الثقافة :
كلمة ثقافة أو حضارة ليست غريبة عنا, فنحن نستعملها في أحاديثنا اليومية, لكن هناك فروق في الحياة اليومية ومعناها الاصطلاحي في علم الاجتماع. يختلف تعريف علماء الاجتماع للثقافة والحضارة عن التعريفات اليومية لهذا المصطلح وعن تعريف القاموس له. فترى التعريفات القاموسية اليومية والتعريفات لمصطلح الثقافة فهي انعكاسا لانجازات التفكير والأخلاقيات والفنون .
أما علماء الاجتماع فوضعوا الكثير من التعريفات, وتقبل معظمهم تعريف الباحث الانجليزي ادوارد تيلور الثقافة تولد من التجربة التاريخية للبشر وتشمل مركبات مثل : المعلومات والمعتقدات والفنون والأحكام الخلقية والقوانين والعادات , وهي جميع العادات والقدرات التي يكتسبها الإنسان كفرد في المجتمع. المركبات الأساسية للثقافة في هذه التعريفات هي : الرموز والأفكار والقيم والمعايير الاجتماعية والثقافة المادية .
لا تنقل الثقافات عبر الأجيال عن طريق الوراثة البيولوجية إنما من خلال التعلم. فنحن نستوعب مركبات الثقافة منذ ولادتنا . جميع هذه المركبات نكتسبها في حياتنا منذ الطفولة حتى الشيخوخة وهذا ما يسمى بالتنشئة الاجتماعية.
الصدمة الثقافية :
هي ردة فعل يتراوح ما بين التعجب والنفور والابتعاد من معتقدات ومركبات ثقافية غير مألوفة , وذلك نظرا للفروق بين الثقافات .وقد تؤدي الصدمة الثقافية لعدم قدرة الفرد على الاهتداء والعمل في الثقافة الغريبة عنه .
التصنيف ,الأفكار النمطية والقولبات :
يحرص الإنسان على إدراك المعيار في العالم الذي يتواجد فيه . فهو دائم الانشغال بمحاولة فهم العالم من حوله , ولديه ميل لإدراج المعلومات في قوالب معرفية , لإنجاح احتكاكاته الاجتماعية وتقليل حاجته إلى التعلم باستمرار عن العالم الذي يحيط به .
يتصرف الإنسان بطريقة مشابهة بحياته اليومية,فهو يجد صعوبة في تحليل وفك رموز المعلومات الجديدة , لذلك فانه يصنفها ويدرجها بناء على المعلومات التي اكتسبها سابقا . فبهذه الطريقة فانه يقلل حاجته إلى التعلم باستمرار. يعتبر الميل للتصنيف صفة يتصف بها الإنسان, ويمكن الافتراض بان التصنيف الذي يقوم به فرد من أفراد المجتمع سيكون مشابها لتصنيف بقية أفراد هذا المجتمع.
مثال:اذا اكتشفنا في محادثات "التشات" ( الدردشات على الانترنت) ان الذي يحدثنا هو من أصل أجنبي فإننا سنفترض بأنه مهذب , وسنتحدث معه بكثير من الأدب , ومن البديهي القول ان هذه الصفة قد لا تنطبق على هذا الشخص .
حسنات/ ايجابيات التصنيف :
- تقليل الحاجة الى التعلم الدائم .
- تشخيص وفهم الظواهر الاجتماعية .
- يمنح الإحساس بوجود نظام في عالم الفرد.
سيئات / سلبيات التصنيف:
- يجعل التصنيف الإنسان أن يتوصل إلى استنتاجات مغلوطة وخاطئة .
- يؤدي إلى آراء مسبقة وقولبات.
الأفكار النمطية ( الآراء المسبقة)
هي موقف أو تقييم وشعور اتجاه فئة أو مجموعة كاملة من الأشخاص قبل الدخول في أي تفاعل اجتماعي معهم مع تجاهل الحقائق الواقعية. قد تكون الفكرة المسبقة ايجابية أو سلبية، إن الفكرة المسبقة السلبية تجعلنا نتعامل مع الآخرين بنفور وبعدوانية. بعض الأشخاص لديهم أفكاراً مسبقة ايجابية عن الألمان لأن صناعتهم دقيقة ومتطورة وهناك من يحمل أفكاراً مسبقة سلبية عن الألمان يجعلهم يبتعدون عنهم. إن التعميم لا أحب المرأة التي تصبغ شعرها يجعلنا نحكم على المرأة التي تصبغ شعرها قبل الالتقاء بها بشكل سلبي. إن التمييز العنصري هو أحد أنواع الأفكار المسبقة لأنه يعتبر أن جنساً معيناً من البشر أفضل من الأجناس الأخرى.
من الصعب تغيير الأفكار المسبقة حتى حين يظهر للفرد إنها مغلوطة.
القولبة
القولبة هي تصوير مبالغ به اتجاه فئة من الأشخاص وهي صور متخيلة مشوهة لمجموعات وهي الدمج ما بين المكانات الاجتماعية (المراكز الاجتماعية) والصفات الشخصية والأنماط السلوكية.
مثلاً الرومانيون لصوص، الإنجليز مؤدبون والفارسيون بخلاء.
قد تكون القولبة ايجابية أو سلبية ونستعين بها في علاقتنا مع الآخر لأنها توفر علينا جهد التعرف عليه وإكمال المعلومات عن مكانته. كثيراً ما تكون القولبات مغلوطة مما يؤثر على العلاقات الاجتماعية قد تجعلنا نمتنع عن أي احتكاك اجتماعي مع الآخر وتضطر القولبات أفراد مجموعات معينة أن يثبتوا طول الوقت أن القولبة لا تنطبق عليهم.
الثقافة المادية وغير المادية:
الثقافة المادية: تتألف من أشياء ملموسة ينتجها الإنسان يمتلكها ويستخدمها في حياته مثل البيوت، وسائل القتال، وسائل النقل، الكتب وأدوات العمل. الثقافة المادية التي أنتجها المجتمع تعكس الثروات التي يملكها وتعكس مستواه التكنولوجي وحاجات الأفراد فيه، فالمجتمع الحديث خلق ثقافة مادية متطورة تعتمد على المناجم ومصادر الطاقة والتكنولوجيا المتطورة فهو ينتج السيارات، القطارات، الطائرات والفاكس. أما في مجتمعات فقيرة بالثروات والتكنولوجيا تطورت ثقافة مادية أقل تقتصر على نقل البضائع على ظهور البهائم أو بعربات تجرها الخيول. لا تعكس الثقافة المادية حاجات أفراد المجتمع فقط بل تعكس قيمهم أيضاً. ففي المجتمع الحديث ينتجون العديد من السيارات ولكن الفرد يستخدمها بتأثير قيمة الفردانية في المجتمع الحديث والسيارة تحرره من التبعية للمواصلات العامة يتنقل بها اين ومتى يشاء لذلك يختار سيارة تعكس ذوقه الشخصي.
عندما يخطط ويبني الانسان المدن فهو يعكس من خلالها قيمه ومعاييره الاجتماعية حيث يسكن في عمارة متعددة الطوابق فيها مصعد مشترك لكن علاقته مع الناس تكون قليلة.
الثقافة غير المادية:
هي غير الملموسة والمجردة كالقيم، المعتقدات، الرموز والطقوس وسنشرح ذلك بتوسع لاحقاً.
مركبات الثقافة (غير المادية)
أ) القيم :
هي مبادئ عامة تشكل أساساً للمعتقدات وهي مقاييس تميز بين الجيد والسيئ، ين الجميل والقبيح وبين الصحيح والخطأ. توجه القيم أفراد المجتمع في سلوكهم مثل الوصايا العشر في الديانة اليهودية ومبادئ كل من الديانة المسيحية والإسلامية. تختلف المجتمعات عند بعضها من ناحية القيم وتختلف القيم في نفس المجتمع من فترة زمنية إلى أخرى مثلاً قيمة المساواة بين الجنسين وقيمة الديمقراطية والاحتشام ليست مقبولة في كل الثقافات.
سلم القيم: يمكن تدريج قيم المجتمع على سلم القيم حيث تترأس أعلى السلم القيم العليا أو السامية وتسمى أساسية لأنه يوجد إجماع من أفراد المجتمع عليها ويضحي الفرد من أجلها.
كل مجتمع يرتب سلم القيم حسب ثقافته ويتغير سلم القيم من مجتمع لأخر. ومن زمن لأخر ومن اجل تطبيق قيمة مهمة يتنازل الفرد عن قيمة اقل أهمية في نظرة مثلاً من أجل قيمة الاستقامة يضطر الفرد للتنازل عن قيمة النجاح.
صراع القيم: عندما يضطر الفرد إلى الاختيار بين عملين قائمين على قيمتين في اعلي سلم القيم وعند الاختيار سيتنازل عن أحداهما فإنه سيعاني من تخبط أخلاقي ويصاب بحيرة ويختار مضطراُ "أحلى المرين أو أهون الشرين".
مثلاً في الامتحان تطلب صديقة رلى منها المساعدة فهي تصبح في صراع بين قيمتين : المساعدة والصداقة مقابل الاستقامة. كما أن القاضي يجد نفسه في صراع قيم عندما يتقدم مريض ميئوس من حالته للمحكمة لقطع التنفس الاصطناعي عنه.
ب) المعايير الاجتماعية:
المعايير هي ترجمة القيم إلى توجيهات عمل وسلوك وهي تطبيق وتنفيذ القيم على ارض الواقع. مثلا قيمة قدسية حياة الإنسان هي توجيه عام ولكن المعايير الاجتماعية تفصل ما يجب فعله أو عدم فعله لتطبيق هذه القيمة مثلا:
- تطعيم الأطفال حسب وزارة الصحة.
- الانصياع لقوانين السير.
- التزود بكمامات واقية وقت الحرب.
مثال آخر قيمة احترام المسن تصبح معياراً عند تنفيذها في حالة صعود مسن للحافلة ولم يجد مكانا للجلوس عندها يقف احد الشبان ويعطيه مكانه.
ويمكن تحليل كل معيار اجتماعي حسب خمسة أسئلة وهي:
1. من الذي يتوقع ؟ في المثال أعلاه الذي يتوقع هو المسن والمسافرون.
2. ممن نتوقع ؟ من الشاب الجالس.
3. ماذا عليه أن يفعل ولا يفعل ؟ عليه أن يقف ولا يبقى جالساً.
4. في أي الحالات ؟ عندما تكون الحافلة مليئة بالمسافرين ولا مكان للمسن.
5. ماذا تكون النتيجة ؟ إذا وقف يحترمه المسن الناس وإذا بقي جالساً يحتقرونه.
نسمي نتيجة تنفيذ المعيار أو عدم تنفيذه جزاء. فإذا نفذ الفرد المعيار يحصل على جزاء ايجابي (ثواب) وهو متعدد الأشكال منه المادي مثل جائزة مادية ومنه المعنوي مثل شهادة تقدير ومديح وابتسامه، أما إذا لم ينفذ الفرد المعيار يحصل على جزاء سلبي (عقاب) وهو متعدد الأشكال أيضاً منه المادي كدفع غرامة أو الجسدي أو المعنوي كالسخرية والنميمة.
يقسم الجزاء أيضا إلى قسمين:
1. جزاء رسمي: هو مجمل الجزاءات التي ينص عيها القانون او أي وثيقة رسمية مثلاً جائزة مالية او شهادة تقدير هي جزاء رسمي ايجابي بينما السجن هو جزاء رسمي سلبي.
2. جزاء غير رسمي: هو مجمل الجزاءات التي لا ينص عليها القانون ولا أي وثيقة رسمية مثلاً الابتسام والمدح هو جزاء غير رسمي ايجابي بينما المقاطعة والأبعاد هو جزاء غير رسمي سلبي.
أن الالتزام بالقيم والمعايير حيوي في المجتمع للمحافظة عن النظام وعدم الفوضى ونسمي السلوك حسب المعايير الاجتماعية بالامتثال أما السلوك بعكس المعايير يسمى الانحراف.
أنواع المعايير الاجتماعية:
يميز سامنر بين نوعين من المعايير:
1. الأعراف ( القواعد الأساسية ) (Mores): هي معايير ضرورية ومهمة للنظام الاجتماعي تتعلق بالتصرفات الأخلاقية وهي تضمن نظام اجتماعي سليم ومن لا ينفذها يمس بالأخلاق الاجتماعية ونعاقبه بشدة وصرامة مثل يهودي في إسرائيل يرفض الخدمة العسكرية او زيارة أماكن العبادة بلباس غير محتشم.
2. عادات شعبية (Folkways): هي معايير ليست ضرورية وليست أساسية لبقاء وجود المجتمع وعدم تنفيذها لا يشكل مساً خطيراً بالمجتمع والعقاب عليها بسيطاً مثل عدم استعمال الشوكة والسكين عند الأكل او عدم وضع اليد على الفم عند السعال.
لا يوجد تقاطب بين أعراف وعادات شعبية بل هناك استمرارية على المحور حيث يكون المعيار قريباً من الاعراف او العادات الشعبية حسب درجة ضرورته وأهميته في المجتمع.
أعراف : قتل الروح عادات شعبية :رمي النفايات
يختلف المعيار من مجتمع لآخر ومن فترة لأخرى, فالمسلم الذي يعيش في مدينة يهودية ويأكل في رمضان يُعتبر هذا عادات شعبية أما إذا أكل في رمضان في مكة المكرمة يعتبر أعرافاً.
جـ) الشارات، الرموز واللغة :
الاتصال ضروري بين أبناء البشر وبدونه لا وجود لاي منظومة اجتماعية ويتم الاتصال بواسطة الشارات، الرموز واللغة.
1. الشارة: هي شيء يمثل الشيء نفسه على ارض الواقع عن طريق علاقة منطقية ندركها بالحواس مثل دائرة بداخلها دائرتين صغيرتين هي شارة تمثل وجه إنسان أو دائرة تخرج منها خطوط مستقيمة هي شارة تمثل الشمس.
2. الرمز: هو شيء مستعار يمثل شيئاً آخر وله دلالات عاطفية او فكرية اتفق عليها البشر، مثل نجمة داوود ترمز إلى الصهيونية وغصن الزيتون يرمز إلى السلام والعصفور الطائر يمثل فكرة الحرية. ان الرمز بخلاف الشارة لا يمكن إدراكه بالحواس وإنما من خلال الفهم والتفكير المجرد، مثلاً لا يمكن ان ندرك بحواسنا الملموسة الحب والمساواة. إن الرموز تمرر لنا قيماً مختلفة مثلا علم الدولة يعطينا قيمة تثير فينا المشاعر والاحاسيس ويرمز النشيد القومي إلى قيم متعددة كالهوية والانتماء.
توجد أنواع مختلفة من الرموز : كلامية وغير كلامية مثل حركات الجسم، تعابير الوجه، اللباس والألوان.
3. اللغة: تعتبر اللغة المحكية والمكتوبة منظومة رموز مهمة وهي منتج اجتماعي لها عدة وظائف وهي:
أ. بواسطتها يتواصل الناس مع بعضهم ويقيمون علاقات اجتماعية.
ب. يعبر الفرد بواسطة اللغة عن أفكاره ويمررها للآخرين.
جـ. بواسطتها ننقل للآخرين توقعاتنا منهم.
د. تزيد من التماسك الاجتماعي.
هـ. تستخدم وسيلة لتوريث الثقافة للأجيال القادمة.
تعكس اللغة حاجات المجتمع وثقافته. ففي اللغة العربية توجد كلمات كثيرة تصف الجمل أو الأسد وعند الاسكيمو كثير من الكلمات تميز بين أنواع الثلج المختلفة. في اللغة الانجليزية توجد ثروة لغوية غنية مرتبطة بالآلات بينما المجتمع الذي يعتمد على الصيد البحري لديه ثروة لغوية واسعة تتعلق بالصيد البحري.
بالرغم من ان اللغة تتيح لنا الاتصال بالآخرين لكنها أحيانا تقف عائقاً عند الاتصال مع مجموعات تنتمي إلى ثقافات أخرى. يغير الفرد نمط كلامه عندما يتغير السياق الاجتماعي الذي يتواجد فيه. حديث الكانسان مع شخص مهم كمدير مثلا يكون بلغة معينة بينما يكون بلغة أخرى مع إنسان اقل أهمية.تستعمل الثقافات الفرعية داخل المجتمع لغة خاصة بها لا تكون مفهومة عند الآخرين فالأطباء والمحامون والشبان يستعملون لغة خاصة بهم.
اللغة الخرساء – ادوارد هول
يتم الاتصال بين الناس ليس فقط عن طريق اللغة المحكية وإنما عن طريق اللغة غير الكلامية (اللغة الخرساء) وهي لغة الجسد، حركات الأصابع واليدين، لون الملابس، تغليف الهدية والمسافة بين المتحدثين التي تفسر بطريقة مختلفة في ثقافات أخرى.
استعرض هول في كتابة اللغة الخرساء الفروقات الثقافية في التعامل مع مفهومي الزمان والمكان.
1. مفهوم الزمن:
تختلف الثقافة الأمريكية عن ثقافة قبيلة سيوكس يما يتعلق بالزمن. في قبيلة سيوكس لا يعرفون مفهوم قبل، بعد، متأخر وانتظر ولا يملكون ساعات. لكنهم عندما احتكوا بالرجل الأبيض تعلموا مفهوم الزمن عن طريق شراء ساعات وتدربوا عليها وحدد لهم المسؤول ساعة انطلاق الباص للعمل ومن يتأخر يخسر عمله. أما في أمريكا لديهم دقة في المواعيد ولديهم الوقت يساوي المال لذلك لا يعقل أن يتأخر إنسان نصف ساعة اذا تواعد مع رجل أعمال أمريكي لأن ذلك يعتبر اهانة وعند التأخر خمس دقائق عن الموعد يجب إعطاء تفسير واعتذار.
في امريكا لا يحددون مواعيد في الصباح " او " عند الظهر " بل يجب تحديد الموعد حسب الساعة والدقيقة.
قد يؤدي اختلاف مفهوم الزمن بين الثقافات إلى حدوث سوء تفاهم كما يشرح ذلك احد الدبلوماسيين الأمريكان الذي يعمل في بلد ليس فيه دقة في المواعيد فيقول تأخير نصف ساعة عندهم لا تجعله يشعر بالإحراج او الاعتذار.
2. مفهوم المكان:
يختلف مفهوم النظرة إلى المكان حسب الثقافة فالأمريكي لا يشجع حدوث تلامس جسدي، فإذا سافر في باص مليء بالركاب او دخل إلى مصعد يحاول أن يتقلص وينكمش حيث لا يلمسه الآخرون. في مكان العمل أيضا اختلاف بين نظرة الأمريكان والفرنسيين لقدوم موظف جديد إلى المكتب. فالأمريكيون يستقبلون زميلاً جديداً باحترام حيث يتقاسمون معه المكتب اما الفرنسيون لا يحركون ساكناً يعطون له طاولة صغيرة في إحدى الزوايا المظلمة.
كما أن اختلاف الثقافات يكون من حيث المسافة ين المتحدثين : ففي أمريكا الشمالية يبعدون المسافة لكن في جنوب امريكا يقلصونها فعندما يلتقي شمالي وجنوبي يحاول الأول أبعاد المسافة ويحاول الثاني تقليصها لذلك نرى الأول يتراجع للوراء والآخر يقترب منه ولهذا يتهم الجنوبي الشمالي بأنه متكبر بينما الشمالي ينتقد الجنوبي بانه يلتصق به ويرش وجهه بالبصاق.
د) المؤسسات وعملية المأسسة:
المؤسسة الاجتماعية: في اللغة اليومية نعتبر التامين الوطني، البلدية، المستشفى والجامعة مؤسسات ولكن في لغة علم الاجتماع منظمات. أما الؤسسة في لغة علم الاجتماع عبارة عن منظومة من القيم، المعايير، المراكز، الأدوار والمجموعات التي يتم تنظيمها من اجل تلبية حاجات الإنسان الأساسية. تعتبر المؤسسات وحدات النظام الاساسية وتتميز بثباتها واستقرارها وتعمل على توجيه سلوك الفرد. يؤكد أصحاب النهج الوظيفي على اهمية المؤسسات في بلورة المجتمع والمحافظة على استقراره واستمراريته لان المؤسسات تلبي الحاجات الاجتماعية. لنأخذ مثالاً لمؤسستين اجتماعيتين:
1. مؤسسة التربية والتعليم.
الحاجات الاجتماعية: نقل المعلومات والتراث إلى الأجيال الشابة.
القيم: الحفاظ على التراث الثقافي.
المعايير: التطرق في منهاج التعليم إلى الأعياد والمناسبات العامة.
أصحاب المراكز والأدوار: معلم، طالب، مرشد، شيخ دين.
المجموعات والمنظمات: مدرسة، معلمون، طلاب، جامعة.
2. مؤسسة القانون
الحاجات الاجتماعية: وجود رقابة اجتماعية.
القيم: المساواة أمام القانون.
المعايير: عدم التمييز بين جرائم الياقة البيضاء والجرائم الأخرى.
أصحاب المراكز والأدوار: قاضي، محام، شاهد.
المجموعات والمنظمات: قضاه، محامون.
3. مؤسسة الاتصال الجماهيري
الحاجات الاجتماعية : الحصول على المعلومات الاجتماعية .
القيم : حق الجمهور في المعرفة .
المعايير : نشر المخالفات وانتقاد مؤسسات الحكم .
اصحاب المراكز والادوار : جمهور المشاهدين, الصحفيون, المذيعون, محرر الأخبار .
المجموعات والمنظمات: الاشتراك في محطات الارسال , نقابة الصحفيين .
المأسسة: هي الطرق المألوفة والمعروفة لتنفيذ فعاليات مختلفة في المجتمع تبدأ عن طريق العلاقات الاجتماعية المتبادلة وتصبح مع مرور الوقت عادة دائمة وحقيقة واقعة بدون علاقة بمن بدأ بهذا السلوك. مثلاً قرر طلاب فوج معين اصدار كتاب الفوج ونجح مشروعهم مما ادى بالافواج التي تلتهم ان يصدروا كتاب الفوج ايضاً حتى ان طلاب الفوج الحالي لا يعرفون من بدأ بهذا النهج وبهذا اصبح اصدار كتاب الفوج سلوكا ممأسساً.
هكذا نرى ان عملية بلورة المؤسسة الاجتماعية تسمى مأسسة وهي تعفي الفرد من الحاجة إلى اتخاذ القرارات وتقلص من إمكانيات الاختيار عنده.
هـ) الطقوس:
الطقس هو حدث اجتماعي علني له معاني ورموز ثقافية، يتألف من سلسلة من النشاطات والطقوس طرق ثابتة يواجه بها الفرد والمجتمع القضايا الوجودية مثل: افتتاح السنة الدراسية، الأعياد الدينية والقومية، طقس الزواج وحفل تخريج الطلاب. كما وتوجد طقوس يومية شخصية مثل إلقاء التحية والمصافحة.
للطقوس وظائف ظاهرة للعيان وهي المعروفة للمشاركين في نشاط اجتماعي محدد وهي الاهداف الواضحة التي تم من أجلها الطقس، وتوجد أيضاً وظائف خفية غير علنية لا يعرفها المشاركون ذات معنى معين مثل التماسك والتضامن بين الأفراد.
توجد عدة صفات ومميزات للطقوس وهي:
1. التكرار والدورية:
يتكرر الطقس عدة مرات في حياة الفرد بشكل دوري وثابت مثل افتتاح السنة الدراسية والاعياد وهناك طقس يحدث مرة واحدة في حياة الفرد كما يحدث للآخرين مثل الختان.
2. حدث له قواعد:
لكل طقس ترتيبات مخططة ومقبولة على جميع المشتركين مثلا في افتتاح السنة الدراسية يلقي المدير كلمة بعد ان يصطف الطلاب مع مربيهم.
3. العلنية:
تتم الطقوس بشكل علني امام الجمهور حيث يتم التركيز على القواعد السلوكية المتوقعة من المشاركين.
4. القائمون على الطقوس:
مثلا في طقس الزواج الإسلامي هناك مأذون شرعي يدير مراسيم عقد الزواج وفي افتتاح السنة الدراسية يتولى المدير المسؤولية.
5. التعبير عن المعاني بواسطة الرموز:
مثلاً في عيد الميلاد تحمل الشجرة دلالة رمزية وفي عيد الأضحى يحمل خروف العيد دلالة رمزية كما أن لفستان العروس الأبيض دلالة رمزية أيضا.
6. إشراك الجوانب الفزيولوجية للحياة:
في الطقوس يقدمون التضييفات احتفالاً بالمناسبة ويرتبون اماكن الجلوس للحفاظ على راحة المشاركين.
7. وسيلة للمحافظة على النظام الاجتماعي:
يعمل الطقس على زيادة التماسك الاجتماعي ويشكل جهاز ضبط اجتماعي مثل طقس الزواج الذي يشرف على قيمة قدسية العائلة وقيمة الإخلاص بين الزوجين.
8. اعطاء شرعية لأصحاب مراكز وادوار اجتماعية:
في طقس الزواج الديني يتعزز مركز المأذون الشرعي وفي العيد يتعزز مركز رجل الدين المسؤول عن إقامة الشعائر.
يوجد أنواع من الطقوس وهي:
1. طقوس الانتقال:
يشير طقس الانتقال إلى تغيير في مركز الفرد في المجتمع عند انتقاله من مرحلة إلى أخرى في حياته وتكون أحياناً ذات طابع ديني مثل طقس الزواج، الموت و בר מצוה عند اليهود .
توجد ثلاث مراحل في طقس الانتقال وهي:
أ. مرحلة الفصل: هي انفصال الفرد عن مركزه الاجتماعي الذي انتمى إليه حتى الآن.
ب. المرحلة الهامشية (انتقال): وهي المرحلة الوسطى التي يكون الفرد فيها قد انفصل عن مركزه السابق ولم ينتقل بعد للمركز الجديد.
ج. مرحلة الانضمام (التوحيد): إكساب الفرد مركزاً جديداً وهوية جديدة في الجماعة الجديدة.
2. طقوس داعمة:
تعمل على تقوية العلاقات بين أفراد المجموعة وتحدث اثناء الازمات وفي حالة وجود خطر او ازمة في حياة المجموعة مثل طقوس ذكرى مقتل رابين في ساجة رابين في تل-أبيب.
3. طقوس بين شخصية:
تشمل الحد الأدنى من العلاقات بين البشر مثل إلقاء التحية والتصافح بالايدي من اجل المحافظة على النظام الاجتماعي.
و) الأساطير:
تروي الأسطورة أحداثاً تحمل في طياتها اهمية لدى مجموعة معينة وتؤدي الاسطورة دورها اذا تحدثت عن نظام اجتماعي، ديني وسياسي له علاقة بالنظام المحدد. تفسر الاساطير نشوء الكون والسلطة والمجتمع وبواسطتها يمكن تنظيم جوانب مختلفة من العالم. في كل مجتمع يخلدون أحداثاً وأبطالاً باتوا اسطورة في مجتمعهم بطرق مختلفة مثل اطلاق اسمائهم على المدن والشوارع او ظهور صورهم على العملات النقدية وطوابع البريد وإحياء ذكراهم في مناسبات خاصة.
ز) الدين:
يعتبر الدين إحدى المؤسسات الاجتماعية وهو منظومة من الرموز والعقائد المرتبطة بشعائر وطقوس يؤديها المؤمنون مع شعور نفسي عميق. يضع الدين مفاهيم وتصورات لنظام عالمي عام. يلعب الدين دوراً هاماً في حياة المجتمعات التقليدية وحتى في المجتمعات ما بعد الحديثة. ويرى النهج الوظيفي أن الدين يلبي حاجة بشرية لا تلبيها أي مؤسسة أخرى. يعترف علماء الاجتماع بمكانة الدين الرئيسية في جميع ثقافات العالم ويحاولون فهم كيف تعمل المعتقدات والقيم الدينية على توجيه المجتمعات البشرية ويفحصون ابعاد النشاط الديني على الحياة الاجتماعية.
مناهج نظرية لتحليل الثقافات
المنهج الوظيفي:
وحدة التحليل الأساسية في المنهج الوظيفي هي الوحدة الاجتماعية الكبيرة (ماكرو). يرى النهج الوظيفي بأن المجتمع عبارة عن منظومة او جهاز يتكون من اقسام مختلفة تعمل معاً من اجل استقرار وثبات المبنى الاجتماعي ومن اجل الاستجابة لحاجاته. كل ظاهرة اجتماعية ابتداءً بإلقاء التحية، العنف الاجتماعي وغيرها تسهم ايجابياً في المحافظة على سلامة عمل المجتمع، ويتم تقييم هذه الظواهر بحسب تلبيتها للحاجات الاجتماعية لذلك توجد أهمية كبيرة للمؤسسات الأجتماعية التي تساعد على استقرار المجتمع.
يرى هذا النهج ان المجتمع بجميع مركباته وعناصره يشه جسم الانسان حيث لكل عضو وظيفة محددة وتعمل كافة الأعضاء بانسجام وتوافق. يحلل هذا النهج الثقافة كمنظومة تشمل مركبات ولكل مركب وظيفته وأهميته لكونه يلبي حاجات المجتمع ويساهم في استقراره. ان القيم والمعايير المشتركة لافراد ثقافة معينة توحدهم حول هوية مشتركة.
حسب المنهج الوظيفي تلعب المؤسسات دوراً هاماً في الاستقرار الاجتماعي وتلبية حاجات المجتمع الأساسية. ان الثقافات تلبي حاجات أفراد المجتمع وبما ان للبشر حاجات مماثلة لذلك نجد اوجه شبه بين الثقافات في العالم نسميها الجامع الثقافي او الثقافية العالمية.
الجامع الثقافي:
بالرغم من الاختلاف بين افراد المجتمعات من ناحية ثقافتهم الا ان هناك اتفاقاً وتجانساً بارزاً بينهم حول احداث وعناصر مشتركة تلبي حاجات المجتمع تسمى جوامع ثقافية. مثل: التربية للنظافة، عادات الضيافة، الطبخ، الزينة، الأعياد، الاحتفالات، الطقوس، تربية الأولاد وغيرها. لكن كل ثقافة تنفذها بطريقة مختلفة، مثلاً كل ثقافة لها طريقة خاصة في طقوس دفن الميت ووداعه أو طريقة تقديم الهدايا.
نقد المنهج الوظيفي:
1. يركز النهج الوظيفي على الاستقرار الاجتماعي اكثر من التغيرات التي تحدث في الثقافات.
2. يتجاهل التوترات والصراعات التي تنشأ في المجتمع.
3. غير قادر على تفسير التغيرات الاجتماعية والصراعات لأنه يشدد على الاستقرار، الاستمرارية والانسجام.
نهج التفاعل الرمزي
يركز التفاعل الرمزي على العلاقات المتبادلة المباشرة بين الأفراد على المستوى المصغر (ميكرو). يرى هذا النهج بان المجتمع عبارة عن مجموعة من العلاقات اليومية المتبادلة، وقد ركز عالم الاجتماع ماكس ويبر على الحاجة إلى فهم الأوضاع الاجتماعية من وجهة نظر الافراد المشاركين فيها الذين يفسرون كل ما يدور حولهم بطريقة مختلفة.
يفسر هذا النهج الثقافة بأنها عملية متواصلة من التفاعلات الاجتماعية في بيئات محددة يومية وإدراك الواقع الشخصي فيها يتغير باستمرار لان الافراد يفسرونه بشكل ذاتي وليس موضوعياً ويتصرفون حسب تفسيرهم للوضع الاجتماعي.
تعريف الوضع هو الطريقة التي يفسر بها الفرد الواقع الاجتماعي بشكل شخصي وعندما يفسر البشر وضعاً اجتماعياً بنفس الطريقة نحصل على تعريف مشترك للوضع.
فقط عندما يكون تعريف مشترك للوضع يحدث تفاعل ناجع ين الافراد كما يحدث عند سماع الطلاب جرس المدرسة يخرجون من الصف وبعد عشر دقائق عند سماعه ثانيةً يدخلون للصف دون أي تعليمات من أحد. أما في حالة عدم وجود تعريف مشترك للوضع قد تتوقف العلاقات المتبادلة وأحياناً يؤدي إلى صراع.
أحياناً يفهم المشتركون الأحداث بطرق مختلفة بسبب نواياهم وتفكيرهم وهنا تؤدي العلاقات المتبادلة إلى التفاوض حول تعريف الواقع ومعا يجدون الحلول ويطورون مفاهيم وتعريفات مشتركة أي تعريف مشترك للوضع.
التفاعل الاجتماعي والعلاقات المتبادلة يؤديان إلى تفسير مشترك للواقع ولكن العلاقات تتغير باستمرار وتمر بعملية بناء وإعادة بناء مستمرة تسمى "بناء الواقع الاجتماعي".
نقد التفاعل الرمزي:
يدعي النقاد بأن فحص المجتمع من وجهة نظر الميكرو تعتبر نواقص بسبب عدم قدرته على فهم عوامل التاثير على مستوى الماكرو وتأثيرها كتأثير الثقافة والمؤسسات والطبقات والعمليات في المجتمع الكبير.
نهج الصراع
يركز هذا النهج على الصراع بين المجموعات في السيطرة على الثروات، المال والاحترام الاجتماعي، وبما ان هذه الثروات محدودة فإن سيطرة جماعات تكون على حساب الاخرين، ويحاول المسيطرون على الثروات تكريس اللامساواة الاجتماعية.
يرى منهج الصراع الحياة بانها في حالة تغير دائم ويحلل نشوء حركات الاحتجاج والتمرد التي تسعى للتأثير على السياسة العامة والتعبير عن الوحدات الثقافية التي تشعر بالاضطهاد والتمييز السلبي.
حسب منهج الصراع فان الثقافة تعكس مصالح مجموعة او مجموعات محددة في المجتمع وتدافع عن مصالح هذه المجموعات وهي تؤمن بأفكار ومعتقدات وقيم تخدم مصلحتها.
الماركسية كمنهج صراع تركز على التقسيم الطبقي غير المتساوي وتعتبر الماركسية المجتمعات البشرية بأنها في خلاف دائم تعاني من توتر وصراع بين الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة.
المجتمع والتكنولوجيا :
يعتبر تشخيص وتحديد الثقافات بناء على تطورها التكنولوجي إحدى الوسائل المتاحة لإجراء مقارنات أساسية بين الثقافات .فقد أجرى الزوجان لينسكي دراسات اجتماعية على الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في تشكيل وبناء المجتمعات البشرية . بناء على هذه الدراسات تبين ان هناك خمسة أنواع عامة من المجتمعات التي تختلف عن بعضها البعض في مستواها التكنولوجي .
فحسب رأيهما ان التكنولوجيا تعتبر أساسا لبقية الجوانب الاجتماعية , لكونها تحدد قدرة المجتمع على استغلال الثروات المادية في محيطه الطبيعي .
فكلما زاد نطاق المعرفة التكنولوجية المتاحة للمجتمع ’ تغير هذا المجتمع بوتيرة أسرع .
خمسة أنواع المجتمعات بناء على مستوياتها التكنولوجية :
1. مجتمعات الصيد – القطاف : التكنولوجيا البسيطة الخاصة بصيد الحيوانات وقطف النباتات . تعمل النساء عادة بالقطف ويعمل الرجال بالصيد .
2. مجتمعات البستنة ومجتمعات الري : مجتمعات البستنة هي التي اعتمدت على التكنولوجيا القائمة على استخدام أدوات عمل الزراعة والنباتات . أما الرعي فهو القائم على تدجين الحيوانات .
3. المجتمعات الزراعية : الزراعة هي تكنولوجيا فلاحة الأرض على نطاق واسع بمحاريث مربوطة إلى البهائم ا والى أي مصدر طاقة آخر .
4. المجتمعات الصناعية : الصناع هي تكنولوجيا تستخدم مصادر الطاقة المتطورة لتشغيل الات متقنة
5. مجتمعات ما بعد الصناعة : التكنولوجيا تتيح الاقتصاد القائم على المعلومات . ففي هذه المجتمات ينمي الافراد المهارات المرتبطة بوسائل الاتصال كالحواسيب, الانترنت,الهواتف ....
تلخيص مقال : طقوس الجسد في قبيلة الياكيرما - هوراس ماينر
الياكيرما: قبيلة من شمال امريكا تسمى " الياكيرما" تتميز بثقافة غريبة حيث تحتوي ثقافتها أحد الطقوس الغريبة وهو "طقس الجسد" والذي خصص للجسد .
قيمة جمال وصحة الجسم هي القيمة العليا والمهمة لمجتمع الياكيرما , لذلك حياة هذه القبيلة متأثر بطقوس وشعائر معينة بهدف تحسين الجسم والحفاظ على سلامته . مثلا : في كل بيت معبد او اكثر وفيه بعض المستحضرات والمشروبات السحرية لإنقاذ اهل البيت من المرض والأذى اللذان يلحقا بالجسد .
يقيم أهل البيت أيضا طقوس مثل طقس الفم أو كطقس خاص يقوم به الرجال بجرح وجوههم بواسطة اله حادة .كما ويعقد أبناء القبيلة بعض الطقوس المشتركة والمتكررة مثل اللجوء إلى رجل الفم المقدس والذي يعالج الفم ببعض الأدوات الغريبة كالمقادح وغيرها ...
إذا مرض احد أفراد القبيلة يلجأ إلى مكان مقدس معروف للقبيلة لتلقي العلاج المناسب. ومن يريد العلاج من الجن فيلجأ الى ساحر يختص بذلك .كل شخص تعالج يمنح الهدايا القيمة للمطببين والسحرة كشكر له على علاجه له. يؤكد "ماينر" ان هذه القبيلة اعتبرت كغريبة جدا وصاحبة عادات مرفوضة على ثقافات أخرى لان دلالتها الرمزية مختلفة مما يؤدي إلى تعريف غير مشترك وهذا ما يؤثر سلبا على نجاح علاقات اجتماعية مع أفراد ثقافات أخرى .
ملاحظة : ماينر أكد لطلابه عند تعليمه عن قبيلة الياكيرما أن لا وجود لها أصلا وهذا الوصف جاء لنقل بعض مركبات الثقافة الأمريكية المعروفة والعادية جدا .
"الياكيرما ...........هي حروف مكتوبة بطريقة معاكسة لأمريكا"
وهذه القيم والمعايير التي ذكرت هي:
طقس الفم : تنظيف الأسنان بفرشاة أسنان وماء ومعجون الأسنان
رجل الفم المقدس : طبيب الاسنان والذي يعالج بأدواته الخاصة
السحرة والمطببين : الاطباء وأطباء النفس .
المعبد في كل بيت : العلبة التي تحتوي على الادوية .
المكان المقدس للعلاج :المستشفيات والعيادات.
هدف ماينر من هذه التجربة : ان يؤكد على ان الثقافات نسبية فكل فرد يرى بثقافته هى الطبيعية والأمثل لذلك سيشعر الآخرون بالاستنكار والغربة لقيم ومعايير ومعتقدات الثقافات الأخرى .
نظريات (مقاربات) بديلة بالنسبة للثقافة :
العصبية الاثنية والثقافة النسبية :
نظرية العصبيه الأثنيه (المركزية العرقية) - :
مؤيدي هذه النظرية يعتقدون أن أبناء ثقافة معينة يعتزون ويفتخرون بثقافتهم كما ان هناك اتجاه بموجبه نقيم ونحكم على الثقافات الأخرى حسب ثقافتنا . الاعتقاد السائد هو أن ثقافتنا أفضل من الثقافات الأخرى لذا نميل إلى تقييم الثقافات الأخرى بما يتلائم مع معتقداتنا وقيمنا. بناء على ذلك يتم استعمال تعابير في وصف أصحاب الثقافات الأخرى تسفر بثقافتهم المغايرة مثلا : " متوحشون وبدائيون ".
نظرية النسبية الثقافيه- :
هذه النظرية تعكس تفهم الثقافات الأخرى , الحكم على الثقافات الاخرى بشكل موضوعي ونمتنع عن الأحكام الذاتية وهذا الاتجاه يميل الى التعامل وتقييم الثقافات الأخرى من جهه نظر أبناء تلك الثقافة اّخذين بعين الاعتبار ظروفها وإمكانياتها وبموجب هذا النهج يجب ألا نحكم على ثقافة أخرى الا بحسب مقاييسها . والثقافة النسبية يقصد بها أن لكل مجتمع توجد ثقافة خاصة به ولا توجد ثقافة أفضل من غيرها فكل ثقافة هي نسبية للزمان ، للمكان وللظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
الثقافة الفرعية والأقلية :
يهتم علماء الاجتماع بنوعية العلاقات بين الثقافات التي يتألف منها المجتمع الواحد. وبين الوحدات الثقافية الصغيرة التي تعتبر جزءا من ثقافة واحدة كاملة .
الثقافات الفرعية:
هي الوحدات الثقافية تتبع لمجتمع كبير ذات ثق ذات مميزات مشتركة وفريدة , كجزءا من الثقافة الواسعة. وقد تكون هذه المميزات : معايير اجتماعية,تقاليد او اسلوب حياة خاص بها .
للثقافة الفرعية انتماء مزدوج :لها علاقة بالثقافة الفرعية الواسعة والمسيطرة , كما ولها علاقة بمميزاتها الخاصة .
يمكن تحديد العديد من الثقافات الفرعية في الثقافة الإسرائيلية على عدة أسس :
1. أسس عرقية / أثنية : أشخاص ينتمون لأصل ثقافي مشترك , تراث , لغة ومركبات ثقافية أخرى خاصة . مثال :اليهود المغاربة – اليهود الروس ...
2. أسس دينية :يهود , مسلمون, ومسيحيون .
3. أسس الجيل : الشبيبة , الشيوخ..
4. أساس المهنة : أطباء, مهندسين, محامين...
الاقلية :هي فئة من الأشخاص أصحاب السمات الجسدية او الثقافية الخاصة بهم , وذلك اضافة لكونهم مضطهدين اجتماعيا.الأقلية في علم الاجتماع ليست من الناحية الكمية اي العدد , انما المكانة الاجتماعية المتدنية .
أنواع الأقليات :
- الأقليات العرقية : وهي فئات ذات أصول ثقافية مشتركة , مثل اللغة , التراث, اللباس, العادات...
قد تكون أحيانا هذه الأقليات دينية أيضا.
- الأقليات السلالية : اي الصفات الوراثية المشتركة , كلون البشرة, الشعر, ملامح الوجه ... (اليابانيون) .
• عادة يكون هناك تمييز حقيقي (موضوعي) , أو شخصي , وهذا ما يسمى "الإحساس بالتمييز النسبي " سواء كان موضوعيا أو شخصيا .
السياسات المتبعة تجاة الوحدات الثقافية :
تتحدد طبيعة العلاقات بين الثقافات المختلفة داخل المجتمع حسب السياسة التي تسلكها المجموعة الحاكمة في نفس المجتمع, سواء كانت قانونية أو اجتماعية .
أحيانا تكون العلاقات بين الثقافات الفرعية في المجتمع مبنية على أساس التعاون , الانسجام والاحترام المتبادل واعتراف أن المجتمع متنوع ثقافيا , وأحيانا أخرى تكون هناك صراعات على السلطة, الموارد , والمكانة الاجتماعية .
يقسم علماء الاجتماع السياسات المتعبة تجاه الثقافات الفرعية إلى ستة أنواع وهي :
1. الاندماج :
هي العملية التي تتبنى فيها الأقليات تدريجيا أنماط المجتمع السائد. البعض يطمحون الى الاندماج فيرحبون بالسياسة التي تسهل اندماجهم . والبعض الآخر يرى بذلك تهديدا لحفاظهم على هويتهم .
مثال : المهاجرين الى أمريكا الذين يسهل اندماجهم في الثقافة العامة .
2. الانصهار:
يقوم على فكرة دمج وخلط الثقافات معا لتكوين ثقافة واحدة جديدة ومشتركة للجميع.
وهناك نوعان من الانصهار :
أ. الذوبان : هي سياسة تتخلى فيها المجموعات عن ثقافتها السابقة وتلائم أسلوب حياتها لقيم الأغلبية ومعاييرها , وتذوب في الثقافة السائدة المسيطرة .
مثال : سياسة إسرائيل تجاه المهاجرين الجدد الذين "عبرنوا " أسماءهم وأنماط سلوكهم .
ب. التعددية الثقافية : تعترف هذه السياسة بوجود فروق بين الثقافات الفرعية التي تعيش معا وتحافظ كل مجموعة على ثقافتها , وتعترف بالشرعية والمساواة لكل هذه الثقافات .
مثال : سويسرا التي تحتوي على أربع لغات رسمية وتتألف من 23 وحدة إقليمية لكل منها أسلوب حياتها الخاص.
3. المساواة الثقافية :
هذه سياسة قريبة من التعددية , تضمن المساواة للأقليات من خلال القانون والتشريع , حتى لو كان هناك رفض من قطاعات معينة .
مثال : دستور الولايات المتحدة الذي يضمن لجميع المواطنين المساواة دون تمييز .
4. الفصل :
هذه السياسة تعزل وتفصل بشكل حقيقي قطاعا سكانيا معينا , وتقلص احتكاكه بالثقافة العامة . بعض الأقليات هي التي تعزل نفسها لتحافظ على ثقافتها .
مثال : الحريديم في إسرائيل الذين يعيشون في بلدات خاصة مثل بني براك ..
5. التبعية الدائمة :
هذه السياسة تستبعد وحدات ثقافية معينة , بموجب ودعم القانون لتحافظ على تفوقها.
6. التصفية العرقية :
قيام مجموعة بإبادة وتصفية مجموعة أخرى , وهو امر مناف للقيم الأخلاقية .
تلخيص مقال : السامريون كثقافة فرعية :
السامريون هم بقايا شعب قديم يعتقدون بأنهم هم اليهود الأصح لأنهم يحفظون تقاليد وعادات ولغة مكتوبة وصلوات وشعائر عمرها 3 آلاف عام.
يعيش نصف أبناء هذه الطائفة في مدينة حولون , وهم إسرائيليون في كل شيء , يتحدثون اللغة العبرية الحديثة ويدرسون في مدارس حكومية يهودية , ويخدمون في الجيش ...
اما النصف الثاني من أبناء الطائفة فيعيشون على سفوح جبل الطور في أعالي مدينة نابلس , يتحدثون العبرية والعربية , جميعهم طائفة متماسكة, يجتمعون في جبل الطور , لديهم روابط أسرية , يؤدون فرائض التوراة كما أداها أجدادهم , يكتبون باللغة العبرية القديمة, لديهم بلغة خاصة (الايديش).
أهم معتقدات السامريون:
1. اله واحد , اله إسرائيل.
2. نبي واحد وهو موسى بن عمران .
3. كتاب مقدس واحد وهو توراة موسى , الأسفار الخمسة .
4. مكان مقدس واحد وهو جبل الطور .
المناسبات :
1. اليوم الأول من الشهر ال7 : رأس السنة الزراعية , يوم واحد فقط, يقوم فيه السامريون بعد أداء الصلاة الخاصة بإخراج كتاب التوراة ويحتفلون في بيت الكهان .
2. يوم الغفران : أطول أيام السنة لديهم , يصومون ويصلون فيه , من المساء الى مساء اليوم التالي .
3. عيد اليوم الثامن والأخير من العرش : في أخر يوم من ايام عيد العرش يجتمع السامريون في البيت ليفككوا العريشة ويعدون من الفواكه التي كانت تزينها فواكه مجففة ومربى .
4. عيد الفصح : أهم مناسبة , حيث يشعل السامريون الأفران الإدخال الخراف , يمتنعون عن اي طعام يحتوي على الخميرة, منذ شروق الشمس وحتى انتهاء عملية الذبح, يرتدي الشبان ملابس بيضاء ويتولون مهمة الذبح , يصل الكاهن الأكبر إلى مكان الذبح قبل غروب الشمس . يتلو عليهم فرائض الفصح الدينية , وبعد الذبح يقوم السامريون بدهن جبين الأطفال بدم الذبيحة .بعدها تبدأ عملية تنظيف الخروف وتقطيعه لإدخاله الفرن ..
الأعياد:
1. عيد الفصح : يستمر سبعة أيام, وفي اليوم الثاني يبدأ الذبح , يستضيفون بعضهم البعض, ويحجون في اليوم السابع للعيد إلى جبل الطور , ويقيمون في المساء طقسا بسيطا يرمز الى الانتقال من طعام غير مختمر إلى طعام مختمر .
2. عيد نزول التوراة : يبدأ الحج في هذا العيد الى جبل الطور , في اليوم الاول لعيد السبت حيث يمر السامريون بسبع محطات , وفي كل محطة صلاة خاصة .
3. عيد العرش : الاحتفال داخل البيوت , يزينون الأعراش .
• يوم السبت : يحرص السامريون بعدم القيام بأي عمل, كما هو وارد في الكتاب المقدس , فقط يؤدون الصلوات في الكنيس .
الطقوس :
الختان : يختن السامريون أبنائهم في تمام اليوم الثامن لولادتهم , بحضور الكاهن الأكبر .
خاتم التوراة : يختم كل طفل/ـة التوراة فيقام له احتفال ليعبر به السامريون أن خاتم التوراة قد وصل سن البلوغ.
الزواج : يتم التواصل بين الفردين الراغبين في الزواج على ثلاث مراحل , من الموفقة والخطوبة حتى الزواج .
الوفاة : يدفن السامريون أمواتهم في توابيت في مقبرة بجانب جبل الطور , ولا يسير في الجنازة الا الرجال وعند انتهاء الدفن تأتي النساء للبكاء والندب على القبر.
نشاطات السامريين للحفاظ على تقاليدهم :
- إقامة معارض للتراث السامري .
- تصميم اله كاتبة للغة السامرية .
- إقامة مدرسة عبرية سامرية في نابلس .
- بناء متحف للتراث السامري.
- إقامة فرقة غنائية سامرية .
- السكن معا في نفس الحي .
- إنشاء صحيفة "ألف باء أخبار السامريين" .
الثقافة والجندر :
الجندر : هو التمييز الاجتماعي ,الحضاري, الاقتصادي بين الجنسين ,أي انه التوقعات الاجتماعية بالنسبة للسلوك اللائق والواجب على المرأة والرجل إتباعه .
كثيرا ما نسمع عبارات مثل : "النساء حساسات وعاطفيات" "الرجال صارمون,يحبون المنافسة ", "لا تتصرف كالبنات" ,"الصبيان لا يلعبون بالدمى"...
هذه العبارات تعكس المعتقدات الثقافية الشائعة في بعض المجتمعات حول الجندر.
مصطلح الجندر لا يعني الفروقات البيولوجية بين الرجل والمرأة ,إنما يعكس الميول الثقافية المقبولة في المجتمع في تعامله مع الرجل والمرأة . تعامل المجتمع مع الرجل والمرأة لا يعني التحيز ضد أحداهما ,ولكن قد يكون مفهوم الجندر متساويا او غير متساو , كمجالات العمل, العائلة وما شابه ذلك .
تعمل الثقافة على تعريف ادوار الجندر , وسلوكيات الذكر والأنثى التي تعتبر لائقة . الأدوار الجنسوية هي ظاهرة اجتماعية ثقافية . فقد نشأ في المجتمع تقسيم عمل قائم على الجندر , بحيث حدد هذا التقسيم اي النشاطات أو الأعمال الملائمة للرجال وأيها ملائمة للمرأة .
أكدت الأبحاث أن ادوار الجندر تتأثر بقدر كبي بالثقافة , ويكتسبها الإنسان خلال عملية الجتمعة الجنسوية الجنسوية تؤثر على طريقة إدراك وتصور الفرد لنفسه , وعلى العلاقات مع النصف الآخر , على حياة الأسرة وعلاقتا لد مع الآخرين . هناك تصور سائد في المجتمع حول أفضلية الرجل ويبدو انه هذا طبيعي للجميع.
في يومنا ها طرأت تغييرات على ادوار الجندر , خاصة في المجتمعات الغربية الحديثة , سواء كان ذلك بتأثير جهاز التعليم , أو بسبب نشاطات الحركات النسوية وغيها من اجل المساواة بين الرجل والمرأة
الجنسوية/ الجندر هي سلوكيات وممارسات ومعتقدات تميز جنسا على الآخر , وتقولبه في إطار محدد, تشمل أيضا الصفات الاجتماعية والثقافية والنفسية ذات علاقة بالجنس في ثقافة معينة .
مثال : متوقع من الأم الحب والتضحية لأولادها ومن الأب أن يكون معيلا يفرض سلطته عليهم .
كيف تتغير الثقافات؟
تمتد الاستمرارية الثقافية من الجيل السابق إلى الجيل اللاحق حيث تورث المجتمعات لأفرادها القيم، المعايير، الرموز واللغة. تتميز المجتمعات التقليدية بالاستمرارية الثقافية المتشددة حيث تبقى القيم والمعايير ثابتة لا تتغير. لكن الثقافات البشرية لا تبقى ثابتة طول الوقت بل تتغير كما حدث أخيرًا على حياة المجتمع. فقد تغيرت حياة الإنسان تمامًا وانعكس ذلك على لباس الإنسان، أنواع الطعام، القيم والمؤسسات الاجتماعية. أحيانًا يحدث تغيير على أحد مركبات الثقافة أو قسم منها أو يحدث تغيير شامل في المجتمع.
يختلف التغيير من مجتمع لآخر، بعضها يكون مخططاً ومقصوداً وبعضها لم تخطر ببال من بدأها. مثلا تطور المدن وبناء البيوت متعددة الطوابق كان مخططًا ولكن سكن عشرات العائلات في هذه الطوابق خلق علاقات اجتماعية وواقعًا اجتماعيًا جديدًا لم يخطر على بال أحد. كما أن تطوير الحواسيب الشخصية أدى إلى تغييرات غير مخطط لها في مجالات عديدة.
تحدث بعض التغييرات بسبب الموضات العابرة مثل موضات الملابس والشعر ولا تنسب لها أهمية كبيرة نسبيًا. بالمقابل للتغييرات القيمية أهمية أكبر مثل اختراع الهواتف المحمولة أدى إلى تغييرات كبيرة في العلاقات بين الأفراد، واختراع التلفزيون أحدث تغييرًا في عادات قضاء أوقات الفراغ وهكذا بالنسبة لاختراع الطائرة أيضًا.
عالج موضوع التغيير الاجتماعي عالم الاجتماع ريمون ارون في كتابه "التقدم وخيبات الأمل فيه"، وسأل: هل التطور التكنولوجي والاقتصادي والثقافي يضمن التقدم وإيجابي؟ ما الذي ندفعه مقابل التقدم؟
توجد جماعات ترحب بالتغيير وأحيانًا تؤدي التغييرات إلى صراع وعدم ارتياح مما يجعل مجموعات أخرى تتحفظ منه. هل دخول التلفون إلى بيوتنا واستعمال التلفزيون والحاسوب أدى إلى تغيير إيجابي في حياتنا أم سلبي؟
أسباب التغيير الثقافي
1. حدوث تحولات في المحيط الطبيعي: هذا سبب رئيسي مثل تحولات مناخية كالتغييرات في مصادر الطبيعة التي يعتمد عليها الاقتصاد وتحويل الأراضي من زراعية إلى بناء، وتغييرات ديموغرافية في حالات الولادة أو الوفاة. كل هذا يؤدي إلى تغيير ثقافي في القيم، المعايير، الرموز والمعتقدات ولا يستطيع المجتمع الاستمرار في تبني أنماط ثقافية كانت في الماضي.
تختلف المجتمعات عن بعضها من ناحية تعاملها ألقيمي مع الطبيعة. في المجتمع التقليدي يعتقدون بأن الطبيعة تتحكم بالإنسان، أما في المجتمع الحديث يعتقدون أن الإنسان قادر على التحكم بالطبيعة وإخضاعها لحاجاته. الزيادة السكانية تؤدي إلى زيادة الكثافة في المناطق السكنية وتغييرات على أسلوب الحياة. كما أن الهجرة تؤثر على الثقافة والمجتمع سواء على مجتمع المهاجرين أو المجتمع الذي يهاجرون إليه.
2. الاحتكاك بين مجموعات من ثقافات مختلفة: ما يؤدي للاحتكاك بين الثقافات ويؤدي إلى التغيير الثقافي هو الحروب، الرحلات، النشاطات التجارية ووسائل الإعلام. تكون الاحتكاكات ودية وأحيانًا عدائية أو قسرية وأحيانًا اختيارية. مثال علاقات تجارية متبادلة أو احتلال وتحدث التغييرات أما في الثقافة السائدة أو في المجموعات الهامشية والأقليات. كثيرًا كان الاحتلال يمس بالمعتقدات والعادات عند المجموعة الواقعة تحت الاحتلال وأحيانًا كان التأثير متبادلا بين المجموعتين.
3. الاكتشافات والاختراعات: هذا السبب قائم في الثقافة نفسها ويؤدي إلى ظهور مناهج ثقافية جديدة وبلورة معايير اجتماعية وأفكار جديدة مثل اختراع التلفزيون والطائرة وتطوير اقتصاد السوق والديمقراطية. قد تؤدي الاكتشافات والاختراعات إلى حدوث تغيير ثقافي في القيم، المعايير، المعتقدات ومركبات الثقافة الأخرى. استخدام الذرة والانترنت أدى إلى توجه جديد في الثقافة أما التطور البيوتكنولوجي أدى إلى تغيير في القيم ونقاش يدور حول التلقيح بالأنابيب وفندقة الأرحام.
تحليل عملية التغيير في الثقافة:
التغيير الذي يطرأ على أحد مركبات الثقافة يؤثر على التغييرات في مركبات أخرى للثقافة، مثل: التغيير في مكانة المرأة في المجتمع الغربي أدى إلى ارتفاع نسبة الطلاق، انخفاض نسبة الزواج، انخفاض عدد الأطفال في العائلة وتغيير في توزيع الأدوار في العائلة بين الزوج والزوجة. هذا الرباط بين مركبات الثقافة نسميه التكامل الثقافي.
أحيانا لا يمكن تلاؤم بين توقيت التغيير في احد المركبات الثقافية وتوقيت التغيير في مركب ثقافي آخر، يسمى هذا عدم ملائمة ثقافية أو عرقلة ثقافية. مثلاً يحدث تغيير تكنولوجي سريع في الثقافة المادية بسب تطور العلوم ولكن في الثقافة غير المادية كالقيم والمعايير والمعتقدات لا تتغير بنفس الوتيرة مثلاً التطور السريع في جهاز الالتراساوند الطبي والذي يكشف عاهات وأمراض عند الجنين في مراحل الحمل الأولى لم يغير من قيم ومعتقدات البعض من اجل الاستفادة منه.
يتحدث علماء الاجتماع عن خطورة انهيار المنظومة الثقافية المتوقع في أعقاب عدم الملائمة الثقافية أو العرقلة الثقافية.
التكيّف للتغيير الثقافي
يصعب أحيانا على أفراد المجتمع تقبل التغييرات الثقافية ويكون تقبل التغيير مرتبطاً بعدة عوامل:
1. هل يعتبر أفراد المجتمع التغيير الثقافي عملياً ومفيداً بالنسبة لهم ؟
2. هل يلائم التغيير الثقافي العادات، الأفكار والمعتقدات الشائعة في ثقافتهم ؟
3. هل يرغب أفراد الثقافة بالتغيير أو يريدون المحافظة وعدم التغيير؟
قد يمس التغيير الاجتماعي بأصحاب السلطة التقليديين أو بالجماعات المالكة لزمام الأمور فيه، لذلك يؤدي إلى صراع اجتماعي، مثل الشبان الذين حصلوا على ثقافة وتمردوا على سلطة الأب والسلطة التقليدية في مجتمعنا العربي.
يقول ماركس أن التغيير الاجتماعي يحدث بسبب الصراع بين الطبقات الذي أساسه عدم المساواة الاجتماعية بين الطبقات. حسب المنهج الوظيفي فإن التغيير الاجتماعي يعتبر تكيفاً للتغييرات في المحيطين التكنولوجي والطبيعي أما ماكس ويبر يفسر كيف تؤثر الأفكار الجديدة على حدوث التغيير الاجتماعي.
تأثيرات التغّير الثقافي
تاثيرات التغيير الثقافي تكون على مستوى الماكر والميكرو مثل تغير بعض المعايير الاجتماعية، تفقد بعض العقائد تأثيرها ويمكن أن يمر بعض أفراد المجتمع بأزمات شخصية.
بعد الثورة الصناعية حدثت عملية العصرنة في المجتمع الغربي التي أضعفت العلاقات الاجتماعية وعلاقات القرابة والانتماء، واخذ الفرد يتصرف بحرية ويؤمن بالتعددية وأهمية الوقت ويخطط للمستقبل. يتميز المجتمع الحديث بالتخصص في العمل ونشوء المنظمات البيروقراطية وتطورت مهن الياقة البيضاء، زادت نسبة المتعلمين وتقلصت نسبة الولادة.
حدثت عدة تحولات ثقافية على حياة الإنسان العصري أهمها:
1. ضعفت قيم كانت مقدسة في الماضي وحلت مكانها قيم جديدة ذات صبغة علمانية.
2. اهتمام أكثر بقيمة الوقت والتفكير نحو المستقبل.
3. تغير معنى المعايير الأخلاقية واصبح تسامحاً مع المنحرف عن المعايير.
4. تطور سريع في التكنولوجيا والثقافة المادية وتطور وسائل اتصال حديثة.
كلما زاد التغيير الثقافي زادت صعوبة التكيف معه لذلك تواجه المجتمعات التقليدية صعوبة في قبول التغييرات والتكيف لها فإذا تقبلت التطور التكنولوجي يصعب عليها تغيير قيمها ومعتقداتها.
أحيانا يرفض المجتمع ويتخوف من التغيير الثقافي الذي يتعارض مع قيمة الأساسية وأحيانا يتبنى جزءاً من مركبات التغيير ويرفض مركبات أخرى "مركبات انتقائية".
• قد يحدث تجدد ثقافي مع تبني التغيير بكامله أو انهيار ثقافي في مواجهة التغيير
كيف ندرس الثقافات؟
يوجد نوعان من الأبحاث: الكمي () والمضموني ()
1. البحث الكمي: فيه تجمع معطيات عددية وتستخدم الأساليب الإحصائية لتحليل المعطيات، مثل ما هي نسبة المهاجرين من مجموع السكان او نسبة العائلات الفقيرة في المجتمع ؟ أدوات البحث الكمي تتيح القياس واعطاء الكمية ووضع النظرية والتعميم كالعلوم الطبيعية الدقيقة. يتم عرض النتائج في البحث الكمي عن طريق الجداول الإحصائية والرسوم البيانية والنسبة المئوية، ويمكن من خلاله معالجة أدوات البحث كالاستمارة.
2. البحث ألمضموني: المعلومات التي تجمع فيه هي حصيلة انطباع الباحث ويجيب على أسئلة مثل: ما هو معنى "كسر الكأس " في العرس اليهودي؟ والبحث ألمضموني مرتبط بالعلوم الإنسانية.
ظهر البحث المضموني بسبب النقد على البحث الكمي بأنه يبعد الباحث عن الأشخاص الخاضعين للبحث وأنه يصف السلوك البشري بصورة تعميمية وبشكل نسب ومعادلات. يركز البحث ألمضموني على وصف الواقع كما يظهر من وجهة نظر الباحث الذي يصف الظاهرة بشكل مفصل.
المشاهدة المباشرة:
يجمع الباحث المعلومات من خلال مراقبة سلوك الأفراد بشكل مباشر. أحياناً لا يعرف الأفراد أن أحدا يراقبهم وأحياناً يعرفون ذلك بعد أن يأخذ الباحث موافقتهم. لا يشاركهم الباحث في نشاطاتهم بل يوثق ما يجري كتابه أو بالتصوير أو بالتسجيل الصوتي. مثلاً عندما يجلس باحث اجتماعي في الصف التعليمي يعرف الطلاب والمعلم أن هناك بحث يجرى عليهم أما المارة في مجتمع تجاري لا يعرفون أن الجالس على مقعد هو باحث يرصد سلوكهم.
حسنات المشاهدة المباشرة
1. تتم المشاهدة ساعة حدوث السلوك ويحصل الباحث على معلومات حقيقية.
2. لا حاجة لتعاون من يجري عليهم البحث.
3. عندما لا يعرف الأفراد أن سلوكهم مراقب لا يغيرون سلوكهم.
سلبيات المشاهدة المباشرة
1. في حال انعدام المعلومات الكافية فإن الباحث يفسر ما يرى بشكل خاطئ.
2. أحياناً لا ينتبه الباحث لتفاصيل معينة.
3. إذا عرف الأفراد أن سلوكهم مراقب يغيرون من سلوكهم.
4. قد يتوصل الباحث إلى تفسيرات مختلفة إذا قام بالمشاهدة في أوقات مختلفة أو مرات مختلفة.
5. غير مناسبة لبحث أحداث وقعت في الماضي.
6. لا ندرس بواسطتها أعمالاً تتم بالخفاء مثل الانحراف.
المشاهدة المشاركة:
يصبح الباحث جزءاً من مجموعة البحث، يشاركهم في نشاطاتهم وأعمالهم. أحيانا يتعلم لغتهم ويكتسب عاداتهم ويقضي معهم عدة سنوات. كما يفعل باحث مع قبائل وثقافات تقليدية او من يريد ان يبحث في الكيبوتس عليه ان يعيش معهم كعضو أو من يريد بحث حركة شبيبة ينضم إليها كمرشد.
حسنات المشاهدة المشاركة
1. جميع حسنات المشاهدة المباشرة.
2. يدرس الباحث المجتمع من الداخل ويفهمه كما يراه أفراده.
3. يحظى الباحث بثقة مجموعة البحث ويعرف كل نشاطاتهم.
سلبيات المشاهدة المشاركة
1. قد يدخل الباحث في حالة من التماهي مع المجموعة ولا يفصل بين كونه باحثاً او عضواً في المجموعة ويفقد الموضوعية.
2. قد يجد الباحث نفسه واحدا من مجموعة البحث عندما تكون المشاهدة لفترة طويلة.
3. مصداقية الإعادة متدنية.
4. توجد صعوبة في معالجة المعلومات التي جمعها الباحث بسبب كثرة المعلومات.
المشاهدة المركزة/الموجهة:
هي مشاهدة مباشرة ولكن فيها يحدد الباحث سلفاً ما هي مركبات الأحداث التي سوف يشاهدها والسلوك الذي سوف يراقبه. مثلاً الباحث الذي يدرس سلوك الأطفال أثناء لعبهم في الروضة يحدد نوعين من السلوكيات: السلوك العنيف بنوعيه الكلامي والجسدي والسلوك التعاوني، ويحدد مثلاً أن العنف الكلامي هو وقاحة وشتائم أما الجسدي هو الضرب، الركل والدفع.
حسنات المشاهدة المركزة
1. جميع حسنات المشاهدة المباشرة.
2. القواعد المركزة تزيد مصداقيتها.
3. من السهل معالجة المعلومات بواسطة التحليل الكمي والإحصائي.
4. يمكن تعميم النتائج إذا كانت العينة ممثلة وصادقة
سلبيات المشاهدة المركزة
1. تكون المعلومات التي جمعها الباحث محدودة في نطاق الجوانب التي حددها لذلك قد تضيع معلومات ذات صلة.
2. أحياناً يخطئ في التأويل القائم على المشاهدة ولا يفهم السياق الثقافي.
3. إذا عرف الأشخاص أن هناك من يراقبهم يتأثرون في سلوكهم.