بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المعابر الفلسطينية رؤية قانونية

  
مؤسسة النور للثقافة والاعلام
جائزة النور للابداع
دورة الشاعر عيسى حسن الياسري 
2008



البحث الفائز بالجائزة الثالثة 
في مسابقة النور للابداع في مجال البحوث والدراسات   



المعابر الفلسطينية رؤية قانونية



الدكتور
السيد مصطفي أحمد أبو الخير
الخبير في القانون الدولي




مقدمة
انتهجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة إغلاق المعابر وسياسة العقاب الجماعي بشكل منتظم وذلك منذ بداية انتفاضة الأقصى بتاريخ 29/9/2000 م، ودائما ما تستخدم ورقة المعابر كوسيلة ضغط علي الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافها السياسية والأمنية وتأزم وضع المعابر إلي أقصى دراجاته بعد نجاح حماس في الانتخابات التشريعية حيث بدأت سلطات الاحتلال بتضييق الخناق علي سكان غزة عن طريق إغلاق جميع المعابر بشكل منظم ومستمر لفترات طويلة تحت مزاعم أمنية باطلة، وصار حصارا بعد أحداث يونيو 2007م. 
وسوف نوضح بداية المعابر الفلسطينية من حيث الموقع والأهمية ونبين حكم القانون ومدي شرعية ما حدث في غزة ومن يملك إدارة المعابر حكومة حماس المقالة أم السلطة الفلسطينية أم الاحتلال نأخذ كل ما توصلنا إليه من وقائع ونتائج للخلاف حول المعابر ونعرضه علي القانون الدولي، لنبين حكمه في المعابر إدارة وأشراف وتحكم، ومن يقف في صف القانون الدولي ومن يقف ضده، ثم نبين المسئولية الدولية لإسرائيل في القانون الدولي، ندرس ذلك في النقاط التالية:
أولا: المعابر الفلسطينية الموقع والأهمية.
ثانيا: الرؤية القانونية الدولية في أزمة المعابر الفلسطينية.
ثالثا: المسئولية الدولية لإسرائيل في القانون الدولي.

أولا: المعابر الفلسطينية الموقع والأهمية

بعد أن احتلت "إسرائيل" الضفة الغربية وغزّة، أخذت تتحكم بحرية الفلسطينيين في الحركة والتنقل الخارجي إلى الدول العربية المجاورة التي كانت مفتوحة لحركة فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن ومنه إلى الأقطار العربية وغيرها من الأقطار، ولحركة فلسطينيي غزّة إلى مصر ومنها إلى الأقطار العربية وغيرها، ولم يقتصر في ذلك فقط، إنما تحكمت في الحركة الداخلية للفلسطينيين أيضاً؛ سواء بين غزة والضفة الغربية أو بينهما وبين باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.
التحكم بحرية حركة الفلسطينيين داخل الضفة الغربية بين المدينة والأخرى وبين القرية والمدينة وبين القرية والقرية، بل التحكم بين أجزاء المدينة الواحدة نفسها بالحواجز العسكرية، وترتبط سهولة أو صعوبة الحركة بعوامل كثيرة منها: تحقيق المصلحة الإسرائيلية (في تسهيل حركة العمال مثلا) مدى هدوء المقاومة الفلسطينية، ولتحقيق أهداف سياسية واستراتيجية إسرائيلية، ولتحطيم المجتمع الفلسطيني لاستسلامه، وليس لتحطيم أفرادٍ منه تحت زعم أنهم إرهابيون أو يشجعون الإرهاب من وجهة النظر الإسرائيلية().
نبين تحت هذا البند المعابر الفلسطينية من حيث الموقع والأهمية، ثم نبين الجهات المسئولة قانونا عن هذه المعابر في القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية والاتفاقيات الدولية المبرمة بين السلطة الفلسطينية ومصر والأردن وإسرائيل.

1 – المعابر الفلسطينية الموقع والأهمية:

أنشأت "إسرائيل" بعد احتلالها للضفة وغزة معبراً إلى الأردن هو ما يعرف بجسر الملك حسين أو جسر اللنبي أو معبر الكرامة، ثم أضافت إليه معبرا آخر هو جسر الشيخ حسين أو جسر دامية كمعبر تجاري في حين خصص الأول معبر للركاب، وفي السنوات الأخيرة خصص جسر دامية لغير الفلسطينين.
أما على الحدود المصرية فقد تأخر افتتاح المعابر إلى ما بعد كامب ديفيد حيث أنشأت معبرين إلى مصر مشابهين لمعبري الضفة إلى الأردن عام 1982 أحدهما للمسافرين هو معبر رفح والآخر للبضائع هو معبر العوجا(). 
أما المعابر إلى إسرائيل فقد كانت مفتوحة للعمال والزوار، وكان مطار اللد مفتوحا أيضا إلى المسافرين من الضفة وغزة، وشهدت الأراضي المحتلة فترات من التسهيلات للعبور من المناطق المحتلة سواء إلى إسرائيل أو إلى الأردن ومصر وسائر دول العالم، مع ما يقتضي ذلك من تدقيق في التفتيش الشخصي وتفتيش الأمتعة، ومنعِ الكثيرين من السفر والتسهيل لغيرهم ضمن سياسات تتراوح بين تشجيع الهجرة أو الضغط على المواطنين، وحتى في الفترات التي سهًلت فيها سلطات الاحتلال حركة الفلسطينيين في الأرض المحتلة، فإن التعسف في التفتيش الشخصي وفي تفتيش الأمتعة على المعابر البرية أو في مطار اللد كان حاضراً على الدوام، وكانت المعاملة مهينة للغاية.
أما أسباب التسهيل للعمال الفلسطينيين بالدخول لإسرائيل فتعود إلى رغبة إسرائيل في الاستفادة من الأيدي العاملة الفلسطينية الرخيصة في الصناعة والبناء، ولإلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي، وتسهيل دمج بقية الأراضي المحتلة وتكريس تبعيتها لها والتخفيف من ولاء الفلسطينيين الوطني.
في أثناء الحرب ضد العراق عام 1991 أوقفت السلطات الإسرائيلية حركة النقل ليس بين المناطق المحتلة وإسرائيل، وإنما بين المدن والقرى الفلسطينية ذاتها، وفي أثناء المفاوضات التي أسفرت عن توقيع اتفاقية اوسلو، أخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستثمر هذا التوجه الفلسطيني لتوقيع معاهدات تفرض حقائق جديدة على الأرض، فازدادت الحواجز العسكرية الدائمة والمؤقتة على طول الحدود بين الضفة وغزة من جهة وبين بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة من جهة أخري وتسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلية من جهة أخرى.
وتشدّد الإسرائيليون في دخول الفلسطينيين، فأخذت السلطات الإسرائيلية بسياسة الفصل والإغلاق العسكري لكافة المدن والقرى الفلسطينية، بما في ذلك ممرات الدخول لإسرائيل، وإغلقت الجسور والمعابر ومنع الفلسطينيون من السفر للخارج، فشلّت كافة مناحي الحياة والمرافق العامة في المناطق الفلسطينية. 
مع توقيع اتفاقية اوسلو وبعدها، صنعت إسرائيل حقائق جديدة علي الأراضي الفلسطينية بتوسيع المستوطنات، وإقامة الحواجز وبخاصة حول مدينة القدس، وتقلصت السهولة النسبية في حرية دخول الفلسطينيين إلى القدس بازدياد الحواجز والتشدد في منع الفلسطينيين من الضفة وغزة من هذا الدخول، وذلك في رسالة واضحة للفلسطينيين بأنه لا مجال للتراجع عما فعله الاحتلال في تهويد القدس، والذي أخذ يتصاعد بوسائل كثيرة مضافة إلى الحواجز وصعوبة الدخول إلى المدينة المقدسة، منها تكثيف الاستيطان فيها وحولها، والضغط على الفلسطينيين فيها من أجل تهجيرهم خارجها.
وقد بلغ عدد الحواجز حتى 28/9/2001 أي بعد مضي عام واحد على الانتفاضة (190) حاجزاًً()وزادت أعدادها بعد ذلك لتصل إلى مئات الحواجز وبلغ عدد الحواجز حول رام الله فقط(32) حاجزاً في مطلع شهر آذار من عام 2002م(). 
والحاجز لغة هو المانع، وحجز الشيء أو الشخص منعه من الوصول إلى غايته، وتستعمل الحواجز كأداة للعقاب الجماعي من خلال الدور أو الوظائف المنوطة بالحاجز، تتوزع الحواجز على شبكة الطرق الفلسطينية، والحواجز هي مواقع عسكرية تتخذ صفة الديمومة النسبية، فقد يستمر الحاجز سنيناً طويلة كالكثير من الحواجز التي أقيمت قبل الانتفاضة، وقد يدوم الحاجز سنة أو أقل أو أكثر ثم يزال، ولما كان غرض هذه الحواجز السيطرة على الطرق التي يستعملها الفلسطينيون في حركة نقلهم في الأراضي المحتلة أو إلى داخل الخط الأخضر أو إلى الأردن، فإنها توضع في الأماكن التالية: 1- على الطرق المؤدية إلى إسرائيل
2- على تقاطعات الطرق في الأراضي المحتلة3- الحواجز حول مدينة القدس. 
4- الحواجز في محيط المدن الفلسطينية 5- الحواجز على الطرق الرئيسية
6- الحواجز في الأغوار 
ومع كل هذه الحواجز، فإن الفلسطينيين لا يعدمون الوسائل للحركة على الطرق، فيتحاشون بعض الحواجز ويمرون على حواجز أخرى رغم المعاناة الشديدة عليها، وحتى يمنع جيش الاحتلال هذه الحركة، فإنه يدعم عمل الحواجز بإضافة أساليب أخرى تعمل مع الحواجز على تحقيق أهدافه منها، وأبرز هذه الأساليب: الحاجز الطيار، وإغلاق الطرق أو تخريبها، الكمائن، المستوطنون، وشرطة السير().
أما المعابر فهي منافذ تقع علي الحدود بين الدول، فهي همزة الوصل بين الدول المتلاصقة، فالمعبر منفذ بين دولتين متلاصقتين، لا يثير أية أزمات إلا في حالة تعكير العلاقات بين الدولتين الجارتين.
يبلغ عدد المعابر على طول الجدار العازل وحول القدس ثمانية عشر معبرا، أقيمت عليها ممرات للسيارات التي تحمل تصاريح عبور خاصة تمت الموافقة الإسرائيلية عليها مسبقا، وخصصت للمشاة ممرات ضيقة يسيرون عليها عبر بوابات وأجهزة فحص إلكترونية، وتحيط بغزة سبعة معابر لا يدخلها ولا يخرج منها شيء دون المرور بأحدها، وتخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل والمعبر الوحيد الخارج عن سيطرة الاحتلال هو معبر رفح ولكل معبر من المعابر الستة الأولى تسميتان عربية وإسرائيلية متداولة، والمعابر الفلسطينية هي():

1 - معبر العودة:

ويعرف إسرائيليا باسم (صوفا) يقع شرق مدينة رفح، وتسيطر عليه قوات الاحتلال سيطرة كاملة، يعتبر معبرا دوليا على الحدود الفلسطينية المصرية وهذا المعبر يسهل وبشكل كبير انتقال المسافرين بين فلسطين والعالم، ويستقبل هذا المعبر سنويا أكثر من350000 مسافر، إضافة لحركة للتبادل التجاري بين فلسطين ومصر وغيرها من الدول الأخرى، ويراقب عبر 45 مراقباً يتناوبون المراقبة في 3 دوريات مناوبة أي 15 أوروبياً يتابعون
الكاميرات، أما دور إسرائيل فهو دور الاحتلال الأمني().
وهو معبر صغير ومخصص للحركة التجارية، وأغلبها مواد البناء التي تعبر باتجاه غزة فقط، فلا تعبر منه أي مواد نحو إسرائيل، ويعمل أحيانا عن معبر المنطار (كارني) ويكثر إغلاق معبر العودة وخضوعه لمزاج الأمن الإسرائيلي المرابط به، وإجراءات التفتيش فيه معقدة جدا، فالأمن الإسرائيلي يتعمد إفراغ الشاحنات القادمة من إسرائيل في ساحة كبيرة وتفتش تفتيشا يستمر ساعات طويلة قبل إخلاء سبيلها، لم يفتح المعبر منذ سيطرة حماس على غزة إلا 65 يوما فقط.

2 - معبر الكرامة بأريحا:

 يقع هذا المعبر على نهر الأردن في منطقة أريحا ليسهل انتقال المسافرين بين فلسطين والعالم عبر المملكة الأردنية الهاشمية ويستقبل هذا المعبر سنويا أكثر من 75000 مسافر بالإضافة إلى حركة التبادل التجاري من وإلى فلسطين.
- المعبر التجاري الفلسطيني: يعتبر هذا المعبر قسم تابع لمعبر الكرامة تمر من خلاله البضائع التجارية من وإلى مناطق السلطة الفلسطينية ويقع إلى الشرق من قاعات المسافرين علي بعد(300) متر منها، وهو عبارة عن معروشات مغلقة ومساحات مفتوحة للتحميل والتنزيل إضافة إلى مكاتب للموظفين.
أما آلية العمل التي تمر بها عملية استيراد مادة تجارية معينة فهي معقدة جدا وتستغرق وقتا طويلا جدا بالإضافة إلي تكاليفها الباهظة التي تجعلها عمليه خاسرة وفوق الطاقة، ويستخدم المعبر في تصدير واستيراد السلع الغذائية والسلع المعمرة والأدوات المنزلية والكهربية ويتم إدخال المعونات الطبية والغذائية الى فلسطين من خلال المعبر التجاري، والأثاث وسيارات العائدين، وكل هذه المواد تكون معفية من الجمارك لكن تدفع رسوم. 

3 - معبر بيت حانون:

ويعرف إسرائيليا باسم (إيريز) يقع شمالي مدينة غزة وتسيطر عليه قوات الاحتلال الإسرائيلية سيطرة كاملة، ويستخدم الآن بشكل أساسي لحركة العمال الفلسطينيين في المشاريع الإسرائيلية، يبلغ متوسط عدد العمال الداخلين منه يوميا حوالي 30000 عامل بالإضافة إلى حركة للتبادل التجاري بين مناطق السلطة الفلسطينية وإسرائيل والخارج، ويتغير الحال بصورة سلبية وفق الظروف السياسية، هذا المعبر مخصص لعبور الحالات المرضية الفلسطينية المطلوب علاجها في إسرائيل أو الضفة الغربية أو الأردن ويمر منه الدبلوماسيون والصحافة والبعثات الأجنبية والعمال وتجار القطاع الراغبون في الدخول بتصاريح إلى إسرائيل، كما تمر منه الصحف والمطبوعات.
تتعمد سلطات الاحتلال إذلال كل فلسطيني عند مروره من معبر بيت حانون حتى ولو كان مريضا، وذلك بأن يفرض عليه السير على الأقدام مسافة تزيد عن الكيلومتر حتى يتمكن من الوصول إلى الجانب الإسرائيلي من المعبر، ويبقى الفلسطينيون ساعات طويلة حتى يسمح لهم بالمرور، لذلك توفي كثير من مرضى غزة قبل دخولهم إسرائيل للعلاج، ونظرا لتعقد الإجراءات الإسرائيلية في معبر بيت حانون فإن معدل عشرين إلى ثلاثين شخصا يمرون منه يوميا، علما بأن المعبر يسمح يوميا بمرور عشرين ألف شخص، والمعبر تأثر بسيطرة حماس على غزة، حيث دمر الاحتلال نقطة الشرطة الفلسطينية التي كانت فيه، ومنذ ذلك التاريخ توقف التنسيق مع الفلسطينيين، وأصبح الصليب الأحمر يقوم بهذا الدور.

4 - معبر المنظار:

ويعرف إسرائيليا باسم (كارني) وهو معبر أسس بعد نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية وأصبح الآن المعبر الرئيسي الذي يربط غزة بإسرائيل وخصوصا في حركة التبادل التجاري، يقع شرق مدينة غزة وتسيطر علية إسرائيل سيطرة كاملة وهو أهم المعابر في غزة وأكبرها من حيث عبور السلع التجارية بين غزة وإسرائيل.
ومع ذلك فهو من أكثر المعابر إغلاقا فلم يفتح إلا 150 يوما طوال سنة 2007، كما أنه أكثرها خضوعا للتفتيش خاصة تفتيش البضائع الفلسطينية، وتشترط إسرائيل تفتيشا مزدوجا لكل ما يمر بهذا المعبر فيفتشه طرف فلسطيني ثم تقوم شركة إسرائيلية متخصصة بتفتيشه، فكل حمولة تفرغ وتعبأ مرتين، مما يعرض أي بضاعة لإمكانية التلف فضلا عن إضاعة الكثير من الوقت والجهد.
بعد سيطرة حماس على غزة في يونيو/حزيران 2007أصبحت إجراءات التفتيش في المعبر أكثر تعقيدا وأصبحت حركة الشاحنات القادمة من إسرائيل والمحملة بالبضائع معدومة خاصة الدقيق والقمح ومنتجات الألبان والفواكه ومواد البناء وألعاب الأطفال، وبعض المواد الكيميائية بزعم استخدامها في صناعة المتفجرات، أما البضائع الفلسطينية خاصة التوت الأرضي والورود فقد توقف خروجها من هذا المعبر تماما.
تقوم الهيئة العامة للشؤون المدنية بالسلطة الفلسطينية والمختصة بالأشراف علي المعابر على هذا معبر المنطار ( كارني ) بمهمة تطبيق الاتفاقات التي تمت بين الجانببن الفلسطيني والإسرائيلي وتطبيقها على المعبر التنسيق مع الجانب الإسرائيلي لضمان دخول وخروج البضائع بشكل سهل  وحصر المشاكل اليومية ومناقشتها وحلها ميدانياً ورفع المشاكل العالقة لحلها مع الجانب الإسرائيلي والعمل على رفع المستوى الإداري تسهيل دخول المعونات القادمة للسلطة الفلسطينية من الجهات المختلفة.
معبر إيريز، معبر كارني، معبر صوفيا، معبر رفح، أربعة معابر تتحكم في حركة التجارة والتنقل بين غزة و العالم، وتشكل رمزا للسيطرة الإسرائيلية الكاملة على اقتصاد غزة الذي لا يملك أي موارد طبيعية تتيح له الاستغناء عن الاستيراد.
وتتحكم إسرائيل مطلقا في مرور البضائع لخدمة أهدافها واقتصادها دون أي مراعاة للجانب الفلسطيني فلا تتوانى عن تكبيد التجار الفلسطينيين خسائر مادية فادحة بعدم السماح للبضائع الفلسطينية بالخروج من غزة أو احتجاز البضائع المستوردة من الخارج في المواني الإسرائيلية، وإسرائيل تستورد حوالي 94% من الصادرات الفلسطينية، وأن حوالي 90% من الواردات الفلسطينية من المواد الخام تأتي من إسرائيل، وتشكل عصب الصناعة الفلسطينية. 

 5 - معبر صوفا:

 ويقع شرق محافظة رفح على الحدود مع إسرائيل وكان يستخدم في مرور العمال الفلسطينيين من غزة إلى إسرائيل بالإضافة إلى حركة التبادل التجاري،  تم فتح هذا المعبر تسهيلاً للعمل في المنطقة الجنوبية ويستخدم في المعبر في إدخال الحصمة القادمة من الكسارات الإسرائيلية إلى محافظات غزة ودخول العمال وخاصة عمال المنطقة الجنوبية والتجار، وفي حالة غلق معبر المنطار ( كارني ) يتم إدخال المواد الأساسية والمساعدات من المؤسسات الأجنبية الأونوروا.

6 -معبر الشجاعية:

 ويعرف إسرائيليا باسم (ناحال عوز) ويقع في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، والسيطرة عليه إسرائيلية كاملة، وهو معبر حساس يمر منه الوقود لغزة، ويقع تحت إشراف شركة إسرائيلية يناط بها توريد الوقود لغزة، وهو عبارة عن مكان تتصل به من الجانبين أنابيب كبيرة يفرغ فيها الوقود القادم من إسرائيل لينقل إلي داخل غزة، ودأبت سلطات الاحتلال على إغلاق هذا المعبر يومين كل أسبوع، مما جعل العاملين في محطة توليد الكهرباء بغزة تخزين كميات صغيرة لتغطية يومي توقف التزويد بالوقود، يلزم محطة غزة كل خمسة أيام حوالي(490)مترا مكعبا لا توفرها إسرائيل مطلقا، وتحتاج غزة يوميا لحوالي(230)ميجاوات، و تمدها إسرائيل بـ(120)ميجاوات، وتتولى مصر تزويدها بـ(17) ميجاوات، وتنتج محطة التوليد في غزة حوالي(42) ميجاوات، وعليه فإن غزة تعاني عجزا في الطاقة الكهربائية التي تحتاجها حوالي 23% من الكمية المطلوبة، وقد تعرض المعبر بعد سيطرة حماس على غزة للإغلاق مرارا.

7 - معبر كرم أبو سالم:

 ويعرف إسرائيليا باسم (كيرم شالوم) يقع على نقطة الحدود المصرية الفلسطينية الإسرائيلية، والسيطرة عليه إسرائيلية بتنسيق مصري ومخصص للحركة التجارية بين القطاع وبين إسرائيل، ويستخدم أحيانا لعبور المساعدات لغزة كما يمر منه بعض الفلسطينيين حين يتعذر عليهم استعمال معبر رفح القريب منه، ويخضع الفلسطينيون عند مرورهم منه لإذلال وإهانة وتعقيد وابتزاز الأمن والاستخبارات الإسرائيليين، وقد تعرض المعبر بعد سيطرة حماس على غزة للإغلاق مرارا.

8 - معبر القرارة: 

ويعرف إسرائيليا باسم (كيسوفيم) يقع بين منطقة خان يونس ودير البلح والسيطرة عليه إسرائيلية كاملة، وهو مخصص للتحرك العسكري الإسرائيلي وتدخل منه الدبابات والقطع العسكرية عند اجتياح غزة أغلق بشكل كامل منذ انسحاب إسرائيل من غزة.

9 - معبر رفح:

 يقع جنوب غزة على الحدود المصرية الفلسطينية السيطرة عليه فلسطينية بالتنسيق مع مصر ومراقبة الاتحاد الأوروبي، يستخدم وفقا لاتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في 15/11/ 2005، لعبور كل فلسطيني يحمل هوية فلسطينية ويستخدم أيضا لتصدير البضائع الفلسطينية خاصة المنتجات الزراعية رغم اعتراض إسرائيل.
واشترطت إسرائيل على السلطة الفلسطينية إبلاغها بأسماء كل من يريد استخدام معبر رفح قبل (48)ساعة لتقرر ما إذا كانت ستسمح له بالعبور أم لا، واتفاقية عام 2005م لم تمنح إسرائيل حق إغلاق المعابر بمفردها فهي تتحايل لذلك باستخدام نص يلزم الطرفين بعدم فتح المعابر إلا بحضور مراقبي الاتحاد الأوروبي، وعادة تمنعهم بذرائع أمنية مما خلق أوضاعا إنسانية صعبة.
يجوز للفلسطينيين وفقا لنص اتفاق المعابر 2005 استخدام المعبر في تصدير البضائع الفلسطينية، لكن إسرائيل دائما ترفض، مما يكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر تزيد عن مليون دولار يوميا، وقد تعرض رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية لمحاولة اغتيال في 15 ديسمبر/كانون الأول 2006 أثناء مرور موكبه من معبر رفح، واتهمت حركة حماس نائب حركة فتح في غزة محمد دحلان المسئولية عن محاولة الاغتيال().
ازدادت شهرت معبر رفح بعد سيطرة حماس على غزة، وبدأ يعمل وفقا لاتفاقية المعابر في 25 11/ 2005م، لكن الوضع اختلف منذ اختطاف الجندي الإسرائيلي في 25 يونيو/ تموز 2006م، وسيطرة حماس علي غزة.

- معبر العودة ( رفح ) التجاري:

 عن طريقه يتم الآتي:
1- استيراد البضائع من الجانب المصري فقط ولا يصدر منه أي نوع من البضائع من الجانب الفلسطيني، يتوجه التجار والشركات الفلسطينية إلي مكتب الارتباط للتنسيق معه حول الموعد وآلية الحجز والأوراق المطلوبة لضمان دخول البضائع.
2- يتم التنسيق مع الجانب الإسرائيلي حول إدخال المعونات والتبرعات الإنسانية والطبية من الجانب المصري، والإسعافات والمعدات والسيارات الخاصة بالسلطة الفلسطينية والتي تأتي على شكل هبات ومساعدات من الدول الغربية والعربية.
- معبر العودة ( رفح ) المسافرين: يوجد فيه مكتب ارتباط  يمثل الهيئة العامة للشئون المدنية ومكتب ارتباط إسرائيلي يقومان بحل مشاكل الوثائق والجوازات وتسهيل دخول وخروج الحالات المرضية وإدارة العمل في منطقة أل J.V.T بشكل مشترك وتنسيق دخول وخروج الشخصيات الهامة و حل الخلافات التي تنشأ أثناء العمل وتسهيل دخول وخروج الأجانب والمؤسسات الدولية والبعثات و تنسيق ومتابعة دخول المنح الإنسانية والطبية ومعدات السلطة وما قد تستجد من مهام على ارض الواقع. 

10- معبر ترقوميا والممر الأمن:

 كان قبل الانتفاضة أحد أهم المعابر التجارية في الضفة وغزة والممر الآمن لغزة، وشهد حركة تجارية نشطة وحركة اتصال وتواصل الضفة مع غزة، ولكن حاليا ورغم الاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين الإسرائيليين والتي تحدد آلية العمل بين الطرفين على الصعيد التجاري والانتقال بين الضفة وغزة عبره، لا زال الجانب الإسرائيلي منذ بداية الانتفاضة يرفض تطبيق الاتفاقيات وأي تواجد رسمي فلسطيني لموظفي إدارة المعابر وأي جهات فلسطينية أخرى معنية.
وما زالت هذه المنطقة منذ بداية الانتفاضة تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية فقد قام الجانب الإسرائيلي ومن طرف واحد بعمل ترتيبات خاصة للبضائع التجارية على المعبر، أو من خلال العديد من نقاط المعابر الأخرى سواء كان ذلك من منطقة بئر السبع ( منطقة الجنوب لمدينة الخليل) أو من منطقة عصيون أو من خلال الطرق الالتفافية وفي منطقة المعبر، وفي حالات الإغلاق اعتمد الجانب الإسرائيلي علي نقل البضاعة إلى الشاحنات الفلسطينية مباشرة بدون السماح لها بالدخول إلى إسرائيل حيث يتم تفريغها في الشاحنات بواسطة المزاليق والعمال ترتب عليه تعقيدات وإضرار ومشاكل اقتصادية كثيرة وهي():

1- قلة ساعات العمل في المعبر: 

حيث  تستمر حتى الساعة 12.00 ظهراً وهذه فترة لا تكفي، وتأخير إجراءات المرور والدخول إلى غزة في معبر المنطار (كارني) مما يعرض المنتجات الفلسطينية للتلف.

2- الإجراءات الإسرائيلية

المعقدة: المتمثلة في ضرورة تزويدهم باستمرار بأسماء التجار، وبأسماء أصحاب المنتجات الفلسطينية الزراعية وضرورة أرفاق ذلك بشهادة منشأ فلسطينية ووجوب وضع ملصقات خاصة على البضائع.

3- الاغلاقات والحواجز والتفتيشات:

 وما يترتب عليها من صعوبات ومشاكل جمة يواجهها المزارعون وأصحاب آليات النقل التجارية التي تنقل المنتجات الفلسطينية من محافظة الخليل وباقي محافظات الضفة تحت حجج وذرائع باطلة.

4- تضرر قطاع النقل:

 خاصة وسائل النقل الفلسطينية التجارية والتي تتواجد بأعداد كبيرة جداً في المدنية ولا تعمل منذ بداية الانتفاضة.
5- مشكلة تهريب البضائع: نتيجة للوضع القائم فمعظم البضائع المستوردة تصل إلى مدينة الخليل مباشرة بوسائل التنقل الإسرائيلية.

6- مشكلة الأدوية البيطرية والمبيدات الحشرية:

 يتم إدخال الأدوية البيطرية الى أراضي السلطة بطريقة غير قانونية وتستخدم أو تستبدل في غير مجال استخدامها الصحيح خصوصاً الهرمونات التي تستخدم في الإخصاب لدى الحيوانات الضالة والاستخدامات الأخرى الغير سليمة، والمبيدات الحشرية غير صالحة للاستخدام ومنتهية الصلاحية، وتعرض الأسواق المحلية بعد تغيير تاريخ الصلاحية عليها.

7-    مشكلة البضائع المستوردة:

 غالبا تدخل بدون قيود أو ضوابط أو معايير أو احتياجات خاصة بضائع الألعاب واللدائن البلاستيكية الواردة من الصين والتي ثبتت علمياً وجود مواد متسرطنة فيها تسبب السرطان.

8-    مشكلة استبدال المنتجات الفلسطينية بالبضائع الإسرائيلية: 

على المعبر وفي مناطق بعيدة عن المعبر كأن يضاف ملاحق أخرى للشاحنات المحملة بالبضائع الإسرائيلية وتحويلها إلى غزة باعتبارها بضاعة فلسطينية قادمة من الضفة، مما يضر المنتج الزراعي الفلسطيني.

9- تحويل السيارات إلى مناطق السلطة الفلسطينية:

 حيث تقوم السلطات الإسرائيلية بالسماح لعدد قليل جداً من موظفي وزارة المواصلات بالتواجد على المعبر في ظل ظروف صعبة وبدون التنسيق مع إدارة المعابر وتحديداً في أيام الاثنين والأربعاء لتحويلها من المدن الإسرائيلية إلى الضفة، ولا يسمح إلا بتحويل الشاحنات موديل التسعين فما فوق فقط.

10- عدم وجود القوة التنفيذية للمتابعة الميدانية والرقابة والإشراف:

 حيث دور الأجهزة المعنية بالموضوع مغيب بشكل أو بآخر سواء كان ذلك في المعبر نفسه أو في المنافذ العديدة الأخرى المتواجدة في محيط المدينة من كافة الاتجاهات. 

11-   محاولات إسرائيلية للتحكم في الاقتصاد الفلسطيني

:بالسيطرة على الأموال والنقل والتجارة لضرب الاقتصاد الفلسطيني وربطه بالاقتصاد الإسرائيلي. 

12- إغلاق الممر الآمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة:

 حيث شهد الممر الآمن خلال الفترات السابقة حركة نقل نشطة وحيوية بين الضفة الغربية وغزة ولكن الإجراءات الإسرائيلية منذ بداية الانتفاضة منعت ذلك نهائيا مما أضر الاقتصاد الفلسطيني ضررا بالغا.
تأثر للوضع الاجتماعي والثقافي والصحي والتربوي الفلسطيني من جراء عدم التواصل والاتصال بين الضفة وغزة، لصعوبة تعقيد الإجراءات الإسرائيلية التي تتمثل في التنقل فقط من والى غزة لحملة الهوية الفلسطينية والشخصيات الهامة والمسئولين وصعوبة استلام البطاقات والحصول على بطاقة الممر الآمن سواء بإصدارها أو تجديدها ومتابعة المفقود منها وتنقل الممنوعين أمنياً وتنقل من يحملون تصاريح زيارة من الخارج إلى غزة والتنسيق مع المكاتب اللوائية فيما يتعلق بتنقل المواطنين من والى غزة والعلاقة مع الأجهزة الفلسطينية ( الفحص الأمني ) وإغلاق الطرق والحصار المشدد وارتفاع تكاليف المحروقات: ارتفاع تكاليف النقل والشحن ( زادت أربعة أضعاف نظراً للطرق الطويلة والمعقدة لدى السيارات لنقل المواد الخام والمصنعة والأوامر العسكرية بإغلاق بعض المناطق ومصادرة المعدات الخاصة بالتحجير والأوامر العسكرية بإغلاق بعض المصانع أحياناً كان هناك إغلاق لمناطق بأكملها مثل المنطقة الصناعية في الخليل بحجة حماية الأمن الإسرائيلي، كذلك إغلاق مصانع في أماكن متفرقة وتحويلها إلى مناطق عسكرية مغلقة.
كما تستخدم إسرائيل هذه المعابر في تطبيق سياسات العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين عبر منع دخول متطلبات الحياة الأساسية لسكانغزة مثل الدقيق و مشتقات البترول والغاز وبعد فترات الإغلاق الطويلة للمعابر تعاني أسواق غزة من نقص حاد في مختلف المواد والبضائع ويصل الأمر لحد المأساة عندما يمس النقص بالأدوية و حليب الأطفال().
تضمن اتفاق باريس أو ما يعرف ببروتوكول باريس الاقتصادي1994 الذي يحكم التجارة الفلسطينية مع إسرائيل والعالم الخارجي الغلاف الجمركي لغزة، ويعتبر هذا الاتفاق أحد ملاحق اتفاق القاهرة الانتقالي بين الجانبين وينص على أن الأراضي الفلسطينية وإسرائيل تقع ضمن غلاف جمركي واحد، باستثناء قوائم سلعية يسمح للسلطة الفلسطينية باستيرادها من مصر والأردن وغيرها من الدول العربية خارج إطار التعريفة الجمركية والمواصفات الإسرائيلية وفي حصص محدودة يعاد النظر فيها كل ستة أشهر وفقاً لاحتياجات السوق الفلسطينية، وترفض إسرائيل إعادة النظر فيها.
ويعتبر مستقبل الغلاف الجمركي لغزة ورقة المساومة الأساسية لإسرائيل حيال السلطة الفلسطينية، حيث تخشى السلطة الفلسطينية والأسرة الدولية من إخراج غزة من التوحيد الجمركي، وهكذا تفصل غزة عن الاقتصاد في الضفة الغربية. وقد مورست على إسرائيل ضغوط دولية لعدم تفكيك الغلاف الجمركي لعدم المساس بالاقتصاد في غزة، إلا أن إسرائيل تستغل ذلك للحفاظ على الرقابة الأمنية على الدخول إلى غزة وتهدد إسرائيل بإخراج غزة من الغلاف الجمركي المشترك إذا ما عارض الفلسطينيون والمصريون تحويل معبر(كيرم شالوم) ليحل محل المعبر القائم في رفح(). 
وقد طالبت عدة الدول وهيئات دولية إسرائيل بتسليم معبر رفح البري إلى السلطة وشددت الدول المانحة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي على أهمية أن تسلم إسرائيل للسلطة الوطنية معبر رفح لتتيح للفلسطينيين وللبضائع الانتقال بشكل منتظم بين غزة والضفة، وتبني ذلك وثيقة أعدتها هذه الجهات الدولية وعرضها مبعوث اللجنة الرباعية علي إسرائيل والسلطة، وترفض الوثيقة اقتراح إسرائيل بنقل معبر رفح لمنطقة جنوب شرقي غزة، وربط المراقبة على دخول البضائع بفصل غزة عن جهاز الجمارك. 
وشددت الوثيقة على أن أي محاولة للفصل بين الضفة وغزة من شأنه أن يؤدي إلى فشل المساعي الدولية الرامية إلى ترميم اقتصاد غزة، وتطالب الجهات الدولية إسرائيل بعمل معبر آمن وغير منقطع بين الضفة ووغزة للبضائع ورجال الأعمال من خلال شق طريق سريع أو حفر نفق وليس من خلال سكة حديد، واشترط البنك الدولي أن أي مساعدات اقتصادية ستصل لغزة ستكون مرتبطة بإزالة القيود الإسرائيلية من المعابر، يذكر أن البنك الدولي وضع تقارير قانونية تؤكد أن استمرار إسرائيل في السيطرة على المعابر الحدودية يؤكد أنها قوة احتلال().
تشكل المعابر والحواجز الإسرائيلية المنتشرة في داخل ومحيط المدن والمناطق الفلسطينية هما جسيماً يلاحق الفلسطينيين في حلهم وترحالهم، وذلك لكثرة العراقيل وحملات الإذلال التي ينتهجها جيش الاحتلال. تعتبر قضية المعابر من القضايا الشائكة في المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتباين واختلاف الآراء ووجهات النظر فيما بينهم، ولإصرار الجانب الإسرائيلي على الحصول على كاميرات مراقبة مع طلب حق منع الأشخاص الذين تدعي إسرائيل أنهم يشكلون خطراً أمنياً.
يشرف على حركة المسافرين من خلال هذه المعابر لجنة ثنائية مشكلة من الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية ويشارك فيها فريق الرباعية الدولية والمنسق الأمني الأميركي إذا لزم الأمر، والحكومة المصرية في ما يتعلق بمعبر رفح، فإسرائيل تستطيع ووفقا للاتفاقات الموقعة بينها وبين السلطة الفلسطينية منع أي شخص لا ترغب في دخوله أو خروجه من هذه المعابر، وقد نصت هذه الاتفاقات في بعض بنودها إشراف طرف ثالث في بعض المعابر يكون مصري في بعض المعابر وأوروبي في ثانية وأمريكي في ثالثة(). 
ويصر الفلسطينيون على رفض هذا الطلب، والخلاف الثاني يتعلق بفترة استخدام معبر كيرم شالوم لعبور البضائع من مصر لغزة حيث يطالب الجانب الإسرائيلي بأن يتم ذلك لفترة سنة والجانب الفلسطيني يرفض ذلك ويتمسك بفترة زمنية لا تزيد عن ستة أشهر وهي المدة التي اقترحها الجانب الإسرائيلي للعمل في معبر كيرم شالوم، بعدها يتم العمل في معبر رفح بشكل كامل، وقد حصلت إسرائيل علي كل ما تريد في اتفاقية المعابر لعام2005م، فكافة معابر ومنافذ الدخول والخروج من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت سيطرتها سواء كانت هذه المعابر وتلك المنافذ برية أم بحرية أم جوية، ويخالف ذلك القانون الدولي وهو ما سوف نبينه في البند الثالث، وتأزم وضع المعابر إلي أقصى درجاته بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي في25/6/2006م
حيث بدأت سلطات الاحتلال بتضييق الخناق علي غزة عن طريق إغلاق
جميع المعابر بشكل منظم ومستمر لفترات طويلة تحت لأسباب أمنية واهية.
وأدي إغلاق المعابر لفترات طويلة إلي خسائر فادحة في الاقتصاد الفلسطيني كما
ارتفعت معدلات البطالة والفقر فارتفعت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر
في 2006 إلي 73% نتيجة للإغلاق وزادت معدلات البطالة إلي 55% في فترات
الإغلاق، وتم إغلاق المعابر في الفترة من 25/6/2006 حتى
31/12/2006م المدد التالية: 
1 - معبر بيت حانون (ايرز):
أغلق المعبر(159) يوم بنسبة 88% إغلاق كلي.
2 - معبر المنطار (كارني):
بلغ عدد أيام إغلاق المعبر(54) يوم بنسبة(30%) إغلاق كلي و(105) يوم إغلاق جزئي وعمل في هذه الفترة بنسبة 20% من طاقته التشغيلية.
3 - معبر صوفا: أغلق المعبر(75) يوم بنسبة 41% إغلاق كلي.
4 - معبر رفح: أغلق (159) يوم بنسبة 88% إغلاق كلي و(31) يوم إغلاق جزئي 
5 -
معبر كرم أبو سالم: أغلق المعبر(127) يوم بنسبة 70% إغلاق كلي.
6 -. معبر ناحل العوز: أغلق المعبر (44) يوم بنسبة 24% إغلاق كلي. 
واستمرت سياسة العقاب الجماعي حيث قام الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ
15/6/2007مبعد أحداث غزة، بإغلاق كافة المعابر البرية المؤدية إلي غزة وفرض الحصار والإغلاق
الشامل عليها وبهذا الإغلاق فرضت الإقامة الجبرية والعقاب الجماعي على سكان
غزة والبالغ عددهم نحو مليون ونصف مواطن وأصبحت غزة سجن كبير جميع مفاتيحه
بأيدي الاحتلال الإسرائيلي، وتعتبر فترة إغلاق المعابر هذه من أطول فترات الإغلاق حيث استمر إغلاق المعابر لمدة
45
يوم متواصلة حتى31/7/2007م وتم إغلاقها في الفترة من 1/1/2007 حتى 31/7/2007م الآتي:
1- 
معبر بيت حانون (ايرز): اعلق المعبر(165) يوم بنسبة(78%) إغلاق كلي.
2-
معبر المنطار (كارني): أغلق (62)يوم بنسبة(29%) إغلاق كلي و(14) يوم إغلاق جزئي، وعمل خلال هذه الفترة بنسبة(20%) من طاقته التشغيلية.
3 - معبر صوفا:
أغلق المعبر 113 يوم بنسبة(53%) إغلاق كلي
4- معبر رفح: أغلق (148) يوم بنسبة(70%) كليا و(37) يوم إغلاق
جزئي
5 -
معبر كرم أبو سالم:
أغلق المعبر(170) يوم بنسبة(80%) إغلاق كلي.
6 - معبر ناحل العوز: أغلق المعبر(35) يوم بنسبة (16%) إغلاق كلي.
وسارعت إسرائيل إلي إلغاء الكود الجمركي لغزة في21/6/2007 مما يعني
إنهاء الاستيراد المباشر للمستوردين بغزة والعودة للمستورد الإسرائيلي مما يتسبب
في ضياع إيرادات السلطة من الجمارك المحصلة من الاستيراد المباشر().
ونتيجة تحكم قوات الاحتلال في كافة المعابر بإغلاقها بدأ كل شيء ينهار في غزة، فانهار قطاع المقاولات والإنشاءات؛ نتيجةَ عدم دخول
مواد البناء الأساسية كالإسمنت والحديد، وانهار قطاع الصناعة بشكل كامل؛
نتيجةَ عدم دخول المواد الخام الخاصة بالصناعة، ونتيجة عدم إمكانية تصدير المنتجات
الصناعية الجاهزة، وانهار قطاع الزراعة نتيجة عدم التمكن من تصدير المنتجات
الزراعية للخارج.
 وأوشك القطاع التجاري علي الانهيار للنقص
الشديد في البضائع الموجودة في الأسواق، وأوشكت المحالّ التجارية على الإغلاق، وبدأ التجَّار والمستوردون يشعرون باليأس من وصول بضائعهم المحجوزة في
الموانئ الإسرائيلية وأوشكوا على الإفلاس؛ بسبب الحصار المفروض على غزة وتوقف القطاع الصحي للنقص الشديد في الأدوية ومات العديد من الفلسطينيين نتيجة نقصها.
يمكننا القول بعد ذلك أن غزة صارت بغلق المعابر بمثابة قبرا للبعض وسجنا للكثير يشرف معظمهم علي الموت جوعا أو لنقص وسائل العلاج من أدوية ومستشفيات ومصحات، ويعد ذلك ليس مخالفة للقانون الدولي فقط بل تمثل جرائم دولية وردت بالمادة(5) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية().
لأزمة المعابر الفلسطينية أهمية خاصة لأبعادها السياسية المتعددة وباعتبارها أحد العناوين المهمة للأزمة الداخلية ولإمكانيات الحل كما أن مستقبل غزة ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني مترابطان بهما.
إن الانفجار الشعبي الكبير في 23/1/2008 في وجه البوابات المغلقة لجدار رفح كان نتيجةً للحصار الظالم على غزة، ولولا انقسام الحالة الفلسطينية وافتقارها إلى استراتيجية سياسية وكفاحية موحدة لحصل انفجار الحركة الشعبية قبل ذلك بكثير، فالانقسام أعطى الغطاء للوصول إلى هذا الحصار الشديد.
أن القرار الصائب للقيادة المصرية بفتح حدودها أمام الشعب الفلسطيني فوت الفرصة على إسرائيل وعلى كل من كان يريد أن يحوِّل مشكلة الحصار من مشكلة سببها الاحتلال إلى مشكلة فلسطينية - مصرية ومن الطبيعي أن لا يستمر وضع المعبر بهذا الشكل الذي أعقب الموجة الجماهيرية العاتية التي جرفت جدار الحصار، فيجب أن توضع ضوابط وآليات العمل لتنظيم العبور من وإلى غزة، باعتبار ذلك من متطلبات الدولة المصرية لأنها دولة ذات سيادة، وعلى الجميع إدراك استحالة إعادة فرض الحصار على غزة وعودة الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً دون انفجارات كبيرة جديدة،
أمكانية وصول المباحثات الفلسطينية المصرية بشأن وضع معبر رفح إلى حل، والانفتاح على حل الأزمة الوطنية يجنب تحويل أزمة معبر رفح إلى أزمة فلسطينية فلسطينية أو تحويلها لأزمة فلسطينية مصرية، لكن يجب الحذر من خطورة الانزلاق إلى المساواة في المسئولية عن الحصار بين الجانبين المصري والإسرائيلي، فإسرائيل هي قوة الاحتلال والعدو القومي والمسئول الأول عن معاناة الشعب الفلسطيني() .
بداية في ظل الانقسام الحاد في أجهزة السلطة الفلسطينية يجب بيان القانون الفلسطيني الذي ينظم المعابر والجهات المسئولة عن إداراتها، طبقا للقانون الأساسي لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني خاصة بعد أحداث غزة في يونيو2007م، والانفجار الشعبي الكبير في 23/1/2008 للحدود المصرية، وما ترتب علي ذلك من نتائج وآثار.
2 – الجهات المسئولة عن إدارة المعابر الفلسطينية:
نبين حكم القانون الأساسي في مسألة الإدارة والأشراف علي المعابر والجهة المختصة بذلك، دون الخوض في الموقف الداخلي الفلسطيني وخاصة الانقسام الحاد بين أجهزة الحكم إلا بما يفيد في بيان وتوضيح مشكلة الدراسة.
الوضع الفلسطيني الحالي وحالة الانقسام لم تأت بين عشية وضحاها كما أنها ليست نتيجة سبب واحد بل عدة أسباب وليست ومن طرف واحد داخلي أو خارجي ولكنها من عدة أطراف داخلية وخارجية وبالتالي هناك العديد من الأسباب التي ساهمت في وصول الأمر إلي ما هو عليه الآن، فمنذ فوز حماس في الانتخابات عام 2006م بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، وبدأت ضغوط الخارج الشديدة سواء السياسية أو الاقتصادية وفي النهاية أن الفلتان الأمني المدعوم خارجيا وداخليا، من عدة جوانب الجانب الإسرائيلي أو الأمريكي أو الأوربي علي الداخل الفلسطيني رئاسة وحكومة وشعبا لعزل حماس من الحكم وإفشالها.
وقد أثرت تلك الضغوطات كثيرا علي الشعب الفلسطيني بكافة فصائله وطوائفه ورئاسة وحكومة، ولكنها فشلت في عزل حماس من الحكم أو إفشالها بل زادت حماس حكومة وحركة التصاقا بالشعب الفلسطيني وزاد الشعب الفلسطيني التصاقا بها وقربا مما أفشل المخطط، ولكن ظاهرة الفلتان الأمني الذي كان بمثابة انقلاب عسكري متدرج علي حكومة حماس، أدركته حماس حركة وحكومة، فقامت بعمل انقلاب مضاد علي أفراد الانقلاب وليس علي الجهات التي خططت له، فقد صرحت في أكثر من مناسبة بأنها لا زالت تعتبر تعترف بأبي مازن رئيسا شرعيا ودعته لممارسة عمله بمؤسسات السلطة في غزة، ولكنه رفض ولو فعل لجمع ووحد الصف الفلسطيني وأنهي الأزمة. 
علما بأن الرئيس أبو مازن تعرض لأقل من ذلك عندما كان رئيس الوزراء أيام الرئيس عرفات وفشل في حلها فاضطر إلي الاستقالة من عمله، وترك الأمر إلي غيره، ولكن الأمر بالنسبة لحماس مختلف فقد كان الانقلاب العسكري ضد حركة وحكومة حماس الأيديولوجية والمنهج وليس الوظيفة فقط، أي أن الانقلاب العسكري كان يهدف إلي تصفية حماس حركة وحكومة أيديولوجية وفصيل من فصائل المقاومة، مما دفع حماس إلي عمل انقلاب مضاد، علي أفراد الانقلاب فقط كأفراد خارجين علي القانون ولم تتعامل مع الانقلاب كأيديولوجية ومنهج للحكم وجهات، مما ساعد كثيرا في كشف الانقلاب هدفا ووسيلة، وحد كثيرا من كافة آثاره السياسية والعسكرية، ولا نغالي إذا قلنا أنه أفشل الانقلاب، وهذا النجاح زاد من حدة الغضب الحقد علي حماس الحركة والحكومة والأيديولوجية والمنهج.
أن هذا الانقسام العمودي والأفقي ليس لأجهزة السلطة الفلسطينية فقط بل للشعب الفلسطيني من ألفه إلي يائه، تشهده الساحة الفلسطينية لأول مرة في تاريخها، لذلك سوف يتأخر الحل وقد يتعثر لصالح العدو الحقيقي، ربما يصل الأمر إلي انقلابا أكثر وضوحا ويشهد الواقع الفلسطيني اقتتالا مما يصب في صالح العدو، وهنا تبرز المهمة الرئيسية لإدخال منظمة التحرير الفلسطينية أجهزة وأفراد إلي فلسطين وليس الشعب الفلسطيني، التي تتمثل في تصفية كافة الفصائل الفلسطينية المقاومة والتي تأخذ من المقاومة وسيلة لتحرير الأرض من البحر إلي النهر وخاصة الفصائل الإسلامية.
نص القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية الذي يأخذ حكم الدستور في الدول في الباب الخامس تحت عنوان السلطة التنفيذية في المادة(63) منه علي أن(مجلس الوزراء (الحكومة هو الأداة التنفيذية والإدارية العليا التي تضطلع بمسئولية وضع البرنامج الذي تقره السلطة التشريعية موضع التنفيذ، وفيما عدا ما لرئيس السلطة الوطنية من اختصاصات تنفيذية يحددها القانون الأساسي، تكون الصلاحيات التنفيذية والإدارية من اختصاص مجلس الوزراء) وكافة الدساتير تنص علي هذا.
وأضافت المادة (68) مهمة رئيس الوزراء فأورد(يمارس رئيس الوزراء ما يلي:
1 - تشكيل مجلس الوزراء أو تعديله أو إقالة أو قبول استقالة أي عضو أو ملء الشاغر فيه.
2 - دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في جلسته الأسبوعية أو عند الضرورة، أو بناء على طلب رئيس السلطة الوطنية، ويضع جدول أعماله.
3- 
ترأس جلسات مجلس الوزراء.
4 - إدارة كل ما يتعلق بشئون مجلس الوزراء.
5 - الإشراف على أعمال الوزراء والمؤسسات العامة التابعة للحكومة.
6 - إصدار القرارات اللازمة في حدود اختصاصاته وفقًا للقانون.
7 - توقيع وإصدار اللوائح أو الأنظمة التي يصادق عليها مجلس الوزراء.
8 - يقوم رئيس الوزراء بتعين نائب له من بين وزرائه ليقوم بأعماله عند غيابه.
وعن اختصاص مجلس الوزراء نصت المادة(69) من النظام الأساسي علي:
(يختص مجلس الوزراء بما يلي:
1 - وضع السياسة العامة في حدود اختصاصه، وفي ضوء البرنامج الوزاري المصادق عليه من المجلس التشريعي.
2 - تنفيذ السياسات العامة المقررة من السلطات الفلسطينية المختصة.
3 - وضع الموازنة العامة لعرضها على المجلس التشريعي.
4 - إعداد الجهاز الإداري، ووضع هياكله، وتزويده بكافة الوسائل اللازمة، والإشراف عليه ومتابعته.
5 - متابعة تنفيذ القوانين وضمان الالتزام بأحكامها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
6 - الإشراف على أداء الوزارات وسائر وحدات الجهاز الإداري لواجباتها واختصاصاتها، والتنسيق فيما بينها.
7 - مسؤولية حفظ النظام العام والأمن الداخلي.(وهذا ما حدث)
8 - مناقشة الاقتراحات مع الجهات المختلفة ذات العلاقة بالفقرتين (6
و 7) أعلاه، وسياساتها في مجال تنفيذ اختصاصاتها.
9 - أ- إنشاء أو إلغاء الهيئات والمؤسسات والسلطات أو ما في حكمها من وحدات الجهاز الإداري التي يشملها الجهاز التنفيذي التابع للحكومة، على أن ينظم كل منها بقانون.
ب- تعيين رؤساء الهيئات والمؤسسات المشار إليها في البند (أ) أعلاه والإشراف عليها وفقا لأحكام القانون.
10- تحديد اختصاصات الوزارات والهيئات والسلطات والمؤسسات التابعة للجهاز التنفيذي كافة، وما في حكمها.
11- أية اختصاصات أخرى تناط به بموجب أحكام القانون.
وأضافت المادة(70) من القانون الأساسي لمجلس الوزراء الحق في ( لمجلس الوزراء الحق في التقدم إلى المجلس التشريعي بمشروعات القوانين وإصدار اللوائح واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القوانين).
وقد حدد القانون الأساسي اختصاصات كل وزير في المادة(71) فنصت علي (يختص كل وزير في إطار وزارته على وجه الخصوص بما يأتي:
1 - اقتراح السياسة العامة لوزارته والإشراف على تنفيذها بعد إقرارها.
2 - الإشراف على سير العمل في وزارته وإصدار التعليمات اللازمة لذلك.
3 - تنفيذ الموازنة العامة ضمن الاعتمادات المقررة لوزارته.
4 -
إعداد مشروعات القوانين الخاصة بوزارته وتقديمها لمجلس الوزراء.
5 - يجوز للوزير تفويض بعض سلطاته إلى وكيل الوزارة، أو غيره من موظفي الإدارة العليا في وزارته، في حدود القانون.
وألزمت المادة (72) كل وزير بتقديم تقارير لمجلس الوزراء فنصت علي أن(على كل وزير أن يقدم إلى مجلس الوزراء تقارير تفصيلية عن نشاطات وزارته وسياساتها وخططها ومنجزاتها مقارنة بالأهداف المحددة للوزارة في إطار الخطة العامة، وكذلك عن مقترحاتها وتوصياتها بشأن سياستها في المستقبل وتقدم هذه التقارير بشكل دوري منتظم كل ثلاثة أشهر بحيث يكون مجلس الوزراء على إطلاع واف بسياسات كل وزارة ونشاطاتها).
ونص القانون الأساسي في المادة(74) علي مسئولية الحكومة رئيسا أمام رئيس السلطة والوزراء في المادة أمام رئيس الوزراء وبالمسئولية الفردية والتضامنية لأعضاء الحكومة أمام المجلس التشريعي.
ويتم حجب الثقة عن رئيس الوزراء وحكومته بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس التشريعي، ويترتب علي ذلك انتهاء ولاية الحكومة ويمارسون أعمالهم إلي أن يتم تعيين حكومة بديلة بصفتهم حكومة تسيير أعمال (ولا يجوز لهم أن يتخذوا من القرارات إلا ما هو لازم وضروري لتسيير الأعمال التنفيذية لحين تشكيل الحكومة الجديدة) طبقا للمادة(78) من القانون الأساسي. 
وقد أعتبر القانون الأساسي الحكومة مستقيلة في ست حالات وردت في المادة(83) منه علي سبيل الحصر فنصت علي:( تعتبر الحكومة مستقيلة ويعاد تشكيلها وفقا لإحكام هذا الباب في الحالات التالية:
1 - فور بدء ولاية جديدة للمجلس التشريعي.
2 - بعد حجب الثقة عن رئيس الوزراء أو عن رئيس الوزراء وحكومته، أو عن ثلث عدد الوزراء على الأقل.
3 - أية إضافة أو تغيير أو شغور أو إقالة تشمل ثلث عدد أعضاء مجلس الوزراء على الأقل.
4 - 
وفاة رئيس الوزراء.
6 - استقالة رئيس الوزراء أو استقالة ثلث عدد أعضاء الحكومة على الأقل.
6 - إقالة رئيس الوزراء من قبل رئيس السلطة الوطنية.)
ترتيبا علي ما سلف بيانه يتضح لنا أن القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية جعل مهمة إدارة والأشراف علي المعابر من ضمن مهام الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء، وهذا طبيعي ويتفق مع كافة الدساتير الموجودة في العالم، وطبقا للمادة(69/7) تتولي الحكومة(مسئولية حفظ النظام العام والأمن الداخلي) وما فعلته حماس في غزة يدخل في صميم اختصاصاتها طبقا للقانون الأساسي للسلطة.
ويجعل الحالة في يونية2006م في غزة حالة طورائ نظمها القانون الأساسي في الفصل السابع بالمادة( 110) نصت علي (1 -
عند وجود تهديد للأمن القومي بسبب حرب أو غزو أو عصيان مسلح أو حدوث كارثة طبيعية يجوز إعلان حالة الطوارئ بمرسوم من رئيس السلطة الوطنية لمدة لا تزيد عن ثلاثين يومًا.
2 - يجوز تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يومًا أخرى بعد موافقة المجلس التشريعي الفلسطيني بأغلبية ثلثي أعضائه.
3 - يجب أن ينص مرسوم إعلان حالة الطوارئ بوضوح على الهدف والمنطقة التي يشملها والفترة الزمنية.
4 - يحق للمجلس التشريعي أن يراجع الإجراءات والتدابير كلها أو بعضها التي اتخذت أثناء حالة الطوارئ وذلك لدى أول اجتماع عند المجلس عقب إعلان حالة الطوارئ أو في جلسة التمديد أيهما أسبق وإجراء الاستجواب اللازم بهذا الشأن.) 
مما كان يتطلب إعلان حالة الطوارئ لتوافرها بالتنسيق مع الحكومة والمجلس التشريعي، الذي منع القانون الأساسي في المادة(113) حله أو تعطيله أو تعطيل أحكام الباب السابع، لكن الرئيس الفلسطيني خالف القانون الأساسي بإقالة الحكومة، كما أنه تجاهل المجلس التشريعي فعطلة مخالفا بذلك المادة(113) من القانون الأساسي، فأقدم علي تعيين حكومة طوارئ مخالفا بذلك القانون الأساسي، مما يجعل قراره باطلا، وتظل حكومة حماس شرعية، وبالتالي فهي المسئولة عن إدارة والأشراف علي المعابر.
والأجراء الصحيح الذي كان ينبغي علي الرئيس الفلسطيني اتخاذه طبقا للقانون الأساسي طلب طرح الثقة علي الحكومة في المجلس التشريعي، ولكن الرئيس الفلسطيني يدرك تماما أن الحكومة تمتع بالأغلبية في المجلس التشريعي ولذلك فلن يتم سحب الثقة من الحكومة،وكان يمكن للرئيس الفلسطيني تجنبا للحرج الذي كان سيصيبه لو فشل في سحب الثقة من الحكومة في المجلس التشريعي، أن يعرض الأمر علي المحكمة الدستورية العليا الفلسطينية التي نص عليها القانون الأساسي في المادة(103)منه حيث نص علي(1 - تشكل محكمة دستوريه عليا بقانون وتتولى النظر في:
أ- دستورية القوانين واللوائح أو النظم وغيرها.
ب- تفسير نصوص القانون الأساسي والتشريعات.
ج- الفصل في تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية وبين الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي.
2 - يبين القانون طريقة تشكيل المحكمة الدستورية العليا، والإجراءات الواجبة الإتباع، والآثار المترتبة على أحكامها.) لتفصل المحكمة في الخلاف بينه وبين الحكومة ومدي دستورية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، ومدي توافر حالة الطوارئ أو حالة الضرورة من عدمه.)
طبقا للقاعدة الدستورية المستقرة في كافة الدساتير والنظم القانونية الدستورية بأن(الشعب مصدر السلطات) والشعب هو مصدر السلطات الثلاث (م/2) من
القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، يتم الرجوع إلي الشعب الفلسطيني بعمل انتخابات رئاسية وتشريعية، لحسم الخلاف بين الرئاسة والحكومة لأن الشعب هو الفاصل بينهما، وهو الأصل وصاحب الاختصاص الأصيل في الحكم، فالرئاسة وكالة من الشعب للرئيس بالحكم، والمجلس التشريعي عبارة عن تكليف ووكالة من الشعب صاحب ومصدر السلطات للقيام بعمل ما في حكم هذا الشعب لذلك يتطلب الأمر الفلسطيني عمل استفتاء علي الرئاسة ثم انتخابات تشريعية، فلا يجوز الرجوع إلي انتخابات دون استفتاء أو انتخابات رئاسية جديدة فالاختيار هنا سوف يكون لصاحب ومصدر الاختصاص الأصيل وهو الشعب الفلسطيني. 
ويقصد بالانفلات الأمني ( مجموع أعمال العنف التي تقع داخل المجتمع الفلسطيني، وينجم عنها أضرار بحقوق المواطنين الفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص حقهم في الحياة والسلامة الجسدية وحماية ممتلكاتهم، يرتكبها أشخاص ينتمون إلى الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون، أو يحسبون عليها، أو من قبل مجموعات مسلحة محلية، كذلك الأحداث التي يقوم بها مواطنون، وتندرج عادة ضمن مستوى الجرائم العادية، لكن السلطات المختصة تمتنع عن القيام بأعمال من شأنها منع وقوع مثل هذه الجرائم، أو تمتنع عن ملاحقة مرتكبيها وإحالتهم إلى العدالة). 
وبذلك يخرج من نطاق هذا المفهوم كل أعمال المقاومة المسلحة للاحتلال، والمصنفة كنزاعات مسلحة دولية، تنطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب لسنة 1949، وتلك الجرائم العادية التي يتم معالجتها من قبل الجهات المختصة، وينطبق عليها أحكام القانون المحلي(). 
وهذا ما حدث من وجهة نظر حكومة حماس المقالة، وعلاج ذلك يكون بإحالة الأحداث التي حدثت للقضاء سواء العادي أو العسكري كما يحدث في بقية دول العالم، ليقول القضاء كلمته، وحدثت في فرنسا أضطرابات داخليه أعنف مما حدث في غزة فتضامنت الرئاسة مع الحكومة ضد الاضطرابات، ولم تقيل الحكومة. 
لو كان الرئيس الفلسطيني فعل ذلك لانتصر للشرعية الدستورية وللقانون ولنفسه، وكسب ثقة الجميع داخليا أي كسب الشعب الفلسطيني كله، ولكنه فضل كسب الخارج وخسران الداخل، خاصة وان حكومة حماس أعلنت وأقرت أكثر من مرة بأنها لازالت تعتبر أبو مازن رئيسا شرعيا ودعته لممارسة عمله في مؤسسات السلطة الموجودة في غزة، مما يعني أن حكومة حماس لم تنقلب عن القانون أو الدستور أو الرئيس.
ولو فعل الرئيس الفلسطيني ذلك لوحد الداخل كله تحت رئاسته مما يضعف الخارج وخاصة الجانب الإسرائيلي، وجنب نفسه والشعب الفلسطيني بكل فئاته وطوائفه وفصائله الحالة المتردية التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، وجنب غزة محرقة ومذبحة مارس 2008م، ودحض مزاعم وافتراءات الجانب الإسرائيلي بأن الشعب الفلسطيني لا يعرف أن يحكم نفسه بنفسه لذلك فلا يجب قيام دولة فلسطينية.
وترتيبا علي ما سلف فأن الرئيس الفلسطيني قد خالف القانون والدستور بإقالة حكومة حماس وتعيين حكومة طوارئ، مما يجعل حكومة الطوارئ طبقا للقانون الأساسي غير شرعية، وبالتالي ليس لها ممارسة العمل التنفيذي وتسير دولاب العمل في مناطق الحكم الذاتي سواء في الضفة أو غزة.
في النهاية وطبقا للقانون الأساسي فأن حكومة حماس لا تزال شرعية، لذلك فهي مختصة قانونا بإدارة والأشراف علي المعابر، ويجب إعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل وتوحيده في مواجهة الخارج وخاصة الجانب الإسرائيلي، والأمر ليس عصيا.
وتختص الهيئة العامة للشئون المدنية بذلك حيث(تقوم الهيئة العامة للشئون المدنية بمهمة أساسية وهي تطبيق الشق المدني من الاتفاقية الإسرائيلية الفلسطينية المرحلية والتي تعرف باسم اتفاقية أوسلو، وعليه تعتبر الهيئة العامة للشؤون المدنية الجهة الوحيدة فلسطينياً المخولة بالاتصال بالجانب الإسرائيلي لمعالجة كافة القضايا المدنية)() وهي الهيئة تخضع لأشراف الحكومة الفلسطينية.
ثانيا: الرؤية القانونية الدولية
بعد أن تناولنا في البندين السابقين واقع ووقائع المعابر الفلسطينية والرؤية العربية لأزمة المعابر التي ظهرت علي كافة الأصعدة، بعد الحصار الذي فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي علي غزة، وعقب أحداث حيزران2007م التي سيطرت فيها حكومة حماس المقالة علي مقاليد الأمور في غزة، علما بأن مأساة الفلسطينيين مع المعابر وعليها كانت موجودة من قبل وحتى بعد أعادة الانتشار للقوات الإسرائيلية في غزة والتي تدعي إسرائيل انسحابها منه مع أن الواقع يكذب هذا الادعاء ويدحضه.
في هذا البند الذي نعتبره بحق العمود الفقري لهذه الدراسة وسبب إعدادها، نعرض كل ما سلف علي القانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي عقدت بشأن المعابر، لنري مدي شرعيتها من عدمه، وفي سبيلنا لبيان ذلك نوضح النقاط التالية:
1 - بيان حقوق وواجبات الدول في القانون الدولي.
2 – التكييف القانوني لاتفاقيات المعابر في فلسطين المبرمة بين مصر والسلطة الفلسطينية والأردن وقوات الاحتلال الإسرائيلي في القانون الدولي.
3 – سلطات قوات الاحتلال في القانون الدولي.
1 - بيان حقوق وواجبات الدول في القانون الدولي 
نبين بداية حقوق وواجبات الدول في القانون الدولي حتى نتمكن من الحكم بموضوعية دون التأثير الذاتي علي الحكم، فقد كان تحديد حقوق الدول وواجباتها محل اهتمام رجال القانون الدولي منذ عهد بعيد، كذلك قامت الهيئات العلمية الدولية بتناول الموضوع واتخاذ قرارات بشأنه. وقد نص علي حقوق الدول وواجباتها في مواثيق دولية متعددة وأهمها:
    - معاهدات لاهاي لعام 1899.
    -" بيان حقوق الدول وواجباتها" الصادر عن " المعهد الأمريكي للقانون الدولي" في جلسته المنعقدة بواشنطن بتاريخ السادس من كانون الثاني (يناير) 1916م
    -" بيان حقوق الدول وواجباتها " الصادر عن" اتحاد القانون الدولي" بتاريخ الحادي عشر من تشرين الثاني ( نوفمبر) 1919م
    - عهد عصبة الأمم
    - اتفاقية حقوق الدول وواجباتها التي أبرمتها الدول الأمريكية في " مؤتمر مونتفيديو" لعام /1933/. وقد تم التشديد على أهم بنود هذه الاتفاقية في " مؤتمر بونيس آيرس" لعام /1936/م . ثم في مؤتمر " ليما" لعام / 1938/م.
- ميثاق الأمم المتحدة، ومواثيق المنظمات الدولية الإقليمية.
-مشروع الإعلان الصادر عن" الجمعية العامة للأمم المتحدة" رقم 375 (4) لعام 1949 بشأن حقوق الدول وواجباتها يتكون من (14)مادة تتضمن أربعة حقوق وعشرة واجبات.
فحقوق الدول التي نص عليها هذا المشروع هي: الاستقلال، السيادة، المساواة في القانون، والدفاع المشروع عن النفس أما واجباتها فهي عدم التدخل، عدم إثارة الحروب الأهلية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وعدم تهديد السلم والأمن الدوليين، وتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية، وعدم اللجوء إلى الحرب، وعدم مساعدة الدول المعتدية، وعدم الاعتراف بالاحتلال الحربي، وتنفيذ المعاهدات، والتقيد بالقانون الدولي().
تطبيقا لما سلف من حقوق وواجبات الدول التي أصبحت من القواعد العامة في القانون الدولي التي لا يجوز الاتفاق علي مخالفتها، بعد أن استقرت بكثرة تطبيقاتها وكثرة النص عليها في مواثيق دولية علي رأسها ميثاق الأمم المتحدة وكافة مواثيق المنظمات الدولية الإقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة الدول الأمريكية.
فأن المواقف العربية من أزمة المعابر في فلسطين يكون مخالفا لواجباتها السابق ذكرها، خاصة عدم مساعدة الدول المعتدية، وعدم الاعتراف بالاحتلال الحربي، كما أنها تنازلت عن جزء من سيادتها بعقد ااتفاقيات المعابر السابقة، وخالفت القانون الدولي مما يجعلها باطلة. 
2 – التكييف القانوني لاتفاقيات المعابر في فلسطين المبرمة بين مصر والسلطة الفلسطينية والأردن وقوات الاحتلال الإسرائيلي في القانون الدولي.
بداية تعد الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في فلسطين من البحر إلي النهر، أراض محتلة من وجهة نظر القانون الدولي، لمخالفة المبادئ العامة والقواعد الآمرة في القانون الدولي التي لا يجوز حتى الاتفاق علي مخالفتها بذلك يكون الأساس القانوني الذي قام عليه ما يطلقون عليه(الدولة العبرية أو اليهودية أو الإسرائيلية) باطل طبقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي أهمها تحريم الاستيلاء علي أراضي الغير بالقوة، لذلك وطبقا للقاعدة الآمرة في القانون التي تنص علي (ما بني علي الباطل فهو باطل) فقيام دولة خلاف الدولة الفلسطينية علي الأراضي الفلسطينية باطل طبقا للقانون الدولي(). 
بالتالي تنطبق علي الأراضي الفلسطينية أحكام لائحة اتفاقية لاهاي لعام 1907، و اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م، لذلك يظل الاحتلال الإسرائيلي مسئولا مسؤولية كاملة عن حفظ الأمن والنظام داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بصفتها قوة احتلال لا تزال تسيطر على المناطق التي تتم إدارتها مدنيا من قبل السلطة، دون أن يعفي الاحتلال الإسرائيلي من مسئوليتها القانونية طبقا للقانون الدولي.  
 ماهية الحدود الدولية: يعرف فقهاء القانون الدولي العام الحدود الدولية بأنها حد الدولة هو
ذلك الخط الذي يميز حدود الإقليم الذي تمارس عليه الدولة حقوق السيادة، فالحد
الدولي هو الخط الذي يحدد المدى الذي تستطيع الدولة ممارسة سيادتها فيه ويفصل بين
سيادة هذه الدولة والدول الأخرى المجاور، ة
كما أن تحديد أو تعيين أو ترسيم
الحدود يجرى بموجب معاهدات أو اتفاقات ثنائية بين الدول، وقد يصدر تحديد الحدود عن قرار تحكيمي أو قضائي، أو عن تقرير لجنة مشتركة مكونة
من قبل الدول المعنية بالأمر،
وقد تحسم مشكلات الحدود بقرار
من هيئة دولية، وعلى الأخص من المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية المعنية بالعلاقات السياسية بين
الدول الأعضاء فيها وعلي رأسها الأمم المتحدة().
وبما أن المعابر تقع علي الحدود الدولية بين الدول، لذلك فإدارتها والإشراف عليها جزء من ممارسة الدولة لسيادتها علي إقليمها، فالاعتداء علي هذه المعابر أو والتحكم فيها بالإدارة أو الإشراف بدون حق، يعتبر اعتداء علي سيادة الدولة، ولا يجوز التفريط إدارة ولأشراف علي المعابر أو التفريط في الدفاع عنها.
وتطبيقا وترتيبا علي ما سلف واعتبار إسرائيل قوة احتلال في الأراضي الفلسطينية من البحر إلي النهر، وحتى لو سلمنا جدلا بأنها ليست كذلك إلا خارج حدود قرار التقسيم رقم(181)لسنة1948م، فأنها تكون قوة احتلال في الضفة الغربية وغزة، وطبقا للقاعدة القانونية الآمرة في القانون الدولي التي تنص علي أن(الاحتلال لا ينقل السيادة علي الأراضي المحتلة) وبما أن – كما أسلفنا – إدارة والإشراف علي المعابر يعتبر جزء أصيلا من السيادة. بذلك كافة اتفاقيات المعابر بين مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل باطلة طبقا لما سلف وإضافة لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969م، لأنها فيها تنازلات إقليمية عن جزء من سيادة الدول، كما أنها تمت تحت استخدام السلاح والتهديد به وقد نص القانون السابق علي بطلان معاهدات الصلح التي تؤدي إلى تنازلات إقليمية في المادة (52) منه التي تنص على: 
( تعتبر المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا إذا تم إبرامها نتيجة التهديد باستعمال القوة واستخدامها بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة).
ومما لا شك فيه أن معاهدات الصلح بين العرب إسرائيل واتفاقيات المعابر تدخل في دائرة البطلان المطلق المنصوص عليه في هذه المادة لأنها تبرم تحت تهديد باستخدام القوة مخالفة بذلك المبادئ العامة في القانون الدولي أي القواعد الآمرة في القانون الدولي العام، وكذلك مبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة وهذا ما نصت عليه المادة (53) من قانون المعاهدات السالف والتي تنص على أنه:
(( تعتبر المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا إذا كانت وقت إبرامها تتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام وتعتبر قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام كل قاعدة مقبولة ومعترف بها من الجماعة الدولية كقاعدة لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تغييرها إلا بقاعدة لاحقة من القواعد العامة للقانون الدولي لها ذات الصلة )) وتطبيقا لهذه المادة فأن كل معاهدات الصلح واتفاقيات المعابر المبرمة بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل تعتبر باطلة طبقا لهذه المادة. 
وتؤكد المادتين (64) و (71) من قانون المعاهدات استحالة تطبيق معاهدات الصلح التي تتضمن تنازلات إقليمية أو حقوقا إقليمية لبطلان هذه المعاهدات بسبب مخالفتها لقاعدة تحريم استعمال القوة في العلاقات الدولية أو التهديد باستعمالها. فتنص المادة (64) منه على:
(( إذا ظهرت قاعدة آمرة جديدة من قواعد القانون الدولي العام فإن أي معاهدة قائمة تتعارض مع هذه القاعدة تصبح باطلة وينتهي العمل بها )) وتنص المادة (71) من قانون المعاهــدات على إبطال أي معاهدة تتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانــون الدولي العام فنصت على أن: 
((1- في حالة المعاهدة التي تعتبر باطلة طبقا للمادة (53) يكون على الأطراف:
أن تزيل بقدر الإمكان آثار أي عمل تم استنادا إلى أي نص يتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العامة.
وأن تجعل علاقاتها المتبادلة متفقة مع هذه القاعدة الآمرة )).
2- في حالة المعاهــدة التي تعتبر باطلة وينتهي العمل بها طبقا للمادة (64) يترتب على إنهائها:-
إعفاء الأطراف من أي التزام بالاستمرار في تنفيذ المعاهدة.
عدم التأثير على أي حق أو التزام أو مراكز قانونية للأطراف تم نتيجة لتنفيذ المعاهدة قبل إنهائها بشرط أن تكون المحافظة على هذه الحقوق والالتزامات والمراكز بعد ذلك رهينة اتفاقها مع القاعدة الآمرة الجديدة )
الاتفاقيات عقدت بين مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل وأطراف دولية أخري والتي تتعلق بالمعابر هي():
1 - اتفاقية المعابر الإسرائيلية الفلسطينية الموقعة في 15 نوفمبر 2005.م:
أن مصر ليست طرفًا فيها
لانها تمَّت بين طرفين فلسطيني وإسرائيلي، وليس لمصر أي دورٍ فيها، وعملا بمبدأ الأثر النسبي المعاهدات الدولية، فلا تمتد آثار المعاهدات الدولية إلي غير أطرافها لذلك لا تخضع مصر لهذه الاتفاقية().
أدت عملية الحسم العسكري لحماس في غزة لانتهاء الاتفاقية تمامًا على أرض الواقع، بعد أن انتهت أساسا بسبب عدم تجديدها لأنه كان من المفترض أن تجدَّد كل ستة شهور، وهذا ما لم يتم فلا يجوز استمرار العمل بها ومن الخطأ إعادة تنظيم المعبر طبقا لها، أو بالعودة إلى ما كان عليه الوضع حسب الاتفاقيات الموقعة في 15/11/2005م، فالمصلحة الفلسطينية والمصرية تقتضي تصحيح اتفاقية المعابر ليصبح معبر رفح فلسطينياً مصرياً، يفتح دائما ويسمح بحرية الحركة لأهالي غزة دخولاً وخروجاً دون رقابة أو تدخل إسرائيلي. 
2 - اتفاق اسرائيلى اوروبى فلسطيني لمراقبة المعبر: وهو اتفاق لاحق للاتفاقية السابقة ومترتب عليها ومطبقا لأحكامها، الاتفاق عبارة عن تفويض اسرائيلى للاتحاد الاوروبى بان تتولى بعثة من الاتحاد، عددها في حوالي(70)فردا، نيابة المراقبة النشطة والتحقق والتقييم لأداء السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بتطبيق المبادئ المتفق عليها لمعبر رفح، أي أنهم يعتبرون عيون إسرائيلية على السلطة الفلسطينية. 
3 - الاتفاق المصري الاسرائيلى الموقع في أول أغسطس 2005م يطلق عليه اتفاق فيلادلفى: وهو خاص بمنطقة الحدود مع غزة تم توقيعه بعد الانسحاب الاسرائيلى من غزة، وبموجبه انتقلت مسئولية تامين هذه الحدود مصر، ويعتبر هذا الاتفاق بروتوكول عسكري لكونه ملحق أمنى مضاف إلى اتفاقيات كامب ديفيد فهو محكوم بمبادئها العامة ويخضع لأحكامها. 
  وينص على أن تتولى قوة من حرس الحدود المصري  في المنطقة المذكورة مهام  منع العمليات الإرهابية- من وجهة النظر الإسرائيلية- ومنع التهريب عامة والسلاح والذخيرة خاصة ومنع تسلل الأفراد والقبض على المشبوهين واكتشاف الأنفاق وكل ما من شانه تامين الحدود على الوجه الذي كانت تقوم به إسرائيل قبل انسحابها. 
وقد حدد هذا البروتوكول القوة الأمنية المصرية علي سبيل الحصر، حظر عليها أقامة اى تحصينات أو مواقع حصينة، وتخضع القوة المصرية لمراقبة القوات متعددة الجنسية الموجود في سيناء منذ اتفاقيات كامب ديفيد والتي تمارس مهامها تحت قيادة مدنية أمريكية بنص الاتفاقية، وتشارك في سلسلة من اللقاءات الدورية مع الجانب الاسرائيلى لتبادل المعلومات وأجراء تقييم سنوي للاتفاق لبيان مدى نجاح الطرف المصري في مكافحة الإرهاب ولا يجوز تعديل هذا الاتفاق إلا بموافقة الطرفين فلكل طرف حق الفيتو على اى أجراء يتخذه الطرف الأخر ويخضع هذا الاتفاق لبنود اتفاقية المعابر الإسرائيلية الفلسطينية، مما يعنى انه إذا أغلقت إسرائيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني فعلى مصر أن تغلقه من عندها. 
4 - اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة في 29 مارس 1979م: 
وقد أكدت إسرائيل في اتفاق فيلادلفى السابق علي انه ليس اتفاق منفصل بل مجرد ملحق أمنى اضافى لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وليس اتفاقا موازيا وذلك لتحتفظ بكافة والضمانات المذكورة فيها، مما أضاف شروطا وقيود علي معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم.  
نتيجة لذلك تكون كل الاتفاقيات السابقة والتي عقدت بين مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل وأطراف دولية أخري بشأن المعابر باطلة بطلانا مطلقا لمخالفتها القواعد العامة والآمرة في القانون الدولي، وهذه القواعد لا يجوز حتى الاتفاق علي مخالفتها، ويقع كل ما يخالفها باطل، وما بني علي الباطل فهو باطل تلك حقيقة نقررها بداية وهي أساس تناولنا للرؤية القانونية الدولية لأزمة المعابر. 
ترتيبا علي كل ما سلف فأن التكييف القانوني والطبيعة القانونية للقوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، أنها قوات احتلال، والاحتلال الحربي يعتبره القانون الدولي فعل مادي وليس تصرفا قانونيا، أي أن القانون الدولي لا يرتب أي آثار قانونية علي الاحتلال الحربي، لذلك فهو لا ينقل السيادة علي الأراضي المحتلة، بل تظل السيادة لأصحاب الأرض الأصليين.
كما أن كافة فصائل المقاومة في الأراضي الفلسطينية هي حركات تحرر وطني في للقانون الدولي، وأكد ذلك القرار رقم(xxx/3379) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أعتبر المقاتلين الفلسطينيين حركات تحرر وطني.
وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار يدعو لتقديم المساعدات والدعم المادي والمعنوي لحركات التحرر الوطني منها القرار رقم(xx/2105) وقرارات أخري تطالب أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة بتقديم مثل هذه المساعدات لحركات التحرر الوطني طبقا لميثاق الأمم المتحدة، بالتالي فأن سماح مصر بفتح حدودها مع غزة، يتفق وصحيح القانون الدولي ومطابق لميثاق الأمم المتحدة.
ومنذ مطلع سبعينات القرن الماضي صدرت عدة قرارات عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تنص علي حق حركات التحرر الوطني (باستخدام جميع الوسائل الضرورية من أجل الاستقلال) منها القرار رقم((xxv/2621 والقرار((xxv1/2878 والقرار رقم( (xxv111/3163والكفاح المسلح في القرار رقم((xxv111/3070() لذلك يعتبر كافة ما تقوم به فصائل المقاومة الفلسطينية دفاع شرعي مشروع وليس إرهاب.
ولقد أصبغ القانون الإنساني الدولي حمايته علي الأراضي الفلسطينية المحتلة وأفراد الشعب الفلسطيني كله بما فيهم فصائل المقاومة التي هي حركات تحرر وطني، وذلك في مؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة في جنيف بتاريخ 15/7/1999م، الذي قرر تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة علي الأراضي الفلسطينية، حيث اعتبر إسرائيل قوة احتلال().
ويؤكد ما سبق، إعلان منظمة التحرير الفلسطينية قبولها الالتزام باتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لعام1977م في 7/6/1962م بإعلان من جانبها، كما أن المواد(59/60/139/155) من الاتفاقية الرابعة تؤيد ذلك، إضافة إلي المادة الأولي الفقرة الرابعة من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م، نصت علي تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لعام1949م علي كل من(الشعوب التي تكافح ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية)(). 
مما يؤكد علي أن قوات الاحتلال الإسرائيلية ليست لها الحق طبقا للقانون الدولي في إدارة أو الإشراف علي المعابر الفلسطينية، ولا يسمح لها القانون الدولي حتى بالمشاركة في الإدارة والإشراف علي المعابر الفلسطينية، فوجودها في هذه المعابر باطل قانونا، ولا ينزع عنها صفة البطلان اتفاقيات عقدت بين الأطراف المعنية بالمعابر، لبطلان تلك الاتفاقيات طبقا لقانون الدولي ويؤكد علي أن المقاومة الفلسطينية مشروعة وليست إرهابا. 
3 - سلطات قوات الاحتلال في القانون الدولي 
وضع القانون الدولي نظام وقواعد للاحتلال الحربي، حتى أصبح هناك قانون يسمي قانون الاحتلال الحربي، والاحتلال الحربي في القانون الدولي (يعني تمكن جيش أحدي الدول من احتلال والسيطرة علي إقليم دولة أخري) فقد نصت المادة(42) من لائحة لاهاي الرابعة(1907) علي أن الإقليم يعتبر محتلا عندما يصبح فعلا خاضعا لسلطة الجيش المعادي، ولا يمتد الاحتلال إلا إلي الأقاليم التي توجد فيها هذه السلطة وقادرة علي تدعيم نفوذها فيها، ورفض قانون الاحتلال الحربي الاعتراف بحق ضم الأقاليم المحتلة إلي الدولة المحتلة.
لذلك فالتكييف القانوني للاحتلال الحربي في القانون الدولي أنه حالة فعلية أي أن سلطة الاحتلال تقوم علي أساس الأمر الواقع والوضع الفعلي لا علي أساس ممارسة اختصاصات السيادة القانونية، كما أنه عمل مادي وليس تصرف قانوني لذلك لا يرتب القانون الدولي عليه أية آثار قانونية، فهو حالة مؤقتة يجب أن تزول، وقد نظمته اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977م، وتتمثل أهم المبادئ التي وردت في قانون الاحتلال الحربي وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة ما يلي():
أن الاحتلال الحربي عمل مادي وليس حالة قانونية، فلا يترتب عليه أي أثر قانوني، لكنه نتاج عمل غير مشروع في القانون الدولي هو الاستخدام غير المشروع للقوة في العلاقات الدولية وتسوية المنازعات الدولية.
الاحتلال الحربي وضع مؤقت، لذلك لا يجوز ضم الأراضي المحتلة إلي الدولة المحتلة بل تظل لها كيانها المستقل، ويجب عليها الالتزام باحترام القوانين والنظم القانونية في الأراضي المحتلة.
الاحتلال الحربي لا ينقل السيادة إلي الدولة المحتلة، بل تبقي للأمة والدولة الأصلية، فالسلطة الفعلية التي تمارسها دولة الاحتلال علي الأراضي المحتلة لا تنتقل إليها باعتبار أن السيادة قد انتقلت إليها من السلطة الشرعية، أي لا تطبق لنظرية الحلول هنا، أنما يحكم العلاقة بينهما قانون الاحتلال الحربي، فالاحتلال الحربي يوقف ممارسة السلطات الأصلية بالدولة المحتلة للسيادة مؤقتا ولا يلغيها(المادة 47/48) من اتفاقية جنيف الرابعة.
حماية المدنيين في الأراضي المحتلة، وقد عرفت الاتفاقية الرابعة لعام 1949م الأشخاص المقصودين بالحماية فنصت(الأشخاص الذي يجدون أنفسهم في لحظة ما وفي أي ظرف كيفما كان، عند قيام حرب أو احتلال في أيدي أحد الأطراف المتحاربة أو دولة الاحتلال ليسوا من مواطنيها).
أن العبرة باستخدام السلاح لقوات الاحتلال في المناطق المحتلة ضد حركات التحرر الوطني هي منع تلك الحركات من استخدام أي الحد من قوته العسكرية حتى لا يتمكن من مهاجمتها وليس قتله، لذلك ينبغي عليها تجنب القتل لأقصي درجة، فلا يجوز لها ممارسة القتل للقتل تحت مزاعم الرد علي اعتداءات قوات حركات التحرر الوطني لا،ه لا دفاع شرعي ضد دفاع شرعي. 
تطبيقا لما سبق ذكره، فأن قوات الاحتلال الإسرائيلي ليس لها الحق في إدارة المعابر أو الأشراف عليها لأن ذلك جزء من ممارسة السيادة، كما تأكد فضلا عما سبق أن غزة أرض محتلة، ويرتب القانون الدولي علي ذلك آثار قانونية متعددة أهمها حقهم في الدفاع الشرعي عن أنفسهم بكافة الوسائل، مما يجعل فصائل المقاومة الفلسطينية حركات تحرر وطني، لذلك فأفعالها(إطلاق الصواريخ) مشروعة طبقا للقانون الدولي، والأهم من ذلك عدم جواز الرد من قبل قوات الاحتلال الحربي تطبيقا للقاعدة القانونية والفقهية المستقرة التي تقرر أنه(لا دفاع شرعي ضد دفاع شرعي) فحق الرد غير مكفول قانونا لها.
كما أن إتباع سياسة قتل الأطفال والشيوخ والنساء وهدم البيوت علي أصحابها، وسياسة الحصار والتجويع، الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ليس في غزة فقط بل في كل الأراضي الفلسطينية غير مشروع في القانون الدولي، وأكثر من ذلك فإن ما ترتكبه قوات الاحتلال تمثل جرائم دولية واردة في المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فكل هذه الأفعال الغير مشروعة تبيح للفصائل الفلسطينية حق الرد طبقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لذلك يجب تطبيق اتفاقية الدفاع المشترك بين الدول العربية والتي عقدت تحت إطار جامعة الدول العربية، ومحاكمة قادة العدو جنائيا عن المجازر والمذابح التي يرتكبوها ضد الشعب الفلسطيني وأخرها محرقة مارس 2008م.
وقد نصت اتفاقية جنيف الرابعة علي قواعد خاصة لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة نجملها في الآتي():
1 – إنشاء مستشفيات ومناطق مأمونة لحماية المرضي والجرحى والمسنين والأطفال الذين تقل أعمارهم عن (15) سنة والنساء الحوامل وأمهات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سبع سنوات(المادة14) مما يحرم قتل أطفال غزة الرضع والنساء والشيوخ في محرقة مارس2008م وعلي مدار سنوات المشكلة الفلسطينية.
2 - لا يجوز مهاجمة المستشفيات مع حماية العاملين بها وحرية مرور جميع المهمات الطبية اللازمة للمدنيين(المواد من 18/20) مما يبطل قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي بالطيران سيارات الإسعاف في غزة والضفة الغربية وتمنع وصولها إلي المستشفيات.
3 – تلزم سلطات الاحتلال باحترام حياة سكان الإقليم المحتل وشرفهم وحقوقهم وممتلكاتهم ومعتقداتهم(المادة27) ولا يجوز نقلهم إجباريا من أراضيهم إلي خارجها(المادة49) كما فعلت قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقد نصت الاتفاقية السالفة علي حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي التي تتفق مع الحقوق التي كفلها القانون الدولي لكل الأشخاص مثل الحق في الحياة وسلامة الجسد والعرض والشرف من التعذيب والأذى، وكذلك الحقوق العائلية مثل حق الزواج وتكوين أسرة وحرية العقيدة، ونصت الاتفاقية علي حقوق اقتصادية واجتماعية كالحق في التعليم وحق العمل وحق الملكية.
ويعتبر من أهم الحقوق التي وردت في الاتفاقية الحقوق القضائية وعدم سريان قوانين الدولة المحتلة أو ما تصدره الدولة من قوانين جنائية في الأراضي المحتلة، وضرورة توفير مختلف الضمانات القانونية في التحقيق والمحاكمة، وأضاف البرتوكول الإضافي الأول لعام 1977م في القسم الثالث منه تحت عنوان(معاملة الأشخاص الخاضعين لسلطات طرفي النزاع) عدة حقوق وضمانات منها تيسير لم شمل الأسر التي تشتت نتيجة الحرب وتقرير حماية واسعة للنساء والأطفال().
(أن اتفاق المعابر الحدودية في قطاع غزة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يكرس سيطرة قوات الاحتلال على القطاع واقتصاده وحركة انتقال سكانه، وأضاف أن غياب التواجد العسكري الفعلي لقوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي داخل القطاع لا يعني بتاتاً انتهاء الاحتلال الحربي للقطاع، بل إن الواقع الميداني يؤكد السيطرة الفعلية لسلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على حرية الانتقال والحركة من وإلى قطاع غزة.  وإن صيغة الاتفاق تؤكد السيطرة الفعلية لقوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على القطاع المحتل، والتي لم تنته بتنفيذ خطة الفصل عن قطاع غزة)().
4 – يجب علي قوات الاحتلال أن تعمل بأقصى ما تسمح به الوسائل الموجودة تحت تصرفها علي توفير المواد الغذائية والطبية اللازمة لأهالي الإقليم المحتل، مما يؤكد عدم شرعية ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وخاصة حصار غزة وقطع الكهرباء عليه مما يشل الحياة فيها، وعدم شرعية قطع المساعدات الإنسانية مما حول غزة إلي سجن، فالقانون الدولي تطبيقا علي ما سلف لا يعطي لقوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أي شرعية أو حق. 
لذلك فأن سياسة الحصار ومنع انتقال الأشخاص البضائع تمثل شكلاً من أشكال العقوبة الجماعية التي يحظرها القانون الدولي الإنساني، خاصة أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب، والقانون الدولي لحقوق الإنسان حيث تنص المادة(33)من الاتفاقية المشار إليها علي حظر معاقبة الأشخاص المحميين على جرائم لم يرتكبونها من قبل قوات الاحتلال الحربي، وتحظر عليها اتخاذ تدابير اقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم، لذلك فسياسة الإغلاق والحصار الشامل كإجراء من إجراءات الاقتصاص أو الثأر والمعاقبة للسكان المدنيين تتناقض هذه الأعمال العدوانية غير المبررة مع المادة الأولي الفقرة الثانية من العهد الدولي الخاص للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966م والتي تنص على أنه (لا يجوز بحال من الأحوال حرمان شعب ما من وسائله المعيشية الخاصة) لذلك كل ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي مخالفة للقانون الدولي(). 
كما أضافت المادة (5) من نفس العهد حظر أية دولة أو جماعة أو شخص مباشرة (أي نشاط أو القيام بأي فعل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد) علاوة على ذلك اعتبرت لجنة مناهضة التعذيب أن سياستي الحصار وهدم المنازل اللتين تمارسهما قوات الاحتلال تشكلان انتهاكا للمادة (16) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو أللإنسانية أو المهينة()ولا يمكن تبرير استخدام هاتين السياستين تحت أي ظرف من الظروف، و بناءً على هذا الموقف الواضح للقانون الدولي من هذه الممارسات فإنه لا يمكن تبريرها بمسألة الضرورة العسكرية. 
وبالتالي فإن إخضاع  المعابر للرقابة الإسرائيلية لحظة بلحظة من خلال بث مباشر من كاميرات الفيديو المنتشرة هناك مع ربط أجهزة كومبيوتر المعابر بالشبكة الإسرائيلية إخضاع المعابر وممثلي السلطة الفلسطينية لمراقبة طرف ثالث تم الاتفاق على انه الاتحاد الاوروبى إخضاع المعبر للمراقبة الأمريكية من خلال المنسق الامنى الامريكى بين السلطة وبين إسرائيل، مخالف للقانون الدولي. 
فقوات الاحتلال الإسرائيلي ليس
لهم أي حق في إدارة أو إشراف علي المعابر، كما إن التحكم فيه لا بد أن يكون بتنسيق بين
الجانبين المصري والأمم المتحدة؛ باعتبارها منظمةً دوليةً معنيةً بموجب أحكام
القانون بحماية الحدود المتنازع عليها، ويخضع المعبر للاحتلال الفعلي، كما أن قضية المعابر نظَّمتها اتفاقيه جنيف؛ بحيث جعلت
العلاقة المباشرة بين الجانب المصري وبين مجلس الوصاية في الأمم المتحدة والذي يشرف
على هذه الأراضي .
وحسب القانون الدولي تبقى إسرائيل قوة احتلال طالما استمرت سيطرتها على المعابر، ويشكل ذلك انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، ولا ينهي ولا يغير الوضع القانوني لغزة. كما أن معبر رفح هو المعبر الوحيد الذي يربط غزة مع العالم الخارجي، وبالتالي فإن أي اتفاق سيتم التوصل إليه بخصوص هذا المعبر يمكن تطبيقه على بقية المعابر، وتطالب إسرائيل باعتراف دولي بأنها أنهت احتلالها للقطاع. 
وفي نفس الوقت تريد إسرائيل أن تبقي في أيديها الإشراف على دخول الأشخاص والبضائع من مصر إلى غزة، وكبديل عن ذلك تهدد إسرائيل بإخراج غزة من "الغلاف الجمركي" المشترك معها ومع الضفة الغربية، إذا ما نزع الإشراف على المعبر منها. الأمر الذي يضر بالوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية، فكيف تكون غزة حُرِّرت وتريد إسرائيل أن تكون طرفا في أي اتفاقية تخص الأرض المحررة؟!.
يجب أن تقام اتفاقية جديدة مصرية فلسطينية تراعي مصالح الجانبين وتراعي الأمن القومي لمصر، لأن معنى الرجوع إلى الاتفاقية القديمة أن تقوم مصر بغلق الباب على الفلسطينيين، جميع الاتفاقيات التي عقدت بشأن لمعابر والسابق بيانها هدفها الوحيد ضمان أمن إسرائيل، لذلك يجب التركيز على أمن مصر وفلسطين عند عقد أي اتفاقيةٍ تخصُّ الحدود المصرية، بتوقيع اتفاق معابر مصري فلسطيني بحت دون تدخل أي طرفٍ آخر إعمالا لحق سيادة مصر علي أرضها بما يخدم حماية أمنها القومي وينظم الحدود المصرية الفلسطينية. 
الخلاصة: أن كافة الاتفاقيات التي وُقِّعت مع إسرائيل سواء معاهدات صلح أو اتفاقيات بشأن المعابر الحدودية بين فلسطين وما حولها من دول هي اتفاقات باطلة؛ كونها تمَّت مع كيانٍ باطل أولا ولمخالفتها القانون الدولي ثانيا، وأن مناقشتها ودراسة أزمتها هي مناقشة ودراسة لواقع موجود، وإن إغلاق المعابر طبقا للقانون الدولي عقاب جماعي لسكان مدنيين يعتبر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الواردة في المادة (5) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية لذلك يجب محاكمة فاعليها مهما طال الزمن لأنها جرائم لا تسقط بالتقادم.



ثالثا: المسئولية الدولية لإسرائيل في القانون الدولي
بعد أن بينا المعابر الفلسطينية من حيث الموقع والأهمية، نتطرق هنا بالدراسة المسئولية الدولية لإسرائيل في القانون الدولي، ولكي نصل إلي حقيقة مسئوليتها الدولية يتطلب ذلك منا دراسة النقاط التالية:.
1 – نشأة وتتطور المسئولية الدولية المدنية والجنائية في القانون الدولي
2 – الجرائم الدولية في القانون الجنائي الدولي.
3 – التكييف القانوني للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
4 – كيفية محاكمة قادة إسرائيل في القانون الدولي.
نتناول كل عنصر من هذه العناصر بالدراسة علي النحو التالي:

1 – نشأة وتتطور المسئولية الدولية المدنية والجنائية في القانون الدولي

نتعقب نشأة وتتطور المسئولية الدولية في القانون الدولي، وأورد الفقه الدولي تعريفات متعددة للمسئولية الدولية إلا أنهم اتفقوا علي عناصر ثلاثة هي():
الفعل الضار أو العمل غير المشروع طبقا للقانون الدولي.
- نسبة هذا الفعل إلي أحد أشخاص القانون الدولي سواء الدول أو المنظمات الدولية.
أن ينتج عن هذا الفعل ضرر يصيب أحد أشخاص القانون الدولي.
وإذا توافرت هذه الشروط في أي تصرف أو عمل صادر من أحدي أشخاص القانون الدولي، فأنه يترتب في حقه المسئولية الدولية وهي نوعان المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية.
والمسئولية المدنية: تتمثل في الأمور الأمور التالية:
- على الشخص الدولي التوقف عن الفعل المخالف للقانون الدولي.
- أن تعمل على إعادة الحال إلي ما كان عليه الحال قبل وقوع المخالفة، ويطلق عليه (التعويض العيني) وفي الحالات التي لا يمكن فيها إعادة الحال إلى ما كان عليه سابقا، فعلى الدولة أن تقوم بدفع تعويض مالي يتناسب مع ما أصاب المضرور من أضرار مادية أو معنوية يطلق عليه (التعويض المالي).
أما المسئولية الجنائية: والتي تتمثل في المحاكمة الجنائية للمسئولين عن ارتكاب مخالفات للقانون الدولي الإنساني (قانون الحرب) أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وقد مرت المسئولية الجنائية الدولية بمراحل متعددة تقدمت خطوة خطوة لإقرار هذه المسئولية من حيث المبدأ والمفهوم والمضمون والنطاق، وسوف نقسم مشوار أقرار المسئولية الجنائية الدولية إلي مرحلتين الأولي قبل عصر التنظيم الدولي والثانية في عصر التنظيم الدولي. 
1 – المرحلة الأولي: المسئولية الجنائية الدولية قبل عصر التنظيم الدولي: وتبدأ هذه المرحلة من تصريح باريس حتى عام 1919م بإنشاء عصبة الأمم،
وسادت خلال هذه المرحلة ما كان سائدا في القانون الدولي التقليدي بأن الحرب تنطلق من إرادة الدولة ومبدأ السيادة المطلقة تمارسها الدول كما شاءت وبالوسائل التي تراها مناسبة وخاصة التي تسبب آلامًا جسيمة لا تقتضيها الضرورات العسكرية، أو التي تلحق أضرارًا بالمدنيين الذين ليس لهم علاقة بسير العمليات العسكرية، أو الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقيات لعدم قدرتهم على المشاركة في العمليات القتالية كالأسرى والجرحى من الجنود، ولذلك لم يكن هناك مسئولية جنائية في القانون الدولي تذكر، ولكن بدأت مرحلة جديدة انطلقت في العام 1856 بتوقيع تصريح باريس
أول وثيقة دولية مكتوبة تنظم بعض الجوانب القانونية للحرب البحرية().
ثم كانت اتفاقية جنيف الموقعة في 22أغسطس1864 أسس القانون الإنساني المعاصر، واتسمت بأنها قواعد مكتوبة ودائمة لحماية ضحايا الحروب، وهي معاهدة متعددة الأطراف جاءت تتويجًا لجهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتقنين عادات الحرب وأعرافها، باعتبارها أول وثيقة دولية في مجال تدوين قواعد القانون الدولي الإنساني.
وجاء إعلان سان بطرسبورج بشأن حظر استعمال المقذوفات في وقت الحرب و الموقع في 11ديسمبر 1868م، وطالب أن يكون التقدم التكنولوجي سببا في تخفيف ويلات الحروب، وأن الهدف المشروع الوحيد الذي يجب أن تسعي إليه الدول والمجتمع الدولي أثناء الحرب هو شل أو إضعاف قوة الخصم العسكرية وليس قتله، مع مراعاة أن حق أطراف أي نزاع مسلح اكتشاف واختيار أساليب ووسائل القتال ليس بلا قيود، بل لا يتعدى الضرورات الحربية بهدف إضعاف قوة الخصم. 
وفي العام 1899 عقد مؤتمر لاهاي الأول للسلام والذي تمخض عنه توقيع اتفاقيتين تناولت الأولي قوانين وأعراف الحرب البرية و الثانية تناولت مرضى وجرحى الحرب البحرية، ومؤتمر لاهاي الثاني عقد عام 1907 صدر عنه اتفاقية لاهاي الرابعة والخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية الموقعة في 18أكتوبر1907م، وقد أسهم هذا المؤتمر الثاني في وضع حد للأضرار الناجمة عن الحروب.
وأول ما يميز هذه المرحلة أنها أقرت لأول مره مبدأ المسئولية الجنائية الفردية في معاهدة فرساي عام 1919 والتي نصت في مادتها (227) على إنشاء محكمة جنائية دوليه لمحاكمة الإمبراطور الألماني غليوم الثاني عن مسئوليته الدولية في شن الحرب العالمية الأولى، و معه عدد من الرعايا الألمان لانتهاكهم قوانين وأعراف الحرب، وكان ذل خطوة أولى على طريق إقرار قضاء جنائي دولي لمحاكمة الأفراد لارتكابهم جرائم دولية، بعد أن كان سائدًا في الفقه والعمل الدولي مسئولية الدول وحدها لأنهم هم أشخاص القانون الدولي دون غيرهم، مما يسهم في وضع حد لجرائم الحرب لأن علم الأشخاص بأنهم سيتحملون شخصيًا نتائج الجرائم التي سوف يرتكبونها يجعلهم لا يرتكبونها.()
المرحلة الثانية: المسئولية الجنائية الدولية في عصر التنظيم الدولي: وتبدأ هذه المرحلة من عام 1920م بإنشاء عصبة الأمم حتى تاريخه، وتتميز هذه المرحلة عن المرحلة الأولي بالأتساع والشمول في المفهوم والمضمون، حيث
جاء ميلاد عصبة الأمم في العام 1920 ليشكل الخطوة الأولى لتحريم الحرب ولمواصلة الجهود لمنع اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية واعتماد التسوية السلمية كوسيلة لحل النزاعات الدولية.
ولكن هذا التحريم الوارد في عهد العصبة جاء ناقصا حيث اكتفي بتحريم اللجوء للحرب إلى أن يتم استنفاد الشروط والإجراءات التي حددتها(م/12/1) والتي نصت على أن (يوافق أعضاء العصبة على أنه إذا نشأ نزاع من شأن استمراره أن يؤدي إلى احتكاك دولي على أن يعرضوا الأمر على التحكيم أو التسوية القضائية أو التحقيق بواسطة المجلس ويوافقون على عدم الالتجاء للحرب بأي حال قبل انقضاء ثلاثة شهور على صدور قرار التحكيم أو الحكم القضائي أو تقرير المجلس)
ورتب عهد العصبة التزامات على الدول الأطراف وردت في ( م/10) والتي تقضي باحترام سلامة أقاليم الدول الأخرى الأعضاء في عهد العصبة، ويشكل اللجوء للحرب إخلالاً بتلك الالتزامات وقد أورد العهد جزاءات ضد من يخالف تعهداته من الدول الأطراف ويرتكب فعلاً من أفعال الحرب ضد جميع أعضاء العصبة. 
وفي 17يونية 1925م تم توقيع بروتوكول جنيف بشأن حظر استعمال الغازات الخانقة والسامة والوسائل الجرثومية في الحرب، وفي 27أغسطس1928 تم التوقيع علي ميثاق بريان كيلوج أو ما يعرف بميثاق باريس وهو خطوة متقدمة في حظر اللجوء للحرب ويعتبر أهم وثيقة دولية بعد الحرب العالمية الأولى ونص في الديباجة علي التنازل عن الحرب كوسيلة لتحقيق السياسات القومية، وإحلال علاقات السلم والصداقة بين الدول الأطراف، ونصت المادة الأولى منه على إدانة اللجوء للحرب كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية، ثم كان توقيع اتفاقيتي جنيف بشأن معاملة المرضى والجرحى والأسرى في الحرب في عام1929 م.
وجاءت اتفاقية لندن في 8 أغسطس 1945 لتضع قواعد دولية جديدة لم يعرفها القانون الدولي التقليدي من قبل بمحاكمة مجرمي الحرب النازيين واليابانيين في محكمتي نورمبرج، وطوكيو برغم ما أخذ عليهما من كونهما تمثلان إرادة المنتصرين، فقد طغى عليهما الطابع السياسي أكثر من الطابع القانوني، بحيث حوكم مجرمو الحرب المهزومين ولم يحاكم مجرمو الحرب المنتصرين، فلم يتم تطبيقهما على مجرمي الحرب الأمريكان المسئولين عن كارثتي هيروشيما، و نجازاكي().
إلا أنهما كانا التطبيق العملي الأول لمبدأ المسئـولية الجنائية الفردية بتقديم بعض الأفراد للمحاكمة سواء فيهما أو في محاكم دول الحلفاء العسكرية التي عرفت بقانون مجلس الرقابة رقم (10) الصادر من الحلفاء الأربعة بصفتهم الحكام العسكريين لألمانيا لعام 1946 لمحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقد جاء ميثاق الأمم المتحدة كأهم وثيقة دولية بشأن تحريم الحرب في العلاقات الدولية ولم يكتف الميثاق بتحريم استعمال القوة في العلاقات الدولية وإلغاء حق الدول في شن الحرب كوسيلة لفض منازعاتهم، بل حرم مجرد التهديد باستخدام القوة في المادة(2/4) منه مما يعد تطورا كبيرا في قواعد القانون الدولي، إلا أنه لم يتضمن آلية ملزمة لمحاكمة مجرمي الحرب().
وقد مثل توقيع الاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في 9ديسمبر 1948 أحد هذه الآليات حيث دعت الاتفاقية لإنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وأكدت علي مبدأ المسئولية الجنائية الفردية، وأكدته اتفاقيات جنيف الأربعة المؤرخة في 12 أغسطس1949.
وقد تعهدت الدول الأطراف بموجب المواد المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م الخاصة بالعقوبات المقررة لمن يخالف هذه الاتفاقيات باتخاذ إجراءات تشريعية لفرض عقوبات فعالة على الأشخاص الذين يرتكبون أو يأمرون بارتكاب إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقيات أيًا كانت جنسيتهم أو تسلمهم، وتشكل تلك المواد من اتفاقيات جنيف ليس فقط تأكيدًا لمبدأ المسئولية الجنائية الفردية وإنما توسيعًا في نطاقها. 
فقد جعلت محاكمة مجرمي الحرب التزامًا دوليًا يرتب على الدول مسئولية ملاحقتهم بغض النظر عن جنسيتهم، مما يفيد بأن اتفاقيات جنيف أقرت ما يعرف بالاختصاص القضائي العالمي والذي بموجبه يحق لأية دولة موقعة على اتفاقيات جنيف ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب ومحاكمتهم، وهو ما أكدته المادة 86 من البروتوكول الأول المضاف لاتفاقيات جنيف لعام 1977 الخاصة بقمع الانتهاكات الجسيمة التي تنجم عن التقصير في أداء عمل واجب الأداء، وقد أكدت مبدأ المسئولية الجنائية مبادئ نورمبرج التي صاغتها لجنة القانون الدولي عام 1950م وقد نص المبدأ الثالث على عدم اعتبار الصفة الرسمية مانعًا للمسئولية.
وقد جاءت نصوص مشروع تقنين الجرائم ضد سلامة وأمن البشرية عام 1954صريحة في منع اللجوء للقوة في العلاقات الدولية وعدم اعتبار الصفة الرسمية مانعًا للمسئولية، وجاءت اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية واعتمدت بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم(2391/ د/23) في 26/11/1968 تدعيمًا الجهود الدولية الهادفة لإقرار مبدأ المسئولية الفردية، فنصت في المادة الثانية على انطباق أحكام الاتفاقية على ممثلي سلطة الدولة والأفراد الذين يقومون بوصفهم فاعلين أصليين أو شركاء بالمساهمة في ارتكاب أية جريمة، أو بتحريض الغير، أو مرؤوسيهم لارتكابها أو الذين يتسامحون في ارتكابها، ولا يسري التقادم على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لأنهما من أخطر الجرائم في القانون الدولي،
وأعطت اختصاصًا عالميًا للدول الأطراف في ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وألزمتهم بذلك.
وأقرت الجمعية العامة مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم الأشخاص مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بقرارها رقم (3074/د/28) في 3/12/1973، وجعل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أيًا كان المكان الذي ارتكبت فيه موضع تحقيق مع مرتكبيها بمن فيهم مواطنيها محل تعقب وتوقيف ومحاكمة. 
وأكدت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم 39/46 المؤرخ في 10/12/ 1984 في تأكيد مبدأ المسئولية الجنائية الفردية وعدم جواز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب، ورتبت الاتفاقية التزاما على الدول الأطراف باتخاذ إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة لمنع التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي. 
وجاء تشكيل المحكمة الجنائية ليوغسلافيا السابقة تطبيقًا لمبدأ المسئولية الجنائية الفردية، والتي أنشأت بقرار مجلس الأمن رقم 808 في 22/2/1993 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمحاكمة الأشخاص المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، ونصت (م/7) من النظام الأساسي للمحكمة على المسئولية الجنائية الفردية لمرتكبي الجرائم التي اختصت بالنظر فيها، والتي ارتكبت ضد المسلمين في البوسنة والهرسك وهي الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م، ومخالفات قوانين وأعراف الحرب، والإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية.
وأسهمت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا المنشأة بقرار مجلس الأمن رقم(955) في 8 نوفمبر1994 بموجب الفصل السابع من الميثاق علي تعزيز مبدأ المسئولية الجنائية الفردية ونصت عليه في المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة، والتي اختصت بنظر الجرائم التي تتعلق بالحرب الأهلية وهى الانتهاكات الجسيمة للمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977م والتي تعد جرائم حرب بموجب المادة (85) من البروتوكول الإضافي الأول، وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وتعتبر محاكمات يوغسلافيا و رواندا أول محاكمات تنشأ منذ محاكم نورمبرج 1945م وطوكيو 1946 لمحاكمة مجرمي الحرب تطبيقًا لمبدأ المسئولية الجنائية الفردية التي لا تجيز الدفع بالأوامر العليا أو بعدم مسئولية القادة أو حصانة رؤساء الدول أو المسئولين. 
وأكدت المحكمة الجنائية الدولية التي دخلت حيز النفاذ في الأول من يوليو2002 دعائم المسئولية الجنائية الفردية في نظامها الأساسي كأول نظام قضائي جنائي دائم على شكل معاهدة ملزمة للدول الأطراف وقد أكدت في ديباجتها أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر دون عقاب ومقاضاة مرتكبيها، وقد عقدت العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع الجرائم مما قد يدعم أسس النظام العالمي ويسهم في إرساء أسس السلام والأمن وإضفاء القيم الإنسانية في العلاقات الدولية.
ويقتصر اختصاص المحكمة على الأشخاص الطبيعيين ويكون الشخص مسئولاً عن الجرائم بصفته الشخصية سواء ارتكبها بنفسه أو بالاشتراك مع غيره أو عن طريق شخص آخر، أو بالأمر أو بالإغراء على ارتكابها، وهذا هو الاختصاص الشخصي للمحكمة، الاختصاص الموضوعي للمحكمة ورد في المادة الخامسة من نظامها الأساسي وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وهي جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان
ترتيبا علي ما سبق فقد ثبتت في القانون الدولي المسئولية الجنائية الفردية لمرتكبي الجرائم الدولية، حتى أصبحت من النظام العام الدولي أي من القواعد الآمرة التي لا يجوز مخالفتها ولا الاتفاق علي مخالفتها.
فأصبح نطاق المسئولية الدولية يشمل المسئولية الجنائية الفردية عن الجرائم المرتكبة خلافًا لقوانين وأعراف الحرب بميلاد معاهدة فرساي عام 1919 وتقريرها المسئولية الشخصية للإمبراطور الألماني غليوم الثاني بنص المادة (227) عن إثارة الحرب، وأقرت كذلك مبدأ المسئولية الجنائية الفردية (م/7) من لائحة محكمة نورمبرج العسكرية 1945 لمجرمي الحرب الألمان، وكذلك (م/6) من لائحة محكمة طوكيو 1946 لمجرمي الحرب اليابانيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والمبدأ الثالث من مبادئ نورمبرج التي صاغتها لجنة القانون الدولي في أعقاب محاكمات نورمبرج، وأكدته اتفاقيات جنيف الأربعة بنص المواد المشتركة الخاصة بالعقوبات الجنائية، و(م/7) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا، و(م/6) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، وأيضا الحكم الذي أصدره مجلس اللوردات أعلى هيئة قضائية بريطانية باعتباره سابقة قانونية في منع مرتكبي الجرائم الدولية من الإفلات من العقاب وعدم منحهم الحصانة القضائية بناء علي طلب تقدمت به أسبانيا عام 1998 لتسليمه لارتكابه جرائم ضد الإنسانية. 
وما أخذ به القانون البلجيكي الصادر في 16حزيران 1993 والذي يمنح المحاكم البلجيكية اختصاصًا عالميًا بمحاكمة مسئولين أجانب عن جرائم القانون الدولي، بمحاكمة أربعة روانديين في العام 1994بناء عليه وتم تعديله ليمنع ملاحقة ومحاكمة القادة والمسئولين ماداموا على رأس السلطة بعد الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية في أعقاب الدعوى المرفوعة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون لمسئوليته عن مجزرة صبرا و شاتيلا، والتي تقدم بها 23 فلسطينيًا من الناجين من المجزرة عام 2001، وتم رفع دعوى عام 2002 ضد وزير الدفاع موفاز أمام القضاء البريطاني لمسئوليته الفردية عن مجزرة مخيم جنين في الانتفاضة لكونه رئيسًا لأركان الجيش لإشرافه على المجزرة، وثبتها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بالمادة (25)فقرر عدم جواز إثارة المسئولية الجنائية الدولية إلا في حق الأشخاص الطبيعيين فالدولة شخص معنوي لا تسأل مسئولية جنائية، بل مسئوليتها مدنية بالتعويض المالي عن الأضرار الناتجة عن الأعمال غير
المشروعة التي يرتكبها ممثلوها.

2 – الجرائم الدولية في القانون الجنائي الدولي

بعد أن بينا المسئولية الدولية المدنية والجنائية في القانون الدولي، نبين في هذا الجزء من الدراسة الجرائم الدولية من حيث المفهوم والمضمون والأركان، والجرائم الدولية واردة في المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وهي علي سبيل الحصر، وهي جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان، ونبين كل جريمة علي حدة. 

(1) - جريمة الإبادة الجماعية Le Crime de Genocide:

- توصف جريمة الإبادة الجماعية (Crime de genocide 
Le) بأنها أ]شد الجرائم الدولية جسامة وبأنها ( جريمة الجرائم )ومن الملفت للنظر بأن تعريف جريمة ( الإبادة الجماعية ) جاء موحدا في معظم التشريعات الدولية التي تعرضت للجريمة بالتقنين بداية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة علية والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/1948م، والنظام الأساسي لمحكمة مجرمي يوغوسلافيا السابقة في المادة الرابعة وأيضا محكمة مجرمي رواندا وأخيرا المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة لجنائية الدولية التي نصت على (لغرض هذا النظام الأساسي تعني ( الإبادة الجماعية ) أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد هلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكا كليا أو جزئيا:-
قتل أفراد الجماعة. 
إلحاق ضرر جسدي أو عقلي أو جسمي بأفراد الجماعة. 
جـ) إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها الإهلاك الفعلي كليا أو جزئيا. 
د) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة. 
هـ) نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى ).
وأول ظهور المصطلح ( الإبادة الجماعية ) في القانون الدولي، كان عام 1944م من خلال(Rephael Lemkin)مستشار وزارة الحرب الأمريكية من أجل توضيح خصوصية الجرائم المرتكبة من النازيين، إلا أن ظهور المصطلح رسميا لأول مرة في التوصية رمق (96/1) الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادرة في 11/21/1946م).
وقد تعرضت محكمة العــدل الدولية لجــريمة الإبادة الجماعية في عدة مواضع في الرأي الاستشاري الصادر في 28/5/1951م بخصوص التحفظات على اتفاقية مكافحة جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها. والحكم الصادر في 8/4/1993في طلب تدابير تحفظية وتطبيق اتفاقية مكافحة جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها والحكم الصادر في 11/7/1996م بشأن يوغوسلافيا وصدر الحكم في 29/ 4 1999م مما أدى إلى تطور لا يستهان به لكافة جوانب جريمة الإبادة الجماعية() ويتلخــص الركن المادي لجريــمة الإبادة الجــماعية في الآتي:-
قتل أعضاء من جماعة معينة.
الاعتداء الجسيم على السلامة الجسدية أو العقلية لأعضاء الجماعة.
إخضاع الجماعة لظروف معيشية قاسية تقضى إلى القضاء عليهم بصفة كلية أو جزئية.
إعاقة التناسل داخل الجماعة.
نقل الصغار قهراً من جماعتهم إلى جماعة أخرى. 
كما حددت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في المادة الثالثة صور السلوك الإجرامي المؤثم لجريمة إبادة الجنس البشرى فيما يلي:-
إبادة الجنس البشرى.
الاتفاق أو التآمر على ارتكاب جريمة إبادة الجنس.
التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة إبادة الجنس البشرى.
الشروع في ارتكاب جريمة إبادة الجنس البشرى أو الاشتراك فيها. 
وتجدر الإشارة إلى أن كل صورة من الصور السابقة تشكل جريمة مستقلة قائمة بذاتها واجبة العقاب عليها. 
وقد تفادى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، العوار القانوني الذي أصاب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فنص في المادة (77) على العقوبات التي يجوز للمحكمة الجنائية أن تقضى بها حال ثبوت ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أو أي جريمة واردة في المادة (5) من النظام (17) فأوردت (رهناً بأحكام المادة (110) يكون للمحكمة أن توقع على الشخص المدان بارتكاب جريمة في إطار المادة (5) من هذا النظام الأساسي إحدى العقوبات التالية:- 
السجن لمدة محددة من السنوات لفترة أقصاها (30) سنة. 
السجن المؤبد حيثما تكون هذه العقوبة مبررة بالخطورة البالغة للجريمة وبالظروف الخاصة للشخص المدان. 
بالإضافة إلى السجن فللمحكمة أن تحكم بما يلي:- 
فرض غرامة بموجب المعايير المنصوص عليها في القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات.
مصادرة العائدات والمتحصلات والأصول المتأنية بصورة مباشرة أو غير مباشرة من تلك الجريمة دون المساس بحقوق الأطراف الثالثة الحسنة النية ).
ولقد ارتكبت القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين الجرائم الواردة في الفقرات(أ/ب/ج) سالفة الذكر لذلك فهي مرتكبة لجريمة الإبادة الجماعية.

(2) الجرائم ضد الإنسانية ( Les Crims Contre L'humcenite ):

اهتم الفقه الدولي حديثاً بتعريف الجرائم ضد الإنسانية باعتبارها من الجرائم الدولية التي تستوجب المسئولية الدولية والعقاب عليها. فقد عرفها البعض بأنها ( جريمة دولية من جرائم القانون العام بمقتضاها تعتبر دولة ما مجرمة إذا أضرت بحياة شخص أو مجموعة أشخاص أبرياء أو بحريتهم أو بحقوقهم، بسبب الجنس أو التعصب للوطن أو لأسباب سياسية أو دينية، أو إذا تجاوزت أضرارها في حالة ارتكابهم جريمة ما، العقوبة المنصوص عليها ) 
وعرف النظام الأساسي الجرائم ضد الإنسانية في المادة (7) التي اشترطت أن تتوافر الأركان التالية في الجرائم ضد الإنسانية():
أن تكون هناك سياسة دولة أو سياسة من قبل منظمة غير حكومية (م/7/2) 
أن تكون الجريمة من الجرائم المذكورة والمحددة حصراً في المادة (7/1)() والمتمثلة في:-
القتل العمد ويقصد به التسبب عن قصد وإرادة وعلم في إزهاق روح شخص أو أشخاص بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
الإبادة الجماعية: التسبب عن قصد وإرادة وعلم في موت جماعة مدينة من الناس أو تعمد خلق ظروف معيشية صعبة يقصد بها الإبادة الجسدية أو الإيذاء الجسدي أو الإبادة البيولوجية أو الإبادة الثقافية.
الاسترقاق: وهو مرادف الرق والاستعباد.
الإبعاد القسرى: يقصد به نقل الأشخاص قصراً من إقليم دولتهم أو مدينتهم إلى أماكن أخرى.
السجن التعسفي: أي الحبس بدون حكم نهائي يقضى بذلك ويمكن إضافة التعذيب إلى السجن التعسفي.
الاغتصاب والاعتداء الجنسي الخطير.
الاضطهاد السياسي أو العنصر الديني.
أن ترتكب هذه الجرائم على نطاق واسع أو بشكل منهجي (م/7/1) والسياسة هي التعامل الأساسي الذي يعمل على تحويل الجريمة من جريمة وطنية إلى جريمة دولية. 
وقد عكس النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (7) الدقة والتطور الملحوظ في القانون الدولي العرفي في تحديد حدود وأركان الجرائم ضد الإنسانية، منذ ميثاق نورمبرج (م/1)() 
وهكذا فإن كل فعل ترتكبه سلطات الدولة أو منظمة سياسية أو منظمة أخرى بتواطؤ من الدولة، يتسبب عمداً في إحداث معاناة شديدة أو ألم شديد أو أذى خطير بالجسم أو بالصحة الجسدية أو العقلية لجماعة أو جماعات ذات اعتناقات مدنية، يشكل جريمة ضد الإنسانية ولو لم يرد ذكره في الصور السابقة، التي نصت عليها المادة (7) من النظام الأساسي للمحكمة().
وقد ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما في الفقرات(1/2//أ/ب/د/هـ/ز) من المادة السابقة 

(3) جرائم الحرب:

 ( Les Crimes du Guerre )وهي الجرائم التي ترتكب ضد قوانين وعادات وأعراف الحرب، سواء صدرت عن المحاربين أو عن غيرهم، وقد عرفتها المادة (6/ب) من لائحة محكمة نورمبرج بأنها( الأعمال التي تشكل انتهاكاً لقوانين وأعراف الحرب)وقد عرفتها المادة (8/2 – أ/ب) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأنها (الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 أغسطس 1949م وكذلك الانتهاكات الجسيمة الأخرى للقوانين والأعراف السارية والمطبقة على المنازعات المسلحة الدولية في النطاق الثابت في القانون الدولي).
تنقسم جرائم الحرب طبقاً في قانون الحرب إلى قسمين، هما: جرائم ضد المجتمع الدولي، وجرائم ضد الأفراد العاديين، فيتمثل القسم الأول في احتلال أقاليم دولة أخرى، أي توجيه عمل عدواني ضدها كما يندرج تحت مفهوم جرائم الحرب ضد المجتمع الدولي جريمة إبادة الجنس البشري أو القضاء على ذاتيته، وقد حوكم القادة الألمان على جرائم من هذا النوع في القسم الثاني من الجرائم التي تُعدّ جرائم حرب، يتضمن الجرائم التي ترتكب ضد الأفراد العاديين، وهي تقسم إلى ثلاثة أنواع هي: جرائم تتعلق بسلوك المحاربين أثناء الحرب (مثل استخدام الأسلحة الممنوعة دولياً كالغازات السامة والنابالم وضرب المستشفيات أو الطائرات الطبية)، وجرائم تتعلق بمعاملة الجرحى والأسرى والمرضى (كقتلهم أو تعذيبهم أو الإجهاز على الجريح)محاكمات نورمبرج.
القسم الثاني من الجرائم التي تُعدّ جرائم حرب، يتضمن الجرائم التي ترتكب ضد الأفراد العاديين، وهي تقسم إلى ثلاثة أنواع هي: جرائم تتعلق بسلوك المحاربين أثناء الحرب (مثل استخدام الأسلحة الممنوعة دولياً كالغازات السامة والنابالم وضرب المستشفيات أو الطائرات الطبية)، وجرائم تتعلق بمعاملة الجرحى والأسرى والمرضى (كقتلهم أو تعذيبهم أو الإجهاز على الجريح)
ترتيباً على ما سبق فإن جرائم الحرب هي التصرفات والأعمال التي ترتكب بالمخالفة لقوانين الحرب وعاداتها وأعرافها المقررة في قواعد القانون الدولي، ويرجع أصل تلك الجرائم إلى مخالفة القواعد العرفية التي كانت تحكم وتنظم الحرب قبل القرن التاسع عشر، والقواعد الواردة في اتفاقيات لاهاي لعام 1899م و1907، والقواعد التي وردت في قائمة لجنة المسئوليات لجرائم الحرب لعام 1919م ثم في لائحة نورمبرج لعام 1945م، ولائحة طوكيو لعام 1945م، والمادة (2/12) من مشروع تقنين الجرائم ضد سلم وأمن البشرية لسنة 1952م، واتفاقيات جنيف لعام 1949م، وبصفة خاصة نص المادة (50) من الاتفاقية الأولى والمادة (51) من الاتفاقية الثانية، والمادة (130) من الاتفاقية الثالثة، والمادة (147) من الاتفاقية الرابعة وأخيراً المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية() بناء على ما سبق فإنه يمكن استخلاص صور وأركان جريمة الحرب في الآتي:-
المخالفات الجسيمة لاتفاقيات جنيف وتتمثل في القتل العمد والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية بما في ذلك التجارب البيولوجية، وتعمد إحداث ألام شديدة والأضرار الخطيرة بالسلامة البدنية، وتدمير الممتلكات أو الاستيلاء عليها على نحو لا تبرره الضرورات العسكرية، وبطريقة غير مشروعة وتعسفية، وإرغام الأسير بالحرب أو المدني على الخدمة في قوات دولية معادية، وأخذ المدنيين كرهان، وترحيل أي شخص مدني أو تقييد حرية حركته بطريقة غير مشروعة، وجعل السكان المدنيين هدفاً لهجوم وقصف الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية أو أماكن العبادة ونقل أجزاء من سكان السلطة المحتلة إلى الإقليم الذي تحتله. 
الانتهاكات الجسيمة الأخرى للقوانين والأعراف المتعلقة بالحرب مثل: استخدام أسلحة سامة، أو تسبب معاناة لا ضرورة لها، والتدمير المتعمد للمدن أو البلدات والقرى أو إحداث دمار لا تبرره الضرورة العسكرية، وقتل أو جرح عدو استسلم بالكامل ونهب الممتلكات العامة والخاصة، والعقوبات الجماعية وأخذ الرهائن واستخدام العنف للاعتداء على الأشخاص حياتهم وصحتهم وسلامتهم البدنية أو العقلية وخاصة التعذيب والقتل العمد والاغتصاب وأعمال الإرهاب والسلب، واستخدام الدروع البشرية، وتجويع السكان المدنيين، وعدم نقل المعونة الإنسانية إليهم وتنفيذ عقوبات بدون محاكمات عادلة، وتعمد فصل الأطفال عن ذويهم أو المسئولين عنهم()وتفعل إسرائيل ضد الفلسطينيين ذلك.

(4) جريمة العدوان: 

مصطلح العدوان حديث نسبيا فقد كان يعرف في العصور الوسطي بالحرب غير العدالة (guerre unjust)، وصاحبه الغموض لأن الدول تفسره طبقا لرغباتها فلا تحب أن توصف أعمالها بالعدوانية، فلقد غلبت السياسة عليه، مما أدي إلي التلاعب بنظرية السلم والحرب، لذلك لم يعرف القانون الدولي التقليدي العدوان ولم يضع أي معايير لمعرفته، لأن الدول كانت تنظر للحرب علي أنها عملا مشروعا بناء علي مبدأ السيادة المطلقة.
لقد بذلت الدول جهودا عديدة لوضع حد لاستخدام القوة في العلاقات الدولية سبق بيانها، ويعتبر قرار مؤتمر السوفيت الثاني(8/11/1917م)باعتبار الحرب العدوانية حربا ضد الإنسانية بداية لتحريم العدوان، الذي سار مع تحريم الحرب جنبا إلي جنب مسيرة الإباحة المطلقة ثم التقييد ثم الحظر، ثم جاء مشروع تعريف العدوان الروسي الذي طرح في(6/2/1933م) ليمثل خطوة مهمة في تعريف جريمة العدوان.
الذي انقسم الفقه الدولي حول تعريفها لثلاثة اتجاهات، الأول وضع معيار عام دون ذكر عناصر الركن المادي للجريمة فعرفها بأنها(الجريمة ضد السلام وأمن الإنسانية)والاتجاه الثاني الذي أورد وعلي سبيل الحصر عناصر الركن المادي لجريمة العدوان، لذلك سمي بالتعريف الحصري للعدوان، والاتجاه الثالث وهو الاتجاه المختلط الذي جمع بين الاتجاهين السابقين، فقد أورد علي سبيل المثال لا الحصر بعضا من عناصر الركن المادي لجريمة العدوان. 
وإزاء ذلك وتمشيا مع ما ورد في المادة(2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، الذي حرم استخدام القوة في العلاقات الدولية، فقد بدأت الأمم المتحدة الاهتمام بوضع تعريف لجريمة العدوان خاصة بعد الحرب الكورية عام1950م، حيث تقدم الاتحاد السوفيتي بمشروع للجمعية العامة يتضمن تعريفا للعدوان مشابها للتعريف الذي اقترحه في مؤتمر نزع السلام عام 1933م، الذي أحالته إلي لجنة القانون الدولي في 17/11/1950م، وانتهت اللجنة إلي عدم رغبتها في تعريف العدوان لعدم أمكانية حصر كافة حالات العدوان، كما أن ذلك سوف يقيد سلطة أجهزة الأمم المتحدة عندما تتعرض لبحث حالات العدوان، ولم يمنع ذلك الاتحاد السوفيتي السابق عام1951م من التقدم بمشروع آخر لتعريف العدوان، وتقدمت عدة دول أخري مثل اليونان وبوليفيا، ولكن عارضت كل من الولايات المتحدة وانجلترا وضع تعريف للعدوان لاستحالة ذلك ولمنع ذلك من وقوع العدوان.
ولكن في عام1952م أعلنت الأمم المتحدة أنه من المفيد وضع معايير لتعريف العدوان لكي تسترشد به أجهزة الأمم المتحدة أثناء عملها، وطالبت الجمعية العامة الأمين العام وضع تقرير عن تعريف العدوان، وتضمن التقرير رقم(2211) الذي انتهي إلي ضرورة وضع تعريف للعدوان، وأنشأت الجمعية العامة لجنة من(15)عضو لدراسة العدوان تعريفا ومفهوما ومضمونا، وتقدمت اللجنة بعدة مشاريع لتعريف العدوان.
وفي عام 1953م تقدم الاتحاد السوفيتي السابق بمشروع جديد لتعريف العدوان تضمن تحديدا أكثر من المشاريع السابقة، وقسم المشروع العدوان إلي أربعة أنواع العدوان المباشر والعدوان غير المباشر والعدوان الاقتصادي والعدوان الفكري، ثم أورد حالات لا يجوز أن تكون مبررا للعدوان.
وفي دورة الجمعية العامة لعام (1957د/ 18) ناقشت تقرير اللجنة وظهر انقسام حاد بين الأعضاء حول حصر عناصر الركن المادي لجريمة العدوان، وانتهت إلي إحالة الموضوع للدول الأعضاء لإبداء الرأي، وفي عام1959م اجتمعت اللجنة الخاصة وقررت إرجاء تقديم تقريرها إلي 1962م لظهور خلافات بين الدول حول ماهية العدوان، وأرجأت الموضوع لعام1965م، وفي ذات العام اجتمعت اللجنة ولم تنجح في وضع تعريف للعدوان.
وفي18/12/1967م قررت الجمعية العامة بناء علي توصية اللجنة السادسة في جلساتها الثانية والعشرين بأن الحاجة أصبحت ملحة لتعريف العدوان، وشكلت الجمعية العامة لجنة مكلفة من(35) عضوا راعت في تشكليها التوزيع الجغرافي العادل، وبعد اجتماعات في أعوام(1968/1969/1970/1971/1972/1973) وفي ابريل1974 تم الاتفاق علي تعريف موحد للعدوان تبنته الجمعية العامة في القرار رقم(3314) الصادر في1974م، تكون من ديباجة طويلة وثماني مواد 
وعرف العدوان بأنه: "استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو أية صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة"، ويندرج تحت العدوان طبقاً لمفهوم الأمم المتحدة الغزو أو الهجوم على إقليم دولة أخرى أو الاحتلال العسكري لهذا الإقليم أو ضمّه أو ضمّ جزء منه) وعرف جريمة العدوان بأنها( ترتكب حينما يوجه الهجوم المسلح الذي تقوم به دولة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لدولة أخري وذلك بهدف الاحتلال العسكري أو الضم الشامل أو الجزئي لإقليم تلك الدولة().
إن أفترضنا جدلا أن إسرائيل لها وجود قانوني في فلسطين المحتلة وهي دولة طبقا لقرار التقسيم وقبولها عضوا في الأمم المتحدة، فأنها تكون بذلك قوة احتلال فيما ذلك، وتطبيقا لقرار التقسيم بوجود دولة عربية فأن ما تقوم به إسرائيل علي مناطق الغربية وغزة جريمة عدوان تطبيقا علي ما سبق ذكره من أحكام، وكل ما تقوم به من اعتداءات علي الأراضي الفلسطينية مخالف للقانون الدولي.
3 – التكييف القانوني للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية
نتناول هنا بالدراسة التكييف القانوني للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وضد الفلسطينيين في البنود التالية: 

1 - الهجمات المباشرة على المدنيين:

تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن هجمات مباشرة علي المدنيين بالضفة وغزة، مما يخالف ما
نصت عليه المادة (48) من البروتوكول الأول علي مبدأ التمييز وهو القاعدة الأساسية المتعلقة بحماية المدنيين في النـزاع المسلح الدولي وغير الدولي فقالت (تعمل أطراف النـزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجيه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان المدنيين والأهداف المدنية) ولكن الدول دائما لا تعترف بأنها تستهدف المدنيين عمداً، وعدداً قليلاً جداً من الجماعات المسلحة وحركات التحرر الوطني يعترفون بذلك، ويتم تبرير الهجمات المباشرة على المدنيين بنفي أن يكون الضحايا مدنيين، ويتم تبرير قصف المدنيين من خلال غموض التفرقة بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية، وبمبدأ الضرورة العسكرية، و يُستهدف المدنيون في معظم النـزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية فإن معظم الضحايا من المدنيين.
وقد نص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة(المادة 8 /2/ ب/أ) علي إن شن هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين بصفتهم كذلك، أو ضد الأفراد المدنيين الذين لا يشتركون في الأعمال الحربية، يعتبر جريمة حرب، علما بأن قائمة جرائم الحرب الواردة في النظام الأساسي من القانون الدولي العرفي.

2 - العمليات العسكرية ضد الأهداف المدنية:

 تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية ضد أهداف مدنية فلسطينية واضحة للعيان بأنها أهداف مدنية، فقوات الاحتلال الإسرائيلي جعلت كل ما علي الأرض في الضفة وغزة هدفا عسكريا، وقد عرفتً المادة (52/1) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م الأول الأهداف المدنية بإن (الأهداف المدنية هي جميع الأهداف التي ليست أهدافاً عسكرية) وعرفت الأهداف العسكرية في الفقرة الثانية من ذات المادة بأنها (تلك التي تساهم مساهمة فعالة في العمل العسكري، سواء كان ذلك بطبيعتها أو بموقعها أو بغايتها أو باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة).
إن الأهداف التي لا ينطبق عليها هذه المعايير تعتبر أهدافاً مدنية، وفي الحالات التي يكون فيها من غير الواضح ما إذا كان الهدف يُستخدم لأغراض عسكرية أم لا، فإنه ينبغي الافتراض بأنه هدف مدني طبقا للمادة(52/3)، كما إن التعليق المعتمد على البروتوكولين الإضافيين المبرمين في 8 يونيو/حزيران 1977 والملحقين باتفاقيات جنيف المبرمة في 12 أغسطس/آب 1949، والذي نشرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر (تعليق الصليب الأحمر) يفسر عبارة (الميزة العسكرية المؤكدة المتوقعة) بإن (شن هجوم يعطي ميـزات محتملة أو غير مؤكدة
هو أمر غير مشروع).
وكثيراً ما تُستخدم التفسيرات الفضفاضة للغاية من أجل تبرير الهجمات التي تهدف إلى إلحاق الضرر بالمؤسسات الاقتصادية للدولة ولكسر الروح المعنوية للسكان المدنيين من أجل إضعاف قدرة الطرف الآخر على القتال، إن هذه التفسيرات للميزة العسكرية تخالف مبدأ حصانة المدنيين وغيره من المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، مما يشكل تهديداً خطيراً للمدنيين، وقد أقر الدليل العسكري الألماني إنه (إذا كان إضعاف عزيمة السكان الأعداء على القتال هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة، فإنه لن تكون هناك حدود للحرب).
فقد استهدفت إسرائيل بشكل متعمد وعلى نطاق واسع المدنيين والأهداف المدنية في غزة التي ليس لها أي علاقة بالأهداف العسكرية لا من قريب أو بعيد وحتى لو قيل إن بعض هذه الأهداف تصلح كأهداف عسكرية (لأنها تخدم غرضاً مزدوجاً) فإن إسرائيل ملزمة بأن تكفل ألا تشكل مهاجمة هذه الأهداف انتهاكاً لمبدأ التناسب فالطريق الذي يمكن استخدامه للمواصلات العسكرية يظل بطبيعته هدفاً مدنياً بشكل أساسي، وينبغي أن تُقاس الفائدة العسكرية المتوقعة من تدمير الطريق بالتأثير المحتمل لهذا التدمير على المدنيين الذين يحاولون الفرار من النـزاع.
إن لتدمير البنية التحتية نتائج مدمرة على السكان المدنيين، وذلك يبين أن حملة القصف غير متناسبة، كما أنها تنطق بصوت عال بأن إسرائيل انتهكت مبدأ حظر ضرب الأهداف التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، فإنه يتعين على إسرائيل أن تتخذ الاحتياطيات اللازمة عند مهاجمتها وأن تختار الطريقة الأقل إضراراً بالمدنيين، إن شن هجمات متعمدة على الأهداف المدنية جريمة حرب طبقا للمادة(8/2/ ب/ii) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

3 - الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة: 

كل عمليات قوات الاحتلال الإسرائيلي عشوائية وغير متناسبة مما يخالف القانون الدولي الإنساني فقد نصت المادة(51/4) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م على حظر الهجمات العشوائية فأوردت(تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن أن توجه إلى هدف عسكري محدد، وتلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا البروتوكول) لذلك فأن الهجمات العشوائية بطبيعتها تصيب الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأهداف المدنية من دون تمييز، وتحدد المادة (51/5) نوعاً آخر من الهجمات العشوائية وهو(الهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات في صفوفهم أو أضراراً بالأهداف المدنية أو مزيجاً من هذه الخسائر والأضرار، يفرط في تجاوز ما يُنتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة).
وتقع الهجمات غير المتناسبة والهجمات العشوائية عموماً عندما تنهك القوات المسلحة مبدأ التمييز، وتهاجم هدفاً عسكرياً دون الاكتراث بالعواقب المحتملة على المدنيين، باستخدم سلاحاً غير قادر على إصابة الهدف العسكري بدقة إما لطبيعته أو نتيجة للظروف التي استُخدم فيها وقد تظهر تكتيكاتها العسكرية أو أسلوب الهجوم الاستهانة بارواح المدنيين.
إن شن هجوم غير متناسب بشكل متعمد يعتبر جريمة حرب بموجب المادة(8/2/ ب/ 17) وشن هجوم عشوائي يسفر عن خسائر في الأرواح أو إصابات بجروح للمدنيين أو أضرار في الأهداف المدنية يعتبر جريمة حرب(). 

4 - الاحتياطيات أثناء الهجوم:

 لا تأخذ قوات الاحتلال الإسرائيلي الاحتياطيات الواجبة التي فرضها القانون عليها، فقد نصت المادة(57) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م علي أنه(يجب أن تُبذل رعاية متواصلة في إدارة العمليات العسكرية من أجل المحافظة على السكان المدنيين والأشخاص المدنيين والأهداف المدنية) وفي حالة عدم وضوح ما إذا كان الهدف يُستخدم لأغراض عسكرية أم لا، (ينبغي الافتراض بأنه غير مستخدم لتلك الأغراض) طبقا للمادة (35/2) منه، وقد نصت المادة(57/2) علي التدابير الاحتياطية االتالية(تُتخذ الاحتياطيات التالية فيما يتعلق بالهجوم: أ) يجب على من يخطط لهجوم أو يتخذ قراراً بشأنه:
(i) أن يبذل ما في طاقته عملياً للتحقق من أن الأهداف المقرر مهاجمتها ليست أشخاصاً مدنيين أو أهدافاً مدنية، وأنها غير مشمولة بحماية خاصة، ولكنها أهداف عسكرية في منطوق الفقرة الثانية من المادة (52)، ومن أنه غير محظور مهاجمتها بمقتضى أحكام هذا البروتوكول.
(ii) أن يتخذ جميع الاحتياطيات المستطاعة عند اختيار وسائل وأساليب الهجوم من أجل تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين، أو إلحاق الإصابات بهم أو الإضرار بالأهداف المدنية، بصفة عرضية، وحصر ذلك في أضيق نطاق على أي الأحوال.
(iii) أن يمتنع عن اتخاذ قرار بشن أي هجوم قد يتوقع منه بصفة عرضية أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم، أو الإضرار بالأهداف المدنية، أو أن يحدث مزيجاً من هذه الخسائر والأضرار، مما يفرط في تجاوز ما يُنتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
ب) يُلغى أو يُعلَّق أي هجوم إذا تبين أن الهدف ليس هدفاً عسكرياً أو أنه مشمول بحماية خاصة، أو أن الهجوم قد يتوقع منه أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم أو الإضرار بالأهداف المدنية أو أن يحدث مزيجاً من هذه الخسائر والأضرار، بصفة عرضية، تفرط في تجاوز ما يُنتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
ج) يوجَّه إنذار مسبق وبوسائل مجدية في حالة الهجمات التي قد تمس السكان المدنيين، وما لم تحل الظروف دون ذلك).
وقد هاجمت إسرائيل مواقع ادَّعت أنها استُخدمت لإطلاق صواريخ عليها أسفرت عن وفاة العديد من المدنيين، وحتى لو تحققت إسرائيل من أن الصواريخ قد أُطلقت من موقع محدد، فإنها يجب أن تتخذ الاحتياطيات الضرورية قبل شن الهجوم، وما إذا كان الهدف قد بقي ذا صفة عسكرية، فإذا أُطلق صاروخ من على سطح أحد منازل المدنيين، ثم غادر قاذف الصاروخ والمقاتلون المكان، فإنه لا يجوز اعتبار هذا المنـزل هدفاً عسكرياً، ويجب التأكد عما إذا كان المدنيون بالقرب من الهدف، وضمان ألا يكون الهجوم غير متناسب في حالة الهجوم. 

5 - عدم السماح بوصول المساعدات الإنسانية وحظر التجويع: 

تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بفرض حصار ظالم علي الأراضي الفلسطينية بالسيطرة الغير المشروعة علي المعابر وتمنع دخول المساعدات الإنسانية لهم مما يخالف القانون الدولي تحت مزاعم ودعاوى أمنية مزيفة، فقد نصت المادة(54/ 1/ 2) من البروتوكول الإضافي الأول لعام1977م علي حظر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، كما يُحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأهداف والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ويتعين على أطراف النـزاع أن تسمح وتسهِّل المرور السريع وبدون عراقيل للإغاثة الإنسانية المحايدة طبقا للمادة (70 )منه كما يتعين عليها احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية ووسائل مواصلاتهم طبقا للمادتين(15و21) منه.
تفرض إسرائيل حصاراً بحرياً وجوياً على الأراضي الفلسطينية مما أدي إلي تردي الأوضاع الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون يوماً بعد يوم، وأدى عدم تزويد غزة بالوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية وغيرها إلي إظلام غزة وتوقف الحياة شبة الكامل وحرمان المستشفيات والمستوصفات وغيرها من المرافق الطبية من عمل المعدات الطبية الضرورية، كما أن عربات الإسعاف وطواقم الإنقاذ تعرضت للهجوم من قبل القوات الإسرائيلية، بينما كانت تحاول الوصول إلى ضحايا القصف، ومع أن عمليات الحصار غير محظورة بحد ذاتها، فإنها ينبغي أن تلتزم بحق السكان المدنيين الذين يحتاجون إلى تلقي الإغاثة الإنسانية، كما تنص على ذلك اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الأول.
إن استخدام تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب عن طريق حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك إعاقة وصول مواد الإغاثة بشكل متعمد، يعتبر جريمة حرب طبقا للمادة (8/2 /ب/xxv) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما أن توجيه الهجمات بشكل متعمد ضد موظفي هيئات الخدمات الإنسانية أو منشآتها أو موادها أو وحداتها أو مركباتها يعتبر جريمة حرب طبقا للمادة (8/ 2 /ب/iii) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك فإن جعل أفراد الهيئات الطبية والدينية أو الوحدات الطبية أو وسائط النقل الطبية هدفاً للهجوم يعتبر جريمة حرب طبقا للمادة (8/ 2 /ب/ xxiv) منه، بيد أن البروتوكول يوضح أنه حتى لو قام أحد الطرفين بالاحتماء خلف المدنيين، فإن مثل هذا الانتهاك للقانون الدولي (يجب ألا يعفي أطراف النـزاع من التزاماته القانونية فيما يتعلق بالسكان المدنيين والأشخاص المدنيين) وعلاوة على ذلك، فإن المادة (50/3) من البروتوكول الأول تنص على أنه(لا يُجرد السكان المدنيون من صفتهم هذه بسبب وجود أفراد بينهم لا ينطبق عليهم تعريف المدنيين).
إن استخدام وجود شخص مدني أو غيره من الأشخاص المحميين من أجل حماية نقاط أو مناطق أو قوات عسكرية من العمليات العسكرية يعتبر جريمة حرب (القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة(8/2//ب/xxiii).

6 - حظر استخدام الأسلحة العشوائية:

 تحظر المادة (51/4) من البروتوكول الأول الهجمات العشوائية، بما فيها(تلك التي تستخدم أسلوباً أو وسيلة للقتال، لا يمكن توجيهه إلى هدف عسكري محدد، والهجمات التي لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا
البروتوكول) مما يعني أنه في كلتا الحالتين أن الهجمات السالفة من شأنها أن تصيب أهدافاً عسكرية ومدنيين أو أهدافاً مدنية من دون تمييز تعتبر جريمة حرب، وكافة هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلية من هذا النوع، لذلك فهي جرائم حرب.
ويمكن تعريف السلاح العشوائي بأنه السلاح الذي له آثار لا تميز إما بسبب خصائصه المتأصلة فيه أو بسبب طريقة استخدامه، أو بسبب كليهما، وحيثما تُظهر الأدلة أن سلاحاً ما ينطوي على احتمال كبير بأن تكون له آثار عشوائية، لسبب ما أو لعدة أسباب مجتمعة، فإن حظر هذا السلاح ربما يمثل الطريقة الأكثر فعالية لمنع وقوع مثل هذه الآثار العشوائية.

7- الأسلحة العنقودية:

 تصبح القنابل أو القذائف العنقودية بعد إلقاءها عشرات القنيبلات أو الذخائر الصغيرة على مساحة واسعة بحجم ملعب أو ملعبي كرة قدم، ويمكن إسقاطها من الطائرات أو إطلاقها من المدفعية أو قاذفات الصواريخ، وهناك بين (5% إلي 20%) من القنابل العنقودية لا تنفجر، وذلك يعتمد على نوع الذخائر الصغيرة المستخدمة فيها، و تُترك هذه النسبة كبقايا متفجرة للحروب، وتشكل تهديداً للمدنيين شبيهاً بالتهديد الذي تمثله الألغام الأرضية المضادة للأفراد، مما يجعلها من الأسلحة المحرمة دوليا، وتستخدم قوات الاحتلال الإسرائيلية هذا النوع من السلاح في معظم هجماتها علي الأراضي الفلسطينية مما يشكل جريمة حرب.

8- الأسلحة التي تستخدم اليورانيوم المستنفد:

 تستخدم قوات الاحتلال الإسرائيلية اليورانيوم المستنفد هو معدن ثقيل سام كيميائياً ومشع، يُستخدم بشكل خاص في الذخيرة الخارقة للدروع، كما أن الأسلحة التي تستخدم اليورانيوم المستنفد أكثر كثافة من الأسلحة التقليدية، بمعنى أنها تستطيع اختراق الدروع القوية بسهولة أكبر؛ فهي تشتعل عند الارتطام وتولد غباراً مشعاً، و لا يزال تأثيرها موضوعاً للجدل المتعلق بالسلامة. وشأنه شأن المعادن الثقيلة، فإن اليورانيوم المستنفد سام ويشكل خطراً على الصحة بغض النظر عن إشعاع البقايا، لذلك فهو محرم دوليا، مما يشكل انتهاكا خطيرا لقانون الحرب.

9- الأسلحة الأخرى:

 بالإضافة إلى حظر استخدام الأسلحة ذات الطبيعة العشوائية، فإن القانون الإنساني الدولي يحظر الأسلحة التي تسبب إصابات أو معاناة لا مبرر لها كأسلحة الليزر التي تسبب العمى كما أن المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي تنظِّم استخدام الأسلحة الأخرى، وينبغي ألا تستخدم هذه الأسلحة لاستهداف المدنيين ولا في الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة.
وينص البروتوكول الثالث بشأن حظر أو تقييد استعمال الأسلحة المحرقة وهو بروتوكول إضافي لاتفاقية الأمم المتحدة للعام 1980 بشأن حظر وتقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة على حظر استخدام مثل هذه الأسلحة ضد المدنيين، كما يحظر جعل أي هدف عسكري موجود داخل تجمعات المدنيين هدفاً للهجوم بالأسلحة المحرقة، ويُذكر أن إسرائيل ليست دولة طرفاً في البروتوكول الثالث بشأن حظر وتقييد استعمال الأسلحة المحرقة، ولكنها ملزمة بما سبق بيانه من محظورات تتضمن في داخلها تحريم استخدام هذه الأسلحة.
وتستخدم قوات الاحتلال الإسرائيلية القنابل الفراغية وهي نوع من الأسلحة الحرارية المعروفة أيضاً باسم متفجرات هواء الوقود، وهذا النوع من السلاح يولد سحابة من الغازات الخفيفة في المنطقة المستهدفة، ثم يتم إشعالها فتشكِّل كرة نارية تفرِّغ الهواء من الجو وتُحدث تأثيرات مميتة، من قبيل الإصابة بحروق شديدة وتعطيل الرئتين، على الأشخاص الموجودين في المنطقة المستهدفة، وهذه الأسلحة، شأنها شأن جميع أسلحة الحرب الحديثة، تشكل خطراً على المدنيين ويمكن استخدامها في الهجمات العشوائية وغيرها من الهجمات غير القانونية، إن إمكانياتها التدميرية الهائلة تثير بواعث القلق من لأنها تسفر قتل عشوائي، لذلك فاستخدامها جريمة حرب. 

10- أسرى الحرب:

تحدد اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949م بشأن معاملة أسرى الحرب من هو الشخص المؤهل للتمتع بصفة أسير حرب، وتتضمن أحكاماً تفصيلية بشأن المعاملة التي ينبغي أن يحظى بها أسرى الحرب، ووفقاً للمادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة، فإن أسرى الحرب هم "الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات التالية ويقعون في قبضة العدو: 
أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النـزاع والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءاً من هذه القوات المسلحة.
2- أفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة الذين ينتمون إلى أحد أطراف النـزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً، على أن تتوفر الشروط التالية في هذه المليشيات أو الوحدات المتطوعة، بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة:
‌أ- أن يقودها شخص مسئول عن مرؤوسيه؛
‌ب- أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بُعد؛
‌ج- أن تحمل الأسلحة جهراً؛
‌د- أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وأعرافها.
3- أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة...)
وتنص المادة الخامسة من الاتفاقية السالفة على ما يلي (في حالة وجود أي شك بشأن انتماء أشخاص قاموا بعمل حربي وسقطوا في يد العدو إلى إحدى الفئات المبينة في المادة الرابعة، فإن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بالحماية التي تكفلها هذه الاتفاقية لحين البت في وضعهم بواسطة محكمة مختصة).
وفيما يتعلق بمعاملة أسرى الحرب، فإن المادة(13) منها تنص على أنه (يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات) وبموجب المادة(14) منها فإن (لأسرى الحرب الحق في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع الأحوال) وبموجب المادتين(22 و 23 )من هذه الاتفاقية، فإنه لا يجوز في أي وقت إرسال أي أسير حرب إلى منطقة قد يتعرض فيها لنيران منطقة القتال؛ واحتجازه فيها، أو استغلال وجوده لجعل بعض المواقع أو المناطق في مأمن من العمليات الحربية.
وبهذه الصفة يجب أن يُعاملوا جميعاً معاملة إنسانية، ويجب ألا يُحتجزوا كرهائن، كما ينبغي أن يُسمح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم بلا تأخير.
إن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية جريمة حرب طبقا للمادة (8/2/ أ/ii) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ) واحتجاز الرهائن هو جريمة حرب طبقا للمادة (8/2/ أ/viii) كما أن قتل أو جرح المقاتل الذي استسلم، أو أصبح عاجزاً عن القتال، يعتبر جريمة حرب طبقا للمادة ( 8/2/ /ب/ vi) من النظام الأساسي.
وقد انتهينا سابقا إلي أن فصائل المقاومة الفلسطينية تعتبر حركات تحرر وطني في القانون الدولي لذلك فكل الأسري في السجون الإسرائيلية هم أسري حرب تنطبق عليهم الأحكام السالفة، ويعتبر عدم تطبيقها جريمة حرب. 

11- لا إفلات من العقاب:

 وضع القانون الدولي الإنساني عدة ضمانات لعدم إفلات مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، فنصت المادة(86) من البروتوكول الأول (تعمل الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النـزاع على قمع الانتهاكات الجسيمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع كافة الانتهاكات الأخرى لاتفاقيات جنيف ولهذا البروتوكول، التي تنجم عن التقصير في أداء عمل واجب الأداء).
وتوضح المادة(91) أنه يُطلب من (طرف النـزاع الذي ينتهك أحكام الاتفاقيات أو هذا البروتوكول، دفع تعويضات، إذا اقتضت الحال، ويكون مسئولا عن كافة الأعمال التي يقترفها الأشخاص الذين يشكلون جزءاً من قواته المسلحة) ويتحمل الأفراد، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، وبغض النظر عن رتبهم، المسؤولية الجنائية عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي. كما أن القادة يتحملون المسؤولية عن أفعال مرؤوسيهم. وبحسب النص الحرفي للمادة (86/2) فإنه لا يُعفي قيام أي مرؤوس بانتهاك الاتفاقيات أو هذا البروتوكول رؤساءه من المسؤولية الجنائية أو التأديبية، حسب الأحوال، إذا علموا، أو كانت لديهم معلومات تتيح لهم في تلك الظروف أن يخلصوا إلى أنه كان يرتكب، أو أنه في سبيله لارتكاب مثل هذا الانتهاك، ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من إجراءات مستطاعة لمنع أو قمع هذا الانتهاك).
ولا يجوز التذرع بالأوامر العليا للدفاع عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي، مع أنه يمكن أخذها بعين الاعتبار في تخفيف العقوبة، وقد تم الاعتراف بهذا المبدأ منذ محاكمات نورمبرج بعد الحرب العالمية الثانية، وحاليا جزء من القانون العرفي الدولي وتوجد عدة آليات ممكنة للتحقيق في انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ترتكب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية منها اللجنة الإنسانية الدولية لتقصي الحقائق.
يجب أن تلتزم جميع أطراف النـزاع بطلب خدمات اللجنة الإنسانية الدولية لتقصي الحقائق، التي أُنشأت بموجب المادة(90) من البروتوكول الأول للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة المزعومة لاتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول، إن عملية التحقيق الذي تقوم بها اللجنة الإنسانية الدولية لتقصي الحقائق ضروريا للتأكد من أنه تم التوصل إلى الحقائق بصورة محايدة وموثوق بها، ولتقديم توصيات مناسبة لمتابعة العمل، كما يمكن أن يكون بمثابة رادع لارتكاب مزيد من الانتهاكات على أيدي أطراف النـزاع، ويجوز للجنة الإنسانية الدولية لتقصي الحقائق أن تقرر بحسب ما يكون ذلك ملائماً، الطلب من مجلس الأمن إحالة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
وكي تستفيد الدول من خدمات اللجنة، ينبغي أن تصادق على البروتوكول الأول وأن تصدر إعلاناً بموجب المادة(90 /2/أ) التي تنص على أن الدول الأطراف في البروتوكول (يجوز لها، لدى التوقيع أو التصديق أو الانضمام إلى البروتوكول، أو في أي وقت آخر لاحق، أن تعلن أنها تعترف اعترافاً واقعياً ودون اتفاق خاص، فيما يتعلق بأي طرف سام متعاقد يقبل الالتزام نفسه، باختصاص اللجنة بالتحقيق في ادعاءات مثل هذا الطرف الآخر وفقاً لما تجيزه هذه المادة).
ولكن الدول التي لم تصادق على البروتوكول الأول يمكنها أن تعلن استعدادها للاستفادة من خدمات اللجنة وفقاً لما تنص عليه المادة(90/2/د) التي توضح أن (اللجنة لا تجري تحقيقاً في الحالات الأخرى لدى تقدم أحد أطراف النـزاع بطلب ذلك، إلا بموافقة الطرف الآخر المعني أو الأطراف الأخرى المعنية) وتتألف اللجنة الإنسانية الدولية لتقصي الحقائق من خبراء قانونيين وعسكريين وقضاة وأطباء من جميع مناطق العالم، وتتولى الحكومة السويسرية عمل أمانة اللجنة بصفتها الدولة التي أُودعت لديها اتفاقيات جنيف والبروتوكولان الملحقان بها، ولكن هذه المادة اشترطت موافقة كافة الأطراف مما يعني استحالة تكوين اللجنة بالنسبة لما يجري في الأراضي الفلسطينية لأن إسرائيل لن توافق علي ذلك.
من جانب المحكمة الجنائية الدولية: لم تصادق إسرائيل ولا السلطة الفلسطينية على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولا تدخل الأوضاع في فلسطين ضمن الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، ما لم يقوم مجلس الأمن بإحالتها إلى المحكمة وفقاً للمادة (13/ب) من نظام المحكمة الأساسي، ويمكن لإسرائيل والسلطة الفلسطينية الاعتراف بالولاية القضائية للمحكمة بإصدار إعلان بموجب المادة (12/3) من قانون المحكمة.
ولم توقع إسرائيل وأمريكا علي هذه الاتفاقية اصرتا علي عدم الاعتراف بالتوصيف النهائي للجرائم التي يمكن اتهام الدول بالقيام بها خاصة جرائم مثل الاستيطان في ارض الغير وإبعاد أهل البلاد عن الأماكن التي عاشوا فيها سنوات طويلة هم وأهاليهم، ووفقا للمادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة يعد إبعاد السكان أو نقلهم قسريا متي تم بطريقة متكررة ومتتابعة ومنظمة أو علي نحو واسع النطاق جريمة ضد الإنسانية، ويشكل انتهاكا واضحا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 إذا ارتكبت ضد الأشخاص المدنيين الذين تحميهم هذه الاتفاقية.
كما يعني الاستيطان وفق هذه المادة ووفقا للأعراف الدولية ومبادئ القانون الدولي قيام دولة الاحتلال علي نحو مباشر أو غير مباشر بنقل بعض من سكانها المدنيين إلي أماكن أخري غير تلك التي درجوا علي العيش فوقها وتشير المادة نفسها إلي ضرورة حماية الممتلكات الثقافية والدينية للقطر المحتل وذلك اتفاقا مع ما جاء في هذه الاتفاقية واتفاقية لاهاي لعام1954م حيث حرمت الإتيان بأي إعمال عدوانية ضد هذه المباني حتى في فترات النزاع المسلح، ومن المعروف أن الحماية التي توفرها هذه الاتفاقيات للممتلكات الثقافية المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو الآثار التاريخية أنما ترجع إلي كونها تراثا إنسانيا يجب الحفاظ عليه بكل السبل إلي جانب العمل علي وقايته ضد عوامل التدمير والتلف.

الجرائم التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية تعتبر جرائم ضد الإنسانية 

 فقائمة الممارسات التي قامت بها إسرائيل وتصنف كجرائم ضد الإنسانية طويلة تبدأ ما قبل وجود هذا الكيان وما زالت متواصلة، وأكبر جريمة ضد الإنسانية هي قيام هذا الكيان الاستعماري الاستيطاني على حساب شعب آخر، فقد طردت العصابات الصهيونية خلال حرب 1948 ما يزيد على سبعمائة ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم إلى خارج فلسطين وما زالوا يعيشون كلاجئين في أرض الشتات وداخل بلدانهم وهذه جريمة ضد الإنسانية فهي تجمع ما بين جريمة العقاب الجماعي وجريمة الإبعاد وجريمة الإبادة الجماعية، كما أن تدمير إسرائيل لأكثر من أربعمائة قرية عربية ومحوها من الوجود هي جريمة ضد الإنسانية أيضاً، استيلاء دولة إسرائيل بعد قيامها على ممتلكات الفلسطينيين العرب هي جريمة ضد الإنسانية، ناهيك عن الممارسات الأخرى التي تعد جرائم ضد الإنسانية كالاعتقال الجماعي والتعذيب وتدمير المستشفيات وحصار وتجويع الشعب الفلسطيني والاغتيالات السياسية  ولا زال مسلسل الجرائم ضد الإنسانية متواصلاً. 
من هنا نقرر باتفاق غالبية الآراء الفقهية مسئولية إسرائيل المباشرة عما جري ولازال يجري لمدينة القدس ماديا ومعنويا، فضلا عن باقي الجرائم التي لم يتسع لها المقام، وهذه الأفعال مدانة ومجَرّمة سواء قام بها مدنيون أو عسكريون وسواء جرت بطريق السهو أو عدم التقدير أو الجهل أو بطريق الخطأ، كما أن عدم توقيع إسرائيل علي اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية لا يسقط عنها مسئولية هذه الأعمال الجنائية لأنها أفعال مجرمة في ضوء بنود الاتفاقيات الدولية والقانون والعرف الدوليين وهو ما يعرف دوليا بمصطلح الاتفاق التعاهدي، خاصة أن مثل هذه الجرائم الدولية لا تسقط بالتقادم، مما يدل علي وجود تناقض بين مواد النظام الأساسي الذي صرح بأن يختص بالجرائم التي تقع بعد إقراره.
وطبقا لهذه القواعد يظل مقترفو هذه الجرائم أو من يمثلهم مطلوب محاكمتهم وفقا لقواعد القانون الدولي مهما طال الزمن، بل ويحق لأي دولة معاقبتهم متي وجدوا علي أرضها، بغض النظر عن مكان ارتكاب هذه الجرائم أو جنسية من قاموا بها أو ضحاياها، علما بأن إسرائيل استندت إلي ذلك عندما اختطفت أيخمن وقدمته للمحاكمة وحكمت عليه بالإعدام عام 1962م، وقررت محكمتها في ذلك الوقت أن تحت يدها التبرير الكامل لوصف ما قام به المتهم والنظام الذي كان يعمل لخدمته لفترة محددة من جرائم ضد الإنسانية خاصة ما يوصف بأنه ابادة وتشريد للمدنيين من اليهود الأبرياء.
الأساس القانوني لمسئولية إسرائيل الدولية: يترتب على إسرائيل بموجب قواعد المسئولية الدولية بنوعيها بصفتها قوة احتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 فالمسئولية المدنية بالتعويض عن كافة الأضرار الناجمة عن عدوانها المستمر، والمسئولية الجنائية بمحاكمة الأشخاص المسئولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من قادتها وأفراد قواتها المسلحة والمستوطنين.
فأساس المسئولية الدولية بنوعيها لإسرائيل عدم التزامها بقرار التقسيم رقم (181) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29نوفمبر1947، وهو الأساس القانوني الذي استندت إليه لإعلان قيامها في 15مايو1948، علما بأنه باطل في حق الشعب في حق الشعب الفلسطيني لصدوره من طرف لا يملك الحق في السيادة على فلسطين وهى الأمم المتحدة، ولما سبق من بيانه من أسباب، ومع ذلك يبقى القرار سندًا أساسيًا لإقرار المسئولية الدولية.
ولقد سبق أن بينا أن الأراضي الفلسطينية أراضي محتلة بما يني معه أن إسرائيل قوة احتلال في تلك الأراضي، وبالتالي تنطبق عليها اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907، وتنص المادة الثانية المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع على انطباق الاتفاقيات على جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي حتى لو لم يواجه الاحتلال مقاومة مسلحة أو لم تكن إحدى دول النزاع طرفًا في الاتفاقيات، فالأراضي الفلسطينية تخضع لاحتلال كلي في جميع مدن الضفة الغربية وغزة مما يؤكد انطباق اتفاقيات جنيف الأربع عليها حتى لو لم تكن فلسطين طرفًا فيها وخاصةً اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب.
وأكدت العديد من قرارات مجلس الأمن على انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية باعتبارها أراض محتلة ومنها القرار رقم (237) الصادر في 14يونيو1967(2)، والقرار رقم (271) بتاريخ 15سبتمبر1969، القرار رقم (1322) الصادر في 7أكتوبر2000، ومن أكثر القرارات أهمية القرار رقم (43/58) بتاريخ 6ديسمبر1988 والذي نص على أن ( الجمعية العامة تدين استمرار إسرائيل وتماديها في انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب وخاصةً الانتهاكات التي تصفها الاتفاقية بأنها حالات خرق خطيرة لأحكامها، وتعلن مرة أخر أن ما ترتكبه إسرائيل من حالات خرق خطيرة لأحكام تلك الاتفاقية، هي جرائم حرب و إهانة للإنسانية ) 
وبثبوت انطباق اتفاقيتي لاهاي الرابعة الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، وجنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، وجميع المواثيق الدولية كالبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تنطبق على إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال نظام المسئولية الجنائية الدولية باعتبارها المسئولة عن جرائم الحرب التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، فالمسئولية الجنائية الفردية التي أقرتها المادة (227) من معاهدة فرساي لعام 1919، وأرستها كمبدأ من مبادئ القانون الدولي محكمتا نورمبرج وطوكيو وطبقتها عمليًا بحق مجرمي الحرب الألمان واليابانيين هي نفسها ما يّستند عليها كسوابق قضائية لإدانة الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع دوليًا لجرائمه المستمرة بحق الشعب الفلسطيني. 
فجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي حوكم بموجبها مجرمو الحرب في نورمبرج وطوكيو هي نفس الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والتي تستوجب محاكمة القادة والمسئولين الإسرائيليين لمسئوليتهم الجنائية الفردية عن الجرائم التي يمارسونها، إلى جانب المسئولية المدنية الدولية لإسرائيل بالتعويض عن كافة الأضرار الناجمة عن أعمال العدوان وقد نصت ديباجة اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية على إلزام من يخل بأحكام الاتفاقية بالتعويض باعتباره مسئولاً عن جميع الأعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قوته المسلحة. 
تثور المسئولية الدولية لإسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني بموجب العديد من المواثيق والاتفاقيات والقرارات الدولية ومن أهمها ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الأول، واتفاقية مع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، واتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، ومبادئ نورمبرج التي صاغتها لجنة القانون الدولي، ومبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وكذلك العديد من قرارات الشرعية الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، التي طالما انتهكتها إسرائيل في تحد سافر للشرعية الدولية ومن أهمها القرار (242) الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967م، والقرار (194) الخاص بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا قسرًا عن أراضيهم بعد حربي 1948 و 1967، وكذلك القرار (3314) الخاص بتعريف العدوان.
لقد حاولت إسرائيل أن تتهرب من المسؤولية بالزعم أن اتفاقية جنيف لا تنطبق على الضفة الغربية وغزة وبالتالي فإن المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تؤكد على أن الانتهاكات الخطيرة لاتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة المدنيين في المناطق المحتلة تعتبر جرائم حرب، وبالتالي فإن الممارسات الإسرائيلية في الضفة وغزة هي خارج نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن ذلك لم يصمد أمام الجج والأسانيد القانونية القوية السابقة.

4 – كيفية محاكمة قادة إسرائيل في القانون الدولي

ترتيبا علي ما سبق بيانه من توافر المسئولية الدولية بشقيها المدني بالتعويض المالي وإعادة الحال إلي ما كان عليه قبل الاحتلال والعدوان والجنائي في بمحاكمة قادتها وأفراد قواتها العسكرية وكل شخص فيها أرتكب الجرائم الجسيمة التي سبق بيانها أو أشترك أو حرض عليها أمام المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة جنائية دولية خاصة تنشأ لهذا الغرض أو ومحكمة وطنية.
نبين هنا كيفية ممارسة هذا الحق سواء عن طريق الشعب الفلسطيني حكومة وشعبا ومنظمات وفصائل مقاومة، أو أحدي الدول العربية أو غيرها من الدول، أي بيان الآلية التي يمكن عن طريقها الوصول إلي هذا الهدف السامي الذي ترنو إليه وتحلم به كل محب للسلام والأمن الدوليين وكل مناضل في حقل حقوق الإنسان في كل رجا من أرجاء الأرض. 
قبل بيان ذلك نذكر هنا الأسباب التي تعرقل الوصول إلي هذا الهدف وهي:
1 – عدم توافر الرغبة والإرادة الحقيقية فيمن يملكون استخدام هذا الحق قانونا.
2 – التواطأ العالمي والإقليمي والمحلي علي عدم استعمال هذا الحق من الدول والمنظمات الدولية وعلي رأسها الأمم المتحدة.
3 – الضغوط الدولية علي من يملكون هذا الحق التي وصلت للتهديد العسكري.
4 – النفوذ الصهيوني الهائل علي المستوي الدولي وخاصة في وسائل الإعلام العالمية التي تظهر جرائم إسرائيل بأنها دفاع شرعي ضد الإرهاب الفلسطيني. 
يوجد في القانون الدولي عدة آليات يمكن بواسطتها محاكمة قادة وأفراد قوات الاحتلال الإسرائيلية عما ارتكبته وترتكبه من جرائم في الأراضي الفلسطينية وبعض الدول المجاورة، وتتمثل هذه الآليات في الآتي: 
- الوسيلة الأولي: بموجب الاختصاص القضائي العالمي: ونصت عليه العديد من الاتفاقيات الدولية أهمها اتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول، وبناء عليها أصدرت بعض الدول قانونا يسمح لها بمحاكمة كل من ارتكب جريمة من الجرائم الدولية، فقد صدور قانون في بلجيكا عام 1993 يسمح بمحاكمة كل مشبوه بارتكاب جرائم حرب سواء ارتكبت في بلجيكا أو خارجها حتى لو لم يكن بلجيكيا، وبموجبه جرت محاكمة أربعة من كبار العسكريين السابقين في رواندا، ورفعت دعوى ضد رئيس ساحل العاج، وفي عام 2001رفعت دعوى ضد شارون من الناجين من مجزرة مخيم صبرا وشاتيلا سبتمبر 1982 أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان. 
وسبق لمحكمة بريطانية أن أصدرت أمراً بإلقاء القبض على الجنرال دورون ألموغ القائد السابق للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي بعد أن رفع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان دعوى قضائية ضده لارتكابه جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة، مستندة إلى دور ألموغ في المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حي " الدرج " بمدينة غزة بتاريخ 15-7-2002، والتي قتل فيها 15 فلسطينياً، من بينهم تسعة أطفال(). 
وفي 24/2/2008م ببروكسل، عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي، حكمت "محكمة الضمير العالمية" على "إسرائيل" بارتكاب جرائم العدوان والحرب والإبادة وجرائم ضد الإنسانية، هي المرة الأولى في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني يكسب العرب في محكمةٍ عالمية ليس للدول، لاسيما الدول الكبرى، علاقة بها أو تأثير عليها، وجاءت الدعوة إلى إنشاء هذه المحكمة من للدكتورة ليلى غانم، رئيسة تحرير مجلة "بدائل" الإيكولوجية بباريس في مؤتمر علماء الاجتماع في دربن بجنوب إفريقيا في 2006م، وقد استجاب للفكرة عدد من علماء الاجتماع المشاركين، ثم تبناها عدد من نواب المجلس الأوروبي وأساتذة الجامعات ورهط من العاملين في الحقل العام في أوروبا وأمريكا والعالم العربي والإسلامي.
وكونوا هيئة لدعم مبادرة محكمة الضمير العالمية وضعت مخططاً لعقد جلسات المحكمة في بروكسل في 22 و23 و24 فبراير/شباط 2008م، وقد شاركت وفود من بلدان العالم في حضور جلسات المحاكمة، وهيئة المحكمة تكونت من خمسة قضاة عالميين يمثل كل منهم رمزياً إحدى قارات العالم الخمس، 
مع أن المحكمة نتاج المجتمع المدني العالمي ولا صلة تنظيمية لها بالأمم المتحدة، لكن محاضر محاكماتها وحكمها سوف ترسل إلى المنظمة الدولية وسيكون لها تأثير في أنشطة هذه الأخيرة، كما في المحاكم الأوروبية التي سوف يرجع إليها ضحايا العدوان الإسرائيلي الذين يحملون جنسيات أوروبية().
أما الدفاع فمثّلته جمعية بلجيكية كانت قد دافعت سابقاً عن شارون بواسطة محاميها أما ملف الدعوى القانونية فتضمن اتهام إسرائيل بـ: جريمة الحرب، الجريمة ضد الإنسانية، جريمة الإبادة الجماعية، إضافة إلى جريمة العدوان وجريمة إرهاب الدولة والجرائم ضد حقوق الإنسان.
أن المحاكمات في بروكسل شكّلت مادة غنية لأهل القانون والسياسة والإعلام لاستعمالها ضد "إسرائيل" ومنتهكي حقوق الإنسان في كل أرجاء العالم، وأهم فقرات ذلك الحكم التاريخي أنه دمغ إسرائيل بجريمة العدوان، وهي المرة الأولى في تاريخ المحاكم الدولية والأهلية التي يُعتبر فيها العدوان جريمة وأدانها بارتكابها جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة، وهي جريمة لم يسبق لأي محكمة دولية أو أهلية أن دانت أية جهة حكومية بها.
واستمعت المحكمة إلى شهادات تسعة شهود لبنانيين من المتضررين بينهم رئيس بلدية ومسعف في الدفاع المدني وطبيب، وكذلك استمعت المحكمة إلى شهادات خمسة اختصاصيين وخبراء لبنانيين مرموقين وبعض الخبراء متعددي الاختصاصات من ايطاليا وبريطانيا وكندا وفرنسا وحكم محكمة الضمير العالمية سيكون خطوة مهمة في هذا السبيل يستفيد منه اللبنانيون المتضررون الذين سيقاضون "إسرائيل" أمام المحاكم الأوروبية للحصول على تعويضات لقاء الأضرار التي لحقت بهم.
وهناك العديد من العقبات اعترضت عمل المحكمة منها منع السلطات المصرية القاضي المصري عضو هيئة المحكمة من مغادرة الأراضي المصرية لمنعه من المشاركة في جلسات المحكمة، ونقل مقر المحكمة من مدرج جامعي في إحدى جامعات بروكسل إلى حيّ صغير في العاصمة وقبول السلطات البلجيكية تأشيرة واحدة من أصل 29 طلباً للشهود والضحايا، فضلاً عن امتناع وسائل الإعلام البلجيكية عن الحضور ومواكبة عمل المحكمة وما يصدر عنها.
والأهم من ذلك نجاح المجتمع المدني، اللبناني والعربي والعالمي، في ممارسة تجربة غنية في مواجهة قوى الحرب والاستبداد والهيمنة بإقامة محكمة الضمير واختيار قضاتها المرموقين وإنجاح محاكمة عادلة، رغم جميع الضغوط التي مورست على حكومة بلجيكا وبلدية بروكسل والمنظمات غير الحكومية التي أسهمت بشكل أو بآخر، في دعم فكرة المحكمة والتبرع لصندوقها الأهلي والقيام بالأعمال اللوجستية والتنفيذية اللازمة لتمكينها من إنجاز مهمتها (). 
ولا يوجد أي موانع قانونية أن تصدر الدول العربية مجتمعه عن طريق جامعة الدول العربية قانونا بشأن تشكيل محكمة جنائية لمحاكمة قادة وأفراد قوات الاحتلال الإسرائيلية علي جرائمهم في حق العرب طبقا لما سبق من اختصاص عالمي، ويمكن لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تفعل ذلك، ويمكن للدول العربية والإسلامية فرادي أو جماعات أن تصدر قوانين تحاكم فيه قادة وأفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي عما أرتكبه ويرتكبه من جرائم دولية في حقهم، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا توافرت الإرادة الحقيقية والرغبة الصادقة لعمل ذلك، وطالب مجلس الجامعة العربية على مستوي وزراء الخارجية بذلك، في ختام أعمال دورته العادية رقم (116) سبتمبر 2001م، بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ودعم المبادرات الهادفة إلى ذلك، وقد أكد المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب عزمه على ملاحقة المسئولين بحق الاعتداءات والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد سكان الأراضي العربية المحتلة في دورته السابعة والثلاثين بالقاهرة وطالب بإيجاد الآليات والوسائل القانونية لحماية الشعب الفلسطيني،
وإسرائيل تخشى محاكمة جنرالاتها بجرائم حرب().
وطالبت دولة الإمارات العربية المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في المجازر الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة وتشكيل قوة حماية دولية لإنقاذهم من براثن الهمجية الإسرائيلية على غرار لجان التحقيق التي شكلها المجتمع الدولي عندما انتهكت حقوق الإنسان الأوروبي في العديد من البلدان().
ويمكن أن تجتمع جميع قوى المجتمع العربي بما في ذلك الأنظمة الرسمية، وأجهزتها الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني ويمكن تعبئة طاقات شعبية وأهلية خارج البلدان العربية وفي كافة دول العالم للمطالبة بإنشاء المحكمة.
- وسيلة الثانية: المحاكم الدولية الخاصة: عن طريق مجلس الأمن وهو المختص بذلك، ويمكن للأمم المتحدة أن تنشئ محكمة جنائية دولية بقرار من مجلس الأمن، كما في حالة المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا، ولكن تحكم الولايات المتحدة في مجلس الأمن لن يسمح بصدور مثل هذا القرار العادل، ولكن يمكن الوصول إلي هذا القرار عن طريقين هما:
ريق المادة(22) من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص علي أن(للجمعية العامة أن تنشئ من الفروع الثانوية ما تراه ضروريا للقيام بوظائفها)فللجمعية العامة طبقا لهذه المادة إنشاء ما يمكنها من أداء دورها فيمكن إنشاء محكمة جنائية دولية، على صورة هيئة معاونة، ففي الجمعية العامة نفوذ الولايات المتحدة أقل، ومن ثم فرصة صدور القرار أكبر، ويمكن إصدار قرار بإنشاء المحكمة المطلوبة. 
الاتحاد من أجل السلم: في حالة استخدام الولايات المتحدة حق النقض الفيتو للحيلولة دون إصدار قرار من مجلس الأمن بإنشاء محكمة جنائية لمحاكمة قادة إسرائيل السياسيين والعسكرية والأفراد، يمكن اللجوء إلي الاتحاد من أجل السلم الذي صدر في 3/11/1950م، وقد أعطي هذا القرار علي الجمعية العامة سلطات تتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين، في حالة إخفاق مجلس الأمن في القيام بواجباته ومسئولياته الرئيسية بسبب عدم إجماع الدول الدائمة فيه يحق للجمعية العامة أن تنظر في الموضوع مباشرة وتصدر التوصيات اللازمة للحفاظ علي السلم والأمن الدوليين، وتحل محل مجلس الأمن() ويمكن إصدار قرار بإنشاء المحكمة المطلوبة. 
3- الوسيلة الثالثة: المحكمة الجنائية الدولية: وهي سلطة القضائية الجنائية الدولية الدائمة يقتصر اختصاصها على الأفراد، وذلك بالنسبة للجرائم المرتكبة بعد دخول النظام الأساسي حيز النفاذ في 2002م، ويمكن محاكمة قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين أمامها عن الجرائم التي ارتكبوها بعد عام 2002م فهي لم تتوقف من أشاء إسرائيل، وذلك عن طريق انضمام الدول العربية للمحكمة وطبلها تحريك الدعوى الجنائية ضد القادة السياسيين والعسكريين وأفراد قواتها المسلحة وكل من ارتكب جريمة من الجرائم سالفة البيان.
وقد بين النظام الأساسي للمحكمة في المادة(12) الشروط المسبقة لممارسة الاختصاص فنصت علي(1- الدولة التي تصبح طرفا في هذا النظام الأساسي تقبل بذلك اختصاص المحكمة فيما يتعلق بالجرائم المشار إليها في المادة 5. 
2- في حالة الفقرة أ أو ج من المادة 13، يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إذا كانت واحد ة أو أكثر من الدول التالية طرفا في هذا النظام الأساسي أو قبلت باختصاص المحكمة وفقا للفقرة 3: 
أ) الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث أو دولة تسجيل السفينة أو الطائرة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت على متن سفينة أو طائرة. 
ب) الدولة التي يكون الشخص المتهم بالجريمة أحد رعاياها. 
3- إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازما بموجب الفقرة 2، جاز لتلك الدولة، بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما بتعلق بالجريمة قيد البحث. وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء وفقا للباب 9.) ويمكن للدول العربية الانضمام إلي المحكمة واستخدام تلك المادة لمحاكمة المتهمين خاصة وأنه لم يصادق علي المحكمة إلا اليمن وجيبوتي فقط.
وقد نصت المادة(13) علي كيفية ممارسة الاختصاص أمام المحكمة فقالت
(للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 5 وفقا لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية: 
أ) إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام وفقا للمادة 14 حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت. 
ب) إذا أحال مجلس الأمن، متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت. 
ج) إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة هن هذه الجرائم وفقا للمادة 15.) 
وأبانت المادة(14) من النظام الأساسي كيفية الإحالة من قبل دولة عضو فنصت علي(1- يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم. 
2- تحدد الحالة، قدر المستطاع، الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من مستندات مؤيدة.)
كما يمكن للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية أن يباشر التحقيقات كما ورد في المادة(15) من النظام الأساسي فنصت(1- للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة. 
2- يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة، ويجوز له، لهذا الغرض، التماس معلومات إضافية من الدول، أو أجهزة الأمم المتحدة، أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية، أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة. ويجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة. 
3- إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساس معقولا للشروع في إجراء تحقيق، يقدم إلى الدائرة التمهيدية طلبا للإذن بإجراء تحقيق، مشفوعا بأية مواد مؤيدة يجمعها، ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى الدائرة التمهيدية وفقا للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات. 
4- إذا رأت الدائرة التمهيدية، بعد دراستها للطلب وللمواد المؤيدة، أن هناك أساسا معقولا للشروع في إجراء تحقيق وأن الدعوى تقع على ما يبدو في إطار اختصاص المحكمة، كان عليها أن تأذن بالبدء في إجراء التحقيق، وذلك دون المساس بما تقرره المحكمة فيما بعد بشأن الاختصاص ومقبولية الدعوى. 
5- رفض الدائرة التمهيدية الإذن بإجراء التحقيق لا يحول دون قيام المدعي العام بتقديم طلب لاحق يستند إلى وقائع أو أدلة جديدة تتعلق بالحالة ذاتها. 
6- إذا استنتج المدعي العام، بعد الدراسة الأولية المشار إليها في الفقرتين 1 و 2، أن المعلومات المقدمة لا تشكل أساسا معقولا لإجراء تحقيق، كان عليه أن يبلغ مقدمي المعلومات بذلك. وهذا لا يمنع المدعي العام من النظر في معلومات أخرى تقدم إليه عن الحالة ذاتها في ضوء وقائع أو أدلة جديدة.) 
هذه هي الآليات التي يمكن بها محاكمة قادة إسرائيل السياسيين والعسكرية وأفراد القوات العسكرية وكل من أرتكب جريمة من الجرائم، ولكن يبقي توافر الإرادة الحقيقية والرغبة الصادقة لدي من يملكون هذا الحق لاستخدامه.

0 تعليق:

إرسال تعليق