المقدمة :
الحفاظ على التوازن الاقتصادي لبلد ما يفرض حتما العمل بقواعد حازمة وتطبيق عقوبات ردعية صارمة تتعدى في أهدافها مجرد اكتشاف المخالفات وقمعها إلى ضمان استقرار المعاملات التجارية في إطار منافسات شريفة وشرعية ،هذه الاعتبارات بكل أبعادها المتوخاة تلقى على عاتق أعوان الدولة وممثليها المضطلعين بهذه المهام مسؤوليات جسام تتطلب تظافر الجهود والعمل وفق استراتيجية واضحة ومتكاملة المراحل،ذلك بالتنسيق بين أجهزة الدولة، ممثلة في سلطاتها الثلاث: التشريعية، التنفيذية والقضائية.
تداعيات التوجه الاقتصادي الذي عرفته الجزائر بانفتاحها على السوق الدولية واقتران ذلك بتعديل قانون الجمارك القديم رقم 79/07 المؤرخ في 21_06_1979 بالقانون رقم 98/10 المؤرخ في 22_08_1998 بما يستجيب والاعتبارات الراهنة للسياسة المالية والاقتصادية للدولة جعلت إدارة الجمارك بمختلف مصالحها كواجهة تعكس مدى إمكانية مواكبة مختلف الرِّهانات والتحولات قصد محاولة استئصال جذور الجريمة الجمركية بكل مظاهرها الماسة بالمصلحة الوطنية، لكن ما استشفيناه هو أن هذا التحول في حد ذاته أفرز ظواهر وسلوكات جديدة تسعى لاستغلال الثغرات الموجودة في النظام القانوني للحصول على الكسب السريع والثراء غشاً واحتيالاً، رغم أن التشريع الجمركي لجأ إلى فرض ضوابط لرقابة حركة البضائع وتنقلها في المناطق التي توصف بالهامة والاستراتيجية خاصة تلك الحدودية- لكونها الأكثر عرضة للنشاط الإجرامي- عن طريق جعلها نطاقا جمركيا تخضع لقواعد قانونية وتنظيمات أكثر شدة عن تلك المطبقة في باقي مناطق الإقليم.
وإذا كانت تبسة كنطاق جمركي بري بما تحمله من خصائص تجعلها من أهم الولايات الحدودية التي تطفى بعض رواسب الإشكالات التي يثيرها تطبيق القانون الجمركي فإننا تحمّسنا لفكرة إختيارها كعينة للدّراسة أثناء تدريبنا الميداني بمجلسها القضائي لأجل الوقوف على أهم تلك الإشكالات بملامسة ذلك بهذه المنطقة لدرجة أن راهنا على العمل الجماعي لإنجاز هذه الدراسة المتواضعة في وقت قياسي وفي ظروف جد صعبة ترجع لقلة المراجع في المادة الجمركية من جهة، ولصعوبة الحصول على النصوص التشريعية والتنظيمية، المتفرقة في مختلف الإدارات والمصالح من جهةأخرى، وعليه فإنه بعد احتكاكنا بالواقع العملي سواء في الميدان القضائي أو على مستوى الإدارة الجهوية للجمارك بتبسة، ومصالحها المتواجدة على الشريط الحدودي ازددنا قناعة بأن الهدف من إعداد مذكرات التخرج يسمو في جوهره إلى هدف نبيل يتمثل في زرع روح البحث والتفكير في نفس قضاة المستقبل مع تعويدهم على الاطلاع ومواكبة الجديد مع الاجتهاد و التصدي لما يطرأ عليهم من اشكالات يتسنى لهم معا لجتها وفق ذلك في أطرها القانونية درءً ا لتفشي الآلية والركود في هذا الجهاز الجدّ حساس والذي هو الأكثر حاجة للدّيناميكية والتواصل.
فبما أن نجاح السياسة التشريعية مرهون بالنتائج المتحصّل عليها من خلال التطبيقات يتعيّن متابعة هذه العملية ومسايرتها ميدانيابما يضمن بلوغ الهدف من هذه التشريعات والأنظمة ولا يتأتى ذلك إلا بتوسيع وتدعيم دائرة البحث والدّراسة والتحليل بهدف استيفاء الحلول المناسبة لكل ما يقف عائقا حائلا وبلوغ الأهداف المنشودة.
ومحاولة منّا للمشاركة في عملية إثراء هذه البحوث بما يلفت انتباه المشرِّع إلى ما يكون قد سهى عنه من إدراج لبعض تلك الحلول في تنظيمه للنطاق الجمركي ،حرصنا على أن يشتمل عملنا هذا على رؤى قانونية و عملية استقيناها من خلال معاينتنا لأهم الإشكالات التي تواجهها مختلف المصالح المتدخلة في مكافحة الجريمة الجمركية أثناء أدائها لمهامها وفقا لمِا سيرِد تفصيله و تبيانه من خلال التطرق للنقاط التالية:
محدودية وسائل مكافحة الجريمة الجمركية في النطاق الجمركي البري
(منطقة تبسة)
الخطـــة
المقدمة
الفصل الأول :
محدودية وسائل مكافحة الجريمة الجمركية في النطاق الجمركي البري (منطقة تبسة)
المبحث الأول : مفهوم النطاق الجمركي وكيفية رسمه في ولاية تبسة
المطلب الأول : مفهوم النطاق الجمركي
المطلب الثاني : رسم النطاق الجمركي في ولاية تبسة
المبحث الثاني : عدم التوازن بين حجم الجرائم الجمركية المرتكبة في ولاية تبسة
وآليات مكافحتها
المطلب الأول : عدم كفاية الوسائل المادية والبشرية
المطلب الثاني : نقص فعالية جهازي المكافحة والردع
الفصل الثاني :
صعوبة مراقبة تنقل البضائع وحيازتها في النطاق الجمركي البري (منطقة تبسة)
المبحث الأول : البضائع الخاضعة لرخصة التنقل
المطلب الأول : إستغلال حالات الإعفاء من رخصة التنقل للتحايل على القانون
المطلب الثاني : نسبية فعالية رخصة التنقل
المبحث الثاني : البضائع المحظورة والخاضعة لرسم مرتفع
المطلب الأول : إنعدام قائمة خاصة بالبضائع المحظورة
المطلب الثاني : تعقيد عملية تحديد البضائع الخاضعة لرسم مرتفع
الخاتمة
الفصل الأول
محدودية وسائل مكافحة الجريمة الجمركية في النطاق الجمركي البري
(منطقة تبسة).
التطورات السياسية والاقتصادية الحاصلة في العالم اليوم تحتم على الجزائر التفكير في إعادة تنظيم مؤسساتها وتدعيمها بما يسمح لها بمواكبة هذه التطورات، سيما في المجال الجمركي أين تضطلع إدارة الجمارك بمهام أساسية تتجسد في تأمين موارد مالية هامة لصالح الخزينة العمومية، كما تقف حائلا دون الإضرار بالسياسة الاقتصادية للدولة أو المساس بالمصلحة العليا للوطن.
يتعزز هذا الدور في الامتيازات التي تتمتع بها إدارة الجمارك أمام القضاء وصرامة الإجراءات المتخذة في المجال الجمركي، حيث خص المشرع الجزائري بعض المناطق البرية والبحرية بتنظيمات أكثر شدة نظرا لما تتسم به من خصوصيات جغرافية تجعلها مستهدفة من طرف محترفي النشاط الإجرامي، ويتحدد تطبيق هذه التشريعات والتنظيمات وفقا لأطر تم رسمها وتحديدها قانونا وبإعمال وسائل مادية وبشرية يتوخى فيها ملائمة الأهداف المسطرة لذلك وتحقيق النتائج المبتغاة عن طريق العمل المنسق والمتكامل مع مختلف الأجهزة والإدارات على المستوى المحلي أو الدولي.
لكن ما تلمسناه واقعيا في منطقة تبسة والتي تم تحديدها بمقتضى مقرر صادر عن المدير العام للجمارك كنطاق جمركي بكاملها (المبحث الأول) إلا أن الوسائل المادية والبشرية المخولة لمكافحة الإجرام الجمركي فيها لا تتناسب وحجم النشاط الإجرامي الذي تعرفه المنطقة (المبحث الثاني).
المبحث الأول
مفهوم النطاق الجمركي.
لا يزال يؤخذ على التشريعات و الأنظمة الجمركية جمود نصوصها و عدم تطورها إذ ينطوي قانون الجمارك على ثغرات عديدة تحد من فعاليته وتشل أحكامه .
فخرق القيود الجمركية يؤدي إلى إتشار الجريمة الجمركية بما فيها التهريب الذي يعرف على مستوى الإقليم الجمركي أو النطاق الجمركي.
وبما أن محور دراستنا يرتكز حول النطاق الجمركي البري (منطقة تبسة)سنتطرق إلى مفهوم النطاق الجمركي البري في ولاية تبسه(المطلب الأول)و إلى رسم النطاق الجمركي البري لولاية تبسه (المطلب الثاني).
المطلب الأول
مفهوم النطاق الجمركي.
للوقوف على مفهوم النطاق الجمركي في هذه المنطقة لابد أن نشير إلى نشأته والتعريف به (فرع أول) في هذه المنطقة مع إعطاء تقسيم له وأهمية تواجده (فرع ثان).
الفرع الأول : نشأة وتعريف النطاق الجمركي.
1-نشأته :
قانون الجمارك الجزائري مستمد من القانون الفرنسي في أحكامه خاصة فيما يتعلق بتلك المطبقة في النطاق الجمركي، إذ ظل التشريع الجمركي في فرنسا غامضا في القرن الأول من انفصالها عن روما رغم أنه يسود الإعتقاد بأنه إستمر تطبيق القوانين الرومانيةفي فرنسا إلى غاية القرون الوسطى، حيث أصبحت الرسوم الجمركية في عهد الاقطاعيين تفرض من طرف النبلاء -لمصلحتهم الخاصة- بأن يلجأ كل نبيل لفرض رسوم جمركية على البضائع المستوردة إلى مقاطعته أو المصدرة منها، فضلا عن الرسوم التي كانت تفرض على البضائع نفسها حال دخولها الأراضي الفرنسية أو خروجها منها.
و بقي الوضع على ما ذكر من عدم الاستقرار والغموض في التشريع الجمركي حتى زوال نفوذ الإقطاعيين في القرن السابع عشر، أين تعمم تطبيق هذا التشريع في جميع أرجاء المملكة الفرنسية وبذلك إقتصر إستيفاء الرسوم الجمركية على الحدود الخارجية .
وقد كانت للثورة الصناعية في اوربا والاختراعات الهامة التي تبادرت المنافسات إلى إبرازها من الأثر ما منح إتجاها جديدا لمقاصد ومفاهيم الضريبة الجمركية بأن بدأت تكتسي طابعا اقتصاديا من أجل تشجيع الصناعات الوطنية وحمايتها من منافسة الصناعات الأجنبية المماثلة لها(1).
وبذلك لجأت الدولة الفرنسية إلى توحيد الأحكام الجمركية المطبقة في أراضيها قصد تعزيز مكانتها السياسية والإقتصادية، فأزالت الحواجز الداخلية وعملت على تمديد النطاق الجمركي سواء في المناطق البرية أو البحرية،فالنطاق الجمركي البري يتحدد وفقا لما ذكرته المادة 44 من القانون الجمارك الفرنسي بـ 20 كلم إلى الداخل مع إمكانية تعديله من قبل وزير المالية إلى غاية 60 كلم لدواعي مكافحة التهريب،وعلى هذا الأساس أصدر وزير المالية قرار بتاريخ 12 أفريل 1969 مدد فيه النطاق الجمركي البري إلى مسافة 60 كلم بالنسبة لجميع الحدود البرية.
2-تعريف النطاق الجمركي:
لإعطاء صياغة شاملة لتعريفه نجمع بين الجانبين الفقهي و القانوني.
أ- من الناحية الفقهية :
النطاق الجمركي هو عبارة عن مساحة محددة من قبل المثرع داخل حدود الدولة تملك فيها إدارة الجمارك امتيازات خاصة وصلاحيات واسعة من رقابة وتفتيش واقامة مركز الحراسة والكمائن(2).
ب-من الناحية القانونية :
ورد تعريف النطاق الجمركي في قانون الجمارك الجزائري رقم 90/07المؤرخ في 26 شعبان 1399 الموافق ل 21 يوليو 1979 المعدل والمتمم بموجب قانون رقم 98/10 المؤرخ في 20ربيع الثاني 1419 الموافق ل22 أغسطس 1998ضمن الفصل الثالث تحت عنوان تنظيم ادارة الجمارك وسيرها من القسم الأول بعنوان مجال عمل إدارة الجمارك من المادة28 من قانون الجمارك والتي تنص: "…وتنظم منطقة خاصة للمراقبة على طول الحدود البرية والبحرية وتشكل هذه المنطقة النطاق الجمركي".
وما أثار إنتباهنا بعد تعرضنا للمفهوم القانوني للنطاق الجمركي هو أن المشرع قد أورد تعريفه في نص المادة 28 من قانون الجمارك بينما بالرجوع إلى الفصل الأول من هذا التشريع وتحت عنوان: مجال تطبيق قانون الجمارك في القسم الأول منه المتضمن أحكام عامة، نجد أنه قد ضمن المادة الخامسة تعريف عدة عبارات منها: المسافر،البضائع… ولم يتناول تعريف النطاق الجمركي ضمنها،بل تناوله ضمن القسم الأول تحت عنوان:مجال عمل إدارة الجمارك من الفصل الثالث تحت عنوان: تنظيم عمل إدارة الجمارك وسيرها،وعليه يثور التساؤل حول المغزى من تأخير المشرع لتعريف النطاق الجمركي إلى غاية المادة 28 من قانون الجمارك،فإذا كان ذلك يرجع لخصوصية النطاق الجمركي فإننا نرى بأن تناوله ضمن المادة الخامسة يبرز أهميته أكثر ثم يتعزز ذلك لاحقا،أما إذا كان ذلك يرجع إلى أغراض أخرى يصبو إليها المشرع فمن الأجدر أن يورد ما يزيل هذا الغموض ويفصح عن أهدافه المرجوة كي يسهل التطبيق الأمثل لهذه النصوص.
الفرع الثاني : تقسيم وأهمية وجود النطاق الجمركي.
لقد خول المشرع داخل حدود الدولة لإدارة الجمارك صلاحيات واسعة لمراقبة مساحه محددة وإخضاعها إلى إدارة الجمارك تهدف من خلالها إلى قمع كل محاولة للدخول إلى النطاق الجمركي الذي ينقسم إلى منطقة بحرية ومنطقة برية وهذا لأغراض محددة نتطرق لها لاحقا.
1-تقسيمه :
يشمل النطاق الجمركي حسب المادة 29 من قانون الجمارك منطقة بحرية وأخرى برية(1).
أ-المنطقة البحرية :
تتكون من المياه الإقليمية والمنطقة المتاخمة لها والمياه الداخلية.
المياه الإقليمية : حددها المرسوم رقم 63-403 المؤرخ في 12/10/1963.
بـ 12 ميل بحري يبدأ من الشاطئ حسب ما هو معمول به في الاتفاقيات والأعراف الدولية.
وأما الداخلية فهي تقع بين خط الشاطئ في الساحل والخط القاعدي للبحر الاقليمي في عرض لبحر.
تشمل المياه الداخلية على وجه الخصوص المراسي والموانئ والمستنقعات المالحة التي تبقى في اتصال مع البحر.
وأما المنطقة المتاخمة للمياه الاقليمية فهي منطقة تقع وراء البحر الإقليمي أي تبدأ من بعد 12 ميل بحريا.
ب-المنطقة البرية :
حسب ما جاء في المادة 29 من قانون الجمارك فإن المنطقة البرية من النطاق الجمركي تمتد على الحدود البحرية من الساحل إلى خط مرسوم على بعد 30 كلم منه وعلى الحدود البرية من حد الإقليم الجمركي إلى خط مستقيم على بعد 30 كلم.
2-تسهيلا لقمع الغش يمكن عند الضرورة تمديد عمق المنطقة البرية من ثلاثين (30) كلم إلى غاية ستين(60) كلم.
غير أنه يمكن تمديد هذه المسافة إلى أربع مائة(400) كلم في ولايات تندوف وأدرار وتمنراست.
3-تقاس المسافات على خط مستقيم.
تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة بقرار وزاري مشترك بين الوزراء المكلفين بالمالية والدفاع الوطني والداخلية.
إن المادة 29 من قانون الجمارك قد حصرت النطاق الجمركي البري لمسافة معينة، حددت بـ 30 كلم لقمع الغش تمدد إلى 60 كلم. غير أنه ومما لاشك فيه أن ارتكاب أي مخالفة لقواعد قانون الجمارك على مستوى النطاق الجمركي البري فيها غش للدولة سواء كان ذلك عن طريق التهريب خارج المكاتب الجمركية أو داخلها.
فتطبيقات قانون الجمارك في المنطقة الجمركية البرية يفرز عدة إشكالات خاصة في منطقة تبسة التي نحن بصدد دراسة نطاقها الجمركي البري.
2-أهمية جعل منطقة تبسة نطاق جمركي :
قبل التطرق إلى أهمية جعل ولاية تبسة بكاملها نطاق جمركي يجدر بنا كدارسين للمنطقة أن نعرف بها أولا كولاية من عدة نواحي لنخلص إلى كونها نطاق جمركي.
تقع ولاية تبسة على الحدود الشرقية للجزائر (ملحق رقم 01) ومساحتها 13878 كلم2 يحدها شرقا الجمهورية التونسية على شريط حدودي طوله حوالي 320 كلم غربا ولاية أم البواقي وولاية خنشلة جنوبا ولاية الوادي وشمالا ولاية سوق أهراس، يبلغ عدد سكانها 570123 نسمة وتشكل من 12 دائرة و 28 بلدية.
فبالنظر إلى موقعها الجغرافي المناسب الذي يميزه شريط حدودي شاسع يتجاوز 320 كلم تتوزع عبرها عدة مكاتب جمركية، لمراقبة حركة البضائع والمسافرين.
وفيما يخص الجانب القضائي فإن بولاية تبسة مجلس قضائي.أنشيء بموجب الأمر 74/73 المؤرخ في 12/07/1974 المتضمن إحداث مجالس قضائية ويضم 04 محاكم
وهي :
محكمة الشريعة وتبعد عن مقر المجلس بحوالي 45 كلم.
محكمة العوينات وتبعد عن مقر المجلس بحوالي 60 كلم.
محكمة بئر العاتر وتبعد عن مقر المجلس بحوالي 95 كلم.
محكمة الكويف وتبعد عن مقر المجلس بحوالي 24 كلم.
وللمجلس مؤسسة واحدة لإعادة التربية تقع وسط ولاية تبسة إلى جانب مؤسستين في طور الإنجاز بالشريعة والحمامات.
بعد هذه النبذة الموجزة عن ولاية تبسة، نتطرق إلى أهمية جعلها نطاق جمركي بنسبة 100 %.وتعود أهمية هذا التمديد لمحاولة الحد من الغش الجمركي عن طريق المراقبة والتفتيش.
ولكي يتسنى لموظفي إدارة الجمارك ضبط البضائع المهربة، كان لابد من توسيع مساحة النطاق الجمركي في ولاية حدودية كولاية تبسة.
ومفاد ذلك أن تخطي الحدود بغير استيفاء الشروط المحددة وضبط البضاعة داخل النطاق الجمركي البري في ولاية تبسة يشكل قرينة كافية على تهريب البضاعة.
المطلب الثاني
تمديد ورسم النطاق الجمركي البري (في ولاية تبسة) :
لتنظيم مجال ما لا بد من تعيينه ورسم معالمه وإبرازاها كي يتسنى ضبطه بنصوص قانونية قابلة للتطبيق لذلك فإنه لما تم النص على الأحكام المنظمة للنطاق الجمركي البري بمنطقة تبسة أستكمل ذلك بتمديد ورسم هذا النطاق بدقة على إعتبار أنها تعد بكاملها نطاقا جمركيا وعلى هذا الأساس سنتطرق للوسائل القانونية لتمديد النطاق الجمركي(الفرع الأول) وكذا رسمه (الفرع الثاني).
الفرع الأول : الوسائل القانونية لتمديد النطاق الجمركي
1-تمديد النطاق الجمركي في ولاية تبسة :
تنص المادة 29 من قانون رقم 98/10 على أن تمتد المنطقة البرية على الحدود البرية، من حد الإقليم الجمركي، إلى خط مرسوم على بعد 30 كلم منه.وتسهيلا لقمع الغش، يمكن عند الضرورة، تمديد عمق المنطقة البرية من 30 كلم إلى غاية 60 كلم.
وفي سنة 1990، صدر قانون المالية(ملحق رقم02)تحت رقم 90/36 المؤرخ في 14 جمادى الثانية عام 1411 الموافق ل 31/12/1990. نص في المادة 90 منه الواقعة ضمن القسم الأول من الفصل الثالث تحت عنوان أحكام جمركية : على أنه :"تعدل أحكام المادة 29 من القانون رقم 79/07 المؤرخ في 21 يوليو سنة 1979 المتضمن قانون الجمارك وتتمم كمايلي:
المادة : 2-1-بدون تغير
2-تسهيلا لقمع الغش يمكن تمديد عمق المنطقة البرية 30 كلم وذلك إلى غاية مسافة معينة تحدد بقرار من المدير العام للجمارك بعد استطلاع رأي الولاة المختصين إقليميا".
وتطبيقا لنص المادة ،صدر بتاريخ 27/03/1993 مقرر عن المدير العام للجمارك (ملحق رقم 03) يتضمن تحديد النطاق الجمركي البري ليشمل كامل ولاية تبسة.
مع الإشارة إلى أن هذا المقرر هو العمود الفقري الذي ترتكز عليه دراستنا في هذا الفرع مع توضيح الإشكالات التي نجمت عن تطبيقه لهذا سنتطرق له بإسهاب.
دراسة المقرر الصادر بتاريخ 27/03/1993 :
القرار المؤرخ في 27/03/1993 المتضمن تحديد ورسم النطاق الجمركي لولاية تبسة الصادر عن المدير العام للجمارك والمتضمن في دباجته النصوص القانونية المعتمد عليها والمتمثلة في :
1-القانون رقم 79/07 المؤرخ في 21 جويلية 1979 المعدل والمتمم المتضمن قانون الجمارك خاصة المواد 28،29،30.
2-القانون رقم 84/09 المؤرخ في 04 فيفري 1984 المتضمن تنظيم إقليم الدولة.
3-القانون رقم 90/36 المؤرخ في 31 ديسمبر 1960 المتضمن قانون المالية لسنة 1991 خاصة المواد 90،98.
4-المرسوم التنفيذي رقم 90/190 المؤرخ في 23 جوان 1990 المتضمن تنظيم الإدارة المركزية لوزارة الاقتصاد.
5-المرسوم التنفيذي رقم 90/326 المؤرخ في 20 ديسمبر1990 المتضمن تنظيم المديرية العامة للجمارك بالإدارة المركزية.
6-المرسوم التنفيذي رقم 91/76 المؤرخ في 16 مارس 1991 المتعلق بالتنظيم وسير المصالح الخارجية لإدارة الجمارك.
7-مقرر مؤرخ في 29/10/1991 المتضمن تمديد ورسم النطاق الجمركي لولاية تبسة.
وهذا الأخير قد جعل من منطقة تبسة بكاملها نطاقا جمركيا، كالذي تحددت بمقتضاه الحدود الإدارية وفقا لمعطيات دقيقة قدمتها ولاية تبسة بالتنسيق مع ولايات : سوق أهراس، أم البواقي، خنشلة والواد حيث تضمن هذا النطاق الجمركي ما يلي :
1-الحدود الشمالية لولاية تبسة وتتضمن : الونزة. وأهم المراكز التي توجد بها هي :
أ-محور واد ملاق الذي يحد ولاية سوق أهراس.
الحدود الواقعة من بلدية الونزة ودرية وتاورة إلى غاية الونزة نقطة إلتقاء واد الدراقة مع واد ملاق.
ب-الحدود الواقعة بين بلدية الونزة وكل من بلديات تاورة وسيدي فراج، في نقطة التقاء واد العلية مع واد ملاق على بعد حوالي 09 كلم شرق الحد السابق.
2-الحدود الشمالية الشرقية وأهم ما تتضمنه :
أ- بلدية العوينات :
الحدود الرابطة بين بلديات العوينات بصيري شرقي (ولاية أم البواقي) أم الدايم (ولاية سوق أهراس) والمحددة بتقاطع واد الكبريت الصفرير مع طريق غير مسماة.
معلم يتعلق بالحدود الرابطة مع تقاطع واد الكبريت على الشمال حوالي 02 كلم من الحدود السابقة.
معلم أوسمراح البال، حدود تقع على بعد 200 كلم من شمال البئر الإرتوازية.
حدود واقعة على حوالي 250 متر غرب كوس الكفلة
حدود تقع على تقاطع حدود الجهة الجنوبية من طريق واد الكبريت إلى أم الدايم في نقطة التقاء حدود منطقة العوينات مع منطقتي الكبريت وأم الدايم.
تقاطع الحدود الشماليةالجنوبية لواد الكبريت في أم الدايم.
الحدود الواقعة في تقاطع الجهة الشمالية لواد الكبريت بجبل ونزة.
الحدود الواقعة في نقطة التقاء العوينات وواد الكبريت والذريعة.
الحدود المشكلة بنقطة التقاء محاور واد مسكودة وواد ملاق.
نقطة التقاء واد بسباس وواد ملاق.
المنطقة المسماة مدالة وبحيرة شرقي المشكلة لمناطق التقاء واد مسكيانة وواد جديدي.
المكان المسمى فج السطاح (شمال غرب).
المكان المسمى أهسوب هقوس: نقطة إلتقاء بلديات بحيرة الشرقي وأم الدايم.
3-الجزء الغربي :
-أهم نقاط الإستبدال
أ-بلدية مرسط :
نقطة التقاء بلدية مرسط، بئر الذهب، بليلة على مسافة 500 متر مربع ناحية سيدي بتسعد.
التقاء حدود واد سبار الوادي إلى نقطة التقاء واد مسكيانة وواد سمار.
ب-بلدية واد بئر الذهب :
لها حدود مع بلدية بلالة (ولاية ام البواقي) على مسافة 700 متر مربع تقريبا شمال بئر بومعزة.
التقاء بلديات بئر الواد، قريقر،مسكيانة، بلالة.
500 متر مربع جنوب ذراع العسة.
واد برباز: تقاطع مع واد ترفاية والسكة الحديدية لولاية تبسة إلى عين البيضاء.
نقطة تقع بمسافة شمال مكان يدعى بتسعد إلى نقطة التقاء بلدية بئر الذهب بلالة مرسط دير قريقر.
ج-بلدية قريقر :
لها حدود مع بلدية عين طويلة( لولاية خنشلة) تدعى كفلبطوط:
نقطة تدعى سطح العلية (غرب).
زاوية شمال غرب هنشارعزان.
حدود شرق غرب كيملال.
نقطة تدعى قمة كرات واس دلة.
حدود مع دلة (ولاية أم البواقي) :
نقطة تدعى قرسم واد راس دلة.
نقطة تدعى وادانى ساعى.
نقطة تدعى واد كنقت المرجة.
حدود مع بلدية مسكيانة :
نقطة تدعى واد الدهر.
نقطة تدعى واد الرطم.
نقطة تدعى واد شامخ.
نقطة تدعى واد عين دياس.
نقطة تدعى واد بهيرت مسار.
نقطة تدعى واد كودية الحلفة .
نقطة تدعى واد بئر بو معزة (على مسافة 700م تقريبا شمالا).
د-بلدية بيجن :
لها حدود مع ولاد رشاش (ولاية خنشلة)
نقطة تدعى الحجار.
نقطة تدعى تد يمارت.
مكان نقطة تدعى تديمارت.
مكان نقطة راس تد يمارت.
نقطة تدعى بدحة.
تقاطع طريق تبسة الى خنشلة لحدود (ذراع الهاقة)
كودية هرواب.
كودية فيجريش.
بئرعمران (جنوب غرب).
هـ-بلدية العقلة
لها حدود مع واد رشاش (ولاية خنشلة)
مكان يدعى جبال (يقع ب 750م تقريبا في الجنوب الغربي).
حدية الهناية
و-بلدية السطح (قونشي)
لها حدود مع بابار (خنشلة)
كرارث الحسنان
كرارة كدية الكبير في شمال ثنية زاهبيا
راس السطحة ميتة (جنوب)
كدية كوبر
فج الهرقة
شعبة زيكيو
لها أيضا حدود على غرب شاطىء واد جيدة.
نقطة التقاء شمال الهمرة مع واد جديد.
كدية بو شايب
كف واد الجرف
راس سكينة
نقطة التقاء واد العوسج مع شعبة فج كيت
يحد طريق نقرين الى خنشلة على مسافة 200م تقريبا مع شمال واد الصغير طير عين مسلان
الجزء الجنوبي الغربي اهم نقاط الاستبدال.
ز-بلدية فركانة :
لها حدود مع سينقشة ولاية الواد.
علامة حد تقع في عليقة الريال وفي دقالة مودويل الى نقطة اتقاء بلدية فركان بقريس وسينيقشة.
عرق الوسال.
عرقة كمبوت وبئر زهينيش.
شط طفيلتا.
راس زرفيف.
لها حدود مع بابار (ولاية خنشلة)
بئر زريق عدثة الزاوية الغربية
عدالة المعيز.
راس توم.
النقاط الاساسية للتعيين
س – بلدية نقرين :
تحدها بني قشة (ولاية الواد)
بئر بوقشة.
عقلة سورس.
بئر الكركوت.
كدية كلعة.
كدية الكحالة .
شط الكحالة.
شط بوراس.
راس النايل.
عدلة بو بويل عند نقطة تقاطع في حدود تقاطع النقرين الوادي.
وبعد تعرضنا لهذا المقرر يتضح لنا إشكال حول مدى تطبيقه مقارنة بالمادة 29 من قانون الجمارك فيما يخص تكييف القضايا الجمركية بين جنح ومخالفات استنادا إلى مكان ارتكابها وكذا موقف القاضي الجزائي بين تطبيقه لهذا المقرر وتقيده بالمنصوص القانونية والجمركية ولاسيما المادة 28 وما يليها من قانون الجمارك.
2-رسم النطاق الجمركي البري في ولاية تبسة :
تطرقت المادة 30 من قانون الجمارك السنة 1998 الواردة ضمن القسم الأول من الفصل الثالث تحت عنوان : مجال عمل إدارة الجمارك والتي نصت على : "يحدد رسم النطاق الجمركي بقرار من الوزير المكلف بالمالية".
فبتمديد معالم النطاق الجمركي تتحدد الدائرة المكانية الخاصة به، ونعني بها المنطقة التي تمارس فيها الرقابة الجمركية المشددة. فهذه الخاصية التي يتميز بها النطاق الجمركي عن الإقليم الجمركي.
وقد سبقت الإشارة إلى ان المادة 29 من قانون الجمارك حددت النطاق الجمركي البري من 30 إلى 60 كلم في حالات الضرورة يستلزم ذلك أن يكون رسم النطاق الجمركي في حدود التمديد الذي شملته المادة 29.
بما أننا بصدد دراسة النطاق الجمركي لولاية تبسة، والتي انفردت بخاصية تحديدها كنطاق جمركي بري بأكملها بموجب المقرر الصادر بتاريخ 27/03/1993 المشار إليه سابقا يستلزم معه رسم النطاق الجمركي البري التبسي، في حدود التمديد كما هو مبين في المقرر.
الفرع الثاني : دوافع جعل ولاية تبسة ككل نطاق جمركي.
1-دوافع جعل ولاية تبسة نطاق جمركي والآثار المترتبة عن ذلك :
إن أعمال التهريب، هي أعمال الغش والاحتيال مخالفة للقوانين والتشريعات، وهي جريمة معاقب عليها بأشد العقوبات فعندما يهرب أشخاص بضائع بغض النظر عن الطرق التي يستعملونها فهم يتهربون بذلك من دفع الحقوق والرسوم الجمركية، لا سيما على مستوى النطاق الجمركي، الذي يختلف امتداده من منطقة إلى أخرى كولاية تبسة، والذي يمتد على مسافة واسعة وهذا لأسباب ودوافع أدت إلى ذلك. ففي ماذا تتمثل ؟
أولا : من الناحية الجغرافية:
إن ولاية تبسة تتميز عن غيرها من الولايات بتضاريس صعبة، تتمثل في المسالك الوعرة،الوديان والجبال المنتشرة بكثرة. وعليه فامتداد النطاق الجمركي البري على مسافة 30 كلم من حد الاقليم الجمركي لا يساعد رجال الجمارك في تتبع آثار المهربين، ولا في ملاحقتهم خاصة وأنه حسب ما علمناه من إدارة الجمارك أن المهربين يعرفون كل شبر من الحدود، ويتحايلون لكي يصلوا بالبضائع المهربة إلى مقصدهم المنشود،رغم صعوبة التضاريس في منطقة تبسة، هذا بالإضافة إلى طول الشريط الحدودي الذي يفوق طوله 320 كلم.
ثانيا : من الناحية المادية :
إن إدارة الجمارك لدى ولاية تبسة تفتقر إلى الوسائل المادية والبشرية الضرورية لمراقبة وحراسة الشريط الحدودي، وبالضبط في الحدود الجزائرية التونسية. إذ نجد أربع مكاتب يبعد كل واحد عن الآخر بحوالي 100 كلم وهذا ما يسهل مهمة المهربين الذين ينشطون على مستواه بكل سهولة. وكان هذا دافع قوي لجعل النطاق الجمركي البري يمتد ليشمل كامل الولاية(1).
ثالثا : من الناحية الاقتصادية :
نظرا لطبيعة المجتمع التبسي الذي يهتم بكثرة على تربية الماشية الذي يعتبر مصدر الدخل بالنسبة إليهم ونظرا لخصوصية هذه الثروة الحيوانية وزيادة الطلب عليها من السوق التونسية، وارتفاع نسبة الفائدة لمربي هذه المواشي بالمنطقة أصبح تهريبها الجريمة الجمركية أكثر انتشارا.
ونظرا للآثار السلبية نتيجة للجريمة الجمركية على المجتمع من المساس بحقوق الخزينة وندرة هذه المادة في السوق وارتفاع أسعارها، كل هذه الأسباب مجتمعة كانت من أهم الدوافع التي أدت إلى تمديد النطاق الجمركي لكل ولاية تبسة.
رابعا : من الناحية الاجتماعية :
إن سكان منطقة تبسة يعانون من ظاهرة البطالة، وقلة مناصب الشغل، الأمر الذي دفع العديد من أفراد المنطقة إلى احتراف التهريب لتصبح ظاهرة وراثية أبا عن جد.
إلا أن الدافع الحقيقي الذي أدى بأفراد هذه الولاية إلى التهريب هو تحقيق الربح السريع وما يزيد الأمر عجبا أن هذه العمليات يقوم بها أصحاب رؤوس الأموال الضخمة(1).
كل هذه الأسباب والدوافع أدت إلى انتشار جريمة تهريب البضاعة التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ولردع هذه الجريمة تم توسيع كل منطقة تبسة نطاق جمركي.
2-الآثار المترتبة على جعل كل منطقة تبسة نطاق جمركي :
إن تمديد النطاق الجمركي في ولاية تبسة عرف أهمية بالغة انعكست إيجابا على واقع الاقتصاد الوطني الشيء الذي أدى إلى الحفاظ على توازنه وذلك بمحاربة عملية استيراد البضاعة التي تؤدي إلى تكدس الإنتاج الوطني، كالعجائن والمصبرات وكذا تصدير البضائع الرئيسية لرفع مستوى الإنتاج والإنتاجية وخاصة المواشي(2).
زيادة على ذلك فإن المهربين يستعملون أساليب ووسائل مختلفة ومتنوعة منها السيارات، الشاحنات وحتى الأحصنة والبغال وقد كانت هذه الأخيرة وسيلة مفضلة لديهم لكونها لا تترك آثار يقتفيها أعوان الجمارك. ولكن تمديد النطاق الجمركي ليشمل ولاية تبسة انعكس سلبا على عمليات التهريب ورغم هذه الوسائل فإن رجال الجمارك تمكنوا من حجز عدد كبير من وسائل النقل المستعملة في التهريب، وهذا ما ثبت لدينا من خلال الزيارة الميدانية للمكاتب الجمركية.
مساهمة إدارة الجمارك بقدر كبير في تمويل الخزينة العمومية بالمبالغ المالية المحصلة عن الغرامات ومصادرة البضائع ووسائل النقل لمرتكبي الجنح والمخالفات، وبتمديد النطاق الجمركي لولاية تبسة زاد في حجم المداخيل المحصلة من إدارة الجمارك وهذا بعد تاريخ 27/03/1993.
إن اتساع وشساعة النطاق الجمركي في ولاية تبسة سهل لأعوان إدارة الجمارك مراقبة تحرك البضاعة داخل هذا النطاق.
المبحث الثاني
عدم التوازن بين حجم الجرائم الجمركية المرتكبة في منطقة تبسة وآليات مكافحتها.
الجريمة الجمركية ظاهرة يتعامل معها افراد مجتمع غالبا بنظرة تسامحية رغم خطورة ااثارها على الصالح العام والخاص، لكن نظرة القانون إليها تختلف فمعظم القوانين الداخلية للدول، كل حسب سياستها الاقتصادية المسطرة ترى فيها ظاهرة يجب التصدي لها وردعها بكل الوسائل المادية والبشرية.
وباعتبار إن إدارة الجمارك هي درع الاقتصاد فانه من الواجب امدادها بكافة الوسائل المادية والبشرية لاجل قيامها بمهامها على اكمل وجه مع ضرورة التفكير في تجسيد التنسيق بين عملها وعمل باقي المصالح سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
وباطلاعنا على سير عمل إدارة الجمارك على المستوى الجهوي (منطقة تبسة) وقفنا على عدة عراقيل تحول دون استكمال هذه المهام على الوجه المفترض الوصول إليه، وذلك يعود أما إلى نقص التدعيم بالوسائل المادية والبشرية (المطلب الأول) أو لضعف فعالية اجهزة مكافحة هذه الجريمة وردعها (المطلب الثاني).
المطلـب الاول
عدم كفاية الوسائـل الماديـة والبشريــة.
ادارة الجمارك مؤسسة من مؤسسات الدولة التي تسهر على تطبيق القوانين والتنظيمات ومن ابرزمهامها هي تحصيل الحقوق والرسوم الجمركية التي كانت ولاتزال تمثل نسبة معتبرة من الايرادات’ هذه المبالغ تمول المشاريع التنموية وتساهم في ترقية المستوى المعيشي للمجتمع لتوفير متطلبات الحياة ’ خاصة في مجال مناصب الشغل ولذلك يتوجب على المواطنين المساهمة بقدر معين لتحقيق طموحات الدولة في التنمية عن طريق دفع هذه الحقوق والرسوم وتسهيل عمليات تحصيلها، خاصة وان منطقة تبسة تتميزبطول شريطها الحدودي الذي يتجاوز 320 كلم وتربعها اداريا على مساحة شاسعة تغطي اربع ولايات هي : تبسة ’ الوادي’خنشلة’ام البواقي اضافة إلى حركة تجارية معتبرة جعلت منها منطقة محورية لتنشيط التجارة الخارجية مع دول عديدة ،اهمها تونس وليبيا،مما يتطلب توافر طاقات مادية وبشرية ملائمة وهو ما لم نعاينه في هذه المنطقة بحيث تفاجأنا بقلة الوسائل المادية (الفرع الاول) ونقص الموارد البشرية (الفرع الثاني).
الفرع الاول : قلة الوسائل المادية.
من الضروري ان تتوافر اية ادارة او هيئة على قدر من الوسائل المادية اللازمة لقيامها بالمهام المناطة بها وتحقيقها لاهدافها المتوخاة من سير وعمل مصالحها ’لذلك ستتطرق الى تسييير وتنظيم مصالح ادارة الجمارك على المستوى الجهوي والمحلي (تبسة) مع ادراج بعض الاشكالات التي تلمسناها بهذا الصدد(اولا) ثم الى مدى نجاعة الوسائل المادية المكرسة لمكافحة الجريمة الجمركية في هذا النطاق (ثانيا).
اولا : سير وتنظيم المصالح :
تنظم مصالح مكافحة الغش على المستوى الجهوي والمحلي كما يلي:
1-مصالح مكافحة الغش :
تكون مصالح مكافحة الغش على المستوى الجهوي تابعة مباشرة للمدير الجهوي للجمارك يرأس هذه المصلحة رئيس مصلحة تتكون من خليتين :
خلية لتحليل (المعطيات) وتقييم المخاطر وخلية للمراقبة البعدية، التحقيقات والتحريات.
2-لجنة التنسيق الولائية :
تتكون هذه اللجنة من مدير الضرائب للولاية ومدير المنافسة والاسعار وتتولى وضع برنامج مفصل للعمليات والمتعاملين الذين يجب مراقبتهم.
3-الفرق المختلطة :
تتكون من ممثلين عن الجمارك، الضرائب والتجارة ومن مهامها التاكد من صحة وشرعية العمليات بالنسبة للتنظيم الجمركي، الجبائي والتجاري.
4-قطاعات مكافحة الغش :
وتوجد هذه المصالح على مستوى المفتشيات الرئيسية اهم مهامها مراقبة الوثائق لعمليات الاستيراد والتصدير ’مراقبة محاسبات المؤسسات ’تمثيل الجمارك على مستوى الفرق المختلطة’تحرير تقاريرسنوية وارسالها للمصالح الجهوية لمكافحة الغش.
5-الفرق المنتقلة :
تتكون هذه الفرق من عدد من الاعوان يختلف من منطقة إلى أخرى ، ونجد على راس كل فرقة رئيس الفرقة الذي يعمل تحت سلطة المفتش الرئيسي للفرق، وهي تعلب دورا هاما في مكافحة الغش ،وتقوم بتحضير برامج مع مختلف المصالح المعنية،انجاز برامج لوضع الحواجز والكمائن وجمع المعلومات المتعلقة بعصابات التهريب.
وبالاضافة إلى هذه المصالح هناك مصالح أخرى تلعب دورا مساعدا في عمليات التحري عن الغش والتهريب ومنها مفتشيات الاقسام ومفتشيات الفرق غير انه ما يلاحظ في الواقع إن هذا التنظيم غير مطبق كليا بالاضافة إلى انه لايتماشى والتطلعات الحديثة لادارة الجمارك التى تعتمد بصفة كبيرة على المعلومة ، حيث انه لا يوجد هناك تخصيص واضح واستغلال المعلومات حسب مراحلها لعدم وجود مثلا فرق للبحث عن المعلومات.
6-المكاتب الجمركية :
إن انشاء المكاتب ومراكز الجمارك تضمنتها المواد 32،33،34 من القانون رقم 98/10 المؤرخ في 22 غشت 1998 المتمم والمعدل للقانون رقم 79/07 المتضمن قانون الجمارك.
فيحدد انشاء مكاتب ومراكز الجمارك وكذا اختصاصها وتاريخ فتحها بمقرر من المدير العام للجمارك، كما يقرر إلغاء مكاتب ومراكز الجمارك أو غلقها المؤقت بنفس الاشكال طبقا لنص المادة 32 من القانون سالف الذكر على إن تنشر هذه المقررات في الجريدة الرسمية(1).
وفي منطقة تبسة وبمقتضى مقررات عن المدير العام للجمارك تم انشاء اربعة مكاتب جمركية موزعة على المناطق الحدودية التالية : بوشبكة، المريج، راس العيون وبتيتة.
وتضيف المادة 33 من القانون 98/10 انه يجب على إدارة الجمارك إن تضع على واجهة كل مكتب أو مركز جمارك وفي اماكن ظاهرة لوائح تحمل البيانات الاتية
(مكتب جمارك) أو (مركز جمارك).
عمل المكاتب :
تقوم إدارة الجمارك بخدمة دائمة غير انه بالنسبة للمكاتب تحدد مواقيت فتحها وغلقها بمقررعن المدير العام للجمارك وذلك حسب حركة العمل بالمنطقة، ويمكن لادارة الجمارك بناء على طلب من المصرح وبمبررات مقبولة إن ترخص باجراء العمليات الجمركية خارج ايام وساعات فتح مكاتب الجمارك، وكذا خارج اماكن الممارسة العادية للخدمة طبقا لنص المادة 34 من نفس القانون وتحدد كيفيات تطبيق الفقرة السابقة وكذا مبلغ المصاريف المترتبة عن ذلك والتي يتحملها المصرح بمقرر من المدير العام للجمارك.
وما يلاحظ في تبسة إن عمل المكاتب بها يستمر على مدى 24 ساعة وهذا راجع لكثرة الحركة فيها ويعد مكتب بوشبكة من اهم هذه المكاتب الجمركية نظرا لكونه يختص بالمبادلات التجارية ضمن اطار الاتفاقية التونسية الجزائرية والتي تخول هذه الصلاحيات للمركزين التونسي والجزائري في منطقة بوشيكة (ملحق رقم 04).
وقد لاحظنا لدى انتقالنا لمختلف المكاتب الجمركية بتبسة إن حجم العمل متفاوت من مكتب لاخر وهذا مرده لاعتبارات تعود لوجهة المتنقل أو المسافرمن جهة وللقيمة لدى الجمارك المفروضة على البضاعة من جهة أخرى ذلك انه في ظل اتفاقية ال GATT لسنة 1994 لم يعد هناك تقديرموحد للقيمة لدى الجمارك، وإنما هناك خمس طرق للتقييم، بحيث تكون الافضلية للطريقة المؤسسة على القيمة التعاقدية المحددة في المادة 16 مكرر1 وفي حالة استحالة تحديد القيمة بواسطة هذه الطرق فانه يمكن احتسابها بناءا على معاييرعملية تكون ملائمة مع المبادئ العامة للاتفاق.
1-عناصر تحديد قيمة البضاعة على أساس القيمة التعاقدية :
تنص المادة 16 مكرر1 إن القيمة لدى الجمارك للبضائع المستوردة والمحدد تطبيقا لهذه المادة، هي القيمة التعاقدية أى السعر المدفوع فعلا أو المستحق عن بيع البضائع للتصديرولايجوز اضاعة أى عنصر إلى الثمن المدفوع فعلا أو المستحق عند تحديد القيمة لدى الجمارك باستثناء العناصر المنصوص عليها في هذه المادة. حيث تدخل في السعر المدفوع فعلا عن البضائع العمولات ومصاريف السمسرة وتكلفة الحاويات والتغليف بما فيها اليد العاملة والمواد، وذلك بشرط إن يتحملها المشتري.
1-طرق التقييم الاخرى :
اذا تعذر تحديد القيمة لدى الجمارك بناءا على القيمة التعاقدية فان المواد 16 مكرر 2 و16 مكرر 3و16 مكرر 4 و16 مكرر 5و 16 مكررالفقرة 3 تحيل إلى طرق أخرى للتقييم سواء بالرجوع إلى القيمة التعاقدية لبضائع مطابقة، ويقصد بها البضائع المنتجة في نفس البلد والتي تتطابق في كل النواحي ،بما في ذلك الخصائص الطبيعة والنوعية والسمعة ،وتعتبر البضائع الموافقة من نواحي أخرى مطابقة وان تميزت باختلاف طفيف كما انه يمكن الالتجاء إلى التقييم على أساس القيمة التعاقدية لبضائع مماثلة.
ويمكن تقييم البضاعة بناءا على الاقتطاع بالاعتماد على بعض العناصر للوصول إلى قيمة مقبولة لدى الجمارك كالعمولات التي يتفق على دفعها والاعباء العامة من النقل والتامين والحقوق والرسوم الواجب اداؤها.
واذا لم يمكن تحديد القيمة لدى الجمارك بتطبيق احكام المواد 16 مكرر 1و16 مكرر2 و16 مكرر 3و16 مكرر 4 و16 مكرر5 تحدد هذه القيمة بطرق معقولة تكون ملائمة مع المبادئ والاحكام العامة لاسيما المادة7 من الاتفاق العام للتعريفات الجمركية والتجارة وعلى أساس المعلومات المتوفرة في الجزائر كما يمكن الطعن في القيمة لدى الجمارك وفقا للمادة 13 من قانون الجمارك أمام لجنة وطنية للطعن .
وعليه فان جعل تحديد القيمة بطرق معقولة تكون ملائمة مع المبادئ والاحكام العامة يمنع وجود تفاوت كبير بين هذه المكاتب من حيث حجم العمل لذلك فاننا نقترح في هذا المجال محاولة ايجاد معايير تجعل تحديد القيمة لدى الجمارك متقاربة بين مختلف هذه المكاتب.
كما نقترح أيضا انشاء مكاتب أخرى ذلك إن وجود 4 مكاتب في منطقة بهذه المساحة وبهذه الاهمية قليل جدا مقارنة بحجم العمل.
ثانيا : العجز في وسائل التدخل لمكافحة الجريمة
تعتبر الوسائل المادية من الوسائل الضرورية لمعاينة ومتابعة المخالفات الجمركية الا أنها تعد ضئيلة على مستوى إدارة الجمارك بتبسة مقارنة بمساحة المنطقة ولاتتناسب مع حجم عمليات التهريب المسجلة في مختلف ارجاء المنطقة. وفيما يخص التجهيز بوسائل النقل فتحوز المديرية الجهوية للجمارك بتبسة 64 سيارة 29 منها موزعة على مختلف الفرق الجمركية، وهو عدد غير كاف أمام وجود 15 فرقة جمركية موزعة على مفتشية الاقسام : تبسة، الوادي، بئر العاتر، أى إن كل فرقة مزودة تقريبا بسيارتين كما تحوز المديرية الجهوية على ثلاث دراجات نارية على مستوى الادارة المركزية وهي غير كافية لتادية وظيفتها.
أما مفتشية الاقسام بتبسة فهي تحوز على 9 سيارات مقابل وجود 08 فرق موزعة على راس العيون، بوشبكة، بكارية.
أما مفتشية الاقسام بئر العاتر تحوز على 4 سيارات مقابل وجود 3 فرق جمركية.
ومفتشية الاقسام بالوادي فتحوز على 9 سيارات مقابل وجود 4 فرق جمركية.
وهذا طبعا عدد غير كاف لمكافحة عمليات التهريب التى تتم عادة بمنطقة تبسة بشكل جماعي اكثر منه فردي ناهيك إلى صعوبة المسالك التي يتبعها المهربون بالمنطقة وكذا وسائل النقل الحديثة التي يستعملونها فتجعل متابعتهم وضبطهم أمرا صعبا جدا مقارنة بالعدد القليل من السيارات التي يملكها أعوان الجمارك مما يتيح الفرصة للمهربين في الكثير من الاحيان الافلات من أعوان الجمارك.
أما عن انواع السيارات المتواجدة فهي كما يلي : طويوطا TOYOTA،نيسان NISSAN، 405/P،G5/P ،MAZDA (1)وهي انواع قديمة ولا تتلاءم بتاتا مع الطبيعة الجغرافية للمنطقة لان امتداد الشريط الحدودي وشساعة المنطقة من جهة وحدة عمليات التهريب من جهة أخرى تفرض وجود وسائل نقل اكثر حداثة كالطائـرات المروحية والتي تفتقر المديرية الجهوية للجمارك تبسة لاي منها رغم إن وجودها قد يفشل كثيرا من عمليات التهريب بالمنطقة خصوصا تلك التى تتم عبر المناطق الوعرة والمسالك الجبلية وبالتالي فالمديرية الجهوية للجمارك تبقى بحاجة إلى تدعيم بمجموعة من الطائرات المروحية مادامت الوسيلة الاكثر نجاعة في تسهيل العمل الجمركي بالمنطقة.
كما نشير إلى كون العمل الميداني للفرق الجمركية’والمتمثل عادة في اقامة الحواجز، الكمائن والدوريات، يتطلب تدعيمها باسلحة نارية حديثة تمكنها من مواجهة خطر المهربين الذين يستعينون غالبا بمختلف الاسلحة في تنفيذ عملياتهم كما إن هذه الضرورة تبررها الظروف الامنية التى مرت بها البلاد والتي لازالت بعض اثارها ممتدة وتحتاج إلى المزيد من الحيطة والحذر.
كما سجلنا نقصا بينا في وسائل الاتصالات المتطورة خاصة لدى الفرق المتنقلة مما يضعف من امكانية محاصرة الجريمة وتطويقها.
وبالتالي فقد رأينا بان التخفيف من حدة تفاشي ظاهرة الاجرام الجمركي بمنطقة تبسة يمكن تحقيقه باللجوء إلى ما يلي :
عصرنة وسائل التدخل واعادة ضبط وتحديد إجراءات المراقبة عن طريق وسائل تنظيمية ومادية تتماشى ومتطلبات السرعة والفعالية. فهذه العملية تحتاج إلى طاقة عمالية وتقنية مناسبة سواء من حيث تكوين الاعوان التابعين لادارة الجمارك أو من حيث وسائل التدخل.
توفير الاجهزة اللازمة للمراقبة الجوية عن طريق الاقمار الصناعية للكشف عن التحركات في المنطقة تجاوزا للعقبات التى تحول دون سيطرة مصالح الجمارك عليها من حيث الرقابة، سيما ايزاء صعوبة التضاريس وتباينها.
العمل على ايجاد حلول اقتصادية للحد من ظاهرة الاجرام اكثر منها ردعية وذلك بتبنى خطط ومشاريع اقتصادية مدروسة بشكل يضمن التوازن على التبادل التجاري ومراقبة السوق الداخلية والخارجية لان محاربة الاجرام الجمركي خاصة فيما يتعلق بالتهريب لايكون بمجرد تسخير الوسائل المادية فقط، والا لتمكنت الدول المتطورة من قطع جذور الظاهرة لكن الأمر يحتاج إلى دراسات معمقة وتفكير جدي خاصة وان هذه النشاطات غالبا ما يكون وراءها شركات كبرى متعددة الجنسيات أو تكتلات وجماعات ضغط تشكل الشبكات الخلفية للتهريب.
تقوية دور الاستعلامات الجمركية في مجال مكافحة التهريب باللجوء إلى تعميم استعمال مختلف الطرق الناجعة في ذلك كالتي سيسرد ذكرها:
اصدار عدد من المنشورات على غرار :المساعد الشهري لمختلف الانتقادات الجمركية، الكشف المعلوماتي حول الغش التجاري ’التعليمات الوثائقية حول مسارات الغش.
ايجاد سبل عملية لتحصيل المعلومات عن طريق اعتماد فرق مختصة بهذه المهمة (فرق البحث)BRIGADES DE RECHERCHE مع الاستعانة باعوان مهمتهم التغلغل في اوساط سكان الحدود للتقرب من المهربين وتقصي المعلومات حول تحركاتهم .
تغطية العجز في اجهزة OPERATEURS RADIOخاصة في المراكز المعزولة.
منح تحفيزات مالية وضمانات امنية للمبلغين على عصابات التهريب.
الاستغلال الامثل للمعلومات المتاحة باعتماد محللين مختصين على مستوى المكاتب يتولون مهمة تحليل هذه المعلومات واقتراح كيفية استغلالها.
تكوين بنوك للمعطيات على مستوى إدارة الجمارك بالتنسيق مع الهيئات الخارجية.
تعميم التعاون الاداري الدولى عن طريق ابرام اتفاقات دولية للتعاون بين الادارات الجمركية وهذا ضمانا للتحصيل الدقيق للحقوق والرسوم الجمركية عند التصدير والاستيراد.
التنسيق بين الانظمة الداخلية في مجال تقديم استعلامات في المادة الجمركية لصالح الدول الاخرى على اعتبار إن هذا التعاون يكون حسب النظام القانوني الداخلي الذي يحكم تلك المصالح في علاقاتها مع الخارج وفقا لاتفاقيات التعاون الجمركي على اعتبار إن كل دولة ملزمة بتحديد مصلحة مكلفة بالتعاون الاداري المتبادل العالمي.
وبالنسبة للجزائر فالمصلحة المكلفة بذلك هي المديرية الفرعية للتعاون الاداري الدولي المتبادل والتنسيق بين المصالح التابعة للمديرية المركزية لمكافحة الغش، ويكون التعاون أما طوعيا، وكل دولة تلزم فيه بتزويد سلطات الدولة الاخرى المتعاقدة معها بالمعلومات الضرورية حول عمليات التهريب وشبكات الاجرام المنظمة’وإنما وفقا لطلب دولة ما حول استعلامات مأخوذة من الوثائق الجمركية المتعلقة بالمبادلات التجارية بين البلدين والتى تكون محل تهريب وتعتبر كذلك محل تهريب بالنظر إلى التشريع الجمركي لهذه الدولة.
وفي هذا المجال ينبغي إعادة النظر في تشكيل وصلاحيات هذه المصلحة لتزويدها بالاطارات والوسائل اللازمة بما يتماشى ومقتضيات المرحلة الاقتصادية الجديدة التي تعرفها الجزائر من حيث نظام السوق.
برمجة وتسهيل تنقل موظفي الجمارك لدولة ما إلى باقي الدول في اطار اتفاقيات تسمح لهم بالاطلاع وجمع الاستعلامات لدى ادارات هذه الدول حول كيفيات تطبيق التنظيمات الجمركية والتعامل مع وسائل المكافحة.
تزويد المنطقة بوسائل نقل قوية ومجهزة بوسائل اتصال متطورة وبالاعداد اللازمة مع توزيعها على المصالح تبعا لحاجة المنطقة وصعوبة التدخل فيها.
تحفيزالاعوان المتدخلين سيما على مستوى فرق الحراسة على تكثيف جهودهم عن طريق منحهم مكافاءات وعلاوات تتحدد وفقا لنوعية ومستوى تدخلهم وكذا خطورة الظروف التي يمارسون فيها مهامهم خاصة اذا ما علمنا بان العون المتدخل في منطقة تتسم بخطورة الاجرام الجمركي وكثافته كتبسة يتقاضى أجرا في حدود 11000دج شهريا بينما تواجهه اغراءات يومية بحجم الظروف الصعبة التي تكتنف عمله.
العمل على القضاء على ظاهرة الدباشة- DEBACHA- على غرار باقي المناطق الحدودية من الوطن تطغى في تبسة ظاهرة تجارة الحقيبة أو ما يسمى (ترابندو) ويبقى الاشخاص المقيمين بالقرب من الحدود هم الاكثر استفادة من هذه العمليات كونهم يستطيعون تمرير بضائعهم خارج المكاتب الجمركية بسهولة في اطار ما يعرف بالدباشة الذين يتوافدون على هذه المكاتب بكثرة وتباعا -دخولا وخروجا- إذ يمر الواحد منهم وهو يحمل بضاعة تتناسب والقدر المرخص به عبرالمكتب الجمركي لكن خارجه تجتمع بحيازته بضاعة تفوق القدر المرخص به بكثير وتجمع له بعد مرور كل الاشخاص الذين وزعها وجزء ها عليهم قصد تمريرها.
وهذه الظاهرة المهلكة للاقتصاد الوطني والتي يصعب اكتشافها أو حتى ضبطها من طرف أعوان الجمارك تتطلب مزيدا من التفطن مع زرع أعوان في اوساط المسافرين كما سبق ذكره لمتابعة خروج البضاعة وتنقلها حتى عبر الحدود، وذلك بالتنسيق مع سلطات المكتب الخارجي المستقبل لاجل التعرف على وجهتها وهذا الأمر بالذات يحتاج إلى التفكير في إعادة النظر في التقنيين وتوحيد الجهود.
الفرع الثاني : نقص الموارد البشرية :
تعاني المنطقة من نقص في عدد الاعوان الذين يتوزعون على مسافات بعيدة تحول دون تحكمهم في المراقبة المفترضة لحركة البضائع اضافة لافتقارها للعديد من الاعوان العارفين بخبايا المنطقة ومسالكها، ولولا الاشخاص الذين تستعين بهم الفرق المتنقلة لجمع المعلومات حول نشاط المهربين، وكذا تدخلات أعوان حراس الحدود لشهدت المنطقة ارتفاعا اكثر في عمليات الاجرام الجمركي، فمثلا :
الفرق التي تختص اساسا بمكافحة التهريب لايتعدى عددها خمسة عشر-15- فرقة موزعة على مفتشيات الاقسام لكل من : الوادي’بئر العاتر وتبسة وفقا لما يلي :
1- مفتشية الفرق بتبسة :
تتضمن 8 فرق جمركية بها 164 عون جمركي في الميدان :
فرقة الحراسة بتبسة.
فرقة الفحص برأس العيون.
فرقة الحراسة بالونزة.
فرقة الفحص بالمريج.
فرقة الحراسة بام على.
فرقة الحراسة ببوشيكة.
الفرق المتنقلة ببكارية.
2 - مفتشية الفرق ببئر العاتر:
وتتضمن 3 فرق جمركية بها 41 عون جمركي في الميدان موزعين على الفرق التالية:
فرقة الفحص بتيتة.
فرقة الحراسة ببئر العاتر.
فرقة الحراسة بنقرين.
3-مفتشية الفرق بالوادي :
وتتضمن 4 فرق جمركية بها 78 عون جمركي في الميدان :
فرقة الفحص طالب العربي.
الفرقة المختلطة (حراسة متنقلة) للواد .
فرقة الحراسة ببسكرة.
فرقة الحراسة بالواد(1).
وما يلاحظ إن عدد الاعوان مشكلين للفرق قليل جدا مقارنة بشساعة المنطقة وحجم العمل فيها.
كما إن نقص التاطير والتكوين الذين تعاني منه إدارة الجمارك المحلية بتبسة له من الاثر منعكس على عدم تمكن بعض الاعوان من المادة الجمركية وبالتالي تطبيقهم للتنظيمات والتشريعات الخاصة بالنطاق الجمركي بشكل يحيد عن الهدف الذي أوجدت لاجله.
وامام هذه المعطيات ولضمان اكثر مردودية لتدخلات إدارة الجمارك في النطاق الجمركي التبسي في اطار الاهداف المرسومة لها قانونا ينبغي الزيادة في عدد الفرق المتنقلة في المناطق الجبلية والغابية سيما أين يتجمع سكان تونسيين يجاوروهم سكان جزائريين. مع مراعاة ضمان تكوين خاص لهم بما يتناسب وحجم المهام الموكلة اليهم.
ويبقى القيام بدورات تكوينية لتجديد معلومات الاعوان وتطوير مفاهيمهم بما يتلاءم والمجريات الراهنة اضافة إلى تنظيم ايام دراسية لتفريبهم اكثر من ابعاد واهداف التنظيمات والتشريعات الجمركية الواجب تطبيقها، لها من الاثر ما يسمح باستعمال القانون الجمركي كالية فعالة من اليات محاربة الجريمة الجمركية.
المطلب الثاني
نقص فعالية جهازي المكافحة والردع
معاينة العمل الجمركي أو القضائي في منطقة تبسة يجلي بعض رواسب الاشكالات التي يثيرها تطبيق القانون الجمركي والتي يمكن ردها في بعض جوانبها ال غياب التنسيق بين مختلف المصالح المكلفة بمكافحة الجرائم الجمركية، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، اضافة لاغفال المشرع الجزائري لبعض الحلول العملية أو افتقار بعض النصوص القانونية في مضمونها لقواعد تفصيلية لاحقة تضمن التطبيق الامثل لها، فان الحاجة لتوفير وتطوير وسائل مكافحة الغش الجمركي باتت ملحة أمام التفشى المهول للظاهرة بكل ما تنطوي عليه من نشاط مكثف للمهربين الذين غالبا ما يعملون في اطار جماعي منظم، وفق خطط منظمة وباستعمال وسائل وامكانيات تفوق تلك التي يحتكم عليها أعوان الجمارك فى تدخلاتهم ،وبالتالى فان التنبه لهذه الجوانب يساهم في التقليل من حدة المشاكل التي تحول دون التحكم في مراقبة حركة البضائع وتنقلها في اطارها الشرعي كما تقتضيه القوانين المسطرة لتنظيمها في النطااق الجمركي، ويتجلى لنا ذلك من خلال تعرضنا لمدى تكامل عمل اجهزة مكافحة الغش الجمركي من جهة (الفرع الأول) وظروف التعامل مع ملف القضية الجمركية على مستوى القضاء الفاصل فيها من جهة أخرى (الفرع الثاني) وكذا إلى مدى ملاءمة النصوص القانونية لتسهيل عملية مكافحة الجريمة الجمركية (الفرع الثالث).
الفرع الأول : انعدام التنسيق بين اجهزة مكافحة الجريمة الجمركية :
المخالفة الجمركية جريمة ذات طابع خاص، فهي لاتترك في المجتمع الاثر نفسه الذي تتركه جرائم القانون العام وبذلك فان مسؤولية ردعها ومحاربتها تقع على هيئات الدولة وحدها دونما إن تلقى ذلك الدعم والردع المادي والمعنوي الذي تلقاه باقي الجرائم من طرف افراد المجتمع، كما إن خطورة وصعوبة مكافحة هذه الجريمة في النطاق الجمركي تتطلب تظافر الجهود وتكاملها مما يقتضي العمل ضمن اطار منظم يضمن التنسيق بين مختلف الاجهزة والاطارات على المستويين الداخلي والخارجي.
اولا : بالنسبة للتنسيق بين مصالح إدارة الجمارك :
بترددنا على مختلف المصالح الادارية للجمارك بمنطقة تبسة تلمسنا نقصا جليا في مجال تبادل المعلومات، وذلك أما بسبب عدم انتقال المعلومات إلى المصالح المعنية باستغلالها اوبانتقالها بشكل بطئ وغير مدروس إلى درجة إن تفقد اهميتها. وهذا القصور لاينحصر في سير مصالح المديرية الجهوية بتبسة فقط بل تبين لنا وجود ذات المشكل في التعامل بين الادارات الجمركية في مختلف مناطق الوطن، سيما تلك المجاورة لبعضها فالامريتم على نفس الوتيرة مما ينم لامحالة عن صعوبة القيام بتحويط الجريمة الجمركية ومكافحتها خاصة وهي تتسم بالسرعة في التنفيذ.
ويرد المسؤولون هذا النقص إلى قلة الامكانيات المتوفرة، بينما نرى بان ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى الافتقار لوجود تنظيم مركزي يتولى مهمة التنسيق بين هذه المديريات بالموازاة مع عمل الادارة المركزية في الاشراف عليها.
ثانيا : بالنسبة للتنسيق مع الادارات الاخرى :
يتجسد هذا التعاون في تكامل المهام بين مصالح الجمارك ومصالح الامن المختلفة فالوسائل المادية والموارد البشرية المحدودة التى تحتكم عليها إدارة الجمارك تجعل من مراقبتها لكامل الشريط الحدودي والمنطقة البرية التى تعمل في اطارها أمرا عسيرا، مما يفرض هذا النمط من التعاون بينها وبين باقي المصالح (مصالح الدرك الوطني، مصالح الامن، حراس الحدود ومصالح الشرطة) فيما يخص اجراء التحقيقات والتحريات وكذا حجز البضائع التى لايتم اثبات شرعية حيازتها أو تنقلها داخل النطاق الجمركي وتقديمها لادارة الجمارك التي يكون لها الاضطلاع باجراءات المتابعة القضائية.
واذا كان تدخل هذه المصالح مجتمعة لمحاربة الجريمة الجمركية يسهل عمل أعوان الجمارك فان فعالية تدخلاتهم تبقى منحصرة نظرا لتداخل الصلاحيات وتضاربها أمام غياب التنسيق والتنظيم الذي يرسم معالم ادائهم لمهامهم بكل دقة في هذا المجال مما يجعل الأمر مرتبطا باشكالين بارزين يتعلق احدهما بالاتكال، حيث تحاول كل مصلحة التملص من المسؤولية والقاء مجملها على الاخرى، أو بالاستحواذ الكلي على المهام واحتكارها محاولة لبسط السلطة من طرف مصلحة ما قصد الهيمنة على مجريات الأمور بالمنطقة ،سيما ومجال محاربة الجريمة الاقتصادية جد حساس. وقد يبدو والأمر مبالغا فيه على اعتبار إن بعض النصوص القانونية العامة والخاصة تحدد مهام المصالح لكن يستقر الرأي على ضرورة العمل لإيجاد ضوابط دقيقة لتحديد المهام في هذا المجال إذا ما علمنا، واستفاءا من الواقع، انه غالبا ما يلجأ رجال الدرك في تبسة إلى اقتياد الشخص المرتكب لجريمة جمركية مباشرة إلى الحجز تحت النظر ثم تقديمه أمام السيد وكيل الجمهورية دون إبلاغ إدارة الجمارك كما يقتضيه القانون مما يضطر رجل القضاء إلى القيام بهذه المهمة وإضافة عبء آخر لأعبائه وقد حدث وان عاينا هذه الإشكالات العملية، والتي يردها بعض القضاة إلى الخلط بين دور الجمارك في الدعوى الجمركية وما جاء به قانون الصرف الذي يبعدها عن أداء ذات الدور.
وأمام ذلك لابد من التفكير الجدي في التنسيق بدقة بين جهات المكافحة بما يضمن تكامل أدوارها بشكل يزيد من نسبة فعاليتها في التدخل. فعمل أعوان الجمارك ل يكون ناجعا ما لم ينتظم عمل باقي المصالح السالفة الذكر بما يشكل درعا واقيا سيما، فيما يقوم به حراس الحدود عن طريق تنقلاتهم لمختلف المناطق الصعبة والنائية اقتفاء التحركات عصابات التهريب انطلاقا من مختلف المراكز والدليل إن مختلف البرقيات التى تصل إلى المديرية الجهوية للجمارك بتبسة والمتعلقة بمكافحة الغش الجمركي يشار فيها إلى كون إن حجز السلع المدونة والمسجلة في البرقية قد قام به حراس الحدود.
ثالثا : بالنسبة للتعاون والتنسيق مع ادارات الدول الاجنبية :
ضمانا لحماية المصالح الاقتصادية والجبائية لاي بلد لايكفي اتخاذ وسائل المكافحة والردع داخليا بل لابد من وجود تعاون بين الدول لقمع هذه المخالفات ،خاصة فيما يتعلق منها بتلك التي تتسم بالطابع الدولي ،فحماية اقتصاد الوطني لاتتأتي الا بانتهاج سياسة حكيمة لضمان فعالية تطبيق القواعد القانونية داخل الحدود وخارجها وذلك عن طريق ابرام الاتفاقيات الدولية. اوالجزائر باعتبارها تحتل موقعا جغرفيا هاما في شمال افريقيا باعتبارها تحتكم على حدود شاسعة مجاورة لعدة بلدان من جهة وكذا كونها بوابة عبور نحو الضفة الاخرى من البحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى وهي مستهدفة ايما استهداف بعمليات التهريب باختلاف مجالاته، لذلك حاولت التصدي لذلك من خلال ابرام مجموعة من الاتفاقيات اهمها :
1-على المستوى المحلي والاقليمي :
الاتفاقية الثنائية بين الجزائر والمغرب بتاريخ 24/04/1991 الموقعة بدار البيضاء (المرسوم رقم 92-256- المؤرخ في 20/06/1991).
الاتفاقية الثنائية بين الجزائر وليبيا بتاريخ 20/12/1987 الموقعة بطرابلس (المرسوم رقم 89-173 المؤرخ في 12/12/1999).
الاتفاقية الثنائية بين الجزائر وتونس الموقعة بتاريخ 14/11/1963.
إضافة إلى إبرامها لعدة اتفاقيات أخرى على المستوى المحلى والتي تنصب في مجملها على التعاون الاداري لمكافحة التهريب وتبادل المعلومات والقبض على المهربين الذين يكونون محل بحث من طرف مصالح الجمارك.
لكن ما نستغربه في الأمر هو انه على كثرة هذا النمط من الاتفاقيات لا توجد أية اتفاقية ثنائية بين الجزائر والدول المجاورة في مجال مكافحة المواشي رغم كثرة عمليات تهريبها والتي تعرف حجما كبيرا في منطقة تبسة الشهيرة بجودة لحومها وشدة إقبال المواطنين التونسيين والليبين على اقتنائها، مما أغرى على تعاطي التهريب بشأنها لدرجة اصبح فيها المهر ب يصل إلى حشر إحدى عشر رأسا من الغنم في الصندوق الخلفي لسيارة من نوع 505 أو 504 بشكل يثير الدهشة في كيفية إيجاد أماكن لها فيها المهم بالنسبة له إن يمرر اكبر قدر من الرؤوس بمنأى عن مراقبة أعوان الجمارك.
كما يجب التنويه بكون الاتفاقية الثنائية بين الجزائر وتونس والمتعلقة بتعيين مركزي بوشبكة (التونسي والجزائري) كمكتبين مختصين بالمعاملات التجارية دون غيرها من المكاتب تبقى بحاجة الى تفعيل وتدعيم بنصوص اتفاقية لاحقة ومواكبة لتطور حركة المعاملات التجارية على مستوى هذه المكاتب سواء باعتبارها مراكز عبور أو مراكز استقبال وذلك بالتنسيق الدائم والجدي بين الادارتين الجزائرية والتونسية على المستوى المحلي.
وإن كنا لاحظنا مبادرات جد ايجابية تتمثل في اجتماعات دورية تتم بين الادارة الجمركية الجهوية بتبسة ونظيرتها التونسية بمحاولة دراسة المشاكل التى تعرقل سير عمل أعوان الجمارك عبرالحدود الممتدة بين البلدين في المنطقة وكذا لايجاد الحلول العملية لحصرها وازالتها، لكن يبقى التطبيق الفعلي لما يتم الاتفاق عليه هو الحل الانجع مما يتطلب ارادات فعالة من الطرفين، فقد لاحظنا عند انتقالنا إلى مركز بوشيكة مثلا إن أعوان الجمارك التونسيين يشيرون إلى ما يتعلق بما يحوزه المسافر على جواز سفره، ولان لجواز السفر من القيمة المعنوية باعتباره رمزا للانتماء، فقد احتجت الادارة الجهوية للجمارك بتبسة على الأمر لدى مثيلتها التونسية وتم الاتفاق على عدم اتيان ذلك لكن استمر الاعوان التونسيين في ذلك، وتركنا مدير مفتشية الاقسام لمنطقة تبسة وهو يحوز على نسخة من جواز سفر مشوه بتلك المعلومات ليعرضة على مديره الجهوي ليعرضه هذا الأخير بدوره على نظيره التونسي اثر لقاء مبرمج لاحقا بينهما.
2- تنسيق الجهود على المستوى الدولي :
في مجال الاتفاقيات المتعددة الأطراف اصدر مجلس التعاون الجمركي قرارات وتوصيات عديدة ،من بينها القرار المؤرخ في 16/06/1976 ،دعى فيها سلطات الدول المختلفة لاسيما بلدان المغرب العربي إلى ضرورة خلق تعاون فعال في ميدان مكافحة التهريب بصفة عامة، وعلى أساس ذلك تم ابرام العديد من الاتفاقيات التي تهدف لتنسيق الجهود في مجال مكافحة الغش الجمركي، كتلك الاتفاقية المتعلقة بتهريب السجائر فبعد تشكيل فريق عمل مكلف بدراسة الموضوع والذي يقوم باجتماعات سنوية على مستوى الامانة العامة للمنظمة العالمية للجمارك لاجل تشجيع وتقوية الشراكة مع المنظمة العالمية للصحة ،خاصة في مجال مراقبة التبغ اضافة لاقدام OMS على ابرام اتفاقية في اطار مكافحة تهريب التبغ في ثلاث بروتوكولات تقنية تخص الاشهار، التكفل ،معالجة النفقات الموجهة للتبغ والغاء تهريب المنتوجات التبغية اضافة لما يعرف بالمعاهدة الاطار للمكافحة ضد التبغ. LA CONVENTION CADRE POUR LA LUTTE ANTI TABAC وهو تحالف لمنظمات غير حكومية تعمل جاهدة على تحقيق حلف دولي وابرام اتفاقية في اطار مكافحة التبغ.
والاتفاقية الاطار هي وسيلة شرعية على شكل اتفاقية دولية هدفها قبول متابعة برامج مسطرة عبر بروتوكولات قصد المراقبة والمكافحة بالتركيز على فكرة الشراكة بين الدول الاعضاء لتحقيق ما سطر ضمن الاتفاقية.
واذا استندنا إلى هذا النمط من الاتفاقيات يمكننا القول بان تعميم هذه التجارب وتفعيلها فيما يخص محاربة الجريمة الجمركية يعد خطوة هامة لارساء مفاهيم حماية المبادلات التجارية والتعاملات الاقتصادية على الصعيدين الداخلي والدولي، وان كان الأمر يقابله من الصعوبة والتعقيد ما ينم عن تضارب المصالح واختلافها باعتباران قانون الجمارك يفرض على كل المتعاملين الاقتصاديين التزامات مهما كان مكان انهاء معاملاتهم الجمركية كما إن معالجة وادراج القيود المفروضة أوالاعفاء منها يختلف من دولة لاخرى حسب القواعد المنصوص عليها سواء من حيث الموضوع أو الإجراءات(1)، وقد اوضحت الدراسات المقارنة للقوانين المنظمة للمجال الجمركي إن هناك اختلافا بينا من حيث شدة الردع فبينما يخضع المخالف لعقوبة الحبس في دولة ما تكون عقوبة المرتكب لذات الفعل هي الغرامة في دولة أخرى وبينما تاخذ تشريعات بنية الفاعل نجد إن نية الفاعل لاتكون محل اعتبار مطلقا كما هو الحال في القانون الجمركي اللبناني لدرجة إن اتجه بعض رجال القانون إلى التشكيك في مدى دستورية بعض مواده على غرار ما ذهب إليه الدكتور المحامي على عوض حسن(1) كما نجد مثلا إن القانون السعودي قد اخذ بتشديد العقوبة في حالة العود الخاص في جريمة التهريب على غرار القانون المصري لكنه جعل التشديد وجوبيا بالنسبة لمضاعفة العقوبة وجوازيا عند الارتفاع بها إلى اربعة امثالها وذلك عند ارتكاب الفاعل لمخالفة في غضون خمس سنوات من تاريخ انقضاء عقوبة مخالفة التهريب الأولى، بينما في قوانين الجمارك : العراقي، السوري واللبناني فلم يتم النص على احكام العود على الرغم من كونها تضمنت قواعد جنائية عديدة كتعدد الجرائم، حالة الضرورة والظروف المشددة في الجريمة(2).
ولعل اهم عائق يحول دون توحيد العمل في اطار التشريع الجمركي هو تضارب المصالح وهيمنة فكرة ما يسمى بمبدأ السيادة ’ فالدول الأطراف في الاتفاقية عادة ما لا تدرج احكام تطبيقية حمائية لها في تشريعاتها العقابية مما يثير التساءل حول جدية ابرامها لهذه المعاهدات. وبذلك فان التفكير في تنسيق الجهود وارساء مفاهيم التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الاقتصادية بصفة عامة يقتضى تقريب وجهات النظر وتوسيع دائرة الاتفاقات الدولية في هذا المجال مع تفعيل تطبيقها بادراجها ضمن التشريعات الداخلية.
الفرع الثاني : عدم وجود قضاء جمركي متخصص.
لا حاجة للتذكير بصعوبة عمل القاضي الجزائي التابع لمجلس قضاء تبسة في أى محكمة من محاكمها لانه بمجرد ذكر اسم المنطقة ترتسم معالم نوعية الجرائم المرتكبة وحجمها فاضافة للجرائم الشهيرة المتفشية في كامل ربوع الوطن نجد إن اهمية الموقع الذي تكتسيه المنطقة يربطها بمصالح جرائم التهريب وكذا تزييف واعادة ترقيم السيارات بشكل لايمكن تجاهله، سيما وان معظم هاته التجاوزات تتم في اطار شبكات تهريب منظمة ومتمرسة ومدعمة بمختلف الامكانات المادية والبشرية التي تسهل لها العمل، وتشكل مكامن خطورة على الاقتصاد الوطني والساهرين على حمايته على حد سواء ،واذا اردنا استنتاج مدى حتمية اللجوء إلى إدراج قضاء متخصص فى هكذا مناطق، علينا إن نعالج الفكرة من ناحيتين، تتعلق الأولى بالظروف التي يعمل فيها القاضي الفاصل في المواد الجمركية وتتعلق الثانية بكيفية وظروف التعامل مع الملف الجمركي في حد ذاته.
اولا : ظروف عمل القاضي الفاصل في المواد الجمركية :
اذا تجاهلنا الظروف الصعبة التي يعانيها القضاة العاملون على مستوى محكمة تبسة (محكمة مقر المجلس) من افتقارهم لادنى شروط العمل والمتمثل في وجود مكاتب تأوي تحضيرهم للجلسات اذ تقتصر المحكمة على مكتب واحد شديد الضيق لدرجة يشبه فيها القبو’ يتداول عليه حوالي سبعة قضاة رغم إن مشروع توسيع غرف المحكمة قد تم البدء فيه منذ مدة وبقي متوقفا لاسباب تتعلق بدفع المستحقات للمقاول المكلف به. فنتجاهل كذلك انه توجد قاعة جلسات واحدة ويتيمة مشيدة بطريقة يخشى فيها على ردة فعل المجرمين المحكوم عليهم على القاضي الجالس والواقف على حد سواء اثرالنطق بالاحكام الجزائية لانه يصعب ضبط الامن فيها كما يصعب فيها تسييرالجلسة على القاضي لانخفاض المنصة وتداخل مكان جلوس المحامين بها لدرجة تجعلهم يلتفون بالقرب من امين الضبط وعلى مقربة من رئيس الجلسة.
ولنتجاهل أيضا الظروف النفسية التي يعمل فيها قاض في مجلس يشتهر بكثرة التوقفات التي يتعرض لها القضاة لاسباب ليس لها مكان للذكر في هذا المجال، اضافة لما تشتهر به المنطقة من نشاطات ارهابية واخرى لبارونات التهريب، وتلك النزعات العروشية في منطقة معظم عائدات عائلاتها تعود إلى التهريب، أو إن اساسها التهريب.
فلنتجاهل كل هذا لنركز على هذا القاضي الجزائي، سيما قاضي الجنح ’الذي يفتتح الجلسة وامامه كومة من الملفات يفوق عددها الاربعمائة ملف غالبا موزعة ما بين قضايا الجدول والنظر وتلك المهيأة للنطق بها وهو يقوم بالتحقيق في قضايا القانون العام تارة وقضايا الجمارك تارة أخرى. ولان ترتيبها يخضع لنظام الجدولة فغالبا ما يضطر ممثل إدارة الجمارك للانتظار طويلا حتى يفرغ كل القضايا المتعلقة بالادارة التي يمثلها، وهذا يشكل بعض مظاهر عرقلة سير عمل ادارات الوطن من جهة وشيد الانتباه إلى كون القاضي الجزائي يعمل في اطار جو مضغوط جراء تنوع القضايا وكثرتها مما يطرح مشكل نوعية الاحكام الصادرة سيما اذا عرفيا إن حجم القضايا الجمركية التي تصل إلى القضاء في منطقة تبسة جد مرتفع(1)، ومهما كانت الجهة التي ورد من خلالها الملف، ويمكننا الالمام بذلك بمجرد الاطلاع على بعض الاحصائيات السنوية للادارة الجهوية للجمارك بتبسة للسنوات الاخيرة (ملحق رقم 05).
ثانيا : مدى المام القاضي الفاصل في القضايا الجمركية بالمادة الجمركية :
تنص المادة 272 قانون الجمارك "تنظر الهيئة القضائية التي ثبت في القضايا الجزائية في المخالفات الجمركية وكل المسائل المثارة عن طريق استثنائي وتنظر أيضا في المخالفات الجمركية المقرونة اوالتابعة أو المرتبطة بجنحة من اختصاص القانون العام."
ومن خلال استقرائنا لاحكام هذه المادة يتبين لنا إن النظر في المخالفات الجمركية وحتى الجرائم المرتبطة بها يكون فقط ودائما من اختصاص الهيئات القضائية التي تبت في المسائل الجزائية.
وقد أكدت المحكمة العليا في العديد من قراراتها هذا المبدأ وكمثال عن ذلك قرار صادر بتاريخ 12/5/1997 جاء فيه "انه من الثابت قانونا إن الجهة القضائية التي ثبت في القضايا الجزائية هي التي تنظر في المخالفات الجمركية وكل المسائل الجمركية التي تثار بطريق استثنائي حسب المادة 272 قانون الجمارك والفصل في الدعوى الجبائية التي تشمل الغرامة والمصادرة يكون دائما من اختصاص القاضي الجزائي".
وكما قضت المحكمة العليا في قرار لها بتاريخ 12/12/93 " إن رفض ادعاء الطرف المدني يعد بمثابة امتناع عن الفصل’ بل وانكار للعدالة مع العلم بان إدارة الجمارك لاتملك الا الجهات القضائية الجزائية للمطالبة بحقوقها".
وبالتالي نجد انه طالما إن الجرائم الجمركية مصنفة إلى جنح ومخالفات جمركية فاننا نجد قسمي المحكمة من جنح ومخالفات يختص بالنظر في القضايا الجمركية، وفي حالة ارتكاب الجريمة الجمركية من طرف حدث لم يتجاوز سنه 18 سنة وكان الفعل الذي اقترفه يشكل مخالفة فان قسم المخالفات للبالغين بالمحكمة هو المختص بمحاكمته واذا ارتكب جنحة جمركية فانه يحاكم أمام قسم الاحداث بالمحكمة.
هذا وتجدر الاشارة إلى كون الجهات القضائية الفاصلة في المسائل المدنية تكون مختصة في ميدان الاعتراضات الخاصة بدفع الحقوق والرسوم واستردادها ومعارضات الاكراه وقضايا أخرى للجمارك والتي لاتدخل ضمن اختصاص القاضي الجزائي، مثل طلبات الترخيص بالبيع قبل صدور الحكم طبقا لنص المادة 300 من قانون الجمارك وطلبات المصادرة العينية للاشياء المحجوزة على المجهولين وغيرها طبقا لنص المادة 288 قاون الجمارك.
وبالتمعن في كل ما سبق ذكره يمكن إن نستخلص إن اختصاص النظر في القضايا الجمركية موزع بين القاضي الجزائي والمدني وعلى اعتبار إن اختصاص القاضي في نظامنا القضائي مجرد تنظيم داخلي في اطار تسيير الجهاز القضائي، ضف إليه الحركات المستمرة لنقل القضاة من مجلس إلى اخر يمكننا لا محالة التخمين مباشرة في امكانية، وهو الوضع الغالب، عدم المام هذا القاضي بالمسائل الجمركية لكونه قد مارس طيلة مسيرته العملية مهاما قضائية بعيدة عن هذا المجال، مما يضعف نسبة المامه بمعطيات التعامل مع الملف الجمركي، خاصة وان مادة الجمارك هي مادة ادخلت مؤخرا في برنامج التدريس في المعهد الوطني لتكوين القضاة، ولم يسبق لطلبة الليسانس في الحقوق إن اناطوا بها في سنوات دراستهم.
وبالتالي فان تعامله مع الملف من حيث التصرف فيه يكون مجرد تطبيق آلى للمواد القانونية أمام حجم العمل الذي غالبا ما يعوق دونما التوسع في مجال الاطلاع على الاجتهادات القضائية الراهنة وتحيين الحلول الملائمة لبعض الحالات الطارئة التي اغفلها القانون أو لم يتناولها بشكل موسع من ناحية التطبيق وبذلك واستنادا إلى كل ما سبق ذكره بات التفكير في تكوين قضاة متخصصين في المجال الجمركي، على غرار تجربة تكوين قضاة متخصصين في المجال العقاري والبحري و......الخ، ضرورة ملحة لضمان التحكم في التصرف بالملف الجمركي بما يسمح باحقاق الحقوق والحماية المثلى للاقتصاد الوطني عن طريق التطبيق السليم والامثل للمواد القانونية.
الفرع الثالث : الحاجة إلى مراجعة القانون الجمركي :
نظرا للتحول الاقتصادي الذي عرفته الجزائر فان قانون الجمارك القديم رقم 79-07 المؤرخ في 21/06/1997 لم يعد يساير هذه المعطيات الجديدة المواكبة لسياسة الانفتاح مما ادى إلى تعديله في سنة 1998 بموجب القانون رقم 98-10 المؤرخ في 22/08/1998 اضافة إلى وجود نصوص قانونية خاصة كتلك المتعلقة بقانون المالية، قانون الضرائب، قانون التموين ومكافحة الغش... الخ، اضافة للنصوص التنظيمية والتنفيذية المنظمة لهذا المجال.
ومن خلال معاينتنا لبعض الصعوبات التى يواجهها أعوان الجمارك في اداء مهامهم على مستوى منطقة تبسة، اضافة لبعض العراقيل التى تحول دون تحقيق جهازي المتابعة والردع للاهداف المرسومة لها، والتي ترد في اساسها إلى الوسيلة المستعملة والمتمثلة في النص القانوني باعتباره أداة هامة تتيح لهم الوصول إلى ارقى درجات الفعالية في ممارستهم لنشاطهم، شد انتباهنا بعض الجوانب التي تستدعي إعادة النظر في معالجتها وفق ما يلي :
اولا : عرقلة نشاط أعوان الجمارك في مجال التحري والمعاينة :
من اجل اداء مهمة التحري المعترف بها لادارة الجمارك فان المشرع الجزائري خول لاعوان الجمارك بعض السلطات التي تمكنهم من ذلك، حيث انه لاجل جمع الاثباتات اللازمة اعترف لهم بصلاحيات الاطلاع على الوثائق وحجزها، ومن اجل جمع المعلومات التي تساعد أعوان الجمارك في اداء مهامهم اعترف لهم بحق سماع الاشخاص كما اعترف لهم بسلطات أخرى لاتقل اهمية عن تلك، وتتمثل في حق تفتيش المنازل ومراقبة وسائل النقل والسلعوفق شروط.
1-صلاحية الاطلاع والمراقبة والحجز:
تطبيقا لنص المادة 28 ق.ج فان إدارة الجمارك تمارس عملها على سائر الاقليم الجمركي الا إن صلاحياتها هذه تكون اكثر صرامة وشدة في التطبيق داخل النطاق الجمركي وبذلك فالمشرع خول الاعوان الجمارك الحق في الاطلاع على كل الوثائق المتعلقة بالعمليات التي تهم مصالحهم في المجال الجمركي الذي ينشطون فيه وهذا في العديد من الاماكن المذكورة في المادة 48 قانون الجمارك ،والى جانب هذا تنص المادة 49 قانون الجمارك إن لاعوان الجمارك الحق في مراقبة مكاتب البريد وبما في ذلك قاعات الفرز دون المساس بسرية المراسلات ويدخل في هذا الاطار طبعا حق التفتيش والاطلاع على رخص النقل ووثائق اثبات الحيازة، وهي وسائل فعالة في مراقبة البضائع التي يمكن إن تكون محل تهريب.
وتلعب فرق الحراسة الجمركية دورا هاما في الردع ، كما تعد المراقبة الفجائية الميزة الاساسية لعملهم وذلك باستعمال مختلف اشكال المراقبة كالكمائن والدوريات والحواجز.
2-صلاحيات أعوان الجمارك في سماع الاشخاص :
قبل تعديل 1998 لم يكن المشرع ينص صراحة على هذا الاجراء، لكن بعده اصبح يشير إليها في بعض المواد حيث انه عندما اراد ذكر البيانات التي يجب إن ينص عليها في محاضر المعاينة في المادة 252/2 قانون الجمارك ذكر" طبيعة المعاينات التي تمت والمعلومات التي حصلت أما بعد مراقبة الوثائق أو سماع الاشخاص" ، كما نصت المادة 254 –2 قانون الجمارك على إن محاضر المعاينة تثبت صحة الاعترافات والتصريحات المسجلة فيها ما لم يثبت العكس، مع مراعاة احكام المادة 213 من قانون الإجراءات الجزائية مما يوحي لنا بإن محرري محاضر المعاينة لهم الحق في سماع الاشخاص (فلهم الحق في سماعهم دون توقيفهم).
3-صلاحيات التفتيش :
خول المشرع صلاحيات واسعة لادارة الجمارك في مجالات التفتيش والرقابة ،ولقد تضمن قانون الجمارك في القسم الرابع من الفصل الثالث منه عنوان حق تفتيش الاشخاص والبضائع ووسائل النقل بهدف البحث والكشف عن البضائع محل الغش في المواد47،42،41 منه.
فالمشرع اعترف لاعوان الجمارك بحق تفتيش الاشخاص واذااقتضى الأمر اخضاعهم للفحوص الطبية في حالة الاشتباه في كونهم ينقلون على اجسادهم بضائع محل غش في اطار ما اقرته المادة 42 قانون الجمارك وهو اجراء استثنائي.
كما تجيز المادة 47/1 قانون الجمارك للاعوان المؤهلين من قبل المدير العام للجمارك، وبمرافقة أحد مأموري الضبط القضائي، القيام بتفتيش المنازل في حالتي :
البحث عن البضائع التي تمت حيازتها غشا داخل النطاق الجمركي.
البحث في كل مكان عن البضائع الخاضعة لاحكام المادة 226قانون الجمارك.
شريطة إن يتم ذلك بعد الموافقة الكتابية من طرف الجهة القضائية المختصة، بناءا على طلب يتضمن كل المعلومات الموجودة بحوزة الادارة والتي من شانها تبرير التفتيش المنزلي، وبذلك فكل تفتيش منزلي غير مرخص به يعتبر انتهاكا لحرمة المنزل ويترتب عليه جنحة معاقب عليها بالسجن من عام إلى خمسة (05) أعوام وبغرامة من 1000 إلى 10000دج وفقا لنص المادة 295 من قانون العقوبات .
أما الفقرة الثانية من المادة 295 فتعفي أعوان الجمارك من هذا الشرط عندما يتعلق الأمر ببضائع تمت متابعتها على مرأى العين ودون انقطاع من داخل النطاق الجمركي حتى خروجها منه ووضعها في احدى المنازل أو البنايات، حسب الشروط الواردة في المادة 250 قانون الجمارك ،على إن يتم تبليغ النيابة فورا، وعند الامتناع عن فتح الابواب يمكن لاعوان الجمارك العمل على فتحها بحضور أحد مأموري الضبط القضائي.
كما تنص المادة 47/03 قانون الجمارك على منع التفتيش المنصوص عليه في الفقرات السابقة ليلا غير إن التفتيش الذي يشرع فيه نهارا يمكن مواصلته ليلا.
ونلاحظ إن المشرع الجزائري قد منح سلطات هامة لاعوان الجمارك في هذا المجال لكنه اغفل اهم الحلول العملية التي تقع عائقا أمام استعمالهم لهذه السلطات في اطارها المنتج والفعال، فكيف يمكننا إن نتصور إن هذا العون الذي خول له صلاحية التدخل عن طريق المراقبة والاطلاع وسماع الاشخاص وتفتيشهم يقف مكتوف الايدي بعد جهد عسير في مراقبته وترصده لتحركات المجرم ومحل الجريمة لمجرد إن المامه لمهامه يتوقف على اجراء ات أخرى تختص بها سلطة أخرى . فطبيعة وظروف العمل في النطاق الجمركي تجعل أعوان الجمارك في مواجهة اخطرالجرائم الجمركية، خاصة الفرق المتنقلة التي تبذل مجهودات جبارة في ظل ظروف قاسية كتلك التي تواجهها في منطقة تبسة أين تجتمع الطبيعة الجبلية القاسية مع النشاط المكثف لمافيا التهريب . ويمكنننا التخمين في مدى الاحباط الذي يتسلل إلى نفس العون الذي يتوصل إلى مقر مخزن بضاعة مهربة بعد جهد جهيد والارهاق ينال منه جراء المراقبة لساعات بحذر وحيطة كي لايتفطن إليه المهرب الذي اكسبته التجارب حنكة ودهاءا في التملص من مراقبته ليجد نفسه كان لم يقم بشئ و المهرب يتمكن من الافلات ببضاعته فقط ولكون الاذن بالتفتيش لم يتم الحصول عليه بعد.
فلطالما وقع الاعوان ضحية دهاء المهربين واحتيالهم إذ يجعلون امراة مسنة أو عائلة على باب مخزن التهريب (ومعظم البيوت على الحدود تستعمل لغرض تخزين وتحويل البضاعة المهربة) واذا ما حاول العون اقتحامها كان أمام مشكلة خرق مبدأ دستوري وتعرضه لعقوبة جنحية بانتهاكه لحرمة منزل.
لكن لو كان لاعوان الجمارك في النطاق الجمركي ،سيما في المناطق الحدودية التي تتسم بارتفاع نسبة الاجرام الجمركي فيها (كتبسة)، سلطات الضبط القضائي في يعض تدخلاتهم وذلك ضمن اطر منظمة ومضبوطة لسهل عليهم اداء مهامهم ولساهموا في تطويق الاجرام وتحويطه مادامت المخالفة الجمركية تتسم بالسرعة في التنفيذ، فمن غير المنطقي إن يواجه العون الخطروالموت ليضيع جهده هباءا أو نسمح بمنحه سلطات معلقة على شرط واقف.
ثانيا : الحاجة لضمان اكثر حماية لاعوان الجمارك في النطاق الجمركي :
القواعد المطبقة في النطاق الجمركي تتسم بالشدة مقارنة بغيرها المطبقة في باقي الاقليم وبذلك فان أعوان الجمارك يمارسون عملهم في منطقة تتسم بكثرة الاجرام الجمركي كتبسة ، في ظروف تدعو إلى بذل المزيد من الحماية لهم للتقليل من حدة العنف والاعتداءات التي يتعرضون لها يوميا من قبل المهربين ،لدرجة تصل لان يدفع فيها بعض الاعوان حياتهم ثمنا لحماية الاقتصاد الوطني والدفاع عن المصلحة العليا للوطن.
وقد جذب مدير مفتشيات الاقسام بتبسة انتباهنا إلى كون انه غالبا ما تعرضت سيارات الاعوان إلى التحطيم التام وهم عليها جراء اعتراضهم لسيارات قوية مثل 504 و505 وعليها حوالي 1200 كغ من علب الطماطم المصبرة فسيارة من هذا النوع حسبه، بقوتها وبثقل الحمولة التي عليها تتحول إلى ما يشبه القذيفة في قوة الاندفاع، كما انه قد لفت انتباهنا، حدوث مشادات بين عرش من الاعرش القاطنة بالحدود مع أعوان الجمارك الذين تعرضوا للرشق بالحجارة لكون احدهم ضبط وهو في حالة تلبس بارتكابه لجريمة جمركية، ولولا حنكة المسؤولين المحليين لادارة الجمارك وتحدثهم إلى ممثل العرش لاخذت الاحداث ابعادا أخرى.
فالمنطقة معروفة بوجود بعض العروش إلى لازالت تسيطر عليها ذهنية العصبية القبلية واذا ما عرفنا إن معظمها القاطنة في المناطق الجبلية تتاجر في إطار غير مصرح به يمكننا إن نتصور حجم المخاطر التي تترصد العون الذي يعيش بينهم ومهمته هو قطع أرزاقهم (حسبهم).
واذا كان قانون الجمارك قد رتب عقوبات للجرائم المرتكبة حسب قيمة البضاعة وصنفها فان قانون العقوبات قدر رتب عقوبات ردعية على الاعتداءات التى قد يتعرض لها العون أو اجهزة الدولة ومواردها أثناء التدخل لذلك فان هناك شكوى تقدمها إدارة الجمارك بشأن المتابعة الجمركية واخرى تتعلق بالمتابعة الجزائية حماية لامن وسلامة أعوان الجمارك أثناء اداءهم لمهامهم ، لذلك فإننا نرى بان المشرع الجزائري بنصه في المادة 319 فقرة اخيرة من قانون الجمارك على اعتبار مخالفة احكام المادة 43 قانون الجمارك(1) مخالفة من الدرجة الأولى عقوبتها خمسة الاف دينار (5000دج) يقلل من شأن هذه الحماية ويتجاهل حجم المخاطر التي قد تنجم جراء هذه المخالفة ، وكذا نوعية مرتكبيها وظروف محاربتها. لذلك فانه من الأجدر إن يتم النص على العقوبة ضمن نص المادة 43 قانون الجمارك في حد ذاتها مع التشديد في مقدار العقوبة.
ثم إن عبارة "عندما لا يعاقب هذا القانون على هذه المخالفة بصرامة اكثر" جاءت مبهمة وتحمل اكثر من معنى في تطبيق المادة لذلك يستحسن إن يتضمنها نص مستقل يوردها في معنى اوضح لمقاصد المشرع خاصة وان التفصيل قد ورد مردفا لها بقوله :
"وتعد مخالفات من الدرجة الأولى على الخصوص".
وبذلك يستحسن إعادة صياغة هذه الفقرة من نص المادة 319 أو استقلالها بنفسها كما سبق الاشارة إليه.
صعوبة مراقبة تنقل البضائع وحيازتها في النطاق الجمركي البري (منطقة تبسة).
الفصل الثاني
صعوبة مراقبة تنقل البضائع وحيازتها في النطاق الجمركي البري (منطقة تبسة).
نظرا للمواصفات التي تتسم بها الجريمة الجمركية خصها المشرع بمجموعة من الضوابط تختلف عن تلك الموجودة في الجرائم الأخرى سيما إذا تعلق الأمر بمراقبة تنقل البضائع وحيازتها في المنطقة البرية من النطاق الجمركي التي تثير صعوبات من الناحية العملية سواء بالنسبة للبضائع الخاضعة لرخصة التنقل (المبحث الأول) أو بالنسبة للبضائع المحظورة أو الخاضعة لرسم مرتفع (المبحث الثاني).
وقبل دراسة هذين المبحثين ارتأينا ضبط المفاهيم الأساسية التي سنركز عليها دراستنا في هذا الفصل والمتمثلة في : البضاعة، التنقل والحيازة.
1-البضاعة :
تعتبر البضاعة جوهر التشريع الجمركي، إذ أن جميع الأحكام القانونية تقوم على عنصر البضاعة، لما لها من دور فعال في تحصيل الرسوم والحقوق لصالح الخزينة العامة، وهي بدورها محل السلوك الإجرامي والعنصر المتحكم في تحديد الوصف الجزائي للجريمة الجمركية (جنح، مخالفات).
وقد عرف المشرع الجمركي الجزائري البضاعة في المادة الخامسة فقرة "ج" من القانون رقم98/10المؤرخ في 22-08-1998السالف الذكر على أنها : " كل المنتجات والأشياء التجارية وغير التجارية وبصفة عامة، جميع الأشياء القابلة للتداول والتملك".
ويدخل ضمن هذا التعريف مثلا : المخدرات(1)، الأحجار والقطع الأثرية والمواشي.
فبالنسبة للمخذرات استقر قضاء المحكمة العليا على أنها بضاعة بمفهوم المادة السالفة الذكر وإن قيمتها تحدد حسب سعرها في السوق الداخلية طبقا للمادة 336 من قانون الجمارك وذلك من خلال القرار الصادر بتاريخ 06/11/84 ملف رقم 32577 الغرفة الجنائية الثانية ونفس الإتجاه اعتمدته في قرارها الصادر بتاريخ 24/01/2000 ملف رقم 210122 إذا أعتبرت المخدرات بضاعة ، وبالتالي تصلح لان تكون محل متاجرة(2).
أما بالنسبة للأحجار و القطع الأثرية، فهي الأخرى تعتبر بضاعة بمفهوم المادة الخامسة السالفة الذكر، وهو ما كرسه اجتهاد المحكمة العليا من خلال قرارها الصادر بتاريخ 16/05/96 ملف رقم 1117152.(1)
2-التنقل :
يقصد به نقل البضاعة في داخل البلاد من مكان إلى آخر، فالنقل على الطرق العامة والمسالك الجبلية أو عبر الحقول يعتبر تنقلا، ويقع نقل البضائع سواء أجري بقصد التجارة أو للإستعمال الشخصي، وسواء تم على الجسم أو بإحدى وسائل النقل أيا كان نوعها، ويتحقق النقل بمجرد مباشرة التحميل(2) وهو الأمر الذي جسده إجتهاد المحكمة العليا في القرار رقم 232586 والصادر عنها بتاريخ 28/05/2001 والذي جاء فيه :
"... والمقصود بالتنقل ليس معناه تنقل هذه البضائع على ظهر وسيلة نقل وإنما المقصود بها أن تتنقل من مكان إلى آخر من النطاق الجمركي ولا عبرة للإتجاه الذي تسير فيه هذه البضاعة سواء كانت متوجهة نحو الحدود أو قادمة من جهة الحدود وسواء كانت منقولة على وسيلة نقل أوبواسطة أشخاص"(3)
3-الحيازة :
المقصود بالحيازة في التشريع الجمركي الجزائري مجرد الإحراز المادي
(السيطرة الفعلية على شئ أو حق ما) لا الحيازة بالمعنى الحقيقي، ويتأكد ذلك بالرجوع الى النص بالفرنسية الذي إستعمل مصطلح " detention"ومعناه الإحراز ولم يستعمل مصطلح "possession" الذي يعني الحيازة(4).
هذه المفاهيم مجتمعة تربط بمجموعة من الإشكالات التي تثيرها عملية مراقبة وتتبع حركة البضائع في النطاق الجمركي البري (منطقة تبسة) سواء بالنسبة للبضائع الخاضعة لرخصة التنقل، أو بالنسبة لتلك المحظورة والخاضعة لرسم مرتفع.
المبحث الأول
البضائع الخاضعة لرخصة التنقل.
سنتناول هذا المبحث بالدراسة وذلك بالتطرق الى نقطتين أساسيتين ،معتمدتين في ذلك على الواقع العملي بمنطقة تبسة وهما استغلال حالات الإعفاء من رخصة التنقل للتحايل على القانون (المطلب الأول) ونسبية فعالية رخصة التنقل (المطلب الثاني).
المطلب الأول
استغلال حالات الإعفاء من رخصة التنقل للتحايل على القانون.
الأصل أن تنقل بضائع معينة داخل المنطقة البرية من النطاق الجمركي تخضع وجوبا لرخصة التنقل وفقا للمادة 220 من قانون الجمارك، إلا أنه إستثناءا هناك حالات تعفى فيها هذه البضاعة من هذه الرخصة.
لإبراز كيفية إستغلال حالات الإعفاء من رخصة التنقل للتحايل على القانون ومختلف الإشكالات التي تثيرها هذه الحالات سنحاول دراستها من خلال التعليق على قائمة البضائع الخاضعة لرخصة التنقل (الفرع الأول) والى حالات الإعفاء من هذه الرخصة (الفرع الثاني).
الفرع الأول : التعليق على قائمة البضائع الخاصة لرابطة التنقل :
تنص المادة 220 من قانون الجمارك على أنه "يحدد وزير المالية بقرارالبضائع التى لا يجوز تنقلها داخل المنطقة البرية من النطاق الجمركي ما لم تكن مرفقة برخصة
مكتوبة ..."
وقد تم تحديد هذه القائمة بموجب القرار الوزاري المشترك بين الوزير المكلف بالمالية ووزير الداخلية المؤرخ في23/02/1999 (ملحق رقم 06) ، وتشمل البضائع التالية :
1-الحيوانات :
أحصنة من سلالة أصيلة.
حيوانات حية من فصيلة البقر.
حيوانات من فصيلة الغنم ،المعز والإبل (وحيد السنم).
2-المواد الغذائية :
تمور جافة.
حبوب.
دقيق الحبوب.
سميد الحبوب.
دقيق الحنطة.
دقيق خليط (حنطة مع الشليم).
3-البنزين والجلود والزرابي التقلدية :
الملاحظ بشأن هذه القائمة أنها قلصت إلى 14 صنف بعد ما كانت تشمل 46 صنف بموجب القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 26/01/1991، وعليه يثور التساؤل حول المعيار المعتمد عليه في إخضاع تنقل هذه البضائع دون غيرها إلى رخصة تنقل.
إذا كان سبب إخضاع تنقل هذه البضائع رخصة مكتوبة يعود إلى كونها تتطلب حماية خاصة نظرا لقابليتها للتهريب إضافة إلى تدعيم أسعارها من طرف الدولة، فما الذى يبرر عدم إدراج بعض البضائع الأخرى كالتمور الطازجة مثلا ضمن هذه القائمة رغم أن ذات الأوصاف تنطبق عليها لذلك نرى ضرورة مراجعة هذه القائمة بما يتناسب والتحولات الاقتصادية الراهنة.
لعل أهم ما ورد بهذه القائمة من بضائع بالنسبة لمنطقة تبسة هي المواشي باعتبارها أكثر عرضة للتهريب نظرا لطابعها الرعوي واعتماد نسبة معتبرة من أهلها على الفلاحة وتربية المواشي إضافة إلى ما يجنبه مهربوها من أرباح يحققونها من خلال بيعها في الأسواق التونسية بأسعار مرتفعة.
وعليه إذا كانت البضاعة ضمن القائمة السابق ذكرها، وظبطت في المنطقة البرية من النطاق الجمركي دون رخصة تنقل فإن هذا الفعل يشكل مخالفة جمركية.
وفي هذا الصدد صدر قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 30/12/1996 إثر طعنه بالنقض في قرار صادر عن مجلس قضاء تبسة بتاريخ 10/05/1993 قضى بإدانة المتهمين من أجل جنحة نقل مواشي داخل النطاق الجمركي دون رخصة،ومما جاء في هذا القرار :
"حيث أنه من الثابت في قضية الحال أن المدعي في الطعن ضبط على بعد 16كلم من حد الإقليم الجمركي أي داخل المنطقة البرية من النطاق الجمركي.
حيث أنه متى كان الأمر كذلك وطالما أن المدعي في الطعن لم يطعن في صحة المعاينات من حيث مكان ضبطه، ومن ثمة فإن القضاة الذين استندوا في قضية الحال إلى المعاينات المادية لأعوان الجمارك غير مطعون في صحتها التي تفيد أن المدعي في الطعن ضبط داخل النطاق الجمركي على بعد 16كلم من الحدود الجزائرية التونسية لم يخطئوا في تطبيق القانون عندما أدانوا المدعي في الطعن بجنحة نقل المواشي داخل النطاق الجمركي بدون رخصة"(1).
قد أصابت المحكمة العليا في قرارها هذا طالما توافرت شروط قيام المخالفة الجمركية في هذا المجال، ذلك أن :
البضاعة محل الجريمة في هذه القضية تتمثل في المواشي وهذه الأخيرة بضاعة يخضع تنقلها إلى رخصة تنقل.
تم ضبط هذه البضاعة داخل المنطقة البرية من النطاق الجمركي وذلك على بعد 16 كلم من حد الإقليم الجمركي.
هذه البضاعة تم نقلها دون الحصول على رخصة تنقل.
فهذه العناصر الثلاثة مجتمعة تكون مخالفة جمركية.
من جهة أخرى نقضت المحكمة العليا قرارا قضى بإدانة شخص بجنحة التهريب بدعوى أنه كان ينقل الأبقار دون أن تكون مرفقة برخصة التنقل والحال أنه لم يضبط داخل النطاق الجمركي الذي حددته المادة 29 من قانون الجمارك 30 كلم من الحدود البرية من حد الإقليم الجمركي وإنما ضبط خارجها، ومما جاء في هذا القرار مايلي :
"وحيث أن إدانة المدعي في الطعن في قضية الحال بجنحة التهريب المنصوص عليها في المواد 220 إلى 225 والمادة 327 من قانون الجمارك والمعاقب عليها بالمادة 326 من نفس القانون تقتضي بالضرورة أن يضبط الفاعل داخل النطاق الجمركي المحدد في المادة 29 من قانون الجمارك على الحدود البرية من حد الإقليم الجمركي إلى خط مرسوم على بعد 30 كلم منه.
حيث أنه بالرجوع إلى أوراق الدعوى لاسيما رسالة المديرية العامة للجمارك الصادرة بتاريخ 20/01/1997 عن مدير المنازعات تحت رقم 0523 والموجهة إلى السيد الرئيس الأول للمحكمة العليا ردا عن إرسالنا المؤرخ في 06/01/1997 يتبين أن مكان ضبط المدعي في الطعن يقع خارج النطاق الجمركي وبذلك ينعدم الركن الأساسي للجريمة ومن ثم فإن قضاة المجلس الذين قضوا في قضية الحال بإدانة المدعي في الطعن بجنحة التهريب يكونوا قد خرقوا القانون لاسيما أحكام المادة 29 من قانون الجمارك فضلا عن خرقهم أحكام المواد 220 إلى 225 –326 –327 من قانون الجمارك"(1).
أصابت المحكمة العليا في قرارها هذا ذلك أن المتهم وإن ضبط وهو ينقل أبقارا وهي بضاعة يخضع تنقلها لرخصة تنقل طبقا للمقرر الوزاري المشترك المؤرخ في 23-02-1999 السابق الإشارة إليه إلا أنه ضبط خارج المنطقة البرية من النطاق الجمركي ومنه تنتفي عناصر قيام المخالفة الجمركية في هذه الحالة السابق الإشارة إليها.
رغم المواقف الواضحة للمحكمة العليا فيما يخص عدم جواز الاستناد إلى نية المخالف كأسس لتبرئته وأمام وجود نص صريح يقضي بذلك (المادة 281 من قانون الجمارك) وإلى جانب صدور القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 23-02-1999 المحدد لكيفيات تطبيق المادة 220 من قانون الجمارك و المحدد لقائمة البضائع الخاضعة لرخصة التنقل والكميات المعفاة من ذلك.
إلا أنه صدر بتاريخ 24/05/1997 حكما عن محكمة الشريعة مجلس قضاء تبسة يقضي ببراءة المتهمين لعدم كفاية الأدلة ومما جاء فيه ما يلي :
الوقائع :
بتاريخ 05-03-1997 قامت مصالح فرقة الدرك الوطني ببئر مقدم بمساعدة أفراد الحرس البلدي التابعين لمفرزة قريقر وبالطريق الولائي رقم (01) الرابط بين مدينة الضلعة وبلدية قريقر أين تم إيقاف سيارة من نوع بيجو 404 مغطاة عليها المتهمون الثلاث وبها قطيع من الماشية يبلغ عدده 17 خروف باتجاه بئر مقدم وعند مراقبتهم وثائق هذه المركبة تبين لهم وإن ليس بحوزتهم رخصة التنقل التي تخضع لقانون الجمارك.
وقد استند قاضي الدرجة الأولى في تبرئة المتهمين على أساس أن نيتهم لم تكن متجهة للتهريب وأن الخرفان التي اشتروها كانت معدة للتسمين قصد إعادة بيعها
(ملحق رقم 07).
وبتاريخ 03-11-1997 صدر قرار عن مجلس قضاء تبسة، اثر استئناف إدارة الجمارك لهذا الحكم، قرر بموجبه قضاة المجلس تأييد الحكم المستأنف فيه ومما جاء في هذا القرار: "إن المجلس يرى أن القصد الجنائي عنصر من عناصر الجريمة غير متوفر أمام إصرار المتهمين على إنكارهم وصراحتهم بأنهم كانوا يقصدون إعادة بيع المواشي في سوق بئر مقدم وليس الغرض من نقلها هو التهريب". (ملحق رقم 08)
وبتاريخ 01-06-1999 أصدرت المحكمة العليا قرار اثر طعن بالنقض من قبل إدارة الجمارك ضد القرار السالف الذكر قضت فيه بقبول طعن إدارة الجمارك شكلا ونقض وإبطال القرار المطعون فيه في الدعوى الجبائية وبإحالة القضية والأطراف على نفس المجلس شكلا من هيئة أخرى للفصل فيها طبق للقانون.
وبعد رجوع القضية بعد النقض أصدر نفس المجلس بتاريخ 06-11-2000 قرارا يقضي بعدم قبول طلبات إدارة الجمارك وهو الأمر الذي دفع بهذه الأخيرة إلى الطعن بالنقض مرة أخرى في هذا القرار بتاريخ 08-11-2000.
وبتاريخ 06-05-2003 أصدرت المحكمة العليا قرار يقضي بإبطال القرار المطعون فيه في الدعوى الضريبية وإحالة القضية والأطراف على نفس المجلس مشكلا من هيئة أخرى بسبب تجاهل القانون من طرف قضاة المجلس وإعطائهم النقطة القانونية التي فصلت فيها المحكمة العليا وهي ثبوت الجريمة الجمركية مخالفين بذلك أحكام المادة 524 من قانون الإجراءات الجزائية.
وبتاريخ 17-05-2004 أصدر مجلس قضاء تبسة قرار يقضي في الدعوى الجبائية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد بإلزام المسترجع ضدهم بالتضامن أن يدفعوا لإدارة الجمارك مبلغ 308000.00 دج غرامة جبائية إجمالية ومصادرة الماشية ووسيلة النقل.
(ملحق رقم 09)
غير أنه ثم نقض هذا القرار من طرف المتهمين الأمر الذي حال دون حصولنا على القرارات الصادرة عن المحكمة العليا في هذه القضية نظرا لإرسال جميع وثائق الملف إلى هذه الأخيرة إثر هذا الطعن.
ما يمكن ملاحظته لماذا كل هذه الطعون بالنقض في قضية وقائعها واضحة والإدانة فيها ثابتة خاصة أمام وضوح النصوص القانونية ومواقف المحكمة العليا في هذا المجال إذ كان على قاضي الدرجة الأولى الرجوع إلى نص المادة 281 من قانون الجمارك التي كانت تنص قبل تعديلها على أنه لا يجوز مسامحة المخالف على نيته في مجال المخالفات الجمركية، بمعنى أنه لا يجوز إفادة المخالف حتى بظروف التخفيف ولو توفرت لديه ناهيك عن التصريح ببراءته لعدم توفر سوء النية(1)، كما أنه لا يجوز التذرع بجهل القانون كما جاء في تصريح المتهمين في قضية الحال بأنهم يجهلون بأنهم متواجدين في النطاق الجمركي وأنه يشترط لنقل الماشية فيها الحصول على رخصة تنقل صادرة من الإدارات المخولة قانون بذلك.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن تبرئة ناقلي البضائع الخاضعة لرخصة التنقل هذه الأخيرة بحجة عدم نشر مقرر المدير العام للجمارك وهو الأمر الذي كرسته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 27-09-1999 ومما جاء فيه :
"حيث أنه وإن كانت المادة 30 من قانون الجمارك تنص على نشر مقررات تحديد رسم النطاق الجمركي إلا أن قضاة المجلس لم يشيروا إلى مصدر توصلهم إلى عدم نشر هذا المقرر، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن القانون لم ينص على جزاء معين في حالة عدم نشر هذا المقرر، ولم يجعل لإغفال هذا الإجراء أي جزاء، وعليه فإن قضاة المجلس يكونون قد خرقوا القانون بتطبيقهم لجزاء لم ينص عليه القانون وعرضوا بذلك قرارهم للنقض"(2).
ونظرا لانتشار ظاهرة تهريب المواشي بمنطقة تبسة قمنا بتاريخ 05-12-2004 بزيارة ميدانية إلى مقر ولاية تبسة لمعرفة ما إذا كان هناك قرارات أو تنظيمات للحد من هذه الظاهرة أين تحصلنا على قرارين صادرين بتاريخ 25-05-1992 عن والي ولاية تبسة يعلنان عن غلق بعض أسواق المواشي لضرورة حماية الاقتصاد الوطني من أشكال التهريب أمام استفحال هذه الظاهرة في تلك الفترة ويتعلق الأمر بالقرار الخاص بغلق سوق المواشي ببلدية بئر العاتر، ابتداءا من الفاتح جوان 1992 إلى إشعار لاحق. (ملحق رقم10)
والقرار الخاص بغلق أسواق المواشي الموجودة على تراب بلديات الونزة، المريج، عين الزرقاء، الكويف، الماء الأبيض، الحويجبات ونقرين ابتداء من الفاتح جوان 1992 إلى إشعار لاحق. (ملحق رقم 11)
إضافة إلى ذلك، ولتدعيم آليات محاربة تهريب المواد الأكثر استهلاكا، تضمن القرار الوزاري الصادر بتاريخ 02-05-1994 تدبيرا خاصا بولاية تبسة يتمثل في منع منح رخصة تنقل بالنسبة للمواشي الواردة من باقي الولايات إلى ولاية تبسة،وجعل منح رخصة التنقل لخروج المواشي من هذه الولاية باتجاه باقي الولايات معلق على موافقة مصالح الولاية. (ملحق رقم12)
إذا كان إصدار مثل هذه القرارات ينطوي على ما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني من حيث الحفاظ على جودة الثروة الحيوانية التي تسخر بها منطقة تبسة وضمان عدم تسربها واختلاط سلالاتها مما انعكس إيجابيا على السوق المحلية (توافر اللحوم بأسعار معقولة مقارنة مع باقي المناطق المجاورة) فإن له من الآثار السلبية ما يتجسد فيما يلي :
حرمان بعض مناطق الوطن من الاستفادة من تزويدها بلحوم المنطقة رغم أنها تعاني نقصا في هذا المجال مما انعكس على الارتفاع الحاد لثمن اللحوم.
حرمان المنطقة من حقها في دخول سوق المنافسة في ميدان المواشي واللحوم رغم أن هذا من أهم ما تسخر به من ثروات مما قد يشكل موردا هاما لميزانيتها إذا ما تم في إطار منظم ومراقب. وبالتالي فإنه من المستحسن السماح بخروج المواشي من المنطقة إلى باقي الولايات بشكل منظم ومدروس وفق عمليات لا تضر بحاجة المنطقة ومتطلباتها لهذه البضاعة.
وبشأن باقي التدابير المتخذة حماية للاقتصاد الوطني لمنطقة تبسة صدرت قرارات عن والي المنطقة والتي من بينها القرار الصادر بتاريخ 19-07-2004 تطبيقا لتعليمات وزارة الطاقة والمناجم المتعلقة بمكافحة تهريب المحروقات عبر الحدود، جاء فيه ما يلي :
المادة الأولى : يمنع على مسيري محطات البنزين المتواجدة على الشريط الحدودي
للبلديات التالية : الونزة، عين الزرقاء، الكويف، بكارية، الحويجبات،
أم علي، صفصاف الوسرى، بئر العاتر ونقرين بيع الوقود بواسطة
الدلاء والصهاريج أو بواسطة أي وسيلة أخرى باستثناء الفلاحين
الحاملين لبطاقة موال.
المادة الثانية : يجب فتح سجل على مستوى محطة بيع البنزين مرقم ومؤشر
عليه من طرف مصالح مديرية الصناعة وتتم مراقبة كميات
المحروقات الموزعة للفلاحين المعنيين.
المادة الثالثة : يمنع منعا باتا كل عمليات تخزين مادة الوقود.
كما أشار هذا القرار في مادته الرابعة إلى الجزاءات المترتبة على مخالفة بنوده. (ملحق رقم 13)
إن هذا القرار يساهم إلى حد بعيد في مراقبة عملية اقتناء هذه المادة وتداولها وفق الأغراض التي يسمح بها لأجلها.
حبذا لو تم تعميم مثل هذه القرارات بالنسبة لبعض البضائع التي تكتسي أهمية خاصة في النطاق الجمركي مع العمل على إردافها بتعليمات صارمة تضمن التطبيق السليم لها من طرف الأعوان والأجهزة المعنية بذلك.
الفرع الثاني : حالات الإعفاءات من رخصة التنقل.
إذا كانت القاعدة العامة تقضي بإخضاع البضائع الواردة في المادة الثانية من المقرر الوزاري المشترك المؤرخ في 23-02-1999 والمحدد لكيفيات تطبيق المادة 220 من قانون الجمارك إلى رخصة التنقل فقد نصت المادة الثالثة منه على حالات تعفى فيها البضاعة من هذه الرخصة وهذا ما سنتطرق إليه فيما يلي :
أ-الإعفاء بسبب كمية البضاعة :
تضمن الملحق المرفق بالقرار الوزاري المشترك المؤرخ في 23-02-1999 السالف الذكر كميات البضائع المعفاة من رخصة التنقل كما يلي :
بالنسبة للحيوانات :
إذا تعلق الأمر بالأحصنة من سلالة أصلية فيعفى حصان واحد فقط من رخصة التنقل، أما إذا تعلق الأمر بالحيوانات الحية من فصيلة البقر أو من فصيلة الغنم أو المعز أو الإبل (وحيد السنم) فتعفى ثلاثة رؤوس.
بالنسبة للمواد الغذائية :
فتعفى 100 كلغ من رخصة التنقل مهما كان نوع المادة.
بالنسبة للبنزين :
الكمية المعفاة محددة بـ 200 لتر.
بالنسبة للجلود الخام والزرابي التقليدية :
فإن الكمية المعفاة محددة بثلاثة
وفي هذا الصدد نقضت المحكمة العليا بموجب قرارها الصادر بتاريخ 24/04/2000 قرارا قضى ببراءة المتهمين من جنحة تهريب الأبقار، تأسيسا على كون هذه الأخيرة لم تضبط في النطاق الجمركي وكون عدد الرؤوس لم يتجاوز 03 لكل واحد وأن نقلها لا يخضع لرخصة التنقل ومما جاء في هذا القرار :
"لكن حيث أنه سيتخلص من معاينات محاضر الحجز غير المنازع فيها من طرف المتهم أن الجريمة تمت معاينتها داخل النطاق الجمركي طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 29 من قانون الجمارك.
حيث أنه من جهة ثانية أنه بالرجوع إلى القرار الوزاري المشترك المؤرخ في
26-01-1991 فإننا نجده يخضع تنقل الماشية عندما يفوق عددها ثلاثة رؤوس لرخصة التنقل بصرف النظر عن عدد الأشخاص الذين يرافقونها.
حيث أنه متى كان ذلك فإن قضاة المجلس الذين قضوا بعدم قيام المخالفة الجمركية في حق المدعى عليهما في الطعن تأسيسا على كون الأبقار لم تضبط بالنطاق الجمركي وكون عدد الرؤوس لم يتجاوز ثلاثا لكل واحد، وبالتالي فإن تنقلها لا يخضع لرخصة التنقل قد خالفوا القانون وطبقوه تطبيقا خاطئا"(1).
أصابت المحكمة العليا في قرارها هذا طالما توافرت شروط قيام المخالفة الجمركية السالف ذكرها.
وأثناء زيارتنا الميدانية للمديرية الجهوية لإدارة الجمارك لمنطقة تبسة بتاريخ
07-12-2004 وإلى مختلف مصالحها تساءلنا عن جدوى تحديد الكمية المعفاة بخصوص المواشي والمحددة بثلاثة رؤوس مادام الواقع يكشف عن سهولة تحايل العديد من المهربين بمنطقة تبسة على نص القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 23-02-1999 السالف الذكر الذي يعفي ثلاثة رؤوس من الماشية من رخصة التنقل- وذلك بنقلهم في اليوم الواحد لعدد كبير من رؤوس الماشية على عدة مراحل دون أن يتجاوز ما ينقلونه في كل مرة ثلاثة رؤوس مما سمح بتزايد حجم عمليات تهريب المواشي أمام صعوبة إحصاء الماشية نظرا لنقص التنسيق والتعاون ما بين مختلف المصالح المعنية في ميادين البيطرة والصحة العمومية لحماية هذه الثروة الحيوانية إلى جانب غياب أي تنظيم خاص بتسيير أسواق الماشية ومراقبة الوثائق التي تثبت شرعية حيازتها وكذا رخص التنقل وعدم مراقبة عملية تحويل المواشي نحو المذابح للتأكد من عدم لجوء الجزارين إلى تهريبها.
وعليه نقترح في هذا المجال :
تخفيض عدد رؤوس المواشي المعفاة من رخصة التنقل من ثلاثة رؤوس إلى رأس واحدة كما هو الحال بالنسبة للأحصنة من سلالة أصيلة ذلك أن نقل رأس واحدة -وإن تم على مراحل متعددة -يتطلب أكثر تكلفة ويستغرق وقتا أطول بالنسبة للمهربين مما يضعف من حدة نشاطهم في هذا المجال.
تشديد الرقابة على حركة الماشية بمنطقة تبسة عن طريق التنسيق بين مختلف المصالح المعنية.
بالنسبة للمواد الغذائية فإن كمية 100 كلغ المعفاة من رخصة التنقل حسب وجهة نظرنا فإن كانت معقولة بالنسبة للتمور فإنها ليست كذلك بالنسبة للمواد الغذائية الأخرى، إذ قد تتجاوز احتياجات الشخص العائلية هذا المقدار خاصة في المناطق المنعزلة أين يلجأ المعني إلى شراء كميات كبيرة في تجنبا للإنتقال في كل مرة وقطع عدة كيلومترات لاقتنائها.
وعليه نقترح في هذا الصدد رفع هذه الكمية إلى حد معقول يتناسب ومتطلبات الحياة الضرورية في المناطق النائية.
ب-الإعفاء بسبب مكان ضبط البضاعة :
يعفى ناقلوا البضائع من رخصة التنقل عندما يتم نقلها داخل المدينة ذاتها التي يوجد فيها موطن المالكين أو الحائزين أو المعيدين بيع البضائع الخاضعة لرخصة التنقل، ماعدا النقل الذي يتم في البلدان الواقعة بالجوار الأقرب للحدود طبقا للمادة الثالثة فقرة الأولى من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 23-02-1999 المتضمن تحديد كيفيات تطبيق المادة 220 من قانون الجمارك.
وباستقرائنا لهذه الفقرة نلاحظ أن شطرها الأخير" ماعدا النقل الذي يتم في البلدان الواقعة بالجوار الأقرب للحدود " يكتنفه الغموض، فما المقصود بالبلدان الواقعة بالجوار الأقرب للحدود ؟.
فهل يقصد بها كافة تراب الولايات الواقعة على الحدود كولاية تبسة مثلا أو أجزاء منها فقط وهو السؤال الذي يبقى مطروحا طالما لا يوجد نص تنظيمي يبين معالم البلدان الواقعة بالجوار الأقرب للحدود ويحددها.
إذن فناقلي البضائع في هذه المناطق" البلدان الواقعة بالجوار الأقرب للحدود"غير معفيين من رخصة التنقل مهما كانت كمية البضائع التي ينقلونها ومن ثمة الرجوع إلى القاعدة العامة التي تخضع نقل البضائع المحددة في المادة الثانية من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 23-02-1999 السالف الذكر إلى رخصة التنقل.
وفي هذا الصدد نقضت المحكمة العليا بتاريخ 26-06-2000 قرارا قضى ببراءة المتهمين على أساس أن المدعي عليهما في الطعن غير ملزمين برخصة التنقل ومما جاء في هذا القرار :
"حيث أن قرار المحكمة العليا أشار إلى أن تنقل المواشي في النطاق الجمركي يخضع وجوبا إلى رخصة تنقل لكن في قضية الحال فإن المتهمين موالان ويسكنان بتلك المنطقة ولم ينتقلا بعيدا بل في مناطق رعي المواشي المحاذية للوادي ولا يعقل أن يطلب من كل سكان تلك المنطقة رخصة لشرب المياه للماشية.
لكن حيث أن الأسباب التي استند إليها قضاة المجلس للتصريح بأن المدعى عليهما في الطعن غير ملزمين برخصة التنقل لا تصلح أساسا لما انتهوا إليه، ذلك أن حالات الإعفاء من رخصة التنقل حددتها المادة 05 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 26-01-1991 على سبيل الحصر، واستثنت منها حالة تنقل البضائع في الجهات الواقعة بالجوار الأقرب للحدود حتى ولو كان حائز البضاعة يقيم بجوار الحدود وهذا ما ينطبق على قضية الحال، إذ أن الماشية ضبطت بواد يفصل بين الحدود الجزائرية والغربية"(1).
أصابت المحكمة العليا في قرارها هذا ذلك أنه وإن كان تنقل البضائع الخاضعة لرخصة تنقل يعفي ناقلها من هذه الرخصة عندما يتم النقل داخل المدينة ذاتها إلا أنه إذا كانت هذه الأخيرة واقعة بالجوار الأقرب للحدود فلا بد من الحصول على رخصة التنقل لنقل البضائع فيها وهو الإستثناء الوارد بالمادة الثالثة الفقرة الأولى السالفة الذكر.
ودرءا للغموض الذي يشوب عبارة "البلدان الواقعة بالجوار الأقرب للحدود" نقترح إصدار تنظيم يحدد معالم وحدود هذا الجوار بدقة خاصة في منطقة تبسة الشاسعة المساحة و التي تظم بلديات مجاورة للحدود و أخرى بعيدة (قريبة من المناطق الداخلية) فهل نطبق النص القانوني السابق الذكر على هذه الأخيرة باعتبارها تدخل ضمن النطاق الجمركي أم أن عبارة "البلدان الواقعة بالجوار الأقرب للحدود" تقتصر على تلك المجاورة للحدود كبلدتي بئر العاتر والحويجبات مثلا.
ج-الإعفاء بسبب الأشخاص الحازين للبضائع :
نصت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في
23-02-1999 المذكور أعلاه على إعفاء نقل صنف من البضائع من رخصة التنقل عندما يقوم بنقلها الرحل على أن تحد طبيعة تلك البضاعة بقرار من الوالي المختص.
وفي هذا الصدد صدر عن والي ولاية تبسة بتاريخ 01-02-1995 (ملحق رقم 14) قرار يتضمن ضبط قائمة البضائع المعفاة من رخصة المرور لفائدة الرحل على مستوى إقليم ولاية تبسة وذلك على النحو التالي :
قائمة البضائع الحد الأقصى للكمية المعفاة من رخصة المرور
السميد والحبوب 200 كلغ
عجائن غذائية 50 كلغ
خميرة 06 كلغ
أغذية الأنعام 100 كلغ
بقول جافة 10 كلغ
التمور 50 كلغ
طماطم مصبرة 10 كلغ
الشاي 10 كلغ
عسل 04 كلغ
خيول 03
الزرابي التقليدية 05
بطاريات كهربائية 20
لكن أمام عدم استقرار هذه الفئة من الأشخاص يبقى هذا القرار صعب التطبيق، لهذا نقترح إنشاء أجهزة خاصة تتكفل بإحصاء هذه الفئة ومراقبة حركة البضائع التي ينقلونها.
المطلب الثاني
نسبية فعالية رخصة التنقل
بعد التطرق إلى قائمة البضائع الخاضعة إلى رخصة التنقل وحالات الإعفاء منها، نتعرض الآن بشكل من التفصيل إلى نسبية فعالية رخصة التنقل من خلال دراسة شكل هذه الأخيرة والسلطات المختصة بمنحها (الفرع الأول) وشروط منحها (الفرع الثاني).
الفرع الأول : شكل رخصة التنقل والسلطات المختصة بمنحها :
أولا : شكل رخصة التنقل :
إن رخصة التنقل وثيقة مكتوبة يسمح بموجبها بتنقل البضائع الخاضعة لرخصة التنقل داخل المنطقة البرية من النطاق الجمركي (ملحق رقم 15).
وقد حدد المقرر الصادر بتاريخ 23-02-1999 عن المديرية العامة للجمارك شكل هذه الرخصة، وبالإطلاع على ملحق المقرر المذكور أعلاه والخاص بنموذج رخصة التنقل ارتأينا زيارة أحد المصالح التابعة للمديرية الجهوية للجمارك لمنطقة تبسة ويتعلق الأمر بقباضة الجمارك لبلدية بكارية المختصة بمنح هذه الرخصة.
حسب هذا الملحق فإن رخصة التنقل تتضمن البيانات التالية :
1-الدباجة L’intitulé
2-التصريح La déclaration ويتكون من :
اسم القباضة.
الرقم التسلسلي.
اسم ولقب ورتبة وإقامة الأعوان الموقعون على رخصة التنقل.
اسم ولقب وعنوان المصرح.
طبيعة البضاعة.
وزن البضاعة وعددها.
عنوان مكان الرفع.
عنوان المكان المقصود.
الأماكن المقرر عبروها أو الطريق المقرر سلكه.
المدة اللازمة للنقل.
الوسيلة المستعملة (نوعها وتحديدها).
تاريخ ومكان التحرير.
الإشارة إلى الجزاء المترتب عن عدم احترام المدة والمسلك.
وبمقارنة النموذج الوارد في ملحق القرار الصادر بتاريخ 23-02-1999 المذكور أعلاه والنموذج المعمول به فإن هذا الأخير هو ذلك النموذج الوارد في ملحق القرار الصادر بتاريخ 14-03-1993 عن المديرية العامة للجمارك المحرر باللغة الفرنسية. (ملحق رقم 16)
ولم تقم لحد الآن المديرية العامة للجمارك بطبع رخص تنقل وفقا للنموذج المحدد في ملحق المقرر الوزاري المشترك المذكور أعلاه أي باللغة العربية وعليه لماذا هذا التأخر بالرغم من مرور مدة معتبرة عن تاريخ صدور الملحق المذكور أعلاه.
من جهة أخرى وبمطابقة بيانات النموذجين (النموذج باللغة العربية والنموذج باللغة الفرنسية). نجد أن النموذج المعمول به لا يحتوي على البيان الخاص بالإشعار المتضمن تعرض المخالف إلى متابعات عن التهريب في حالة عدم احترام المدة والمسلك.
وفي إطار عدم احترام البيانات الواجب توفرها في رخصة التنقل صدر عن المحكمة العليا قرار بتاريخ 27-03-2000 نقضت بموجبه القرار الصادر عن الغرفة الجزائية بمجلس قضاء تبسة بتاريخ 23-03-1998 القاضي بتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ
23-11-1997 عن محكمة تبسة والقاضي ببراءة المتهم من تهمة حيازة ونقل مواشي بدون رخصة مع الأمر برد السيارة والخرفان المحجوزة، على أساس عدم احترام المتهم للالتزام الوارد في رخصة التنقل يجعل الرخصة منعدمة ذلك أن هذه الأخيرة وحدها غير كافية لإعفاء المتهم من جرم التهريب إذا لم يتم احترام التعليمات والبيانات الواردة في رخصة التنقل كالخط المرسوم ومدة التنقل والبيانات الأخرى طبقا لأحكام المادة 225 من قانون الجمارك. ومما جاء في هذا القرار :
"…إذ أنه جاء في تعليل المجلس ما يلي : "حيث أنه من المناقشة التي دارت بالجلسة وبالإطلاع على أوراق القضية فإنه يثبت للمجلس بأن المتهم قد نقل الماشية بموجب رخصة جمركية وبالتالي فإن نية التهريب لا تثبت ضده"، وهذا كما هو واضح تعليل قاصر إذ أن المجلس لم يعلل ما عرضه في الوقائع من أن الرخصة ممنوحة ليتم النقل يوم 01-11-1997 لمدة ساعة واحدة وضبط الجريمة تم يوم 02-11-1997 فكان على المجلس تسبيب اعتبار النقل تم بموجب رخصة تنقل رغم أنها كانت منتهية الصلاحية"(1).
أصابت المحكمة العليا في هذا القرار ذلك أن تنقل البضاعة في هذه القضية وإن تم بموجب رخصة التنقل، إلا أنه لم يتم إحترام مهلة التنقل المعينة في هذه الرخصة.
بالإضافة إلى ضرورة احترام البيانات الواردة في رخصة التنقل يجب على ناقلي البضائع الخاضعة لرخصة التنقل تقديم هذه الوثيقة عند أول طلب وقت ضبط البضاعة من طرف أعوان الجمارك عند أول طلب وقت ضبط البضاعة من طرف أعوان الجمارك طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 221من قانون الجمارك.
هذا وتوجب المادة 222 من قانون الجمارك التصريح بالبضاعة الخاضعة لرخصة التنقل لدى أقرب مكتب جمركي من مكان الرفع عندما يرغب في رفعها من المنطقة البرية من النطاق الجمركي لتنقل فيها أو لتنتقل خارج النطاق ضمن الإقليم الجمركي، أي أن التصريح بالبضاعة يكون قبل رفعها.
ويعد مخالفة هذا الالتزام فعلا من أفعال التهريب ويتحقق ذلك إذا ضبطت بضاعة من صنف البضائع الخاضعة لرخصة التنقل داخل النطاق الجمركي دون أن تكون مرفقة برخصة التنقل(1).
وفي هذا الإطار صدر عن المحكمة العليا قرار بتاريخ 23-03-1998 جاء فيه ما يلي:
"ولما كان ثابتا من أوراق الدعوى أن الطاعن ضبط داخل النطاق الجمركي قادما إليه من داخل الإقليم الجمركي، وهو ينقل بضاعة خاضعة لرخصة التنقل، وعندما طلب منه أعوان الجمارك تقديم ما يثبت الحيازة القانونية لهذه البضاعة عجز عن ذلك، فإن الفعل المنسوب إليه يشكل مخالفة لأحكام المادة 221 في فقرتها الثانية، وهذا بصرف النظر عن كون الطاعن ضبط حسب تصريحه وهو في طريقه إلى أقرب مكتب جمركي للتصريح بالبضاعة، ذلك أن حكم المادة المذكورة في الفقرة الثانية لا تخص بالذكر رخصة التنقل وإنما تخص أي وثيقة تثبت الحيازة القانونية للبضائع مثل فواتير الشراء وسندات النقل"(2).
إلا أن الفقرة الثانية من المادة 222 المذكورة أعلاه تسمح برفع البضائع الخاضعة لرخصة التنقل قبل الحصول على هذه الأخيرة شريطة الحصول على ترخيص من إدارة الجمارك مرفق بوثيقة تثبت الحيازة القانونية لهذه البضاعة إزاء التنظيم الذي يحكم هذه البضاعة.
ثانيا : السلطات المختصة بمنح رخصة التنقل
طبقا لنص المادة 220 من قانون الجمارك فإن رخصة التنقل تسلم من طرف إدارة الجمارك و/أو إدارة الضرائب حسب الحالة.
إن أول إشكال تثيره هذه المادة هو ما المقصود بعبارة "حسب الحالة ".
إذ قد يفهم منها أن هناك حالات تمنح فيها إدارة الجمارك رخصة التنقل وحالات أخرى يكون فيها منح هذه الرخصة من اختصاص إدارة الضرائب.
إذا كان الحال كذلك فما هي هاته الحالات وعلى أي أساس تم تحديدها ؟
أما بالنسبة لما أتى به المشرع في تخويل صلاحيات منح رخصة التنقل لكل من إدارة الجمارك وإدارة الضرائب فهي تبدو فكرة ناجعة في أساسها غلقا لباب التحايل والتهرب من استصدار هذه الرخصة، إذ يحول ذلك دون تذرع المعنيين بانعدام وجود مصالح مختصة بذلك في مكان الرفع مثلا، في حالة ما إذا ضبطوا وهم ينقلون بضاعة ما دون رخصة تنقل
إلا أن عدم تحديد هذه الحالات التي يتحدد بموجبها اختصاص كل إدارة في منح رخصة التنقل يحمل من الإبهام وعدم الوضوح ما قد يخلق نوعا من التداخل في المهام لحد التنازع السلبي أو الإيجابي من حيث الاختصاص وبينهما، وعليه كان على المشرع أن يحدد مجال اختصاص إدارة الجمارك وإدارة الضرائب في منح رخصة التنقل أو يحيل الأمر بشأن ذلك إلى تنظيم خاص يتولى تحديد المهام بين الإدارتين في هذا المجال مع تبيان حالات استخلاف إحداهما للأخرى في ذلك في حالة عدم وجود مصالح تمثلها في تلك المنطقة.
1 – بالنسبة لإدارة الجمارك :
تتوافر ولاية تبسة على مكتبين فقط لمنح رخصة التنقل ويتمثلان في قباضة الجمارك لبلدية بكارية وفرقة الشريعة، رغم شساعة المنطقة واستفحال ظاهرة التهريب بها.
2 – بالنسبة لإدارة الضرائب :
لأن تطبيق المادة 220 من قانون الجمارك يحوم حوله بعض الغموض في توزيع المهام وتحديدها فيما بين إدارتي الجمارك والضرائب في منح رخصة التنقل، انتقلنا إلى المصالح المعنية قصد معاينة ذلك عن قرب، حيث علمنا أن المصلحة الوحيدة المختصة بمنح رخصة التنقل والتابعة لإدارة الضرائب لولاية تبسة هي مفتشية الضرائب لدائرة العوينات نظرا لعدم وجود مكتب جمركي بها أين لحظنا أن نموذج رخصة التنقل الذي تمنحه هذه المصلحة شبيه بذلك المعمول به على مستوى إدارة الجمارك ماعدا فيما يخص الدباجة. (ملحق رقم 17)
تجدر الإشارة إلى أنه رغم إختصاص إدارة الضرائب بمنح رخص التنقل طبقا للمادة 220 من قانون الجمارك إلا أنه بالرجوع إلى المادة 223 من ذات القانون نجدها تنص في فقرتها الأولى على أنه :" تسلم رخص التنقل من قبل مكاتب الجمارك التي يصرح فيها بالبضائع إما عند وصولها من الخارج، وإما عند رفعها داخل النطاق أو الإقليم الجمركي، وذلك للتنقل داخل النطاق".
وعليه نقترح تعديل هذه المادة بما يفيد تسليم رخ التنقل من قبل إدارة الضرائب تماشيا ونص المادة 220 السالفة الذكر.
إلى جانب اختصاص كل من إدارة الجمارك وإدارة الضرائب يمنح رخصة التنقل إستنادا إلى نص المادة 220 من قانون الجمارك السلفة الذكر، فقد اتضح لنا من خلال الزيارات الميدانية إلى المديرية الجهوية للجمارك لمنطقة تبسة أن مصالح الدرك الوطني تمنح بدورها هذه الرخصة.
ورغبة منا في الحصول على معلومات أكثر في هذا المجال ومعرفة السند القانوني الذي يخول لهذا الجهاز– الدرك الوطني- الاختصاص يمنح هذه الرخصة ارتأينا ضرورة القيام بزيارة إلى المجموعة الولائية للدرك الوطني لولاية تبسة أين عاينا أن مصالح هذه الهيئة تمنح رخصة التنقل فقط فيما يخص المواشي وفق نموذج يختلف تماما عن ذلك الصادر عن إدارتي الجمارك والضرائب (ملحق رقم 18)، في حين لم نتمكن من الحصول على السند القانوني الذي يخول لهذه الهيئة صلاحية منح رخصة تنقل الماشية.
الفرع الثاني : شروط منح رخصة التنقل :
لمنح رخصة التنقل لابد من توفر الشروط التالية :
أن تكون البضاعة من البضائع الخاضعة لرخصة التنقل والمحددة بموجب المادة الثانية من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 1999/02/23 المحدد لكيفية تطبيق المادة 220 من قانون الجمارك.
يجب على المالك، الحائز أو الناقل :
أ-إحضار البضاعة للتصريح بها لدى أقرب مكتب جمركي من مكان الرفع سواء لنقلها داخل المنطقة البرية من النطاق الجمركي أو نقلها من النطاق إلى الإقليم.
ب-إثبات الحيازة الشرعية لهذه البضاعة من خلال تكوين ملف يحتوي على الوثائق التالية :
شهادة الميلاد.
نسخة طبق الأصل مصادق عليها لبطاقة موال.
شهادة عدم الخضوع للضرائب.
نسخة طبق الأصل للسجل التجاري بالنسبة للتجار.
شهادة الإقامة.
تسريح من الغرفة الفلاحية وذلك في حالة ما إذا كانت البضاعة ماشية وأراد الموال أو التاجر نقلها من النطاق الجمركي إلى الإقليم الجمركي بغرض البحث عن المراعي (العشابة) يتضمن –التسريح- الموافقة المبدئية(1) لهذه الغرفة للحصول على رخصة التنقل. (ملحق رقم 19)
في حالة ما إذا لم يكن المعني بالأمر موالا أو تاجرا كأن يكون صاحب عرس أو حفل فلحصوله على رخصة التنقل يجب عليه إحضار وثيقة تثبت ذلك صادرة عن مصالح البلدية أو الشرطة.
بعد إحضار جميع الوثائق يمكن للمعني الحصول على رخصة التنقل، وبعد منحه إياها يقوم عون الجمارك بتدوين ذلك في سجل تحرير رخص التنقل الذي يحتوي على البيانات التالية :
إسم ولقب المستفيد.
رقم الرخصة.
نوع البضاعة.
تاريخ النقل.
الوقت الممنوح.
التصفية.
الاتجاه المقصود.
وسيلة النقل.
عند الحصول على رخصة التنقل ونقل بضاعة ما بموجبها فإنه من الناحية العملية يتعين على ناقل البضاعة إيداع رخصة التنقل لمكتب الوصول أين يتم التأشير على ظهر الرخصة بذكر مكتب الوصول، تاريخ وصول البضاعة، نتائج فحص البضاعة، إسم ولقب وإمضاء عون الجمارك الذي تلقى الرخصة، وطالما لا يوجد بولاية تبسة سوى مكتبين مختصين بمنح هذه الرخصة (قباضة الجمارك ببكارية وفرقة الشريعة) فإنه في حالة عدم وجود مكتب جمركي بمكان الوصول فإن المعني يعيد رخصة التنقل إلى مكتب المنح أين يتم الاحتفاظ بها.
غير أنه تجدر الإشارة إلى أن تصفية رخصة التنقل (إيداعها بمكتب الوصول أو إرجاعها إلى مكتب المنح) إجراء لا يترتب عن مخالفته أي جزاء وهذا ما إستشفيناه من خلال إطلاعنا على سجل تحرير رخص التنقل على مستوى قباضة الجمارك لبلدية بكارية أين لاحظنا خلو الخانة الخاصة للتصفية من أي تأشير الأمر الذي يجعل رخصة التنقل لا تؤدي الغرض الذي شرعت من أجله، لهذا نقترح في هذا المجال :
تقنين تصفية رخصة التنقل وإجراءاتها.
فرض عقوبات صارمة على مخالفة ذلك.
تعميم مراكز الجمارك في القرى والتجمعات السكانية المنعزلة.
تصفيتها لدى فرقة الدرك الوطني باعتبارها أكثر إنتشارا في حالة عدم وجود مكتب جمركي في مكان الوصول.
ضرورة التنسيق بين كل من مكتب الرفع ومكتب الوصول وكذا فيما بين مصالح إدارة الضرائب ومصلحة السجل التجاري وإدارة الجمارك.
وبالتالي فإن كل ما سبق ذكره يسمح بإعطاء أكثر فعالية لرخصة التنقل للحد من ظاهرة التهريب ومنع المهربين من استعمالها كغطاء لنشاطهم.
الفهـــــــرس
الموضوع الصفحة
المقدمة ………………………………………………………………….………. 01
الفصل الأول : محدودية وسائل مكافحة الجريمة الجمركية في النطاق الجمركي البري (منطقة تبسة) … 05
المبحث الأول : مفهوم النطاق الجمركي وكيفية رسمه في ولاية تبسة ……………………. 06
المطلب الأول : مفهوم النطاق الجمركي ……………………………………………… 06
الفرع الأول : نشأة وتعريف النطاق الجمركي …………………………………………….. 06
الفرع الثاني : تقسيم وأهمية وجود النطاق الجمركي ………………………………………. 08
المطلب الثاني : تمديد ورسم النطاق الجمركي البري في ولاية تبسة …………………….. 10
الفرع الأول : تمديد النطاق الجمركي البري في ولاية تبسة ………………………………. 11
الفرع الثاني : رسم النطاق الجمركي البري في ولاية تبسة …………………………. 17
المبحث الثاني : عدم التوازن بين حجم الجرائم الجمركية المرتكبة في ولاية تبسة وأليات مكافحتها ….… 20
المطلب الأول : عدم كفاية الوسائل المادية والبشرية ……………………………………. 20
الفرع الأول : قلة الوسائل المادية …………………………………………………………….. 21
الفرع الثاني : نقص الموارد البشرية ………………………………………………………………………. 28
المطلب الثاني : نقص فعالية جهازي المكافحة والردع ……………………………. 31
الفرع الأول : إنعدام التنسيق بين أجهزة مكافحة الجريمة الجمركية …………………. 31
الفرع الثاني : عدم وجود قضاء جمركي متخصص ……………………………………. 37
الفرع الثالث : الحاجة إلي مراجعة القانون الجمركي ………………………………… 40
الفصل الثاني : صعوبة مراقبة تنقل البضائع وحيازتها في النطاق الجمركي البري ( منطقة تبسة) …….. 46
المبحث الأول : البضائع الخاضعة لرخصة التنقل …………………………………………. 47
المطلب الأول : إستغلال حالات الإعفاء من رخصة التنقل للتحايل علي القانون …………… 47
الفرع الأول : التعليق علي قائمة البضائع الخاضعة لرخصة التنقل …………………………. 47
الفرع الثاني : حالات الإعفاء من رخصة التنقل ……………………………………………… 55
المطلب الثاني : نسبية فعالية رخصة التنقل …………………………………………………… 60
الفرع الأول : شكل رخصة التنقل والسلطات المختصة بمنحها ……………… 60
الفرع الثاني : شروط منح رخصة التنقل ……………………………………………………… 64
المبحث الثاني : البضائع المحظورة والخاضعة لرسم مرتفع ……………………… 67
المطلب الأول : إنعدام قائمة خاصة بالبضائع المحظورة ……………………………….. 67
الفرع الأول : البضائع المحظورة عند الإستيراد …………………………………………… 70
الفرع الثاني : البضائع المحظورة عند التصدير ……………………………………………… 80
المطلب الثاني: تعقيد عملية تحديد البضائع الخاضعة لرسم مرتفع ………………………………………… 83
الفرع الأول: التعريف بالبضائع الخاضعة لرسم مرتفع …………………………………………. 83
الفرع الثاني : المقصود بالحقوق والرسوم الجمركية ……………………………………………. 85
الخاتمة ……………………………………………………………………………….. 88
الخاتمة
التعامل مع الجريمة الجمركية يكتسب طابعا خاصا يتطلب المزيد من التمرس والحنكة، لأنه وإن كان يصعب القضاء عليها نهائيا فإنه يمكن التقليل من حدة آثارها، لاسيما وإنها لم تنل حظها الوافر في كتابات رجال القانون والباحثين مما يستوجب تدعيم الجهود المبذولة من طرف أعوان الدولة المتدخلين لمكافحتها بتشريعات أساسها الإجتهاد المبني على دراسات ميدانية مستمدة من واقع الإشكالات التي تواجهها إدارة الجمارك باعتبارها واجهة لتطبيق هذه التشريعات.
فدور هذه الهيئة لم يعد تقليديا في جوهره بل تتجه الرؤى الدولية حاليا للتعويل عليها في محاربة ما يسمى بالجريمة المنظمة. مما يعزز نشاطاتها ويجعلها آلية محورية في إقتفاء آثار هذه الجريمة ومحاربتها حتى فيما وراء الحدود.
ويبقى العامل الرئيسي لردع الإجرام الجمركي هو الوقاية منه، فلابد من العمل على تغيير الذهنيات للقضاء على النظرة التسامحية المتأصلة لدى أفراد المجتمع عن طريق تحسيسهم وتوعيتهم بالإنعكاسات الخطرة لهذه الظاهرة ومغبة ما تحمله من آثار تعود بالضرر على المجتمع وتهدد أمنه وإستقراره.
فإذا كانت حماية الاقتصاد الوطني مما يتماشى والمصلحة العليا للوطن هي مبتغى المشرع الجزائري فإن الأمر لا يستقيم إلا بتنسيق الجهود وتظافرها على المستويين الداخلي والخارجي. وعلى هذا الأساس فكرت الجزائرفي الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة (O.M.C) مما سينجر عنه إزالة القيود الجمركية أمام المبادلات التجارية للدول الأعضاء. وبذلك فإن الافتراض الغالب هو أن يتضمن التعديل القادم لقانون الجمارك –المزمع المصادقة عليه لاحقا- تداعيات هذه المرحلة الجديدة خاصة بعد إمضاء الجزائر على الاتفاقية واستكمالها لأهم الخطوات الرامية إلى الإنضمام الفعلي إليها، مما يبعث على التساؤل حول الدور الجديد الذي تضطلع به إدارة الجمارك من جهة، ومدى استعداد الجزائر للانتقال لهذه المرحلة بكل مؤسساتها وأجهزتها مما يضمن لها عدم الوقوع في تناقضات بين إمكاناتها المادية والبشرية، ومتطلبات هذا الانتقال من جهة أخرى.
فإذا كان لا يخفى علينا بأن معظم أعضاء (O.M.C) هي دول قوية اقتصاديا، فإنه لابد من أن يتملكنا التفكير فيما إذا كان هذا الانضمام ينطوي على دراسات دقيقة تشكل ضمانات، لما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، أم أنه سينشئ سوقا محلية لتدعيم تلك الأسواق الكبرى.
قائمة المراجع والمصادر
أولا : الكتب
1-الدكتور أحسن بوسقعية، المنازعات الجمركية، تصنيف الجرائم ومعاينتها، المتابعة والجزاء، الطبعة الثانية، دار النشر النخلة، سنة 2001.
2-الدكتور أحسن بوسقيعة، التشريع الجمركي مدعم بالإجتهاد القضائي،الطبعة الثانية،الديوان الوطني للأشغال التربوية،سنة 2001.
3- الدكتور علي عوض حسن، جريمة التهريب الجمركي، دار الكتب القانونية لسنة 1998.
4-الأستاذ جيلالي بغدادي، الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، الديوان الوطني للأشغال التربوية، سنة 2002.
5-جرائم التهريب في الوطن العربي الصادر عن دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض.
5-الدكتور مصطفى كمال طه، القانون التجاري الإسكندرية.
6-الدكتور شوقي رامز شعبان، إدارة الجمارك، الدار الجامعية سنة 1994.
7-الدكتور جورج قذيفة، القضايا الجمركية الجزائية، المباديء الأساسية للشريعة الجمركية الجزائية، الجزء الأول، بيروت.
8-جرائم التهريب في الوطن العربي الصادر عن دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض.
ثانيا : المجلات
1-المجلات القضائية الصادرة عن قسم الوثائق بالمحكمة العليا:
العدد الخاص، الجزء الثاني لسنة 2002.
العدد الثاني لسنة 1994.
2-مجلة الجمارك عدد خاص، مارس 1992.
3-الإجتهاد القضائي في المنازعات الجمركية الصادر عن المديرية العامة للجمارك، المصنف الرابع لسنة 2003.
4-القسطاس، مجلة فصلية تصدر عن مجلس قضاء تبسة العدد 01.
ثالثا : القوانين
1-قانون الجمارك رقم 79/07 المؤرخ في 21/07/1979 المعدل والمتمم بالقانون رقم 98/10 المؤرخ في 22/08/1998
2-قانون الجمارك النص الكامل للقانون، تعديلاته مدعم بالإجتهاد القضائي، الطبعة الثانية.
3-القانون رقم 83/10 المؤرخ في 25/06/1983 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 1983.
4-القانون رقم 97/07 المؤرخ في 31/12/1997 المتضمن قانون المالية لسنة 1998.
5-الأمر رقم 97/06 المؤرخ في 21/01/1997 المتعلق بالعتاد الحربي والأسلحة والذخيرة.
6- الأمر رقم 85/85 المؤرخ في 16/02/1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها.
رابعا : المحاضرات
1-الأستاذ جبارة عمر شوقي:محاضرات ألقيت على طلبة المعهد الوطني للقضاء سنة 2002/2003.
2-الدكتور أحسن بوسقيعة: محاضرات ألقيت على طلبة المعهد الوطني للقضاء سنة 2003/2004.
خامسا : القواميس
1-معجم عربي-فرنسي، شرح المصطلحات الجمركية، المركز الوطني للإعلام والتوثيق.
2-معجم اللغات الوسيط، إنجليزي-فرنسي-عربي تأليف جروات الساب