بحث عن الابتزاز

 بسم الله الرحمن الرحيم


     إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره ، و نستهديه , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.  أما بعد...

         فإن الحديث على صفحات هذا البحث سيدور بحول الله وقوته حول موضوع : الابتزاز , و فيما يلي استعراض محاور هذا الموضوع :  


مفهوم الابتزاز :

الابتزاز هو القيام بالتهديد بكشف معلومات معينة عن شخص، أو فعل شيء لتدمير الشخص المهدد، إن لم يقم الشخص المهدد بالاستجابة إلى بعض الطلبات. هذه المعلومات تكون عادة محرجة أو ذات طبيعة مدمرة اجتماعياً. وهو بمعنى الإستبزاز فلا فارق بينهما.

المعنى العام  للابتزاز هو عرض طلب أن يتوقف الشخص المهدد من عمل شيء مسموح به عادة، لذا فهو يختلف عن التهديد extortion، الذي يحمل تهديداً ينتهي بعمل غير قانوني أو عنف ضد الشخص إن لم يستجب للمطالب.

 و المبتز هو الشخص الذي يبتز المال بالتهديد أو الوعيد أو بالعنف و قد يعمل هذا النوع من الأفراد مع بعضهم البعض فيقومون بأعمل غير مشروعة متنوعة ( بدوي , 1986م , ص 344)

ويسمى المال المدفوع نتيجة الابتزاز رشوة إسكات وكان مصطلح ابتزاز أصلاً مقصورًا على جمع رسوم غير قانونية بوساطة موظف عام. ويعاقب على الابتزاز بالسجن، أو بالغرامة، أو بكلتيهما ويضاف في بعض البلدان الطرد من الوظيفة.

http://ar.wikipedia.org/wiki

أنواع الابتزاز :

والابتزاز يتنوع بتنوع الأغراض فمنه الابتزاز العاطفي والسياسي والاقتصادي والعقدي وغيرها من ألوان تتعدد بتعدد أهدافه وغاياته.

ويعد الابتزاز العاطفي خطر يهدد الأسرة لأنه يبدأ من طريق مظلم يحسن استغلاله من في قلوبهم مرض والخاوية عقولهم والغائبة ضمائرهم ، إنه تدمير لكل القدرات وشل لكافة المواهب وزرع الجبن والخور في الأفراد لتحطيم المجتمعات.

أسباب الابتزاز :

من المهم تناول هذه المرحلة في حياة الفتاة , والكشف عن ملابسات علاقتها بأسرتها ,فهي اللبنة الحقيقية في نشوء هذه الظاهرة الجريمة فالإناث قد يقعن تحت ضغوط أسرية من الأزواج أو الوالدين أو الأشقاء مما يعيق استقرارهن ويشعرهن بالحرمان العاطفي بسبب العلاقات الأسرية والزوجية القائمة على التشاحن والتنازع والتصارع.

العقيد د/ محمد السيف أستاذ مناهج البحث والدراسات الاجتماعية – كلية الملك فهد الأمنية له دراسة بعنوان : الحرمان العاطفي في الأسرة السعودية وعلاقتها بجرائم الإناث عام 1424 هــ كشف عن وجود علاقة بين ثقافة المجتمع والحرمان العاطفي الأسري ,وذكر في الدراسة أن الكثير من الإناث والذكور يعرضون عن الزواج بسبب ثقافة المجتمع التي لا تتيح لهم فرصة الحصول على الزواج كوسيلة لتحقيق الأمان العاطفي والجنسي المشروع، فيعزفون عن الزواج بسبب المعوقات الاقتصادية والثقافية كغلاء المهور وصعوبة توفير السكن وصعوبة الاختيار ولا يمكنهم سوى الإعراض عن الزواج وتأجيله إلى أن تسنح الفرصة.

مما يؤدي بهم إلى رفض الوسيلة وهي الزواج، وكذلك رفض الهدف وهو الإشباع العاطفي والجنسي بطريقة شرعية واستبدالها بوسائل وأهداف تمردية مما يؤخر عملية الاستقرار الاجتماعي فينتج من جراء ذلك عدة استجابات سلوكية مغتربة عن المجتمع. كما توصلت الدراسة إلى:

ازدياد عدد الإناث المحكوم عليهن بالسجن في المجتمع مما يبرهن على وجود خلل وقصور بوظيفة الأسرة.

- بلغ عدد النساء الموقوفات في مؤسسات الفتيات في عام 2001 نحو (938) امرأة.

- وفي سجون النساء (193) امرأة.

- وعن عوامل انحراف المرأة أبانت الدراسة أن قيم المجتمع الثقافية والاجتماعية والدينية تحض الأفراد على أن يسعوا نحو تحقيق الاستقرار الاجتماعي والحصول على الأمان العاطفي بوسيلة مشروعة وهي الأسرة، وتنشأ المشكلة في المجتمع عندما يحدث انفصال بين الوسيلة (وهي الأسرة) والهدف (وهو الاستقرار العاطفي) فلا يوجد تكامل وانسجام بين الوسيلة والهدف فينشأ الانحراف في السلوك , وقد اتضح من الدراسة الميدانية أن اسر النساء المحكوم عليهن بالسجن لارتكاب أفعال جنائية قد وضعت حدودا وقيودا عليهن بحيث يصبح الحصول على الاستقرار العاطفي داخل الأسرة من الوالدين والأشقاء أمرا غير ميسور لهن وعسيرا وفي كثير من الأحيان يكون مستحيلا فأصبحت بذلك الأسرة حاجزا أو بابا مفتوحا لانحراف المرأة السعودية سواء أكانت البنت تعيش في كنف الأب أو كانت زوجة تعيش في ظل الزوج. (السيف , 1424هـ )

مرحلة "الابتزاز".

أبرز أشكال الابتزاز في حق الفتاة ينشأ من الابتزاز العاطفي, وجاء عن د. سوزان فوروارد في كتابها "الابتزاز العاطفي"إن الابتزاز العاطفي شكل قوي من أشكال الابتزاز حيث يهددنا القريبون منا بالعقاب ما لم نفعل ما يريدون .إن أصحاب هذا النهج يعرفون مدى تقديرنا لعلاقاتنا معهم , ويعرفون نقاط ضعفنا وأدق أسرارنا .ولا يهمهم مدى اهتمامنا بهم ,وغايتهم واحدة وهي الرضوخ لهم .

إن هؤلاء المبتزون يجعلون من المستحيل علينا رؤية الطريقة التي يستغلوننا بها !! ويرجع ذلك إلى أنهم يوجدون جواً من الضباب يغطي جميع أفعالهم.

وقد نقوم بالدفاع عن أنفسنا إذا كنا قادرين على ذلك ولكنهم يعلمون جيداً أننا لا نستطيع رؤية ما يحدث لنا وقد استخدمت الكاتبة كلمة الضباب للتعبير عن الارتباك الذي يحدثه المبتزون بداخلنا وكوسيلة للتغلب على هذا الارتباك , ومن أبرز وسائلهم النفسية كما قالت: 

يهددونك بأن يجعلوا حياتك صعبة إذا لم تفعل ما يردونه منك .

* يهددونك دوماً بإنهاء العلاقة إذا لم تفعل ما يريدونه منك .

* يخبرونك بأنهم سوف يؤذون أنفسهم أو يهملونها أو يصيبهم اليأس والإحباط إذا لم تفعل ما يردونه منك .

* يريدون المزيد دائماً بغض النظر عن قدر ما نعطيه لهم .

* يؤكدون باستمرار بأنك سوف تستسلم لهم .

* يتجاهلون أو يتغاضون عن مشاعرك وحاجاتك . 

* يصفونك دائماً بالأنانية, والسوء , والطمع , والتجرد من المشاعر واللامبالاة عندما لا تستسلم لهم .

* يغمرونك بالاستحسان عندما تستسلم لهم ويحرمونك منه عندما تعارضهم * يستخدمون المال كسلاح للوصول إلى مرادهم , فان تحقق شيئا منها فهذا يعني الوقوع بالابتزاز. 


وماذا عن ( المبتز )؟ 

المبتز يسمي بالشخصية "السيكوباتيه" التي تتسم بالعنف غير الطبيعي ، أو سلوك خطير لا يتسم بالمسؤولية , وبينتها كتب علم النفس فمن صفاته:

سريع الاندفاع وعديم الشعور أو قليل الشعور بالندامة والإثم .

ـ عاجز عن تكوين علاقة دائمة من المودة مع غيره من الناس .

أناني لا يعرف أحد سبب أنانيته يتسم بالقسوة وبدون ندم على ما يفعله أو الشعور بالإثم أو أي مراعاة لقيم المجتمع وأعرافه .

وعنف الفرد السيكوباثي وتعديه على أفراد المجتمع لا ينحصر فقط في الخشونة بالتعامل أو الكلام أو التهور في المعاملة، بل يتعداه إلى درجات متفاوتة من العنف والإيذاء الفعلي، ومن الصعب جداً حصر نمط الشخصية المناهضة للمجتمع (السيكوباثية) في صورة سلوكية واحدة أو تصور واحد معين بحد ذاته؛ فهي تتلون وتتغير تبعاً للموقف !

الفتاة المبتزة ( ضعيفة )

هي الشخصية السلبية الانهزامية التي دائما تتهرب من الواقع وتخاف من كل تعاون مع الآخرين وهي شخصية مشلولة، لدى صاحبتها استعداد للفشل أكثر من استعدادها للنجاح رغم ادعائها أحيانا بحب النجاح .

صاحبة هذه الشخصية اتكالية تنتظر من الآخرين كل صغيرة وكبيرة لأنها مسلوبة الإرادة ؛ بسبب التقاعس والتسويف وهي ضائعة في حياتها ؛ لأنها بلا هدف ،وهى بداية تتعرض لمراحل عملية غسل الدماغ وبمجرد ما يكتشف الشاب نقاط الضعف عندها يبدأ بالتلاعب بها

الصور أخطر أبواب الابتزاز:

جميع الحالات يتم فيها الابتزاز من خلال الصور أو تسجيل المكالمات الهاتفية , وتستجيب الفتاة دون أن تتأكد أصلا من وجود الصور أصلا أو التسجيل الصوتي!

 الابتزاز الإلكتروني :

في عصر ثورة المعلومات وتقدم العلوم الحديثة والتكنولوجيا المتطورة، وتبعا لذلك كان من البديهي أن تظهر أنماط جديدة من الجرائم لم تكن معهودة في السابق،والتي تمخضت عن وسائل اتصالات متطورة جعلت العالم قرية إلكترونية مفتوحة للعموم،ومن سلبيات الإنترنت استفادة المجرمون من هذا التطور, كشف رئيس المحكمة الجزئية في محافظة الإحساء الشيخ عبد اللطيف الخطيب، أن قضايا المخدرات، تحتل المرتبة الأولى في القضايا التي تشهدها المحكمة في شكل مستمر، فيما جاءت قضايا الابتزاز عبر الانترنت في المرتبة الثانية، أصدرت أول حكم في حق شاب ابتز فتاة، وهددها بنشر صورها من طريق الانترنت»، مشيراً إلى انه «تم تغريم الشاب مبلغ 500 ألف ريال أو عقوبة لمدة سنة؟ 

وتعد رسالة الماجستير"جرائم الانترنت" لمحمد المنشاوي أوّل رسالة على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي تبحث هذا الموضوع, توصل فيها الباحث إلى: أن جرائم الاختراقات هي الأولى(33.3٪) تعرضت أجهزتهم الشخصية للاختراق، (15.1٪) قاموا باختراق البريد الإلكتروني، ثم إرسال الفيروسات ويليه اختراق المواقع الشخصية مثّل العزّاب أكثر من نصف مجتمع الدراسة (53.0٪) بلغت نسبة الذكور المشاركين في الدراسة (76.7٪) أما الفئة العمرية كانت لفئة أواسط العمر، حيث بلغ (4909)

أما عبد الرحمن الدخيل، الباحث في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عرّف عملية اختراق المواقع الالكترونية من الناحية الفقهية بأنه مثل "الغصب" في الفقه الإسلامي، مشيراً إلى أنّ ما ذكره الفقهاء عن "الغصب" ينسحب على عمليات اختراق المواقع الافتراضية، وشل قدرة أصحابها عن استخدامها حماية وأمن الأسرة أمان المجتمعمن خلال الاستعراض السريع لبعض محاور الابتزاز أو أنواعه دون التعرض لأسبابه يتضح أن الأمر جد خطير والخطب جسيم وعلاجه بالنصائح والتربية وحدهما قد لا يجدي.إن من أهم ما يمكن العمل عليه للحد من هذه الظاهرة الخطيرة  

- يجب استحداث قسم حماية من الابتزاز خاص بالنساء في أقسام الهيئة.

- يجب تدريب رجال الهيئة المختصين في هذا القسم من خلال دورات خاصة تؤهلهم في الحوار والاتصال الفعال, و الناحية القانونية .

- يجب استحداث مادة قانونية معلنه تكفل للفتاة السرية التامة , نظرا لتراجع كثير من الفتيات عن إتمام موضوع الإيقاع بالشاب المبتز خوفاً من ورود اسمها في السجلات ,أو خوفاً من انتقام الشاب بعد انتهاء القضية مما يصل بها إلى طريق مسدود قد يصل إلى التجاوب مع طلباته مجدداً!!

- استحداث قسم حماية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية للإيقاع بالهاكرز المبتز إلكترونياً.

توجد ثغرة في آلية تعامل الهيئة مع المبتز إذا كان من محارم الفتاة , لحساسية هذا الموضوع اجتماعيا, وقد حدث معي من خلال شكوى الفتاة من ابتزاز احد أقاربها المحارم لها جنسياً , وتخوف رجل الهيئة من تداعيات الموضوع , فلم يتم حمايتها.

- الفتيات اللواتي يتورطن بعلاقة محرمة , ينسحب الشاب وتبقى الفتاة أسيرة الفضيحة , وخاصة أنها فقدت شرفها ولا تجد من يحاول ترميم الموضوع من قبل الهيئة نظراً لأن العلاقة تمت بالتراضي , وقد لجأت إلى فتيات طالبات أن يتم إقناع الشاب بالستر عليها ,و لأن الموضوع لا يعتبر ابتزاز فلا يتدخل احد لإقناع الشاب أو محاولة الضغط عليه! وهنا أشيد بموقف رجال الهيئة بمكة المكرمة إذا قاموا عدة مرات بتزويج الفتاة والشاب بعد خلوة غير شرعية. 

غاية ما يصل إليه المبتز هو تهديد الفتاة بنشر صورها باليوتيوب, أرجو من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية استحداث آلية ,في منع عرض بعض محتويات اليوتيوب غرار على حملة الأمارات العربية المتحدة بحظر بعض المحتويات التي يبثها الموقع والذي يخول مستخدميه لبث ومشاهدة مقاطع الفيديو.

قيام بعض الشباب باختطاف الفتيات قسرياً وتصويرهن تمهيداً لابتزازهن , وقد اشتكت بعض الفتيات أن أهاليهن يقومون بالعفو عن الشاب بعد القبض عليه نظراً لقرابته منها أو في محيطها الأسري, مما يوفر له ضمانات لاحقة بتكرار فعلته , فيجب عدم التساهل بهذا الموضوع.

http://www.wafa.com.sa/contents/206


هذا و في الختام أسأل المولى تبارك و تعالى و أدعوه أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على نحو طيب ...

و بالله التوفيق ...



قائمة المراجع


1- أحمد زكي بدوي : معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية , ط2 , مكتبة لبنان , بيروت , 1986م.


2- محمد السيف : الحرمان العاطفي في الأسرة السعودية وعلاقتها بجرائم الإناث , كلية الملك فهد الأمنية , الرياض , 1424 هــ.


3- مراجع من شبكة الانترنت:

http://www.wafa.com.sa/contents/206

http://ar.wikipedia.org/wiki


ابحث عن موضوع