الشورى والديموقراطية وحقوق الانسان مصطلحات قديمة جديدة لكل منها دلالاته العقدية والايدلوجية، كما لها ابعادها التاريخية التي تضفي على كل منها ظلالاً تتأثر بنشأتها ومسيرتها في المجتمعات الانسانية والعلاقة بين الشورى والديمقراطية وبين حقوق الانسان انها جميعاً من اهم حقوق الانسان .
وهي اليوم ابرز قضايا الفكر والثقافة والسياسة ولكل منها من المعاني والأطر ما يختلف من قطر إلى آخر ومن زمن إلى آخر وفق التجارب الذاتية للشعوب والمجتمعات والدول فهي ليست نموذجاً واحداً لا في القديم ولا في الحديث .
وإذا كانت مجتمعاتنا وانظمتنا في العالم العربي والاسلامي احوج ماتكون إلى الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان فإن العالم الغربي ما فتئ يتخذها ذريعة للضغط على الانظمة والحكومات والضغط عليها وابتزازها وليست هي دعوات صادقة الى الديقراطية وحقوق الانسان .
على ان الدعوات الغربية المطالبة بالديمقراطية وحقوق الانسان ما هي الا ذرائع للنيل من الحكومات والضغط عليها وابتزازها وليست هي دعوات صادقة إلى الديمقراطية وحقوق الانسان بل كثيراً ما وقف الغرب ضد توجهات الشعوب للديمقراطية ، وطالما مارس ابشع صور الاعتداء على حقوق الانسان ، عندما تكون القضية خارج حدوده ، او فيها تحقيق مصالحه . وما أحداث الجزائر وتركيا و العراق وفلسطين ، إلا امثلة على كذب إدعاء الغرب للديمقراطية فى المثالين الاولين ولحقوق الانسان فى المثالين الاخرين.
وأيا ما كان موقف الغرب، فنحن بحاجة ماسة وحقيقية للشورى والديمقراطية وحقوق الانسان. بحاجة اليها لتفعيل دور الانسان وهو رأس المالى الحقيقى للأمة ، ليأخذ مكانتة فى المؤسسات والمنظمات والجامعات ، وفى المجتمع ليساهم فى بناء المجتمع وفي صناعة القرار في بلده وفي امته وليكون انساناً فاعلاً يشعر بإنسانيته وبدوره ومسؤولياته ولا يبقى كما مهملاً اثر له في الحياة ولا قيمة ولا اعتبار .
وبحاجة إلى الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان لنبني مجتمعاتنا وننميها ليعيش الانسان فينا كريماً مكفياً يتحقق له الامن والرزق والرفاه اذ لا يمكن ان تتحقق التنمية في بلاد العرب والمسلمين ما دام المواطن مقهوراً سلبياً لا دور له ولا تأثير .
وبحاجة الى الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان ليكون المواطن ومؤسسات المجتمع المدني رقيبه وحسيبه على اداء الحاكمين ولتحول دون الفساد والظلم والطغيان .
وبحاجة إلى الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان لنقدم مشروعنا النهضوي ونحتل مكانة بين الامم والشعوب ونساهم في الحضارة الانسانية ولا نبقى مجرد مستهلكين وكأننا زائدون على هذه الحياة واذا كانت الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان حاجة ملحة للشعوب والمجتمعات فإنها مهمة كذلك للحكام فبها تسهم الشعوب والمنظمات في تحمل المسؤولية مع الحاكمين وفيها ايضاً دعم شعبي للحكام في وجه الضغوط الغربية والهيمنة الغربية .
وفي الاخذ بالشورى والديمقراطية وحقوق الانسان ضمان للأمن الاجتماعي ووضع آلية سلمية للتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وتحقيق للعدالة والمساواة بين ابنا الامة الواحدة بما يستوعب الفوارق الاجتماعية ويحل قضية الاقليات القومية او الدينية في المجتمع وبذلك نغلق ثغرات طالما تسلل من خلالها الاعداء والطامعون في العديد من اقطارنا .
وفي هذا صون للمجتمع من الصراع الداخلي سواء اكانت لاسباب اجتماعية او قومية او دينية وجمع لطاقات ابناء الامة الواحدة في المجتمع الواحد في البناء والتنمية ومواجهة الاخطار الخارجية المتربصة والطامعة في امتنا وقدراتنا .
وعندما تطرح مسألة الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان يحلو للبعض جاهلين او مدفوعين ان يثيروا التناقض بين الشورى والديمقراطية وان يصنفوا الديمقراطية وحقوق الانسان بأنهما نبت غربي غريب عن ثقافتنا وتاريخنا وديننا .
ويغيب عن بال هؤلاء ان المطالبة بالديمقراطية وحقوق الانسان انما هي مواجهة الاستبداد وحكم الفرد والديكتاتوريات التي استفلحت في عالمنا العربي والاسلامي واذا كانت الديمقراطية غريبة المنشأ فالدكتاتورية بالمقابل ليست عربية ولا اسلامية كذلك .
والمتأمل في جوهر الديمقراطية بعيداً عن التعريفات والمصطلحات يجد أنها تعني ان يختار الناس من يحكمهم وان يكون لهم حق محاسبة الحاكم اذا اخطأ وحق عزله اذا انحرف واستبد والا يفرض على الناس مناهج واتجاهات سياسية او اقتصادية او اجتماعية او ثقافية لا يرضونها ولا يعرفونها هذا هو جوهر الديمقراطية الحقيقي التي عرفت لها البشرية صيغاً واساليب عملية مثل الانتخاب والاستفتاء العام وترجيح رأي الاكثرية وتعدد الاحزاب السياسية وحق الاقلية في المعارضة وحرية الصحافة واستقلال القضاء والمتأمل في هذه المعاني يجد انها لا تنافي الاسلام بل هي من صميمه([1]).
صحيح ان امتنا عرفت مصطلح الشورى ومارستها عبر تاريخها قبل الاسلام وبعد الاسلام بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة فهي الانسب لنا والالصق بحياتنا وتاريخنا لكن صحيح كذلك انها غابت عن بلادنا وامتنا قروناً طويلة .
واذا كان الاسلام قد قرر مبدأ الشورى وجعله اساساً لاختيار الحاكم واساساً لنظام الحكم واسلوباً للتعامل في الجماعات والمنظمات والمؤسسات فإنه لم يقرر شكلاً معيناً للشورى ولا أدوات محددة لها انما ترك ذلك لظروف المجتمعات وتطورها وهذه سمة مميزة من سمات الاسلام التي تجعله صالحاً لكل زمان ومكان .
وقد مارس المسلمون الاوائل كما مارست القبائل العربية قبل الاسلام مفهوم الشورى بالشكل الذي يناسب مجتمعات ذلك الزمان لكن المسلمين في القرون الاخيرة لم يطوروا أدوات الشورى واشكالها بما يناسب العصر الحديث فساد في بلادنا حكم الفرد والاستبداد .
ونحن مدعوون اليوم إلى تطوير تجربتنا الشورية بالتنظير والتطبيق معاً وتقديم الاشكال والادوات والآليات والاجراءات التي تحقق مبدأ الشورى الذي قرره لنا ربنا في كتابه العزيز ومارسه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام بما يناسب زمانهم وظروف مجتمعهم .
وعلى طريق تحقيق ذلك لا بد من الافادة من التجارب الانسانية عند الامم التي سبقتنا في ذلك ووضعت انظمة واشكالاً وادوات واجراءات وآليات للديمقراطية في بلادها .
واذا كانت الديمقراطية في العالم اليوم ليست نموذجاً واحداً فإن في تعدد نماذجها وتجارب الشعوب في مجالها ثراء للتجربة يتيح امامنا مجالات اوسع في اختيار الانسب لتطور مجتمعاتنا وظروفنا .
صحيح ان الديمقراطية نظام غربى، وضعة الاغريق القدماء، وتطور بأشكال متعددة ومختلفة فى العالم الغربى، وصحيح انه يقوم على فلسفة الحياة ، وعقيدة معينة ، لكن النظام الديمقراطى الغربى الحديث قد عرف من الآليات والادوات والاجراءات مع مرور الايام ما جعلة حصيلة تجارب انسانية ، قابلة لأن نفيد منها.
ونحن عندما نطالب بالديمقراطية لانعنى بالضرورة ان نأخذها بعجرها وبجرها ، فهى كفلسفة وعقيدة ، ترجع المرجعية لقرار الأغلبية فقط غير مقبولة لأمتنا حيث يمثل الاسلام بمصدرية الاساسين المحددين الواضحين المعصومين _ الكتاب والسنة الصحيحة _ يمثل المرجعية لدينا . وفى نفس الوقت فأن رأى الاغلبية لايتعارض مع النص مقبول ولة اصل فى ديننا فقد نزل الرسول صلى الله عليه وسلم على رأي الأكثرية فى أكثر من حادثة منها فى غزوة بدر وغزوة احد .
لكنا فى نفس الوقت نرى ان ما توصلت اليه البشرية من آليات وادوات واجراءات للديمقراطية هو تراث انسانى ، نحن حقيقيون بالإفادة منه.
اى نأخذ من الديمقراطية ما يناسب ديننا وقيمنا وثقافتنا ، وما يناسب ظروفنا وحاجتنا ولسنا ملزمين بأخذ ما يتعارض مع ذلك كله ، بل لسنا ملزمين بأخذ سيئات الدمقراطية.
واذا كانت التجارب الديمقراطية عند الغربيين ، قد حققت لمجتمعاتهم كثيرا من الايجابيات ، من اختيار الحاكم وتداول السلطة وتنظيم آليات الرقابة والمحاسبة ن وتفعيل دور الانسان فى المجتمع ، ومؤسساتة والمشاركة فى اتخاذ القرار ، إلا إنها مع ذلك لم تخلو من سلبيات أهمها أن المرجعية فقط لقرار الاغلبية ، وان المال والنفوذ والإعلام كلها هى التى تصنع الاغلبية وتؤثر فى ممثلى الشعب المنتخبين ، حتى غدت شكلا من اشكال ديكتاتورية طبقة ارباب المال والنفوذ والاعلام ن وما أثر الشركات الكبرى واللوبى الصهيونى فى القرار الامريكى بخافٍ على احد.
وعلى كثرة مشكلاتنا وحاجتنا فى العالم العربى ، والاسلامى إلا ان تحقيق الشورىوالديمقراطية وحقوق الانسان يقع فى مقدمة اولوياتنا فلن تصان الحقوق ، ولن تتحقق كرامة الانسان ، ولن تتحقق التنمية فى مجتماعتنا ولن تنهض امتنا بدون ذلك .
والاحزاب والجماعات والتنظيمات وسائر مؤسسات المجتمع المدنى ، فضلاً عن رجال الفكروالسياسة ، مدعوون جميعاً للعمل والنضال والجهاد من اجل تحقيق الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان فى بلادنا .
ومعركة الشورى وتحقيق الديمقراطية ، لن تكون سهلة مع النفوس والزعامات التقليدية وهى فى نفس الوقت معركة مع الحكام المستبدين ، كما انها وبدرجة اشرس مع الغرب الذى يصر على أن يبقينا على تخلفنا ليستمر فى بسط نفوذه وهيمنتة علينا وعلى بلادنا ومقدراتنا .
وهذه لست مسؤولية الحكام أوالطبقة الحاكمة وحدها ، وأنما هى مسؤولية الجميع افرادا وجماعات وحاكمين ومحكومين . اننا إذا إتفقنا على هذه الاولوية مدعوون لوضع الخطط والبرامج على مختلف الصعد لتحقيقها ، فالمسألة ليست قضية شعارات ترفع ، ومتطلبات ينادى بها ، وانما هى مسألة استشعار لأهميتها أولاً ، وممارستها فى حياتنا كأفراد ومؤسسات ، حتى تصبح روحاً فنيا ، ثم وضع البرامج والخطط من أجلها ثم النضال بكل الوسائل لبلوغها . وإلا سنبقى على ماهو علية من التخلف والقهر والاستبداد، وسنبقى فى ذيل القائمة ، إذ كيف تنهض امة ، انسانها لا يستشعر قيمتة ، وهو مسلوب الارادة والتأثير ، وحكم الفرد المستبد يلغى دور الشعب والامة ، وتطلق علية القاب الوحدانية والالهام فيما يوصف بة من القاب !!
اننا فى اسرنا واحزابنا ومنظماتنا مدعوون الى وقفة مراجعة ، نسأل فيها عن مكانة الشورى والديمقراطية فى حياتنا ، وعن كرامة الانسان وحقوقة فى بيتنا .علينا ان لانخدع انفسنا ونحن ندعى الشورى او الديمقراطية ، بل نصف ونسمى بعض احزابنا بها ، ونحن ابعد ما نكون عنها ، فالمسألة روح وممارسة ومعايشة ، وليست شعارات وعناويين .
ولا يعنينا على طريق المراجعة والتقويم ان نعترف بأننا بعيدون عن الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان فى اسرنا ومدارسنا وتنظيماتنا ، لايجاد جيل مؤهل لذلك يتذوقها ويعايشها ويستشعر خطورة حرمانة منها ، فيحميها ويناضل فى سبيلها،
وما فتىء الغرب يستخدم اشكالية الديمقراطية وحقوق الانسان فى الصراع السياسى الداخلى ضدنا وخاصة ضد الحركات الاسلامية ، فإن فى تبنى هذا الخيار من كل تيارات الامة وخاصة من الاسلاميين ما يفوت هذه الفرصة امام الغرب فى مواجهة العرب والمسلمين والقوى المعارضة وخاصة الاسلاميين([2]).
والناظر فى الواقع الاسلامى اليوم يجد اختلافا فى موقف الاسلاميين من الديمقراطية وحقوق الانسان ، لكن لابد من التأكيد على أن التيار الاوسع من الاسلاميين مع هذا الخيار ، ويحرصون على ان يقرنوا اسم الشورى مع الديمقراطية ، للتأكيد على الحاجة لتهذيب الديمقراطية بما يتوافق مع اصولنا وقيمنا وظروفنا .
ومهما يتحدث المفكرون والسياسيون والمثقفون عن اهمية الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان وعن حاجة امتنا ومجتمعاتنا اليها ، فإن اهم ما فيها إنها تنفى الاستبداد ، وتضمن الممارسات والتفاعلات الاجتماعية ، كما تضمن امن المجتمع واستقرارة بما يوفر طاقات ابنائة وفاعليات فئاتة للبناء والتنمية وتحقيق العدالة والمساواة والرفاه بين ابنائة .
وقد اخذت قضية الشورى فى الفكر السياسى اهتماما ً واسعا سواء أكان فى القديم لدى فقهاء السياسة الشرعية ام فى الحديث لدى المفكريين السياسين الاسلاميين ، وجرى الحديث حول تقرير مبدأ الشورى ومدى التزام الحاكم فى تعيينة او عزلة او حكمة بمبدأ الشورى ، وكذلك فى شكل ممارسة إمارات الاستيلاء وولايه العهد ، والحكم الفردى العائلى ، وكان العلماء بين فريقين : نظر الى مسألة الحفاظ على تطبيق الشريعة ووحدة الامة ، وجعل مسألة الشورى قضية تالية فأقر ولاية الاستيلاء كالماوردى وغيره ، وفريق نظر الى قضية الشورى وخطر الاستبداد فرفض ولاية الاستيلاء والزم الحاكم بمشورة العلماء وقضى بوجوب عزل الحاكم الذى يستبد ولا يستشير كابن عطية وغيرة([3]).
وعندما نراجع قضية الشورى فى تاريخنا وفكرنا السياسى فلابد من ملاحظة ان ما ورد فى القرآن والسنة هو الاصل الذى تنقيد به ، بخلاف سائر الممارسات الاخرى فى التاريخ الاسلامى ، فهذه اجتهادات بشرية يؤخذ منها ويرد عليها([4]).
والشورى والديمقراطية كحق من حقوق الانسان، وكأساس فى بناء الدولة والمجتمع لها جملة من الادوات والآليات لاتتحق بدونها،وفى مقدمة ذلك طريق الانتخابات، الذى عرفتة الانسانية اسلوبا للتعبير عن ارادة الناخبين بأختيار حكامهم وممثليهم . والتعددية الحزبية وهى وسيلة الفعل الجماعى فى وجة استبداد السلطة من جانب ، وهى تنظيم وهيكلة لرأى الشعب من جانب اخر ، كما انها تمثل مستوى متقدما من تفعيل المجتمع فى الفعل السياسى
وينبني على حق الانتخاب وحق تشكيل الاحزاب والتعددية السياسية مضمون مهم للشورى والديمقراطية وهو تداول السلطة سواء أكان ذلك من حيث المبدأ ام من حيث كونها اسلوباً سلميا لذلك([5]).
وإذا كانت الشورى والديمقراطية تمثل اهم حقوق الانسان وقد تعاملنا معها في هذه الورقة بهذا الاعتبار فإن ثمة حقوقاً لا بد من الاهتمام بها وهي وثيقة الصلة بالشورى والديمقراطية واهم هذه الحقوق حرية الرأي وحرية الصحافة لانها اداة التعبير والنقد والتوجيه التي لا تتم العملية الشورية الديمقراطية بدونها .
وكذلك حق المرأة التي تمثل نصف المجتمع وأساس الاسرة التي هي خليته الاولى وكيف تكون شورى وديمقراطية وكيف تصان الحقوق وكيف يبنى المجتمع اذا كان نصفه مهملاً منسياً .
وكل تيارات الامة واحزابها ومنظماتها وفعالياتها وبشكل أخص القوى الاسلامية مدعوة الى تبني الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان اولاً ومدعوة في نفس الوقت ان تقدم البرامج التفصيلية لتطبيق ذلك.
ولا يكفي الاقتصار على رفع الشعارات والدعوات بذلك فقد سبقت القوى العلمانية الى تبني هذه الشعارات ثم كانت الممارسة عكس ذلك تماماً وهذا ما افشلها وجعلها تتأخر الصفوف بعد ان كانت في مقدمتها.
والإصلاحيون اليوم والاسلاميين بشكل خاص امام نفس الامتحان ،هل يقدمون لامتهم ما تحلم به من نظام سياسي عادل ، تسهم فيه كل قوى الامة و تصان فيه الكرامة و الحقوق و تحقق به التنمية والنهوض، إذا هي استبدلت الاستبداد العلماني و التخلف والقهر ، بإستبداد منسوب إلى الاسلام وتخلف و قهر بلون آخر([6]).
وحتى تكون قوى الاصلاح والمعارضة وفي مقدمتها الاسلاميون مقنعة في طروحاتها لابد من تقديم برامجها لهذا النظام السياسي العادل وهي بهذا تطمئن المتخوفين من مجيئها وتزيد من قناعة مؤيديها وتسد الثغرة التي يدخل الاعداء منها .
وفي هذا الصدد فإن قوى الاصلاح والمعارضة وخاصة الاسلامية منها مدعوة الى الالتزام بشعارات ومضامين التعددية والحرية السياسية والاحتكام لصناديق الاقتراع وحرية الصحافة لا كوسيلة وقتية لتخدم اغراض صراع آني وانما كميثاق اجتماعي يقع الاتفاق عليه بل تقع المصالحة الوطنية وفقاً لذلك ويعامل بصدق وامانة حتى لو هبت رياحه ضد هذا الحزب أو ذاك ولا بد ان تتحول هذه العناصر من محتويات الديمقراطية الى شعارات مؤصلة شرعاً وسياسة وفكراً ليستمسك بها استمساكاًَ قوياً([7]).
واخيراً بقيت حجة لرافضي التعاطي مع خيار الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان يتذرع بها بعضهم وهي ان الانظمة الحاكمة تستخدمها مجرد اطار تتزين به وتفرغها من مضمونها بما تمارسه من تزوير وتجاوزات وقيود .
وهذه الشبهة نفسها من دواعي التمسك بالشورى والديمقراطية وحقوق الانسان اذ بالجزء المتيسر منها يمكن ان تتقدم قوى الاصلاح والمعارضة لتثبت هذا الجزء اليسير والانطلاق منه لتعميقه وتأصيله بل فيها اقامة الحجة على الحكام بمنطقهم وشعاراتهم للعمل على التزامهم والزامهم بما يدعون اليه وبما يدعونه .
وعلى اي حال فخيار الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان هو الخيار المتاح وهو الممكن والايسر وهو الاسلم للتغيير ولا بد ان تؤول الامور اليه ورياح التغيير في العالم كله باتجاهه.
([1]) يوسف القرضاوي ،الديمقراطية و الاسلام ،مجلة النور 34/3/1994 م ، ص31.فتحي عثمان – الديمقراطية في أدبيات حسن البنا ، مجلة الإنسان ، السنة الأولى العدد الأول –أبريل 1990 م ص 70 .
([2]) منير شفيق ، مجلة الإنسان ، العدد الثامن ، السنة الثانية آب 1992.
([3]) د.عبد العزيز الدوري ، ندوة في مجمع اللغة العربية بعنوان (الشورى والديمقراطية).
([4]) د. عبد اللطيف عربيات ندوة في مجمع اللغة العربية بعنوان الشورى و الديمقراطية.
([5]) محمد سليم العوا ، التعددية السياسية من منظور إسلامي ندوة قضايا المستقبل الاسلامي ، مجلة الانسان العدد الثاني السنة الاولى آب 1990.
([6]) محمد الهاشمي الحامدي ، نحو التفاق على ميثاق إسلامي للعدل و حقوق الانسان ، مركز دراسات المستقبل الاسلامي ، ص 11-22.
([7]) منير شفيق حول التعدد و الانتخاب و إختيار مجلة الانسان العدد الثامن – السنة الثانية – أغسطس 1992 ص 52.