مازن ليلو راضي
أستاذ القانون العام المساعد
الضبط الإداري
نتناول في هذا القسم في الدراسة الجوانب المختلفة للضبط الإداري ، فنعرض لماهيته وأغراضه ووسائل وحدود سلطات الضبط الإداري ،([72]) وذلك في ثلاثة مباحث كما يلي :-
المبحث الأول : ماهية الضبط الإداري
المبحث الثاني: أغراض ووسائل الضبط الإداري
المبحث الثالث: حدود سلطات الضبط الإداري
المبحث الأول
ماهية الضبط الإداري
لبيان ماهية الضبط الإداري نعرض أولا لتعريفه وتمييزه عما يشتبه به وأخيراً نبين أنواعه.
المطلب الأول:
التعريف بالضبط الإداري .
يقصد بالضبط الإداري بمعناه العام مجموعة الإجراءات والأوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة للمحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة " الأمن – الصحة – السكينة " .
ويلاحظ أن المشرع سواء في فرنسا أو مصر أو في العراق ، لم يضع تعريفاً محدداً للضبط الإداري ، وإنما اكتفى بتحديد أغراضه ، وترك تعريفه للفقه والقضاء.
وفي هذا المجال يعرف De laubadere الضبط الإداري بأنه : " مظهر من مظاهر عمل الإدارة يتمثل في تنظيم حريات الأفراد حماية للنظام العام . (1)
بينما يتجه الفقهاء العرب ومنهم الدكتور طعيمة الجرف إلى تعريفه بأنه " وظيفة من أهم وظائف الإدارة تتمثل أصلا في المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة عن طريق إصدار القرارات اللائحية والفردية واستخدام القوة المادية مع ما يتبع ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية تستلزمها الحياة الاجتماعية " ([73]) بينما يعرفه الدكتور صبيح بشير مسكوني بأنه " مظهر من مظاهر نشاط الإدارة العامة يراد به ممارسة هيئات إدارية معينة اختصاصات فرض قيود على حريات الأفراد وحماية للنظام العام ".([74])
وأيا كان الأمر فان الضبط الإداري نظام وقائي تتولى فيه الإدارة حماية المجتمع من كل ما يمكن أن يخل بأمنه وسلامته وصحة أفراده وسكينتهم ، ويتعلق بتقييد حريات وحقوق الأفراد بهدف حماية النظام العام في الدولة . وبهذا المعنى يتميز الضبط الإداري عن الضبط التشريعي والضبط القضائي.
أولاً : الضبط الإداري والضبط التشريعي
يلجأ المشرع في كثير من الأحيان إلى إصدار القوانين التي تقيد حريات الأفراد وحقوقهم حفاظاً على النظام العام ، وفي ممارسته لهذا الاختصاص إنما يستند لاختصاصه التشريعي ، الذي يجد مصدره في الدستور والمبادئ العامة للقانون، وتسمى التشريعات الصادرة في هذا الشأن " بالضبط التشريعي" تميزاً له عن الضبط الإداري الذي يصدر من جانب الإدارة في شكل قرارات تنظيميه أو فردية يترتب عليها تقييد حريات الأفراد.
مع ضرورة الإيضاح بان سلطة الضبط الإداري يجب أن تتم في إطار القوانين والتشريعات وتنفيذاً لها ، غير أن ذلك لا يمنعها من اتخاذ إجراءات مستقلة تتضمن قيوداً على الحريات الفردية بواسطة ما تصدره من لوائح الضبط.([75])
ثانياً: الضبط الإداري والضبط القضائي
يقصد بالضبط القضائي ، الإجراءات التي تتخذها السلطة القضائية للتحري عن الجرائم بعد وقوعها ، والبحث عن مرتكبها تمهيداً للقبض عليه، وجمع الأدلة اللازمة للتحقيق معه ومحاكمته وانزال العقوبة به.
ومن ثم فان الضبط القضائي يتفق مع الضبط الإداري في انهما يستهدفان المحافظة على النظام العام ، إلا أنهما يختلفان من حيث السلطة المختصة بإجرائه والغرض منه وطبيعته.
فمن جهة تتولى السلطة التنفيذية وظيفة الضبط الإداري . بينما تتولى السلطة القضائية ممثلة بالقضاة أو أعضاء النيابة العامة وممثليها وظيفة الضبط القضائي.
ومن حيث الغرض فان مهمة الضبط الإداري وقائية تسبق الإخلال بالنظام العام وتمنع وقوع الاضطراب فيه، في حين مهمة الضبط القضائي علاجية ولاحقة لوقوع الإخلال بالنظام العام وتهدف إلى ضبط الجرائم بعد وقوعها والبحث عن مرتكبيها وجمع الأدلة اللازمة لإجراء التحقيق والمحاكمة وإنزال العقوبة.
وأخيرا يتميز الضبط الإداري في طبيعة إجراءاته التي تصدر في شكل قرارات تنظيميه أو فردية تخضع لرقابة القضاء الإداري إلغاء وتعويضاً ، أما الضبط القضائي فانه يصدر في شكل قرارات قضائية لا تخضع لرقابة القضاء الإداري , وخضوعها لسلطات القضاء العادي محل نظر .([76])
المطلب الثاني :
أنواع الضبط الإداري.
يطلق مصطلح الضبط الإداري ويقصد به معنيان : الضبط الإداري العام- والضبط الإداري الخاص.
يقصد بالضبط الإداري العام المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة الأمن والصحة والسكينة العامة . وحماية جميع الأفراد في المجتمع من خطر انتهاكاته والإخلال به.
أما الضبط الإداري الخاص فيقصد به حماية النظام العام من زاوية أو ناحية معينة من نشاط الأفراد من ذلك القرارات الصادرة بتنظيم نشاط صيد بعض الحيوانات النادرة ، وتنظيم العمل في بعض المحلات العامة المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة. أو في مكان أو أماكن محددة، حيث يعهد بتولي سلطة الضبط في هذه الأماكن إلى سلطة إدارية معينة ، كان يعهد إلى شرطة الآثار بمهمة المحافظة على النظام العام في الأماكن الأثرية .
ويلاحظ أن الضبط الإداري الخاص قد يستهدف أغراضا أخرى بخلاف أغراض الضبط الإداري العام التقليدية ، إذ يملك أن يفرض القيود التي يراها لتحقيق أهداف أو أغراض أخرى خلاف النظام العام كالقيود التي تفرض على الأفراد لحماية الآثار أو تنظيم السياحة وتجميل المدن.
ومن ثم فان الضبط الإداري الخاص أضيق حدوداً من نطاق الضبط الإداري العام لتقيده بمكان أو نشاط أو أغراض معينه. إلا أن ذلك لا يعنى محدودية تأثيره في المجالات التي يتولاها ، بل أن الاتجاه التشريعي في بعض الدولة ينحو إلى استبعاد نظام الضبط الإداري العام وانفراد هيئات الضبط الإداري الخاص في تنظيم نشاطات معينة . مثلما هو الحال في الضبط الخاص بشؤون السكك الحديدية والمنشات الخطيرة والمقلقة للراحة والصحة في فرنسا. ([77])
المبحث الثاني
أغراض ووسائل الضبط الإداري
نتناول فيما يلي أغراض الضبط الإداري ثم نبين الوسائل أو الأساليب التي يستعين بها لتحقيق هذه الأغراض.
المطلب الأول: أغراض الضبط الإداري
بينا أن الهدف من الضبط الإداري هو حماية النظام العام ومنع انتهاكه والإخلال به . وتمارس الإدارة سلطة الضبط الإداري متى وجدت ذلك ضرورياً ولو لم ينص القانون على إجراء معين لمواجهه هذا الانتهاك أو الإخلال .
والنظام العام فكرة مرنة تختلف باختلاف الزمان والمكان فما يعتبر مخالفاً للنظام العام في زمان أو مكان معينين قد لا يعد كذلك في زمان أو مكان آخرين : كما يختلف باختلاف الفلسفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في الدولة . لذلك يجمع الفقه على ضرورة ربط فكرة النظام العام بالمصلحة العامة العليا للمجتمع في كل دولة على حده.
غير أن معظم الفقهاء يتفقون على أن النظام العام يهدف إلى تحقيق ثلاثة أغراض رئيسية هي: الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة .
يقصد بالأمن العام تحقيق كل ما من شأنه اطمئنان الإنسان على نفسه وماله
أولاً : الأمن العام
من خطر الاعتداءات والانتهاكات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع الكوارث الطبيعية كالكوارث والأخطار العامة كالحرائق والفيضانات والسيول ، والانتهاكات التي قد تسبب بها الإنسان كجرائم القتل والسرقة والمظاهرات وإحداث الشغب وحوادث المرور.
ثانياً : الصحة العامة
ويقصد بها حماية صحة الأفراد من كل ما من شانه أن يضر بها من أمراض أو أوبئة إذ تعمد الإدارة إلى تطعيم الأفراد من الأمراض المعدية وتتخذ الإجراءات التي تمنع انتشارها.
كما تشرف على توفير المياه الصالحة للشرب وتراقب صلاحية الأغذية للاستهلاك البشرى ومدى تقيد المحال العامة بالشروط الصحية.
ولاشك أن وظيفة الدولة في مجال الصحة العامة قد توسعت إلى حد كبير بفعل انتشار التلوث وكثرة الاعتماد على المواد الكيماوية في الصناعة وتأثير ذلك على صحة الأفراد .
ثالثاً: السكينة العامة
ويقصد بها توفير الهدوء في الطرق والأماكن العامة ومنع كل ما من شأنه أن يقلق راحة الأفراد أو يزعجهم كالأصوات والضوضاء المنبعثة من مكبرات الصوت والباعة المتجولين ومحلات التسجيل ومنبهات المركبات. ومن الجدير بالذكر أن مفهوم النظام العام قد اتسع ليشمل النظام العام الأدبي والأخلاق العامة . وأمكن بالتالي استعمال سلطة الضبط الإداري للمحافظة على الآداب والأخلاق العامة، فتجاوز بذلك العناصر الثلاثة السابقة . وفي هذه الاتجاه تملك الإدارة منع عرض المطبوعات المخلة بالآداب العامة . وكذلك حماية المظهر العام للمدن وحماية الفن والثقافة.
وفي ذلك لا يجوز تقديم العروض المسرحية أو التمثيلية أو الموسيقية أو الراقصة أو الغنائية في الملاهي أو المحال العامة إلا بعد الترخيص بها من الجهة المختصة بوزارة الداخلية والحكم المحلى ولا يجوز الترخيص بالعروض الخليعة أو الفاضحة أو المخلة بالحياء أو التي يقصد بها الإثارة الجنسية أو التي تنطوي على ذلك.
المطلب الثاني : وسائل الضبط الإداري
في سبيل تحقيق أهداف الضبط الإداري لابد للإدارة أن تستخدم وسائل أو أساليب معينة وهي لوائح الضبط وأوامر الضبط الفردية وأخيرا التنفيذ الجبري.
أولا: لوائح الضبط الإداري
تتضمن لوائح الضبط الإداري قواعد عامة مجردة تهدف إلى المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة ، وتتضمن تقييد حريات الأفراد ، لذلك نشأ خلاف شديد حول مدى مشروعيتها ، على اعتبار أن تقييد الحريات لا يجوز إلا بقانون ووظيفة الإدارة تنحصر بوضع هذه القوانين موضوع التنفيذ.
غير أن الاتجاه السليم في القضاء و الفقه يعترف للإدارة بتنفيذ هذه القوانين وتكميلها، وقد تقضى هذه التكملة كما يذهب الدكتور " سامي جمال الدين " إلى تقييد بعض الحريات ، كما قد تقتصر مهمة هذا الضبط الإداري على تطبيق النظم العامة الضبطية التي نصت عليها القوانين.([78])
ومن ثم تعد لوائح الضبط أهم أساليب الضبط الإداري وأقدرها في حماية النظام العام، ومنها لوائح تنظيم المرور وتنظيم العمل في المحال العامة ، وتتخذ عدة مظاهر في تقييدها لنشاط الأفراد منها الحظر ، والآذن المسبق والأخطار والتنظيم.
1-الحظر
يقصد بالحظر أن تتضمن لوائح الضبط منع مزاولة نشاط معين منعاً كاملاً أو جزئياً.
والأصل أن لا يتم الحظر المطلق لنشاط ما لان ذلك يعنى انتهاك للحرية ومصادرة للنشاط . ولكن أجاز القضاء استثناءً الحظر الكامل للنشاط عندما يشكل إخلالا بالنظام العام كمنع إنشاء مساكن للبغاء أو للعب الميسر.
2- الإذن المسبق
قد تظهر لوائح الضبط في ضرورة الحصول على إذن مسبق من جهة الإدارة قبل مزاولة النشاط ، ومن الضروري أن يشترط القانون المنظم للحرية الحصول على هذا الإذن ، إذا أن القانون وحدة الذي يملك تقييد النشاط الفردي بإذن سابق وعكس هذا يسمح بالتمييز بين الأفراد.
3-الأخطار عن النشاط
ويحصل بان تشترط اللائحة ضرورة أخطار السلطة المختصة بمزاولة نشاط معين حتى تتمكن من اتخاذ ما يلزم من إجراءات تكفل حماية النظام العام . مثال ذلك الأخطار عن تنظيم اجتماع عام . ففي هذه الحالة لا يكون الاجتماع محظوراً وليس من الضروري الحصول على إذن مسبق.
4- تنظيم النشاط
قد لا تتضمن لوائح الضبط على حظر نشاط معين أو اشتراط الحصول على أذن مسبق أو الأخطار عنه . وإنما قد تكتفي بتنظيم النشاط الفردي وكيفية ممارسته ، كما لو تم تحديد سرعة المركبات في الطرق العامة أو تحديد أماكن وقوفها.
ثانياً: أوامر الضبط الإداري الفردية
قد تلجأ سلطات الضبط إلى إصدار قرارات إدارية أو أوامر فردية لتطبق على فرد أو أفراد معينين بذواتهم . وقد تتضمن هذه القرارات أوامر بالقيام بأعمال معينه أو نواهي بالامتناع عن أعمال أخرى . مثال ذلك الأوامر الصادرة بمنع عقد اجتماع عام أو الأمر الصادر بهدم منزل آيل للسقوط أو القرار الصادر بمصادرة كتاب أو صحيفة معينة.
والأصل انه يجب أن تستند هذه القرارات إلى القوانين واللوائح فتكون تنفيذاً لها. إلا أنه استثناء من ذلك قد تصدر القرارات الإدارية دون أن تكون مستندة إلى قانون أو لائحة تنظيميه عامة . فاللائحة أو التشريع لا يمكن أن ينصا على جميع التوقعات أو التنبؤات التي قد تحدث .
كما أن مفهوم النظام العام متغير ، فإذا ظهر تهديداً أو إخلال لم يكن التشريع أو اللائحة قد توقعاه فان طلب أن يكون القرار الفردي مستنداً إلى قاعدة تنظيميه يؤدى إلى تجريد سلطة الضبط من فاعليتها .([79])
ثالثاً: التنفيذ الجبري
قد تستخدم الإدارة القوة المادية لإجبار الأفراد على تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات الإدارية لمنع الإخلال بالنظام العام . وتعد هذه الوسيلة اكثر وسائل الضبط شدة وعنفاً باعتبارها تستخدم القوة الجبرية ولا يخفى ما لذلك من خطورة على حقوق الأفراد وحرياتهم.
ويعد التنفيذ الجبري لقرارات الضبط الإداري أحد تطبيقات نظرية التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية ، واستناداً لذلك لا يتم الحصول على أذن سابق من السلطات القضائية لتنفيذه . إلا أنه يجب أن تتوافر فيه ذات شروط التنفيذ المباشر.
ومن الحالات التي يمكن فيها اللجوء إلى التنفيذ الجبري أن يبيح القانون أو اللوائح استعمال هذا الحق ، أو يرفض الأفراد تنفيذ القوانين واللوائح ولا يوجد أسلوب أخر لحمل الأفراد على احترام القوانين واللوائح غير التنفيذ الجبري ، كما يتم اللجؤ إلى هذا الأسلوب في حالة الضرورة .([80])
ويشترط في جميع الحالات أن يكون استخدام القوة المادية متناسباً مع جسامة الخطر الذي من الممكن أن يتعرض له النظام العام .
ويجب التنويه أخيرا بان استخدام القوة المادية لا يعنى حتماً مجازاة الأفراد عن أفعال جرمية ارتكبوها . وإنما يقصد بالقوة المادية تلك القوة المستخدمة لمنع وقوع أي إخلال بالنظام العام بعناصره الثلاثة.([81])
المبحث الثالث
حدود سلطات الضبط الإداري
من الضروري وضع حدود لاختصاصات الإدارة في ممارستها لسلطات الضبط الإداري يتم من خلالها الموازنة بين تحقيق متطلبات النظام العام وضمان حقوق وحريات الأفراد، وقد درجت أحكام القضاء الإداري على منح الإدارة حرية واسعة في ممارسة سلطات الضبط الإداري ، غير أنها أخضعتها في ذلك لرقابة القضاء الإداري من نواح عدة .
وفي هذا المجال نبين حدود سلطات الضبط الإداري في الأوقات العادية ثم نعرض لحدود هذه السلطة في الظروف الإستثنائية.
المطلب الأول : حدود سلطات الضبط الإداري في الظروف العادية
تخضع سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية لمبدأ المشروعية الذي يستدعى أن تكون الإدارة خاضعة في جميع تصرفاتها للقانون ، وإلا كانت تصرفاتها وما تتخذه من قرارات باطلاً وغير مشروعاً . وتتمثل رقابة القضاء على سلطات الإدارة في هذه الظروف فيما يلي:
أولا: أهداف الضبط الإداري
يجب أن تتقيد الإدارة بالهدف الذي من اجله قرر المشرع منح هيئات الضبط هذه السلطات ، فليس للإدارة تخطى هذا الهدف سواء كان عاماً أم خاصاً ، فإذا استخدمت سلطتها في تحقيق أغراض بعيدة عن حماية النظام العام . أوسعت إلى تحقيق مصلح عامة لكن لا تدخل ضمن أغراض الضبط التي قصدها المشرع فان ذلك يعد انحرافاً بالسلطة ويخضع قرار الإدارة لرقابة القضاء المختص.
ثانياً : أسباب الضبط الإداري
يقصد بسبب الضبط الإداري الظروف الخارجية التي دفعت الإدارة إلى التدخل وإصدار قرارها، ولا يعد تدخل الإدارة مشروعاً إلا إذا كان مبنياً على أسباب صحيحة وجدية من شأنها أن تخل بالنظام العام بعناصره الثلاثة الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة.
ثالثاً : وسائل الضبط الإداري
يجب أن تكون الوسائل التي استخدمتها سلطات وهيئات الضبط الإداري مشروعة ، ومن القيود التي استقر القضاء على ضرورة اتباعها في استخدام الإدارة لوسائل الضبط الإداري انه لا يجوز أن يترتب على استعمال هذه الوسائل تعطيل الحريات العامة بشكل مطلق لان ذلك يعد إلغاء لهذه الحريات ، والحفاظ على النظام العام لا يلتزم غالباً هذا الإلغاء وإنما يكتف بتقيدها . ومن ثم يجب أن يكون الحظر نسبياً ، اي إن يكون قاصراً على زمان أو مكان معينين.
وعلى ذلك تكون القرارات الإدارية التي تصدرها سلطة الضبط الإداري بمنع ممارسة نشاط عام منعاً عاماً ومطلقاً غير مشروعة . ([82])
رابعاً: ملائمة قرارات الضبط الإداري
لا يكفى أن يكون قرار الضبط الإداري جائزا قانوناً أو انه قد صدر بناءً على أسباب جدية ، إنما تتسع رقابة القضاء لبحث مدى اختيار الإدارة الوسيلة الملائمة للتدخل ، فيجب أن لا تلجأ إلى استخدام وسائل قاسية أو لا تتلائم مع خطورة الظروف التي صدر فيها.
ومن الضروري أن نبين أن سلطة القضاء في الرقابة على الملائمة هي استثناء على القاعدة العامة في الرقابة على أعمال الإدارة فالأصل هو استقلال الإدارة في تقدير ملائمة قراراتها ، لكن بالنظر لخطورة قرارات الضبط على الحقوق والحريات فان القضاء يبسط رقابته على الملائمة . ([83])
وفي هذا المجال لا يجوز مثلاً لرجال الأمن أن يستخدموا إطلاق النار لتفريق تظاهره في الوقت الذي كان استخدام الغاز المسيل للدموع أو خراطيم المياه كافياً لتحقيق هذا الغرض.
المطلب الثاني:
حدود سلطات الضبط الإداري في الظروف الإستثنائية
قد تطرأ ظروف استثنائية تهدد سلامة الدولة كالحروب والكوارث الطبيعية ، وتجعلها عاجزة عن توفير وحماية النظام العام باستخدام القواعد والإجراءات السابق بيانها . وفي هذه الحالة لابد أن تتسع سلطات هيئات الضبط لمواجهة هذه الظروف من خلال تمكينها من اتخاذ إجراءات سريعة وحازمة لمواجهة الظرف الاستثنائي.
على أن الظرف الاستثنائي أيا كانت صورته حرباً أو كوارث طبيعية لا يجعل الإدارة في منأى من رقابة القضاء بشكل مطلق ، فلا يعدو أن يكون الأمر توسعاً لقواعد المشروعية ، فالإدارة تبقى مسؤولة في ظل الظروف الإستثنائية على أساس الخطأ الذي وقع منها، غير أن الخطأ في حالة الظروف الإستثنائية يقاس بميزان آخر غير أن ذلك الذي يقاس به الخطأ في الظروف العادية.
أولاً : التنظيم القانوني لسلطة الضبط في الظروف الإستثنائية
وحيث أن نظام الظروف الإستثنائية من شأنه المساس المباشر بحقوق وحريات الأفراد التي يكفلها الدستور ، فلابد أن يتدخل المشرع لتحديد ما إذا كان الظرف استثنائياً ام لا, ويتم ذلك باتباع أسلوبين : الأول أن تصدر قوانين تنظيم سلطات الإدارة في الظروف الإستثنائية بعد وقوعها ، ويتسم هذا الأسلوب بحماية حقوق الأفراد وحرياتهم لأنه يحرم السلطة التنفيذية من اللجوء إلى سلطات الظروف الإستثنائية إلا بعد موافقة السلطة التشريعية ، ويعيبه أن هناك من الظروف الإستثنائية ما يقع بشكل مفاجئ لا يحتمل استصدار تلك التشريعات بالإجراءات الطويلة المعتادة ([84]) , بينما يتمخض الأسلوب الثاني عن وجود قوانين منظمة سلفاً لمعالجة الظروف الإستثنائية قبل قيامها ويرخص الدستور للسلطة التنفيذية بإعلان حالة الظروف الإستثنائية والعمل بمقتضى هذه القوانين .
ولا يخفى ما لهذا الأسلوب من عيوب تتمثل في احتمال إساءة الإدارة سلطتها في إعلان حالة الظروف الإستثنائية في غير أوقاتها للاستفادة مما يمنحه لها المشرع من صلاحيات في تقييد حريات الأفراد وحقوقهم.
وقد اخذ المشرع الفرنسي بالأسلوب الأخير إذا منحت المادة السادسة عشرة من دستور الجمهورية الخامسة الصادر عام 1958 رئيس الجمهورية الفرنسية سلطات واسعة من اجل مواجهه الظروف الإستثنائية. ([85])
ثانيا : حالات اعلان حالة الطوارىء في العراق
لايجوز اعلان حالة الطوارىء الا في حالات معينة يتعرض فيها الامن والنظام العام للخطر في جميع ارجاء الدولة او في جزء منها . وقد حدد المشرع العراقي هذه الحالات في قانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965 فيما يلي :
1- اذا حدث خطر من غارة عدائية او اعلنت الحرب او قامت حالة حرب او اية حالة تهدد بوقوعها .
2- اذا حدث اضطراب خطير في الامن العام اوتهديد خطير له .
3- اذا حدث وباء عام او كارثة عامة . ([86])
في حين خول امر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 رئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالاجماع اعلان حالة الطوارىء في اية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر حال جسيم يهدد الافراد في حياتهم ، وناشىء من حمله مستمرة للعنف ، من أي عدد من الاشخاص لمنع تشكيل حكومة واسعة التمثيل في العراق او تعطيل المشاركة السياسية السلمية لكل العراقيين او أي غرض اخر.
ثالثا : النتائج المترتبة على اعلان حالة الطوارىء
يترتب على اعلان حالة الطوارىء مجموعة من الاثار وقد حددت المادة الثالثة من امر قانون الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 والتي تفضي الى منح الادارة اختصاصات استثنائية مقيد للحرية اهمها مايلي :
1- توقيف وتفتيش الافراد دون استحصال مذكرة قضائية
2- وضع قيود على حرية المواطنين او الاجانب في السفر والانتقال والتجول والتجمع والمرور من والى العراق وحمل او استخدام الاسلحة والذخائر والمواد الخطره .
3- احتجاز المشتبه بسلوكهم وتفتيش منازلهم واماكن عملهم .
4- فرض حضر التجوال لفترة محدده على المنطقة التي تشهد تهديدا خطيرا على الامن او تشهد تفجيرات او اضطرابات وعمليات مسلحة معادية واسعه .
5- فرض قيود على الاموال وعلى حيازة الاشياء الممنوعة ووضع الحجز الاحتياطي على اموال المتهمين بالتامر والتمرد والعصيان المسلح والاضطرابات المسلحة وعمليات الاغتيال والتفجير ، وعلى اموال من يشترك او يتعاون معهم باية كيفيه .
6- اتخاذ اجراءات احترازية على الطرود والرسائل والبرقيات ووسائل واجهزة الاتصال السلكية والاسلكية كافة . ويمكن فرض المراقبه على هذه الوسائل وتفتيشها وضبطها .
7- فرض قيود على وسائل النقل والمواصلات البريدية والجوية والمائية في مناطق محدده لفترة محدده .
8- فرض قيود على المحال العامة والتجارية والنوادي والجمعيات والنقابات والشركات والمؤسسات والدوائر من حيث تحديد مواعيد فتحها وغلقها ومراقبة اعمالها ووضعها تحت الحراسة وحلها وايقافها مؤقتا .
9- ايقاف العمل مؤقتا او بصوره دائمية باجازات الاسلحة والذخيرة والمواد الخطيرة والمفرقعة والمتفجرة وحيازتها او الاتجار بها .
ومن المهم القول ان المادة الثانيه من امر الدفاع عن السلامة الوطنيه العراقي تنص على ان حالة الطوارىء تعلن بامر يتضمن الحالة التي اعلنت حالة الطوارىء بسببها ، وتحديد المنطقة التي تشملها ، وتحديد بدء سريانها ومدتها على ان لاتمتد اكثر من (60 ) ستين يوما اوتنتهي بعد زوال الخطر او الظرف الذي استدعى قيامها او ايهما اقل
ويجوز تمديد حالة الطوارىء بصورة دورية كل ثلاثين يوما ببيان تحريري من رئيس الوزراء وهيئة الرئاسة اذا استدعت الضرورة ذلك وينتهي العمل بها تلقائيا اذا لم تمدد تحريريا في نهاية اية فترة تمديد .
ومن الجدير بالذكر إن للقضاء الإداري دور مهم في الرقابة على قرار السلطة التنفيذية بإعلان حالة الطوارئ ,فالقاضي في هذه الظروف يراقب ابتداء" قرار إعلان حالة الطوارئ ومن الملاحظ إن المشرع الدستوري العراقي قد أخضع هذا القرار لرقابة البرلمان، وذلك من خلال إشتراطه حصول موافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء على هذا القرار. ([87])
ولا شك إن هذا الشرط يفرض شكل من الرقابة السياسية لممثلي الشعب على قرار رئيس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ وهو أمر مهم حتما إلا أنه لا يعول عليه دائما لاسيما عندما يكون البرلمان ضعيف أو عندما يمثل رئيس الوزراء الأغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان فتنعدم الجدوى من الرقابة البرلمانية . ([88])
رابعا : الرقابة على التدابير المتخذة بناء إعلان حالة الطوارئ
خضوع التدابير المتخذة في حالة الطوارئ إلى رقابة القضاء هو ما يميز هذه النظرية عن نظرية أعمال السيادة التي تعد خروجاً على المشروعية ويمنع القضاء من الرقابة على الأعمال الصادرة استناداً إليها . كما تتميز عن نظرية السلطة التقديرية للإدارة التي يكون دور القضاء في الرقابة عليها محدوداً بالمقارنة مع رقابته على أعمال الإدارة في الظروف الاستثنائية .
وقد أباح مجلس الدولة الطعن في مرسوم الأحكام العرفية وبسط رقابته على الإجراءات المتخذة بناء على هذا المرسوم باعتبارها قرارات إدارية([89]).
أما في العراق فقد ميز المشرع بين نوعين من التدابير المتخذة بناء على إعلان حالة الطوارئ ، وهذا ما نصت عليه الفقرة (2) من المادة (9) من أمر الدفاع عن السلامة الوطنية النافذ بقولها ((تخضع قرارات وإجراءات رئيس الوزراء لرقابة محكمة التمييز، ومحكمة التمييز في إقليم كوردستان فيما يتعلق بإجراءات الطوارئ في نطاق الإقليم، وانتهاءاً بالمحكمة الاتحادية العليا، وللمحاكم المذكورة تقرير إلغاء تلك القرارات والإجراءات وتقرير بطلانها وعدم مشروعيتها أو إقرارها، مع مراعاة الظروف الاستثنائية التي صدرت في ظلها تلك القرارات والإجراءات)).
ومن ثم فان المشرع قد نص على شكلين من التدابير يمكن إصدارها في حالة الطوارئ الأولى هي القرارات الإدارية التي يَتخذها رئيس الوزراء أثناء هذه الفترة استناداً إلى وظيفته كتلك المتمثلة بفرض القيود على وسائل النقل والمواصلات البرية والجوية والمائية في مناطق محددة ولفترة محددة([90]).
أما الثاني فيتمثل في الإجراءات وهي تلك التي تتخذ في إطار الدعوى الجزائية بخصوص الجرائم المرتكبة اثناء فترة الطوارئ . وقد اخضع المشرع هذين النوعين من التدابير الى رقابة القضاء بنوعيه الإداري فيما يتعلق بالأولى والقضاء العادي في ما يخص الثانية. ([91]).
وعلى العموم فان رقابة القضاء على نشاط الإدارة في الظروف الاستثنائية يمارس على أسباب قرارها الإداري والغاية التي ترمي إليها الإدارة في اتخاذه ولا يتجاوز في رقابته إلى العيوب الأخرى، الاختصاص والشكل والمحل وهو ما استقر عليه القضاء الإداري في العديد من الدول . ([92])
ولا شك ان القضاء الإداري يمارس دوراً مهماً في تحديد معالم نظرية الظروف الاستثنائية، ويضع شروط الاستفادة منها ويراقب الإدارة في استخدام صلاحياتهم الاستثنائية حماية لحقوق الأفراد وحرياتهم، وهذه الشروط هي:
1-وجود ظرف استثنائي يهدد النظام العام وحسن سير المرافق العامة سواء تمثل هذا الظرف بقيام حرب أو اضطراب أو كارثة طبيعية .
2-ن تعجز الإدارة عن أداء وظيفتها باستخدام سلطاتها في الظروف العادية، فتلجأ لاستخدام سلطاتها الاستثنائية التي توافرها هذه النظرية .
3-ن تحدد ممارسة السلطة الاستثنائية بمدة الظرف الاستثنائي فلا يجوز الإدارة أن تستمر في الاستفادة من المشروعية الاستثنائية مدة تزيد على مدة الظرف الاستثنائي.
4-أن يكون الإجراء المتخذ متوازناً مع خطورة الظرف الاستثنائي وفي حدود ما يقتضه. ([93])
[72] - يراجع بخصوص الضبط الإداري.
-G- vedel. Droit Administratif – op . cit p.119
-De laudadere . trait de droit administrative.op-cit- p589
-د. محمود سعد الدين الشريف – النظرية العامة للضبط الإداري – مجله مجلس الدولة السنة الثانية العدد الثاني 1951 ص 282.
د. منيب محمد ربيع – ضمانات الحرية في مواجهة سلطات الضبط الإداري – رسالة دكتوراه 1981 .
د. حسن صادق المرصفاوى – ضمانات الحريات الشخصية في ظل القوانين الاستثنائية مجلة المحاماة العدد السابع ص 171.
د. عاشور سليمان صالح شوايل – مسؤولية الإدارة عن أعمال وقرارات الضبط الإداري – جامعة قاريونس 1997 .
[73] - De laubadereTtrait de droit administrative . op-cit p.505
[74] - د.طعيمة الجرف- القانون الإداري والمبادئ العامة في تنظيم ونشاط السلطات الادارية – دار النهضة العربية 1978 – ص 471.
[75] - د.عبد الغنى بسيونى – القانون الإداري – المصدر السابق – ص379
د. طعيمة الجرف – القانون الإداري – المصدر السابق – ص 421.
[76] - اتجه القضاء في فرنسا نحو تقرير عدم مسؤلية الدولة عن أعمال السلطة القضائية ومنها إجراءات الضبط القضائي .
De laubadere – Traite da droit administrative – op-cit – p-591
في حين يعتبر القضاء الإداري المصري أعمال الضبط القضائي أعمال قضائية تخضع لسلطات القضاء العادي.
يراجع في هذا الشان.د . سليمان محمد الطماوى – قضاء التعويض –1977 – ص 61 و د. رمزي الشاعر – في المسؤولية عن أعمال السلطة القضائية – 1983 – ص 145
[77] - للمزيد ينظر : د. عاشور سليمان شوايل – المصدر السابق – ص 99 وما بعدها و د. سليمان محمد الطماوي – الوجيز في القانون الإداري – المصدر السابق – ص 539 وما بعدها .
[78] - د. سامي جمال الدين- اللوائح الإدارية – المصدر السابق – ص 308 .
[79] - د. توفيق شحاته- مبادئ القانون الإداري – القاهرة –دار النشر بالجامعات المصرية – الجزء الأول – 1955 ص343 وما بعدها.
[80] - ينظر : د. عبد الغني بسيوني – القانون الإداري – المصدر السابق – ص 287ود. عاشور سليمان صالح – المصدر السابق – ص 179 .
[81] - محمد مختار عثمان – المصدر السابق – ص 556 .
[82] - د. عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص 931 .
[83] - د. محمود أبو السعود حبيب – المصدر السابق – ص 386
([84])- د. صبيح بشير مسكوني- القضاء الإداري – المصدر السابق ص71
([85]) - بمقتضى الدستور الفرنسي 1958 تعلن الأحكام العرفية بمرسوم في مجلس الوزراء، ولا يجوز ان تمدد تلك الأحكام لاكثر من اثنتي عشر يوماً إلا بأذن من البرلمان.تنظر المادة (36) من الدستور الفرنسي لسنة 1958.
([86]) - من التشريعات التي نظمت حالة الظروف الاستثنائية في العراق : مرسوم الإدارة العرفية رقم (18) لسنة 1935 الذي نظم الأحكام العرفية و قانون السلامة الوطنية رقم (4) الصادر في سنة 1965. الذي حل محله أمر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 والنافذ حالياً. إضافة إلى ذلك هناك بعض التشريعات الموسعة لسلطة الإدارة، وهي قانون الاستعانة الاضطرارية رقم (24) لسنة 1936 الملغي بموجب المادة (10) من القانون رقم (37) لسنة 1961 وقانون التعبئة رقم (12) لسنة 1971 المعدل بقانون رقم (73) لسنة 1973 وقانون الدفاع المدني رقم (24) لسنة 1978 المعدل.
([87]) للمزيد ينظر د. مازن ليلو راضي و د. حيدر ادهم عبد الهادي-حقوق الإنسان وحرياته الأساسية-دار قنديل –عمان 2008-ص189 وما بعدها
(2) - د. صبيح بشير مسكوني – القضاء الإداري – المصدر السابق – ص 71 .
([89]) ولقد بسط مجلس الدولة الفرنسي رقابته على الإجراءات المتخذة بناء على مرسوم الاحكام العرفية منذ زمن بعيد وقبل ان يجيز الطعن في مرسوم اعلان هذه الاحكام في حكم (( Huckel)) ، اذ ترجع رقابة المجلس هذه الى سنة 1874 في حكم أصدره يسمى ((Chéron)) حيث قرر فيه بشكل قاطع اعتبار هذه الإجراءات قرارات إدارية خاضعة لرقابة القضاء الاداري . ينظر د. محسن خليل، د. محسن خليل، القضاء الإداري اللبناني، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1982، ص301-302.
([90]) ينظر الفقرة (5) من المادة (3) من امر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004.
([91]) لاشك ان نص المشرع غير موفق الى حد كبير اذان محكمة التمييز ليست محكمة موضوع لتمارس هذا النوع من الرقابة والأمر ذاته بالنسبه للمحكمة الاتحادية العليا . الااننا لانرى بد من تفسير قصد المشرع بانه اراد اخضاع القرارات المتخذه في فترة اعلان حالة الطوارئ الى القضاء الاداري الذي يتم الطعن في قراراته امام المحكمة الاتحادية العليا . ويتم الطعن في الاجراءات امام القضاء العادي الذي يطعن في احكامه امام محكمتي التمييز في العراق واقليم كوردستان.
([92]) - د. عبد القادر باينه – القضاء الإداري الأسس العامة والتطور التاريخي – دار توبقال للنشر المغرب – 1985 – ص 28 .
([93]) – ينظر: د. أحمد مدحت على – نظرية الظروف الاستثنائية – القاهرة – 1978 – ص 19 .