بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تهريب أموال - عدول عن قرار سابق

 

من حيث أن الغرفة الجزائية لقضايا قانون العقوبات الاقتصادية طلبت العدول عن الاجتهاد موضوع حكم النقض رقم 264/258 تاريخ 9/3/1975 القاضي بأن قرارات قاضي التحقيق في جرائم التهريب المشمولة بأحكام المرسوم التشريعي رقم 13 لعام 1974 تخضع للطعن بطريق النقض مباشرة بعد أن ألغي دور قاضي الإحالة.

وقد تأسس هذا الطلب على أن المشرع هدف من اعتبار قرارات هيئة الاتهام في الجرائم الاقتصادية وقرارات الاتهام في جرائم التهريب المشمولة بقانون التهريب رقم 13/1974 مبرمة، لتفادي التطويل في الإجراءات لتصل القضية إلى المحكمة المختصة في نظرها بأسرع وقت ممكن وإن منحى الاجتهاد المذكور مغاير للاجتهاد في قضايا العقوبات الاقتصادية الذي استقر على أن قرارات هيئة الاتهام في القضايا المذكورة غير خاضعة لأي طريق من طرق الطعن.

علماً بأن قضايا التهريب أصبحت تختص بنظرها محاكم الأمن الاقتصادي إذا جاوزت قيمة البضاعة المهربة ثلاثين ألف ليرة سورية. فمن غير المقبول الاختلاف في تفسير معنى الإبرام في المجالين المذكورين.

مناقشة وجوه طلب العدول:

من حيث أن المادة 8 من قانون التهريب الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 13 تاريخ 15/2/1974، قد نصت على أن يصدر قرار الاتهام في الجرائم المشمولة به عن قاضي التحقيق ويكون مبرماً في حين أنه في قانون محاكم المن الاقتصادي الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 46 تاريخ 8/8/1977، فإن قاضي التحقيق يتولى التحقيق في الجرائم الاقتصادية وإن الهيئة الاتهامية تتولى وظيفة قاضي الإحالة وإن قراراتها تصدر مبرمة غير قابلة لأي طريق من طرق الطعن عملاً بالمواد 3 و9 و13 من القانون رقم 46 المذكور.

ومن حيث أن القانون رقم 11 تاريخ 9/4/1981 قد جعل محاكم الأمن الاقتصادية مختصة بنظر جرائم التهريب إذا تجاوزت قيمة البضاعة المهربة مبلغ ثلاثين ألف ليرة سورية. وبالتالي أن الجرائم التهريبية التي شملها هذا التعديل تخضع والحالة هذه لقانون محاكم الأمن الاقتصادي والإجراءات والأصول المنصوص عليها فيه، دون الإجراءات والأصول المنصوص عليها في قانون التهريب المذكور.

وعليه فإن جرائم التهريب التي تجاوزت فيها قيمة البضاعة المهربة مبلغ ثلاثين ألف ليرة سورية، تختص هيئة الاتهام بإصدار قرارات الاتهام فيها وتصدر القرارات المذكورة مبرمة غير قابلة لأي \ريق من طرق الطعن، عملاً بالمادتين 1و2 من القانون 11/1981 المذكور والمادتين 3 و9 من المرسوم التشريعي 46/1977 المتضمن قانون الأمن الاقتصادي.

ومن حيث أن حكم النقض المطلوب العدول عنه رقم 264/258 تاريخ 9/3/1975 (مجلة القانون 1975 ـ ص 393، وحكم آخر ص 467) قد أقيم على أن صفة الإبرام التي أسبغها قانون التهريب رقم 13/1974 على قرارات الاتهام الصادرة عن قاضي التحقيق، تعني إلغاء دور قاضي الإحالة فحسب وتجعل بالتالي قرار قاضي التحقيق، تعني إلغاء دور قاضي الإحالة فحسب وتجعل بالتالي قرار قاضي التحقيق خاضعاً للطعن بطرق النقض مباشرة.

وإن النائب العام قد تبني هذا الرأي في مطالبته التي أدلى بها في الدعوى على أن هذا الذي أقيم عليه وجه الرأي في الحكم المطلوب العدول عنه وفي مطالبة النائب العام، يفتقر إلى سند يعضده في القانون والاجتهاد.

ذلك، إن إضفاء الإبرام على القرار القضائي بالاتهام الصادر عن قاضي التحقيق بموجب المادة 8 من قانون مكافحة التهريب، من شأنها أن تجعله قراراً باتاً على نحو ينغلق دونه باب طريق الطعن بطريق الاستئناف وبطريق النقض سواء بسواء، مادام النص على الإبرام جاء مطلقاً، فالمطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة.

ومن حيث أنه بالتطبيق على ذلك، فإنه من المأثور فقهاً واجتهاداً أن المشرع إذا منع الطعن في حكم ما بطرق الطعن العادية فمن باب أولى يمتنع الطعن فيها بطرق الطعن غير العادية، ما لم ينص القانون على ما يخالف ذلك.

الأمر الذي يقود إلى القول بأن قرارات قاضي التحقيق بالاتهام عملاً بالمادة 8 من قانون مكافحة التهريب رقم 13/1974، إنما تصدر مبرمة غير قابلة للاستئناف أمام قاضي الإحالة وغير خاضعة للطعن بطريق النقض إذ أن الإبرام يعني البتات فلا يسوغ تحميله بما لا يحمله معناه ومبناه.

ومن حيث أنه إذا كان نص المادة 8 المذكور قد قصر الإبرام على القرار بالاتهام، فإن القرار بمنع المحاكمة من جريمة التهريب يخضع للطعن بحسب المفهوم المعاكس للنص، فالقاعدة أن القرارات القضائية تخضع للطعن بالطرق التي رسمها القانون، ما لم يرد نص خاص على التقييد.

ومن حيث أن الحكم المطلوب العدول عنه ذهب إلى أن قرار منع المحاكمة في الشأن المذكور لا يقبل الاستئناف أمام قاضي الإحالة وإلا أعطي له سلطة الاتهام مع أن القانون المنوه به نص على أن قاضي التحقيق هو الذي يصدر قرار اتهام.

ومن حيث أن هذه الدعامة التي اتكأ عليها الحكم لتبرير مذهبه هذا، هي أيضاً لا تتفق وصحيح القانون حملا على أن المادة 8 المشار إليها تفيد أن قاضي التحقيق يصدر قرار الاتهام عندما يرى أن نتائج التحقيق تستدعي الاتهام.

أما عندما يرى قاضي التحقيق منع المحاكمة. فلا شيء يمنع من استئناف قرار منع المحاكمة لدى قاضي الإحالة الذي يحق له وبالتالي إصدار قرار بالاتهام عند الاقتضاء، لأن قاضي الإحالة طعن موضوعي ودرجة تحقيقه ثانية فيحل في تقرير اتهام محل قاضي التحقيق، ويكون قرار قاضي الإحالة بالاتهام في هذه الحالة مبرماً أيضاً، نظراً إلى وحدة العلة التي تبناها المشرع من النص على الإبرام، ولأنه من جهة أخرى لا يستساغ في منطق القانون أن يكون قرار قاضي التحقيق بالاتهام مبرماً ويكون قرار قاضي الإحالة الأعلى منه بالاتهام قابلاً للطعن.

على أنه إذا قرر قاضي الإحالة تصديق قرار منع المحاكمة فإن قراره أي قرار قاضي الإحالة يخضع للطعن بطريق النقض حسب القواعد العامة المكرسة في المادة 341 أصول جزائية، لعدم وجود نص خاص يمنع من ذلك على الوجه المبسوط فيما تقدم.

ومن حيث أنه إذا كان القرار بشأن تخلية السبيل صادراً عن محكمة الجنايات أثناء نظر القضية، فإنه لا يقبل الطعن بطريق النقض عملاً بالمادتين 336 و337 أصول جزائية، بحسبان أنه لا يجوز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادر قبل الفصل في الموضوع إلا إذا انبنى عليها منع السير في الدعوى، ومن البديهي أن القرار بأمر تخلية السبيل لا يؤثر البتة على سير الدعوى.

ومن حيث أنه إذا كان الأمر على هذا النحو.

فإن طلب العدول مستجاب.

لذلك:

حكمت المحكمة بالإجماع من جهة وبأكثرية ستة من جهة أخرى بما يلي:

1 ـ اعتبار أن جرائم التهريب إذا تجاوزت التهريب إذا تجاوزت قيمة البضاعة المهربة مبلغ ثلاثين ألف ليرة سورية، تخضع عملاً بالقانون رقم 11/1981 لقانون محاكم الأمن الاقتصادي الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 46/1977 وللإجراءات والأصول وطرق الطعن الواردة فيه.

2 ـ اعتبار أن قرارات قاضي التحقيق بالاتهام في قضايا التهريب وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 13/1974 إنما تصدر مبرمة غير خاضعة للطعن بطريق النقض.

3 ـ اعتبار أن قرارات قاضي التحقيق بمنع المحاكمة في قضايا التهريب وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 13/1974 غير المشمولة باختصاص محاكم الأمن الاقتصادي تخضع للطعن بطريق الاستئناف لدى قاضي الإحالة فإذا قرر تصديق قرار منع المحاكمة كان قراره أي قرار قاضي الإحالة قابلاً للطعن بطريق النقض أما إذا فسخ قرار منع المحاكمة وقرر اتهام المدعى عليه فإن قراره بالاتهام يصدر مبرماً غير خاضع بطريق النقض.

4 ـ اعتبار أن القرارات التي تصدرها محكمة الجنايات بشأن طلبات تخلية السبيل في قضايا التهريب وفق المرسوم التشريعي 13/1974 وفي القضايا الأخرى غير قابلة للطعن بطريق النقض.

5 ـ العدول عن كل اجتهاد أو رأي مخالف لذلك.

6 ـ تعميم هذا الحكم على المحاكم والدوائر القضائية.

ـ نقض ـ هيئة عامة أساس 16 قرار 21 تاريخ 23/6/1982.

ـ المجموعة الجزائية ـ الملحق الدوري الثاني ـ للأستاذ دركزلي ـ هيئة عامة ـ ص 949 قاعدة 78.

0 تعليق:

إرسال تعليق