مقدمــة
إن المشرع الجنائي حين يضع قواعد جزائية فإن عليه واجب الموازنة بين المصلحة العامة للمجتمع وبين حقوق وحريات الأفراد، فلا يغالي المشرع في وضع القواعد الجزائية بلا ضرورة تقتضيها مصلحة الجماعة وفي سبيل ذلك نجد أن الدساتير الحديثة قد أقرت كثير من مبادئ التي من شأنها المحافظة على هذا التوازن فنصت الدساتير على سبيل المثال " أن حبس الإنسان وتفتيشه والقبض عليه لا يكون إلا في الأحوال المنصوص عليها قانوناً ، وأن الحرية الشخصية مكفولة ، وأن لا عقوبة إلا على الأفعال اللاحقة على صدور القانون التي يجرمها وغيرها من القيود . وقد ثار في الكويت مسألة مدى دستورية جريمة الإتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 56 جزاء حين أحالت محكمة أثناء نظرها الاستئناف رقم 2 لسنة 2006 والخاص بقضية أسود الجزيرة الدعوى إلى المحكمة الدستورية لبيان مدى دستورية نص المادة 56 من قانون الجزاء .
- في هذا البحث سنتطرق إلى بيان مدى دستورية نص المادة 56 جزاء وفقاً لأحكام الدستور الكويتي ، حيث سنقوم بإيضاح الأحكام العامة لجريمة الاتفاق الجنائي ، ثم نبين مدى إتفاق هذه الأحكام مع نص المادة32 و 29 و 30 و 36 من الدستور الكويتي، التي تحكم المشرع اثناء وضعه القواعد الجزائية مع بيان موقف المحكمة الدستورية حول مدى إتفاق نص المادة 56 مع هذه النصوص في مباحث عدة ، مع بيان صحة ما ذهبت إليه حكم المحكمة الدستورية، حيث سنقسم البحث إلى أربعة مباحث على الشكل الآتي :
المبحث الأول : مفهوم جريمة الاتفاق الجنائي .
المبحث الثاني : مدى إتفاق جريمة الاتفاق الجنائي مع نص المادة 32 من الدستور.
المبحث الثالث : مدى إتفاق جريمة الإتفاق الجنائي مع نص المادة 29 من الدستور .
المبحث الرابع : مدى اتفاق جريمة الإتفاق الجنائي مع نص المادة 30 و 36 من الدستور .
المبحث الأول
مفهوم جريمة الاتفاق الجنائي :
حيث سنتناول بالشرح جريمة الاتفاق الجنائي من حيث تعريفها وأركانها وعقوبة المقررة لها وحالات الإعفاء من العقوبة .
- تعريف جريمة الاتفاق الجنائي:
عرف المشرع الكويتي جريمة الاتفاق الجنائي في المادة 56 من قانون جزاء ، حيث نصت على أنه (( إذا أتفق شخصان أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ، واتخذوا العدة على وجه لا يتوقع معه أن يعدلوا عما اتفقوا عليه ، يعد كل منهم مسئولاً عن إتفاق جنائي ولو لم تقع الجريمة موضوع الاتفاق .....)) .
ومن هذا النص يتضح أن المشرع الكويتي أعتبر الاتفاق الجنائي جريمة قائمة بحد ذاتها مستقلة عن الاتفاق كوسيلة من وسائل الاشتراك السابق و حيث أن المشرع وضع لها ركناً
مادياً وركناً معنوياً . وفيما يلي سوف نتناول هذه الأركان بالشرح :
- أركان جريمة الاتفاق الجنائي :
أ) الركن المادي : الركن المادي لهذه جريمة يتكون من الاتفاق بين شخصين فأكثر على إرتكاب الجناية أو الجنحة وهذا الأمر يتحقق من خلال قيام أحد المساهمين بالتعبير سواء بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة أو بالإيحاء بحيث يصل التعبير إلى سائر المساهمين ويلقي قبولاً لديهم . فلا بد من قبول سائر المساهمين على نحو يمكن معه القول بوجود اتفاق( ) .
- وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في أحكام سابقة لها إلى اشتراط أن يكون الاتفاق منظماً وأن يكون مستمراً حتى يخضع لأحكام المادة 48 من قانون العقوبات (الموازية للمادة 56 من قانون الجزاء الكويتي) ولكنها عدلت عن ذلك . حيث اعتبرت أن جريمة الاتفاق الجنائي تقع دون الحاجة إلى تنظيم واستمرار ( ) . وبالتالي يمكن القول أن هذه الجريمة وإن كانت تعتبر من الجرائم المستمرة إلا أنه لا يشترط مضي فترة زمنية معينة للقول بوقوعها بل تقع هذه الجريمة ولو كان الاتفاق لم يتم إلا لفترة بسيطة ولكن يشترط في هذا الاتفاق لكي يكون محلاً لجريمة الاتفاق الجنائي أن يكون جدياً وهذا يستفاد من النص المادة 56 جزاء (( .... واتخذوا العدة على وجه لا يتوقع معه أن يعدلوا عما اتفقوا عليه )) ( ) .
وبطبيعة الحال يجب أن يكون اتفاقهم على ارتكاب جريمة ما سواء أكانت جناية أو جنحه ومهما كانت هذه الجنحة حتى ولو كانت سباً أو قذفاً .
* وقبل الانتهاء من الركن المادي أود أن أذكر بعض الملاحظات المتعلقة بهذه الجريمة :-
أ) أن جريمة الاتفاق الجنائي لا يتصور فيها الشروع وذلك لأن الاتفاق حالة نفسية تتم بتلاقي الإرادات ولا تحتمل بداية ونهاية فهذه جريمة ، أما أن تقع أو لا تقع ولا يحتمل بدأ في التنفيذ ( ) . كما يذهب في ذلك غالبية الفقه وبالتالي فهي من الجرائم الشكلية .
ب) أن جريمة الاتفاق الجنائي تنعقد بمجرد الاتفاق على ارتكاب جناية أو جنحة وبالتالي فالعدول بعد هذا لا يعفي من العقوبة لأن الركن المادي لهذه الجريمة قد أكتمل ( )
- ويستند الدكتور السعيد مصطفى السعيد في تأييده لذلك بالفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات المصري (المماثلة للمادة 56 من قانون جزاء الكويتي) التي تقضي بإعفاء من يخبر الحكومة من الجناة بوجود اتفاق جنائي ، فإن إخبار الحكومة به هو عدول عنه ، فلو كان العدول يمنع العقاب لما كان ثمة داعٍ لهذه الفقرة ( ) .
وهذا يؤكد على ما سبق قوله بأن هذه الجريمة جريمة شكلية لا يتصور فيها الشروع وبالتالي فالعدول الطوعي لا يعفي من العقوبة ، فالعدول الطوعي يعفي من العقاب إذا تم في مرحلة الشروع وطالما أن جريمة الاتفاق الجنائي لا شروع فيها فأن العدول لا يعفي من العقاب .
ج- ليس هناك تعارض بين جريمة الاتفاق الجنائي والإتفاق كصوره من صور الإشتراك السابق لإختلاف مجال تطبيق كل منهما فالمساهمون بالاتفاق لا يعتبرون شركاء إلا إذا وقعت الجريمة محل الإتفاق سواء وقعت بشكل تام أو بشكل الشروع فيها ، وذلك بخلاف الإتفاق الجنائي التي يتوافر بمجرد الإنعقاد سواء وقعت الجريمة أو لم تقع( ) .
- وبناء على ما سبق فمن المتصور أن يكون هناك تعدد مادي بين جريمة الاتفاق الجنائي والجريمة محل الاتفاق فيها لو وقعت تامة أو في صورة الشروع بها حيث نطبق في هذه الحالة العقوبة الأشد وهي بطبيعة الحال ستكون عقوبة الجريمة التامة أو عقوبة الشروع بها .
ب- الركن المعنوي : جريمة الاتفاق الجنائي جريمة عمديه بما يتعين معه أن يتوافر لقيامها القصد الجنائي لدى الجناة وللقصد الجنائي عنصران :
الأول : العلم ويتعين أن ينصرف إلى موضوع الإتفاق فيجب أن يشمل ماهية الفعل أو الأفعال المتفق عليها ومالها من خصائص يعتمد عليها الشارع في إسباغ الصفة الإجرامية عليها . والعنصر الثاني الإرادة ويتعين أن تتجه إلى الدخول في الإتفاق ، أي أن المتفق يريد أن يصير طرفاً في الاتفاق وأن يقوم بالدور المعهود به إليه فإذا لم تتجه الإرادة على هذا النحو فكان المتفق غير جاد يريد مجرد استطلاع أمر أعضاء الاتفاق أو كان هازلاً يريد العبث بهم فلا يتوافر القصد الجنائي لديه ( ) .
- عقوبة جريمة الاتفاق الجنائي : نصت المادة 56 جزاء على معاقبة من يرتكب جريمة الاتفاق الجنائي مدة لا تزيد عن خمس سنين إذا كانت عقوبة الجريمة موضوع الاتفاق هي الأعدام أو الحبس المؤبد . أما إذا كانت عقوبة الجريمة أقل من ذلك ، كانت عقوبة الاتفاق الجنائي الحبس مدة لا تزيد على ثلث مدة الحبس المقررة للجريمة أو الغرامة التي لا يجاوز مقدارها ثلث مقدار الغرامة المقررة للجريمة .
- حالات الإعفاء من العقوبة: نصت المادة 56 من قانون الجزاء على كل من بادر بإخبار السلطات العامة بوجود اتفاق جنائي وبمن اشتركوا فيه ، قبل قيامها بالبحث والتفتيش وقبل وقوع أية جريمة . فإن كان الإخبار بعد البحث والتفتيش ، تعين أن يوصل فعلاً إلى القبض على المتفقين الآخرين .
- وبعد الانتهاء من الاستعراض لأحكام الخاصة بجريمة الاتفاق الجنائي سوف نستعرض في المباحث الآتية مدى اتفاق النص الخاص بهذه الجريمة مع أحكام المواد 32 و 29 و 30 و 36 من الدستور.
المبحث الثاني
- مدى إتفاق جريمة الاتفاق الجنائي مع نص المادة 32 من الدستور:-
نصت المادة 32 من الدستور على أن " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها "
- وبناءاً على نص المادة فإن لكل جريمة ركناً مادياً لا يتصور وقوعها إلا بتوافر هذا الركن المادي وقد استقرت قضاء المحكمة الدستورية العليا في مصر في كثير من أحكامها ومنها على سبيل المثال الحكم الصادر في القضية الدستورية رقم 13 لسنة 10 ق بجلسة 3/1/1993 على أن المادة 66 من الدستور (المقابل لنص المادة 32 من الدستور الكويتي ) على أنه "" لا جريمة ولا عقوبة إلا على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها "" دالاً بذلك على أن لكل جريمة ركناً مادياً لا قوام لها بغيره يتمثل أساساً في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص عقابي ، مفصحاً بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي إبتداء في زواجره ونواهيه هو مادية الفعل المؤاخذ على إرتكابه إيجابياً كان هذا الفعل أم سلبياً ذلك أن العلاقة التي ينظمها هذا القانون في مجال تطبيقه على المخاطبين بأحكامه محورها الأفعال ذاتها في علاماتها الخارجية ومظاهرها الواقعية وخصائصها المادية إذ هي مناط التأثيم وعلته التي يتصور إثباتها ونفيها وهي التي يتم التمييز على ضوئها بين الجرائم وبعضها البعض وهي التي تديرها محكمة الموضوع على حكم العقل لتقييمها وتقدير العقوبة المناسبة لها ، بل أنه في مجال تقدير توافر القصد الجنائي ، فإن المحكمة لا تعزل نفسها عن الواقعة محل الاتهام التي قام الدليل عليها قاطعاً ولكنها تجيل بصرها فيها منقبة من خلال عناصرها عما قصد إليه الجاني حقيقة من وراء إرتكابها ومن ثم تعكس هذه العناصر تعبيراً خارجياً ومادياً عن إرادة واعية ولا يتصور بالتالي وفقاً لأحكام الدستور أن توجد جريمة في غيبة ركنها المادي ولا إقامة الدليل على توافر علاقة السببية بين مادية الفعل المؤثم والنتائج التي أحدثها بعيداً عن حقيقة هذا الفعل ومحتواه ولازم ذلك أن كل مظاهر التعبير عن الإرادة البشرية – ليس النوايا التي يضمرها الإنسان في أعماق ذاته – تعتبر واقعة في منطقة التجريم كلما كانت تعكس سلوكاً خارجياً مؤاخذاً عليه قانوناً فإن كان الأمر غير متعلق بأفعال أحدثتها إرادة مرتكبها ، والتعبير عنها خارجياً في صورة مادية لا تخطئها العين فليس ثمة جريمة ) ( ) .
- والركن المادي لأي جريمة ليتكون من ثلاث عناصر :
أ- الفعل
ب- النتيجة
ج- العلاقة السببية
- فإذا لم تتوافر هذه العناصر مجتمعة فإن للركن المادي لا يتوافر وبالتالي فليس هناك جريمة . وفيما يلي سوف نستعرض هذه العناصر بشئ من التفصيل ثم نبين مدى توافر الركن المادي لجريمة الاتفاق الجنائي .
أولا . الفعل :
الفعل يعتبر العنصر الأول للركن المادي المكون للجريمة والتي هي عبارة عن سلوك يتحقق في العالم الخارجي له مظاهره المادية الملموسة ومن غير هذا السلوك فإن الجريمة لا تقوم وذلك أن المشرع حينما يتدخل بالتجريم والعقاب فإنما يضع في حسبانه الظواهر المادية التي تضر أو تهدد المصالح المراد حمايتها ، فإذا لم يملك التصرف الإنساني هذه المقومات المادية والملموسة فلن يتحقق أي خطر على تلك المصالح وبناءً عليه فإن الظواهر النفسية التي تتواجد داخل النفس البشرية لا يتوافر فيها هذه المقومات وبالتالي لا يتحقق بها السلوك اللازم لقيام الجريمة طالما لم تتجسد في شكل سلوك مادي يظهر للعالم الخارجي . ( )ولكن أختلف الفقه في تحديد ماهية الفعل حيث ظهرت نظريتين لتحديد ماهية الفعل وهما :
أ – النظرية السببية
ب- النظرية الغائبة .
* وسنتناول فيما يلي هاتين النظريتين بشيء من التفاصيل :
أ- النظرية السببية :
يعرف أنصار هذه النظرية الفعل بأنه سبب النتيجة الإجرامية ، وللفعل بدوره سبب ، هو إرادة مرتكبة ويضم كيان الفعل عنصرين : الأول هو الحركة العضوية ، أي تحريك الجاني عضواً في جسمه لإحداث أثر في العالم الخارجي ، والثاني : هو الأصل الإرادي لهذه الحركة والفعل من حيث ماهيته هو كيان مادي والتحديد الدقيق له رهن بتطبيق قوانين السببية الطبيعية التي تكشف عن أصله وتعين آثاره ، ودور الإرادة مقتصر على تحديد أصل الحركة العضوية وإثبات خضوعها لسيطرة من صدرت عنه . وما يعنينا في الإرادة هو التحقق من أن مرتكب الفعل قد أراد ما صدر عنه ، ولا يعنينا البحث فيما إذا كان قد أراد آثار سلوكه ، أي لا يعنينا فيما إذا قد رسم لفعله (غاية) استهدف أن يدركها عن طريقة ، فهذا البحث يتعلق بالركن المعنوي للجريمة ، لا بركنها المادي الذي يعد الفعل أحد عناصره . فما يعنينا هنا هو وجود الأرادة في ذاتها كمحض قوة نفسية ، أما تكييفها القانوني ، ومدى مالها من صفة إجرامية ، ومدى جدارة صاحبها بأ، يتجه إليه (( لوم القانون)) ، فلا يتعلق ذلك كيان الفعل ، إنما يتصل ذلك بالركن المعنوي للجريمة " ( ) .
- وقد انتقدت النظرية السببية بأنها تتجاهل المدلول الحقيقي للفعل ، فما يميز السلوك الإنساني عن الوقائع الطبيعية أن الإنسان يستهدف بتصرفه غاية معينة يتجه إلى تحقيقها ، فالفعل وسيلة ولا يتصور اختيار الوسيلة إلا بالنظر إلى الغاية المستهدف بها . وعلى هذا النحو كان الاتجاه الإرادي عنصراً في الفعل ، وهو من ثم يكون إغفاله طبقاً النظرية السببية تشويها لمدلول الفعل . ( )
كما انتقدت هذه النظرية بأنها بعيده كل البعد عن القانون . فالقانون لا يهتم بالظواهر المادية في ذاتها ، أي أن ما يتضمنه من قواعد السلوك لا يمكن أن يتجه إلى ظاهره سببية عمياء صماء ، ولا يغير في ذلك القول بتحديد هذه الظواهر طبقاً لنصوص القانون ، وإنما يهتم القانون بالإتجاه الإرادي لمن يوجه إليهم آوامره ونواهيه ، إذ يريد أن يكون هذا الاتجاه على مقتضى ما يضعه من أوامر ونواهي ، فالنظرية السببية تجري أبحاثها في ميدان لا يهتم به القانون مغفلة بذلك ميدانه الحقيقي( ).
ب- النظرية الغائية :
يعرف الفعل وفقاً لهذه النظرية على أنه هو نشاط غائي ويعني ذلك أن إتجاه إرادي إلى غاية معينة عبر عنه صاحبه بسلوك خارجي . ويفترض الفعل تحديداً الفاعل لغاية معينة ووسيلة إلى بلوغها وتوقعه النتائج الثانوية المرتبطة بهذه الوسيلة ثم تنفيذ خطته في عالم الماديات بإتيانه السلوك الذي تتمثل فيه الوسيلة إلى تحقيق غايته . وعلى هذا النحو كان الاتجاه الإرادي إلى نتيجة معينة أهم عناصر الفعل ، فدور الإرادة لا يقتصر على كونها أصل الفعل وسببه ، بل يجاوز ذلك إلى كونها تسيطر على
تسلسل الحلقات السببية لتوجيهها إلى النتيجة أو الغاية التي يريد مرتكب الفعل إدراكها . وسند هذه النظرية أن من خصائص الإنسان قدرته على توقع النتائج التي تترتب على سلوكه وقدرته تبعاً لذلك على تحديد غايات وأهداف يتجه إليها . ومن ثم كان أهم ما يختص به الفعل اتجاهه الواعي إلى غاية معينة ، ويعني ذلك أن إغفال هذا الاتجاه هو تجريد للفعل من عنصره الأول والهبوط به إلى مستوى الوقائع الطبيعية غير المدركة التي لا تحكمها غير القوانين السببية ولا تتضمن تعبيراً عن إرادة. ويرى أنصار هذه النظرية أن أهم ما يدعمها هو طابعها القانوني البحت باعتبارها تحل الاتجاه الإرادي الذي يتجه إليه أمر الشارع أو نهيه في موضعه الصحيح وأصحاب هذه النظرية يستندون إلى فكرة الشروع في الجريمة فالشروع بالجريمة هو فعل ينطوي على إرادة متجهة إلى نتيجة إجرامية وهذا يعني أن الاتجاه الإرادي إلى هذه النتيجة يعتبر عنصراً في الفعل المكون للشروع وبالتالي وجب القول بأن هذا الاتجاه يعتبر عنصراً في الفعل الذي تقوم به الجريمة التامة لأن تحقق النتيجة الإجرامية لا يغير من كيان الفعل ( ) .
وهذا وقد تعرضت هذه النظرية للإنتقاد حيث يعاب عليها بأنها جعلت الاتجاه الإرادي الغائي عنصراً في الفعل المكون للركن المادي الأمر الذي يترتب عليه اعتبار القصد الجنائي عنصراً في الركن المادي للجريمة ويقود أيضاً إلى اعتبار القصد الجنائي عنصراً في الركن الشرعي للجريمة مما يترتب عليه عدم إستقلال أركان الجريمة عن بعضها البعض وبالتالي يغدو البحث في الأحكام التي تخضع لها أركان الجريمة بحثاً شاقاً يتصف بالغموض .وانتقدت هذه النظرية أيضاً بأنها غير قابلة للتطبيق في الجرائم غير العمدية باعتبارها تعتبر اتجاه الإرادة إلى تحقيق النتيجة الإجرامية عنصراً في الفعل وهذا غير متحقق في الجريمة غير العمدية حيث تتجه الإرادة إلى نتيجة مشروعة وليست إلى نتيجة الإجرامية ( ) .
ويذهب الدكتور محمود نجيب حسني بحق إلى تعريف الفعل بأنه سلوك إرادي أي أنه قائم على عنصريين هما الإرادة والسلوك. فالإرادة هو قوة نفسية مدركة تصدر عن تصور لغايات معينة ووسائل ملائمة لإدراكها بمعنى أن الإرادة تتجه إلى غاية معينة وهذه الإرادة تختار الوسائل اللازمة لبلوغها ، فالإرادة لها دوران في كيان الفعل : الأول هو نشأه الفعل فلا قيام للفعل في نظر القانون ما لم يكن صادراً عن إرادة والثاني هو إتجاه الإرادة إلى وسائل اللازمة للوصول إلى الغاية و ليس إتجاه الإرادة إلى الغاية نفسها والتي هي أثر عنه متميز عنه من حيث الركن المادي للجريمة . والثاني للفعل هو السلوك سواء أكان سلوك إيجابي أو سلبي ( ) .
وهذا السلوك الخارجي يحصل عادة بحركة إرادية لعضو من أعضاء الجسم وهذه الحركة قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية والحركة الإيجابية قد تكون بالذراعين ، كما هو الشأن في جريمة الضرب أو السرقة وقد تكون باللسان كما هو الحال في جريمة السب والقذف ، أو بكتابة اليد كالتزوير ، أو بالإشارة كما يحدث في بعض صور الفعل الفاضح وما إلى ذلك . وقد تكون بالإمتناع ، أي سلبية إذا كان القانون يوجب على الشخص سلوكاً معيناً فلم يقم به كما هو الشأن في الإمتناع عن أداء الشهادة ، وعدم التبليغ عن الجرائم التي يوجب القانون التبليغ عنها . فالإمتناع عن القيام بالعمل الإيجابي الذي يتطلبه القانون ينتج أثر محسوساً قانوناً ( ) .
- ويجب أن يكون الفعل المكون للركن المادي لجريمة ما محدداً تحديداً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض فيجب على المشرع أن يحدد الفعل محل التحريم تحديداً دقيقاً لماهيته وبالتالي فإن النص على التجريم سلوك يشوب تحديده الإبهام والغموض فإنه يكون غير صالح للتجريم وهذا قيد على السلطة التشريعية وتؤذي مخالفة هذه القاعدة أن يكون النص مشوباً بعيب عدم الدستورية ، فإيضاح ماهية الفعل على نحو واضح ودقيق هو الذي يميز بين التوسع المسموح به في مدلول هذا الفعل والتوسع الذي يؤدي إلى إضافة أفعال أخرى بها يؤدي إلى خلق جرائم أخرى غير منصوص عليها( ).
- وهذا وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا المصرية على هذه القاعدة في العديد من أحكامها منها قضائها بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب السياسية الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 .
حيث قالت المحكمة في حكمها الصادر في جلسة 3 يوليه 1995 على أنه : ( كان لازما بالتالي ألا يكون النص العقابي محملا بأكثر من معني ، مرهقاً بأغلال تعدد تأويلاته ، مرنا مترامياً على ضوء الصيغة التي أفرغ فيها ، متغولاً من خلال انفلات عباراته – حقوقاً أرسالها الدستور ) ( ) .
ثانياً – النتيجة :
يقصد بها الأثر المترتب على السلوك وللنتيجة مفهومان: الأول تفهم فيه النتيجة على أنها حقيقة مادية ، وتتحقق النتيجة بكل تغيير يحدث في العالم الخارجي كأثر للنشاط الإجرامي وهذا التغيير أما أن يمس أحد الأشخاص أو أحد الأشياء والنتيجة المادية ليست عنصراً من العناصر الركن المادي لجميع الجرائم ، فهناك جرائم تتم كاملة دون أن يكون هناك نتيجة مادية (الجرائم الشكلية) ، أما المفهوم الثاني للنتيجة فهو يتناولها كحقيقة قانونية ، والنتيجة القانونية هي الإعتداء على المصلحة التي تحميها القاعدة القانونية والنتيجة وفقاً لهذا المفهوم المتقدم تعتبر عنصراً لا بد منه في كل جريمة مادية كانت أو شكلية والفقه يتجه إلى تقسيم النتائج القانونية من حيث الضرر التي تحدثه إلى النوعين :
1- جرائم ضرر : حيث يترتب على السلوك عدواناً فعلياً على حق المراد حمايته .
2- جرائم خطر : حيث أثار الناتجة عن السلوك تمثل عدوانا محتملاً على الحق ، والخطر حاله واقعية ينشأ بها إحتمال حدوث إعتداء ينال الحقوق . ( )
ثالثاً : العلاقة السببية :
وهي الصلة التي تربط بين الفعل والنتيجة وتثبيت أن من ارتكب الفعل هو الذي أدى إلى حدوث النتيجة وبالتالي فهي من تربط بين عنصري الركن المادي فتقيم بذلك وحدته وكيانه وعلى أساس البحث فيه قد تسند النتيجة إلى الفعل فتقوم المسئولية الجنائية أو قد تستبعد إذا لم يكن هناك ارتباط بين النتيجة والفعل( ) .
وبناء على ما تقدم من شرح لعناصر الركن المادي فأنه يتبين أن جريمة الاتفاق الجنائي من جرائم الخطر أي يكفي حدوث الاتفاق بين اثنين فأكثر على ارتكاب جناية أو جنحة مع إعداد العدة لذلك وبالتالي فإن الركن المادي لجريمة الاتفاق الجنائي هو عبارة عن الاتفاق أي تلاقي إرادات مع وجود الجدية في هذا الاتفاق وهذا المعنى عبرت عنه المحكمة الدستورية في الحكم الصادر لها في الطعن بعدم دستورية المادة 56 من قانون الجزاء والمتعلقة بالاتفاق الجنائي حيث نص الحكم على (( أن جريمة " الاتفاق الجنائي " كجريمة قائمة بذاتها إنما تتحقق بتوفر عناصرها الأساسية ، والتي تتمثل في إتفاق شخصين فأكثر ويراد بهذا الاتفاق اتحاد الإرادات وتقابلها ، والرضا المتبادل ، والعزم المنعقد بين شخصين فأكثر على إرتكاب ما نهى النص عنه ، وإتخاذ العدة لذلك على وجه لا يتوقع معه أن يعدلوا عما أتفقوا عليه وبما يفيد استمرار هذا الاتفاق )) . ( )
وحين نبحث في طبيعة الاتفاق التي يعتبر قوام الركن المادي لجريمة الاتفاق الجنائي نرى أن الاتفاق عبارة عن إتحاد إرادات والإرادة عبارة عن نشاط نفسي يهدف إلى تحقيق غرض عن طريق وسيلة معينة وبالتالي فهي مسألة معنوية بحته ، وإتحاد إثنين فأكثر يشكل إتحاد لمسائل معنوية لا ينتج عنها شيئاً مادياً ملموساً يخالفها في الطبيعة ولا يمكن تصويرها بأنها تشكل الركن المادي للجريمة الاتفاق الجنائي( ).
وبالتالي نجد أن الاتفاق بحد ذاته لا يشكل فعلاً للركن المادي وبالتالي نرى أن نص المادة 56 تخالف المادة 32 من الدستور نظراً لأن الركن المادي لجريمة الاتفاق الجنائي لا وجود له لعدم وجود أحد عناصره ألا وهو الفعل ، فالظواهر النفسية لا تكون محلاً للعقاب فالسلوك الإنساني يجب أن يظهر في صورة أفعال مادية مخالفة للقواعد الجزائية لكي يكون محلاً للعقاب .
المبحث الثالث
مدى إتفاق جريمة الاتفاق الجنائي مع نص المادة 29 من الدستور
تنص المادة 29 على أن (( الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهو متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين )) .
- أن مبدأ المساواه من مبادئ التي يقوم عليها النظم الدستورية الحديثة وهو في أوسع معانيه أن تتاح المعاملة نفسها التي يكلفها القانون لكل من استوفى شروطها ( ) فالمساواه هنا مساواه قانونية وليست فعليه أي مساواه في مراكز القانونية والتي يتفرد المشرع في تحديدها وفقاً لما يحقق المصلحة العامة المبتغاه من التشريع بحيث لا ينطبق المركز القانوني إلا على مجموعة معينة من الأشخاص توافرت فيهم الشروط التي يتطلبها المشرع فيمن يتمتع بمركز قانوني ما وهذا الأمر لا يخل بشرط العموم والتجريد التي يجب أن تتميز بها القاعدة القانونية بإعتبار أن الشروط التي ينص
عليها المشرع في قاعدة القانونية شروط موضوعية يخاطب بها الكافة وبالتالي فإن هذه القاعدة القانونية لا يمكن إعتبارها مخالفة لمبدأ المساواة المقرر في الدستور بإعتبار أن التمييز بين الأفراد قائم على أسس موضوعية وليست تحكمية وهذا ما يملكه المشرع وفقاً لمقتضيات الصالح العام وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا المصرية على هذا المعنى في أحد أحكامها ، حيث نص الحكم الصادر بقضية رقم 3 لسنة 1 قضائية بتاريخ 6/3/1971 على (( أن المشرع يملك بسلطته التقديرية لمقتضيات الصالح العام وضع شروط تحدد بها المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون بحيث إذا توافرت هذه الشروط في طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية ،وإذا اختلفت هذه الظروف وذلك بأن توافرت الشروط في البعض دون البعض الآخر انتفى مناط التسوية بينهم ، وكان لمن توافرت الشروط فيهم دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التي كلفها المشرع لهم والتجاء المشرع إلى هذا الأسلوب في تحديد شروط موضوعية يقتضيها الصالح العام للتمتع بالحقوق لا يخل بشرطي العموم والتجريد في القاعدة القانونية ذلك أن المشرع إنما يخاطب الكافة من خلال هذه الشروط ))( ).
- والآن يثور التساؤل حول مدى اتفاق نص المادة 56 من قانون الجزاء مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور والإجابة على هذا السؤال فأنه يجب أن نستعرض مراحل الجريمة الثلاث بشئ من التفصيل ثم نبين مدى إتفاق المادة 56 جزاء مع مبدأ المساواة . فمن المستقر عليه أن للجريمة ثلاث مراحل وهي مرحلة التفكير والتصميم ومرحلة الأعمال التحضيرية ومرحلة التنفيذ .
* ففي مرحلة التفكير والتصميم لا يعاقب القانون عليها (( فهو لا يتداخل فيما يدور بأذهان الناس من أفكار ونيات، حتى لو اعترفوا بها أو كشفوها ، ماداموا لم يفعلوا شيئاً في سبيل تحقيقها ذلك أن النية حديث نفس ، وليس من شئون الشارع أن يتداخل فيما يحدث الانسان به نفسه ، وإلا كان ذلك أهداراً للحرية الفردية بغير مقتضى ، بل على خلاف ما تدعوا إليه المصلحة ، فقد ينوي الانسان الأمر ولا يفعله ، ومن حسن السياسة ألا يقطع القانون عليه السبيل في مراجعة نفسه ، خصوصاً أن فكرة الشر كامنة ، وإن كانت قبيحة في ذاتها ، لا تؤذي أحداً ولا تمسى حقاً ، ومادام صاحبها لم يعمل على تحقيقها بمظهر خارجي فليس فيها ما يخل بالأمن والنظام)) ( ) . وهذا ما أكدته المادة 45 من قانون الجزاء حيث نصت على أن ((الشروع في جريمة هو ارتكاب فعل بقصد تنفيذها إذا لم يستطع الفاعل ، لأسباب لا دخل لإرادته فيها اتمام الجريمة . ولا يعد شروعا في الجريمة مجرد التفكير فيها ، أو التصميم على ارتكابها )) .
- والعزم على إرتكاب الجريمة لا يعاقب عليه ، حتى ولو أفصح الفاعل عن قراره لأصحابه ، أو كتب إلى زميل له يعلمه بذلك ووقعت الرسالة بيد السلطة العامة ( ) .
- وهذا وقد جرى الفقهاء حين التحدث عن هذه المرحله من مراحل الجريمة إلى إشارة أن التشريعات المختلفة تعاقب على الأفكار إذا ظهرت بصورة مادية ملموسة تشكل خطراً على النظام في المجتمع ويذكرون أمثلة على هذه الجرائم ومنها جريمة الاتفاق الجنائي حيث يعتبرون أن لهذه جريمة كيان مادي ملموس وبالتالي ليست استثناء من هذه القاعدة( ) . وقد بينا فيما سبق عدم صحة هذا الأمر ( ) .
- والمرحلة الثانية من مراحل الجريمة هي مرحلة الأعمال التحضيرية حيث نجد للجريمة في هذه المرحلة كيانا مادياً إذ يعبر الجاني عن تصميمه بأفعال ملموسة ويراد بالأعمال التحضيرية كل فعل يحوز به الجاني وسيلة إرتكاب الجريمة كشراء السلاح أو تجهيز المادة السامة أو استعارة أداة لفتح الخزانة ( ) . والقاعدة في أن الأعمال التحضيرية لا يعاقب عليها باعتبارها شروعاً في الجريمة التي تتخذ لتنفيذها هذه الأعمال ( ) . نظراً لأن هذه الأعمال مبهمة وقابلة للتأويل ، ولا تكشف عن نية من يقوم بها بصورة أكيدة . فمن يشتري السلاح يمكن أن يقال أنه اشتراه لقتل عدوه ، ويمكن أن يقال بأنه قد اشتراه لحماية نفسه والدفاع عنها أو لاستعماله في الصيد ( ) .
- ولكن المشرع أحياناً يعتبر هذه الأعمال التحضيرية جريمة مستقلة كجريمة حمل السلاح بدون الترخيص ، وأحياناً أخرى يعتبرها كظرف مشدد كالسرقة التي تقع من الخادم حيث يعتبر إلتحاق الشخص في خدمة المخدوم عمل تحضيري للجريمة السرقة ( ) . وأحياناً يعاقب على الأعمال التحضيرية في حالة المساهمة الجنائية إذا وما تعد الجناة وقام أحدهم بالفعل الأصلي وأقتصر الآخرون على القيام التحضيرية للمساهمة بها في الجريمة ، فإن القيام بهذه الأعمال يعتبر وسيلة من وسائل الاشتراك وهي المساعدة فمن يسلم السلاح لغيره لكي يستعمل في القتل ، يعتبر شريكاً في جريمة القتل التي يرتكبها هذا الغير ( ) .
- والمرحلة الثالثة هي مرحلة التنفيذ وهي مرحلة المعاقب عليها حين يقع الفعل في صورة جريمة تامة أو شروع معاقب عليه .
- وبعد الاستعراض لمراحل الجريمة الثلاث ، نجد أن جريمة الاتفاق الجنائي يقوم ركنها المادي على إتحاد الإرادة شخصين فأكثر مع اشتراط الجدية في الاتفاق وهذا يعني إذا عبر الشخص عن إرادته الإجرامية وصادفت هذه الإرادة قبولاً لدى الطرف الآخر فإن الجريمة تقوم والتعبير عن الإرادة الإجرامية حتى وإن أعلن عنها صاحبها تدخل في مرحلة التفكير أو التصميم ، وبالتالي نجد أن المشرع يعاقب إذا عبر الشخص عن نية في إرتكاب جريمة وصادفت هذه الإرادة قبولاً لدى الآخر بالرغم أن هذا الأمر لا يعدوا إلا تفكيراً أو تصميماً من قبل الجناة في حين المشرع يعتبر في المادة 45 من قانون الجزاء أن التفكير أو التصميم لا يعتبر من قبيل الشروع المعاقب عليه وبالتالي نجد أن المشرع لا يعاقب على التفكير أو التصميم إذا كان ذلك من قبل شخص واحد بينما يعاقب على التفكير أو التصميم على ارتكابها إذا كان من شخصين فأكثر ، فالمشرع في الحالة الأولى لا يعتبر التفكير أو التصميم مهدداً لأمن المجتمع بينما في الحالة الاتفاق الجنائي يعتبرها مهدداً لأمن المجتمع دون أن يضيف شرطاً معيناً لكي يجعل المركز القانوني في الحالتين مختلفاً وبالتالي نجد أن هناك تمييزاً قائم على أسس غير وموضوعية وخصوصاً أن ليس هناك سيطرة للشخص على إرادة الشخص الأخر ( ) . وبالتالي نجد أن المادة 56 من قانون الجزاء مخالفة لمبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور في المادة 29 ( ) .
المبحث الرابع
مدى إتفاق جريمة الاتفاق الجنائي مع نص المادة 30 ونص المادة 36 من الدستور .
- تنص المادة 30 على أن ((الحرية الشخصية مكفولة )) وتنص المادة 36 على إن (( حرية الرأي والبحث العلمي مكفوله ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما ، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي بينهما القانون )) .
- من المتفق عليه أن للمشرع السلطة التقديرية في تجريم أفعال معينة طالما أن المشرع يرى أن تجريم هذه الأفعال تقتضيها مصلحة المجتمع ولكن المشرع في ممارسة لهذه السلطة يخضع لقيوده ومن أهم هذه القيود الحقوق والحريات العامة . فالمشرع الجنائي حين يضع القواعد القانونية التي تؤثم فعلاً ما فإنه يجب عليه أن يحقق التوازن بين تحقيق الحماية للمصلحة العامة للمجتمع بين حماية الحقوق والحريات التي كفلها الدستور للفرد فممارسة الدولة لسلطتها في التجريم والعقاب يترتب عليه تقييد حرية الفرد ( ) .
- وبالتالي فإن تحقيق التوازن بين المصلحة العامة والحقوق والحريات التي كلفها الدستور تعتبر الوسيلة المثلى لحماية الحقوق والحريات ، فلا يستخدم المشرع سلطته في التجريم والعقاب كوسيلة للحرمان الأفراد من الحقوق والحريات المكفولة لهم في دستور ومنها بطبيعة الحال الحرية الشخصية والحرية في التعبير ، حيث نجد أن القضاء المصري قد أكد على أهمية الحرية الشخصية والحرية في التعبير بأعتبارهما من الحريات المكفولة بالدستور ، ففي مجال الحرية الشخصية نجد أن أحكام المحكمة الدستورية العليا قد أستقرت على أن الدستور قد أعلى قدر الحرية الفردية وأن الدستور يعتبرها من الحقوق الطبيعة الكامنة في النفس البشرية والتي لا يمكن فصلها عنها ، ومنحها بذلك الرعاية الأدنى والأشمل توكيداً لقيمتها ، وبما لا إخلال فيه بالحق في تنظيمها ( ) .
- وترتيب على ما تقدم نجد أن المحكمة الدستورية العليا في حكمها في القضية رقم 23 لسنة 16 ق دستورية ، بتاريخ 18 مارس سنة 1995 ، قد ألغت البند السادس من المادة 73 من قانون مجلس الدولة والتي كانت تنص على أن عضو مجلس الدولة يجب ألا يكون متزوجاً من أجنبية مع جواز الإعفاء من هذا الشرط إذا كان متزوجاً بمن تنتمي جنسيتها إلى إحدى البلاد العربية ، بإعتبار أن هذا النص يمثل قيداً على الحرية الشخصية بلا مبرر فنص الحكم على أنه (( لا يجوز التدخل تشريعياً في علائق الزواج للحد من فرصة الاختيار التي تنشئها وتقديمها على أساس من الوفاق والمودة ، وذلك ما لم تكن القيود التي فرضها المشرع على هذا الاختيار ، عائدة في بواعثها إلى مصلحة جوهرية لها ما يظاهرها ، تسوغ بموجباتها تنظيم الحرية الشخصية بما لا يهدم خصائصها وذلك أن تقييد الحرية الشخصية لغير مصلحة جوهرية لا يغفر وبوجه خاص إذا أصابها في واحد من أهم ركائزها ، بأن تعرض دون مقتضى لحق من يريد الزواج في اختيار من يطمئن إليه ....)) ( ) .
- وبالنسبة للحرية في التعبير نجد أن المحكمة الدستورية العليا يقرر ضرورة كفالة حرية التعبير و بما يمكن من عرض الآراء على اختلافها بما يمكن من إظهار الحقيقة وبما يكفل حق كل فرد في التعبير عن الآراء التي يريد إعلانها ، مما لا يجوز مع تقييدها ( ) . حيث نجد أن المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 6 لسنة 15 قضائية دستورية بتاريخ 15 ابريل 1995 ، قد أكدت أهمية حرية التعبير عن الآراء بأعتبارها وسيلة لكشف الحقائق وتصحيح الآراء والأفكار الخاطئة وتصحيح الأوضاع القائمة وكذلك نجد أن المحكمة الدستورية العليا قد أكدت على حرية الإجتماع بأعتبارها أحد الوسائل لممارسة حرية التعبير حيث نص الحكم على أن ((ضمان الدستور – بنص المادة 47 منه (الموازيه للمادة 36 من الدستور الكويتي) – لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير ، أو بطباعتها ، أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير ، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها . وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها ، ولا تكون لها من فائدة وبها يكون الأفراد أحرار لا يتهيبون موقفاً ، ولا يترددون وجلاً ، لا ينتصفون لغير الحق طريقاً وإن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير هو أن يكون التماس الآراء والأفكار ، وتلقيها عن الغير ونقلها إليه ، غير مقيد بالحدود الإقليمية على إختلافها ، ولا منحصر في مصادر بذواتها تعد من قنواتها ، بل قصد أن تترامى آفاقها وأن تتعدد مواردها وأدواتها ، وأن تنفتح مسالكها ، وتفيض منابعها (Free trade in ideas) (Market place of ideas) لا يحول دون ذلك قيد يكون عاصفاً بها ، مقتحماً دروبها ، ذلك أن لحرية التعبير أهدافاً لا تريم عنها ، ولا يتصور أن تسخر لسواها ، هي أن يظهر من خلالها ضوء الحقيقة جلياً ، فلا يداخل الباطل بعض عناصرها ، ولا يعتريها بهتان ينال محتواها . ولا يتصور أن يتم ذلك إلا من خلال اتصال الآراء وتفاعلها ومقابلتها ببعض ، وقوفاً على ما يكون منها زائفاً أو صائباً ، منطوياً على مخاطر واضحة ، أو محققاً لمصلحة مبتغاه. ذلك أن الدستور لا يرمي من وراء ضمان حرية التعبير ، أن تكون مدخلاً إلى توافق عام ، بل تغيا بصونها أن يكون كافلاً لتعدد الآراء Plurality of opinions وإرسائها على قاعدة من حيدة المعلومات Neutrality of information ليكون ضوء الحقيقة مناراً لكل عمل ، ومحدداً لكل اتجاه .
- أن حرية التعبير التي تؤمنها المادة 47 من الدستور ، أبلغ ما تكون أثراً في مجال اتصالها بالشئون العامة ، وعرض أوضاعها تبياناً لنواحي التقصير فيها ، وتقويماً لإعوجاجها ، وليس حق الفرد في التعبير عن الآراء التي يريد إعلانها ، معلقاً على صحتها ، ولا مرتبطاً بتمشيها مع الاتجاه العام في بيئة بذاتها ، ولا بالفائدة العملية التي يمكن أن تنتجها . وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير ، أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة في أعماق منابتها ، بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل Public mind ، فلا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التي تتصل بتكوينه ، ولا عائقاً دون تدفقها .
- من المقرر كذلك أن حرية التعبير ، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها ، لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها ، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها ، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخى قمعها بل يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها – وعلانية – تلك الأفكار التي تجول في عقولهم ، فلا يتهامسون بها نجياً ، بل يطرحونها عزماً – ولو عارضتها السلطة العامة –إحداثاً من جانبهم وبالوسائل السلمية لتغيير قد يكون مطلوباً . فالحقائق لا يجوز إخفاؤها ، ومن غير المقصود أن يكون النفاذ إليها ممكناً في غيبة حرية التعبير . كذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور ، لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التي يؤمنون بها ، بل كذلك اختيار الوسائل التي يقدرون مناسبتها وفاعليتها سواء في مجال عرضها أو نشرها ، ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها . ولعل أكثر ما يهدد حرية التعبير ، أن يكون الإيمان بها شكلياً أو سلبياً . بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولاً بتبعاتها ، وألا يفرض أحد على غيره صمتاً ، ولو بقوة القانون Enforced Silence .
- حرية التعبير التي كلفها الدستور ، هي القاعدة في كل تنظيم ديموقراطي لا يقوم إلا بها . ولا يغدو الإخلال بها أن يكون إنكاراً لحقيقة أن حرية التعبير لا يجوز فصلها عن أدواتها ، وأن وسائل مباشرتها يجب أن ترتبط بغاياتها ، فلا يعطل مضمونها أحد ، ولا يناقض الأغراض المقصودة من إرسائها .
الحق في التجمع ، بما يقوم عليه من انضمام عدد من الأشخاص إلى بعضهم لتبادل وجهات النظر في شأن المسائل التي تعنيهم . من الحقوق التي كفلتها المادتان 54 ، 55 من الدستور وذلك سواء نظرنا إليه بإعتباره حقاً مستقلاً عن غيره من الحقوق ، أم على تقدير أن حرية التعبير تشمل عليه باعتباره كافلاً لأهم قنواتها ، محققاً من خلالها أهدافها .
الحق في التجمع – سواء كان حقاً أصيلاً أم تابعاً – أكثر ما يكون اتصالاً بحرية عرض الآراء ، وتداولها كلما قام أشخاص يؤيدون موقفاً أو اتجاها معيناً تجمعنا منظماً ordered assemblage يحتويهم ، يوظفون فيه خبراتهم ، ويطرحون آمالهم ، ويعرضون فيه كذلك لمتاعبهم ، ويتناولون بالحوار ما يؤرقهم ، ليكون هذا التجمع نافذه يطلون منها على ما يعتمل في نفوسهم ، وصورة حية لشكل من أشكال التفكير الجماعي Collective thinking . إذا كان ذلك ، كان تكوين بنيان كل تجمع – وسواء كان الغرض منه سياسياً أو نقابياً أو مهنياً – لا يعدو أن يكون عملاً اختيارياً لا يساق الداخلون فيه سوقاً ، ولا يمنعون من الخروج منه قهراً ، وكان هذا الحق في محتواه لا يتمحض عن مجرد الاجتماع بين أشخاص متباعدين ينعزلون عن بعضهم البعض . بل يرمي بالوسائل السلمية إلى أن يكون إطاراً يضمهم ، ويعبرون فيه عن مواقفهم وتوجهاتهم . فقد غدا متداخلاً مع حرية التعبير ، ومكوناً لأحد عناصر الحرية الشخصية التي لا يجوز تقييدها بغير اتباع الوسائل الموضوعية والاجرائية التي يطلبها الدستور ، أو يكفلها القانون ، واقعا عند البعض في نطاق الحدود التي يفرضها صوان خواص حياتهم وأعماق حرمتها بما يحول دون اقتحام أغوارها ، أو تعقبها ، لغير مصلحة جوهرية لها معينهاً ، لازماً اقتضاء ولم يرد بشأنه نص في الدستور ، كافلاً للحقوق التي أحصاها ضماناتها ، محققاً فعاليتها ، سابقاً على وجود الدساتير ذاتها ، مرتبطاً بالمدينة في مختلف مراحل تطورها ، كامنا في النفس البشرية ، تدعو إليه فطرتها . وهو فوق هذا من الحقوق التي لا يجوز النزول عنها .
إن حرية التعبير ذاتها تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها في الاجتماع المنظم ، وحجب بذلك تبادل الآراء في دائرة أعرض ، بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض ، ويعطل تدفق الحقائق التي تتصل بإتخاذ القرار ، ويعوق انسياب روافد تشكيل الشخصية الإنسانية التي لا يمكن تنميتها إلا في شكل من أشكال الاجتماع )) ( ) .
وفي حكم آخر للمحكمة الدستورية العليا وصادر بتاريخ 20 مايو 1995 ، القضية رقم 42 لسنة 16 ق دستورية نجد أن المحكمة العليا تؤكد على أن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما أرتاه كفيلاً بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها ، وكي لا تقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية ، أو تتداخل معها، بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة .
ولقد كان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة مطلباً أساسياً ، توكيداً لقيمتها الاجتماعية ، وتقديراً لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها ولردع كل محاولة للعدوان عليها )) ( ) .
- موقف المحكمة الدستورية : قد تصددت المحكمة الدستورية للنص المتعلق بالاتفاق الجنائي في القضية المقيدة بسجل المحكمة الدستورية برقم 6 لسنة 2006 (دستوري) ، وأكدت المحكمة في هذا الحكم على أن للمشرع السلطة التقديرية في إنشاء الجرائم وتحديد مضمونها وفقاً لمصلحة المجتمع وإن تحديد مضمون هذه الجرائم على وجه الدقة مرتبط بالحرية الشخصية ، حيث نص الحكم على (( وحسبما جرى به قضاه هذه المحكمة على أن الأصل في إنشاء الجرائم وتحديد ما يناسبها من عقوبات وأحوال فرضهاً ، والإعفاء منها ، وأنها تدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يمارسها المشرع وفقاً لما يراه محققاً لصالح الجماعة ، والحفاظ على قيمها ، وصون النظام الاجتماعي ، ودرء الضرر عن مجموع الناس ، وإن تحديد مضمون الأفعال التي تقوم عليها التجريم ضرورة يقتضيها اتصال هذا التجريم بالحرية الشخصية))( ) . ففي هذا الحكم نجد أن المحكمة الدستورية تؤكد على أن المشرع في مجال استعمال سلطته التقديرية يجب ألا يتعدى على الحرية الشخصية . ولكن المحكمة الدستورية ذهبت في حكمها السابق ، إلى دستورية نص المادة 56 من قانون الجزاء وإلى أن النص لا يمثل اعتداء على الحرية الشخصية . وهذا أمر منتقد فالنص الذي يقضي بالتجريم الاتفاق الجنائي يتضمن العقاب على مجرد الاتفاق أي أنه يجرم على مجرد إتحاد الإرادات وإتحاد الإرادات مجرد أمر معنوي لم يظهر في صورة مادية وهذا من شأنه أن تكبت الأفكار ، ويعاق الحوار الحر المفتوح ويؤدي إلى تعتيم الحقيقة فلا يستبان صحة الفكر المعتقد أو فساده فيظل للجانح فكرة الشاذ ، لا يملك طرحة للمناقشة خشية أن يلقى من الغير قبولاً يخضعه لنص التجريم ويوقعه تحت طائلة النص المتعلق بالاتفاق الجنائي فيحول ذلك دونه وفرصة أن يعدل عن فكرة ويصححه في ضوء الحقيقة التي قد تظهر له في الحوار فتستوي نفسه ويبرأ من الشر الذي يلبسه ويكون تقويمه وبالتالي فهذا النص يشكل اعتداء على الحرية التعبير( ) ، وحرية التعبير تعتبر عنصراً من عناصر الحرية الشخصية وبالتالي فهذا يشكل مخالفة لنص المادة 30 ونص المادة 36 من الدستور .
الخـاتمـــة
- قد تناول البحث الأحكام العامة لجريمة الاتفاق الجنائي مبيناً مدى إتفاق هذه الأحكام مع النصوص المواد 32 و 29 و 30 و 36 من الدستور ووصلنا في النهاية إلى أن هذه الجريمة ليس لها ركناً مادياً وبالتالي فهي تخالف نص المادة 32 من الدستور ، وأن هذه الجريمة تخالف مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 29 من الدستور ، كما أنها تشكل قيداً على الحرية الشخصية والحرية في التعبير دون مبرر مما يشكل مخالفة لنص المادة 30 و نص المادة 36 من الدستور . وبناء على ما تقدم فأنني أميل إلى تعديل هذا النص بحيث يقتصر على جرائم شديدة الخطورة كجرائم أمن الدولة أو الجنايات التي ترتكب ضد أشخاص أو الأموال مثلاً ، بحيث لا يشمل التجريم كافة الجرائم مهما كانت تافهة كجريمة السب كما هو الحال مع النص الحالي .
أولاً : المراجع العربية :
1- الدكتور السعيد مصطفى السعيد :
- الأحكام العامة في قانون العقوبات ، دار المعارف ، الطبعة الرابعة ، 1962 .
2- الدكتور سمير الشناوي :
- النظرية العامة للجريمة والعقوبة في القانون الجزاء الكويتي ، الطبعة الثانية ، 1992
3- الدكتور مآمون محمد سلامة :
- قانون العقوبات – القسم العام ، الطبعة الثالثة ، سنة 1990 ، دار الفكر العربي .
4- الدكتور محمود نجيب حسني :
- علاقة السببية في قانون العقوبات ، 1983 ، دار النهضة العربية
- شرح قانون العقوبات – النظرية العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبة والتدبير الإحترازي ، الطبعة الخامسة ،1982 ، دار النهضة العربية .
5- الدكتور مبارك عبد العزيز النويبت :
- شرح القواعد العامة في قانون الجزاء الكويتي ، الطبعة الأولى ، 1997 .
6- الدكتور عبد الوهاب حومد :
- شرح قانون الجزاء الكويتي – القسم العام – 1972 .
7- الدكتور أحمد فتحي سرور :
- الوسيط في قانون العقوبات – القسم العام – الطبعة السادسة (معدلة) ، دار النهضة العربية، 1996 .
- القانون الجنائي الدستوري – الشرعية الدستورية في قانون العقوبات والشرعية الدستورية في قانون الاجراءات الجزائية – الطبعة الرابعة 2006 ، دار الشروق .
8- الدكتور أنور أحمد رسلان :
- الحقوق والحريات العامة في عالم متغير ، 1997 ، دار النهضة العربية
9- الدكتور عادل الطبطبائي :
- النظام الدستوري في الكويت – دراسة مقارنة - ، الطبعة الثالثة 1998
ثانياً : البحوث والدراسات :
1- محمد إبراهيم الشيخ :
- المساهمة الجزائية الأصلية والتبعية في القانون الجزاء الكويتي ، رسالة ماجستير ، يونيو 1998 .
2- الدكتور أشرف توفيق شمس الدين :
- ماهية الفعل محل التجريم في قضاء المحكمة الدستورية العليا ، دراسة مقدمة إلى المؤتمر العلمي لكلية الحقوق بجامعة حلوان .
ثالثاً : المواقع الإلكترونية :-
- www.hrcap.org موقع الإلكتروني للمركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء .
رابعاً : الصحف :-
1- جريدة الرأي العام الكويتية ، 27 يوليو 2006 ، العدد 19281
الفهــــرس
الموضــــوع
صفــحة
مقدمـة 1
المبحث الأول : مفهوم جريمة الاتفاق الجنائي ..................... 3
المبحث الثاني : مدى إتفاق جريمة الاتفاق الجنائي مع نص المادة 32 من الدستور ..................................................
10
المبحث الثالث : مدى إتفاق جريمة الاتفاق الجنائي مع نص المادة 29 من الدستور ..................................................
28
المبحث الرابع : مدى إتفاق جريمة الاتفاق الجنائي مع نص المادة 30 و 36 من الدستور ............................................ 36
الخاتمة ........................................................... 50
المراجع .......................................................... 51-52
الفهرس .......................................................... 53
إعداد
الباحث القانوني
محمد مطلق حمود المطيري