بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمــة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره ، و نستهديه , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد...
فإن الحديث على صفحات هذا البحث سيدور بحول الله وقوته حول موضوع : " المحتوى "
و سيتم في هذا الموضوع الاعتماد على جمع المعلومات من عدة مصادر ومراجع علمية و ذلك في ضوء ما تيسر لي من معلومات...
وأرجو من الله العلي العظيم أن يلهمني السداد و التوفيق في عرض هذا الموضوع على النحو الأفضل ...إنه سميع مجيب ..
و الله الموفق
مفهوم المحتوى:
يقصد بالمحتوى المعالجة التفصيلية لموضوعات المقرر وهو يشتمل عادة على حقائق ومعارف و مفاهيم وتعميمات ومبادئ ونظريات ، أي أنه يتضمن نواحي معرفية عديدة تعكس جزءا أو أجزاء من البنية المعرفية لعم ما ، وهذا المحتوى قد يتم تنظيمه في شكل أو آخر ليلائم مستوى
المقصود بمحتوى المنهج :
ليس المقصود بالمحتوى فقط المادة العلمية المكتوبة أو محتو ى موضوعات الدراسة أو الإطار العام للموضوعات المقررة على تلاميذ صف معين و أنما يقصد بالمحتوى هو كل ما يؤثر في خبرة التلاميذ من المادة التعليمية المكتوبة و ما تشمل عليه من خبرات و وسائل تعليمية أو من أنشطة أو أي شيء يوضع في ضوء أهداف محددة واتلي توضع بقصد التأثير في نمو المتعلم و إكسابه المهارات ..
إذا لا يقصد بالمحتوى في هذه الحالة فقط المادة المكتوبة بل يقصد به المادة المكتوبة أضافه إلى التجهيزات المدرسية و أعداد المعلمين الكفء و أضافه إلى اختيار وسائل التعليمية المناسبة التي تحديد الأنشطة الإضافية مثل الرحلات و الزيارات و غيرها ..
· هل يمكن لأي عنصر من عناصر المنهج أن يعمل منفرداً ؟
لا يمكن لأي عنصر من عناصر المنهج ( من أهداف و محتوى و طرق التدريس و التقويم ) أن يعمل منفرداً أو منعزلاً عن باقي العناصر و أنما يؤثر فيها و يتأثر بها .
فالأهداف مثلاً كعنصر من عناصر المنهج تعد الموجه الحقيقي لاختيار و تحديد العناصر الأخرى و يتوقف على تحديدها السليم النجاح في الاختيار و التحديد للعناصر الأخرى , فإن الأهداف تساهم بدرجة كبيرة في تحديد هذا الدور .
العوامل التي يجب مراعاتها عند اختيار محتوى المنهج:
1. الأسس الفلسفية ( فلسفة المجتمع )
2. الأسس العلمية ( مدى تقدم المعرفة في أي مجال )
3. الأسس الاجتماعية ( أخذ أحدث ما وصل إليه المجتمع سواء التطور أو الاحتياجات أو المشكلات )
4. أن يكون المحتوى ترجمة صادقة للأهداف بأن تكون موضوعاته مراعية لكل العوامل التي تحددها هذه الأهداف (مطاوع , والحصان ،2014م ، ص213)
فيجب مراعاة هذه الأسس عند اختيار و تحديد محتوى المنهج.
اختيار محتوى المنهج
المقصود باختيار محتوى المنهج:
المقصود باختيار محتوى المنهج تحديد المحتوى من المادة العلمية و التجهيزات المدرسية و أعداد المعلمين بما يناسب و يساهم في تحقيق الأهداف المحددة للمنهج .
أهم الصعوبات التي تواجه عملية اختيار المنهج :
1. التطور الهائل و السريع للمعرفة الإنسانية و تضخم حجم المعرفة في كافة المجالات و بشكل سريع الأمر الذي يصعب معه اختيار الكم المناسب من هذا التضخم لتضمينه في محتوى المنهج في كل مقرر و هذا يشكل عبء على واضعي المناهج فظهر ما يسعى بالمعرفة المنهجية .
المقصود بالمعرفة المنهجية :
أن يتم التركيز على إعطاء و إكساب الطلاب مهارات بدل إكسابهم معلومات مثل مهارة القراءة و مهارة البحث , مهارة استخلاص الأفكار الرئيسة من النص , مهارة التعامل مع الكتب و المجلات و الأبحاث العلمية و غيرها , حتى يتأهل الشخص لكي يعيش في عالم متغير و متطور ومتبدل لان العملية لم تعد عملية استنساخ عقول كما في السابق بل أصبحت عملية أنشاء عقول يمكن أن تتفاعل و تتطور بسرعة و تتأقلم مع المكتشفات العلمية في مختلف المجالات .
2. التغير و التطور المستمر في أهداف العملية التربوية .
3. في السابق كان التركيز في المناهج على الناحية المعرفية أما الآن يفترض أن يعطي الطالب معلومات ومهارات و قيم و اتجاهات مختلفة و هذا سبب عبء على واضعي المناهج . (مطاوع , والحصان ،2014م ، ص214)
خطوات اختيار المنهج
رغم أن عملية اختيار المنهج عملية معقدة إلا أنها تسير وفق خطوات مرتبة وهي :
1. اختيار الموضوعات الرئيسية ..
— ما هي معايير اختيار الموضوعات الرئيسة؟
- مدى تحقيقها للأهداف المحددة المنهج .
- مدى إلمامها بالعناصر والمبادئ و الأفكار الأساسية للمادة الدراسية .
" و العناصر و المبادئ و الأفكار هي التي تحدد من قبل المختصين بالجانب العملي و المختصين بالجانب التربوي الذي يكونون اللجان التي تكونها وزارة التربية و التعليم العام لتحديد العناصر و المبادئ "
- مدى مناسبتها للوقت المحدد و المخصص للدراسة .
مدى مناسبتها لمستوى نضج التلاميذ. " يوضع في كل مرحلة دراسية ما يناسبها من الكم والكيف "
2. اختيار الأفكار الرئيسة التي تشتمل عليها الموضوعات
كيف يتم اختيار الأفكار الرئيسة التي تشتمل عليها الموضوعات؟
توجد طرق و أساليب عديدة لاختيار الأفكار الرئيسية للموضوعات أهمها و أكثرها شيوعاً هي تحديد الأفكار الرئيسية و التي يفترض أنها تشمل على جميع جوانب الموضوعات و دراستها تحقق الإلمام بالموضوعات من ناحية و بأساسيات المادة من ناحية أخرى و وضعها في قائمة ثم عرض هذه القائمة على مجموعة من خبراء المادة و المتخصصين و ترك الحرية لهم بإضافة أفكار أخرى أو حذف ما يرونه غير مناسب وبعد الانتهاء من هذه الخطوة يتم تحليل الأفكار ..
3. اختيار المادة العلمية المرتبطة بالأفكار الرئيسة
يتم عن طريق وضع اختيار كم مناسب من المادة يحددها المعنيين من لجنة مكونة من مطوري المنهج و مختص في العلم و مشرف تربوي أو مدرس من الميدان و يختارون الكم المناسب .
— ما شروط اختيار المادة العلمية (المحتوى العلمي) المرتبطة بالأفكار الرئيسة؟
- المساهمة في تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف.
- المساهمة في تنمية ارتباط الطالب ببيئته الثقافية والاجتماعية وحل مشكلاتها.
- المساهمة في تنمية ارتباط الطالب ببيئته الطبيعية وحل مشكلاتها. مثل مشكلة التصحر و الإسراف في الماء و انقطاع الكهرباء و غيرها ...
- ملائمة مستوى نضج التلاميذ وميولهم و قدراتهم و حاجاتهم .
- تغطية جميع العناصر الرئيسة والفرعية لموضوعات المنهج.
- المرونة، بحيث يمكن التطوير والاستبدال والإضافة والحذف عند الحاجة " بحيث تكون هناك أسئلة مفتوحة تكون إجاباتها من واقع التلاميذ"
وسائل اختيار المحتوى:
1. رأي الخبراء :
يكون هناك خبراء في العلم و في التربية و الخبراء يكونون من أساتذة الجامعات و المختصين في مراكز الأبحاث بشكل عام و المختصين في القضايا الاجتماعية المختلفة . ( حمدان ، 1986م، ص36)
و إذا كان رأي الخبير أحد الوسائل الهامة في اختيار المحتوى إلا أنه تعرض لبعض أوجه النقد من أهمها :
أ. قد تختلف آراء الخبراء حول منهج من المناهج فأي رأي نأخذ و أيها نرفض .
ب. قد تختلف أراء الخبراء حول المنهج بمفهومة الضيق أو التقليدي و يركزوا على بعض العناصر و يهملوا البعض الأخر .
ج. أن بعض الخبراء قد تأتي أفكاره من منعزل عن الواقع فلا يستطيع الطالب أن يفهمها .
2. التحليل:
تحليل المادة العلمية ( القضايا الموجودة ) و نحتاج فيها لخبير متخصص , ونحدد مواضيع معينة تتناسب مع مستوى الطلاب ومع قدراتهم وتكون على شكل جرعات بسيطة حتى تعطي في الأخير التصور الكامل أو النمو الكامل الذي تطمح له في الطالب .
ورغم أهمية التحليل كوسيلة من وسائل اختيار محتوى المنهج إلا أن بعض نقاط الضعف و التي تؤخذ عليها منها :
- ما يناسب الكبار من أنشطة و مهارات قد لا يناسب الصغار .
- قد يكون استخدام الكبار لمهارات و أنشطة معينة دون المستوى المطلوب لإكسابه للتلاميذ أو ليس هو الاستخدام الجيد .
- الأنشطة غير ثابتة أو مستقرة لأنها تتعرض للتغير و التطور بحكم ارتباطها بالمجتمع و المعرفة و كلاهما في تطور مستمر و بالتالي يمكن قول أن أنشطة الآن قد لا تكون هذه أنشطة الغد .
3. المسح :
المسح وسيلة هامة من وسائل اختيار محتوى المنهج فمثلاً مسح البحوث و الدراسات السابقة التي أجريت في مجال معين تساعد على اختيار المحتوى المناسب للتلاميذ في هذا المجال التي تعطيهم أكبر تصور لفهم المواضيع . (مطاوع , والحصان ،2014م ، ص215)
ورغم أهمية المسح كوسيلة لاختيار محتوى المنهج و التأكيد على استخدامها لتعدد وسائل اختيار المحتوى , إلا أنها تتعرض لبعض أوجه النقد أهمها :
- معرفة ميول التلاميذ نحو القراءة أو القضايا الوطنية غير كافية لتنميتها و المحافظة عليها , بل لابد من توافر عوامل أخرى لتنمية هذه الميول و المساهمة في تكوين ميول جديد لتحقيق أهداف المنهج .
- أن المسح قد يقتصر على بعض الجوانب و لا يشمل جميع الجوانب التي تهم العملية التعليمية و لا يساعد على تكوين صورة شاملة و متكاملة لمحتوى المنهج .
والمزج بين الوسائل الثلاثة رأي الخبراء و التحليل و المزج أمر مثمر و يوصى به عند اختيار المحتوى
معايير اختيار المحتوى :
1. ارتباط المحتوى بأهداف المنهج .
يجب أن يكون الارتباط وثيق جداً حيث هذا المحتوى يحقق الأهداف و هذا أمر أساسي .
2. أن يكون المحتوى صادقاً وله دلالته .
يقصد بصدق المحتوى أن كل ما يحتويه من معارف تكون حديثة و صحيحة من الناحية العلمية و هذه المعارف تعد الدعامة الأساسية للمادة نفسها ..
أما دلالة المحتوى فتعني قدرته على إكساب التلاميذ روح المادة و طريقة البحث فيها , أو بمعنى أخر الإفادة من المادة و تطبيقها في المجالات الأخرى .
3. أن يراعي المحتوى ميول التلاميذ ..
أن يحقق المحتوى أهداف المعلم مع مراعاة ميول التلاميذ .
4. أن يراعي المحتوى الفروق الفردية ..
حيث يصمم على أساس أن التلاميذ يختلفون من حيث القدرات و الميول و الحاجات و الاستعدادات , ويفضل أن يوضع متوسط بين القدرات ..
و يجب أن لا يكون فقط على مستوى الفروق في النضج الفكري للمتعلمين بل أيضاً على مستوى المشكلات الاجتماعية ..
5. أن يراعي في المحتوى التوازن بين الشمول و العمق ..
المقصود بالشمول ( التوسع الأفقي ) أن تغطي المادة المختارة جميع الجوانب و الأفكار الرئيسية و تعطي فكرة واضحة عن المادة و نظامها و أن تشمل أكبر قدر من المواضيع .
أما العمق ( التوسع الرأسي ) فيعني تناول أساسيات المادة مثل المبادئ و المفاهيم و الأفكار الرئيسية , والدخول في المادة العلمية إلى أكبر عمق ممكن , و يجب أن يكون هناك توازن بين الشمول و العمق لتغطية أكبر قدر ممكن من الموضوعات في هذا المقرر .
6. ارتباط المحتوى بثقافة المجتمع الذي يعيش فيه التلميذ ..
أي أن البيئة التي يعيش فيها التلاميذ , مثلاً .. الغطاء النباتي الذي سوف يطرح في المحتوى يجب أن يكون من البيئة و ثقافة التلميذ التي يعيش فيها. (مطاوع , والحصان ،2014م ، ص213-215)
تنظيم محتوى المنهج :
1. التنظيم المنطقي :
و هو أقدم التنظيمات و أكثرها شيوعاً و يقصد به تنظيم المحتوى وفق التسلسل العلمي المنطقي للمادة المقررة, و هذا التنظيم يركز على المبادئ و القواعد الأساسية التي تشمل كل مادة , ويجب أن يبنى كل موضوع على بعضه , فهو مدخل من المداخل التي تستخدم في تنظيم المحتوى بحيث تسلسل منطقياً و تعطي الخبرات اللازمة لكل جزئية من الجزئيات حتى عندما نصل إلى الموضوع الأخير يكون لدى الطالب قاعدة و بناء جيد يتفاعل فيه مع المواضيع الصعبة .
2. التنظيم السيكولوجي :
الذي يتم وفق خبرات الطلاب و احتياجاتهم و نموهم السيكولوجي ..
مثل الطلاب في المرحلة الابتدائية يحبون اللعب و الأشكال فعندما نعطيهم أرقام أو كلام لا يكون جافاً بل بواسطة صور و ألعاب و حيوانات لتتلاءم مع نفسية الطلاب حتى نحقق لهم الهدف .
أما في الثانوي نجلب مادة علمية تناسب نضجه العلمي و الاجتماعي ..
ويفضل أن يكون هناك مزج بين التنظيمين عند تنظيم محتوى المنهج
معايير التنظيم الجيد للمحتوى :
1. الاستمرار :
أي أن أهداف التدريس أن تكرر بجرعات مختلفة على مدى سنوات الدراسة أو تناول المسألة بتوسع وشمولية . (العبيدي والجبوري ، 1401هـ ، ص 38)
2. التتابع :
عملية بناء المنهج يفترض أن تكون على خطوات و سلم كل خطوة أو كل درجة تمكنه من يصل إلى الدرجة التي تليها أو المرحلة التالية فيفرض أن يكون هناك تتابع لتنمية المهارات و المعلومات و القيم و الاتجاهات , حيث كل خبرة يستلمها الطالب تمكنه من تعلم الخبرة التي يليها .
3. التكامل:
- التكامل أفقي ( من ناحية التكامل بين المواد )
بمعنى مختلف المقررات التي تعطى للطالب في مستوى دراسي محدد مثل جميع المقررات (رياضيات وعلوم ولغة عربية ودين ....الخ) في الصف الأول ثانوي .
- التكامل رأسي ( من ناحية العمق على سنوات مختلفة )
بمعنى مختلف مقررات التخصص الواحد مثل الرياضيات من الصف الأول ابتدائي حتى الثالث ثانوي . (العبيدي والجبوري ، 1401هـ ، ص 41)
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات و الصلاة و السلام على خاتم النبيين , محمد بن عبد الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ... أما بعد ...
فقد تناولت على الصفحات السابقة من هذا البحث موضوع:" المحتوى"
هذا و أسأل المولى تبارك و تعالى و أدعوه أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على نحو طيب ...
و بالله التوفيق ...
قائمة المراجع:
1- حمدان ، محمد زياد (1986م) تقييم المنهج ، دار التربية الحديثة ، عمان .
2- الخليفة ، حسن جعفر (2014م) المنهج المدرسي المعاصر ، مكتبة الرشد ، الرياض .
3- الشباطات، ميساء عيسى(2012م) تطوير المناهج وأثره على مخرجات التعليم في الوطن العربي ، كلية التربية ، جامعة اليرموك ، الأردن.
4- العبيدي ، غانم سعيد شريف , والجبوري , حنان عيسى سلطان (1401هـ) أساسيات القياس والتقويم في التربية والتعليم، دار العلوم للطباعة والنشر , الرياض.
5- مطاوع ، ضياء الدين ، الحصان ، أماني محمد (2014م) مناهج المدرسة الابتدائية بين الحداثة والجودة، مكتبة المتنبي ، الدمام ، الرياض ، جدة.
المملكة العربية السعودية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كلية العلوم الاجتماعية
قسم علم الاجتماع
بحث بعنوان :
المحتـــــــــــوى
إعداد الطالب: متعب ضيف الله العتيبي
العام الجامعي
1435/1436هـ