المقدمة
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد ان محمداً عبده ورسوله.
وبعد:
تشكل الجريمة تهديداً كبيراً على المجتمعات الإسلامية ومجتمعات العالم بأسره ، وأي شخص يرتكب جريمة فإنه يقوم بانتهاك لحرمة المجتمع والتعدي على سلامة وأمن المجتمع واستقرار الدولة ، فالجريمة موجودة منذ الأزل ومنذ وجود الإنسان على وجه الأرض وأول جريمة حدثت في تاريخ البشرية هي قتل قابيل أخيه هابيل.
إن عودة الشخص لارتكاب جريمة قد سبق وأن ارتكبها فيكون هذا الشخص لديه خطورة إجرامية كامنة في نفسه وذلك يعتبر تهديداً لامن المجتمع ، كما ان المجرم العائد الذي صدر بحقه حكم قضائي سابق وكرر الجريمة فإن العقوبة تكون شديدة عليه باختلاف الجريمة التي ترتكب من شخص و لم يكررها ، فإن العقوبة لا تكون مشددة مثل المجرم العائد ، فالجريمة هي طبيعة للحياة البشرية فالتداخل والتضارب الواقع بين أفراد في الجماعات أو المجتمع ككل ودخولهم في معاملات تجارية فيما بينهم يؤدي الى نزاعات تقضي في الغالب الى ارتكاب جريمة.
لذا فإن التشريعات الإسلامية اهتمت بهذا الجانب من الجرائم وبمختلف اشكالها وانواعها، وذلك بدراستها ومعرفة أسبابها ودوافعها من اجل الوقاية من الوقوع فيها وذلك لردعه من ارتكاب الجريمة مرة أخرى، لكن المجرم قد لايتردع من ارتكاب الجرائم نتيجة عدة أسباب تتعلق بطبيعة النفسية او الاجتماعية وهذا ما سنسلط عليه الضوء في بحثنا هذا.
أسباب اختيار الموضوع:
سبب اختيارنا لهذا الموضوع هو ان المجرم العائد يسبب تهديداً لامن المجتمع ويشكل خطورة على الافراد، واستهانته بالعقاب ولذلك قررنا اختيار هذا الموضوع للتعرف على موقف القانون والشريعة من المجرم العائد .
أهمية البحث:
ان المجرم العائد اثار الجدل بين الفقهاء والقانونيين لأنه يسبب تهديدا لأمن المجتمع ويشكل خطورة على الأفراد، ولذلك اهتموا بدراسة المجرم العائد وأسباب عودته لارتكاب الجريمة مرة أخرى، و أثار هذه الظاهرة ،حيث أن هذه الدراسة ستغير طريقة التعامل مع هؤلاء المجرمين وذلك راجع لفهم مشكلتهم بشكل أدق لدى أشخاص يجهلون الكثير عنهم ، لذا يعتبر من أصعب المسائل التي تعاني منها المجتمعات، وهذه المسألة اتفقت عليها التشريعات السماوية والقانونية على اعتبارها موضوع مشدد ، لارتفاع معدل ارتكاب الجرائم في المجتمعات وخاصة من الأشخاص الذين لديهم سوابق قضائية في ارتكاب الجرائم.
مشكلة البحث:
العود في الجريمة موضوع معاش ، حيث نلاحظ في مجتمعاتنا تنامي هذه الظاهرة وكثرة الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم ، فيعاقبون ثم بعد ذلك يعودون لارتكاب نفس الجريمة مرة أخرى او جرائم أخرى لذا تتلخص مشكلة البحث في بيان العود الى الجريمة لدى فقهاء القانون والشريعة ، وتوضيح ابرز الأسباب لعودة المجرم بالرغم من تلقيه العقاب اللازم لجريمته ، واستيضاح التصنيفات المختلفة لنوعية العود ، و الآثار المترتبة على حدوث هذه الظاهرة .
أسئلة البحث :
هناك العديد من التساؤلات التي تدور حول هذا الموضوع ومنها :
- هل الشريعة الإسلامية عرفت معنى العود؟
- وهل هناك أنواع للعود بناء على نية المجرم ؟
- وكيف يكون تشديد العقوبة على المجرم العائد ؟
- هل العوامل الاقتصادية والاجتماعية لها أثر على العود ؟
- هل هناك آثار مترتبه على العود ؟
وجميع هذه التساؤلات واكثر سوف نجيب عليها من خلال بحثنا.
فرضيات البحث :
1- أن العود الى الجريمة يتأثر بالتكوين الداخلي للإنسان .
2- أن أنواع العود تتأثر بعدد الجرائم المرتكبة .
3- أنه يوجد علاقة بين عودة المجرم والظروف الخارجية المحيطة .
4- أن العود الى الإجرام له علاقة بتشديد العقوبة على الجاني .
هدف البحث:
نظرًا لأن العود إلى الجريمة موضوع كبير ويجهله الكثير فان هذا البحث يستهدف بيان مشكلة العود الى الجريمة لدى فقهاء القانون والشريعة بأنواعها وأسبابابها ومعرفة أثر العوامل المختلفة في ظاهرة العود وآثار هذه الظاهرة من أجل إيجاد أفضل الحلول للحد والتقليل من هذه الظاهرة ، باعتبارها مشكلة إجرامية مؤثرة على المجتمعات .
منهجية البحث:
للقيام بهذه الدراسة تتطلب منا ان نعتمد على المنهج الوصفي والمنهج المقارن، وذلك بعنوان بحثنا العودة الى الجريمة بين القانون والشريعة الإسلامية، حيث سنقوم بإجراء مقارنات بينهم للوقوف على مدى مطابقة القانون بالشريعة الإسلامية وأيضاً سنقوم بوصف مشكلة العود وجمع البيانات حول هذه المشكلة القانونية والربط بين المسببات وحدوث هذه الظاهرة.
حدود البحث:
مكانية: الرياض ، المملكة العربية السعودية.
الزمانية: ستكون الدراسة في العام الحالي للفصل الدراسي الأول ١٤٤١هـ.
مصطلحات البحث:
هذا البحث يحتوي على العديد من مصطلحات الاساسية لابد من تعريفها ومنها:
أ-العوْدُ: العوْدُ في اللغة: الرجوع، والعوْدُ، أي الرجوع في الأمر وعاد لما فعل، أي فعله مرة أخرى. وتتباين تعريفات العوْدُ بحسب تخصص كل دارس، إلا أنها لا تخرج في الغالب عن كونها تطلق ويراد بها ارتكاب المجرم لجريمة جديدة.
أما العود من وجهة نظر علم الإجرام، فهو يتضمن اثنتين من الصور هما:
(1) الشخص الذي سبق الحكم عليه قضائياً بجريمة ثم ارتكب جريمة أخرى بغض النظر عن ثبوت جريمته السابقة من عدمه.
(2) الشخص الذي سبق الحكم عليه قضائياً في جريمة ما، ثم صدرت منه بعض الأفعال المتعلقة بنشاطه الإجرامي.
ب-العود الخاص: هو قيام الفرد بارتكاب جريمة ما، ويعاقب عليها بأي عقوبة كانت، ثم يعود لارتكاب جريمة أخرى من نوع الجريمة السابقة نفسها، كأن يسرق ثم يعاقب ثم يسرق مرة أخرى وهكذا.
ج-العود العام: هو قيام الفرد بارتكاب جريمة ما ويعاقب عليها بأي عقوبة كانت، ثم يعود لارتكاب جريمة أخرى ولكنها تختلف في نوعها عن الجريمة السابقة، كأن يسرق فيعاقب ، ثم يتعاطى المخدرات ، وهكذا.
الدراسات السابقة:
لقد تم التطرق الى موضوع العود في القانون من قبل ومن الناحية الشرعية ايضاً من قبل مجموعة من الباحثين ومنهم:
الدراسة الأولى:
دراسة (سعيد الشهراني ـ 1412هـ) عن عوامل العود للجريمة في سجون منطقة الرياض، وأجريت الدراسة على عينة قوامها (115) نزيلاً عائداً بسجون مدينة الرياض، وهي من أشمل الدراسات التي أجريت على السجناء في المملكة حتى الآن.
تهدف الدراسة إلى معرفة حجم ظاهرة العود في سجون منطقة الرياض، وتحديد العوامل التي تدفع الشخص للعود إلى الجريمة، إضافة إلى تحديد دور الأحكام الشرعية في الحد من جرائم العود.
ومن أبرز نتائجها ما يلي:
١-جرائم المسكرات والمخدرات والأخلاقيات من أكثر الجرائم ارتكاباً من قبل العائد عند أول سابقة، وجرائم السرقات والمخدرات والمسكرات والأخلاقيات من أكثر الجرائم ارتكاباً عند آخر جريمة، إضافة إلى أن هذه الجرائم من أكثر الجرائم بالنسبة للعود الخاص.
٢-اتضح أن جرائم العود تكثر في البيئات الحضرية أكثر منها في القروية أو البدوية، وغالب العائدين لهم سابقتين فأقل.
٣-كانت علاقة العائد بوالديه جيدة، كما ظهر ضعف المستوى التعليمي لآباء وأمهات العائدين، وتدني دخل مهن آباء العائدين.
٤-هناك علاقة قوية بين العود وتدني المستوى التعليمي للعائد، إذ يلاحظ الانخفاض الشديد في المستوى التعليمي للعائدين.
٥-أظهرت الدراسة أن معاملة غالبية أسر العائدين لهم بعد الإفراج الأول كانت جيدة، ورحبوا بخروجه، ووقفوا بجانبه وساعدوه.
٦-لم تُظهر الدراسة أي ارتباط بين العود والعقوبات البسيطة، في حين أنها أظهرت ضعف الارتباط بين العود وعقوبة السجن لأقل من ثلاثة أشهر في السابقة الأولى.
الدراسة الثانية:
دراسة (فهد الرويس ـ 1412هـ) عن أثر التفكك الأسري في عودة الأحداث إلى الانحراف، أجريت الدراسة على ( 39 حدثاً ) عائداً بدار الملاحظة الاجتماعية بالرياض.
ومن ابرز نتائجها مايلي:
١-تميزت أعمار الأحداث العائدين بالكبر النسبي، حيث تجاوز 85% من أفراد العينة الخامسة عشرة من عمرهم.
٢-أكثر الجرائم التي ارتكبها الأحداث العائدون هي السرقة، يليها الأخلاقيات، ثم المسكرات والمخدرات.
٣-الأحكام الصادرة بحق الأحداث العائدين في المرات السابقة كانت تمتاز بقصر المدة (أقل من ثلاثة أشهر).
٤-ضعف المستوى التعليمي للأحداث العائدين.
٥-أظهرت الدراسة أن نسبة ليست بالقليلة من أفراد العينة يعيشون في جو أسري متصدع ومتفكك، إمّا بطلاق أو وفاة أحد الوالدين، إضافة إلى سوء العلاقة بين الآباء والأمهات وكثرة المشاجرات بينهم.
٦-انخفاض المستوى التعليمي لآباء الأحداث العائدين وأمهاتهم.
الدراسة الثالثة :
دراسة(الطلبة باجة ساجية ، زعكان ليندة ، 2014/2015) عن مشكلة العود الى الجريمة ،تم اعتماد المنهج الوصفي فيها ، اشكاليتها من أجل الحد من ظاهرة العود الى الاجرام سعى علم الاجرام والعقاب الى كشف ومعرفة الأسباب المؤدية اليها، فسعت التشريعات الوطنية الى سن أساليب عقابية حديثة لذا يمكن صياغة مشكلة البحث في الشكل التالي: لماذا العود الى الجريمة ؟ تم تناول الدراسة في فصلين الفصل الأول بعنوان نظرية العود الى الجريمة عبر مبحثين مفهوم العود وأحكامه و أما الفصل الثاني فيتناول محاربة العود الى الجريمة لمرحلة مابعد الإدانة عبر مبحثين أساليب إعادة ادماج المحبوسين كوسيلة لمحاربة العود و اعتماد بدائل العقوبة كوسيلة لمحاربة العود . وتتركز بهدف معرفة معنى هذه الظاهرة للحد منها وقلة المراجع المتخصصه في هذا المجال وأيضا تكمن أهمية هذه الدراسة في عجز التشريعات للحد منها ، والأساليب المنهجية الحديثة لمرتكبيها .
ومن أبرز نتائجها :
1- أن من أسباب العود الى الاجرام مايصادف المفرج عنه من صعوبات في التأقلم والاندماج اجتماعيا.
2- يعتبر المجرمين من صغار السن هم أغلب الفئات العائدة للجريمة لما تتسم به هذه الفئه من سمات غير ساوية .
3- العقوبات البديلة لايستفيد منها العائد الى الاجرام .
4- أن معدل العود الى الجريمة في ارتفاع مستمر .
5- اختلاط المجرم مع مجرمين اخرين داخل المؤسسة العقابية الذي يكتسب منهم احتراف الاجرام .
6- لقد اعتبر المشرع الجزائري العود على أنه ظرف تشديد .
تم التطرق في هذه الدراسة لمفهوم العود وبيانه كما تطرقنا سنتطرق له في دراستنا فيعد نقطة شبه بين الدراستين أما بقية المحتويات في اختلاف فهذه الدراسة تناولت أساليب عقابية حديثة ومحاربة العود فيما بعد الإدانة وتناولت أساليب إعادة دمج المحبوسين و اما في دراستنا فتطرقنا الى أنواع العود وأبرز الأسباب المؤدية له واأثر العوامل المختلفة في العود.
هيكلة البحث:
نحيط ببحثنا هذا في حدود الإشكالية والأهداف المطروحة، لذا قمنا بتقسيم البحث الى فصلين. الفصل الأول يتطرق الى ماهية العود ومعناه العود لغة واصطلاحاً ولقد قمنا بتقسيمه الى مبحثين، المبحث الأول معنى العود في القانون والشريعة الإسلامية، و المبحث الثاني أسباب ودوافع العودة الى ارتكاب الجريمة.
اما الفصل الثاني يتطرق الى أنواع العود واثاره ولقد قمنا بتقسيمه الى مبحثين، المبحث الأول أنواع العود في القانون والشريعة الإسلامية، المبحث الثاني اثار العود في القانون والشريعة الاسلامية.
الفصل الأول
معنى العود بين القانون والشريعة الإسلامية وأسبابه
اختلاف مفهوم الجريمة عن العودة الى الجريمة
قد شغلت الجريمة والمجرم وما زالتا تشغلان اهتمام القانون والمجتمع، ان الجريمة تعرف عند فقهاء القانون الجنائي بأنها "فعل او امتناع يقرر له المشرع جزاء جنائياً، سواء كان هذا الجزاء عقوبة او تدبيراً وقائياً".
حيث يرى بعض الأشخاص انه لا يوجد اختلاف بين المجرم و المجرم العائد حيث يرون جميع المجرمين متساوين، لكن هذا المفهوم خاطئ بل هناك فرق كبير بينهم، فإن العودة للجريمة تعتبر ظاهرة خطيرة يجب على المجتمع ان يعمل بكل جهده للحد منها ، فإن تكرار جريمة معينة من ذات الشخص يعتبراً امراً شديد الخطورة ؛ ذلك دليل على عجز النظام العقابي عن ردع الجاني او إصلاحه ، اضطرت التشريعات قديماً الى مضاعفة العقوبة على المجرم العائد او نفيه و إعدامه ؛ للحد من العودة للجريمة.
تعريف الجريمة لغة وشرعاً:
أ- الجريمة لغة:
من مادة جرم يجرم جرماً وجريمة. وهو القطع ، ويأتي بمعنى التعدي والذنب ، وجمعه اجرام وجروم ، وجرم اليهم وجريمة عليهم ؛ أي جنى عليهم جناية.
ب- الجريمة شرعاً:
الجريمة في الشرع هي كل فعل يقتضى عقوبة سواء كانت هذه العقوبة مقدرة كالحدود ، او غير مقدرة كالتعزيرات.
تعريف الماوردي للجريمة ، قال: " الجرائم: محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد او تعزير".
ان ظاهرة العودة الى الجريمة أصبحت مشكلة عند علماء علم الاجرام والعقاب وسنحاول دراسة مفهوم العودة الى الجريمة في ( المبحث الأول )، وسنحاول دراسة أسباب ودوافع العودة الى الجريمة في ( المبحث الثاني ).
المبحث الأول
مفهوم العودة الى الجريمة
ان العودة إلى الإجرام بمعنى ارتكاب المتهم لجريمة جديدة مع العلم أّنه قد سبق الحكم عليه بعقوبة من أجل جريمة سابقة، ويعتبر العود للجريمة من الظروف الشخصية العامة المشددة للعقاب وهذا ما يكشف عن الخطورة الإجرامية لدى الجاني. كما تشكل ظاهرة العودة الى الاجرامة أصبحت مشكلة كبيرة للمجتمعات ؛ لان العائد يسبب خطورة كبير على الافراد كما فيه من عدم ارتداع المجرم من العقوبة التي سلطت عليه مسبقًا.
تعريف العود:
اولاً: معنى العود في اللغه:
في اللغة العربية ان تقول ان عاد لما فعل تُريد ان فعله مرة أخرى كقوله تعالى { ثم يعودون لما قالوا }. سورة المجادلة ، اية 3
ثانياً: معنى العود اصطلاحًا:
لدى الرجوع الى مختلف التشريعات القانونية ، فإننا لا نجد معنى محدد للعود في التشريعات القانونية ، و يمكن تعريف العود في علم الاجرام ( بانه الظرف الموضوعي الذي يعتبر بموجبه الشخص في حالة خطرة بعد ان ادين وحكم عليه في جريمة )."
كما ان الظروف المشددة للعقوبة قد تكون ظروف عينية او شخصية ، غير ان هناك سبباً عاماً لتشديد العقاب يتسع نطاقه لجميع الجرائم ، وهو عدم العود الى الجريمة والحد من هذه الظاهرة بالتدابير الوقائية و مضاعفتها.
واملاً في الإحاطة المفاهيم الأساسية للعود في المنظور القانون الجنائي والشريعة الإسلامية ، سنحاول دراسة معنى العودة الى الجريمة في القانون و الشريعة الإسلامية في (المطلب الأول)، وسنحاول دراسة في (المطلب الثاني) تمييز العود إلى الجريمة عن بعض المفاهيم المشابهة له.
المطلب الأول:
مفهوم العودة الى الجريمة في القانون و الشريعة الاسلامية
أ- مفهوم العودة الى الجريمة في القانون الجنائي:
يقصد بالعودة إلى الجريمة قانونيا معاودة الشخص للفعل الاجرامي بعد إن تم الحكم عليه نهائيا بالإدانة في جريمة وارتكب جريمة أخرى ، وايضًا من حكم عليه بعقوبة جنائية وثبت بعد ذلك ارتكابه جناية أو جنحه يعد عائدا ، ومن حكم عليه بالحبس مدة سنه او أكثر وثبت أنه أرتكب جنحه قبل مضي خمس سنوات من تاريخ انقضاء هذه العقوبه أو من تاريخ سقوطها بمضي المدة ، ومن حكم عليه لجنايه أو جنحه بالحبس مده أقل من سنة واحدة أو بالغرامة وثبت أنه ارتكب جنحه مماثلة للجنحه الأولى قبل مضي خمس سنوات من تاريخ الحكم المذكور وتعتبر السرقة والنصب وخيانة الأمانة جنح متماثلة في العود.
كما ان مفهوم العود لدى فقهاء القانون: ارتكاب الشخص لجريمة بعد سبق الحكم عليه نهائياً من اجل جريمة او جرائم أخرى."
ب- مفهوم العودة الى الجريمة في الشريعة الإسلامية:
لم تكن العقوبة في الشريعة الإسلامية مقصودة لذاتها وانما لحكمة أرادها الله، الا اننا نرى الكثير من المجرمون الخارجون من السجن يعودون اليه لارتكابهم جريمة أخرى ، ذلك ان العقوبة لم تأثر وتصلح بالشكل المطلوب ، على الرغم من طبيعة نفس المجرم المائلة الى ارتكاب الجريمة و إرضاء نفسه ولا تهمه العقوبة الدنيوية او عقوبة الاخرة ، ومن الأمور التي اولاها الدين الإسلامي ، والاهتمام الكبير من فقهاء الشريعة الإسلامية: تكرار إتيان الفعل المحرم اكثر من مرة وهو مايعرف بالعود.
وقد طبقت هذه الاحكام على العائد الى الجريمة في قوله تعالى: { و من عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقال }.سورة المائدة ، اية 95
المطلب الثاني:
تمييز العود إلى الجريمة عن بعض المفاهيم المشابهة له
أ- تمييز العودة عن التعدد
يعتبر تعدد الجرائم ان ترتكب في وقت واحد او ان ترتكب عدة جرائم في أوقات مختلفة لا يفصل بينها حكم نهائي ، ويتفق التعدد مع العود في تكرار المجرم للجريمة. إلا أن أهم الإختلافات الموجودة بين الأحكام المقررة لكل منهما ما يلي:
أن العود لا يتحقق إلا بصدور حكم بات في جريمة سابقة قبل إرتكاب جريمة لاحقة، في حين أن التعدد.
لا يتطلب وجود مثل هذا الحكم بل تتم محاكمة الجاني عن كافة الجرائم التي إرتكبها.
- إن العود سبب لتشديد العقوبة في حالة توافر شروطه، في حين أن التعدد في ذاته لا يبرر تشديد العقوبة إذ يحكم في كل منها كقاعدة عامة بعقوبتها دون تشديد.
- كما أن التمييز بين العود والتعدد لا يمكن أن يتضح إلا بعرض مبسط وإجمالي لقواعد التعدد بإعتبار."
ومما تجدر ملاحظته في هذا الصدد انه قد تجتمع حالة العدد مع التعدد في الجرائم ، ومثال على ذلك ان يكون المتهم قد حكم عليه في جريمة ثم يرتكب بعد ذلك جرائم. "
وفي الشريعة الإسلامية: يشغل فكر فقهاء الشريعة الإسلامية وعادة ما يبحثون في مسألة تعدد الجرائم تحت مسمى تداخل الجرائم وهو ان الجرائم في حالة التعدد تتداخل عقوباتها في بعضها البعض بحيث يعاقب على جميع الجرائم بعقوبة واحدة".
وفي القانون: تعدد الجرائم ان لايكون هناك حكم صادر ثم ترتكب جريمة او عدة جرائم وهذه الجرائم يمكن ان نعرضها للقاضي في وقت واحد او يمكن ان ترفع فيها دعاوى منفصلة لكنها متتالية، وللتعدد شروط وهي:
١-ارتكاب الشخص جريمتين او اكثر.
٢-ان يكون الجاني غير محكوم عليه نهائيا من اجل احدى الجرائم عند ارتكابه الجريمة الثانية.
ب-تمييز العودة عن الاعتياد
أما جرائم الاعتياد فهي التي يتطلب القانون لتجريمها و معاقبة مرتكبيها تكرار الفعل المادي بحيث لا يكفي وقوعه مرة واحدة فقط بل أكثر من مرة حتى يكشف عن الخطورة الأجرامية التي تستوجب تجريم الفعل والعقاب عليه.
قد يكون المجرم العائد لجريمة قد تورط او دفعته ظروف خاصة للعود ، دون ان تكون عودته لارتكاب الجرائم نابعة من استعداد دائم للاجرام ، فالعقوبة المشددة الواقعة عليه ستكون ربما كفيلة بزجره .
وفي الشريعة الإسلامية :
لقد تطرق فقهاء الشريعة الإسلامية الى الاعتياد او بالأحرى جريمة الاعتياد كثيراً في كتبهم فالاعتياد او جريمة الاعتياد عندهم هي التي تتكون من تكرر وقوع الفعل ، أي ان الفعل بذاته لايعتبر جريمة ، لكن الاعتياد على ارتكابه يعتبر جريمة".
وبالرغم من ذلك فانه لايوجد تفريق بين العود والاعتياد على الاجرام في التشريع الجنائي الإسلامي إذ يرد كل من العود والاعتياد على الاجرام كمترادفان لهما نفس المعنى.
وفي القانون:
يجب ان يشترك عنصر التكرار في العود و الاعتياد ، فالمجرم المعتاد هو المجرم المحترف أي الذي يعتمد على الجريمة في كسب عيشه ويعتبرها مهنته الأساسية مثل الاعتياد على التسول، لكن العود يشترط فيه ان يمثل كل فعل من الأفعال جريمة في حد ذاتها ، فالفعل الواحد في جريمة الاعتياد لا يمثل في حد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون، انما يعاقب على ارتكاب الجاني هذه الأفعال عدة مرات."
المبحث الثاني
أسباب ودوافع العودة الى الجريمة
رغم ان السياسة الجنائية غايتها الأساسية هي البحث في الحد من الاجرام و الوقاية منه ، وتأهيل و إصلاح المجرمين إلا انها قد اثبتت عجزها على القضاء على ظاهرة الاجرام والدليل على ذلك وجود العود الى الجريمة ، ظاهرة العود ليست من العدم بل لها أسباب كثيرة و متنوعة تدفع المجرم الى ارتكاب جريمة مرة أخرى وهذه الأسباب مرتبطة بمحيطه و مجتمعه، العود للسلوك الإجرامي له عدة عوامل وأسباب تنقسم ما بين أسباب داخلية تخص المجرم بحد ذاته فيما يتعلق بجنسه ومدى حاجته لارتكاب الجريمة أو قدراته العقلية وتكوينه النفسي، وأسباب خارجية كالتفكك الأسري أو ضيق العيش ماديًا الذي يدفع المرء إلى ارتكاب الجريمة خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية وغلاء المعيشة، كما أن عدم تقبل المجتمع للسجين بعد خروجه من أهم الأسباب المؤدية إلى انتشار هذه الظاهرة، ويظهر ذلك جليًا من خلال صعوبة قبول المفرج عنه وتهميشه من طرف جميع الأفراد وعدم التعامل معه في معظم المجالات، الأمر الذي أفضى إلى انطواء المجرم على نفسه وعزلته عن الجماعة وبالتالي العود إلى الجريمة.
وعلى ذلك فإن وُجدت الإصلاحات إلا أن الملام في هذه المسألة ليس المجرم فحسب، فمن واجب المجتمع أن يعمل جاهدًا في كل مرة من أجل وضع القواعد والتدابير الكفيلة بالحد من الجريمة والحد من تكرارها من خلال تسهيل إعادة تأهيل المجرم وترك نبذه ومعاونته على حل أزماته والقيام بكل ما من شأنه أن يكفل رعايته واحتضانه صحيًا و اجتماعيًا.
وهذه الأسباب متعددة سندرس في ( المطلب الأول ) الأسباب الداخلية ، و الأسباب الخارجية سندرسها في ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول:
الأسباب الداخلية للعودة الى الجريمة
هي الأسباب التي تمثل التكوين العضوي والنفسي والعقلي للشخص وتساهم في تكوين الشخصية الاجرامي للفرد سواء كانت عوامل مكتسبة او عوامل وراثية ، التي تسهم في طبع السلوك الفردي، ومن أهمها: الوراثة ، الجنس ، والسن ، الذكاء ، المرض والمستوى الثقافي.
سأذكرها بالتفصيل في النقاط التالية:
اولاً: الوراثة
وهو انتقال الأصل وهو الاب الى الفرع وهو الابن عن طريق التناسل."
وبالإضافة الى ان الأباء كانوا مجرمين بالسابق ، بل ان بعضاً من العائدين بسبب عامل الوراثة فانهم يفعلون الجريمة دون ان يكون قصدهم كسب منها او مصدر العيش ، وانما سبب الراجع في ارتكابهم للجريمة هو عدم التحكم و الضبط وانقياده وراء اهوائه، على عكس المجرم العائد لاسباب غير وراثية.
ثانياً: الجنس
يقصد به الذكر او الانثى والاختلافات الموجودة بينهما من حيث الحاجة لارتكاب الجريمة ، ومعدل نسبة جرائم المرأة مقارنة بنسبة جرائم الرجل ونوع هذه الجرائم.
ولقد اكد العلما على اختلاف الاجرام لدى المرأة الغربية عن المرأة العربية التي لديها عاداتها وأسلوب حياتها ولهذا فان اجرام الرجل يفوق اجرام المراة في المجتمعات العربية ولكن هذا لاينفي الظاهرة لدى النساء ، وفي الكثير من الأحيان اثناء التحقيق يظهر للمحققين بأن الدافع الأساسي الذي كان وراء اقتراف الفعل الاجرامي يعود لتأثير المرأة على الرجل او من تدبيرها.
وقد تمر المرأة بمراحل تأثر على نفسيتها مثل مرحلة الحمل او مرحلة الرضاعة وغيرها من المراحل ، التي قد تكون المرأة مصابة بانفعالات نفسية وقد تكون هذه الانفعالات دافعة لارتكاب جرائم ، لكن حاجة الرجل لارتكاب الجرائم اكثر من حاجة المرأة لانها تابعة للرجل في هذه الحياة في النفقة لها ولأولادها وعلى الرجل تأمين هذه النفقة ، وعند عجز عند تأمينها او عجزه عن توفير قوت أولاده قد يضطر الى ارتكاب جرائم كالسرقة مثلاً."
وبالرغم من ان الرجل هو المتصدر على المرأة في ارتكاب الجرائم الا ان للمرأة نصيب من التفوق في بعض الجرائم ، كالزنا مثلاً ان المرأة اكثر من الرجل في هذه الجريمة وبنسبة كبيرة حتى انها تقوم بإغرائه عن طريق الملابس الفاضحة وغيرها من الأمور وذكر الله في القران تقدم المرأة بالزنا عن الرجل بقوله تعالى { الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الاخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } سورة النور، الآية:٢
ثالثاً: السن
اكد علماء الاجرام على تأثير عامل السن على ظاهرة العود الى الجريمة لما يتصف به الشخص المجرم من صفات غير عادية ، او بالأحرى غير سوية تدفعه الى معاودة ارتكاب الجريمة مرة ثانية وثالثة".
وتعتبر الفترة التي يقضيها الشخص في السجن نتيجة ارتكابه لجريمته الأولى مؤثرة في نفسية المجرم ، فهي تؤثر عليه كثيراً حيث تجعله شخص يائساً وتتسبب في توليد الحقد لديه مما يجعله يعاود ارتكاب جرائم أخرى ، حيث ان السجن الذي ادخل إليه لاصلاحه وتهذيبه وجعله رجل صالح في المجتمع هو على النقيض من ذلك في الواقع ، حيث وصفه الأستاذ عبد القادر عوده: "معهد للإفساد وتلقين أسباب الاجرام".
رابعا: الذكاء
الذكاء يمثل مجموعة من القدرات العامة والخاصة التي يستطيع الانسان من خلالها ان يكسب مكانة بين الناس ، ويرجع بعض علماء علم النفس الجنائي وعلم الاجرام ان الأشخاص القليلوا الذكاء او الذين لديهم ضعف عقلي يكون سبب في عودتهم الى ارتكاب الجرائم ، على عكس الأشخاص الاذكياء ، ذلك ان الشخص الذكي قادر على فهم العواقب التي تنجر على ارتكاب تلك الجرائم ، عكس الشخص قليل الذكاء او الضعيف عقلياً فهو لا يفهم عواقب الأمور التي ارتكبها.
ومانلاحظه في وقتنا الحاضر ان بعض الجرائم الخطيرة تحتاج الى ذكاء ولا يتقنها الا الاذكياء.
خامساً: المرض
ان الانسان يتعرض للعديد من الامراض منذ ولادته قد تكون جسميه كالتشويه او بالامراض الخبيثة او امراض نفسية او عقلية ، وهذه الامراض قد تدفعه الى ارتكاب الجريمة و العودة اليها.
والامراض التي تصيب الشخص مثل الامراض الجسمية التي تنتشر في جميع انحاء جسمه وقد تحرك الميول الاجرامي لديه ومن هذه الامراض الايدز مما يولد لديه حقد ضد الناس ويدفعه لارتكاب الجرائم ، الذي قد يجعل الشخص به بالمشاكل اجتماعية كبيرة بالإضافة الى مرضه فيؤدي الى نفور الناس منه ، و الامراض التي تصيب العقل مثل الجنون الدوري وهذا النوع يصيب القوى الذهنية جميعها ويؤثر على العقل وتجعله غير قادر على الحياة العقلية السليمة ، و الامراض النفسية كالانانية والحقد وغيرها ، وكل هذه الامراض التي تم ذكرها لها اثر كبير في العود الى الجريمة وقد يعود الى ارتكابها مراراً وتكراراً.
سادساً: المستوى الثقافي
الثقافة قد تكون سبباً لارتكاب الشخص جريمة اذا كان جاهلاً فالجهل يؤدي الى الكثير من المتاعب بسبب تدني معرفة بالانظمة العقابية وبعواقب الجرائم التي يرتكبها و بالعودة الى نفس الجريمة وتكرارها مع الجهل بعقوبة العود الى الجريمة ، اذا كانت ثقافة الشخص المجرم ذات طبيعة إجرامية فيندفع الى ارتكابها عدة مرات تحت تأثيرها.
المطلب الثاني:
الأسباب الخارجية للعودة الى الجريمة
هي الأسباب والعوامل المحيطة بالمجرم ، و تؤدي به الى ارتكاب الجريمة مرة أخرى نتيجة تلك الأسباب والعوامل.
اولاً:عدم تقبل المجتمع للمفرج عنه ومعاملتهم له
"المجتمع لا يتقبل المجرم عند خروجه من السجن بحيث يعتبر عدم تقبل المجتمع للمفرج عنهم من أهم عوامل العود لارتكاب الجريمة ، ويتضح ذلك من خلال شعور المفرج عنه بالعزلة عن الجماعة المحترمة للقانون و تظهر مظاهر عدم تقبل المجتمع للمفرج عنهم من المؤسسات الإصلاحية".
يُعامل الشخص المدان معاملة غير لائقة من المجتمع ، بحيث تسد في وجهه كل السبل الاندماج في المجتمع من جديد ؛ وهذا مايدفعه الى الشعور بالعزلة ومن الأمثلة: عدم توظيفهم ، عدم مصاهرتهم ، وعدم التقرب منهم لأنهم مصدر لشبهه.
ثانياً:التفكك الاسري
ان الاسرة هي المدرسة الأولى للشخص وللمجتمع ، حيث انها تقوم بالاشراف على تكوين شخصيته و تكوين المبادئ الأساسية لديه، فإذا كانت الاسرة مستقرة ولديها نظام ثابت ، فيكون الفرد عنصراً فعالاً ومحترم للقانون وبعيداً عن كل اشكال العنف و الاجرام ، اما اذا كانت الاسرة غير مستقرة وخالية من الحنان و العواطف الذي يحتاج اليه الانسان وتكون العائلة مشحنه بالاضطرابات والمشاكل ، فيكون الفرد قابلاً للانحراف لأنه يعيش في بيئة تساهم في الانحراف ، وبذلك تعد الاسرة اهم عامل يساهم في الاجرام.
اما الشكل الثاني التفكك المعنوي ، وهو ان تسود الاسرة في وجود الوالدين علاقات سيئة تنجم عن المشاجرات الدائمة بين الأبوين ، او ان يكون احد الأبوين قدوة كإدمان احداهما على المخدرات ، او شرب الخمر او غيره من العادات التي قد تؤثر بالسلب على الأولاد.
ثالثاً:الفقر
من المظاهر التي تعتبر اقتصادية ولكنها تعتبر من الأسباب التي تدفع الشخص الى ارتكاب الجرائم و العود لها الفقر ، فالفقر هو عجز الشخص عن اشباع الحد الأدنى من متطلبات الحياة التي تحفظ له كرامتة الإنسانية.
ولهذا فالفقر هو حالة تعبر عن المستوى الاقتصادي لشخص يعجز دخله عن الوفاء بحاجاته الأساسية ، فالشخص الذي لا يستطيع توفير متطلبات عيشه قد يلجأ الى الاجرام لكي يوفر ما لا يستطيع دخله ان يوفره له مثل السرقة ، وقد ينجر عن الفقر والعجز عن توفير متطلبات الحياة امراض مثل سوء التغذية الذي يترتب عنها ضعف بدني و عقلي".
رابعاً: البطالة
البطالة تعني توقف الشخص عن العمل مما يؤدي الى حرمانه من موارده المالية ، وبالتالي يعجز عن اشباع حاجياته بالطرق المشروعة مما يدفعه للجوء الى الجريمة".
بحيث تتمثل أنواع البطالة في السرقة و الاتجار بالمواد الممنوعة كالمخدرات و الخمر وغيرها من المواد المحظوره ، والبطاله لها اثر في ظاهرة العود الى الجريمة ، كون الشخص عاجز عن توفير احتياجاته و احتياجات اسرته وتتأثر نفسيته فيقوم بالسرقة كثيراً و بالاعتداء على الأشخاص ، ومن امثلة ذلك اعتداء الإباء على أبنائهم وقد تصل بهم الى قتلهم نتيجة عدم قدرته على الانفاق عليهم وكذلك جرائم الإجهاض وايضاً الطلاق مما تضطر المرأة بارتكاب الحرائم و العوده اليها لسد حاجيات اطفالها.
خامساً: فشل المنظمة العقابية
ان العقوبات التي توقعتها السلطات القضائية في الحد من الاجرام وظاهرة العود للاجرام ثبت عدم جدوى الكثير منها في الحد من كثرة الجريمة و المجرمين ، خاصة اننا اصبحنا نشاهد الكثير من المجرمين وخاصة العائدين الى الجريمة ، ارتفاع معدل الجرائم بنسب كبيرة تدل على فشل القوانين والمتمثلة في عقوبة السجن في الحد من ظاهرة الاجرام.
فعقوبة الإعدام رغم كونها رادعة إلا أنها قررت لعدد قليل من الجرائم وحتى حين النظق بها لايتم تنفيذها ونفس الكلام ينطبق على عقوبة المؤبد التي لا تطبق إلا نادراً كما انها لاتطبق كعقوبة اصلية".
كما ان السجن يعتبر مدرسة للمجرمين في تبادل خبرات الاجرام وضعف تأهيل السجين ، كما ان قبول الرجوع عن الإقرار وهذا من أسباب موضوع العود في الجريمة ، وتستغل اصدار العفو عن المجرمين وتقليص مدتهم في الأعياد والمناسبات في ارتكاب جرائم أخرى.
لكن يصعب ان نحصر أسباب العود في عامل واحد كالعوامل الداخلية مثلاً او ان نقول ان الفقر هو المسبب في العودة الى الجريمة و ارتكابها ، فما يمكن قوله ان هذه العوامل متداخلة مع بعضها البعض ، ويمكن ان يكون تأثير عامل اكث من عامل اخر ، فالعود هو نتيجة تراكم عدة عوامل بدء بالعوامل الداخلية و انتهاء بالعوامل الخارجية.
الفصل الثاني
أنواع العود وآثاره بين القانون والشريعة الإسلامية
المبحث الأول
أنواع العود الى الجريمة بين القانون والشريعة الاسلامية
يعتبر العود في معظم التشريعات الجنائية سببًا من أسباب تشديد العقوبة على الجريمة الجديدة سواء كانت مماثلة للجريمة السابقة أم غير مماثلة ، وحكمة التشديد ترجع بسبب الشخص نفسه ، لأن عودته الى الإجرام بعد الحكم عليه ، يعد دليلاً على استهتاره وعدم خوفه من العقوبة ،وأيضا دليلا على خطورته الاجرامية ، فالعقوبة في هذه الحالة لم تكن رادعة له مما يستوجب تشديدها ، ليعيش الناس بأمان في نفسهم ، وبدنهم ، وأموالهم ، وجميع أملاكهم .
خصصن الباحثات هذا المبحث في بيان لأنواع العود في مطلبين في القانون وفي الشريعة الإسلامية ويمكننا تقسيمها على النحو التالي : من حيث مماثلتها لنوع الجريمة السابقة ، والزمن الفاصل بين ارتكاب الجريمتين ، و باعتبار عدد الجرائم السابقة ، وأخيرا باعتبار نوع القصد لارتكاب هذه الجريمة .
المطلب الأول
أنواع العود الى الجريمة في القانون :
الفرع الأول: العود العام والعود الخاص
ينقسم العود من حيث نوع الجريمة الى عود عام ( مطلق) او عود خاص ( نسبي).
لم تكن التعريفات القديمة تعترف بالعود إلا إذا كانت الجريمة الجديدة من نفس نوع الجريمة السابقة ، ولاتزال هناك قلة من التشريعات الحالية تأخذ بهذا النظام كالقانون الألماني ، وأغلب التشريعات المعاصرة لا تتطلب التماثل والتشابه بين الجريمتين فتأخذ بنظام العود العام ( ).
فالعود العام : "عندما لا يشترط القانون أن تكون الجريمة التالية من نفس نوع الجريمة التي سبق للعائد أن حكم عليه بها أو من مثيلاتها "( ).
بعبارة أخرى لا يشترط أن تكون الجريمة تتماثل في نوعها وطبيعتها للجريمة الأولى التي تم الحكم على الجاني فيها ، ومثال ذلك : أن يحكم عليه بالسجن في جناية ثم يعود فيرتكب جنحة سرقة . فهو يقوم بالاعتداء على العديد من الحقوق ولاي هتم بنوع الجريمة فيستوي عنده أن يرتكب ، مثلًا : جريمة قتل ، سرقة ، اغتصاب .
أما العود الخاص (النسبي ) ويسمى هذا النوع من العود أيضا بالعود النوعي : "فهو ما يكون تشديد العقوبة فيه مبنيًا على إرتكاب الجاني لجريمة جديدة مماثلة لجريمته السابقة ".
والتماثل هنا نوعان :
تماثل حقيقي : عندما تتحد الجريمتين في الاسم والوصف الذي يصبغه القانون عليهما ، مثل : التماثل بين جريمتي سرقة ، أو جريمتي سب ، أو ضرب. أما التماثل الحكمي : عندما تتحد جريمتين في نوع الحق الذي اعتديا عليه وفي البواعث التي تدفع الى ارتكابهما دون تماثلهما في الوصف والاسم الذي يصبغه عليهما القانون ، مثل: التماثل بين جرائم السرقة والنصب والاختلاس( ).
أيضًا هناك اختلاف بين أنصار العود العام والعود الخاص فقد أجريت العديد من البحوث إلا أنها لم تتفق على رأي واحد ، فالبعض يرى أن من يرتكبون جرائم متماثلة هم الأكثر خطورة ، إذ يبدو الميل الاجرامي متأصلاً فيهم ، ولديهم ميل لإرتكاب الجرائم خلال فترات متقاربة ، كما أن ما اكتسبوه من خبرات أثناء ممارساتهم الإجرامية تجعل من المتعذر على ضحاياهم الإحتراس منهم كما تصعب من مهمة القبض عليهم .
وانتهى اخرون إلى نتائج مغايرة ، أن من يرتكبون جرائم مختلفة هم الأكثر خطورة إذ أنهم ذو ميول إجرامية متعددة الجوانب ، وهم دائما مستعدون لانتهاز أي فرصه تسنح لهم وتمكنهم من ارتكاب أي جريمة، ويرى هؤلاء أن من النادر أن يستمر المجرم في ارتكاب نوع واحد من الجرائم ، إذ أنه يضطر إلى تغيير صور نشاطه الإجرامي نظراً لتقدمه في السن ،أو لتغير الظروف المحيطة به ، وخطورتهم ترجع إلى أن العوامل التكوينية لها الأولوية في تشكيل سلوكهم مما يجعل إصلاح هؤلاء المجرمين أكثر صعوبة ( ).
و سواء كان المجرم عائدًا عودًا عام أو خاص فإنه يشكل خطورة ، و يجب أن يخضع للعقاب تبعًا لشدة الجريمة وخطورتها في العود العام ، أو درجة مماثلتها في العود الخاص .
الفرع الثاني:العود المؤبد والعود المؤقت
ينقسم العود من حيث الزمن الذي تقع فيه الجريمة وسابقتها إلى عود مؤبد وعود مؤقت .
العود المؤبد:" هو ما يكون تشديد العقوبة فيه مبنيًا على ارتكاب الجاني لجريمة دون التوقف على حدوثها في زمن معين أي سواء وقعت في زمن قريب من زمن الحكم السابق ، أم وقعت بعد مدة طويلة ، فالزمن بين الجريمة الأولى والثانية ليس بذي شأن " ( ).
أما العود المؤقت : "هو ما يكون تشديد العقوبة فيه مبنيًا على ارتكاب الجاني لجريمة جديدة قبل مضي زمن معين على صدور الحكم السابق ، أو تاريخ الانتهاء من تنفيذ العقوبة " ( ).
أيضا هناك اختلاف بين أنصار العود المؤقت والعود المؤبد ، فأنصار المؤقت ينادون بأهمية هذا النظام في كشف خطورة من يعود إلى الجريمة بعد مدة قصيرة من انتهاء عقوبته السابقة . ويدعمون قولهم بأنه لا يمكن وصف الجاني الذي يعود إلى الجريمة بعد مضي مدة طويلة على عقوبته السابقة بأنه مصر على مخالفة القانون ، فمضي مدة طويلة على العقوبة كفيل بأن يفقده أثرها ، لأن المدة كلما طالت على العقوبة تضاءل أثرها ثم زواله نهائيا بعد مرور مدة معينة ، لذلك لا يجوز تشديد العقوبة على العائد بعد مدة طويلة لعدم وجود مبرر لهذا التشديد .
أما المؤبد فحجتهم بأن التشديد في العقوبة مبني على إصرار الجاني على الإجرام وأن هذا الإصرار حاله نفسيه لا تخضع للتقادم بل تظل لاصقه بالجاني إلى الأبد. وأنه لا يمكن اعتبار من تمر على عقوبته فتره طويلة دون أن تثبت عليه جريمه جديدة بأنه قد أصبح صالحًا . كما أن الأخذ بالمؤقت قد يؤدي إلى إفلات المجرمين الذين يستطيعون بخبرتهم إخفاء الكثير من نشاطاتهم الإجرامية عن السلطة لفترات معينة( ).
عند تفكيرنا في جسامة الجريمة سيكون لها تأثير في نوعية العود من ناحية الزمن ، فعندما تكون الجريمة من الجرائم التي تتسم بالخطورة سيكون تأثيرها لمدة أطول بالتالي عقوبتها تكون تتسم بالشدة ، وعلى العكس من ذلك عندما تكون الجريمة أقل جسامه سيكون تأثيرها مدة أقل ، و تأثير عقوبتها أقل .
الفرع الثالث: العود البسيط والعود المتكرر
وينقسم العود من حيث عدد الجرائم السابقة على الجريمة الجديدة الى عود بسيط وعود متكرر .
العود البسيط : "حالة العود الأول الذي يعتمد على وجود حكم سابق تلاه ارتكاب الجاني لجريمة جديدة"( ) .
فيكفي لأن يكون العود بسيطًا أن يكون صدر عليه حكم واحد قبل ارتكابه لجريمة الجديدة . و تكون العقوبة الصادرة في حقه أخف شدة من عقوبة العائد عودًا متكرراً.
أما العود المتكرر : " اذا تكررت أحكام الادانة ضد الجاني بنوع معين من الجرائم فإنه يعد بارتكابه لجريمه تاليه من نفس النوع عائدًا عودًا متكررًا "( ).
فيتضح من هذا التعريف أن المجرم لم تردعه العقوبة في جريمته من الأولى حتى الأخيرة ، فيبدو أن الخطورة الاجرامية متأصله فيه ، فينبغي أن تشدد العقوبة عليه أي تكون كل عقوبة عليه أشد من سابقتها .
الفرع الرابع : العود المقصود والعود غير المقصود .
يمكن تقسيم العود باعتبار توافر القصد الجنائي أو عدم توافره إلى عود مقصود أو غير مقصود .
العود المقصود : "هو ما يكون فيه الجريمة السابقة التي صدر بها حكم بات والجريمة الجديدة مقصودتين"( ).
مثال: ارتكاب الجاني لجريمة قتل عمدية ثم يعود فيرتكب جريمة قتل عمدية مرة أخرى .
فالجريمة المقصودة لابد أن يتوافر فيها ثلاثة عناصر( ):
أ-التعمد.
ب- إرادة حرة ومختاره لفعلها .
ج-العلم بالنهي .
أما العود غير المقصود :" فهو ما تكون فيه الجريمة السابقة التي صدر بها حكم بات والجريمة الجديدة غير مقصودتين أو أن تكون أحدهما غير مقصودة " ( ).
مثال: ارتكاب الجاني جريمة قتل غير عمدية ثم يعود فيرتكب أخرى عمدية والعكس صحيح وممكن تكون كلتا جريمتي القتل غير عمدية .
و تكون الجريمة غير مقصودة اذا فقدت إحدى العناصر السابق ذكرها ، كأن تكون خطأ، أو تكون بالاكراه الملجئ ؛ لأن المجرم ماقصد القتل في ذاته مثلا ، إنما قصد إقاذ نفسه على كلام في ذلك بين الفقهاء ، أو يكون الجاني فاقد التمييز ،أو كان ناقصا ،مثل: الصبي ؛ لأن القصد الصحيح يستوجب العلم بالنتائج المترتبة على الفعل علمًا كاملًا يجعله متحملا تبعة مايفعل ( ) .
لقد كان الرأي السائد في الفقه التقليدي قديما بأنه لا يمكن اعتبار الجاني عائدًا مستحقًا لتشديد العقوبة متى كانت الجريمتين التي ارتكبها الجاني غير مقصودتين ، أو أن تكون أحدهما غير مقصودة لانتفاء مبرر تشديد العقوبة عليه لأن مثل هذا الجاني لا يمكن وصفه بالاصرار على الاجرام ، أو بعدم مبالاته للإنذار السابق لانتفاء قصده في ارتكاب هاتين الجريمتين، أو أحدهما على الأقل ، وإذ كان القانون يجيز معاقبته على فعله الخطأ، لأن ارادته لا ترقى لارادة الجاني القاصد .
ويذهب البعض الى ان معنى العود لا يتحقق متى كانت إحدى الجرائم فيه غير مقصودة سواء كانت هذه الجريمة سابقة أم لاحقة ، إلا أنه لا يمنع من تشديد العقوبة على العائد ، متى كانت الجريمتان غير مقصودتان ، وبشرط كونهما متماثلتين . ففي رأيهم أن المماثلة هي التي تدل على اتجاه الجاني لاعتياد مثل هذه الجرائم .
ويعارض أنصار المدرسة الوضعية أو الواقعية الاتجاهين السابقين ، فهم يرون أن الجريمة الغير مقصودة لها نفس مدلول الجريمة المقصودة من حيث اكتشاف الخطورة الاجرامية . فكلاهما منبعثتان من الطابع النفسي للخطورة الاجرمية ، ومن حيث طابعها المادي فالجريمة سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة لا يختلف أثرها بالنسبة الى المجتمع باعتبارها خطراً يهدد أمنه واستقراره ، فليس هناك مايدعو الى التفرقة في العود بين جرائم من توافرت فيه الخطورة الاجرامية ( ).
المطلب الثاني
أنواع العود في الشريعة الإسلامية
الشريعة تمتاز بكمالها مقارنة بالقانون الوضعي وثبات نصوصها واستقرارها مهما مر الزمن لا تعدل ولا تبدل .
وأيضا نطاق العود في الشريعة الإسلامية ، و أنواعه عرفت منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالقوانين الوضعية لم تضع نطاق وقواعد للعود الا في وقت قريب ، فالمجرم العائد يشكل خطرا على الجماعة ، فيعاقب العقاب المناسب لهذه الخطورة ، فإن عاد أكثر من مرة تشدد العقوبة أكثر من سابقتها ، مثل : قتله لاكتفاء شره ، أو حبسه حتى يتوب .
فالشريعة وضعت عقوبات مشددة كالتي على الحدود فهي محددة من وضع الشارع وهناك عقوبات تعزيرية ترك أمر تقديرها للحاكم من حيث التشديد والتخفيف على أن يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لسلامة المجتمع ، و أمنه ، والمحافظة على حريات الأفراد فوردت أحاديث تدل على ذلك سنتطرق لها باذن الله .
الفرع الأول : العود العام والعود الخاص
من المعروف أن العقوبة في الشريعة الإسلامية تمتاز بتنوع أجناسها واختلاف كمها ، وذلك بحسب نوع الجريمة وشخصية مرتكبها . ولما كانت جرائم الحدود تمثل الخطورة القصوى ، شاءت إرادة الله أن لايترك أمر تقديرها لمخلوق ، فأنزلها جل تعالى مقدرة بمعرفته ، وجعل لكل جريمة مايلائمها من العقوبات التي يمكن بها رجز الجاني ، وردعه عن العود الى مثلها مرة ثانية ، فان عاد فهذا يدل على خطورته الاجرامية ، لعدم ارتداعه بالعقوبة الشديدة ، مما يستلزم أن تشدد عليه هذه العقوبة عند عودته أو تستبدل بعقوبة أشد( ).
بخلاف ما اذا ارتكب في المرة الثانية جريمة مخالفة لجريمته السابقة ، ففي مثل هذه الحالة لاتشدد عليه العقوبة بل تنفذ عليه عقوبة جريمته الجديدة المقدرة شرعا لها، والتي تكون غالبا مختلفه في جنسها أو كمها عن عقوبة جريمته السابقة . وعلى ذلك يمكننا القول بأن الشريعة الإسلامية تأخذ بنظام العود الخاص في جرائم الحدود كقاعدة عامة ، الا أن الاخذ بهذه القاعده لايعني اهمال الشريعة كلية العود العام في جرائم الحدود .وقد تشدد العقوبة تعزيرا على العائد متى كان معروفا بين الناس بايذائه وسعيه في الأرض فسادًا( ).
أما عقوبات الجرائم التعزيرية فتجعل لجرائم التعازير كلها مجموعة من العقوبات ، وتترك للقاضي أن يختار من بينها العقوبة الملائمة( ). فمن الممكن أن تكون جلد ، تغريب ، تشهير ، الللوم ، وقد تصل الى حد القتل .
ويصح لولي الأمر أن يضعها في مراتب ، ويقسمه أقساما ، ويضع أمام كل قسم عقوبة رادعة له ، لها حد أعلى وحد أدنى ،ويكون للقاضي تقدير حال كل جرم ، وما يستحق من عقاب في دائرة العقوبة لمقدرة بحديها الدنى والاعلى ، ويكون اجتهاده في هذه الدائرة ( ).
فيرى الإمام الجريمة ويقرر ولكن وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وعدم مخالفها ، فإذا كانت الجريمة شائعة بين الناس فيتطلب هذ تشديد لعقوبة عليها لكي يحد من انتشارها أكثر في المجتمع ، بعكس اذا كانت العقوبة وجودها جدا قليل لا تكون عقوبتها شديدة جدًا .
وللإمام أن يضع الشروط الكافية لاعتبارهم عائدين بحسب خطورة الجريمة ،كأن يكتفي بالتشديد عليهم في بعض جرائم العود العام وله أن يشترط في بعضها توافر الخاص ، وله أن يشترط التماثل بين الجريمتين من أجل تشديد العقوبة . فيمكن للإمام تشريع التشديد والتخفيف بحسب شدة العقوبة ، وخطورتها على المجتمع ( ).
الفرع الثاني :العود المؤبد والعود المؤقت
بداية علمنا أن عقوبات جرائم الحدود هي من عند الشارع نزلها مقدرة ، ففي جرائم الحدود تتسم عقوبتها بالشدة ، وهذا يجعل أثرها لا يزول بسهولة ،أو بسرعة ، ومن الممكن أن لا يزول أبدا كما في عقوبة القطع .
لذا من الطبيعي ألا يكون هناك حاجة إلى توقف تشديد لعقوبة على هذا الجاني في حالة عوده للجريمة مستقبلًا على شرط وقوع جريمته اللاحقة في زمن معين . وهو ما يسمى بنظام العود المؤقت الذي يفضل تطبيقه عاده في الجرائم البسيطة التي لا تتصف عقوباتها بالشدة. أما عقوبات الحدود فليس هناك ما يدعو الى اشتراط هذا التوقيت لأن ما تتصف به الحدود من شدة كافية لبقاء أثرها زمنا طويلا ( ).
أما الجرائم التعزيرية للحاكم أن ينص على جواز تشديد العقوبة على الجاني لعوده بشرط أن يكون هذا العود بعد زمن محدد من تنفيذ العقوبة السابقة . والعود المؤقت كما عرفنا مستحسن للعقوبات البسيطة الخالية من الشدة ، لأن الجاني ينسى غالبا اثرها الرادع بسرعة . أما الجرائم لتعزيرية التي تتسم عقوباتها بالشدة لخطورتها من المستحسن أن ينص الامام عند تنظيمه لكيفيه عقوبة العائد اليها على عدم اشتراط وقوعها بعد مدة معينة وانما يفضل أن يكون العود فيها مؤبدا شأنها شأن جرائم الحدود والله اعلم ( ).
الفرع الثالث :العود البسيط والعود المتكرر
الشريعة الإسلامية لا تشدد العقوبة على العائد عوداً بسيطًا في جريمة الحدود ، لأنها في حد ذاتها عقوباتها شديدة منزله من عند الله ، إلا اذا ثبتت خطورته وتكرر العود منه مرات عديدة بحيث يحكم عليه بالفسق والفساد فتشدد عليه العقوبة اكثر كقتله ،أو حبسه .
وفي الجرائم التعزيرية كما قلنا متروك امر تقديرها للإمام ، فيسن من العقوبات مايراه مناسبا لنوع الجريمة ومدى انتشارها وخطورتها ، فأحيانا تشدد العقوبة على العائد حتى ولو كان عوده بسيطًا .
فمن الاحاديث النبوية ، أن النبي صلى الله عيه وسلم قال : ( من شرب منكم الخمر فاجلدوه ، فان عاد فاجلدوه ، فان عاد فاجلدوه ، فان عاد فاقتلوه )( ).
وأيضا قال صلى الله عليه وسلم :( من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد الثانية لم تقبل له صلاة أربعين يوما ، فإن تاب تاب الله عليه ،فإن عاد الثالثة لم يقبل له صلاة أربعين يوماً ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد الرابعة لم يقبل له توبة ، وكان حقا على الله عز وجل أن يسقيه من طينة الخبال ، قيل وما طينة الخبال ؟ قال : ما يخرج من صديد أهل النار)( ).
الفرع الرابع :العود المقصود والعود غير المقصود
لهذا التقسيم فائدة في الشريعة ، فان الجريمة المقصودة هي عدوان مقصود ، فهي إثم بنيتها، وبارتكابها ، أما الجريمة غير المقصودة فإن النية ليس فيها إثم ، ولات وجد مؤاخذة دينية إلا من ناحية الإهمال وعدم الاحتياط ، ولذلك لا يعد الشخص مرتكباً جريمة القتل ، مادام لم يقصده . وذلك فيما بينه وبين الله تعالى ، ولكن لحرمة الآدمي ، ولكي لا يذهب دمه هدرًا ، ولحمل الشخص على الاحتياط والاحتراس دائما حتى لا يقع في مثلها أوجب الشارع فيه عقوبة( ) .
والخلاصة أن الجرائم المقصودة فيها الإثم بالإهمال إن كان المرتكب مكلفا، وإلا فلا إثم ( ).
فإذا كانت الجريمة المقصودة من الجرائم التي تستوجب العقوبة فمن باب أولى يكون العود إليها يستوجب تشديد العقوبة.
المبحث الثاني
آثار العود بين القانون والشريعة
المطلب الأول : آثار العود في القانون
يترتب على العود إلى ارتكاب الجريمة في القانون أياً كانت الجريمة عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية وسنفصل تلك العوامل كما يلي:
أثر العوامل الاقتصادية:
يقصد بالعوامل الاقتصادية الخاصة ما يطرأ على الفرد من اضطراب اقتصادي يكون له أثر في ميله إلى الإجرام وتكراره ، سواء نشأ هذا الاضطراب عن التحولات أو التقلبات الاقتصادية التي تطرأ على المجتمع بأسره أو كان ذلك الاضطراب ناشئاً عن ظروف خاصة بذات الفرد أو بالفئة أو الطائفة التي يكون الفرد أحد أعضائها. ( )
ومع هذا يرى أغلب الباحثين الجنائيين أن حالة الفقر قد تؤدي إلى الإجرام من خلال الوضع النفساني الذي تحدثه، وما يزيد عن ذلك عدم وجود يد المساعدة كالبطالة والأزمات الاقتصادية والواجبات العائلية الكبيرة التي لا يستطيع الفقير تحمل عبئها
ويمكن أكثر الأسباب الاقتصادية للعود إلى الجريمة عاملين مهمين
أ- التحولات الاقتصادية: لقد تحول النظام الاقتصادي في القرن 19 من نظام زراعي إلى اقتصادي ما أدى إلى تحولات جوهرية مثل: التبادل التجاري ، في نشأة المجتمعات البشرية في المدن ، في التوزيع الطبقي.
ب- التقلبات الاقتصادية: الأسعار المرتفعة للمواد المصنعة ينقص الطلب عليها مما يؤدي بأرب العمل التخلي عن بعض عمالهم فينتج البطالة المؤدية في الأخير إلى الإجرام. ( )
ثانياً : أثر العوامل الثقافية:
إن الثقافة هي القيم التي على أساسها يتشكل الضمير وهي من أهم عوامل الثقافة في التعليم والدين ووسائل الإعلام، فلكل من هذه العوامل علاقة بالظاهرة الإجرامية.
أ- أثر التعليم: يقول "فيكتور هيغو" و "فيري" إن فتح مدرسة يعادل غلق سجن" لكن الملاحظ أنه رغم ارتفاع نسبة التعليم بقية نسبة الإجرام ثابتة، إذا فالتعليم يهيئ للفرد مركزاً مناسباً في المجتمع يحميه من الطرق غير الشرعية وإذا حاول اتخاذ مثل هذه الطرق فهو يقطر جياً قبل القيام بها لأنه على علم بعواقبها.
ب- الدين: في معناه العام هو عبارة عن قيم ومبادئ سامية تحث على الخير وتنهى عن الشر، وعندما تكون العقيدة في المقام بين الإنسان وربه فإن يستحيل إجراء دراسة على أثر هذه العلاقة بالظاهرة الإجرامية حيث أنه كلما كانت العقيدة قوية كانت نسبة الإجرام أقل والعكس صحيح.
ت- أثر وسائل الإعلام: من بينها الصحف والمجلات والتلفاز والسينما والمسرح، وهي أن يقول عنها الكثيرين سلاح ذو حدين، فيكفما حاولت توجيهها سواء في الخير أو الشر فهي تترك أثر.
واعتبر بعض العلماء أن السينما ربما تكون هي من الأسباب المكونة للسلوك الإجرامي حيث تظنه من خلال الأفلام السينمائية والقصص المتصلة بالمشاكل الحياتية التي يتحسس بها كل شخص مهما كانت درجة ثقافته ومحيطه الاجتماعي، كقصص المغامرات والسرقات. ( )
ثالثاً : العوامل السياسية:
أ- السياسة الخارجية وعلاقتها بظاهرة العود إلى الجريمة:
إن الإحصائيات التي أجريت في فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية أن بداية الحرب تشهد انخفاضاً في عدد الجرائم ولكن أثناء الحرب يرتفع عددها ويبقى ذلك سنتين بعد انتهاء الحرب، فوجد أن ما بين الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالات إصابة جهاز الشرطة والمحاكم باضطراب مما يزيل العوامل المانعة من ارتكاب الجريمة وتكرارها بحيث تصبح حياة الفرد ليست ذو قيمة وبسبب حالات القتل المتكررة في الحرب ، ويلاحظ أيضا زيادة جرائم السرقة والنهب والاحتيال والغش التجاري، وتزداد جرائم النساء أكثر وذلك بسبب استدعاء الرجال للحرب.
ب- السياسية الداخلية وعلاقتها بظاهرة العود إلى الجريمة:
تكون العلاقة حسب علاقة الحكومة بالشعب، فإذا كانت الحكومة ديمقراطية متلاحمة مع شعبها فإن هذا يحد من الظاهرة أو يحفظها، أما إذا انفصل الشعب عن الحكومة فيكثر الخروج عنها ويتخذ أشكالاً كثيرة تصل إلى أقصى مداها إلى الثورة عليها وتغييرها، ما جعل الأرضية صالحة لنمو وتزايد الجرائم ( )
رابعاً : أثر العوامل الاجتماعية بظاهرة العود:
أ- الأسرة:
تعتبر الأسرة العامل المساعد في تهيئة الطفل وذلك ما تتميز به، فجو الأسرة يلعب دوراً مهماً خاصة في العلاقة بين الوالدين فوجود الصراعات داخلها تؤثر في سلوك الطفل مما يؤدي إلى عدم استقراره الوجداني والذي ينجم عن عدم إحساسه بالأمان وخاصة في الأسرة التي يكون التفريق فيها بين الأطفال فئة تميل إلى الأب والأخرى إلى الأم، فيتخذ الأطفال الجنوح سلوكاً هروبياً من هذه البيئة ( ) وغالباً ما يكون الانحراف ناتجا عن أسر منحرفة ترمي أطفالها على السلوك المنحرف فيصبح ذلك من عاداتها وتقاليدها ويتوارثونه كما أن عدم قيام الوالدين بأدوراهم أثر في تربية الأطفال، فعمل الم خارج البيت إلى عدم الاهتمام بالطفل وغياب الوالدين بأدوارهم يقلل من الاعتناء بالطفل ومراقبته، فقد لا يجد مكانه في الأسرة فيتجه إلى الشارع أن تتوفر أسباب الانحراف.
ب- محيط وبيئة الطفل:
يؤثر كذلك في إيجاد السلوك الإجرامي وذلك انطلاقاً من نوع التربية المقدمة داخل الأسرة حيث أن البيئة هي نتاج مجموعة الأسر والتربية المنحرفة تصبح عادات وتقاليد داخل البيئة،ـ فجرائم الأخذ بالثأر وتهريب المخدرات وتعاطيه من الأمثلة التي تظهر التنشئة الاجتماعية المنحرفة، كما يرى أن الإجرام يحدث عند تدني اليم وانتشار ظاهرة التفكك الأسري التي قد تنجم عن وفاة أحد الوالدين أو الطلاق أو الهجرة أو قلة الرعاية الأسرية بالأطفال، فيقول" إن سلوك الجانح قد يكون جزء منه انعكاسا لصورة الصراع الذي يدفعه إلى العصابة وإن العصابة الجانحة قد تعكس صورة للحياة المفككة في المجتمع المحلي. ( )
المطلب الثاني : آثار العود في الشريعة
أولاً : الآثار المترتبة على العود في الجرائم القائمة على الأشخاص:
تنص المادة (50) من قانون العقوبات المصري على أنه "يجوز للقاضي في حال العود المنصوص عنه في المادة السابقة بان يحكم بأكثر من الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد". إن الأثر الأساسي للعود هو جواز تشديد العقوبة المقرر اصلاً، فالعائد إلى ارتكاب السلوك الإجرامي من جديد يوحي بأنه لم يرتدع من الأولى الأمر الذي أدى إلى جواز المشرع القاضي الذي ينظر القضية أن يشدد العقوبة بأكثر مما هو مقرر من الحد الأقصى قانوناً ، إن هذا الأثر تحكمه قواعد منها ما يتعلق بتشديد العقوبة ومنها أن تشديد العقوبة يتجاوز الحد الأقصى.
ووفق الشريعة الإسلامية وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بتشديد العقوبة وأن يحكم به متى توافرت شروط العود، بما يتفق مع خطورة العائد وجسامة الجريمة، وظروف القضية، وأعطت المادة السابقة للقاضي سلطة واسعة في تقدير العقوبة والاختيار بين الحد الأدنى للعقوبة والأقصى، فإذن على الرغم من توافر حالة العود بالنسبة للجاني، إلا أن القاضي أن يحكم عليه بالعقوبة المقررة للجريمة أصلاً بدون زيادة بل أن بوسعه برغم العود القضاء بالحد الأدنى المقرر لها. ( )
أما طريقة تشديد العقوبة فالمتأمل لنص المادة السابقة يلاحظ أن أجازت للقاضي أن يحكم على المتهم العائد لارتكاب الجريمة بما يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقرر لها، بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد، فإذا افترضنا أن شخصاً ارتكب جريمة ضرب أوطرح أو إعطاء مواد ضارة أو إيذاء يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة سنة أو أكثر حسب تكييف الجريمة ومدى توافر ظروف متشددة من عدمه واقترانها ثم عاد وارتكب جريمة بها جنحة من نوع أخر فيجوز للقاضي أن يحكم عليها بما لا يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجنحة أكثر من 3 سنوات. وبما لا يتجاوز الضعف ، ووضع قيدا على القاضي بأن لا تزيد مدة الأشغال المؤقتة أو السجن على عشرين سنة، وذلك لكي لا تتقلب العقوبة المؤقتة إلى عقوبة طويلة تكاد تكون مؤبدة تستغرق وقتاً طويلاً وهي الفترة التي ينتظر أن تمتمد خلالها حياة المحكوم عليه.
ثانياً : الأثر المترتب على العود في الجرائم الواقعة على الأموال:
يتضح من خلال نص المادة السابقة أن المشرع المصري جعل تشديد العقوبة أمراً جوازياً للمحكمة، فللقاضي أن يحكم به متى توافرت شروط العود، يما يتفق مع خطورة العائدة وجسامة الجريمة، وظروف القضية، وأعطت المادة السابقة للقاضي سلطة واسعة في تقدير العقوبة والاختيار بين الحد الأدنى للعقوبة والأقصى، إذا القاضي على الرغم من توافر حالة العود بالنسبة للجاني أن يحكم عليه بالعقوبة المقررة للجريمة أصلاً ، إذا القاضي على الرغم من توافر حالة العود بالنسبة للجاني أن يحكم عليه بالعقوبة المقررة للجريمة اصلاً بدون زيادة بل أن بوسعه برغم العود القضاء بالحد الأدنى المقرر لها. ( )
أما طريقة تشديد العقوبة فهي نفس الطريقة التي تم ذكرها سابقاً لا يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجنحة أكثر من 3 سنوات، أي بما لا يتجاوز 6 سنوات ووضع قيد على القاضي بأن لا تتجاوز مدة الأشغال الشاقة عشرين سنة.
الأثر المترتب على الجاني العائد :
إن العود إلى الجريمة يعبر عن خطورة إجرامية للجاني العائد وبناءً على ذلك يتم تشديد العقاب بالردع الخاص، وأهم ما يميز ذلك صدور حكم بات، لذلك فإن خطورة الجاني العائد من الناحية الاجتماعية هي مناط تشديد العقوبة بسبب عودته لارتكاب جريمة جديدة، وهو بذلك يعتبر ظرفاً شخصياً للتشديد ولا يسري إلا في مواجهة من توافر في حقه دون غيره من الفاعلين أو الشركاء وقد عرف البعض العائد إلى الجريمة (هو من تكرر خروجه على القواعد الاجتماعية التي يقوم عليها المجتمع) ( )
ويبرر علماء الإجرام موقفهم من توسيع مفهوم العائد للجريمة من خلال أن ذلك فيه ضمان لحماية أمن ومصالح المجتمع من أصحاب السلوكيات الإجرامية ومحترفي الإجرام، حيث يمكمن اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل مواجهة مشكلة العود في المراحل المبكرة التي يمكن من خلالها معالجة هذه المشكلة والسيطرة عليها وتوجيه من لديهم نزعة إجرامية ومراقبة تصرفاتهم المنحرفة، هذا الأمر يجب أن لا يعتمد على المعيار الشخصي للعائد في جميع الحالات التي تدل على أن لديه ميول إجرامية فقط، بل يجب أن يقترن بمعيار موضوعي يمكن الاستدلال من خلاله على وجود الجريمة حتى لا يكون في ذلك نوع من إعطاء الفرصة للاعتداء على مصالح الأفراد لمجرد ( )
ويتبين لي مما سبق الأثر المترتب هنا أن هناك أثار تلحق كل عائد أياً كانت الجريمة المحكوم عليه فيها، وهنا من هو ذو طابع يقتصر على جرائم معينة كالسطو والسرقة والنهب.
الآثار التي تلحق كل عائد أياً كانت الجريمة المحكوم عليها فيها:
وهي المعالجة عن طريقة إعادة التأهيل ومعالجة العقلية الإجرامية ودوافع السلوك الإجرامي وبيان ذلك على النحو التالي:
الأمر الأول: أن تشكل العقوبة رادعاً للجاني ولا يعود إلى ارتكابها مرة أخرى وإن كانت فيرجح الباحث أن تكون الأسباب ليست في اثر العقوبة بعقدر ما يتعلق في الجاني نفسه من أسباب.
الأمر الثاني : أن تكون رداعة إلا أن الظروف المعيشية الصعبة التي تجبره إلى تكرار الجرم مرة أخرى ، وفي في هذه الحالة يرى الباحث أن المسؤولية تقع على الحكومة في درء الشبهات بمكافحة الفقر بأي وسيلة.
الأمر الثالث : أن الجاني يكون بطبعه حاملاً لكل مفاهيم الشر وبتكراره الجريمة تطمس معه فطرته السليمة التي جبل عليها ليس تقصيراً من حد بقدر تقصيره لذاته وإفراطه بالمعصية وحب التشهى والانتقام والثأر والتمسك بالعادات والتقاليد السيئة بجهالة وظلم للنفس. ( ) (شحتو ، 2017 : 141)
قائمة المراجع
اولاً- المراجع الاصلية
أ. القران الكريم
ب. السنة النبوية
ثانيًا- المراجع الثانوية
أ. الكتب العربية
أبو الحسن ،علي محمد. ( ٤٥٠هـ ). الاحكام السلطانية، بيروت: دار الكتب العلمية.
أبو زهرة ، محمد .(1976). الجريمة واالعقوبة في الفقه الإسلامي ، القاهرة :دار الفكر العربي،الطبعة الأولى .
آل سليمان ، عبدالله .(1995).شرح قانون العقوبات الجزائري القسم العام ، الجزائر : ديوان المطبوعات الجامعية ، دط.
الألفي، أحمد عبدالعزيز. (1965). العود إلى الجريمة والاعتياد على الإجرام، المطبعة العالمية.
الساعاتي، سامية حسن (د.خ). الجريمة والمجتمع ، ط2 ، كليات البنات جامعة عين الشمس.
السماك، أحمد حبيب .(1985). ظاهرة العود إلى الجريمة في الشريعة الإسلامية والفقه الجنائي الوضعي، الكويت: دار ذات السلاسل للنشر، دط.
عوض محمد، محمد زكي. ( ١٩٨٩م ). مبادئ علم الاجرام والعقاب، الإسكندرية: الدار الجامعية.
العوجي، مصطفى (1980). دروس في العلم الجنائي والجريمة والمجرم، بيروت: مؤسسة نوفل.
التويجري ، أسماء عبدالله. ( ٢٠١١م ). الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للعائدات للجريمة، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
علي الخلف، سلطان الشاوي. ( ٢٠٠٨م ). المبادئ العامة في قانون العقوبات، بغداد: مكتبة السنهوري.
القهوجي، علي عبدالقادر (بدون تاريخ). علم الإجرام والعقاب ، كلية الحقوق بجامعتي الإسكندرية والكويت ، الدار الجامعية للطباعة.
الدباس ، محمد نور. ( ٢٠٠٥م ). بدائل السجن، عمان: دار يافا العلمية للنشر والتوزيع.
عودة ، عبدالقادر. ( ١٤٢٩هـ ). التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي، بيروت: دار الكتاب العربي.
المنصور ، إسحاق إبراهيم. ( ١٩٩١م ). الموجز في علم الاجرام و العقاب، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية،الطبعة الثانية.
ب. بحوث و دراسات
الألفي،أحمد.(1988م).مسلك التشريعات المعاصرة حيال ظاهرة الاعتياد على الجرائم ، ، الرياض : بحث منشور في المجلة العربية للدراسات الأمنية ، جامعة نايف الامنية، العدد 6.
عامر ، قطاف تمام. (2014 م ). دور السياسة الجنائية في معالجة العود الى الجريمة ، المطبوعات الجامعية.
ج. مقالات
تميز العود عن التعدد والاعتياد، مقالة منشورة على شبكة الانترنت ٨/٣/٢٠١٧هـ الساعة الثالثة عصراً www.startimes.com
د. المجلات
الألفي،أحمد.(1988م).مسلك التشريعات المعاصرة حيال ظاهرة الاعتياد على الجرائم ، الرياض : بحث منشور في المجلة العربية للدراسات الأمنية ، جامعة نايف الامنية، العدد 6.
ه.الرسائل الجامعية
شحتو، عبدالرحمن (2017). العود للجريمة بين التشريع الفلسطيني والفقه الإسلامي دراسة تحليلية مقارنة ،غزة:رسالة ماجستير ، الجامعة الإسلامية ،كلية الشريعة والقانون .
الفهرس
الموضوع رقم الصفحة
اهداء .................................................................... أ
شكر وتقدير .................................................................... ب
ملخص.................................................................... ج
مقدمة .................................................................... 1
أسباب اختيار الموضوع ............................................
أهمية البحث.................................................................... 2
مشكلة البحث ....................................................................
أسئلة البحث ....................................................................
فرضيات البحث ................................................................ 3
اهداف البحث ....................................................................
منهج البحث ....................................................................
حدود البحث ....................................................................
مصطلحات البحث ..............................................
الدراسات السابقه .............................................................. 4
خطة البحث ................................................................ 7
الفصل الأول : معنى العود في القانون والشريعة الإسلامية واسبابه
المبحث الأول : مفهوم العودة الى الجريمة
المطلب الأول : مفهوم العودة الى الجريمة في القانون والشريعة الإسلامية
الفرع الأول : مفهوم العودة الى الجريمة في القانون الجنائي
الفرع الثاني : مفهوم العودة الى الجريمة في الشريعة الإسلامية
المطلب الثاني : تمييز العود الى الجريمة عن بعض المفاهيم المشابهة له
الفرع الأول : تمييز العود عن التعدد
الفرع الثاني : تمييز العود عن الاعتياد
المبحث الثاني : أسباب ودوافع العودة الى الجريمة
المطلب الأول : الأسباب الداخلية للعودة الى الجريمة
الفرع الأول : الوراثة
الفرع الثاني : الجنس
الفرع الثالث : السن
الفرع الرابع : الذكاء
الفرع الخامس : المرض
الفرع السادس : المستوى الثقافي
المطلب الثاني : الأسباب الخارجية للعودة الى الجريمة
الفرع الأول : عدم تقبل المجتمع للمفرج عنه ومعاملتهم له
الفرع الثاني : التفكك الاسري
الفرع الثالث : الفقر
الفرع الرابع : البطالة
الفرع الخامس : فشل المنظمة العقابية
الفصل الثاني أنواع العود وآثاره
المبحث الأول : أنواع العود في القانون والشريعة الإسلامية
المطلب الأول : أنواع العود في القانون
الفرع الأول : العود العام والعود الخاص
الفرع الثاني : العود الؤبد والعود المؤقت
الفرع الثالث : العود البسيط والعود المتكرر
الفرع الرابع : العود المقصود والعود غير المقصود
المطلب الثاني : أنواع العود في الشريعة الإسلامية
المطلب الأول : أنواع العود في القانون
الفرع الأول : العود العام والعود الخاص
الفرع الثاني : العود الؤبد والعود المؤقت
الفرع الثالث : العود البسيط والعود المتكرر
المبحث الثاني : اثار