بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الحق العيني والحق الشخصي والفرق بينهما مع خصائصهما

 هذا البحث للدكتور هشام القاسم منشور في كتابه (المدخل إلى علم القانون ( الطبعة الثانية ) مطبعة الاسكان العسكري في العام 1986-1987 الصفحات 274- 284 توليت نقله من الحيز الورقي إلى الحيز الالكتروني لعل فيه بعض الفائدة أو كثيرها وعرفاناً لأساتذتنا بنشر تراثهم باسمهم والله من وراء لقصد 

أقسام الحق

تعداد أقسام الحق – الحق العيني – الحق الشخصي – المقارنة بين الحق العيني والحق الشخصي : من حيث الأطراف ، من حيث المضمون ، من حيث النتائج والآثار – الحق الأدبي أو المعنوي 

تعداد أقسام الحق :

يمكن أن تصنف الحقوق باعتبارات متعددة ، نختار منها التصنيف التالي :

1- الحقوق العامة والحقوق الخاصة :

 ويقابل هذا التقسيم للحقوق التقسيم الرئيسي الذي سبق أن أعطيناه للقانون  فالحقوق العامة (droits publics ) هي السلطات التي تقررها قواعد القانون العام للدولة والأفراد ، والحقوق الخاصة (droits prive's) هي السلطات التي تقررها لهم قواعد القانون الخاص 
ويدخل في زمرة الحقوق العامة نوعان هامان من الحقوق يطلق عليهما اسم الحقوق السياسية وحقوق الشخصية 

أما الحقوق السياسية (droits politiques ) 

فهي الحقوق التي تمنح الشخص باعتباره عضواً في الدولة لتمكينه من الإسهام في حكم البلاد وإدارتها ، كحق الانتخاب والترشيح مثلاً أو حق تولي الوظائف العامة 

وأما حقوق الشخصية (droits de la personnalite' )

 فهي عبارة عن حقوق تتصل بالشخصية الإنسانية وتعتبر ضرورية لحماية الفرد في ذاته ومقومات وجوده وتمكينه من العيش بصورة حرة كريمة ، وذلك كحق الإنسان في الحياة وفي الحرية بمختلف صورها  وقد أطلق على هذه الحقوق أيضاً اسم حقوق الإنسان (droits de l' home ) باعتبار أن الطبيعة نفسها تفرض منحها للانسان لمجرد كونه إنساناً ، كما أطلق عليه كذلك اسم الحقوق العامة ، على أن يفهم هذا التعبير هنا بمعنى خاص يتناول هذه الطائفة من الحقوق العامة ولا يشملها كلها 

2- حقوق الأسرة والحقوق المالية :

 تقسم الحقوق الخاصة عادة إلى قسمين وهما : حقوق الأسرة من جهة ، والحقوق المالية من جهة ثانية 

فحقوق الأسرة (droits de famille )

 عبارة عن مراكز ممتازةة أو سلطات تعترف بها قواعد الأحوال الشخصية – وهي من بعض قواعد القانون الخاص - للأفراد بسبب صلة القرابة أو الزواج أو المصاهرة القائمة بينهم وبين سائر أفراد أسرتهم ، كسلطة الأب على ابنه في تربيته ورعايته والإشراف على شؤونه مثلاً ، أو كسلطة الزوج تجاه زوجته والزوجة تجاه زوجها فيما يتعلقان به من حقوق عائلية 

وأما الحقوق المالية (droits patrimoniaux )

 فهي سلطات تمنحها قواعد القانون الخاص الأخرى لأصحابها تمكيناً لهم من تحقيق مصالح تعود إليهم يمكن تقويمها بالمال ، كحق المالك مثلاً والدائن والبائع ونحو ذلك وهذه الحقوق تدخل في الذمة المالية ويجوز التعامل فيها والحجز عليها ، بخلاف حقوق الأسرة أو حقوق الشخصية أو الحقوق السياسية 

2- الحقوق العينية والحقوق الشخصية ( والحقوق الأدبية أو المعنوية ):

 تقسم الحقوق المالية إلى قسمين رئيسيين وهما : الحقوق العينية من جهة والحقوق الشخصية من جهة ثانية  ويضاف إليهما قسم ثالث من الحقوق الأدبية أو المعنوية  ونرى أن نتولى دراسة هذا القسم فيما يلي بشيء من التفصيل نظراً لأهميته الخاصة وصلته الوثيقة بالقانون المدني

الحق العيني :

يعرف الحق العيني (droit re'el ) بأنه سلطة مباشرة لشخص على شيء معين بالذات يستطيع هذا الشخص ممارستها دون واسطة 
والجدير بالملاحظة في هذا التعريف أن السلطة التي يتمتع بها صاحب الحق العيني هي سلطة مباشرة على الشيء الذي يتعلق به هذا الحق  فصاحب حق الملكية مثلاً – وحق الملكية هو أهم أنواع الحقوق العينية – له سلطة مباشرة على الشيء الذي يملكه ، وهو يستطيع أن يمارس هذه السلطة باستعمال الشيء أو استغلاله أو التصرف فيه دون وساطة شخص آخر 
والحقوق العينية تقسم إلى نوعين : حقوق عينية أصلية ، وحقوق عينية تبعية 
أما الحقوق العينية الأصلية ، فهي التي يكون لها وجود مستقل بحيث لا ترتبط أو تتعلق بأي حق آخر ، وأهمها : حق الملكية ، وحق الانتفاع ، وحق الارتفاق 
وحق الملكية هو أهم أنواع الحقوق العينية إطلاقاً وأوسعها مدى ، لأن صاحبه يتمتع – كما رأينا آنفاً – بسلطة استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه بشتى أنواع التصرف ، وهذه المكنات الثلاث لا تجتمع على الاستعمال والاستغلال دون اتصرف ، وحق الارتفاق ليس لصاحبه سوى سلطة محدودة في استعمال الشيء بحسب ما يقضيه نوع حقه كحق المرور في أرض الغير مثلاً 
وأما الحقوق العينية التبعية ، فهي التي لا يمكن أن توجد بصورة مستقلة ، وإنما تتبع حقاً آخر ترتبط به وتكون ضامنة له 
والحق الذي يتبعه الحق العيني التبعي هو دوماً حق شخصي 
ومن أهم أنواع الحقوق العينية التبعية حق الرهن مثلاً  فهو حق عيني لأن لصاحب حق الرهن سلطة مباشرة على المال المرهون ، وهو تبعي لأنه لا يمكن أن يوجد بصورة مستقلة إذ لا يمكن أن ينشأ حق الرهن إلا إذا كان هناك دين يراد إيجاد ضمان للوفاء به  فالرهن يتبع إذن الدين ، أو هو يتبع الحق الشخصي الذي يكون للدائن على المدين ويرتبط به ، وهو لهذا يدخل في عداد الحقوق العينية التبعية التي تتبع الحقوق الشخصية ضماناً للوفاء بها 

الحق الشخصي

يعرف الحق الشخصي (droit personnel) بأنه سلطة مقررة لشخص تجاه آخر تخول الأول ، وهو صاحب الحق الشخصي أو الدائن أو الملتزم له ، أن يجبر الثاني ، وهو المكلف أو المدين أو الملتزم ، على أن يقوم له بعمل أو يمتنع من أجله عن عمل 
ويلاحظ في هذا التعريف أن السلطة التي يتمتع بها صاحب الحق الشخصي لا تنصب مباشرة على شيء معين كما هو الأمر في الحق العيني وإنما تتمثل هذه السلطة في قدرة صاحب الحق الشخصي على إجبار شخص آخر على القيام له بعمل أو الامتناع عن عمل  وعلى هذا فلا بد في كل حق شخصي من وجود علاقة بين شخصين تتضمن حقاً لأحدهما هو الحق الشخصي ، والتزاماً على الآخر هو التزام القيام بعمل أو الامتناع عن عمل الذي يقابل هذا الحق الشخصي  فالحق الشخصي والالتزام هما إذن مفهومان متلازمان متقابلان ، لأن كل حق شخصي لأحد الطرفين لا بد وأن يقابله التزام على الطرف الآخر ، وكل التزام لا بد وأن يقابله حق شخصي  
فللبائع مثلاً حق شخصي على المشتري فيما يتعلق بدفع الثمن ، وللمشتري حق شخصي على البائع فيما يتعلق بتسليم المبيع ، وللمتضرر من فعل غير مشروع حق شخصي على مرتكب الفعل بالتعويض عليه ، وللتاجر الذي يتعهد له زميله بألا يفتح محلاً تجارياً بالقرب منه حق شخصي على هذا الأخير فيما يتعلق بعدم فتح المحل التجار  وبالمقابل ، فإن على المشتري في المثال الأول و البائع في المثال الثاني ومرتكب لفعل غير المشروع في المثال الثالث التزاماً بالقيام بعمل ، وهو أداء الثمن بالسبة لمشتري وتسليم المبيع بالنسبة للبائع ودفع التعويض بالنسبة لمرتكب الفعل غير المشروع ، كما أن على التاجر الثاني في المثال الأخير التزاماً بالامتناع عن عمل ، وهو الامتناع عن فتح المحل التجاري  وهكذا نرى في هذه الأمثلة أن كل حق شخصي لأحد الطرفين لا بد وأن يقابله التزام على الطرف الآخرؤ ، وأن السلطة التي يخولها الحق الشخصي لصاحبه إنما تتمثل في قدرته على إجبار الطرف الملتزم على تنفيذ التزامه الذي يختلف موضوعه ومضمونه من حق إلى حق أو من التزام إلى التزام ، ولكنه مع ذلك لا يعدو أن يكون قياماً بعمل أو امتناعاً عن عمل 

المقارنة بين الحق العيني والحق الشخصي :

يمكننا أن نفرق بين الحق العيني والحق الشخصي من ثلاثة وجوه : أ – من حيث الأطراف ، ب – من حيث المضمون ، ج – من حيث النتائج والآثار 
أ – من حيث الأطراف : يختلف الحق العيني عن الحق الشخصي من حيث أن الحق العيني لا يوجد فيه سوى طرف واحد موجب ، هو صاحب الحق ، بينما لا بد من وجود طرفين بالنسبة للحق الشخصي ، أحدهما موجب (sujet actif ) هو صاحب الحق أو الدائن أو الملتزم له ، والآخر سالب (sujet passif ) هو الملتزم أو المكلف أو المدين 
فصاحب الحق العيني ، كالمالك مثلاً ، لا علاقة له بأي شخص آخر وإنما هو يتمتع بسلطة مباشرة يستطيع ممارستها دون واسطة على الشيء الذي يقع عليه حقه ، وليس هناك من طرف سواه بالنسبة لهذا الحق 
أما صاحب الحق الشخصي ، كالدائن أو المتضرر مثلاً ، فلا تقع سلطته على شيء معين ليعتبر الطرف الوحيد في الحق ، وإنما هي سلطة مقررة له تجاه شخص آخر يقع عليه عبء الالتزام المقابل لحقه كالمدين أو المسؤول عن الضرر  ويعتبر هذا الشخص الآخر الذي يقع عليه عبء الالتزام المقابل للحق الشخصي طرفاً ثانياً فيه ، هو الطرف السالب ، بالإضافة إلى صاحب الحق نفسه الذي يعتبر الطرف الموجب 
ولقد حاول بعض الفقهاء أن يزيلوا هذا الفارق بين الحق العيني والحق الشخصي ، معتبرين أن الحق العيني يوجد فيه أيضاً ، كالحق الشخصي ، طرفان : موجب وسالب  أما الطرف الموجب فهو صاحب الحق ، وأما الطرف السالب فيتمثل في الناس كافة الذين يقع عليهم واجب احترام الحق العيني والامتناع عن كل ما من شأنه عرقلة استعماله من قبل صاحبه  فالناس جميعاً ، بحسب أصحاب هذا الرأي ، يمكن اعتبارهم الطرف السالب ف الحق العيني لأنهم مكلفون أو ملزمون بالامتناع عن عمل ، وهو الامتناع عن كل ما من شأنه عرقلة ممارسة هذا الحق  وإذا كان الالتزام المقابل للحق الشخصي عبارة عن التزام بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمل ، فإن الالتزام المقابل للحق العيني لا يتضمن سوى الامتناع عن عمل ، ولكنه التزام على كل حال شبيه بالالتزام الذي نلقاه في الحق الشخصي 
إلا أنه يرد على هذا الرأي ، بأن التزام الناس بالامتناع عن عرقلة ممارسة الحق العيني لا يشابه التزام المدين أو المكلف في الحق الشخصي  فالتزام المدين أو المكلف في الحق الشخصي ، حتى ولو كان التزاماً بالامتناع عن عمل ، هو نفسه موضوع هذا الحق ، أما التزام الناس بعدم عرقلة ممارسة الحق العيني فليس هو موضوع هذا الحق وإنما هو من قبيل الواجب السلبي العام الذي يقضي على الناس بعدم الاعتداء على الحقوق أو عرقلة استعمالها  وهذا الواجب السلبي العام لا يصادف فقط بالنسبة للحقوق العينية وإنما يوجد أيضاً بالنسبة للحقوق الشخصية ، إذ أن الناس مكلفون بذلك بالنسبة للحقوق العينية  وعلى هذا فالاختلاف يظل قائماً من حيث الأطراف بين الحق العيني والشخصي : فإذا اعتبرنا أن أطراف الحق العيني هم صاحب الحق العيني من جهة والناس كافة الملزمون بعدم المساس بهذا الحقومن جهة ثانية ، فإن أطراف الحق الشخصي هم صاحب الحق الشخصي من جهة والناس كافة الملزمون بعدم المساس بهذا الحق من جهة ثانية ، وأيضاً الملتزم أو المدين المكلف تجاه صاحب الحق الشخصي بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمل من جهة ثالثة 
ب – من حيث المضمون : يتبين اختلاف الحق العيني عن الحق الشخصي من حيث المضمون من التعريف الذي أوردناه لكل منهما ، فقد رأينا أن الحق العيني عبارة عن سلطة مباشرة لشخص على شيء معين بالذات ، أما الحق الشخصي فعبارة عن سلطة مقررة لشخص تجاه شخص آخر موضوعها القيام بعمل أو الامتناع عن عمل 
وقد يتعلق الحق الشخصي بأشياء مادية معينة ، ولكن سلطة صاحب الحق لا تنصب مباشرة على هذه الأشياء كما في الحق العيني 
فمثلاً حق البائع على المشتري في استيفاء الثمن هو حق متعلق بمبلغ من النقود ، ولكن البائع ليس له سلطة مباشرة على هذا المبلغ وإنما يتعلق حقه بالمشتري وحده حيث يكون له إجبار هذا المشتري على القيام بعمل وهو دفع الثمن إليه  فإذا دفع المشتري الثمن أصبح المبلغ المدفوع ملكاً للبائع وحينئذ تصبح له عليه سلطة مباشرة يستمدها من حق ملكيته له ، أما قبل ذلك فسلطته على الثمن غير مباشرة لأنها لا تتحقق إلا عن طريق المشتري 
وعلى هذا نلاحظ أن الحق الشخصي قد يزول ويحل محله حق عيني ، وذلك حين يكون الالتزام المقابل لهذا الحق الشخصي يتعلق بإعطاء شيء ويقوم المدين أو الملتزم بإعطاء ما التزم به ، وحينئذ تنتهي العلاقة التي كانت بين الدائن والمدين وتحل محلها علاقة جديدة بين الدائن والشيء الذي تم إعطاؤه فيصبح الدائن مالكاً لهذا الشيء ، كالبائع الذي كان دائناً للمشتري بالثمن في مثالنا السابق ثم أصبح مالكاً للمبلغ من النقود الذي دفعه إليه المشتري وفاء لدينه  كما أن من الممكن أيضاً أن يزول الحق العيني أحياناً ويحل محله حق شخصي ، كالمالك الذي أتلف له شخص آخر الشيء الذي يملكه ، إذ تزول ملكية المالك عن الشيء بعد تلفه وزواله وينشأ له بدلاً عن ذلك حق شخصي تجاه المتلف بالتعويض عليه 
وقد يمكن أن ينشأ أحياناً حول شيء واحد حق عيني وحق شخصي معاً  فالشخص الذي غصب منه شيء يملكه له حق عيني على هذا الشيء لأنه يظل مالكاً له بعد اغتصابه منه ، وله في نفس الوقت حق شخصي على الغاصب يخوله إجباره على القيام بعمل وهو إعادة الشيء المغصوب إليه 
جـ - من حيث النتائج والآثار : إن اختلاف الحق العيني عن الحق الشخصي من حيث النتائج والآثار ويبدو بصورة رئيسية في أن الحق العيني يخول صاحبه امتيازين هامين لا يخولهما الحق الشخصي لصاحبه وهما : حق التتبع من جهة وحق الأولوية أو الرجحان من جهة ثانية 

فحق التتبع (droit de suite )

 من مقتضاه أن يستطيع صاحب الحق العيني تتبع الشيء الذي يقع عليه حقه واللحاق به لاسترداده من أي يد وقع فيها وذلك نتيجة لسلطته المباشرة عليه  فالمالك مثلاً يستطيع إذا غصب منه الشيء الذي يملكه أن يتتبعه ويسترده من أي شخص يقع تحت يده ، أما صاحب الحق الشخصي فليس له حق التتبع لأن سلطته على الشيء غير مباشرة 

وحق الأولوية والرجحان (droit de pre'ference )

 معناه أن صاحب الحق العيني يستطيع أن يتقدم على غيره للحصول على حقه وهو يرجح على سائر الدائنين العاديين  وهذه الأولوية التي يتمتع بها صاحب الحق العيني تبدو بصورة خاصة في الحقوق العينية التبعية ، فالدائن الذي استحصل مثلاً على رهن من مدينه يكون له حق عيني تبعي على المال المرهون ، وهو لهذا يرجح على سائر الدائنين الآخرين في استيفاء دينه من هذا المال لأن له عليه سلطة مباشرة  فوجود الحق العيني إذن هو الذي كان السبب في ترجيح هذا الدائن 
وبإضافة إلى هذين الأثرين الهامين اللذين يختلف بهما الحق العيني عن الحق الشخصي ، فإن هنالك بعض الآثار الأخرى التي هي موضع اختلاف بينهما  من ذلك مثلاً أن التنازل عن الحق العني يكفي فيه اتفاق صاحب الحق والمتنازل له وهو ينتج أثره دون حاجة إلى وساطة أي شخص آخر ، أما التنازل عن الحق الشخصي فلا بد على الأقل من تبليغه إلى المدين ليعتبر سارياً بحقه  ومن ذلك أيضاً أن التقادم يؤدي أحياناً إلى اكتساب الحق العيني ولكنه لا يؤدي من حيث المبدأ إلى زواله وانقضائه ، بعكس الحق الشخصي الذي لا يكتسب بالتقادم ولكن من الممكن أن يسقط به 
بقي أن نشير أخيراً إلى أن القانون المدني قد اعتمد في تنظيم أحكامه وتصنيفها هذا التقسيم للحقوق إلى عينية وشخصية  فقد تضمن القانون المذكور ، كما سبق أن بينا ، قسمين رئيسيين خصص أولهما للأحكام المتعلقة بالحقوق الشخصية أو الالتزامات وخصص الثاني للأحكام المتعلقة بالحقوق العينية ، ولعلنا نستطيع أن نتبين من ذلك أهمية هذا التقسيم بالنسبة للقانون المدني 

الحق الأدبي أو المعنوي :

يعرف الحق الأدبي أو المعنوي (droit intellectual )

 بأنه سلطة مخولة لشخص على نتاجه الفكري أو الأدبي أو الفني  الخ ، لتمكينه من الاحتفاظ بنسبة هذا النتاج إلى نفسه واحتكار المنفعة المالية التي تنتج عن استغلاله ، وذلك كحق المؤلف على مؤلفه والمخترع على اختراعه والفنان على مبتكراته  ويدخل في هذه الزمرة أيضاً حق صاحب الاسم التجاري على اسم محله وصاحب العلامة الفارقة على علامته 
وهذا الحق في الواقع كحق الملكية إلا أنه لا يقع على شيء مادي بل على شيء معنوي  فالمؤلف مثلاً له حق الملكية الأدبية أو المعنوية بالنسبة للكتاب الذي يؤلفه ، والمخترع له أيضاً حق الملكية الأدبية أو المعنوية بالنسبة للاختراع الذي يبتكره ، وهذه الملكية لا تقع هنا على عين الكتاب أو الآلة المخترعة وإنما هي تقع على الأفكار التي يتضمنها هذا الكتاب والابتكار الذي أدى إلأى هذا الاختراع ، أي أنها تقع على أشياء معنوية لا يدركها الحس المادي ، ولذلك سمي هذا النوع من الحقوق بالحق الأدبي أو الفكري أو المعنوي 
إلا أن بعض الفقهاء يرون مع هذا أن بالإمكان تصنيف الحقوق الأدبية أو المعنوية في زمرة الحقوق العينية وعدم جعلها نوعاًَ ثالثاً مستقلاً عنها ، على اعتبار أن الحقوق العينية يمكن أن تقع على أشياء مادية أو معنوية ، بينما يرى البعض الآخر أن يقصر الحقوق العينية على الحقوق التي تقع على أشياء مادية ، وأن يعتبر الحق الأدبي أو المعنوي نوعاً ثالثاً من أنواع الحق متميزاً عن كل من الحق العيني والحق الشخصي 
ومن خصائص هذا الحق أن له طابعاً مالياً ومعنوياً في نفس الوقت  فهو من جهة يخول صاحبه استثمار نتاجه الفكري واستغلاله والتصرف فيه وجني الأرباح التي تنتج عنه ، كأن ينشر المؤلف كتابه تحقيقاً للربح أو يبيع المخترع حق اختراعه لقاء مبلغ من المال  وهو من جهة ثانية يخول صاحبه نسبة هذا النتاج إليه وعدم الاعتداء عليه أو انتحاله من قبل غيره حفظاً لسمعته أو شهرته الأدبية أو العلمية أو الفكرية 
وقد نص القانون المدني في المادة 89 منه على أن (( الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة )) وهناك بعض التشريعات الخاصة التي تنظم هذه الحقوق وتكفل حمايتها ، كما أن القضاء ، وخاصة في مصر ، لم يتأخر ، حين كانت تعوزه النصوص التشريعية ، عن حماية هذه الحقوق لأصحابها استناداً إلى مبادئ القانون الطبيعي وقوانين العدالة 

0 تعليق:

إرسال تعليق