بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

اثر الجريمة الانضباطية في انهاء العلاقة الوظيفية


الباب الاول

اثر الجريمة الانضباطية في انهاء العلاقة الوظيفية

            لعل من اهم آثار الجريمة الانضباطية التي يرتكبها الموظف مساسا بمركزه القانوني ما يمكن ان يتعرض له من عقوبات انضباطية([1]) تنهي علاقته الوظيفية وتجرده من صفته كموظف عام سواء أكان انهاء هذه العلاقة والتجريد من هذه الصفة مؤقتا كما في عقوبة الفصل في القانون العراقي([2]) ام نهائيا كما في عقوبة العزل في القانون نفسه.([3])

            واذا كانت الادارة غير محددة بمبدا لا جريمة الا بنص عندما تقدر ان الموظف ارتكب جريمة انضباطية بحسبان ان الجرائم الانضباطية ليست محددة حصرا او نوعا وانما مردها بوجه عام إلى الاخلال بواجبات الوظيفة العامة او الخروج على مقتضياتها، فان الامر على خلاف ذلك عندما تقوم سلطة التاديب بتقدير الاثر الذي ترتبه على ارتكاب جريمة من هذه الجرائم والمتمثل بالعقوبة الانضباطية التي يجوز لها فرضها على الموظف الذي ارتكب الجريمة الانضباطية وذلك لان العقوبات الانضباطية يحكمها مبدا الشرعية فهي محددة في القانون على سبيل الحصر بحيث يمتنع على سلطة التاديب فرض عقوبة لم ينص عليها القانون.([4])

            ولكن رغم ما تقدم فان الجريمة الانضباطية من حيث جسامتها او من حيث مستوى الموظف الذي ارتكبها وصفة وظيفته تؤثر في رسم صورة العقوبة الانضباطية المزمع فرضها على الموظف وتحديد السلطة المختصة بفرضها وحدود الضمانات التي ينبغي توفيرها له في مواجهة قرار فرض هذه العقوبة.

            فمن حيث اثر الجريمة في تحديد صورة العقوبة المزمع فرضها على الموظف نجد ان الجريمة كلما ازدادت جسامة كلما كانت العقوبة الانضباطية اشد. فسلطة التاديب لا يتحدد التزامها في وجوب اختيار واحدة من بين العقوبات المنصوص عليها في القانون فحسب وانما تلتزم كذلك في ان تكون هذه العقوبة ملائمة ومتناسبة، مع الفعل المرتكب.([5]) ولذلك نجد ان عقوبات انهاء العلاقة الوظيفية بوصفها اشد العقوبات الانضباطية لا تلجا اليها سلطة التاديب الا عندما تكون الجريمة الانضباطية شديدة الجسامة بحيث تستوجب ان يكون العقاب الانضباطي على هذه الصورة.

            وكما ان جسامة الجريمة تسهم في تحديد صورة العقوبة فان نوع ومستوى وظيفة مرتكبها يسهم من زاوية اخرى في رسم هذه الصورة. فعقوبات ذوي المستويات العليـا تنحصر في الغالب في اشد العقوبات التي ينص عليها القانون او اخفها ويمتنع على سلطة التاديب فرض عقوبات معينة تقع بين هاتين الصورتين.([6])

            ولما كان اثر الجريمة الانضباطية من حيث جسامتها ونوع ومستوى مرتكبها على هذا النحو في تحديد صورة العقوبة الانضباطية المزمع فرضها على الموظف ولما كان موضوعنا ينحصر في اثر الجريمة الانضباطية في انهاء العلاقة الوظيفية فان موضوع (صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية) سنبحثه في الفصل الاول من هذا الباب.

            ولا يقتصر اثر الجريمة الانضباطية في انهاء العلاقة الوظيفية انضباطياً على تحديد صورة هذا الانهاء بل يتعداه ليتدخل في تحديد السلطة المختصة به والقيود التي يتوجب عليها مراعاتها. فكلما اشتدت جسامة الجريمة إلى الحد الذي يستوجب فرض عقوبات شديدة كالتي تنهي العلاقة الوظيفية كلما وضع المشرع قيودا على السلطة المخولة فرض العقوبات الانضباطية تختلف عما هو مطلوب في الجرائم الاقل جسامة ويتدرج في ذلك إلى الحد الذي يمنع هذه السلطة من فرض عقوبات على مستوى معين من الشدة ليجعلها من اختصاص سلطة اخرى.([7]) كما ان المشرع يضع قواعد خاصة في التاديب بالنسبة لفئات معينة من الموظفين كالقضاة واساتذة الجامعات بحيث تكون سلطة تاديبهم على نحو يختلف عما هو معمول به في قوانين التوظيف العامة.([8]) وهذا يعبر عن مدى الاثر الذي يتركه نوع وظيفة مرتكب الجريمة الانضباطية في تحديد سلطة التاديب وعليه سيكون موضوع الفصل الثاني من هذا الباب السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية.

            ولا يتوقف اثر الجريمة الانضباطية في انهاء العلاقة الوظيفية عند حدود صور هذا الانهاء والسلطة المختصة به بل يمتد ليشمل كيفية تمكين الموظف المعاقب من مواجهة هذا الانهاء عبر توفير ضمانات التظلم والطعن في قرار الانهاء اذ نجد ان هذه الضمانات تزداد قوة بازدياد شدة العقوبة التي تتناسب مع شدة جسامة الجريمة. وتختلف هذه الضمانات (قوة او ضعفا) باختلاف العقوبات التي تفرض على الموظف ونوع ومستوى وظيفة مرتكب الجريمة الانضباطية على النحو الذي سنبينه في الفصل الثالث من هذا الباب.


الفصل الاول

صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية

            اختلف المدلول اللفظي للعقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية من تشريع لاخر فالقانون الفرنسي نص على عقوبتي العزل والاحالة على المعاش والقانون المصري نص على عقوبتي الفصل والاحالة على المعاش ومن يفصل لا يعاد إلى الخدمة قبل مضي اربع سنوات. اما القانون السوري فانه نص على عقوبتي العزل والطرد([9]) فيما وردت عقوبة الفصل في القانون السعودي ويترتب عليها عدم جواز التعيين في خدمة الدولة الا بعد مضي خمس سنوات.([10]) كما وردت عقوبة العزل في كل من القانون التركي والبلجيكي والامريكي والاردني.([11])

            اما في العراق فقد وردت عقوبة العزل في القوانين الانضباطية التي تعاقبت عليه منذ عام 1929 ولحد الان فيما اضاف القانونان الانضباطيان الصادران عام 1936 و 1991 اليها عقوبة الفصل. وبعد احتلال العراق في 9/4/2003 اصدر الحاكم المدني الامريكي قرارا يقضي بـ(اقصاء) البعثيين من مستويات معينة من الوظيفة وهو ما لا يمكن عده من العقوبات الانضباطية لانها لم تفرض بسبب ارتكاب هؤلاء جرائم انضباطية معينة تسوغ انهاء علاقتهم الوظيفية انضباطيا.

            ولغرض الاحاطة بهذا الموضوع لاهميته في تحديد جسامة الاثر المترتب على ارتكاب الجريمة الانضباطية وجدنا من المناسب تناوله في مبحثين بحيث نتناول الموضوع في القانون المقارن في المبحث الاول فيما نتناوله في القانون العراقي في المبحث الثاني.

المبحث الاول

صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في القانون المقارن

        تختلف صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفة من بلد إلى اخر وان كانت جميعها تؤدي إلى قطع العلاقة الوظيفية اما مؤقتا او بشكل نهائي مقرونا هذا القطع في الحالتين بالحرمان من الراتب التقاعدي او المكافأة او كليهما او بعدم الحرمان منهما.

            وقد اثرنا بحث الموضوع في مطلبين نتناوله في القوانين غير العربية في المطلب الاول وفي القوانين العربية (عدا العراق) في المطلب الثاني.

المطلب الاول

صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في القوانين غير العربية

        ونقسم بحث الموضوع فيه إلى فرعين بحيث نتناول في الفرع الاول بشئ من التفصيل صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في فرنسا اما الفرع الثاني فسنبين فيه صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في دول غير عربية اخرى وسنعطي فيه فكرة عن صور العقوبات الانضباطية المنهية للعلاقة الوظيفية في هذه الدول دون الخوض في التفاصيل.

 

الفرع الاول / صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في فرنسا

            لا يوجد في فرنسا قانون خاص للتاديب كما هو عليه الحال في العراق وانما تمثل قواعد التاديب جزء من قانون الوظيفة العامة، والنظم التشريعية لشؤون الموظفين بدات في القانون الصادر في 16/10/1946 ثم حل محله الامر الصادر بالمرسوم رقم 244 في 4/2/1959([12]). اما القانون رقم 634 الصادر في 13/7/1983 والمتعلق بحقوق والتزامات الموظفين فانه يعد مكملا لقانون التوظيف العام الصادر في 4/2/1959 وليس معبرا عن مرحلة تشريعية ثالثة ولهذا فان النصوص الواردة في القانون السابق ظلت سارية ما لم تتعارض مع احكام القانون الصادر في 13/7/1983([13]). وقد نص على بعض الاحكام ومنها وجوب تسبيب العقوبة الانضباطية وان سلطة التادب هي سلطة التعيين.([14]) ووجوب اطلاع الموظف على ملفه الشخصي.([15])

            وتتمثل العقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية في فرنسا في صورتين هما الاحالة على المعاش والعزل من الوظيفة . فقد نصت المادة (30) من الامر الصادر في 4/2/1959 على هاتين العقوبتين صراحة وجعلت لعقوبة العزل من الوظيفة صورتين ايضا بحيث تقترن في الاولى بحفظ الحق في المعاش في حين تقترن في الثانية بالحرمان من المعاش.([16])

            وعقوبة الاحالة على المعاش التي لم يكن القانون السابق رقم 2294 الصادر في 19/10/1946 قد نص عليها لا يمكن فرضها الا اذا استوفى الموظف شرط استحقاقه للمعاش المتعلق بمدة الخدمة.([17]) اما العزل فيعني الاخراج النهائي للموظف من الخدمة، لذا فان مجلس الدولة الفرنسي وادراكا منه لفداحة الاضرار المادية والادبية التي تترتب على هذه العقوبة اخذ يمارس رقابة صارمة على الشروط الشكلية والموضوعية لفرضها([18]) كما احاطها المشرع بقدر كبير من الضمانات كالاطلاع على الملف واستشارة مجلس تاديب والاجراءات الاخرى اللازم استيفاؤها قبل النطق بالعقوبة، وان عدم استشارة المجلس يعد اخلالا بهذه الضمانات يستوجب الغاء العقوبة.([19]) ويجب ان يكون قرار العزل مسبباً واذا لم توجد اسباب تاديبية للعزل يكون مشوبا بعيب التعسف في استعمال السلطة.([20]) كما لا يجوز عزل الموظف المجاز مرضيا الا بعد انقضاء اجازته وكذلك بالنسبة للمراة الحامل لكون ذلك يخالف قانون العمل والمبادئ العامة للقانون ولا يجوز ان تنهى علاقة الموظف لعدم الكفاءة المهنية بل يجوز نقله إلى وظيفة اخرى. اما الموظفون المفصولون الذين لا تتوفر فيهم شروط الاحالة على المعاش فيمكنهم الحصول على تعويض ولا يعد ذلك مكافأة ويسري الامر على الموظفين غير الدائميين بالدولة.([21]) وجدير بالذكر ان المشرع الفرنسي كان قبل صدور الامر رقم (244) في 4/2/1959 يستخدم عبارتي (الفصل والعزل) للدلالة على الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية.([22])

            هذا ويمتنع على سلطة التاديب معاقبة الموظف باية عقوبة انضباطية بما في ذلك انهاء علاقته الوظيفية سواء بالاحالة على المعاش او بالعزل من الوظيفة اذا كان قد عوقب عن الفعل ذاته بعقوبة اخرى وقد استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على هذا المبدا منذ زمن بعيد حيث ورد في حكمه الصادر في 11/3/1937 (يقع باطلا فرض عقوبتين او عدة عقوبات متتابعة عن خطا واحد) كل ذلك ما لم تكن احدى هذه العقوبات ذات صفة تبعية او تكميلية.([23])

            ومن بين العقوبات([24]) التي تمس العلاقة الوظيفية دون ان تنهيها عقوبة الاستبعاد المؤقت عن العمل ويبعد الموظف بمقتضاها عن وظيفته لمدة مؤقتة لا تتجاوز ستة اشهر يحرم خلالها من كل مرتبه ويجوز النطق بها كعقوبة اصلية او تكميلية ويعاد إلى وظيفته بعد انقضاء المدة المحددة في قرار فرضها.([25])، ومع ذلك لا تعد هذه العقوبة من العقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية ولو فرضت كعقوبة اصلية اذ لا تشغل وظيفة المعاقب بها خلال مدة استبعاده عن الوظيفة بالتعيين او الترقية وان كان ذلك لا يمنع من اسناد عمله إلى موظف اخر لحين انتهاء مدة العقوبة ضماناً لحسن سير المرفق العام.([26])

 

الفرع الثاني / صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في دول غير عربية اخرى

            من الدول الاوربية التي يختلف نظامها التاديبي عن النظام التاديبي الفرنسي انكلترا حيث لا يعرف نظام التاديب فيها حصرا للعقوبات الانضباطية فضلا عن عدم حصر الجرائم الانضباطية الا ان التحري عما جرى عليه العمل في الاجهزة الادارية الانكليزية المختلفة يظهر ان العقوبات الانضباطية لا تختلف عما هو معروف في دول اخرى([27]). ومنها العقوبات التي تنهي العلاقة الوظيفية.

            فهناك عقوبة الفصل (Dismissal)([28]) التي قد تقترن بالحرمان من الراتب التقاعدي دون ان يعد ذلك حرمانا من حق ثابت للموظف اذ لا يعد المعاش في القانون الانكليزي حقا بل انه منحه تخضع لتقدير وزارة الخزانة وذلك في الاقل من الناحية النظرية.([29])

            وفي الولايات المتحدة يمكن انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا باحدى صورتين هما الفصل (Dismissal  ) والفصل مع عدم الاهلية لتولي الوظائف العامة ( Dismissal with continuing disability  )([30]) اما في ايطاليا فهناك صورتان ايضا للانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية هما الفصل من الوظيفة مع فقدان بعض الحقوق التقاعدية والفصل من الوظيفة مع فقدان جميع الحقوق التقاعدية.([31])

            وفي سويسرا تتدرج العقوبات الانضباطية من عقوبة اللوم او التانيب حتى عقوبة العزل وهي الصورة الوحيدة التي تنتهي فيها العلاقة الوظيفية اذ تسبقها عقوبة الوضع في الاستيداع وهي عقوبة رغم شدتها فانها لا تنهي العلاقة الوظيفية ، ولا يمكن فرض أي من عقوبتي الوضع في الاستيداع او العزل الا اذا ادين الموظف بارتكاب مخالفات خطيرة.([32])

            وفي بلجيكا وردت العقوبات الانضباطية التي يمكن فرضها على الموظف بحيث تبدا من لفت النظر وتنتهي بعقوبتي الاحالة على التقاعد والعزل وهما العقوبتان اللتان تنهي كل منهما عند فرضها العلاقة الوظيفية للموظف.([33])

 

المطلب الثاني

صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في القوانين العربية

        وسنقسمه إلى فرعين نبحث الموضوع في مصر في الفرع الاول وفي دول عربية اخرى في الثاني.

الفرع الاول / صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في مصر

            يرجع تاريخ انشاء مجالس التاديب وتحديد العقوبات التي يمكن فرضها على الموظفين إلى عام 1883 حيث صدرت فيه لائحة المستخدمين الملكيين التي تضمنت احكاما تنظم تلك الشؤون. وفي سنة 1888 تقرر انشاء محكمة تاديبية عليا لمحاكمة كبار الموظفين الذين لا تسري عليهم احكام التاديب المقررة في لائحة 1883 ثم ادخل المشرع على هذه اللائحة تعديلات (طالت بعض نصوص التاديب) في الاعوام 1885 و1888 و1891 من شانها توفير ضمانات اكثر للموظفين. ثم توالت التشريعات في هذا المجال حيث صدرت في 1901 لائحة المستخدمين الملكيين ثم قانون موظفي الدولة سنة 1951 الذي تم تعديله بالقانون رقم 73 لسنة 1951 تلاه القانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التاديبية المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1959 حيث ارسيت بهذين القانونين والقانون رقم 210 لسنة 1951 قواعد القانون التاديبي في حينها([34])، ثم صدرت قوانين اخرى نظمت تاديب الموظفين اهمها قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 وقانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 الذي حدد في المادة (76) منه الواجبات التي ينبغي على الموظف العام القيام بها([35]).

            وفي اطار بحثنا المتعلق بصور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية قضت المادة (61) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 المصري بجواز فرض عقوبتي الوقف عن العمل بغير مرتب او بمرتب مخفض لمدة لا تتجاوز 6 اشهر والفصل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش او المكافأة او الحرمان من المعاش او المكافأة وذلك في حدود الربع.([36]) واذا ما اخذنا في الحسبان ان عقوبة الوقف عن العمل سواء اكانت بمرتب ام بغير مرتب لا تعد انهاء للعلاقة الوظيفية([37]) فان قانون 1964 لم ينص على غير الفصل كعقوبة تنتهي بمقتضاها العلاقة الوظيفية انضباطيا ولكنه جعل لها صورتين الاولى مع حفظ الحق في المعاش او المكافأة والثانية مع الحرمان الجزئي من المعاش او المكافأة وبذلك يشبه هذا النص المصري ما ورد في القانون الفرنسي الذي اجاز انهاء العلاقة الوظيفية بالعزل في صورتين الاولى مع حفظ الحق في المعاش والثانية مع الحرمان من المعاش كليا ووجه الاختلاف ان المشرع المصري لم يجز الحرمان من المعاش الا في حدود الربع في حين اجاز المشرع الفرنسي الحرمان الكلي من المعاش كما ان المشرع المصري اجاز الحرمان من المكافأة جزئيا في حين لم يشر المشرع الفرنسي إلى جواز الحرمان من المكافأة الامر الذي يعني ان عقوبة العزل لا تؤدي إلى حجبها اذا كان الموظف يستحقها قانونا.

            وقد استحدث المشرع المصري في المادة (80) من القانون رقم 47 لسنة 1978 عقوبة الاحالة على المعاش بوصفها عقوبة انضباطية تنهي العلاقة الوظيفية ليساير بذلك المشرع الفرنسي وبهذا يكون انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا ممكنا اما بالاحالة على المعاش او بالفصل. فالعقوبة الاولى تنهي العلاقة الوظيفية للموظف ولكنه يبقى محتفظا بمعاشه مقدرا على الاسس القائمة عند توقيع العقوبة وتطبق هذه العقوبة في الغالب على شاغلي الوظائف العليا لاقترابهم من بلوغ السن القانونية اللازمة للاحالة على المعاش.([38])

            اما عقوبة الفصل من الخدمة فيترتب على فرضها حرمان المفصول من جزء من معاشه طبقا لقانون المعاشات.([39]) وبذلك يكون على سلطة التاديب اذا وجدت ان الجريمة الانضباطية التي ارتكبها الموظف العام تستدعي انهاء علاقته الوظيفية اما ان تكتفي بفصله او احالته على المعاش ولا يجوز لها الجمع بين العقوبتين لان كلا منهما عقوبة مستقلة قائمة بذاتها.([40])

            ويبدا سريان قرار انهاء العلاقة الوظيفية من تاريخ صدور الحكم ويستحق الموظف المحكوم تعويضا يعادل اجره إلى يوم ابلاغه بالحكم  ما لم يكن الموظف موقوفا عن عمله فعندئذ تعد خدمته منتهية من تاريخ وقفه ويصرف له في هذه الحالة نصف مرتبه وذلك بمقتضى المادة (100) من قانون العاملين المدنيين في الدولة رقم 47 لسنة 1978، اما سبب استحقاق الموظف تعويضا يعادل كامل اجره من يوم صدور الحكم بانهاء علاقته الوظيفية ولحين ابلاغه به عندما يصدر بحقه غيابيا طبقا لنص القانون المصري فيعود إلى ان الموظف  يستحق مرتبا بعد انتهاء خدمته كما لا تسترد من الموظف الموقوف احتياطيا عن العمل انصاف رواتبه المصروفة له خلال مدة الوقف اذا حكم عليه بالاحالة إلى المعاش او الفصل.([41]) ولا يعاد تعيين الموظف المفصول قبل مضي 4 سنوات على فصله.([42])

            واذا كانت سلطة التاديب تتمتع بهامش واسع في اختيار عقوبة مناسبة للموظف من غير العقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية([43]) فان هذا الهامش يضيف كثيرا عندما يكون الموظف الذي ارتكب الجريمة الانضباطية من شاغلي الوظائف العليا اذ لا يمكن معاقبته بغير اللوم في قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 والتنبيه او اللوم في قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978.([44]) وبذلك فان سلطة التاديب اذا ما ارادت معاقبة الموظف شاغل الوظيفة العليا انضباطيا فعليها اما ان تعاقبه باللوم وان كانت جريمته من الجسامة بحيث يمكن ان يعاقب الموظف الاعتيادي بسببها بعقوبة اشد من ذلك او تنهي علاقته الوظيفية باحالته على المعاش او بفصله من الوظيفة وان كانت جريمته تستحق عقوبة اخف من ذلك فيما لو ارتكبت من موظف من غير شاغلي الدرجات العليا.

            ويعلل جانب من الفقه ذلك بان الموظفين شاغلي الدرجات العليا يجب ان يكونوا قدوة حسنة لمرؤوسيهم وان فرض العقوبات الوسطى عليهم يقلل من اعتبارهم في نظر مرؤوسيهم مما يعوق قيامهم بدورهم الرئاسي على الوجه المناسب فاذا ما ارتكب الموظف من الدرجة العليا جريمة انضباطية تستدعي ما هو اشد من اللوم واخف من الفصل فما على سلطة التاديب الا ان توازن بين التجاوز عن جسامة الجريمة فتعاقب باللوم اذا كان ماضي ذلك الموظف والامل في مستقبله يوحيان بذلك واما ان تشدد العقاب وتنهي علاقته الوظيفية على اساس ان مكانة الموظف تزيد من جسامة خطئه فيصبح غير صالح للبقاء في موقعه القيادي.([45])

            وفي تقديرنا المتواضع ان هذا التسبيب محل نظر فاذا كان هنالك ما يستدعي تجاوز جسامة بعض المخالفات والمعاقبة عنها باللوم بدلا من عقوبة اشد مراعاة لحسن سير المرفق العام بحسبان ان شاغلي الدرجات العليا ينهضون باعباء اكبر من تلك التي يتحملها غيرهم الا انه من ناحية اخرى قد يكون خطا شاغل الوظيفة العليا ابلغ اثراً من خطا غيره الذي لو ارتكبه لعوقب بعقوبة اشد مما يمكن فرضه على شاغل الوظيفة العليا.

            هذا من جانب ومن جانب آخر فان شاغل الوظيفة العليا قد يتعرض للظلم اذا ما عوقب بانهاء علاقته الوظيفية رغم ان خطاه يستوجب ما هو اخف من ذلك واشد من اللوم لا لسبب سوى لان القانون لم ينص على عقوبة اشد من اللوم بذريعة ان ذلك يمس اعتباره امام مرؤوسيه، فاي العقوبتين اشد وقعا على الموظف من شاغلي الدرجات العليا تنزيل درجته الوظيفية مثلا ام انهاء علاقته الوظيفية التي لا يتوقف اثرها على الموظف فحسب بل يمتد إلى عائلته؟.

            وفيما يتعلق بعقوبة الفصل يرى جانب من الفقه لاجل معالجة قسوتها ان يصار إلى تحديد المخالفات التي تستوجب فرضها وعدم جواز حرمان المعاقب بها من اعادة تعيينه في وظيفة عامة اخرى حتى لا يكون في ذلك مصادرة لحق الانسان في العمل اذ يمكن احالته إلى جهة تدرس حالته لتتبين نوع العمل الذي يصلح له، وقد وصف البعض عدم السماح بعودة الموظف إلى الوظيفة نهائيا بانه اجراء غير انساني.([46]) وسنتناول هذه الاراء بتفصيل اكثر في المبحث الثاني من هذا الفصل عند دراسة عقوبة العزل من الوظيفة في القانون العراقي.

 

الفرع الثاني / صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في دول عربية اخرى

            بعد ان بينا في الفرع الاول صور انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا في مصر بشئ من التفصيل سنكتفي هنا ببيان موجز لصور هذا الانهاء في بعض الدول العربية الاخرى عدا العراق (موضوع المبحث الثاني من هذا الفصل). فقد نص القانون السوري على عقوبتي العزل والطرد ويراد بالاولى في القانون المذكور انهاء خدمة الموظف حكما مع استفادته من تعويض تسريح او معاش تقاعد حسب الاحوال اما الثانية فتعني الحرمان من الوظيفة نهائيا وحرمان الموظف المطرود من جميع الحقوق التي اكتسبها خلال مدة الخدمة.([47])

            ولا يجوز ان يعود الموظف المعزول إلى احدى الوظائف العامة الا بعد انقضاء مدة سنتين على عزله وبالاستناد إلى قرار يصدر عن لجنة الترفيع بجواز استخدامه.

            اما الموظف المطرود فلا يجوز ان يعود باي حال من الاحوال إلى الخدمة في الادارات والمؤسسات ذات الصفة الرسمية في وظيفة دائمة او مؤقتة داخلة في انظمة  الموظفين او المستخدمين.([48])

            اما في المملكة العربية السعودية فهناك صورة واحدة لانهاء العلاقة الوظيفية تاديبيا وهي الفصل حيث يعد اشد العقوبات الانضباطية التي يجوز فرضها على الموظف العام ويترتب على هذه العقوبة عدم جواز التعيين من جديد في الدولة الا بعد مضي خمس سنوات على فرضها كما يحرم من التعويض عن مدة الاجازة المقررة له بما لا يزيد عن (90) يوما عند انهاء علاقته الوظيفية لاسباب غير تاديبية، ومن بين الاثار كذلك تخفيض المكافاة المستحقة للموظف عن مدة خدمته طبقا لنظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/14 في 29/7/1393هـ.([49])

            وفي الكويت تضمن قانون الوظائف العامة المدنية الصادر بالمرسوم الاميري رقم 7 لسنة 1960 في المادة (116) منه حصرا للعقوبات الانضباطية التي يجوز فرضها على الموظفين ولم يكن من بينها عقوبة الاحالة على المعاش الا ان الفقرة (9) منها تنص على عقوبة العزل مع حفظ الحق في المعاش التقاعدي او المكافاة او مع الحرمان منها كلية او جزء منها اما موظفي الحلقة الاولى فلا يجوز فرض غير عقوبة اللوم او العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في معاش التقاعد او المكافأة او الحرمان منها كليا او جزء منها وذلك بمقتضى نص المادة (119) من القانون([50]) وبذلك لم يجز المشرع الكويتي الحرمان من معاش التقاعد  الامر الذي اجازه المشرع المصري في قانون العاملين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 كما اسلفنا ولكنه (أي القانون الكويتي) اجاز الحرمان من المكافأة كليا او جزئيا حيث ان عبارة (او جزء منها) واضحة الدلالة على المكافأة دون الحق في المعاش.

            اما قانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 فقد ذهب فيه المشرع الكويتي إلى ما كان المشرع المصري قد سبقه اليه في قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 بان استحدث عقوبة الاحالة على المعاش بوصفها احدى العقوبات الانضباطية التي يجوز فرضها على الموظف ونص على عقوبة الفصل مجردة من أي وصف وهذا يعني الرجوع إلى الاصل وهو الاحتفاظ بالمعاش والمكافاة وبذلك تستقل عقوبة الاحالة على المعاش عن عقوبة الفصل.([51]) اما شاغلو الوظائف العليا فلا تجوز معاقبتهم بغير عقوبتي الانذار او الفصل من الوظيفة([52]).

            وفي المغرب ينص القانون المغربي على صورتين لانهاء العلاقة الوظيفية هما عقوبة العزل من غير توقيف (حرمان من) حق التقاعد والعزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد.([53])

            وفي ليبيا عرف القانون صورتين من صور انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا هما عقوبة العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش او المكافاة وعقوبة العزل من الوظيفة مع الحرمان من كل او بعض المعاش او المكافاة وذلك مع مراعاة احكام قانون التقاعد.([54])

            كما قصر القانون الليبي العقوبات الانضباطية التي يمكن فرضها على المعينين بقرار من مجلس الوزراء على اخفها وهي الانذار او اشدها وهي العزل بالصورتين المذكورتين([55]) وقد سبق ان بينا راينا في هذا المسلك.([56])

            وفيما يتعلق بالقضاة فان احكام تاديبهم في المملكة العربية السعودية نظمها نظام القضاء رقم م/64 لسنة 1395هـ وهي احكام تختلف في اجراءاتها والعقوبات التي تفرض بمقتضاها عما هو متبع بالنسبة للموظفين.([57]) فالعقوبات التاديبية التي يجوز فرضها على القاضي هي اللوم والاحالة على التقاعد بمقتضى المادة (82) من النظام المذكور([58]) علما انه لا يجوز تعيين أي شخص بصفة قاض اذا كان قد صدر بحقه قرار تاديبي بالفصل من وظيفة عامة ولو كان قد رد اليه اعتباره.([59])

            ويخضع القاضي في المملكة العربية السعودية لقاعدة عدم القابلية للعزل بوصفها احد مظاهر استقلال القضاء ، حيث نصت المادة (2) من نظام القضاء على عدم قابلية القضاة للعزل الا في الحالات الاستثنائية المبينة في النظام وذلك في موازاة عدم جواز نقل القاضي إلى وظيفة اخرى الا برضاه او بسبب ترقيته وفق احكام النظام.([60]) ولا يقصد من وضع هذه القاعدة ان المشمول بها لا يعزل نهائيا مهما كانت الاسباب حتى لو تحقق فساده وعدم صلاحيته للخدمة فذلك ما لا يسيغه عقل سليم او يقره أي نظام اداري في العالم([61]) انما المقصود هو عدم جواز ابعاد القاضي من منصبه الا برضاه وفي حدود القانون ما لم يرتكب خطا تاديبيا يستوجب ذلك وفي هذه الحالة لا يجوز ابعاده من الوظيفة الا من خلال مجلس قضائي يشكل بمقتضى قانون وان السلطة القائمة على الاحكام العرفية غير مختصة بهذا العزل.([62])

            اما في اليمن فان انهاء العلاقة الوظيفية للقاضي تاديبيا يكون بمقتضى القانون رقم (1) لسنة 1990 بالعزل مع استحقاق المعاش او المكافاة بعد ان كان في القانون السابق رقم 28 لسنة 1979 يفرض بصورتين هما انهاء الخدمة مع حفظ الحق في المعاش او المكافاة او منهما معا والعزل مع الحرمان من المعاش والمكافاة وقد اثنى البعض على مسلك المشرع اليمني في ذلك([63]) وبدورنا نميل إلى تاييد هذا المسلك بحسبان ان العقوبة مهما كانت جسامتها لا ينبغي ان تكون وسيلة انتقام من الموظف وعائلته بحرمانه من حقوق ترتبت له وفق القانون قبل ارتكابه الفعل الذي استوجب فرض العقوبة.

 

المبحث الثاني

صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في القانون العراقي

            كان قانون انضباط موظفي الدولة رقم 41 لسنة 1929 قد قسم العقوبات التي يمكن فرضها على الموظف إلى نوعين انضباطية وتشمل الانذار وقطع الراتب والتوبيخ وتاديبه وتشمل انقاص الراتب وتنزيل الدرجة والعزل([64]) وبذلك يكون القانون قد نص على صورة واحدة للانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية وهي العزل.

            اما قانون انضباط موظفي الدولة رقم 69 لسنة 1936 فانه اخذ بالتقسيم نفسه ولكنه اضاف إلى العقوبات التاديبية عقوبة الفصل([65]) وبذلك يكون الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في ظل هذا القانون في صورتين هما الفصل والعزل وهما الصورتان اللتان نص عليهما قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991.([66]) ولم يرد في القوانين الثلاثة ذكر عقوبة الاحالة على المعاش كما في فرنسا ومصر.([67]) لذا سنتناول الموضوع في ثلاثة مطالب، نبحث في الاول عقوبة الفصل وفي الثاني عقوبة العزل وفي الثالث اثرهما على بعض حقوق الموظف.

 

المطلب الاول

عقــوبــــة الفصــــــل

عرف قانون انضباط موظفي الدولة رقم 69 لسنة 1936 الفصل بانه( تنحية الموظف عن الوظيفة مدة تعين في قرار الفصل على ان لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات من تاريخ اكتساب القرار الدرجة القطعية ويجوز توظيفه بعد انقضائها).([68])

فالفصل بمقتضى هذا القانون اذن هو اقصاء مؤقت عن الوظيفة لا يمنع من اعادة الموظف المفصول اليها. والادارة غير ملزمة باعادة الموظف المفصول إلى وظيفته بانقضاء مدة الفصل بل يجوز لها ذلك حيث ان هذه العودة في النص المذكور جاءت بصيغة الجواز لا بصيغة الوجوب. وبهذا المعنى ورد قرار مجلس الانضباط العام رقم 75/62 الصادر في 1/9/1962 حيث جاء فيه (… طالب المدعي دائرته باعادته إلى وظيفته بحجة ان الفصل قد انتهى واصبح امر عودته إلى وظيفته وجوبيا وحيث ان الفقرة ب من المادة 27 من قانون انضباط موظفي الدولة قد نصت على الفصل دون ان تلزم الدائرة باعادة المفصول وحيث ان اعادة المفصول إلى وظيفته امر يعود إلى الدائرة بعد تحقق المصلحة العامة لذا يكون طلب المدعي بالغاء امر فصله واعادته إلى وظيفته … لا يستند إلى القانون فقرر رد الدعوى…)([69])

وفي تقديرنا المتواضع ان هذا يعطي للادارة سلطة في مد مدة الفصل إلى اكثر مما هو محدد في القانون ويجعل الموظف تحت رحمتها غير مطمئن إلى ان انتهاء مدة فصله ستتيح له العودة إلى الوظيفة ثانية لذا كان الاجدى للتخفيف من قسوة هذه العقوبة ان تكون الادارة ملزمة باعادته إلى وظيفته التي كان يشغلها قبل الفصل لزوال المانع من ذلك الا اذا فقد شرطا من شروط التعيين او لم تعد تتوفر له درجة شاغرة في الملاك، وفي هذه الحالة (الثانية) يكون من المنطقي ان تلتزم الادارة باعادته إلى وظيفة مماثلة في دائرة اخرى غير دائرته. وان اخضاع مدى تحقق المصلحة العامة من عودة الموظف المفصول إلى الوظيفة بعد انتهاء مدة فصله لتقدير الادارة يفتح الباب واسعا امام احتمال تعسفها بحقه فضلا عن ان تحقق المصلحة العامة يفترض ان يكون قد اخذ في الحسبان عند تحديد مدة الفصل ابتداء في قرار الفصل. والحالات التي يمكن فيها معاقبة الموظف بالفصل حددها القانون بالاتي:([70])

أ‌.        اذا عوقب باحدى العقوبات التاديبية مرتين وارتكب في المرة الثالثة ذنبا يستوجب المعاقبة.

ب‌.   اذا ثبت عجزه عن القيام بوظيفته التي هي ضمن اختصاصه.

ج. اذا ارتكب أي ذنب اخر يتراءى للمجلس العام انه يستلزم فصله.

د‌.       اذا حكم عليه بالحبس عن جنحة منبعثة عن وظيفته.

اما قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 فلم ياخذ بتقسيم العقوبات إلى انضباطية وتاديبية كما كان المشرع في القانونين السابقين قد فعل بل ان المادة (8) من قانون 1991 نصت على ان (العقوبات التي يجوز فرضها على الموظف هي …سابعا: الفصل ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة مدة تحدد بقرار الفصل يتضمن الاسباب التي استوجبت فرض العقوبة عليه وعلى النحو الاتي: أ. مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات اذا عوقب الموظف باثنتين من العقوبات التالية او باحداها لمرتين وارتكب في المرة الثالثة خلال خمس سنوات من تاريخ فرض العقوبة الاولى فعلا يستوجب معاقبته باحداها: 1.التوبيخ  2.انقاص الراتب  3.تنزيل الدرجة. ب- مدة بقائه في السجن اذا حكم عليه…)

ومن مقارنة ما ورد في القانونين يتبين الاتي:

1.       ان قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 قد خفض الحدين الاعلى والادنى لمدة عقوبة الفصل حيث حصرهما بين سنة وثلاث سنوات بعد ان كانت في القانون السابق تنحصر بين سنتين وخمس سنوات.

2.       قلص قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 حالات المعاقبة بالفصل التي كان القانون السابق قد نص عليها حيث استبعد حالة الفصل بسبب عجز الموظف عن القيام بوظيفته المنصوص عليها في البند (ب) من الفقرة (2) من المادة الحادية عشرة من قانون 1936، وهو اتجاه محمود كان جانب من الفقه قد طالب به بعد ان انتقد اتجاه المشرع في القانون السابق وذلك لان عبارة (عجز الموظف عن القيام بوظيفته) غير دقيقة وغير محددة بما فيه الكفاية واذا كان هذا العجز متعلقا بالقدرة البدنية للموظف فالاجدى ان ينقل إلى وظيفة اخرى تنسجم مع قدراته الجسمية بدلا من فصله وهذا ما تبناه الفقه والقضاء الفرنسيان.([71])

3.       استبعد القانون رقم 14 لسنة 1991 حالة الفصل لارتكاب الموظف ذنبا يتراءى لمجلس الانضباط العام انه يستلزم الفصل التي كان القانون السابق قد نص عليها حيث كانت تنسجم مع ما كان يتمتع به المجلس في ظله في:

أ. معاقبة رؤساء الدوائر انضباطيا ومن ذلك سلطته في تقرير عقوبة الفصل الخاضعة لمصادقة مجلس الوزراء.([72])

ب. سلطته في تشديد العقوبة الانضباطية عند النظر في الطعن الذي تقدمه الادارة في قرار فرض العقوبة الصادر من احدى اللجان الانضباطية.([73])

اما في ظل القانون رقم 14 لسنة 1991 فلم يعد للمجلس أي من هذين الاختصاصين الامر الذي سيكون موضع بحث اكثر تفصيلا في الفصل الثاني من هذا الباب.

4.       اشترط القانون رقم 14 لسنة 1991 ان يتضمن قرار فرض عقوبة الفصل الاسباب التي استوجبت فرضها وهذه الشكلية لم يكن القانون السابق قد نص عليها بسبب اختلاف سلطة التاديب في القانونين كما سنرى. فضلا عن الزام الادارة بوجوب ان يسبق الفصل تحقيق تجريه لجنة حدد القانون كيفية تشكيلها الا ان توصياتها غير ملزمة.([74])

5.       كان القانون السابق قد اشترط لاجل معاقبة الموظف بالفصل مجرد ان يكون قد عوقب مرتين باحدى العقوبات التاديبية وارتكب في المرة الثالثة ذنبا يستوجب المعاقبة وذلك دون ان يشترط مدة معينة يرتكب خلالها هذا الذنب كما لم يشترط نوع العقوبة التي يستوجبها الذنب المرتكب للمرة الثالثة وهذا يعني ان الموظف يمكن ان يعاقب بالفصل اذا ارتكب ولو بعد حين من الدهر ما يستوجب معاقبته بالانذار (وهي عقوبة انضباطية وليست تاديبية وفق التقسيم الذي اخذ به القانون) اذ يكفي لذلك سبق معاقبته مرتين باحدى العقوبات التاديبية. اما قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 فقد اشترط ان يكون ارتكاب الفعل للمرة الثالثة قد وقع خلال خمس سنوات من تاريخ فرض العقوبة الاولى ومعنى ذلك ان ارتكاب الفعل للمرة الثالثة اذا وقع بعد مضي خمس سنوات من ذلك لا تجوز المعاقبة عنه بالفصل. اما القيد الاخر فهو ان يكون الفعل المرتكب للمرة الثالثة يستوجب المعاقبة بالتوبيخ او انقاص الراتب او تنزيل الدرجة وهي العقوبات التي اشترط القانون سبق المعاقبة باثنتين منها او باحداها لمرتين لكي يكون بالامكان معاقبة الموظف بالفصل.

6.       اما حالة الفصل بسبب ارتكاب الموظف جريمة جنائية فان هنالك اختلاف بين القانونين سيكون موضع بحثنا في الباب الثاني من هذا البحث الذي نتناول فيه اثر الجريمة الجنائية في انهاء العلاقة الوظيفية.

هذا ويعود في تقديرنا سبب وضع مزيد من القيود على سلطة التاديب في فرض عقوبة الفصل في القانون رقم 14 لسنة 1991 هو ان فرض هذه العقوبة اصبح منوطا بالادارة بعد ان كان في القانون السابق منوطا بلجان الانضباط ومجلس الانضباط العام([75]) امعانا من المشرع في تعزيز ضمانات الموظف تجاه سلطة الادارة في فصله بعد ان كانت في السابق متوافرة ابتداء في السلطة المختصة بالتاديب الامر الذي لم يكن يتطلب مثل هذه القيود الا ان هذه الضمانات ظلت ضعيفة في جوانب اخرى اذا ما قورنت بما كان القانون السابق يكفله للموظف على نحو ما سيتبين لنا في الفصل الثالث من هذا الباب.

ولما اصبحت عقوبة فصل الموظف انضباطيا تفرض بقرار اداري في العراق فان هذا القرار لابد ان يكون مستوفيا جميع اركانه (اختصاص وسبب ومحل وشكل وغاية) واذا ما شاب قرار الفصل عيب في أي من اركانه فان القرار يكون معيباً ومعرضا للالغاء القضائي اذا لم تبادر الادارة إلى الغائه او سحبه من تلقاء نفسها او بناء على تظلم.

المطلب الثاني

عقوبــــة العــــــزل

            العقوبة الثانية التي تنهي العلاقة الوظيفية انضباطيا هي العزل وقد عرف الدكتور محمد زهير جرانة عزل الموظف بانه ( اقصاؤه من السلطة الادارية التي يتبعها وحل رابطته بها جزاء له على اخلاله بواجبات وظيفته) ويرى انه يقوم على عنصرين اساسيين هما:

1.       اخراج السلطة الادارية الموظف من دائرة القائمين بالعمل فيها.

2.       اصطباغ هذا الاجراء بصبغة الاجراء الاداري.

وبذلك يفترق العزل عن الصور الاخرى لانتهاء خدمة الموظف كالاستقالة او الغاء الوظيفة او الاحالة على التقاعد لبلوغ السن القانونية.([76])

والواقع ان العزل هو اقصاء نهائي للموظف من الوظيفة([77]) وهذا ما يميزه من الفصل الذي يقصى بموجبه الموظف بصورة مؤقتة من وظيفته ويجوز توظيفه بانتهائها.

وكان قانون انضباط موظفي الدولة رقم 41 لسنة 1929 قد نص على هذه العقوبة بوصفها اشد العقوبات التاديبية التي يمكن فرضها على الموظف عندما يرتكب جريمة انضباطية([78]) وذلك عندما يثبت ارتكابه ذنبا خطيرا او ان بقاءه في خدمة الدولة اصبح مضرا بالمصلحة العامة بسبب سلوكه الشائن او تمرده على رؤسائه او لاستمرار كسله الذي لا يقبل الاصلاح او لتكرار اهماله.([79])

ويلاحظ على هذه العبارات التعميم والاطلاق ويرى البعض ان لذلك ما يبرره اذ لا يمكن تحديد الاخطاء الادارية على وجه التعيين فلا مناص من ان يقتصر ايرادها على حصرها حصر وصف لا حصر تسمية وتحديد ويبقى للهيئة الانضباطية بعد ذلك حرية تقدير الوقائع المختلفة التي ترى فيها (ذنبا اداريا خطيرا) او (كسلا لا يقبل الاصلاح) إلى اخر ما ذكره المشرع في ذلك وهذا اهم وجوه الفرق بين الجريمة الادارية والجريمة الجنائية كون الاخيرة محكومة بمبدا لا جريمة ولا عقوبة الا بنص.([80])

ولا يمنع انتهاء العلاقة الوظيفية للموظف بسبب استقالته او احالته على التقاعد من معاقبته بالعزل عن جريمة انضباطية كان قد ارتكبها قبل انتهاء هذه العلاقة.([81]) ويظهر ان الغاية التي قصدها المشرع من هذا النص تتمثل في منع عودة الموظف إلى وظيفته ثانية وفي ذلك يكون اثر العزل اشد من اثر الاستقالة وان كان اثر الاستقالة اشد فيما يتعلق باستحقاق الراتب التقاعدي الذي تحجبه الاستقالة فيما لا يفعل العزل ذلك.([82])

اما تعريف العزل في القانونين الانضباطيين رقم 69 لسنة 1936 ورقم 14 لسنة 1991 فلا يختلف في أي منهما عنه في الاخر فبينما عرفه القانون الاول بانه (تنحية الموظف عن الوظيفة ولا يجوز اعادة استخدامه في وظيفة حكومية)([83]) عرفه الثاني بانه (تنحية الموظف عن الوظيفة نهائيا ولا تجوز اعادة توظيفه في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي).([84]) كما ان الحالات التي يعزل فيها الموظف تكاد هي الاخرى ان تكون متشابهة في القانونين فقد نصت عليها المادة (8/ثامنا) من القانون رقم 14 لسنة 1991 محددة اياها بما ياتي:

أ. اذا ثبت ارتكابه فعلا خطيرا يجعل بقاءه في خدمة الدولة مضرا بالمصلحة العامة.([85])

والفعل (الذنب في القانون السابق) الخطير يخضع تقديره لسلطة التاديب وهي لجان الانضباط ومجلس الانضباط العام في القانون رقم (69) لسنة 1936 والادارة تحت رقابة القضاء في القانون رقم 14 لسنة 1991.([86])

ب. اذا حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته او ارتكبها بصفته الرسمية([87]) وسيكون هذا الموضوع مدار بحثنا في الباب الثاني من هذا البحث المخصص لاثر الجريمة الجنائية في انهاء العلاقة الوظيفية.

ج. اذا عوقب بالفصل ثم اعيد توظيفه فارتكب فعلا يستوجب الفصل مرة اخرى.([88])

وهذا يعني ان فرض عقوبة العزل يعد تشديدا لعقوبة الفصل التي يستوجبها فعله ابتداء بسبب انه سبق ان عوقب بالفصل عن فعله الاول لكنه لم يزدجر فحقت عليه عقوبة العزل لانه لم يعد يصلح لتولي الوظيفة العامة.([89])

والعزل وان كان يختلف عن الفصل من حيث ان الاول يسد الطريق امام الموظف المعزول من ولوج العمل الوظيفي ثانية في حين يمكن للموظف ان يعود إلى الوظيفة في حالة الفصل الا ان المشرع العراقي كان يخلط بين العقوبتين في بعض الاحيان فيسمي العزل فصلا كما ورد في قرارين لمجلس قيادة الثورة (المنحل) هما القرار رقم 90 الصادر في 21/1/1986 والقرار رقم 780 الصادر في 7/12/1989.([90])

            ويمكن تشبيه عقوبة العزل في القانون العراقي بعقوبة الفصل مع عدم الاهلية لتولي الوظائف العامة في القانون الامريكي والتي سبقت الاشارة اليها في المطلب الاول من هذا المبحث.

            ولشدة خطورة عقوبة العزل على مستقبل الموظف وعائلته اشترط قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم (14) لسنة 1991 ان يكون قرار فرضها مسببا استثناء من القاعدة العامة التي لا تلزم الادارة بتسبب قراراتها الادارية([91]) وان كان لابد ان يكون للقرار الاداري سبب بوصفه احد اركان هذا القرار التي اذا ما شاب احدها عيب من العيوب عد القرار الاداري باطلا. وهكذا نجد ان مجلس الانضباط العام الغى عددا من قرارات العزل لوجود عيب في واحد او اكثر من هذه الاركان.

            فقد الغى المجلس في قراره المرقم 314/99 الصادر في 9/12/1999 عقوبة عزل موظف لعيب في الشكل وذلك لان اللجنة التحقيقية التي حققت مع الموظف كانت مؤلفة من اربعة اشخاص في حين ان العدد المحدد قانونا هو ثلاثة.([92]) كما اكد المجلس عدم مشروعية العزل بسبب عيب في الاختصاص والشكل وذلك في قراره المرقم 11/996 الصادر في 21/2/1996 حيث جاء فيه (… ان عقوبة العزل لا يجوز ايقاعها الا بقرار من الوزير المختص وعلى ان يكون القرار مسببا…)([93]) وورد في قرار المجلس المرقم 247/96 الصادر في 8/5/1996 (… ان القرار الصادر بفرض عقوبة العزل كان مشوبا بعيب اخر من العيوب الشكلية وهو وجوب صدوره معللا مسببا…) كما الغى المجلس عقوبة العزل لموظف لعدم التسبيب بقراره المرقم 378/97 الصادر في 19/1/1997.([94])

            ولا يجوز تخويل اختصاص فرض عقوبة العزل لغير من منحه القانون هذه السلطة وفي هذا الشان اصدر مجلس الانضباط العام قراره المرقم 247/96 في 8/5/996 وقد جاء فيه (… وعلى الرغم من ان عقوبة العزل يختص باصدارها الوزير وتكون من سلطاته واختصاصاته الشخصية التي لا يجوز تخويلها لغيره من موظفي وزارته ولا ان يخول غيره بالتوقيع عليها لان الفرع تابع للاصل في الحكم فان هذه العقوبة صدرت بتوقيع رئيس الجامعة وهو غير مختص به…)([95])

            هذا ولم تلق عقوبة العزل قبولا عند جمع من الفقهاء فهناك من يعتقد انها عقوبة غير انسانية وعدها البعض مصادرة لحق العمل ولهذا اوصت الحلقة الثالثة في القانون والعلوم السياسية التي عقدها المجلس الاعلى لرعاية العلوم والفنون والاداب والعلوم الاجتماعية في بغداد عام 1969 بشطب هذه العقوبة.([96])

            وعلى النقيض من هذا الاتجاه يرى البعض انه مبالغ فيه فليس في هذه العقوبة مصادرة لحق العمل اذ يبقى حقه في ذلك مكفولا في القطاع الخاص، كما ان  فرضها لا يكون الا اذا ارتكب الموظف فعلا خطيرا لا يمكن معه استمرار الرابطة الوظيفية لذلك فان من حق الدولة عزله من الوظيفة وتطهير جهازها الاداري من العناصر الفاسدة.([97])

            ونرى بتواضع انه في الوقت الذي لا ينبغي ان ننكر على الادارة حقها في تطهير جهازها الاداري من العناصر الفاسدة من خلال عزل من لا يصلح للوظيفة ينبغي كذلك ان لا ننكر قسوة هذه العقوبة وشدة وقعها على الموظف وعائلته وعليه لابد من التوفيق بين هذين الامرين وهذا يتاتى في تقديرنا من خلال الاتي:

       1.          احاطة هذه العقوبة بضمانات قوية وتحديد حالات فرضها في اضيق نطاق ممكن وعدم اطلاق يد الادارة في فرضها وذلك لان تعسف الادارة في فرض هذه العقوبة قد تكون له انعكاسات على سلوك الموظف وعائلته بسبب العوز مما لا يمكن تداركه حتى لو استطاع الموظف (بعد حين من الدهر) الحصول على حكم بالغاء العزل او قبل ذلك اقناع الادارة بالغاء قرارها او سحبه.

       2.          كخطوة مكملة لما ورد في الفقرة (1) ينبغي عدم ترك الموظف المعزول تتقاذفه تقلبات الواقع بل لابد من مد يد العون له من خلال احالته إلى جهة معينة تتولى امر اعادة تاهيله لاية وظيفة اخرى غير وظيفته السابقة ورفع تقارير دورية عن مستوى تقدمه انقاذا له ولعائلته. وان تصحيح مسار هذا الموظف سينعكس بصورة ايجابية على المجتمع.

       3.          ان لا تودي عقوبة العزل في أي حال من الاحوال إلى حرمان الموظف من حقوقه المكتسبة نتيجة خدمته في الوظيفة كحقه في الراتب التقاعدي او المكافاة او اجازاته المتراكمة وفي الحدود التي نصت عليها قوانين الخدمة المنظمة لها.

المطلب الثالث

اثر الفصل والعزل على بعض حقوق الموظف

        سنلقي الضوء في هذا المطلب على اهم الاثار التي يمكن ان يرتبها كل من الفصل والعزل على بعض حقوق الموظف وذلك بايجاز شديد.

1-الحقوق التقاعدية

            لقد سبق لنا ان لاحظنا ان بعض القوانين نصت على جواز حرمان الموظف المعاقب بالفصل او العزل من المعاش او المكافاة او كليهما بعضا او كلا. كما تبين لنا ان هذه الحقوق لا يجوز مساسها دون نص في القانون، وفي العراق لا يوجد ما يمنع الموظف المفصول او المعزول انضباطيا من استحقاقه الحقوق التقاعدية فضلا عما نصت عليه الفقرة (8) مـن المادة الثالثة من قانون التقاعد المدني رقم 33 لسنة 1966 المعدل من انه ( لا يمنع عزل الموظف او فصله او تركه الخدمة لاي سبب كان عدا الاستقالة من استحقاقه الحقوق التقاعدية مع مراعاة الاحكام الواردة في هذا القانون والقوانين الاخرى).([98]) وبالرجوع إلى نص الفقرة الاولى من المادة الثانية من القانون رقم 19 لسنة 1970.([99]) المعدل بالقانون رقم (18) لسنة 1972([100]) الذي يخفض راتب المفصول او المعزول لعدم النزاهة  او الرشوة او سوء الخلق إلى راتب الدرجة الادنى من راتبه الذي انتهت اليه خدمته نجد ان من يفصل او يعزل انضباطيا لغير الاسباب الواردة فيه لا يشمل بهذا التخفيض وبذلك يكون الاصل هو ان الموظف المفصول او المعزول انضباطيا يستحق حقوقه التقاعدية المنصوص عليها في المادة الثانية من قانون التقاعد المدني رقم 33 لسنة 1966 المعدل باستثناء الحالات التي يرد فيها نص قانوني يفيد بغير ذلك.


2-الحق في العودة إلى الوظيفة

            لا تجوز عودة الموظف إلى وظيفته في حالة العزل لان تنحية الموظف عن الخدمة هنا نهائية بنص القانون اما الموظف المفصول فيجوز اعادته إلى الوظيفة ولكن الادارة غير ملزمة في ذلك كما سبق ان بينا. وهنا نجد من الضروري الزام الادارة باعادة الموظف إلى الوظيفة بانتهاء مدة فصله المحددة بقرار الفصل للاسباب التي سبق ان اشرنا اليها في المطلب الاول من هذا المبحث الا اذا فقد احد شروط التعيين خصوصا وان المشرع قد قرر ذلك([101]) واستقر عليه قضاء مجلس الانضباط العام بالنسبة للموظف المفصول خلال مدة بقائه في السجن حيث يعاد وجوبا إلى الوظيفة بعد خروجه منه الا اذا فقد شرطا من شروط التعيين.([102])

3-حق الموظف في اجازاته المتراكمة.

            يمنح الموظف المنتهية خدمته بتنسيق الملاك او المحال على التقاعد الرواتب الاسمية للاجازات الاعتيادية التي يستحقها كاملة على ان لا تتجاوز مدتها (180) يوما وذلك في غير حالتي العزل والفصل.([103]) وقد تقرر الحكم نفسه فيما يتعلق باستحقاق من يتمتع بالعطلات المدرسية رواتب العطلة الصيفية التي لا تتجاوز (180) يوما.([104]) وبذلك يقف العزل او الفصل حائلا بين الموظف وبين استحقاقه لمبالغ هذه الاجازات.

4-انصاف رواتب الموظف الموقوفة خلال مدة سحب اليد.

            قد تسحب يد الموظف قبل ان تسفر نتيجة التحقيق عن فصله او عزله([105]) وبذلك يتقاضى خلال مدة سحب اليد انصاف رواتبه التي كان يتقاضاها قبل سحب يده وتكون الانصاف الاخرى موقوفة لحين نتيجة التحقيق فاذا اسفرت النتيجة عن فصل الموظف او عزله فلا يدفع له شيء من الرواتب الموقوفة بصرف النظر عما اذا كان الفصل او العزل يستند على قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي او أي قانون اخر([106]). وذلك بشرط ان يكون قرار الفصل او العزل قد استند على تحقيقات اصولية. وقد قضى مجلس الانضباط العام باستحقاق الموظف المفصول لهذه الانصاف من الرواتب لكون الفصل قد وقع  بلا تحقيقات اصولية.([107]) اما انصاف الرواتب التي تسلمها قبل صدور قرار فصله فلا تسترد منه.([108])

5-عدم جواز معاقبة الموظف بعقوبة اخرى عن الفعل نفسه.

            من مقتضيات مبدا شرعية العقوبة الانضباطية عدم جواز فرض اكثر من عقوبة عن ذنب واحد وقد استقر الفقه على اعتبار هذا المبدا عاما يطبق عند غياب النص.([109]) كما استقر قضاء مجلس الانضباط العام على الاخذ به،([110]) ونص عليه قانون الانضباط لسنة 1991.([111])

            ولا تعد معاقبة الموظف جنائيا وتاديبيا عن الفعل الواحد ازدواجا في العقوبة لان الهدف من العقوبة الجنائية ضمان مصلحة المجتمع في حين يهدف العقاب التاديبي ضمان مصلحة الوظيفة العامة كما ان تشديد العقوبة لا يعني فرض اكثر من عقوبة عن فعل واحد.([112])

            ولو امعنا النظر في بعض هذه الاثار وخصوصا ما يتعلق منها بالحقوق التقاعدية للموظف نجد ان القانون يكفل هذه الحقوق لكونها لا تمس شخص الموظف فحسب وانما تمتد اثارها إلى افراد عائلته ولهذا فانها مكفولة في مختلف حالات انهاء الخدمة (عدا الاستقالة) ولا تقتصر على حالات الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية وهذا ما استقر عليه قضاء مجلس الانضباط العام والفقه في العراق كما سبق ان لاحظنا، لا بل ان القانون لا يكتفي بضمان هذه الحقوق فحسب بل يحتسب مدة انهاء العلاقة الوظيفية خدمة لاغراض معينة في بعض الاحيان كما قضى بذلك ديوان التدوين القانوني (مجلس شورى الدولة حاليا) بقراره المرقم 66/1972 في 5/2/1972 حيث عد مدة بقاء المفصولين والمطرودين والمعزولين والمحالين على التقاعد لاسباب سياسية خدمة مستمرة لاغراض الترفيع والتقاعد سواء اكانوا اثناء تلك المدة قد حكموا بالحبس لاسباب سياسة ام لم يحكموا بذلك.([113]) مع ملاحظة عدم احتساب خدمة الموظف الذي يقصى من الخدمة لثبوت عدم توفر شروط التوظيف فيه عند تعيينه لاول مرة.[114]

            اما بعد احتلال العراق في 9/4/2003 فاننا وان كنا لا نريد الخوض في تفاصيل ما حصل في هذه المرحلة لكون البحث في الموضوع الذي نحن بصدده ينصب على الوضع في الظروف الطبيعية وليس الاستثنائية الا اننا وجدنا من المناسب الاشارة إلى قرارات سلطات الاحتلال بانهاء خدمة بعض الموظفين فقد ورد في الفقرة (5) من امر سلطة الائتلاف رقم (2) حول حل الكيانات العراقية (.. ولا يصرف أي معاش لاي شخص ينتمي للحزب كاحد كبار اعضائه..) ثم ورد في الفقرة (6) من الامر نفسه (… ولا يتلقى مثل هذا الشخص أي معاش او أي مبلغ مالي يصرف له عند انهاء خدماته… وسوف يعتبر أي شخص كان يحمل رتبة عقيد او رتبة اخرى تعادلها او تتجاوزها في ظل النظام السابق عضوا من كبار اعضاء البعث الا اذا سعى هذا الشخص لاثبات انه لم يكن منتميا للحزب ولم يكن احد كبار اعضائه…) والملحق المرفق بهذا الامر اورد ذكر (25) كيانا منحلا.([115])

            وعلى الرغم من ان بحثنا ينص على انهاء العلاقة الوظيفية المتمخض عن ارتكاب الموظف جريمة الا اننا وددنا بصدد هذا الموضوع الاشارة إلى ما ياتي:

1. ان هذه القرارات عدت ان كل من كان منتميا لحزب البعث بمستوى معين مجرما يستحق العقاب بغض النظر عما اذا كان ارتكب فعلا او امتناعا يجرمه القانون وقت وقوعه ام لا.

2. رتبت على هذه الجريمة (الانتماء لحزب البعث لمستوى معين)اثارا كان من بينها اقصاؤه من الخدمة دون انتظار حكم القضاء (جنائيا كان ام تاديبيا) لمعرفة ما اذا كان الحكم فيها من النوع الذي تترتب عليه هذه الاثار ام لا.

3. عدت ان كل من كان برتبة عقيد او ما يعادلها او يتجاوزها ينطبق عليه وصف الجريمة المذكورة دون تحديد المراد بعبارة (يعادلها او يتجاوزها) وبقي ذلك خاضعا للاجتهاد.

4. القت على الموظف الموصوف في الفقرة (3) عبء اثبات عدم ارتكابه لهذه الجريمة وبذلك اصبح المبدا المعروف قانونا بان (المتهم برئ حتى تثبت ادانته) مقلوبا إلى ان (المتهم مجرم حتى تثبت براءته) ، رغم ان الاصل في الانسان البراءة.

5. ذهب ضحية هذه القرارات عشرات وربما مئات الالاف من الموظفين الذين لا يمكن ان يكونوا مذنبين جميعا وعليه ينبغي ان يعالج الامر بطريقة قانونية من خلال اعادتهم جميعا إلى وظائفهم ما داموا ابرياء (متهمين) حتى تثبت ادانة من تثبت ادانته منهم وحينئذ تنهي العلاقة الوظيفية لمن يقضي قرار الحكم ذلك بشانه ويمكن للادارة قبل ذلك ان تسحب يد من ترى ان مصلحة التحقيق تقتضي سحب يده وفقا للقانون وليس من خلال انهاء العلاقة الوظيفية للجميع ومن ثم اعادة من يستطيع اثبات براءته.

6. لم يكتف قرار سلطة الائتلاف بانهاء العلاقة الوظيفية لهذا العدد الكبير من الموظفين بل حرمهم من ابسط الحقوق التي استقر القانون (تشريعاً وفقهاً وقضاء) في العراق وفي مختلف العهود على كفالتها ولعل من اهمها حقوقهم التقاعدية كما اسلفنا.

نخلص مما تقدم إلى وجوب تطبيق حكم القانون على الجميع دون استثناء وطالما ان القانون يتضمن قواعد عامة مجردة تكفل مساءلة المجرم عن الجريمة التي ارتكبها لينال جزاءه العادل (بعثيا كان ام غير بعثي) فلا مبرر لهذا العقاب الجماعي لمجرد ان قسما من البعثيين او منتسبي الدوائر المنحلة قد ارتكب جرائم معينة اذ ان ذلك لا ينفي ان يكون غيرهم قد ارتكب بعض هذه الجرائم ومع ذلك لم تنه علاقته الوظيفية في حين يمكن ان يكون من بين من انهيت علاقتهم الوظيفية ابرياء لم يرتكبوا ما يستوجب اتخاذ ما اتخذ بحقهم.

هذا من جهة ومن جهة اخرى فان هذه القرارات تفتقر إلى الاساس القانوني الذي يسندها كونها تتنافى مع مبدا الشرعية لعدم شرعية السلطات التي اصدرتها وهي سلطات الائتلاف (الاحتلال) فضلا عن مخالفتها للمادة (54) من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 التي تقضي بعدم جواز ان تقوم دولة الاحتلال بتغيير حالة الموظفين والقضاة في الاراضي المحتلة او ان توقع عليهم عقوبات او تتخذ ضدهم اجراءات تعسفية، وعليه فان هذه العقوبات تفتقر إلى الشرعية القانونية، ويرى البعض انها تمثل انتهاكا للقانون الانساني الدولي اذ تنص المادة (15) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على انه (لا يدان أي فرد باي جريمة بسبب فعل او امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني او الدولي) في وقت لم تجر اية محاكمة عادلة لاي من الذين انهيت خدماتهم على نحو ما تقدم ووفقا لما تحدده المادة (14) من العهد المذكور ، كما ان حل مؤسسات معينة (لا يمكن ان تقوم دولة بدونها) يكون من حق حكومة شرعية (منتخبة بموجب دستور مصادق عليه من جمعية تاسيسية منتخبة بصورة مباشرة) وهي التي يمكنها حينئذ تطهير هذه المؤسسات من العناصر الفاسدة لا سلطة الاحتلال.([116])

 



([1]) لم يعرف المشرع في فرنسا ومصر والعراق العقوبة الانضباطية وقد اورد الفقه تعريفات يمكن ان نستخلص منها ان العقوبة الانضباطية لا تمس في الاصل سوى الحقوق والمزايا الوظيفية وقد يكون المساس جزئيا كالخصم من المرتب او كليا كالفصل كما قد يكون مؤقتا او مؤبدا. د.عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد/ تاديب الموظف العام في مصر/ مصدر سابق ص113-115.

([2]) المادة (8/سابعا) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991.

([3]) المادة (8/ثامنا) من القانون نفسه.

([4]) محمود مجدي ابو النعاس/ حول تاديب الموظف العام/ الحلقة 3 من بحث منشور في مجلة الادارة العامة/ العدد التاسع عشر/ السعودية 1976 ص12. وحكم المحكمة الادارية العليا في مصر الصادر في 4/5/1991 (في الطعن 3619). نقلا عن د.عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد/ تاديب الموظف العام في مصر/ مصدر سابق ص123.

([5]) د. محمد فريد الزهيري/ الرقابة القضائية على التناسب في القرار الاداري/ رسالة دكتوراه/ جامعة المنصورة 1989 ص204.

([6]) المادة (80) من قانون العاملين المدنيين بالدولة المصري رقم 47 لسنة 1978.

([7]) المادة (82/4) من قانون العاملين المدنيين بالدولة المصري رقم 47 لسنة 1978.

([8]) المادة (73) من نظام القضاء في المملكة العربية السعودية رقم م/64 الصادر في 14/7/1395هـ.

والمادتان (19و 20) من قانون تنظيم القضاء الكويتي رقم 19 لسنة 1959 المعدل بالقانونين رقم 12 لسنة 1965 ورقم 8 لسنة 1971. مجموعة التشريعات الكويتية /ادارة الفتوى والتشريع / الجزء الاول/ 1979.

([9]) د. غازي فيصل مهدي/ النظام التاديبي للموظف العام/ محاضرته بتاريخ 13/3/2002 ضمن محاضراته على طلبة الماجستير في كلية القانون/جامعة بغداد للعام الدراسي 2001-2002.

([10]) الاستاذ محمود مجدي ابو النعاس/ مصدر سابق ص16.

([11]) د. غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون انضباط موظفي الدولة… / مصدر سابق ص57.

([12]) د. علي جمعة محارب/ التاديب الاداري في الوظيفة العامة/ دراسة مقارنة / رسالة دكتوراه/ جامعة عين شمس 1986 ص871.

([13]) المصدر نفسه ص288.

([14]) المادة (19) من القانون.

([15]) المادة (18) من القانون.

([16]) د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص288.

([17]) المصدر نفسه ص250.

([18]) المصدر نفسه ص253.

([19]) المصدر نفسه ص254 و ص255.

([20]) الغى مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في 17/11/1982 قرار عزل موظف لعدم تسببه. منشور في Cahiers de la fonction publique N.5 fevrier, 1985, p.15. نقلا عن د. غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون…/ مصدر سابق ص75.

([21]) د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص255.

([22]) د. وهيب عياد سلامة/ مصدر سابق ص23. مسترشدا بنص الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من المرسوم رقم 159 الصادر في 3/2/1955 حيث جاء فيه (لا يجوز ان يكون الفصل التاديي محلا لاخطار او تعويض).

([23]) الحكم مشار اليه لدى محمد رشوان احمد/اصول القانون التاديبي/ ط1/ مطبعة وهدان التجارية/ القاهرة 1960 ص121.

([24]) المادة (30) من الامر الصادر بالمرسوم 244 في 4/2/1959. منشور في كراس صادر من الجامعة العربية/منشورات الجامعة/ترجمة كمال نور الله 1971.

([25]) د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص247.

([26]) د. مصطفى عفيفي/ فلسفة العقوبة التاديبية واهدافها/ دراسة مقارنة/ القاهرة 1976 ص316.

([27]) د. عبد الفتاح حسن/ السلطة المختصة بالتاديب في التشريع المقارن/ بحث منشور في مجلة العلوم الادارية/ العدد الاول/ السنة السابعة/ نيسان 1965 ص40.

([28]) Stephen, Henry John “Commentaries on the laws of  England” 21st editionVol.3 London, Butter Worth. 1950 P.409.

([29]) G.A. Campbell, the civil service in Britain, the Whitefrars press LTD. London and Tonbridge 1954 p.286.

([30]) O. Glenn stahl, public personal administration, Harber and Rew publishers, New York. Evanston and London 1962 p.371.

 

([31]) Brian Chapman, the profession of government, Gorge Allen and Unwin Ltd, London, 1959, p.160-161.

([32]) حسن الحلبي/ الخدمة المدنية في العالم/ منشورات عويدات/ بيروت-باريس/ ط2/ 1983 ص306.

([33]) د. عبد الفتاح حسن/ السلطة المختصة بالتاديب في التشريع المقارن/ مصدر سابق ص20.

([34]) محمد رشوان احمد/ مصدر سابق ص10.

([35]) لمزيد من التفاصيل راجع د.عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد/ تاديب الموظف العام في مصر/ مصدر سابق ص88 وما بعدها.

([36]) د. محمد جودت الملط/ مصدر سابق ص325.

([37]) د. مصطفى عفيفي/ مصدر سابق/ ص316.

([38]) د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد/ تاديب الموظف العام في مصر /مصدر سابق ص216.

([39]) المصدر نفسه ص216. ونشير إلى ان عقوبة الفصل لم يكن منصوصا عليها في القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي نص علي عقوبة العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش او المكافاة او مع الحرمان من كل او بعض المعاش او المكافاة في حين نص عليها القانون رقم 46 لسنة 1964 على النحو الذي سبق بيانه. اما القانونان رقم 58 لسنة 1971 ورقم 47 لسنة 1978 فقد نص عليهما دون الاشارة إلى المرتب او المعاش، ويرى البعض في ذلك موقفا سليما حتى يكون امام سلطة التاديب مجال واسع للتقدير والملاءمة في ضوء ظروف الجريمة الانضباطية والموظف والعمل وذلك في حدود قوانين التامينات الاجتماعية والمعاشات. د.علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص427-428.

([40]) د. ماجد راغب الحلو/ القانون الاداري الكويتي…/ مصدر سابق ص265.

([41]) المصدر نفسه ص286-287.

([42]) المادة (80/11) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.

([43]) من العقوبات الاخرى التي يمكن فرضها على الموظف من غير شاغلي الدرجات العليا بمقتضى المادة 61 من قانون 1946 والمادة (80) من قانون 1978 (الخصم من المرتب، تاجيل استحقاق العلاوة، الحرمان من العلاوة، الوقف عن العمل).

([44]) المادة (80/2) من قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978.

([45]) د. ماجد راغب الحلو/ القانون الاداري الكويتي…مصدر سابق  ص265.

([46]) لمزيد من التفاصيل حول هذه الاراء راجع:

-          د. سليمان محمد الطماوي/ القضاء الاداري /الكتاب الثالث/ قضاء التاديب/ دراسة مقارنة/ دار الفكر العربي 1987/ مصدر سابق ص316.

-          د. منصورؤ ابراهيم العتوم/ مصدر سابق/ ص182.

-          د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص428-429.

-          د. محمد مختار محمد عثمان/ مصدر سابق ص435-436.

([47]) د. غازي فيصل مهدي/ محاضرته لطلبة الماجستير في 13/3/2002/ مصدر سابق.

([48]) د. حمدي امين عبد الهادي/ الخدمة المدنية في الدول العربية/ ج1/ط1/ مطبعة المعارف/ بغداد 1970 ص208-209

([49]) الاستاذ محمود مجدي ابو النعاس/ مصدر سابق ص19-20.

([50]) د. ماجد راغب الحلو/القانون الاداري الكويتي…/ مصدر سابق ص264-265.

([51]) المادة (60/2) من قانون الخدمة المدنية الكويتي رقم 15 لسنة 1979.

([52]) د. مسطفى عفيفي ود.بدرية جاسر صالح/ مصدر سابق ص197.

([53]) د. حمدي امين عبد الهادي/ مصدر سابق ص194.

([54]) و (5) المصدر نفسه ص201.

([55]

([56]) وهو المسلك ذاته الذي سار عليه المشرع المصري والكويتي كما اسلفنا وقد تمت الاشارة إلى بعض الماخذ على هذا المسلك في المطلب الثاني من هذا المبحث.

([57]) حسن عبد الله ال الشيخ/ التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية/ط1 /تهامة للنشر والمكتبات/جدة 1403هـ-1983م ص79.

([58]) المصدر نفسه ص81.

([59]) المصدر نفسه ص61.

([60]) دراسة بعنوان حماية حقوق الانسان في الاجراءات الجنائية والتنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية قدمها الوفد السعودي إلى اجتماعات الدورة (15) للجنة العربية لحقوق الانسان التي عقدت بالقاهرة بين 26 و30/1/2001 ص62.

([61]) د. محمد زهير جرانه/ عزل الموظف في النظام الاداري العراقي/ بحث منشور في مجلة القضاء/ السنة الثالثة/ العددان الاول والثاني/ مايس 1936 ص119.

([62]) فاروق الكيلاني/ استقلال القضاء/ ط1/ دار النهضة العربية/ القاهرة 1977 ص134.

([63]) ضياء عبد الرحمن احمد عثمان/ النظام التاديبي لاعضاء السلطة القضائية في اليمن، دراسة مقارنة/ رسالة ماجستير/ جامعة بغداد 2001 ص44.

([64]) المادة الرابعة من القانون / منشور في مجموعة القوانين والانظمة لعام 1929/ وزارة العدلية/مطبعة الحكومة/ بغداد ص100.

([65]) الفقرة (أ) من المادة السادسة من القانون/ منشور في الوقائع العراقية/ العدد 1513 في 9/5/1939.

([66]) المادة (8/سابعا وثامنا) من القانون.

([67]) ورد ذكر هذه العقوبة في قوانين التطهير الحكومي التي صدرت بين 1958 و 1967.

([68]) الفقرة (1) من المادة الحادية عشرة من القانون.

([69]) منشور في مجلة ديوان التدوين القانوني/ العدد الثاني/ السنة الثانية/ حزيران 1963 ص166.

([70]) الفقرة (2) من المادة الحادية عشرة من القانون.

([71]) د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص631.

([72]) الفقرة (أ) من المادة الرابعة والثلاثين والفقرة (أ) من المادة الخامسة والثلاثين من القانون.

([73]) الفقرة (2) من المادة الحادية والثلاثين من القانون.

([74]) المادة (10) من القانون رقم 14 لسنة 1991.

([75]) المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1936.

([76]) د. محمد زهير جرانة/ عزل الموظف في النظام الاداري العراقي/ مصدر سابق ص117.

([77]) تعريف العزل الوارد في الفقرة (1) من المادة الثانية عشرة من قانون الانضباط رقم 69 لسنة 1936 والمادة (8/ثامنا) من قانون الانضباط رقم 14 لسنة 1991.

([78]) المادة الرابعة من القانون.

([79]) المادة الرابعة عشرة من القانون.

([80]) د. محمد زهير جرانه/ عزل الموظف في النظام الاداري العراقي/ مصدر سابق ص120.

([81]) المادة الاربعون من القانون رقم 41 لسنة 1929.

([82]) د. محمد زهير جرانة/ عزل الموظف في النظام الاداري العراقي/ مصدر سابق ص126.

([83]) الفقرة (1) من المادة الثانية عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1936.

([84]) المادة (8/ثامنا) من القانون رقم 14 لسنة 1991.

([85]) يقابله نص البد (1) من الفقرة (2) من المادة الثانية عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1936 (اذا ثبت ارتكابه ذنبا خطيرا يجعل بقاءه في الخدمة مضرا بالمصلحة العامة).

([86]) قضى مجلس الانضباط العام في قراره المرقم 9/2000 الصادر بتاريخ 19/1/2000 بان قيام الموظف باتهام المدير العام وبعض الموظفين واللجنة الحزبية بالتكتم على بعض الامور وافشاء الاسرار الوظيفية يعد فعلا خطيرا يستوجب عقوبة العزل. د.غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي…/ مصدر سابق ص58.

([87]) يقابله نص البند (3) من الفقرة (2) من المادة الثانية عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1936 (اذا حكم عليه بعقوبة جناية غير سياسية او بعقوبة جنحة مخلة بالشرف).

([88]) يقابله نص البند (2) من الفقرة (2) من المادة الثانية عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1936 (اذا حكم عليه بالفصل بموجب احكام هذا القانون واعيد استخدامه فارتكب ذنبا اخر يستوجب فصله). راجع كذلك قرار مجلس الانضباط العام رقم 52/49 في 11/6/1949 الذي ورد فيه (..ولما كان قد ثبت لهذا المجلس ان ف. قد فصل من الخدمة مرتين قرر عزله من الوظيفة اعتباراً من تاريخ انفكاكه…). مجلة القضاء/ العدد الثاني والثالث/ السنة السابعة/ تشرين الثاني 1949 ص160-161.

([89]) د. غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون انضباط موظفي الدولة…/ مصدر سابق ص59.

([90]) مشار اليهما لدى د.غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون …/ مصدر سابق ص56.

([91]) المادة (8/ثامنا) من القانون رقم 14 لسنة 1991.

([92]) منشور لدى علي محمد جودت اليعقوبي/ قضاء الموظفين المدنيين في العراق/رسالة ماجستير/ كلية القانون/ جامعة بغداد 2001 ص78.

([93]) منشور في المصدر نفسه ص84.

([94]) القراران مشار اليهما في المصدر السابق نفسه ص84.

([95]) منشور في المصدر نفسه ص75 وقد سبقت الاشارة اليه.

([96]) لمزيد من التفاصيل راجع د.علي جمعة محارب / مصدر سابق ص428-429 و د.غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون انضباط…/ مصدر سابق ص59.

([97]) د. غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي… /مصدر سابق ص59.

([98])منشور في الوقائع العراقية/ العدد 1259 في 19/6/1966.

([99])منشور في الوقائع العراقية / العدد 1839 الصادر في 11/2/1970.

([100]) منشور في الوقائع العراقية/ العدد 217 الصادر في 13/7/1972 وهناك تعديل اخر لهذا القانون حصل بالقانون رقم 138 لسنة 1973 وعد نافذا باثر رجعي منذ نفاذ القانون رقم 19 لسنة 1970 ولكنه لم يمس جوهر موضوعنا.

([101]) قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 997 في 30/7/978.

([102]) قرارا المجلس رقم 420/87/88 في 27/3/988 ورقم 550 /88 في 20/7/988. اشار اليهما د.غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون…/ مصدر سابق ص55.

([103]) الفقرة (1) من المادة الخامسة والاربعين من قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل.

([104]) الفقرة (2) من المادة نفسها.

([105]) المادتان 16و17 من قانون الانضباط رقم 14 لسنة 1991.

([106]) المادة (19/اولا) من القانون رقم 14 لسنة 1991.

([107]) قرارا مجلس الانضباط العام رقم 16/65 في 13/2/965 المنشور في مجلة ديوان التدوين القانوني/ ع1و2/س4/ك1 1965 ص211 ورقم127/66 في 14/6/1966، المنشور في مجلة ديوان التدوين القانوني /ع1/ص9 973 ص100.

([108]) المادة (17/ثانيا) من القانون رقم 14 لسنة 1991.

([109]) د. غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون/ مصدر سابق ص60.

([110]) قرار مجلس رقم 21/65 في 17/2/965. مجلة ديوان التدوين القانوني ع1و 2/س4/ك1 1965 ص213.

([111]) المادة (20) من القانون.

([112]) د. غازي فيصل مهدي/ شرح احكام قانون…/ مصدر سابق ص61.

([113]) اشار اليه في علي محمد ابراهيم الكرباسي/ الوظيفة العامة في احكام قوانين الخدمة المدنية -التقاعد الملاك- الانضباط/ الخدمة المدنية (شرح وتعليق) / دار الحرية للطباعة /بغداد 1988 ص113.

[114] المادة (الثانية والستون) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل.

([115]) القرار منشور في الوقائع العراقية /العدد 3977 في 17/6/2003. وقد صدرت بعد ذلك قرارات صرفت بموجبها منح ورواتب لبعض هذه الفئات واعيد البعض إلى الخدمة دون ان تشملهم جميعا.

([116]) اديب الجادر/ الاوضاع الراهنة لحقوق الانسان في العراق/ مقال منشور في صحيفة العرب الاسبوعية/ العدد 14 الصادر في 31/3/2004 ص5.

0 تعليق:

إرسال تعليق