بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمــة
الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره ، و نستهديه , والصلاة و السلام على نبينا محمد ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد...
فقد عرف الإنسان الجريمة منذ فجر البشرية منذ هابيل وقابيل حيث وقعت أول جريمة قتل في التاريخ الإنساني. وكلما تعددت وسائل وأساليب الجرائم من قتل أو سرقة أو نصب أو سطو مسلح أو إرهاب.. كلما تطورت وسائل الكشف عنها. لهذا تعتبر علوم الأدلة الجنائية محصلة هذه الجرائم تتطور معها في طرق الكشف عنها والوقاية منها والبحث وراء الحقيقة وتعقب المجرمين.
و هناك أهمية كبيرة للآثار المادية في المجالات الجنائية والتي تشمل التحقق ومعرفة صاحب الأثر حيث تعمل على الوصول إلى الحقيقة ، فالآثار تشير و تدل على عادات صاحبها وحالته الصحية، و تساعد في معرفة عدد الجناة، وإيجاد العلاقة بين شخص المتهم والمجني عليه ومكان الحادث، و التعرف على كيفية ارتكاب الجريمة، وأخيرا تحديد نوع الجريمة المرتكبة ووسائل ارتكابها , و في هذه الورقة البحثية سوف أتناول موضوع قواعد رفع الآثار المادية من مسرح الحادث.
و الله الموفق.
مفهوم الأثـر المــادي
الأثر المادي هو كل شيء تعثر عليه الشرطة أو المحقق الجنائي، أو يدرك بإحدى الحواس، أو بواسطة الأجهزة العلمية، أو المحاليل، في مسرح الجريمة، أو على جسم الجاني، أو على المجني عليه، أو بحوزتهما، سواء كان:
- جسماً ذا حجم، مثل اَلة حادة، جزء من ملابس، مقذوفاً نارياً.. الخ.
- لوناً، مثل بقع دموية، مني، أصباغ. . الخ.
- شكلاً، مثل بصمات الأصابع، اَثار الحبال حول الرقبة- كما في الخنق والشنق.
ويعرف أيضا بأنه:
• عرف الدكتور حسين محمود إبراهيم هو كل ما يتركه الجاني في مكان الجريمة ، أو في الأماكن المحيطة أو المجاورة أو الأماكن المتصلة بها(1).
• وعرف الردادي الأثر المادي، بأنه كل مادة أو جسم يعثر عليه على مسرح الجريمة، أو على أحد أطرافها سواء تم إدراكه بالحواس مباشرة، أو بالاستعانة بالأجهزة العلمية (2).
• و إجرائياً في هذا البحث يقصد بالأثر كل ما يتخلف عن الجاني أو إحدى أدواته في مسرح الجريمة، ومثال ذلك البصمات، أو الشعر، أو الدم، أو آثار الأقدام، وما شابهها، وقد يتطلب الأمر إجراء بعض الطرق العلمية لإظهارها.
علاقة الأثر المادي بالدليـــل المادي :
• يمكن تعريف الأدلة المادية على أنها عبارة عن المواد التي قد يثبت عن طريقها أن جريمة ما قد ارتكبت، أو قد تساعد على ربط الجاني أو المجني عليه بالجريمة .
• و عرف الدليل المادي أيضا على أنه «الأثر الذي يرقى بعد إيجابية فحصه ويصبح دليلاً مادياً مثل البصمة على خزينة هي أثر مادي يؤدي فحصها فنياً بعد رفعها إلى تقديم دليل مادي على أن صاحبها دخل المكان وتلامس مع الخزينة(1).
•و على المستوى الاجرائي الأدلة المادية هي جميع الأشياء التي لها وجود مادي ومحسوس في مسرح الجريمة، ، سواء أكانت ظاهرة للعين المجردة أو تم استخلاصها وإظهارها بالطرق العلمية، ويكون لها دور في كشف الجريمة أو أحد أطرافها.
ومرحلة الأثر هي مرحلة سابقة على مرحلة الدليل؛ فما يكشف في محل الجريمة أو في الأماكن ذات الصلة بالجريمة إنما هي مجرد آثار Traces وقد نسميها مفاتيح الغموض Clues، فإذا ما نجح الخبير في الاستفادة منها
واستقراء مدلولها واستنباط مكوناتها تصبح قرينة على أمر أو دليلاً على شيء(2).
الدليل المادي هو ما يستفاد من الأثر المادي ويتحقق به الثبات، أو هو قيمة الأثر المادي التي تنشأ بعد ضبطه وفحصه فنياً ومعملياً. ولذلك، فوجود صلة إيجابية بين الأثر المادي والمتهم دليل مادي على نفي الجريمة. فمثلاً:
- البقع الدموية: هي أثر مادي، ويقدم لنا فحص فصائل الدم، وبصمة الحامض النووي DNA، دليلاً مادياً على إثبات أو نفي التهمة عن شخص ما.
- بصمة الأصابع: هي أثر مادي، ومقارنة البصمات تقدم لنا دليلاً مادياً على ملامسة صاحب البصمة للجسم الذي يحملها.
- الجروح بالجثة: هي أثر مادي، وفحصها يقدم لنا دليلاً على نوعية الأداة المستخدمة، وضبطها بحوزة المتهم هو دليل مادي ضد.
قيمة و أهمية الآثار المادية الموجودة في مسرح الحادث:
يمكن إبراز قيم و أهمية الآثار المادية في مسرح الجريمة في النقاط التالية:
1- كشف الغموض المحيط ببعض النقاط في بداية عملية البحث الجنائي، كالتأكد من صدق أقوال المجني عليه ، والشهود المشتبه فيهم.
2- الاستدلال على ميكانيكية وكيفية ارتكاب الجريمة.
3- إيجاد الرابطة بين شخص المتهم والمجني عليه ومكان الحادث عن طريق الآثار المادية التي تركها أو انتقلت إليه من مكان الحادث.
4- إمكانية التعرف على شخصية المجني عليه(2).
قواعد رفع الآثار المادية في مسرح الجريمة :
تترك الأقدام، والعجلات، والآلات، وغيرها، اَثاراً في مسرح الحادث أو الجريمة، هذه الآثار لها قيمة كبيرة، يستطيع الطب الشرعي الكشف عنها.
وفيما يلي بيان لقواعد رفع هذه الآثار:
أثار الأقدام
أثر القدم: هو الشكل الذي يتركه القدم في التربة الطرية، كالتراب والرمل والطين، ويسمى بالأثر الغائر. وقد تتلوث القدم بهذا التراب(باختلاف نوعه)، وعند سيرها على سطح صلب تترك أثراً يسمى الأثر المطبوع. أما إذا كان سطحاً صلباً مغطى بالتراب، او بالغبار، فعندما تسير عليه الأقدام فإنه يعلق بها، ويسمى هذا: الأثر المرفوع.
أهمية اَثار الأقدام في البحث الجنائي
1- تدل على الطريق التي سلكها صاحبها. وقد يؤدي ذلك بالمحقق الى منطقة الحادث، وشهود عيان.
2- تشير الى عدد الجناة في مسرح الحادث.
3- عن طريق موقع القدام يمكن تحديد الدور الذي قام به كل جاني، مما يضعف مقاومة المشتبه فيهم أثناء التحقيق- إذا ما واجه المحقق كل واحد منهم بدوره في الجريمة.
4- الحالة التي عليها الجاني، فان الآثار قد تدل ما إذا كان الجاني مريضاً(أعرج مثلاً)، أو مسرعاً، أو متمهلاً، أو حاملاً لأشياء ثقيلة، مثلاً.
القواعد العامة لرفع آثار الأقدام:
1- اختيار أوضح الآثار لرفعها.
2- تنقية الآثار من الشوائب، مثل أوراق الأشجار، والعروق، بشرط أن لا تكون داخلة في تكوين الأثر.
3- تجفيف الأثر من الماء إن وجد، دون زيادة في الأثر، أو إتلافه، باستخدام ورق النشاف، أو اَلات التنشيف التي تدفع هواءً ساخناً، مثلاً.
4- تجهيز وسائل التقوية، كقطع من الصفيح، مثلاً، توضع حول الأثر لكي تتحمل ضغط الشمع او الجبس أثناء صبه في القالب- الأثر.
5- كتابة جميع البيانات على إضبارة القضية، وأهمها اسم رافع الأثر، والمكان الذي رفع منه الأثر، بالإضافة الى اسم المتهم- إن وجد.
كيفية رفع اَثار الأقدام:
رفع الآثار الغائرة
1- التربة الرملية:
يمكن أن يستخدم في هذه الحالة الجبس الباريسي، حيث يخلط بقوام متوسط بين السائل والصلب، ومن ثم يصب في القالب الموضوع حول الأثر، فيأخذ شكل الأثر. ويجب ان يكون سمك القالب 4 سم على الأقل. ويرفع القالب بعد مضي ساعة، ويستلُ برفق ٍ، وإن بقيت هناك أشياء لاصقة بالقالب، فيجب تركها- لكي لا تؤدي الى نتائج مضللة.
2-التربة الطينية:
يستخدم لها الشمع المخلوط بالقلفونية (وهي مادة تزيد صلابة الشمع)،فيُصهر المخلوط في حمام مائي، ثم يصب في القالب المحتوي على الأثر، ويرفع عند هبوط درجة حرارته.
3-التربة الهشة:
وفيها يستعمل محلول جوملكة+ كحول بنسبة 4:1 ، ويرش فوق الأثر رشاً غير مباشراً لكي لا يحدث تغييرات، ويترك المحلول ليجف، لكي نحصل في النهاية على قالب رقيق من الجوملكة بمثل شكل القدم.
4-أثر القدم في الأسمنت:
هذا الأثر نجده في حالة وقوع الجريمة في أماكن الإنشاء والتعمير. ويكون الأسمنت قد جف وأخذ شكل القدم. في هذه الحالة يُدهنُ تجويف الأثر بالزيت، أو بمحلول الصابون، ثم يصب فيه مخلوط الجبس الباريسي، او جبس مماثل.
الأثار في التربة الصلبة
الأثر المطبوع والأثر المرفوع
1-القدم الملوثة بالتراب:
يستخدم في هذه الحالة ورق البروميد الأبيض أو الأسود. يستعمل الورق الأسود عندما يكون التراب فاتحاً. أما الورق الأبيض فيستعمل عندما يكون لون التراب قاتماً. يُغمس ورق البروميد بالماء، ثم يوضع على الأثر فيلتصق التراب بالطبقة الجيلاتينية. وأما إذا كان هناك تبايناً في الألوان فيتم رفع هذه الآثار بالتلوين.
2-أثر القدم الملوثة بالزيت أو بالدم:
القدم الملوثة بالدم أو بالزيت يمكن رفع أثرها بالتصوير، مع مراعاة وضع مقياس بجانب الأثر لكي يسهل تكبيره للحجم الطبيعي.
في حالة ظهور حلمات الأقدام بالأثر:
في هذه الحالة لا يرفع الأثر إلا بالتصوير، وتصبح الصورة كأنها بصمة تماماً.
مقارنة اَثار الأقدام
القواعد الواجب مراعاتها:
1- يؤخذ أثر المشتبه به في نفس مكان الحادث، أو في تربة مماثلة، مع مراعاة نفس ظروف الأثر المرفوع من وضعية: جري، مشي، حمل أثقال..الخ.
2- يرفع أثر قدم المشتبه به بنفس الطريقة التي رفع بها الأثر في مكان الحادث: شمع، تصوير، جبس.. الخ
3- تتم مقارنة الأثر المرفوع مع الأثر المأخوذ من مكان الحادث- إذا كانت القدم عارية. أما إذا كان المتهم منتعلاً أو لابساً جوارب، فيجب مقارنة القالب مع الحذاء او الجوارب.
4- تصوير القالب: حتى يمكن أخذ أبعاده وزوايا القدم بدقة.
كيفية مقارنة اَثار الأقدام
تتم مقارنة رفع اَثار الأقدام وفقاً لما يلي:
1- من حيث النوع: يكون الأثر عادياً، أو مفلطحاً، أو مقوساً.
2- مقارنة الأجزاء التفصيلية: الأصابع، المشط، الأخمص، الكعب.
3- إن إتفقا، يتم تصوير القالبان مع الاستعانة بمقياس، يوضع بجانب القالب. وتقاس الأبعاد التالية:
أ- طول القدم: وهو طول مستطيل، طوله من طرف الأصبع الكبير وحتى منتصف الكعب.
ب- عرض القدم: عرضه بين الحافتين الداخلية والخارجية.
ج- وتر الأخمص: وهو المسافة بين قمة الأصبع الكبير، ومنتصف الكعب- المحصور بين منطقتي المشط والكعب.
د- زوايا الأصابع: وهي الزاوية المحصورة بين إمتداد خط الأصابع-الواصل بين قمة الأصبع الصغير وقمة الأصبع الكبير، وإمتداد خط الطول الذي يمس الحافة الداخلية.
ه- العلامات المميزة: مثل ركوب إصبع على اَخر، أو وجود ندبات أو كدمات أو تشققات. وهذه تظهر إذا كانت القدم عارية. إما إذا كان المتهم منتعلاً، فيكون هناك علامات مميزة للحذاء في نقوش وكتابات وأرقام ومسامير وأثر تآكل وخياطة أحياناً. أما في حالة الجوارب فتقارن اتجاهات خيوط النسيج.
مقارنة اَثار الأقدام المتتابعة
الأقدام المتتابعة: هي الآثار التي يتركها الفرد إن سار لمسافة معينة، بحيث تكون: أثر اليمنى، ثم اليسرى، ثم اليمنى، وهكذا. وهذه الآثار جميعها تربط بينها قواعد أهمها:
1- اتجاه السير: وهو الخط الواصل بين نصف المسافة لعقبين متتاليين ونصف المسافة للعقبين التاليين. وهو خط مستقيم بالنسبة للشخص العادي، وغير ذلك بالنسبة للمرضى، والسكارى، وذوي العاقات.
2- خط السير: وهو الخط الواصل بين منتصف الكعب الأيسر والكعب الأيمن، ثم منتصف الكعب الأيسر، ثم الأيمن، وهكذا. ويكون، أيضاً، متعرجاً لدى الأشخاص غير العاديين.
3- خط القدم: عبارة عن محور القدم. وقد يتوازى مع خط الاتجاه او يلتقي به مكوناً زاوية القدم، وهي تختلف من شخص لآخر.
4- زاوية السير: وهي الزاوية المحصورة بين محور القدم الأيسر مع محور القدم الأيمن. ولمقارنة هذه النقاط يتم تصوير اَثار الأقدام المتتابعة بارتفاع مناسب. وتتم دراسة كل ما سبق عليها.
قوة أثر القدم في الإثبات
تعتمد نقاط المقارنة في غالبيتها على مقاسات يمكن ان يحدث فيها خطأ وصواب، إما في القياس، وإما لظروف التربة. قانونياً، تعتبر اَثار الأقدام دليلاً قاطعاً في حالتين:
1- إذا ظهرت في الأثر الخطوط الحلمية، وعندئذ تصبح كالبصمة.
2- إذا اختلف أثر المشتبه به مع الأثر في محل الحادث ،فان ذلك يدل على ان الأثرين لشخصين مختلفين ( ).
اَثار العجلات
عندما تسير السيارات فإن العجلات الخلفية تُطمِسُ/تشوه/ اَثار العجلات الأمامية، ولا يمكن رؤية أثر العجلات الأربع إلا عند الدوران.. بدراسة اَثار العجلات يمكن تحديد نوع السيارة من حيث هي صغيرة أو سيارة نقل. وهذه الآثار يمكن رفعها بالطرق التي سبق وشرحناها قبل قليل في اَثار القدم. وعند ضبط سيارة مشتبه بها، يجب فحص إطاراتها، ومقارنتها، إذا ما كانت تحتوي على قطع زجاج أو رمال أو أي اَثار أخرى من مكان الحادث. في محاضرة لاحقة سنروي لكم حادثة وستتأكدون كيف تم الكشف عن جريمة بشعة بواسطة اَثار العجلة، زائداً فحوصات أخرى أُجريت بفضلها( ).
اَثار الآلآت
أحياناً تستخدم في الجرائم اَلات حادة، مثل المفك والزردية، والإزميل، ومقص الحديد، وغيرها من الآلات التي تستخدم في الكسر، أو الفتح، يُعثرُ عليها في مسرح الجريمة. كل اَلة من الآلات المذكورة، وغيرها، تترك أثراً في الجسم الذي استعملت عليه.. وعدا هذا، في بعضها تتبقى بعض ذرات هذه الأجسام على الآلات..
يمكن فحص اَثارها، باستخدام هذه الآلات، بنفس الطريقة، التي استخدمت أثناء الجريمة، ومقارنة الأثر بعد تصويره وتكبيره بنفس الحجم( ).
قواعد رفع آَثار التراب
تنقسم الأتربة من حيث العناصر المكونة لها الى:
1- تراب ذو عنصر نباتي أو حيواني( غالباً في البيئة الريفية).
2- تراب ذو عنصر معدني(غالباً في البيئة المدنية والصناعية).
وينقسم التراب من حيث المصدر إلى:
1- تراب الطريق:
يلاحظ فيه ارتفاع العناصر المعدنية عن العناصر النباتية، ويمكن ان يَعلَقَ بالآخرين، وبالأجزاء السفلى من الملابس، وبالأحذية، وفي إطارات السيارات.
2- تراب المساكن:
وهو المتخلف من السجاد، والموكيت، والفراش، والملابس الصوفية. ويعلق أحياناً بجسم الجاني، خصوصاً في جرائم العنف، كالاغتصاب، والخنق بكتم الأنفاس.
3- التراب الصناعي:
وهو المتخلف من الصناعات المختلفة: كالدقيق، والأسمنت، والفوسفات، وغيرها. ويوجد مثل هذا التراب في ورشات البناء، والمخازن، والمستودعات. ومثل هذا التراب يعلق بالألبسة، وكذلك نجده داخل القصبات الهوائية- بالنسبة للمتوفين.
4- تراب المهنة:
هذا التراب متنوع بتنوع المهن. فهو من الفوسفات- بالنسبة للعاملين في مناجم الفحم. ومن الطباشير- لدى المعلمين. وهذا التراب يمكن ان يوجد أيضاً في القصبات الهوائية للمتوفي، ويفيد في تحديد الوسط الذي ينتمي إليه المجني عليه، مما يسهل الكشف عن هويته.
5- تراب الأنقاض:
ويظهر في الجرائم التي يلجأ فيها الجاني الى هدم أو إحداث ثغرة ما في بناء قائم من أجل الدخول الى المكان لسرقته أو لارتكاب جريمة فيه. فيتم العثور على غبار مدخنة، أو تراب طوب، أو قطع زجاج، الخ.
6- تراب الخزائن: وهو التراب الذي تبطن فيه الخزائن لحمايتها من الحريق. ويتكون من خليط من المواد التالية: سلفات البوتاسيوم، سلفات الألمنيوم، نشارة خشب، ورق حراري، صودا، منغنيز.
تظهر هذه الاتربة في ملابس المجرمين المتخصصين في كسر وسرقة الخزائن.
الأهمية الجنائية لأثر الأتربة:
لآثار الأتربة قيمة في الكشف عن هوية الجاني، والمجني عليه، أحياناً. بدراسة تلك الآثار، ومقارنتها بمسرح الجريمة، يمكن المساعدة في الكشف عما يبحث عنه الباحث الجنائي( ).
قطع الزجاج
لقطع الزجاج أحياناً أهمية في تحديد الجاني من حيث وجود قطع صغيرة من الزجاج المتحطم في مسرح الجريمة عالقة بملابس المشتبه به، فتعتبر دليلاً ضده.
ويمكن مقارنة هذه القطع مع الزجاج الأصلي، بالطرق التالية:
1- ملائمة وتكامل قطع الزجاج: فقط حين تكون القطع كبيرة.
2- الوزن النوعي للزجاج: تتم مقارنة قطع الزجاج الصغيرة بعد تنظيفها بالغسل بالأثير، وتوضع كل عينة في كأس من البروموفورم، ثم تسخن في حمام مائي، وتترك لتبرد. فيلاحظ أي العينات تصعد قبل غيرها الى السطح، أو تصعد بالتساوي، في اَن واحد، وحينئذ يكون الزجاج واحداً.
3- معامل الانكسار: هناك طرق خاصة لقياس هذا المعامل( ).
أعقاب السجائر :
لأعقاب السجائر الموجودة بمسرح الجريمة أهميتها الجنائية حيث يمكن من خلال اللعاب الموجود عليها ومقارنته باللعاب الخاص بالشخص المشتبه به أن يؤكد أن هذا اللعاب يخص صاحب أعقاب السجائر التي وجدت بمكان الواقعة وذلك عن طريق تحليل DNA لهذا اللعاب (2).
القواعد الخاصة بالآثار البيولوجية في مسرح الجريمة
الآثار البيولوجية من الآثار الهامة جداً في مسرح الجريمة. وهي تتميز باختلافها عن الآثار المادية الأخرى في مسرح الجريمة باختلاف طبيعتها، وذلك لكونها ذات أصول حيوية/بيولوجية/ أولاً. والنشاط الحيوي البيولوجي لهذه الآثار هام جداً، خصوصاً وقد أمكن تكثير النشاط البيولوجي، وتطويره، الى الحد الذي يجعله صالحا لإجراء الاختبارات المتعلقة بهذه الاثار.
لذلك فان الاساليب الواجب اتباعها في تسجيل وحفظ ورفع ونقل هذا النوع من الاثار له طبيعة خاصة. وبقدر ما يطبق الاسلوب العلمي الصحيح في هذا الجانب، فان ذلك يخفف العبء عن خبراء المختبر الجنائي، ويسهل الوصول الى الحقائق بأسرع وقت، وباقل جهد.
ولابد من الانتباه جيداً الى ان مراعاة اصول الحفظ، والتحريز الصحيح، يحفظ للدليل قيمته القانونية عند المحاكم، ويدفع شبهة العبث او الاهمال، او التبديل، او التلوث. مثلما يحفظ له قيمته المادية من التعفن والتلف والفساد .
ما هي الآثار البيولوجية ؟
تشمل الاثار البيولوجية ما يلي:
1- الدم.
2- سوائل الجسم الأخرى.
3-الأنسجة والخلايا.
4- العظام.
5-الشعر.
6- الحيامن أو الحيوانات المنوية .
وهنا لابد من الانتباه: في حالة التعامل مع الاثار البيولوجية، فأنه يجب على المحقق والفني الجنائي، الذي يقوم برفع وتحريز هذه الاثار، ضرورة ارتداء قفازات(كفوف)، وكمامات-عند الضرورة، حتى لا تختلط الآثار البيولوجية، التي عثر عليها في مسرح الجريمة، بالعَرَق، او اللعاب، الذي يمكن ان يصدر من المحقق أو الفني، او غيرهما، أثناء العمل..
من جهة أخرى، فان استخدام وسائل الوقاية من الأمراض المُعدية، كالكمامات والكفوف، هام جداً، اذ ان الآثار البيولوجية غالبا ما تحمل الجراثيم، والفيروسات، والأمراض التي يعاني منها الضحية، وأحياناً الجاني، وقسم منها خطير، مثل فايروسات الأيدز، والتهاب الكبد الوبائي، وغيرها. وباستخدام وسائل الوقاية يحمي المحقق الجنائي، والفني، وغيرهما، أنفسهم من انتقال العدوى إليهم، ودرء نقلها الى الآخرين
الأمر الآخر الذي يجب الانتباه إليه هو البحث في مسرح الجريمة عن الآثار في الأماكن التي يتوقع وجودها فيها. ففي جرائم الاعتداء الجسدية مثلا، يُتوقعُ العثور على عينات شعر، او بقع دم، او أثر لعاب على جسد المجني عليها، او على ملابسها. كما يتوقع وجودها على جسم المشتبه به، او تحت اظافر المجني عليها، أو لدى الجاني، وعلى اعقاب سجائر ملقية في المكان، او بقايا عرق الأيدي على الاسطح والاماكن التي لامسها الجاني، أو الجناة، او المجني عليها، أو المجني عليهم .
ويتوقع وجود الآثار البيولوجية، وخصوصاً السوائل المنوية في الاعتداءات الجنسية، في مناطق الملامسة، المتوقعة بين الجاني والمجني عليها أو عليه. وتتجاوز نقاط الملامسة هنا مناطق المواقع والاعضاء التناسلية، الى أعضاء أخرى، وفي اشياء اخرى، حملت اثار منوية، او عرق، او شعر، او لعاب، وخلاف ذلك من الاثار البيولوجية، وغيرها (1).
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات و الصلاة و السلام على خاتم النبيين , محمد بن عبد الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ... أما بعد ...
فقد تناولت على الصفحات السابقة من هذا البحث موضوع:" قواعد التعامل مع الآثار المادية في مسرح الجريمة "
هذا و أسأل المولى تبارك و تعالى و أدعوه أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على نحو طيب .
و بالله التوفيق ...
قائمة المراجع
1- إبراهيم , حسين محمود (1981م) الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي ,القاهرة: دارة النهضة العربية.
2- الجابري , جلال (2009م)، الطب الشرعي القضائي , القدس: مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع .
3- الجندي , إبراهيم صادق (2000م) الطب الشرعي في التحقيقات الجنائية، الرياض: أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية.
4- الردادي , أحمد بن دخيل الله (2000م) معاينة مسرح الجريمة بين النظرية والتطبيق. جدة: الدار السعودية للأبحاث والنشر.
5- http://www.aleppobar.org/forum/showthread.php?t=192328
المملكة العربية السعودية
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
قواعد التعامل مع الآثار المادية
البحث من اعداد
إعداد الطالب : تركي عايض الدوسري
إشراف الدكتور : عبد المحسـن المقـذلي
العام الجامعي
1433-1434هـ