد الذي حصل اقراره ،ما لم يصرح بغير ذلك ،ولا يكون له أثر اتجاه الغير ،إلا من يوم حصوله"

في حالة قبوله لهذا التعهد يصبح هذا الاقرار بالالتزام بمثابة وكالة يتحول بموجبها الى الموكل والملزم الى الوكيل ،ويبدأ سريان هذا الاقرار من تاريخ ابرام العقد الأصلي بين المتعهد  والمتعهد معه ،بينما يسري هذا التعهد في مواجهة  الغير من تاريخ صدور هذا الاقرار حسب الفصل  37 من ق ل ع السابق الذكر.

وفي حالة رفض الغير التعهد فلا يمكن الزامه بما هو عكس ارادته وفي المقابل لا تترتب أي مسؤولية في ذمة  المتعهد اتجاه المتعهد معه على اعتبار أن هذا الأخير  كان عالما بأن الملزم أو المتعهد تعاقد باسم غيره وأن نفاد المتعهد متوقف على اقراره من طرف الغير.

 

الفقرة الثانية : التعهد المطلق عن الغير

لم يخص المشرع المغربي هذا النوع من التعهد بتنظيم التشريعي وترك المجال للفقه ليقوم بتعريفه ،الا ان هذا الاخير اختلف بدوره في تقديم تعريف للتعهد المطلق بحيث جاء في التعريف الذي أورده ذ.سليمان مرقس"الحالة التي يتعاقد فيها شخص عن غيره ويتضمن هذا التعاقد تعهد للشخص عليه هو بأن يجعل الغير يقبل هذا التعاقد"[3]

بينما عرفه الدكتور عبد المنعم فرج الصده"يراد به أن  يتعهد شخص يحمل الغير على قبول الالتزام بأمر معين"[4]

"Jacques Ghestinوهو  على حد تعبير"

‘’Se porter fort pour une personne ,c’est promettre qu’elle consentira à s’obliger ‘’[5]

ويستفاد من مختلف هذه التعريفات ان التعهد المطلق على الغير يختلف مع التعهد المتوقف على شرط الاقرار على اعتبار أن هذا الاخير يبرم العقد باسمه الخاص لا باسم الغير،اذ يقوم شخص يدعى المتعهد في مواجهة شخص آخر يدعى المتعهد له،حيث يجعل شخص ثالث يعطي موافقته على مضمون التعهد.

ونجد في الواقع جملة من الحالات التي تطبق هذا النوع من التعهد ،نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "الحالة التي يقوم فيها الورثة ببيع عقار لهم في وقت يغيب فيه أحدهم ،فيتعهذون للمشتري يحصل  الوارث الغائب على القبول عند حضوره حتى لا تضيع منهم فرصة بيع هذا العقار اذا انتظروا حضور هذا الوارث".

وانطلاقا مما سبق يتضح أن التعهد المطلق أشمل عن التعهد عن الغير المشروط بإقراره على اعتبار أنه المتعهد لكونه مسؤولا  مسؤولية عقدية تجاه المتعاقد الآخر وبالتالي تنشا في ذمته جميع الالتزمات ،في حالة اخلاله بتنفيذ مضمون الالتزام نتيجة رفض الغير لهذا التعهد ،بينما لا ينشأ في ذمة الغير أي التزام على اعتباره أنه ليس طرفا في العقد الاصلي في حالة رفضه ،لكن وبمجرد موافقته على التعهد يتحمل الالتزام الناتج عنه من تاريخ صدور قبوله وليس من تاريخ ابرام التعهد خلافا للتعهد يشترط اقراره الذي لا يحتاج بالضرورة لإنشاء عقد جديد لكنه يبقى يعتمد على العقد السابق الذي أبرمه باسمه اذ ينتج كافة آثاره القانونية .

وبالرغم من أن المشرع لم يخصه بتأطير قانوني إلا أن التعهد  المطلق للغير لابد من أن يتوفر على ثلاثة  شروط حتى يكون صحيحا ،هذه الشروط التي تتمثل في ،

*يجب على المتعهد أن يتعاقد باسمه الشخصي لا باسم الغير الذي يتعهد لحسابه ،مما يختلف عن التعهد عن الغير شريطة اذا قرر وكذا عن عقد الوكالة على اعتبار أن الوكيل يتعاقد باسم الغير المنعقد عنه[6].

*يجب على المنعقد أن يلتزم شخصيا بتنفيذ مضمون التعهد دون اجبار المتعهد عنه لتنفيذه على اعتبار  أن هذا الاخير لا تنشأ في ذمته أي التزام الا اذا وافق على مضمون التعهد ،كما أسلفنا الذكر

ويبقى الحق للمتعاقد معه أن يطالب المتعهد بتعويض نتيجة اخلاله بتنفيذ مضمون التعهد.

*يجب أن يكون حمل الغير على قبول التعهد بمثابة محل بل التزام، ويتميز التزام المتعهد بميزتين ،

أولهما، أنه لا يعتبر التزاما ببذل عناية بل التزاما بتحقيق نتيجة هي حمل المتعهد عنه على قبول مضمون التعهد.

وثانيا ،أنه اذا وافق الغير على التعهد اقضى التزام المتعهد .

هنا نكون قد أنهينا كل ما يتعلق بالتعهد بالنسبة للغير ،لننتقل الى الحديث عن آثر يترتب في حق الغير والمتمثل في آثر الاشتراط لمصلحة الغير الذي سنتناوله خلال المطلب التالي على فقرتين.

 

 

 

المطلب الثاني الاشتراط لمصلحة الغير :

 

يمكن تعريف الاشتراط لمصلحة الغير بكونه عقد يربط شخصين يطلق على أحدهما المشترط مع شخص أخر يسمى المتعهد (الملتزم أو الواعد) يلتزم بموجبه هذا الاخير بأداء عمل  معين لفائدة شخص ثالث اجنبي عن التعاقد يسمى المنتفع أو " المستفيد " .

انطلاقا من هذا التعريف يتبين أن الاشتراط لمصلحة الغير بدوره تمرد عن مبدأ نسبية العقود اذ ينشأ بواسطته حق مباشر لفائدة المنتفع  الذي  يمكن أن يطالب به  المتعهد على الرغم من كونه ليس طرف أصليا في العقد . ونجد أن الواقع العملي قد كرس لاعتماد هذا النوع من العقود في عدة مجالات خاصة التأمين كأشمل مجال لهذا النوع من التعاقد (عقود التأمين)كتأمين الشخص(مشترط) على حياته  لفائدة زوجته وأولاده او لفائدة اي شخص يعنيه (المنتفع) عن طريق التعاقد مع شركة تأمين معينة (المتعهد) تلتزم بدفع مبلغ من المال الى الطرف المنتفع .

وحتى يتأتى اعتماد هذا النوع من العقود ويكون منتجا لأثاره (الفقرة الثانية) لابد من توفر بعض الشروط  (الفقرة الاولى)، لينشأ عقد الاشتراط لمصلحة الغير صحيحا .

 

الفقرة  الاولى : شروط قيام الاشتراط لمصلحة الغير :

الاصل في عقد الاشتراط لمصلحة الغير أنه عقد رضائي لا يقتضي ابرامه تحقق شكل معين ،  لكن على غرار مختلف العقود لابد من توفره على الشروط العامة التي يجب اعتمادها في اي عقد اضافة الى بعض الشروط الخاصة التي ينشا على اثرها هذا العقد صحيحا. والمتمثلة في ما يلي :

 

*اولا :أن يتعاقد المشترط باسمه لا باسم المنتفع :

 حتى ينشأ عقد الاشتراط لمصلحة الغير صحيحا لابد من أن يتعاقد المشترط باسمه الخاص لا باسم الطرف المنتفع ،وهذه هي النقطة الفاصلة بين هذا العقد  وغيره من العقد المشابهة له كعقد الوكالة والنيابة على اعتبار ان الاول يتعاقد باسم موكله بينما الثاني يتعاقد باسم نائبه ، اذن فالمشترط المتعاقد لا بد من أن يتوفر على اهلية التعاقد على عكس النائب ألاتفاقي أو الوكيل ان يكون ذا أهلية تمييز اذ يحق له أن يبرم باسم الغير ملا يستطيع أن يبرمه بالأصالة عن نفسه.

 

*ثانيا : ان تكون للمشترط مصلحة شخصية في الاشتراط :

يجب ان تكون للمشترط مصلحة شخصية تعتبر السبب والدافع الاساسي  وراء هذا الالتزام اي ان تكون الحافز الذي يشجعه على القيام  بالاشتراط وقد تكون هذه المصلحة  مادية أي أن يكون الهدف من ورائها احداث ربح أو نفع مادي ،مثلا أن يبيع شخص(المشترط) ارضا ويشترط  على المشتري (المتعهد) ان يقوم بدفع ثمنها أو ايداعه لحساب ابنه (المنتفع).

كما يمكن أن تكون هذه المصلحة ادبية  معنوية  يهدف من خلالها المشترط  تحقيق الاجر والثواب  كان يقوم شخص ببيع معدات فلاحية لشخص آخر شريطة ان يهب هذا الاخير ثمنها لمؤسسات خيرية (دار الايتام) ، وعلى العموم ايا كان نوع هذه المصلحة فيجب ان تكون مشروعة وغير مخالفة للنظام العام نظرا لكونها هي النقطة المميزة لهذا العقد عن عقد الفضالة مثلا الذي من اهم شروطه ان لا تكون هناك مصلحة للفضولي في العمل الذي يتولاه لحساب رب عمله . وتجدر الاشارة ان بعض الاتجاهات الفقهية اعتبرت ان ضرورة وجود شرط المصلحة حتى ينشا هذا العقد صحيحا لا اساس لها على اعتبار ان هذا الشرط يندرج ضمن الارادة التعاقدية للمشترط اي انه بمجرد تخلف هذه المصلحة تتخلف الارادة ذاتها.كذلك هناك من اعتبر ان ضرورة وجود مصلحة شخصية للمشترط ليست شرطا لصحة العقد بل هي السبب في ابرامه . المهم انه ايا كان تكييف هذه المصلحة سواء كشرط لصحة العقد او كسبب او كجزء من ارادة المشترط فالأساسي هو عدم الاستغناء عنها في هذا النوع من العقود .

 

*ثالثا : ان تتوجه ارادة المشترط والمتعهد لإحداث حق مباشر للمنتفع :

    يقصد بهذا الشرط أن تكون هناك مصلحة مشتركة بين المشترط والمتعهد تتوجه مباشرة الى انتاج حق لفائدة المنتفع الذي يكتسبه دون ان يعتبر طرفا فيه شريطة ان يكون هذا الاخير معينا او قابلا للتعيين وقت تنفيذ العقد على ابعد تقدير وبالتالي فيمكن ابرام العقد دون ان يتم تعيين المنتفع وذلك طبقا لما نص عليه الفصل 34 من ق ل ع "ومع ذلك , يجوز الاشتراط لمصلحة الغير ولو لم يعين .. " لكن بالمقابل فلابد من تعيينه وقت تنفيذ العقد كما اسلفت الذكر وبالتالي اذا لم يتم هذا التعيين "مثلا ،كأن يشترط شخص على المتعهد ان يهب المال الى فقير دون ان يحدده "   اعتبر الاشتراط باطلا وسيعود في هذه الحالة الى المشترط كما لو لم يقبل المنتفع هذا الحق اعتبر كذلك هذا الاشتراط كان لم يكن مع ضرورة اخباره للمتعهد او الواعد قراره بالرفض حسب ماجاءت به الفقرة الاخيرة من الفصل السابق 34 من    ق ل ع "..ويعتبر الاشتراط كان لم يكن اذا رفض الغير الذي عقد لصالحه قبوله مبلغا الواعد هذا الرفض "

وبالمقابل اذا تحققت هذه الشروط الخاصة جميعا يكون عقد الاشتراط لمصلحة الغير صحيحا و منشأ لكافة اثاره والتي سنتطرق لها بالتفصيل من خلال الفقرة الثانية من هذا المطلب.

 

الفقرة الثانية  :  اثار عقد الاشتراط لمصلحة الغير :

ان الاصل في عقد الاشتراط لمصلحة الغير كما سبق واشرنا هو انه عقد رضائي ثنائي ينعقد برضا كل من المشترط و المتعهد او الواعد إلا انه ينتقل الى عقد ثلاثي بمجرد ابرامه اذ يدخل طرفا ثالث في هذه العلاقة التعاقدية آلا وهو المنتفع الذي تلحقه اثار العقد هذه الاثار التي تتمثل في العلاقات القانونية التي تنشا بين مختلف اطرافه والتي نجملها في العلاقة بين المشترط و الواعد من جهة اولى وبين المشترط و المنتفع من جهة ثانية وأخيرا بين المنتفع و الواعد من جهة ثالثة [7]. وسنستهل الحديث عن هذه الاثار :

+ بالعلاقة التي تجمع بين المشترط و المتعهد او الواعد :

لعل ما ينظم هذه العلاقة التعاقدية بين كل من المشترط و الواعد عقد الاشتراط اللذان ابرماه بهدف تحقيق فائدة للمنتفع او معاوضة عن دين او التزام مترتب سلفا على عاتق المشترط او غيرها من الاسباب , المهم هو ان هذا العقد هو المؤطر لهذه العلاقة اذ تتحدد على اثره التزامات  الناشئة في ذمتها وكذا الحقوق التي يتمتع بها  كل واحد منهما . فمن خلال هذا العقد يلتزم المشترط بتنفيذ التزامه تجاه   الواعد وهذا الالتزام يختلف من عقد لاخر[8]

فالمشترط في عقد التامين مثلا الذي يريد التامين على حياته لفائدة زوجته او احد من اسرته يلزم بدفع اقساط التامين الشهرية المتفق عليها بينما تلتزم شركة التامين كطرف واعد في هذه العلاقة بدفع المبلغ الذي اتفقا عليه الى المنتفع بعد وفاة المشترط او تدفعه له في التاريخ الذي اتفقا عليه اذا ظل حيا كذلك هو الحال بالنسبة لعقد الاشتراط التبرعي اي الذي يلتزم المشترط المتبرع بان يهب ارضا او مالا للواعد شريطة ان يقوم هذا الاخير بدفعه للغير وغيرها من الحالات التي تنشا التزامات في ذمتهما واللذان يلزمان بتنفيذها وإذا تقاعس او رفض او قصر اي منهما في تنفيذ التزاماته حق للطرف الاخر عملا بالقواعد العامة اجباره على تنفيذها سواء من خلال مطالبته بالتنفيذ العيني اذا كان ممكنا او ان يطالب بتعويض يتناسب وحجم الضرر الذي تعرض له او ان يطالب بالفسخ والتعويض عملا بمقتضيات الفصل 259 من ق ل ع كما يمكنه ان يقوم بإعمال احكام الدفع بعدم التنفيذ او ان يثير البطلان او طلب الابطال او اعمال اي سبب من اسباب التي تخول انقضاء الالتزام .

دون ان نغفل الامكانية التي خولها المشرع للمشترط والمنتفع معا من خلال الفصل 35 من ق ل ع الذي نص على ما يلي " يسوغ لمن اشترط لمصلحة الغير ان يطلب من هذا الغير تنفيذ الالتزام مالم يظهر منه ان طلب تنفيذه مقصور على الغير الذي اجري لصالحه " اذن وحسب هذا الفصل يمكن مطالبة الواعد او المتعهد بضرورة تنفيذه لالتزاماته  لفائدة المنتفع مالم يتم النص في العقد على حصر هذه الامكانية على المنتفع دون المشترط .

 

+ علاقة المشترط بالمنتفع

ان هذه العلاقة  طرفيها هما المشترط (المتعهد)والمنتفع ،الذي يستفيد منها هذا الاخير من حق دين مباشر في مواجهة المتعهد ،يمكن ان يكون مضمون هذا العقد عمل من اعمال التبرع أو المعاوضة .

أما اذا كانت هذه العلاقة معاوضة مثل حالة اقراض المشترط المنتفع عن طريق عقد الاشتراط (قرض بفائدة)أو أداء المشترط لدين عليه لمنتفع ،خضعت العلاقة لأحكام القرض في الحالة الاولى ولأحكام انقضاء الالتزام بالوفاء في الحالة الثانية[9].

ويبقى للمنتفع حرية قبول الاشتراط أو رفضه له ،كما للمشترك حق نقض الاشتراط لكن في أن يعلن المنتفع عن موافقته على  قبول الاشتراط،كما بإمكان المشترط ان يغير المنتفع ،كأن يستبدل الاب المؤمن على أبناءه ، الابن الصالح الباطل أو العامل بالباطل.

وجاء موقف المشرع المغربي في عدم تعرضه لحق المشترط وفي نقض الاشتراط ، عكس الفقه المطالب لضرورة السماح النقض و خاصة في عقد التأمين  هذه الخاصية التي ساهمت في اعتماده.

اذن ان المشترط له حق  نقض اشتراطه قبل ان يدلي المنتفع بما يفيد قبوله ،أما في حالة قبول هذا الاخير فلا يمكن للمشترط التراجع عن شرطه بالنقض حيث يكتسب حق ثابتا في ذمة المشترط بصفة نهائية.

 

+ علاقة المنتفع بالمتعهد

برجوع الاطراف العقد نجد بأن المنتفع ليس طرفا في هذا العقد ، ويكون مركزه القانوني هو الدائن للمتعهد.

ويكتسب المنتفع حقه المباشر من عقد الاشتراط وليس من المشترط ،ويكون له حق المطالبة المتعهد بتنفيذ التزامه من تاريخ ابرام  عقد الاشتراط بل وحتى قبل قبوله له،ولا يطلب الفسخ لكونه ليس طرفا فيه.

وعليه نستنتج الفرضيات القانونية التالية؛

*يستفيد المنتفع من حقه لحظة الاشتراط لا حتى قبول المنتفع لهذا الشرط،فاذا فقد المنتفع أهليته مثلا ما بين عقد الاشتراط وقبل قبول المنتفع له ،وهذا لا يؤثر على حق المنتفع في قبوله لهذا الاشتراط وفي الاستفادة منه.

*المنتفع يستمد حقه من المشترط ولا يعتبر دائنا له ،فلا يجوز لدائني المشترط استفاء ديونهم من حق المنتفع، لان هذا الحق لم يمر في ذمة المشترط المالية ولا يعتبر عنصرا من مناصر ضمانهم العام.[10]   

*وبصفة مباشرة فالمنتفع يعد دائنا للمتعهد ،ويزاحم دائني هذا الاخير في الضمان العام المقرر على أمواله ،المقصمة بين المنتفع وباقي الدائنين.

*اذا كان حق المنتفع ليس عنصرا من عناصر الذمة المالية للمشترط  فانه لا يدخل في تركة هدا الاخير،فانه توفي مثلا المشترط المؤمن على حياته لمصلحة أولاده ،فانه حق هؤلاء المنتفعين اتجاه المتعهد(شركة التأمين)حق مباشر يتلقونه منه بصفتهم منتفعين لا بصفتهم كورثة للمشترط، لذلك يستوفون مبلغ التأمين كاملا حتى ولو كانت تركة ابيهم مثقلة بالديون ،فلا تطبق قاعدة لا تركة إلا بعد سداد الديون[11]،بل يتم العمل وفق  مضمون عقد الاشتراط،كإبرام عقد لفائدة بعض الورثة دون الاخرين  ،فيطبق مضمون العقد ولا تطبق قاعدة لا وصية لوارث.(هذا قبول المنتفع للاشتراط قبل موته )

*يصبح بإمكان المنتفع التمسك بجميع الدفوع  الناشئة عن عقد الاشتراط ،كأن يطالب ببطلان الاشتراط ان كان باطلا ،او بإبطاله في حالة عيب ارادته ،أو امكانية  طلب فسخ العقد في حالة توفر أسبابه وحالته.

 

 



143. د.نزهة الخلدي.الوجيز في النظرية العامة للالتزامات.مصدر الالتزام الكتاب الاول.مطبعة تطوان.الطبعة الثانية مزيدة ومنقحة 2015.ص [1]

205د.محمد الشرقاني.النظرية العامة للالتزامات (العقد).طبعة 2004.2005  ص   .[2]

67.د.عبد الحق الصافي .القانون المدني .العقد .الكتاب الثاني آثار العقد .الطبعة الالى 2007 ص[3]

 .68 د.عبد الحق الصافي مرجع سابق.ص[4]

68. د.عبد الحق الصافي مرجع سابق.ص [5]

د.عبد الحق الصافي مرجع سابق. ص 71 [6]

.د محمد الشرقاني ص 211[7]

. د. نزهة لخلدي ص 150[8]

.د .محمد الشرقاني.مرجع سابق ص212 [9]

. محمد الشرقاني.مرجع سابق ص213 [10]

. محمد الشرقاني.مرجع سابق ص214..213 [11]

ابحث عن موضوع