بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الفصل التعسفي في قانون العمل

دراسة مقارنة
المحامية المتدربة نور فرحات نعيم غيث
المقدمة
جاء قانون العمل الجديد رقم (8) لسنة 1996 ليعالج الغموض واللبس الذي كان يعتري قانون العمل الأردني رقم (21) لسنة 1960 الذي كان يكتنفه عدم الوضوح والحاجة الى شيء من التغيير والتجديد.
وكما نعلم بأن الأردن قد شهد تطورا صناعيا، وسياسيا، واجتماعيا واضحا، ومن هنا جاءت الحاجة الى اصدار قانون عمل شامل ينظم علاقة العمل بين طرفيها، العامل وأصحاب العمل. فقانون العمل هو مظلة وضعت لحماية العمال وحقوقهم حتى لا يتعسف أصحاب العمل وهم الطرف الأقوى باستعمال حقوقهم وقوتهم بالعمل. وفي هذه الحالة لا يكون أمام العامل إلا أن يقيم بدعوى يطالب بحقوقه من جراء فصله تعسفيا من عمله.
وتعرض قانون العمل الجديد لحالات انهاء عقد العمل محدود المدة وغير محدود المدة من جانب صاحب العمل أو من جانب العامل، ومع ذلك فإن العمال يتعرضون للفصل التعسفي، ولانهاء العقد بدون سبب مشروع وبدون اشعار.
لذلك يجب أن يبين صاحب العمل سبب الفصل، وعلى هذا الأساس فإن موضوع الفصل التعسفي يستحوذ على اهتمام العمال لأنه يلحق بهم الأضرار، ومن المهم بحث هذا الموضوع وأخذه بعين الجدية لمعالجة النواحي التي تسيء بالعامل، ووضع قيود لمسألة إعادة العامل إلى عمله بعد فصله، وتحديد مفهوم الفصل التعسفي وعبء اثباته.
ولذلك قمت بتناول موضوع هذا البحث في أربع فصول هي:
الفصل الأول: ماهية الفصل التعسفي وعبء اثباته الذي سأتناوله في مبحثين، الأول تعريف الفصل التعسفي، حيث لم يقم قانون العمل بتعريفه تاركا ذلك للفقه والقضاء. وأما المبحث الثاني سيتناول الجهة التي يقع عليها عبء اثبات الفصل التعسفي.
الفصل الثاني: حالات الانهاء المشروع لعقد العمل بالإرادة المنفردة دون اشعار، الذي يتضمن حق صاحب العمل بإنهاء العقد لأسباب مشروعة في مبحث، وحق العامل في انهاء العقد لأسباب مشروعة في مبحث آخر.
الفصل الثالث: التطبيقات على الفصل التعسفي. وسيتضمن تطبيقات تشريعية وقضائية.
الفصل الرابع: آثار الفصل التعسفي. الذي يتضمن في المبحث الأول آثار الفصل التعسفي الصادر من صاحب العمل، ويتناول في المبحث الثاني آثار الإنهاء للعقد من قبل العامل إذا كان الإنهاء غير مشروع، ويتناول المبحث الثالث آثار الإنهاء للعقد من قبل العامل في حالة ما إذا كان ذلك نتيجة تصرفات صاحب العمل بحقه.
الفصل الأول

ماهية الفصل التعسفي

تقتضي دراسة هذا الفصل عرضه في مبحثين،
أ‌- تعريف الفصل التعسفي
ب‌- عبء اثبات الفصل التعسفي
المبحث الاول

تعريف الفصل التعسفي

لقد تناول قانون العمل الأردني موضوع الفصل التعسفي في المادة (25) التي تنص على (اذا تبين للمحكمة المختصة في دعوى أقامها العامل خلال ستين يوما من تاريخ فصله أن الفصل كان تعسفيا ومخالفا لأحكام هذا القانون جاز لها اصدار أمر الى صاحب العمل بإعادة العامل الى عمله الأصلي أو بدفع تعويض له بالإضافة الى بدل اشعار واستحقاقاته الأخرى المنصوص عليها في المادتين (32) و (33) من هذا القانون على أن لا يقل مقدار هذا التعويض عن اجور ثلاثة أشهر ولايزيد على ستة أشهر ويحتسب التعويض على أساس آخر أجر تقاضاه العامل). وبالتالي نلاحظ أن قانون العمل الأردني لم يحدد مفهوم الفصل التعسفي ولم يرد فيه تعريف واضح للفصل التعسفي. ومن هنا سأحاول أن أوضح مدلول الفصل التعسفي ومفهومه.
إن القيود التي ترد على إنهاء عقد العمل غير محدد المدة هي عدم التعسف فيه ووجود مبرر له، والإنهاء التعسفي في العقد غير محدد المدة هو تطبيق للنظرية العامة للتعسف في استعمال الحق، فلا اختلاف بين الانهاء التعسفي والانهاء بلا مبرر من حيث المدلول، أو من حيث عبء الاثبات([1]).
الأصل أن يكون الحق مشروع، طالما أنه لم يتجاوز حدود الغاية والوظيفة التي شرع من أجلها، ولكن اذا تبين ان استعمال هذا الحق كان بهدف الحاق الأضرار للغير، وانحرف عن الغاية منه سيكون هذا الاستعمال غير مشروع ويشوبه التعسف([2]).
إن إنهاء عقد العمل لمجرد استرداد الحرية بالنسبة للطرف المنهي لا يكفي لانهاءه، فلا بد من توفر أسباب أخرى تستند الى مبرر حقيقي وجدي ومشروع. وهو ما تطلبه المشرع المصري، فإذا لم يكن المبرر الحقيقي للانهاء اي صحيح وموجود في الواقع فيعتبر الفصل تعسفيا ولا يستند الى اساس، مثل فصل احد العاملين في المدرسة بهدف تقليص عدد الصفوف في حين لم يتم ذلك. وحتى لا يكون الفصل تعسفيا لا بد من جدية مبرر الانهاء بحيث تتطلب مصلحة العمل الإنهاء، أو إن استمرار العامل في العمل سوف يؤدي الى الإضرار بالعمل. وجدية السبب قد ترتبط بالعامل أو صاحب العمل، فمن حق العامل مثلا الإضراب، وأن يطالب بحقوقه، والشكوى على صاحب العمل، والتالي إذا انتهى عمل العامل بسبب هذه الأمور يكون فصلا تعسفيا لا يستند الى مبرر مشروع للفصل لأن هذه الحقوق قررت للعامل ونظمت من قبل الدول الحديثة. ومثل ذلك ايضا استغراق الذمة المالية للعامل لا يعتبر سبب جدي لانتهاء عقد العمل([3]).
أما الإنهاء بسبب الظروف الاقتصادية مثلا فيصلح لأن يكون مبررا جديا للانهاء، حيث نصت المادة (31) من قانون العمل الأردني على انه (يجوز لصاحب العمل انهاء عقود العمل غير محدودة المدة، كلها او بعضها، او تعليقها الى اقتضت ظروف اقتصادية او فنية هذا الإنهاء او التعليق، كتقليص حجم العمل، او استبدال نظام الانتاج بآخر او التوقف نهائيا عن العمل شريطة إشعار الوزارة بذلك). وجاء في قرار تمييزي (لا يجوز لصاحب العمل إنهاء عمل العامل إلا إذا أشعر الوزارة، بذلك، وعليه فإن فصل العمال من العمل بداعي أن الوظيفة التي كانوا يشغلونها لم يعد لها وجود أو لزوم وفق إعادة التنظيم، ودون إشعار وزارة العمل يجعل من فصلهم تعسفيا يستحقون معه التعويض عن الفصل)([4]).
وبالنسبة لرقابة القضاء على مبررات الانهاء فلقد استقرت احكام محكمة النقض المصرية بالنسبة لتقدير قيام المبرر لفصل العامل، ونفي التعسف في استعمال حق الفصل هو مسألة موضوعية تخضع لتقدير قاضي الموضوع طالما أنها مقدرة على مبررات سائغة، وبذلك يمكن لمحكمة النقض من الناحية العملية أن تراقب قاضي الموضوع فيما يعطي من وصف للانهاء حيث يستقل قاضي الموضوع لما يثبته أو ينفيه من الوقائع ولكنه يخضع لرقابة محكمة النقض بالنسبة لاعطاء الوصف القانوني للانهاء، باعتبار محكمة النقض تراقب صحة تطبيق القانون([5]).
وفي القانون اللبناني تطلب المشرع أن يكون مبرر انهاء عقد العمل غير محدد المدة حقيقيا وجديا ومشروعا، ويقصد بالحقيقي أن يكون مبرر الفصل موجودا، وصحيحا وجديا أي على درجة من الأهمية([6])، ونصت المادة (50/د) من القانون اللبناني على حالات يعتبر فيها الفصل فيها تعسفيا وبالتالي يعتبر الفصل فيها اساءة لاستعمال الحق وتجاوز حدود حسن النية ومنها:
1. فصل العامل لسبب غير معقول، أو لعدم الأهلية.
2. ممارسة حرياته النقابية.
3. التقدم للانتخابات.
4. ممارسة الحرية الشخصية.
وإضافة إلى ذلك فإن قانون الموجبات اللبناني يعتمد على النظرية العامة للتعسف عند اساءة استعمال الحق في الإنهاء فقد ألزم كل من يتجاوز حدود حسن النية أو الغرض الذي من أجله منح الحق بالتعويض في المادة (124) موجبات. وبشكل عام نستنتج أن القانون اللبناني ألزم وجود ما يبرر انهاء العقود وإلا فإنه يلزم مرتكبه بالتعويض.
وبالنسبة لقانون العمل الأردني لم ينص صراحة ولم يبين مدلول الفصل التعسفي أو مفهومه، ولكن نصت المادة (66/2) من قانون المدني الأردني على أنه يكون استعمال الحق غير مشروع بالحالات التالية:
1. إذا توفر قصد التعدي.
وذلك بأن تتجه نية الشخص من استعمال حقه من الإضرار بالغير، أي أنه قصد الإضرار بالغير من جراء استعمال حقه، فيكون بالتالي متعسفا في استعمال هذا الحق.
2. إذا كانت المصلحة المرجوة من الفعل غير مشروعة.
فإذا كانت الغاية من استعمال الحق هي تحقيق مصلحة غير مشروعة تخالف النظام العام والآداب، فإن هذا الإستعمال يكون تعسفيا.
3. إذا كانت المنفعة لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر. عندما لا يكون هناك تناسب بين مصلحة صاحب الحق ومصلحة الغير، بحيث تكون المصلحة المحققة أقل بكثير من المصلحة المهدرة للغير.
4. إذا تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة. وبالتالي نستنتج أن الفصل يكون تعسفي
إذا كان انهاء العقد غير محدد المدة بدون مبرر مشروع وحقيقي.
المبحث الثاني

عبء اثبات الفصل التعسفي

في هذا المبحث سوف يطرح موضوع على من يقع عبء إثبات الفصل التعسفي في حال حدوثه. لقد جاء في قرار تمييزي (وإن كان من يدعي حصول التعسف ملزم بإثباته من حيث الأصل إلا أن المدعى عليه صاحب العمل الذي يدعي بأن الفصل كان قانونيا ولا تعسف فيه يقع عليه عبء إثبات مشروعية الفصل وفق الأحكام القانونية، حيث أن المدعى عليها صاحبة العمل إدعت بمشروعية فصلها للمدعية العاملة فإن عبء إثبات ذلك يقع عليها "صاحبة العمل")([7]). وإذا لم يقدم صاحب العمل ما يثبت أن إنهاء عمل العامل كان لأسباب مبررة فيكون فصله للعامل من العمل تعسفيا موجبا للتعويض. فقررت محكمة التمييز (إثبات المميز ضده "العامل" من خلال بيناته أنه كان يقوم بعمله على الوجه المطلوب وأنه كان جيدا في عمله ولا يوجد أي عداء بينه وبين المميزه "صاحبة العمل"، وأن المميز قد أنهت عمله لديها دون سبب وعليه وحيث أن المميزة لم ترغب في تقديم أي بينة في هذه الدعوة ولم تقدم ما يثبت أن فصل المميز ضده كان لأسباب مبررة في نظرها فيكون بالتالي الفصل تعسفيا موجبا للتعويض عملا بأحكام المادة (25) من قانون العمل)([8]).
والقضاء الأردني يميل لجانب العامل، بأن جعل صاحب العمل يثبت صحة قراره دون افتراض لصحة هذا القرار ووضع على العامل إثبات التعسف فيه، وبطبيعة الحال يحق للعامل أن يثبت ما قدمه صاحب العمل بإثبات صحة قراره بالفصل هو غير صحيح ليصل إلى إثبات التعسف.
بينما المشرع المصري أخذ بقاعدة (يلزم من يدعي حصول التعسف بإثباته)([9])، فالأصل أن صاحب الحق (لا يتحمل عبء إثبات مشروعية إستعمال الحق)([10]) لأن كل استعمال للحق هو استعمال مشروع ما لم يقم الدليل على عكس ذلك، فالمادة (66) عمل استثنت حالة فصل العامل بسبب نشاطه النقابي، ففي هذه الحالة بالذات يتحمل صاحب العمل عبء إثبات المبرر المشروع للإنهاء، فالمشرع استثني هذه الحالة من القواعد العامة، ولا يتعارض مع القاعدة الذي أخذ بها المشرع المصري إلزام صاحب العمل بتقديم مبررات لانهاء عقد العمل لأن الإنهاء لا يكون مشروعا إلا إذا كان مبررا أو خاليا من التعسف (بحيث إذا امتنع صاحب العمل عن تقديم أي مبرر للإنهاء عند الفصل أو أمام المحكمة، وأصر على الامتناع كان للمحكمة أن تستنتج أن إنهائه بغير مبرر، وبالتالي يكون تعسفيا)([11]). فعلى صاحب العمل واجب تقديم مبررات الإنهاء أمام المحكمة، وعلى العامل مدعي التعسف أن يثبت عدم صحة أو جدية المبررات التي قدمها رب العمل أمام المحكمة فقد يعمد العامل لإثبات التعسف وهي واقعة سلبية لانعدام المبرر من الإثبات بطريق غير مباشر لإقامة الدليل على وقائع إيجابية مثل حسن قيامه بالعمل، وأدائه للإلتزامات المفروضة عليه، أو أن ينسب غرض غير مشروع قصده صاحب العمل من الإنهاء فينتقل عبء الإثبات إلى صاحب العمل ليرد على ادعاءات العامل فيعمل لتقديم مبررات الإنهاء، والمحكمة رقيبة على هذه الأدلة.
وبالنسبة للمشرع اللبناني فأخذ بقاعدة أنه من يدعي حصول التعسف ملزم بإثباته سواء كان رب العمل أو العامل، ولكن بالغالب فإن الإنهاء يقع من جانب رب العمل وبالتالي يكون على العامل إثبات التعسف. وإن إنهاء العقد غير محددة المدة من حق صاحب العمل، فإذا استعمل حقه بالإنهاء بالإرادة المنفردة ليس له أن يبرر هذا الإنهاء لأنه يفترض حسن النية في الشخص الذي له حق الإنهاء ما لم يثبت العكس. فعلى العامل مدعي التعسف إثبات ذلك ببيان الخطأ الذي ارتكبه رب العمل وقد يكون هذا العبء صعب إذا لم تكن في الدعوى ظروف تعينه على الإثبات، فيلجأ العامل بإقامة دليل غير مباشر، فيثبت بأنه لم يقصر في تنفيذ العقد وقد يقوم بالتدليل على استهداف رب العمل غرضا معينا من الإنهاء وأنه غير مشروع، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه القانون المصري في حالة صعوبة الإثبات من قبل العامل.
الفصل الثاني

حالات الإنهاء المشروع لعقد العمل بالإرادة المنفردة دون إشعار

يحق لكل من صاحب العمل والعامل إنهاء العقد لأسباب مشروعة([12]) سواء كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة، وفي حالة انهاء عقد العمل غير محدد المدة حسب نص المادة رقم (28) من قانون العمل فإن العامل يستحق مكافأة نهاية الخدمة إذا لم يكن خاضعا لقانون الضمان الاجتماعي (أما إذا كان العقد محدد المدة فإن من حق صاحب العمل أن ينهي العقد قبل انتهاء مدته بالإستناد الى نص المادة (28) دون ان يكون من حق العامل مطالبته بأجور المدة المتبقية من العقد)([13])، وهذا العامل لا يستحق مكافأة نهاية الخدمة حتى لو لم يكن خاضع للضمان الإجتماعي حسب نص المادة رقم (32) من قانون العمل الأردني.
المبحث الأول

حق صاحب العمل بإنهاء العقد لأسباب مشروعة

أعطى قانون العمل الحق لصاحب العمل في إنهاء العقد لأسباب مشروعة منها:
أولا: حق صاحب العمل في إنهاء العقد غير محدد المدة دون إشعار أو مكافأة، أو دون إشعار وهذا الحق محصور في الحالات التالية حسب نص قانون العمل.

1- إنهاء العقد غير محدد المدة خلال مدة التجربة:

لقد نصت المادة (35) من قانون العمل الأردني على مايلي:
‌أ- يحق لصاحب العمل استخدام أي عامل قيد التجربة للتحقق من كفاءته وامكاناته للقيام بالعمل المطلوب ويشترط في ذلك أن لا تزيد مدة التجربة في أي حالة من الحالات على ثلاثة أشهر وأن لا يقل أجر العامل قيد التجربة عن الحد الأدنى المقرر للأجور.
‌ب- يحق لصاحب العمل إنهاء استخدام العامل تحت التجربة دون إشعار أو مكافأة خلال مدة التجربة.
‌ج- إذا استمر العامل في عمله بعد انتهاء مدة التجربة اعتبر العقد عقد عمل ولمدة غير محدودة وتحسب مدة التجربة ضمن مدة خدمة العامل لدى صاحب العمل).
يلاحظ من هذه المادة أنه يحق لصاحب العمل إنهاء عقد العمل غير محدد المدة في أي وقت خلال الشهور الثلاثة الأولى من استخدامه دون اشعار او مكافأة، وهذا الحق مرتبط بكفاءة العامل وامكاناته، وحق صاحب العمل بإنهاء استخدام العامل تحت التجربة دون اشعار او مكافأة يقتصر على العقود غير محددة المدة، وإذا استمر العامل في عمله بعد مدة التجربة اعتبر العقد عقد عمل ولمدة غير محدودة، وتحسب مدة التجربة ضمن مدة الخدمة([14]). وقد جاء في قرار تمييزي (لرب العمل بموجب المادة 35/أ أن يستخدم العامل تحت التجربة لمدة محدودة لاتزيد عن ثلاثة أشهر، للتحقق من كفاءته، ولا تعتبر فترة التجربة إلزامية بحكم القانون وإنما اختيارية لرب العمل يجوز له خلالها إنهاء عقد العمل دون إشعار أو مكافأة، إذا لم يستخدم رب العمل هذا الخيار فلا يجوز له الإدعاء بعدم كفاءة العامل والقيام بفصله لذلك من العمل، فإذا خلا عقد العمل من شرط التجربة فيترتب له كافة الحقوق المنصوص عليها في القانون منذ بداية عمله ولا يرد القول أن العامل يكون تحت التجربة بحكم القانون)([15]).

2- إنهاء العقد غير محدود المدة بعد انتهاء فترة التجربة أو العقد محدود المدة دون مسؤولية:

 يحق لصاحب العمل بموجب نص المادة (28) من قانون العمل الأردني انهاء عقد العمل غير محدود والعقد محدود المدة دون مسؤولية ودون إشعار إذا توافرت أي حالة من الحالات التالية:
‌أ- إذا انتحل العامل شخصية أو هوية غيره، أو قدم شهادات أو وثائق مزورة بقصد جلب المنفعة لنفسه أو الإضرار بغيره. يلاحظ على هذه الحالة أنها أفعال تشكل جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات، وأنه لا يشترط صدور حكم الإدانة من المحكمة ليقوم صاحب العمل بفصل العامل بالإستناد الى هذه الحالة، واشتملت هذه الحالة في القانون الجديد على قيد لمصلحة العامل، وهو أن تكون نية العامل من انتحال الشخصية أو تقديم الوثائق المزورة قد انصرفت الى تحقيق منفعة لنفسه أو إلحاق الضرر لغيره، فإذا فعل العامل ذلك دون توفر هذه النية فليس لصاحب العمل أن يفصله، بينما في القانون الملغي كان يكتفي بإنتحال الشخصية من قبل العامل أو تقديم شهادات مزورة بحيث يكون لصاحب العمل الحق بفصله([16]).
‌ب- إذا لم يقم العامل بوفاء بالإلتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل.
بموجب هذه الحالة يحق لصاحب العمل فصل العامل إذا لم يؤد العامل المطلوب منه أو القيام بالالتزامات المفروضة عليه بموجب عقد العمل، والقانون الملغي لم يكن يتضمن هذه الحالة فكان صاحب العمل يلجأ للمحكمة إذا لم ينفذ العامل إلتزاماته العقدية ليطالب بالفسخ، فإذا صرح العامل كتابيا أو شفويا بأنه لم يقوم بأي من الإلتزامات المفروضة عليه فيحق لصاحب العمل فصله فورا ودون انتظار لغياب العامل المدة اللازمة لفصله بسبب الغياب الغير مشروع على أساس امتناعه عن الإلتزام من احترام مواعيد العمل التي يحددها العقد او النظام الداخلي.
‌ج- إذا ارتكب العامل خطأ نشأ عنه خسارة مادية جسيمة لصاحب العمل، بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهة أو الجهات المختصة بالحادث خلال خمسة أيام من وقت علمه بوقوعه. اشترط المشرع الأردني والمصري أن تكون الخسارة جسيمة، ومدى جسامة تخضع لتقدير قاضي الموضوع([17]). والخسارة الجسيمة هي قيد على سلطة صاحب العمل، حيث يحق لصاحب العمل فصل العامل إذا صدر عنه أي خطأ ترتب عليه ضرر مادي جسيم لصاحب العمل. وبالنسبة للمشرع اللبناني تطلب أن يرتكب العامل خطأ عمدي والذي لم يتطلبه المشرع المصري، فالعبرة في الفعل العمد بغض النظر عن نتيجة الفعل، وعلى رب العمل أن يعلم الجهات المسؤولة خلال ثلاثة أيام تبدأ من وقت تثبيت رب العمل من المخالفة([18]).
‌د- إذا خالف العامل النظام الداخلي للمؤسسة بما في ذلك شروط سلامة العمل والعمال رغم انذاره كتابة مرتين. يحق لصاحب العمل فصل العامل إذا ارتكب مخالفة للنظام الداخلي وأنذر كتابة ثم ارتكب مخالفة ثانية وأنذره عليها كتابة، وفي المخالفة الثالثة يتم فصله دون اشعار (اي يجب أن يسبق الفصل انذارين في مناسبتين مختلفتين)([19]).
وبالنسبة للمشرع اللبناني فقد نص في المادة (74/4) على هذه الحالة، فقد اشترط ارتكاب مخالفة هامة للنظام الداخلي ثلاث مرات في السنة الواحدة رغم التنبيهات الخطية التي توجه إليه، وكونها هامة يترك تقديرها للقضاء بحسب الظروف، والمخالفة الهامة تكون في مخالفة النظام الداخلي للمنشأة، لأن العامل يخالف التعليمات اللازم اتباعها لسلامة العمال والمحل ولضمان حسن سير العمل واشترط ان يكون التنبيه كتابة([20])، كما اشترط المشرع الأردني بأن يكون الانذار كتابة، وجاء في قرار لمحكمة التمييز (يجوز لصاحب العمل فصل العامل دون اشعار إذا خالف النظام الداخلي للمؤسسة بما في ذلك شروط سلامة العمل والعمال رغم انذاره كتابة مرتين وذلك وفقا للمادة (28/د) من قانون العمل وإذا لم يتقيد صاحب العمل بشرط الإنذار الكتابي المسبق لمرتين قبل الفصل فإن قيامه بإنهاء خدماته لسوء سلوكه وعدم تقيده والتزامه بالتعليمات الإدارية المتبعة لا يتفق وأحكام المادة المذكورة أعلاه ويكون مخالفا للقانون)([21]).
‌ه- إذا تغيب العامل دون سبب مشروع أكثر من عشرين يوما متقطعة خلال السنة الواحدة، أو أكثر من عشرة أيام متتالية على أن يسبق الفصل إنذار كتابي يرسل بالبريد المسجل على عنوانه وينشر في إحدى الصحف اليومية المحلية مرة واحدة. إن تغيب العامل عن العمل لأسباب مشروعة لا يعطي صاحب العمل حق في فصله، وتقديم مشروعية الغياب أو عدمه هي مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة التمييز، وفي حالة الغياب المشروع وإن كان يحق لصاحب العمل بعدم دفع أجر العامل عن مدة غيابه ولكن لا يحق له فصله، ويتوجب التحقيق لمعرفة أسباب الغياب إذا كانت مشروعة أم لا(والغياب المشروع لا يبرر الفصل دون اشعار)([22])، (وترك العامل للعمل هو في الواقع استقالة بدون اعطاء اشعار)([23]). وقد جاء في قرار تمييزي (إن غياب العامل عن العمل بسبب اعتقاله من قبل سلطات الأمن يعتبر قد وقع بقوة قاهرة خارجة عن إرادته، ومن ثم فإن رفض صاحب العمل إعادته إلى العمل بعد الإفراج عنه يعتبر فصل تعسفي يستوجب التعويض([24]).
‌و- إذا أفشى العامل الأسرار الخاصة بالعمل.
هذه الحالة تعطي الحق لصاحب العمل لفصل العامل دون إشعار، وتشمل الأسرار الصناعية، أو التجارية، أو الفنية، أو المالية، والقانون الملغى كان ينص على هذه الحالة. ويجب اجراء التحقيق قبل ذلك لاتاحة الفرصة للعامل للدفاع عن نفسه (ولبيان الأسباب التي تحول دون فصله دون إشعار خاصة أنه ليست هناك معايير ثابتة لإفشاء الأسرار)([25]). وقد نصت المادة 19/ب على أنه لا يجوز أن يفشي هذه الأسرار بأي صورة من الصور ولو بعد انقضاء عقد العمل وفقا لما يقتضيه الاتفاق أو العرف.
‌ز- إذا أدين العامل بحكم قضائي اكتسب الدرجة القطعية بجناية أو بجنحة ماسة بالشرف والأخلاق العامة. تشترط هذه الحالة أن يصدر حق العامل حكم قطعي بإدانته عن جريمة جنائية أو جنحية ماسة بالشرف والأخلاق العامة، بينما الحالات الأخرى لا تشترط الإدانة مثل الفقرة (أ) والفقرة (ط) من المادة (28)، (وقانون العمل الأردني يأخذ بفكرة وقف العامل خلال فترة اتهامه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف)([26]). فإذا تغيب العامل عن العمل بسبب اعتقاله في فترة التحقيق الجنائي والمحاكمة عن ذلك يكون تغيبه مشروعا، وإن صدر حكم الإدانة يحق لصاحب العمل بفصله، وإذا صدر بالبراءة يلتزم صاحب العمل بإعادته الى عمله فإن لم يفعل يكون ذلك بمثابة فصل تعسفي للعامل، وليس من الضروري أن تتعلق الجناية أو الجنحة بصاحب العمل أو المؤسسة أو لها علاقة بالعمل([27]). وقد جاء في قرار تمييزي (لايجوز إنهاء خدمة العامل إذا اتهم بجرم ما لم يصدر حكم بإدانته)([28]).
‌ح- إذا وجد العامل أثناء العمل في حالة سكر بين، أو متأثر بما تعاطاه من مادة مخدرة أو مؤثر عقلي، أو ارتكب عملا مخلا بالآداب العامة في مكان العمل.
فبموجب هذه الحالة يحق لصاحب العمل فصل العامل دون اشعار لكن يجب أن يجري قبل ذلك تحقيق ليتسنى للعامل الدفاع عن نفسه، إذ من الممكن أن تناول هذه المواد المسكرة والمخدرة بوصفة طبية أو عن طريق الخطأ غير المقصود، والتي تشكل عذرا مشروعا له. والقضاء يقرر في حالة النزاع وجود عذر مشروع لتناول العامل هذه المواد، وأيضا إذا كانت حالة العامل بعد تناول المسكر هي حالة سكر بين أم لا؟ أما المخدرات لم يشترط النص تأثير العامل فيها تأثيرا بينا، واكتفى أن يكون متأثرا بما تناوله منه([29]). والقانون المصري نص على هذه الحالة أثناء ساعات العمل وتطلب السكر البين الواضح واكتفى بمجرد تأثر العامل بما تعاطاه من المخدرات([30]).
‌ط- إذا اعتدى العامل على صاحب العمل أو المدير المسؤول أو أحد رؤسائه أو أي عامل أو على أي شخص آخر أثناء العمل أو بسببه وذلك بالضرب او التحقير. اشترط قانون العمل الأردني أن يتم الاعتداء أثناء العمل، أما اذا كان خارج أوقات العمل فيشترط أن يكون بسبب العمل، مثل ضرب العامل عميل للمؤسسة بعد انتهاء الدوام على خلاف بينهما. ولا يحتاج الى إدانة قضائية ويكفي صدور فعل الضرب أو لفظ التحقير عن العامل أثناء العمل أو بسببه.
ثانيا: حق صاحب العمل في إنهاء العقد غير محدود المدة (بعد فترة التجربة) بإشعار ومكافأة. اجازة المادة (31) من قانون العمل لصاحب العمل إنهاء عقود العمل غير محدودة المدة، كلها أو بعضها، أو تعليقها، إذا اقتضت الظروف اقتصادية أو فنية هذا الإنهاء أو التعليق، كتقليص حجم العمل، أو استبدال نظام الانتاج بآخر أو التوقف نهائيا عن العمل شريطة اشعار الوزارة بذلك.
وبناء عليه جاء في قرار لمحكمة التمييز (منحت المادة 31 من قانون العمل رقم 8 لسنة 1996 صاحب العمل السلطة بتعليق عقد العمل غير محدد المدة أو انهائه لجميع العمال او بعضهم إذا ما قامت ظروف اقتصادية أو فنية تقتضي ذلك شريطة اشعار وزارة العمل، وذلك بهدف مراقبة جدية المبررات لفصل العامل أو العمال وتحققت الوزارة بواسطة اللجنة التي يشكلها وزير العمل للغاية المذكورة من سلامة الإجراءات، تكون صفة التعسف قد انتفت)([31]).
إن تشكيل اللجنة من أطراف الانتاج الثلاث (مدير مديرية العمل والتشغيل، وممثل عن العمال، وممثل عن أصحاب العمل) ليس أمرا وجوبيا وإنما هو جوازي تركه المشرع لرأي وزير العمل، والغاية منه تنظيمية بقصد التحقق من سلامة الإجراءات التي يتخذها صاحب العمل بإنهاء عقود العمال وتعليقها بسبب الظروف الاقتصادية([32]).
وإذا لم تتوافر الشروط المنصوص عليها في المادة (31) من قانون العمل من إشعار الوزارة بإنهاء عقد العمل إذا اقتضت ظروف اقتصادية أو فنية لإنهاءها يجعل من فصل العامل فصلا تعسفيا([33]).أجازت هذه المادة للعمال الذين انهيت عقودهم العودة إلى أعمالهم خلال سنة واحدة من تاريخ تركهم العمل إذا عادت المؤسسة الى نشاطها خلال هذه السنة، بشرط إمكان استخدامهم من قبل صاحب العمل.
نصت المادة (31) على حق العامل الذي علق عقده الى اشعار آخر بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها المؤسسة أن يترك العمل دون اشعار مع احتفاظه بحقوقه القانونية([34]).
المبحث الثاني

حق العامل في انهاء العمل لأسباب مشروعة

أولا: حق العامل في انهاء عقد العمل غير محدود المدة بدون اشعار أو العقد محدود المدة دون مسؤولية.

 نصت المادة 29 من قانون العمل الأردني على الحالات التي يحق فيها للعامل ترك العمل دون إشعار مع الاحتفاظ بالحقوق القانونية من تعويضات عن عطل وضرر إذا كان العقد غير محدد المدة، والأجرة المتبقية إذا كان العقد محدود المدة، ومكافأة نهاية الخدمة إذا كان العقد غير محدود المدة والعامل غير خاضع للضمان الاجتماعي، أما العقد محدود المدة فإن العامل لا يستحق مكافأة نهاية الخدمة، وليس للعامل الذي يستعمل حقه بالترك أن ينتقص من حقوقه شيئا لأن ذلك يعتبر فصل تعسفي من قبل صاحب العمل([35]).
‌أ- إستخدامه في عمل يختلف في نوعه اختلافا بينا عن العمل الذي اتفق على استخدامه فيه بمقتضى عقد العمل، على أن تراعى في ذلك احكام المادة (17) من هذا القانون.
جاء في قرار تمييزي (يحق للعامل ترك العمل دون إشعار مع احتفاظه بحقوقه القانونية إذا جرى استخدامه في عمل يختلف في نوعه اختلافا بينا عن العمل الذي اتفق على استخدامه فيه وعليه يكون توصل محكمة الاستئناف إلى أن العامل ترك العمل لعدم قدرته على القيام بأعبائه الملقاه عليه بعد أن تغيب العامل الآخر بسبب زواجه والذي كان يتناوب معه في العمل مما أوجب على المدعي العمل 22 ساعة يوميا حيث وجدت المحكمة أن هذه المدة هي فوق طاقته وفوق طاقة الإنسان العادي، فيكون القرار بإلزام صاحب العمل والذي طلب من العامل الاستمرار بالعمل 22 ساعة يوميا ببدل الفصل التعسفي والإشعار هو في محله)([36]). (الاختلاف البين في نوع العمل هو الاختلاف الجوهري)([37]). واذا استمر العامل في العمل الذي يختلف اختلافا بينا عن العمل المتفق عليه يعتبر قبولا منه بالعمل الجديد، مع أنه لصاحب العمل بإلزام العامل بالقيام بعمل يختلف بينا عن العمل المتفق عليه في حالة الضرورة ولا يحق للعامل أن يرفض القيام به، وإذا رفضه يعتبر كأنه لم يقم بتنفيذ إلتزامه ويحق لصاحب العمل فصله حسب المادة (28/ب)([38]). أما عمل العامل في عمل مشابه أو مماثل للعمل المتفق عليه لا يعطيه الحق في ترك العمل بدون إشعار ولا تعفيه من المسؤولية.
‌ب- استخدامه بصورة تدعو الى تغير محل إقامته الدائم إلا إذا نص في العقد على جواز ذلك.
وفق هذه الحالة يحق للعامل ترك العمل دون إشعار إلا إذا رفض نص العقد على حق صاحب العمل بنقله حتى لو أدى ذلك الى تغيير محل إقامته، أما إذا اقتصر النقل الى مكان لا يدعو الى تغيير محل إقامة فلا مجال لتطبيق هذه الحالة.
‌ج- نقله الى عمل آخر في درجة أدنى من العمل الذي اتفق على استخدامه فيه.
ويقصد بذلك نقل العامل الى مستوى أقل داخل المؤسسة، فيحق له ترك العمل (حتى ولو لم يتأثر دخل العامل والمسألة تتعلق بكرامة العامل)([39]).
‌د- تخفيض أجر العامل.
فإذا قرر صاحب العمل تخفيض أجر العامل فيحق للعامل ترك العمل دون إشعار، مع مراعاة المادة (14) من قانون العمل الأردني والتي تنص على أنه (إذا أصيب العامل إصابة نتج عنه عجز دائم جزئي لا يمنعه من أداء عمل غير عمله الذي كان يقوم به، وجب على صاحب العمل تشغيله في عمل آخر يناسب حالته إذا وجد مثل هذا العمل والأجر المخصص لذلك، على أن تحسب حقوقه القانونية عن المدة السابقة لإصابته على اساس أجره الأخير قبل الإصابة)، فهذا الإستثناء يعطي الحق لصاحب العمل بتشغيل العامل بأجر أقل دون أن يكون للعامل الحق بترك العمل. وبناء عليه قضت محكمة التمييز (يعتبر تنزيل راتب العامل الشهري من قبل رب العمل مبررا له لترك العمل دون إشعار ويستحق مكافأة نهاية الخدمة وبدل الإشعار وبدل الفصل التعسفي)([40]).
‌ه- إذا ثبت بتقرير طبي صادر عن مرجع طبي أن استمراره بالعمل من شأنه تهديد صحته. يحق للعامل ترك العمل بدون إشعار بإعتباره مريض بمرض خطير بحيث لا يستطيع إشعار صاحب العمل برغبته بإنهاء العقد والإنتظار حتى انتهاء مدة الإشعار([41]).
‌و- إذا اعتدى صاحب العمل أو من يمثل عليه في أثناء العمل أو بسبب وذلك بالضرب أو التحقير. فهذه الحالة تشترط أن يصدر الاعتداء من صاحب العمل أو من يمثله وأثناء العمل أو بسببه، فإذا كان المعتدي هو عامل آخر فلا يحق للعامل ترك العمل دون إشعار([42])، أما إذا جلب العامل الحقارة لنفسه بتهديد صاحب العمل، فإن تركه للعمل يكون غير مبرر([43]). وتجدر الإشارة إلى أن هذا المبرر الذي يحق على أساسه ترك العمل لا يحتاج الى حصول العامل على حكم من المحكمة بإدانة صاحب العمل نتيجة قيامه بالإعتداء عليه بالضرب.
‌ز- إذا تخلف صاحب العمل عن تنفيذ أي حكم من أحكام هذا القانون أو أي نظام صادر بمقتضاه شريطة أن يكون قد تلقى إشعار من جهة مختصة في الوزارة تطلب فيه التقيد بتلك الأحكام. وذلك بأن يرتكب صاحب العمل بحق العامل أي مخالفة لأي حكم من أحكام قانون العمل، مثلا كأن يمتنع صاحب العمل عن منح الإجازة المستحقة فيتظلم العامل لدى مفتش العمل، حتى إذا تبين لمفتش العمل صحة التظلم يرسل إشعارا الى صاحب العمل يطلب إليه التقيد بأحكام القانون، فإذا أصر صاحب العمل على عدم التقيد يحق للعامل المعني ترك العمل دون إشعار. ولكن الذي يثار في هذا الموضوع استحقاق العامل لبدل الإشعار وتعويض الفصل التعسفي، إذا ترك العمل دون إشعار بالإستناد الى حالة من الحالات المنصوص عليه المادة (29).
إن قانون العمل الأردني لم ينص صراحة على اعتبار الحالات الواردة في المادة (29) فصلا تعسفيا مع أنها في حقيقة الأمر تعد فصلا تعسفيا، بطريقة غير مباشرة، حيث أن صاحب العمل هو الذي دفع العامل على ترك العمل وفجأة بأي حالة من الحالات الواردة في المادة (29) مثل تخفيض الراتب، وتنزيل الدرجة وإلى غير ذلك من الحالات المذكورة سابقا.
وكنت اتمنى على المشرع أن ينص على اعتبار مثل هذه الحالات فصلاً تعسفياً يترتب عليه إعطاء العامل بدل إشعار وتعويض الفصل التعسفي المنصوص عليه في المادة (25) من قانون العمل الأردني. وما سبق يتعلق بالعقد غير محدد المدة لأن الفصل التعسفي لا يقع إلا على العقود غير محدودة المدة. أما في حالة إنهاء العقد محدود المدة بصورة غير مشروعة فلقد رسم المشرع طريقا آخر للتعويض يتمثل بأجور باقي مدة العقد وفقا للمادة (26) من قانون العمل الأردني.
وبالتالي أرى: أن يستحق العامل المرتبط بعقد محدود المدة أجور باقي مدة العقد إذا إضطر الى ترك العمل لأي سبب من الأسباب الواردة المادة (29) من قانون العمل.

ثانيا: حق العامل في إنهاء العقد غير محدود المدة بإشعار.

نصت المادة (23/د) على حق العامل بإنهاء عقد عمله غير محدد المدة على أن يقوم بإشعار صاحب العمل قبل شهر واحد على الأقل([44]). وإذا ترك العامل العمل قبل انقضاء مدة الإشعار فلا يستحق أجرا عن فترة تركه العمل وعليه تعويض صاحب العمل عن تلك الفترة بما يعادل أجره عنها.
الفصل الثالث

التطبيقات على الفصل التعسفي

المبحث الأول

التطبيقات التشريعية للفصل التعسفي

إذا كان المبدأ العام هو عدم التعسف في إنهاء عقد العمل غير محدود المدة، وأن يكون الإنهاء مبني على أسباب مبررة يسمح فيها بالإنهاء حسب نص القانون، وأن يكون للإنهاء مبرر حقيقي وجدي فلا يكون الفصل التعسفي حسب التشريع المصري، فهناك حالات نص عليها التشريع المصري حيث يعتبر الفصل التعسفي في حال تطبيق أي منها، وهي محددة على سبيل الحصر في التشريع وهذه الحالات هي:

1- الإنهاء بسبب حجوز أو ديون على العامل.

هذه الحالة تشمل الإنهاء بسبب ما وقع تحت يد صاحب العمل من حجوز على مستحقات العامل، أو بسبب ما تحمله العامل من ديون تجاه الغير، والفصل بموجب هذه الحالة يعتبر تعسفيا وتطبيق نظرية التعسف في استعمال الحق([45])، فليس هناك تناسب بالمصالح المقصود تحقيقها، فمصلحة صاحب العمل في تجنب مضايقات مطالبات دائني العامل لا تتناسب مع الضرر الذي يصيب العامل نتيجة هذا الإنهاء، ما لم يكن سبب الإنهاء يعود لزعزعت الثقة بالعامل نتيجة لكثرة الديون والتي تؤثر على وضعه بالعمل.

2- الإنهاء بطريق غير مباشر نتيجة مسلك صاحب العمل غير المشروع تجاه العامل.

فيعمد صاحب العمل بتصرفاته غير المشروعة لدفع العامل لانهاء عقد العمل ليظهر أنه الذي أنهى العقد وليس صاحب العمل، فلجأ المشرع إلى رد تحايل صاحب العمل وقرر أن العبرة هي بحقيقة الواقع وليس بظاهر الأمور، وفي هذه الحالة ينسب الإنهاء لصاحب العمل، وهذا الإنهاء يعتبر تعسفي لأنه تمثل بنية الإضرار بالعامل ولتحقيق مصلحة غير مشروعة وهي تطبيق لنظرية التعسف([46]). ومن الأمثلة على تصرفات صاحب العمل غير المشروعة التي تدفع العامل لانهاء عقده معاملته معاملة جائرة بقصد إذلال العامل([47]) واستنفاذ صبره ليقدم استقالته، كأن يكلفه بعمل تافه أو جرح كرامته أو لم يقم بتنفيذ التزاماته تجاه العامل مثل علمه بخطر جسيم يهدد سلامة العامل ولم يقم بأي تدبير.
والقانون الأردني لم ينص صراحة على هذه الحالة، ولكنه نص في المادة (29) على حق العامل في ترك العمل دون إشعار بسبب سوء تصرف صاحب العمل مع الإحتفاظ بحقه عن نهاية مدة الخدمة والتعويض عن العطل والضرر([48])، وعلى الرغم من خلو التشريع الأردني لا يوجد بإعتقادي ما يمنع المحكمة من البحث عن الطرف الذي أنهى العقد، ومن ثم تحديد فيما إذا كان الفصل تعسفيا أم انه تم بصورة مشروعة. وبهذا الاتجاه المنطقي إن محكمة التمييز الأردنية قررت أن تنزيل المستوى الوظيفي للعامل يبرر له ترك العمل دون إرسال إشعار ويجعله مستحقا للمكافأة وبدل الإشعار وبدل فصل تعسفي طالما ان تركه للعمل كان بسبب مشروع([49])

3- الإنهاء للمرض.

إذا قام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل خلال مدة المرض فيعتبر الفصل تعسفي، حيث يجب أخذ مدة المرض بعين الإعتبار ومدى تأثيره على حسن سير العمل فإذا كان لفترة قصيرة ولا يؤثر على العمل ولا يؤدي الى حدوث اضطراب، فيوقف العقد الى حين انتهاء المرض وبعدها يتم تنفيذ العقد.
فإذا استطال المرض لفترة طويلة، ومن شأنه حدوث اضطراب جسيم في العمل، بحيث يتطلب احلال العامل المريض بآخر، فيكون المرض الطويل أثر في انهاء العقد حسب نظرية إنفساح سواء كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة. والمشرع المصري ترك تحديد مدة المرض الطويل المؤدي للإنفساخ لتقدير القضاء، وفق معيار مرن في نطاق القانون المدني، ومعيار جامد في نطاق قانون العمل. فالأعمال الخاضعة للقانون المدني تنطبق عليها نظرية الوقف والإنفساخ فيراعى طول مدة المرض وما يحدثه من إضطراب في سير العمل حسب تقدير قاضي الموضوع وحسب طبيعة المشروع ومركز العامل الوظيفي، وبحيث انه لا يزيل الإضطراب إلا احلال العامل المريض بآخر، فالمرض الطويل حسب المادة (697) يؤدي الى انفساخ العقد بحيث يمثل استحالة نهائية في تنفيذ العقد دون الحاجة الى حكم قضائي ينفسخ بحكم القانون قبل انتهاء مدته إذا كان محدد المدة، ودون مراعاة مهلة الإخطار إذا كان غير محدد المدة.
وقانون العمل الأردني نص في المادة (27/3) على أنه لا يجوز لصاحب العمل انهاء خدمة العمل او توجيه إشعار إليه لإنهاء خدمته أثناء اجازته المرضية، وإلا فيعتبر الفصل تعسفي، إلا إذا ارتكب العامل أي حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة (28) من قانون العمل الأردني، أو إذا عمل العامل خلال إجازته لدى صاحب عمل آخر. وجاء في قرار تمييزي (يعتبر فصل العامل من العمل بسبب مرضه وأثناء إجازته المرضية فصلا تعسفيا، ويستحق تبعا لذلك بدل الإشعار، وبدل الإجازات السنوية وبدل الفصل التعسفي)([50]).

4- رفض إعادة العامل الموقوف احتياطيا الى العمل رغم تقرير عدم تقديمه للمحاكمة، أو رغم الحكم ببراءته.

تنص المادة (67) من قانون العمل المصري أنه إذا نسب الى العامل ارتكابه جناية أو جنحة مخلة بالشرف، أو الأمانة، أو الآداب العامة، أو جنحة داخل دائرة العمل، جاز لصاحب العمل وقفه احتياطيا، وعليه أن يعرض الأمر على اللجنة الثلاثية خلال ثلاثة ايام من وقفه للعامل فإن وافقت اللجنة يصرف للعامل نصف أجره، أما في حالة عدم الموافقة على الوقف فيصرف أجر العامل كاملا.
ويتضح من خلال هذا النص أن وقف العامل احتياطيا إذا نسب إليه ارتكاب جناية أو جنحة مخلة بالشرف هو أمر جوازي يعود لصاحب العمل.
وأيضا نصت المادة (67) من قانون العمل المصري (وإذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضي ببراءته وجب إعادته الى عمله، وإلا اعتبر عدم اعادته فصلا تعسفيا)([51]). فإذا رفض صاحب العمل إعادة العامل الى عمله الذي صدر قرار بحقه بعدم تقديمه للمحاكمة، أو ببراءته يعتبر قرينة نسبية على تعسف الإنهاء وعلى رب العمل الذي يدعي خلاف الثابت حكما أن يثبت وجود مبرر مشروع لعدم اعادة العامل الى عمله، رغم صدور قرار بحفظ الإتهام أو ببراءته وأن يثبت أن الرفض لا ينطوي على تعسف.

5- الفصل بسبب النشاط النقابي.

نصت المادة (66) من قانون العمل المصري (ويجب على المحكمة أن تقضي بإعادة العامل المفصول الى عمله، إذا كان فصله بسبب نشاطه النقابي، ويكون عبء إثبات أن الفصل لم يكن لذلك السبب على عاتق صاحب العمل)([52]). والنشاط النقابي هو الذي يمارسه العامل ضمن قواعد وأحكام قانون النقابات العمالية، ونصت المادة (74) من قانون النقابات على معاقبة صاحب المنشأة، أو المسؤول عن إدارتها إذا قام بفصل أحد العمال او أوقع عليه عقوبة لإرغامه على الانضمام الى منظمة نقابية، أو عدم الإنضمام إليها، او الإنسحاب منها أو من أي نشاط نقابي مشروع.
وبالتالي إذا فصل صاحب العمل العامل بسبب نشاطه النقابي فإن الفصل يعتبر تعسفيا، ويقع على عاتق صاحب العمل عبء إثبات أن الفصل لم يكن بسبب نشاط العامل النقابي، وذلك خروجا عن القاعدة العامة من أن على المدعي إثبات ما يدعيه، وأوجب المشرع على المحكمة بناء على طلب العامل، إعادة العامل المفصول الى عمله، إذا تبين أن صاحب العمل فصله بسبب نشاطه النقابي، وعند إعادة العامل الى عمله تكون خدمته متصلة وليست تعيينا جديدا.
أما القانون الأردني لم ينص على هذه الحالة صراحة، إلا أننا نجد أن المادة (111) من قانون العمل الأردني نصت (لا يعاقب أي موظف في أي نقابة للعمال أو أي عضو فيها ولا تتخذ أي إجراءات قانونية أو قضائية بحقه بسبب اتفاق ابرم بين أعضاء النقابة بشأن أي غاية من الغايات المشروعة لنقابات العمال على أن لا يخالف الاتفاق القوانين والأنظمة المعمول بها).
وبذلك يفهم من هذا النص أن المشرع حمى العامل النقابي، ولا يجوز بالتالي فصله بسبب قيامه بنشاطات نقابية مشروعة وإلا فإن الفصل في هذه الحالة يعد فصلا تعسفيا.
أما فيما يتعلق بقانون العمل الأردني فلقد حدد الحالات التي يكون انهاء العمل فيها حتى لو كان بإشعار فصلا تعسفيا تحديدا حصريا، سواء كان العقد محدود المدة أو غير محدود المدة.
حيث تناول هذه الحالات في المادة (27/أ) والمادة (24). فالمادة (27/أ) نصت على ثلاثة حالات هي:
1- المرأة العاملة الحامل، ابتداء من الشهر السادس من حملها أو خلال إجازة الأمومة.
فإذا ارتكبت المرأة العاملة الحامل خلال مدة حملها أي حالة من الحالات الموجودة في المادة (28) يحق فصلها. وإذا انتهى العقد بعد الشهر السادس فلا يكون الإنهاء غير مشروع، لأن العقد انتهى بنهاية مدته (أما إذا استحقت إجازة الأمومة)([53]) وانتهت مدة العقد خلالها، فلا يجوز انهاء العقد من قبل صاحب العمل في هذه الحالة وإلا اعتبر الإنهاء غير مشروع وعليه أن يمدد العقد حكما في هذه الحالة.
2- العامل المكلف بخدمة العلم، والخدمة الإحتياطية في أثناء قيامه في تلك الخدمة.
فالعقد في هذه الأثناء يوقف سريانه، وعندما تنتهي مدة خدمته يعود الى عمله، فإذا كان العقد غير محدد المدة يستمر في العمل وإذا كان محدد المدة يبقى يعمل حتى تنتهي مدته أو ما تبقى منه، وخلال فترة الخدمة لا يستطيع صاحب العمل أن ينهي العقد، وإلا فيعتبر فصلا تعسفيا مع حق صاحب العمل بأن يوقف الأجر للعامل اثناء مدة الخدمة حسب قاعدة ان الأجر مقابل العمل.
3- العامل في أثناء إجازته السنوية أو المرضية أو الإجازة الممنوحة له الأغراض الثقافة العمالية أو الحج أو في أثناء إجازته المتفق عليها بين الطرفين للتفرغ في العمل النقابي أو الإلتحاق بمعهد أو كلية أو جامعة معترف بها. ففي العقد محدود المدة وغير محدود المدة لا يجوز لصاحب العمل أن ينهي العقد خلال هذه المدة حتى ولو تم ذلك بإشعار، وحتى إذا انتهى العقد محدود المدة خلال فترة الإجازة.
فالإجازة السنوية أو المرضية هي من حق العامل، وبرأي الدكتور أحمد أبو شنب، يمدد العقد حكما الى نهاية الإجازة والإجازات الأخرى الممنوحة للعامل بناء على اتفاق بينه وبين صاحب العمل، وهذا الاتفاق هو بمثابة تمديد ضمني للعقد الى نهاية مدة الإجازة، وبالتالي لا يجوز انهاء العقد خلالها وإلا سيعتبر فصلا تعسفيا، إلا إذا ارتكب العامل أي حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة (28) من قانون العمل، والتي تجيز فصل العامل بدون إشعار([54])، وكذلك اجازة المادة (27/ب) لصاحب العمل أن يفصل العامل خلال هذه المدد المذكورة أعلاه إذا عمل العامل أو العاملة خلال هذه المدد لدى صاحب عمل آخر.
أما المادة (24) من قانون العمل، فقد نصت على أنه لا يجوز لصاحب العمل فصل العامل بسبب شكوى قدمها العامل الى وزارة العمل أو إلى أي جهة أخرى تتعلق بأي إجراء اتخذه صاحب العمل بحقه أو حقوق العامل المنصوص عليها بهذا القانون وكان الفصل لهذه الشكوى (إلا إذا ارتكب العامل ما يوجب فصله)([55])، حسب نص المادة (28)، وإذا كان الفصل بسبب الشكوى يعتبر فصلا تعسفيا، فمن باب أولى اعتباره كذلك حتى لو تم بإشعار وذلك حتى لا يعتبر صاحب العمل الشكوى سببا للتخلص من العامل فهذه حماية وفرها المشرع للعامل، فإن فصله بسبب ذلك يعتبر فصلا تعسفيا.
المبحث الثاني

التطبيقات القضائية على الفصل التعسفي

إن مبدأ التعسف في إنهاء عقد العمل يشمل كل انهاء صادر من أي من طرفيه، ولكن التطبيقات العملية لهذا المبدأ كانت في الغالب تخص الإنهاء الصادر من صاحب العمل وليس العامل إلا نادرا وذلك لقلة وقوعه من جانب العامل وشيوعه من صاحب العمل والى ندرة تعقب صاحب العمل للعامل أمام القضاء بسبب الظروف الاقتصادية للعامل.
وهناك معايير ثلاثة نصت عليها المادة (5) من القانون المدني المصري، وهي قصد الإضرار بالغير، وقلة أهمية مصلحة صاحب الحق بالقياس الى الضرر الذي يصيب الغير وعدم مشروعية المصالح المقصود تحقيقها من استعمال الحق، ولكنها على سبيل المثال أهم صور للتعسف، بحيث يكون المناط الحقيقي للتعسف هو الإنحراف عن غاية الحق. فالتعسف لا ينحصر في المعايير الثلاثة الواردة في القانون المدني وإنما يشمل كل حالات الإنهاء التي تمثل انحرافا عن غاية الحق وحق الإنهاء بالإرادة المنفردة هو حق لكلا الطرفين بشرط وجود مبرر كاف ومشروع للإنهاء، وفي حال عدم توفره يعتبر الإنهاء تعسفيا، وأحكام القضاء لا تتقيد عادة بمعايير التعسف (وتكتفي بتوافر أو تخلف المبررالمشروع للإنهاء)([56])، فصور التعسف من قبل صاحب العمل تتحقق سواء توافرت معايير التعسف أو لم تتوافر طالما تخلف المبرر الكافي والمشروع للإنهاء.
وتعسف صاحب العمل في الإنهاء، إذا لم يكن للإنهاء مبرر مشروع، ويكون ذلك إذا كان الإنهاء بسبب استعمال العامل حقا من حقوقه أو الحريات العامة التي يكلفها القانون أو قيامه بعمل مشروع بشكل عام، مثل مطالبة العامل بأخذ إجازة، أو رفض قيامه بعمله الجديد الذي يختلف اختلافا جوهريا عن العمل المتفق عليه([57])، أو رفضه ساعات العمل الإضافية([58])، أو آدائه شهادة ضد صاحب العمل([59])، أو تقديمه شكوى ضد صاحب العمل ولكن يشترط ان لا تكون كيدية وإلا فيحق لصاحب العمل فصل العامل دون مكافأة أو تعويض([60])، أو بسبب انضمامه أو عدم انضمامه الى نقابة معينة([61])، أو بسبب نشاطه النقابي المشروع([62]).
ويتحقق التعسف لإنتفاء المبرر المشروع إذا كان هدف صاحب العمل من الإنهاء التحايل أو مصلحة غير مشروعة.
وأيضا يكون الفصل تعسفي إذا لم يكن للإنهاء مبرر كاف مثلا إذا وقع الإنهاء بسبب التأخر عن مواعيد الحضور في المنشأة بعد البقاء في العمل الى ساعة متأخرة في الليلة السابقة([63])، أو بسبب عدم التوقيع على دفتر الحضور([64])، أو بسبب رفعه الصوت عند مخاطبة رئيس القسم([65]). قد يرد التعسف من جانب العامل إذا كان الإنهاء بسبب التغيير الذي أحدثه صاحب العمل رغم أنه تغيير غير جوهري والقصد منه تحقيق الصالح العام وليس الإساءة الى العامل أو الانتقاص من حقوقه المكتسبة([66]).
ويعتبر فصلا تعسفيا إذا فصل صاحب العمل العامل بسبب العامل القيام بأي عمل آخر خلاف عمله الأصلي([67])، ومن ذلك أيضا زعم رب العمل بأن فصله لعامله سندا لأحكام المادة (16/أ/ب) من قانون العمل بأن أسلوبه في التعامل مع الإدارة يتصف بعدم المسؤولية، وذلك بكتاب الفصل الصادر عنه الذي لا يشكل بينة صالحة للحكم، لأن أسلوب العامل للتعامل كما وصفه رب العمل حتى ولو صح لا يصلح سبب كافيا أو مبررا قانونيا لإنهاء خدمة العاملة لأنها ليست من الحالات المنصوص عليها في المادتين (16و17 ) من قانون العمل الأردني لسنة 1960 اللتين تجيز لرب العمل فصل العمال وبالتالي فإن الفصل في هذه الحالة يكون فصلا تعسفيا([68]).
الفصل الرابع

آثار الفصل التعسفي

قد يصدر الإنهاء من صاحب العمل، أو من العامل، ويترتب عليه آثاره، والتي سوف يتم معالجتها في هذا الفصل.
المبحث الأول

آثار الفصل التعسفي الصادر من صاحب العمل

يتبين من نص المادة (25) من قانون العمل الأردني، انها تنظم آثار الفصل التعسفي للعقد غير محدود المدة، لشموله بدل الإشعار ومكافأة نهاية الخدمة التي تصرف للعقد غير المحدد المدة، ولا تنطبق على العقد محدود المدة. فالمادة (16/أ) تتضمن الجزاء المترتب على صاحب العمل عند إنهاءه العقد محدود المدة انهاء غير مشروع قبل انتهاء مدته، وبالتالي يجب التفريق بين آثار الإنهاء غير المشروع في العقد محدود المدة، وغير محدود المدة([69]).

أ- إعادة العامل الى العمل في حالة العقد غير محدد المدة.

إذا أراد العامل العودة الى عمله بعد فصله تعسفيا، اشترط قانون العمل ان يقدم دعواه خلال ستين يوما من تاريخ فصله. حيث نصت المادة (25) من قانون العمل الأردني (إذا تبين للمحكمة المختصة في دعوى أقامها خلال ستين يوما من تاريخ فصله، أن الفصل كان تعسفيا) جاز لها إصدار أمر الى صاحب العمل، بإعادة العامل الى عمله الأصلي أو بدفع تعويضا له بالإضافة الى بدل الإشعار ومكافأة نهاية الخدمة، إن كان غير خاضع للضمان الاجتماعي.
وحسب رأي الدكتور أحمد أبو شنب، إنه يمكن للمحكمة أن تخير صاحب العمل بين التنفيذ العيني للعقد، وهو إعادة العامل لعمله، أو بين دفع التعويض والإستحقاقات الأخرى، وأنه من صلاحيتها إلزام صاحب العمل بإعادة العامل الى عمله في حال ثبوت الفصل التعسفي، وان عبارة النص تحتمل تخيير صاحب العمل بين الإعادة أو التعويض، وليس إلزامه بالإعادة.
ولكن استقر قضاء محكمة التمييز (على أنه لجواز أن تصدر محكمة الموضوع أمرها الى رب العمل بإعادة العامل الى عمله، يجب أن يتقدم بدعواه خلال ستين يوما من تاريخ الفصل، وإذا تراخى العامل عن تقديم دعواه خلال هذه المدة، فإنه يمتنع عن المحكمة بإعادته الى عمله، على أن من صلاحية محكمة الموضوع تقدير مسألة إصدار الأمر الى رب العمل بإعادة العامل أو الحكم بالتعويض، وفق مقتضيات الحال، وأن ذلك يقتضي من محكمة الموضوع ان تستجلي موقف رب العمل، وظروف العمل، قبل إصدار الأمر الى رب العمل، وليس صحيحا أن رب العمل هو صاحب الخيار بين إعادة العامل الى عمله أو دفع التعويض إذ أن تقرير ذلك يعود الى محكمة الموضوع)([70]).
ويلاحظ أن المشرع قدم الإعادة على التعويض، بحيث يحكم بها كل ما أمكن ذلك وحسب ظروف كل قضية([71]). والقانون المصري بين الفرق بين الإنهاء التعسفي بسبب النشاط النقابي للعامل، وبين غير ذلك من حالات الإنهاء التعسفي، فالمادة (66) من قانون العمل المصري، توجب على المحكمة أن تقضي بإعادة العامل الى عمله، إذا كان الفصل بسبب نشاطه النقابي، والإعادة تقتصر الى هذه الحالة فقط (ما لم يكتف العامل بطلب التعويض دون عودته للعمل)([72]). بالإضافة الى التعويض عن الضرر المادي الذي أصابه في الفترة الواقعة بين الإنهاء وإعادته لعمله، ولا يعتبر إعادته تعيينا جديدا وتعتبر مدة خدمته متصلة.
أما الإنهاء التعسفي في غير هذه الحالة، يقتصر على التعويض النقدي عن الضرر الذي لحق العامل من إنهاء عقده، بالإضافة إلى انه يتفق مع حرية العمل، وحسن التعاون بين العامل وصاحب العمل، والذي يتعارض مع فرض العامل على صاحب العمل وضرورة إعادته الى العمل، والحكمة من إعادة العامل إذا كان الفصل بسبب نشاطه النقابي لحماية الحرية النقابية، وكفالة النشاط النقابي المشروع.
ويجب وضع معيار بشأن إعادة العامل الى عمله الأصلي، فإذا كان حجم المنشأة كبير وعدد العمال كبير بحيث يقل الإحتكاك والتعامل بين صاحب العمل والعمال، ولا يتم الإشراف مباشرة على العمال من قبل صاحب العمل فلن يؤثر إعادة العامل الى عمله الأصلي على العلاقات من الناحية النفسية، أما إذا كان حجم المنشأة صغير وعدد العمال قليل فهناك إحراج ويلعب العامل النفسي دورا مهما في هذه الحالة وسوف يؤثر سلبا على العمال وصاحب العمل وبالتالي على الإنتاج والناحية الإقتصادية([73]).

ب- التعويض عن الفصل التعسفي للعامل بمقتضى عقد غير محدد المدة.

إن التعويض يجوز في حالتين إذا أقام العامل دعواه خلال ستين يوما أو بعد ستين يوما من تاريخ فصله من العمل. ويتضح من نص المادة (25) من قانون العمل الأردني حد أدنى وحد أقصى للتعويض الذي يستحقه العامل، بحيث لا يقل عن أجور ثلاثة أشهر ولا يزيد عن ستة أشهر، ويحتسب التعويض على أساس آخر أجر تقاضاه العامل، فللمحكمة الحكم بالتعويض بين هذين الحدين على ضوء الضرر الذي لحق العامل جراء فصله، وأيضا على ضوء جسامة التعسف من قبل صاحب العمل، مثل أن يكون الفصل لأسباب تافهة أثرت في نفس العامل تأثير بليغ فيقترب من الحد الأقصى حتى ولو وجد العامل عملا آخر مباشرة بعد فصله. جاء في قرار تمييزي (للمحكمة وفقا للمادة (25) من قانون العمل أن تحكم للعامل بتعويض لا يقل عن أجور ثلاثة شهور ولا يزيد عن ستة أشهر ويحسب التعويض على اساس آخر راتب تقاضاه العامل)([74]).
وجاء في قرار تمييزي آخر (أن مقدار التعويض عن الفصل التعسفي المنصوص إليه في المادة (25) من قانون العمل الأردني هو من اختصاص محكمة الموضوع، ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك طالما أن ما حكمت به المحكمة يقع بين الحدين الأعلى والأدنى المحددين بالمادة المذكورة أعلاه)([75]).
بالإضافة الى التعويض، يستحق العامل لبدل إشعار ومكافأة نهاية الخدمة، إذا لم يكن خاضعا للضمان الإجتماعي، والإستحقاقات الأخرى الممنوحة([76]) له بموجب الأنظمة الداخلية المقررة في المؤسسة، والتي تتعلق بصناديق الإدخار، أو التوفير، أو التقاعد، أو أي صندوق آخر. بينما في قانون العمل القديم كان تعويض الفصل التعسفي لا يتجاوز أجرة شهرين فالقانون الجديد حقق ميزة للعامل([77]).
وجاء في القانون المصري أنه إذا ثبت أن هناك تعسف في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة، فيكون على من ثبت التعسف في جانبه أن يعوض الطرف الآخر على ما لحقه من جراء هذا الإنهاء، فالتعويض عن الإنهاء التعسفي يتم بالنظر إلى الأضرار التي لحقت بالمضرور نتيجة هذا الإنهاء فيعوض المضرور عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ويأخذ بعين الإعتبار عند تقدير التعويض مدى وجود أو عدم وجود فرص عمل، ومدة التعطل، وسن العامل ويدخل بالتعويض الأضرار المادية والأدبية([78]).

ج- التعويض عن الإنهاء غير المشروع في حالة العقد محدد المدة.

بموجب المادة (26/أ) من قانون العمل الأردني فإن العامل يستحق الأجور التي تستحق حتى انتهاء المدة المتبقية من العقد، بالإضافة الى جميع الحقوق والمزايا التي ينص عليها العقد في حالة قيام صاحب العمل في إنهاء عمل العامل إنهاء غير مشروع قبل انتهاء مدة العقد، وإذا تضمن العقد شرط جزائي يلزم صاحب العمل بدفع مبلغ معين للعامل إذا فصله خلافا للقانون أو قبل انتهاء العقد، فصاحب العمل يلزم بتنفيذ الشرط الجزائي بالإضافة الى أجور باقي مدة العقد.
فقد جاء في قرار محكمة التمييز (إذا كان عقد العمل محدد المدة وقام رب العمل بإنهائه قبل انتهاء مدته، فيكون من حق العامل استيفاء جميع الحقوق والمزايا التي ينص عليها عقد العمل مضافا إليها أجور باقي مدة العقد عملا بالمادة (26) من قانون العمل الأردني)([79]).
وجاء أيضا في قرار تمييزي آخر (تقضي المادة (4/أ) من قانون العمل الأردني بأنه لا تؤثر أحكام قانون العمل على أي حق من حقوق التي يمنحها أي قانون آخر، أو عقد عمل، أو اتفاق، أو اقرار إذا كان يرتب للعامل حقوقا أفضل من الحقوق المقررة له بقانون العمل، فإذا تضمن العقد شرطا جزائيا في حال الفصل من العمل، فلا يتعارض مع احكام قانون العمل يكون بالتالي هذا الشرط نافذا بين الطرفين بالإضافة الى الحقوق التي رتبها قانون العمل، وحيث أنه ثبت للمحكمة أن المدعى عليها هي التي فصلت المدعية عن العمل بدون سبب مشروع وهي واقعة موضوعية من اختصاص محكمة الموضوع البت فيها دون رقابة عليها من محكمة التمييز فتستحق المدعية بالتالي المبلغ الوارد بالشرط الجزائي لعقد العمل([80]).
واعتبر القانون المصري أن التعويض النقدي هو الأصل في جزاء في الإنهاء بلا مبرر، لما في إعادة العامل المفصول من الإعتداء على الحرية الشخصية أو حرية العمل، ومن إرغام ينتفي معه حسن التعاون، فالمشرع المصري اعتمد على التعويض النقدي وحده باستثناء حالة فصل العامل بسبب نشاطه النقابي التي أوجب فيها إعادة العامل لعمله([81]).
ويرتبط استحقاق العامل بالتعويض بثبوت الضرر، ويقدر التعويض تأسيسا على مقدار الضرر حسب القواعد العامة من المادة (221) مدني (إذا لم يكن التعويض مقدرا بالعقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالإلتزام)([82]). وإذا كان الإنهاء من جانب العامل فيعوض صاحب العمل عما لحقه من جراء إنهاء العقد قبل المدة المحددة لإنهائه([83]). وقد يتفق الطرفان على التعويض المستحق لدى انتهاء العقد ضمن ما يسمى بالشرط الجزائي، إذا لم ينفذ صاحب العمل أو أنهاه قبل انقضاء المدة، ويجب أن يراعى في تقدير التعويض مدة الفصل ومدة التعطل وإضطراب معيشة العامل.
وبالنسبة للقانون اللبناني إذا قام أحد الطرفين في إنهاء العقد قبل نهاية مدته فإنه يلزم بالتعويض، وبذلك يلزم رب العمل بالتعويض إذا كان الإنهاء من جانبه، ويشمل التعويض الأضرار الأدبية وأجور المدة الباقية من العقد ولابد من توافر الضرر، فإذا انتفى الضرر، كإيجاد العامل لعمل آخر([84]) والتحق به خلال المدة الباقية من العقد، فإن العامل يفقد حقه في الحصول على اجر باقي مدة العقد.
المبحث الثاني

آثار الإنهاء للعقد من قبل العامل إذا كان الإنهاء غير مشروع

بموجب نص المادة (26/ب) من قانون العمل الأردني في العقد محدد المدة، إذا قام العامل بإنهاء العقد محدد المدة بسبب خارج عن الحالات المنصوص عليها في المادة (29) جاز لصاحب العمل مطالبته بما ينشأ عن هذا الإنهاء من عطل وضرر يعود تقديره الى المحكمة المختصة، على أن لا يتجاوز ما يحكم به على العامل أجر نصف شهر عن كل شهر من المدة المتبقية في العقد، فالعبرة في تقدير التعويض الضرر الذي يلحق صاحب العمل جراء ترك العامل عمله بصورة غير مشروعة، وإذا وجد صاحب العمل عاملا مناسبا فور ترك العامل لعمله فلا يحكم له بأي تعويض.
وبالنسبة للعقد غير محدد المدة فلم ينص قانون العمل الأردني على التعويض المستحق لصاحب العمل في حالة ترك العامل العمل دون إشعار خارج الحالات الواردة في المادة (29) من القانون، وبما أن القانون نص على حق الطرفين في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بشرط إشعار الطرف الآخر، أو بدون إشعار حس المواد (28) (29). فيستحق صاحب العمل بدل إشعار، ويستدل ذلك من نص المادة (23/د) التي تعطي الحق لصاحب العمل بتفويض يعادل أجر العامل عن المدة المتبقية من مدة الإشعار، إذا ترك العامل العمل قبل انتهاء مدة الإشعار التي قدمه، أي إذا ترك العمل دون سبب، خارج المادة (29)، ودون إشعار، فمن باب أولى أن يستحق صاحب العمل بدل إشعار([85]).
المبحث الثالث

آثار الإنهاء للعقد من قبل العامل في حالة

ما إذا كان ذلك نتيجة تصرفات صاحب العمل بحقه
عندما يقوم صاحب العمل بتصرفات غير مشروعة تجاه العامل تدفعه لترك العمل بحيث يظهر أن العامل ترك العمل، حيث اعتبر المشرع والقضاء المصري أن العبرة في حقيقة الواقع وليس بظاهر الأمور، واعتبرها تطبيق للفصل التعسفي حيث اتجهت نية صاحب العمل الإضرار بالعامل بتصرفاته غير المشروعة باتجاهه ودفعه للترك، وقانون العمل الأردني نص في المادة (29) على حق العامل بترك العمل دون اشعار مع الإحتفاظ بحقوقه القانونية، واعتبر ترك العامل العمل لسوء تصرفات صاحب العمل فصل تعسفي غير مباشر من قبل صاحب العمل، ونصت المادة رقم (26/أ) إذا ترك العامل في العقد محدود المدة العمل بالإستناد الى المادة (29) يحق له الحصول على أجور المدة المتبقية وجميع الحقوق والمزايا التي ينص عليها العقد.
وبالنسبة للعقد غير محدد المدة، إذا ترك العامل العمل بموجب مادة (29) فإنه يستحق مكافأة نهاية الخدمة وبدل إشعار، وما يترتب له من تعويض العطل والضرر، ولا يستحق تعويض الفصل التعسفي حسب نص المادة (25) من قانون العمل الأردني لعدم وجود نص قانوني بذلك ويقدر التعويض حسب الضرر الذي أصاب العامل جراء تركه للعمل.
الخاتمة
من خلال دراسة موضوع هذا البحث، وعرض لفصوله نجد أن القانون الأردني الجديد حدد حالات إنهاء العقد غير محدد المدة، ومحدود المدة من قبل العامل أو صاحب العامل.
ومع أن القانون لم ينص صراحة على تعريف الفصل التعسفي ولكن نستنتج أن الفصل يكون تعسفي إذا كان إنهاء العقد غير محدود المدة بدون مبرر مشروع، وأن معيار الفصل التعسفي هو كل إنهاء يقوم به صاحب العمل بدون إشعار، وخارج الحالات التي ينص عليها قانون العمل، وأن المشرع حظر فصل العامل في حالات معينة، نصت عليها المادة (27).
ومن خلال استعراض التطبيقات التشريعية للفصل التعسفي، نجد انه قد يلجأ صاحب العمل بتصرفات غير مشروعة تجاه العامل لترك العمل بحيث يظهر أن العامل ترك العمل، والقانون الأردني لم ينص صراحة على هذه الحالة، ولكنه نص في المادة (29) على حق العامل في ترك العمل دون إشعار بسبب سوء تصرفات صاحب العمل مع الإحتفاظ في حقوقه القانونية، واعتبرها حالة من حالات الفصل التعسفي أو هي فصل تعسفي غير مباشر من قبل صاحب العمل. وكنت أتمنى على المشرع أن يرتب على مثل هذه الحالات إعطاء العامل بدل إشعار وتعويض الفصل التعسفي ويجب وضع معيار بحالة إعادة العامل الى عمله. بالإضافة الى الشرط الذي نصت عليه المادة (25) بأن يرفع العامل الدعوى خلال ستين يوما من تاريخ فصله، فيجب أن تعتمد إعادة العامل الى عمله، من حيث صغر حجم المنشأة أو كبرها.
وعلى صاحب العمل إثبات صحة قراره بالفصل، دون إفتراض لصحة هذا القرار ووضع القضاء الأردني على العامل إثبات التعسف فيه، وإذا لم يقدم صاحب العمل ما يثبت أن إنهاء عمل العامل كان لأسباب مبررة فيكون فصله من العمل تعسفيا موجبا للتعويض.
المراجع
أولا: الكتب القانونية.
1. الدكتور أحمد أبو شنب / شرح قانون العمل الأردني / مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع / عمان / سنة 1998.
2. الدكتور توفيق حسن فرج / قانون العمل في القانون اللبناني والقانون المصري الجديد / الدار الجامعية / سنة 1998.
3. الدكتور حسن كيره / أصول قانون العمل (عقد العمل) / الطبعة الثانية / كلية الحقوق / جامعة الإسكندرية / سنة 1983.
4. الدكتور عبدالواحد كرم / قانون العمل في التشريع الأردني / الطبعة الأولى / مكتبة دار الثقافة / عمان / سنة 1998.
5. الدكتور منصور العتوم / شرح قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996/ دراسة مقارنة الطبعة الأولى / سنة 1996.
6. الدكتور منصور العتوم / محاضرات ألقيت على طلبة الحقوق في جامعة عمان الأهلية (غير منشورة).
7. الدكتور منصور العتوم / شرح قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 / الطبعة الثانية / سنة 1999.
8. الدكتور محمد مطر / أساسيات قضايا عقد العمل الفردي (لبنان) / الدار الجامعية / سنة 1989.
9. الدكتور محمد محمود زهران / قانون العمل (عقد العمل الفردي) القانون 137 لسنة 1981 ومشروع القانون الجديد فقها وقضاء / دار المطبوعات الجامعية / الإسكندرية / 1997-1998.
10. الدكتور هشام رفعت هاشم / شرح قانون العمل الأردني / سنة 1990.
11. الدكتور همام محمد محمود / قانون العمل (عقد العمل الفردي) / سنة 1987.
ثانيا: التشريعات.
1. مجلة نقابة المحامين الأردنيين فيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بالفصل التعسفي.
2. قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996.
3. قرارات تمييزية في القضاء الأردني.
12.
[1] الدكتور حسن كيره، أصول قانون العمل (عقد العمل) الطبعة الثالثة، كلية الحقوق، جامعة الاسكندرية لسنة 1983، ص771.
[2] همام محمد محمود، قانون العمل (عقد العمل الفردي) سنة 1987، ص 497.
[3] همام محمد محمود، المرجع السابق، ص 489-500.
[4] تمييز حقوق رقم 1142/99 العددان الثالث والرابع، سنة 2000، ص967.
[5] همام محمد محمود، المرجع السابق، ص 506 – 507.
[6] الدكتور محمد مطر، أساسيات قضايا عقد العمل الفردي (لبنان) / الدار الجامعية، سنة 1989، ص 241-243.
[7] تمييز حقوق رقم 1067/99 العددين الأول والثاني سنة 200، ص333.
[8] تمييز حقوق رقم 2034/98 العدد الخامس سنة 1999، ص1354.
[9] همام محمد محمود، المرجع السابق، ص520.
[10] الدكتور حسن كيره المرجع السابق، ص773.
[11] همام محمد محمود، المرجع السابق، ص520.
[12] الدكتور منصور العتوم، شرح قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، ص148.
[13] الدكتور احمد ابو شنب، شرح قانون العمل الأردني، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان لسنة 1998، ص231.
[14] الدكتور منصور العتوم، المرجع السابق، ص 148-149.
[15] قرار محكمة التمييز رقم 142/99، العددان الثالث والرابع، لسنة 2000، ص916.
[16] الدكتور احمد ابو شنب، المرجع السابق، ص232.
[17] الدكتور منصور العتوم، المرجع السابق، ص150.
[18] الدكتور توفيق حسن فرج، قانون العمل الأردني في الدعاوى العمالية، عمان، ص62-91 لسنة 1992.
[19] الدكتور منصور العتوم، المرجع السابق، ص150.
[20] الدكتور توفيق حسن فرج، المرجع السابق، ص314 – 315.
[21] قرار محكمة التمييز رقم 1947/98، العدد الخامس، لسنة 1999، ص1260.
[22] الدكتور منصور العتوم، المرجع السابق، ص151.
[23] الدكتور هشام رفعت هاشم، شرح قانون العمل الأردني، لسنة 1990، ص299.
[24] تمييز حقوق رقم 348/73، ص852 من مجلة نقابة المحامين.
[25] الدكتور هشام رفعت هاشم، المرجع السابق، ص297.
[26] الدكتور احمد ابو شنب، المصدر السابق ص239.
[27] الدكتور هشام رفعت هاشم، المرجع السابق، ص294.
[28] تمييز حقوق رقم 336/68، ص1001 لسنة 1968.
[29] الدكتور احمد ابو شنب، المرجع السابق، ص240.
[30] الدكتور حسن كيره، المرجع السابق، ص704.
[31] قرار تمييز رقم 547/99/2000، ص1755، العددين الأول والثاني لسنة 2000، ص454.
[32] قرار محكمة التمييز رقم 1869/99، العددين الخامس والسادس لسنة 2000، ص1755.
[33] قرار تمييز رقم 215/99، العددين الخامس والسادس لسنة 2000، ص1793.
[34] الدكتور عبد الواحد كرم، قانون العمل الأردني في التشريع الأردني، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة، عمان، لسنة 1998، ص195-196.
[35] الدكتور أحمد ابو شنب، المرجع السابق، ص242.
[36] تمييز حقوق رقم 1059/99، العددين الأول والثاني لسنة 2000، ص527.
[37] الدكتور منصور العتوم، المرجع السابق، ص153.
[38] الدكتور احمد ابو شنب، المرجع السابق، ص242.
[39] الدكتور عبد الواحد كرم، المرجع السابق، ص192.
[40] تمييز حقوق رقم 37/92، لسنة 94، ص1557.
[41] الدكتور عبد الواحد كرم، المرجع السابق، ص194.
[42] الدكتور أحمد ابو شنب، المرجع السابق، ص245.
[43] قرار محكمة التمييز، رقم 315/67، مجلة نقابة المحاميين، 1967، ص1238.
[44] الدكتور منصور العتوم، المرجع السابق، ص155.
[45] الدكتور محمد محمود زهران، قانون العمل (عقد العمل الفردي) قانون رقم 137 لسنة 1981، ومشروع القانون الجديد فقها وقضاء، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1997-1998، ص842.
[46] الدكتور محمد محمود زهران، المرجع السابق، ص842.
[47] الدكتور حسن كيره، المرجع السابق، ص870.
[48] الدكتور أحمد ابو شنب، المرجع السابق، ص262.
[49] تمييز حقوق رقم 173/83 منشور في مجلة نقابة المحامين لسنة 1983، ص854.
[50] تمييز حقوق رقم 1439/99 العددين الثالث والرابع سنة 2000، ص939.
[51] الدكتور محمد محمود زهران ، المرجع السابق ، ص 851.
[52] الدكتور محمد محمود زهران، المرجع السابق، ص864.
[53] الدكتور أحمد ابو شنب، المرجع السابق، ص251.
[54] الدكتور أحمد ابو شنب، المرجع السابق، ص251.
[55] الدكتور أحمد ابو شنب، المرجع السابق، ص252.
[56] الدكتور حسن كيره، المرجع السابق ص805.
[57] حكم المحكمة الابتدائية 29 مايو 1955، الدكتور حسن كيره، ص806-807.
[58] شؤون عمال الإسكندرية، أول أكتوبر 1957، الدكتور حسن كيره، ص807.
[59] القاهرة الإبتدائية 20 مارس 1956 و 10 فبراير 1960، الدكتور حسن كيره ص807.
[60] العمال الجزائية بالإسكندرية 29 اكتوبر 1957، الدكتور حسن كيره، ص807.
[61] القاهرة الابتدائية 25 مايو 1954، الدكتور حسن كيره، ص807.
[62] الجيزة الابتدائية 17 اكتوبر 1954، الدكتور حسن كيره، ص807.
[63] القاهرة الابتدائية 24 ابريل 1954، الدكتور حسن كيره، ص808.
[64] القاهرة الابتدائية 16 نوفمبر 1957، الدكتور حسن كيره، ص808.
[65] استئناف القاهرة 7 مايو 1957، الدكتور حسن كيره، ص808.
[66] الدكتور حسن كيره، ص806.
[67] حكم محكمة التمييز الأردنية رقم 568/87 منشور في مجلة نقابة المحامين لسنة 1988، ص189.
[68] حكم محكمة التمييز الأردنية رقم 1057/88 مجلة نقابة المحاميين سنة 1990، ص1867.
[69] الدكتور أحمد ابو شنب، المرجع السابق، ص258.
[70] تمييز حقوق رقم 299/99 مجلة النقابة العددين الثالث والرابع لسنة 2000، ص933.
[71] الدكتور منصور العتوم، شرح قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996، الطبعة الثانية، سنة 1999، ص149.
[72] الدكتور محمد محمود زهران، المرجع السابق، ص870.
[73] الدكتور منصور العتوم، محاضرات ألقيت على طلبة الحقوق في جامعة عمان الأهلية.
[74] تمييز حقوق رقم 1142/99، العددين الثالث والرابع لسنة 2000، ص967.
[75] تمييز حقوق رقم 1956/99، العددين السابع والثامن لسنة 1999، ص2380.
[76] الدكتور عبد الواحد كرم، الكرجع السابق، ص197.
[77] الدكتور أحمد أبو شنب، المرجع السابق، ص260.
[78] الدكتور توفيق حسن فرج، المرجع السابق، ص452-453.
[79] تمييز حقوق رقم 1956/99، العددين الخامس والسادس، لسنة 2000، ص1759.
[80] تمييز حقوق رقم 978/98، العددين التاسع والعاشر، لسنة 99، ص3102.
[81] الدكتور حسن كيره، المرجع السابق، ص817-818.
[82] الدكتور محمد محمود زهران، المرجع السابق، ص873.
[83] الدكتور توفيق حسن فرج، المرجع السابق، ص433.
[84] الدكتور توفيق حسن فرج، المرجع السابق، ص432.
[85] الدكتور أحمد ابو شنب، المرجع السابق، ص 263-264.

0 تعليق:

إرسال تعليق