بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الخطة الخمسية في المملكة العربية السعودية

 

الخطة الخمسية في المملكة العربية السعودية


بسم الله الرحمن الرحيم

الخطة الخمسية

تنتهج المملكة العربية السعودية أسلوب التخطيط حيث تنتهج الخطط الخماسية . وقد لوحظ في الآونة الأخيرة ظهور بعض الكتابات الصحافية التي تنم عن اهتمام أصحابها بخطط التنمية الخمسية ومنهجيتها والأسس التي تبنى عليها ومنجزاتها ورؤيتها المتوسطة والبعيدة.

كما لوحظ أن هذه الكتابات في أحيان عدة لا تعكس واقع الأمور وينقصها رغم اهتمام أصحابها الإلمام الكافي والدقيق والشامل بالجوانب المختلفة للعملية التخطيطية في المملكة وتفاصيلها، والمراحل التي تمر بها.

يرمي هذا التوضيح إلى تسليط الضوء على جوانب مهمة تتصل بالعملية التخطيطية وما يكتنفها، منها، على سبيل المثال، منهجية التخطيط، والأسس التي تبنى عليها العملية التخطيطية، وأبعادها الزمنية، واستشرافاتها المستقبلية، والعوامل الإحصائية في التخطيط، والمراحل التي تمر بها الخطط التنموية قبل أن تتبلور في شكلها النهائي ويتم إقرارها من قبل الدولة، والآليات التطبيقية والتنفيذية التي تعقب ذلك، والعلاقة بين ميزانيات الدولة السنوية والخطط التنموية، وآليات متابعة تنفيذ الخطة لضمان تحقيق أهدافها وغاياتها المحددة. 

لقد شهدت أساليب التخطيط التنموي في المملكة تطورات مهمة انعكست على الخطط الخمسية المتعاقبة كان أبرزها ما يلي:

- التحول من أسلوب تخطيط المشاريع إلى أسلوب تخطيط البرامج.

- التركيز على السياسات الاقتصادية والإجراءات والأدوات التي تحقق الكفاءة الاقتصادية.

- توسيع نطاق أساليب التخطيط ليشمل: التخطيط التوجيهي، التخطيط التأشيري، والتخطيط الاستراتيجي.

- زيادة الاهتمام بالبعد المكاني للتنمية من خلال الاهتمام بالتنمية الإقليمية المتوازنة.

وقد تطورت مناهج وأساليب إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية الخمسية عبر تلك المراحل، حيث برزت عبر المسيرة التنموية تحديات اقتصادية واجتماعية تطلبت استخدام أساليب متجددة ومتطورة تناسب كل مرحلة. وقد تدرجت تلك الأساليب تطوراً حتى وصلت إلى استخدام النماذج الاقتصادية المتطورة في الوقت الحاضر.

وتشمل أدوات التخطيط في الوقت الراهن، مجموعة واسعة من برامج التحليل والأدوات الإحصائية، ومنظومة متكاملة من النماذج الاقتصادية التي طورتها وزارة الاقتصاد والتخطيط، يتم استخدامها في إعداد خطط التنمية وبلورة السياسات الاقتصادية وتقييم فاعليتها، وإعداد التوقعات والمسارات الاقتصادية البديلة (السيناريوهات) للمدد الزمنية المختلفة (القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى)، إضافة إلى استخدامها في أغراض المتابعة السنوية لتنفيذ الخطة.

وتتمتع هذه النماذج الاقتصادية بكفاءة عالية بشهادة الخبراء العالميين الذين اطلعوا على نتائجها، وقد مكّنت هذه النماذج الوزارة من استشراف التطورات المستقبلية. وتخضع هذه النماذج لعمليات تحديث وتطوير مستمرة بواسطة خبراء الوزارة، كما يتم تحديث قواعد بيانات هذه النماذج وتطويرها بصفة مستمرة.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن التخطيط في المملكة مر في إحدى مراحله الأولى بإسهام خبراء متخصصين من جامعة ستانفورد الأمريكية المرموقة شاركوا في عملية إعداد الخطط التنموية وبلورتها في شكلها النهائي، مما أثرى في ذلك الوقت المعرفة التراكمية المتخصصة لدى الوزارة في المجال التخطيطي. 

إن العملية التخطيطية في المملكة ليست عملاً جامداً وإنما هي عملية ديناميكية منفتحة على جميع التطورات العلمية الحديثة في حقل التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، كما تخضع لحوارات دورية بناءة مع شخصيات علمية مرموقة محلياً ودولياً في مجال التخطيط الاقتصادي والاجتماعي. 

وحرصاً على استمرارية تطوير منهجية التخطيط التنموي وأساليبه درجت وزارة الاقتصاد والتخطيط منذ سنوات عديدة على دعوة بعثات فنية متخصصة من المنظمات الدولية، ومن بعض الدول ذات التجارب الناجحة في مجال التخطيط التنموي.

ويستغرق إعداد الخطة عادة ما يزيد على ثلاث سنوات تمر خلالها الخطة بمراحل مضنية من التحليل والتدقيق والمراجعة، وأيضاً استشراف المستقبل بقدر كبير من الدقة، وذلك بفضل النماذج الاقتصادية التي طورتها الوزارة.

وتتضمن عملية إعداد الخطة مشاركة مكثفة من قبل الوزارات والجهات الحكومية المختلفة، وتتم هذه المشاركة من خلال فرق العمل القطاعية (مشكلة من ممثلي الجهات الحكومية ووزارة الاقتصاد والتخطيط) التي تتولى إعداد الخطط التشغيلية للجهات الحكومية، وكذلك من خلال إسهام تلك الجهات في إعداد أوراق السياسات القطاعية التي تسهم في تشكيل الإطار الأساسي لبلورة البعد القطاعي للخطة.

هذا من جانب، ومن جانب آخر كثفت وزارة الاقتصاد والتخطيط عبر الخطط المتعاقبة استعانتها بخبراء وطنيين من جامعات المملكة للإسهام في إعداد أوراق السياسات القطاعية وغيرها من خدمات الدعم والمساندة لعملية الإعداد.

وتجدر الإشارة، على سبيل المثال، إلى أنه في سياق إعداد خطة التنمية الثامنة تم الأخذ في الاعتبار مقترحات الجهات الحكومية حول القضايا الوطنية التي تناولها خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – طيب الله ثراه – بمناسبة افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الشورى، حيث قامت وزارة الاقتصاد والتخطيط بتكليف من مجلس الوزراء الموقر، بدراسة مقترحات الجهات الحكومية وتنسيقها وإمكانية استيعابها في خطة التنمية الثامنة.

كما اتخذت الوزارة خلال إعداد هذه الخطة عدة خطوات لتعزيز مشاركة المجتمع في مناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية وطرح الحلول لها والإسهام في وضع السياسات وتحديد أهداف التنمية. وكان من أبرز هذه الخطوات تنظيم ندوة الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي التي عقدت في شهر شعبان من عام 1423هـ (أكتوبر 2002)، والتي تفضل بافتتاحها ورعايتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، عندما كان ولياً للعهد، وشارك فيها أكثر من (300) خبير ومشارك من جميع الجهات الحكومية، وفعاليات من القطاع الخاص والقطاع الأكاديمي، وقيادات سياسية واقتصادية دولية، وخبراء من منظمات عالمية. وقد شكلت أوراق الندوة ومناقشاتها مرجعاً أساسياً في إعداد أوراق سياسات خطة التنمية الثامنة. وفي خطوة تهدف إلى تطوير فاعلية الخطة في تحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، اشتملت خطة التنمية الثامنة على أهداف محددة لجميع التجهيزات الأساسية والخدمات العامة لكل منطقة من مناطق المملكة الثلاث عشرة، مما يتيح متابعة أداء عملية التنمية الإقليمية وتقويمها. 

ونظراً لتنامي دور القطاع الخاص والتوسع المتوقع في هذا الدور خلال السنوات المقبلة في ضوء تقدم عملية التخصيص وتحفيز الاستثمارات الخاصة، شهدت خطة التنمية الثامنة تطويراً في منهجيتها تعزيزاً لدورها التأشيري فيما يتعلق بنشاط القطاع الخاص، شمل: 

- زيادة التركيز على السياسات وتحسين شفافيتها.

- ربط السياسات بآلياتها التنفيذية مع وضع أهداف كمية وزمنية محددة، مما يمكن من تقويم أداء السياسات وكفاءتها، ومتابعتها من قبل الجهات المسؤولة عن تنفيذها.

- إدراج جانب من المشاريع الاستراتيجية في فصل خاص بوثيقة الخطة، يتضمن بيانات تفصيلية بشأنها تشمل أحجامها ومتطلباتها الاستثمارية، مما يوفر مؤشراً لقطاع الأعمال حول حجم وطبيعة النشاطات الاستثمارية في الخطة.

ولما كان التنسيق بين خطة التنمية والتحضير السنوي للميزانية العامة للدولة ذا أهمية قصوى في تحديد مسار الخطة ومدى تحقيقها أهدافها، فإن هناك تنسيقا بين مهام وزارة الاقتصاد والتخطيط بشأن إعداد الخطة ومهام وزارة المالية بشأن إعداد الميزانية، حيث يعد ذلك من أهم مقومات نجاح تنفيذ خطة التنمية. 

ويستتبع عملية إعداد الخطة وإقرارها، عمليات أخرى عديدة تشمل التنفيذ والمتابعة والتقويم. فبعد إقرار الخطة تدخل مرحلة التنفيذ التي تليها مرحلة متابعة التنفيذ، وفي هذه المرحلة الأخيرة يجري بيان ما تم تنفيذه وفقاً للجدول الزمني المحدد في الخطة، يستتبعها استخلاص البيانات لمرحلة التقويم. ويتم في مرحلة التقويم تحديد الأسباب التي أدت إلى ما قد يوجد من خروج عن الأهداف الموضوعة. هذا وتتم متابعة تنفيذ خطة التنمية على مستويين: الأول، على المستوى الكلي للمتغيرات الاقتصادية في الاقتصاد الوطني، والثاني، على مستوى القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة. وتعزى أهمية المتابعة على المستوى الكلي إلى ربط جميع متغيرات الاقتصاد الكلي مع بعضها بعضا، وإظهار ما بينها من علاقات، وبيان ما قد ينشأ من عدم التوافق بين مساراتها الفعلية والمستهدفة. أما المتابعة على مستوى القطاعات فتوضح مدى التقدم والنمو المحقق في كل قطاع من قطاعات الاقتصاد الوطني، وكذلك مدى التقدم والنمو المتحقق في الأنشطة المكونة لكل قطاع.

ويجرى تقويم أداء خطة التنمية في إطار تقرير المتابعة السنوي الذي تعدّه وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتعاون مع جميع الجهات الحكومية والخاصة، ويرفع إلى مقام مجلس الوزراء ومقام مجلس الشورى. 

وقد شهدت كفاءة التقويم تطوراً إيجابياً متواصلاً في ضوء التحسينات التي تم ويتم إدخالها على منهجية خطة التنمية، خاصة تلك المتعلقة بوضع أهداف محددة لجميع سياسات الخطة ومؤشرات كمية لجوانب الأداء. 

وخلاصة القول فيما يتعلق بمنهجية إعداد خطط التنمية في المملكة أن هذه الخطط ظلت تعد وفق منهجية علمية، وتستند إلى دراسات مستفيضة مفصلة تغطي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وإلى مسوحات إحصائية شاملة موثقة قطاعياً وجغرافياً. كما أن هذه الخطط تخضع لمراجعة دقيقة من قبل خبراء متخصصين من داخل المملكة وخارجها، وإلى مقارنة مكثفة بالخطط التنموية في دول مختارة في العالم سواء من ناحية المنهجية، أو الشمولية، أو التفاصيل الدقيقة التي تتضمنها.

وفيما يتعلق بالأفق الزمني لخطط التنمية في المملكة تجدر الإشارة إلى أن إعداد هذه الخطط يسبقه إعداد دراسات مساندة ذات منظور زمني بعيد المدى يتم الاسترشاد به في تحديد الاتجاهات التنموية الأساسية على مستوى الاقتصاد الكلي والمستويات القطاعية، وفي بلورة البرامج والسياسات التي يتم تضمينها في الخطة. ليس ذلك فحسب بل إن إعداد كل من الخطط السادسة والسابعة والثامنة قد تم في إطار منظور مستقبلي بعيد المدى لتطوير الاقتصاد السعودي. وتلخص الخطة السادسة (صفحات 47-50) العناصر الأساسية لذلك المنظور. كما تتضمن خطة التنمية السابعة فصلاً كاملاً (الفصل الثالث) حول المنظور بعيد المدى للاقتصاد السعودي الذي اعتمد عليه إعداد الخطة. أما الخطة الثامنة فتمثل خطوة متقدمة على طريق التخطيط الاستراتيجي، إذ إنها تعد الحلقة الأولى في منظومة مسار استراتيجي مستقبلي للاقتصاد الوطني يمتد لعشرين عاماً مقبلة، ويتضمن أربع خطط خمسية متتابعة. ويبرز الفصل الثالث من الخطة الثامنة عناصر ومرتكزات الاستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد السعودي حتى عام 1444/1445هـ (2024م).

وفيما يتعلق بالإحصائيات التي ظلت تستند إليها خطط التنمية فإن المتصفح لأي خطة من هذه الخطط يجد أنها ترتكز على قاعدة بيانات ومعلومات تتعلق بوضع الاقتصاد الوطني وقطاعاته وفعالياته المختلفة خلال فترة تمتد لخمس سنوات سابقة للخطة بما في ذلك سنة أساس الخطة. وتتكون قاعدة البيانات والمعلومات من إحصائيات تتناول المتغيرات الاقتصادية الكلية (الناتج المحلي الإجمالي، الاستهلاك، الاستثمار، الصادرات، الواردات، متغيرات المالية العامة والمتغيرات النقدية والمصرفية ... إلخ)، والمتغيرات القطاعية والجزئية كإحصائيات القوى العاملة والتوظيف، والتعليم والتدريب، والصحة، ومساهمات القطاعات الإنتاجية والخدمية في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، وخدمات التجهيزات الأساسية المختلفة، والأرقام القياسية للأسعار ... إلخ.

وجميع هذه الإحصائيات، الكلية والقطاعية والجزئية، مستمدة من مصادر رسمية كإصدارات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، ومؤسسة النقد العربي السعودي، والميزانية العامة للدولة، والإصدارات المختلفة للجهات الحكومية الأخرى. وجميع هذه المصادر الرسمية مثبتة ومدونة في وثائق خطط التنمية المختلفة.

ويكفي أن يتصفح القارئ وثائق خطط التنمية، ولا سيما الجزء الخاص "بالوضع الراهن" في الفصول القطاعية، ليتحقق من الكم الضخم من البيانات المتاحة. ومن هذا يتضح أن الخطط المتعاقبة ظلت تستخدم إحصائيات رسمية مضمنة في إصدارات الجهات الحكومية ذات الاختصاص، وهي الإحصائيات الوحيدة المتاحة للاستخدام في المملكة سواء كان ذلك من قبل الأجهزة الحكومية أو الباحثين أو مؤسسات القطاع الخاص، المحلي والأجنبي، وهي أيضاً الإحصائيات التي تتاح رسمياً للمنظمات الدولية (البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية، منظمات الأمم المتحدة المختلفة ... إلخ). إن خطط التنمية في المملكة تستند إلى قاعدة عريضة من الإحصائيات التي جمعت وبُوّبت وحُلّلت بدرجة عالية من المهنية والخبرة الطويلة في المجال الإحصائي.

وفيما يتعلق بالرؤية المستقبلية، فإن إعداد التوقعات المستقبلية التي تتضمنها الخطط التنموية يتم باستخدام منظومة، كما ذكر آنفاً، من النماذج الاقتصادية المتطورة التي تخضع لعمليات تحديث وتطوير مستمرة بواسطة خبراء الوزارة وبمساندة فنية من قبل خبراء دوليين، وتهيئ هذه النماذج استشرافا دقيقا إلى حد كبير للتطورات المستقبلية الاقتصادية والاجتماعية.

لقد وفّرت خطط التنمية المتعاقبة إطاراً ومنهجاً أتاح الاستخدام العقلاني الرشيد لموارد المملكة عبر العقود المنصرمة، الأمر الذي أفضى إلى تحقيق منجزات تنموية نعتز ونفتخر بها تجسدت في اطّراد وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وما نجم عنها من تحسن كبير في مستوى معيشة المواطنين ونوعية حياتهم، واستمرار التطور بوتيرة متسارعة في مؤشرات التنمية البشرية. لقد تم كذلك في إطار هذه الخطط بلورة وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية العملاقة التي أحدثت نقلات نوعية في مسار الاقتصاد الوطني، ومنها على سبيل المثال المدن الصناعية في الجبيل وينبع وغيرهما، ومشروعات التجهيزات الأساسية الضخمة، والمشروعات الصناعية الكبرى، والتطور المرموق الذي وصلت إليه مدن المملكة الكبرى.

كما تبنّت خطط التنمية المتعاقبة حزماً من السياسات الاقتصادية الكلية والقطاعية التي أسهمت في تطوير هيكلية الاقتصاد الوطني وتنمية الموارد البشرية والمادية وترشيد استخداماتها وهيأت مناخاً من الاستقرار الاقتصادي والتوازن الداخلي والخارجي كان له أعظم الأثر في حفز القطاع الخاص وإطلاق طاقاته وتوجيهها نحو المسارات التي عززت وتيرة النمو والتحديث الاقتصادي.

ولعله من نافلة القول أن هذه المنجزات تقف دليلاً ساطعاً على سلامة الأسس التي قامت عليها خطط التنمية المتعاقبة، وما تضمنته من برامج ومشروعات وسياسات. إن اقتصادنا الوطني اليوم هو أكبر اقتصاد في العالم العربي وأكثرها حيوية وتطوراً، يضم، على سبيل المثال، أكبر قاعدة صناعية، وأكبر قطاع تجاري، وأكبر سوق مالية، يشهدها العالم العربي في تاريخه.

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق ما تضمنه الإصدار الثالث والعشرون من كتاب "منجزات خطط التنمية : حقائق وأرقام"، الذي صدر حديثاً عن وزارة الاقتصاد والتخطيط، الذي يغطي الفترة حتى 1427هـ (2006م)، فقد حفل هذا الإصدار بالعديد من المؤشرات الكمية التي تعكس جانباً من المنجزات التي تحققت عبر تنفيذ خطط التنمية المتعاقبة، نجتزئ أدناه مقتطفات منها:

في مجال رفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة:

بلغ معدل النمو السنوي المتوسط للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال فترة خطط التنمية السبع السابقة 1389/1390-1425/1426هـ (1969-2005م) (4.5%) بالأسعار الثابتة. ونتج عن هذا التطور ارتفاع متوسط دخل الفرد السعودي أو نصيبه من الناتج المحلي الإجمالي من (5083) ريالاً في عام 91/1392هـ (1971م) إلى (50022) ريالاً في عام 25/1426هـ (2005م)، كما زاد الاستهلاك الخاص من السلع والخدمات بالأسعار الثابتة بمعدل نمو سنوي مقداره (6.8%) في المتوسط خلال المدة المذكورة.

في مجال التنمية البشرية:

- ارتفع العدد الإجمالي للمدارس لجميع المراحل من (3283) مدرسة في عام 89/1390هـ (1969م) إلى نحو (26247) مدرسة في عام 25/1426هـ (2005م)، وزاد عدد الملتحقين بالمؤسسات التعليمية من نحو (547) ألف طالب في عام 89/1390هـ (1969م) إلى نحو (5.4) مليون طالب في عام 25/1426هـ (2005م)، بمعدل نمو سنوي متوسط قدره (6.6%).

- تم إنشاء (15) جامعة، و(102) كلية جامعية للبنات، وارتفع إجمالي عدد الطلاب في مؤسسات التعليم العالي من (7000) في عام 89/1390هـ (1969م) إلى نحو (604000) طالب وطالبة في عام 25/1426هـ (2005م)، بمعدل نمو سنوي متوسط قدره (13.2%).

في مجال التنمية الاجتماعية والصحة:

- ارتفع عدد المستشفيات والمراكز الصحية من (74) مستشفى و(591) مركز رعاية صحية أولية في عام 1390/1391هـ (1970م) إلى (363) مستشفى ونحو (4000) مركز رعاية صحية أولية في عام 1425/1426هـ (2005م).

- ارتفع عدد أسرة المستشفيات في المملكة من نحو (9) آلاف عام 1390/1391هـ (1970م) إلى (51130) سريراً عام 1425/1426هـ (2005م) بما في ذلك مستشفيات وزارة الصحة التي ارتفعت أسرتها من (7165) إلى (30020) سريراً. كما زاد عدد الأطباء من (1172) طبيباً إلى (40265) طبيباً، وأعضاء هيئة التمريض من (3261) إلى (78587) ممرضاً وممرضة، والمساعدين الفنيين من (1741) إلى (44853) مساعداً فنياً خلال الفترة نفسها.

في مجال التجهيزات الأساسية:

- ازدادت أطوال شبكة الطرق المعبدة من (8) آلاف كيلو متر عام 89/1390هـ (1969م) إلى (46.5) ألف كيلو متر عام 25/1426هـ (2005م)، وبذلك تم ربط كافة مدن المملكة ومعظم قراها بشبكة طرق معبدة.

- ارتفع عدد المطارات من (16) مطاراً ومهبطاً عام 90/1391هـ (1970م) إلى (26) مطاراً في عام 25/1426هـ (2005م) منها ثلاثة مطارات دولية قادرة على استقبال أحدث أنواع الطائرات.

- وفي مجال الاتصالات ازداد عدد الهواتف العاملة الثابتة من (29.4) ألف خط عام 1390/1391هـ (1970م) إلى (5.4) مليون خط عام 1425/1426هـ (2005م) بمعدل نمو سنوي قدره (14.9%). كما ارتفع عدد الهواتف الجوالة بنحو (81) ضعفاً فازدادت من (160) ألف خط عام 1415/1416هـ (1995م) إلى نحو (13.5) مليون خط عام 1425/1426هـ (2005م).

- ارتفع عدد الأرصفة العاملة في الموانئ التجارية والصناعية في المملكة من (27) رصيفاً عام 1395هـ (1975م) إلى (183) رصيفاً في عام 1425/1426هـ (2005).

- ارتفعت طاقات محطات تحلية المياه من (5.1) مليون جالون يومياً عام 1390/1391هـ (1970م) إلى (746.6) مليون جالون يومياً عام 1425/1426هـ (2005).

في مجال تنمية الموارد الاقتصادية:

- ازداد عدد المصانع العاملة المرخصة من (199) عام 90/1391هـ (1970م) إلى (3748) مصنعاً عام 25/1426هـ (2005م)، بلغت الاستثمارات فيها نحو (266.3) مليار ريال.

- زادت قدرة التوليد الكهربائية الفعلية من نحو (344) ميجاوات عام 90/1391هـ (1970م) تخدم (216) ألف مشترك، إلى نحو (31.9) ألف ميجاواط عام 25/1426هـ (2005م)، تخدم نحو (4.7) مليون مشترك في أرجاء المملكة كافة.

- تم توزيع أكثر من (3) ملايين هكتار من الأراضي الزراعية على المواطنين، مما ساعد على زيادة المساحة المزروعة من (0.5) مليون هكتار عام 1390هـ (1970م) إلى (5) ملايين هكتار عام 25/1426هـ (2005م)، أسهمت في زيادة الإنتـاج الزراعي وتحقيق مستوى جيد من الاكتفاء الذاتي في إنتاج الفواكه والخضراوات واللحوم، كما تجاوزت بعض المحاصيل مستوى الاكتفاء الذاتي.

في مجال تنويع القاعدة الاقتصادية:

ارتفعت نسبة إسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من نحو (51.1%) في نهاية عام 89/1390هـ (1969م) إلى نحو (71%) عام 1425/1426هـ (2005م)، وتضاعف الإنتاج المحلي الإجمالي غير النفطي نحو سبع مرات.

في مجال تعزيز دور القطاع الخاص:

ارتفع حجم الاستثمار السنوي للقطاع الخاص من (1) مليار ريال في عام 89/1390هـ (1969م) إلى ما يقارب (123.6) مليار ريال في عام 25/1426هـ (2005م)، مما رفع نسبة إسهام القطاع الخاص في تكوين رأس المال الثابت من (39.6%) في عام 89/1390هـ (1970م) إلى (74.4%) في عام 25/1426هـ (2005م).

في مجال التجارة الخارجية وجاذبية مناخ الاستثمار:

- تشكل تجارة المملكة البينية مع الدول العربية في الوقت الحاضر ما يزيد على (40%) من إجمالي التجارة البينية العربية.

- تم تصنيف المملكة في المرتبة (35) من بين (140) دولة من حيث إمكاناتها في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذلك وفق تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD الذي يغطي الفترة (2002-2004م). وفي هذا التقرير احتلت ماليزيا المرتبة (32). أما تقرير البنك الدولي حول مناخ الاستثمار لعام 2007م فقد وضع المملكة في المرتبة (الأولى) عربياً، والمرتبة (38) عالمياً من بين (175) دولة، واحتلت فرنسا المرتبة (35)، وإسبانيا المرتبة (39). ويعد ذلك بمثابة تأكيد من كلا المنظمتين الدوليتين على الوضع المتميز للاقتصاد السعودي على الصعيد العالمي.

ومع الأهمية التي تمثلها هذه الإنجازات التي تحققت عبر خطط التنمية إلا أن التطلعات والآمال ما زالت عريضة في تحقيق المزيد منها لتغطية الاحتياجات المتزايدة للمواطنين في مجالات الصحة والتعليم والتدريب والمياه والصرف الصحي والخدمات البلدية ... إلخ وتوفير فرص العمل للأعداد المتزايدة من الداخلين إلى سوق العمل، مما يسهم في رفع المستوى المعيشي للمواطنين وتحسين نوعية الحياة في مناطق المملكة كافة.

وختاماً تجدر الإشارة إلى أن كلاً من خطة التنمية السابعة وخطة التنمية الثامنة خضعتا قبل الموافقة عليهما إلى مراجعة دقيقة في المجلس الاقتصادي الأعلى، ومجلس الوزراء الموقر، ومجلس الشورى ولجانه المختصة بما تضمه من كفاءات عالية وخبراء متميزين على خبرة ودراية واسعة بالشأن الاقتصادي والاجتماعي. كما بُحثت باستفاضة على نطاق المجلس ككل بحضور ومسؤولي الوزارة.




المصادر :


خالد بن محمد القصيبي : خطط التنمية الوطنية.. قراءة متأنية،

 وزارة الاقتصاد والتخطيط ، الرياض ،   1427هـ


كتاب منجزات خطط التنمية , وزارة الاقتصاد و التخطيط السعودية ، الرياض ، 1423هـ . 


0 تعليق:

إرسال تعليق