أهمية ابرام الاتفاقيات القضائية بين الدول
تنامت الاتفاقيات الدولية منذ انبثاق منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وأصبحت تتنناول كافة جوانب العلاقات بين الدول وعلاقات الأفراد والمجموعات مع الحكومات . وإن عرضا مختصرا ، على سبيل المثال لا الحصر ، لعناوين الاتفاقيات الدولية الرئيسية كما وردت في دليل الأمم المتحدة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية يوضح أهمية هذه الاتفاقيات وضرورة دراسة آثارها القانونية على التشريعات الوطنية للدول .
وأهم هذه العناوين : العلاقات القنصلية والدبلوماسية - البيئة والمناخ – البحار – الأنهار الدولية – الصحة – العمل – اتفاقيات جنيف عن ضحايا النزاعات المسلحة - حقوق الإنسان – حقوق الطفل – حقوق المرأة والقضاء على التمييز ضدها - القضاء على التمييز العنصري – حقوق الأقليات - القضاء على التعصب الديني - الثقافة والتربية والتعليم – االتبادل الثقافي – الإعلام التجارة الدولية – التجارة الإلكترونية - مكافحة الفساد – مكافحة الجريمة وتسليم المجرمين - الاتصالات والبريد الدولي - التنمية البشرية والتنمية المستدامة - مكافحة الإرهاب الدولي .
وإن تزايد الاتفاقيات الدولية من حيث العدد والمواضيع التي تتدخل فيها [3] ألزم هيئات الدولة بتوفيق أوضاعها مع الوضع الجديد للمجتمع الدولي. وطرح بجد وموضوعية قانونية مدى تدويل الدساتير والتشريعات الوطنية نتيجة تطبيق الاتفاقيات الدولية [4]
إن المجتمع الدولي الراهن لا ينطوي إلا على جوانب قليلة مشتركة مع القرون الماضية. و أكثر الاختلافات ظهورا يتمثل في زيادة قواعد القانون الدولي. ، إذ لم يرتفع عدد الدول فحسب، وإنما أضحت العلاقات بين الدول منتظمة وثابتة ومتواصلة. إن الدول تؤطر علاقاتها عبر قنوات الاتفاقات الدولية في قواعد واجبة الاحترام. وإن كثافة وتوسع مضمون العلاقات الدولية قد ازدادت كثيرا . كما أن آليات اتخاذ القرار قد تبدلت ، كما أن تنوع الصكوك الدبلوماسية قد توضح [5]. إن تطور القانون الدولي قد ظهر أيضا بتوسع ميادين النشاط الدولي[6]. كما أن وجود المنظمات الدولية وتعددها واختصاصاتها قد أدى إلى تزايد النصوص الدولية المعتمدة في هذه المنظمات.
إن هذه التحولات المادية والشكلية للمجتمع الدولي كان لها بالضرورة انعكاسات على الأنظمة القانونية الداخلية للدول. ولأجل أن تتابع الدول لممارستها دورا على الصعيد الدولي كان عليها أن تتكيف مع هذه التحولات أي الاتصال مع أعضاء المجتمع الدولي وعقد اتفاقات في ميادين أكثر تنوعا.
إن القواعد الدولية التي يتعين على الدول تطبيقها في نظامها القانوني هي في جوهرها قواعد ذات أصول تعاقدية. بيد أن المميزات العامة للاتفاقات الدولية قد تطورت كثيرا. فقد بدأت بعدد قليل من الاتفاقات الثنائية الدبلوماسية تتناول بصورة جوهرية مسائل الحرب و السلم، وانتهت إلى مجموعة كبيرة من الاتفاقيات متعددة الأطراف تهتم بالدفاع عن المصالح المشتركة للإنسانية. إضافة إلى أن الاتفاقيات الدولية تتناول الآن مواضيع كانت فيما مضى تقع في اختصاص الدول لوحدها، ثم تطورت إلى نظام معقد من الحقوق والالتزامات للدول الأطراف وتقدم في المحصلة نفس مميزات التشريع الداخلي [7].
ومنذ ذلك الحين أصبح من الواضح بأن المشرع الوطني الذي يرى اختصاصه الأصلي في صياغة قواعد قد عدلت بصورة كاملة نتيجة اتجاه الدول إلى أن تنظم بصورة مشتركة الحقوق الأكثر تبدلا للنشاط الإنساني، بحيث ضاق تدخل المشرع في صنع المعايير الدولية. كما أن السلطات التشريعية فقدت جانبا من اختصاصاتها.ومن ناحية أخرى فإن تطبيق المعاهدات الدولية في القانون الداخلي يستلزم عملا من المشرع الذي يتعين عليه السهرعلى أن تشكل جميع القواعد النافذة في الدولة مجموعة آمرة ومطاعة.وينتج عن ذلك أن نشاط المشرع قد وجه إن لم نقل تمت قيادته من المعاهدات الدولية التي أبرمتها الدولة. ويستتبع ذلك فإن الجهات التي تطبق الاتفاقيات الدولية امتدت إلى السلطة القضائية الممثلة بالقضاة ويساعدهم المحامون في الاستناد إلى نصوص الاتفاقيات الدولية في دفوعهم كما سيأتي لاحقا .