من إعداد الطالبة
القاضية: مالكي روزة
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة العدل
المدرسة العليا للقضاء
الموضوع: الطلبات الأصلية و الطلبات العارضة
مذكرة التخرج لنيل شهادة المدرسة العليا للقضاء
إعداد الطالبة القاضية:
- مالكي روزة
مدة التكوين : 2005/2008
مقدمة:
ينشأ النزاع في الحياة العملية نتيجة تعارض المصالح الذاتية و فشل الجهود الفردية الودية في حل النزاع سلما بين الأطراف، و يمنع على الشخص أن يقتضي حقه بنفسه، فكان لا بد اللجوء إلى القضاء لحلها
.
.
فلكل شخص حق في ذلك لطرح النزاع عليه و هو منصوص عليه في الدستور و ترك القانون مهمة تنظيمه، فكل صاحب حق الحق في الدعوى القضائية لحماية حقه و رد الاعتداء عليه أو المطالبة يجبر الضرر الذي أصابه. وهو الذي يثبت كقاعدة عامة لصاحب الحق الموضوعي المعرض للاعتداء عليه أو الذي اعتدى عليه فهو ينشأ في الحياة القانونية قبل استعماله من قبل صاحبه و به يستطيع الشخص اللجوء إلى القضاء باستخدام أدوات إجرائية و هي الطلبات التي تمثل الوجه الإيجابي له و التي قد تكون أصلية أو عارضة أو بواسطة الدفوع الذي يمثل الوجه السلبي لهذا الحق.
إن الحق في الدعوى يعتبر حقا إجرائيا يقوم جنبا إلى جنب مع الحق الموضوعي محل الحماية. و الأصل أن لكل صاحب حق دعوى تحميه فلا توجد دعوى بدون حق ، و من يريد استخدامه يتبع الشكل الذي حدده القانون لأن هذا الأخير يمنح الأطراف مكنات قانونية أي سلطات محددة لها هدف محدد و ليس لهم أية وسيلة أخرى لممارسته. و إلا يكون الإجراء الصادر منهم غير مقبول و باطل لأنه لم يرد في الشكل المحدد في القانون.
وبالتالي فالدعوى هي وسيلة اللجوء إلى القضاء لمطالبة الحقوق و التي ترفع بإبداع عريضة مكتوبة من المدعي لدى أمانة ضبط المحكمة طبقا لنص المادة 12 من قانون الإجراءات المدنية و التي نصت "ترفع الدعوى إلى المحكمة إما بإيداع عريضة مكتوبة من المدعي أو وكيله ومؤرخة وموقعة منه لدى مكتب الضبط... " فهي تتضمن على طلبات يقدمها المدعي و ما يسمى بالطلبات الأصلية.
فالسؤال المطروح ما هي الطلبات الأصلية و إجراءات تقديمها و آثارها و العناصر التي تتكون منها؟
ولما يتقدم المدعي بإدعائه أمام القضاء عن طريق الطلب الأصلي فهل يكتفي بشرح طلبه أو يمكنه إضافة طلبات أخرى أو يتراجع عنها؟ و هل يمكن للمدعي عليه تقديم طلبات خاصة به؟ فهذه الأسئلة نتم بالإجابة عليها من خلال نظام الطلبات العارضة. فما هو مفهومها أو إجراءات تقديمها وأنواعها؟ وما يميزها عن الطلبات الأصلية؟
وهذا ما سوف تتم دراسته في الفصل الأول والذي نتناول فيه طلبات الأصلية وفي الفصل الثاني طلبات العارضة.
الفصل الأول : الطلبات القضائية الأصلية
إن الطلب القضائي هو ذلك الإجراء الذي يتقدم به الشخص إلى القضاء ليعرض ما يدعيه و يطلب الحكم له به، على خصمه و بالتالي إذا استجيب له أدى إلى ذلك، فلما كان الطلب هو وسيلة لاستعمال الدعوى فلا يقبل إلا إذا توافرت فيه شروط قبول الدعوى، و فضلا عن ذلك تجد أن المشروع قد يحدد مواعيد أو شروط لإبداء هذه الطلبات أثناء نظر الدعوى. (1)
بصفة عامة فهو أداة إجرائية تحمل الادعاء أمام القضاء استعمالا للحق في الدعوى (2). ويتكون من العناصر التالية وهي:
بالنسبة للعناصر الموضوعية: يقصد بها الإدلاء بمجموع الوقائع المكونة للنزاع من صاحب الطلب القضائي الذي يسمى . الطالب و يقصد به المدعي.
و هذه الوقائع هي التي تكون محلا للإثبات عند قبول الطلب. و كما لها سبب يقوم عليه و موضوع أو هدف يرمي إليه.
و بالنسبة للعناصر الشخصية : فلهذا الطلب شخص يقدمه أو يقدم باسمه.
و بالنسبة للعناصر الشكلية: تتمثل في الرسوم، المرافعات، عدد النسخ، رقم الدعوى، تاريخ قيدها في الجدول، تحديد الجلسة و تسليمها إلى المحضرين لإجراء الإعلان بالطلب قبل الجلسة.
يحمل الادعاء أي العناصر المادية المكونة لأساس الوقائع المولودة للحق المطالب به إلى ساحة القضاء.
و هذا الطلب القضائي على أنواع فالذي يقدم لأول مرة إلى المحكمة يسمى الطلب القضائي الأصلي أو المقترح للخصومة، و كما هناك طلبات لا تفتح بها خصومة لأول وهلة بل في مراحل تالية و تسمى بالطلبات العارضة. (3)
فالسؤال المطروح ما هو الطلبات الأصلية و إجراءات تقديمها وما يميزها عن الطلبات العارضة وآثارها؟
المبحث الأول: مفهوم الطلبات الأصلية
يحدد الطلب نطاق الخصومة من حيث موضوعها و سببها و أطرافها التي تحدد أصلا بالطلب الأصلي و تقدر قيمة الدعوى بقيمته و ملحقاته و توابعه مما يحدد اختصاص المحكمة النهائي. غير أن هذا الطلب الأصلي قد لا يثبت من خلال ما يعتري الدعوى من طلبات طارئة يترتب عليها توسيع أو تضييق نطاق الدعوى.
لذلك فان الطلبات تقسم إلى طلبات أصلية و طلبات طارئة أو عارضة. (4)
(1) د/ أحمد أبو الوفا، المرافعات المدنية و التجارية، الطبعة 15 ،الإسكندرية،1990، ص 183.
(2) أ/زودة عمر، محاضرات ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة 16.
(3) د ا نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في قانون المرافعات المدنية و التجارية، ص286، ص287.
(4) د/ سليمان بارش، شرح قانون الإجراءات المدنية الجزائري ، الجزء الأول، الخصومة القضائية أمام المحكمة، دار الهدى ص 108
المطلب الأول: تعريف و إجراءات تقديم والفصل في الطلبات الأصلية:
إن الطلب القضائي كما سبق ذكره هو على أنواع طلبات أصلية، و طلبات عارضة أو طارئة في هذا المطلب تقوم بتعريف الطلبات الأصلية و إجراءات تقديمها.
الفرع الأول: تعريف الطلبات الأصلية:
هي الطلبات المفتتحة للخصومة يقدمها المدعي بالحق و التي يترتب عليها افتتاح الخصومة القضائية و يتحدد نطاقها بها (1)..
فهو الطلب الذي تنشأ به خصومة جديدة و يرفع بعريضة افتتاحية يودعها المدعي لدى أمانة ضبط المحكمة. (2) ولقبول هذا الطلب الأصلي يجب توافر شروط الصلاحية في مقدمه و ارتباطه بالحق المراد حمايته و تم تقديمه وفقا للإجراءات و المواعيد المقررة وبالتالي يتقدم المدعي بهذه العريضة ويدفع الرسوم، وفي هذه المرحلة لا يتصل بالقاضي ولا يراه فإن هذا الطلب القضائي الأصلي يقدم إلى المحكمة مرفقا به عدد من الصور بحسب عدد الخصوم. وجرت العادة أن يقوم المدعي بتوكيل محامي لمباشرة الإجراءات القضائية نيابة عنه وهذا الأخير هو الذي يحدد الطلب الأصلي المفتتح للخصوم. (3)
بالتالي الطلب القضائي الأصلي يحدد الإطار العام الأولي للدعوى و الخصومة الناشئة عنها. ولكن كل ذلك يرد عليه التعديل و التبديل أثناء حياة الخصومة، فكل منهما ظاهرتان إجرائيتان متحركتان لهما ديناميكية خاصة بهما نظمها جميعا المشرع الإجرائي ووضع عناصر حركتها في الإجراءات.
و لم يترك للإرادة المتفردة إلا نطاق ضئيل في هجر الخصومة، التنازل عن آثارها، مخالفة قواعد الاختصاص المحلي، أما عدا ذلك فكل شيء محدد طوال حياة الدعوى كمنظومة إجرائية.
كما هناك طلبات لا تفتح بها خصومة لأول مرة بل في مراحل تالية، و بعد ان يرفع هذا الطلب يتم إعلانه إلى الخصم الآخر سواء كان واحد أو أكثر. و منه كأن المدعي في ممارسته لحقه في الدعوى عن طريق الطلب القضائي الأصلي يكون قد مارس حقا إراديا يفرض على الخصم الآخر، اتخاذ ما يلزم لحماية حقوقه، و يسمى المدعي عليه، فهذا الأخير يمارس حقه في دعواه القضائية عن طريق تقديم طلبات قضائية تسمى طلبات مقابلة كما له أن يمارس حقه في الدفوع عن طريق استعمال مختلف الدفوع الموضوعية و الإجرائية. (4)
و بالتالي يحدد الطلب الأصلي نطاق الخصومة من جهة موضوعها و سببها و أطرافها.
(1) د / سليمان بارش، المرجع السابق، ص 108 .
(2) د/ أحمد أبو الوفا، المرجع السابق ، ص186.
(3) د/نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، الطبعة الأولى، 1997، ص 266، ص 267.
(4) د انبيل اسماعيل عمر، المرجع السابق ، ص288.
الفرع الثاني : إجراءات تقديمها و الفصل فيها:
إن الطلب القضائي الأصلي يرفع عن طريق عريضة افتتاحية يودعها المدعي لدى أمانة ضبط المحكمة و يقوم عن طريق المحضر القضائي بالتكليف بالحضور للمدعي عليه. فبه يتحدد نطاق الخصومة. حيث يلتزم المدعي بالسير في هذه الدعوى إلى غاية الفصل في موضوعها، فلا يمكن له التنازل عنها إلا بموافقة المدعي عليه و يلتزم القاضي بالتحقيق و الفصل فيها دون زيادة أو نقصان و إلا يعتبر منكرا للعدالة فيمكنه عدم الالتزام بالفصل فيها و ذلك بحكمه ببطلان إجراءاتها أو بعدم قبولها.
ومنه ترفع الطلبات الأصلية بورقة تسمى «صحيفة أو عريضة افتتاح الدعوى أورقة التكليف بالحضور يحررها المدعي بنفسه أو بواسطة محاميه ويستلزم القانون أن تشتمل على بيانات معينة لكونها تفتح الخصومة وأنها تكليف للمدعى عليه على يد محضر قضائي ومتى تم تحرير الصحيفة على النحو الذي يطلبه القانون وفيها بيانات محددة والذي ألزم الخصوم أن يشتمل طلبهم عليها وجب التقدم بها إلى قلم كتاب المحكمة لقيدها في سجل القضايا هذه المحكمة مع أداء الرسوم القضائية وإرفاق للمستندات. (1)
و يجب أن تقدم إلى محكمة مختصة بها من جميع الأوجه. (2) و تنتهي بصدور الحكم فيها.
فيجوز تعديل الطلبات الأصلية و كذلك نطاق الخصومة بإبداء طلبات عارضة متى كانت متصلة و مرتبطة بالطلب الأصلي و هذا ما سوف نراه في الفصل الثاني. (3)
فالعريضة المفتتحة للخصومة يمكن أن تتضمن عدة طلبات مثل: طلب المدعي فسخ العقد، طلب استرداد ما دفعه و تعويضه عما لحقه من ضرر و ما فاته من سبب (4)
فالطلبات الأصلية تلتزم المحكمة الفصل فيها، أما الطلبات الاحتياطية لا يلتزم بذلك سوى في حالة رفض الطلب الأصلي.
مثال: فالمدعي قد يدلي في ختام إدعاءه مطالبا الحكم بتنفيذ عقده، و التعويض عن التأخير و ذلك بصفة أصلية، ثم في ذات الطلب يدلي بآخر طلب احتياطي و هو الحكم بفسخ العقد و التعويض، فالهدف هو اقتصاد في الوقت و الإجراءات.
لأنه لو رفع طلب يتضمن ادعاء واحد ثم رفض طلبه، فعليه رفع الدعوى من جديد تتضمن ا؛لإدعاء الآخر فهنا وبالتالي نفقات هائلة ووقت طويل ضائع في إجراءات رفع الدعوى فالأجدر رفع الطلبات الأصلية والاحتياطية معا.
(1) حدادي رشيدة، الطلبات العارضة والدعاوى الفرعية في قانون الاجراءات المدنية الجزائري، دار هومة، 2005، ص
(2) د/ أحمد السيد الصاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، الطبعة 1994 ، ص239
(3) أ/ مصطفى مجدي هرجة، الدفوع والطالبات العارضة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار محمود للنشر والتوزيع، الطبعة 1995، ص194.
(4) آ/بوبشر محند أمقران ، قانون الأجراءات المدنية، نظرية الدعوى، نظرية الخصومة، الأجراءات الإستثنائية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، طبعة 2000، ص120.
- فالمحكمة عندما تفصل في النزاع فهي تجيب المدعي إلى واحدة من طلباته فقط، فمنطقيا بتسجيل الإجابة إلى ادعاءاته الأصلية و الاحتياطية، فهي تبدأ بفحص الادعاء الأصلي.
- و إذا رفضت الطلب الأصلي انتقلت إلى الطلب الاحتياطي لنظره و الفصل فيه، فلا يجوز لها أن تنظر في الطلب الاحتياطي مباشرة لأنها إن فعلت تكون قد خالفت القانون و حكمت بما لم يطلبه الخصوم.
- فإذا تم استئناف الحكم الذي رفض الطلب الأصلي وقضى في الطلب الاحتياطي، و تم إلغاء الحكم الصادر في الطلب الاحتياطي فيعين على المحكمة الفصل في الطلب الأصلي لان المحكمة تكون قد استنفذت ولايتها بالنسبة للطلب الأصلي.
و العكس إذا تم الفصل في الطلب الأصلي وحده دون الطلب الاحتياطي، ثم حصل استئناف الحكم، فإذا القي المجلس هذا الحكم، فإنها لا تنتظر في الطلب الاحتياطي لان المحكمة لم تنفذ ولايتها بشأنه. فالمجلس لا يملك حق التصدي نجد مثلا مصر، أما المحكمة الاستئنافية الفرنسية تسمح التصدي لنظر الموضوع حتى و لم تستنفذ المحكمة ولايته بصدده. (1)
المطلب الثاني : خصائص الطلبات الأصلية و تمييزها عن الطلبات العارضة:
بعد أن تطرقنا في المطلب الأول لتعريف الطلب الأصلي و إجراءات تقديمه و الفصل فيه سوف نتعرض للمطلب الثاني و الذي ندرس فيه خصائص هذا الطلب و ما يميزه عن الطلب العارض كالآتي:
الفرع الأول: خصائص الطلبات الأصلية:
1- إن الطلب الأصلي هو أول طلب يقدم إلى القضاء و يتم التمهيد به لنشأة الخصومة القضائية التي تعتبر مجموعة من الأعمال الإجرائية تتخذ تمهيدا لإصدار حكم حاسم للنزاع. و لها الطلب طرفان، الأول يسمى المدعي و الثاني يسمى المدعي عليه أي لكل مطالبة قضائية يجب أن يظهر فيها خصمان يشكل كل منهما مركزا إجرائيا، مركز المدعي و مركز المدعي عليه، التي تنتقل من خصم لآخر طوال سير الخصومة بحسب الادعاءات الصادرة منها وقد يجمع الخصم أكثر من مركز.
2- و الطلب قد يشمل على ادعاء واحد أو على ادعاءات مرتبطة مثل: دفع الدين مع الفائدة، تسليم العقار مع الريع، أما إذا كانت الادعاءات الواردة في الطلب الأصلي متعددة و بينهما رابط و مقدمة من نفس الخصم إلى خصم آخر فلا يوجد ما يمنع بالاعتداء بها و تجمع و تقدر قيمتها بقيمة مجموعها إذا كان سببها واحد.
مثال : مطالبة المدعي بقيمة الدين و تعويض عن الضرر الناشئ عن عدم الوفاء و قيمة البضاعة فإذا لم يوجد لهذه الادعاءات سبب واحد فلا تجمع في طلب واحد و إنما يقدم كل منها بطلب مستقل.
(1) د/ نبيل اسماعيل عمر، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية، المرجع السابق، ص 291.
أما إذا تعدد المدعي عليهم و صدرت منهم عدة طلبات أو ادعاءات فإنها تقبل و تجمع إذا كانت موجهة إلى مدعي واحد و مبنية على سبب واحد. و عند انتقاء الرابطة أو السبب الواحد بين الادعاءات المختلفة فلا يجوز جمعها في طلب واحد بل ترفع بكل منها مطالبة مستقلة، فالقاضي لا يتقيد بطلبات أحد الأطراف دون الآخر وهذا ما أكدت عليه المحكمة العليا. (1)
3- الادعاء الوارد في الطلب القضائي يتعلق بمسألة متنازع عليها و يطلب من المحكمة الفصل فيها و أن ترد بصورة واضحة في خاتمة الادعاء أو المطالبة، فالعبرة بالطلبات الختامية.
4- يجب أن يرد في الطلب الأصلي بصورة واضحة خالية من التجهيل لأن ذلك سوف يؤدي إلى بطلان الطلب من حيث الشكل.
5- الطلب القضائي الأصلي لا يكون مقبولا إذا كان يهدف إلى طلب استشارة قانونية.
6- قد يقرر القانون أحيانا لصاحب الحق عدة دعاوى لحماية حقه، فهنا يثور التساؤل، إذا لصاحب الحق أن يستعمل هذه الدعاوي في وقت واحد أم على التوالي؟ فالواقع أن القانون قد ينظم ذلك مثل دعاوى الحيازة. (2)
و إذا لم يوجد هذا التنظيم القانوني فالمدعي يكون حرا في استخدام وسائل الحماية التي منحها له القانون، فيستعملها معا أو على التوالي.
7- باعتبار أن الطلب القضائي الأصلي هو أول طلب يقدم أمام القضاء يليه بعد ذلك طلبات تقدم من ذات المدعي تسمى بطلبات إضافية. كذلك المدعي عليه يبدي ما لديه من طلبات.
8- وكي يكون الطلب القضائي الأصلي صحيحا يجب أن يتكون من العنصر المادي الذي يمثل الادعاء بحق معين،و من العنصر الشكلي الذي يتكون من مجموعة البيانات التي يحددها القانون ، وبمجرد استعمال هذه الأداة بإيداعه لدى أمانة ضبط المحكمة يتولد عنه مركز قانوني إجرائي يسمى بالخصومة القضائية. (3) و الغير الذي يسمح له بالتدخل قد يقدم طلبات أجاز له القانون التقدم بها. و منه ما يقال عن الطلب القضائي الأصلي في هذا المجال يصدق على جميع الطلبات القضائية.
و الذي يتغير هو بعض الخصوصيات المتعلقة بالشخص الصادر منه الطلب القضائي الأصلي، و موضوعه و شروطه و ظروف تقديمه وهذا ما سوف نراه في حينه.
فبعد أن تم دراسة خصائص الطلب الأصلي، ما هو الشيء الذي يميزها عن الطلبات العارضة و هذا ما سنراه في الفرع الثاني.
(1) قرار المحكمة العليا، الفرقة التجارية والبحرية،تحت رقم 202397، الصادر بتاريخ 11/03/2003 ، أنظر الملاحق.
(2) د/د ا نبيل اسماعيل عمر، المرجع ، ص 325، 326، 327.
(3) أ/زودة عمر، المرجع السابق.
الفرع الثاني : تمييز الطلبات الأصلية عن الطلبات العارضة:
نتطرق في هذا الفرع إلى التمييز بين الطلبات الأصلية والطلبات العارضة لأن ذلك فيه أهمية كبيرة تظهر فيما يلي:
1- الاختصاص: في الطلب الأصلي يجب أن تراعى قواعد الاختصاص بجميع أنواعه، أما الطلب العارض يرفع إلى المحكمة المرفوع إليها الطلب الأصلي و لو لم تكن مختصة محليا بالطلب العارض لو رفع إليها كطلب أصلي.
2- حرية إبداء الطلب: الأصل أن المدعي حر في إبداء ما يشاء من طلبات أصلة، و لكن يقيد في إبداءه للطلبات العارضة لشرط الارتباط.
3- طريقة إبداء الطلب: تقدم الطلبات الأصلية بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوي، أما الطلبات العارضة فالقاعدة تقدم في شكل طلبات أصلية، إلا أنه يمكن أن تقدم في بعض الحالات شفويا في الجلسة. (1)
4- من حيث النطاق و تعديله: يحدد الطلب الأصلي نطاق الخصومة من جهة موضوعها و سببها و أطرافها، و تقدر قيمة الدعوى بقيمة الطلب الأصلي و ملحقاته و توابعه المستحقة يوم رفع الدعوى، و يفيد هذا التقدير لتعيين المحكمة المختصة اختصاصا نوعيا نظرا للدعوى و لمعرفة قابلية أو عدم قابلية الحكم الصادر فيها للاستئناف.
و يجوز تعديل نطاق الخصومة بإبداء طلبات عارضة متى كانت متصلة و مرتبطة بالطلب الأصلي.
5- من حيث الحكم: تفصل المحكمة في الطلب العارض و الطلب الأصلي معا مع بعض التوضيحات في هذا الجانب نتطرق إليه في أوانه. (2)
(1) د / أحمد أبو الوفا، مرجع سابق ص182
(2) د/ محمد محمود ابراهيم، النظرية العامة للطلبات للطالبات العارضة و الدعاوي الفرعية في قانون المرافعات على ضوء المنهج القضائي. دار الفكر العربي ص 3.
المطلب الثالث : آثار الطلبات الأصلية :
سبق لنا القول ان المدعي لا يجوز له أن يقتضي حقه بنفسه و لا بد له اللجوء الى القضاء و مباشرة الدعوى القضائية للمطالبة بحقه، و بالتالي فالخصومة هي حالة قانونية ترتب علاقة قانونية بين المدعي والمدعى عليه وعلاقة هؤلاء و الدولة ممثلة بالمحكمة المعروض عليها النزاع. (1) و يترتب عن تقديم الطلب إلى القضاء آثار متعددة تتعلق بعضها بالمحكمة، و بعضها الآخر بالعلاقة بين الخصوم، أي أن الطلب الأصلي يحكم تحديده لنطاق الخصومة القضائية ينتج آثار بالنسبة للجهة القضائية و بالنسبة للخصوم.
الفرع الأول: بالنسبة للمحكمة:
أ-يترتب عن تقديم الطلب القضائي الأصلي إلى محكمة مختصة نزع اختصاص الحكم من سائر المحاكم الأخرى، و بالتالي يعطي لها الاختصاص بنظره و البث فيه. فإذا رفع الطلب ذاته إلى محكمة أخرى و لو كانت غير مختصة جاز الدفع بإحالة الدعوى إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولا أي إذا كانت أكثر من محكمة مختصة فيترتب على الطالب أمام أحداها نزع الاختصاص عن باق المحاكم.
المادة 90 من قانون الإجراءات المدنية "إذا سبق تقديم طلب أمام محكمة أخرى في موضوع الدعوى نفسه أو كان النزاع مرتبطا بقضية مطروحة فعلا أمام محكمة أخرى جاز إحالة الدعوى بناء على طلب الخصوم"
ب- يلتزم القاضي بالتحقيق و الفصل في الطلبات المقدمة إليه و إلا اعتبر منكرا للعدالة (2) بأية صورة ولو ببطلانه أو بعدم قبوله.
ج- يلتزم القاضي بحدود طلبات الخصوم من حيث الموضوع، فليس له الحكم بأكثر مما طلب و لا أن يغفل الفصل في بعض الطلبات، و إذا حدث ذلك فللمتضرر أن يطعن في الحكم الصادر.
- التماس بإعادة النظر طبقا لنص المادة 194 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص: (إن الأحكام الصادرة من المحاكم أو من المجالس التي لا تكون قابلة للطعن فيها بطريق المعارضة أو الاستئناف، يجوز التماس إعادة النظر فيها من جانب من كان طرفا فيها او ممن أبلغ قانونا بالحضور وذلك في الأحوال الآتية:
1- ...، 2- إذا حكم بما لم يطلب أو بأكثر مما طلب أو سها عن الفصل في أحد الطلبات... فتلتزم المحكمة بالفصل في الطلب دون زيادة). (3)
فالمحكمة و إن التزمت بالطلبات المقدمة إليها موضوعا و سببا فإنها تلتزم بتكييف الخصوم لها، و الأساس القانون الذي استندت إليه، و ذلك طبقا للقاعدة القاضي يعلم القانون. فالتكيف و اختيار القاعدة القانونية الواجبة التطبيق من اختصاص المحكمة و ذلك شأن التشخيص في الطب الذي يعد من اختصاص الطبيب لا يتقيد فيه برأي الطبيب أو اعتقاده. (4)
(1) د/ مفلح عواد القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2004، ص255
(2) د/ أحمد أبو الوف، المرجع السلبق، ص 182
(3) د/ أحمد هندي ، أصول المحاكمات المدنية والتجارية، دار الجامعية، بيروت 1989 ، ص192.
(4) د/ وجدي راغب، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات، الاسكندرية ص 461
الفرع الثاني: بالنسبة للخصوم:
إن الطلب الأصلي المرفوع إلى الجهة القضائية ينتج آثارا تخص الخصوم و موضوع الطلب و بالتالي يترتب على ذلك عدة آثار أساسها فكرة أن حقوق الخصم يجب ألا تتأثر بسبب تأخر الفصل في الموضوع نتيجة ما يثيره الخصم الآخر من نزاع و ما يقتضيه تحقيق الدعوى و الفصل فيها من وقت. فالمطالبة القضائية تعد عملا تحفظيا فيترتب عنها ما يلي:
أ- بالنسبة للمدعي:
إن الطلب الأصلي يتضمن تحديد لنطاق الخصومة من حيث موضوعها و سببها و أطرافها، و رغم هذا التحديد يمكن للمدعي عليه ترتيب أوجه دفاعه، إلا أنه يحق للمدعي تغيير نطاق طلبه بالزيادة أو بالنقصان بما يتفق و المعطيات اللاحقة على تحريك الخصومة. و بالتالي يترتب على رفع الدعوى نشأة الخصومة مما يجعل الحق متنازع فيه، و بالتالي تفتتح الخصومة و تنشأ مجموعة من الإجراءات التي تنتهي بحكم قضائي.
و تقدر قيمة الدعوى بقيمة الطلب الأصلي و ملحقاته و توابعه المقدرة القيمة المستحقة يوم رفع الدعوى، و هذا التقرير يفيد لتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى، و لمعرفة قابلية أو عدم قابلية الحكم الصادر فيها للاستئناف و مع ذلك يجوز تعديل الطلبات الأصلية و يكون تقدير قيمة الدعوى في هذا الصدد على أساس الطلبات المعدلة لأنها هي التي تعبر عن القيمة الحقيقية للدعوى، و يجوز تعديل نطاق الخصومة بلبداء طلبات طارئة متى كانت متصلة و مرتبطة بالطلب الأصلي.
ب- بالنسبة للمدعي عليه نجد أثرين:
1- يتعين على المدعي عليه الاستجابة للتكليف بالحضور لإبداء أوجه دفاعه، بما يجعل الخصومة حقا مشتركا بينهما تحت طائلة الحكم في غيبته غيابيا أو حضوريا فيلتزم المدعي بالسير فيها إلى أن تنتهي بالفصل في موضوعها دون النزول عنها إلا بموافقة المدعي عليه.
2- يحق للمدعي عليه التصدي لنطاق الطلب الأصلي بواسطة الدفع أو الطلب المقابل و يتعين على المحكمة البت فيه.
ج- بالنسبة للموضوع:
يترتب على تقديم الطلب الأصلي للمحكمة آثارا تتعلق بمحل النزاع، من ذلك:
1-تحديد نطاق الخصومة فالمطالبة القضائية، تحدد موضوع الخصومة محلا و سببا و أشخاصا بصورة أصلية، و تقدر قيمة الدعوى بقيمة الطلب الأصلي و ملحقاته مما يقيد تحديد نصاب الاختصاص(1)
2- قطع مدة التقادم السارية لمصلحة المدعى عليه المطالبة القضائية عليه حتى و لو رفعت إلى محكمة غير مختصة و لا يسري هذا التقادم طول مدة الخصومة و إنما تبدأ مدة تقادم جديدة منذ الحكم النهائي لصالح المدعي. أو قدمت من الخصم نفسه في الحالات التي يوجب فيها القانون التمثيل بمحامي: شريطة تصحيح هذا العيب عن طريق تأسيس محامي أثناء سير الدعوى وهذا ما نصت عليه المادة 317 من القانون المدني: (ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة بالتنبيه أو بالحجز، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليسة المدين أو في توزيع أو بأي عمل يقوم به الدائن أثناء المرافعة لإثبات حقه).
(1) د/ / مفلح عواد القضاة، المرجع السابق، ص 255، ص 256.
و هذا الأثر يزول بأثر رجعي إذا قضي ببطلان المطالبة القضائية، أو بعدم قبول الدعوى أو برفضها لعدم التأسيس، و كذا في حالة ترك الخصومة أو القضاء بسقوطها. و منه رفع الدعوى إلى القضاء يقطع التقادم و يمنع سقوط الحق بدليل أن المدعي لم يهمل حقه و لا يزال متمسكا به و مطالبا به.
3- يصبح الحق محل الدعوى متنازع فيه _م 400/2 من القانون المدني:".......يعتبر الحق متنازعا فيه إذا رفعت من أجله دعوى أو كان محل نزاع جوهري "
4- إعذار المدعي عليه و ما ينتج عنه من التزام بالتعويض عن التأخر في تنفيذ التزامه طبقا لنص المادة 180 قانون مدني: " يكون إعذار المدين بإنذاره، أو بما يقوم مقام الإنذار و يجوز أن يتم الاعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في هذا القانون، كما يجوز أن يكون مترتبا على إتفاق يقضي بأن الدين معذرا بمجرد حضور الأجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر"
5- التزام من تسلم غير المستحق برد الثمار من يوم رفع الدعوى وهذا ما تنص عليه المادة 147 / 3 قانون مدني: " و على أي حال يلزم من تسلم غير المستحق برد الثمرات من يوم رفع الدعوى"
6- يتحدد الاختصاص المحلي و الدولي بالنظر إلى حالة أطراف النزاع ( الموطن و الجنسية) يوم رفع الدعوى. و لذلك لا يقبل الدفع بعدم الاختصاص المحلي الذي يقدمه المدعي عليه إذا غير موطنه بعد رفع الدعوى. (1)
7- قطع سريان المواعيد المقررة لبعض الإجراءات و لو تم رفع الطلب الأصلي إلى محكمة غير مختصة.
8- سريان الفوائد من يوم رفع الطلب إلى الجهة القضائية و تمكين المدعي من ثمار العين ابتداء من تاريخ رفع الدعوى.
9- بدء سريان الفوائد التأخيرية إذا كان محل الإلتزام مبلغا من النقود و كان معلوم المقدار وقت الطلب و تأخر الدين في الوفاء به. كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض فوائد تأخير به، و تسرى هذه الفوائد في حق المدين من تاريخ رفع الدعوى أصلا.
10- وقف مواعيد السقوط: في الأحوال التي يحدد فيها القانون ميعادا معينا لإقامة الدعوى، فيترتب على إقامتها في ميعاد محدد وفق سريان هذا الأخير فيظل الميعاد موقوفا طالما بقيت الخصومة قائمة.
11- انتقال الحق الشخصي للورثة يترتب على المطالبة القضائية إمكان توارث الحقوق التي تتعلق بشخص المورث، فوفاة الشخص لا تنقضي الخصومة و إنما يحل الورثة محله فيها. (2)
وفي الأخير إن لكل مطالبة موضوع و سبب، و قد يتسع نطاقها ليضم طلبات جديدة و دفوع و أشخاص جدد (3).
(1) أ / بوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص 124.
(2) د/ أحمد هندي، المرجع السابق، ص 194.
(3) د/ نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية، المرجع السابق، ص 327.
و هذا ما سوف نراه من خلال دراسة البحث الثاني الذي سوف نتناول فيه عناصر الطلب القضائي الأصلي
بعد دراسة تعريف و خصائص و آثار الطلبات الأصلية في المبحث الأول من هذا الفصل نتطرق إلى المبحث الثاني لنتناول فيه عناصر هذا الطلب القضائي المتكونة من عنصر الأشخاص و عنصر الموضوع و عنصر السبب.
المبحث الثاني: عناصر الطلبات القضائية الأصلية:
إن الحق في الدعوى يستعمل بواسطة أداة فنية تسمى بالطلب القضائي الذي يتكون من مجموعة العناصر التي يجب على القاضي استخلاصها بطريقة صحيحة و بالتالي يتوصل استخلاص الوقائع المنتجة في الدعوى، بذلك يكون قد سار في الاتجاه الصحيح، و هذه العناصر تمثل الجانب الواقعي للدعوى في أية قضية يترتب استخلاص هذا الواقع استخلاصا صحيحا دون تغيير الواقع أو تحريفه الذي يتوقف عليه تطبيق القانون. فدراسة أي قضية دون الأخذ بعين الاعتبار لهذه العناصر تعد دراسة غير دقيقة و النتيجة المتوصل إليها عفوية.
و لذلك فالدراسة العملية هي التي تنطلق من تحديد عناصر الطلب القضائي الأصلي و من ثمة فالنتائج التي تتمخض عنها تكون صحيحة و مطابقة للقانون (1) لأن الدعوى الأصلية مبنية على العناصر الثلاثة بحيث لا يكتمل هذا البناء إلا باجتماعها. (2) وهذا ما أكدت عليه المحكمة العليا *
و بالتالي سوف ندرس هذه العناصر: الأشخاص، الموضوع و السبب من خلال المطالب الثلاثة التالية:
المطلب الأول : عنصر الأشخاص
إن بأشخاص الطلب القضائي الأصلي يقصد بهم الخصوم الذي يفترض وجودهم في كل طلب قضائي لأن صحة هذا الأخير يتوجب وجودهم من الناحية القانونية. و هذا الشخص قد يكون غير موجود و قد يكون موجود لكنه عاجز عن القيام بالأعمال القانونية لأنه لا يتمتع بالأهلية القانونية اللازمة.
و تبعا لذلك سأقسم هذا المطلب إلى فرعين: في الفرع الأول تعريف فكرة الخصم و في الفرع الثاني تحديد الأهلية القانونية اللازمة التي يجب توافرها لدى الخصم ليعتد القانون بوجوده.
الفرع الأول: تعريف فكرة الخصم:
فقرة أ: يتكون كل طلب قضائي يفترض من خصمين فالأول يقدم الطلب باسمه يسمى "المدعي". و الثاني الذي يوجه الطلب ضده يسمى "المدعي عليه".
و السؤال المطروح : هل يعد كل شخص يظهر على صعيد إجراءات الخصومة القضائية خصما أم يجب أن ينصرف مفهومه إلى الشخص الذي تتصرف إليه آثار الحكم حتى و لو لم يظهر على صعيد إجراءات الخصومة.
(1) الأستاذ زودة، محاضرات ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة 14.
(2) د/ محمد محمود إبراهيم، المرجع السابق، ص 7.
* قرار المحكمة العليا، تحت رقم 426329، الصادر بتاريخ 03-04-2001، انظر الملاحق.
فنجد اختلاف فقهي للإجابة على ذلك:
1- فهناك من يرى أن الخصم هو كل شخص يقدم الطلب باسمه أو في مواجهته فينطبق وصف الخصم على كل أطراف الخصومة الأصليتين و هم المدعي و المدعي عليه و على كل من يتدخل أو يختصم فيها(1)
2- في حين اتجه رأي آخر إلى تحديد فكرة الخصم يحصرها في الشخص الذي تسند إليه مباشرة إجراءات الخصومة و الآثار المترتبة عليه ففي رأيه الخصم نوعان:
- خصم كامل: و هو الشخص الذي يكون طرفا في خصومة يباشرها بنفسه و ليس من طرف ممثله الإجرائي و يعد طرفا في ذات الوقت في الدعوى و في الحق الموضوعي.
" الممثل الإجرائي هو ذلك الخصم الذي يباشر إجراءات الخصومة باسم الأصيل الذي قد يوجد في استحالة قانونية تمنعه من مباشرة الإجراءات بنفسه، مثل الولي، الوصي، القيم، ممثل الشركة و الوكيل عن الغائب"
- و خصم ناقص: و هو الخصم الذي لا تتوافر له العناصر و لا تسند له كافة الآثار و الحقوق و الواجبات الإجرائية المكونة له.
فالأستاذ زودة يؤيد الرأي الذي يربط فكرة الخصم في الدعوى بمن يقدم الطلب باسمه و لمن يوجه ضده فهو الذي يستقيم مع فكرة الخصومة القضائية باعتبارها مركزا إجرائيا مستقلا عن كل الحق الموضوعي و الحق في الدعوى.
- وبالتالي فالخصم الذي يقدم الطلب القضائي لا يعتبر طوال الإجراءات مدعيا بل قد يتغير الى مركز مدعي عليه و ذلك عندما يوجه له هذا الأخير طلب عارض أي أثناء سير الخصومة قد يصدر الطلب من المدعي عليه.
- و بالتالي إذا قام المدعي عليه الأصلي بإعادة السير في الدعوى فان مركزه القانوني لا يتغير باعتباره مدعي عليه ما دام لم يوجه إلى المدعي الأصلي أي طلب.
- على خلاف ما ذهبت إليه بعض الأحكام القضائية من اعتبار المدعي عليه إذا عجل السير في الدعوى الأصلي مرجعا أو مدع و هذا خطأ لأن الصحيح أن يبقى كل طرف محتفظا بمركزه القانوني، فلا يتغير هذا المركز إلا إذا بادر المدعى عليه تقديم طلب عارض فيتحول بالنسبة لهذا الطلب إلى مدع و المدعي الأصلي إلى مدع عليه. (2)
- و بالتالي هذه المراكز بين المدعي و المدعي عليه هي مراكز اجرائية ديناميكية متحركة لها آليات خاصة في الحركة تدور وجودا و عدما مع صدور الادعاء من أحد الخصوم، فيتبادلون شغل لهذه المراكز طوال حياة الخصومة. (3)
(1) د/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضائي المدني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص294.
(2) أ/ زودة عمر، المرجع السابق.
(3) د/ نبيل اسماعيل عمر، المرجع السابق، 289.
فقرة ب:
أ- الآثار القانونية لتحديد مركز الخصم:
يترتب على تحديد مركز الخصم مجموعة من الآثار القانونية تتعلق بالخصومة و اجراءاتها.
- يقع على عاتق المدعي عبء الإثبات
- سقوط الخصومة بعدم السير فيها من قبل المدعي.
- اختلاف قواعد الحضور و الغياب بالنسبة لكل من المدعي و المدعي عليه.
- تحديد اختصاص المحكمة محليا بموطن المدعي عليه فعلى أساس الطلب الأصلي يتحدد الاختصاص الوظيفي و النوعي و المحلي.
- قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة و دعوى الملكية يختلف أثرها بالنسبة للمدعي و المدعي عليه. (1)
بتقديم الطلب القضائي أثناء الخصومة ينشأ عنها مركز قانوني إجرائي يختلف عن المركز القانوني الموضوعي محل الحماية القضائية، فزوال المركز الإجرائي لا يؤدي إلى زوال المركز الموضوعي و لا يترتب على سقوط الخصومة سقوط الحق و هذا ما هو منصوص عليه بالمادة 222 من قانون الإجراءات المدنية " لا يترتب على سقوط الدعوى انقضاء الحق وإنما يؤدي فقط إلى إلغاء الإجراءات الحاصلة فيها بحيث لا يمكن على أي حال الاستناد إلى أي من إجراءت الدعوى الساقطة أو الاحتجاج به ."
ب- شروط الواجب توافرها في الخصم:
1- فالطرف في الطلب القضائي سواء شخص طبيعي أو اعتباري يتعين أن يكون له مصلحة في الادعاء المطروح أمام المحكمة فلا دعوى بلا مصلحة و هذه الأخيرة تكون قائمة و حالة، شخصية أو مباشرة. فالأصل هو وجوب رفع الدعوى أو الطلب الطعن أو الدفع من ذي صفة على ذي صفة، و إلا يكون غير مقبول طبقا لنص المادة 459 من قانون الاجراءات المدنية:( لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائزا لصفة وأهلية التقاضي وله مصلحة في ذلك...)
2- تعيين الخصوم تعيينا كافيا نافيا للجهالة مع مراعاة المواد 12، 13، 110 من قانون الاجراءات المدنية. (2) وهذا ما أكدت عليه المحكمة العليا. (3)
الفرع الثاني : تحديد فكرة الأهلية:
- و لكي يصبح الطلب القضائي صحيحا يستوجب القانون أن تتوافر في الخصم الأهلية اللازمة لصحة العمل الإجرائي، أي لا بد من الناحية القانونية و قدرته على مباشرة الأعمال القانونية الإجرائية أمام القضاء.
(1) د/نجيب ابراهيم سعد، القانون القضائي الخاص، ص 545 .
(2) د/ الغوثي بن ملحة، القانون القضائي الجزائري، الجزء الثاني، ص11 ، ومابعدها.
(3) - قرار المحكمة العليا، الفرقة المدنية، القسم الأول، تحت رقم 497 765، الصادر بتاريخ 6 ماي 1998،، أنظر الملاحق
والأهلية فيها أهلية الاختصام و الأهلية الإجرائية:
فقرة 1: أهلية الاختصام: فهي تعبير عن أهلية الوجوب في المجال الإجرائي، و يقصد بها و صلاحية الشخص بأن يتمتع بالحقوق و الواجبات، فالقاعدة كل شخص قانوني أهل لكي يكون خصما سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا و حين تنتفي الشخصية القانونية بوفاة الشخص الطبيعي أو حل الشخص المعنوي تنتفي أهلية الاختصام بالتالي تنعدم أهلية الوجوب. فلا يجوز لمجموعة من الأشخاص التي ليس لها شخصية معنوية أن ترفع دعوى دفاعا عن مصالحها المشتركة باسم المجموعة كأن يرفع بعض الطلبة معهد الحقوق دعوى باسم مجموع الطلبة، بل يلزم رفعها باسم أفراد هذه المجموعة فردا فردا و توجه الإجراءات لكل فرد فيهم باسمه و صفته. (1)
فالشخص الطبيعي تثبت له أهلية الاختصام بتمام ولادته حيا و تنتهي بوفاته، و للشخص المعنوي حسب ما يحدده القانون، فالشركات التجارية لا تثبت إلا بقيدها في السجل التجاري و تنتهي بحلها. فولادة الشخص حيا يتحمل الالتزامات و الأعباء ذلك لأن كل شخص يعيش في مجتمع بحاجة إلى إشباع حاجته و ذلك بالدخول في علاقات تعاقدية مع الغير، فإيجار سكن، العلاج، الخ... و كما قد يلحق ضررا بالغير فيلزم بالتعويض، فتنشأ في ذمته الالتزامات، كما أنه هناك حقوق لا يتمتع بها بمجرد ولادته بل لا بد من توفرسن معينة يطلبها القانون ( كحق الزواج : بلوغ الرجل و المرأة سن 19 سنة).
- و الحق في التصويت في الانتخابات إلا ببلوغ الشخص 18 سنة.
- و قد أثار الخلاف حول تكيف الحكم الصادر في خصومه رفعت باسم أحد أطرافها و هو متوفي قبل رفع الدعوى. (2)
البعض: ذهب إلى اعتبار هذا الحكم باطلا و من ثمة إذا انقضت عليه مواعيد الطعن يتحصن بالحجية و يجوز تغييره أي ينفذ ( يصحح).
رأي آخر: اعتبار الحكم معدوما، فلا حجية له مواجهته بدعوى البطلان المبتدئة (هي التي ترفع أمام نفس الجهة القانونية و كأنها تظلم) من طرف الورثة أمام المحكمة المطالبة بطلانه لعدم وجود الخصم من الناحية القانونية.(3)، فالدكتور فتحي والي يرى أن الجزاء في هذه الحالة هو البطلان الذي لا يقبل التصحيح، فلا يحوز الحكم الذي يصدر حجية الأمر المقضي فيه، فيمكن رفع دعوى أصلية بطلانه.
و إذا حدثت الوفاة بعد بدء الخصومة، فينقطع حتى توجل من الورثة أو في مواجهتهم، فهذا لا ينفي وجود الخصومة، و إنما يكون باطلا كل إجراء أو حكم يتخذ فيها أثناء فترة الانقطاع و نفس الأمر يحدث في حالة وقوع الوفاة بعد صدور الحكم و قبل الطعن فيه إلا إذا أجازها الورثة بتدخلهم أو إدخالهم في خصومة الطعن.
رأي الأستاذ زودة: أن الرأي الصحيح هو الذي يعتبر الحكم منعدم، فإذا صدر على شخص غير موجود (متوفى) أو رفع من قبله فان الحكم الصادر يكون منعدما و لا يتحصن بأي حجية. و هذا ما أكدت عليه المحكمة العليا (4) في أكثر من قرار لها، مثال: إبرام عقد الزواج باسم أحد أطرافه و كان غير متمتعا بأهلية الوجوب و كان متوفيا يكون في حكم العدم، وهو الرأي الذي نؤيده باعتبار أن الشخص غير الموجود من الناحية القانونية فهو في حكم العدم.
(1) أ / بوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص75
(2) أ/زودة، المرجع السابق.
(3) ابراهيم نجيب سعد، المرجع السابق، ص554
(4) قرار المحكمة العليا، الفرقة المدنية، القسم الأول، تحت رقم 303195، الصادر بتاريخ 26-02-2003، انظر الملاحق.
فننظر إلى الشخص من الناحية القانونية بصرف النظر عن وجوده من الناحية الطبيعية، فالرجل الذي لم يبلغ سن 19 سنة غير موجود لبعض الحقوق، كحق الزواج، فان تزوج قبل بلوغه هذه السن يعد هذا الرجل بالنسبة للحق في الزواج في حكم العدم، إلا أن هذا الزواج لا يمكن إنكار وجوده من الناحية الاجتماعية، وكذلك الشخص المعنوي الذي ليس له شخصية معنوية فهو شخص غير موجود من الناحية القانونية وهذا ما أكدته المحكمة العليا. (1)
و بالتالي، قد يوجد الشخص من الناحية الاجتماعية، باعتباره كائن يعيش في الوسط الاجتماعي غير أنه لا يتمتع بالوجود القانوني كما هو عليه الحال في المجتمعات التي يوجد فيها نظام الرق. فبالرغم من اعتباره إنسان إلا أنه لا يتمتع بأهلية الوجوب، فهو لا يتمتع بالحقوق و لا يتحمل الالتزامات. (2)
فتختلف أهلية الاختصام عن أهلية الأداء، فالأولى هي وجود شخص من الناحية القانونية، أما أهلية الأداء تدل على ما يتمتع به الشخص من القدرة على التمييز و هذا ما سوف نتناوله فيما يلي:
فقرة 2: أهلية التقاضي ( الأهلية الإجرائية) :
و هي تعبير عن أهلية الأداء في المجال الإجرائي و هي صلاحية الخصم لمباشرة الإجراءات أمام القضاء. (3)
فهي ما يتمتع به الخصم من القدرة العقلية على الدفاع عن حقوقه و مراكزه القانونية أمام القضاء فهي تتحدد بدرجة التمييز التي بلغها الشخص. و في التشريع الجزائري تتحدد بلوغ الشخص سن الرشد، 19 سنة المادة 40 من القانون المدني والتي تنص على: كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية. وسن الرشد تسعة عشر19 سنة كاملة.
و بالتالي لا يكفي أن يتوافر لدى الشخص أهلية الاختصام حتى يكون طرفا في الخصومة، بل يشترط لصحة الإجراءات أن يكون الشخص أهلا للقيام بها.
فإذا توافرت أهلية الاختصام دون أهلية التقاضي، فلا يجوز لمن لم يحزها أن يقوم بالأعمال الإجرائية باعتبارها أعمالا قانونية. فمناط أهلية الأداء هي العقل أي القدرة على التمييز، فإذا لم يحز الشخص على الأهلية الإجرائية فلا يجوز له أن يقوم بالأعمال الإجرائية و إنما يشترط أن يقوم بها شخص آخر و هذا ما يسمى بالتمثيل الإجرائي الذي يقوم به الشخص الذي ينوب عن عديم التمييز و ناقصه، أو المفوض عن الشخص المعنوي أو الوكيل عن الغائب.
ولقد ذهب البعض إلى اعتبار أهلية التقاضي شرط لقبول الدعوى وهذا ما تؤكده نص المادة 459 من قانون الاجراءات المدنية السابقة الذكر. فيترتب على الشخص الذي لايحوزها انعدام حقه في الدعوى مع أن هذا الأخير ينشأ بمجرد وقوع الإعتداء على الحق الموضوعي بصرف النظر عما إذا كان صاحب الحق يتمتع بها من عدمه .
(1) قرار المحكمة العليا، الغرفة المدنية، تحت رقم 275969، الصادر بتاريخ 11-12-2002،انظر الملاحق
(2) د/ زودة عمر، المرجع السابق.
(3) د/ بوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص 76
والرأي الراجح يعتبرها شرط لصحة المطالبة القضائية وليس شرط لقبول الدعوى . مثال: إذا رفع شخص دعوى دون أن تكون له أهلية التقاضي تترتب عليه بطلان العمل الإجرائي باعتبار أن رفع الدعوى عمل قانوني يتطلب في صاحبها أهلية التقاضي. فالقاصر يملك الحق في الدعوى أما استعمالها تكون من طرف ممثله وبالتالي يجب أن تتوفر في أطراف الخصومة أهلية الاختصام ففي حالة عدم وجودها يتطلب انعدام صحة العمل الإجرائي. (1)
المطلب الثاني : عنصر الموضوع
بعد دراسة عنصر الأشخاص في المطلب الأول، نتطرق إلى دراسة العنصر الثاني والمتمثل في محل أو موضوع الطلب الأصلي من خلال الفروع التالية:
الفرع الأول : تعريفه:
باعتبار أن موضوع الطلب الأصلي هو أحد العناصر التي يتكون منها الطلب القضائي الأصلي، فقد اختلف الفقه في تعريفه.
- يقصد به الهدف الذي يسعى المدعي للحصول على حمايته قضائيا لتقرير إيجابي أو سلبي لحق أو مركز قانوني مثل: طلب ثبوت ارتفاق، ثبوت نسب، صحة عقد.
- أو إنشاء أو تعديل حق أو مركز مثل فسخ عقد، حل شركة، شهر إفلاس، تطليق زوجة أو إلزام الخصم بدفع مبلغ من النقود أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
- أو قد يكون مجرد الحصول على أمر إجراء وقتي كالأمربتعيين حارس قضائي أو تقريرنفقة مؤقتة. (2)
و رأي آخر عرفه أنه هو( القرار الذي يهدف المدعي إلى إصداره) و حسب هذا الرأي يتكون من ثلاث عناصر:
1- عنصر القرار: هو ما يطلبه المدعي من القاضي إما تقرير أو إنشاء أو إلزام فيختلف محل الطلب باختلاف هذا العنصر، دعوى فسخ العقد تختلف عن دعوى بطلانه.
2- عنصر القانون: فهو الحق أو المركز القانوني الذي تهدف الدعوى إلى حمايته، فتختلف الدعوى التي ترمي إلى إلقاء القرار التعسفي المتخذ من طرف رب العمل من الدعوى التي ترمي إلى جبرالضرر الذي لحق العامل جراء هذا العمل. (3)
3- العنصر المادي : موضوع الحق أو المركز يكون شيئا ماديا، فالعقار مثلا يعتبر موضوع حق الملكية. فدعوى تقرير حق ملكية (ج ) يختلف عن الدعوى التي تهدف إلى تقرير حق ملكية على عقار (د) و هذا التقسيم الثلاثي يطبق على دعوى الإلزام فقط دون الدعوى التقريرية أو الدعوى المنشئة فتكون فقط من العنصرين (عنصر القرار و عنصر القانون). (4)
(1) د/زودة، المرجع السابق.
(2)د/نبيل اسملعيل عمر، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية، المرجع السابق، ص330
(3) د/ فتحي والي، المرجع السابق، ص 140
(4) الأستاذ زودة، المرجع السابق.
فإذا وقع اختلاف في أحد عناصر الموضوع أدى إلى اختلاف الدعوى وهو المعيار الذي يؤخذ به لتحديد ما إذا كان الطلب الجديد يختلف عن الطلب الأصلي
و على ذلك محل الطلب هو مجموع الوقائع التي يقدم بها المدعي و التي تترجم قانونا إلى إدعاء بحق أو مركز قانون. بحمايته فإذا تقدم المدعي بطلب استحقاق عقار فان محل الطلب لا يعتبر العقار ذاته فالشيء أو العمل محل الحق لا يعتبر محلا للطلب القضائي، و إنما الحق ذاته هو الذي يوصف بذلك، فمحل الطلب القضائي الأصلي هو الإشراف بهذا الحق و حمايته قضائيا. ويكون ذلك في صورة تقرير أو إلزام شخص احترامه أو إنشائه أو اتخاذ إجراء مؤقت للمحافظة عليه. (1)
و في الأخير إن محل الطلب القضائي الأصلي أو موضوعه هو ما يطلبه المدعي من القضاء في طلبه. فهو موضوع القرار المطلوب إصداره من القاضي و هذا القرار إما إلزام شخص بأداء معين "حكم إلزام" كطلب هدم بناء أو مجرد تقرير بوجود حق أو مركز قانوني أو إنكاره " حكم مقرر" كطلب بطلان عقد، طلب ثبوت بنوة أو رابطة زوجية أو يقصد مجرد إنشاء مركز قانوني جديد "حكم منشئ" مثل طلب التطبيق.
- و قد يكون مجرد الحصول على أمر بإجراء تحفظي أو وقتي " حكم وقتي"، تتعين حارس أو تقرير نفقة مؤقتة. (2) ومنه يعد موضوع الطلب القضائي من مسائل الواقع الذي يتمسك ويستقل بها الخصم ولا يستطيع القاضي أن يغير منه.
فالمدعي لا يقع عليه التزام بإعطاء الوصف القانوني لموضوع الطلب الأصلي والتكييف يعد من المسائل القانونية التي يستقل بها القاضي. فالمدعي يقدم الموضوع بعناصره مع تعيينه تعيينا نافيا للجهالة، فمثلا: يبين أنه يطلب فسخ العقد و ليس إبطاله، ملكية عقار (أ) و ليس العقار (ب)، مساحته، حدوده، الخ...
الفرع الثاني : أثر تحديد موضوع الطلب القضائي:
إن تحديد موضوع الطلب القضائي مرتبط بحقوق الدفاع، فمن حق المدعي عليه معرفة ما يطلب منه.
1- تعيين موضوع الطلب القضائي: هو من المسائل التي تتعلق بدور القاضي في الخصومة القضائية. فبعد ذلك من النظام العام، فعدم تحديد أو تعيين موضوع الطلب يترتب عليه بطلان العريضة الافتتاحية للدعوى و يثير ذلك تلقائيا، وهو بطلان يتعلق بالنظام العام. فعلى المدعي أن يبين أنه يطلب حق ملكية وليس حق إرتفاق أو أنه يطلب فسخ العقد وليس بطلانه.
2- فيجب أن يكون الطلب الأصلي محددا خاصة في عنصر القرار أو العنصر المادي تحديدا كافيا وهذا ما أكدت عليه المحكمة العليا. (*)
(1) د/ محمود ابراهيم ، المرجع السابق، ص 160
(2) د/ أحمد هندي، المرجع السابق، ص191.
* أنظر قرار المحكمة العليا الغرفة المدنية، قسم الأول المؤرخ في 16 جويلية 1991 رقم 78272 غير منشور قد نقضت القانون المطعون في استنادا إلى عدم تحديد موضوع الطلب القضائي
و إذا كان معينا أو محددا تحديدا غير كافيا، يجوز للقاضي بأمر الخصم استكمال هذا النقص، و في حالة عدم القيام به، يجوز له الحكم ببطلان الإجراءات.
- أما القول بأن موضوع الطلب معينا بدرجة كافية أم لا هي من المسائل الموضوعية التي يستقل عنها قاضي الموضوع.
فعند دراسة أي قضية معروضة على القاضي يتأكد مما هو مطلوب عليه لأنه يختلف من قضية لأخرى كما يمنع عليه تغيير أو تعديل موضوع الطلب القضائي.
- إذا تعلق الأمر بدعوى تقريرية كدعوى إثبات النسب فان موضوع الطلب هو النسب.
- إذا تعلق الأمر بدعوى النشأة كدعوى التطليق فإن موضوع الطلب هو التطليق.
- إذا تعلق الأمر بدعوى الإلزام كدعوى ترمي إلى إلزام المدعي عليه بتسليم عين معينة كمنقول أو عقار فيجب تحديد هذا الحق تحديدا نافيا للجهالة وإلا سوف يؤدي إلى بطلان المطالبة القضائية وإخلال بحقوق الدفاع لتحديد موضوع الطلب القضائي كي يتمكن القاضي بأن يحكم في الدعوى(1)
- فموضوع الادعاء يتحدد في أول وهلة بفعل المدعي لأنه هو الذي بدأ الخصومة، و على تحديد هذا الطلب يتم تحديد المحكمة المختصة سواء كان التحديد صحيحا أو غير صحيح لأن كل ذلك يتضح أثناء سير الخصومة.(2) فالمحل هو الذي يحدد نطاق النزاع فلا يجوز للقاضي أن يغير منه ولا يبث إلا فيما هو مطلوب منه . (3)
و موضوع الطلب الأصلي ليس ثابتا من بداية الخصومة إلى نهايتها و إن هناك العديد من التعديلات ترد على عناصره المختلفة طوال حياة الخصومة، و موضوع الطلب القضائي يتأثر بالطلبات العارضة التي تقدم في الخصومة التي افتتحها الطلب الأصلي، لأن الطلب العارض كما سيأتي دراسته هو الأداة الفنية التي أعطاها المشرع للخصوم و الغير لإمكانية التواجد في خصومه انعقادها بطرح طلباتهم فيؤدي إلى وفرة الوقت و المصاريف. (4)
المطلب الثالث : عنصر السبب
بعد أن تطرقنا في المطلب الثاني و الثالث إلى عنصر الاشخاص و الموضوع سوف ندخل في دراسة عنصر السبب.
الفرع الأول: تعريفه و شروطه
الفقرة أ :
إن تعريف سبب الطلب القضائي أثار جدلا في الفقه و القضاء، نجد الطائفة الأولى البعض منهم ذهب إلى تقسيمه و تأسيسه على الفكرة القانونية البحتة فما هو إلا الأساس القانوني للدعوى أو الطلب القضائي كما حدده الخصوم أما البعض الآخر يميل إلى إعتباره النص القانوني الذي يتمسك به الخصم تأييدا لطلبه.
والبعض الآخر ذهب إلى أنه هو التكييف القانوني للدعوى كما صوره الخصوم (5)
(1) أ/ زودة عمر، المرجع السابق.
(2) د/نبيل اسملعيل عمر، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية، المرجع السابق،ص 327 ص 329
(3) د/ الغوثي بن ملحة، المرجع السابق، ص59.
(4)د/نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، المرجع السابق، ص274.
(5) د/محمد محمود ابراهيم، المرجع السابق، ص 18.
إلا أن هذا الاتجاه تعرض للنقد و ذلك لتعارضه مع دور القاضي في الخصومة القضائية و ذلك التقليل من دوره لأنه محضور عليه تغيير سبب الطلب القضائي، و لذلك إذا تمسك الخصم بمبدأ أو بنص أو بتكيف قانوني خاطئ فلا يستطيع تعديله و إلا يمس بمبدأ حياده، فحين أن القاضي حر في تطبيق القانون، فهذا الاتجاه يؤدي إلى سلب سلطة القاضي في التطبيق التلقائي للقاعدة القانونية، و هو ما يتنافى و دوره في الدعوى المدنية.
أما الطائفة الثانية: تبني سبب الطلب القضائي على فكرة واقعية: فيعرفونه على أنه مجموع الوقائع المولدة للحق المطالب به. ولا يدخل النص، أو المبدأ أو التكيف في تكوينه.
فهذا الاتجاه يؤكد أن كل طلب قضائي يتكون من عنصر الواقع و عنصر القانون.
و القاضي وظيفته تطبيق القانون على هذا الواقع الذي يعرضه الخصوم الذين يتحملون إثباته ويصبغ عليه التكييف القانوني الصحيح.
فالعنصر القانوني من اختصاص القاضي و لا يجوز أن ينيب عنه غيره و إلا بعد تنازلا عن وظيفته.
أما العنصر الواقعي فهو من اختصاص الخصوم و يجوز للقاضي أن ينيب عنه أهل الفن من أجل إثباته(1)
و لا يجوز للقاضي التدخل في تعديله أو تغييره.
مثال : في حالة اصطدام سيارتين، فالمدعي في طلبه يستند إلى مجموع من الوقائع وهو الاصطدام، كأن يتمسكوا بأن المدعي عليه كان يسير بسرعة ليلا دون إضاءة السيارة مما أدى إلى إصابة سيارة المدعي.
أما النصوص القانونية التي يستند إليها المدعي في طلبه فلا تدخل ضمن فكرة السبب.
فتم الاتفاق على أن سبب الطلب القضائي هو مجموع الوقائع المولدة للحق المطالب به أمام القضاء، فلا يجوز للقاضي أن يقوم بتغييره أو تعديله طبقا لمبدأ حياده.
مثال: - سبب الطلب القضائي في دعوى استحقاق الملكية قد يكون التقادم المكسب، الهبة، الوصية.
- و سبب الطلب القضائي في دعوى التطليق إخلال الزوج بأحد واجباته كالضرب، عدم الاتفاق عليها، الإهمال. (2)
-رفع شخص دعوى يطالب فيها حماية الحيازة، ومن خلال وقائع القضية تبين أن الدعوى التي رفعها هي دعوى ملكية، و بالتالي فعلى القاضي أن يصيغ التكيف القانوني الصحيح على هذه الوقائع دون أن يعتد بالوصف الذي تمسك به الخصم. (3) وهذا ما أكدته المحكمة العليا.
و منه فان سبب الطلب القضائي هو الواقعة المولدة للحق، و التي هي منتجة في الدعوى و التي يرتب عليها القانون أثرا فهو ينحصر في مجموع الوقائع التي يعتمد عليها الخصوم تأييدا لطلباتهم المعروضة على القاضي الذي يقوم بتكييف هذه الوقائع وإبراز القاعدة القانونية المطبقة على الطلب القضائي الأصلي طبقا للقول: أعطيني الواقع أعطيك القانون. (4)
الفقرة ب: شروطه:
قلنا إن سبب الطلب القضائي هو مجموع الوقائع التي أدلى عليها المدعي أو الخصم أمام القضاء، و من شأنها توليد الحق أو المركز القانوني المطالب به، و بالتالي فهو في ذات الوقت هو محل الإثبات، و هي عبء على المدعي بالادعاء. (5)
(1) أ/ زودة عمر، مجلة شهرية متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية، مقال في سبب الطلب القضائي في ضوء الفقه و الإجهاد القضائي، 2003 ، ص45 ص،46 .
(2) أ/زودة عمر، المرجع السابق.
(3) قرار المحكمة العليا، حامل لرقم 74583 الصادر بتاريخ 12/06/1991.
(4) د/ الغوثي بن ملحة، المرجع السابق، ص60 .
(5) أ/ زودة عمر، المرجع السابق.
و من شروطه ان يكون معينا و محددا تحديدا نافيا الجهالة، مثال: إذا كان السبب هو التصرف القانوني وجب تعيينه و تحديده إذا كان عقد مثلا وجب عليه وصف أطرافه و موضوعه و تاريخه. وعدم تعيينه و تحديده يترتب عليه بطلان الإجراءات (بطلان العريضة الافتتاحية للدعوى).
أما عدم إثباته يترتب عليه رفض الدعوى لعدم التأسيس، فمنه عدم تحديد سبب الطلب القضائي يعرض الحكم إلى النقض لخرق قاعدة جوهرية في الإجراءات.
أما عدم تحديد إثبات السبب يعرض الحكم إلى النقض لقصور الأسباب أو انعدامها.
الفرع الثاني: علاقة سبب الطلب القضائي بأدلة الإثبات الأخرى
وباعتبار أن سبب الطلب القضائي هو مجموع الوقائع يجب إسنادها بدعائم تقوم عليها و هي طرق الإثبات المقررة قانونا من كتابة، بينة و قرائن، الخ.....
و بالتالي قد يكون سبب الطلب القضائي الأصلي واحد و لكن قد تتعدد طرق الإثبات.
مثال: إذا كان موضوع الطلب القضائي الأصلي بطلان الفقد للتدليس فيحق للخصم أن يثبت هذا الأخير إما بالكتابة أو أي دليل آخر فالعبرة مقام الحجية هو باتحاد السبب في الدعوتين رغم اختلاف الأدلة.
كأن يتمسك الدائن بالوفاء بواسطة شهادة الشهود، و بعد ذلك يتمسك بالدليل الكتابي و هذا لايعد تغيير للسبب و إنما هو تغيير لدليل الإثبات. (1)
وهذه الوسائل هي التي يؤديها الخصوم ويستندون فيها في إثبات محل طلباتهم (2) والتي تقسم إلى: وسيلة الدفاع القانونية البحتة ، وسيلة الدفاع من الواقع ووسيلة الدفاع يختلط فيها الواقع بالقانون.
وسيلة الدفاع القانونية البحتة: هي تلك الأوصاف التي توصف بها الواقعة الواحدة مثلا: الفعل الضار هو الواقعة القانونية التي يتولد عنها الحق في التعويض، فهو سبب الطلب القضائي في دعوى التعويض. أما تكيف هذا الفعل بأنه موجب للمسؤولية عن فعل الغير أو الأشياء أو الخطأ الشخصي فهي مجرد وسائل دفاع قانونية بحتة و يجوز التمسك بها أمام جميع درجات التقاضي ولأول مرة أمام المحكمة العليا، ومثاله ( قرار المحكمة العليا: 82264 الصادر عن الغرفة المدنية بتاريخ 24/06/1992 )، و هو قرار منتقد قضى بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها.
و كان موضوع الدعوى الأولى هو الطرد من القطعة الأرضية أما موضوع الدعوى الجديدة هو تحديد مساحة الملكيتين، فالموضوع في الدعوتين مختلف. (3) وما أثارته المحكمة العليا هو وسيلة دفاع قانونية بحتة.
(1)زودة عمر، المرجع السابق..
(2) الغوثي بن مالحة، المرجع السابق، ص 62.
(3) أ/ زودة عمر، سبب الطلب القضائي في ضوء الفقه والإجتهاد القضائي، ص52، ص53.
أما وسيلة الدفاع الواقعية: هي تلك التي تتعلق بالواقع، و هي المسائل التي لا يجوز للقاضي إثارتها تلقائيا احتراما لحقوق الدفاع. مثالها: سبب الطلب القضائي الداعي إلى إصلاح الضرر إثر حادث سيارة، فهذا الأخير قد يكون ناشئ عن السياقة في حالة سكر أو اختلال توازن السيارة أو رداءة الطقس. الذي يشكل واقعة الاصطدام أما وسيلة الدفاع التي يختلط فيها الواقع بالقانون: كل طلب قضائي يتضمن عنصرين، عنصر الواقع و عنصر القانون. و هذا الأخير يطبق على الواقع الذي قدمه الخصم أمام القاضي و تم مناقشته من طرف الخصم.
- و منه كما قلنا أن سبب الطلب القضائي هو مجموع الوقائع المدلى بها من طرف المدعي أو الخصم أمام القضاء، و التي تشكل محلا للإثبات التي هي عبء على المدعي. أما موضوع الطلب القضائي هو نتيجة لهذه الوقائع و في إشباع آمال المتقاضي أي المركز القانوني أو الحق الذي يتولد عنها.
- و المحكمة تتقيد بالمطالب كما هي واردة من الخصوم فتقبلها إذا كانت صحيحة و قانونية، و ترفضها إذا ثبت عدم صحتها و عدم قانونيتها، و يجوز للقاضي ضمن نطاق الطلب القضائي و الموضوع الوارد به أن يمنح المدعي بعض الحق المطلوب أو جزء من التعويض يقل عن المبلغ المطلوب إذا وجده غير متناسب مع الضرر الحاصل.
نجد مثلا: أن القوانين السابقة على تعديل قانون المرافعات الفرنسي الجديد بصفة عامة تمنع تعديل سبب الطلب القضائي أمام محاكم أول درجة أو ثاني درجة، بعد ذلك زال هذا المنع و أصبح ذلك ممكنا أمام أول درجة من طرف المدعي يطلب إضافي منه. كما يجوز ذلك لأول مرة أمام محاكم الاستئناف بشرط بقاء موضوع الطلب على حاله، و هذا من الصعب جدا لبقاء الارتباط الشديد بين السبب و الموضوع و كل تعديل في الأول بالضرورة يتضمن تعديل الثاني.
- فالقانون الفرنسي الجديد أخذ أن القاضي يستطيع الاستناد في حكمه على أي واقعة وردت بملف القضية حتى و لو لم يتمسك بها الخصوم بصفة خاصة، و يشترط لذلك لفت نظر الخصوم لها لإخضاعها لمناقشة حضورية. (1)
و بالتالي القاضي يعلم القانون فهو ملزم بتطبيقه فله أن يطبق قواعد القانون و الوسائل و الأسباب القانونية من تلقاء نفسه. و يشترط ألا يقوم بتعديل سبب الطلب و هو يعمل هذه القواعد احتراما لمبدأ الوجاهية والمناقشة الحرة.
ومنه السبب يختلف عن وسائل الدفاع التي يتمسك بها الخصم باعتبار أن السبب هو الأساس القانوني الذي يستند إليه الخصم في إدعاءه.
أما وسائل الدفاع هي الأدلة التي يستند إليها الخصوم في إثبات هذا المحل تأييدا لطلبات أو هي الأساس الغير المباشر للدعوى. (2)
(1) د. نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص336.
(2) د/أحمد هندي، المرجع السابق/ ص 192.
فتم دراسة الطلب الأصلي في الفصل الأول الذي يعتبر أول طلب يقدم إلى القضاء و يتم به التمهيد لافتتاح الخصومة.
فكان الفقه القديم يعتبر أن الطلب القضائي الأصلي يحدد جميع عناصر الادعاء بشكل نهائي فلا يقبل أي تعديل يضاف إليه أي يمشي بمبدأ ثبات الطلب القضائي، إلا أن ذلك أدى إلى تكديس القضايا أمام المحاكم و تطويل الإجراءات و زيادة المصاريف، و ظلم للناس، و نتيجة الثورة الصناعية و التقدم خفف من جمود هذا المبدأ و ذلك بإدخال بعض المرونة عليها بواسطة الطلبات العارضة و من أجل إدخال ديناميكية جديدة على سير الإجراءات أمام المحاكم.
و كذلك هناك أشخاص يعتبرون من الغير لخصومة قائمة و لم يكونوا ممثلين فيها و الأحكام الصادرة في مثل هذه الدعاوي لن تضرهم و لن يستفيدوا منها، إلا أنه نظرا للارتباط الموجود بين مصالح هؤلاء الغير و مصالح المنازع عليها من المهم أن يمثلوا هذه الخصومة، ثم يطلبون بضمها إلى الدعوى الأصلية و لكن ذلك يستغرق وقتا طويلا و نفقات كبيرة فلذلك يستطيعون الاشتراك فيها بطلب عارض يعرض على خصومة قائمة و يسمح بذلك لأصحابه بالظهور كأنهم خصوم. (1)
و بالتالي فالمبدأ أن الطلب القضائي الأصلي مما سبق ذكره يتكون من ثلاث عناصر و هي : الخصوم و المحل و السبب، و الأصل أن يبقى ثابتا في عناصره الثلاثة إلا أنه ترد إستنادات على هذا المبدأ نص عليها القانون صراحة:
المادة 94 من قانون الإجراءات المدنية : " تقبل طلبات التدخل في أية حالة كانت عليها الدعوى ممن لهم مصلحة في النزاع"
المادة 95 من قانون الإجراءات المدنية : " في حالة التدخل يجوز للقاضي أن يقضي في الطلب الأصلي على وجه الاستقلال إذا كان مهيأ للفصل فيه أو يؤجل الدعوى للحكم فيها برمتها "
فإذا يجوز تغيير هذا الطلب الأصلي في أحد عناصره.
و هذا ما سوف نتطرق إليه في الفصل الثاني لتناول الطلبات العارضة.
(1) د/ نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية، المرجع سابق، ص 343 ص 344
الفصل الثاني: الطلبات القضائية العارضة
بعد أن تم دراسة الفصل الأول الذي تعرضنا فيه إلى الطلب الأصلي نتطرق إلى دراسة الفصل الثاني بنوع من التفصيل.
إن الطلب الأصلي مبني على عناصر ثلاثة و هي : الموضوع، السبب و الخصوم، بحيث لا يكتمل البناء إلا باجتماع هذه الأخيرة و بإيداعه لدى القضاء تتولد الخصومة القضائية التي يتحدد نطاقها به. فالسؤال المطروح : هل يمكن تغيير احد هذه العناصر ؟
فنجد اختلاف في الفقه في مسألة قبول الطلبات العارضة.
فبالرجوع إلى الفقه القديم يرى أن الطلب القضائي الأصلي يحدد عناصر الادعاء بشكل نهائي، فلا يقبل أي تعديل يضاف عليه، و بالتالي لا يمكن تغيير من نطاق الخصومة بعد تحديدها سواء من القاضي، الخصوم أو الغير، لأن محل الخصومة يتحدد بالطلبات الأصلية. فإن هذا المبدأ يتحقق من سرعة الفصل في النزاع، فيمنع على الخصم أن يتخذ وسيلة إبداء طلبات جديدة أثناء سير الخصومة لأنها تؤدي إلى تأخير الفصل فيها كما يؤدي إلى حماية حقوق الدفاع من عدم مفاجأة الخصم بطلب جديد و هو ما يعرف بمبدأ ثبات الطلب القضائي.
فتطبيق هذا المبدأ بصفة مطلقة يؤدي إلى عرض منازعات متعددة على القضاء، كان بالإمكان الفصل فيها مرة واحدة إلى جانب صدور أحكام متعارضة تمس بمصداقية أحكام القضاء و منافية للحقيقة و العدالة بسبب تقطع النزاع الواحد و تطويل الإجراءات و زيادة المصاريف. (1)
لذلك فيرى أغلبية الفقهاء بتقديم طلبات عارضة تتطلبه الرغبة من أجل إصدار أحكام تتفق مع العدالة،و اقتصاد في وقت القضاة و أموال الخصوم تتطلب تصفية كل المنازعات المرتبطة بالنزاع الأصلي أو المنفرعة عنه بدلا من فرض دعاوي مستقلة بكل نزاع (2)
فنجد إذا أن الطلب العارض باعتباره نظير و معالج للطلب الأصلي يتناول هذا الأخير أحيانا من زاوية الموضوع، و أحيانا أخرى من زاوية السبب، و أحيانا أخرى من زاوية الخصوم. (3)
و من أجل التخفيف من مبدأ ثبات الطلب القضائي أجيزت الطلبات الطارئة أو العارضة في مختلف التشريعات، سمح المشرع للخصوم تقديم طلبات جديدة أثناء نظر الخصومة: و هو ما يطلق عليه بالطلبات العارضة.
فالسؤال المطروح: ما هو مفهوم هزه الطلبات العارضة؟ و ما دام هي استثناء للطلب الأصلي ما هي شروط تقديمها؟و إجراءات الفصل فيها؟ و ما هي أنواع هذه الطلبات؟
و للإجابة على ذلك تقسم هذا الفصل إلى مبحثين لتناول في المبحث الأول مفهوم الطلبات العارضة و في المبحث الثاني أنواع هذه الطلبات.
(5) د/ابراهيم نجيب سعد، المرجع السابق، ص 588.
(6) د/أحمد هندي، المرجع السابق، ص 190.
(7) د/محمد محمود ابراهيم،المرجع السابق، ص7.
المبحث الأول: مفهوم الطلبات العارضة:
كما سبق قوله أن التطبيق المطلق لمبدأ ثبات الطلب القضائي يؤدي إلى تكديس القضايا أمام المحاكم و تطويل الإجراءات و زيادة المصاريف و كان ذلك ظلم للناس، فسمح بالتخفيف من جموده و إدخال بعض المرونة عليه بواسطة الطلبات العارضة. و بالتالي هذه الأخيرة وجدت من أجل إدخال ديناميكية جديدة على سير الإجراءات أمام المحاكم. (1)
فالطلبات العارضة هي الداء و الدواء بالنسبة للدعوى الأصلية فهي سلاح خطر ذو حدين في آن واحد فلو أردنا لها العلاج لاستخدمها المدعي طارح الطلب الأصلي. و لو أردنا لها الزوال لتقدم المدعي عليه أو الغير بدعوى أخرى مضادة (دعوى فرعية مضادة)، فيتوارى الطلب الأصلي وراء العديد من الطلبات العارضة التي هي استثناء و هنا يزيد من مهمة قاضي النزاع للفصل في تلك الطلبات (2) و هي طلبات قضائية لا تفتح خصومة جديدة لأن الخصومة قائمة من قبل و لها الطلب الأول كما أن إجراءات رفعها وقبولها و الفصل فيها تختلف عن الطلب الأصلي.(3)
و بالتالي، ماذا تقصد بالطلبات العارضة؟ و ماهي شروط قبولها؟ إجراءات الفصل فيها؟ و أنواعها. و هذا ما سوف نتطرق إليه من خلال المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف و خصائص الطلبات العارضة:
بعدما ارتكز الفقه القديم على المبادئ المستقرة منذ عهد القانون الروماني و هو مبدأ عدم جواز تغيير نطاق النزاع أي نطلق الخصومة بعد تحديدها فنظرا لجموده أدخل عليه بعض المرونة كما سبق ذكره فنجد أن المشرع سمح للخصوم بتقديم طلبات جديدة أثناء نظر الخصومة تتناول بالتغيير في أحد عناصر الطلب القضائي الأصلي و هو ما يسمى بالطلب العارض إلا أنه قيد الخصم في تقديمه بشروط.
الفرع الأول: تعريف الطلبات العارضة:
إن الطلبات العارضة هي أدوات فنية التي بواسطتها يتم إدخال تفاعلات على الطلب الأصلي، فيضفي المزيد من المرونة على مبدأ ثبات الطلب القضائي الأصلي بشرط الارتباط بين الطلب الأصلي و الطلب العارض توفيرا للوقت و الإجراءات، و أن تعرض على نفس القاضي لتكون له نظرة شاملة على النزاع فهي استثناء على هذا المبدأ. (4)
-و بالتالي فالطلب العارض هو ذلك الطلب الذي يقدم أثناء سير الخصومة و الذي يؤدي إلى تغيير أو تعديل في أحد عناصره فهو يقدم أثناء خصومه سبق انعقادها بطلب أصلي افتتحها وبصفة عامة فهو يقتضي وجود خصومه قائمة قبل إبدائه نشأت عن إبداء طلب أصلي ثم يبدي أثناء قيامها طلب آخر يتناول بالتغيير نطاق هذه الخصومة كما سبق ذكره.(5)
(1) نبيل اسماعيل، المرجع السابق، ص 343،ص344.
(2) د/ محمد محمود ابراهيم، المرجع السابق ص 7.
(3) نبيل اسماعيل عمر،قانون أصول المحاكمات المدنية، ص 292
(4) أ/زودة عمر، المرجع السابق.
(5) نبيل اسماعيل عمر، مرجع سابق ص 345
فهي طلبات تطرح أثناء سير الخصومة الأصلية متميزة عنها و مرتبطة بها في آن واحد من أطرافها أو الغير أو القاضي و من شأنها التأثير في نطاق الخصومة موضوعا أو سببا أو أطرافا و ينازعها اعتبارين عدم جواز تغيير محل الخصومة طبقا لمبدأ تقليدي واعتبار آخر هو التيسير على الخصوم بتقديم طلبات جديدة. (1)
كما تجد تعريف آخر لها هي تلك الدعوى الفرعية التي تطرح بصدد دعوى أصلية متميزة عنها و مرتبطة بها و في آن واحد من أطرافها المدعي أو المدعى عليه أو من غيرهما وذلك بالتدخل أو الادخال أو من قاض الدعوى بشرط أن تتناول الموضوع أو السبب أو الخصوم في الدعوى الأصلية .
فهذه الطلبات هي الوسيلة الفعالة التي بمقتضاها يستطيع الخصوم في الدعوى أن يعالجوا الطلب الأصلي يمده مدا قانونيا يتجاوز النطاق الضيق الذي رسم له بصحيفة دعواه إلى طلب أو طلبات مغايرة تماما له.(2)
و بعد دراسة تعريف الطلب العارض، الذي هو استثناء على مبدأ ثبات عناصر الطلب القضائي الأصلي، فلا يمكن الخروج منه إلا إذ وجد نص خاص يقتضي خلاف ذلك، و بالتالي هذه الطلبات تخضع للقواعد العامة، أي للقواعد القانونية التي تكون مطبقة على كافة الطلبات العارضة. (3)
ما لم يوجد نص خاص خلاف ذلك. فنتطرق إلى شروط الطلب العارض و إجراءات الفصل فيه في حينه.
الفرع الثاني: خصائص الطلبات العارضة:
من خلال التعريفات السابقة نجد أن للطلبات العارضة خصائص تميزها عن الطلبات الأصلية منها:
1- الطلب العارض طلب قضائي: لكونه يقدم أثناء الخصومة القائمة لتعديل أحد عناصرها فإذا انعدمت هذه الصفة في الطلب المقدم أمام المحكمة عد مجرد دفاع في الدوى.
ذلك أن وسائل الدفاع لا تعد طلبات قضائية و إنما أدلة يسند إليها الخصوم في إثبات محل الخصومة تأييدا لطلباتهم.(4)
2- أن يبدي الطلب العارض تبعا لدعوى قائمة و بمناسبتها إن الطلب الأصلي أو المفتتح للخصومة، هو أول ما يبدأ به في الخصومة من إجراءات، أما الطلب العارض هو الذي يبدي تبعا لخصومة قائمة و أثناءها تغير من نطاقها وما عدا ذلك لا يكون عارضا.
مثال: إقامة دعوى استعجالية بموازاة مع الدعوى المعروضة على قاضي الموضوع فمحل الدعوى الأصلية طرد المستأجر من العين المؤجرة أما موضوع الطلب أمام قاضي الاستعجال تعيين خبير لتحديد قيمة التعويض الاستحقاقي مقابل إخلاء العين المؤجرة، فهنا هذه الأخيرة ليست طلبا عارضا و إنما دعوى مستقلة قائمة بذاتها أمام جهتين مختلفتين.
3- أن يكون من شأن الطلب العارض التأثير على نطاق الخصومة الأصلية: وذلك من حيث السبب أو الموضوع أو الأطراف بالنقصان أو الزيادة أو التعديل. و إذا لم يكن كذلك فلا يكون طلبا عارضا يخضع للقواعد المحددة له.
(1) د/ عوض أحمد الزغبي: أصول المحاكمات المدنية.التنظيم القضائي. الاختصاص. التقاضي، الأحكام و طرق الطعن ج2، طبعة 2، دار أوائل النشر ص 672
(2) د/ محمد محمود ابراهيم مرجع سابق ص 28
(3) أ/زودة عمر، المرجع السابق.
(4) د/أحمد هندي، المرجع السابق، ص 198.
و كما لا تعد المذكرات التكميلية ( مقالات الردّ) التي يقدمها الخصوم من قبل الطلبات العارضة لأنها لا تؤدي حتما إلى التغيير بل تكفي عادة بتفسير الطلبات و الأسانيد المقدمة أو عرض أسانيد جديدة. (1)
المطلب الثاتي : شروط واجراءات تقديم الطلبات العارضة:
بعد أن تم دراسة المطلب الأول سوف نتطرق لتناول شروط الطلب العارض و إجراءات تقديمه في هذا المطلب من خلال الفروع التالية:
الفرع الأول: شروط الطلبات العارضة:
1- إن الشروط الواجب توافرها لقبول الطلبات العارضة هي :
أ- نجد الشروط العامة لقبول الطلب العارض: و هي المصلحة التي تعتبر ليست فقط شرطا لقبول الدعوى و إنما شرط لقبول أي طلب أو دفع أو طعن في الحكم أي كان الطرف الذي يقدمه ( فلا دعوى بلا مصلحة و المصلحة أن تكون قائمة
ب- الصفة : التي تربط أطراف الدعوى بموضوعها يجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة، و بالتالي لا بد أن تتوافرقي كل من المدعي أو المدعي عليه أو الغير فلا تكفي المصلحة لوحدها لقبول طلبات التدخل أو الإدخال أو الطلبات العارضة الأخرى ما لم تكن مقترنة بصفة.
مثالها: اكتساب المضمون لصفة جديدة بعد إدخال الضامن إذ يصبح في دعوى الضمان الفرعية مدعي إلى جانب مركزه القانوني في الدعوى الأصلية.
ت- الأهلية: و هي صلاحية الشخص لاكتساب المركز القانوني للخصم و مباشرة إجراءات الخصومة أمام القضاء (2) كما سبق ذكره. فوجب لمن يريد أن يتقدم بطلب عارض أن تكون له أهلية التقاضي.
2- الشروط الخاصة لقبول الطلبات العارضة:
1- أن يكون الطلب العارض مرتبطا بالطلب الأصلي: كون أن الطلب العارض يمسى بثبات الخصومة من خلال تعديل نطاقها المحدد بمقتضى الطلب الأصلي فلقبوله يتعين أن يكون مرتبطا بهذا الأخير، و أن يقدم قبل تهيئة الفصل فيها طبقا للمادة 96 من قانون الاجراءات المدنية التي تنص على:
" لايصح أن يترتب على إبداء الطلبات العارضة إرجاء الحكم في الطلب الأصلي متى كان مهيأ للفصل فيه"
و يقصد بهذا الترابط إذا كان الحل المقرر لأحدهما من شأنه التأثير على الحل الذي يجب أن يقرر للآخر و هذا شرط لقبول الطلبات الطارئة بمختلف أنواعها باستثناء طلب المقاصة لما يقدم كطلب مقابل، و إذا تخلف الشرط كان الطلب العارض غير مقبول و المحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها. (3)
مثاله: يطلب المدعي عليه تعويضا قبل المدعي تأسيسا على التعسف في استعمال الدعوى
إن المشرع الجزائري جعل من فكرة الارتباط قيدا لقبول الطلب العارض تجنبا للضرر في التوسع في قبوله و عدم حدوث أي اضطراب أو اختلال في الخصومة القضائية. اختلف الفقه حول تعريف فكرة الارتباط.
(1) أ/بوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص 126.
(2) حدادي رشيدة، المرجع اللسابق، ص 175 إلى ص 180.
(3) د/أحمد هندي، المرجع السابق، ص 192.
فالاتجاه السائد في الفقه المصري: يصوره على أنه وثيقة بين دعوتين تجعل من المناسب و المصلحة و حسن القضاء جمعهما أمام محكمة واحدة لكي تفصل فيهما معا، و ترك كل دعوى تسير مستقلة عن الأخرى يؤدي إلى صدور أحكام متناقضة. رغم ذلك تعرض هذا الاتجاه للنقد لأنه يصلح فقط لإحدى حالات الارتباط و هي حالة عدم القابلية للتجزئة.
و التعريف الأرجح حسب الدكتور أحمد هندي " أن الارتباط هو صلة بين دعوتين تتضح من الاشتراك الجزئي لعناصر الدعوى الموضوعية بالمحل فقط، أو السبب، و أن الفصل في دعوى يمكن أن يؤثر على الفصل في الأخرى، و بالتالي اشتراك الدعوى بالمحل أو السبب.
أما المشرع الجزائري فقد استعمل تعبير الارتباط في المادتين: 90، 91، من قانون الاجراءات المدنية إلا أنه لم يشر إلى مفهومه فترك المسألة للفقه و القضاء ، فالمادة 90 تنص: " إذا سبق تقديم طلب أمام محكمة أخرى في موضوع الدعوى نفسه أو كان النزاع مرتبطا بقضية مطروحة أمام محكمة أخرى، جاز إحالة الدعوى بناء على طلب الخصوم"
وبالرجوع إلى المادة 91 تنص:" إذا وجد ارتباط بن قضايا مطروحة على المحكمة نفسها تقضي المحكمة بضمها من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم" أنه بمفهوم المخالفة في حالة :
• رفع عدة طلبات بإجراء واحد، و لا توجد بينهما ارتباط يترتب بطلان إجراءات رفع هذه الطلبات و بحكم بذلك القاضي من تلقاء نفسه إذا تبين أن رفع عدة طلبات بإجراء واحد يمس بحسن سير العدالة. (1)
• و متى يكون الارتباط بين دعوتين إذا كان القضاء في إحداهما من شأنه التأثير في القضاء في الأخرى مما جعل من حسن إدارة القضاء تحققهما و الحكم فيهما معا.
الامثلة :
1- صلة الارتباط في وحدة موضوع الطلب القضائي: مثاله : لما يبيع شخص شيئا إلى شخصين، فكل واحد يبادر في رفع دعوى على البائع لمطالبة بصحة العقد و تسليم السيارة.
فهنا المشتري الثاني إذا يرفع دعوى يطلب أصلي موازية للدعوى الأولى و ذلك بطلب عارض فالارتباط هنا يظهر في طلب نفس ملكية السيارة وكذلك ارتباط بين دعوى الحيازة ودعوى التعويض في حالة الإعتداء عليها فهنا وحدة المال المطلوب حمايته.
2- الارتباط في وحدة السبب: كذلك شخص يبيع شيئا لشخصين، فدعواه بالثمن ضد أحدهما تعتبر مرتبطة بدعواه بالثمن ضد الآخر فالسبب واحد.
3- الارتباط في وحدة الموضوع و السبب ( كلا العنصرين مشتركين): دعوى الدائن ضد مدينه، و دعواه ضد مدين آخر متضامن مع الأول. (2)
(1) أ/زودة عمر، المرجع السابق.
(2) د/محمود ابراهيم ، المرجع السابق، ص 54، 55.
وبالتالي فشرط الارتباط يجب توافره في قبول الطلبات العارضة على اختلاف أنواعها من طلبات اضلفية وطلبات مقابلة وطلبات التدخل والإدخال في الخصومة .وبالتالي يجب أن تكون مرتبطة بالطلب الأصلي.
فالمشرع المصري أتى بقاعدة عامة أساسها الارتباط و أعطى للمحكمة سلطة يصدرها. أما المشرع الجزائري لم يأت بنصوص صريحة تعالج قبول الطلبات الإضافية، فقد أثار لإمكانية الإحالة للارتباط في المواد 90، 91 من قانون الإجراءات المدنية السابقة الذكر.
أما الطلب المقابل: كذلك لابد الارتباط كضابط لقبوله، فأغلبية التشريعات ذهبت إلى وضع قيود أو ضوابط لقبول طلبات المدعي عليه العارضة.
و المشرع الجزائري: عالج المسألة بنص صريح و قرر أن المدعى عليه يقدم من الطلبات المقابلة طلب المقاصة القضائية و الطلبات المقابلة القائمة على الطلب الأصلي فقط أو المبنية كلية عليه الطلب الأصلي ليعطي للمحكمة الاختصاص لنظر جميع الطلبات المقابلة.
فالمقاصة القضائية التي نص عليها المشرع جائزة في كل الأحوال بغض النظر عن قيام صلة الارتباط. أما طلب المدعي عليه بالتعويض كطلب عارض يرتبط بالطلب الأصلي ارتباط السبب بالنتيجة لأن المدعي عليه لم طالب بالتعويض إلا بسبب رفع الدعوى الأصلة، كما يعطي الاختصاص لمحكمة الدعوى الأصلية بالطلب العارض- بالتعويض لارتباطه بتلك الدعوى.
- كذلك في التدخل : فطلب التدخل باعتباره طلب عارض يجب أن يكون مرتبطا بالطلب الأصلي حتى يتسنى قبوله.
- و كذلك لقول اختصام الغير: فللارتباط دور هام في قبول اختصام الغير بناء على إرادة الخصوم أو بأمر المحكمة لأنه يؤدي إلى مد دائرة الخصومة من جهة أشخاصها مع بقائها حيث سببها أو موضوعها. (1)
2- تقديم الطلب العارض قبل تهيئة الفصل في الدعوى: المادة 96 من القانون السابق ذكره : " لا يصح أن يترتب على إبداء الطلبات العارضة إرجاء الحكم في الطلب الأصلي متى كان مهيأ للفصل فيه"
و بالتالي، لقبول الطلب العارض يجب أن تكون الدعوى الأصلية ما زالت قائمة و لو تنقضي لحظة تعديل الطلب القضائي الأصلي، فإذا كانت كذلك، فلا يجوز طرح الطلب العارض لورودها على غير محل.
3- تقديم الطلبات العارضة إلى نفس المحكمة صاحبة الاختصاص بالخصومة:
إن القاعدة العامة تجمع تشريعات دول العالم على عقد الاختصاص المكاني أو المحلي لمحكمة مقام المدعي عليه لأن الأصل هو براءة الذمة، إلا أنه يمكن الخروج في هذه القاعدة في حالات كثيرة منها ما هو ناتج عن حالة للارتباط. و مما لا شك فيه أن الارتباط يساهم بدرجة كبيرة في مدى اختصاص محكمة الطلب الأصلي إلى الطلبات العارضة:
(1) أ.حدادي رشيدة، المرجع السابق، ص 190، 196.
فالمحكمة التي تنظر في الطلب الأصلي تختص بالفصل في الطلبات العارضة و لو لم تكن من اختصاصها المحلي، وذلك لمصلحة العدالة ومصلحة الخصوم تقتضي ضرورة تجميع هذه الدعاوي المرتبطة ببعضها البعض أمام محكمة واحدة لتفادي كثرة الإجراءات و المصاريف و صدور أحكام متعارضة سواء كانت محكمة موطن المدعي أو لأنها محكمة موقع العقار أو موطن المدعي عليه أو غير ذلك ومتى ثبتت المحكمة وجود ارتباط بين الطلبين يبرر مخالفة قواعد الاختصاص المحلي.
فيقصد أنه لا يشترط اختصاص محكمة الطلب الأصلي بالطلب الطارئ قيميا أو مكانيا و لكن في جميع الاحوال يجب اختصاص تلك المحكمة بهذا الطلب وظيفيا أو نوعيا، وإلا تقضي بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها لأن الاختصاص الوظيفي و النوعي اختصاص مطلق يتولد بعدم الاختصاص يتعلق بالنظام العام. (1)
و قد نص المشرع الجزائري في المادة 4 من قانون الإجراءات المدنية: " تختص المحكمة بنظر جميع الطلبات المقابلة أو المقاصة القضائية التي تكون بطبيعتها في حدود اختصاصها مهما بلغت قيمتها "
يستفاد منها أن محكمة الطلب الأصلي مختصة بالنظر في الطلب المقابل أعمالا بقاعدة قاضي الأصل هو قاضي في الفرع حتى و لو لم تكن مختصة مكانيا لو أنه رفع إليها كدعوى أصله.
* بالرجوع إلى هذه المادة تجد أن محكمة الطلب الأصلي مختصة بالطلب المقابل من كل الوجوه فجاءت عبارة النص عامة بأن يكون الطلب المقابل في حدود اختصاصها أي بأن يدخل في اختصاصها الوظيفي و النوعي و المحلي، فكل الطلبات العارضة تخضع له.
* عبارة "مهما بلغت قيمتها": هذه الكلمة أثارت فكرة الاختصاص القيمي مع أن المشرع لم يأخذ به كي يستثنى له استثناء منه الطلبات المقابلة، فهي عبارة جاءت تزيد لا مبرر له. (2)
4-تقديم الطلب العارض قبل قفل باب المرافعة: و ألا يؤدي قبولها إلى تأخير الفصل في النزاع الأساسي و إذا أعيد فتح باب المرافعة من جديد لأي سبب، يمكن حينئذ تقديم الطلبات العارضة و المحكمة تطلق السلطة التقريرية في إجابة هذا الطلب من عدمه. (3)
الفرع الثاني: إجراءات تقديم الطلبات العارضة:
فالرجوع إلى الأصل يقتضي في الطلب الأصلي على حده، و على الخصم رفع طلب جديد إما بإجراءات مستقلة حتى لو كان هذا الطلب الجديد له صلة بالطلب الأصلي، و استثناء على الطلب الأصلي العام سمح المشرع الجزائري للخصم أن يقدم طلبات عارضة يتم الفصل فيها مع الطلب الأصلي لتحقيق حسن سير العدالة و توفير الوقت و الإجراءات و التكاليف، و بالتالي تنتهي الخصومة بصدور حكم بينهما، فالأحكام هي الخاتمة الطبيعية لإجراءات الخصومة، فصدور الحكم في موضوع الدعوى هو الغاية الأساسية التي يهدف إليها رافع الدعوى. (4)
(1) د/أحمد هندي، المرجع السابق، ص 192.
(2) أ/زودة عمر، المرجع السابق.
(3) د/نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، ص 310.
(4) د/محمد ابراهيمي، الوجيز في الاجراءات المدنية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ج2، طبعة 2001، ص 117.
لذلك، بعدما تناولنا في المطلب الأول و الثاني تعريف و شروط الطلب العارض سوف نتطرق في هذا في هذا الفرع لإجراءات رفع الطلب العارض.
تنشأ الخصومة القضائية بمجرد الادعاء لدى القضاء، فتبدأ إجراءات رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة بورقة قضائية تسمى عريضة افتتاح الدعوى أو صحيفة الدعوى و التي يحررها المدعي بنفسه أو محاميه، و يستلزم القانون أن تشمل العريضة على بيانات معينة لكونها تفتح الخصومة القضائية، و أنها تكليف المدعي عليه على يد محضر قضائي ، و بالتالي، إبداء الطلب الأصلي يتم وفق الإجراءات المعتادة لرفع الدعاوي، فالسؤال المطروح هو: فيما يتعلق بإجراءات تقديم الطلبات العارضة و هذا ما سوف نتطرق إليه بصفة عامة.
ترفع الطلبات العارضة وفق الإجراءات العادية لرفع الدعوى، في شكل عريضة مكتوبة في الجلسات المقررة لنظر الدعوى بحضور الخصم الذي يتسلم نسخة منها، و لا يستدعي تبليغها عن طريق محضر قضائي سوى إذا تضمنت إدخال الغير و كما يجوز تقديم بعضها شفاهة في الجلسة و هو أمر نادر الوقوع، ذلك لأن القاعدة هو تقديمها ضمن عرائض مكتوبة. فلم بنص المشرع على إمكانية تقديمها شفاهة في الجلسة سوى في حالات نادرة مثل المادة 97 قانون الإجراءات المدنية التي تجيز ترك الخصومة بتصريح شفوي يثبت في محضر، والتي تنص على " ترك الخصومة إذا كان بغير قيد أو شرط يجوز طلبه كتابة أو إبداؤه في محضر يحرر لذلك و يثبت ترك الخصومة بحكم" ، و هو خلاف المشرع المصري الذي أعطى الخيار للخصوم بين تقديم طلباتهم العارضة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل الجلسة أو شفاهة في الجلسة في حضور الخصم. (1)
* منه بالرجوع إلى المادة 81 قانون الاجراءات المدنية: " كل تدخل في الدعوى مهما كان سببه، يجري بموجب التكليف، بالحضور حسب الأوضاع و المنصوص عليها في المواد22، 23، 24 و26 ".
- و بالتالي هذه المادة تتحدث عن طلب التدخل، فهل تسري قواعد هذه المادة على الطلبات العارضة الأخرى؟
- و بالرجوع إلى هذه المادة نجد اختلاف في النصين العربي و الفرنسي، حيث أن النص العربي بقصد الإدخال أما النص الفرنسي يقصد بالتدخل. إلا أنه كلا الطلبين يخضع إلى إجراءات المادة 81 من قانون الإجراءات المدنية.
- بتصفح قانون الإجراءات المدنية نجد الباب الرابع تحت عنوان : " في الطلبات العارضة و التدخل و إعادة السير في الدعوى و ترك الدعوى"، و كأنه طلب التدخل ليس من الطلبات العارضة.
و منه فان كل من طلب التدخل و الإدخال يقدم في شكل عريضة مكتوبة لافتتاح الخصومة، و تؤدي لدى أمانة ضبط المحكمة و يتم إعلانها لخصم طبقا للأوضاع ( المادة 81 من قانون الاجراءات المدنية) و بالتالي تقدم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى.
- أما بشأن الطلبات الإضافية و الطلبات المقابلة: تقدم بواسطة مذكرة مكتوية أو شفاهة، و ذلك يكون بحضور الخصم الذي يتسلم نسخة منها.
و في حالة غياب الخصم من الجلسة، يجب أن يبلغ بها و لا يجب أن يقضي بها في غيبته لأن ذلك مساس بحقوق الدفاع مما يترتب عليه بطلان العمل الإجرائي. (2)
(1) أ/بوبشير مند أمقران، المرجع السابق، ص 124..
(2) المجلة القضائية، العدد1، سنة 1999، ص 66، 67.
و منه فان قبول الطلب العارض أصبح عنصر من عناصر الدعوى و الذي يتعين الفصل فيها في حدود النطاق الذي أبرمته الطلبات الأصلية معدلة أو مغيرة بطلبات عارضة من الخصوم، إلا أنه قد يعرض على محكمة الموضوع طلب عارض يعدل الطلب الأصلي فيؤثر عليه أو يستفرقه مما يؤدي إلى زوال كافة الآثار القانونية المترتبة على تلك الدعوى بما فيها عريضة افتتاحها و ما ينتج عنها.
بالرجوع إلى نص المادة 95 من قانون الإجراءات المدنية: "في حالة التدخل يجوز للقاضي أن يقضي في الطلب الأصلي على وجه الاستقلال إذا كان مهيأ للفصل فيه أو يؤجل الدعوى للحكم فيها برمتها" نستنتج أنه:
1- لا يجب أن يترتب على تقديم الطلب العارض تأخير الفصل في الطلب الأصلي.
2- أما إذا قدم الطلب العارض و الطلب الأصلي غير مهيأ للفصل فيه فهنا يجب أن تسير إجراءات التحقيق في الطلبات في وقت واحد و الفصل فيها بحكم واحد.
3- و بالنسبة لميعاد تقديم الطلبات العارضة، فلا يوجد أي ميعاد مقرر لذلك، فيمكن أن يقدمها الخصم في أية حالة تكون عليها الدعوى. (1)
المطلب الثالث : الحكم في الطلبات العارضة:
بعد أن تطرقنا إلى إجراءات تقديم الطلب العارض، ندخل في المطلب الثاني و نتناول فيه الحكم في الطلب العارض باعتبار أن الغاية الأساسية التي يهدف إليها رافع الدعوى هو صدور حكم في موضوع الدعوى.
الفرع الأول: أمام المحكمة:
و منه إن الأصل في الطلب الأصلي على حدة، و على الخصم أن يرفع طلبا جديدا بإجراءات مستقلة و حتى و لو كان هذا الطلب الجديد له صلة بالطلب الأصلي، أي يقدم الطلب العارض بدعوى مستقلة و يفصل فيه إلى جانب الطلب الأصلي، و كما قد يرفعان معا بشرط أن لا يؤثر الطلب العارض في التأخير في الفصل في الطلب الأصلي و يفصل فيهما بحكم واحد.
- و بالتالي، و استثناء من الأصل فقد سمح المشرع للخصم بتقديم طلبات عارضة يتم الفصل فيها مع الطلب الأصلي، لتحقيق حسن سير العدالة و توفير للوقت و الإجراءات و التكاليف. (2)
- و بذلك الأصل يتم الفصل في كل من الطلبات الأصلية و الطلبات العارضة بموجب حكم واحد و هذا هو مستنتج من نص المادة 95 من قانون الإجراءات المدنية، السابقة الذكر.
- إلا أنه يتم الفصل في كل طلب على حدى في حالتين:
1- تفصل المحكمة في الطلب الأصلي وحده إذا كان مهيأ للفصل فيه، و كان قد قدم الطلب العارض، لأنه بالرجوع إلى المادة 96 من القانون السابق ذكره: " لا يصح أن يترتب على إبداء الطلبات العارضة إرجاء الحكم في الطلب الأصلي من كان مهيأ للفصل فيه"(3)
و بالتالي هتا يجب الفصل في الطلب الأصلي على استقلال بالرغم من إبداء الطلب العارض إلا أن السؤال الذي يطرح: ما هم مصير الطلب العارض؟
* إن الفصل في الطلب الأصلي يترتب عليه انقضاء الخصومة القضائية الناشئة عنه، فذلك يؤدي إلى انقضاء خصومة الطلب العارض، باعتبار أن الطلب الأصلي هو الأصل أما الطلب العارض هو الفرع، فزوال الأصل يؤدي إلى زوال الفرع.
(1) الجلة القضائية، العدد1، سنة 1999، ص 68.
(2) أ/زودة عمر، المرجع السابق.
(3) أ/بوبشير محند أمقران، المرجع السابق،ص 125.
و على القاضي هنا أن يشير في حكمه إلى حفظ الطلب العارض أو صرفه إلى الجهة المختصة.
و على صاحب المصلحة إعادة رفع الطلب العارض طبقا للأوضاع العادية لرفع الدعوى. (1)
2- يفصل في الطلب العارض أولا إذا كانت طبيعته تتطلب ذلك، كما لو كان محل الطلب العارض مسألة ينبغي الفصل فيها في موضوع النزاع، إلا أنه لا يترتب على الفصل في الطلب الأصلي انقضاء خصومة الطلب العارض إذا تم رفع هذا الأخير طبقا للإجراءات المعتادة لرفع الدعوى طبقا لنص المادة 81 من القانون السابق ذكره، فيبقى الطلب العارض قائما رغم انقضاء خصومة الطلب الأصلي.
الفرع الثاني: أمام جهة الاستئناف:
نجد أنه لما يصدر حكم في الدعوى، فإن هذا الحكم يمكن الطعن فيه بطرق عادية و طرق غير عادية، فجميع الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى تقبل الطعن بالاستئناف ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. و الخصومة في جهة الاستئناف تتحدد بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة الدرجة الأولى و بنفس الصفة التي تقدموا بها إلى القضاء و بنفس الطلبات التي تمّ الفصل فيها.
فقرة أ : قاعدة عامة: عدم جواز إبداء طلبات جديدة في الاستئناف:
إن الاستئناف لا ينقل إلى المحكمة الاستئنافية إلا ما تم الفصل فيه، فمبدأ إثبات النزاع و مبدأ التقاضي على درجتين يحرم إبداء طلبات جديدة أمام هذه الجهة. يقصد المبدأ الأول أن قاضي ثاني درجة يعمل رقابية على الحكم الصادر من أول درجة يجب أن يطرح عليه ذات النزاع السابق طرحه على قاضي أول درجة دون تغيير و دون إضافة أي طلبات جديدة إليه.
*و كذلك مبدأ التقاضي على درجتين: يؤدي إلى تحريم إبداء طلبات جديدة أمام جهة الاستئناف و بالتالي تكون لكل متقاضي الحق في أن تنظر دعواه أمام محكمتين على التوالي.
و بالتالي لا يقبل أي طلب جديد أمام هذه الجهة لأن في ذلك طرح عناصر غير التي نظرت في أول درجة. و بالتالي حرمان المتقاضي من حقه في ازدواج درجة القضاء و يعد طرحا لطلب جديد لتجديد لأن محكمة أول درجة لم تفصل في موضوعه ( و هذا كله ما يقتضيه الأثر الناقل للاستئناف).
كذلك من ناحية السبب فالأصل أنه يجب أن يكون واحدا في أول درجة و في الاستئناف معا و يعتبر الطلب المختلف سببه عن الطلب الأصلي طلبا جديدا.*
فالطلب يعد جديدا إذا اختلف في أي عنصر من عناصره أما في الموضوع أو السبب أو الخصوم مثال: طلب الخصم أمام محكمة أول درجة بملكية عقار ثم جاء في الاستئناف و طلب فقط بحق ارتفاق عليه فان طلبه يعد طلبا جديدا لاختلاف الموضوع. (2)
(1) أ/زودة عمر، المرجع السابق.
* قرار المحكمة العليا، تحت رقم 257742، بتاريخ 06-02-2002، انظر الملاحق.
(2) أ.حدادي رشيدة، المرجع السابق، ص 216.
.
و هذا ما سار عليه المشرع الجزائري في المادة 107 / 1 من قانون الإجراءات المدنية : " لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف ما لم تكن خاصة بمقاصة أو كانت بمثابة دفاع في الدعوى الأصلية..."
فهذه المادة تضع قاعدة عامة تمنع تقديم الطلبات الجديدة تطبيقا للأثر الناقل للاستئناف و ذلك تطبيقا أن الاستئناف لا ينقل إلا ما طرح أمام المحكمة و فصلت فيه". (1) إلا أن المشرع أورد استثناءات على هذه القاعدة و هي:
فقرة ب: إن المشرع أباح الخروج على المبدأ العام بتقديم طلبات جديدة على جهة الاستئناف و قد ذكر حالات على سبيل الحصر و هي:
أ- المقاصة القضائية : بالرجوع إلى المادة 107/1 من قانون الإجراءات المدنية المذكور سابقا، استثنى المقاصة لأن الطلب فيها أصبح بمثابة دفاع في الطلب الأصلي، أو قصد المشرع المقاصة القضائية و ليس المقاصة القانونية التي يتولد التمسك بها، دفع موضوعي يجوز التمسك لأول مرة أمام جهة الاستئناف إما التمسك بالمقاصة القضائية يتولد عنها طلب عارض، فهي يتمسك به المدعي عليه لرد الطلب الأصلي.
و بالتالي تكون المقاصة القضائية إلا في صوره دعوى أمام القضاء و التمسك بها في سورة طلب عارض يدفع بها الدعوى الأصلية. و يطلب المدعى عليه بموجبه إسقاط الدين الذي له على المدعي إذا كان منازعا فيه، بعد ذلك تجري المقاصة القضائية. (2) و القاضي ينظر في الدعوى الأصلية و الدعوى العارضة و يحكم فيهما بعد أن يحسم النزاع في الدين الذي المدعى عليه في ذمة المدعي.
و تعتبر هذه المقاصة القضائية من الطلبات المقابلة التي يتمسك بها المدعي عليه لرد الطلب الأصلي و تعد طلب جديد في كافة عناصره، و تطرح أمام جهة الاستئناف فهي مقبولة استثناء للقاعدة العامة.
ب- الطلب الجديد كوسيلة دفاع للطلب الأصلي: من الرغم أنها تتضمن طلبا جديدا و ليس مجرد رفض الدعوى إلا أنها مقبولة لأنها أصبحت تقوم بوظيفة الدفاع في الدعوى الأصلية.
مثال: يطلب الخصم أمام المحكمة رفض الدعوى لعدم التأسيس و أمام جهة الاستئناف إبطال العقد مثلا للتدليس أو للإكراه أو للغبن أو نقص الأهلية، فهي تشكل طلبا جديدا متميزا عن طلب رفض الدعوى إلا أنه يستعمل بحسب دفاع لرد طلبات الخصم.
أما إذا الطلب الجديد يتجاوز وظيفة الدفاع، كأن يتمسك الخصم لأول مرة أمام جهة الاستئناف بطلب ملكية للعقار المنازع عليه في حين يتمسك أمام المحكمةI بطلب رفض الدعوى فهذا الطلب غير مقبول باعتباره طلبا جديدا بكافة عناصره، و هو يعد من الطلبات المقابلة.
ج- ملحقات الطلب الأصلي: م 107/2 من قانون الإجراءات المدنية:.. " .... كما يجوز الخصوم أيضا طلب فوائد و متأخر الأجرة و سائر الملحقات التي تستحق منذ صدور الحكم المستأنف و كذا التعويضات المستحقة من أضرار وقعت منذ ذلك الحكم..."
تعتبر من الملحقات كل ما يمكن إضافته إلى الأصل دون أن يستغرقه. و قد أشارت هذه الفقرة إلى بعض الملحقات على سبيل المثال كطلب الفوائد وبدل الايجار،و الأموال التي تتعلق بصيانة المال المتنازع عليه، و المقصود هنا بالملحقات هي التي تستحق بعد صدور حكم المحكمة، فرغم أن تقديم طلب يتعلق بملحقات الطلب الأصلي يعد طلبا جديدا إلا أنه يكون مقبولا أمام جهة الاستئناف كاستثناء على القاعدة العامة.
(1) أ/زودة عمر، سبب الطلب القضائي في ضوء الفقه والاجتهاد القضائي، المرجع السابق، ص 67.
(2) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج3، ص 239.
مثال: إذا طالب المدعي بأصل الدين يحق له أن يطلب بالفوائد المستحقة على المبلغ المحكوم له به منذ صدور حكم المحكمة.
د- طلب التعويض عن الضرر الحاصل من جراء الحكم أو مند صدوره:: سواء تعلق طلب التعويض عن تفاقم الأضرار، مما يبرر تقديم طلب يتضمن زيادة التعويض عن هذا الضرر أو التعويض عن الضرر الناجم من الحكم الصادر. مثال: المطالبة بالتعويض الذي أصاب الخصم من جراء حكم مشمول بالنفاد المعجل رغم الاستئناف في حالة ما إذا نفذ الحكم ثم ألغته جهة الاستئناف. أو طلب التعويض عن الطعن التعسفي لأول مرة أمام جهة الاستئناف إذا سبب ضرر للخصم و يكون هذا الطلب مقبولا استثناءا. (1)
ه- قبول الطلب من حيث السبب لأول مرة أمام جهة الاستئناف:
م 107/3 من قانون الاجراءات المدنية : " و لا يعد بمثابة طلب جديد الطلب المشتق مباشرة من الطلب الأصلي في الدعوى و الذي يهدف إلى الغاية نفسها و لو كان مؤسس على أسباب أو أسانيد مختلفة عنه".
يعد الطلب مشتقا من الطلب الأصلي إذا كان يهدف إلى الغاية التي كان يهدف إليها الطلب السابق.
مثال :1- الطلب الذي يرمي إلى تقرير حق الملكية أو طلب التطليق فإذا رفع الخصم دعوى أمام المحكمة يطلب فيها تقرير حق الملكية على العقار أ إسنادا إلى العقد ثم يتمسك أمام المجلس بالملكية على نفس العقار مستندا إلى الحيازة، فهذا الطلب لا يعد طلبا جديدا لأنه مشتق من نفس الطلب الأصلى و يهدف إلى نفس الغاية التي يهدف إليها هدا الأخير و هو تقرير حق الملكية على العقار. 2- طلب في الدعوى الأصلية تغير إلى التطليق إلى التطليق على أساس الضرب المبرح، ثم يتمسك الطالب أمام المجلس بنفس الطلب مستندا إلى النفقة، فهذا الطلب يبدو جديدا لأنه عرض لأول مرة أمام المجلس، لكنه في الواقع ليس كدلك لأنه يهدف لنفس غاية الطلب الأصلي و هو التطليق. (2)
و بالتالي السبب هو الذي اختلف مع بقاء الموضوع ثابتا. و القاعدة أن الطلب القضائي يعتبر جديدا إذا طرأ تغيير في عنصر من عناصره الثلاثة و ذلك بتعديل موضوعه أو سببه أو توسيع نطاق الأشخاص أو تغيير صفاتهم.*
و بالتالي خروجا عن القاعدة العامة يجوز تغيير الطلب القضائي من حيث السبب و هو الاستثناء الذي كرسته المادة 107/3 من قانون الإجراءات المدنية السابقة الذكر في حين لا يجوز تغيير موضوع الطلب القضائي.
و السؤال: هل يسري دلك على أشخاص الطلب القضائي؟و بالرجوع إلى المادة 108 من قانون الإجراءات المدنية : " لا يقبل التدخل إلا إذا كان صادرا ممن له مصلحة قائمة و حالة في النزاع"و نجد توسيع نطاق أشخاص الطلب القضائي يكون بإحدى الوسيلتين:
(1) أ/زودة عمر، سبب الطلب القضائي في ضوء الفقه والاجتهاد القضائي، المرجع السابق، ص 59، 60.
(2) أ/زودة عمر، محاضرات ألقيت على الطلبة القضاة، دفعة 14.
* قرار المحكمة العليا، تحت رقم 247138 ، الصادر بتاريخ 03-04-2001، انظر الملاحق.
الأولى: بإدخال الغير في الخصومة جبرا كتوجيه الطلب من أحد الخصمين إلى الغير الخارج عن الخصومة و هذه لا تقبل أمام جهة الاستئناف لأن الخروج عن القاعدة العامة لا يكون إلا بنص خاص لذلك سمح المشرع بالتدخل دون الإدخال.
الثانية: يكون بتدخل الغير اختيارا في الخصومة القائمة بين الطرفين و ينقسم إلى تدخل انضمامي و تدخل هجومي.
و منه في الأخير لا يمكن قبول الطلب الجديد من حيث الأشخاص إلا ما تعلق بالتدخل ألانضمامي، أما التدخل الهجومي و الإدخال غير مقبول لأول مرة أمام جهة الاستئناف.
و بالتالي يجب أن يبقى الطلب القضائي الأصلي ثابتا و لا يطرأ عليه أي تغيير في أحد عناصره الثلاثة. إلا أن هذا المبدأ يرد عليه استثناء ،.إذ يخضع للتغيير أمام المحكمة و بشروط، و أمام جهة الاستئناف ومن حيث السبب، و من حيث الأشخاص عن طريق التدخل الإنضمامي دون الهجومي و الإدخال. (1)
و بعد دراسة المبحث الأول من الفصل الثاني و الذي تناولنا فيه مفهوم الطلبات العارضة، سوف نتطرق إلى المبحث الثاني من هذا الفصل الذي نتعرض فيه إلى أنواع الطلبات العارضة.
(1) أ/زودة عمر، سبب الطلب القضائي في ضوء الفقه والاجتهاد القضائي، المرجع السابق، ص62.
-المبحث الثاني: أنواع الطلبات العارضة :
كما سبق الذكر، إن الطلب القضائي الأصلي يتكون من ثلاثة عناصر و هي : الأشخاص، الموضوع، و السبب وبه يتحدد نطاق الخصومة القضائية،و استقر الفقه على عدم جواز تغيير نطاق هذه الأخيرة، طبقا لمبدأ ثبات الطلب القضائي، إلا أنه لاعتبارات مهمة كالاقتصاد في النفقات و الوقت فقد سمح بتقديم طلبات جديدة أثناء نظر الخصومة و التي يطلق عليها بالطلبات العارضة و تقدمها أثناء سير الخصومة تؤدي إلى تغيير أشخاص الخصومة أو محلها سواء بالزيادة أو النقصان أو التعديل، و التي اختلف الفقه في مسألة قبولها لأنها تؤدي إلى تعقيد الخصومة و تأخير الفصل فيها، إلا أنه استقر الرأي على أنها توجبها متطلبات فض النزاع و تفادي أحكام متعارضة . وللتوفيق بين هده الاعتبارات سمحت التشريعات الحديثة بفتح المجال لهذا النوع من الطلبات وإن كان هناك مساس بمبدأ ثبات الخصومة و استقرارها إلا أنه يمكن للمدعى عليه تدارك النقص الذي اعترى طلبه الأصلي بتقديمه للطلبات الإضافية، و كما يمكن للمدعى عليه مواجهة هذا الطلب الأصلي بطلبات مقابلة.
و كما يمكن للغير الدفاع عن حقوقه طالما هي مرتبطة بالطلب الأصلي. و لذلك نجد الطلبات العارضة فيها الطلبات الإضافية، الطلبات المقابلة أو دعاوي المدعى عليه، و قد تقدم من جانب شخص ليس طرفا في الخصومة في مواجهة الخصوم أو إحداهم يسمى بالتدخل أو تقدم من الخصوم أو القاضي في مواجهة شخص خارج عن الخصومة يسمى اختصام الغير. (1)
فالسؤال المطروح: ماذا يقصد و ما هدف كل نوع من هذه الطلبات؟ و هذا ما سوف نراه من خلال المطالب الثلاثة التالية:
المطلب الأول : الطلبات الإضافية:
نتطرق في هدا المطلب إلى تعريف الطلبات الإضافية وهدا ما سوف نراه من خلال الفروع التالية:
-الفرع الأول : تعريف الطلبات الإضافية :
هي تلك التي تقدم من المدعي في مواجهة المدعي عليه و التي يغير بمقتضاها نطاق الخصومة المحدد لطلبه الأصلي سواء بالزيادة أو بالنقصان، أي هي تتضمن إضافة أو إنقاص أو تعديل الطلبات الأصلية. (2)
و بتعبير آخر هي الطلبات التي يضيفها المدعي إلى طلبه الأصلي معدلا لهذا الأخير في أي عنصر من عناصره. (3)
و بالرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية لم يتضمن نص يبين أو يحدد هذه الطلبات الإضافية، على عكس قانون المرافعات المصري الذي حددها في المادة 124 منه. (4)
(1)د.عوض لأحمد الزغدي، المرجع السابق، ص 673.
(2) د.مفلح عواد القضاة، المرجع السابق، ص 253
(3) د.أحمد هندي، المرجع السابق، ص 201.
(4)د.بوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص 127.
فقد استقر الفقه و القضاء على أته يحق للمدعي أن يقدم الطلب القضائي و أن يضمه لأكثر من طلب ما دام يوجد ارتباطا بينهما. و هذا ما يفهم من نص المادة 91 من قانون الإجراءات المدنية : " إذا وجد ارتباط بين قضايا مطروحة على المحكمة نفسها، تقضي المحكمة بضمها من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم"
الفرع الثاني: نطاق الطلبات الإضافية :
يحق المدعي أن يدخل تعديلا على الطلب الأصلي عن طريق نظام الطلبات العارضة و ذلك بإدخال تغيير على أحد عناصر الطلب القضائي الأصلي بالزيادة أوالنقصان. (1)
و بالتالي بالنظر إلى الطبيعة الخاصة لهذه الطلبات يمكن تحديد نطاقها و مجالها كالآتي:
1- من حيث الموضوع:
و هذا التغيير يتم مع بقاء سبب الطلب ثابتا لتحقق شرط الارتباط و اختصاص قاضي الطلب الأصلي بالطلب العارض.
- يمكن أن يتقدم المدعي بطلب عارض يتضمن تصحيح أو تعديل أوتغيير أو مكمل لموضوع الطلب الأصلي و ذلك لمواجهة ظروف طرأت بعد رفع الدعوى.
أ- يعد الطلب مصححا للطلب الأصلي: الطلب الذي يزيد أو ينقص مبلغ التعويض المحدد في الطلب الأصلي و ذلك بعد أن يبين له التحقيق قدر الأضرار التي لحقت به.
يطلب المدعي مبلغا معينا، و بعد مراجعة الوثائق يتبين أنه يستحق أكثر، فيقدم هذا الطلب المصحح أو يطلب رد العين في حالة الإستحالة لهلاكه يطلب التعويض .
ب- يعد الطلب معدلا لموضوع الطلب الأصلي: كطلب التعويض عن هلاك العين بعد المطالبة بتقرير ملكيتها أو طلب فسخ العقد المعدل لطلب تنفيذه أو العكس(2) أو يطلب فوائد الدين بعد المطالبة به في الطلب الأصلي . فالمقصود هنا أن يعدل المدعي عن دعواه الأصلية إلى دعوى أخرى تتحد معها في نفس السبب و ترمي إلى تحقيق نفس الهدف.
ج- يعد الطلب مكملا أومترتبا عنه أو متصلا به اتصالا لا يقبل التجزئة:1- كطلب التعويض عن إزالة البناء الذي يضاف إلى طلب استرداد العقار محل الحيازة. 2- كطلب الزوجة إسناد حضانة الأولاد بعد تقديمها طلب التطليق. 3- طلب مبلغ معين نتيجة تصفية الحساب إذا كان الطلب الأصلي هو تقديم الحساب.
د/ يعد الطلب مغيرا لموضوع الطلب الأصلي: كأن يطلب تنفيذ العقد ثم يعدل عنه إلى طلب فسخه أو طلب ملكية عقار (ك) ثم يعدل عنه إلى طلب ملكية عقار أو طلب ملكية عين منقول أو عقار تم يطلب قيمتها إذا تبين له أثناء نظر الدعوى أنها هلكت (3)
(1) المجلة القضائية، سنة 1999، العدد1، ص 53.
(2) د.فتحي والي، المرجع السابق،ص 461، 462.
(3) د. عوض الزغبي، المرجع السابق، ص 674.
2- من حيث السبب:
يشترط أن يكون موضوع الطلب القضائي الأصلي ثابتا لتحقيق شرط الارتباط بين الطلب الأصلي و الطلب الجديد، يجوز للمدعي أن يقدم طلبا عارضا يتضمن إضافة أو تغيير في سبب الطلب الأصلي.
مثل: طلب ثبوت ملكية عقار بناء على عقد بيع إضافة إلى التقادم المكسب، أو طلب التعويض علي أساس الإثراء بلا سبب بعد المطالبة بذلك على أساس الخطأ.
أو كأن يطلب ملكية عقار (ك) بناءا على عقد البيع باعتباره سبب لملكيته، ثم يعدل عنه إلى سبب جديد كالحيازة أو الميراث أو الوصية. (1)
و في الأخير، لا يجوز تعديل كل من موضوع الطلب القضائي الأصلي و سببه و إلا كنا أمام طلب جديد غير مرتبط بالطلب الأصلي.
ومنه يحق للمدعي أن يقدم طلبا عارضا يتناول تغيير موضوع أو سبب الطلب القضائي بشرط أن يدخل التغيير على أحدهما فقط.
- بعد أن تناولنا في هذا المطلب الطلبات العارضة المقدمة من المدعي نتطرق لدراسة المطلب الثاني و الذي سنتطرق فيه للطلبات العارضة المقدمة من المدعي عليه و يطلق عليها بالطلبات المقابلة.
المطلب الثاني :الطلبات المقابلة:
القانون يزود المدعي عليه بنوعين من الوسائل للرد على المدعي و هي الدفع و الطلب المقابل.
فالدفع: هو وسيلة دفاعية بحتة، يرمي بها المدعي عليه إلى مجرد رفض طلبات المدعي أو تأخير الفصل فيها. أما الطلب المقابل هو وسيلة دفاع و هجوم، يهاجم به المدعي و يطالب حقا يعرضه على القضاء و يطلب الحكم به على المدعي. و بالتالي و إن كانت الطلبات المقابلة تشترك مع الدفوع الموضوعية في الهدف و هو ألا يحكم المدعي بطلباته إلا أنهما يختلفان كما سبق ذكره.
و هذا ما سنتعرض إليه من خلال هذا المطلب الذي نتناول فيه تعريف الطلبات المقابلة في الفرع الأول، و في الفرع الثاني نتطرق إلى بعض الطلبات المقابلة.
الفرع الأول: تعريف الطلبات المقابلة:
إن الطلبات المقابلة و تسمى أيضا دعاوى المدعى عليه يستعملها هدا الأخير ردا على الدعوى المقامة ضده من طرف المدعي، و هي وسيلة هجومية تؤدي إلى تغيير محل الخصومة، حيث لا يكتفي المدعي عليه بمجرد رفض طلب المدعي، بل يثير دعوى أخرى لأنها تتضمن وقائع دعوى جديدة، يطلب فيها الحكم لصالحه في مواجهة المدعي مما يؤدي إلى قلب أدوار الخصوم. (2)
(1) د.أحمد هندي، المرجع السابق، ص 198.
(2) د.بوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص 130.
فالطلبات المقابلة خلافا للدفوع تؤدي إلى تغيير موضوع الخصومة بإضافة طلبات جديدة،فالمدعي عليه يطلب إلى جانب رفض الدعوى تحسين مركزه القانوني أي يطلب تقرير حق أو مركز قانوني خاص به كطلب المدعي تنفيذ العقد و يرد المدعى عليه بطلب فسخ العقد أو إبطاله أو يطلب المدعي التعويض عن حادث، فينكر المدعي عليه مسؤوليته و يطلب هو تعويضا عن نفس الحادث. (1)
و هناك اختلاف في الرأي حول مسألة قبول الطلبات المقابلة، فقد اتجه البعض كالقضاء الفرنسي القديم إلى عدم قبولها لأنها تؤدي إلى تشعب الخصومة، و هي وسيلة يتخذها المدعي عليه لتأخير حسم النزاع أو ليحمل المدعي التنازل عن الدعوى إلا أن هذا القضاء لم يلق صدى لدى الفقه الذي برر قبولها إلى عدم وجود نص يمنع توجيهها(2). و قيل أن الطلبات المقابلة هي وسيلة للتحايل على قواعد الاختصاص وتقديمها ينافي مبدأ وحدة الدعوى.
إلا أن هناك اتجاه يدعو لضرورة قبولها لأن وراءها مزايا تؤدي إلى تقليل المصاريف و توحيد النزاع، و تمكن القاضي بإلقاء نظرة شاملة على الدعوى.
و بالرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية، نجد أن المشرع الجزائري نص في المادة الرابعة منه على ما يلي:
" تختص المحكمة بنظر جميع الطلبات المقابلة أو المقاصات القضائية التي يكون بطبيعتها في حدود اختصاصها مهما بلغت قيمتها ".
يفهم من ذلك أنه سمح بتقديم طلبات مقابلة على خلاف طلبات المدعي الإضافية و التي لم ينص عليها على الإطلاق، و بالتالي هذه الطلبات المقابلة كي تكون مقبولة، يجب توافر شرط الارتباط بينها وبين الطلب الأصلي كما هو منصوص عليه في المادة 91 من قانون الإجراءات المدنية .
و بالرجوع إلى المشرع الفرنسي نص صراحة في المادة 70 من قانون المرافعات على قبول الطلبات المقابلة على نفس النمط الذي عالج به قبول الطلبات الإضافية فهو قد سوى بين هذين النوعين من الطلبات العارضة ،فقد أكد أنهما لا يقبلان إلا بشرط الارتباط .
و أضاف في الفقرة الثانية من هذه المادة أنه و مع ذلك فان طلب المقاصة يكون مقبولا حتى دون توفر هدا الشرط.أما المشرع المصري في المادة 125 من قانون المرافعات بين الطلبات المقابلة التي يجوز تقديمها. (3)
و في الأخير، فإن الطلب المقابل يهدف من خلاله المدعى عليه إلى الحصول على حكم يكفل له مزايا تزيد على مجرد رفض طلب المدعي.
و بعد أن انتهينا من الفرع الأول ندخل في الفرع الثاني الذي نتناول فيه بعض الطلبات المقابلة.
(1) د.أحمد هندي، المرجع السابق، ص 198.
(2) د.سليمان بارش، المرجع السابق،ص 113.
(3) د.بوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص 133.
الفرع الثاني: أهم الطلبات المقابلة:
إذا بعد دراسة الفرع الأول و الذي رأينا فيه تعريف الطلبات المقابلة، سوف نتناول في هذا الفرع أهمها كالآتي:
بالرجوع إلى المادة الرابعة من قانون الإجراءات المدنية نفهم أن المشرع أعطى للمدعى عليه حق تقديم طلب عارض مقابل يتمثل في المقاصة القضائية، أو متعلق بطلب التعويضات القائمة على الطلب الأصلي فقط.
يفهم من هده المادة بأن المحكمة تنظر جميع الطلبات المقابلة مع اشتراط الارتباط، إلا في حالة المقاصة القضائية التي تعد استثناء على المبدأ العام.
و من أهم الحالات التي يقدم فيها المدعى عليه طلبات عارضة مقابلة لمجابهة دعوى المدعي الأصلية هي:
1- الطلب المقابل المتضمن مقاصة قضائية: و هي تعتبر من أهم الطلبات العائدة للمدعى عليه من توقي خطر إعسار المدعي في حالة ما إذا حكم عليه بالدين و اضطر إلى مقاضاته في خصومه مستقلة.
فالمشرع سمح بتقديمها حتى في حالة عدم توافر شرط الارتباط بين هذا الطلب و الطلب الأصلي و ذلك مراعاة لموقف المدعي عليه الذي أجبر على الدخول في الخصومة بمبادرة من المدعي و مراعاة لمصلحته في إنقاص ما يحكم به عليه. (1)
و المقاصة عموما تعد سببا من أسباب انقضاء الالتزام، و بمقتضاها ينقضي التزام المدين.
مثال طلب المدعي إلزام المدعي عليه بحق دائنية . (2)
و يكون هذا الأخير حق دائنية آخر إزاء خصمه، و بالتالي سمح للمدعى عليه بأن يتقدم بطلب حقه أمام نفس المحكمة و ما يسمى بالمقاصة لتوفير الوقت و تجنب عليه مشقة دفع ما عليه. و هي نوعان: قانونية و قضائية. (3)
فالمقاصة القانونية تقدم بحكم القانون و تقدم في شكل دفع و يشترط لوقوعها أن يوجد دينين متقابلان موضوعهما نقودا او مثليات متحددة النوع خاليتين من ا لنزاع، مستحقي الأداء و صالحين المطالبة بها قضاء و هذا ما نص عليه المشرع في المادة 297/1 من القانون المدني.
و أن يكون الدينان قابلين للحجز عليهما، و ألا يكون أحدهما شيئا نزع دون حق من يد مالكه، أو مودعا
أو معارا للاستعمال طبقا لنص المادة 299 من القانون المدني.
مثال: ادعى زيد على عمر و طالب إلزامه بمبلغ 10000 دج ثمن بضاعة كان قد وردها له، و كان مدين له بمبلغ 5000 دج بمقتضى قرضا استحق أجله، جاز المدعى عليه عمر أن يدفع دعوى المدعي زيد بالمقاصة القانونية فتبرأ منه و لا يحكم عليه إلا 5000 دج.
- و في حالة اختلال أحد هذه الشروط خاصة شرط الخلو من النزاع فهنا المدعى عليه يقدم طلبا عارضا يطلب فيه المقاصة القضائية بين المدينين أي إزالة النزاع حول دينه ثم مقاصته مع دين المدعي.
فالمقاصة القضائية تقع بحكم القضاء، فالقاضي هو الذي ينشئها (حكم منشأ) و تقدم في شكل طلب و تكون حين لا يتوفر بالنسبة لأحد الدينين شرط الخلو من النزاع.
(1) د.فتحي والي، المرجع السابق، ص 463.
(2) د.أحمد هندي، المرجع السابق، ص 201.
(3) د.محمد حسنين، الوجيز في نظرية الالتزام، ص 360، 364.
فقبولها وجد لمصلحة المدعى عليه لضمان حقه اتجاه ا لمدعي، إذ قد يتضرر من تسديد دينه إلى دائنه و الانتظار على حصول حقه منه إذ يوفر على المدعى عليه إقامة دعوى أصلية للمطالبة بحقه كما يخفف العبء و يوفر الوقت على المحكمة التي يتاح لها أن تنظر في طلب المدعى عليه العارض، لما تنظر في طلب المدعي الأصلي بدل أن ترفع إليها دعوى ثانية فتضاف إلى الدعوى الأولى و كذلك لتفادي الضرر الذي يمكن أن يصيب المدعى عليه فيما إذا أحيل بينه و بين المطالبة بحقه عن طريق طلب عارض و اضطر لرفع دعوى أصلية بهذا الحق على المدعي و هذا الأخير نفذ الحكم لمصلحته ثم أعسر قبل حصول المدعي عليه على حكم في دعواه. (1)
فإذا قبل القاضي كل من الدعوى الأصلية و العارضة بعد أن فض النزاع في شأن الدين الذي يدعيه المدعى عليه في ذمة المدعي أو بعد أن عين مقداره، فإنه يجري المقاصة القضائية بين الدينين، فينقضي الدينان بقدر الأقل منهما،أما إذا كان دين المدعي هو الأكبر قضى له بما زاد له دينه، أما إذا كان الدينان متساوين قضى بإتباع المقاصة بين كل من الدينين و بانقضائهما معا. (2)
-بالرجوع إلى المادة الرابعة من قانون الإجراءات المدنية ، السابقة الذكر تنص على اختصاص المحكمة بالطلبات المقابلة و المقاصة القضائية كأن المقاصة ليست من الطلبات المقابلة إلا أنها تعد منها، فكان قصد المشرع وراع ذلك استثناؤها من شرط الارتباط. (3)
2- الطلب المقابل المتعلق بالحكم بالتعويضات المؤسسة كلية على الطلب الأصلي فقط:
طبقا للمادة 4/2 من قانون الإجراءات المدنية: يجوز المدعي أن يقدم طلبا عارضا مقابل التعويض عن الضرر التي لحقه من جراء الطلب الأصلي لينظر في الطلبين من نفس المحكمة لأنها قدر على تقدير ذلك الضرر.
مثال : طلب التعويض الذي تقدمه الزوجة عن الطلاق التعسفي. و كذا طلب التعويض عن الدعوى التعسفية.
(1) أ.حدادي رشيدة، المرجع السابق، ص 82،83.
(2) د.عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج2، طبعة 1969، ص 938.
(3) أ. زودة عمر، المرجع السابق.
و هذه الفقرة جاءت زيادة، كان على المشرع الاكتفاء بالفقرة الأولى والفقرة الخامسة من نفس المادة لأن طلب التعويض الذي يتقدم به المدعى عليه الناتج عن الضررالدي لحقه من جراء الطلب الأصلي الذي تتوفر فيه صلة الارتباط بين هذا الطلب العارض و الطلب الأصلي وهي متوفرة في السبب لأن مجموع الوقائع التي يستند إليها المدعى عليه تشتمل علي وقائع الطلب الأصلي. (1)
3-الطلب المقابل الذي يكون بمثابة دفاع في الدعوى الأصلية:
ويرمي إلى الحصول على ميزة خاصة له. فهي الطلبات التي يترتب عنها ألا يحكم المدعي بطلباته كلها أو بعضها مثل طلب فسخ العقد الذي يطلب المدعي تنفيذه كطلب الطلاق أو التطليق بعد تقديم الخصم طلب الرجوع الي البيت الزوجية أو طلب تنفيذ العقد فيقدم المدعي عليه طلب عارض يطلب فيه فسخ العقد أو بطلانه أو تزويره.،أو طلب المدعي ملكية العقار و تقدم المدعي طلب عارض يحق الارتفاق عليه إلا أنه طرح نقاش في مسألة ما إذا كان قد تقبل الطلبات العارضة من المدعي ردا على دعاوي المدعي عليه؟
فالقضاء الفرنسي القديم استقر على أن تفادي تشعب الخصومة يستدعي ألا يقبل طلب عارض على طلب عارض إلا في حالة استناد الطلب العارض إلى نفس السبب الذي تستند إليه دعوى المدعى عليه.
- و يرى أغلبية الفقه قبول هذه الطلبات إذا كانت مرتبطة بدعوى المدعى عليه للاعتبارات الآتية:
1- عدم وجود نص يمنع ذلك.
2- إمكانية تقديم هذه الطلبات في شكل دعوى أصلية يمكن طلب إحالتها إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى الأصلية لتقبل هذه الطلبات بطريقة ملتوية.
3- الرغبة في الاقتصاد في الخصومة.
و بالتالي، إذا أبدي المدعى عليه طلبا عارضا بصدد الدعوى الأصلية و كانت الأولى حاسمة و مؤثرة على الثانية ، كان المدعي أن ينفذ دعواه الأصلية بطرح طلب عارض يغير فيه من حدود طلبه الأصلي، إزاء ما استجد من جديد، مفاده التزام مبدأ التغير و حتميته و إلا خسر المدعي دعواه الأصلية بفعل الطلب العارض من المدعي عليه. (2)
فالمشرع اللبناني أجاز للمدعي تقديم طلبات مقابلة ردا على طلبات المدعى عليه المقابلة بشرط أن تكون ناشئة عن السبب الذي بنيت عليه طلبات المدعي. أما المشرع الجزائري فلم يتطرق إلى هذه النقطة
بعد أن انتهينا من المطلب الثاني سوف ندخل في المطلب الثالث والدي نتناول فيه الطلبات الماسة بأشخاص الطلب الأصلي.
(1) أ.زودة عمر، المرجع السابق.
(2) د.محمد محمود ابراهيم، المرجع السابق،ص 384، 385.
المطلب الثالث: الطلبات الماسة بأشخاص الطلب الأصلي:
من مظاهر مرونة قواعد الخصومة أنه، كما أجاز القانون إحداث تغيير في موضوعها أثناء سيرها عن طريق الطلبات الإضافية و المقابلة أجاز أيضا أحداث تغيير في أطرافها، فأباح تعدد أطراف الخصومة أثناء السير فيها عن طريق تدخل الغير كما سمح لمن لم تشمله الدعوى أثناء السير فيها التدخل لدى المحكمة القائمة أمامها متى كان يعنيهم أمرها، و كما أباح للخصوم الأصليين في الدعوى إدخال أشخاص آخرين فيها. (1)
و بصفة عامة، إذا كان الحديث في إطار الطلبات العارضة يدور حول الطلبات الإضافية و المقابلة لان الوضع الغالب أن تجمع بين الطرفين و هو الوضع الغالب بكثرة ليس الوحيد، لأن أشخاص آخرين يرغبون في الدخول إليها عن طريق التدخل، أو يجبروا على المشاركة فيها ( الإدخال). (2)
و بالتالي في هذا المطلب سوف ندرس فيه الطلبات الماسة بأشخاص الطلب الأصلي و نقصد بذلك تعديل الطلب القضائي الأصلي من حيث توسيع نطاق الأشخاص و يتم ذلك بوسيلتين: الأولى بإدخال الغير في الخصومة و هذا ما نراه في الفرع الأول.
الثانية: عن طريق التدخل و الذي ينقسم بدوره إلى تدخل انضمامي و تدخل هجومي و هذا ما نتعرض إليه في الفرع الثاني.
فالمشرع الجزائري على غرار التشريعات الأخرى قام بتعديل الطلب القضائي بتوسيع نطاق الأشخاص عن طريق إدخال الغير أو تدخله و ذلك على التدخل الجبري. ذلك في المواد : 81، 82، 83، 94، 95، 148، 286، 287،460 من قانون الإجراءات المدنية .
الفرع الأول: اختصام الغير:
فقرة 1:إن الغير هو الشخص الذي لم يكن طرفا في الخصومة بشخصه أو لم يمثل فيها كالخلف العام أو الخلف الخاص أو قاصر أو غائب لا يعد من الغير لأن له ممثلا قانونيا في الدعوى.
فيقصد باختصام الغير، حينما يجلب هذا الأخير رغما عن إرادته أوبغض النظر عنها إلى خصومة قائمة بين آخرين من تلقاء أحد الخصوم أو بناء على أمر من القاضي فنكون بصدد تدخل جبري . فبالتالي، هو تكليف شخص من خارج الخصومة من طرف الخصوم بالدخول فيها.
و الغرض من ذلك هو جلبه للدفاع عن الخصم لكي يحكم عليه بطلبات معينة، فتكون الطلبات الأصلية أو يصبح الحكم الصادر في الدعوى الأصلية حجة عليه. أو يهدف إلزام الغير بتقديم ورقة منتجة في الدعوى و موجودة تحت يدي هذا الغير.
ووجه النقد إلى هذه الوسيلة باعتبارها أنها قد تؤدي إلى إجبار الغير إلى الظهور في خصومة قد لا يكون مستعدا للدخول أو يؤدي إلى جلبه إلى محكمة غير مختصة. (3)
(1) أ.حدادي رشيدة، المرجع السابق، ص 89.
(2) د.بوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص 136.
(3) د.نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، ص 303.
أما البعض الآخر ذهب أنه لا يسمح بذلك إلا لمن له الحق أن يقدم اعتراضا على الحكم الصادر في الدعوى الأصلية والبعض ذهبوا إلى القول أن كل شخص له الحق أن يتدخل اختياريا في الخصومة أثناء السير فيها عن طريق تدخل الغير أو اختصامهم ، فالمشرع في المادة 94 من قانون الإجراءات المدنية اشترط لقبول الإدخال أن يكون لدى الخصم مصلحة، و هذا وفقا للقواعد العامة، أيا كان طلبا أصليا أو عارضا أن يتوافر على مصلحة، ومن مظاهر مرونة قواعد الخصومة أنه كما يجيز القانون إحداث تغيير في موضوعها أثناء سيرها عن طريق الطلبات الإضافية و الطلبات المقابلة فانه يجيز إحداث تغيير في أطرافها فتعدد أطراف الخصومة .
فالمشرع الجزائري نص على اختصام الغير ( التدخل الجبري) في المادة 81 من قانون الإجراءات المدنية ، و إذا كان المشرع قد أخلط بين الإدخال و التدخل، فالنص الصحيح هو باللغة الفرنسية و يقصد بالإدخال و هذا ما يستخلص بعد ذلك من نص المادة 148 من قانون الإجراءات المدنية .
- فبالرجوع إلى المادة 81 من القانون السابق ذكره،( مهما كان سببه)، عبارة جاءت عامة يفهم أن المشرع لم يقصد حالات إدخال الغير في الخصومة كما كان بالنسبة لمعظم التشريعات التي جعلته في حالتين و هذا ما سوف نراه في الفقرتين التاليتين.
الفقرة أ: إدخال الغير بطلب أحد الخصوم:
كما سبق الذكر، أن اختصام الغير عبارة عن إجباره لكي يصبح طرفا في خصومة قائمة و ذلك بناء على طلب الخصوم يستدعي إليها شخص من الغير و هذا لا يكون إلا اتجاه الأشخاص الذين كان يمكن اختصامهم و قت تقديم الطلب الأصلي أي الذين كان يمكنهم أن يكونوا خصوما في الدعوى.
و الغرض من ذلك اعتبارات عديدة منها تفادي تعارض الأحكام في المسائل المرتبطة بعضها بالبعض الآخر، حل النزاع بأكمله، جعل الحكم الصادر في المسائل المرتبطة حجة على الغير.
فالمشرع المصري: في المادة 117 مرافعات نص على أن الخصم يمكن أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه عند رفعها. أما المشرع الجزائري لم ينص على حالات اختصام الغير على سبيل التحديد و لم يقيد ذلك الإدخال وإنما يفهم من نص المادة 81 السابقة الذكر أنه فيه توسيع لجوء الخصم إلى طلب إدخال الغير في الخصومة.
أما المادة 91 من قانون الإجراءات المدنية تقيد ذلك بشرط الارتباط فبالنتيجة هي عدم فسح المجال لإدخال الغير في الدعوى إلا إذا كان ما يوجه إلى الغير مرتبطا بالدعوى الأصلية.
و مع كل هذا فقد أجازت كثير من التشريعات اختصام الغير في حدود معينة استنادا إلى نظرية الارتباط بين الدعاوى تحقيقا للفائدة التي تجنى من منع المتدخل تجديد النزاع المحكوم فيه بحجة عدم سريان الحكم عليه لأنه لم يصدر في مواجهته.
فشرط المختصم أن يكون من الغير الجائز اختصامه عند رفع الدعوى بمثابة قيد على سلطة الخصوم في تغيير و تعديل نطاق الخصومة المدنية من حيث أشغالها طالما أن الاختصام يكون بناء على طلب الخصم، فلا يجوز له أن يختصم إلا الغير الجائز اختصامه عند رفع الدعوى، فالإدخال يكون إما لحماية مصلحة الخصوم أو لحماية الغير نفسه .
فإدخال الغير بناء على طلب الخصوم نجد فيه عدة تطبيقات قضائية من بينها:
- يشترط لاختصام الغير توافر الشروط العامة لقبول الدعوى، و قيام ارتباط بين الطلب الأصلي و الطلب الموجه للغير و من أمثلة ذلك نجد : - رفع دائن باسم مدينه دعوى على مدين مدينه فيدخل المدين ليصدر الحكم في مواجهته. أو أن يرفع دائن دعوى على أحد مدينه المتضامنين ثم يدخل فيها سائر المدينين المتضامنين الآخرين. (1)
(1) د.أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص 116.
1- دعوى الضمان الفرعية: هي أبرز صور اختصام الغير، كما يسمى باختصام الضامن و التي اهتم بها المشرع الجزائري عن طريق تنظيم أحكامها.
و يقصد بذلك إدخال شخص من الغير في خصومة قائمة لأن هذا الغير ملتزم بالضمان من قبل من يختصمه.
يعرف الضمان على أنه سلطة رجوع طالب الضمان أو المضمون على شخص آخر هو الضامن بسبب مطالبة شخص ثالث أي أحد الخصوم يلزم شخص آخر في الدفاع عنه إذا ما نازعه الغير في حق معين و الرجوع عليه بالتعويض إذا نجح الغير في منازعته طبقا للمواد 372 ،373 من القانون المدني.
مثال: كضمان البائع المشتري عدم التعرض له أي المشتري يلزم البائع بالضمان على الشيء المبيع بمنع تعرض الغير له، و ضمان المؤجر للمستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة طبقا للمادة 484 من القانون المدني. و ضمان دفع الدين من الكفيل أو المدين الآخر المتضامن.
- و لما ينازع الغير المضمون كأن ينازع أحد الأشخاص المشتري في ملكية الشيء المبيع، يكون للمضمون الحق في رفع دعوى الضمان عن طريق الطلب العارض و ما يسمى بدعوى الضمان الفرعية. (1)
- و بالتالي يجوز للدائن بالضمان أن يمارس حقه في الرجوع على الضامن لإلزامه بتنفيذ التزام الضمان بأحد الطريقين:
1- ينتظر إلى حين انتهاء الدعوى التي تجمعه بالغير و إذا خسرها يرفع على الضامن دعوى منفصلة تسمى بدعوى الضمان الأصلية.
2- يقوم بإدخال الضامن في الدعوى القائمة بينه و بين الغير و يسمى هذا الإجراء بدعوى الضمان الفرعية.
فطلب الضمان بدعوى فرعية يؤدي إلى الاقتصاد في الوقت و تيسير الإجراءات لأن المضمون سوف يحصل على حكم على الضامن في نفس الوقت الذي يحكم فيه في الدعوى الأصلية لمصلحة الغير و بذلك يتفادى المضمون ما قد يصيبه من ضرر بسبب إعسار الضامن من صدور الحكم في الدعوى الأصلية و كما أنه يتفادى تعقيد الإجراءات، النفقات و تأخير الفصل في الموضوع و تفادي تناقض الأحكام الصادرة في الدعويين. (2)
* كما أن إدخال الضامن في الدعوى الأصلية يستفيد مما لديه من وسائل الدفاع و الحكم عليه بتعويض الضرر الذي قد يصيب المضمون إذا ما ثبت الحق للغير.
* و نص المشرع في المادة 82 من قانون الإجراءات المدنية على إدخال الضامن في الخصومة أو يتدخل هو فيها تلقائيا أو إذا لم يتدخل لا من تلقاء نفسه و لم يتم إدخاله فهو لا يعد طرفا في الدعوى فان الحكم الذي يصدر لا يمكن وصفه أنه يصدر غيابيا ما لم يصبح طرفا في خصومة الطلب الأصلي، أي الحكم الذي يصدر ضد المضمون لا يكون حجة على الضامن.وبالتالي يقع على عاتق المضمون إدخال الضامن في الدعوى الأصلية طبقا لإجراءات الإدخال فتطبق إجراءات الحضور و الغياب التي تطبق على المدعى عليه.
و في الأخير، إدخال الضامن في خصومه الطلب الأصلي يصبح خصما في الدعوى و الحكم الصادر في الدعوى لصالح الغير حجة في مواجهة كل من الضامن و المضمون.
(1) د.نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، المرجع السابق، ص 305.
(2) أ.حدادي رشيدة، المرجع السابق، ص 102..
و كما يحق للمضمون أن يطلب خروجه من الخصومة بعد إدخال الضامن فيها حالا ويحل محله.
* و الحكم الذي يصدر في الدعوى الأصلية يكون حجة على جميع أطرافها بما فيهم من أخرج منها و لذلك يسمح لمن خرج من الخصومة أن يعود إليها. (1) و هذا ما يفهم من نص المادة 83 من قانون الإجراءات المدنية .
* و يحتل الضامن مركز المضمون بمجرد توجيه المضمون إليه طلبا يجعله خصما في الدعوى و لو لم يوجه إليه الخصم الآخر في الدعوى الأصلية أي طلب خاص.
و كما يحق للضامن التمسك بنفس الدفوع الخاصة بالمضمون وله إبداء دفوع مستقلة به.
و الحكم الصادر في الدعوى الأصلية حجة على الضامن و يحق لكل من هذا الأخير و المضمون الطعن في الحكم الصادر باعتبارهما خصمين حقيقيين في الدعوى الأصلية و الفرعية.
جانب مركزه القانوني في الدعوى الأصلية. (2)
2- إدخال من كان يصح اختصامه:
يجوز للخصم أن يدخل من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها لما تتوفر الصفة في الدعوى الأصلية لأكثر من شخص سواء من ناحية المدعي أو المدعي عليه و لم ترفع الدعوى إلا من أو في مواجهة أحدهم. يجوز اختصام من لم ترفع منهم أوعليهم الدعوى كي يكون الحكم في الدعوى حجة عليهم(3) كإدخال الشركاء على الشيوع في دعوى المطالبة بملكية الشائع التي رفعت على أحدهم ( اجتهاد المحكمة العليا الحامل رقم 51109 المؤرخ ب 19/04/1989)
جاء فيه: " أنه من المقرر قانونا أنه إذا اختلف الشركاء في اقتسام المال الشائع فعلى من يريد الخروج من الشيوع أن يرفع الدعوى على باقي الشركاء، و من ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون.
لما كان من الثابت في قضية الحال أن الأرض المتنازع عليها ملكية مشاعة بين الورثة، فان قضاة الاستئناف الذين قضوا بطرد الطاعن تأسيسا على تقرير الخبير دون أن يتم إدخال جميع الورثة في النزاع يكونوا بقضائهم كما فعلوا خرقوا القانون و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه. (4)
و كذلك دعوى فسخ الإيجار التي رفعت من المؤجر الأصلي ضد المستأجر الفرعي.
و كأن يدع مؤجر العقار احد المستأجرين طالبا تصحيح الأجرة ثم يدخل في المحاكمة سائر المستأجرين الذين يحتمل أن يطعنوا في الحكم حتى يكون الحكم الصادر حجة عليهم.
(1) د.نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، المرجع السابق، ص 307.
(2) أ.زودة عمر، المرجع السابق.
(3) د.بوبشير مخند أمقران، المرجع السابق، ص 138.
(4) المجلة القضائية، العدد الأول، سنة 1991،ص 17.
3- إلزام الغير بتقديم و رقة أو عرض شيء بحوزته: يجوز أن يطلب من المحكمة الإذن له بإدخال الغير أثناء سير الخصومة لإلزامه بتقديم شيء أو محرر تحت يده. متى كان فحصه ضروريا للبث في الدعوى مثل حالة المحرر المشترك بين الطالب وحائزه، و هنا الشخص الذي أدخل في الخصومة لا يعتبر خصما بالمعنى الدقيق و إنما هو أقرب إلى الشاهد لاقتصار دوره على تقديم الدليل.
الفقرة ب: إدخال الغير بناء على طلب المحكمة:
اختلف الفقه بشأن دور القاضي في ذلك:
فالفقه التقليدي يرى أن القاضي مجرد حكم بنظر في خصومه مملوكة للخصوم فدوره سلبي في الخصومة الذي يقتصر على مجرد تلقي وقائع الخصوم.
أما الفقه الحديث، وجوب إعطاء للقاضي دورا إيجابيا في تسيير الخصومة كي يتمكن من تصحيح الدعوى و يردها إلى وضعها الطبيعي الذي يجب أن تكون عليه لولا إهمال الخصوم ،عبثهم أو تواطؤهم قصد جمع كل الأشخاص الذين يعنيهم النزاع في خصومة واحدة و الذي يسمح بإظهار الحقيقة و تفادي تعارض الأحكام. مثل قيام القاضي بإدخال من يصح اختصامه في الدعوى: سلطته في انتداب خبير من تلقاء نفسه للقيام بالمعاينة دون طلب شهود، دون أن يطلب الخصوم بذلك. (1)
و المشرع الجزائري لا يوجد نص على ذلك خلافا لكل من المشرع الفرنسي في المادة 332 من قانون الإجراءات المدنية. الفرنسي، و المشرع المصري 118/1 من قانون الإجراءات المدنية. "للمحكمة و لو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من تراه مناسبا لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة".
يخول القضاة سلطة إدخال الغير في خصومة قائمة و المحكمة العليا أقرت المبدأ التقليدي الذي يعتبر القاضي بمقتضاه حكما محايد لا يفصل سوى فيما يعرض عليه من طلبات و لا يتعدى حدودها.
و خلاف ذلك قرار آخر صدر لاحقا في 1988 الذي يقر بالمبدأ بوضوح كي يتضمن تحولا في الاجتهاد القضائي و قد قضى: " كان عليهم قضاة الموضوع أن يأمروا بإدخالهم جميعا – الشركاء في الخصام طبقا للمادة 724 من القانون المدني.
و في الأخير إن إدخال الغير بناء على طلب المحكمة يترك لهذه الأخيرة مطلق الحرية في تقدير إدخال الغير بشرط أن يؤدي هذا الإدخال لإظهار الحقيقة و تحقيق العدالة.
بعد أن درسنا في هذا الفرع اختصام الغير ليصبح طرفا في الخصومة رغم إرادته سوف نتطرق إلى حالة عكسية و هي ما يسمى " بالتدخل" و هذا مانتطرق إليه في الفرع الثاني.
(1) د.نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، ص 308.
الفرع الثاني: تدخل الغير اختياريا:
بعد أن يتم تحديد نطاق الخصومة تصبح حقا للخصوم إن المدعي يحدد نطاق الخصومة و تصبح حقا للخصوم لكل ذي مصلحة، مما قد يؤدي إلى تعديل هذا النطاق من حيث الطلبات أو الخصوم و ذلك بموجب طلب عارض. فقد يحدث أن يتدخل في الخصومة القضائية القائمة أشخاص من الغير من تلقاء أنفسهم و إن تم ذلك كنا بصدد تدخل اختياري. و هذا الأخير هو تصرف شخص يدخل بمحض إرادته في دعوى لم يرفعها و لم توجه إليه و ذلك لكي يحكم لصالحه في مسألة تتصل بموضوع هذه الخصومة القائمة. (1) و طلبات التدخل تقبل في أية حالة تكون عليها الدعوى إذا توفرت ثلاثة شروط و هي المصلحة الحالة و القائمة،ارتباط التدخل بموضوع النزاع ،تقديمه قبل أن تكون الدعوى مهيأة للفصل فيها (2) ،و أن يكون الطلب العارض في حدود اختصاص محكمة الطلب الأصلي. و قد جاء قرار المحكمة العليا تحت رقم 164 145 بتاريخ 14/04/1998 حيث جاء فيه ما يلي: " حيث أن توسيع نطاق أشخاص الطلب من طريق الإدخال يعد طلبا جديدا لا يجوز تقديمه لأول مرة أمام جهة الاستئناف و بعد ذلك خرقا لقاعدة جوهرية.
و هذا التدخل على نوعين:
- تدخل أصلي أو اختصاصي أو هجومي.
- و تدخل تبعي أو انضمامي أو تحفظي.
الفقرة أ : التدخل الأصلي أو الإختصاصي أو الهجومي:
هو تدخل شخص من الغير في خصومة قائمة لكي يتمسك في مواجهة أطرافها بحق خاص به، أي يدعي المتدخل بحق ذاتي يطلب القضاء له لنفسه. و ذلك بطلب عارض و يعد مدعيا في الدعوى العارضة. فهنا الغير يدخل من تلقاء نفسه.
- و يكون التدخل المقدم لأول مرة أمام جهة الاستئناف غير مقبول لأنه يعد طلب جديد في كافة عناصره و قبوله يتنافى مع مبدأ التقاضي على درجتين وهذا ما تحضره المادة 107 من قانون الإجراءات المدنية، أما التدخل الانضمامي فهو مقبول لأنه كما سوف نراه لا يقدم الخصم طلبا جديدا بل يتمسك بنفس الطلب.
- مثاله: 1- يتنازع طرفان حول الملكية فيتدخل الغير ليبدي ملكيته لذلك المال.
- 2 أو يتدخل الدائن في الخصومة بين المدين و الغير طالبا بطلان التصرف موضوع الخصومة.
- 3 أن يرجع شخص دعوى باعتباره وارثا للدائن محلها المطالبة بالوفاء بالدين. (3)
و يتدخل الغير طالبا الحكم بالدين باعتباره الوارث الحقيقي.
-جاء في قرار المحكمة العليا،الغرفة المدنية.الحاملة لرقم 125623 بتاريخ 08/05/1997 حيث صرحت المحكمة العليا إبطال القرار المطعون فيه نظرا لقبول المجلس تدخل الطاعنين لأول مرة أمام جهة الاستئناف المطالبة بحقهم في العقار المتنازع عليه و هو تدخل هجومي.
(1) د.أحمد هندي، المرجع السابق، ص 299.
(2) أبوبشير محند أمقران، المرجع السابق، ص 135.
(3) أ.زودة عمر، سبب الطلب القضائي في ضوء الفقه والاجتهاد القضائي، المرجع السابق، ص 65.
فقرة (ب) : التدخل الانضمامي أو التحفظي:
فهنا يقتصر تدخل الغير إلى الانضمام إلى أحد الخصوم، فهو لا يطالب بحق أو مركز قانوني و إنما يتدخل لتأييد طلبات المدعي و المدعي عليه. فهو يهدف إلى المحافظة على حقوقه إما عن طريق مراقبة سير الإجراءات أو عن طريق الانضمام لأحد الخصومة و دعم وجهة نظره في الدعوى (1)
و بالتالي يتدخل شخص من الغير في خصومة قائمة ليساعد أحد الخصوم الأصليين في طلباته دون طلب جديد لنفسه.
فهو إجراء وقائي يقوم به الغير خشية أن يخسر الخصم الأصلي الدعوى و يتضرر من جراء الرجوع عليه.
مثال : - تدخل الضامن في الدعوى القائمة بين مضمونه و الغير ليساعده على كسبها فيتخلص من التزامه بالضمان.
- تدخل البائع بصفته ضامنا في دعوى استحقاق المبيع المرفوعة على المشتري.
- فالتدخل الانضمامي بمثابة وسيلة دفاع في الدعوى كتدخل الدائن إلى جانب المدين الذي كان طرفا في الدعوى مع الغير للدفاع عن حقوق مدينه كبطلان إجراءات التنفيذ المتخذة على أمواله من دائن آخر.
- - و الغير لا يتدخل لمحض مصلحة من ينضم إليه، و إنما للدفاع عن مصلحة خاصة به، و المتدخل تبعيا لا يحل محل المنضم إليه، و إنما هو في مركز تابع له، و لا يطلب بحق ذاتي له و إنما له مصلحة في التدخل و هي مصلحة وقائية تقوم على الضرر المحتمل.
- - و دوره يقتصر على إبداء أوجه الدفاع لتأييد طلبات هذا الخصم و لا يقدم طلبا جديدا لذلك فهو مقبول أمام جهة الاستئناف.*
فقرة ج: الاختلاف الموجود بين التدخل الهجومي و التدخل ألانضمامي:
فالمتدخل الهجومي يتدخل يكون للمتدخل فيه موقف معارض لموقف الخصمين الأصليين و زوا ل الخصومة لا يترتب عليه زوال طلب التدخل الهجومي. و ذلك إذا قدم هذا الأخير بالإجراءات العادية لرفع الدعوى أي بعريضة تودع للخصمين. فيظل هذا الطلب كطلب أصلي يفصل فيه ، وكما له الحق في إبداء ما يراه مناسبا من طلبات و دفوع كأي طرف في الخصومة فهو خصم كامل فهو مدعي.
- أما المتدخل ألانضمامي لا يحق له أن يتخذ موقف يتعارض مع من تدخل إلى جانبه و زوال الخصومة الأصلية لأي سبب من الأسباب يترتب عليها زوال طلب التدخل الانضمامي و لا يجوز له تقديم طلبات مغايرة. (2)
و في الأخير، إن المواد 94 و 95 من قانون الإجراءات المدنية حددت إجراءات التدخل بحيث يتم وفقا لإجراءات افتتاح الدعوى و يتم تبليغه لأطراف الدعوى و المتدخل يصبح طرفا في النزاع و يكون الحكم الصادر في الدعوى حجة له و عليه.
- و منه فمبررات التدخل تكون لما يحققه من فوائد عملية بوقع حد للمنازعات التي قد تتناول الحق المدعي به في المستقبل من جانب الغير. متيحا لهذا الأخير فرصة تفادي الأضرار التي يتعرض لها من جراء الحكم في الدعوى و لهذا يكون المتدخل في جوهره نظاما واقيا يحفظ الحقوق و ما ينتج من صعوبات و نفقات و إضاعة الوقت. (3)
(1) د.عوض أحمد الزغبي، المرجع السابق، ص 681.
(2) د.نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، ص 227، 300.
(3) أ.حدادي رشيدة، المرجع السابق، ص 90.
* قرار المحكمة العليا، تحت رقم 52489، الصادر بتاريخ 17-05-1989، انظر الملاحق.
الخاتمة
لقد انصبت دراستي في هذا البحث المتواضع على الطلبات الأصلية و الطلبات العارضة، و وجدنا أنه طبقا لمبدأ ثبات الطلب القضائي الأصلي، يجب أن يبقى هذا الأخير ثابتا و لا يطرأ عليه أي تغيير في أحد عناصره الثلاثة.
إلا أنه ترد عليه استثناءات و يخضع للتغيير أمام المحكمة و ذلك بشروط، و أمام جهة الاستئناف من حيث السبب و من حيث الأشخاص عن طريق التدخل الانضمامي دون التدخل الهجومي و الإدخال.
و بالتالي بعدما أن ساد مبدأ جامد يحرم على الخصوم و القاضي تعديل النزاع، إلا أنه بتطور الفكر الإجرائي ظهر نظام الطلبات العارضة و الذي اعتمدته أغلب التشريعات الحديثة و التي تمس أحيانا بالطلب الأصلي ذاته. فهي وسيلة فعالة والتي بمقتضاها يتم معالجة الطلب الأصلي لمده مدا قانونيا يتجاوز النطاق الضيق الذي رسم له بعريضة افتتاح الدعوى.
فالطلب العارض هو سلاح ذو حدين فهو الداء و الدواء بالنسبة للدعوى الأصلية، فإدا أريد لها العلاج لاستخدمها المدعي ليصحح بها طلباته الأصلية أو يكملها أو يغيرها، و لو أريد لها الزوال لتقدم المدعي عليه أو الغير بطلبات مما يؤدي إلى تغيير نطاق الطلب الأصلي في حد ذاته.
و بالتالي، من خلال كل ما تقدم، تعرفنا على كل الوسائل التي منحها القانون لكل أطراف الدعوى من مدعي و مدعى عليه عند اللجوء إلى القضاء، فعرفنا كل من الطلبات التي يمكن المدعي تقديمها، و تلك التي يقدمها المدعي عليه، و كما تطرقت إلى تدخل أطراف آخرون إما بالإجبار أو ما يسمى "بالإدخال" أو "الاختصام"، و كذلك عن طريق التدخل الاختياري.
وتجدر بنا الإشارة إلى أنه هناك مشروع تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية والمتواجد حاليا على مستوى الغرفة الأولى للبرلمان والذي قد يدخل تعديلات جديدة على هذه المواد المذكورة.
و بهذا أنتهي من دراسة الطلبات الأصلية و الطلبات العارضة باعتبار هذه الطلبات الجناح الأول الذي يحمل طائر الدعوى في التحليق في سماء الخصومة القضائية.
تم هذا العمل بعون الله.
الفهــــرس
مقدمة......................................................................................................
الفصل الأول: الطلبات القضائية الأصلية..............................................................
المبحث الأول: مفهوم الطلبات الأصلية........................................................
المطلب الأول: تعريف وإجراءات تقديم والفصل في الطلبات الأصلية...............................
الفرع الأول: تعريف الطلبات الأصلية ................................................................
الفرع الثاني: إجراءات تقديم والفصل في الطلبات الأصلية .......................................
المطلب الثاني: خصائص الطلبات الأصلية وتميزها عن الطلبات العارضة.........................
الفرع الأول: خصائص الطلبات الأصلية..............................................................
الفرع الثاني: تمييز الطلبات الأصلية والطلبات العارضة...........................................
المطلب الثالث: آثار الطلبات الأصلية......................................................................
الفرع الأول: بالنسبة للمحكمة............................................................................
الفرع الثاني: بالنسبة للخصوم ..........................................................................
المبحث الثاني: عناصر الطلب الأصلي........................................................
المطلب الأول: عنصر الأشخاص..........................................................................
الفرع الأول: تعريف فكرة الخصم......................................................................
الفرع الثاني: تحديد فكرة الخصم........................................................................
المطلب الثاني: عنصر الموضوع ..........................................................................
الفرع الأول: تعريفه ......................................................................................
الفرع الثاني: الأثر تحديد موضوع الطلب القضائي الأصلي.......................................
المطلب الثالث: عنصر السبب................................................................................
الفرع الأول: تعريفه وشروطه...........................................................................
الفرع الثاني: علاقة الطلب القضائي بأدلة الإثبات الأخرى..........................................
الفصل الثاني: الطلبات القضائية العارضة............................................................
المبحث الأول: مفهوم الطلبات العارضة......................................................
المطلب الأول: تعريف وخصائص الطلبات العارضة...................................................
الفرع الأول: تعريف الطلبات العارضة .............................................................
الفرع الثاني: خصائصها الطلبات العارضة...........................................................
المطلب الثاني: شروط إجراءات تقديم الطلبات العارضة ..............................................
الفرع الأول: شروط الطلبات العارضة................................................................
الفرع الثاني: إجراءات تقديم الطلبات العارضة......................................................
المطلب الثالث: الحكم في طلب العارض..................................................................
الفرع الأول: إتمام المحكمة..............................................................................
الفرع الثاني: أمام جهة الاستئناف ......................................................................
المبحث الثاني: أنواع الطلبات العارضة.......................................................
المطلب الأول: الطلبات الإضافية ..........................................................................
الفرع الأول: تعريف الطلبات الإضافية................................................................
الفرع الثاني: نطاق الطلبات الإضافية .................................................................
المطلب الثاني: الطلبات المقابلة.............................................................................
الفرع الأول: تعريف الطلبات المقابلة..................................................................
الفرع الثاني: أهم الطلبات المقابلة.......................................................................
المطلب الثالث: الطلبات الماسة بأشخاص الطلب الأصلي .............................................
الفرع الأول: اختصام الغير..............................................................................
الفرع الثاني: التدخل الغير اختياريا ....................................................................
خاتمة......................................................................................................
قائمة المراجع المستعملة
1. الدكتور أحمد أبو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة 15، الإسكندرية 1998.
2. الدكتور نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
3. د/ أحمد هندي، أصول المحاكمات المدنية والتجارية، دار الجامعية، بيروت 1989.
4. د/ أحمد محمود إبراهيم، النظرية العامة للطلبات العارضة والدعاوي الفرعية في قانون المرافعات على ضوء المنهج القضائي.
5. د/ مفلح عواد القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2004 .
6. د/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993.
7. د/ وجدي راغب، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات
8. د/ إبراهيم نجيب سعد، القانون القضائي الخاص.
9. د/ نبيل إسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية، 1997، الطبعة الأولى
10. د/ سليمان بارش، شرح قانون الإجراءات المدنية الجزائري، الجزء الأول، الخصومة القضائية أمام المحكمة
11. أ/ بو بشير محند امقران، قانون الإجراءات المدنية، نظرية الدعوى، نظرية الخصومة، الإجراءات الإستئنافية، بن عكنون، طبعة 2000 .
12. مصطفى مجدي هرجة، الدفوع والطلبات العارضة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار محمود للنشر والتوزيع، طبعة 1995.
13. د/ أحمد السيد الصاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، الطبعة 1994.
14. أ/ حدادي رشيدة، الطلبات العارضة والدعاوي الفرعية في قانون الإجراءات المدنية الجزائري، دار هومة، طبعة 2005 .
15. د/ الغوثي بن ملحة، القانون القضائي الجزائري، الجزء الثاني .
16. د/ محمد إبراهيمي، الوجيز في الإجراءات المدنية، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، ج2، طبعة 2001 .
17. عوض أحمد الزغبي، أصول المحاكمات المدنية التنظيم القضائي، الاختصاص، التقاضي، الأحكام وطرق الطعن، ج2، طبعة 2، دار النشر والتوزيع.
18. د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج3 .
المحاضرات والمجلات القضائية:
1. محاضرات الأستاذ زودة عمر، القيت على الطلبة القضاة الدفعة 14 والدفعة 16.
2. مقال وارد في مجلة شهرية لسنة 2003 متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية، سبب الطلب القضائي في ضوء الفقه الاجتهاد القضائي للأستاذ زودة.
3. المجلة القضائية العدد 1 لسنة 1999 .
النصوص القانوية:
1. الأمر رقم 75/58، المؤرخ في 26/09/1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.
2. الأمر رقم 66 / 154 المؤرخ في 08/06 /1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية.