بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تصرفات الصبي المميز في التشريع الجزائري

شكر وتقدير

أفتح هذه المذكرة باسم الله العلي القدير الذي هداني بنوره وأعانني بفضله على إتمامها وجعل العسير من هذا العمل يسير وأصلي وأسلم على المصطفى البشير النذير – عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.

أما بعد
إن كان على المرء أن يذكر لذي الفضل فضله فإنني أتوجه مقرا بالشكر والعرفات والتقدير والامتنان إلى كل أساتذتي الأجلاء الذين علموني الحرف والكلمة والجملة والنص، راجيا من المولى سبحانه وتعالى أن يجعل ما غنمناه منهم صدقة جارية تضاف إلى صحائف حسناتهم.
وأخص بالشكر الأساتذة الأفذاذ الذين امتنوا علي بشرف قبول مناقشة هذا البحث وضحوا من ثمين وقتهم لقراءة صفحاته، وتقييمها بميزان العارفين القادرين راجين أن ينال هذا الجهد تقديرهم، وأن تحضى أخطاؤه وهفواته بتقويمهم وتنويرهم، وأن تشمل نقائصه بعفوهم وصفحهم.
فكما قال العماد الأصفهاني في مقدمة معجم الأدباء ( إني رأيت لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلاّ وقال في غده لو كان هذا لكان أحسن، ولو زيد لكان يستحسن، ولو قدم هذا الكتاب لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء البشر).
وإلى الله نتوجه بالحمد والشكر ونسأله التوفيق والسداد وهو نعم النصير.
إهداء

يشرفني أن اهدي باكورة أعمالي وثمرة جهدي إلى:
• أمي العزيزة التي حملتني كرها، ووضعتني كرها وغمرتني حبا، وأعانتني عدة ودعاء.
• أبي العزيز الذي زرعني بذرة، ورعاني شجيرة وعلمني فضلا وكفلني بعطفه دهرا.
وأسأل اله أن يجعل هذا العمل لهما عزّا وفخرا.
• إلى كل من أعانني بمرجع أو وجهني إلى فكرة، أو شد أزري بكلمة طيبة أو تكرم علي بصالح الدعاء.
• إلى كل المؤمنين بدولة القانون والحق فكرة، الحاملين للوائها شعارا، المدافعين عنها جهارا، المكافحين بغية إرساء دعائهما ليلا نهارا.
• إلى كل قضاة الجزائر وكل المخلصين منب أبنائها.
• إلى كل زملائي وزميلاتي وأخص بالذكر هاجر، بختي، نجاوي، حنفي، عبد الرزاق المدعو (عادل)، أنس، عبد الغاني، كمال دريس ... والقائمة طويلة.
• إلى كل روح شهيد مات من أجل أن تحيا الجزائر





الطالب القاضي: العماري محمد.
إهداء



• أهدي ثمرة هذا العمل المتواضع إلى كل:
• من سهرت علي الليالي وأنا صبي، وغمرتني بحنانها وأنا شاب، و آنستني بدعائها وعدتها – أمي الغالية.
• من كنت عزته ومفخرته – أبي العزيز واسأل الله أن يطيل عمرهما
• إلى كل من ساعدني من بعيد ومن قريب على إتمام هذه المذكرة ولو بالكلمة الطيبة.
• إلى كل رجال القانون وأخص بالذكر القضاة العاملين.
• إلى كل الطلبة القضاة.
• إلى كل زملائي وزميلاتي وأخص بالذكر: العماري، نجاوي، عبد الغني، حنفي، دهليس، كمال دريس، الطاهر...إلخ.
• إلى كل من مات شهيد من أجل الجزائر.






الطالب القاضي: هبالي البختي









مقدمة:
يتفق جميع فقهاء القانون المدني والشريعة الإسلامية على أن مناط أهلية الأداء هو التمييز والعقل، لأن التمييز هو الذي يجعل الشخص مدركا لعباراته فاهما ما يقصد بها وما ينتج عنها.
إلا أن هذا التمييز يوجد في الإنسان على التدريج شيئا فشيئا إلى أن يبلغ درجة الكمال، ومن ثمة ارتبطت أهلية الأداء بهذا التمييز تدور معه وجودا وعدما بنفس القدر، فإذا اكتمل التمييز بأن بلغ الشخص سن الرشد ثبتت له أهلية آداء كاملة، وإذا انعدم هذا التمييز انعدمت معه أهلية الأداء. أما ما بينهما "الصبي المميز" فإنه تثبت له أهلية أداء قاصرة.
وتكون تصرفات منعدم التمييز باطلة لأن الوعي مفقود فيه ولا يعي هذه التصرفات أصلا في هذه المرحلة وقد نصت المادة 82 من قانون الأسرة "من لم يبلغ سن التمييز لصغر سنه طبقا للمادة 42 من القانون المدني تعتبر جميع تصرفاته باطلة".
أما من بلغ سن الرشد ومتمتعا بقواه العقلية فيكون باستطاعته أن يقوم بجميع التصرفات القانونية دون أن يتوقف ذلك عن إذن أو إجازة لكونه استكمل الإدراك والتمييز وثبتت له أهلية الاغتناء وأهلية الإدارة وأهلية التبرع.
غير أن ما يعنينا هنا هو دراسة التصرفات المالية للصبي المميز في ظل القانون المدني وقانون الأسرة.
ونشير إلى انه وإن كان هذا الموضوع يبدو بسيطا بالنسبة لدارسي القانون ولاسيما القضاة خاصة فيما يتعلق بحكم تصرفات الصبي المميز، إلا أنه بعد تفحص مجمل الأحكام المذكورة الواردة في كلا القانونين (القانون المدني وقانون الأسرة) وجدنا تعارض بين كثير من المسائل التي سنتولى الإشارة إليها في هذه المذكرة، خاصة مسألة التصرف الدائر بين النفع والضرر مسلطين الضوء على إبراز أهم أوجه عدم الاتساق بين أحكام القانونين والإدلاء ببعض الاقتراحات التي نراها كفيلة بإزالة التناقض مع الإشارة في هذه المقدمة بأنه لا القانون المدني ولا قانون الأسرة تناول بالتفصيل تصرفات الصبي المميز بل إنه اكتفى بالمواد 43، 79، 101 من القانون المدني وبمادة واحدة (المادة83) من قانون الأسرة.
وهو ما كان الباحث والدافع الذي حذا بنا إلى اختيار الكتابة في هذا الموضوع إضافة إلى جملة المبررات الأخرى منها:
1- المساهمة في بناء دراسة خاصة في هذا الموضوع من أجل إثراء المكتبة القانونية بهذه المذكرة لكون أن هذا الموضوع لم يحظى باهتمام رجال القانون بالرغم من أهميته خاصة في نطاق العمل القضائي.
2- إثارة الإشكالات القانونية التي يطرحها هذا الموضوع، خاصة وأن تصرفات الصبي المميز أدرجت في قانونين، وأن المشرع لم يتناولها بالتفصيل لا في القانون المدني ولا في قانون الأسرة.
3- الشعور بالصعوبات الجمة التي تعترض سبيل القاضي نتيجة تناقض النصوص القانونية المتعلقة بالموضوع الواحد وتضاربها فضلا عن تعددها وتشتتها وما يقابل هذه المعضلة من شح في الدراسات الجزائرية المتخصصة التي تعالج موضوع تصرفات الصبي المميز رغم أهميته.
4- توضيح أهم الأحكام التي تحكم تصرفات الصبي المميز في كلا من القانون المدني وقانون الأسرة وإزالة كل لبس نحو حكم هذه النصرفات.
5- موقف القضاء الجزائري بشأن القانون الواجب التطبيق المنظم لتصرفات الصبي المميز.
وأما عن الصعوبات التي اعترضت سبيلنا خلال إنجاز هذه الدراسة فتكمن في قلة المراجع الجزائرية، حتى وإن وجدت فإنها عالجت الموضوع بطريقة سطحية وجد مختصرة، هذا من جهة ومن جهة أخرى انعدام الاجتهادات القضائية في مجال حكم تصرفات الصبي المميز، مما دفعنا إلى اللجوء إلى النظم المقارنة وخاصة القضاء المصري الذي يزخر بتجربة غزيرة.
ولكي نفي هذا الموضوع حقه ارتأينا معالجة الموضوع وفقا للإشكالية التالية:
من هو الصبي المميز وما هي أقسام تصرفاته؟ وما حكمها في ظل القانون المدني وقانون الأسرة؟
سنجيب عن هذه الإشكالية بالاعتماد على المنهج التحليلي المقارن أي اعتماد نمط التحليل بغية تفكيك النظام القانوني الذي يضبط نصرفات الصبي المميز وحصر مختلف القوانين وبالأخص النصوص التي تعالج الموضوع وتحليلها تحليلا قانونيا بالرجوع إلى ما تقضي به المبادئ العامة للقانون تارة، وما هو من بديهيات الأمور التي يتقبلها العقل السليم تارة أخرى.
وارتأينا عرض الخطة الآتية إجابة عن الإشكالية التي تم طرحها:

الفصل الأول: دلالات التمييز وأقسام تصرفات الصبي المميز
المبحث الأول: دلالات التمييز والصبي المميز
المطلب الأول: معنى التمييز وطوره
المطلب الثاني: التعريف بالصبي المميز
المبحث الثاني: أقسام تصرفات الصبي المميز
المطلب الأول: تصرفات الصبي المميز في القانون المدني
المطلب الثاني: تصرفات الصبي المميز في القانون الأسرة

الفصل الثاني: حكم تصرفات الصبي المميز وإشكالاته
المبحث الأول: حكم تصرفات الصبي المميز
المطلب الأول: حكم تصرفات الصبي المميز في القانون المدني
المطلب الثاني: حكم تصرفات الصبي المميز في القانون الأسرة
المبحث الثاني: الإشكالات القانونية المثارة.
المطلب الأول: اختلاف حكم تصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر بين القانون المدني و قانون الأسرة.
المطلب الثاني: القانون الواجب التطبيق على حكم التصرف الدائر بين النفع والضرر.
خاتمة.



مما لا شك فيه أن مرحلة التمييز هي مرحلة فاصلة بين طورين من عمر الإنسان، ينتقل بموجبها من حالة انعدام الأهلية والتي لازمته منذ ولادته إلى غاية بلوغه سن التميز لينتقل إلى مرحلة أخرى تختلف عن سابقتها.
ونتيجة لأهمية هذه المرحلة وتأثيرها على الأهلية يود بنا أن نتطرق بالتفصيل إلى دلالات التمييز والصبي المميز في المبحث الأول وأقسام تصرفات الصبي المميز بحسب هذه الأهلية في المبحث الثاني.
المبحث الأول: دلالات التمييز والصبي المميز.
نعالج هذا المبحث في مطلبين ندرس من خلالهما معنى التميز وطوره في المطلب الأول وتعريف الصبي المميز في المطلب الثاني.
المطلب الأول: معنى التمييز وطوره.
أولا: معنى التمييز
المقصود بالتمييز هو أن يصبح للصغير بصر عقلي يستطيع به أن يميز بين الحسن والقبيح من الأمور وبين الخير والشر والنفع والضرر وإن كان هذا البصر غير عميق وهذا التمييز غير تام ولا مستوعب للنتائج.
فهذا الطور في الحقيقة هو طور الاستنارة العقلية يدخل فيه عقل الإنسان منطقة النور، وتأخذ فيه الحقائق والمدركات أمامه بالظهور حتى تستبين له في نهاية هذا الطور مكشوفة واضحة وبذلك يكوِّن هذا الطور مرحلة من المراحل الأساسية في أهلية الإنسان، إذ يتكون له فيه وعي صحيح ولكنه منبعث عن عقل غض لم ينضج ولم تكتمل استنارته .
والتمييز بهذا المعنى هو مرحلة وسطى بين عدم التمييز والرشد تظهر فيها شيء من آثار العقل ومعرفة المراد من العقود ومعاني الألفاظ والعبارات الدالة عليها والمستعملة فيها بموجبه يصيب الصبي نوعًا من أهلية الأداء.
ومادام عقله وملكاته لا يزالان غضين فلا يقوى على تقدير الأفعال التي تصدر عنه، عومل في تصرفاته معاملة وسطا بين الصغير الغير المميز والبالغ العاقل الراشد .
ثانيا: طور التمييز
يقصد بطور التمييز هي الفترة التي تبدأ بظهور أمارات التعقل لتمتد إلى كمال العقل وهي الفترة الممتدة بين بداية سن التمييز ونهايته.
1- بداية سن التمييز
ليس لبداية التمييز الحقيقي سن معينة من عمر الإنسان أو علامة طبيعية، لأنه أمر نفسي خفي فهو قد يبكر وقد يتأخر بحسب اختلاف استعداد الإنسان وبيئته ودرجة ذكائه ومواهبه العقلية، فهو يختلف باختلاف تعقد الحياة وتشعب مسالكها.
ويعرف التمييز بآثاره التي تبدو في تصرفات الطفل وهذه الآثار لا تظهر دفعة واحدة، بل تظهر تدريجيا، إذ تسبقه آثار من التعقل تقاربه كحبات العقد تشابه كل منها التي قبلها والتي بعدها لأن كل واحدة منها أكبر مما قبلها قليلا، وأصغر مما بعدها قليلا، ولكن الفرق بين اثنتين متباعدتين يظهر كثيرًا، وبذلك تتشابه أوائل طور التمييز بأواخر طور عدم التمييز الذي قبله، فلو جعل الانتقال من طور عدم التمييز منوطا بظهور آثار التمييز نفسه لكان المناط غير منضبط وحدود الأهلية الجديدة غير واضحة البداية، لذلك لم ينط الشارع أحكام التمييز بحقيقة التمييز لأن الأحكام تضطرب حينئذ.
وبهذا اختلفت التشريعات في تحديد بداية سن التمييز، ففقهاء الشريعة الإسلامية اعتبروا تمام السابعة من العمر في الحالة الطبيعية السليمة- هو الوقت الذي يعد فيه الصبي مميزا مستندين في ذلك إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:"مرو أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع" ففهموا من ذلك أن بداية سن التمييز في نظر الشارع هو تمام السابعة إذ هي السن التي تصح من الصبي الصلاة فيها. فمن بلغها كان ناقص أهلية الأداء، ولقد حذى كثيرًا من المشرعين العرب حذو الفقه الإسلامي في تحديد سن التمييز بتمام السابعة من العمر. المادة 45/2 من التقنين المدني المصري، وهذا على الرغم من عدم وجود نص يحدد هذه السن في القانون الفرنسي، فقد جرى القضاء الفرنسي على تحديدها بسبع سنين.
واعتبر المشرع الجزائري تمام الثالثة عشر من العمر هو الوقت الذي يعتبر فيه الطفل مميزا فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 42 من القانون المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم 05-10 المؤرخ في 20يونيو 2005 على ما هو آتٍ "... يعتبر غير مميز من لم يبلغ ثلاث عشرة سنة".
ونصت المادة 43 من نفس القانون نفسه على ما يلي "كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد... يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون".
فطبقا لمفهوم المخالفة تطبيقا لنص المادة 42/2 وإعمالا لمقتضى المادة 43 السابقتين فإن سن التمييز محددة في القانون الجزائري ببلوغ الشخص بتمام الثالثة عشر سنة.
ويمكن القول في هذا الصدد أن مسلك مشرعنا في تحديده لسن التمييز في هذا السن، جاء لأهم الانتقادات التي وجهت له من طرف الفقه على كون سن السادسة عشر حسب القانون القديم سن جد متأخرة، وبهذا خفضها إلى سن ثلاث عشر سنة، ومما يلاحظ على هذه السن أنها تتماشى مع السن المحددة للمسؤولية الجنائية .
وبالتالي هي سن معقولة بالنسبة إلى العصر الحالي الذي انتشر فيه التعليم الإلزامي منذ الطفولة وكثرت فيه وسائل التربية والتهذيب والإذاعة المسموعة والمرئية وأصبحت الأمهات متعلمات يهذبن أولادهن منذ الطفولة فينضجون مبكرا.
2- نهاية سن التمييز:
ما يلاحظ على المشرع الجزائري في تحديده لنهاية سن التمييز أنه حدده ببلوغ سن الرشد أي تسعة عشر سنة حسب نص المادة 40/1 من القانون المدني، أي أنه رأى أن نضج الصبي يكون تاما إذا بلغ 19 سنة.
وبالتالي هذا النضج لم يبدأ إلا منذ 6 سنوات وبهذا تكون مدة التمييز 6 سنوات فقط.
وهي سن قصيرة مقارنة بالقوانين العربية الأخرى التي جعلت سن التميز سبع سنين وجعلت سن الرشد عشرين أو إحدى وعشرين سنة أي أن مدة التمييز فيها يمتد إلى 13 أو 14 سنة في حين أنه لا يزيد عن ست سنوات في القانون المدني الجزائري.
ومرد التخفيض أو الزيادة في سن الرشد وبالتالي نهاية التمييز يرجع عندما تتعقد مناهج الحياة وأسباب الرزق، فلا بد إذن بمقتضى كلام الفقهاء أن يستمر الفتى ناقص أمدا غير قصير حتى يبلغ رشده ويستطيع القيام على ماله وتدبيره وتثميره.
ولقد كانت آراء الفقهاء متسعة الأرجاء واسعة الرحاب فلم يعينوا للرشد سنا، فأب حنيفة جعل نهاية نقص الأهلية خمسة وعشرون سنة ولكن وجهة نظره في ذلك لم تكن تعيين سن الرشد بل لأنه يرى هو وزوفر والنخعي أنه لا يصح أن يحجر على الحر البالغ إذا بلغ مبلغ الرجال ببلوغ الخامسة والعشرين ولو كان أفسق الفساق وأشدهم تبذيرا لماله مادام عاقلا ليست عنده لوثة جنون ولا اختلاط عنه، ولكن جمهور الفقهاء خالفوهم وقرروا أن يستمر الشخص ناقص الأهلية حتى يبلغ رشده ويستحق أن يدفع ماله إليه.
كما نهجت القوانين الحديثة منهج الشريعة في أنها اعتبرت بلوغ الرشد هو المناط لكمال الأهلية ونهاية سن التمييز، ومادام الرشد لم يتوافر فالشخص ناقص الأهلية.
إلا أن الشرائع مختلفة في تقرير هذا الزمن ما جعله اثنتى عشر سنة للأنثى وأربعة عشر للذكر كما فعل الرومانيون في البداية . منذ أن كانت الأمة في نشأتها الأولى ساذجة الأخلاق قليلة العدد، أيام كانت المراقبة شديدة في تربية الأولاد والروابط العائلية قوية كافية لحمايتهم، وتدارك ما قد يفرط منهم من الأعمال قبل استفحال الضرر، فلم يكن من باعث يحمل الشارع على الإبطاء بمنح الأهلية كاملة والولد محوط بهذه العنايات كلها، فلما ازدحم المجتمع بأهله. وكثر المال وتنوعت الرغبات والمطالب وتشعبت أعمال الإنسان وامتدت أطماعه إلى أبعد من داره وعشيرته ووهن رباط العائلة بضغط المؤثرات ظهر ت مضار التعجيل بإقرار الأهلية واضطر الشارع إلى تأجيل زمانها فجعله خمسا وعشرين سنة ومن الشرائع ما وقفت عند الحادية والعشرين ومنها ما اقتصر على تسع عشر سنة.
وبهذا كان على المشرع الجزائري أن يرفع سن الرشد في تمام الواحد والعشرين سنة وهذا بالنظر إلى الأحوال الاجتماعية الحاضرة وأن سن التاسعة عشر سنة فإن أغلب الشبان يكونون في دور التعليم حين بلوغم هذا السن وغير عالمين بشؤون الدنيا وإدارة الأموال، لأنهم لا يزالون عاكفون متقطعين عن إدارة الأموال، وغير متفرغين لها، ولذلك يكونون بطبيعة الحال قليلي الخبرة بالحياة العملية أضف إلى ذلك ما يحبط بالشاب الصغير من دواعي الإغراء بالإسراف والتبذير.
المطلب الثاني: التعريف بالصبي المميز
الصبي المميز حسبما تم بيانه آنفا هو إذن من بلغ سن التمييز طبقا لنص المادة 42/2 من القانون المدني المعدل و المتمم و المحدد بسن الثالثة عشر سنة ولم يبلغ سن الرشد طبقا لنص المادة 40 من القانون المدني والمحدد بتسعة عشر سنة.
وقد اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية الغراء أن الصبي المميز هو الذي بلغ سنا أصبح يميز فيها بين معاني ألفاظ العقود في الجملة، و يعرف المراد منها عرفا، إذ العبارة التي تنشأ بها التصرفات هي العبارات المقصود معناها التي يفهم قائلها المراد منها في عرف الناس والأثر الشرعي لها في الجملة لا على وجه التفصيل .
فيفهم أن البيع يقتضي خروج المبيع من ملك البائع واستحقاقه للثمن ووجوبا دخوله في ملك المشتري ووجوب الثمن عليه وأولئك الذين فقدوا التمييز لا يتم هذا القصد في عباراتهم، فتكون ملغاة ولا تصلح سببا شرعيا لإثبات هذه الحقوق.
إلا أن المشرع الجزائري لم يعرف الصبي المميز واعتبره ناقص الأهلية وهذا طبقا لنص المادة 43 ق.م المعدلة بالأمر 05 – 10 المؤرخ في 20/06/2005 التي تنص "كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد، وكل من بلغ سن الرشد و كان سفيها أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون".
وبهذا يكون ناقص الأهلية من كان عنده أصل التمييز ولكن لم يكن عنده كمال العقل، إما لعدم بلوغه السن القانونية التي جعل بلوغها أمارة لكمال العقل وهذا ما يعرف بالصبي المميز. وإما لأن العقل قد كمل والسن قد بلغت حدودها ولكن في تصرفاته ما يدل على نقصان تدبيره المالي وهذا ما يعرف بالسفيه وذي الغفلة. فيعتبرون ناقصين للأهلية لأن أصل التمييز عندهم لكن ينقصهم كمال العقل وحسن التدبير.
وبالتالي فكل مميز له أهلية أداء ناقصة،فحيثما وجد التمييز توجد أهلية الأداء الناقصة وذلك لأن التمييز يجعل الشخص يفهم القصد من عباراته ويدرك ثمراتها فتكون عباراته صالحة لإنشاء الحقوق له أو عليه، ولقد جعلوا حد التمييز أن يكون الشخص عارفا لمعاني الألفاظ الدالة على العقود فيفهم مثلا أن البيع سالب والشراء موجب، بمعنى أن البيع يسلب ملكبة المبيع من البائع والشراء يدخل المبيع في ملك المشتري.
ولهذا لا يمكن أن نتصور التمييز في ظل القانون المدني الجزائري فيما أقل من سن الثالثة عشر سنة ولا يمكن أن تثبت له أهلية الآداء مطلقا لا ناقصة ولا كاملة، لأن الطفل في هذه المرحلة لا يعي هذه التصرفات أصلا ولا يفهمها فهما كافيا في أواخرها.
والحقيقة أن المشرع الجزائري لم يكن صائبا في اعتبار الصبي المميز ناقص الأهلية لأنه لا يمكن إطلاق هذا الوصف في الواقع خاصة في ظل تطبيق قانون الأسرة الجزائري الذي يعتبره كامل الأهلية بالنسبة لبعض التصرفات القانونية كقبول الهبة والوصية ومعدوم الأهلية بالنسبة إلى البعض الآخر كالإيهاب والإيصاء والوقف ومحدود الأهلية بالنسبة إلى كل عمل من الأعمال القانونية الأخرى، لأن وصف نقص الأهلية في كل الأحوال لا يرتب إلاّ عقدا قابلا للإبطال أو عقد موقوفا وهذا بخلاف ما ورد في المادة 83 من قانون الأسرة من صحة و بطلان مطلق وعقد موقوف وكل هذه الحالات لا تتناسب مع وصف نقص الأهلية وسنتطرق لهذه المسألة بالتفصيل عند الحديث عن حكم تصرفات الصبي المميز.
وللإشارة فإن التشريعات العربية لم تتناول تعريف الصبي المميز مثلها مثل التشريع الجزائري، واعتمدت معيار السن لتحديد من هو الصبي المميز، باستثناء ما نصت عليه المادة 943 من مجلة الأحكام العدلية التي عرفت الصبي المميز بمفهوم المخالفة بما يلي :"الصغير الغير المميز هوالذي لا يفهم البيع والشراء أي لا يعلم كون البيع سالبا للملك والشراء جالبا له ولا يميز الغبن الفاحش من اليسير والطفل الذي يميز هذه المذكورات يقال له الصبي المميز".
وخلاصة هذا المبحث أن الصبي المميز يعد ناقص الأهلية في ظل التشريع الجزائري وأن معيار السن هو الفاصل في تحديد سن التمييز والمحدد بثلاثة عشر سنة والذي بموجبه تثبت له أهلية أداء ناقصة تخوله إبرام بعض التصرفات القانونية سنتطرق لها لاحقا.
ونظرا لتنوع التصرفات القانونية فإنه يجدر بنا أن نتطرق إلى أقسام التصرفات التي يبرمها الصبي المميز في ظل القانون المدني وقانون الأسرة وهذا ما سنعالجه في المبحث الثاني.
المبحث الثاني: أقسام تصرفات الصبي المميز
أشرنا في مقدمة هذه الدراسة أن التشريع الجزائري وزع موضوع تصرفات الصبي المميز بين القانون المدني وقانون الأسرة، وخلصنا إلى أن الصبي المميز تثبت له أهلية أداء ناقصة اعتمدها فقهاء القانون كمعيار لتقييم التصرفات بحسب قصور هذه الأهلية ويود وللإلمام بهذا الموضوع أن نتطرق إلى أقسام هذه التصرفات في القانون المدني (المطلب الأول) وفي قانون الأسرة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تصرفات الصبي المميز في القانون المدني
يلاحظ على التقنين المدني الجزائري فيما يتعلق بتصرفات ناقصي الأهلية ولاسيما منها تصرفات الصبي المميز . أنه ظهر مضطربا بصددها، بحيث نجده حدد سن التمييز في المادة 42/2 من القانون المدني والمعدل والمتمم بالأمر رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 ولم يحدد أهم التصرفات التي يقوم بها الصبي المميز وأحال على قانون الأسرة بالنسبة إلى هذه التصرفات. مع أن القانون المدني باعتباره الشريعة العامة هو المختص لا قانون الأسرة هو المختص بهذه التصرفات. ذلك أن قانون الأسرة يتنناول الأحكام التي تتعلق فقط بالأحوال الشخصية أي مجاله الشخص هل هو قاصر أو رشيد مميز أو عديم التمييز وكذلك علاقته بأسرته هل هو زوج أو زوجة، أب أو ابن.
وبالتالي فإطار الأحوال الشخصية على هذا النحو هو وحده الذي يدخل في اختصاص قانون الأسرة، أما التصرفات المالية التي يقوم بها الصبي المميز والحكم عليها بالصحة أو القابلية للإبطال أو البطلان المطلق، فكل هذا يدخل في اختصاص القانون المدني وحده، وليس لقانون اللأسرة أن يتعرض له.
وهكذا لم يبين القانون المدني ما هي التصرفات التي يكون الصبي المميز أهلا لمباشرتها، واقتصر على التعرض لأهلية عديمي التمييز فنص في المادة 42/1 من القانون المدني "لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقدا للتمييز لصغر في السن أو عته أو جنون".
ثم حدد الأشخاص ناقصي الأهلية في المادة 43 من القانون المدني ثم ذكر في المادة 79 من القانون المدني المعدلة والمتممة بما يلي "تسري على القصر وغيرهم من عديمي الأهلية وناقصي الأهلية القواعد المنصوص عليها في قانون الأسرة".
وبهذا المفهوم يكون المشرع المدني لم يساير فقهاء الشريعة الإسلامية في الأخذ بفكرة تقسيم تصرفات الصبي المميز إلى الأقسام الثلاثة المعروفة وإن أشار بالتلميح لا بالتصريح في المادة 101/2 من القانون المدني إلى التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فقط التي تقضي "... ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص الأهلية من اليوم الذي يزول فيه السبب...".
غير أن جل القوانين العربية نظمت تصرفات الصبي المميز وأحكام هذه التصرفات في التقنينات المدنية مستمدة إياها من الشريعة الإسلامية تارة ومن التقنينات الغربية الحديثة تارة أخرى، فمثلا تناول القانون المدني المصري هذه الأحكام من المواد 110 117، وقسم هذه التصرفات في المادة 111 من القانون المدني المصري إلى تصرفات نافعة نفعا محضا وضارة ضررا محضا وتصرفات دائرة بين النفع والضرر.
هذا بالنسبة لما ورد في شأن تصرفات الصبي المميز في القانون المدني وسنبين أقسام هذه التصرفات في قانون الأسرة وهذ في المطلب الثاني.
المطلب الثاني: أقسام تصرفات الصبي المميز في قانون الأسرة
لما كان للصبي المميز أهلية أداء ناقصة تتناسب مع سنه ونموه فاعتد بتصرفاته في بعض المواطن ولم يعتد بها في البعض الآخر وتبعا لذلك سلك المشرع الجزائري في قانون الأسرة مسلك فقهاء الشريعة الإسلامية بشأن أقسام تصرفات الصبي المميز إذ نص في المادة 83 من قانون الأسرة "من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد تكون تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة له وباطلة إذا كانت ضارة به وتتوقف على إجازة الولي أو الوصي إذا كانت مترددة بين النفع والضرر".
وبهذا وبحسب نص المادة 83 من قانون الأسرة التي وردت مقتضبة تقسم تصرفات الصبي المميز إلى ثلاثة أقسام فما هي وما المقصود منها:
- أولا: التصرفات النافعة:
يتفق جل فقهاء الشريعة الإسلامية أن التصرفات النافعة نفعا محضا هي التصرفات التي يترتب عليها دخول شيء في ملك الصبي المميز من غير مقابل كقبول الهبة أو الوصية أو الانتفاع بالعارية.
و تنطوي هذه التصرفات على زيادة في كسب أو إبراء ذمة دون أن يترتب عليه شيء من جراء ذلك، أي بمعنى لا يلتزم الصبي المميز قبل هذه التصرفات بأي التزام وتشمل على العموم جميع التبرعات التي تثري ذمته. وليس في هذا النوع من التصرفات أي ضرر يلحق به.
ونشير إلى أن المشرع الجزائري في نص المادة 83 من قانون الأسرة لم يوصف النفع بالمحض بل اكتفى بالقول "نافعة له" على عكس ما ورد على لسان فقهاء الشريعة الإسلامية والقانون المدني المصري في نص المادة 111 منه بوصفها نافعة نفعا محضا.
ونعتقد أن هذا سهوا من المشرع الجزائري يؤاخذ عليه ترك المجال في الإسهاب في تفسير واسع للنص قد يترتب عليه إدراج بعض التصرفات التي لا تكون نافعة نفعا محضا، ونأمل أن يتدارك المشرع هذا السهو بإدراج وصف النفع بالمحض حتى لا يترك اي مجال للتأويل.
ثانيا: التصرفات الضارة:
التصرفات الضارة ضررا محضا هي التصرفات التي يترتب عليها خروج شيء من ملك الصبي المميز من غير مقابل"، بحيث لا يكون فيها أي نفع مالي له وذلك كالتبرعات بجميع أنواعها. من هبة أو وقف أو كفالة دين على غيره لما فيه من التبرع بالتزام أداء الدين عن غيره، ونحو ذلك .
وبهذا فإن التصرفات الضارة هي التي من شأنها أن تنشئ في جانب الصبي المميز التزاما دون أن تكسبه حقا، بمعنى هي التي تخرج من ذمته مالا من دون عوض أو تسقط له حقا في ذمة الغير.
ورغم بساطة هذا المعيار إلا أنه قد تتداخل بعض التصرفات في أكثر من تقسيم مما قد يترتب عنه وصفين ضارا من جهة و نافعا من جهة أخرى، وأبرز مثال يساق في هذه المسألة الوصية. إذ اعتبرها فريق من فقهاء الشريعة الإسلامية وعلى رأسهم الإمام الشافعي على أن الوصية تعتبر تصرفا نافعا نفعا محضا لكونها فيها ثواب له في الآخرة ولن يحرم مما أوصى به في الدنيا إذ لا تنفذ الوصية إلا بعد الموت فهي إذا خير لا يلحق الصبي المميز ضرر في ماله مستندين في ذلك عما ورد من أثر ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أجاز وصية صغير يافع.
كما اعتبر الحنفية بأن الوصية من التصرفات الضارة ضررا محضا ولقد استدلوا على أن الوصية شرعت في حق البالغ ليتدارك بها ما فاته من تقصير في واجباته الشرعية أما الصغير فلم تشرع في حقه لعدم حاجته إليها لأنه غير مكلف شرعا هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن الوصية فيها إضرار بوارث الموصي فإذ كان في الوصية نفع للموصي فإن في الإرث كذلك فيه نفع أخروي له كما فيه نفع دنيوي لوارثه وهو قريبه. وصلة القريب أكثر ثوابا وأفضل لدى الله من صلة الموصى له. وهو أجنبي عنه، وفي الوصية إبطال لحق الوارث في المقدار الموصى به في التركة وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".
وبالرجوع إلى موقف المشرع الجزائري من رأي الفريقين وبالذات في تقنين الأسرة نجد أن المادة 184 من هذا القانون تنص على أن "الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع"
فمن هذا النص يبدو جليا أن الوصية تعتبر بالنسبة إلى الصبي المميز تصرفا ضارا ضررا محضا. إذ هي من قبيل التبرع بالمال من دون مقابل .
وبهذا فإن واضعي تقنين الأسرة قد مالوا إلى الاتجاه الثاني من آراء الفقه الإسلامي مدرجين الوصية التي يباشرها الصبي المميز ضمن، التصرفات الضارة ضررا محضا.
كما نشير إلى أن إقراض مال اليتيم وإن كان يبدو ضارا به إلا أن فقهاء الشريعة استثنوه إذا صدر من القاضي لكونه يترتب عليه صيانة مال اليتيم من الضياع وهو خير من الإيداع لأن القرض مضمون على المقترض في جميع الأحوال .
إلا انه لا يوجد ما يقابل هذا الاستثناء في القانون الجزائري وعملا بنص المادة 222 من قانون الأسرة التي نصت على أنه يرجع إلى أحكام الشريعة الإسلامية فيما لم يرد النص عليه في هذا القانون" يكون هذا الوصف لعقد القرض نافعا نفعا محضا إذ صدر من القاضي.
ثالثا: التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر
التصرفات الدائرة بين النفع والضرر هي التصرفات التي تحتمل أن تكون نافعة للصبي المميز ومحققة مصلحة له وتحتمل أن تكون ضارة به تفوت عليه مصلحة وترتب عليه التزاما بدون مقابل أو ينجم عنها خسارة مالية له وذلك كالمعاوضات المالية في جميع صورها كالبيع والإيجار والشراء والرهن و الارتهان و غيرها من العقود.
وبهذا المعنى فهي تشمل سائر التصرفات التي يتبادل فيها الطرفان الأخذ واالعطاء فيأخذ كل من الطرفين مقابلا لما يعطي ويكسبه حقوق في مقابل ما يتحمله من التزام.
وتكون العبرة في التصرفات المحتملة بين النفع والضرر إنما هو طبيعة العقد دون النظر إلى واقعة معينة لأن الشأن أن تحتمل الأمرين فالعبرة في ميزان النفع والضرر هي لنوع التصرف لا لخصوص العقد الواقع، أضف إلى ذلك أن النفع الظاهر في الحاضر لا يعول عليه بل العبرة في مصلحة الشخص المتصرف لنتائج التصرف، فقد يكون البيع مثلا بضعف القيمة في واقع الأمر ضارا كما إذا كان الصبي المميز في حاجة إلى المبيع نفسه أو كما في حالة احتمال أن يأتي عليه زمن ترنفع قيمته فيه إلى أكثر مما بيع به .
وقد اعتبر االقضاء المصري أن عقد قسمة عقار مملوك على الشيوع بين عدد من الأشخاص من بينهم قاصر هو تصرف دائر بين النفع و الضرر.
كما اعتبر القضاء المصري أيضا أن عقد تدريب القاصر والذي حوى شرط جزائيا بإلزامه بأداء تعويض في حالة فسخ العقد من قبيل التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر –نقض مدني مصري 04 مارس 1980.
وبعد أن انتهينا من كل ما تم بيانه من هذا الفصل بشأن دلالات التمييز وأقسام التصرفات بالنظر إلى أهلية الصبي المميز والتي هي مناط تقدير تصرفاته المالية سننتقل في الفصل الثاني إلى حكم هذه التصرفات في القانون المدني وقانون الأسرة باعتبارهما قدأورد أحكاما خاصة ذلك من أن كلا منهما اعتنق فكرة تختلف عن الأخرى.
وقد تولدت عن هذه الازدواجية في التنصيص لنفس المسألة وبحكمين عدة اشكالات قانونية ولا سيما في ما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق.





من المعلوم أن كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه و لم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، أي تثبت له كل من أهلية، الإدارة، و أهلية التصرف و يباشر كل ذلك بنفسه.
أما الصبي المميز فلا تثبت له إلا أهلية أداء ناقصة تخوله مباشرة بعض التصرفات دون الأخرى، فما حكم تصرفاته؟ هذا ما سنعالجه في المبحث الأول.
و تجدر الإشارة على أن القانون المدني و إن كان لم يتعرض صراحة لأحكام تصرفات الصبي المميز و اقتصرت المادة 43 منه على اعتباره ناقص الأهلية و أحال في شأن قواعد الأهلية إلى قانون الأسرة، إلا أنه من تفحص بعض مواد القانون المدني نجد أن المشرع تعرض بالتلميح لحكم نوع من هذه التصرفات مما نجم عنه تعارضا بين أحكام القانون المدني و قانون الأسرة مثيرا جملة من الإشكالات ولا سيما فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق و هذا ما سنعالجه في المبحث الثاني.








المبحث الأول: حكم تصرفات الصبي المميز.
لبيان حكم تصرفات الصبي المميز ينبغي الوقوف على ما يقضي به القانون المدني ( مطلب أول ) و قانون الأسرة ( مطلب ثاني ) في هذا المجال.
المطلب الأول: حكم تصرفات الصبي المميز في القانون المدني.
قلنا في المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الأول أن القانون المدني لم يأخذ بفكرة تقسيم تصرفات الصبي المميز إلى الأقسام الثلاثة المعروفة المشار إليها سلفا، كما أنه لم يبين حكم هذه التصرفات واقتصرت المادة 43 منه على إعتباره ناقص الأهلية، كما أنه أحال في شأن قواعد الأهلية إلى قانون الأسرة بموجب المادة 79 من القانون المدني المعدلة بالقانون 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 التي تقضي بما يلي:
" تسري على القصر و المحجور عليهم و على غيرهم من عديمي الأهلية وناقصيها قواعد الأهلية المنصوص عليها في قانون الأسرة.
إلا أنه وبإستقراء بعض نصوص القانون المدني الوارد في الكتاب منه في القسم الثاني مكرر تحت عنوان بطلان العقد و إبطاله و لا سيما المواد 103،101،100،99 منه، ما يستفاد منها أن نقص الأهلية سببا من أسباب قابلية العقد للإبطال إلى جانب الأسباب الأخرى الواردة في القانون المدني كحالة وجود عيب من عيوب الإرادة أو حالة ورود نص خاص يقضي بالقابلية للإبطال.
وعلى هذا المعنى، بحسب نص المادة 101/2 من قانون المدني تكون تصرفات الصبي المميز قابلة للإبطال لمصلحته على إعتباره أنه ناقص الأهلية، والحقيقة أن نص المادة 101/2 من القانون المدني لم تبين أي نوع من هذه التصرفات التي تكون قابلة للإبطال، وبقراءة حرفية لهذا النص يلوح لنا أن هذا الحكم يسري على جميع التصرفات التي يبرمها القاصر المميز دون إستثناء سواء كانت نافعة نفعا محضا أو ضارة ضررا محضا أو تحتمل النفع والضرر، على أساس أن المشرع المدني لم يأخذ بفكرة تقسيم التصرفات هذا أولا وثانيا أن النص جاء عاما ومطلقا مما ينبغي معه القول على تعميم الحكم ويكون الحكم واحد وهو القابلية للإبطال.
إلا أن فقهاء القانون المدني و على رأسهم الأستاذ على علي سليمان يرى أن المقصود بالعقد القابل للإبطال بسبب نقص الاهلية لصغر في السن الوارد في نص المادة 101/2 قانون مدني إنما هو التصرف الدائم بين النفع و الضرر.
و هو ما أشار إليه أيضا الدكتور محمد سعيد جعفور بأن المقصود، و مما لا ريب فيه هو ذلك العقد الذي ينصب على تصرف دائر بين النفع و الضرر .
و على هذا النحو يكون القانون المدني الجزائري لم يتطرق لحكم تصرفات الصبي الضارة ضررا محضا و النافعة نفعا محضا و هو نقص كان على المشرع أن يتحاشاه، ولعل الذي يشفع لهذا النص هو أن المادة 79 منه أحالت ذلك إلى قانون الأسرة ولو أن القانون المدني هو المختص بالحكم في ذلك .
في حين و كما قلنا سالفا من أن تصرفات الدائرة بين النفع والضرر، يكون حكمها هو القابلية للإبطال و هو الحكم المستمد من قانون نابليون و التقنيات العربية التي حذت حذوه وعلى رأسها التقنين المصري.
و باعتبار أن هذا الحكم يختلف إختلافا تاما عن الحكم الذي سوف نتطرق له في قانون الأسرة يود بنا أن نتطرق إلى العقد القابل للإبطال، و من له الحق في التمسك بهذا الإبطال؟ وكيف يزول حق الإبطال؟ و متى يسقط ؟ و ماهي الآثار المترتبة في حالة تقرير الأبطال؟ وما الحكمة من تقرير دعوى إبطال التصرف الدائر بين النفع و الضرر؟
أولا: العقد القابل للإبطال.
من المعلوم أن البطلان هو الجزاء الذي فرضه القانون على عدم توفر ركن من أركان العقد أو شرط من شروط صحته و هو عبارة عن إنعدام اثر العقد بالنسبة إلى المتعاقدين و بالنسبة إلى الغير .
و يقسم غالبية الفقهاء القانون المدني البطلان إلى نوعين و هما البطلان المطلق و البطلان النسبي، غير أن ما يعنينا هو البطلان النسبي الذي عبر عليه المشرع الجزائري بالقابلية للإبطال.
و القابلية للإبطال: هو جزاء تخلف شرط من شروط الصحة كعدم توافر الأهلية اللازمة لإبرام العقد لدى كلا المتقاعدين أو فساد الإرادة بأحد عيوب الرضا والعقد القابل للإبطال هو عقدا منتج لجميع آثاره إلى أن يتقرر إبطاله فلا فرق بينه وبين العقد الصحيح البات وغاية ما في الأمر أن العاقد الذي خوله القانون حق الإبطال يستطيع أن يطلب إبطاله، أي أن وجوده كان مهددا بالزوال، فإن لحقته الإجازة كما سنوضح لاحقا بأن تم النزول على دعوى الإبطال إستقر نهائيا و عليه فإن بيع الصبي المميز هو تصرف ناقل للشيء المبيع منه إلى المشترى ومستحق ثمنه حتى يبطل.
و طالما قلنا أن التصرف القابل للإبطال تصرف صحيح منتج لجميع آثاره فإنه تترتب عليه نتيجة قانونية هامة تتمثل أنه إذا لم ينفذ أحد الطرفين إلتزامه، فإن يحق للطرف الآخر أن يطلب فسخ العقد وفقا للمبادئ العامة المقررة في القانون التي قضت بها المادة 119 من القانون المدني التي تنص على أنه " في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد المتقاعدين بإلتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره للمدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك، و يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان مالم يوف به قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الإلتزامات.
ثانيا: الحق في التمسك بإبطال العقد.
تنص المادة 99 من القانون المدني على أنه " إذا جعل القانون حقا لأحد المتقاعدين في إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق، وإعمالا لهذا النص فإن الحق في التمسك بإبطال العقد هو حق مخول للقاصر فقط و ليس للطرف الآخر المتعاقد معه أن يتمسك بهذا الحق و بالتالي فإن التمسك بالإبطال قاصر على من شرع لحمايته و سبب ذلك أن القابلية للإبطال تقرر رعاية لمصلحة خاصة بالنسبة إلى أشخاص معينين و على رأسهم ناقص الأهلية بسبب صغر السن، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأن الأمر لا يتعلق بالنظام العام.
ويسقط هذا الحق إذا لم يتمسك صاحبة خلال مدة معينة وعلى هذا الأساس تقضي المادة 101 من القانون المدني المعدلة "يسقط حق الإبطال في حالة نقص الأهلية خلال خمس سنوات من يوم بلوغ القاصر سن الرشد، وهي 19 عشر سنة، فيكون له أن يطالب بإبطال العقد حتى يبلغ 24 سنة وهذه المدة هي مدة تقادم يرد عليها الوقف والانقطاع، وقد كانت هذه المدة 10 سنوات، قبل تعديل القانون المدني بموجب القانون المدني بموجب القانون رقم 05/10 المؤرخ في 20 يونيو 2005".
ثالثا: كيف يزول حق الإبطال
يزول حق الإبطال بالإجازة: وهي تصرف قانوني من جانب واحد يهدف إلى التنازل عن طلب الإبطال، فبالإجازة يستقر هذا الوجود القانوني نهائيا بعد أن كان مهددا بالزوال .
وقد تكون الإجازة صريحة أو ضمنية وتستند الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد دون الإخلال بحقوق الغير، وهذا ما قضت به المادة 100 من القانون المدني، ومعنى هذا أن للإجازة أثر رجعي تستند إلى التاريخ الذي تم فيه إبرام العقد مع مراعاة حقوق الخلف الخاص للعاقدين ذي المصلحة في إبطال العقد .
ويرى الأستاذ علي علي سليماني بأن إقحام لفظ الإجازة "La confitrmation" في نص المادة 100 من القانون المدني هو خطأ، إذ الواقع أن العقد المشوب بعيب قصر السن هو عقد صحيح ينتج كل أثاره، وليس بحاجة إلى إجازة تصححه لأن الإجاز لن تزيده صحة من يوم انعقاده وإنما كل ما هنالك أن العيب ليس في العقد وإنما هو في عاقده فقط، فالعيب شخصي وليس موضوعي، وهو رأي صائب، ذلك أن نصوص المادتين 100 و101 من القانون المدني لم تكن موفقة حين استعملت لفظ الإجازة في حين أنه ليس هناك إجازة بل هناك نزول عن الحق في طلب الإبطال فقط.
رابعا: تقرير الإبطال والآثار المترتبة عليه.
لابد لكي يتقرر البطلان أن ترفع دعوى أمام القضاء ممن خوله القانون ذلك فلا يكفي لإبطال العقد الذي أبرمه الصبي المميز أن يعلن من جانبه بالبطلان.
ويلاحظ أنه لا يشترط لإبطال تصرف القاصر أن يكون قد لحقه ضرر من التصرف أو أصابه غبن، وهذا بخلاف القانون التونسي والقانون اللبناني اللذين أفضا أبطال التصرف الدائر بين النفع والضرر لشروط إقامة الدليل على وقوع غبن القاصر المادة 216 /03 موجبات لبناني، والفصل الثامن من مجلة الالتزامات التونسية .
وهذا ما ذهب إليه القضاء المصري في عدة قرارات بالنص على أن ثبوت القصر عند التعاقد كاف لقبول دعوى الإبطال ولو تجرد التصرف الدائر بين النفع والضرر من أي غبن- نقض مدني مصري، 12 مارس 1980.
وإذا تقرر إبطال العقد يزول كل أثر له ويعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإن كان مستحيلا جاز الحكم بتعويض معادل، غير أنه لا يلزم ناقص الأهلية إذا بطل لعقد لنقص أهلية أن يرد غير معاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد، المادة 103 من القانون المدني.
وبهذا المعنى إذا أبطل العقد فإن القاصر لا يرد إلا ما قد يكون تبقى في يده مما أعطاه العاقد الآخر وما أنفقه وعاد عليه بمنفعة أو فائدة كأن يكون قد سدد ديون عليه أو قام بشراء أشياء مفيدة، ويقع على من يطالب بالرد أن يقيم الدليل على عود منفعة على القاصر مما تسلمه فإن كان هذا الأخير قد استخدم ما حصل عليه من مال في إشباع شهواته كأن أنفقه مثلا في اللهو أو القمار أو غيرها، فإنه لا يلزم بالرد.
خامسا: الحكمة من تقرير دعوى إبطال التصرف الدائر بين النفع والضرر
تكمن الغاية التي يتوخى المشرع تحقيقها من وراء تقرير دعوى إبطال التصرف الدائر بين النفع والضرر في تحقيق هدفين وهما:
1- الرغبة في حماية الصبي المميز: لقد اتجهت نية المشرع إلى تقرير حماية معينة، فأعطاه حق في المطالبة في إبطال التصرف، فإن تقرر ذلك فإنه لا يلزم إلا برد ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد.
2- الرغبة في تنبيه المتعاقد مع ناقص الأهلية: يهدف المشرع بهذا الجزاء إلى تنبيه الطرف الآخر في العقد بضرورة التأكد من أهلية أداء الشخص الذي يتعاقد معه، فإذا تبين له أنه قاصر، أحجم عن التعاقد معه، إذ لو فعل ذلك لأتاح للمتعاقد معه فرصة إبطال هذا العقد في المدة المقررة قانونا.
وقبل أن ننتقل إلى المطلب الثاني نود الإشارة إلى أن المشرع أغفل ترشيد القاصر المميز مع أنه نص في المادة 38 من القانون المدني على أن يكون للقاصر الذي بلغ 18 عشرة سنة موطن خاص بالنسبة للتصرفات التي يغير القانون أهلا لمباشرتها دون أن يبين لنا ما هي هذه التصرفات، في حين أنه المشرع نص في المادة 84 من قانون الأسرة على أن للقاضي أن يأذن لمن يبلغ سن التمييز في التصرف في جزئيا أو كليا في أمواله بناء على طلب لمن له مصلحة، وبهذا يكون قانون الأسرة قد خفض سن الترشيد إلى ما دون الثامنة عشر دون أن يبين مجالات التصرف القاصر في أمواله.
ومع هذا فإن القاصر المأذون له يكون كامل الأهلية فيما أذن له فيه وفي التقاضي فيه، وتكون تصرفاته صحيحة نافذة وتجب مخاطبته فيما يتعلق بذلك بموطنه العام دون موطن نائبه .
وبعد أن انتهينا من حكم التصرفات الصبي المميز في القانون المدني ننتقل في المطلب الثاني لتناول ما حكم هذه التصرفات في قانون الأسرة.
المطلب الثاني: حكم تصرفات الصبي المميز في قانون الأسرة.
لقد أدرج المشرع الجزائري أحكام تصرفات الصبي المميز في قانون الأسرة في الفصل الأول المعنون أحكام عامة من الكتاب الثاني النيابة الشرعية.
ومن تفحص المادة 83من قانون الأسرة نجد أن المشرع سلك مسلكا مغايرا لما سلكه في القانون المدني: معتنقا فكرة الفقه الإسلامي في تقسيم التصرفات القانونية إلى ثلاثة أقسام وترتيب حكمها بحسب كل قسم، وعلى هذا الأساس نصت المادة 83 من قانون الأسرة "من بلغ من التمييز ولم يبلغ سن الرشد طبقا لنص المادة 43 من القانون المدني تكون تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة له وباطلة إذا كانت ضارة وتتوقف على إجازه الولي أو الوصي إذا كانت مترددة بين النفع والضرر".
وإعمالا لهذا النص يكون حكم تصرفات الصبي المميز كمايلي:
أولا: حكم التصرفات النافعة:
قلنا فيما سبق أن التصرفات النافعة نفعا محضا هي تلك التصرفات التي يترتب عليها دخول الشيء في ملك الصبي المميز من غير مقابل ويكون حكم هذه التصرفات أنها تنعقد صحيحة وذلك أن الصبي المميز له أهلية آداء كاملة فيما يتعلق بمباشرة هذا النوع من التصرفات وهي ما تسمى بأهلية الإغتناء، وفي هذا نصت المادة 83 قانون الأسرة "من بلغ سن التمييز... تكون تصرفاته نافذة متى كانت نافعة له".
وبهذا يكون المشرع قد استمد هذا الحكم من أحكام الفقه الإسلامي ، وذلك بإجماع كل الفقهاء بصحة انعقاد هذا النوع من التصرفات ما دام من شأنها تحسين حال الصبي والزيادة في كسبه أو تحقيق إبراء من ذمته بدون أن يترتب عليه شيء من جراء ذلك وما دام ذلك يكسبه منافع معنوية كبيرة إذ بذلك يمرن على التصرفات النافعة ويدرك المنافع والأرباح ومضار الغبن والخسران ويهتدي إلى أبواب المعاملة المالية بالتجربة من غير أن يلحق ماله من نقص، وعليه كان من المصلحة تنفيذه بالنسبة إليه دون حاجة إلى إجازة وليه أو وصيه، لأن الرفض منهما لا يصح وهو ضرر به، بل يكون شأن هذه التصرفات كشأن التصرفات الصادرة من كامل الأهلية.
وللتنبيه فإن المشرع الجزائري استعمل مصطلح نافذة في نص المادة 83 من قانون الأسرة، وهو أكثر دلالة على المقصود من اصطلاح Valide بمعنى صحيحة الذي استعمله في الصياغة الفرنسية، لأن لفظ صحيح يحتمل أن يكون التصرف صحيحا نافذا وفي ذات الوقت يحتمل أن يكون صحيحا موقوفا، لكون هذا الأخير يفيد تعليق ترتيب آثاره إلى حين إجازته لمن خوله القانون ذلك في حين أن المقصود من نص المادة 83 قانون أسرة هي أن التصرفات النافعة نفعا محضا تنعقد صحيحة نافذة بمعنى أنها ترتب آثارها المقصودة فور ترتيب الالتزام.
وعلى هذا النحو يكون الصبي المميز كامل الأهلية بالنسبة إلى التصرفات النافعة ودليل ذلك هو الإقرار بصحة تصرفاته ونفاذها، ولا يمكن اعتباره محدود أن ناقص الأهلية كما ورد في نص المادة 43 من القانون المدني التي أدرجت كذلك في نص المادة 83 من قانون الأسرة بالقول على أنه "كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد طبقا للمادة 43 من القانون المدني..." لأن وصف الصبي المميز في هذه الحالة بناقص الأهلية لا ينطبق وحكم تصرفاته النافعة والتي تنعقد صحيحة، لأنه من غير المعقول أن نصف الشخص بناقص الأهلية وتكون تصرفاته صحيحة كون المشرع وحين وصفه للشخص بناقص الأهلية فإنه يبتغي تقرير مصلحة له وبذلك فإنه إما يجعل من تصرفاته موقوفة وبالتالي معلقة على إجازة ممن خوله القانون ذلك، أو قابلة للإبطال أي بقاؤها مهددة بخطر الإبطال مدة زمنية معينة.
أما وأن المشرع الجزائري وفي نص المادة 83 من قانون الأسرة اعتبر تصرفات الصبي المميز النافعة صحيحة، فمؤدى ذلك أنه كامل الأهلية لمباشرتها وعليه فإنه لم يكن صائبا "المشرع" بوصفه ناقص الأهلية أثناء مباشرته هذه التصرفات ويبقى هذا الوصف صحيحا كما سوف نرى في حالة مباشرة التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فقط التي سنعالجها في النقطة الثالثة بعد عرض حكم التصرفات الضارة في نقطة ثانية.
ثانيا: حكم التصرفات الضارة.
أشرنا فيما سبق أن التصرفات الضارة ضررا محضا في التصرفات التي يترتب عليها خروج شيء من ملك الصبي من غير مقابل، بحيث لا يحقق أي كسب من جراء ذلك بل يرتب التزاما في ذمته كالتبرعات مثلا، ولا يستطيع الصبي المميز أن يباشر هذا النوع من التصرفات لأنها تستلزم أهلية التبرع وإذا قام بتصرف على هذا النحو لا يصح ولا ينفذ نظرا لما فيه من ضرر عليه بل يقع باطلا، وفي هذا نصت المادة 83 من قانون الأسرة على ما يلي "من بلغ سن التمييز... تكون تصرفاته... باطلة إذا كانت ضارة".
والبطلان المقصود هو بطلان مطلق يترتب ابتداء ولا يكمن تنفيذ هذا التصرف حتى ولو أجازه الولي أو الصبي على أساس أنه ما صدر باطلا لا ينقلب صحيحا لأن كل من الولي والوصي لا تصح منهما الإجازة ما دام لا يستطيعان إنشاء هذا النوع من التصرفات التي يترتب عليها إخراج شيء مملوك للصغير بدون مقابل، وعليه فما دام أن الولي أو الوصي لا يملكان مباشرة هذا النوع من التصرفات ابتداءا فأولى أن لا تصح منهما الإجازة انتهاءا، إذ الولاية أو الوصاية مشروطة دائما بالمصلحة وليس من المصلحة إخراج شيء من مال الصبي المميز بدون مقابل.
وما دام أن التصرف الضار الذي يبرمه الصبي المميز يقع باطلا بطلانا مطلقا فإنه يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها المادة 102 من القانون المدني، ولا يفوتنا أن نشير أن المشرع أورد نصوص خاصة تفيد بطلان التصرفات الضارة، منها نص المادة 184 من قانون الأسرة التي تقضي "بأن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع" والمادة 186 من التقيين نفسه التي اشترطت في الموصي أن يكون "سليم العقل بالغ من العمر 19 سنة على الأقل".
فمن هذين النصين يتجلى واضحا بأن الوصية تصرف بطريق التبرع يجب أن تكون صادرة من شخص بالغ سن الرشد ومتمتعا بقواه العقلية وأن وصية الصبي المميز لا تصح منه بل تبطل بطلانا مطلقا باعتبارها تصرفا ضارا ضررا محضا، كما نصت المادة 30 من قانون رقم 91/10 المؤرخ في 27 أفريل 1991 المتعلق بالأوقاف على بطلان وقف الصبي وهو تصرف ضار ضررا محضا، ولو أذن له بذلك، إذ قضت بما يلي: "وقف الصبي غير صحيح مطلقا سواء كان مميزا أو غير مميز ولو أذن بذلك الوصي".
وبهذا المعنى يكون الصبي المميز معدوم أو فاقد الأهلية سواء بالنسبة للوصية أو الوقف أو كل تصرف ضار به ضررا محضا، على أساس أن الجزاء الذي قرره المشرع هو البطلان المطلق لحكم تصرفاته الضارة، وأنه لا يمكن اعتباره ناقص الأهلية فقط بالنسبة إلى هذه التصرفات كما وصفه المشرع في المادة 43 من القانون المدني والمنطوية أيضا في المادة 83 من قانون الأسرة، لأن البطلان المطلق هو جزاء يترتب بسبب انعدام الأهلية وليس بسبب نقصها، إذا لو كان الصبي المميز ناقص الأهلية بالنسبة للتصرفات الضارة لكان الجزاء هو القابلية للإبطال فقط وهذا الاستلزام هو من الأمور المقررة في النظرية العامة للبطلان إذ أنه من غير المستساغ قانونا أن يصف المشرع الصبي المميز بناقص الأهلية وتكون حكم تصرفاته باطلة بل الوصف الأصح أثناء مباشرة هذه التصرفات وفقدان الأهلية أو انعدامها ويبقى هذا الوصف صحيحا في حالة مباشرة التصرفات الدائرة بين النفع والضرر التي سنتناولها طبقا لما ورد في نص المادة 83 من قانون الأسرة.
ثالثا: حكم التصرفات الدائرة بين النفع والضرر
التصرفات الدائرة بين النفع والضرر كما سبق وأن ذكرنا هي تلك التصرفات التي تحتمل أن تكون نافعة للصبي المميز وتحتمل أن تكون ضارة، وذلك كالبيع والشراء وغيرها من عقود المعاوضات المالية، المحتملة للربح والخسارة وقد نصت المادة 83 من قانون الأسرة بصدد حكم هذا النوع من التصرفات على ما يلي: "... من بلغ سن التمييز تتوقف (تصرفاته) على إجازة الولي أو الوصي فيما إذا كانت مترددة بين النفع والضرر".
يتبين من نص هذه المادة أن المشرع الجزائري في قانون الأسرة على عكس القانون المدني، اعتنق فكرة وقف تصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر على الإجازة مستمدا هذه الفكرة، كما أشرنا سابقا من فقه الشريعة الإسلامية ولم يسلك النهج الذي سار عليه بموجب القانون المدني المستمد من قانون نابليون الذي قضي بالقابلية للإبطال بشأن هذه التصرفات وللإلمام بأهم جوانب العقد الموقوف على الإجازة المذكور في نص المادة 83 من قانون الأسرة نرى أنه، ينبغي الوقوف على المقصود بهذا العقد والآثار المترتبة قبل الإجازة وبعدها، والحكمة التي توخاها المشرع من وقف هذا التصرف على الإجازة.
1- المقصود بالعقد الموقوف:
تستمد فكرة العقد الموقوف أصلها من الشريعة الإسلامية، إذ أن العقد لا يرتب دائما آثاره بمجرد انعقاده صحيحا، إذ هو في نظرهم بالنسبة إلى إنتاج آثاره يكون إما نافذا إذا توافرت جميع أركانه وشروطه وإما موقوفا، فماذا يقصد بالعقد الموقوف؟
إن المقصود بالعقد الموقوف كما ورد في أهم كتب الفقه الحديثة هو ذلك التصرف المشروع بأصله ووصفه الذي يتوقف ترتب أثره عليه بالفعل على الإجازة ممن يملكها شرعا .
بمعنى أن العقد الموقوف هو ذلك العقد الصحيح الذي يتوقف ترتب أثره على إجازته ممن يملكها شرعا، فبيع الصبي المميز هو تصرف دائر بين النفع والضرر يكون صحيحا موقوفا على إجازة وليه أو وصية بخلاف التصرف البات بأن كان صادرا من شخص كامل الأهلية أنتج آثاره وهو انتقال الملك في الحال.
2- آثار العقد الموقوف:
أ- قبل الإجازة: قلنا بأن العقد الموقوف يعتبر قسما من أقسام العقد الصحيح وبهذا فإن له وجود قانوني وغاية ما في الأمر أن هناك مانعا يحول دون ترتيب آثاره في الحال، ألا وهو احتمال عدم، رضا صاحب الشأن مستقبلا ، أي أن هذا التصرف رغم صحته لا ينتج أثره فور إبرامه بل يتراخى إلى حين ورود الإجازة عليه ومؤدي عدم إجازة التصرف هو بقاءه غير نافذ إلى وقت غير محدد ما دام أن نص المادة 83 من قانون الأسرة لا يقيد الإجازة بمدة زمنية إذ ليس هناك وقت معين إذا انقضى يعتبر الشخص مجيزا أو غير مجيز.
ويترتب على رفض الإجازة ممن خوله القانون "الممثل القانوني للصبي" بطلان التصرف، ورفض الإجازة في هذه الحالة هو عمل إيجابي أي اتجاه إرادة الممثل القانوني بالتصريح برفض الإجازة، في حين يترتب على عدم إجازة التصرف وهو عمل سلبي عدم نفاذه
ب- بعد الإجازة: استعمل المشرع في المادة 83 من قانون الأسرة لفظ الإجازة في معنى إنفاذ العقد الموقوف وهي بهذا المعنى تصرف قانوني يصدر من صاحب الولاية أو الوصاية على الصبي المميز لترتيب آثار هذا العقد وعليه تكون الإجازة بمثابة رفع المانع الذي كان يحول دون هذا التصرف الموقوف في ترتيب آثاره ويترتب على إعمال حق الإجازة أن يصبح تصرف الصبي المميز المتردد بين النفع والضرر الذي باشره في حالة قصره نافذا في حقه وتترتب في ذمته نتائجه حقوق كانت أو التزامات وعلة ذلك مؤدى القاعدة التي تقضي أن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، وأن الإجازة في الانتهاء بمنزلة الإذن في الابتداء.
ومقتضى كل من هاتين القاعدتين الشهيرتين أنه بالإجازة ينفذ التصرف الموقوف مستندا حكمه إلى وقت إبرامه، وتكون نتيجة هذا الأثر الرجعي أن المتصرف يستفيد من ثمرات تصرفه منذ إبرامه، فإن كان تصرف الصبي المميز قبل بلوغه سن الرشد عقد بيع فإنه يترتب على إجازته أن يمتلك المشتري المبيع ويمتلك البائع الثمن من وقت إجراء البيع، فإن كان المبيع بعد إتمام العقد وقبل حصول الإجازة قد أنتج زوائد كأن يكون حيوانا فيلد أو بستانا فيثمر فإن المشتري يملك كل ذلك تبعا لتملكه لأصله لأنه من ثمرات ملكه، وتكون الإجازة دائما لاحقة عن التصرف، وهي تختلف عن الإذن الوارد في المادة 84 من قانون الأسرة والذي هو ترخيص بالقيام بالتصرف قبل حصوله لأنه يكون سابقا على إبرام التصرف فهو يكون لما سيقع وتكون التصرفات المأذون فيها نافذة من تاريخ مباشرته لها.
ونشير إلى أن المشرع الجزائري خول إجازة تصرف الصبي المميز الدائر بين النفع والضرر الممثلة القانوني وهو الولي أو الوصي في حين أنه أغفل ذكر إجازة الصبي المميز نفسه بعد بلوغه سن الرشد لتصرفه الذي كان قد أجراه في حالة قصره إن لم يسبق لممثله القانوني أن بث فيه بإجازة أو رفض والصبي لا يزال قاصرا.
وكان على المشرع أن يخوله هذا الحق بعد أن يصبح راشدا ويقيده بمدة زمنية كما فعل في نص المادة 101 من القانون المدني "بأن يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال خمسة سنوات، ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص الأهلية من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب".

3- الحكمة من وقف نفاذ التصرف الدائر بين النفع والضرر.
إذا كان المشرع يرمي إلى تقرير حماية معينة للقاصر يوقف نفاذ تصرفاته على الإجازة فإنه يهدف إلى:
أ‌- فتح باب النفع للصبي المميز: ومفاد ذلك أن القول بصحة التصرف الصبي المميز الدائر بين النفع والضرر من شأنه تحقيق فوائد جمة له، فهو تمرين مفيد له يكسبه مراسا وتجربة ومعرفة بأحوال الناس ونتائج المعاملات، ويعوده الظفر بالكسب وإشعاره بمضاضة الخسارة، ويهيئه لرشده ويختبر مواهبه الفكرية وبذلك يحكم له أو عليه متى بلغ سن الرشد.
ب‌- سد لباب الضرر على الصبي المميز: مادام أن الصبي المميز ما زال عقله غض ورأيه ضعيف ويخشى عليه مغبة تصرفه وفساد تدبيره وعدم تقديره العواقب واحتمال هذا التصرف للنفع والضرر كان من الأجدر جبر هذا النقص برأي وليه أو وصيه بالإجازة أو الرفض، فمادام هذا التصرف ينعقد موقوفا على إجازة الولي أو الوصي فلا ضرر يترتب على صحة انعقاده موقوفا، فإن هو اقترن بموافقة ممثله الشرعي أو الولي أو الوصي اعتبر في مصلحة الصبي ونفذ عليه كما لو باشره عنه ممثله القانوني.
وبتبيان الحكمة التي أرادها المشرع من جعل تصرف الصبي المميز الدائر بين النفع والضرر موقوفا على الإجازة نكون قد انتهينا من حكم تصرفات الصبي المميز في كلا القانونين القانون المدني وقانون الأسرة، أين لاحظنا تعارضا وعدم انسجام أحكامهما لاسيما فيما يتعلق بتصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر على أساس أن القانون المدني اعتنق فكرة القابلية للإبطال خلافا لفكرة العقد الموقوف الواردة في قانون الأسرة وهما بهذا ضدان الواحد منهما صورة عكسية تماما للثاني كما سبق وأن أشرنا.
وقد أثار هذا التعارض عدة إشكالات قانونية سنتطرق لها في المبحث الثاني.

المبحث الثاني: الإشكالات القانونية المثارة بشأن حكم التصرفات الدائرة بين النفع والضرر.
تتناول في هذا المبحث مسألة اختلاف أحكام قانون الأسرة عن أحكام القانون المدني في شأن التصرف الدائر بين النفع والضرر في المطلب الأول والحكم الذي يجب أن يعتد به بشأنها بمعنى القابلية للإبطال أو الوقف وهي مسألة القانون الواجب التطبيق في المطلب الثاني.
المطلب الأول: اختلاف حكم تصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر بين القانون المدني وقانون الأسرة.
تبين لنا مما سبق أن أحكام قانون الأسرة تختلف عن أحكام القانون المدني الذي لا يأخذ بفكرة وقف تصرفات الصبي المميز، والتي يأخذ بها قانون الأسرة وبالتالي فإن مشرعنا وقف حيال هذا النوع من التصرفات موقف الحائر بين من يريد اعتناق فكرة قابلية هذا التصرف للإبطال التي استمدها من تقنين نابليون وعلى رأسها التقنيين المدني المصري وبين من يود الاقتداء بمسلك الفقه الإسلامي وبعض التقنيات المدنية العربية الأخرى التي سارت على هديه، من حيث جنوحها إلى اعتبار هذا التصرف وموقوفا على الإجازة.
وأن هذين الحكمين يختلفين تماما ويظهر وجه الاختلاف بينهما خاصة في أن العقد الموقوف وإن كان منعقدا فإنه لا ينتج آثاره قبل أن يجاز من ذي الشأن، أما العقد القابل للإبطال فهو عقد صحيح منتج آثاره فإن هو أجيز فلن نزيده الإجازة صحة بل إنها تزيل عنه خطر الإبطال الذي كان محدقا فقط .
وعليه يكون عقد البيع الذي يبرمه القاصر المميز وهو أبرز مثال يضرب في التصرف الدائر بين النفع والضرر يحتمل وصفين: فيكون هذا العقد صحيحا نافذا بمعنى ناقلا لملكية المبيع إلى المشتري والبائع مستحق الثمن من يوم إبرامه ما لم يتقرر إبطاله ممن خوله القانون، ذلك من وجهة القانون المدني.
ويحتمل وصفا موقوفا بمعنى أن هذا البيع لا يرتب أي أثره فلا المشتري يتملك المبيع ولا بالبائع يستحق الثمن إلا من تاريخ إجازته من الولي أو الوصي وهذا من وجهة قانون الأسرة، وباعتبار أن قانون الأسرة جزء مكملا للقانون المدني فإنه كان ينبغي مراعاة الاتساق والانسجام معه في الأحكام الواردة بشأن تصرفات الصبي المييز الدائرة بين النفع والضرر، وكان يتعين تفادي أوجه التعارض بين هذه الأحكام.
ونرى أنه يحسن بمشرعنا أن يعمل على توحيد جزاء التصرف الدائر بين النفع والضرر وذلك بأن يسلك أحد المسلكين.
أولا: فإما أن يأخذ بأحكام القانون المدني التي تعتبر أن هذا التصرف صحيحا نافذا أي منتجا لجميع آثاره إلى حين تقرير إبطاله، كما قضى بذلك المشرع المصري في المادة 111 من القانون المدني التي تقضي "... أما التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فتكون قابلة للإبطال لمصلحة القاصر ويزول حق التمسك بالإبطال إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد أو إذا صدرت الإجازة من وليه أو من المحكمة بحسب الأحوال ووفقا للقانون"
وحينئذ يجب تعديل نص المادة 83 من قانون الأسرة حتى يصبح لا يتعارض مع نصوص القانون المدني التي تنظم قابلية العقد للإبطال.
وإن كنا نأمل في تعديل أحكام القانون المدني لتتسق مع أحكام قانون الأسرة وذلك للأسباب التي سنثيرها لاحقا.
ثانيا: وإما أن يأخذ بفكرة العقد الموقوف المنصوص عليها في المادة 83 من قانون الأسرة فلا يكون هناك محل لطلب الإبطال ولا لسقوط الحق فيه الذي تقضي به المواد من 99- 101 من القانون المدني.
وهنا ينبغي تعديل أحكام المادة 101 من القانون المدني لتنسجم مع أحكام المادة 83 من قانون الأسرة وبالنتيجة تبني فكرة العقد الموقوف على الإجازة، ويا حبذا لو يفعل المشرع ذلك كون أن فكرة العقد الموقوف جديرة بالاعتبار إذ تجعل التصرف لا أثر له قبل إجازة الولي أو الوصي ويعتبر هذا عملا وقائيا كما يجدر بنا أن نشير بأن فكرة العقد الموقوف هو الرأي الراجح لدى فقهاء القانون والشريعة الإسلامية وذلك بالنسبة لحكم التصرفات الدائرة بين النفع والضرر.
وإذا كان المشرع في كلا الحالتين يرمي إلى توفير حماية معينة للصبي المميز سواء بالقابلية للإبطال أم النص على وقف التصرف، فإنه فعلا ولد تعارضا والسؤال المطروح: ما هو القانون الواجب التطبيق على حكم تصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر؟ وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الثاني:
المطلب الثاني: القانون الواجب التطبيق على حكم التصرف الدائر بين النفع والضرر.
للإجابة على هذا التساؤل، وبما أننا بصدد تعارض بين نصين قانويين مختلفين يحمل كل منهما حكما يخالف الآخر، بحيث يستحيل الجمع بينهما وطالما أن هذين الحكمين توزعا بين كل من القانون المدني وقانون الأسرة فإننا نود أن نذكر بعض الآراء لرجال القانون في هذه المسألة.
أولا: فريق يرى تطبيق القانون المدني على أساس أنه هو القانون الذي ينظم الأموال وليس قانون الأسرة، ذلك أن قانون الأسرة ينظم الأحكام التي تتعلق فقط بالأحوال الشخصية أي بحالة الشخص، هل هو قاصر أو راشد، مميزا أو غير مميز؟ وكذلك علاقته بأسرته إن كان زوج أو زوجة مطلق أو مطلقة ... الخ وبالتالي فإطار الأحوال الشخصية على هذا النحو هو وحده الذي يدخل في اختصاص قانون الأسرة، أما التصرفات المالية التي يقوم بها الصبي المميز والحكم عليه بالصحة أو بالقابلة للإبطال أو البطلان أو بعدم النفاذ، فكل هذا يدخل في اختصاص القانون المدني وحده وليس لقانون الأسرة أن يتعرض لها، وقد تبنت هذا الرأي الدكتورة فريدة محمدي -زواوي- بالقول "وفي هذا تعارض بين القانون المدني وقانون الأسرة، إذ كان يجب الأخذ في هذا المجال بالقانون المدني لأنه هو الأصل بالنسبة للتصرفات القانونية"
وبحسب رأيها إن كان المشرع يبتغي تبني فكرة العقد الموقوف الوارد في قانون الأسرة فعليه تعديل القانون المدني، ولا يمكن أن يتم ذلك بقانون الأسرة لأن القانون المدني قانون خاص بالنسبة للتصرفات المالية ولا يتم تعديله أو إلغاؤه إلا بقانون لاحق وخاص بالتصرفات المالية، وقانون الأسرة ليس كذلك.
وبالتالي وبرأي هذا الفريق فإن الحكم الذي يجب أن يعتد به هو القابلية للإبطال ويعاب على هذا الرأي أن قانون الأسرة وإن كان ينظم الأحوال الشخصية فإنه ينظم التصرفات المالية كذلك، وخير مثال على ذلك في الكتاب الرابع منه المعنون بالتبرعات والتي تناول فيها الوصية والهبة والوقف: وكذلك نظم التركات والتصرف في أموال القاصر ببيعها وتأجيرها.
ثانيا: يرى فريق من رجال القانون أنه ما دام أن الحكمين واردين في نصين قانونيين مختلفين لكنهما متساويين في القوة لحل الأشكال يقتضي إعمال المبدأ الذي يقضي بأن التشريع اللاحق يلغي التشريع السابق المساوي له أو الأدنى في القوة.
وعليه فإن النص الأحدث وهو نص المادة 83 من قانون الأسرة الصادر في سنة 1984، يعد ناسخا وملغيا للنص الأقدم وهو نص المادة 101 من القانون المدني، خاصة أن المادة 223 من قانون الأسرة التي نصت صراحة بأنه "تلغي جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون"، وبحسب هذا الرأي فإن الحكم الذي يجب أن يعتد به هو وقف تصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر.
ونحن نرى من جهتنا أن هذا الرأي هو الصائب، وما يعزز موقفنا هو نص المادة 79 من القانون المدني المعدلة التي تنص "تسري على القصر والمحجور عليهم وغيرهم من عديمي الأهلية وناقصيها قواعد الأهلية المنصوص عليها في قانون الأسرة" وكذا نص المادة 44 منه على أنه "يخضع فاقد الأهلية وناقصها بحسب الأحوال لأحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة ضمن الشروط وفقا للقواعد المقررة في القانون".
وبهذا يكون وبمقتضى هذين النصين أن المشرع أحال إخضاع التصرفات التي يبرمها القاصر المميز إلى قانون الأسرة.
ويا حبذا لو يسلك المشرع المدني المسلك الذي سلكه في قانون الأسرة بالنص على وقف هذا النوع من التصرفات حتى يزيل التعارض الحاصل مع نص المادة 83 من قانون الأسرة ولكون أن نص المادة 83 من قانون الأسرة وردت مقتضية نشير إلى أنه ينبغي على المشرع تعديلها حتى يمنح حق الإجازة للصبي المميز بعدما أن يصبح راشدا وأن يقرر مدة زمنية يسقط فيها هذا الحق.
وبهذا نكون قد انتهينا من الفصل الثاني بعد أن تعرضنا لمسألة حكم تصرفات الصبي المميز في كلا القانونين وإلى مسألة اختلاف حكم تصرفاته الدائرة بين النفع والضرر والقانون الواجب التطبيق بشأنها.







الخاتمة:
انطلاقا من كون الصبي المميز لا يزال يملك عقلا غض لم تكتمل استنارته وما يزال لم تكتمل أهليته وبغرض تحقيق حماية معينة لأمواله فقد تعرضنا لتصرفات الصبي المميز في ظل القانون المدني وقانون الأسرة، وقد سمحت لنا هذه الدراسة بالتوصل لبعض النتائج وتسجيل بعض النقائص والاختلالات التي كانت حافزا لنا لتقديم بعض الاقتراحات وفتح أفق البحث فيما تعذر علينا الإلمام بتفاصيله والتصدي لدقائقه بين ثنايا هذه المذكرة والتي يمكن إيجاز ما حوته محطاتها الكبرى:
I- بالنسبة للصبي المميز في القانون الجزائري:
الصبي المميز في القانون الجزائري هو ذلك الشخص الذي لم يتجاوز الثالثة عشر سنة وهو ما قضت به المادة 42 من القانون المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم 05/10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 "... يعتبر غير مميز من لم يبلغ ثلاثة عشر سنة".
II- بالنسبة لأهلية الصبي المميز:
يعتبر الصبي المميز ناقص الأهلية حسب نص المادة 43 من القانون المدني التي قضت "... كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد... يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون " ونفس الشيء يقال على المادة 83 من قانون الأسرة التي احتوت المادة 43 من القانون المدني.
إلا أنه وعلى حد تعبيرنا سابقا فإن هذا الوصف (نقصان الأهلية) لا ينطبق في الواقع خاصة مع تطبيق قانون الأسرة وعليه خلصنا بأن تكون أهلية الصبي حسب نوع التصرف كالآتي:
1- كامل الأهلية بالنسبة للتصرفات النافعة نفعا محضا.
2- ناقص الأهلية بالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر.
3- عديم الأهلية بالنسبة إلى التصرفات الضارة.
III- بالنسبة إلى أنواع التصرفات التي يبرمها القاصر المميز:
- في نظر القانون المدني: التصرفات التي يبرمها القاصر في ظل القانون المدني نوع واحد على أساس أنه لم يأخذ بفكرة تقسيم التصرفات.
- في ظل قانون الأسرة: وهي على ثلاثة أنواع:
• تصرفات نافعة نفعا محضا.
• تصرفات ضارة ضررا محضا.
• تصرفات دائرة بين النفع والضرر.
IV- بالنسبة لحكم تصرفات الصبي المميز:
1- تكون تصرفات الصبي المميز الضارة ضررا محضا باطلة وعلى القاضي أن يقضي بالبطلان إذا رفعت إليه دعوى، سواء كانت أصلية بشأن بطلان العقد أو بمناسبة النظر في دعوة أخرى أثناء المطالبة بهذا العقد.
2- تكون تصرفات الصبي النافعة نفعا محضا صحيحة نافذة ولا يمكن إبطالها بسبب صغر السن وعلى القاضي أن يقضي بتنفيذ هذا العقد إذا طلب منه ذلك.
3- بالنسبة إلى التصرفات الدائرة بين النفع والضرر: توصلنا في هذه الدراسة إلا أن هناك تعارض بين أحكام القانون المدني الجزائري وأحكام قانون الأسرة بشأن حكم تصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر، وتساءلنا عن الحكم الذي يجب أن يعتد به هل القابلة للإبطال؟ أم العقد الموقوف على الإجازة، وخلصنا بعد إعمال المبادئ القانونية العامة في التحليل إلى أن الحكم الصائب في هذه التصرفات هو وقفها على إجازة ممن خوله القانون ذلك وهو الممثل الشرعي للصبي سواء كان وصيا أو وليا.
V- بالنسبة للقانون الواجب التطبيق لتصرفات الصبي المميز:
تعقيبا على ما سبق في مضمون هذه المذكرة فإن أحكام قانون الأسرة هي المطبقة على حكم تصرفات الصبي المميز ولا مجال لتطبيق القانون المدني، حتى وإن كان من المستحسن إدراج هذه الأحكام ضمن قواعد القانون المدني على أساس أنه هو الشريعة العامة لتنظيم الأموال.
ونشير بهذه المناسبة إلى أن المادة 83 من قانون الأسرة وبهذه الصياغة أغفلت عن جملة من المعطيات بشأن التصرفات الدائرة بين النفع والضرر.
- أنها لم تحدد المدة التي يستطيع فيها الولي أو الصبي إجازة التصرف ومنه يفهم أن شرط صحة الإجازة أو الرد هو أن يصدر كل منهما قبل بلوغ القاصر سن الرشد دون تقييم الولي أو الوصي بأية مدة، وكان على المشرع أن يحدد مدة زمنية تكون قصيرة لاستعمال هذا العقد.
- كذلك أن المادة 83 من قانون الأسرة لم تفصل في مصير تصرف الصبي المميز الدائر بين النفع والضرر إن لم يسبق لوليه أو وصيه أن بت فيه بالإيجاز وكان على المشرع أن يحدد وقتا معين إذا انقضى يعتبر العقد مجازا، ولهذا نقترح صياغة نص المادة 83 من قانون الأسرة كالآتي: "1- إذا كان الصبي مميز كانت تصرفاته المالية صحيحة متى كانت نافعة نفعا محضا وباطلة متى كانت ضارة ضررا محضا، أما التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر فتكون موقوفة على إجازته بعد بلوغه سن الرشد أو على إجازة وليه أو وصيه قبل بلوغه هذا السن 2- ويجب أن يستعمل خيار الإجازة أو الرد خلال سنة واحدة، فإن لم يصدر خلال هذه المدة ما يدل على الرغبة في رد العقد اعتبر العقد نافذا 3- ويبدأ سريان هذه المدة من وقت بلوغ القاصر سن الرشد أو الوقت الذي يعلم فيه الولي أو الوصي بصدور العقد".
- وختاما نرجو أن يكون لمجهودنا المتواضع في دراسة وشرح موضوع تصرفات الصبي المميز بعض الفائدة، ونأمل أن تكون محاولتنا هذه لبنة صغيرة تساهم في بناء الفكر القانوني في بلادنا فإن كنا في ذلك مخطئين فجل من لا يخطئ، وإن كنا مقصرين فإن شرف القصد يشفع لنا ونبل الغاية يخفف من ثقل العتاب وخير ما نختم به ما قاله العلامة ابن خلدون حين انتهي من كتابة مقدمته: "... وأنا من بعدها موقن بالقصور بين أهل العصور، معترف بالعجز عن الإمضاء في مثل هذا الفضاء، راغبا من أهل اليد البيضاء والمعارف المتسعة الفضاء النظر بعين الانتقاد، لا بعين الارتضاء فالبضاعة بين أهل العلم مزجاة والاعتراف بالنقص من اللوم منجاة والحسن من الإخوان مرتجاة والله أسأل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجه الكريم وهو حسبي ونعم الوكيل".





والله ولي التوفيق
قائمة المراجع:
I- القوانين:
أ- التقنينات المستمدة من الفقه الإسلامي:
- مجلة الأحكام العدلية الصادرة في سنة 1876م.
ب- التقنينات المدنية العربية:
- التقنين المدني الجزائري الصادر بالأمر رقم 75-58 المؤرخ في 26/9/1975م. المعدل والمتمم بالأمر رقم 05/10 المؤرخ في 20 يونيو 2005.
- تقنين الأسرة الجزائرية الصادر بالقانون رقم 84/11 المؤرخ في 09/06/1984م؟
- القانون رقم 91/10 المتعلق بالأوقاف.
- التقنين المدني المصري الصادر بالقانون رقم 131 بتاريخ 29/07/1948م.
II- المؤلفات:
أ- الكتب:
1- أبو بكر السرخسي: المبسوط- طبعة 1331م.
2- أحمد فرج حسين: الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية.
3- أحمد سلامة: مذكرات في الإلتزام- الجزء الأول-
4- أنور طلبة: الوسيط في القانون المدني –الجزء الأول-
5- سليمان مرقس: الوافي في شرح القانون المدني –نظرية العقد والإرادة المنفردة- طبعة 1987.
6- عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني –الجزء الأول- مصادر الالتزام –طبعة 1952-
7- عبد الرزاق حسن فرج: نظرية العقد الموقوف في الفقه الإسلامي، طبعة 1969.
8- عبد الرحمن الجزيري: الفقه على المذاهب الأربعة –الجزء الثالث-
9- علاء الدين الكاساني: بدائع الصنائع في ترتيب الصنائع، طبعة 1328م.
10- علي علي سليمان:
- النظرية العامة للالتزام: مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري، طبعة 1992م.
- ضرورة إعادة النظر في القانون المدني الجزائري، طبعة 1992.
- نظرات قانونية مختلفة 1994م.
11- فريدة محمدي زواوي: المدخل للعلوم القانونية نظرية –نظرية الحق- طبعة 1997م.
12- محمد أبو زهرة: الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية.
13- محمد أمين بن عابدين: رد المحتار حاشية على الدر المختار –الجزء الرابع- 1325م.
14- محمد سعيد جعفور:
- تصرفات ناقص الأهلية في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي، 2002.
15- محمد سعيد جعفور وإسعد فاطمة: التصرف الدائر بين النفع والضرر في القانون المدني الجزائري، طبعة 2005 .
16- محمد يوسف موسى: الأموال ونظرية العقد في الفقه الإسلامي، طبعة 1987م.
17- مصطفى أحمد الزرقاء: الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد-الجزء الثاني- طبعة10.
18- لبني مختار: وجود الإرادة وتأثير الغلط عليها في القانون المقارن، طبعة 1984م.
19- حشمت أبو ستيت: نظرية الالتزام.
ب- المجلات:
1- أحمد إبراهيم: الأهلية وعوارضها في الشرع الإسلامي –مقال منشور في مجلة القانون والاقتصاد- السنة الأولى.
2- بلحاج العربي: أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي.
الفهرس:
الفصل الأول: دلالات التمييز وأقسام تصرفات الصبي المميز 06
المبحث الأول: دلالات التمييز والصبي المميز 07
المطلب الأول: معنى التمييز وطوره 07
أولا: معنى التمييز 07
ثانيا: طور التمييز 08
المطلب الثاني: التعريف بالصبي المميز 11
المبحث الثاني: أقسام تصرفات الصبي المميز 15
المطلب الأول: تصرفات الصبي المميز في القانون المدني 15
المطلب الثاني: أقسام تصرفات الصبي المميز في قانون الأسرة 16
أولا: التصرفات النافعة 17
ثانيا: التصرفات الضارة 18
ثالثا: التصرفات الدائرة بين النفع والضرر 19
الفصل الثاني: حكم تصرفات الصبي المميز وإشكالاته 23
المبحث الأول: حكم تصرفات الصبي المميز 24
المطلب الأول: حكم تصرفات الصبي المميز في القانون المدني 24
أولا: العقد القابل للإبطال 26
ثانيا: الحق في التمسك بإبطال العقد 27
ثالثا: كيف يزول حق الإبطال 27
رابعا: تقرير الإبطال والآثار المترتبة عليه 28
خامسا: الحكمة من تقرير دعوى إبطال التصرف الدائر
بين النفع والضرر 28
المطلب الثاني: حكم تصرفات الصبي المميز في قانون الأسرة 30
أولا: حكم التصرفات النافعة 30
ثانيا: حكم التصرفات الضارة 32
ثالثا: حكم التصرفات الدائرة بين النفع والضرر 34
المبحث الثاني: الإشكالات القانونية المثارة بشأن حكم التصرفات
الدائرة بين النفع والضرر 38
المطلب الأول: اختلاف حكم تصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع
والضرر بين القانون المدني وقانون الأسرة 38
المطلب الثاني: القانون الواجب التطبيق على حكم التصرف
الدائر بين النفع والضرر 40
الخاتمة. 43
قائمة المراجع.

0 تعليق:

إرسال تعليق