المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعهد العالي للقضاء
بحث بعنوان :
دعوى الحقوق الوظيفية
إعداد الطالب: فهد إبراهيم اللحيدان
إشراف الدكتور:
العام الجامعي
1435-1436هـ
تتمثَّل حقوق الموظف قِبَل الجهة الإداريَّة التي يعمل لديها في استلام الراتب والعلاوات، وترقيته إلى مرتبةٍ أعلى، وتعويضه الشامل ماديًّا للبدلات والمكافآت، وأخيرًا حقه في الحصول على إجازات يُحدِّدها النظام.
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
يعتبر موضوع الموظف العام وواجباته و حقوقه من أهم الموضوعات في الفقه الإداري الحديث ، لأن وجود الموظفين العموميين ضرورة حتمية في حياة كل الدول ، بالرغم من تباين الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الدول ، إذ ليس من المتصور وجود دوله بدون الموظفين العموميين ، ذلك أن الدولة ما هي إلا تنظيم يباشر نشاطه عن طريق أجهزته المختلفة ، وهذه الأجهزة يتم إدارتها والإشراف عليها بمعرفة الموظفين العموميين(1). فالموظف العام هو رأس الدولة المفكر(2) ، وساعدها الأيمن والعامل المنفذ الذي يحمل لواء النشاط العام فيها.(3)
و للموظف العديد من الحقوق التي رتبها له النظام وفي سياق هذه الحقوق يأتي هذا البحث الذي يتناول موضوع دعوى الحقوق الوظيفية .
حيث سأعرف بها و بحقوق الموظف من خلال أنظمة الخدمة المدنية و العسكرية. و بالله التوفيق.
تعريف دعوى الحقوق الوظيفية :
الدعوى هي الحق الذي يعود لكل موظف بأن يتقدم به إلى القضاء للحكم له بموضوعه(1).
و نصت المادة (13) من نظام ديوان المظالم على أن: (تختص المحاكم الإدارية بالفصل في الآتي:
أ. الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والعسكرية والتقاعد، لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة المستقلة، أو ورثتهم والمستحقين عنهم.
ب. دعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية التي يقدمها ذوو الشأن، متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص، أو وجود عيب في الشكل، أو عيب في السبب، أو مخالفة النظم واللوائح، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة، بما في ذلك القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام، وما في حكمها المتصلة بنشاطاتها، ويعد في حكم القرار الإداري رفض جهة الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقا للأنظمة واللوائح.
ج. دعاوى التعويض التي يقدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة.
د. الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها.
هـ. الدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة.(1)
والدعاوى المتعلقة بالحقوق الوظيفية: يطلق القضاء على هذه الدعوى: (دعاوى الاستحقاق أو دعاوى التسوية) باعتبار أن الحق الذي يرتبه القرار الإداري مستمد من قاعدة نظامية وليس من القرار نفسه، وتشمل هذه الدعاوى: الحقوق المالية، والرواتب، والعلاوات، والبدلات، والمكافآت، والتعويضات، يضاف إليها: المعاش، والمكافأة. وفقا لنظام التقاعد المدني والعسكري.
إجراءات رفع دعوى الحقوق الوظيفية :
- يشترط لقبول الدعوى أن يكون للمدعي والمدعى عليه صفة فيها، بمعنى يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق المعتدى عليه أو المركز القانوني محل النزاع والذي يهدف إلى حمايته، ويكون المدعى عليه هو من اعتدى على هذا الحق وحمايته أو المركز القانوني.
- هناك فرق بين الصفة الموضوعية التي تندمج مع المصلحة وبين الصفة الإجرائية.
- لا يتوقف توافر شرط الصفة عند حد قبول الدعوى فقط وإنما لابد من استمراره وذلك لأن شروط قبول الدعوى هي شروط قبول واستمرار.
- من المتفق عليه أن دعوى الإلغاء تدور مع المصلحة وجودا وعدما، بيد أن القرار الإداري قد استقر على التساهل في شرط المصلحة، تيسيرا على الأفراد في رفع دعوى الإلغاء، غير أن هذا لا يجعلها تختلط بدعوى الحسبة.
- المصلحة في الدعوى: هي الفائدة التي يهدف إليها المدعي من وراء دعواه، وهي شرط لا غنى عنه حتى قيل إنه الشرط الوحيد لقبول الدعوى ولقد اعتد الديوان بهذا الشرط باعتباره جوهريا لقبول الدعوى.
- تختلف طبيعة شرط المصلحة في دعاوى الإلغاء عنها في دعاوى القضاء الكامل فإذا كان شرط المصلحة الذي يكفي لقبول دعوى الإلغاء في الطعن بالقرار الإداري يستند إلى مصلحة شخصية مباشرة فإن شرط المصلحة في دعاوى القضاء الكامل يجب أن يستند إلى حق يسعى صاحب الشأن لاقتضائه(1). ذلك أن الطعن في القرار الإداري (دعوى الإلغاء) هو طعن موضوعي عام مبني على انتهاك المشروعية القانونية ومساس بالنظام القانوني للدولة، ولا يستلزم في هذه الدعوى (دعوى الإلغاء) أن يكون للطاعن حقا بل يكفي مساس القرار بمصلحة شخصية مباشرة، وتحقق هذه المصلحة بمجرد أن يكون الطاعن في مركز قانوني خاص وثيق الصلة بالقرار الإداري المطعون فيه(1).
الحقوق الوظيفية :
تتمثَّل حقوق الموظف قِبَل الجهة الإداريَّة التي يعمل لديها في استلام الراتب والعلاوات، وترقيته إلى مرتبةٍ أعلى، وتعويضه الشامل ماديًّا للبدلات والمكافآت، وأخيرًا حقه في الحصول على إجازات يُحدِّدها النظام، وفيما يلي نعرض لهذه الحقوق بشيءٍ من التفصيل.
1- الراتب والعلاوة:
الراتب: هو المقابل المادي الذي يتقاضاه الموظف من الدولة نظير قيامه بالعمل(2)، وهو مبلغ نقدي يحدِّده النظام ويستحقُّه بصفة دوريَّة في نهاية كلِّ شهر، ولا يستحقُّ الموظف راتبه بمجرَّد صدور قرار تعيينه في الوظيفة، ولكن يبدأ استحقاقه له من تاريخ مباشرته لأعباء هذه الوظيفة.
ونص في المادة العشرين من نظام الخدمة المدنية على عدم جواز الحجز على راتب الموظف إلاَّ بأمرٍ من الجهة المختصة، كذلك حدَّد قيمة ما يجوز الحجز عليه من الراتب في حدودٍ لا تتجاوَز الثلث من صافي الراتب الشهري فيما عدا دين النفقة، ولَمَّا كان الراتب يُستَحقُّ في مقابل العمل الذي يؤدِّيه الموظف؛ لذلك فإنَّ أيَّام الغياب التي لا يُباشِر فيها الموظف عملاً لا يستحقُّ عنها أجرًا، وذلك فيما عدا أيَّام مثل بعض أنواع الإجازات المَرَضيَّة؛ فإنَّ الموظف يستحقُّ عنها أجرًا.
العلاوة: العلاوة السنوية هي مبلغ من المال يمثل زيادة تُضاف سنويًّا على الراتب وتصبح عنصرًا من عناصره، وتَزداد قِيمة العلاوة كلَّما ازدادت درجة أو مرتبة الموظف في السلم الإداري، وتُسمَّى هذه العلاوة بالعلاوة الدوريَّة.
العلاوة التشجيعيَّة: هي مبلغٌ من المال يُعادِل نفس قيمة العلاوة الدوريَّة للموظف، وهذه العلاوة كما يدلُّ عليه اسمها الهدفُ منها تشجيع الموظف على الاجتهاد في وظيفته بمكافأته وحثُّ غيره للاقتداء به، وهذه العلاوة تُمنَح بقرارٍ من الوزير المختصِّ.
علاوة الترقية: وهي مبلغٌ نقديٌّ يحصل عليه الموظف عند ترقيته من درجةٍ أو مرتبةٍ إلى أخرى أعلى منها في سُلَّمِ المرتَّبات(1).
2- الترقية:
والترقية تحتوي في مضمونها على ميزتين مهمَّتين بالنسبة للموظف:
الميزة الأولى: التقدير الأدبي للموظف المرقى؛ حيث تنقله الترقية من وظيفته إلى وظيفةٍ أخرى أعلى منها في المستوى، وهو بها يصعَدُ درجات السُّلَّم الإداري، فيتقلَّد وظائف تزداد أهميَّة من حيث الاختصاصات والمسؤوليَّات عن وظيفته المرقى منها.
الميزة الثانية: ماليَّة؛ حيث يزداد راتب الموظف عند ترقيته فيحصل على أول راتب درجة الوظيفة المرقى إليها.
3- البدلات والمكافآت والتعويضات:
البدلات: هي مبالغ نقدية تُصرَف للموظف بسبب مقتضيات الوظيفة(1)نظير زيادة الأعباء الماليَّة عند قيامه بعمل رسمي في غير محلِّ عمله، وتحدد قيمة البدل عن طريق اللائحة، وهو ما نصَّت عليه المادة الثانية والعشرون من نظام الخدمة المدنية بقولها: "يُصرف للموظف المنتدب في مهمة رسميَّة بدل نقدي عن كلِّ يوم يقضيه خارج عمله داخل المملكة أو خارجها، وفْق الفئات التي تُحدِّدها لائحة البدلات".
ومن البدلات الأخرى الانتقال، وهو مبلغ نقدي يستحقُّهُ الموظف شهريًّا حسب فئات حدَّدتها اللائحة في البند 2 من المادة 27، وبدل العدوى أو الضرر، ويصرف لبعض فئات الموظفين الذين يتعرَّضون بحكم عملهم وبصورة مباشرة للضرر أو العدوى في إحدى الجهات التي حدَّدتها اللائحة؛ مثل: أقسام الأشعة، ومستشفيات العزل ومكافحة الأوبئة... وما إلى ذلك(1).
وبدل خطر يُصرَف للموظفين الذين تقتضي طبيعة عملهم التعرُّض للخطر؛ مثل: العمل في الأسلحة والذخيرة، ومحطات الكهرباء ذوات الضغط العالي، أو إشرافهم على مواد خطرة ومتفجِّرة، وبدل العمل في المناطق النائية؛ وهو عبارة عن نسبة من المرتب تتراوَح ما بين 15% إلى 35%، ويحصل عليها الموظف الذي يشغَلُ وظيفةً ثابتة في منطقة نائية.
المكافآت: يستحقُّ الموظف مكافأة في صورة مبلغ نقدي تحدده وتحدد شروط استحقاقه اللوائحُ عن الساعات الإضافيَّة التي يعمل فيها خارج وقت الدوام الرسمي وأثناء العطلات الرسميَّة. و يمنح الموظف مكافأة نهاية الخدمة قدرها ثلاثة رواتب على اساس آخر راتب كان يتقاضاه الموظف عند انتهاء خدمته(2).
التعويضات:
وتتمثَّل التعويضات في الآتي:
1- تعويض الوفاة، أو الإصابة بعجز أو عاهة تمنع الموظف بصورةٍ قطعيَّة إذا تَمَّ ذلك بسبب العمل،
وفي هذه الحالات يستحقُّ الموظَّف مبلغ ستين ألف ريال، وأمَّا في حالة ما إذا لم يصب الموظف إلا بعجزٍ جزئي لا يمنعه من العمل، فيستحق جزءًا من التعويض يتناسَب مع نسبة العجز الذي أصابَه، وتقوم هيئةٌ طبيَّة مختصَّة بتقدير نسبة العجز.
2- تعويض الانتقال من بلدٍ إلى آخَر، ويُصرف للموظف تعويض يُعادِل مرتب شهرين، بحيث لا يقلُّ عن ثلاثة آلاف ريال، ولا يزيد عن خمسة آلاف ريال، في حال نقله من بلدٍ إلى آخر؛ وذلك مقابل نفقات ترحيله وعائلته وأمتعته.
3- تعويض قيمة تذاكر السفر، وفي الحالات التي تؤمن الإدارة للموظف تذاكر السفر يجوز صرْف قِيمَتها من الدرجة السياحيَّة مهما كانت مرتبة الموظف.
4- تعويض الخروج من الخدمة لأسباب محدَّدة، يستحقُّ الموظف تعويضًا يُعادِل في مقداره مرتب ثلاثة أشهر في الحالات الآتية:
• التنسيق من الخدمة في حالة إلغاء الوظيفة، وعدم إمكان نقل الموظف إلى وظيفة أخرى مماثلة لها.
• الإحالة إلى التقاعُد بسبب العَجز عن العمل.
• الإحالة إلى التقاعُد لبلوغ السن النظاميَّة.
• الوفاة.
الإجازات والإعارة: يتمتَّع الموظَّف العمومي بعِدَّة أنواعٍ من الإجازات، بعضها براتبٍ كامل، وبعضها بجزءٍ من الراتب أو بدون راتب، وذلك حسب الأحوال.
الخاتمة
أحمد المولى تبارك وتعالى على منه على بإعداد هذا البحث والانتهاء منه فله الشكر والحمد على نعمه وكرمه وفضله وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله. أما بعد....
فقد قمت على صفحات هذا البحث بتناول موضوع دعوى الحقوق الوظيفية وقد قمت في هذا البحث باستعراض عدد من العناصر التابعة لهذا الموضوع حيث عرفت بها و بحقوق الموظف من خلال أنظمة الخدمة المدنية و العسكرية.
وآمل أن أكون قد استعرضت هذا الموضوع على النحو اللائق وأخيراً أدعو الله تعالى أن يجعل العمل في موازين حسناتنا ونسأله المغفرة والرضوان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصادر والمراجع:
1- سليمان محمد الجريش ،الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية، دراسة تحليلية للأنظمة واللوائح التنفيذية من واقع تطبيقي، الرياض , مطبعة سفير، 1418هـ.
2- السيد خليل هيكل، القانون الإداري السعودي، الرياض , دار الزهراء ، 2009م.
3- عبد الله بن راشد السنيدي ، مبادئ الخدمة المدنية و تطبيقاتها في المملكة العربية السعودية ، ط4 ، مطابع الفرزدق التجارية ، الرياض ، 142هـ.
4- علي عبد الفتاح محمد خليل : حرية الممارسة السياسية للموظف العام , دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية ، د.ت.
5- فؤاد عبدالمنعم أحمد ، مبادئ الإدارة العامَّة والنظام الإداري في الإسلام مع بَيان التطبيق في المملكة العربيَّة السعوديَّة، الإسكندرية ، مؤسسة شباب الجامعة، 1411هـ- 1991م.
6- فوزي حشيش ، الوظيفة العامة و إدارة شؤون الموظفين , دار النهضة العربية , بيروت, 1991م.
7- مأمون محمد سلامة : قانون العقوبات القسم الخاص , الجرائم المضرة بالمصلحة العامة , دار النهضة العربية , بيروت , 1983م .
8- محمد زويد العتيبي ، نظام الخدمة المدنية وتطبيقاته ، ط2 ، مكتبة العبيكان ، 1416هـ .
9- محمد عبد العزيز الرشيد ، حقوق الموظف العام ، مطبعة سفير ، الرياض ، 1430هـ .
10- محمد عبدالله الشيباني ، الخدمة المدنية على ضوء الشريعة الإسلامية، ، الرياض ، دار عالم الكتب للنشر والتوزيع، ط2، 1410هـ- 1990م.
11- محمد نعيم ياسين ، نظرية الدعوى بين الشريعة الإسلامية وقانون المرافعات المدنية والتجارية (دكتوراة) ، ، دار عالم الكتب ، الرياض ، 1423هـ.