قانون الأعمال والقانون التجاري


عرفت الولاية التشريعية لحكومة التناوب غزارة في إصدار القوانين نتيجة للتحولات الكبرى والأحداث المتسارعة التي يعرفها العالم .وقد استحوذت القوانين المنظمة للتجارة حيزا هاما منها لا لان التجارة تعد العصب الرئيسي للاقتصاد والمحرك الأساسي لعملية الإنتاج والتوزيع والدعامة الأساسية للحفاظ على السيادة الوطنية فقط بل إن الموجة العولمية للتجارة وتركيز الأموال أفرزت تحديات كبرى خصوصا بالنسبة للدول الفقيرة بشكل يهدد اقتصادياتها وسيادتها مع احتدام المنافسة على الأسواق وتنامي نفوذ الشركات المتعددة الجنسيات وغزوها لأسواق الدول النامية مع ما تعرفه هذه الأخيرة من هشاشة الهياكل الاقتصادية يسهل اكتساحها .
ووعيا من المشرع المغربي بجسامة هذه التحديات فقد عمد إلى إصدار مجموعة من النصوص القانونية تنظم الميدان التجاري وفق مقاربة يطغى عليها هاجس حماية النظام العام الاقتصادي وتأهيل البنيات الاقتصادية من جهة والاستجابة للضغوط المتزايدة لفتح السوق الوطني بناءا على اتفاقيات التي وقع عليها المغرب سواء منها اتفاقية الغات GAT واتفاقية التبادل الحر المبرمة من الولايات المتحدة الأمريكية واتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوربي .
كما تهدف هذه النصوص الجديدة إلى سد الفراغ القانوني الذي فرضتة التحولات والتطورات الاقتصادية ومواكبة منه لباقي التشريعات المقارنة وبالخصوص التشريع الفرنسي الذي يعد مصدرا تاريخيا للقانون المغربي .
وحرصا من المشرع على حسن تطبيق هذه النصوص واحاطتها بالدعم الزجري اللازم من نص ضمن هذه القوانين على عقوبات مدنية وأخرى جنائية ضد المخلين بها .مع اتسامها بالتساهل في بعض المقتضيات والتشدد في أخرى مما يطرح التساؤل حول مدى شمولية المقاربة التي طبعت إصدار هذه القوانين مما يستوجب تكوين تصور شامل ومقاربة متوازنة تستفيد من الاجتهادات التشريعية الأجنبية وتتلاءم مع البنيات الوطنية في توازن تام مع المصلحة الاقتصادية الوطنية من جهة ومصلحة الفاعلين الاقتصاديين من جهة ثانية ومصلحة المواطنين من جهة أخرى.
ونحن إذ نحاول في هذا البحث لم شتات هذه المقتضيات الجنائية نكون بصدد تشييد لبنة أولى في صرح القانون الجنائي للأعمال الذي أخد يعرف طريقه للتدريس بالمعاهد والكليات القانونية ببلادنا في انتظار سن قانون جنائي للأعمال بالمغرب في شكل قانون موحد ومستقل أسوة بالتشريعات المقارنة وذلك لتسهيل الرجوع الى هذه النصوص وخلق انسجام بينها وفق تصور شمولي يعكس الرغبة في تنظيم القطاع وتخليصه من كل الشوائب والعراقيل التي تعيق تطوره أو تهدد استقراره .
وقد اعتمدنا في هذه الدراسة على مدونة التجارة لسنة 1996 ومجموعة من النصوص الأخرى التي صدرت متزامنة معها أو بعدها ( قانون الشركات –قانون الملكية الصناعية والتجارية –قانون المنافسة وحرية الأسعار ).
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام ندرة المراجع القانونية في هذا المجال وهذا راجع إلى حداثة سن هذه القوانين وندرة الأحكام القضائية بخصوصها وعدم تبلور رؤيا واضحة لمفهوم القانون الجنائي للأعمال في الوسط القانوني المغربي .
وتجنبا للإطالة نرجئ الحديث عن هذه النصوص إلى حينه مع إبراز أهمية كل منها والتدابير الجنائية المقررة لحمايتها .
وسنقسم البحث في موضوع الحماية الجنائية للأنشطة التجارية وفق الشكل التالي :
القسم الأول : الحماية الجنائية للأنشطة التجارية في ضل مدونة التجارة .
القسم الثاني : الحماية الجنائية للأنشطة التجارية المقررة خارج نصوص مدونة التجارة .

مقدمة القسم الأول : الحماية الجنائية المقررة بمقتضى مدونة التجارة .

القسم الأول : الحماية الجنائية المقررة بمقتضى مدونة التجارة .

يندرج القانون رقم 95-15 المتعلق بمدونة التجارة ،ضمن سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والقانونية التي شهدها مؤخرا ،وما فتئ يشهدها إلى الآن .الوضع الاقتصادي المغربي ابتداءا من سنة 1983 تاريخ اعتماد السلطات المختصة في بلدنا برنامج التقويم الهيكلي ،الرامي إلى إعادة إقرار توازن مالية الدولة عن طريق الحد من عجز ميزان الاداءات ،وإلى إضفاء طابع تنافسي وتحريري على الاقتصاد الوطني وعلى التجارة الداخلية والخارجية بوجه خاص ،وإلى إعطاء المبادرة للقطاع الخاص ليقوم بالدور المنوط به في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد(1)
وقد حرصت جل التشريعات بمختلف مشاربها كل الحرص على أن تراعي قدر الامكان في صياغة المقتضيات القانونية التي تحكم التجارة والمعاملات التجارية كافة الاعتبارات والشروط التي من شأنها توفير الحماية الكافية لمختلف الأطراف الفاعلة في الحقل التجاري وتمكين السلطات العمومية من بسط مراقبتها على سائر الأنشطة الاستثمارية ولاسيما تلك التي تتسم بالحيوية
وقد رتب المشرع المغربي في مدونة التجارة لسنة 1996 ،عدة عقوبات جنائية كجزاء على الإخلال بهذه المقتضيات ،ولقد سمح تعدد الجرائم والعقوبات التي تضمنتها هذه المدونة بالإعفاء من الإحالات على ظهير 26 نونبر 1962 المتعلق بالقانون الجنائي المغربي ،خلافا لما كان عليه الأمر في ضل القانون التجاري الملغى لسنة 1913 .
ودراستا لهذه الجرائم والعقوبات الجنائية الواردة في مدونة التجارة تدخل في إطار ما يعرف بالقانون الجنائي للأعمال Droit pénal des affaires حيث وضع المشرع المغربي مقتضيات جنائية خاصة بالتجار سواء كانوا أشخاص طبعين أم إعتبارين .
وسوف نتناول مختلف حالات الجزاء الجنائي المتضمن في مدونة التجارة من خلال الفصول التالية :
الفصل الأول : جزاء مخالفة الالتزامات المفروضة على التجار .
الفصل الثاني : الحماية الجنائية للشيك كورقة تجارية .
الفصل الثالث : الجزاءات الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة في حالة افتتاح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة .
1-( امحمد) الفروجي * التاجر وقانون التجارة بالمغرب * الطبعة الثانية النجاح الجديدة – الدار البيضاء 1999

الفصل الأول : جزاء مخالفة الالتزامات المفروضة على التجار .

من أهم الآثار المترتبة على واقعة اكتساب صفة تاجر ،خضوع التاجر للواجبات المهنية المفروضة على التجار .
وهكذا يلتزم التاجر بالتسجيل في السجل التجاري ،لكي يتسنى للاغيار الإطلاع على مركزه القانوني والمالي ،ويلتزم كذلك بمسك محاسبة منتضمة وبالمحافظة على المراسلات التي يصدرها إلى مختلف عملائه وتلك التي ترد إليه منهم ،وبالتعامل بالشيك والفاتورة واحترام قواعد المنافسة ،وكذلك الالتزام باحترام القواعد المتعارف عليها لدى أوساط التجار وأرباب الحرف ،كما يلتزم التاجر بدفع الضرائب والالتزامات المنضمة بنصوص مدونة التجارة لسنة 1996 ويتعلق الأمر بالالتزام بالتسجيل التجاري . ( المبحث الأول ) والالتزام بمسك محاسبة منتضمة ( المبحث الثاني).

المبحث الأول : الجزاءات المقررة ضد الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري .

نظرا لما يوفره السجل التجاري من خدمات لجمهور المتعاملين مع التجار ،هذه الخدمات التي تتجلى في تقديم المعلومات عن المركز القانوني والملي للتاجر (الشخص الطبيعي أم الاعتباري ) ،ودور ذلك في إشاعة الثقة والائتمان بين التجار والمتعاملين معهم . لهذه الاعتبارات وغيرها تدخل المشرع بفرض مجموعة من الجزاءات ضد الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري في المواد من 62 إلى 68 من الكتاب الأول ،وتنقسم هذه الجزاءات إلى ما هو مقرر ضد مخالفة الالتزام بالتسجيل ( المطلب الأولى ) وماهو مترتب عن الإدلاء عند التسجيل ببيان غير صحيح ( المطلب الثانية ) .
وفيما يلي دراسة لهذه الجزاءات :

المطلب الأولى الجزاءات المترتبة عن مخالفة الالتزام بالتسجيل في السجل التجاري .

يعاقب بغرامة من 1000 إلى 5000 درهم ،كل تاجر أو مسير أو عضو من أعضاء أجهزة الإدارة أو التسيير لشركة تجارية وكل مدير لفرع أو وكالة أو مؤسسة أو لشركة تجارية ملزم بالتسجيل في السجل التجاري ،إن لم يطلب التقييدات الواجبة في الآجال المنصوص عليها ( المادة 62 مدونة التجارة ) . وتطبق نفس العقوبة في حالة عدم مراعاة مقتضيات المادة 39- أي عند قيام الملزم بالتسجيل بصفة رئيسية بالتسجيل في عدة سجلات محلية أو في سجل محلي واحد تحت عدة أرقام .
غير أن الفقرة الثانية من المادة 63 تعطي الملزم بالتسجيل أجل مقداره شهرين لاستدراك التقييد المغفل ،فإذا لم يتم ذلك تقضي المحكمة بغرامة جديدة ،وإذا تعلق الأمر بفرع أو وكالة أجنبية فالمحكمة تأمر بالإضافة إلى الغرامة بإغلاقه إلى أن ينصاع إلى الأمر .
وقد اكد القضاء أن تطبيق الغرامة على المخالفة لإجراء القيد يتوقف على توجيه إنذار من طرف الإدارة ،وبالتحديد من الوزير المكلف بالتجارة أو الشخص الذي يفوض إليه ذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسليم ،وانصرام شهر بعده . ( 1 )
وقد يثور السؤال حول ما إذا كانت هذه العقوبة تطبق فقط في حالة عدم القيام بالتقييد في السجل التجاري أم تشمل حتى تلك التقييدات اللاحقة الواجب إجراؤها ،أي التقيدات المعدلة ؟
يجمع الفقه على أن تطبيق العقوبة المقررة ضد الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري الذين لا يطلبون إجراء التسجيل داخل الآجال القانونية المحددة لذلك يشمل كذلك التقيدات اللاحقة الواجب إجراؤها . بل إن من الفقه من يذهب إلى أن العقوبة الواردة في المادة 62 تطبق أيضا عند عدم طلب تشطيب التسجيل من السجل التجاري .
ويصدر الحكم بالغرامة عن المحكمة الموجود بدائرتها المعني بالأمر وذلك بطلب من القاضي المكلف بمراقبة السجل التجاري .بعد الاستماع إلى المعني بالأمر أو استدعائه بصفة قانونية . وإذا كانت مدونة التجارة لم تحدد بنص صريح المحكمة المختصة نوعيا بإصدار هذه الغرامة فإن منطق الأمور يقضي بأن المحكمة الابتدائية هي ذات الاختصاص النوعي ،لأن الأمر يتعلق بدعوى عمومية ،لا يتصور أن تكون من اختصاص المحكمة التجارية التي ليس لها الصلاحية للبث في الدعاوى العمومية . وما دام اختصاص هذه المحاكم وارد في المادة الخامسة من القانون رقم 95.53 المحدث للمحاكم التجارية على سبيل الحصر ( 2 )
1 – انظر فؤاد معلال – شرح القانون التجاري المغربي الجديد ( ط 2 . 2001 ) ص 119 ( إسم المطبعة غير وارد ) .
2 - انظر بهذا الخصوص : * أمحمد لغروبي - التاجر وقانون التجارة بالمغرب ص 304 .-م.ص.
* عبد الكريم الطالب – الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ص 73 وما بعدها .
* محمد محجوبي – القانون القضائي الخاص – الجزء الأول ص 66 وما بعدها .

المطلب الثاني الجزاءات المترتبة عن الإدلاء ببيان غير صحيح لمصلحة السجل التجاري .

نصت مدونة التجارة لسنة 1996 على عقوبة مشددة شيئا ما جزاءا لمن يدلي بسوء نية ببيان غير صحيح قصد تقيده أو تسجيله بالسجل التجاري .
وذالك تداركا منها للنقص الحاصل في الرقابة القضائية على صحة البيانات المضمنة في تصريحات الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري ،حيث عاقب المشرع بنص المادة 64 على هذا الفعل بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 1000 إلى 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
وتطبق نفس هذه العقوبات ضد من ضمن بسوء نية بيانا غير صحيح في إحدى الوثائق التجارية للتجار أو الشركات التجارية .
ويمكن أن تضاعف العقوبة أعلاه في حالة العود ،أي عند ارتكاب نفس الجنحة خلال خمس سنوات التي تلي الحكم بالإدانة ،بصرف النظر عن القواعد المقررة في القانون الجنائي بشأن العود .
ويعتبر مجرد الإدلاء ببيان غير صحيح لمصلحة السجل التجاري قرينة على أن هذا الإدلاء غير الصحيح أو تضمينه في إحدى الوثائق التجارية ،قد ثم بسوء نية وأن المعني بالأمر كان على علم بعدم صحة البيان المدلى به ،ويجوز للمعني بالأمر إثبات العكس بجميع الوسائل مادامت القرينة متعلقة بواقعة مادية ( 1)
ويجب أن يتضمن الحكم بالإدانة الأمر بإصلاح البيان الكاذب ،هذا مع العلم أن هذه المقتضيات لا تحول دون تطبيق مقتضيات القانون الجنائي عند الاقتضاء مثل المتابعة بجريمة النص والاحتيال .

المبحث الثاني : جزاء مخالفة الالتزام بمسك المحاسبة والمحافظة على المراسلات .

بالرجوع إلى القانون رقم 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها ،نجده ينص على أنه * يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة تاجر بمدلول هذه الكلمة في قانون التجارة ،أن يمسك محاسبة وفق القواعد التي ينص عليها هذا القانون ،والبيانات الواردة في الجداول الملحقة به ،وعليه لهذه الغاية أن يسجل في محاسبة جميع الحركات المتعلقة بأصول وخصوم منشأته مرتبة تبعا لتسلسلها الزمني . عملية عملية ويوما بيوم ... *
وتأتي هذه المقتضيات بناءا على رغبة المشرع في تدعيم الثقة بين التجار ،وعندما صدرت مدونة التجارة لسنة 1996 .لم تعمل سوى على الإحالة على القانون 9.88 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف 1.92.138 بتاريخ 30 جمادى الأولى1413 الموافق 25 دسنبر 1992
وقد أضافت المدونة الجديدة بعض المقتضيات الخاصة بوضعية الوثائق المحاسبية وأخرى خاصة بالجزاءات المقررة ضد من يغفل مسك محاسبة منتضمة أو يغفل مسكها على الإطلاق
1 – القرائن نوعان: - قرائن قضائية يستنبطها القاضي من ضر وف الدعوى .
- قرائن قانونية يستخلصها المشرع من حالات يغلب وقوعها وينص عليها.
والقرائن القضائية وكذلك القانونية تقوم على فكرة الاحتمال والترجيح ،وتنقسم القرائن القانونية بدورها إلى قسمين قرائن قانونية قاطعة وأخرى غير قاطعة وهي التي يجوز فيها إثبات العطس أنظر وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي : إدريس العلوي العبدلاوي ( ص 130 – 131 \ 137 ) .
وسنقتصر هنا على ذكر الجزاءات ذات الطابع الجنائي دون الجزاءات ذات الطابع المدني وإن كانت هذه الأخيرة لا تقل أهمية ( 1 ) ،وذلك نضرا لتركيزنا في هذا البحث على الحماية الجنائية والمتمثلة في فرض بعض الجزاءات الجنائية .
وفي هذا الإطار تنص المادة 386 من القانون رقم 17.95 المتعلق بالشركات المساهمة على أنه * يعاقب بغرامة من 40000 إلى 400000 ألف درهم أعضاء أجهزة الإدارة والتسيير لشركة مساهمة الذين :
لم يعدوا برسم كل سنة ملية الجرد والقوائم التركيبية السنوية وتقرير التسيير .
لم يودعوا بكتابة ضبط المحكمة القوائم التركيبية وتقرير مراقبي الحسابات داخل الأجل المحدد .
كما يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من 100000إلى مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،أعضاء أجهزة الإدارة والتسيير لشركة مساهمة الذين :
ورعوا عن قصد على المساهمين أرباحا وهمية في غياب أي جرد .أو بالاعتماد على جرد تدليسي .
قاموا عن قصد ولو في حالة عدم توزيع أرباح وبغية إخفاء وضع الشركة الحقيقي بنشر أو تقديم قوائم تركيبية سنوية للمساهمين لا تعطي صورة صادقة للنتائج المحققة برسم كل سنة مالية ،والوضع المالي للشركة وذمتها المالية عند انتهاء تلك الفترة . ( م .384 \ ق .17.95 )
وتقضي المادة 357 \1 من القانون الجنائي بخصوص الحالة التي يثبت فيها تزوير أو تحريف في الوثائق المحاسبية باعتبارها من أهم المحررات التجارية بأنه * من ارتكب بإحدى الوسائل المشار إليها في الفصل 354 ( 2 ) تزويرا في محرر تجاري أو بنكي أو حاول ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 250 إلى 20000 درهم .
والملاحظ أن الشيك يتميز عن باقي الأوراق التجارية ( الكمبيالة –السند لأمر –ووسائل الأداء الأخرى ) بالتنصيص على أحكام زجرية خاصة به تجعله أكثر ضمانا وجدارة بالثقة في التعامل عكس باقي الأوراق التجارية التي تفتقر لمثل هذه الحماية اللهم العقوبات المدنية التي تتخذ في الغالب إما شكل بطلان الورقة أو تعويض عن الضرر .
لهذه الأسباب كان لزاما علينا الحديث في إطار الحماية الجنائية للأنشطة التجارية داخل نصوص مدونة التجارة عن الشيك كورقة تجارية دون باقي الأوراق التجارية الأخرى الواردة في الكتاب الثالث من المدونة ،وسنتناول هذه الورقة التي تنزل منزلة النقود بالتحليل في مطلبين نخص الأول لدراسة شروط صحة الشيك من الناحية الجنائية بينما نخصص المبحث الثاني لبيان مختلف الجرائم المرتبطة بالشيك
1 – من أهم الجزاءات المدنية .
فرض الضريبة الواجبة على الملزم على أساس افتراضي جزافي ( م . 23 \ ق 9.88 )
فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد كل من تبت مسكه لمحاسبة وهمية أو عمل على إخفاء وثائق محاسبة الشرعية ( م 706 \ ق 15.95 )
الحكم بسقوط الأهلية التجارية .
عدم إمكانية الاستناد على هذه الوثائق كوسيلة إثبات بين التجار .
2 – كخلق أشخاص وهمية واستبدال أشخاص بآخرين ،والحذف والتحريف في الكتابة والتوقيع والشطب والمحو والاضافة ومحو بيان أو إضافة بيان أو التمزيق وغيره من وسائل التزوير سواء كانت باليد أو بالآلة أو بمواد كيماوية .
1 – بخصوص جرائم الغش الضريبي التي تعتبر من الجرائم الاقتصادية والتي ثم إقرارها بموجب السنة المالية 1996 – 1997 .أنظر الجريدة الرسمية عدد 4391 بتاريخ 1 يوليو 1996 وكذلك مقال الاتحاد الاشتراكي 15 – 5 – 1996 تحت عنوان تجريم الغش الضريبي .
2 – أنظر عز الدين بن ستي – دراسات في القانون التجاري المغربي – الجزء الأول . ط الثانية 1998 ص 246 إسم المطبعة غير مشار إليه

الفصل الثاني : الحماية الجنائية للشيك كورقة تجارية .

من بين المشاكل التي كانت تطرحها البنية القانونية لجرائم الشيك مشكل الإحالات les reunois أي تعدد النصوص التشريعية القابلة للتطبيق ،مثل ظهير 1939 ،ظهير 26 نونبر 1962 – المدونة الجنائية - ،ثم ظهير 1 غشت 1996 – المدونة التجارية الجديدة . والملاحظ أن هذه الأخيرة وإن كانت قد تضمنت لأول مرة أحكاما تتعلق بالشيك بما فيها المقتضيات الزجرية ،فإنها لم تلغ بصورة صريحة ظهير 1939 ولا ظهير نونبر 1962 ،ولكن بما أنها تنظم نفس الموضوع ،وانطلاقا من أن المبدأ يقضي بأن النص الجديد يلغي النص القديم حكما في حدود تعارضهما ،فإنه يمكن الحديث عن إلغاء ضمني ( 1 )
فالمدونة الجديدة خصصت الباب الحادي عشر للأحكام العامة والزجرية المتعلقة بالشيك ،بحيث تضمنت مقتضيات وقائية وأخرى زجرية ضد مرتكبي جرائم الشيك كما أن لائحة هذه الجرائم أتت واسعة بالمقارنة مع الفصول من 543 – إلى 545 من القانون الجنائي ،كما هو الشأن بالنسبة لقبول تسليم شيك مزور أو مزيف أو تظهيره أو ضمانه ضمانا احتياطيا مع العلم بذلك – بينما كان النص الجنائي يجرم فقط قبول تسلم شيك يعلم أنه مزيف أو مزور .ومن جهة أخرى استحداث جريمة استعمال أو محاولة استعمال شيك مزيف أو مزور ( 2 )
كما أن المدونة الجديدة أعفتنا من مشكل الإحالات الداخلية ،سواء بالنسبة للتجريم أو الجزاء في مادة الشيك ،وهذا بخلاف ما نجده في المدونة الجنائية ،حيث تحيل الفصول 543 – 545 بالنسبة للعقوبات إلى الفصول 540 الخاص بالنص و 357 و 358 المتعلق بالتزوير من نفس المدونة الجنائية .وبهذا يمكن القول بأن المدونة التجارية الحالية قد ألغت ضمنيا الفصول 543 – 546 من المدونة الجنائية ( 3 )
ويأتي هذا الاهتمام البالغ من المشرع المغربي بالشيك عن طريق إحاطته بمجموعة من القواعد إن على مستوى الوقاية أو التجريم أو العقاب ،بالنظر إلى المساحة الكبيرة التي يشغلها الشيك كورقة تجارية في إطار المعاملات اليومية بين المتعاملين به عامة والتجار خاصة .
والملاحظ أن الشيك يتميز عن باقي الأوراق التجارية ( الكمبيالة –السند لأمر –ووسائل الأداء الأخرى ) بالتنصيص على أحكام زجرية خاصة به تجعله أكثر ضمانا وجدارة بالثقة في التعامل عكس باقي الأوراق التجارية التي تفتقر لمثل هذه الحماية اللهم العقوبات المدنية التي تتخذ في الغالب إما شكل بطلان الورقة أو تعويض عن الضرر .
لهذه الأسباب كان لزاما علينا الحديث في إطار الحماية الجنائية للأنشطة التجارية داخل نصوص مدونة التجارة عن الشيك كورقة تجارية دون باقي الأوراق التجارية الأخرى الواردة في الكتاب الثالث من المدونة ،وسنتناول هذه الورقة التي تنزل منزلة النقود بالتحليل في مبحتين نخص الأول لدراسة شروط صحة الشيك من الناحية الجنائية بينما نخصص المبحث الثاني لبيان مختلف الجرائم المرتبطة بالشيك
1 – مبارك السعيد بن القايد : القانون الجنائي الخاص . ص 261 اسم المطبعة غير مشار إليه .
2 – نفس المرجع .
3 – نفس المرجع ونفس الصفحة .

المبحث الأول : شروط صحة الشيك من الناحية الجنائية : ( 1 )

لما كان محل المسؤولية الجنائية في جرائم الشيك هو الشيك نفسه ،فإن من اللازم التساؤل عما إذا كان من الضروري اشتمال الشيك على جميع مقوماته الشكلية والموضوعية حتى يتسنى حمايته جنائيا أم لا .
وفي هذا الصدد يذهب الأستاذ شكري السباعي إلى أنه : *من الصواب تسليط العقاب على من ارتكب جريمة إصدار شيك بدون رصيد سواء كان الشيك صحيحا أو باطلا ،لأن الشارع يهدف إلى حماية الوفاء . لا عملية إنشاء الشيك وتوفره على البيانات الإلزامية أي أن الزجر الجنائي للإصدار دون رصيد ،والبطلان للإخلال بقواعد الإنشاء ،وأن من شأن ذلك أن يقطع دابر التهرب من تطبيق قواعد القانون الجنائي بترك بعض البيانات الإلزامية * ( 2 )
وقد ذهب المجلس الأعلى في إحدى قراراته إلى أن * الشيك يحتفظ بصفته هذه إزاء قانون العقوبات ولو فقد هذا الطابع إزاء القانون التجاري على إثر فساد لحقه في الشكل * ( 3 )
وبالرجوع إلى المواد 307 إلى 321 من مدونة التجارة نجدها لا تفرق بين الشيك الصحيح والشيك المعيب ،مما يدعو إلى القول أنه يكفي لتطبيق العقوبة أن يكون للورقة مظهر شيك مادام هدف المشروع من الحماية الجنائية للشيك هو حماية الثقة في التعامل به كورقة تجارية وتسهيل تداولها بين الأفراد باعتبارها أداة وفاء ثحل محل النقود ( 4 ) وعليه سنتحدث في هذا المبحث عن أثر تخلف شرط من الشروط الشكلية ( المطلب الأولى ) ثم أثر تخلف شرط من شروط الموضوعية ( المطلب الثاني )

المطلب الأول: أثر تخلف شرط من الشروط الشكلية :

حتى يمكن وصف الشيك بهذه الصفة يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط
الشكلية وهي :
شرط الكتابة
شرط الكفاية الذاتية
وجوب توفر البيانات الإلزامية
وسندرس كل شرط من هذه الشروط مع بيان مدى تأثير كل واحد منها على المسؤولية الجنائية .
أولا شرط الكتابة الكتابة شرط جوهري لإنشاء الشيك ،وبدونها يستحيل تداوله وبالتالي قيامه بوضيفته كأداة وفاء ،والحماية الجنائية تشمل الشيك متى كان محررا على النموذج المطبوع المسلم من طرف المؤسسة البنكية .
فالكتابة إذن شرط لازم لوجود الشيك وبدونها ينعدم الشيك وبالتالي تنعدم الجريمة التي تتحقق بها المسؤولية الجنائية .
1 - أنظر بهذا الخصوص : محمد أوغريس : المسؤولية الجنائية عن جرائم الشيك في التشريع الحديد . ط الثانية، دار القرويين – الدار البيضاء 2002 .
2 – شكري السباعي: الوسيط في القانون التجاري والمقارن – الجزء الثاني – ص 319
3 – قرار جنائي عدد 466 صادر بتاريخ 10 – 12 – 59 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 28 يوم 3 أبريل 1930 ص 239
4 – محمد أوغريس – المرجع السابق . ص 60
ثانيا : شرط الكفاية الذاتية :
ومعنى ذلك أن ورقة الشيك يجب أن تكون مستقلة بذاتها وأن تكون قيمتها مقدرة بصفة نهائية لا تدع أي مجال للشك وذلك بمجرد الإطلاع ،أي دون حاجة في تقديرها للرجوع إلى الوقائع أو الاتفاقيات الخارجة عنها ،كأن تعلق قيمة الشيك على قيام حامله أو المستفيد منه بأمر معين ،بل يجب أن يتضمن الشيك الأمر الناجز بأداء مبلغ معين من النقود .
ثالثا : البيانات الإلزامية :
يتطلب الشيك حتى يكون صحيحا مجموعة من البيانات ( 1 ) و إلا اعتبر باطلا ولم يكن له أي أثر من الناحية التجارية ،لكن ما مدى تأثير تخلف أحد هذه البيانات على المسؤولية الجنائية ؟ .
أ – التسمية : أوجب المشرع ذكر تسمية الشيك في السند ذاته وبنفس اللغة التي حرر بها ،بغية التعرف مباشرة وبسرعة على طبيعة هذه الورقة وتميزها عن الأوراق التجارية الأخرى .
ويترتب عن عدم ذكر تسمية الشيك ،فقدان صفته وخاصيته وتحوله إلى مجرد وثيقة عادية لإثبات الدين ( م. 214 .من مدونة التجارة ) .
ب – الأمر الناجز بدفع مبلغ معين من النقود : يؤدي غياب تضمين الشيك للأمر ويذهب بعض الفقه إلى ضرورة إحاطة الشيك بالحماية الجنائية رغم تخلف ذكر الناجز بالأداء أي الدفع بمجرد الإطلاع إلى فقدان الشيك خاصيته كوسيلة أداء ويصبح وسيلة ائتمان مما ينفي المسؤولية عن الساحب عند عدم توفيره مؤونة للأداء عند الطلب .
ج – إسم المسحوب عليه : لا يمكن مسائلة من أصدر شيكا دون توفير المؤونة اللازمة عند تقديمه ،إذا ما اتضح أن الشيك خال من إسم المسحوب عليه ،لأن ذكر إسم المسحوب عليه بيان جوهري يترتب عن تخلفه بطلان الشيك .
والمسحوب عليه يكون دائما مؤسسة بنكية أي مؤسسة قرض أو أية هيئة يخولها القانون صلاحية مسك حسابات ويمكن أن تسحب عليها شيكات .
د – مكان الأداء : عدم ذكر مكان الأداء لا يترتب عليه البطلان مادام يمكن اعتبار المكان المذكور بجانب المسحوب عليه هو مكان الأداء حسب المادة 240 من مدونة التجارة .
وبالتالي لا يعفي الساحب من المسؤولية الجنائية إذا ما قام بإصدار شيك دون توفير المؤونة اللازمة .
ه – تاريخ سحب الشيك : يجب أن يكون الشيك مؤرخا ،وذلك بالنظر إلى أهمية
التاريخ في تحديد أهمية الساحب وفي احتساب مواعيد تقديم الشيك للوفاء ( 2) وفي احتساب مدة التقادم .
ويعتبر هذا البيان إلزاميا يترتب على تخلفه بطلان الشيك ،لكن قد يعمد الساحب إلى توقيع الشيك وتضمينه باقي البيانات مع تركه مكان التاريخ فارغا ،فيقوم المستفيد بملأ الفراغ أو البياض وعندها يكون الشيك صحيحا ،وبالتالي يسأل الساحب جنائيا إذا مالم يوفر مؤو نته أو أغفل ذلك .
1 – المادة 239 من مدونة التجارة .
2– إذا كان هذا الشيك منشأ في المغرب فإن أجل تقديم الشيك للوفاء يتحدد في 20 يوما . أما إذا كان صادرا خارج المغرب ولكنه مستحق الوفاء فيه فيتحدد هذا الموعد
في 60 يوما ( م 268 )
ر – مكان السحب : قد تتعدد فروع المؤسسة البنكية المسحوب عليها وعندها يجب تحديد مكان السحب وإلا اعتبر هو مكان المؤسسة الأصلي ،وتبعا لذلك لا يترتب على عدم ذكر هذا البيان انتفاء مسؤولية الساحب الجنائية .
ز – توقيع الساحب : توقيع الساحب على سند الشيك يعتبر من أهم البيانات الإلزامية ،إذ يعبر عن رضا الساحب . وقد يكون التوقيع من طرف الساحب شخصا أو من طرف وكيل ،ويترتب على عدم التوقيع بطلان الشيك وانتفاء المسؤولية الجنائية للساحب .
و – إسم المستفيد : لم ينص المشرع على وجوب تعيين إسم المستفيد ،إذ من الممكن أن يترك على بياض فيكون الشيك للحامل ،وعليه لا يمنع عدم ذكر اسم المستفيد من تمام المسؤولية الجنائية للساحب .
وخلاصة القول أن تخلف أي شرط من الشروط الإلزامية التي بإمكانها أن تفقد الشيك خاصيته كوسيلة أداء ناجزة يعفي الساحب من المسؤولية الجنائية متى قام بإصدار شيك دون توفير مؤونة أو إغفال ذلك .

المطلب الثانية : أثر تخلف شرط من الشروط الموضوعية :

يشترط لصحة الشيك إلى جانب الشروط الشكلية التي سبق ذكرها توافر شروط أخرى موضوعية وهي الشروط المتطلبة عموما لصحة التصرفات القانونية والرضى والأهلية والمحل والسبب ويضاف شرط خاص وهو وجوب توافر المؤونة ولما كان تخلف أحد هذه الشروط قد يترتب عنه البطلان فمن اللازم التساؤل عن أثر هذا البطلان على المسؤولية الجنائية .
أولا : تخلف شرط الأهلية :
يذهب بعض الفقه ( 1) إلى * أن بطلان الالتزام من الناحية المدنية لا يؤثر إطلاقا
على صحة الشيك ،كونه ورقة متضمنة أمرا بالدفع بمجرد الإطلاع وقد حوت من البيانات ما يجعلها تقوم مقام النقود أي أنها تتجرد عن الالتزام الناشئة عنه فيستوي أن يكون صحيحا أو باطلا * .
والأصل في التشريع المغربي أن كل شخص أهل للالتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بخلاف ذلك .
وأهلية الالتزام بالشيك تثبت للشخص بلوغ سن الرشد القانوني الذي يتحدد في 18 سنة شمسية دون أن يكون مصابا بعارض من عوارض الأهلية(2)
ثانيا : تخلف شرط الرضا :
يشترط لإلزام الساحب بالشيك أن يكون صادرا عنه بإرادة واختيار ،أي خاليا من عيوب الرضاء ( الإكراه ،الغلط ،التدليس ،الغبن المقرون بالتدليس ) فالمسؤولية الجنائية تنتفي بانتفاء الإرادة الحرة ،وكذلك الأمر بالنسبة للساحب الذي يقع في غلط مادي عند تحريم لشيك نتيجة معلمات خاطئة تلقاها عن المسحوب عليه بخصوص المؤونة.(3 )
ثالثا : تخلف شرط المحل :
يعتبر محل الشيك هو المبلغ النقدي المذكور فيه ،فإذا تخلف هذا المحل بان تضمن شيء آخر النقود فقد الشيك صفته واعتبر باطلا ،وسقطت عنه الحماية الجنائية ( 3 )
رابعا : تخلف شرط السبب :
السبب في الشيك هو أساس العلاقة القانونية التي سحب من اجلها الساحب الشيك لفائدة المستفيد .لكن إذا كان السبب يجب أن يكون مشروعا وحقيقيا حتى يكمل بنيانه فما اثر هذه المشروعية على قيام المسؤولية الجنائية .
للإجابة عن هذا السؤال يجب الرجوع إلى الغاية من وضع هذه المؤيدات القانونية لحماية الشيك ،فإذا علمنا انه ما وضعت إلا لحماية الثقة في التعامل بالشيك كأداة وفاء تقوم مقام النقود ،فإن عدم مشروعية السبب الدافع إلى إصدار الشيك لا يحول دون مسائل الساحب جنائيا متى أصدر شيكا واتضح انه لم يوفر له مؤونة كافية أو اغفل ذلك .
1 – دالوز الأسبوعي سنة 1926 صفحة . 229
2 – لمزيد من التوسع في موضوع الأهلية القانونية للساحب : راجع :
- امحمد لفروجي – العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – 1998 – ص 158 ومايايها .
3– محمد أوغريس : المرجع السابق .
4– محمد اوغريس : نفس المرجع.

المبحث الثاني :أنواع جرائم الشيك :

يمكن تقسيم أنواع جرائم الشيك إلى جرائم ترتكب من طرف الساحب وأخرى ترتكب من طرف المستفيد أو الحامل إلى جانب الجرائم التي يمكن أن يرتكبها المسحوب عليه ( 1 ) ،كما يمكن تقسيمها إلى جرائم مرتبطة بمؤونة الشيك( المطلب الأول ) وجرائم مرتبطة بتغيير حقيقة الشيك ( المطلب الثاني ) وأخرى مرتكبة من طرف المسحوب عليه ( المطلب الثالث ) .

المطلب الأولى : الجرائم المرتكبة بمؤونة الشيك :

ويتعلق الأمر بكل من جريمة انعدام أو إغفال توفير مؤونة الشيك ( أولا ) وجريمة التعرض بصفة غير صحيحة على الوفاء بالشيك ( ثانيا ) وجريمة قبول أن تظهير شيكات الضمان ( ثالثا ) ثم جريمة إصدار الساحب أو موكله شيكات رغم الأمر الموجه إليه من البنك أو خرق للمنع القضائي ( رابعا )
أولا : انعدام أو إغفال توفير مؤونة الشيك :
حلت هذه الجريمة محل جريمة إصدار الشيك بدون رصيد ( 2 ) حيث يستنتج من مقتضيات م .316 تجاري أن فعل إصدار شيك في حد ذاته ولو بدون مؤونة ،لم يشكل جريمة كما كان الشأن في السابق ،فلكي تقوم جريمة إصدار شيك بدون رصيد في نطاق الفصل 543 جنائي كان لابد وأن ينعدم في اللحظة التي أصدر فيها الشيك رصيد موجود مسبقا أي سابق على فعل الإصدار ( 3 ) .أما في إطار المادة 316 من مدونة التجارة لسنة 1996 فقد تغيرت النظرة ولم تعد قائمة عكس السابق علة عدم وجود مؤونة عند الإصدار بل أصبحت هذه الجريمة تقوم متى انعدمت المؤونة عند بلوغ الأجل وتقديم الشيك للأداء من كرف المستفيد للبنك المسحوب عليه .
ويترتب على ذلك نتيجة هامة نفاذها ،أن القضاء لم يعد يعتد بتاريخ الإصدار بل بتاريخ الاستحقاق ،وما دام أن إصدار الشيك بدون رصيد لم يعد مجرما إلا من وقت عدم الأداء عند حلول الأجل ،فإن المستفيد أيضا لم يعد يعاقب على قبول شيك يعلم أنه بدون رصيد عند إصداره .
وترتبط هذه الجريمة بالساحب ،كما يرتبط قيامها بإصدار الشيك كسند من جهة
وبإغفال الحفاظ على المؤونة أو تكوينها لأداء الشيك عند الكلب من جهة ثانية وذلك دون اشتراط توفر القصد الجنائي ،باعتبارها جريمة مادية ،وذلك ما يستفاد من عبارة * أغفل * الواردة في المادة 316 .عوض عبارة * بسوء نية * الواردة في الفصل 543 جنائي .
وعليه لا تقوم مسؤولية الساحب عن هذه الجريمة إلا بتوافر شرطين أساسيين :
1 – يتبنى هذا التفسير الدكتور محمد أوغريس . المرجع السابق .
2 – الملاحظ أن إصدار شيك بدون رصيد لم يعد معاقبا عنه في فرنسا منذ تشريع 30 ديسمبر 1991 الهامش السابق رقم 1 ص 263 – مبارك السعيد بن القائد – المرجع السابق .
3 – نفس المرجع ،ونفس الصفح
وجوب إصدار شيك :
والمقصود بفعل الإصدار ليس هو التحرير والإنشاء للشيك فقط ،بل إخراجه من حيازة الساحب القانونية إلى حيازة الغير ( 1 ) ،فإصدار الشيك هو العملية التي يتم بها إطلاق الشيك وطرحه للتداول .ويكون التسليم إما مباشرة وإما برسالة إلة المستفيد عن طريق البنك أو بواسطة شخص آخر بعد كتابة البيانات الإلزامية أو الاكتفاء بالإمضاء عليه ،على ان يضيف المستفيد باقي البيانات الأخرى .
وعليه لا يتحقق الركن المادي للجريمة بمجرد تحرير الشيك بل لابد من تسليمه للمستفيد أو لمن يقوم مقامه ،والسليم يجب أن يكون نهائيا فلو كان على سبيل وديعة مثلا لم يكن نهائيا وبالتالي فإن فعل الإصدار لا يتحقق ،كما يجب أن يكون التسليم إداريا أي صادر عن إدارة حرة غير مشوبة بعيب من عيوب الرضاء ( 2 )
1. عدم وجود المؤونة أو عدم كفايتها وقت تقديم الشيك للأداء :
فقد قيد المشرع تحقق الجريمة برفض المسحوب عليه الوفاء بقيمة الشيك عند التقديم بسبب عدم وجود مؤونة كافية ( 3 ) وليس لسبب آخر كعدم إدلاء المستفيد بجميع الوثائق التي يطلبها المسحوب عليه .
ولا يشترط لقيام الجريمة تقديم الشيك للمسحوب عليه داخل أجل التقديم ،بل إنها تتحقق حتى ولو ثم التقديم في تاريخ لاحق ما دام الشيك فد استوفى شكله القانوني ولأن الحماية الجنائية التي قررها المشرع له تقتضي وجود المؤونة وقت التقديم ( 4 ) كما أن حق الحامل في مطالبة المسحوب عليه بالوفاء لا يسقط بانقضاء أجل التقديم بل يبقى قائما طوال مدة سنة ابتداء من تاريخ انقضاء أجل التقديم ( المادة 271 ،م. ت )
وفي حالة نقصان المؤونة فإن الجريمة تتحقق أيا كانت نسبة النقص ولو كانت
ضئيلة ،وهي تتحقق ولو قام الساحب بعد تقديم الشيك للمسحوب عليه بتكملة النقصان الحاصل في المؤونة ،لأن العبرة بوجودها هي لوقت التقديم ،غير انه يجوز للمحكمة تخفيف عقوبة السجن في مثل هذه الحادثة أو إسقاطها إدا قام الساحب تكملة النقص وتوفير المؤونة الكافية خلال أجل عشرين يوما من تاريخ التقديم ( المادة 325 م.ت )
ثانيا :التعرض بصفة غير صحيحة على وفاء الشيك :
استنادا إلى القاعدة التي تقضي بأن إصدار الشيك لا رجعة فيه ،فإن تعرض الساحب على وفاء الشيك لا يكون مقبولا إلا في حالات استثنائية محددة بنص القانون .وقد جاء تعداد هذه الحالات في المادة 271 من مدونة التجارة على سبيل الحصر :* لا يقبل تعرض الساحب على وفاء الشيك إلا في حالة * :
فقدانه أو سرقته أو الاستعمال التدليسي للشيك أو تزويره .

الفصل الثالث : العقوبات الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة في حالة افتتاح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة .

أعطى المشرع للمحكمة ( 1 ) دورا فعالا في نظام معالجة صعوبات المقاولة ،سواء في مرحلة الوقاية أو في مرحلة المعالجة أو عند التسوية أو التصفية القضائية . وذلك من خلال توسيع اختصاصاتها وإعطاء القاضي سلطة تقديرية واسعة ،ففي مرحلة الوقاية والتي لا تكون فيها المقاولة قد توقفت عن دفع ديونها بعد ،يتدخل رئيس المحكمة بطلب من رئيس المقاولة ( 2 ) للمصادقة على الاتفاق المبرم بين المدين والدائنين قصد منح آجال جديدة للأداء ،وكل ذلك بهدف تفادي التوقف عن دفع الديون المستحقة على المقاولة .
أما إذا توقفت المقاولة عن أداء الديون المستحقة عليها فإن تدخل الحكمة يصبح إجباريا لدراسة ما إذا كان من الممكن تسوية وضعيتها أو الحكم عليها بالتصفية القضائية ( 3 )
وبرجوعنا للقسم الخامس من الكتاب الخامس من مدونة التجارة نجد المشرع قد نص على نضام عقابي في حق المسيرين الذين لا ينجزون مهامهم بنزاهة وإخلاص كافيين وهذه العقوبات إما مدنية أو جنائية أو مهنية .
فبالإضافة إلى العقوبات المالية المنضمة بمقتضى الباب الأول من القسم الخامس المتعلق بالعقوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة ،نص المشرع على عقوبات جنائية ،وذلك رغبة منه في حماية الائتمان والثقة المتبادلة بين التجار ،والضرب على أيدي المتلاعبين وسيئي النية من المسيرين للمقاولة الفردية التجارية أو الحرفية أو للشركة التجارية .
ونقسم الحديث عن هذه الجرائم والعقوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة في حالة فتح مسطرة المعالجة إلى مبحتين نخصص الأول لجريمة التفالس والجرائم الأخرى والعقوبات المقررة لها ثم نتناول في المبحت الثاني أحكام سقوط الأهلية التجارية باعتبارها عقوبة إضافية في حالة فنح المسطرة .

المبحث الأول : في التفالس والجرائم الأخرى

الفقرة 1 * جريمة التفالس Banqueroute
التفالس هو الجزاء الجنائي لبعض التصرفات التدليسية التي يقوم بها مسيرو مقاولة خاصة لمسطرة المعالجة أو مسطرة التصفية القضائية ،ويقع تحت طائلة التفالس في حالة افتتاح مسطرة المعالجة كل مسير سواء كانت فردية أو اتخذت شكل شركة ،وسواء كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين يتقاضون عن عملهم أجرا أم لا ( 4 )
1 – أي المحكمة التجارية المفتوحة أمامها مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية
2 – رئيس المقاولة في مدلول صعوبات المقاولة هو الشخص الطبيعي المدين أو الممثل القانوني للشخص المعنوي المدين ،طبقا لمادة 545 من المدونة .
3 – عزيز جبروني * التسوية والتصفية القضائية للمقاولة * الطبعة الأولى ،دار القلم الرباط 200 ،ص من 2 إلى 5
4 – نفس المرجع ،ص 65
وقد جنح المشرع المغربي في مدونة التجارة لسنة 1996 إلى التخفيظ من عدد الجرائم التي يقوم بها مسيرو مقاولة خاضعة لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية والتخفيف من شدة العقوبات المقررة لها ،ويتجلى ذلك في :
أ‌- إلغاء تقسيم التفالس إلى تفالس بسيط أو بالتقصير وتفالس بالتدليس أو الاحتيالي فوضع جريمة واحدة ،وعقوبة واحدة لنظام جديد ووحيد هو * التفالس * ( 1 )
ب‌- التخفيظ من الحد الأدنى لعقوبة التفالس : فبعد أن كانت هذه العقوبة هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات للفصل 561 من القانون الجنائي ،أضحت هذه العقوبة من سنتين إلى خمس سنوات ،طبقا للمادة 722 من مدونة التجارة .
ت‌- اقتران العقوبة الحبسية بالغرامة في المدونة الجديدة ،خلافا لما كان عليه الأمر في القانون الجنائي ،وإعطاء الحق أو السلطة التقديرية لقضاء الموضوع لاختيار العقوبة الملائمة التي قد يكون الحبس والغرامة وقد تكون الحبس وحده أو الغرامة وحدها .
ث‌- لم يعد التوقف عن الدفع هو الأساس القانوني لتحريك الدعوى العمومية بالتفالس ضد المدين بل أضحى من الواجب صدور حكم من المحكمة التجارية أولا بفتح مسطرة من مساطر المعالجة ( 2 )
وفيما يلي عرض للأفعال المبررة للإدانة بالتفالس ( أولا ) والأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس ( ثانيا ) ثم العقوبات المطبقة على المتفالس ( ثالثا )
أولا : الأفعال المبررة للإدانة بالتفالس :
يشترط أولا للإدانة بجريمة التفالس عن الأفعال أو الحالات التي سيأتي ذكرها، أن تكون المسطرة المفتوحة ضد المقاولة المتوقفة عن الدفع تتمثل في مسطرة المعالجة أي التسوية القضائية ،كما تنص الفقرة 721 من مدونة التجارة . وخلافا لذلك ،فإذا كانت المسطرة المفتوحة تتمثل في التصفية القضائية فلا تتم المتابعة من اجل التفالس ،وإنما يتابع الشخص المعني بالأمر بإحدى الجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة 724 من المدونة شريطة أن يتم ارتكاب أحد الأفعال المبررة للمتابعة ( 3 ) . كما لا يكون هناك مجال للإدانة بالتفالس ،إذا كان الأمر يتعلق بمسطرة التسوية الودية التي تفتح في إطار عملية الوقاية الخارجية من صعوبات المقاولة ( 4 )
1 – وبذلك يمكن الحديث عن الالغاء الضمني للفصول من 556 إلى 569 من القانون الجنائي ( ظهير 26 نونبر 1962 )
2 – راجع بهذا الخصوص ،شكري السباعي ،* الوسيك في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها * الطبعة الثانية الجزء الاول مطبعة المعارف الرباط 1998 – ص 441 وما بعدها .
3 – امحمد لفروجي * صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها * مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء ص 440 .
4 – نفس المرجع ونفس الصفحة ،الهامش رقم 2 .
وبالعودة إلى المادة 721 من المدونة نجدها تنص على انه يدان بالتفالس في حال إجراء المعالجة الأشخاص المشار إليهم في المادة 702 الذين تبين أنهم ارتكبوا احد الأفعال التالية :
أ‌- قاموا إما بعمليات شراء قصد البيع بثمن اقل من السعر الجاري أو لجؤا إلى وساءل مجحفة قصد الحصول على أموال بغية تجنب أو تأخير فتح مسطرة المعالجة
ب‌- اختلسوا أو اخفوا كلا أو جزءا من أصول المدين
ت‌- قاموا بمسك حسابات وهمية أو أخفوا وثائق حسابية للمقاولة أو الشركة أو امتنعوا عن مسك أية حسابات رغم أن القانون يفرض ذلك
ث‌- قاموا تدليسيا بالزيادة في خصوم المدين
ثانيا : الأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس :
كما مر بنا في المادة 721 من المدونة فإن الأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس هم المشار إليهم في المادة 702 من ذات المدونة وهم :
أ‌- كل تاجر وكل حرفي مسير لمقاولة فردية كانت أو جماعية مملوكة على الشياع ( تتخذ شكل شركة تجارية ) .
ب‌- كل مسير لشركة تجارية ،سواء كان مسير قانوني أو فعلي ،وسواء كان يتقاضى أجرا أم لا يتقاضى أجر مزاولته مهام التسيير .
ت‌- كل شخص طبيعي ممثل لشركة تجارية تولى غدارة أو تسير شركة أخرى .
ويطال أيضا العقاب ،المشاركين في الأفعال المبررة للتفالس ،كالمؤسسات البنكية التي تقوم بتقديم قروض لأحدى المقاولات وهي تعلم بأنها تروم تفادي أو تأخير فتح المسطرة ليس إلا .
ثالثا : العقوبة المقررة لجريمة التفالس :
نظرا لخطورة الأفعال المكونة لجريمة التفالس وما تلحقه من ضرر على الدائنين والمصالح الاقتصادية بوجه عام ،فقد وضع المشرع عقوبات تتراوح بين الشدة واللين . بين الحبس والغرامة أو احدهما فقط ،وترك للقاضي سلطة تقديرية لتعيين العقوبات الأنسب حسب قناعته وتكوينه وحسب حجم الصرر الذي يمكن أن يلحق الدائنين
وفي ذلك تنص المادة 722 من المدونة على انه يعاقب المتفالس بالحبس من سنة إلى
خمس سنوات ،وبغرامة من 10000 إلى 100000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
وتضاعف هذه العقوبة ‘إذا كان المتفالس مسيرا قانونيا أو فعليا لشركة ذات اسم مسعرة ببورصة القيم ،أي تصبح العقوبة من سنتين إلى عشر سنوات وغرامة من 20000 إلى 200000 درهم ،وبإحدى هاتين العقوبتين فقط طبقا للفقرة الثالثة من المادة 722 المذكورة .
1 – شكري السباعي : * الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها * مرجع سابق ، ص 460 – 461 .
ويتعرض المشاركون لنفس العقوبات وإن لم تكن لهم صفة مسيرين لمقاولة فردية أو لمقاولة في شكل شركة تجارية ( 1 ) أو في شكل مجموعة ذات النفع الاقتصادي لها غرض تجاري .

المطلب الثانية : في الجرائم الأخرى المعاقب عليها في مادة صعوبات المقاولة :

تتميز هذه الجرائم بكونها تقع من الأشخاص الطبيعيين فقط سواء كانوا تجارا أو حرفيين ،مسيرين أم لا ،متقاضين أجرا ام لا ،وسواء أكان المحكوم عليه بمسطرة المعالجة أم لا ،كما يدخل في دائرة الأشخاص الممكن إدانتهم بهذه الجرائم الوارد تعدادها في المادة 724 ،الأشخاص الدين يقومون بإحدى الأفعال المبررة لثبوت جريمة التفالس حسب المادة 721 من المدونة ،إدا كانت المسطرة المفتوحة تتمثل في التصفية القضائية وليس التسوية القضائية .
وإن كان الأمر لا يختلف كثيرا ، لأن الأفعال المعاقب عليها بمقتضى المادتين 721 و 724 تتم المعاقبة عليها بنفس العقوبات المقررة في المادة 722 كجزاء لجريمة التفالس .
وقد حددت المادة 724 من مدونة التجارة الأفعال المبررة لقيام هذه الجرائم والمعاتبة عليها وفي ذلك تنص هذه المادة على أنه يعاقب بنفس عقوبة التفالس :
أ‌- الأشخاص الذين صرحوا تدليسا أو كتموا كلا أو جزءا من الأموال المنقولة أو العقارية لفائدة الأشخاص المشار إليهم في المادة 702
ب‌- الأشخاص الذين صرحوا تدليسا بديون وهمية أثناء المسطرة سواء بأسمائهم أو بواسطة الغير.
ويعاقب أيضا بنفس العقوبة كل شريك اقترف أحد الأفعال الآتية :
أ‌- الإضرار عمدا وبسوء نية بمصالح الدائنين ،إما لاستعماله لأغراض شخصية أموال تلقاها بمناسبة قيامه بمهمته ،وإما بإعطائه منافع غير مستحقة للغير .
ب‌- الاستعمال اللامشروع للسلطة المخولة له قانونيا في غبر ما أعدت له وبشكل معاكس لمصالح المدين أو الدائن .
ت‌- استعمال السلطة المخولة له من أجل استعمال أو اقتناء بعض أموال المدين لنفسه سواء قام بذلك شخصيا أو بواسطة الغير .
ويعاقب بنفس العقوبة ،الدائن الذي يقوم بعد صدور الحكم القضائي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ،بإبرام عقد أو عدة عقود تخوله امتيازا خاصا على حساب الدائنين الآخرين .
ومن الناحية الإجرائية ،يكون النظر في الدعوى العمومية المتعلقة بالتفالس والجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة 724 من مدونة التجارة من اختصاص المحكمة الابتدائية وليس من اختصاص المحكمة التجارية المفتوحة أمامها مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية ،ويتم تحريك هذه الدعوى إما بمتابعة من النيابة العامة أو من طرف السنديك بصفته طرفا مدنيا . طبقا لأحكام المادة 726 من المدونة ( 2 )
ولا يسري تقادم الدعوى العمومية الممكن إثارتها تطبيقا للمقتضيات المتعلقة بالتفالس والجرائم الأخرى إلا من تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة وذلك حينما تكون الأفعال المجرمة قد ظهرت قبل هذا التاريخ ،حسب المادة 725 من المدونة ( 3 )
1 – كما هو الحالة بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحددة بالشريك الوحيد
2 – انظر محمد لفروجي : * صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها * مرجع سابق ، ص 447
3– انظر رأي الدكتور لفروجي في التعليق على هذه المادة ،المرجع السابق ، ص 443

المبحث الثاني : الحكم بسقوط الأهلية التجارية :

من بين المستجدات التي تتضمنها مدونة التجارة لسنة 1996 ،تنظيم مسألة سقوط الأهلية التجارية la déchéance commerciale حيث أفردت لها بابا بكامله في القسم الخامس من كتابها الخامس المتعلق بصعوبات المقاولة .
وطبقا لمقتضيات المادة 702 من المدونة تطبق هذه العقوبة على مسيري المقاولة الفردية أو ذات شكل شركة والتي كانت موضوع فتح المسطرة سواء كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين يتقاضون أجرا أم لا .
وفيما يلي بيان للأفعال المبررة للحكم بسقوط الأهلية التجارية ( أولا ) ثم الآثار المترتبة على هذا الحكم ( ثاني ) .

المطلب الأولى : الأفعال المبررة للحكم بسقوط الأهلية التجارية :

هناك حالات خاصة بالتاجر الشخص الطبيعي ( أولا ) وأخرى خاصة بمسيري الشركات التجارية والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون غرضها تجاريا ( ثانيا ) وهناك حالات مشتركة بين الشخص الطبيعي وهؤلاء المسيرين ( ثالثا ) وهناك الحالة التي تكون فيها هذه العقوبة نتيجة الإدانة بجريمة التفالس ( رابعا ) وأخيرا حالة المسير الذي لم يبرئ ذمته من الدين المتمثل في الخصوم التي ثم تحميلها له كعقوبة مالية ( خامسا ) .
أولا : الوضع بالنسبة للتاجر الشخص الطبيعي :
أوجب المشرع على المحكمة ( 1 ) أن تضع يدها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم ،عند الاقتضاء بسقوط الأهلية التجارية عن كل شخص طبيعي تاجر أو عن كل حرفي ثنت في حقه الأفعال التالية :
1 – مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية من شأنه أن يؤدي إلى التوقف عن الدفع .
2 – إغفال مسك محاسبته وفقا للمقتضيات القانونية أو العمل على إخفاء كل الوثائق المحاسبة أو البعض منها .
3 – اختلاس أو إخفاء كل الأصول أو جزء منها أو الزيادة في الخصوم بكيفية تدليسية .
ثانيا : الوضع بالنسبة لمسيري الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون غرضها تجاريا :
يلاحظ أن المادة 713 من مدونة التجارة قد أوجبت على المحكمة أن تضع يدها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم ،عند الاقتضاء ،بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسؤول في شركة تجارية اقترف أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة 706 .
1 – يقصد بالمحكمة هنا ،المحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة ،ما عدا الحالة التي يكون فيها الحكم بسقوط الأهلية التجارية كعقوبة إضافية عن الإدانة بجريمة التفالس .
وبالرجوع إلى المادة 706 نجدها تضم مجموعة من الحالات أو الوقائع هي :
1 – التصرف في أموال المقاولة كما ولو كانت أحواله الخاصة .
2 – إبرام عقود تجارية لأجل مصلحة خاصة تحت ستار الشركة قصد إخفاء تصرفاته .
3 – استعمال أموال الشركة أو ائتمانها بشكل يتنافى مع مصالحها لأغراض شخصية أو لتفضيل مقاولة أخرى له بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة .
4 – مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية لمصلحة خاصة من شأنه أن يؤدي إلى توقف الشركة عن الدفع .
5 – مسك محاسبة وهمية او العمل على إخفاء وثائق محاسبة الشركة أو الامتناع عن مسك كل محاسبة موافقة للقواعد القانونية .
6 – اختلاس أو إخفاء كل الأصول ،أو جزء منها ،أو الزيادة في خصوم الشركة بكيفية تدليسة .
7 – المسك بكيفية واضحة ،لمحاسبة غير كاملة أو غبر صحيحة .
وبناءا على ذلك ،فإن كلن الأمر يتعلق بالشركات التي يكتسب فيها صفة تاجر ،فإن المسئول الصادر ضده الحكم بسقوط الأهلية التجارية تزول عنه صفة تاجر ويمنع علاوة على ذلك ،كالمسئول غير الشريك والمسئول الشريك في الشركة التي لا يكتسب فيها الشريك صفة تاجر من إدارة أو تدبير أو تسير أو مراقبة أي مقاولة تجارية أو حرفية أو شركة تجارية أو مجموعة ذات نفع اقتصادي ،سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة .
ثالثا : الحالات المشتركة بين الشخص الطبيعي والمسيرين :
تحدد المادة 714 من مدونة التجارة الوقائع التي يتم من أجلها النطق بسقوط الأهلية التجارية ،سواء تبثث في حق تاجر شخص طبيعي أو في حق مسيري الشركات أو المجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون لها غرض تجاري .
وتنص هذه المادة على أنه : * يجب على المحكمة أن تضع يديها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم ،عند الاقتضاء ،بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسؤول بمقاولة ( مسير ) ثبت في حقه أحد الأفعال التالية :
1 – ممارسة نشاط تجاري أو حرفي أو مهنة تسيير أو إدارة شركة خلافا لمنع نص عليه القانون .
2 – القيام بشراء قصد البيع بثمن أقل من السعر التجاري أو استخدام وسائل مجحفة لأجل الحصول على أموال وذلك بغية اجتناب فتح المسطرة أو تأخيرها .
3 – القيام لحساب الغير ،ودون مقابل ،بالتزامات اكتسبت أهمية كبرى أثناء عقدها باعتبار وضعية المقاولة .
4 – إغفال القيام داخل أجل خمسة عشر يوما بالتصريح بالتوقف عن الدفع .
5 – القيام بسوء نية بأداء ديون دائن على حساب الدائنين الآخرين خلال فترة الريبة.
رابعا : حالة الشخص المدان من أجل جريمة التفالس :
تنص المادة 723 من مدونة التجارة على أنه * يتعرض كذلك لسقوط الأهلية التجارية المنصوص عليها في الباب الثاني من هذا القسم ،كعقوبة إضافية للأشخاص المدانون من أجل الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل * وهذه الجرائم المحال إليها بمقتضى المادة 723 هي جرائم التفالس كما ثم بيانه .
غير أن ما يميز الحكم بسقوط الأهلية التجارية هنا ،هو كونها عقوبة زجرية إضافية وليست عقوبة شخصية أصلية ،ويترتب على ذلك الاعتبارات التالية :
أن المحكمة المختصة بإصدار العقوبة الإضافية المذكورة ليست هي المحكمة التجارية ،وإنما تختص بذلك المحكمة الابتدائية التي تنر في جريمة التفالس ،لأن في القوانين المنظمة للتجارة والشركات ( 1 )
إن الأمر لا يتعلق والحال هذا بسقوط الأهلية التجارية كعقوبة إضافية زجرية جوازية facultative

مقدمة القسم الثاني: الحماية الجنائية المقررة خارج نصوص مدونة التجارة .

القسم الثاني : الحماية الجنائية المقررة خارج نصوص مدونة التجارة .

بعد أن تناولنا القسم الأول من هذا البحث الجانب الجنائي من مدونة وما يوفره من حماية وضمان الاستقرار للمعاملات التجارية ،ننتقل في هذه المحطة لتسليط الضوء على أهم القوانين الأخرى التي تشكل دعامة قوية لتنشيط التجارة بالمغرب وتنظيمها ويتعلق الأمر بكل من قانون الشركات التجارية – قانون 95 . 17 ( 1 ) المتعلق بشركات المساهمة ،وقانون 96 . 5 ( 2 ) المتعلق بباقي الشركات التجارية – وكذلك القانون رقم 97 . 17 ( 3 ) المتعلق بالملكية الصناعية والتجارية ثم القانون رقم 99 . 6 ( 4 ) المتعلق بالمنافسة و حرية الأسعار .
وسنقتصر في هذه الدراسة على المقتضيات الجنائية التي دعمت بها هذه النصوص بهدف حماية التجار الشركاء أو المنتجين والمتعاملين معهم وحماية الميدان التجاري بصفة عامة وضبطه ،هذا مع التقديم لكل قانون على حدة لرصد أهميته وإطار تطبيقه
وعليه يمكن دراسة وتحليل الحماية الجنائية للأنشطة التجارية خارج مدونة التجارة لسنة 1996 في ثلاث فصول نخصص ( الأول ) للمؤيدات الجنائية في قانون الشركات التجارية ،ونخصص ( الثاني ) لقانون الملكية الصناعية والتجارية وما نص عليه من مخالفات جنائية ،بينما نخصص الفصل ( الثالث ) لدراسة المخالفات الجنائية في قانون المنافسة وحرية الأسعار وما نص عليه من عقوبات .
الفصل الأول : الحماية الجنائية للشركات التجارية .
الفصل الثاني : الحماية الجنائية لحقوق الملكية الصناعية والتجارية .
الفصل الثالث : الحماية الجنائية للمنافسة وحرية الأسعار .
1 – القانون رقم 95 -17 المنفذ بالظهير رقم 124 -96-1 الصادر في 30 أغسطس 1996 – الجريدة الرسمية عدد 4422 المؤرخة في 17 أكتوبر 1996 والمتعلق بشركات المساهمة .
2 – القانون رقم 96 -5 المنفذ بالظهير 49 -97-1 الصادر في 13 فبراير 1997 –ج./. عدد 4478 المؤرخة في تاريخ ماي 1997 ،المتعلق بشركات التوصية البسيطة ،وشركة التوصية بالأسهم ،والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحامة .
3 – القانون رقم 97-17 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 19-00-1 المؤرخ في 9 ذي القعدة 1420 ( 15 فبراير 2000 ) والمتعلق بحماية الملكية الصناعية .
4 – القانون رقم 99 – 06 المنفذ بالظهير رقم 225 – 00 – 1 الصادر في 5 يونيو 2000 – ج ./. عدد 4810 المؤرخة في 6 يوليو 2000

الفصل الأول : الحماية الجنائية للشركات التجارية :

يندرج القانون الجديد للشركات في إطار الإصلاح الهيكلي الذي اعتمده المغرب لإصلاح الوضع الاقتصادي من كل جوانبه وخاصة إصلاح المنظومة القانونية المنضمة للأنشطة التجارية باعتبارها عصب الاقتصاد في كل بلد .
وأهم ما يميز قانون الشركات الجديدة سواء المتعلقة بشركة المساهمة – ق .رقم 95 .17- أو المتعلق بباقي الشركات التجارية – ق .رقم 96 .5- هو توسيعه لدائرة التجريم وإحاطة هذه الشركات إن على مستوى التأسيس أو الإدارة و التسيير أو عند حل الشركة وتصفيتها بعدة نصوص زجرية قصد حمايتها من تلاعبات المسيرين وكذلك حماية الشركاء في الشركة وحماية الاغيار المتعاملين معها ،وهو يهدف في نهاية المطاف إلى حماية الادخار العام ،وتشجيع الاستثمارات الداخلية منها والخارجية .ونحن إذ نحاول في هذا الإطار ‘إبراز أهم جوانب الحماية الجانبية للأنشطة التجارية وخاصة تلك التي تجري على مستوى عال أي من طرف الشركات التجارية . فإننا لا نجد كثير عناء في رصد جل المخالفات والعقوبات إن لم نقل كلها ،نتيجة حصرها وتنضيمها في أبواب وفصول محكمة ،مما دفع البعض إلى القول أننا أمام قانون جنائي للشركات ( 1 ) يمهد بدوره لوضع قانون جنائي للأعمال ،كما هو الحال في بعض الدول مثل فرنسا التي تعتبر قوانينها المصدر الأساسي للتشريع المغربي .
وتبرز أهم مظاهر هذه الحماية للشركات في الجوانب التالية : ( 2 )
1 – دعم وسائل إخبار العموم حول وضعية وحياة الشركة وخاصة شركات المساهمة التي تدعوا الجمهور للاكتتاب العام .
2 – دعم العقوبات الزجرية الموقعة على أعضاء أجهزة الإدارة والتسيير وعلى غيرهم من مخالفي مقتضيات التأسيس أو التسيير أو التصفية .
3 – النص على المسؤولية الشخصية والتضامنية للمؤسسين وأعضاء أجهزة الإدارة والتسيير ،وتبرز أهمية هذا المعطى على الخصوص بالنسبة لشركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة .
4 – إمكانية افتتاح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد المسيرين في حالة قيام مسؤوليتهم عن وجود نقص في أصول الشركة .
1 – انظر بهذا الخصوص . الدكتور لحسن بيهي * الشكلية في قانون الشركات * ... ص 272 وما بعدها
2 – انظر بهذا الخصوص . الدكتور فؤاد معلال * م .س .ص ...*
ويبدو أن هذه المظاهر من الحماية تبعث الطمأنينة في نفوس المستثمرين وتدفعهم لضخ مدخرات هامة نحو الاستثمار في إطار تكثلات اقتصادية قوية تسمح بمواجهة تحديات المنافسة والاكراهات التي أصبحت تفرضها العولمة .
غير أن ما يعاقب على قانون الشركات التجارية الجديد هو صدوره في نصين متفرقين حيث نضم المشرع بمقتضى القانون رقم 95 .17 الشركات المساهمة في حين أرجأ تنضيم باقي الشركات الأخرى ،شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات المحاصة بمقتضى نص آخر وهو قانون 96 .5 مما اضطر معه المشرع والحالة هذه في كثير من الأحيان الإحالة على مواد القانون الأول وفي أحيان أخرى يعيد صياغة هذه المواد حرفيا .
لذلك يجدر بالمشرع تنضيم الشركات التجارية قاطبة ضمن قانوني واحد تلافيا لأي إحالات أو تكرار ،وتفاديا لكل تأويل غير صحيح أو تعارض في الأحكام .
وقبل الشروع في تحليل الجرائم والعقوبات المرتبطة بأنشطة الشركات التجارية لا بأس أن نشير إلى أن تصنيف الشركات التجارية إلى عدة أنواع لا يمنع من اشتراك بعضها ببعض في أغلبية الجرائم المنصوص عليها في قانون الشركات . غير أن هناك جرائم أخرى خاصة ببعض أنواع الشركات دون غيرها ،ففي الغالب تبقى انشغالات المشرع هي نفسها لكن الشكل الخاص للشركة يفرض خضوعها لقواعد خاصة بها ( 1 )
وسنتوقف في هذه المحطة من البحث لدراسة وتحليل وسائل الحماية التي يمكن توفيرها للشركات والشركاء فيها أو الاغيار المتعاملين معها ،وذلك في جميع مراحل حياة الشركة التجارية ،أي خلال مرحلة التأسيس و الاشتغال وعند حل الشركة وتصفيتها .
وتأسيسا على ذلك يمكن معالجة موضوع الحماية الجنائية للشركات التجارية من خلال ثلاث مباحث ،وهي كالتالي :
المبحث الأول : الجرائم المرتبطة بعدم احترام شكليات تأسيس الشركة .
المبحث الثاني : الجرائم المرتبطة بعدم احترام شكليات التسيير .
المبحث الثالث : الجرائم المرتبكة بحل وتصفية الشركة .
1 Droit pennal des affaires .Dallez Paris 2001 . P 301 Armand colin

المبحث الأول : الجرائم المرتبطة بعدم احترام شكليات تأسيس الشركة .

إذا كان المشرع المغربي ،قد تخلى عن المطالبة بالترخيص المسبق لإنشاء الشركات التجارية ،وقلص حالات بطلان الشركات ،بفتح باب إصلاح العيوب الموجبة للبطلان وجعل تأسيس الشركة أكثر حرية ،تماشيا مع التوجه الاقتصادي اللبرالي ،فإنه بالمقابل تشدد في الجزاء الجنائي عند الإخلال بالشكلية القانونية ،المتطلبة في تأسيس الشركة التجارية ( 1 ) قصد توفير حماية فعالة للادخار العمومي عن طريق الردع والعقاب ( 2 ) .
ويمكن التميز في ما يخص المخالفات المرتكبة أثناء تأسيس الشركة إلى قسمين أولا مشترك بين كافة الشركات التجارية ( المطلب الأول ) والثاني خاص بالشركات المساهمة ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول : المخالفات المشتركة بين كافة الشركات التجارية :

بالإضافة إلى وجوب إفراغ النظام الأساسي للشركة في مستند مكتوب ،فإن المشرع استلزم شهر ذلك النظام .وتتم عملية الشهر عن طريق إيداع النظام الأساسي ونشره بسعي م الممثلين القانونيين للشركة ،وتحت مسؤوليتهم . ( المادتين 93 -94 من القانون 96 -5 ) ولما كان المشرع يهدف من فرض الشهر على الشركة تمكين الاغيار من التعرف على وجود شخص معنوي جديد في الميدان التجاري والإطلاع على نظامه الأساسي حتى يكون نافذا في مواجهتهم ،رتب بطلان عقد الشركة نتيجة لتخلف هذا الركن الشكلي الخاص بالشركة ،كما رتب ذلك عقوبات جنائية أهمها :
1 – غرامة مالية من 10000 إلى 50000 درهم ضد المسيرين الذين لا يقومون داخل الآجال القانونية بإجراء أو إجراءات الشهر المنصوص عليها في قانون الشركات .
2 – غرامة من 1000 إلى 5000 درهم ،ضد المسيرين الذين يغفلون الإشارة إلى التسمية التجارية للشركة في كل المحررات والوثائق الصادرة عن الشركة والموجهة للاغيار مسبوقة أو متبوعة مباشرة بالعبارة الدالة على شكلها القانوني أو أحرفها الأولى وبيان رأسمال الشركة ،ومقرها الاجتماعي ( المادة 419 من ق .ش .م /المادة 112 من قانون 96 -5 ) .
وتجدر الإشارة إلى أن الإشهار يتم عن طريق إيداع نسختين من النظام الأساسي للشركة إذا كان موثقا أو نظيرين منه إذا كان عرفيا بكتابة ضبط المحكمة
1 – لحسن بيهي * الشكلية في ضوء قانون الشركات المغربي * مطبعة دار السلم – الرباط -2005 ،ص 282
2 – فؤاد معلال * شرح القانون التجاري المغربي الجديد * الطبعة الثانية 2001 ،ص 339
3 – نفس المرجع ،ص
الموجود بها المقر الاجتماعي ،في أجل 30 يوم من تاريخ التأسيس مع قيد ملخص منه في السجل التجاري ،وبالإضافة إلى ذلك يجب نشر إشعار أو إعلان في جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية وفي الجريدة الرسمية وذلك في أجل ثلاثين يوما من تاريخ التأسيس مما يعني أن عمليتي الإيداع والنشر يجب أن تكونا متزامنتين .

المطلب الثاني : المخالفات المتعلقة بشركات المساهمة :

لم يكتف المشرع بفتح المجال لتدارك الاختلالات الواقعة في تأسيس الشركة وبإقرار المسؤولية المدنية سواء للمؤسسين أو المتصرفين والمسيرين ،بل نص على جزاءات جنائية ضد هؤلاء عند قيامهم ببعض الأفعال في مرحلة تأسيس شركة المساهمة ،وذلك بغية توفير حماية فعالة للادخار العمومي .
وتتمثل المخالفات المتعلقة بتأسيس شركات المساهمة في :
1 – إصدار أسهم قبل قيد الشركة في السجل التجاري أو إذا ثم قيدها عن طريق الغش أو دون التقييد بالنصوص القانونية عند القيام بإجراءات التأسيس حيث يعاقب على ضلك بغرامة من 4000 إلى 20000 درهم ( المادة 378 /1 م ش .م )
وإذا ثم إصدار الأسهم ،دون أن يتم تحرير الأسهم النقدية عند الاكتتاب ،بمقدار الربع على الأقل ،أو دون أن يتم تحرير أسهم الحصص العينية تحريرا كاملا ،قبل تقييد الشركة بالسجل التجاري ،فإنه فضلا عن الغرامة ،يمكن الحكم بعقوبة الحبس لمدة تتراوح بين شهر و ستة اشهر . ويمكن أن تضاعف العقوبات المنصوص عليها في المادة 378 المشار إليها ،إذا تعلق الأمر بشركات مساهمة تدعوا الجمهور إلى الاكتتاب .
2 – إصدار شهادات أو تصريحات غير صحيحة بشأن الاكتتابات والدفوعات وقوائم المكتتبين والعمل على الحصول على اكتتابات أو دفوعات صورية أو عن طريق نشر وقائع أسماء كاذبة والتقييم المغشوش للحصص العينية ،حيث يعاقب على ذلك بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 8000 إلى 40000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ( المادة 379 ش .م ) .
3 – التصريح بوقائع كاذبة أو إغفال سرد كافة العمليات المنجزة لتأسيس الشركة من قبل المؤسسين وغيرهم من المسيرين أو أعضاء أجهزة الإدارة والتدبير ،في التصريح المقدم لكتابة الضبط من أجل قيد الشركة في السجل التجاري . حيث يعاقب على ذلك بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 6000 إلى 30000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ( المادة 380 ش .م )
4 – تداول أسهم لا قيمة لها أو أسهم نقدية لم يحافظ على أسميتها إلى حين تحريرها بالكامل . أو قبل دفع ربع قيمتها على الأقل ،أو أسهم عينية قبل انصرام الأجل الذي تصبح فيه قابلة لتداول . حيث يعاقب عليه بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 6000 إلى 30000 درهم . أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ( المادة 381 من قانون شركات المساهمة ) ويلاحظ أن كافة المخالفات المشار إليها أعلاه فيها المشرع القصد ،وقد أحسن بذلك صنعا ،حيث استثنى بذلك المسيرين حسني النية من العقوبات الصارمة المسلطة على أعناقهم .

المبحث الثاني : الجرائم المرتبكة بعدم احترام شكليات التسيير :

نص المشرع المغربي على المسؤولية الجنائية للمسيرين في قانون الشركات وأفردت لها عقوبات جنائية وصفت من قبل العديد بأنها شديدة وقاسية واعتبر البعض الآخر أن المشرع تعامل مع المسيرين كمجرمين وهذا من شأنه شل عمل أجهزة التسيير والإدارة ،إذ أن الخوف من السقوط في المخالفات ومن العقاب عنها سيؤدي إلى إفقاد المسيرين روح المبادرة وبذلك فعوض تفعيل أجهزة التسيير سيؤدي القانون الجديد إلى شلها والحكم عليها بالجمود ( 1 )
غير أنه إذا كان تسيير الشركة يقتضي نظريا ،الحرص على حماية حقوق ومصالح الشركاء ،فإن الواقع العملي ،كشف عن وجود مسيرين قلما يأخذون بعين الاعتبار مصالح الشركاء ،لهذا السبب أقر قانون الشركات التجارية ،جملة من المقتضيات الجنائية غايتها معاقبة المخالفات المحتملة لشكليات إدارة الشركات التجارية ( 2 )
وسوف نحاول تحليل المقتضيات الجنائية الرامية إلى حماية المساهمين والاغيار والاقتصاد الوطني بصفة عامة ،والمطبقة على المسيرين ،من خلال دراسة المخالفات الجنائية المرتبطة بالجمعيات العمومية وشكلية أنشطتها ( المطلب الاول ) ثم المخالفات المرتبطة بحق الشركاء في الإعلام ( المطلب الثاني ) ثم المخالفات المرتبطة بمحاسبة الشركة ( المطلب الثالث ) وأخيرا المخالفات المرتبطة بشكلية تعديل رأس مال الشركة ( المطلب الرابع )

المطلب الاول : المخالفات المتعلقة باستدعاء وانعقاد الجمعية العامة ومسك وتنظيم محاضر اجتماعاتها.

حرص المشرع على حماية حقوق الشركاء بوضع مجموعة من المقتضيات الواجب على المسيرين وأعضاء أجهزة الإدارة والتسيير احترامها،سواء من حيث استدعاء المساهمين والشركاء ( فقرة الأولى ) ومن حيث انعقاد الجمعية العامة ( فقرة الثانية ) وكذلك مسك محاضر اجتماعاتها وتنظيمها ( فقرة الثالثة ) .
فقرة الأولى : المخالفات المرتبكة باستدعاء الجمعية العامة :
على الرغم من أن معظم المساهمين او الشركاء ،لا يحضرون واقعيا الجمعيات العمومية فإن المشرع حرص على تنظيم هذه الاستدعاءات ،وهكذا نصت المادة 389 من قانون 95 -17 على أنه * يعاقب بغرامة من 8000 إلى 40000 درهم أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة مساهمة الذين لم يدعوا داخل الآجال القانونية لحضور كل جمعية المساهمين المالكين لسندات اسمية منذ ثلاثين يوما على الأقل وفق الشكليات أو حسن نية مرتكبيها ( 1 ) .
1 – فؤاد معلال، م. س، ص 371 و 372.
2 – لحسن بيهي ، م. س، ص 285. –
1 - لحسن بيهي ،م ،س . ص 286
فقرة الثانية : المخالفات المرتبطة بانعقاد الجمعية العامة :
هذه المخالفات ،تخص فقط شركات الأسهم ( شركات المساهمة ،وشركات التوصية بالأسهم ) استنادا إلى المادة 118 من القانون 96 -5 المتعلق بباقي الشركات .
وتتمثل أهم هذه المخالفات حسب المادة 393 من القانون 95 -17 المتعلق بشركات المساهمة في :
1 – عدم القيام خلال كل اجتماع لجمعية المساهمين، بمسك ورقة حضور موقعة من طرف المساهمين الحاضرين والوكلاء ،مشهود على صحتها من قبل مكتب الجمعية ،وتتضمن هذه الورقة :
أ‌- الاسم الشخصي والعائلي وعنوان كل مساهم حاضر وعدد الأسهم التي يملكها وكذا عدد الأصوات المرتبطة بها
ب‌- الاسم الشخصي والعائلي وعنوان كل وكيل وعدد الأسهم التي يملكها موكله وكذا عدد الأصوات المرتبطة بها
ت‌- الاسم الشخصي والعائلي لكل ممثل وعنوانه وعدد الأسهم التي يملكها وكذا عدد الأصوات المرتبطة بها ،أو عند غياب هذه البيانات ،عدد التوكيلات الممنوحة لكل وكيل .
2 – عدم القيام بإلحاق التوكيلات الممنوحة لكل وكيل بورقة الحضور .
3 – عدم القيام بإثبات قرارات كل جمعية للمساهمين في محضر موقع من طرف أعضاء المكتب ومحتفظ به بالمقر الاجتماعي للشركة في سجل خاص يشير إلى تاريخ ومكان انعقاد الجمعية وكيفية الدعوة إليها وجدول أعمالها وتشكيلة مكتبها وعدد الأسهم المشاركة في التصويت والنصاب الذي ثم بلوغه والوثائق والتقارير المعروضة على أنظار الجمعية وملخص النقاشات ونص التوصيات المعروضة للتصويت ونتيجة التصويت .
ويعاقب على ذلك بغرامة من 6000 إلى 30000 درهم أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة مساهمة .
وعلى نقيض المخالفات المرتبطة باستدعاء الشركات والمساهمين لحضور الجمعية العامة فإن المخالفات المعاقب عليها بمقتضى المادة 393 تتطلب عنصر العمد لقيام المسؤولية الجنائية عنها وذلك ما يستفاد من عبارة * لم يقوموا عن قصد * الواردة في ذات المادة .
فقرة الثالثة : المخالفات المرتبطة بمسك وتنظيم محاضر اجتماعات الجمعية العامة
على خلاف المخالفات السابقة ،فإن مخافة مسك وتنظيم محاضر اجتماعات الجمعية العمومية تخص مجموع الشركات التجارية ،وهكذا عاقبت المادة 112 من قانون 96 -5 بغرامة من 1000 إلى 5000 درهم المسيرين الذين لم يعملوا على إثبات قرارات جمعية الشركاء في المحضر المتطلب ،وتضمينه البيانات المشار إليها في المادتين 10 و 73 حسب شكل الشركة ،ولم يعمل كذلك على تدوين المحضر المذكور في السجل الخاص بمحاضر الجمعيات الممسوكة بمقر الشركة . وذلك ما نصت عليه أيضا المادة 393 من قانون 95 -17 .
ويعتبر تحرير محضر اجتماع جمعية عمومية لم تجتمع فعليا ، يشكل جريمة تزوير ( 1 ) وهذا ما قررته محكمة الاستئناف بباريس في قرارها الصادر بتاريخ 9 نونبر 1994
وهذه المخالفات أيضا اشترط فيها المشرع العمد .

المطلب الثاني : المخالفات المرتبطة بحق الشركاء في الإعلام :

ليست للحقوق التي يتمتع بها الشركاء في الشركة أي قيمة ،إذا لم يكن الشركاء على بينة من أمرهم وعلى علم بالوضعية المالية والإدارية والتجارية ،وغيرها من البيانات المرتبطة بحياة الشركة ( 1 )
لذلك وضمنا لحق الشركاء والمساهمين في الاضطلاع على الوضع الحقيقي للشركة نص المشرع في المادة 392 على غرامة مالية تتراوح بين 8000 و 40000 درهم ضد أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة مساهمة الذين لم يضعوا رهن إشارة كل مساهم بالمقر الاجتماعي للشركة .
1 – خلال أجل 15 يوم السابقة لعقد الجمعية العامة العادية السنوية ،الوثائق المذكورة في المادة 141 ( 2 )
2 – خلال أجل 15 يوم السابقة لعقد الجمعية العامة غير العادية ،نص مشاريع التوصيات المقترحة ونص تقرير مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية وعند الاقتضاء نص مراقب أو مراقبي الحسابات ونص مشروع الإدماج .
3 – خلال أجل 15 يوم السابقة لعقد الجمعية العامة ،لائحة المساهمين التي ثم حصرها ثلاثين يوما على ابعد تقدير قبل تاريخ انعقاد الجمعية المذكورة ،تضم الأسماء الشخصية والعائلية وعناوين كل أصحاب الأسهم الاسمية وكل من يملك أسمها لحاملها الذين أبدوا في هذا التاريخ عزمهم على المشاركة في الجمعية وكذا عدد الأسهم التي يملكها كل مساهم معروف لدى الشركة .
4 – في أي وقت من السنة ،الوثائق التالية المتعلقة بالسنوات الثلاث الأخيرة التي ثم عرضها على أنظار الجمعية العامة :الجرد والقوائم التركيبية السنوية وتقرير مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية وتقرير مراقبي الحسابات وأوراق الحضور ومحاضر الجمعيات .
وقد نص المشرع الفرنسي ،على خلاف المشرع المغربي ،في المادة 281 من قانون 1966 على معاقبة مسير الشركة التجارية ،الذي يحجم في التقرير السنوي عن إبراز أنشطة الشركة وفروعها أو من هم تحت إشرافها ،بعقوبة جسيمة تصل إلى سنتين أو غرامة قدرها 60000 درهم .
وعلة التسيد تكمن في رغبة المشرع في رفض الشفافية والوضوح في تسيير شركة .
1 – لحسن بيهي : م ،س .ص 289
2 – م 141 ش .م

المطلب الثالث : المخالفات المرتبطة بوضع وتقديم حسابات الشركة :

تبرز أهمية مسك وتقديم حسابات الشركة في الحماية التي توفرها للشركاء ،من خلال توفير صورة متكاملة من العمليات التجارية المنجزة ،ومدى ملائمة أو نقص ذمتها المالية بما يجعلها أداة مهنية في تفعيل حق الشركاء في الإعلام ( 1 ) وما توفر كذلك من حماية لدائني الشركة والأخيار ،من خلال تتبع تطور الشركة وإمكانية التدخل في كل مرة تكون فيها حقوقهم مهددة ( 2 )
لذلك حرصت الدولة على ضرورة مسكها وإنجازها بانتظام ،وأوجبت ذلك على كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة تاجر ،بموجب المادة الأولى من القانون رقم 88 -9 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها ( 3 ) .
ونتناول على التوالي المخالفات الزجرية ،المتعلقة بمسك محاسبة منتضمة كما يلي :
1 – المخالفات المرتبطة بمسك وإعداد حسابات الشركة .
2 – المخالفات المرتبطة بالمصادقة على الحسابات .
3 – المخالفات المرتبطة بإيداع الحسابات .
فقرة الأولى : المخالفات المرتبطة بمسك وإعداد حسابات الشركة .
تنص المادة 386 من القانون 95 -17 المتعلق بشركات المساهمة على انه * يعاقب بغرامة من 40000 إلى 400000 درهم أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة مساهمة الذين : لم يودعوا برسم كل سنة مالية الجرد والقوائم التركيبية وتقرير التسيير * ونتساءل عن الأجل الذي يتعين فيه إعداد هذه الوثائق
ألزم المشرع المغربي التجار بمقتضى القانون 88 .9 بوضع جرد يتضمن قيمة عناصر أصول المنشأة وخصومها على الأقل مرة في كل دورة محاسبية . ويكون ذلك في آخر هذه الدورة المحاسبية التي يجب بناء على المادة 7 من هذا القانون . أن لا تتعدى مدتها 12 عشر شهرا وأن لا تقل عن ذلك إلا بصورة استثنائية عن الحالات التي يسمح بها القانون ( 4 ) .
وتنص المادة 18 من ظهير 25 -12 1992 المتعلق بالقواعد المحاسبية على انه يجب إعداد القوائم التركيبية خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر ،من تاريخ اختتام الدورة المحاسبية ،اللهم إذا حال دون ذلك حدوث ظروف استثنائية يجب تبريرها في قائمة المعلومات التكميلية .
1 – لحسن بيهي ،م ،س ،ص 291 .
2 – نفس المرجع ،ونفس الصفحة .
3 – راجع ما كتبناه ،حول جزاء مخالفة الالتزام بمسك محاسبة منتضمة
4 – امحمد لفروجي : التاجر وقانون التجارة بالمغرب * م . س . ص328
فقرة الثانية : مخالفة شكلية المصادقة على حسابات الشركة من طرف الشركاء .
على الرغم من عدم اهتمام الشركاء من الوجهة العملية بحضور الجمعية العامة السنوية للمصادقة على حسابات الشركة ،واكتفائهم بالإطلاع على أعمال الجمعية ،
عقب انتهائها من طرف المسير أو محل الإدارة ( 1 ) فإن المشرع حرص على ضمان هذا الحق بمقتضى قانون الشركات وعاقب من خلاله على خرق هذه الشكلية .
فطبقا للمادة 110 من قانون 96 -5 يعاقب بغرامة من 2000 إلى 20000 درهم المسيرون الذين لا يقومون بدعوة الجمعية العامة للشركاء للانعقاد داخل أجل ستة أشهر ،من تاريخ اختتام السنة المالية . والذين لا يعرضون لمصادقة الجمعية المذكورة أو لمصادقة الشريك الوحيد ،الجرد والقوائم التركيبية وتقرير التسيير وتتراوح عقوبة نفس المخالفة حسب المادة 389 ق .ش .م .ما بين 8000 إلى 20000 درهم ولا يعتد في هذه الجرائم بحسن أو سوء نية الفاعل .
فقرة الثالثة : مخالفة الالتزام بإيداع حسابات الشركة .
لما كان من حق المتعاملين مع الشركة ،الاطلاع على وضعيتها المالية ،للاطمئنان على حقوقهم أو ديونهم تجاهها ،وخاصة الشركات ذات المسؤولية المحدودة التي لا يتحمل الشركاء فيها المسؤولية إلا بقدر حصة مشاركتهم في رأس مالها .
فإن المشرع ألزم المسؤولين في الشركات التجارية بإيداع الوثائق والحسابات والعقود وتقرير مراقب أو مراقبي الحسابات . في كتابة ضبط المحكمة التجارية وعاقب على مخالفة ذلك بغرامة مالية من 8000 إلى 40000 درهم والحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ( المادة 420 ق .ش .م )
وفي حالة عدم تقيد الشركات التجارية ،بهذه الشكلية القانونية ،رغم تنبيه كتابة الضبط ،فإن هذه الأخيرة ،تكون ملزمة بتوجيه الملف إلة النيابة العامة ،التي يمكنها تحريك المتابعة وعلى كل حال ،فإن عدم إيداع العمليات المحاسبية يشكل مسا خطيرا بالشركة ،لأنه يعد قرينة على سوء وضعيتها المالية ( 2 )
1 – لحسن بيهي . م . س. ص 294
2 – نفس المرجع . ص 295
االفقرة الرابعة : الجرائم المرتبكة بمراقبة ميزانية الشركة التجارية .
نضرا للأهمية التي تكتسيها المراقبة في الشركات التجارية وخاصة شركات المساهمة فإن المشرع ألزم هذه الشركات بضرورة تعيين مراقب أو مراقبين للحسابات واستدعائهم للمصادقة على الوثائق التي تعرض على أنضار الجمعية العامة ،وسنحاول في هذا المطلب رصد الجرائم المرتبطة بتعيين مراقب الحسابات ( فقرة 1 ) واستدعائه ( فقرة 2 ) ثم رفض إطلاعه على الوثائق ( فقرة 3 ) .
فقرة الأولى : مخالفة الالتزام بتعيين مراقب الحسابات .
تنص المادة 403 من القانون 95 -17 على أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة مالية من 10000 إلى 50000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة مساهمة الذين لم يعملوا على تعيين مراقبي حسابات الشركة أو لم يوجهوا لهم الدعوة لحضور كل جمعية من جمعيات المساهمين .

الفصل الثاني : الحماية الجنائية لحقوق الملكية الصناعية والتجارية

مقدمة : أصبحت حقوق الملكية الصناعية والتجارية من أهم مكونات الذمة المالية للمقاولات وأكثرها قيمة على الإطلاق لدورها الهام والمباشر في تنمية ونجاح المقاولات إذ عن طريق حقوق الملكية الصناعية والتجارية تستطيع المؤسسة أن تخلق لنفسها موارد مالية متجددة ببيعها أو رهنها أو تقديمها حصة في شركة أو إنجاز تصاريح بشأنها كما تمكن المقاولة أن تدافع عن صورتها وسمعتها وخصوصيتها وخدماتها ،وشيء طبيعي انه كلما اشتهرت المؤسسة وأصبحت لها سمعة طيبة بدليل أن نسبة استثمار هذه القيم عبر العالم ارتفعت في الفترة المتراوحة ما بين 1974 و 1993 من 21 % إلى 55 % من مجموع الاستثمارات وبذلك فاقت نسبة استثمار القيم المادية ،فمؤسسة ( IBM ) المشهورة عالميا تحقق أرباحا مرتبطة باستثمار حقوقها للملكية الصناعية – وخاصة براءة اختراعها – أكثر مما تحقق عن طريق بيع تجهيزاتها الالكترونية بما فيها الحواسب ( 1 ) ،كما أصبح من الثابت أن حقوق الملكية الصناعية والتجارية أضحت وسيلة فعالة لكبح جماح المنافسة القوية وأداة مهمة للبقاء في الوجود ولفرض الذات اقتصاديا في ظل العولمة وانفتاح أغلب الأنظمة الاقتصادية الحديثة على بعضها البعض وتكسير الحواجز والقيود . لذلك اصبح * وضع سياسة ملائمة ومعقلنة لتنظيم هذه الحقوق حاسم جعل المؤسسات الصناعية والتجارية . ذلك أن من شأن التحكم في هذه السياسة جعل المقاولة تتوفر على سلاح فعال لحماية ذمتها التكنولوجية واستراتيجيتها المستقبلية * ( 2 ) وتلعب حماية الملكية الصناعية والتجارية دورا هاما وأساسيا في تشجيع الإبداع والخلق والتجديد لما فيه مصلحة أصحاب هذه الحقوق من جهة وتطوير الشأن الاقتصادي العام من جهة أخرى لن هناك علاقة وطيدة بين تنظيم هذه الحقوق والنمو الاقتصادي لكونها وسيلة وسند وعون لجلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية ،إذ لم يعد مفهوم حقوق الملكية الصناعية والتجارية وسيلة لحماية الإبداع والتقنية فقط بل هي بالإضافة إلى ذلك أداة استراتيجية لتحقيق عدة وظائف .
ففضلا عن دورها الكلاسيكي الدفاعي الذي يتجلى في حماية المنتوج من كل منافسة غير مشروعة أصبحت هذه الحقوق * تقوم بدور تنموي استثماري يتجسد من خلال إمكانية بيعها ورهنها أو تفويض تراخيص بشأنها إضافة إلى دورها الاستثماري في إعطاء صورة جيدة عن المقاولة ودرو تشجيعي وتحفيزي للمبدعين والكفاءات الفنية والتقنية والكل لخدمة دورها الهجومي المتجلي في محاولة اكتساح أسواق جديدة ( 3 )
وهكذا أصبح ينظر إلى حقوق الملكية الصناعية والتجارية على أنها عقود اجتماعية تلتزم فيها الدولة بمنح سلطات معينة للمبدع تتجلى في الاستثناءات باستغلاله لمدة معينة وحمايته من كل تعد على تلك السلطة في مقابل التزام المبدع بإخراج إبداعه لحيز الوجود وتجسيده في الواقع العملي حتى يستفيد منه المجتمع ككل . وبذلك يظهر أن حق المبدع في استغلال واستثمار إبداعه هو بمثابة واجب ملقى على عاتقه
أكثر من كونه حقا من حقوقه على اعتبار أن المخترع لا يمكنه استغلال إبداعه بمعزل عن استفادة المجتمع كما أن المجتمع لا يمكنه الاستفادة من المخترع بمعزل عن إرادة ورغبة المخترع كقاعدة عامة من هنا يمكننا القول بأن فلسفة حماية حقوق الملكية الصناعية والتجارية تطورت فلم تعد القوانين تهتم أساسا بحماية المبدع صاحب السند تشجيعا له على الابتكار والاجتهاد بل ترتكز
1 – خالد مداوي : حقوق الملكية الصناعية في القانون الجديد . دار القلم ،طبعة 2005 .ص 4
2 – نفس المرجع ص 3
3 – نفس المرجع السابق ص 5
الموازنة بين الامتيازات الممنوحة لصاحب الحق وبين الاستفادة التي ينبغي للمجتمع أن يحصل عليها من خلال تفعيل هذه الحقوق .
* أكثر من ذلك يمكن اعتبار حق الملكية الصناعية حقا في خدمة المجتمع والصلح الاقتصادي العام أكثر منه في خدمة صاحبه * ( 4 ) فمالك الحق الصناعي ملزم حتى يستفيد من الحماية القانونية ،بتقديم جديد للمصلحة الاقتصادية العامة وبجعل حقه يقوم بدورة الاقتصادي والاجتماعي كاملا تحت طائلة فقدانه تلك الحماية وذلك الامتياز ( 5 )
* ومن ثم فإن أهم الإشكالات القانونية التي تنبثق عن هذا الموضوع تتمحور حول كيفية التوفيق بين عدة مصالح متداخلة فيما بينها ،فمن جهة أولى هناك مصلحة المخترع أو مالك الرسم أو النموذج أو العلامة ،ومن جهة ثانية مصلحة المستهلك التي ينبغي إحاطتها بكافة الضمانات الممكنة ،ومن جهة ثالثة هناك مصلحة عليا يجب أخذها بعين الاعتبار مرتبطة بالاقتصاد الوطني وتقدم الفن الصناعي بالمغرب وخاصة تشجيع وتأهيل المقاولات الصغرى والمتوسطة على الخلق والإبداع في أحسن الضر وف ،ومن جهة أخرى هناك مصالح الشركات والمؤسسات الأجنبية وضرورة حمايتها في هذا الشأن تشجيعا للاستثمار الأجنبي في المغرب ( .. ) ومن ثم فإن أي تشدد مبالغ فيه في حماية هذه الحقوق سيؤدي بالضرورة إلى تعطيل التطور الصناعي الوطني وأية مرونة قصوى في هذا الشأن سينتج عنها حتما نفور رؤوس الأموال الأجنبية وحتى الوطنية من الاستثمار في المغرب وبالتالي أصبح لزاما على المشرع البحث عن صيغة توفيقية بين كل هذه المصالح المتداخلة . فكان لزاما تنظيم هذه العلاقات عن طريق سن تشريعات لحماية عناصر الملكية الصناعية من كل اعتداء أو مساس فإلى أي حد استطاع المشرع المغربي إحاطة هذه الحقوق بالحماية المدنية والجنائية على اعتبار المساس بها مساس بالنظام العام وما مدى نجاح هذه الحماية في التوفيق بين المصالح المختلفة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود .
4 – نفس المرجع السابق ص 9
5 – للاحاطة أكثر بمظاهر التحول والتطور في سياسة الحماية القانونية لحقوق الملكية الصناعية الرجوع إلى المرجع السابق من الصفحة 8 – 10 .
مبحث تمهيدي : نطاق حماية حقوق الملكية الصناعية والتجارية
إذا كان الأصل أن المبدع هو الذي يحدد النطاق المادي لإبداعه الذي يتحدد به نطاق الحماية وحدود اعتبار الأفعال الواردة عليه تزييفا أولا * فإن التشريعات المقارنة الحديثة عملتا على تمديد الحماية لتشمل حتى المنتجات والخدمات والأساليب المتشابهة لها * ( 1 ) والأكثر من ذلك ففي ظل العلاقات التجارية العالمية ظهرت براءات اختراع وعلامات تجارية وصناعية وخدماتية ذات سمعة عالمية اكتسحت الأسواق ،أجمعت كل التشريعات المقارنة على إضفاء حماية مطلقة عليها .
1 الحماية من المنتوجات والخدمات المتشابهة :
من المعروف أن الحماية القانونية تنحصر في المطالب والأوصاف التي حددها المبدع بمناسبة تقديمه للطلب * إلا انه قد نشأت فيما بعد نظرية تعرف بنظرية التماثل la théorie de equvalents اعتبرت أنه من العدالة عدم الاكتفاء بذلك النطاق المادي المحدد من قبل المخترع وعدم التقيد بتفسير ضيق له ،بل من اللازم التوسع في تفسيره بتمديده إلى كل ما يشبه المنتوج أو الوسيلة موضوع البراءة ( 2 )
نفس القاعدة تطبق على علامة الصنع والتجارة والخدمة وفق مبدأ التخصيص استنادا لمقتضيات المادة 153 ومع ذلك كان القضاء سابقا إلى توسيع هذا النطاق وتمديد الحماية إلى المنتجات والخدمات المشابهة وقد كرس التشريع هذا الطلب في مرحلة لاحقة .
ويترتب على هذا التوجه اعتبار انه ليس من الضروري تطابق المنتوجين أو الخدمتين المستعملتين لنفس العلامة أو المنبثقتين عن نفس الاختراع لإضفاء الحماية القانونية بل يكفي أن يكون المنتوجان أو الخدمتان بالأمر متقاربتان أو تستعملان في نفس النشاط الاقتصادي أو يحققان نفس الغاية والنتيجة لما قام أصحاب هذه الإبداعات المتشابهة بإدخال تغييرات طفيفة أو تحسينات على اختراعات سابقة محاولة منهم لذر الرماد في العيون للتمكن من تضليل الزبائن .
1 – حقوق الملكية الصناعية في القانون الجديد 97 -17 دراسة مقارنة – خالد مداوي نائب رئيس المحكمة التجارية بالرباط .دار القلم طبعة 20005 ص 141
2 – نفس المرجع السابق
كما يتجسد التشابه في استعمال نفس العلامة على منتجات مشتقة من تلك الأصلية أو مكملة لها أو تعتبر من ضمن توابعها أو في استعمال علامة مشابهة من حيث تركيبتها المادية أو اللفظية لعلامة مسجلة سلفا . والعبرة في مجال الاختراعات ليس بالعناصر والأجزاء المكونة لها بل بالدور العام الذي تقوم فإذا أزلنا من الاختراع بعض عناصره وعوضناها بعناصر مختلفة عنها لكنها متشابهة معها وظيفيا كنا أمام التماثل الذي يصدق عليه المفهوم الواسع للحملة وتمشيا مع مذهب الاجتهاد القضائي المقرن الذي دأب على توسيع نطاق الحماية ،أكدت مجموعة من الأحكام هذا التوجه بالرغم من صرامة النصوص التشريعية التي تحصر الحماية القانونية في النطاق المادي الذي حدده المخترع في طلب البراءة ( 1 )
هكذا أكدت محكمة الاستئناف بباريس أن الاعتداء على البراءة للمخترع يثبت عندما يحسد الاختراع الثاني الخصائص الرئيسية والجوهرية في الاختراع المحمي ولا تهم التغييرات والإضافات التي حاول الاختراع الثاني التمويه بها ( 2 ) وذهبت وفق نفس التصور محكمة ليون إذ اعتبرت الاختلافات العرضية التي لا تنتج عنها نتيجة صناعية جديدة لا تعتبر سوى تماثلا تقنيا ،ففي إحدى النوازل انحصر النزاع بين براءة اختراع متعلقة بمساحة زجاج السيارات متكونة من ذراعين مطاطيين في مواجهة براءة لاحقة متعلقة بنفس الأدلة لكنها متكونة من ذراع مطاطي واحد ،فاعتبر القاضي الفرنسي أن هناك تشابها استنادا إلى كونهما يقومان بنفس الطريقة ويقومان بنفس الوظيفة بالرغم من اختلاف جزئي لتركيبتهما فالهدف الأساسي من نظرية التشابه هو التوسع في تحليل الاختراعات وعدم التقيد بحرفية الوصف الذي وضعه المخترع في مطالبه للقول بوجود اعتداءات من عدمها ( 3 )
1 – أنظر مثلا مقتضيات المادة 52 من قانون 97 -17 التي أوضحت بشكل جازم أن نطاق الحماية المخولة بالبراءة يحدد استثناءا إلى محتوى المطالب وكذا الأوصاف والرسوم التي يمكن الاستعانة بها لتاويل تلك المطالب
2 – خالد مداوي : حقوق الملكية الصناعية الجديد لقانون 97 -17
3 – نفس المرجع السابق راجع الفصل الأول من القسم الثاني
فقد أثبتت التجربة أن رجال الصناعة غالبا ما يلجؤن لاستفادة بشكل غير مشروع من مجهودات المخترعين الفعليين فيقومون بقراءة مفصلة ودقيقة لإبداعاتهم واختراعاتهم وتحويرها بإدخال بعض الإضافات أو التحسينات عليه وبالطبع ليس من العادلة الاعتراف لهم بحق الملكية الصناعية أو إضفاء حماية على أعمالهم وبالمقابل ليس من العادلة اقتصار الحماية على نطاق مادي ضيق ويظهر التشابه أكثر خطورة بالنسبة للعلامات ذلك أن حصر هذه الحماية على المنتجات أو الخدمات المشمولة بالنطاق المادي للعلامات ستترتب عليه أثار وخيمة ،ففي هذه الإطار نجد أن الملكية التجارية بفاس اعتبرت عملية استعمال علامة ( Ace la croix ) من طرف المدعى عليها لصناعة وبيع مواد تطهير المرتكبة دون إذن من الشركة صاحبة شهادة التسجيل عملية تقليد ومنافسة غير مشروعة توجب التوقف عن القيام بهذه الأفعال وتحطيم القنينات المقلدة ( 1 ) لذلك نلاحظ ان مبدأ التخصيص لم يعد على إطلاقيته وذلك بإضفاء الحماية القانونية على العلامات المسجلة سواء في مواجهة علامات مستعملة على نفس المنتجات أو الأخرى المشابهة .
وقد اعتمد القضاء المقارن عدة معايير ومقاييس للقول بوجود تشابه من عدمه متخذا المبادرة دون انتظار لتدخل التشريع خاصة وان هذه الأمور من المسائل الموضوعية التي تختلف من نازلة لأخرى ،وكل محاولة لفرض مقياس وحيد أو مقاييس محددة سيكون من شأنه الإضرار بالحقوق .
ومفهوم التشابه على وجهين فإما أن ينصب على المنتوجات بنفس العلامة أي استعمال نفس العلامة على منتوجات متشابهة أو أن ينصب التشابه على العلامتين مع اختلاف المنتوجات أو الخدمات وقد اختلف القضاء طبيعة المعيار الذي يجب اعتماده للقول بوجود تشابه هل المعيار الموضوعي الذي يقوم على تحليل خصائص وتركيب المنتوجين أو الخدمتين إذا ما انتميا لنفس الصنف أو الجنس أم المعيار النفسي إذا كان من شأن التشابه أن نجعل أن مصدرهما واحد بغض النظر عن تركيبتهما . ولم يستطع القضاء المقارن التعبير عن موقف قار ونهائي من المعيارين ول أنه مال في السنوات الأخيرة للمعيار الشخصي .
مما أدخل على مفهوم التشابه مرونة كبيرة بحيث أصبح يعتبر أن هناك تشابها بين منتوجين أو خدمتين ،كما تعلق بنفس النشاط أو نفس المجال بالرغم من اختلاف طبيعتهما أو شكلهما المادي
1 – حكم صادر عن المحكمة التجارية بفاس تحت عدد 904 بتاريخ 12 يونيو 2001 في الملف عدد 2192 /2000 /4 غير منشور
وهكذا اعتبرت محكمة الاستئناف بباريس أن هناك تشابها بين مواد العطور المستعملة ( للعلامة Dior ) ومواد التجميل المستعملة لنفس العلامة طالما كلاهما يهتم بصحة ونظافة الجسم ( 1 )
كما أصبح القضاء يعتبر أن هناك تشابها بين منتوجين إذا كان احدهما مكملا للآخر وأكثر من ذلك فإن محاولة توسيع مفهوم التشابه وصلت إلى حد اعتبار أنه في الامكان وجود تشابه ليس فقط بين منتجات فيما بينها بل فيما بينها وبين خدمات من جهة ثانية ( 2 )
أما موقف القضاء المغربي فيتجلى من خلال مجموعة من القرارات من بينها قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قضية كانت الشركة المدعية تنتج مادة الصابون تحت علامة الكف وقامت شركة منافسة بإنتاج مادة جافيل تحت نفس العلامة فأكدت المدعية أن الشركة المنافسة تنتج هذه المادة تحت نفس علامتها التجارية من شأنه ان يضر بمصالحها ،بينما عقبت المدعى عليها أنه لا مجال لتصور منافسة غير مشروعة نظرا لاختلاف المنتوجين . فقضت المحكمة المذكورة بمنع المستأنف عليها من استعمال علامة الكف في مادة جافيل استنادا إلى من شأن هذا التقليد أن يلحق ضررا بالمستأنفة من جراء خلق وهم في ذهن الزبائن بأن مصنع صابون ( الكف ) هو نفس منج جافيل ( الكف ) إضافة إلى أن من شأن ذلك حرمان المستأنفة من إنتاج مادة جافيل تحت نفس العلامة التجارية مستقبلا ( 3 )
وفيما يخص استعمال علامات متشابهة دأب القضاء الفرنسي على اعتماد مقاييس المقارنة بين العلامتين إن على مستوى السمعي أو البصري أو كليهما ،فأحيانا يقتصر التشابه على الجانب السمعي كما قضت بذلك محكمة باريس في قضية تشابه بين العلامة ( 13 ) ( Treize ) فقضت بوجود التشابه والتطابق السمعي بينهما وإن اختلفا بصريا . وأحيانا أخرى قد يتجسد التشابه على المستويين السمعي والبصري كما هو الحال في إحدى القضايا التي عرضت على محكمة الاستشناف بباريس بين العلامتين ( Rette ) و ( NETTE ) المخصصتان لمواد التجهيز بالمطبخ ( 4 )
وقد ساير القضاء المغربي في مجمل الأحكام توجه نظيره الفرنسي كما في قضية التشابه بين العلامتين ( دوليدول ) و ( دوليدور ) حيث اعتبرت المحكمة التجارية بفاس انه يكفي النطق بالعلامتين لكي يتبين مدى التشابه في إحداث الخلط في ذهن المستهلك العادي المتوسط الملاحظة وليس المستهلك المتخصص في نفس المجال.
1 – خالد مداوي : حقوق الملكية الصناعية الجديد ص 148
2 – ولعل ما يؤكد هذا التصور قرار صادر عن محكمة الاستئناف في فرساي يتعلق بنزاع حول العلامة التجارية ( fond la forme ) استعملتها في البداية مؤسسة تعنى بالخدمات الرياضية عن طريق فتح مجموعة من القاعات الرياضية واستعملت بعد ذلك من طرف مؤسسة أخرى تصنع وتسوق آلات رياضية ،فاعتبرت المحكمة أن إمكانية الخلط والغلط عند الزبون في مصدر الخدمة الأولى والمنتوج الثاني تبقى دائما واردة وقد يعتبر أن كليهما لشخص واحد أو مؤسسة واحدة .
3 – نفس المرجع السابق ص 150
4 – نفس المرجع السابق ص 150
وفي حالة التشابه يكفي ملك العلامة أن يبين أن الخلط ممكن فقط وليس من الضروري إثبات وقوعه فعلا مما يعكس رغبة المشرع في توسيع نطاق الحماية التي تتأكد بشكل أكبر فيما يخص العلامات المشهورة .
حماية العلامات والمنتجات والخدمات المشهورة .
تمشيا مع اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية تطرقت المادة 137 من القانون المغربي رقم 97 -17 إلى عدم إمكانية اعتماد شارة كعلامة إذا كان من شأنها أن تمس بعلامة سابقة بعلامة سابقة مسجلة أو بعلامة مشهورة كما أعطت المادة 162 من نفس القانون لصاحب العلامة المشهورة إمكانية المطالبة ببطلان تسجيل أية علامة أخرى من شأنها إحداث خلط بينها وبين علامته غير أن التشريعات المقارنة على غرار التشريع المغربي لم تحدد مفهوم الشهرة . وإذا كانت الشهرة من الناحية اللغوية هي معرفة العلامة من قبل جزء كبير من عموم الناس فما المقصود بعموم الناس هل هو كل الناس أم الشريحة الاجتماعية التي لها علاقة بالمنتوج .
لذلك ظهرت اجتمتعات فرقت بين المنتوج أو الخدمة الموجه لعينة من طبقات المجتمع يستند فيها مفهوم الشهرة فيها إلى معرفة غالبية أفرادها وبين المنتوج الموجه لجميع الفئات من الناس الذي ينبغي فهم مصطلح الشهرة إستنادا إلى كل هذه الفئات .
وعموما لقد استطاع القضاء المقارن اعتماد العديد من المقاييس والمؤشرات للقول يكون العلامة مشهورة منها مثلا : تاريخ استعمال العلامة والحملة الاشهارية المصاحبة لاستعمالها وتداولها ،والإمكانيات المالية المرصودة للتعريف بها ،ومدى نجاحها وانتشارها في الأسواق الخارجية ،وأرقام المعاملات المالية التي تحققها وغيرها من المقاييس . ورغم تعارض هذا المقتضى مع المبدأ العام الذي يقفي بأن ملكية العلامة لا تكتسب إلا بتسجيلها إلا أنه مع ذلك يعتبر منطقيا ومعقولا لأن غاية المشرع من تطلب تسجيل أية علامة هو بهدف العلنية والإشهار ،وطالما أن هذه العلنية مفترضة سلفا في العلامات المشهورة فإن إجراءات تسجيلها تصبح من تحصيل حاصل ويمكن تجاوزها .
إن القانون عندما مدد من نطاق حماية العلامات وجعله يشمل حتى المنتوجات أو الخدمات المشابهة لموضوع العلامة المحلية فإن الغاية المتوخاة كانت هي الحد من إمكانية الخلط والالتباس الذي قد يقع فيه المستهلك بخصوص مصدر المنتوجين ذلك أن إمكانية الخلط والالتباس ستضيق كلما اختلفت المنتوجات عن بعضها البعض .

المبحث الأول : الحماية الجنائية لبراءة الاختراع

لا شك أن التعدي على حقوق الملكية الصناعية والتجارية وبالأخص براءة الاختراع يشكل إضرارا مباشرا بأصحاب هذه الحقوق وكذا مس بالمصلحة الاقتصادية العامة التي تقتضي سيادة منافسة تجارية وصناعية شريفتين ،إضافة إلى الإضرار بحقوق المستهلك فمن جراء هذه الممارسات سيخسر الاقتصاد الوطني مصادر هامة للتمويل نتيجة حصول ثغرة في الوعاء الضريبي وتهرب المزيفين وإفلاتهم من الخضوع للنظام الجبائي ،كماأن في ذلك تأثير على مناصب الشغل واستقرارها المنشود ،وفيها أيضا مدخل لعدم احترام المواصفات التقنية المرتبطة بالجودة في المنتوجات والخدمات وما يترتب على ذلك من مخاطر بالنسبة للمستهلك خصوصا إذا تعلق الأمر بمواد غذائية أو صيدلية أو طبية خصوصا مع التطور المذهل في أساليب التزييف والمنافسة غير المشروعة وانتقالها من أعمال فردية يقوم بها أشخاص * مبدعون * و *مهرة * يستعملون ذكاءهم وحسهم الإبداعي في التقليد إلى أعمال منظمة ومهيكلة تعتمد على أحدث التكنولوجيات في عمليات التزييف وعلى طاقم بشري مؤهل وذي تكوين تقني عال جدا ( 1 )
ولمعالجة هذا الوضع نصت التشريعات المقارنة مند بدايتها على دعاوى مدنية ( دعوى المنافسة غير المشروعة ) وأخرى جنائية وهي دعاوى تجد أساسها في المبادئ العامة للقانونين المدني والجنائي ،فإذا كانت الدعاوى الأولى تهدف إلى تعويض صاحب الحق عن الأضرار الذاتية اللاحقة به من جراء ذلك الاعتداء فإن الدعوى الجنائية هي الكفيلة بردع ومعاقبة الفاعل مع ما يترتب على ذلك من الحكم بتعويضات وغرامات مالية وعقوبات إضافية كمصادرة المنتجات والوسائل موضوع الجريمة ...
التزييف : مدلوله ونطاقه
1 – مدلول التزييف : يتمتع صاحب براءة الاختراع حسب المادة 16 من قانون 97 -17 تحت استئثاري لاستغلال البراءة مما يفرض على الغير واجب قانوني في احترام الحقوق التي تخولها لصاحب البراءة مفاده الالتزام بالامتناع عن أي عمل من شأنه المساس بالحق الاستئثاري في استغلال البراءة فكل عمل من هذا القبيل يعتبره القانون تزييفا ومنافسة غير مشروعة في حق صاحب البراءة أو أصحاب حقوق الاستغلال عليها . مما فرض وضع نظام محكم حماية للبراءة على المستوى الداخلي والدولي .
1 – المرجع السابق ص 163
فقد عرف المشرع التزييف في المادة 201 من قانون 97 -17 بأنه * كل مساس بحقوق مالك براءة أو شهادة تسجيل علامة صنع أو خدمة كما هو معروف على التوالي في المواد 53 و 54 و 99 و 123 و 124 و 154 و 155 أعلاه * وبالرجوع إلى المادة 53 التي تمنع في حالة عدم موافقة مالك البراءة ب :
أ‌- صنع المنتج المسلمة عند البراءة أو عرضه أو تقديمه للاتجار فيه أو استعماله أو استيراده أو حيازته للأغراض السالفة الذكر .
ب‌- استعمال طريقة مسلمة عنها براءة اختراع أو عرض استعمالها في التراب المغربي إذا كان الغير يعلم أو كانت الظروف تؤكد أن استعمال الطريقة المذكورة ممنوع دون موافقة مالك البراءة .
ت‌- عرض المنتج المحصل عليه مباشرة بالطريقة المسلمة عنها البراءة أو تقديمه للاتجار فيه أو استعماله أو استيراده أو حيازته للأغراض السالفة الذكر .
أما المادة 54 فتنص على انه يمنع كذلك في حالة عدم موافقة مالك البراءة على ذلك أن تسلم أو تعرض قصد تسليمها في التراب المغربي إلى شخص غير الأشخاص المؤهلين للاستغلال الاختراع المسلمة عنه البراءة ،الوسائل المعدة لاستخدام الاختراع المذكور في هذا التراب والمتعلقة بعنصر هام من عناصر الاختراع إذا كان الغير يعلم أو كانت الظروف تؤكد أن الوسائل المذكورة صالحة أو معد لهذا الاستخدام .
2 – أفعال التزييف الواردة على براءة الاختراع :
حسب المادة 201 يعتبر كل مساس بحقوق الملكية الصناعية والتجارية فعلا تزييفيا يترتب عليه الجزاءات المدنية والجنائية كقاعدة عامة غير أنه على سبيل المثال لا الحصر أوردة المادتين 53 و 54 مجموعة من الأفعال التي غالبا ما تكون هي محور الاعتداء في أوساط الصناع والتجار .
لذلك سنقتصر على دراستها وبيان الشروط الواجبة توفرها لإدانة مرتكبها وهي صنع منتج مسلمة عنه براءة الاختراع أو عرضه أو تقديمه و استراده أو حيازته أو استعماله للأغراض التجارية بالإضافة إلى الاستعمال الوارد على طريقة مسلمة عنها براءة اختراع أو عرض استعمالها أو تسليمها أو عرض تسليمها أو عرض المنتج المحصل عليه مباشرة منها أو تقديمه للاتجار فيه أو حيازته أو استعماله أو استيراده لأغراض تجارية بالشروط والأركان المنصوص عليها قانونيا .
أ‌- الأفعال التزييفية الواردة على المنتج المسلمة عنه البراءة
ويتمثل التزييف في صنع المنتج أو عرضه أو تقديمه للاتجار فيه كلما ثم القيام بذلك دون موافقة مالك البراءة .
فصنع المنتج دون موافقة مالك يعتبر تزييفا في ذاته ولو لم يتم الاتجار فيه بمعنى أن المشرع في هذه الحالة يتطلب فقط توافر الركن المادي لتحقق الجريمة ولو ثم من أجل الاستعمال الشخصي فقط ،وهكذا فقد أقرت الفقرة الثانية من المادة 201 أن التاجر في المواد المزيفة لا يمكن مقاضاته من اجل التزييف إلا بإثبات علمه بواقعة التزييف وشيء طبيعي أن المدى المتضرر هو المكلف بإثبات هذا العلم . وبمفهوم المخالفة يمكن مقاضاة صانع هاته المنتوجات المزيفة دون ضرورة إثبات عنصر العلم لنه مفترض فيه ،فالمنطق يقتضي أن مجرد إنتاجه لهذه المواد المحمية بواسطة حقوق الملكية الصناعية في اسم الغير يعتبر في حد ذاته قرينة على سوء نيته ،ولعل هذا التحدي في مواجهة الصانع يجد له مبررا في الواجب الملقى على عاتقه بضرورة الإطلاع مسبقا وقبل مباشرة عملية الصنع والإنتاج على سجل حقوق الملكية الصناعية للتأكيد من مدى وجود حقوق سابقة للغير مستفيدة من الحماية القانونية وبذلك تجد قرينة سوء نيته تفسيرا لما على الأقل في إهمال وعدم تبصره وعدم قيامه بالتحريات التمهيدية اللازمة ( 1 )
أما عرض المنتج أو تقديمه للاتجار فيه ،فرغم كونه يمثل تزييفا مهما تنوعت صور هذا العرض للجمهور سواء كان للمتاجرة أو لمجرد العرض الاشهاري .. وينحل في حكم البيع أو التقديم للاتجار الوارد على المنتج ،الفعل المتمثل في تقديم المنتج كجائزة أو هدية لأنه يتم والحالة هذه في إطار تقنية تسويفية ترتكز على اعتبار ثمن الجائزة أو الهدية جزء من الثمن المنتج أو الخدمة المقدمة أو جزء من مصاريف عرض هذا المنتوج للبيع أو تقديمه للاتجار فيه ( 1 )
ففي هذه الحالة يتطلب المشرع تحقق عدم العلم عند عرض المنتج أو تقديمه للاتجار فيه حتى يعتبر الفعل جنحة تزييف ،بخلاف الإقدام على صنع المنتج الذي يكتفي المشرع فيه بتحقق الركن المادي والقانوني فقط على أن لا يكون من قام بعرض المنتوج أو تقديمه للاتجار فيه هو من قام بصنع المنتج دون موافقة مالك البراءة وهذا ما في ما نصت عليه المادة 201 من قانون 97 -17 من ضرورة توفر العلم في من قام بعرض المنتوج المزيف بصنع الغير دون موافقة ملك البراءة حيث اعتبرت أن * أعمال عرض أحد المنتجات المزيفة للاتجار أو استنساخه أو استعماله أو حيازته قصد استعماله أو عرضه للتجارة المرتكبة من شخص غير صانع المنتج المزيف ،لا يتحمل المسؤولية عنها إلا إذا ارتكبها وهو على علم من أمرها *
والمقصود بالاستعمال في هذه الحالة هو الاستعمال التجاري وليس الاستعمال للأغراض الشخصية أو بهدف التجربة ،فالاستعمال يشكل فعل تزييف بشرط ألا يكون الشخص على علم بأنه يستعمل منتجا مزيفا . ونفس الجزاء والشروط تترتب على حيازة منتوج مسلمة عنه براءة وذلك من أجل عرضه للمتاجرة بشرط توفر العلم في الحائز
1 – خالد مداوي : حقوق الملكية الصناعية والتجارية لقانون 97 -17
1 – محمد الفروجي : حقوق الملكية الصناعية والتجارية ص 175
غير أن عنصر العلم يطرح عدة إشكاليات ،فما المقصود بالعلم ؟ هل هو العلم المسبق بأن موضوع التجارة مزيف أم مجرد للعلم بوجود حق محمي من الملكية الصناعية أو التجارية يشمل المنتوج أو المادة المتاجر فيها ،إن دراسة مجموعة القرارات القضائية الفرنسية تؤكد أن الطرح الأول هو المعمول به في تفسير عنصر علم التاجر طالما لم يثبت أمام القضاء أن هذا التاجر كان على علم مسبق بكون المنتوج الذي يعرضه للتداول هو مزيف فإن ذلك يعني حسن النية ولا يقوم التزييف في مواجهته ( 2 )
وكاستثناء من مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 201 ورغبة منه في إحاطة براءة الاختراع بأكبر قدر من الحماية فإن المشرع قد اعتبر استيراد منتوج مسلمة عنه براءة اختراع يعد تزييفا ولو ثم لأجل أغراض غير التجارية إذا تنطبق عليه نفس شروط صنع المنتوج مادام لم يتم عن طريق موافقة صاحب البراءة ،وأصحاب الحقوق عليها إن وجدوا .
ب‌- أفعال التزييف الواردة على طريقة مسلمة عنها البراءة
من المعلوم أن هناك اختلاف بين مصطلح المنتوج ومصطلح الطريقة لذا وجب التمييز بينهما وبالتالي معرفة أساس المقتضيات الخاصة بكل واحدة منهما .
ويقصد بالطريقة حسب تعريف الأستاذ الفروجي * الوسيلة التي من شأنها أن تؤدي إلى الحصول على نتيجة صناعية أو على منتج من المنتوجات وتختلف الطريقة عن المنتوج في كون النظر إليها يتم إما من زاوية شكلها وإما من زاوية تطبيقها أو وظيفتها في حين أن المنتج يتم النظر إليه من زاوية تركيبته المادية *

الفصل الثالث : الحماية الجنائية للمنافسة وحرية الأسعار

تقوم التجارة في الليبراليات المعاصرة على مبدأ حرية التجارة اقتناعا منها بفعالية الاقتصاد الحر في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي ذلك أن المنافسة الحرة تدفع التجار إلى تطوير وتحسين منتجاتهم وعرضها بالثمن المناسب ومن ثم تسمح بقيام قانون العرض والطلب الذي بدوره يخلق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك ،مما يؤدي إلى تقدم وازدهار الاقتصاد لكل لذلك ثم الارتقاء بهذا المبدأ إلى القاعدة الدستورية في جل الدول ومنها الدستور المغربي في الفصل 15 غير أن إقرار حرية المنافسة بدون ضوابط من شانه أن يؤدي إلى نتائج عكسية وخاصة وأن الممارسة قد أبانت أنه في كثير من الأحيان يتم اللجوء لإلى أساليب وممارسات غير مشروعة من التجار بهدف تقيد المنافسة أو منعها أو عرقلتها ضربا بعرض الحائط المصلحة العامة ومصلحة المستهلكين
1 – فؤاد معلال / شرح القانون التجاري المغربي الجديد / الطبعة الثانية ص 213
لذا كان من الضروري تدخل المشرع لتنضيم المنافسة وضبط آلياتها بناءا على مقاربة قانونية جديدة تعترف بحرية التجارة في الحدود التي تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتراعي قواعد النزاهة والشرف فيما بين التجار
أ – الأساس القانوني ونطاق التطبيق :
وحتى يتسنى للمشرع تحقيق التوازن بين صيانة حرية المنافسة والمصلحة الاقتصادية العامة وكذلك صيانة مصلحة المستهلك ،ثم إصدار قانون حرية الأسعار والمنافسة ( 1 ) وقانون الملكية الصناعية والتجارية ،أما قبل هذا التاريخ فلم يكن هناك نص عام في هذا الشأن ،إذ أن المنافسة لم تكن منضمة بمقتضى نص عام وإنما كانت هناك مقتضيات جزئية ومتفرقة في القانون الجنائي خاصة ،تعاقب على بعض الأفعال المقيدة للمنافسة (2 ) كما أن المنافسة غير المشروعة بدورها لم تعرف نص يحددها ويبين الجزاء المتعلق بها وإنما كانت تعتبر صورة عن عور الأعمال الضارة أو غير المشروعة تدخل في أحكام المسؤولية القصيرية المنضمة بمقتضى قواعد الالتزامات والعقود ،وخاصة الفصل 84 منه
وهكذا جاء قانون حرية الأسعار والمنافسة لتكامل مع قانون الملكية الصناعية والتجارية وبالخصوص مع مقتضياته المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة من اجل تنشيط الفاعلية الاقتصادية وتحسين رفاهية المستهلكين وضمان الشفافية والنزاهة في مختلف العلاقات التجارية ( 3 ) حيث حلول المشرع أن يشمل جميع الفاعلين الاقتصاديين ويحيط بجميع الأنشطة والأعمال والاتفاقيات التي لها تأثير على السوق المغربية ،حيث يطبق هذا القانون على :
1 – جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين سواء كانوا متوفرين ام لا على مقر أو مؤسسات بالمقر ،بمجرد ما يكون لعملياتهم أو تصرفاتهم اثر على المنافسة في السوق المغربية أو جزء مهم من هذه السوق
2 – جميع أعمال الإنتاج والتوزيع والخدمات
3 – الأشخاص العموميين فيما يخض تدخلهم في الأعمال المشار إليها في البند الثاني باعتبارهم فاعلين اقتصاديين وليس فيما يخص ممارستهم صلاحيات السلطة العامة أو مزاولة مهام الخدمة العامة
4 – الاتفاقات المتعلقة بالتصدير ( 4 )
ب – مبدأ حرية الأسعار والاستثناءات الواردة عليه
كقاعدة عامة تحرر أسعار السلع والمنتوجات عن طريق المنافسة الحرة المبنية على قانون العرض والطلب ،كما هو منصوص عليه في المادة 2 من قانون 99 -06 فنص هذه المادة يوحي بأن الدولة قد سحبت كل مراقيبها على عملية التسعير وأصبحت هذه الأخيرة خاضعة لقانون العرض والطلب وهو الهدف المؤمل عن لإقرار هذا القانون ،غير أن المشرع المغربي كما يبدو قد تلمس مدى الخطورة التي يمكن أن تنجم عن تحرير الأسعار بالنسبة للمقاولات والمستهلكين اعتبارا لهشاشة النسيج الاقتصادي المغربي من جهة ولمحدويدة السوق التي لا تشكل بعد مجالا للعراك المتوازن بين العرض والطلب من جهة أخرى
1 – قانون رقم 99 -06 الصادر بتنفيذه الضهير الشريف 225 -00 -1 المؤرخ في 2 ربيع الأول 1421 موافق 5 يونيو 2000 ج ر عدد 4810 بتاريخ 6 يونيو 2000
2 – فصل 289 الذي يعاقب كل من أحدث أو حاول إحداث تأثير في السوق بهدف الحصول على ربح لا يعتبر نتيجة طبيعية لقانون العرض والطلب
3 – ديباجة قانون حرية الأسعار والمنافسة
2 – فصل 289 الذي يعاقب كل من أحدث أو حاول إحداث تاثير في السوق بهدف الحصول على ربح لا يعتبر نتيجة طبيعية لقانون العرض والطلب
3 – ديباجة قانون حرية الأسعار والمنافسة
4 – مجموعة قانون الأعمال عبد الفتاح بونوار ،مطبعة النجاح الجديدة ،ط الأولى 2000 ،ص 523 المادة 1
فقد تخللت القانون ما يمكن اعتباره تحفضات مؤشرة تتمثل في تلك المساحة الواسعة التي ما تزال الدولة تفرض عليها رقابتها ( 1 ) ،وبالفعل فإن الإدارة تملك وفقا لمقتضيات المادة الثانية المشار إليها أعلاه التدخل من أجل تنظيم الأسعار في كل الحالات التالية :
1 – حالة عدم توفر شروط المنافسة
2 – حالة تعرض قطاع معين لضر وف غير عادية
3 – حالة التحديد التوافقي للأسعار
ج – استثناءات تدخل الإدارة من اجل تحديد الأسعار وتقييد المنافسة
تفاديا للتعسفات التي يمكن أن تلجأ إليها الإدارة والتي يمكن أن تأثر سلبا على فعالية الحركة التجارية ،ومن اجل تجاوز مرحلة التحديد الإداري للأسعار الذي كان يطبق بناءا على قانون 008 -71 الذي من بين أهدافه التحكم في آليات تحديد الأسعار في القطاعات التي تخلوا فيها المنافسة بغية التخفيف من عوامل التدخم ،حيث ثم تحرير الأسعار في أغلب القطاعات استجابة لتوصيات برنامج سياسة التقويم الهيكلي في أفق التحرر الكامل للأسعار خلال خمس سنوات من دخول القانون حيز التطبيق ( 2 )
فالإدارة تتقيد في تدخلها بتوفر الشروط القانونية المنصوص عليها في المادة 3 و 5 من قانون 99 -06 بالإضافة إلى استشارة مجلس المنافسة وتعين إجراءات التحديد بنص تنضيمي ،وفي حال اتخاذ تدابير مؤقتة المنصوص عليها في المادة 4 لا تجب أن تزيد مدة تطبيق هذه التدابير المؤقتة عن ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة ،أما في الحالة التي تتقدم فيها إحدى المنضمات المهنية الممثلة لأحد القطاعات المختلفة أو تتقدم الإدارة بطلب جعل أسعار المنتوجات محل تصديق من قبل الإدارة ،فإن هذه الأخيرة تكون ملزمة بالتشارو مع المنضمات المذكورة لتحديد سعر السلعة في الحدود المقررة في الاتفاقيات على أن تتدخل بنص تنضيمي يحدد السعر إذا لا حضت خرقا للاتفاق المبرم
وهكذا يلاحظ أن مجال تدخل الإدارة لا يزال وازعا نظرا لتعدد الحالات المسموح فيها بالتدخل ،وسعة المفهوم والمقصود منها ،وإما بالنظر إلى مرونة القيود المفروضة على هذا التدخل ،ولعل ما يسجل ضمن إيجابيات هذا القانون وإن كان في حقيقة يترجم تردد المشرع وعدم اطمئنانه ،بسبب عدم استقرار السوق المغربية وهشاشة الاقتصاد الوطني وعدم توفر شروط المنافسة الاقتصادية الشريفة
كل ذلك يبرر لحد الآن رقابة الإدارة على الأسعار وتكريس دورها في تحديدها ( 1 )
من هنا يتبين حرص المشرع على إحاطة الأسعار والمنافسة بكامل الضمانات القانونية الكفيلة بحمايتها من التدخل التعسفي للإدارة ومن الممارسات غير المشروعة من قبل التجار والمنتجين ،والذي يمر عبر :
1 – ضمان حرية الولوج إلى الأسواق دون حاجز من أي نوع كان
2 – ضمان حرية التنافس الحر والمفتوح لمختلف العارضين للخدمات والسلع والطالبين لها في شفافية تامة للسوق ووضوح تام لشروط التعامل ( 2 )
1 – لحسن بن لحساني ،مجلة طانجيس ،كلية الحقوق وجدة ،عدد 3 ،2003 ص 47 ،قانون * المنافسة وحرية الأسعار بين المؤشرات الخارجية والاكراهات الداخلية *
2 – مادة 83 من قانون حرية الأسعار والمنافسة رقم 99 -06
1 – لحسن بن لحساني ، م ،س ،ص 50
2 – عرض الوزير المكلف بالشؤون العامة للحكومة ص 16

المبحث الأول : الحماية الجنائية للمنافسة وحرية الأسعار من الممارسات المنافية لها ومن عمليات التركيز

كثيرا ما يسعى التجار إلى حماية تجارتهم من المنافسة باستعمال وسائل مشروعة أو غير مشروعة تضعهم في موقع متميز في السوق يمكنهم من التحكم في ميكانزمات المنافسة ،مما يوجب تدخل الدولة على ثلاثة مستويات ،أولا المستوى الإداري ويمر عبر السلطات المخولة لمجلس المنافسة الذي يتوقف عليه أمر دراسة الملفات وإحالتها على الوزير الأول وفق مسطرة محددة ثم على وكيل الملك إذا اقتضى الأمر تحريك الدعوى العمومية ضد مرتكبي هذه الممارسات وإيقافها ،ثانيا مستوى مدني وذلك للحصول على تعويض وفقا لما لحق المدعى من ضرر ،ثالثا مستوى جنائي وهو ما يهمنا في هذه الدارسة ،ويتمثل في تحديد وحصر الممارسات المنافية لحرية الأسعار والمنافسة وتقرير العقوبات الواجبة في حق المخليين بها ،وكذا تحديد مسطرة المتابعة القضائية

المطلب الأول : الحماية الجنائية من الممارسات المنافية لحرية الأسعار والمنافسة

قام المشرع بتحديد الأعمال والممارسات المنافية لحرية الأسعار والمنافسة وحضر الاستغلال التعسفي لوضع مهيمنة في السوق أو لحالة تبعية وحدد حالات إجازة الاستغلال التعسفي ،مع بيان الشروط والضوابط القانونية التي يترتب على مخالفتها توسيع جزاءات جنائية مرتكبيها ،وفق مسطرة إدارية وقضائية
فقرة  حضر مختلف التصرفات والاتفاقيات التي تهدف إلى عرقلة المنافسة أو الحد منها
لا لا يكاد يخلوا أي قانون للمنافسة من حضر التقليد للمنافس ،أي الاتفاقيات بين التجار ،لأنه من الموضوعات التي تضر بالسوق على العموم والعلاء على الخصوص ولما تمثله من تجمع وتواطئ بين التجار بغية إعاقة قانون العرض والطلب من أي يلعب دوره في توازن الإنتاج والاستهلاك ،لذا تتوجه اهتمامات تشريعات التجارة شطر حماية المنافسة وبتها بين التجار المتنافسين ومنعهم من التكتل أو التواطئ حتى لا يحضى هؤلاء التجار لمنافع الاحتكار ( 1 )
ويقصد بالتقييد الأفقي الاتفاق المبرم بين التجار حول الطريقة المتبعة للتنافس بينهم أو تفادي المنافسة بينهم ،أو تفادي منافسة محتملة على التجار الحاليين من الغير.
1 – الدكتور أحمد عبد الرحمان الملحم * التقييد الأفقي لمنافسة مع التركيز على اتفاق تحديد الأسعار * دراسة تحليلية مقارنة – جامعة الكويت – مجلة الحقوق ،ع 4 دجنبر 1995 ص 36
ويعرف القانون اليباني الصادر سنة 1947 الخاص بالتصدي للاحتكار في مواده من 2 إلى 6 التقييد غير المعقول التجارة ،بأنه سلوك اتفاق بين الملتزمين ( تجار أو غيرهم ) من أجل تقييد أو تفادي المنافسة في كل من الأعمال التجارية الذي يؤدي إلى تقييد جوهري للمنافسة خلافا للمصلحة العامة ( 1 )
غير أن الاتفاق بين شركة أم وأخرى تابعة لها لتنضيم المنافسة بينهما لا يمكن اعتباره مخالفة لقانون حماي المنافسة ،لأنه ثمة وحدة اقتصادية بين الشركتين لذلك فالاتفاق الأفقي الممنوع هو ذلك الذي يتم بين تجار مستقلين بهدف اعتراض قانون العرض والطلب في إيجاد توازن بين الإنتاج والاستهلاك وذلك للتقليل من كمية السلع المعروضة في السوق للحصول على سعر عالي ما كان بمقدورهم تحقيقه لولا هذا الاتفاق
وفي نفس السياق تنص المادة 6 من قانون 99 -06 على أنه * تحضر الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وآيا كان سببها عندما يكون الغرض منها أم يمكن أن يترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في الأسواق ما لا سيما لاعنها تهدف إلى :
1 – الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة من لدن منشات أخرى
2 – عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها
3 – حضر أو مراقبة الإنتاج أو الاستثمارات أو التقدم التقني
4 – تقسيم الأسواق ومصاريف التموين
هكذا قام المشرع بحضر أشكال الاتفاقيات بين التجار التي تضع حد للمنافسة إما عن كريق اقتسام الأسواق أو تخصص كل واحد منهم بكمية أو بمنتوج أو القيام بالاندماج كخلق حالة الاحتكار
فهذه الاحتكارات تعتبر خطيرة لأنها تقوم على مصالح رأسمالية إنتاجية تتعارض مع المصلحة العامة ،ذلك أنها من ناحية تمس بحقوق المبادرين الاقتصاديين الأخريين الذين يجدون أنفسهم معاقين وممنوعين من الدخول إلى السوق وهذا ما يتعارض مع مبدأ المساواة غفي المبادرة الاقتصادية ،ومن ناحية ثانية تشكل خطرا على المستهلكين الذين يصبحون بين أيادي متحكمة
1 – م ،س ،ص 38
2 – وفي نفس السياق ذهب القضاء في الولايات المتحدة الأمريكية مذهبا توسع فيه مفهوم التدخل في تحديد الأسعار إذا اعتبر انه كل اتفاق يكون غرضه او اثر وقع أو تحديد او تقييد أو تثبيت أسعار المنتجات والملاحظ ان هذا التعريف كان أكثر دقة وشمولية من نظيره المغربي
تفرض عليهم السلع والخدمات بالثمن الذين تريد
وهي تمس أيضا المصلحة الاقتصادية العامة ككل ،حيث أن الاحتكار يمنع التطور لأنه يزيل الحواجز التي تدفع إلى الاحتراز من أجل تحسين المنتجات والخدمات والتحكم في تكلفتها لحفظ الأثمان ( 1 ) ،خاصة وانه لوحظ أن برنامج تحرير الاقتصاد المغربي وتطبيق سياسة الخوصصة قد أدى في غياب ضوابط قانونية تنضم المنافسة إلى نشوء احتكارات خاصة وانتشار الاتفاقيات والتحالفات لاقتسام الأسواق والتأثير على الأثمان ( 2 )
فقرة ‚ حضر الاستغلال التعسفي لوضع مهيمن في السوق أو لحالة تبعية اقتصادية
من خلال الفصل 7 من قانون 99 -06 ،يمنع المشرع الاستغلال التعسفي لوضع مهيمن في السوق أو جزء مهم من هذه السوق أو استغلال حالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون ليس لديه حل مواز وذلك عندما يكون الغرض منه أو يمكن أن تترتب عليه عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها ويمكن أن يتجلى التعسف بوجه خاص في رفض البيع أو بيوع مقيدة أو شروط بيع متميزة أو قطع علامات تجارية ثابتة لمجرد أن الشريك يرفض الخضوع للشروط التجارية غير مبررة ويمكن أن يتجلى كذلك فيما يفرض بضفة مباشرة أو غير مباشرة من حد أدى لسعر إعادة بيع منتوج أو سلعة أو لسعر تقديم خدمة أو لهامش تجاري
ويمكن أن يتجلى التعسف كذلك في عروض أسعار ممارسة بيع للمستهلكين تكون بمجرد ما يكون الغرض من العروض والممارسات المذكورة أو يمكن أن يترتب عليها إلغاء سوق أو الحيلولة دون دخول منشأة أو منتجاتها إلى احد الأسواق
وهكذا منعت المادة 7 التعسف في استغلال وضع مهيمن في السوق أو لحالة تبعية
اقتصادية وليس التواجد في وضع مهيمن أو تبعية اقتصادية في حد ذاتها والمقصود بالوضع المهيمن التواجد في موقع قوة اقتصادية في قطاع أو سوق بأكمله يسمح بالتحكم فيه وفرض توجه معين على باقي المنافسين على مستوى الأثمان أو كميات الإنتاج أو شروط التعاقد ،ويشكل الاستغلال التعسفي لحالة تبعية اقتصادية وجها آخر للهيمنة والجشع الرأس مالي منبعها التواجد في موقع قوة يسمح بفرض شروط التعاقد مع الآخرين من منطق افتقاد هذا الأخير لحل بديل مما يوجب التصدي لكافة أشكال التعسف في استغلال حالات الهيمنة أو حالة التبعية طالما كان الغرض منها عرقلة المنافسة أو الحد منها وتحريف سيرها ،وما كان تعداد المشرع لمجموعة من الممارسات التي يمكن ان تشكل بوجه خاص استغلال تعسفيا بقصد الحصر أكثر منه تركيزا وتأكيدا على أكترها شيوعا وخطورة ،ويبدو هذا المسلك من خلال عباراته كقوله : * يمكن أن يتجلى التعسف بوجه خاص * * يمكن أن يتجلى كذلك
* لم يشكل رفع أو تخفيض الأسعار فقط بل تثبيتها حتى ولو كان السعر معقولا ،لأن تحديد معقولية السعر تترك لقاعدة العرض والطلب وليس التجار ،ومن جانب ثاني توسع القضاء في ضرورة أن يكون غرض الاتفاق أو أثره تحديد الأسعار إذا أكتفا بتحديد أحدهما إما العرض أو الأثر وهكذا تقوم المسؤولية إذا كان فرض الاتفاق تحديد الأسعار حتى وإن لم يحدث هذا الأثر ،وكذا تقوم المسؤولية ولم لم يكن غرض الاتفاق تحديد الأسعار طالما أحدث هذا الأثر ، م، س ، ص 50
1 – فؤاد معلال ، م ،س ،ص 155
2 – مجلة ريما لد * سلسلة نصوص ووثائق * عدد 39 ،ص 15
الفقرة ƒ حالات إجازة التواطئ أو الاستغلال لوضع مهيمن
تعرف مقتضيات المادتين 6 و7 استثناءا مهما يرفع فيه المشرع الحضر عن الممارسات المنافية للمنافسة الحرة ،معلنا بذلك عن مقاصده وفلسفته التشريعية بوضعه مصلحة التقدم الاقتصادي فوق كل اعتبار آخر ولو ترتب عليه تقييد للمنافسة مما يدفعنا إلى القول بان مناط التجريم والإباحة هو المصلحة الاقتصادية العامة إذ لم تعد حرية المنافسة قيمة يجب الدفاع عنها بل وسيلة يجب توضيفها لتحقيق التنمية ولا يقبل بها إذا تعارضت مع الهدف ،ويمكن القبول بسواها بالقدر الذي يحقق فيه الهدف الاقتصادي والاجتماعي ،حيث نص المشرع في الفقرة الثانية من المادة 8 ق 99 -06 على أنه لا تفرض الممارسات المذكورة قيودا على المنافسة إلا بقدر ما تكون ضرورة لبلوغ التقدم ،وهذا منطق تغليب المصلحة الوطنية ،فكل الأفعال المحضورة بموجب المادتين تعرف استثناءا هاما يبيحها إذا أتبت التجار والمنتجين أو الموزعين أنها تساهم في التقدم الاقتصادي وأن مساهمتها كافية لتعويض قيود المنافسة على أن يخصص للمستعملين جزء عادل من الربح الناتج عنها ودون إلغاء المنافسين الآخرين فيما يخص جزء مهم من المنتوجات ،فلو مني السوق مثلا بفترة كساد حادة وأدى ذلك إلى نزول الأسعار إلى اقل سعر التكلفة جاز للتجار الاتفاق على توزيع حصص الإنتاج تحسبا لانهيار سوق السلعة ،ومن ثم لإفلاسهم ،ففي ذلك مصلحة للتجار والاقتصاد الوطني وحتى المستهلك ،لأن من شأن مثل هذا الاتفاق تحديد الأسعار من خلال خفظ كمية العرض الذي يؤدي إلى ارتفاع سعر السلعة ،فنكون أمام تنازع مصلحتين : توازن السوق من جهة وحماية العملاء مما يوجب تدخل القانون للحسم فيه
غير أن إجازة هذه الأفعال يجب أن يتم عن طريق نص تشريعي أو تنضيمي يمثل رأي السلطتين التشريعية أو التنفيذية كمعبرين عن إرادة الأمة فانطلاقا من الفوائد التي يمكن أن تنطوي عليها مثل هذه الاتفاقات من الناحية الاقتصادية ،فإن المشرع أجازها عندما يتبين مجلس المنافسة من أنها لا تنطلق من مصالح رأسمالية ضيقة وإنما تحقيق منفعة يستفيد منها الاقتصاد الوطني دون إهمال تخصيص جزء عادل من الربح الناتج عنها للمستعملين ودون إلغاء المنافسة في جزء هام من المنتوجات أو الخدمات و إلا تم حضر الممارسات المذكرة وثم اعتبار كل الالتزامات والاتفاقيات باطلة بقوة القانون ،فضلا عن الجزاءات الجنائية التي تلحق مرتكبيها ( 1 )
1 – كما تنص على ذلك المادة 9 قانون 99 – 06
الفقرة „ الجزاءات الجنائية المقررة لمواجهة الممارسات المخلة بحرية المنافسة
في حالة مخالفة أحكام المادتين 6 و 7 من قانون 99 -06 وفي حالة عدم التقيد بالتدابير التحفضية التي يأمر بها الوزير الأول ،لمواجهة حالة الاستعجال التي تقتضيها ضرورة حماية الاقتصاد الوطني في حق الممارسات التي تشكل خطرا به وكذلك في حالة عدم مراعاة قرارات الوزير الأول بشأن الممارسات الماسة بحرية الأسعار والمنافسة ،يمكن مسائلة الأشخاص المعنويين المسؤولين عن ذلك جنائيا عندما تبرر ذلك ضر وف النازلة ولا سيما سوء نية الأطراف المعنية أو خطوة الأفعال المرتكبة وفي هذه الحالة فإن العقوبة التي يمكن الحكم بها تتمثل في غرامة تتراوح بين 2 و 5 من المئة من رقم المعاملات المنجزة في المغرب خلال آخر سنة محاسبة مختتمة دون اعتبار الرسوم إذا تعلق الأمر بمنشاة ،وإذا لم يكن المخالف منشأة ،حددت الغرامة بمبلغ يتراوح بين 200000 درهم 2000000 درهم ،ويمكن أن يرتفع المبلغ إلى الضعف أي مابين 4 إلى 10 من المئة من رقم المعاملات وبين 400 ألف إلى 4 ملايين درهم إذا لم يتعلق الأمر بمنشأة وإذا كانت المنشأة تستغل قطاعات نشاط مختلفة وجب أن يعتمد رقم أعمال القطاع أو القطاعات المرتكبة المخالفات فيها ،ويحدد مبلغ الغرامة بصفة فردية فيما يخص كل منشأة أو هيئة معاقبة باعتبار خطورة الأعمال المعاقب عليها وأهمية الأضرار اللاحقة بالاقتصاد وكذا الوضعية المالية وحجم المنشاة أو الهيئة المعاقبة ،وتحدد الغرامة المذكورة باعتبار الدور الذي قامت به كل منشاة أو هيئة معنية كما نصت على ذلك المادة 70 قانون 99 -06 بالإضافة إلى ذلك نص المشرع على معاقبة كل شخص طبيعي ،يشارك على سبيل التدليس أو عن علم مشاركة شخصية في التخطيط لتلك الممارسات أو في تنضيمها أو تنفيذها أو مراقبتها ،بالحبس من شهرين إلى سنة او بغرامة من 10000 إلى 500000رهم أو بإحدى هاتين العقوبتين طبقا لمقتضيات المادة 67 ق 99 -06 كما تنص المادة 68 على انه * يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين أو بغرامة من 10000 إلى 500000 أو بإحدى هاتين العقوبتين ،كل من افتعل أو حاول افتعال رفع أو تخفيض سعر سلع أو خدمات أو سندات عامة أو خاصة ،باستعمال أية وسيلة كانت لنشر معلومات كاذبة أو افتراءات أو بتقديم عروض في السوق قصد الإخلال بسير الأسعار أو عروض مزايدة على السلع التي طلبها الباعة أو باستخدام أية وسيلة أخرى عن وسائل التدليس وعندما يتعلق الأمر برفع أو تخفيظ الأسعار متعلق بالمواد الغذائية أو الحبوب أو الدقيق أو المواد الطحينية أو المشروبات أو العقاقير الطبية أو الوقود أو السماد التجاري ،ترتفع العقوبة لتصل إلى 800000 درهم كغرامة ومن سنة إلى ثلاث سنوات كعقوبة حبسية وتشد العقوبة أكثر لتصل إلى 1000000 درهم كغرامة ومن سنة إلى خمس سنوات كعقوبة حبسية إذا تعلق الأمر بالمضاربة بمواد غذائية أو بضائع لا تدخل في الممارسة الاعتيادية لمهنة المخالف ( 1 )
1 – فصل 68 ق 99 -06
2 – تنص الفقرة الأولى من الفصل 40 من ق ،ج على انه يجوز للمحاكم في الحالات التي يحددها القانون إذا حكمت بعقوبة جنحية أن تحرم المحكوم عليه لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات من ممارسة حق أو عدة حقوق من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية المنصوص عليها في الفصل 26 منه وبالرجوع إلى الفصل 26 يشمل هذا الحرمان :
- عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوضائف العمومية وكل الخدمات والأعمال العمومية
- حرمان المحكوم عليه من أن يكون ناخبا او منتخبا وحرمانه بصفة عامة من سائر الحقوق الوطنية والسياسية ومن حق التحلي بأي وسام
- عدم الأهلية للقيام بمهمة عضو او محلف أو خبير وعدم الأهلية لأداء الشهادة في أي رسم او شهادة أمام القضاء إلا على سبيل الإخبار فقط
- عدم أهلية المحكوم عليه ان يكون وصيا أو مشرفا على غير أولاده
- الحرمان من حق حمل السلاح أو الخدمة في الجيش أو القيام بالتعليم أو إدارة مدرسة او العمل في مؤسسة للتعليم أستلذ او مدرس أو مراقب
ويمكن في جميع الحالات المنصوص عليها في المادتين 67 و 68 أن يعاقب مرتكب المخالفة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في الفصل 40 ( 2 ) من القانون الجنائي بصرف النظر عن تطبيق الفصل 87 من القانون المذكور

المطلب الثاني : الحماية الجنائية من عمليات التمركز الاقتصادي

غالبا ما يسعى التجار إلى التحكم في السوق تبعا لموقعهم داخله ففي الحالة التي يوجد فيها عدة متنافسين يسعى التاجر إلى إبرام اتفاقيات تدعى * بالكارتل * أما في الحالة التي يوجد فيها التاجر في وضع مهيمن على باقي المنافسين فإنه يسعى للانفراد بالسوق عن طريق عملية التركيز لتحقيق ما يسمى ب Monopoli وكلا الوضعيتين تهدف إلى الوصول إلى حالة احتكارية ،غير أن من جملة الفوارق بين الكارتل CARTL الذي سبق أن رأينها في المبحث الأول والمنوبولي هو أن يتطلب إبرام اتفاق بين متنافسين تكون مصالحهم متنازعة بغية إيجاد هدف مشترك بينهم بينما ليس للمحتكر حاجة لمثل هذا الاتفاق لأنه شخص واحد ووحيد ،والملاحظ هو صعوبة تكوين الاحتكار الذي يستلزم استحواذ المحتكر على كامل حصة السوق أو جزء كبير منها بالمقارنة مع الكارتل ،إلا انه إذا تحقق يصعب التصدي له لأنه مصلحة واحدة ( 1 ) بالإضافة إلى خطورة هذه الوضعية على الاقتصاد الذي يصبح رهين تصرف أشخاص بعينهم كيف ماشاؤو
وهكذا عرف المشرع المغربي التركيز في المادة 11 من قانون 99 -06 التركيز بأنه الحالة التي تنتج عن كل عقد كيفما كان شكله إذا كان يقتضي تحويل الملكية أو الانتفاع فيما يتعلق بمجموع أو بعض ممتلكات منشأة وحقوقها والتزاماتها أو عندما يكون الغرض منه أو يترتب عليه تمكين منشأة أو عدة منشات من ممارسة نفوذ حاسم على واحدة أو أكثر من المنشأة الأخرى بصفة مباشرة أو غير مباشرة غير أن قصد المشرع لم يكن هو منع كل عمل تركيز اقتصادي ،خاصة وانه في الوقت الحاضر أدى استرداد المنافسة الدولية الناتج عن عولمة الاقتصاد إلى النظر إلى تركيز كادات لتقوية المقاولات المغربية أو وسيلة لدعم قدرتها التنافسية ،فإن قانون المنافسة استوجب شرطين لتحريك مسطرة المراقبة والمتابعة الجنائية والمدنية
1 - الدكتور عبد الرحمان الملحم : * التقيد الأفقي للمنافسة مع التركيز على اتفاقية تحديد الأسعار دراسة تحليلية مقارنة * م ،س ،ص 36
وهما : أولا : أن تكون المنشات المتكتلة قد أنجزت خلال السنة السابقة أكثر من 40 % من المعالات المتعلقة بسلعة أو منتوج أو خدمة من نفس النوع في السوق الوطنية ،وقد رفع المشرع من الحد الأدنى المعتمد دوليا وهو 25 % والذي يعتبر معه التمركز مهددا للتنافس مراعاة لوضعية المغرب كبلد نامي في حاجة لتقوية مقاولاته لتكون قادرة على مواجهة المنافسة العالمية
ثانيا : أن يشكل التمركز تهديدا لحرية التنافس داخل القطاع
الفقرة الأولى : إجراءات مراقبة وتتبع عمليات التمركز الاقتصادي
تتميز مسطرة متابعة عمليات التركيز بمركزية دور الوزير الأول كل مشروع تركيزا طبقا للشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 10 من قانون 99 -06 ،ويمكن أن يكون مقرونا بالتزامات ،ولا يجوز للمنشات تنفيذ مشاريع تحت طائلة الجزاءات الجنائية والمدنية مالم يتم قبوله بشكل صريح أو ضمني ( 1 ) وفي حالة ما إذا لم يتم الوفاء بالالتزامات إلى مجلس المنافسة فيما إذا كان مشروع أو عملية التركيز ستساهم في التقدم الاقتصادي مساهمة كافية لتحقيق الاضرر اللاحقة بالمنافسة
ويراعى المجلس القدرة التنافسية للمنشات المعنية بالمقارنة مع التنافسية الدولية ( 2 )
ويبلغ تقرير المجلس إلى منشات المعنية لجل تقديم ملاحظاتها داخل اجل شهر من تاريخ التبليغ ( 3 )
1 – يتمثل القبول الضمني لمشروع التركيز في عدم الجواب خلال شهرين ويرفع الأجل إلى ستة أشهر إذا أحال الوزير الأول الأمر إلى مجلس المنافسة
2 – المادة 42 ق 99 -06
3 – المادة 30 و 44 ق 99 -06
خاتمة
خاتمة
- قصور السياسة الجنائية في مواجهة الجرائم التجارية .
إذا كان المشرع يتدخل بفرض مجموعة من القواعد اللازم احترامها في الميدان التجاري ،ويدعم ذلك بالجزاءات الضرورية وذلك بهدف ضمان الثقة والائتمان بين التجار وكذلك ضمان استقرار الوضع الاقتصادي بالبلاد ،فإن الواقع العملي يكشف عن قصور وفشل هذه التدابير الجنائية في زجر المرتكبين لهذه المخالفات والضرب على أيديهم .
هذا ورغم أن العقوبة الجنائية المتمثلة في الحبس أو الغرامة وما يتبع ذلك من عقوبات إضافية ،تعطي للقانون المرتبطة بها ضمانه في التطبيق وتحقيق الغرض منه ،فإن من شأن التشدد في فرض هذه العقوبات وعدم ملاءمتها لخطورة الجريمة المرتكبة يفضي إلى إفراغ الحد من حرية التجارة والصناعة التي تعتبر من المبادئ الأساسية في قانون الأعمال والتي أضفت عليها جل التشريعات الصفة الدستورية واعتبارها من مبادئ الحرية العامة .
كما ان المبلغ المالي الهزيل المفروض على بعض الشركات التجارية كغرامة قد لا يتناسب مع حجم رأسمالها أو رقم معاملاتها السنوي ،وبالتالي يكون مصير القاعدة القانونية الملزمة المدعمة بهذه الغرامة ،عدم المبالاة والتقاضي عن تطبيقها .
ويمكن القول أن فشل هذه التدابير الجنائية ،قد ظهر مند تبني هذه النصوص الجديدة المنضمة للتجارة المستقاة من القانون الفرنسي ،حيث تتميز هذه القوانين وخاصة منها قانون الشركات بتوسعها لدائرة التجريم بالنص على جرائم جديدة وعقوبات تتسم في كثير من الأحيان بالمبالغة .
ومن مظاهر الفشل كذلك ندرة الاجتهاد القضائي ،والأحكام القضائية في هذا الإطار ،وذلك غنما يرجع إلى صعوبة ضبط ومتابعة المخالفات المرتكبة ( 1 )
1 – لحسن بيهي : الشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية . م . س . ص 318
الفهرس العام
القسم الأول : الحماية الجنائية المقررة بمقتضى مدونة التجارة
الفصل الاول: جزاء مخالفة الالتزامات المفروضة على التجار
المبحث الأول : الجزاءات المقررة ضد الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري
المطلب الأول :
الجزاءات المترتبة عن مخالفة الالتزامات بالتسجيل في السجل التجاري
المطلب الثاني :
الجزاءات المترتبة عن الإدلاء ببيان غير صحيح
المبحث الثاني : جزاء مخالفة الالتزام بمسك محاسبة
الفصل الثاني : الحماية الجنائية للشيك
المبحث الأول : شروط صحة الشيك من الناحية الجنائية
المطلب الأولى : اثر تخلف الشروط الشكلية
أولا : شرك الكتابة
ثانيا : شرك الكفاية الذاتية
ثالثا : البيانات الإلزامية
المطلب الثاني : أثر تخلف شرط من الشروط الموضوعية
أولا : الأهلية
ثانيا : الرضا
ثالثا : المحل
رابعا : السبب
المبحث الثاني : أنواع جرائم الشيك
المطلب الأولى : الجرائم المرتبطة بمؤونة الشيك
أولا : انعدام أو إغفال توفير مؤونة الشيك
ثانيا : التعرض بصفة غير صحيحة على وفاء الشيك
ثالثا : قبول أو تطهير شيكات الضمان
رابعا : لإصدار الساحب أو موكله شيكات رغم الأمر الموجه إليه من البنك أو خرقا للمنع القضائي الصادر ضده
المطلب الثانية : الجرائم المرتبكة بتغيير حقيقة الشيك
أولا : جريمة تزييف أو تزوير الشيك
ثانيا : جريمة قبول تسلم شيك مزور أو مزيف أو تظهيره أو ضمانه ضمانا احتياطيا
ثالثا : جريمة استعمال شيك مزيف أو مزور أو محاولة استعمال
المطلب الثالثة : جرائم المسحوب عليه :
أولا : جريمة التصريح بوجود مؤونة تقل عن المؤونة الموجودة حقيقة
ثانيا : جرائم عدم التصريح بكل حادث إخلال بالأداء من طرف الساحب والإخلال بالمنع المصرفي أو القضائي
ثالثا : الجرائم الناشئة عن مخالفة المقتضيات المنصوص عليها في المواد 307 و 310 و 313 و 317 من مدونة التجارة
الفصل الثالث : العقوبات الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة في حالة افتتاح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة
المبحث الأول : في التفالس والجرائم الأخرى
المطلب الأولى : جريمة التفالس :
أولا : الأفعال المبررة للإدانة بالتفالس
ثانيا : الأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس
ثالثا : العقوبة المقررة لجريمة التفالس
المطلب الثانية : في الجرائم الأخرى المعاقب عليها في مادة صعوبات المقاولة
المبحث الثاني : الحكم بسقوط الأهلية التجارية :
المطلب الأولى : الأفعال المبررة للحكم بسقوط الأهلية التجارية
أولا : الوضع بالنسبة للتاجر الشخص الطبيعي
ثانيا : الوضع بالنسبة لمسيري الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون غرضها تجاريا
ثالثا : الحالات المشتركة بين الشخص الطبيعي والمسيرين
رابعا : حالة الشخص المدان من اجل جريمة التفالس
خامسا : حالة المسير الذي لم يبرئ من ذمته من الدين المتمثل في الخصوم التي ثم تحصيلها له كعقوبة مالية
المطلب الثاني : الآثار المترتبة على الحكم بسقوط الأهلية التجارية
القسم الثاني : الحماية المقررة خارج نصوص مدونة التجارة
الفصل الأول : الحماية الجنائية بمقتضى قانون الشركات التجارية
المبحث الأول : الجرائم المرتبطة بعدم احترام شكليات تأسيس الشركة
المطلب الأول : المخالفات المشتركة بين كافة الشركات التجارية
المطلب الثاني : المخالفات المتعلقة بالشركات المساهمة
المبحث الثاني : الجرائم المرتبطة بعدم احترام شكليات التسيير
المطلب الأول : المخالفات المتعلقة باستدعاء وانعقاد الجمعية العامة ومحاضر انعقادها
الفقرة الأولى : المخالفات المتعلقة باستدعاء الجمعية العامة
الفقرة الثانية : المخالفات المرتبطة بانعقاد الجمعية العامة
الفقرة الثالثة : المخالفات المرتبطة بمسك وتنظيم اجتماعات الجمعية العامة
المطلب الثاني : المخالفات المرتبطة بحق الشركاء في الإعلام
المطلب الثالث : المخالفات المرتبطة بوضع وتقديم حسابات الشركة
الفقرة الأولى : المخالفات المرتبطة بمسك وإعداد حسابات الشركة
الفقرة الثانية : مخالفات شكليات المصادفة على حسابات الشركة من طرف الشركاء
الفقرة الثالثة : مخالفة الالتزام بإيداع حسابات الشركة
المطلب الرابع : الجرائم المرتبطة بمراقبة ميزانية الشركة التجارية
الفقرة الأولى : مخالفة الالتزام بتعيين مراقب الحسابات
الفقرة الثانية : مخالفة الالتزام باستدعاء مراقب الحسابات
الفقرة الثالثة : مخالفة الالتزام بإطلاع المراقب على الوثائق
الفقرة الرابعة : الجرائم المرتكبة من طرف مراقب الحسابات
المطلب الخامس : المخالفات المرتبطة بتغيير رأس مال الشركة
الفقرة الأولى : المخالفات المرتبطة بالزيادة في رأس مال الشركة
الفقرة الثانية : المخالفات المرتبطة بتخفيض رأس مال الشركة
المبحث الثالث : الجرائم المرتبطة بحل وتصفية الشركة
الفقرة الأولى : المخالفات السابقة لحل الشركة
الفقرة الثانية : المخالفات المرتبطة بتصفية الشركة
أولا : المخالفات المرتبطة بتعيين المصفي
ثانيا : المخالفات المرتبطة بتنظيم مهام المصفي
الفصل الثاني : الحماية الجنائية بمقتضى قانون حقوق الملكية الصناعية والتجارية
مبحث تمهيدي : نطاق حماية حقوق الملكية الصناعية والتجارية
أولا : الحماية من المنتوجات والخدمات المشابهة
ثانيا : حماية العلامات والمنتجات والخدمات المشهورة
مبحث أول : الحماية الجنائية لبراءة الاختراع
المطلب الأول : التزييف مدلوله ونطاقه
الفقرة الأولى : مدلول التزييف
الفقرة الثانية : أفعال التزييف الواردة على برادة الاختراع
أولا : الأفعال التزييفية الواردة على المنتج
ثانيا : الأفعال التزييفية الواردة على طريقة
ثالثا : الأفعال التزييفية الواردة على الوسائل المعتمدة لاستخدام البراءة
المطلب الثاني : وسائل الحماية الجنائية لبراءة الاختراع
الفقرة الأولى : جنح التزييف والجزاءات المقررة ضد مرتكبيها
أولا : العقوبات الأصلية
ثانيا : العقوبات الإضافية
ثالثا : ضر وف التشديد
الفقرة الثانية : الجزاءات الجنائية ضد الأعمال الأخرى الماسة بالبراءة
أولا : إخفاء المنتجات المزيفة
ثانيا : تقديم معلومات أو بيانات أو أوصاف للحقوق المحمية
الفقرة الثالثة : إجراءات دعوى التزييف
أولا : دعوى التزييف وتمييزها عن دعوى المنافسة غير المشروعة
ثانيا : الاختصاص النوعي والمحلي
ثالثا : إجراءات تحريك المتابعة
أ – التوقف على شكوى الطرف المتضرر
ب – وقف حكم المحكمة الابتدائية على المحكمة التجارية
ج – تقادم الدعوى
د – حرية الإثبات
المبحث الثاني : الحماية الجنائية لعلامات الصنع والتجارة والخدمة
المطلب الأول : تعريف علامة الصنع وخصائصها
الفقرة الأولى : تعريف علامة الصنع
الفقرة الثانية : خصائص علامة الصنع
أ – الصفة الاشارية
ب – القابلية للتجسيد
ج – الطابع المميز للعلامة
د – مشروعية العلامة
المطلب الثاني : أفعال التزييف الواردة عل علامة الصنع أو التجارة أو الخدمة
أ – استنساخ العلامة
ب – تقليد العلامة
ج – استعمال العلامة
ج – وضع العلامة على منتجات لا تتعلق بها
ه – حيازة علامة مزيفة أو مقلدة أو بيعها أو عرضها للبيع أو توريدها
المطلب الثالث : وسائل الحماية الجنائية لعلامة الصنع
الفقرة الأولى : الجزاءات الجنائية ضد عمليات التزييف
أولا : الجزاءات الأصلية
ثانيا : العقوبات الإضافية
الفقرة الثانية : إجراءات المتابعة
أولا : الاختصاص النوعي والمحلي
ثانيا : مسطرة تحريك المتابعة
ثالثا : تقادم الدعوى
المبحث الثلث : الحماية الجنائية للرسوم والنماذج الصناعية
أولا : استنساخ الرسم أو النموذج الصناعي
ثانيا : استيراد المنتج أو المستنسخ أو عرضه للبيع
ثالثا : بيع منتج مستنسخ
رابعا: حيازة رسم أو نموذج صناعي مستنسخ لعرضه للبيع أو بيعه
المطلب الثاني : العقوبات الجنائية المقررة
الفصل الثالث : الحماية الجنائية بمقتضى قانون المنافسة وحرية الأسعار
مقدمة :
أ – الأساس القانوني ونطاق التطبيق
ب – مبدأ حرية الأسعار والاستثناءات الواردة عليه
ج – استثناءات تدخل الإدارة من أجل تحديد الأسعار
المبحث الأول : الحماية الجنائية للمنافسة وحرية الأسعار من الممارسات المنافية لها ومن عملية التركيز
المطلب الأول : الحماية الجنائية من الممارسات المنافية لحرية الأسعار والمنافسة
الفقرة الأولى : حضر مختلف التصرفات والاتفاقيات التي تهدف إلى عرقلة المنافسة
الفقرة الثانية : حالة حضر الاستغلال التعسفي لوضع في السوق أو لحالة تبعية اقتصادية
الفقرة الثالثة : حالة إجازة التواطؤ أو الاستغلال لوضع مهيمن
الفقرة الرابعة : الجزاءات الجنائية المقررة لمواجهة الممارسات المخلة بحرية المنافسة
المطلب الثاني : الحماية الجنائية من عمليات التمركز الاقتصادي
الفقرة الأولى : إجراءات مراقبة وتتبع عمليات التمركز الاقتصادي
الفقرة الثانية : الجزاءات الجنائية لمواجهة عمليات التمركز
المبحث الثاني : ضوابط واليات حماية المنافسة
المطلب الأول : القواعد المقيدة للمنافسة
الفقرة الأولى : قواعد حماية المستهلك
الفقرة الثانية : قواعد ضمان الشفافية
أولا : قواعد تنظيم الفاتورة
ثانيا : ضمان النزاهة
المطلب الثاني : الحماية الجنائية من الادخار السري
الفقرة الأولى : الممارسات التي تدخل في نطاق الادخار السري
الفقرة الثانية : الجزاءات الجنائية لمواجهة عمليات الادخار السري
قائمة المراجع والأبحاث والمقالات والمصادر
1 –( محمد) أوغريس : * المسؤولية الجنائية عن جرائم الشيك في التشريع الجديد * الطبعة الثانية . دار القرويين الدار البيضاء – 2002
2- (امحمد) الفروجي ،حقوق الملكية الصناعية والتجارية : ط الأولى . مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء 2002 .
3-(امحمد) لفروجي : الشيك وإشكالاته القانونية والعملية * الطبعة الاولى – النجاح الجديدة الدار البيضاء 1999
4– (ا محمد) الفروجي : العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي * ط الاولى – النجاح الجديدة الدار البيضاء
5 – (ا محمد) الفروجي : صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها * ط الأولى – النجاح الجديدة الدار البيضاء 2000
6– ( امحمد) الفروجي * التاجر وقانون التجارة بالمغرب * الطبعة الثانية النجاح الجديدة – الدار البيضاء 1999
7– ( شكري) السباعي : الوسيط في الأوراق التجارية : الجزء الثاني الطبعة الاولى . مطبعة المعرف الجديدة – الرباط 1998
8– ( شكري) السباعي : الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة * الجزء الثاني – الطبعة الأولى 2001 دار القلم – الرباط 2001
9-– ( شكري) السباعي : الوسيط في القانون التجاري المغربي * الجزء الرابع والخامس
13 –(عبد الحفيظ) بلقاضي * مدخل إلى الأسس العامة للقانون الجنائي المغربي * ج الأولى – ط الأولى – مطبعة الكرامة – الرباط 2003
10– (عبد الرحمان) الملحم : جامعة الكويت ،مجلة الحقوق عدد 4 /دجنبر 1995 : التقييد الأفقي للمنافسة مع التركيز على اتفاق تحديد الأسعار * دراسة تحليلية مقارنة *
11 – ( إدريس) الفاخوري : مجلة طنجيس : العدد 3 /2003 * حماية المستهلك من الشروط التعسفية *
12 – (لحسن) بيهي * الشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية المغربي * ط 2005 – دار السلام الرباط
13- –( لحسن )بن لحساني : مجلة طنجيس .كلية الحقوق وجدة عدد 3 /2003 :قانون المنافسة وحرية الأسعار بين المؤثرات الخارجية والاكراهات الداخلية
14—(عز الدين) بن ستي * دراسات في القانون التجاري المغربي ،الشركات في التشريع المغربي والمقارن * الجزء الأول . ص الثانية 1998 ،اسم المطبعة غير وارد
15—( مبارك) السعيد بن القايد * القانون الجنائي الخاص * ص 261 – اسم المطبعة غير مشار إليه
16- –(عبد الفتاح) بونوار- مجموعة قانون الأعمال :– مطبعة النجاح الجديدة – الطبعة الأولى 2000
17—( عزيز) جبروني * التسوية والتصفية القضائية للمقاولة * ط الأولى . دار القلم الرباط – 2001
18—(فؤاد) معلال : شرح القانون التجاري المغربي الجديد : الطبعة الثانية 2001 – اسم المطبعة غبر مشار اليه
19–( خالد) مداوي : حقوق الملكية الصناعية في القانون الجديد : دار القلم . 2005
20 – مجلة ريما لد سلسلة نصوص ووثائق العدد 49
21- 2001 . Paris Dallez * affaires des pénal Droit * larguiez . J




ابحث عن موضوع