بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الطلب القضائي الاصلي


الجـــمهوريـــــة الجــــزائريـــــة الديـــمقراطيـــــــة الشـعبيــــــة
وزارة العـــــــــــــــــــــــــــدل
المدرسة العليا للقضـــــــــــــــــاء
مديرية التداريب
مذكـرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء
من إعداد الطالبة القضاة :
- براقوبة ربيع
- جيوات حسين
- عامر إيناس
الدفعة السادسة عشرة
إن الدعوى هي وسيلة لحماية الحقوق ،ظهرت بعد تطور الجماعة البشرية وظهور الدولة بشكلها الحديث ، إذ منعت الفرد من اقتضاء حقه بنفسه ،حيث إن نتقل المجتمع من شريعة الغاب إلى التمدن .
وبواسطة الدعوى أنهيت حالة الفوضى وأصبحت الدولة تكفل لكل فرد حقه الذي أعتدي عليه ، وذلك باستعمال الحق في الدعوى .
ويعتبر الحق في الدعوى من الحقوق الإرادية التي يتمتع بها الفرد في المجتمع إذ ينشأ هذا الحق جراء الاعتداء على الحق أو المركز القانوني للفرد ،فيخول له الحق في الحصول على الحماية القضائية وذلك باللجوء إلى القضاء عن طريق ما يسمى بالمطالبة القضائية التي تنشأ بمجرد إيداع عريضة افتتاح الدعوى لدى أمانة ضبط المحكمة ،والتي تتولد عنها الخصومة القضائية.
ويتم استعمال الحق في الدعوى عن طريق أدوات فنية هي الطلبات القضائية ، والتي تعرف أنها الأداة الفنية لاستعمال الحق في الدعوى .
فالطلب القضائي هو الإجراء الذي يتقدم به الشخص إلى القضاء عارضا عليه مايدعيه طالبا الحكم له به ، فإذا كانت الحماية القانونية ممنوحة بموجب نصوص قانونية ، فإن الحماية القضائية لا تمنح إلا لمن يطلبها ، ذلك أن القاضي مرتبطا بمبدأ الحياد ، والحصول على الحماية القضائية يتم بواسطة الطلب القضائي سواء كان طلبا أصليا أو عارضا .
وقد ركزنا في بحثنا المتواضع على الطلب القضائي الأصلي المفتتح للخصومة القضائية ،فهو الطلب الذي ترفع به عريضة افتتاح الدعوى ، إذ بمجرد إيداعها لدى أمانة ضبط المحكمة ،تنشئ الخصومة القضائية ،وتبعا لذلك تتحدد مراكز الخصوم فالطلب القضائي
الأصلي هو الذي يحدد نطاق الخصومة القضائية الأصلية في الدعوى ،وذلك من حيث عناصره المتمثلة في الخصوم و المحل والسبب وقد خصصنا الفصل الأول لهذه المسألة ولما كان الطلب القضائي الأصلي هو الذي يحدد نطاق الخصومة الأصلية ،إذ يحدد المراكز القانونية للخصوم ،وموضوعه،وسببه ،فإن الأصل فيه أنه لا يجوز تغيير عناصره أمام جهات التقاضي سواء المحاكم ،أو المجالس كدرجة ثانية طالما تحكمه قاعدة الثبات ،لكن هذا لا يمنع من تغيير بعض عناصره خلال مراحل الخصومة القضائية على مستوى الدرجة الأولى أو على مستوى درجة الاستئناف وهو استثناء من الأصل في حالات ومواضيع نص عليها قانون الإجراءات المدنية نتناولها في الفصل الثاني الذي خصصناه لهذه المسألة .
الفصل الأول : عناصر الطلب القضائي الأصلي:
المبحث الأول: عنصر الخصوم:
المطلب الأول: أهلية الوجوب.
المطلب الثاني:أهلية التقاضي.
المبحث الثاني: محل الطلب القضائي الأصلي .
المطلب الأول:العناصر المكونة لمحل الطلب القضائي الأصلي.
المطلب الثاني: الآثار المترتبة عن عدم تحديد محل الطلب القضائي
الأصلي
المبحث الثالث :سبب الطلب القضائي الأصلي
المطلب الأول:مفهوم السبب
المطلب الثاني:تمييزه عن بعض الأفكار المشابهة له
الفصل الثاني :تغيير الطلب القضائي أمام الجهات القضائية
المبحث الأول :تغيير عناصر الطلب القضائي الأصلي أمام المحكمة
المطلب الأول : تعديل الطلب القضائي من حيث السبب و المحل
المطلب الثاني :تعديل الطلب القضائي من حيث الأشخاص
المبحث الثاني :تغيير عناصر الطلب القضائي الأصلي أمام جهة الاستئناف
المطلب الأول :مبدأ عدم جواز تقديم تقديم طلبات جديدة أمام جهة الاستئناف
المطلب الثاني:الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم جواز تقديم طلبات جديدة أمام جهة الاستئناف

الفصل الأول : عناصر الطلب القضائي الأصلي

يعرف عادة الطلب القضائي بأنه التصرف القانوني الذي يطلب بموجبه شخص ما من المحكمة حماية حق من حقوقه او الاعتراف له به (1). إن تحديد عناصر الطلب القضائي في كل دعوى يعتبر من المسائل الأولية التي يجب حسمها بحيث يتطلب من القاضي إن يقوم بتحديدها وهي الخصوم وصفاتهم وموضوع الطلب القضائي و سببه ، و إن استخلاص عناصر الطلب القضائي يعد من المسائل الهامة من الناحية النظرية و العلمية إذ تقضي دراسة كل قضية إن يستحضر كل قاضي في ذهنه هذه العناصر و إن دراسة أية قضية لا تأخذ بعين الاعتبار عناصر الطلب القضائي تعد دراسة قائمة على الارتجال و النتائج التي يتوصل إليها نتائج عفوية غير مأمونة (2) .
فالطلب القضائي باعتباره وسيلة لاستعمال الحق في الدعوى فانه يتضمن ادعاء قانوني يطرح على المحكمة بهدف الحصول على الحماية القضائية، هذا الادعاء يتكون كما سبق القول من موضوع وسبب و أشخاص .
و لما كان تحديد هذه العناصر من المسائل الأولية التي تطرح على القاضي سنتطرق إليها ببعض التفصيل.

المبحث الأول : عنصر الخصوم :

تبدأ الخصومة القضائية بإيداع الطلب القضائي الأصلي لدى أمانة الضبط المحكمة من طرف شخص يسمى "المدعي" في مواجهة شخص أخر هو "المدعي عليه " وعلى هذا الأساس يكتسب كل من رفع الدعوى "المدعي " و الموجه ضده الادعاء مركزين قانونيين بالنسبة للطلب القضائي الأصلي . و هما مركزين غير قاريين طوال الإجراءات الخصومة القضائية ، إذ انه كل من يقدم ادعاء او طلب إلى المحكمة يعتبر مدعيا بالنسبة لهذا الطلب ، و من وجه إليه الطلب يعتبر مدعي عليه .
و عليه فان مركز المدعي و المدعي عليه مرتبط بفكرة من يوجه الطلب ، ذلك أن المدعي لا يعتبر طوال الإجراءات مدعيا بل قد يتحول إلى مدعى عليه و ذلك عندما يوجه المدعى عليه الأصلي طلبا عارضا يتضمن دعوى مختلفة عن الدعوى الأصلية فيصبح مدعيا بالنظر إلى هذا الطلب .إذ انه إثناء الخصومة القضائية يمكن تقديم طلبات جديدة ،و يعرف هذا النوع من الطلبات "بالطلبات العارضة (1)"فيمكن للمدعى عليه في الطلب القضائي الأصلي ان يقدم من الدفوع الشكلية و الموضوعية ما يدحض به مزاعم المدعي وفي مقابل ذلك يمكنه تقديم طلبات لنفسه بما يسمى "بالطلب المقابل"كان يطلب المدعى عليه تعويضا عن الدعوى الكيدية التي رفعها ضده المدعي أمام القضاء . و تجدر الإشارة في هذا المجال إن بعض المحاكم تعتبر أن المدعى عليه إذا أعاد السير في الدعوى مدعيا أو مسترجع و هذا خطا إذ يبقى مركز المدعي و المدعى عليه قاريين بعد إعادة السير في الدعوى الأصلية . إلا إذا بادر المدعى عليه بتقديم طلب عارض فيعتبر مدعيا بالنسبة لهذا الطلب، و يتحول المدعي الأصلي إلى مدعى عليه.
و إن عرض أو نشر الطلب القضائي أمام المحكمة يولد أثار قانونية إذ يصبح القاضي ملزما بالفصل فيه ، فتدخل المحكمة يكون مرتبطا بوجود طلب قضائي و تبعا لذلك يمنع على القاضي النظر في الدعوى تلقائيا .
- يلزم القاضي بالفصل في كل نقاط الطلب و لكن لا يجوز له التطرق لنقطة لم يتضمنها الطلب أو تمديد النزاع إلى أشخاص لم يشر إليهم الطلب.
-من أثار الطلب القضائي كذلك ما يشار إليه بمفهوم الإحالة لوحدة الموضوع titispendance فإذا قدم طلب أمام المحكمة و تحركت الخصومة، لا يجوز تقديم طلب ثاني من نفس الأطراف إذ
كان هذا الطلب له نفس المحل و السبب فيبعد هذا الطلب الثاني عن طريق الدفع بالإحالة لوحدة
الموضوع (1) ، هو دفع شكلي حسب ما تنص عليه المادة 92 من قانون الإجراءات المدنية (2).
- يترتب على الطلب القضائي كذلك قطع سريان التقادم حتى و لو رفع إلى محكمة غير مختصة و هو ما تقضي به المادة 317 من قانون المدني حيث تنص " ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية و لو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة......."
- من أثار الطلب القضائي انه يعتبر كإنذار رسمي و يحدد اليوم الذي لا يعود الحائز ذو حسن النية كاسبا لما يقبضه من الثمار فلا يمكن له من ذلك التاريخ أن يدفع بمقتضيات المادة 837 من القانون المدني التي تنص " يكسب الحائز ما يقبضه من الثمار ما دام حسن النية ".و إذا تعلق الأمر بمبلغ مالي فتجري الفوائد من تاريخ تقديم الطلب .
إن تحديد مركز كل من المدعي و مركز المدعى عليه يترتب عنه مجموعة من النتائج القانونية :
- إن عبئ الإثبات يقع على المدعي .
- تسقط الخصومة بعدم السير فيها من طرف المدعي.
- تختلف قواعد الحضور و الغياب بالنسبة لكل من المدعي و المدعى عليه (م 35 ق ا م ) .
- ينعقد الاختصاص المحلي للمحكمة بموطن المدعى عليه "المادة 08 ق إجراءات المدنية ".
- المدعى عليه هو آخر من يتكلم
- يختلف اثر قاعدة عدم الجمع بين دعوى الحيازة و دعوى الملكية بالنسبة لكل من المدعي و المدعى عليه.
و تنشا الخصومة القضائية بإيداع الطلب القضائي لدى أمانة ضبط المحكمة و التي ينشا عنها مركز قانوني و هو مركز إجرائي يختلف عن المركز الموضوعي محل الحماية القضائية، و تبعا لذلك فان
زوال المركز الإجرائي لا يؤدي إلى زوال المركز الموضوعي . فلا يترتب على سقوط الخصومة
سقوط الحق (1) و هو ما تقضي به المادة 222 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص " لا يترتب على سقوط الدعوى انقضاء الحق ، و إنما يؤدي فقط إلى إلغاء الإجراءات الحاصلة فيها , بحيث لا يمكن على إي حال الاستناد إلى إي من إجراءات الدعوى الساقطة أو الاحتجاج به ".
فمركز الخصم هو مركز إجرائي يولد حقوق و التزامات إجرائية و يرتبط بوجود الخصومة و هو يختلف عن المركز الموضوعي – الحق الموضوعي – المطلوب حمايته قضائيا .
و إن تقديم الطلب القضائي يستوجب وجود الشخص من الناحية القانونية لاعتباره صحيحا, فوجود الشخص من الناحية القانونية يعد مقتضا موضوعيا لصحة الادعاء و لصحة المطالبة القضائية، و انطلاقا من هذا الأساس لابد أن يتمتع الشخص بالأهلية القانونية اللازمة التي تجعل منه و تسمح له بأن يكون أحد أإطراف الخصومة القضائية. و على هذا الأساس ينبغي توضيح علاقة وجود الشخص بالنسبة لصحة المطالبة القضائية.(2)
يجب أن تتوفر لدى الشخص الأهلية اللازمة ليصبح طرفا في الخصومة ، و الأهلية تنقسم إلى نوعين
أهلية الوجوب – الاختصام – وأهلية التقاضي – الأهلية الإجرائية

المطلب الأول : أهلية الوجوب – الاختصام :

الفرع الأول : تعريفها :

يقصد بأهلية الوجوب صلاحية الشخص بأن يتمتع بالحقوق و يتحمل الالتزامات و هي تقترن بوجود الشخص من الناحية القانونبة سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا .
كما يعرفها الدكتور عبد الرزاق السنهوري أنها " صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له و عليه .فأهلية الوجوب هي الشخص ذاته منظور اليه من الناحية القانونية .
فكل إنسان يعتبر شخص قانوني تتوافر فيه أهلية الوجوب و التي تثبت له من وقت ميلاده و قبل ذلك عندما يكون جنينا إلى موته , و بعد ذلك لحين تصفية تركته و سداد ديونه .
كما تثبت أهلية الوجوب إلى الشخص الاعتباري باعتبار أن الشخصية المعنوية ماهي إلا حيلة قانونية تضفى على الشخص الاعتباري ليصبح قابلا لاكتساب الحقوق و تحمل الالتزامات، و على هذا الأساس إذا انعدمت أهلية الوجوب انعدمت معها الشخصية كالجنين الذي لا يستهل صارخا(1) بمعنى يولد ميتا ، و الميت بعد سداد ديونه ، و الشركة بعد أن تصفى .
غيرأن هناك بعض الحقوق التي لا يتمتع بها الشخص إلا إذا بلغ سنا معينة يحددها القانون كما هو الحال بالنسبة للحق في الزواج ، فلا يتمتع بهذا الحق إلا إذا بلغ كل من الرجل و المرأة سن 19 سنة كاملة ، و هو ما تنص عليه المادة 07 من قانون الأسرة المعدلة بالأمر رقم 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 . و ترتيبا على ذلك فلا تثبت أهلية الوجوب للشخص إلا إذا بلغ السن التي يحددها القانون بالنسبة لهذا الحق.
و من الحقوق التي لا يتمتع بها الشخص بمجرد ولادته حيا الحق في التصويت في الانتخابات باعتباره حقا سياسيا إلا ببلوغه سن 18، و الحق في الترشح لمنصب رئاسة الدولة إلا ببلوغه سن الأربعين.
كما أن الأجنبي يجرده القانون من أهلية الوجوب و ليس له الحق في تولي الوظائف العامة في الدولة فلا تثبت له أهلية الوجوب بالنظر لهذا الحق و تنص المادة 402 من القانون المدني انه يمنع على القضاة و المحامين والموثقين و أمناء الضبط شراء الحقوق المتنازع عليها و التي تدخل في
اختصاص المحكمة التي يباشرون في دائرتها أعمالهم إذ تنص "لا يجوز للقضاة ، و لا للمدافعين القضائيين، و لا للمحامين و لا للموثقين ولا لكتاب الضبط إن يشتروا لأنفسهم مباشرة ولا بواسطة اسم مستعار الحق المتنازع فيه كله أو بعضه إذ كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها و إلا كان البيع باطلا " فهذه الفئات لا تمتع بأهلية الوجوب
بنص القانون بالنسبة لحقوق المتنازع فيها قضاء .بنص القانون بالنسبة للحقوق المتنازع فيها قضاءا و يترتب على انعدام أهلية الوجوب انعدام الشخص من الناحية القانونية ،و التي تنعدم في حالتين:
_ بوفاة الشخص أو بحل الشخص المعنوي .
_ إذا نص القانون على ذلك كما في حالة أهلية الزواج بحيث لا تثبت هذه الأهلية للشخص إلا ببلوغه السن المحددة قانونا.
لكن يثور التساؤل حول تخلف أهلية الوجوب، فما هي الآثار القانونية المترتبة على ذلك ؟
و هو ما سنجيب عنه في الفرع الثاني .

الفرع الثاني : الآثار الناجمة عن تختلف أهلية الوجوب :

إذا توفي الشخص الطبيعي أو انقضت الشخصية الاعتبارية للشخص المعنوي ما مصير الخصومة القضائية التي انعقدت بعد انعدام أهلية الوجوب ، هل تعتبر باطلة أم معدومة ؟ و زواج الرجل الذي لم يبلغ سن 19 سنة كاملة هل يعتبر عقد الزواج باطلا أم منعدما ؟
اختلفت الآراء حول تكييف الحكم الصادر في الخصومة التي رفعت باسم احد أطرافها و هو متوفى قبل رفع الدعوى :
فقد ذهب البعض إلى اعتبار الحكم باطلا و ترتيبا على ذلك فانه يحوز حجية الشيء المقضي فيه ، فإذا انقضت عليه مواعيد الطعن فيتحصن و يجوز تنفيذه .
في حين يذهب رأي أخر إلى اعتبار هذا الحكم معدوما و بالتالي لا يحوز الحجية، ويمكن للورثة أن يرفعوا دعوى مبتدأة أمام المحكمة للمطالبة ببطلانه لأن الخصم في هذه الحالة ليس له وجود من الناحية القانونية .
و الرأي الراجع هو الرأي الثاني و القائل بانعدام الحكم باعتبار أن انعدام أهلية الوجوب يترتب عليه عدم وجود الشخص من الناحية القانونية، و من ثم فلا يمكن للعدم أن يرتب أثار قانونية(1)
و هذه القاعدة كرسها الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا حيث صدر قرار عن الغرفة المدنية للمحكمة العليا مؤرخ في 04/05/1988 في الطعن رقم 45573 جاء فيه "انه من المقرر
قانونا إن القضية إذا لم تكن مهيأة للفصل فيها و توفي احد الخصوم فان المحكمة تكلف كل ذي صفة لإعادة السير في الدعوى و من ثم فان القضاء بخلاف هذا المبدأ يعد خرقا لقواعد جوهرية في الإجراءات .(1)"
و لما كان من الثابت في قضية الحال _ أن المحكمة لم تقم بإدخال الورثة بعد وفاة المستأنف ضدهم (مورثهم ) و استمرت الدعوى باسمه فان قضاة الموضوع بقضائهم كما فعلوا خرقوا القواعد الجوهرية في الإجراءات و متى كان ذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه ".
و تجدر الملاحظة في هذا الشأن أن بعض المحاكم بالنسبة لقسم الأحوال الشخصية تلزم المتقاضي بالنسبة لدعوى توقيع الحجر و هو المدعي الذي يطلب من المحكمة توقيع الحجر على المدعى عليه أن يعين لهذا الأخير ممثله القانوني سواء كان احد والديه إذا كان ابنهما أو احد الأقارب قصد توجيه إجراءات الدعوى ضده ، ذلك أن المدعى عليه المراد توقيع الحجر عليه يعتبر عديم الأهلية و لا يصح أن ترفع دعوى الحجر ضده وحده فيكتب على عريضة افتتاح الدعوى :
لفائدة :............ مدعي.
ضد: ..............مدعى عليه ممثلا عنه ...........
غير انه لاحظنا في محكمة تلمسان _ مجلس قضاء تربصنا _ أن هذا الإجراء غير معمول به إذ رفع دعوى الحجر ضد المراد الحجر عليه مباشرة و من الناحية القانونية يعتبر إجراء باطل ذلك أن الشخص المراد الحجر عليه نفترض انه عديم الأهلية ، و عديم الأهلية ليست له الأهلية الإجرائية أي أهلية التقاضي لتوجه اجراءات الدعوى ضده و المفروض ن تقضي المحكمة في هذه الحالة ببطلان الإجراءات ، و لكن ما لاحظناه ان هذه الدعوى تقبل حيث يعين طبيب مختص
في الأمراض العقلية لفحص المدعى عليه، تكون الدعوى غير مقبولة شكلا لانعدام أهلية المدعى عليه .
ان العمل الذي يصدر باسم شخص متوفى يعد معدوما ، و على ذلك فان عقد الزواج الذي يقع باسم احد أطرافه متوفيا أو لا يتمتع بأهلية الوجوب يكون معدوما (1) .
و تجدر الإشارة ان المشرع الجزائري رغم نصه على حالة الإعفاء من السن المحددة قانونا
للزواج بإصدار إذن من القاضي قبل إبرام عقد الزواج حسب ما ورد في الفقرة الثانية من المادة السابعة من قانون الأسرة ، فانه لم يتطرق إلى زواج الرجل أو المرأة قبل بلوغهما سن الزواج و دون ان يحصل احدهما على الإذن من القاضي، و هي حالة موجودة من الناحبة الواقعية ، غير انه يعتبر زواجا منعدما من الناحية القانونية لأنه صدر من شخص لا وجود له في عالم القانون . و نظرا لهذا الفراغ التشريعي ما على القاضي إلا الاجتهاد للوصول إلى حل مقبول على انه حل غير قائم على أساس قانوني ، و ربما الحل الأكثر نجاعة إلى حين تدخل المشرع لسد هذا الفراغ هو فرض عقوبة على المقدم على الزواج قبل أن يحوز على أهلية الزواج إذ أن الاعتماد على فكرة البطلان يؤدي إلى نتائج سلبية من الناحية الاجتماعية و لا يعد علاجا لهذه المشكلة، لكن لا مناط من الاعتراف بهذا الزواج لاعتبارات تمس بالأسرة .
و ان مقتضى أهلية الوجوب ان يتحمل الشخص الالتزامات، فكيف يكون ذلك ؟

المطلب الثاني : أهلية التقاضي :

ان مفهوم الشخص من الناحية القانونية يختلف عنه من الناحية النفسية و الاجتماعية فقد يوجد الشخص من الناحية الاجتماعية باعتباره كائن يعيش في المجتمع غير انه لا يوجد من الناحية القانونية كما هو الحال في المجتمعات التي كانت تعرف نظام الرق ، فالعبد و إن كان موجود من الناحية الاجتماعية ، فهو غير موجود في نظر القانون كونه لا يتمتع بالحقوق و لا يتحمل الالتزامات ، فهو مجرد من أهلية الوجوب .
و أهلية الوجوب تثبت للشخص بتمام ولادته حيا ، فهو يتحمل الالتزامات ذلك ان أي شخص مهما كان بحاجة إلى إشباع حاجته ، و لأجل ذلك يدخل في علاقات تعاقدية مع الغير وقد يسبب للغير ضررا فيلزم بالتعويض فتنشأ في ذمته المالية التزامات فان كان متمتعا بأهلية الأداء قام بنفسه بتنفيذها إما إذا كان عديم التميز تولى عنه نائبه القانوني تنفيذها عنه و بذالك يكون الشخص قد تحمل الالتزامات بغض النظر عما إذا كان يتمتع بأهلية الأداء من عدمه
وعلى هذا الأساس تختلف أهلية الوجوب عن أهلية التقاضي فتقترن أهلية الوجوب بوجود الشخص من الناحية القانونية في حين ان أهلية التقاضي فإنها تدل على ما يتمتع به الشخص من القدرة على التمييز.

الفرع الأول:تعريفها

ان أهلية التقاضي تعرف بالأهلية الإجرائية وهي ترتبط بأهلية الأداء .
والمعلوم ان أهلية الأداء هي صلاحية الشخص وقدرته على مباشرة حقوقه بنفسه وقد يحصل ان يتمتع الشخص بأهلية الوجوب ولا يتمتع بأهلية الأداء إذ يتمتع بالحق دون ان يستطيع استعماله بنفسه ، و على هذا الأساس يمكن فصل أهلية الوجوب عن أهلية الأداء فصلا تاما (1) .
ان أهلية الأداء مناطها العقل و القدرة على التمييز إذ لا يكفي ان يتمتع الشخص بأهلية الوجوب كي يكون طرفا في الخصومة بل يشترط لصحة الإجراءات ان يكون الشخص أهلا للقيام بها . فان توافرات أهلية الوجوب في الشخص دون أهلية التقاضي فلا يجوز له القيام بالأعمال إجرائية لان القانون يشترط في العمل الإجرائي ان بكون القائم به أهلا لذلك و ذلك بان يحوز بأهلية التقاضي ، و المحدد ب 19 سنة طبقا للمادة 40 من القانون المدني التي تنص " كل شخص بلغ سن الرشد متمتع بقواه العقلية، و لم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، و سن الرشد تسعة عشر 19 سنة كاملة.
فتثبت لكل شخص طبيعي بلغ سن 19 سنة خالية من العوارض الأهلية ، فلا يجوز لمن لم تتوفر لديه الأهلية الإجرائية ان يقوم بعمل إجرائي وانما يشترط ان يقوم به شخص يمثله و يسمى بتمثيل الإجرائي و الذي يقوم به الشخص الذي ينوب عن ناقص الأهلية .
أما بالنسبة للشخص المعنوي فيمثله دائما ممثله القانوني ،إذ بمجرد ان بكتسب الشخص المعنوي
الشخصية القانونية يصبح متمتعا بأهلية الوجوب وأهلية الأداء غير انه و نظرا لوجود
الشخص المعنوي في حالة استحالة مادية تمنعه من القيام بالأعمال الإجرائية بنفسه باعتباره كيان معنوي فلابد أن يمثل قانونا في الخصومة، هذا المتمثل القانوني صاحب صفة إجرائية فقط دون ان يحوز الصفة الموضوعية .

الفرع الثاني : تكيف أهلية التقاضي الأهلية الإجرائية:

هناك من الآراء القانونية من يذهب إلى اعتبار أهلية التقاضي شرطا لقبول الدعوى وهذا ما يؤكده سياق المادة 459 ق الإجراءات المدنية في فقرتها الأولى التي تنص " لا يجوز لأحد ان يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائزا لصفة و أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك " .
ان الحق في الدعوى ينشأ بمجرد الاعتداء على الحق أو المركز القانوني فيخول لصاحبه رفع دعوى أمام القضاء بما يسمى بالطلب القضائي،و على هذا الأساس فإذا اعتبرت ان أهلية التقاضي شرط لقبول الدعوى فيرتب على ذلك ان الشخص الذي لا يحوز على أهلية التقاضي لا يكتسب الحق في الدعوى باعتبار أن أهلية التقاضي حسب سياق المادة 459 قانون اجراءات مدنية عنصرا من عناصر الدعوى و يترتب على ذلك انعدام الحق في الدعوى ، و تبعا لذلك فان القاصر الذي لا يحوز على أهلية التقاضي فلا تكون له الحق في الدعوى و هذا يخالف مبدأ أن الحق في الدعوى ينشا بمجرد الاعتداء على المركز القانوني أو الحق الموضوعي بغض النظر عما إذا كان صاحب الحق أو المركز القانوني متمتع بأهلية التقاضي أم لا .
إذن فأهلية التقاضي هي شرط لصحة المطالبة القضائية و ليست شرطا لقبول الدعوى ، فالشخص الذي يرفع دعوى دون ان يكون متمتعا بأهلية التقاضي يترتب عليها بطلان العمل الإجرائي لان رفع
الدعوى من الأعمال القانونية يشترط فيها أهلية التقاضي .
فما دام الحال كذلك فان القاصر له أهلية الوجوب حسب ما تم شرحه سابقا و وبالتالي فهو يتمتع بالحق في الدعوى لكن لا يستطيع مباشرته بنفسه لعدم تمتعه بأهلية التقاضي إنما الذي يمكنه ذلك هو الولي أو الوصي أو القيم حسب الأحوال .
إذ لابد من توافر أهلية الوجوب في أطراف الخصومة القضائية ، فان قدم طلب القضائي و أحد الخصوم كان متوفيا ترتب عن ذلك بطلان الحكم في نظر البعض و انعدامه في نظر البعض الأخر كما يجب توافر أهلية التقاضي في الخصوم باعتبارها شرط لصحة المطالبة القضائية .
و يجب ان يعين أطراف الطلب القضائي تعيينا كافيا نافيا للجهالة تبعا لما تنص عليه المادتين 12و13 من قانون الإجراءات المدنية ، فيجب تحديد لقب و اسم و مهنة و موطن كل من المدعي و المدعى عليه ، و كذلك بالنسبة لشخص المعنوي إذ يجب تبيان عنوانه التجاري و نوعه و مركزه الرئيسي و كذا ممثله القانوني الذي له الأهلية الإجرائية، و يترتب في كلتا الحالتين في حالة التجهيل بعنصر الخصوم بطلان الإجراءات .
و قد صدر قرار عن المحكمة لعليا في هذا الشأن مؤرخ في 04/03/1985 ملف رقم 34899 جاء فيه " من المقرر قانونا أن عريضة افتتاح الدعوى يجب ان تتضمن أسماء و صفات الأطراف و مهنتهم وإلا تعرضت للبطلان ومن تم فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للإجراءات الجهورية في القانون "
و كما كان ثابتا في قضية الحال أن قضاة الموضوع أهملوا مراعات هذه الإجراءات كما أهملوا دفع الطاعن ببطلان الإجراءات لجهل أسماء الورثة ، و اقتصروا على القول بأنه لا داعي لذكر جميع الأسماء ما دامت هناك محامية تمثل جميع الورثة فإنهم بقضائهم كما فعلوا خرقوا أحكام المادة 13
من قانون الإجراءات المدنية ، و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه.
ففي حالة تعدد أطراف الدعوى كما هو الحال بالنسبة للورثة فلا نذكر احدهم دون بقية الورثة او يتم ذكر_ ورثة فلان _ إذ يجب تحديد اسم و لقب و موطن و مهنة كل وارث .
و بالنسبة للشخص المعنوي كأن تكون شركة مثلا فيجب تحديد نوعها و مركزها الرئيسي و عنوانها
التجاري وممثلها القانوني ان اشتراط هذا التحديد لأطراف الخصومة هو التعريف بالشخص حتى يكون تحديدا كافيا نافيا للجهالة و الا ترتب على ذلك بطلان اجراءات الدعوى للتجهيل بالطلب القضائي في عنصر الخصوم.
فحيثما وجد التجهيل ترتب على ذلك القضاء ببطلان الإجراءات لكن لايترتب بطلان الإجراءات على بعض البيانات الجوهرية ولا تنقض أو تحجب المعرفة الكافية بأطراف الطلب القضائي الخصوم كعدم ذكر المهنة او الموطن حتى التوقيع عند البعض،وهناك قرار للمحكمة العليا في هذا الشأن مؤرخ في 27/02/1982 ملف رقم 26563 جاء فيه <متى نص القانون على أن الدعوى ترفع بعريضة موقعة كما هو الشأن بالنسبة للاستئناف دون أن يحدد الجزاء الذي يرتبه في حالة عدم التوقيع على العريضة ،ومتى كان من المقرر أنه لا بطلان إلا بنص قانوني يقضي بذلك فإن قضاة الموضوع التزموا بتطبيق القانون عند التصريح بقبول الاستئناف شكلا.
وعليه يستوجب رفض الطعن (1)
كما صدر قرار عن الغرفة التجارية والبحرية بتاريخ 18/02/2003 ملف رقم 286232 مما جاء فيه ما يلي <حيث أنه تبين من ملف القضية والمستندات المرفقة وخاصة حكم محكمة الإسكندرية الابتدائية الصادر بتاريخ 29/07/1999 المطلوب إمهاره بالصيغة التنفيذية ،أن عدد الأطراف المرفوع ضدهم الدعوى من طرف المطعون ضده الحالي يبلغ سبعة عشر شخصا منهم الممثل القانوني لبنك القاهرة ،بينما الدعوى الحالية أمام مجلس قضاء الجزائر تخص الطاعن وحده فقط وهذا يعد خرقا للأشكال الجوهرية للإجراءات يؤدي إلى نقض القرار المطعون فيه>

المبحث الثاني: محل الطلب القضائي الأصلي:

يتفق العقد الإجرائي على أن موضوع الطلب القضائي الأصلي أو محل الطلب هو ما يطلبه المدعي من القضاء في طلبه سواء كان من مقدم الطلب الأصلي و هو المدعي الأصلي أو المدعي عليه أو
الغير و سواء كان الطلب أصليا أو عارضا ، فمحل الطب القضائي إذن هو موضوع القرار المطلوب إصداره من القاضي ، و الذي لا يختلف عن إحدى الصور الآتية :
فقد يكون الغرض المقصود من الحماية هو إلزام شخص بأداء معين أو القيام بعمل أو الامتناع عنه. و قد يكون المقصود هو مجرد التقرير بوجود حق أو مركز قانوني أو إنكاره.
". La constations d'un droit ou d'une situation juridique"
كطلب بطلان عقد أو طلب ثبوت رابطة زوجية أو بنوة، و قد يكون المقصود هو إنشاء مركز قانوني جديد .
L'établissement d'une situation juridique nouvelle
كطلب التفريق بين الزوجين، و قد يكون المقصود هو الحصول على الأمر بإجراء تحفظي أو وقتي
كطلب تعيين حارس قضائي أو تقدير نفقة مؤقتة.Une mesure conservation
فمحل الطلب هو موضوع الادعاء وما يهدف إليه الخصم من إصدار القرار القضائي فالخصم يهدف من ادعائه الاعتراف بحقه او مركزه القانوني بقصد حمايته قضائيا و على هذا الأساس يكون محل الطلب هو الحق او المركز القانوني المطلوب حمايته . فهو مجموع الوقائع التي يتقدم بها المدعي و التي تترجم قانونا إلى ادعاء بحق او مركز قانوني.
و يتكون موضوع الطلب القضائي من ثلاث عناصر ، وهو ما سنتناوله في المطلب الأول .

المطلب الأول : عناصر محل الطلب القضائي :

يتكون محل الطلب القضائي من ثلاث و هي :
1- عنصر القرار
2- العنصر القانوني
3- العنصر المادي
أولا : عنصر القرار :
إن كل دعوى مرفوعة أو منشورة أمام القضاء يكون الهدف منها الحصول على قرار ما، إذن فعنصرا القرار هو ذلك القرار الذي يسعى المدعي إلى الحصول عليه من القضاء و الذي لا يخرج
عن كونه إما تقريرا بوجود حق او مركز قانوني او إنكاره كدعوى صحة التعاقد ، او إنشاء هذا الحق او المركز القانوني كدعوى فك الرابطة الزوجية، أو إلزام بأداء معين أو القيام بعمل أو الامتناع عنه كدعوى تنفيذ التزام .
ثانيا : العنصر القانوني :
وهو الحق أو المركز القانوني الذي تهدف الدعوى إلى حمايته ، و ان اختلاف الدعوى القضائية مرتبط باختلاف العنصر القانوني في الطلب القضائي الأصلي الذي يكون محل الدعوى القضائية : و مثال ذلك إن الدعوى التي تهدف إلى تقرير حق الملكية تختلف عن الدعوى التي تهدف إلى تقرير حق الارتفاق.
ثالثا : العنصر المادي :
و هو محل هذا الحق او المركز القانوني ، و لا يخرج عن كونه شيئا ماديا في اغلب الأحيان فالعقار يعتبر محلا لحق الملكية .
ان هذه العناصر الثلاثة هي الحد الفاصل لمعرفة ما اذا كان الطلب الجديد يختلف عن الطلب الأصلي، فاختلاف عنصر القرار او العنصر القانوني او العنصر المادي يؤدي الى اختلاف الدعوى حتما ، فمن يطلب من القاضي الاعتراف له بحق الملكية على عقار ما ، فان دعواه هي دعوى الملكية و التي
يختلف عن الدعوى التي يطلب فيها المدعي فك الرابطة الزوجية بإرادته المنفردة و التي تعتبر دعوى الطلاق .إذن اختلاف الدعوى مرهون باختلاف إحدى هذه العناصر الثلاثة .(1)
و قد صدر في هذا الصدد قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 23.11.2005 رقم الفهرس 1717 ملف رقم 307568 عن الغرفة المدنية القسم الثالث :
جاء فيه "و حيث إن قضاة الموضوع لم يبينوا و بأسباب كافية ما اذا كانت عناصر الدعوى الجديدة التي انتهت إلى القرار محل الطعن بالنقض تختلف عن عناصر الدعوى التي انتهت إلى القرار المؤرخ في 23.05.1998 ذلك ان الطاعن قد تمسك في دعوى الاعتراض بملكيته لقطعة الأرض المتنازع عليها استنادا إلى عقد الشهرة و قد أكد قضاة الموضوع ملكية الطاعن لهذه القطعة استنادا إلى ذلك ويظهر ذلك التأكيد بعدم سريان الحكم الذي كان محل الاعتراض في حق الطاعن و من معه ولذلك لا يمكن لقضاة الموضوع ان يعيدوا النظر في نفس النزاع ما لم يبينوا ان الطلب القضائي الجديد يختلف عن الطلب القضائي الأصلي لذلك انتهى إلى القرار المؤرخ في 23/05/1998 من حيث الأشخاص او الموضوع او السبب و ان عدم بيان كل ذلك يجعل قرارهم قاصرا قصورا يبطله ".
و من أمثلة اختلاف عناصر محل الطلب القضائي الأصلي و التي تؤدي إلى اختلاف الدعوى ما يلي :
مثال 1 : اختلاف عنصر القرار :
الدعوى التي ترمي إلى فسخ العقد تختلف عن الدعوى التي تهدف إلى تقرير صحة العقد، فبينما تهدف الدعوى الأول إلى تحلل المدعي من التزاماته العقدية لعدم تنفيذ المدعي عليه التزاماته المترتبة عن العقد ، تهدف الدعوى الثانية إلى تقرير وجود العقد صحيحا .
مثال 2 : اختلاف العنصر القانوني :ان الدعوى التي تهدف إلى تقرير حق النفقة لزوجة نتيجة إهمال زوجها لها تختلف عن الدعوى التي تهدف إلى إسناد الحضانة للمطلقة ، ذلك ان العنصر القانوني في كلتا الدعوتين قد اختلف من حق النفقة إلى إسناد الحضانة .
مثال 3 : اختلاف العنصر المادي :يكون اختلاف الدعوى بالنسبة للعنصر المادي عندما يقع اختلاف في العنصر المادي للمحل فدعوى تقرير حق ارتفاق على عقار"ا" تختلف عن دعوى تقرير حق ارتفاق على العقار" ب".

المطلب الثاني : الجزاء المترتب عن عدم تحديد موضوع الطلب القضائي:

ان تعيين طلب القضائي التزام يقع على عاتق المدعي ، إذ يستوجب القانون في هذا الشأن ان يكون موضوع الطلب القضائي معينا تعيينا كافيا نافيا للجهالة ، و يتضمن هذا التعيين العناصر الثلاثة التي يتكون منها هذا المحل ، فيبين المدعي القرار الذي يريد الحصول عليه من القاضي بأن يبين مثلا انه يطالب بإبطال العقد و ليس فسخه ، أوأنه يطالب بحق الملكية و ليس حق ارتفاق ، و ان يعين محل الحق تعيينا دقيقا فان كان مثلا عقار يحدد موقعه و رقمه و مساحته و حدوده .
و يترتب على عدم تحديد موضوع الطلب القضائي بطلان عريضة افتتاح الدعوى او بطلان الإجراءات ، والبطلان من النظام العام لأن هذه المسالة تتعلق بوظيفة القاضي، و هذه الأخيرة مرتبطة بطلب يقدم من الخصم الذي يحرص على ان يكون معينا تعيينا كافيا نافيا للجهالة عنه و الا اعتبر هو والعدم سواء و بالتالي لا يستطيع القاضي مباشرة و وظيفته، و ان كل ما يتعلق بوظيفة القاضي هو من النظام العام .
على انه يجب ان يميز بين موضوع الطلب القضائي الذي لم يعين تعيينا كافيا نافيا للجهالة و الذي يترتب عنه بطلان عريضة افتتاح الدعوى او بطلان الإجراءات ، و هو بطلان من النظام العام لارتباطه بوظيفة القاضي ، إ ذ أن هذا الأخير يمكنه القيام بوظيفته ما لم يتم تحديد موضوع الطلب بدقة من طرف الخصوم إذأن القاضي مقيد بمبدأ أن لا يحكم بما لم يطلب منه الخصوم .
فيحصل يوميا في محاكمنا خاصة في مسائل التعويضات أن الخصم لا يحدد للمحكمة مبلغ التعويض الذي يطلبه و يترك ذلك للمحكمة ،فهنا على القاضي أن يحكم ببطلان الإجراءات.
وقد يحدث أن يكون موضوع الطلب القضائي محددا تحديدا غير كاف يجوز في هذه الحالة للقاضي أن يأمر باستكمال هذا النقص من طرف الخصم ، فإن لم يفعل ذلك يجوز للقاضي أن يحكم ببطلان الإجراءات .
ومسالة تحديد ما إذا كان موضوع الطلب القضائي معينا تعيينا كافيا أم لا هي مسالة موضوعية تخضع للسلطة التقديرية للقاضي ، لكن عدم تعيين موضوع الطلب القضائي هي مسالة قانونية منصوص عليها بالمادة 13\05 من قانون الإجراءات المدنية، تخضع لرقابة المحكمة العليا .
و قد صدر في هذا الشأن قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 16جويلية 1991 في الطعن رقم 78272 حيث نقضت القرار الصادر عن المجلس القضائي لعدم تحديد موضوع الطلب القضائي .
كما صدر قرار أخر بتاريخ 2001.04.03 تحت رقم 246329 في قضية ديوان الترقية ضد –د.ق- جاء فيه "ان القانون يوجب تحديد عناصر الطلب القضائي التي تتكون من عنصر الأشخاص و الموضوع و السبب تحديدا نافيا للجهالة ، و إن خلو الدعوى من أحد هذه العناصر يترتب عنه بطلان المطالبة القضائية.
ولما قضي قضاة الموضوع في الدعوى الراهنة برفض الدعوى في الحال لعدم تحديد موضوع الطلب القضائي فأنهم يكونون قد خرقوا قواعد جوهرية في الإجراءات مما يعرض قرارهم للنقض.
و عمليا على القاضي أن يطرح على نفسه السؤال التالي : ماذا يطلب المدعي من القاضي ؟ أو بمعنى أخر ما هو موضوع الطلب القضائي ؟
تختلف الإجابة باختلاف الدعاوي ، فان تعلق الأمر بدعوى تقديرية لدعوى بطلان العقد فان موضوع الطلب هو البطلان . و إن تعلق الأمر بالدعوى المنشئة كدعوى التطليق أو فسخ العقد فان موضوع الدعوى هو التطليق أو الفسخ، و هذا لا يطرح إشكال في هذه الأنواع من الدعاوى.
غير إن الأمر يصعب عندما يتعلق الأمر بتقرير حق يتعلق بشيء معين كتقرير حق الملكية على عقار معين أو تحديد حصص الشركاء يكون محلها عقارا أو شيئا أخر، فانه يتعين تحديد محل هذا الحق. وبناء على ما سبق شرحه يعد تحديد موضوع الطلب القضائي إجراء جوهري يترتب على تخلفه بطلان المطالبة القضائية، هذا من جهة و من جهة ثانية فان القاضي مقيد بمبدأ – إن لا يحكم بما لم يطلبه منه الخصوم -
فهو لا يستطيع الفصل في طلب قضائي موضوعه غير محدد، فان حكم يكون قد حكم بما لم يطلب منه.
و ان عدم تحديد موضوع الطلب القضائي يخل بحقوق الدفاع، فان من حق المدعي عليه إن يعلم مسبقا ما يطلب منه ، و لا يتسنى له ذلك ما لم يكن موضوع الطلب القضائي معينا تعيينا كافيا نافيا للجهالة و هو كما سبق القول التزام يقع على عائق المدعي .

المبحث الثالث: سبب الطلب القضائي

حتى يستكمل الطلب القضائي لشروطه كاملة عليه أن يشمل على عنصر السبب بالإضافة إلى عنصري المحل و الخصوم.
كما أن السبب من المسائل الحساسة و المعقدة التي اهتم بها الفقه و القضاء.
كما أن السبب الطلب القضائي كثير ما يختلط بمفاهيم أخرى وهو ما سنتطرق له في دراستنا في مطلبين على النحو التالي:

المطلب الأول: مفهوم السبب

يقصد بالسبب القانوني هو الأساس القانوني الذي يستند إليه المدعي لرفع دعواه( )، و الذي يؤدي إلى نشوء التزام المدعي عليه، و من ثم يكون عقد أو إرادة منفردة أو فعلا غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصا في القانون و تلك هي مصادر الالتزام المدعى بها.
ترى طائفة من الفقه أن سبب الطلب القضائي يقوم عل الفكرة القانونية باعتباره الأساس القانوني للدعوى أو الطلب القضائي كما حدده الخصوم( )، و عليه اعتبار السبب هو النص القانوني الذي يستند إليه الخصوم بينما يؤكد البعض أن سبب الطلب القضائي هو المبدأ القانوني في حين يرى البعض الآخر أن سبب الطلب القضائي هو التكييف القانوني لوقائع الدعوى كما حددها الخصوم.
بينما ترى الطائفة الثانية أن سبب الإدعاء هو فكرة واقعية مجردة، فهو يتكون فقط من مجموع الوقائع الأساسية التي يكون من شأنها توليد الحق المدعى به أو المركز القانوني المدعى به أمام الجهات القضائية.
فيعرف عنصر السبب على أنه مجموع الوقائع المولدة للحق المطالب به أمام القضاء، فهو مجموع الوقائع التي يسند إليها الخصوم لتأييد لطلباتهم( ).
و الأصل أن كل قضية أو طلب قضائي يشتمل على عنصرين، عنصر الواقع الذي يجوز للقاضي التدخل بالزيادة أو النقصان فيه و هذا تطبيقا لمبدأ حياء القاضي، و عنصر القانون الذي يعد من صميم عمل القاضي و لا يمكن التنازل عنه.
أولا: عنصر الواقع.
إن الأطراف ملزمين بتقديم الوقائع، فالمدعي يقدم عناصر واقعية و المدعي عليه يقدم عناصر واقعية أخرى ينفي بها ما قدمه المدعي، و هذا دون تقديم النص القانوني الذي يحكم الواقع.
فالخصوم دورهم ينحصر في الواقع فهم الذين يتمسكون به و يضطلعون بإثباته، و يقع على عاتق القاضي احترام وقائع الدعوى و جوهرها ولا يمكنه التغيير فيها، و هذا عملا بمبدأ حياد القاضي و له في ذلك استخلاص الوقائع المنتجة في الدعوى و هي الوقائع المؤسسة للسبب دون غيرها، و تطبيق القانون الذي يفترض علم به.
كما يجوز للقاضي أن ينيب أهل الفن من أجل إثبات عنصر الوقائع كإنابة خبير لتحديد مساحة المعتدى عليها مثلا أو حديد نسبة العجز.
ثانيا: عنصر القانون
العنصر الثاني للسبب بعد عنصر الواقع هو عنصر القانون الذي يعد من وظيفة القاضي في الفصل في النزاع المطروح عليه بتطبيق القانون عل الوقائع التي عرضت عليه من الخصوم.
فالعنصر القانوني هو الذي يقع على عاتق القاضي فهمه و تطبيقه و لو لم يمسك به الخصوم، أما إذا مسك الخصم بالنص القانوني فإنه لا يقيده بل لا يعد ذلك إلا مجرد اقتراح منه، و القاضي غير ملزم به، فإن رآه غير متطابق مع ما اقترحه الخصم من وقائع طبق النص الصحيح.
فالقاضي ملزم بتطبيق القانون على الوقائع المعروضة عليه و لا يجوز له أن ينيب غيره كما هو معمول به كما في إسناد مهمة الورثة و أنصبهم في التركة إلى الموثق رغم كونها مسألة قانونية لا يجوز له أن يتنازل عن وظيفته مهما كانت المسألة القانونية معقدة.
فالتكييف القانوني يدخل ضمن أعمال القاضي بوصفه مسألة قانونية، و يقصد به إعطاء الوصف القانوني لمجموع الوقائع بمعنى آخر هو إدخال تحت قالب هو النص القانوني.
و الوصف القانوني هو عبارة عن ترجمة العناصر الواقعية إلى مفاهيم قانونية.
و مثال ذلك" الثلاجة" هي عنصر واقعي و ترجمة هذا العنصر الواقعي بمفهومه القانوني "مال منقول".
فالوصف القانوني ينبثق من احتكاك عناصر واقعية بمضمون قاعدة قانونية( ).
و القول أن سبب الطلب هو الواقعة أو الوقائع التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب ( )، بمعنى أنه سبب الطلب لا يخرج أن يكون تصرفا قانونيا( )، أو واقعة قانونية( ).
أي قد يكون عقد أو إرادة منفردة أو عملا غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصا في القانون، فالسبب في دعوى المطالبة بدين ناشئ عن قرض هو القرض، و في الدعوى المطالبة بثمن المبيع هو المبيع، و في دعوى التعويض الفعل الضار، و في دعوى الشفعة الشركة أو الجوار، و في دعوى إبطال نقض الأهلية أو الغلط أو التدليس، فالمستأجر حين يطالب المؤجر بتسليم العين المؤجرة يكون السبب في دعواه هو الإيجار نفسه مرة أخرى، أما إذا استند في طلبة إلى سبب جديد كعقد إيجار آخر أو عقد بيع فإن الدعوى الجديدة لا يجوز دفعها بحجية الأمر المقضي فيه لاختلاف السبب، و كذلك إذ طالب شخص بتسليم عين بسبب الميراث و رفضت و دعاه فإن هذا لا يمنعنه من العودة إلى المطالبة بها بسبب الوصية.
و حسب القواعد يقع عبء الإثبات على المدعي، الذي يقدم الطلب القضائي و يتمسك بسببه و يقع عاتقه إثبات هذا السبب، و لفهم ذلك ندرج المثال التالي و قع حادث مرور بين سيارتين (أ) و (ب)، سائق السيارة كان يسير على الجانب الأيسر و بدون أضواء.
هنا الدعوى هي دعوى تعويض سببها هو مجموع الوقائع المدعى بها و هي المصدر الحق المطالب به ( السير على الجهة اليسرى من الطريق بدون أضواء) و هي بذلك تؤلف الخطأ المتمثل في مخالفة قواعد المرور نتج عنه ضرر( حالة الاصطدام) مع وجود علاقة بسببه تربط بينهما.
فالإثبات ينصب على سبب الطلب القضائي و يقع إثباته على المدعي.
و يجدر بنا القول أنه لابد أن يكون سبب الطلب القضائي محدد تحديدا نافيا للجهالة، فيستوجب على الخصم في حال تمسكه بسبب معين أن يحدده و إلا ترتب عن ذلك بطلان الإجراءات لعدم تحديد سبب الطلب القضائي.
فإذا كان سبب الطلب القضائي هو عقد الملكية هنا وجب وصف هذا العقد بذكر أطرافه و موضوعه و تاريخ إبرامه...الخ. و قد اختلفت الآراء بشأن عدم تعيين سبب الطلب القضائي تعيينا نافيا للجهالة يترتب عليه إما:
رفض الدعوى لعدم التأسيس باعتبار السبب هو مجموع الوقائع المولدة للحق المطالب
أمام القضاء، فرفع الطلب القضائي دون تبيان الوقائع المولدة للحق المطالب به معناه أن هذا الأخير لا أساس له.
بطلان الإجراءات للتجهيل بسبب الطلب القضائي ذلك أن عناصر الطلب القضائي
الثلاث و المتمثلة في الخصوم و المحل و السبب يترتب على التجهيل بها بطلان الإجراءات.
رفض الدعوى لعدم الإثبات( )، و يكون ذلك في حال عدم إثبات السبب باعتباره هو محل الإثبات.
و نرى أن الرأي الراجح هو الذي يقضى برفض الدعوى لعدم التأسيس و ذلك للأسباب التالية:
-أن التطرق للسبب يستلزم علينا الدخول في موضوع النزاع لدراسة و تمحص الوقائع المولدة للحق المطالب به، و عليه نكون قد تجاوزنا مرحلة الشكل للحكم ببطلان الإجراءات.
-إن السبب هو عبارة عن مجموع الوقائع المولدة للحق المطالب به أمام القضاء و عليه فإن تحديد الحماية القضائية، فالتجهيل بالسبب يعني عدم تعيين الوقائع و تحديدها تحديدا كافيا، و حسب المثال السابق ذكره(حادث مرور) فإن عدم تبيان أن الحادث كان نتيجة السير على الجهة اليسرى من الطريق في الليل بدون أضواء بمعنى عدم تبيان الأساس الذي رفعت من أجله الدعوى مما يترتب عليه رفض الدعوى التعويض المطالب بها لعدم التأسيس.

المطلب الثاني: تمييز السبب عن بعض الأفكار المشابهة

الفرع الأول: تمييز السبب عن أدلة الإثبات

سبب الطلب القضائي هو محل الإثبات باعتباره مجموع الوقائع المولدة للحق المطالب به أمام القضاء. فيجب إذن إسناده بدعائم يقوم عليها وهي أدلة الإثبات المقررة قانونا من كتابة و بينة و قرائن...الخ
و على أساس ذلك يجب التمييز بين السبب في الدعوى و بين الأدلة، فإن الواقعة القانونية التي يتولد منها الحق المدعى يمكن أن نثبت بأدلة مختلفة و حينئذ يتصور إتحاد السبب في دعويين و اختلاف الأدلة فيها( ). و العبرة في الدفع بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها إذا ما مسك الخصم الثاني بذلك.
فالعبرة بإتحاد السبب لا بإتحاد الدليل( )، فإذا ادعى المدين و فاء الدين و طلب إثبات ذلك بالبينة ثم إجابته المحكمة إلى طلبه و لكنها لم تقتنع بشهادة الشهود ورفضت الحكم ببراءة ذمته لا يقبل منه أن يرفع دعوى أخرى ببراءة الذمة بالوفاء أيضا و لو كان يستند في إثبات الوفاء هذه المرة عل مخالصته، على أنه إذا رفع الدائن دعوى بالدين و لم يدفع المدين بالوفاء فقضى بالدين هذا الحكم لا يحوز حجية الأمر المقضى بالنسبة للوفاء، و من ثم يجوز للمدين إذا عثر بعد ذلك على مخالصة الدين أن يرفع دعوى جديدة يطالب بها الدائن برد ما دفع إليه بدون حق.
و خلاصة القول أن التغيير في الأدلة لا يعني تغيير السبب بل أنه يبقى واحدا.

الفرع الثاني: تمييز السبب عن وسائل الدفاع

تتنوع وسائل الدفاع إلى وسائل دفاع قانونية بحتة، و وسائل دفاع واقعية ووسائل دفاع يختلط بها الواقع بالقانون.
أولا: وسائل الدفاع القانونية البحتة
تتمثل وسيلة الدفاع القانونية البحتة في الأوصاف المختلفة التي يمكن أن توصف بها الواقعة القانونية الواحدة ( )، فالفعل الضار مثلا هو الواقعة القانونية التي يتولد منها الحق في التعويض، أي أنه يعتبر السبب في التعويض.
إما تكييف هذا الفعل بأنه موجب للمسؤولية العقدية أو المسؤولية الفعلية الشخصية أو المسؤولية عن فعل الغير أو عن فعل الأشياء فلا يعدو أن يكون من الحجج القانونية التي يخول اختلافها في الدعويين دون حيازة الحكم الأول حجية الشيء المحكوم فيه، فإذا رفضت دعوى التعويض التي بناها المدعي على أساس المسؤولية التقصيرية، لا يجوز بعد ذلك رفع دعوى تعويض جديدة عن الفعل الضار ذاته و لو بنيت على أساس المسؤولية العقدية.
و عليه فإن اختلاف وسائل الدفاع القانونية لا يحول دون حيازة الحكم لحجية الشيء المقضي فيه مادام سبب الطلب القضائي واحد.
و يجوز التمسك بوسائل الدفاع القانونية البحتة في أية مرحلة كانت عليها الدعوى و لو لأول مرة أمام جهة الاستئناف. بل يجوز التمسك بها لأول مرة أمام المحكمة العليا مادام الأساس الواقعي تم طرحه أمام قضاة الموضوع و مناقشته من طرف الخصوم( ).
مثال ذلك: ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 24 جوان1992، رقم 82264 حيث أثارت وجها تلقائيا و المأخوذ من الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن القرار المتخذ قد قضى بعدم قبول لسبق الفصل فيها ذلك أن موضوع الدعوى الأولى هو طرد الطاعن من القطعة المتنازع عليها، بينما الدعوى الثانية تهدف إلى تحديد مساحة الملكيتين المجاورتين، و عليه يكون موضوع الدعويين مختلف مما يعني أن قضاة الموضوع حين قضوا رفض الدعوى لسبق الفصل فيها قد أخطأ في تطبيق المادة 338 من القانون المدني الجزائري.
ومما أثارته المحكمة العليا هو مجرد وسيلة دفاع قانونية بحتة، وتبعا لذلك لا يجوز لأية جهة قضائية أن تقوم باستبدال نص بآخر طالما أنها لا ترى بين النصين أي خلاف فيما يتعلق بالسبب.
ثانيا: وسائل الدفاع الواقعية
و هي تلك التي تتعلق بالواقع، وهي المسائل التي لا يجوز للقاضي أن يثيرها تلقائيا احتراما لحقوق الدفاع ، فلا يجوز الحكم بها إذا وردت بسبب وقائع عرضت عليه و تم تحقيقها و مناقشتها من طرف الخصوم تطبيقا لمبدأ المواجهة.
سبب الطلب القضائي الرامي إلى إصلاح الضرر الحادث لشخص معين هو الواقعة التي بنى عليها الحق في التعويض أي الفعل الضار، و هو فعل أساسي يحاط بالظروف الواقعية، فحادث السيارة مثلا يكون ناشئا إما عن حالة سكر أو اختلال في توازن السيارة أو رداءة الطقس، فمجموع هذه الظروف المحيطة بواقعة التصادم تعتبر مجرد وسائل واقعية( ) يجوز للخصم أن يمسك بان الحادث كان بسبب أي منها.
ثالثا: وسائل الدفاع التي يختلط فيها الواقع بالقانون
إن كل طلب قضائي يضمن عنصرين: عنصر الواقع و عنصر القانون.
و القانون يطبق على الواقع، و لا يمكن للقانون ان يحيى بدون تحقيق هذا الواقع، وتبعا لذلك فإن القانون يجب أن يطبق على الواقع الذي تمسك به الخصم و قدمه للقاضي و تم تحقيقه و مناقشته من قبل الخصوم. فإذا ما طرحت الوسيلة القانونية البحتة على المحكمة العليا و كانت تفتقر للأساس الواقعي فيجب عليها أن تصرح بعدم قبولها باعتبارها تختلط فيها الوسيلة الواقعية بالقانون.
وهذه الوسيلة تأخذ نفس حكم وسيلة الدفاع الواقعية إذ يجوز التمسك بها للأول مرة أمام جهة الاستئناف، و لكن يحظر عل الخصم التمسك بها لأول مرة أمام المحكمة العليا لأنها تتطلب الخوض في الواقع تحقيقا و إثباتا و هذا مما لا يجوز .
ومثال ذلك: أن شركة التأمين غير ملزمة بالتعويض عن حادث مرور تعرض له صاحب دراجة نارية يفوق حجم محركها نسبة معينة و أن هذا النوع يلزم أن يحصل سائقها على رخصة السياقة في حين أن السائق لم يتحصل عليها مما يستلزم أن تكون شركة التأمين غير ملزمة بالتعويض عن الحادث.
فحيازة السائق للرخصة هي وسيلة قانونية بحتة، و لتطبيق هذا النص يجب البحث و التحقيق عن محرك هذه الدراجة النارية ما إذا كان من النوع الذي يتطلبه القانون أم لا، و هي مسألة تتعلق بالواقع تستلزم البحث عن نوع المحرك و عليه فإن تمسك شركة التأمين بهذا الوجه لأول
مرة أمام المحكمة العليا غير جائز و لذلك صرح بعدم قبول هذا الوجه على أساس أنها وسيلة يختلط فيها الواقع بالقانون.

الفصل الثاني:تغيير الطلب القضائي الأصلي أمام الجهات القضائية

بعد أن يتقدم المدعي أمام القضاء بإدعائه ، نتساءل عن موقف طرفي الخصومة منها :هل يكتفي المدعي بشرح طلبه أو يمكنه تعديل طلبه الأصلي سواء بتقليصه أو بتوسيعه ؟وأكثر من ذلك هل يجوز تدخل أو إدخال الغير في الخصومة القائمة ،وللإجابة على ذلك نقول المبدأ أن نطاق الخصومة كما رسم حدودها الطلب القضائي الأصلي يظل راسخا حتى النهاية دون تعديل ،فإن طرأ تغيير على أي عنصر من هذه العناصر في أحد الدعويين عد ذلك طلبا جديد ا ، لذلك يتعين تحديد عناصر كل منهما فإن وجد تطابق بينهما تقوم الحجية ونكون أمام نفس الدعوى الأصلية فتكون الدعوى الجديدة هي نفسها الدعوى الأصلية .
وإعمال هذا المبدأ هو تجسيد لاعتبارات جديدة :
_تجسيد قاعدة التقاضي على درجتين فثبات النزاع أمام درجتي التقاضي يؤدي إلى تحريم تقديم طلبات جديدة أمام جهات الاستئناف ومن ثمة لا يحدث أي إخلال بقاعدة التقاضي على درجتين
_تحقيق سرعة الفصل في القضية ذلك أن ثبات النزاع يمنع الخصوم من إعاقة سير الخصومة بطلبات جديدة تقدم بعد بدئها فلا يتخذ الخصم وسيلة إبداء طلبات جديدة ذريعة لتأخير الفصل في الخصومة .
_حماية حقوق الدفاع ذلك أن الأخذ به يؤدي إلى عدم مفاجأة الخصم بطلبات جديدة تقدم بعد أن يكون قد استعد للدفاع على أساس نطاق الطلب الأصلي وحده .
لكن قد وجهت عدة انتقادات للرأي السابق والتي من بينها أن تطبيقه بصفة مطلقة ينتج عنه نزاعات عديدة كان بالإمكان تجنبها لو استعملت طلبات جديدة ، ومن جهة أخرى قد يؤدي ذلك إلى صدور أحكام متعارضة في نزاع واحد.
ومن هذا المنطلق سمحت أغلب التشريعات القانونية ومن بينها قانون الإجراءات المدنية الجزائري

الفصل الثاني: تغيير الطلب القضائي الأصلي أمام الجهات القضائية

بتقديم طلبات جديدة أثناء نظر الخصومة ، بتغيير أحد عناصر الطلب القضائي الأصلي ، وأن هذه الطلبات الجديدة ما هي في الحقيقة سوى طلبات عارضة، والتي هي أدوات فنية يمكن بواسطتها إدخال تفاعلات على الطلب الأصلي (1).

المبحث الأول :تغيير الطلب القضائي أمام المحكمة

يتكون الطلب القضائي كما رأينا فيما سبق من ثلاثة عناصر وهي الخصوم ،المحل والسبب،وحتى يعتبر الطلب واحدا يجب أن يتحد في الدعوى الأولى مع الطلب في الدعوى الثانية في عناصره الثلاثة،وتبعا لذلك فهل يجوز للمدعي أن يغير الطلب ،وللإجابة على ذلك نقول أن الرأي متفق حول تغيير سبب الطلب القضائي أمام الدرجة الأولى بشرط أن يبقى موضوع الطلب القضائي(2) بحيث لا يجوز تغيير موضوع وسبب الطلب القضائي في آن واحد لأنه تنشأ دعوى جديدة ،إذ يجب أن ترفع بإجراءات مستقلة عن الدعوى الأولى مع الضمانات العادية لمحاولة الصلح ولتكليف العادية لمحاولة الصلح ولتكليف الخصم بالحضور ولآجال الحضور والتحقيق في الدعوى ،فلا يجب إلغاء هذه الضمانات بمحض إرادة المدعي(3) والقاضي المدني في الأصل محايد ،وهو مكلف بتطبيق القانون على وقائع النزاع كما يطرحها الخصوم أنفسهم ، فالخصومة المدنية هي ملك للخصوم ،والقاعدة أن القاضي يحكم في طلبات مقدمة من الخصوم إليه لا في طلبات مقدمة منه هو لصالح الخصوم (4)
ومع ذلك قد تجد ظروف تقتضي تعديل في عناصر الإدعاء التي يحملها الطلب الأصلي إلى القاضي ،فلا يجوز أن يكون الخصوم سجناء في إطار الطلب الأصلي، لذا وجدت نظرية الطلبات العارضة ،لإعطاء بعض المرونة على قاعدة ثبات النزاع التي تعتبر المبدأ في نظرية الطلبات الأصلية. فإذا طرأ تغيير على أحد عناصر الطلب الأصلي في أحد الدعويين عد ذلك طلبا جديدا إذ يجوز تغيير الطلب من حيث الأشخاص أمام المحكمة عن طريق التدخل والإدخال ، كما أنه يجوز تغيير أحد
العنصريين المحل أو السبب مع بقاء العنصر الآخر ثابتا كأن يقوم الخصم بتغيير سبب الطلب القضائي أمام المحكمة بشرط أن يبقى موضوع بحيث لا يجوز تغيير موضوع وسبب الطلب في آن واحد.
وتبعا لذلك يجوز للخصوم تعديل الطلب القضائي في أحد عناصره سواء السبب أو المحل كل على حدى مع بقاء العنصر الآخر ثابتا

المطلب الأول :تعديل الطلب القضائي الأصلي من حيث السبب والمحل :

إن الأصل العام يقضي بعدم جواز تغيير الطلب القضائي والذي لا يمكننا الخروج عنه إلا بنص خاص ، وهو ما نجده في نص المادة 91 من قانون الإجراءات المدنية :<< إذا وجد ارتباط بين قضايا مطروحة على المحكمة نفسها تقضي بضمها من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب الخصوم>>.
فإن كان هذا النص يسمح بضم الطلبات القضائية التي قدمت بعرائض مختلفة ، إذا وجد بينها ارتباط، فمن باب أولى أن يسمح بتقديم هذه الطلبات بعريضة واحدة ، أما إذا رفعت عدة طلبات بعريضة واحدة لا يوجد فيما بينها ارتباط ، وجب الحكم ببطلانها وذلك طبقا لمفهوم المخالفة للمادة 91 من قانون الإجراءات المدنية ، وتبعا لذلك يجوز للخصوم تعديل الطلب القضائي في أحد عناصره سواء السب أو المحل كل على حدى مع بقاء العنصر الآخر ثابتا .

الفرع الأول:تعديل الطلب القضائي الأصلي من حيث السبب :

أن الرأي متفق حول تغيير سبب الطلب القضائي أمام الدرجة الأولى بشرط أن يبقى موضوع الطلب القضائي ، فالمدعي أن يأتي بسبب جديد بدلا من السبب الأول الذي يبني عليه طلبه الأصلي كأن يطلب ملكية عقار <أ> على أساس أنه يملكها بموجب عقد بيع ،ثم يتمسك بملكية نفس القطعة على أساس الإرث حيث قام بتغيير السبب مع بقاء موضوع الدعوى واحدا(1) لتحقق شرط الارتباط بين الطلب الأصلي والطلب الجديد ،وتتوافر صلة الارتباط بين الطلب العارض (المقابل)الذي يتمسك به المدعى عليه بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء الطلب الأصلي ،وهو ما تنص عليه المادة 4
فقرة 2 من قانون الإجراءات المدنية بقولها <كما تختص المحكمة بنظر الطلبات الأصلية نفسها ، فإنها تختص أيضا بالطلبات المقابلة المتعلقة بالتعويضات المؤسسة كلية على الطلب الأصلي>
_إلا أن هذه الفقرة جاءت تزيدا(1) لأن القول بها يعد من نافلة القول، ذلك أن التعويضات المؤسسة
على الطلب الأصلي والناجمة عن الضرر اللاحق جراء الطلب الأصلي ،تتوافر فيه صفة الارتباط مع الطلب الأصلي ذاته ، وهي متوافرة في السبب لأن مجموع الوقائع التي يستند عليها المدعى عليه هي نفسها أو تشمل مجموع وقائع الطلب الأصلي ،وعليه كان بالإمكان الاكتفاء بالفقرة الأولى مع الفقرة الخامسة ، التي قررت إمكانية المحكمة أن تقضي بحكم نهائي إذا كان الطلب المقابل بالتعويضات المبني عليه وعلى الطلب الأصلي هو وحده الذي يجاوز اختصاصها الابتدائي، أي أن التعويض عن الدعوى التعسفية لا يؤثر في اختصاص المحكمة النهائي الصادر في الطلب الأصلي.
وقد يقدم المدعي سببين لدعواه مرة واحدة إلا أن ذلك يترتب عليه عدم قبول أحدهما لإنتفاء المصلحة، إذ أن تقديم الواحد يغني عن تقديم الآخر ،فالقاضي يكتفي بسبب واحد ،كأن يتمسك الشخص بملكية السيارة إستنادا إلى عقد البيع ، ثم يغيره ليصبح الميراث هنا يكتفي القاضي بالأخذ بسبب واحد فقط.

الفرع الثاني :تعديل الطلب القضائي من حيث الموضوع

يمكن للمدعى أثناء سير الخصومة تعديل موضوع طلبه الأصلي،سواء بتوسيعه أوتقليصه ،كما قد يتناول تغيير موضوع الطلب أو تكملته
_ومن أمثلة تغيير موضوع الطلب القضائي الأصلي ،كأن يطلب المدعي تنفيذ العقد ثم يعدل عن ذلك ، أو يتمسك بطلب فسخه.
فهنا للمدعى أن يغير من موضوع الطلب القضائي الأصلي في أي من عناصره الثلاث السابق بيانها والمتمثلة في عنصر القرار ، العنصر القانوني ، العنصر المادي .
_ومن أمثلة تصحيح الطلب القضائي بالزيادة أو النقصان ، كأن يقدم المدعي طلبا أصليا محله التعويض بقيمة 5000 دج وبعد مراجعة الوثائق تبين له أنه يستحق أكثر أو أقل فيقدم طلبا إضافيا بالتصحيح بالزيادة أو بالانتقاص من قيمة التعويض.
من الأمثلة عن تكملة الطلب القضائي الأصلي طلب الفوائد المترتبة عن الدين والثمار تبعا للملكية(1)
ويجب أن يتم ذلك كله دون تغيير في عنصر السبب في آن واحد إذ يجب أن يبقى السبب ثابتا عند التغيير في محل الطلب القضائي الأصلي.
لأن ذلك سيؤدي إلى طرح طلب جديد يختلف عن الطلب الأصلي في كافة عناصره مما لا يتحقق معه شرط الارتباط.
غير أن المقاصة القضائية تعتبر من الطلبات العارضة (المقابلة)التي لايتوافر بينها وبين الطلب الأصلي صلة الارتباط لكن المشرع استثناها بنص خاص إذ نص في المادة 4/1 من قانون الإجراءات المدنية .
تختص المحكمة بالنظر في جميع الطلبات المقابلة أو المقاصة القضائية التي تكون بطبيعتها في حدود اختصاصها مهما بلغت قيمتها >>
فالمشرع عندما نص على اختصاص المحكمة بالطلبات المقابلة والمقاصة القضائية وكأن المقاصة ليست من الطلبات المقابلة ،إلا أنها تعد من منها ، ولكن المشرع عندما ذكرها إلى جانب الطلبات المقابلة ،فيريد بذلك أن يستثنيها من شرط الارتباط إلا أنه يشترط أن تكون من اختصاص الحكمة التي تنظر في الطلب الأصلي .

المطلب الثاني :تعديل الطلب القضائي الأصلي من حيث الأشخاص

كما يجيز القانون إحداث تغيير في الطلب القضائي الأصلي في عنصريه السبب والمحل ،فإنه يجيز إحداث تغيير في أطراف الخصومة ،بتقديم طلبات عارضة في مواجهة الغير(طلبات الإدخال )،أو بتقديم هؤلاء من تلقاء أنفسهم (طلبات تدخل).

الفرع الأول :تدخل الغير في الخصومة :

التدخل هو أن يطلب شخص من الغير أن يصبح طرفا في خصومة قائمة ، وذلك للحكم له بطلب مرتبط بالدعوى أو لكي ينضم لأحد أطرافه (1) ، ويجب توافر ثلاثة شروط:
_المصلحة قائمة والحالة.
ـارتباط التدخل بموضوع النزاع.
_تقديمه قبل أن تكون الدعوى مهيأة للفصل فيها (2) .
و التدخل طلب عارض يقدم أمام المحكمة تبعا للطلب الأصلي من شخص ليس طرفا في الخصومة ، و يتم التدخل في الدعوى بمحض إرادة الشخص في الخصومة قائمة و على ذلك ينقسم التدخل إلى نوعين:
تدخل انضمامي و تدخل هجومي و هو ما نص عليه المادة 108 ق .ا.م يقولها لايقبل التدخل إلا إذا كان صادرا ممن له مصلحة قائمة و حالة في النزاع
1_ التدخل ألانضمامي أو التبعي أو التحفيظي :
هو التدخل الذي ينضم فيه المتدخل إلى احد الخصوم الأصليين لمساعدته كانضمامه في دعوى الضمان دون ان يطلب شيئا لنفسه و إنما إلى احد الخصوم لكي يحكم لصالح هذا الأخير لما في هذا الحكم من مصلحة تعود عليه و يقتصر دوره على إبداء أوجه الدفاع لتأييد طلبات هذا الخصم و لا يقدم طلبا جديدا و مثال ذلك :
تدخل الدائن في الدعوى التي يكون المدين طرفا فيها مع الغير للدفاع عن حقوق مدنية ، و هو عبارة عن إجراء وقائي يقوم به الغير خشية ان يخسر الخصم الدعوى و يتضرر من جراء الرجوع عليه .
2_ التدخل الإختصامي أو الهجومي :
و هذا التدخل الذي يدعي فيه الغير المتدخل بحق ذاتي لنفسه يطلب الحكم به له في مواجهة الطرفين و قد يكون ذات الحق المدعى به في الخصومة الأصلية، أو الحق مرتبط به كان يتدخل الشخص في النزاع على الملكية بين شخصين فيطلب بالملكية لنفسه أو يتدخل الدائن في الخصومة بين المدين و الغير طالبا بطلان التصرف موضوع الخصومة (1) فهو يعد مدعيا في الدعوى العارضة و يسمى التدخل هنا بالتدخل الهجومي لان المتدخل يتخذ موقفا هجوميا في الدعوى و لا يقتصر على الدفاع فالقانون أجاز الغير بالتدخل في الخصومة القائمة تيسيرا له و توفيرا للوقت،كما يمكنه الطلب بأي إجراء من اجراءات التحقيق أو تقديم طلبات مقابلة ، كما يجوز له متابعة تنفيذ الحكم و استعمال طرق الطعن ضد الحكم الصادر و تتمثل أهمية التفرقة بين مركزي المتدخل ألانضمامي و المتدخل ألاختصامي فيما يلي :
1- يعد المتدخل الإختصامي خصما حقيقيا و يشغل مركز المدعى ، خلاف المتدخل الانضمامي الذي يعتبر مركزه تابعا للخصم الذي انضم اليه مدعيا او مدعى عليه
2_ يعتبر المتدخل الإختصامي كغيره من الخصوم حرا في إبداء طلباته و دفوعه ، فيجوز له مثلا تعديل طلباته او التنازل عنها او ترك الخصومة عكس المتدخل ألانضمامي الذي يكتفي بمؤازرة الخصم الذي تدخل لصالحه.
3_ يجوز للمتدخل الإختصامي أن يطعن في الحكم الذي رفض دعواه بكافة طرق الطعن المقررة قانونا، خلاف المتدخل الإنضمامي الذي لا يجوز له الطعن في الحكم سوى إذا تضرر شخصيا من الحكم ، كحال الحكم عليه بدفع تعويضات لفائدة الخصم .
4_ تطبق القواعد العامة في تحديد الملتزم بدفع المصاريف القضائية بالنسبة للمتدخل ألاختصامي
عكس المتدخل ألانضمامي الذي يتحمل مصاريف تدخله الشخصية أيا كانت نتائج الخصومة (1) .

الفرع الثاني : إدخال الغير / اختصام الغير :

و يعني إجبار شخص من الغير على ان يصبح طرفا في خصومة قائمة و عليه فان اختصام الغير في الدعوى معناه تكليف شخص خارج عن الخصومة بالدخول فيها اما بناءا على طلب احد طرفيها ، او بناءا على أمر المحكمة .
_ و الغرض من الطلبات العارضة الموجهة ضد الغير جلبه إلى الخصومة للإقرار ضده بحق متنازع فيه و قد اقر المشرع المصري هذا التعريف صراحة ان كانت المادة 117 من مجوعة المراجعات المدنية و التجارية تنص <<للخصم ان يتدخل في الدعوى من كان يصح حجة اختصامه فيها عند رفعها و إلى جانب ان الحكم الصادر في الدعوى يصبح حجة على الشخص المتدخل في الخصام حتى لا ينكر حجيته باعتبار انه لم يكن طرفا فيها>>
وإدخال الغير في الدعوى يجري حسب المادة 81 من قانون الإجراءات المدنية بموجب تكليف بالحضور ويكون مقبول في أية حالة كانت عليها الدعوى حسب المادة 94 من القانون الإجراءات المدنية(2) _واختصام الغير فيه اعتداء على مبدأ حرية الشخص في الالتحاق إلى القضاء، إذ الأصل ان كل شخص حر في الاختيار الوقت الذي يراه مناسبا لرفع دعواه ،كما ان اختصام الغير فيه خروج عن قواعد الإختصاص المحلي لأنه قد يجلب الغير أمام المحكمة غير محكمته (3)، ومع هذا فقد أجازت التشريعات اختصام الغير استنادا إلى نظرية الارتباط تحقيقا للفائدة التي تجني من منع المتدخل من تحديد النزاع المحكوم فيه بحجة عدم سريان الحكم عليه لم يصدر في مواجهته. وبهذا الصدد صدر قرار عن الغرفة التجارية و البحرية بالمحكمة العليا بتاريخ 02 \04\89 في الطعن رقم 57528 حيث جاء فيه " من المقرر قانونا انه يجب على السلطات القضائية ان تطلع إدارة المالية عن كل بيان تستطيع جمعه من شانه ان يفترض وجود غش مرتكب المادة الجبائية او أي
مناورة كان هدفها او نتيجتها الغش وتعريض ضريبة ما الى الشبهة سواء تعلق الأمر بدعوى مدنية او تجارية ومن ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون، و لما كان ثابت في قضية الحال ان قضاة الموضوع لم يأمروا بإدخال إدارة المالية و الضرائب المباشرة في الخصام بالرغم من مطالبة الطاعن و بذلك كانوا قد خرقوا قانون " ،وقد نصت المادة 94 قدام على انه "تقبل طلبات التدخل في أية حالة كانت عليها الدعوى ممن لهم مصلحة في النزاع "
وأول ملاحظة ان المشرع : قد قصد في هذه المادة طلبات الإدخال وليس التدخل ذلك انه قد تضمنت المادة 108 ق ام هذه الأخيرة كما ان النص الفرنسي أوضح فالمادة 108 السابقة الذكر تنص على التدخل: L'INTERVENTION) بينما المادة 94 فتنص على الإدخال"
EN INTERVENTION ""و تجدر الإشارة كذلك إلى ان شرط المصلحة لابد من توافره في جميع الطلبات سواء كانت أصلية او عارضة حسب القواعد العامة المنصوص عليها في المادة 459 ق ا م و ما جاء في المادة 94 ق ا م المشار إليها ليس إلا تأكيد و تزيدا لا مبرر له(1)
من ابرز صور اختصام الغير : اختصام الضامن أي دعوى الضمان الفرعية المنصوص عليها في المادة 82 ق ا م (2) و يقصد بها إدخال شخص من العير في خصومة قائمة باعتباره ملتزم بالضمان
قبل من يختصمه يعرف الضمان :انه سلطة رجوع طالب الضمان او المضمون على شخص هو الضامن بسبب مطالبة شخص ثالث له او منازعته في دعوى وجهت له (3)
بالضمان على الشيء المبيع بدفع تعرض الغير له ، او رد ثمن المبيع له، و حق المستأجر في إلزام المؤجر بضمان انتفاعه بالعين المؤجرة دون منازعة الغير له ففي حالة منازعة احد الأشخاص
المشتري في ملكية الشيء المبيع يكون للمضمون الحق في رفع دعوى الضمان عن طريق الطلب العارض و هذا ما يسمى بدعوى الضمان الفرعية ، او ينتظر حتى صدور حكم في دعوى الأصلية التي رفعت من الغير فإذا خسرها حق له ان يرجع على الضامن بدعوى الضمان الأصلية، و لهذا فدعوى الضمان نوعان :
دعوى الضمان الأصلية :
عن طريق تقديم طلب أصلي لدعوى قائمة بذاتها ، بان يرفع المضمون دعوى الضمان الأصلية على
الضامن برد الثمن إذا صدر حكم لصالح الغير باستحقاق العين المبيعة .
دعوى الضمان الفرعية :
و فيها يتم إدخال الضامن في الدعوى الأصلية حتى يستفيد بما يكون لديه من وسائل الدفاع و الحكم عليه بتعويض الضرر الذي قد يصيب المضمون إذا ما ثبت الحق للغير .
و عند استقراء المادة 82 ق م ا نفهم انه كما يمكن إدخال الضامن في الخصومة يتدخل فيها هو تلقائيا و يصبح خصما في هذه الدعوى و عليه يصبح الحكم الصادر في الدعوى لصالح الغير حجة في مواجهة كل من الضامن و المضمون .
ويحق للمضمون ان يطلب إخراجه من الخصومة بعد إدخال الضامن فيها حالا محله ، و الحكم الذي يصدره في الدعوى الأصلية يكون حجة على جميع أطرافها بما فيهم من اخرج منها و لذلك يسمح لمن اخرج من الخصومة ان يعود إليها ، و هذا ما تؤكده المادة 83 ق ا م على ان تكون الأحكام الصادرة ضد الضامن الذي قام مقام المضمون في الدعوى قابلة للتنفيذ ضد المضمون في حالة إعسار الضامن.

المبحث الثاني : تغيير الطلب القضائي الأصلي أمام جهة الاستئناف :

يعتبر الطلب جديدا اذا ما طرا عليه تغييرا في إحدى عناصره الثلاثة التي سبقت الإشارة اليها .
و تقضي المادة 107 فقرة من قانون الإجراءات المدنية " لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف ما لم تكن خاصة بمقاصة او كانت بمثابة دفاع في الدعوى الأصلية "
اذا القاعدة العامة تمنع تقديم الطلبات الجديدة ، و تطبيقا لمبدأ الأثر الناقل للاستئناف فانه لا يطرح على محكمة الدرجة الثانية إلا ما طرح من قبل على محكمة الدرجة الأولى من طلبات عرضت عليها و فصلت فيها و رفع فيها استئناف ،و من ثمة فانه لا يتصور نسبة خطا إلى محكمة الدرجة الأولى في أمر لم يعرض عليها او عرض عليها و لم تفصل فيه لسبب ما او عرض عليها و فصلت فيه و لم يطعن في قضائها (1)
الا ان لكل قاعدة استثناء و قد نصت المادة 107 من قانون الإجراءات المدنية على ذلك .
و هو ما سنتعرض لدراسته في المطلبين الأول و الثاني على التوالي :

المطلب الأول : مبدأ عدم جواز تقديم طلبات جديدة أمام جهة الاستئناف :

يقضي المبدأ العام بمنع التقديم طلبات جديدة أمام جهة الاستئناف لان في ذلك إخلال بمبدأ التقاضي على درجتين ، و هو مبدا من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القضائي بمعنى ضرورة ثبات الطلب القضائي بعناصره الأولى أمام جهة الدرجة الثانية .
فالاستئناف كوسيلة لإصلاح الأحكام القضائية يكون فعالا اذا ما اقتصرت خصومة على ما كان مطروحا على أول درجة ، أما ما لم يطرح من طلبات على محكمة الدرجة الأولى و بالتالي لم يصدر فيه حكم فلا يجوز طرحه لأول مرة أمام جهة الاستئناف لان ذلك يؤدي إلى طرح النزاع لأول مرة أمام المحكمة الدرجة الثانية، إضافة إلى انه يؤدي إلى صدور حكم في هذه الطلبات نهائي دائما .(1)
فإذا اختلف الطلب المراد تقديمه إلى جهة الاستئناف عن الطلب الأصلي المعروض عليها في عنصر من عناصره ،فإن الحكم الصادر فيه كان طلبا جديدا لا يقبل طرحه عليها لأول مرة لان ذلك يخالف مبدا التقاضي على درجتين <قرار صادر عن غرفة الجنح و المخالفات بالمحكمة العليا بتاريخ 16 /12/1984 في طعن رقم 40760 حيث جاء فيه "متى كان مقررا قانونا انه لا يجوز للمدعى المدني
في دعوى الاستئناف ان يقدم طلبا جديدا ولكن له أن يطلب زيادة التعويضات المدنية بالنسبة للضرر الذي لحق به منذ صدور حكم محكمة الدرجة الأولى ، فان القضاء بما يخالفه أحكام هذا المبدا القانوني يعد خرقا لمبدأ التقاضي على درجتين "
و اذا كان الثابت ان المدعية بالحقوق المدنية لم تتقدم بأي طلب للتعويض أمام محكمة الدرجة الأولى مما أدى الا القضاء بحفظ حقوقها مدنيا فان قضاة الاستئناف بإلغائهم الحكم المستأنف والقضاء للمدعية مدنيا بتعويض قدره 20 ألف دح خرقوا مقتضيات المادة 433 من قانون الإجراءات الجزائية مما يستوجب معه نقض و إبطال القرار المطعون بدون إحالة.
غير ان المشرع قد أورد استثناءات على القاعدة العامة تضمنتها المادة 107 من قانون الإجراءات المدنية

المطلب الثاني .الاستثناءات الواردة على مبدا عدم جواز تقديم طلبات جديدة إمام جهة الاستئناف

إن المبدأ أمام المجلس القضائي هو منع الطلبات الجديدة ولكن المادة 107 قانون الإجراءات المدنية نصت على بعض الحالات الاستثنائية فإذا كان الطلب الجديد خاص بمقاصة ،او كان بمثابة دفاع في
الدعوى الأصلية ،و من جهة ثانية على الفوائد و الملحقات و التعويضات المستحقة جراء صدور الحكم ،ومن جهة ثالثة الطلب الجديد المعدل من ناحية السبب

الفرع الأول :طلب المقاصة القضائية

يسمح المشرع بتقديم طلب المقاصة القضائية حتى في حالة عدم توفر شرط الارتباط بين هذا الطلب و الطلب الأصلي ، وتختلف المقاصة القانونية عن المقاصة القضائية لان هذه الأخيرة يتولد عن التمسك بها طلب عارض في حين يتولد التمسك بالمقاصة القانونية دفع موضوعي ،و من ثمة فهي تشكل وسيلة دفاع يجوز تمسك بها لأول مرة أمام جهة الاستئناف طبقا للقواعد العامة .
و يشترط لوقوع المقاصة القانونية ان يوجد دينان متقابلان مع صلاحيتهما للمطالبة بهما قضاءا و قابليتهما للحجز و التماثل في المحل بين الدينيين خاليين من النزاع و استحقاقهما للأداء طبقا للمادة
297/1 قانون المدني .
و لا تكون المقاصة القضائية الا في صورة دعوى أمام القضاء ، و لكن يجوز التمسك بها في صورة طلب عارض يدفع بها الدعوى الأصلية .
أما اذا تخلف شرط من شروط المقاصة القانونية كأن يكون أحد الدينين متنازع عليه في وجوده أو مقداره فانه لا تقع المقاصة و عندها يمكن للمدعى عليه بطلب عارض أن يلتمس من المحكمة أن تحكم له بدينه في مواجهة المدعى حتى اذا ما قضت المحكمة يعد حسم ما أثير حوله من نزاع أمكن للمدين ان يتمسك بهذا الحكم لتتم المقاصة بين دينه و بين المدعي ، و تسمى هذه المقاصة في هذه الحالة بالمقاصة القضائية (1) .
و من هذا المنطلق تعتبر المقاصة القضائية طلبا عارضا (مقابل) يتمسك به المدعى عليه لرد الطلب الأصلي ، فإذا طرحت على مستوى الاستئناف عدت طلبا جديدا لكنه مقبول بصريح النص استثناء على قاعدة عدم جواز تقديم طلبات جديدة أمام جهة الاستئناف .

الفرع الثاني : الطلب الجديد كوسيلة دفاع لرد الطلب الأصلي :ٍ

يكون الطلب الجديد الذي أثير لأول مرة أمام جهة الاستئناف مقبولا إذا كان وسيلة الدفاع
الوحيدة لرد الطلب الأصلي ، فهو مقبولا استثناءا على القاعدة العامة لأنها تعد وسيلة مسخرة لمهمة الدفاع في الدعوى الأصلية بمعنى أنها تقتصر على رد الطلب الأصلي دون أن تتعدى ذلك كالإدعاء أن المستند المقدم في الدعوى مزور أو مقلد ، ومن طلب أمام محكمة الدرجة الأولى رفض الدعوى لعدم التأسيس ،يمكنه أن يطلب لأول مرة أمام جهة الاستئناف إبطال العقد لتدليس أو إكراه .
أما إذا كان الطلب الجديد يتجاوز وظيفة الدفاع كأن يتمسك الخصم لأول مرة أمام جهة الاستئناف بطلب ملكية العقار المتنازع عليه،في حين سبق أن تمسك أمام محكمة الدرجة الأولى بطلب رفض الدعوى لعدم التأسيس كان هذا الطلب غير مقبولا ،لاعتباره طلبا جديدا في كافة عناصره وهو يعد من الطلبات العارضة .
كما يحق للخصم أن يقدم لأول مرة أمام جهة الاستئناف أدلة جديدة كطلب سماع شاهد أوتعيين خبير أو تحقيق في واقعة لم يحقق فيها من قبل.

الفرع الثالث:ملحقات الطلب الأصلي

ويعتبر من الملحقات كل ما يمكن إضافته إلى الأصل دون أن يستغرقه وقد أشارت المادة 107/2 من قانون الإجراءات المدنية <كما يجوز للخصوم أيضا طلب الفوائد ومتأخر الأجرة وسائر الملحقات التي تستحق منذ صدور الحكم المستأنف >
فإذا طالب المدعى بأصل الدين فإنه يحق له أن يطالب بالفوائد المستحقة على المبلغ المحكوم له به منذ صدور حكم الدرجة الأولى ، وتبعا لهذا فالمطالبة أمام جهة الاستئناف بالملحقات المستحقة بعد صدور حكم أول درجة تعد طلبات إضافية جديدة إلى الطلب الأصلي فهو طلب جديد قدم لأول مرة أمام جهة الاستئناف ، غير انه مقبول استثناءا عن المبدأ العام بصريح النص .

الفرع الرابع: طلب التعويض عن الأضرار الحاصلة بعد صدور الحكم في الطلب الأصلي

يجوز للمدعي عليه أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء الطلب الأصلي، وهو استثناءا على القاعدة عدم جواز قبول الطلبات الجديدة في الاستئناف كمن يطالب بالتعويض عن الأضرار التي وقعت بعد صدور الحكم المستأنف ،سواء تعلق الأمر بالتعويض عن تفاقم الأضرار مما يبرر تقديم طلب يتضمن زيادة التعويض عن هذا الضرر

الفرع الخامس:قبول الطلب الجديد من حيث السبب لأول مرة أمام جهة الاستئناف

نصت المادة 107/3 من قانون الإجراءات المدنية <ولا يعد بمثابة طلب جديد الطلب المشتق مباشرة من الطلب الأصلي في الدعوى والذي يهدف إلى الغاية نفسها ولو كان مؤسسا على أسباب وأسانيد مختلفة عنه >
ويعد الطلب مشتقا من الطلب الأصلي إذا كان له نفس موضوع الطلب الأصلي ويهدف إلى الغاية نفسها ولو استند إلى سبب أو أسانيد مختلفة عنه .
كما في حالة الطلب الرامي إلى تقرير حق الملكية على عقار (أ) أمام الحكمة متمسكا بالعقد مثلا ، ثم يتمسك أمام جهة الاستئناف بالملكية على نفس العقار (أ) غير أنه يستند إلى الحيازة كسبب للملكية ،فكلا الطلبان يهدفان إلى نفس الغاية وهي تقرير حق الملكية على العقار (أ) لكن أسانيدهما مختلفان ،فإذا كان التغيير ينصب على عنصر السبب دون الموضوع فقد جعله المشرع مقبولا أمام جهة الاستئناف ، وهذا دائما استثناءا على القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 107 من قانون الإجراءات المدنية.

الفرع السادس:تعديل الطلب القضائي بتوسيع نطاق الأشخاص

إذا كان القانون لا يسمح بتعديل الطلب القضائي من حيث الموضوع إلا في أحوال خاصة ، فإنه أجازه من حيث توسيع نطاق الأشخاص ،إلا أن ذلك لا يجري على إطلاقه فالمادة 108 من قانون الإجراءات المدنية تنص على أنه :< لا يقبل التدخل إلا إذا كان صادر ممن له مصلحة قائمة وحالة في النزاع >
وتعديل الطلب القضائي بتوسيع نطاق الأشخاص يكون إما:
1_بإدخال الغير في الخصومة جبرا:
كتوجيه الطلب من المستأنف أو المستأنف عليه إلى الغير، وهذه الصورة لاتقبل أمام جهة الاستئناف لأنه خروجا عن القواعد العامة ، والذي لايكون إلا بنص خاص ، والمشرع الجزائري سمح بالتدخل دون الإدخال ،وبهذا الصدد صدر قرار عن الغرفة المدنية < بحيث أن توسيع نطاق أشخاص الطلب عن طريق الإدخال يعد طلبا جديدا لايجوز تقديمه لأول مرة أمام جهة الاستئناف ويعد ذلك خرقا لقاعدة جوهرية >(1)
2_بتدخل الغير اختياريا في الخصومة وهو نوعين :
انضمامي و هجومي ،طبقا لما شرحناه سابقا .
أ_التدخل الهجومي: وهو طلب جديد بكافة عناصره وذلك لا يعد مقبولا أمام جهة الاستئناف(2) ، وبهذا الصدد صدر قرار رقم623125 صادر عن الغرفة المدنية بتاريخ 08/05/1997 غير منشور<<من المقر قانونا أنه لا يجوز التدخل الهجومي لأول مرة أمام جهة الاستئناف و القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لأحكام القانون ،ولما كان ثابتا في قضية الحال أن قضاة الاستئناف بقبولهم تدخل الطاعنين الذين طالبوا بحقهم في العقار المتنازع عليه ، رغم أنه تدخل هجومي فإنهم يكونوا قد أساءوا تطبيق القانون >>.
ب_التدخل الإنضمامي :ويقتصر دور الطرف المنضم في إبداء أوجه دفاع لتأييد طلبات الخصم المنضم إليه فهو لا يقدم طلبا جديدا ولذلك يعد مقبولا ،وبهذا صدر قرار رقم 52989 مؤرخ في 17/05/1989 المجلة القضائية 1993 عدد 03 صفحة 17 <<من المقرر قانونا أنه يجوز التدخل في الخصام (التدخل الإنضمامي ) أمام جهة الاستئناف ،ويكون وفق الأوضاع المقررة أمام المحاكم ، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفة للقانون .
ولما كان ثابتا في قضية الحال أن جهة الاستئناف رفضت تدخل الطاعنين لكونهم لم يكونوا أطرافا في الدعوى أمام الدرجة الأولى ،رغم أن تدخلهم كان وفقا للأوضاع المقررة قانونا تكون قد أساءت تطبيق القانون .
من خلال دراستنا هاته نخلص أن الطلب القضائي هو الأداة الفنية لاستعمال الحق في الدعوى ،وبمجرد استعماله يترتب عنه ما يسمى بالخصومة القضائية ،وأن تحديد عناصر الطلب القضائي في كل دعوى يعتبر من المسائل الأولية التي يجب حسمها بحيث يتطلب من القاضي أن يقوم بتحديدها و التي هي :
ـ عنصر الأشخاص من مدعي ومدعى عليه متمتعين بأهلية الوجوب والتقاضي .
ـمحل أو موضوع الطلب القضائي والعناصر المكونة له سواء عنصر القرار أو العنصر القانوني أو المادي .
ـ وأخيرا سبب الطلب القضائي والذي اختلف الفقهاء في تعريفه ، وقد خلصوا إلى اعتباره مجموع الوقائع المولدة للحق أو المركز القانوني المطالب به.
والمبدأ ان نطاق الخصومة كما رسم حدودها الطلب القضائي الأصلي يظل راسخا حتى النهاية دون تعديل ،غير أنه يجوز إجراء بعض التعديلات عليه أمام محكمة الدرجة الأولى وذلك بتقديم طلبات جديدة أثناء نظر الخصومة في ذلك بتغيير أحد عناصره ، وأن هذه الطلبات الجديدة ما هي في الحقيقة سوى طلبات عارضة والتي هي أدوات فنية يمكن بواسطتها إدخال تفاعلات على الطلب الأصلي .
ونفس المبدأ ينطبق على جهة الاستئناف بأن يحظر إدخال أي تعديل على الطلب القضائي الأصلي احتراما لمبدأ التقاضي على درجتين ، غير أنه لكل قاعدة استثناء وهو مانصت عليه المادة 107 من قانون الإجراءات المدنية .
وبحسب ذلك فإن السماح بتقديم طلبات جديدة سيؤدي إلى بيان النزاع على حقيقته بما يسمح للقاضي من إصدار أحكام تتفق مع العدالة وتتطابق مع الحقيقة ، وإلى جانب ذلك سيؤدي إلى الاقتصاد في النفقات و الإجراءات والوقت .
النصوص القانونية:
الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية المعدل و المتمم .
الأمر رقم 75/58 المؤرخ في 26/09/1975مؤرخ في20 رمضان عام 1359 الموافق ل 26/سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.
الأمر رقم 84/11 المؤرخ في 09/06/1984 المعدل والمتمم الطبعة الرابعة المتضمن قانون الأسرة المعدل والمتمم.
المؤلـــفات
أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية.الدكتور سليمان مرقص.(الجزء الثاني) الأدلة المفيدة وما يجوز إثباته بنص وما يجب إثباته بالكتابة، الطبعة الرابعة 1987 دار الجيل للطباعة.
ـ موسوعة المرافعات المدنية والتجارية الجزء الأول المستشار أنور طلبة 1993 دار المطبوعات الجامعية .
ـ التعليق على قانون الإثبات المستشار عز الدين الدناصوري ولأستاذ حامد عكاز الطبعة السابعة مركز الدلتا للطباعة
الدكتور.نبيل اسماعيل عمر . اْصول المرافعات المدنية والتجارية.
منشاْة المعارف بالاسكندرية . الطبعة الاْولى 1986.
ـ الدكتور.نبيل اسماعيل عمر .سبب الطلب القضائي اْمام محكمة الاستئناف.
2002 دار الجامعة الجديدة للنشر
التعليق على قانون المرافعات الدكتور أحمد مليحي
ـ الدكتور.اْحمد اْبو الوفا.المرافعات المدنية والتجارية .
ـ منشاْة المعارف بالاسكندرية الطبعة الثالثة 1980.
ـالدكتوروجدي راغب .الموجز في مبادىْ القضاء المدني)قانون المرافعات(.
دار الفكر العربي الطبعة.الاْولى 1977.
ـ الدكتورعبد الرزاق اْحمد السنهوري.الوسيط في شرح القانون المدني .
الجزء الاْول :مصادر الالتزام؛الجزء الثاني :الاثبات وآثار الالتزام.
دار اْحياء التراث العربي1952.
الوجيز في الإجراءات المدنية الدكتور محمد إبراهيمي الجزء الأول
النظرية العامة للطلبات العامة الدكتور محمود الإبراهيمي
الدعاوى المدنية في مرحلتها الإبتدائية و الإستئنافية الدكتور محمد أحمد عابدي
التعليق على قانون الرافعات الجزء الأول عز الدين الدناصوري
الأستاذ بوبشير محمد أمقران
هشام علي صادق، مركز القانون الأجنبي أمام القضاء الوطني .
حلمي محمد الحجار، القانون القضائي الخاص .
سليمان مرقص، أصول الإثبات و إجراءاته في المواد المدنية
الدكتور وجدي راغب فهمي النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات منشأة المعارف بالأسكندرية 1974 صفحة 406 -.
 - أنور طلبة، موسوعة المرافعات المدنية و التجارية
المجلات القضائية:
المجلة القضائية لسنة 1989 العدد الأول
المجلة القضائية لسنة 1994 –العدد الأول
المقالات:
مقال الطلب القضائي الأصلي من إعداد المستشار زودة عمر
مقال منشور في المجلة القضائية لسنة 1994 –العدد الأول – من إعداد المستشار زوده عمر .
محاضرات:
الأستاذ زودة عمر مستشار وأستاذ بالمدرسة العليا للقضاء
محاضرات ألقيت على الطلبة القضاة في قانون الإجراءات المدنية
مقدمة...............................................................................................................1
خطة المذكرة ....................................................................................................3.
الفصل الاْول :عناصر الطلب القضائي الاْصلي.............................................................6.
المبحث الاْول :عنصر الخصوم ..............................................................................7.
المطلب الاْول :اْهلية الوجوب اْو الاختصام.................................................................9.
الفرع الاْول :تعريفها ..........................................................................................9.
الفرع الثاني :الآثار الناجمة عن تخلف اْهلية الوجوب.................................................11.
المطلب الثاني :اْهلية التقاضي..............................................................................13.
الفرع الاْول : تعريفها ...................................................................................... .14.
الفرع الثاني :تكييف اْهلية التقاضي الاْهلية الاجرائية ............................................... 15.
المبحث الثاني :محل اْو موضوع الطلب القضائي...................................................... 18
المطلب الاْول :عناصر الطلب القضائي ................................................................. .18.
أْولا:عنصر القرار ....................................................................................... .....
ثانيا:العنصر القانوني ...................................................................................
ثالثا:العنصر المادي ......................................................................................
المطلب الثاني :الجزاء المترتب عن عدم تحديد موضوع الطلب القضائي .........................20.
المبحث الثالث :سبب الطلب القضائي......................................................................23
المطلب الاْول :مفهوم السبب................................................................................23
اْولا : عنصر الواقع ....................................................................................
ثانيا:عنصر القانون..........................................................................
المطلب الثاني :تميز السبب عن بعض الاْفكارالمشابهة................................................26
الفرع الاْول :تمييزه السبب عن اْدلة الاثبات ............................................................26.
الفرع الثاني :تمييزه السبب عن وسائل الدفاع .........................................................27
اْولا :وسائل الدفاع القانونية البحتة ...........................................................
ثانيا :وسائل الدفاع الواقعية ........... .........................................................
ثالثا :وسائل الدفاع التي يختلط فيها الواقع بالقانون ........................................
الفصل الثاني :تغيير الطلب القضائي الاْصلي اْمام الجهات القضائية ...............................30
المبحث الاْول :تغيير عناصر الطلب القضائي الاْصلي اْمام المحكمة ................................32
المطلب الاْول :تعديل الطلب القضائي الاْصلي من حيث السبب والمحل ........................
الفرع الاْول :تعديل الطلب القضائي من حيث السبب ....................................................33
الفرع الثاني :تعديل الطلب القضائي الاْصلي من حيث الموضوع ....................................34
المطلب الثاني :تعديل الطلب القضائي الاْصلي من حيث الاْشخاص ................................ .35
الفرع الاْول:تدخل الغير في الخصومة .................................................................. ..35
اْولا:التدخل الإنضامي اْو التبعي اْو التحفظي .........................................................
ثانيا :التدخل الإختصامي أو الهجومي......................................................................
الفرع الثاني:إدخال /إختصام الغير ........................................................................37
المبحث الثاني:تعدييل /تغيير عناصر الطلب القضائي الأصلي أمام جهة الإستئناف..............
المطلب الأول : مبدأ عدم جواز تقديم طلبات جديدة أمام جهة الإستئناف............................40
المطلب الثاني: الإستثناءات الواردة على مبدأ عدم جواز تقديم طلبات جديدة أمام جهة الإستئناف ............41
الفرع الأول:المقاصة القضائية .............................................................................42
الفرع الثاني :الطلب الجديد كوسيلة دفاع لرد الطلب الأصلي................................. .......42.
الفرع الثالث:ملحقات الطلب الأصلي.......................................................................42
الفرع الرابع :طلب التعويض عن الأضرار الحاصلة بعد صدور الحكم في الطلب الأصلي....
الفرع الخامس :قبول الطلب الجديد من حيث السبب لأول مرة أمام جهة الإستئناف.........
الفرع السادس:تعديل الطلب القضائي بتوسيع نطاق الأشخاص............................
الخاتمة..................................................................................................

0 تعليق:

إرسال تعليق