بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

بحث:اوامر التصرف في التحقيق الإبتدائي

 مقدمة 

غالبا ما تبدأ الإجراءات الجزائية في الدّعوى العمومية بمرحلة البحث والتحري أو مرحلة الاستدلالات التي تتولاها أصلا الضبطية القضائية ولقد حدد قانون الإجراءات الجزائية أحكام الضبط القضائي في المواد من 12 إلى 28 قانون الإجراءات الجزائية، والمواد من 42 إلى 55  والمواد من 63 إلى 65 قانون الإجراءات الجزائية. 

وتجدر الإشارة إلى أن القانون نص على التحقيق على درجتين الأولى بواسطة قاضي التحقيق من المواد من 66 إلى 175 قانون الإجراءات الجزائية والثانية بواسطة غرفة الاتهام كدرجة عليا للتحقيق من المواد 176 إلى 2115 قانون الإجراءات الجزائية. 

ويعرف قاضي التحقيق على أنه أحد قضاة المحكمة يعين من بين قضاة المحكمة بمقتضى مرسوم رئاسي لمدة ثلاثة سنوات قابلة للتجديد وتنتهي مهامه بنفس الأسلوب المعين به وتناط بقاضي التحقيق إجراءات فحص الأدلة وتمحيصها ويتحدد اختصاصه من خلال دائرة المحكمة أو المحاكم التي تباشر فيها مهامه الأخطاء المهنية إلا ما بلغ منها حد الحسامة فإنه يقع تحت طائلة المسؤولية. 

وتنص المادة 38 قانون الإجراءات الجزائية "تناط بقاضي التحقيق إجراءات البحث والتحري ولا يجوز له أن يشترك في الحكم في قضايا نظر فيها بصفته قاضيا للتحقيق وإلا كان الحكم باطلا"، ويتحدد اختصاص قاضي التحقيق من خلال الأشخاص والوقائع والإقليم. 

وبالرّجوع إلى نص المادة 38 قانون الإجراءات الجزائية فقرة 03 نلاحظ أن قاضي التحقيق لا يمكنه وضع يده على قضية ما للتحقيق إلا بناءا على طلب من النيابة العامة أو شكوى يدعي فيها مقدمها أنه تضرر من الجريمة، ويصدر قاضي التحقيق جملة من الأوامر وذلك حسب مقتضيات التحقيق تمكنه من مباشرة الإجراءات المختلفة، وبمقتضى هذه السلطة يصدر قرارات ذات طابع إداري باتخاذ إجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق أو يرفض اتخاذها فتدخل هذه القرارات في نطاق سلطة المحقق الولائية ومثاله قراره باستدعاء الشهود أو الإنابة القضائية. 

أو إصدار قرارات ذات طابع قضائي يستقل بإصدارها من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب من أحد الأطراف ومثالها أوامر التصرف في التحقيق الابتدائي. 

وهو موضوع بحثنا الذي سوف نتطرق إليه بالتفصيل. 

فمتى رأى قاضي التحقيق أن إجراءات التحقيق التي بوشرت كافية للتصرف في التحقيق سواء بأنهاء الدّعوى أو بطرحها على المحكمة الجزائية من خلال إحالتها على محكمة الجنح والمخالفات أو إرسال المستندات إلى النائب العام. ولا تخرج الدّعوى العمومية من حوزة قاضي التحقيق إلا بإصدار الأمر بالتصرف في التحقيق، ومما لا شك فيه أن صلاحيات قاضي التحقيق تبرز أكثر في مرحلة غلق التحقيق حيث يزن قوة الحجج والأدلة التي يكون قد جمعها من خلال البحث والتحري ويتصرف في الملف في ضوء النتائج التي توصل إليها. 

ويساعد قاضي التحقيق في أداء مهامه أمين ضبط التحقيق بالمساهمة في سير إجراءات التحقيق وتهيئة الظروف التي تساعد على مباشرة التحقيق من خلال استدعاء الخصوم ومحاميهم وإخطار وكيل الجمهورية لحضور إجراءات التحقيق إن رغب في ذلك واستدعاء الشهود طلب الوثائق وتلقي طلبات الأطراف ودفاعهم وتلقي الخبرات المنجزة. 

كما يقوم أمين الضبط كذلك بحضور إجراءات التحقيق وتدوينها وهو الدّور القضائي لأمين ضبط التحقيق بحيث يعتبر شاهدا على هذه الإجراءات ويؤدي تخلفه إلى بطلان إجراءات التحقيق ويلتزم بالحفاظ على سرية التحقيق ويقوم بتتبع ملفات التحقيق في التطبيقة الذي يساعده في تحرير المحاضر وأوامر قاضي التحقيق الصادرة كما يبلغ هذه الأوامر ويتلقى الاستئناف المرفوعة ضدها. 

المبحث الأول :أوامر التصرف لقاضي التحقيق 

إذا كان الهدف من التحقيق الابتدائي الذي يمارسه قاضي التحقيق هو تمحيص أدلة الإثبات والنفي وبعد الانتهاء من التحقيق واتباع كافة الإجراءات الضرورية للكشف عن الحقيقة الموضوعية يتخذ إحدى الأوامر المذكورة في القانون الجزائري على سبيل الحصر لا غير فإما أن: 

- يصدر أمرا بالأوجه للمتابعة طبقا لنص المادة 163 قانون الإجراءات الجزائية. 

- أو الأمر بالإحالة على محكمة الجنح والمخالفات طبقا لنص المادة 164. 

- أو يقوم بإرسال المستندات طبقا لنص المادة 166 قانون الإجراءات الجزائية. 

غير أن التشريعات المقارنة أغلبها اكتفت بأمرين: فمثلا المشرع المغربي نص على الأمر بعدم المتابعة طبقا لنص المادة 196 من قانون المسطرة المغربي.

أما المشرع المصري، فيقوم بالتحقيق مستشار في القانون المصري وبعد التحقيق يصدر أمرين: إما بألاوجه للمتابعة ويعبر عنه لاوجه لإقامة الدّعوى الجنائية وإما أنه يقوم بإحالة الدّعوى إلى الجهة المختصة غير أنه يحظر الأطراف جميعا بالتصرف الذي سوف يتخذه. 

أما بخصوص المشرع الجزائري فإنه لم يغير هذه الأوامر الثلاثة التي هي محل الدراسة والتي سوف نقوم بدراستها، بتعريفها، ودراسة أسبابها وحقوق الأطراف في مواجهة هذه الأوامر. 

المطلب الأول: الأمر بانتفاء وجه الدّعوى 

إذا رأى قاضي التحقيق أنه لا محل لإحالة ملف الدّعوى إلى قضاء الحكم فإنه يصدر أمرا بألاوجه للمتابعة ويخلي سبيل المتهمين المحبوسين احتياطيا في الحال ما لم يستأنف وكيل الجمهورية هذا الأمر. 

فما المقصود بأمر انتفاء وجه الدّعوى العمومية؟ وما هي شروطه الأساسية؟ 

الفرع الأول:تعريف الأمر بانتفاء وجه الدّعوى 

هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق طبقا لنص المادة 163 قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه "إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع لا تشكل جناية أو جنحة أو أنه لا توجد دلائل كافية ضد المتهم أو كان مقترف الجريمة ما يزال مجهولا أصدر أمرا بألاوجه لمتابعة المتهم". 

ويظهر من المادة أن المشرع لم يعرف هذا الأمر بل أعطى الأسباب والمبررات التي يستطيع قاضي التحقيق بناء أمره عليها الأمر الذي يقودنا إلى التعريفات المختلفة في الفقه الجزائي الإجرائي. 

أ‌- تعريف الأستاذ جلال ثروت: "يعتبر قرار بألاوجه لإقامة الدّعوى أمر تصدره سلطة التحقيق بعدم وجود مقتضى لإقامة الدّعوى أمام المحكمة نظرا لما كشفه عنه التحقيق من عدم وجود أساس كاف لتقديمها" .

ب‌- تعريف الدّكتور مأمون محمد سلامة: "هو أمر تقرر بمقتضاه سلطة التحقيق عدم السير في الدّعوى الجنائية لتوافر سبب من الأسباب التي تحول دون ذلك" .

ت‌- تعريف الأستاذ سلمان عبد المنعم: "يعني التوقف عن مواصلة الدّعوى الجنائية لتوافر سبب من الأسباب تعطل سيرورتها". 

ث‌- أما الأستاذ فضيل العيش فيقترح التعريف التالي: "إن الأمر بانتفاء وجه الدّعوى تصدره السلطة القضائية المخولة لها التحقيق ومراقبته، ينهى ويضع حدّا للدّعوى الجزائية في هذه المرحلة ويؤسس هذا الأمر لأسباب قانونية وموضوعية وشخصية ويصدر عاما وجزئيا ويعتبر بمثابة حكم جزائي". 

ونفهم من هذه التعريفات ما ورد في المادة 163 قانون الإجراءات الجزائية أن هذا الأمر يعتبر تصرفا في إجراءات التحقيق بإنهائه، ومعنى ذلك أنه حكم يقضي بعدم الإحالة إلى الجهات القضائية المختصة أي عدم مواصلة الدّعوى العمومية لعدم وجود مقتضى أو أساس لإقامتها. 

والأمر بألاوجه للمتابعة يصدره قاضي التحقيق باعتباره تصرف في التحقيق ويتميز بطبيعة قضائية ويمكن لغرفة الاتهام أن تصدر الأمر بالأوجه للمتابعة طبقا للمادة 195 قانون الإجراءات الجزائية الآتي نصها: "إذا رأت غرفة الاتهام أن الواقعة لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة أو لا تتوفر دلائل كافية لإدانة المتهم، أو كان مرتكب الجريمة لا يزال مجهولا أصدرت حكمها بالأوجه للمتبعة ويفرج عن المتهمين المحبوسين مؤقتا ما لم يكونوا محبوسين لسبب آخر". 

ويجدر الإشارة أنه لقاضي التحقيق أن يصدر أمرا جزائيا بالأوجه للمتابعة يتعلق بشخص أو عدة أشخاص متهمين في قضية معينة طبقا لنص المادة 167 قانون إجراءات جزائية والتي تنص "يجوز أثناء سير التحقيق إصدار أوامر تتضمن بصفة جزئية ألاوجه لمتابعة المتهم". 

الفرع الثاني:الشروط الأساسية للأمر بانتفاء وجه الدّعوى 

إن الأمر بانتفاء وجه الدّعوى الصادر من قبل قاضي التحقيق يتضمن شروطا أساسية لا بد من توافرها بصفة إلزامية وإلا تعرض هذا الأمر إلى البطلان وتتمثل شروط الأمر بانتفاء وجه الدّعوى في ما يلي: 

أولا: أن يكون الأمر بالأوجه لمتابعة مكتوبا 

إن مبدأ الكتابة يفرض على قاضي التحقيق، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصدر قاضي التحقيق أمرا قضائيا إلا إذا كان مكتوبا من أجل ذلك يجب أن يكون الأمر بالأوجه للمتابعة مكتوبا كذلك. 

ثانيا: أن يذكر البيانات العامة 

يجب أن يتضمن الأمر بانتفاء وجه الدّعوى جميع البيانات العامة التي نصت عليها المادة 169 في الفقرتين 3- 4 قانون الإجراءات الجزائية "تقيد الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق عملا بأحكام هذا القسم في ذيل صحيفة طلبات وكيل الجمهورية". 

وتتضمن اسم المتهم ولقبه ونسبه وتاريخ ومكان مولده وموطنه ومهنته، كما يذكر بها الوصف القانوني للواقعة المنسوبة إليه، وتحدد على وجه الدّقة الأسباب التي من أجلها توجد أولا دلائل كافية". 

ثالثا: أن يكون مسببا ومعللا: 

معنى ذلك أنه إضافة للبيانات، يذكر في الأمر الأسباب التي دفعته إلى إصداره، وهي تلك المتعلقة بالواقعة أو الأسباب التي تنفي وجود دلائل قوية ومتماسكة ضد المتهم مثلا. 

والتي من أجلها أصدر الأمر بالأوجه للمتابعة، وهذا حرصا على جدية التحقيق بعدم صدور أمر يضع حدا للمتابعة فيفلت بموجبه المتهم من العقاب دون توافر أسبابه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ونظرا لطبيعة الأوامر القضائية فإنه يصدر أمر قابلا للطعن بالاستئناف أمام غرفة الاتهام من طرف كل من يهمه الأمر: النيابة العامة المدعي المدني حسب المواد 170-171-193 قانون الإجراءات الجزائية، وممارسة الاستئناف مرهون بتسبيبه ويتم استئناف الأمر بالأوجه للمتابعة بعريضة تودع لدى كتابة قلم كتابة المحكمة في ميعاد 03 أيام من صدوره أما بالنسبة للمدعي فإنه يستأنف في ميعاد 03 أيام من تاريخ تبليغه بالأمر . 

وتجدر الإشارة إلى أن استئناف أوامر قاضي التحقيق لا تمنع القاضي من مواصلة التحقيق ما لم تصدر غرفة الاتهام قرار بخلف ذلك طبقا للمادة 174 قانون إجراءات جزائية (قانون 06-22 مؤرخ في 20 ديسمبر 2006 والتي تنص على: "يواصل قاضي التحقيق إجراء التحقيق إذا كان الأمر قد استؤنف أو عندما تخطر غرفة الاتهام مباشرة طبقا لأحكام المواد 69-69 مكرر والمواد 143 و 154 ما لم تصدر غرفة الاتهام قرار يخالف ذلك". 

الفرع الثالث;الأسباب القانونية والموضوعية بالأوجه للمتابعة

يستند تسبيب الأمر بالأوجه للمتابعة إلى وجوب توافر أحد الأسباب القانونية أو الموضوعية، طبقا لنص المادة 163 قانون إجراءات جزائية إذ تعتبر المادة 163 قانون إجراءات جزائية بأن الأسباب القانونية أن الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة. 

وتعبر عن الأسباب الموضوعية بأنه "لا توجد دلائل كافية ضد المتهم أو كان مقترف الجريمة ما يزال مجهولا". 

وقد أخذ بهذا التقسيم المشرعين الفرنسي والجزائري على حد سواء . 

أولا: الأمر بانتفاء وجه الدّعوى المبني على أسباب قانونية

لقد حصرها المشرع الجزائري في المادة 06 قانون إجراءات جزائية وتتحدد عندما يتوصل قاضي التحقيق إلى أن الأفعال المتابع بها أي شخص أو ضد مجهول تكون خارج طائلة أي نص جزائي، ويمكن تعدادها فيما يلي: 

أ‌- أن تكون هذه الأفعال مباحة قانونا:

 يفترض أن الفعل مجرم بنص قانوني لكن توفر سبب الإباحة يخرجه عن نطاق التجريم ويتحول إلى فعل غير معاقب عليه بتخلف الركن الشرعي للجريمة أو لهذه الوقائع ولا يمكن أن تقوم المسؤولية الجزائية، ومثل ذلك ما هو منصوص عليه في المادتين 39 قانون العقوبات والمادة 409 قانون العقوبات والتي تنص على "لا جريمة إذا كان: 

الفعل قد أمر أو أذن به القانون. 

الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدّفاع الشرعي عن النفس أو الغير أو عن مال مملوك للشخص أو للغير بشرط أن يكون الدّفاع متناسبا مع حسامة الاعتداء". 

أما المادة 40 قانون العقوبات فتنص على أنه "يدخل ضمن حالات الضرورة الحالة للدّفاع المشروع. 

1. القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب لدفع اعتداء على حياة الشخص أو سلامة جسمه أو لمنع تسبق الحواجز أو الحيطات أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو توابعها أو كسر شيء أثناء اللّيل. 

2. الفعل الذي يرتكب للدّفاع عن النفس أو الغير ضد مرتكبي السرقات أو النّهب بالقوة. 

ب‌- وجود عذر قانوني:

 وهو ما نصت عليه المادة 179 قانون العقوبات يقولها "يستفيد من العذر المعفي وفقا للشروط المقررة في المادة 52 من يقوم من الجناة بالكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم عن وجود الجمعية وذلك قبل أي شروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق وقبل البدء في التحقيق". 

فرغم توفر أركان الجريمة إلا أن النص أصبح يعفى الجاني من العقاب وكذا المادة 326 قانون العقوبات والتي تنص "كل من خطف أو أبعد قاصرا لم يكمل الثامنة عشرة من عمره وذلك بغير عنف أو تهديد أو تحايل أو شرع في ذلك، فيعاقب بالحبس لمدة من سنة إلى خمسة سنوات وبغرامة من 20.000 إلى 100.000دج. 

وإذا تزوجت القاصرة المخطوبة أو المبعدة من خاطفها فلا تتخذ إجراءات المتابعة..." فهذه أعذار قانونية صريحة لا يجوز مخالفتها. 

وهذا لا يمنع من قيام الدّعوى المدنية إلا إذا تدخل المشرع بنص خاص مثلما هو حاصل في قانون ميثاق السلم والمصالحة الوطنية فإن الخزينة العمومية تحل محل المحكوم عليه في التعويض . 

ج‌- سحب الشكوى إذا كان شرطا لازما:

 تنقضي الدّعوى العمومية أيضا في حالات شتى منصوص عليها قانونا وذلك بسحب الشكوى من طرف الضحية التي تقدم بها في بداية الأمر، فالدّعوى العمومية تكون قائمة ومتوفرة الأركان لكن بسحب الشّكوى ينهى هذه الدّعوى عملا بالمادة 06 قانون الإجراءات الجزائية "...تنقضي الدّعوى العمومية في حالة سحب الشكوى إذا كانت هذه شرطا لازما..." . 

وكذا المادة 339 قانون العقوبات والتي تنص "يقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزّنا... ولا تتخذ الإجراءات إلا بناءا على شكوى الزوج المضرور وإن صفح هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة" وهو ما ذهب إليه اجتهاد المحكمة العليا بإبطال الأحكام التي تكون مخالفة لذلك. 

هـ- وجود تقادم للدّعوى العمومية:

 ويكون ذلك بمناسبة سياسية أو رسمية خاصة برئيس الجمهورية فهو يبطل جميع الأحكام العقابية التي يشملها هذا العفو ويخص الأحكام النهائية ويمكن أن يمتد هذا العفو إلى الأحكام التي لم تكن نهائية وتكون بنص صريح ضمن هذا العفو الشامل الذي لا يؤثر على الدّعوى المدنية، لأن الضرر الناشئ عن الدّعوى العمومية يتيح المجال للمطالبة بالتعويض المدني حتى ولو كان هناك عفو شامل. 

و- وفاة الجاني:

 يؤدي وفاة المحكوم عليه (الجاني ) إلى وضع حد نهائي لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية والمصادرة والغرامة وتسري على جميع العقوبات دون استثناء أما إذا كانت الأشياء المصادرة تدخل ضمن الممنوعات والمحرمات قانونا فإنها تصادر هذا السبب والوجه. 

ثانيا: الأمر بانتفاء وجه الدّعوى المبني على أسباب واقعية موضوعية

وهي الأسباب التي عبّر عنها القانون بأنه "لا توجد دلائل كافية ضد المتهم أو كان مقترف الجريمة لا يزال مجهولا"، وهذا يعني أنها أسباب واقعية أو موضوعية تتعلق بموضوع الدّعوى ووقائعها فهي إذن تتعلق بالأدلة ومدى كفايتها. 

ويستخلص من أدلة الدّعوى كعدم كفايتها أو بقاء المتهم مجهولا أو عدم ثبوت صحة الواقعة كظهور واقعة تنفي الشكوى مثلا: اتهام شخص أنه قتل شخص آخر ثم ظهوره على قيد الحياة أو قيام الأدلة أن المتهم لم يرتكب الجريمة أصلا . 

وقد أكدت المادة 163 قانون الإجراءات الجزائية على أنه "إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة وأنه لا توجد دلائل كافية ضد المتهم أو ما زال مجهولا أصدر أمرا بالأوجه لمتابعة المتهم ومثال ذلك: 

1. الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة معناه انعدام عنصر التجريم وأن أركان الجناية أو الجنحة أو المخالفة غير مكتملة وهي الأركان الثلاثة لكل واقعة معاقب عليها قانونيا. 

2. لا توجد دلائل كافية ضد المتهم: الجريمة هنا قائمة وموجودة لكن أدلة الإثبات ناقصة، والواقع في التطبيقات القضائية أنه حتى مع الدلائل الناقصة يحال المتهم وتتحمل جهات التحقيق مسؤولياتها، ورغم أن المشرع أضاف التحقيق نفيا وإيجابا إلا أن قضاة التحقيق لا يزالون يحققون بجانب واحد. 

3. المتهم لا يزال مجهولا، والعبرة بأنه لا يمكن إحالة متهم مجهول عكس التحقيق الذي يتم ضد شخص مسمى أو غير مسمى. 

لهذا الأمر غير مقتصر على قاضي التحقيق بل قاضي تحقيق الأحداث، قاضي التحقيق العسكري، غرفة الاتهام، يمكن لهم إصدار أمر انتفاء وجه الدّعوى العمومية.

الفرع الرابع:أثر ظهور أدلة جديدة على الأمر بالأوجه للمتابعة  

سبق وأن أشرنا إلى أنه لا يجوز مباشرة أي إجراء لاحق للأمر بالأوجه للمتابعة ضد نفس المتهم، ومن أجل نفس الواقعة إلا أن هذا يبقى مرهون بعدم ظهور أدلة جديدة من شأنها أن تفتح المجال لإعادة التحقيق فبنص المادة 175 قانون إجراءات جزائية "المتهم الذي صدر بالنسبة إليه أمر من قاضي التحقيق بالأوجه للمتابعة لا يجوز متابعته من أجل الواقعة نفسها ما لم تطرأ أدلة جديدة". وقد حددت الفقرة الثانية من نفس المادة مضمون هذه الأسباب الموجبة لإلغاء الأمر بالأوجه للمتابعة والتي تنص "وفق أدلة جديدة أقوال الشهود والأوراق والمحاضر التي لم يتمكن عرضها على قاضي التحقيق، لتمحيصها مع أن من شأنها تعزيز الأدلة التي سبق أن وجدها ضعيفة أو من شأنها أن تعطي الوقائع تطورات نافعة في إظهار الحقيقة". 

ويعني ظهور أدلة جديدة يعد إصدار الأمر بالأوجه للمتابعة فلا يجب أن تتخذ إجراءات تحقيق من أجل التحري والبحث عن الدليل الجديد لأنه يجب أن يكون الدليل أي يجب أن يكون موجود قبل صدور الأمر إلا أنه لم يعرض على قاضي التحقيق ابتداءا.  

وكذلك يشترط في الدّليل أن يكون من شأنه تعزيز الأدلة السابقة، أو إعطاء الوقائع تطورات جديدة تنفع في إظهار الحقيقة أي أن الدليل الجديد من شأنه أن يقوي الدلائل التي وجدت غير كافية مثلا. 

كما يشترط أن يكون الدليل الجديد من محاضر أو أوراق أو اعتراف أو أقوال شهود (كشهادة الشاهد التي بقيت مجهولة فلم يسمعها قاضي التحقيق ولا غرفة الاتهام ولا يهم بعد ذلك إذا كان اسم الشاهد قد ورد ذكره في التحقيق أم لا) حيث يشترط ظهوره قبل سقوط الدّعوى العمومية لأي سبب من أسباب انقضائها طبقا لنص المادة 06 والمادة 07 قانون إجراءات جزائية السالفتين الذكر. 

ويتم إلغاء الأمر بالأوجه للمتابعة بناءا على طلب النيابة العامة ممثلة في وكيل الجمهورية الذي له صلاحية تقدير مدى وجوب ذلك بظهور دليل جديد بمفهوم المادة 175 قانون إجراءات جزائية، فيطلب من قاضي التحقيق بإعادة فتح تحقيق جديد فتنص المادة 175 فقرة الثانية قانون الإجراءات الجزائية " وللنيابة العامة وحدها تقرير ما إذا كان ثمة محل لطلب إعادة التحقيق بناءا على الأدلة الجديدة".

وتقضي غرفة الاتهام في طلب الاستئناف وفق القواعد المقررة لاختصاصها طبقا للأحكام المقررة في المواد من 170إلى 174 والمواد 195 إلى 197 قانون إجراءات جزائية. 

وخلاصة القول: 

أنه لا يوجد أمر واحد بانتفاء وجه الدّعوى، والأصل العام أن هذه الأوامر متفرعة من الأمر الأصلي وهو عدم المتابعة وعليه فإن قاضي التحقيق بعد الانتهاء من التحقيق في الإجراءات ينهي المتابعة الجزائية ويخلي سبيل المتهم إذا كان محبوسا وبسبب هذه الوقائع تنهى الدّعوى. 

الفرع الخامس: حجية الأمر بالأوجه للمتابعة 

قد تكون الأسباب التي بني عليها قاضي التحقيق الأمر الصادر بالأوجه للمتابعة من الأسباب الموضوعية كعدم الأدلة أو بقاء مرتكب الجريمة مجهولا حينئذ يجوز للنيابة وحدها طلب إعادة فتح التحقيق بناءا على الدلائل الجديدة (المادة 175 ق إ ج) على أن تكون هذه الأدلة الجديدة قد ظهرت قبل انتهاء مدة التقادم أو أن تكون أدلة جديدة لم يسبق عرضها على قاضي التحقيق ومن شأنها تقوية القرائن التي كانت غير كافية، فإذا طلب وكيل الجمهورية إعادة فتح التحقيق فإن قاضي التحقيق لا يكون ملزما بتلبية طلبه، فله أن يرفض العودة إليها شرط أن يذكر في الأمر الذي يصدره الأسباب القانونية أو الموضوعية التي يستند إليها. 

المطلب الثاني: الأمر بالإحالة أمام قسم الجنح والمخالفات 

أغلب التشريعات عند إصدار الأمر بالإحالة أو الأمر بإرسال المستندات لم تسو بين الجرائم، وفرقت بين الجنح والمخالفات من جهة والجنايات من جهة أخرى. وذهب الأستاذ فتحي سرور بالنسبة للإحالة "إذا رأى المحقق أن الأدلة على المتهم كافية لترجيح إدانته فإنه يرفع الدّعوى الجنائية وهنا نلاحظ أنه يشترط للحكم بالإدانة أن يصل الإقناع إلى حد اليقين. 

أما في التحقيق يكفي الاقتناع إلى حد الترجيح".      

والأصل بهذا الأمر ينتهي التحقيق الابتدائي المنصوص عليه في المادة 66 قانون الإجراءات جزائية، ويرفع قاضي التحقيق يده عن الدّعوى الجزائية ولا يملك بعد ذلك اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق. 

وفي حالة توفر الأدلة المتحصل عليها من الواقعة وينسبها للمتهم وتوافر أركان الجريمة وأسباب قبولها، وبعد الانتهاء من التحقيق وقبل إصدار قرار الإحالة يتبع إجراءات ضرورية بحيث:

يحيل الملف إلى النيابة العامة ويسمى الأمر بالإبلاغ قصد التسوية وذلك من أجل إبداء رأيها وتقديم طلباتها. 

كما لا يشترط القانون كون القاضي الذي باشر التحقيق هو نفسه الذي يصدر الأمر مثل ما هو الأمر في المحاكمة، فإن محاكمة نفس القاضي والقضاة المشكلين للمحاكمة الذين يصدرون الحكم، وفي حالة وقوع مانع يعاد المحاكمة من جديد وإلا اعتبرت المحاكمة باطلة وهذا ليس شرطا لازما في التحقيق بل القاضي المستخلف للتحقيق يتصرف ويواصل التحقيق من النقطة التي استخلف فيها زميله ويصدر إحدى الأوامر. 

وعليه إذا كانت الجريمة جناية فإن الإحالة أمام المحكمة لا تتم مباشرة من طرف قاضي التحقيق وإنما بواسطة هيئة ثانية اتهامية. 

وبالتالي يحال الملف والمستندات للنيابة العامة قصد إعداد تقرير يتضمن طلبات ووجهة نظرها في القضية ثم يرفع التقرير إلى الهيئة الاتهامية وهي غرفة الاتهام ، وهو مستمد من التشريع الفرنسي، la chambre d’accusation  ويكون لهذه الأخيرة سلطة الإحالة أمام محكمة الجنايات. 

ويتضح من ذلك أن طريقة وآليات إحالة الدّعوى ترتبط بنوع الجريمة فإذا كانت جنحة أو مخالفة لا يكون دور غرفة الاتهام ولا النيابة العامة بل يقوم قاضي التحقيق بالإحالة مباشرة أمام المحكمة للفصل فيها، أما إذا كانت جناية فدور غرفة الاتهام وجوبي ولا غنى عنه إذ لا تصدر إحالة الدّعوى الجنائية إلى محكمة الجنايات دون المرور وعن طريق غرفة الاتهام والتي هي حلقة وصل بين سلطة التحقي وجهة الحكم. الواقع أن انفراد الجنايات بهذه الإجراءات الخاصة له ما يبرره فهذا النوع من الجرائم نظرا لجسامتها يتطلب تمحيصا دقيقا من سلطة التحقيق لا تحظى به الجنح والمخالفات كما لا يجب أن نجهل بأن القرار الصادر بالإحالة أمام محكمة الجنايات يطعن فيه أمام المحكمة العليا، بينما خلافا للجنح التي لا يجوز فيها الطعن في إجراءات التحقيق مثل الإحالة بالنسبة للمتهم وإنما بعد الحكم يقع الاستئناف الأمر الذي جعل محكمة الجنايات درجة واحدة وليس درجتين، ولهذا جعل المشرع التحقيق في الجنايات على درجتين مع العلم أن التشريعات المقارنة مثل المشرع الفرنسي تتم المحاكمة أمام محكمة الجنايات على درجتين والمحلفين 12 عضوا ، بينما تقلص في التشريع الجزائري إلى عضوين فقط، بعدما كان في البداية 06 أعضاء ثم عدل سنة 1985 ليصبح 04 أعضاء وأخيرا عضوين .

وبهذا المدخل سوف نتناول الأمر بالإحالة إلى محكمة الجنح والمخالفات ليليها الأمر بإرسال المستندات إلى النيابة العامة.

الفرع الأول: الأمر بالإحالة في التشريع الجزائري. 

لم يعرف الأمر بالإحالة في قانون الإجراءات الجزائية حسب نص المادة 164 ق إ ج إن الإجراءات هي طريقة العمل القضائي وليس تعريفا فقهيا غير أن الفقه عرفه وسوف نوجز ذلك في التعريف التالية:

o تعريف الأستاذ الدكتور محمد جعفر: "القرار بإحالة الدّعوى إلى القضاء المختص يعني نقلها من مرحلة التحقيق الابتدائي إلى مرحلة المحاكمة". 

o تعريف الأستاذ أبو المعاطي حافظ الفتوح: "هو الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق بالإحالة ترجع على أمر الإدانة في النازلة التي حققها". 

o تعريف الأستاذ الدكتور محمد محدة:" هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام برفع الدّعوى إلى المحكمة المختصة متى رجحت دلائل الاتهام ممزجا لذلك القضية من حوزته أصلا". 

o تعريف الأستاذ فضيل العيش: "إن الأمر بالإحالة يقوم بنقل الدّعوى من مرحلة التحقيق إلى مرحلة المحاكمة الجزائية مرجحا أدلة الإثبات عن النفي" 

إن الأمر بالإحالة يختلف عن تحريك الدّعوى العمومية أمام القضاء، وبالتالي تحال الدّعوى الجنائية أمام القضاء الجزائي في الجنح والمخالفات بالطرق القانونية التالية: 

سواء في حالة التلبس حسب مقتضيات المادة 58 قانون إجراءات جزائية حيث تنص: "يجوز لوكيل الجمهورية في حالة الجناية المتلبس بها إذا لم يكن قاضي التحقيق قد أبلغ بها بعد أن يصدر أمرا بإحضار المشتبه في مساهمته في الجريمة، ويقوم وكيل الجمهورية باستجواب الشخص المقدم إليه بحضور محاميه إن وجد فإذا حضر ذلك الشخص من تلقاء نفسه ومعه محاميه استجوب بحضور هذا الأخير". 

عن طريق الاستدعاء المباشر أو عن طريق التكليف المباشر بالحضور من طرف الضحية المادة 337 مكرر قانون إجراءات جزائية وتنص " يمكن للمدعي المدني أن يكلف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة في الحالات التالية: 

- ترك الأسرة،

- عدم تسليم الطفل، 

- انتهاك حرمة منزل، 

- القذف، 

- إصدار الصك بدون رصيد، 

وفي الحالات الأخرى، ينبغي الحصول على ترخيص النيابة العامة للقيام بالتكليف المباشر بالحضور. 

وأخيرا عن طريق أمر الإحالة من طرف قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام المواد من 164 إلى 196 قانون إجراءات جزائية. 

تنص المادة 164 قانون إجراءات جزائية إذا رأى القاضي أن الوقائع تكون مخالفة أو جنحة أمر بإحالة الدّعوى إلى المحكمة وإذا كان المتهم محبوسا مؤقتا بقي محبوسا إذا كانت العقوبة هي الحبس مع مراعاة أحكام المادة 124" 

أما المادة 196 قانون إجراءات جزائية فتنص: "إذا رأت غرفة الاتهام أن الوقائع تكون جنحة أو مخالفة يقضي بإحالة القضية إلى المحكمة وفي حالة الإحالة أمام محكمة الجنح ظل المتهم المقبوض عليه محبوسا مؤقتا إذا كان موضوع الدّعوى معاقبا عليه بالحبس وذلك مع مراعاة أحكام المادة 124. 

فإذا كانت الوقائع القائمة في الدّعوى لا تخضع لعقوبة الحبس أو لا تكون سوى مخالفة فإن المتهم يخلى سبيله". 

الفرع الثاني:النتائج المترتبة على الأمر بالإحالة أمام محكمة الجنح والمخالفات 

أولا: إذا كان المتهم موقوفا فإن أمر الإيداع يبقى ساري المفعول، غير أنه إذا كانت عقوبة الجنحة لا تتعدى سنتين أو تساويها وعملا بأحكام المادة 124 قانون إجراءات جزائية التي تنص على أنه "لا يجوز في مواد الجنح إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة في القانون هو الحبس أقل من سنتين أو يساويها". 

وفي مثل هذه الحالات لا يتعدى الحبس المؤقت 20 يوما من تاريخ مثوله أمام قضاة التحقيق من المفروض أن يخلى سبيله وإلا اعتبر حسبا تعسفيا. 

ثانيا: إذا كان المتهم تحت الرقابة القضائية تبقى سارية المفعول أمام الجهات القضائية إذا لم يقم قاضي التحقيق برفعها. 

ثالثا: إذا كانت الجريمة مخالفة فإنه يفرج عليه لزوما إذا كانت العقوبة لا تستوجب سوى الغرامة. 

ويلجأ الكثير من القضاة أحيانا إلى الإفراط في الحبس حيث عند التنبيه من طرف الدّفاع أو مؤسسة الحبس فإنهم عوض الأمر بالإفراج أو تصحيح الخطأ فإنهم يلجئون إلى السبل التالية: 

الأمر بإعادة تكييف الوقائع وإعطائها وصفا مستندا لتخطية الحبس وهذا يعتبر تصحيحا للخطأ بخطأ أكثر منه. 

الأمر بالإحالة في آخر لحظة حتى لو لم ينتهي التحقيق لأن هناك فراغ بين مرحلة الإحالة والمحاكمة رغم أن المشرع حددها بشهر واحد لتحديد الجلسة إلا أنه لم يرتب الجزاء في حالة الخلاف. 

الإفراج التلقائي عن المتهم في حالة الضرورة رغم أن هذا الإجراء نادر الحدوث بما يقلص وينقص من مصداقية التحقيق وكثير من الفقهاء طالبوا بإلغاء هذا الوصف القانوني. 

الفرع الثالث:تبليغ الأمر بالإحالة 

اقتصر التبليغ بأمر الإحالة على النيابة العامة في التشريع الجزائري وهذا قبل الإحالة وذلك من أجل إبداء الرأي، في الوقت الذي يبقى المتهم والضحية مكبل اليد بالرغم من أن الإجراء يمس بالدّرجة الأولى المتهم وهذا ما نصّت عليه المادة 162 قانون إجراءات جزائية بقولها: "يقوم قاضي التحقيق بمجرد اعتباره التحقيق منتهيا بإرسال الملف إلى وكيل الجمهورية بعد أن يقوم الكاتب بترقيمه، على وكيل الجمهورية تقديم طلباته إليه خلال 10 أيام على الأكثر" وهذه الطلبات تكون سواء بالموافقة أو رفض هذه الأوامر الثلاثة بعد نهاية التحقيق.

رغم أن هذه الإجراءات تمس الأطراف الأخرى، وخاصة إذا كان المتهم لم يبلغ ولم يبد رأيا في هذا الشأن وعليه أن ينتظر إلى غاية صدور الأمر حسب مقتضيات المادة 168 قانون إجراءات الجزائية "تبلغ الأوامر القضائية في ظرف أربعة وعشرون ساعة بكتاب موصى عليه إلى محامي المتهم وإلى المدعي المدني". 

وتعتبر هذه التبليغات مجرد إشعارات من دون فائدة قانونية ما دامت غير قابلة للاستئناف ولا يمكن تقديم التماسات أو دفوع قبل الانتهاء من التحقيق.

الفرع الرابع: طبيعة الأمر بالإحالة والتعليق عليه

إذا كان الأمر بالإحالة له حجية نسبية، معناه أن تتمسك به النيابة للمحاكمة أمام الجهات المختصة ويبنى على أدلة كافية ويحدد فيه الأشخاص والواقعة المرتكبة والنص القانوني المطبق. 

كما يشمل الأمر بالإحالة الوصف القانوني للجريمة والأدلة الكافية على مرتكب الفعل مما يعتبر كمثابة عمل قضائي وما دام هذا القرار والأمر غير قابل للرقابة من طرف غرفة الاتهام حتى في حالة استئناف النيابة بعد أن جرى اجتهاد المحكمة العليا بعدم قبول استئنافه. 

أما بالنسبة للمتهم والطرف المدني فإنه لا يجوز لهم استئنافه بنص صريح، وعليه إما أن يتدخل المشرع ويفتح باب الاستئناف أو يجعله قرارا أو أمرا قصريا قابل للرقابة من درجة التحقيق النائبة غرفة الاتهام. 

وبالتالي فهو ليس قرارا قضائي لأن القرارات والأحكام قابلة للاستئناف وخاصة التي تمس بحقوق الأطراف وليس إجراءا إداريا ولائيا ما دام يحول الأطراف إلى المحاكمة وهي بداية الإثبات الجزائي. 

وعليه فقد يكون هذا الأمر مجحف في حق المتهم ما دام ليس له حق في مناقشته قبل إصداره مثل النيابة أو بل حتى بعد إصداره وبالتالي يعتبر من مخالفات السلطات العامة لأجهزة الدولة القصرية في إصدار قراراتها رغم أن القرارات الإدارية قابلة للطعن أمام القضاء الإداري . 

المطلب الثالث: الأمر بإرسال المستندات  

اختلفت التشريعات عند الانتهاء من التحقيق حول التكييف القانوني للوقائع فإن كانت جنحة أو مخالفة سبق وأن وضحنا طريقة الإحالة سواء في التشريعات المقارنة أو في التشريع الجزائري، بينما إذا كانت الجريمة توصف على أنها جناية فقد اختلفت التشريعات في الإحالة أمام محكمة الجنايات. 

فنجد التشريع المصري كان في بداية القانون القديم يسند سلطة الإحالة إلى غرفة الاتهام وكانت تشكل من ثلاثة قضاة ثم بمقتضى التعديل الصادر في القانون رقم 107 لسنة 1962، أسندت سلطة الإحالة إلى هيئة تسمى مستشار الإحالة وهذا كان يعتبر سابقا الاختصاص من القضاة ثم تراجع وصدر الأمر يحال على النيابة من المحامي العام ويبقى الملف لدى النيابة التي لها سلطة الاختيار إما الإحالة أمام محكمة الاستئناف أو الاحتفاظ بالأوراق دون الإحالة مما يعتبر النيابة سلطة الاتهام لوحدها الحق في الإحالة أمام محكمة الجنايات . 

أما المشرع اللّبناني الذي بدوره أخذ بالتشريع الفرنسي فإنه بدوره لا يجيز إحالة الدعوى مباشرة أمام محكمة الجنايات وإنما تحال أمام غرفة الاتهام la chambre d’accusation أو الهيئة الاتهامية. 

أما المشرع المغربي فحسب نص المادة 199 من قانون المسطرة الجنائية المغربي إذا انتهى قاضي التحقيق إلى كون الواقعة جنائية فعلية أن يأمر بإحالتها على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف المختصة للنظر فيها . 

الفرع الأول:الأمر بإرسال المستندات في التشريع الجزائري 

لم يعرف قانون الإجراءات الجزائية الجزائري الأمر بإرسال المستندات إلى النيابة العامة فيما يخص الجنايات كما أن الفقه اكتفى على اعتباره بمثابة أمر بالإحالة إما على محكمة الجنح والمخالفات أو أمام محكمة الجنايات. 

وقد عرفه الأستاذ محمد محدة بقوله: "ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى غرفة الاتهام لاقتناعه بانتهاء تحقيقاته قصد تقييم وتقدير أدلة الاتهام وبحث كيفياتها لإحالة المتهم على محكمة الجنايات من عدمه. 

أما الأستاذ عبد المنعم فله نفس التعريف لأمر الإحالة فنقول "يصدر قرار بإحالة الدّعوى إلى المرجع القضائي المختص الهيئة الاتهامية للفصل فيها". 

وخلافا لأمر الإحالة أو انتفاء وجه الدّعوى فإن الأمر بإرسال المستندات هو أهم هذه الأوامر التي يتخذها قاضي التحقيق عندما يكون بصدد الوصف الجنائي على أساس جناية وفي هذه الحالة لا يستطيع المتهم الاستئناف من الناحية القانونية، لأن الأمر بإرسال المستندات غير قابل للاستئناف من طرف المتهم، وحتى إذا كان قاضي التحقيق لا يستطيع إحالة المتهم مباشرة أمام محكمة الجنايات، ورغم وجود هيئة رقابية وهي غرفة الاتهام في التشريع الجزائري تراجع وتقدر الأدلة المطروحة عليها في معرض عليها في معرض التحقيق الابتدائي إلا أن هذه الأخيرة بدورها عبارة عن بريد فقط بمثابة جهاز وحلقة وصف بين قاضي التحقيق ومحكمة الجنايات، ولو تدخل المشرع أسوة بالمشرع الفرنسي لجعل الأمر بالإحالة على محكمة الجنايات قابلا للاستئناف والذي يعتبر ضمانة هامة للمتهم بالنسبة لهذا النوع الخطير من الجرائم فإن هذه الضمانة نزعت من جهة، كما تم تقليص المحلفين إلى عضوين فقط في الوقت الذي وصلت الدول المقارنة إلى 12 عضوا. 

وهو ما نصت عليه المادة 166 ق إ ج بقولها: "إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع تكون جريمة وصفها القانوني جناية يأمر بإرسال ملف الدّعوى بأدلة الإثبات لمعرفة وكيل الجمهورية بدون تمهل إلى النائب العام أدنى المجلس القضائي اتخاذ الإجراءات وفقا لما هو مقدر في الباب الخاص بغرفة الاتهام" وعبر عليها بالأمر بإرسال المستندات هو  نقل أوراق القضية الجنائية على غرفة الاتهام بواسطة النيابة العامة وإن غرفة الاتهام هي المخولة قانونا والوحيدة التي تقرر الإحالة أمام محكمة الجنايات طبقا لنص المادة 197 قانون إجراءات جزائية "إذا رأت غرفة الاتهام أن وقائع الدّعوى المنسوبة إلى المتهم تكون جريمة لها وصف الجناية قانونا فإنها تقضي بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات ولها أيضا أن ترفع إلى تلك المحكمة قضايا الجرائم المرتبطة بتلك الجناية". 

الفرع الثاني:الشروط الأساسية في أمر الإرسال

هناك عناصر جوهرية يجب أن يشملها أمر الإرسال وإن عدم مراعاتها يحيل التحقيق شكليا وسطحيا ويدل على عدم الجدية وتباين قدرة المحقق في البحث والتحري عن الحقيقة، وحتى لا تصبح هذه الأوامر مجرد أوامر شكلية، الهدف منها السرعة بأي طريقة من ختم وغلق الملف وجب ذكر بنص البيانات الأساسية: 

1) ذكر وتحديد الوقائع بكل دقة وتفصيل.

2) القصد الجنائي والنية الإجرامية وإبراز التحليل الموضوعي لهذا القصد. 

3) توضيح أدلة الإثبات المادية والقرائن والترجيح إلى الإثبات دون النفي. 

4) ظروف وحالات وملابسات القضية والعناصر المحيطة بها. 

5) النصوص القانونية ومدى تطابقها مع الوقائع. 

6) الحالة الاجتماعية والمهنية للمتهم منذ ولادته. 

وإن أهم سند في إرسال المستندات هو التحليل وذكر وسرد الدوافع والتعليق على ما جاء فيها، ويقارن الأدلة وما يتبادر إلى ذهنه حول مسألة الأعباء وتقريرها وترجيحها، والدّليل القطعي والقرائن القويّة ضد المتهم الذي نبحث من الاعتقاد بأنه مرتكب الأفعال المنسوبة تدل على ميل كفة الإثبات على النفي وذلك بتفصيل الوقائع بجميع ظروفها ثم الإجراءات المستمدة حجيتها وكذلك تصريحات الأطراف في جميع مراحل التحقيق والخلاصة التي توصل إليها المحقق . 

الفرع الثالث: تبليغ الأمر بالإرسال

إن تبليغ الأمر بالإرسال مثله مثل الأوامر القضائية المنصوص عليها في المادة 167 قانون إجراءات جزائية تبليغ خلال مهلة 24 ساعة بكتاب موصى عليه وهذا كما وضحناه، والتبليغ هو عبارة عن إعلام أو إحضار فقط الأطراف لأمر الإرسال ما ، أم غير قابل للمناقشة أو الاستئناف. 

الفرع الرابع:الأمر بالإرسال وتصفية الأوامر القصرية

كل الأوامر التي كانت سارية المفعول ولم يتم الفصل فيها، قبل اختتام التحقيق تبقى سارية المفعول إلى حيث تأكيدها أو إلغاءها من طرف غرف الاتهام مثل الأمر بالقبض والرّقابة القضائية أو أمر الإيداع تبقى نافذة إذا لم يفرج عنه، كما تنقل جميع أوراق القضية إذا كان هناك ارتباط بين جميع الجرائم جناية، جنحة، مخالفة ما دام محكمة الجنايات الولاية العاملة للفصل في الدّعوى. 

وإن إحضار المتهم إذا كان محبوسا ومحاميه هو بمثابة إحاطة فقط لكي يستطيع المتهم تحضير دفاعه على مستوى غرفة الاتهام التي تنظر في القضية خلال مهلة معينة (شهرين ، 04 أشهر، 08 أشهر) في حالة وجود المتهم محبوس حسب كل حالة وإلا أطلق صراحه.

المطلب الرابع: شروط أوامر التصرف وآثارها 

الفرع الأول:الشروط الواجب توفرها في أوامر التصرف

تعتبر أوامر التصرف السالفة الذكر بمثابة أحكام قضائية لذلك أوجب المشرع إتباع ومراعاة القواعد التالية: 

أولا: تبليغها إلى الخصوم

يوجب القانون تبليغ أوامر التصرف إلى أطراف الدّعوى حتى يتمكن من يهمه الأمر من استعمال حقه في الطعن بالاستئناف فالأوامر القضائية تبلغ من طرف أربعة وعشرين ساعة بكتاب موصى عليه إلى محامي المتهم أو المدعي المدني، حسب نص المادة 168 قانون إجراءات جزائية فقرة 01 "تبلغ الأوامر القضائية في ظرف أربع وعشرين ساعة بكتاب موصى عليه إلى محامي المتهم وإلى الدعي المدني". 

ويحاط المتهم علما بأوامر التصرف في التحقيق بعد انتهائه المدعي المدني بأوامر التصرف بذات الأوضاع وفي نفس الآجال وإذا كان المتهم محبوسا فإن التبليغ يتم بواسطة رئيس المؤسسة العقابية الموجود بها حسب نص المادة 168 فقرة 02 "...وإذا كان المتهم محبوسا فتكون مخابرته بواسطة المشرف رئيس المؤسسة العقابية...". 

أما وكيل الجمهورية فإنه يخطر بكل أمر صدر مخالفا لطلباته يوم اتخاذه، وذلك عن طريق كاتب الضبط المادة 168 فقرة 04 "ويخطر الكاتب وكيل الجمهورية بكل أمر قضائي يصدر مخالفا لطلباته في اليوم نفسه الذي صدر فيه". 

ثانيا: تقييدها وتدوينها وفروعها

في ذيل صحيفة طلبات وكيل الجمهورية المادة 169 فقرة أولى "تقيد الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق عملا بأحكام هذا القسم في ذيل صحيفة طلبات وكيل الجمهورية "، ولقد أراد المشرع بهذا العمل تسهيل العمل، غير أن تحريرها في ورقة مستقلة لا يترتب عليها أي بطلان. 

ثالثا: بيان لهوية المتهم 

وذلك حسب نص المادة 169 فقرة 02 "وتتضمن اسم ولقب المتهم ونسبه وتاريخ مولده وموطنه ومهنته" والغرض من هذه العناصر كلها هو التأكيد والتحقق من شخصية المتهم. 

رابعا: تسبيبها

يوجب القانون تحديد أوامر التصرف على وجه الدّقة التي من أجلها توجد أو لا توجد ضد المتهم عملا بالمادة 169 فقرة أخيرة "كما يذكر بها الوصف القانوني للواقعة المنسوبة إليه وتحدد على وجه الدّقة الأسباب التي من أجلها توجد أو لا  توجد دلائل كافية".

خامسا: بيان الوصف القانوني للواقعة

إن وصف الواقعة أو تكييفها عملية تقتضي إلحاق فعل بنص قانوني معين أو إخضاعه لقاعدة قانونية تنطبق عليه، ومن المسلم أن تكييف الوقائع في المواد الجزائية يخضع لرقابة المحكمة العليا، لذلك ينبغي على قاضي التحقيق أن يعتني بتحرير أوامر الإحالة فيعطي للواقعة المطروحة عليها وصفها القانوني الصحيح والمطابق للواقع. 

المطلب الخامس: آثار أوامر التصرف  

تترتب على أوامر التصرف في التحقيق آثار عديدة أهمها الفصل بين البالغين والأحداث وإحالة الجرائم المرتبطة أو غير قابلة للتجزئة إلى جهة حكم واحدة، وكذا الفصل في التدابير المؤقتة والأشياء المضبوطة والمصاريف. 

أولا: الفصل بين البالغين والأحداث

قد ترتكب جرائم من أشخاص بالغين سن الرشد الجزائي وآخرين قاصرين: 

- فإما أن تكون الجريمة مخالفة وفي هذه الحالة يمكن إحالة الجميع على محكمة المخالفات طبقا لنص المادتين 164 و 459 من قانون الإجراءات الجزائية، حيث تنص المادة 164 على ما يلي: "إذا رأى القاضي أن الوقائع تكون مخالفة أو جنحة أمر بإحالة الدّعوى إلى المحكمة". 

وتنص المادة 459 على ما يلي: "إذا رأى قاضي الأحداث أن الوقائع لا تكون إلاّ مخالفة أحال القضية على المحكمة الناظرة في مادة المخالفات بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 164". 

- وإما أن تكون الجريمة جنحة فالأصل أن وكيل الجمهورية يقوم بإنشاء ملف خاص بالقاصر يرفعه إلى قاضي الأحداث وفقا للمادة 452 الفقرة 02 قانون إجراءات جزائية  حيث تنص المادة على "...وإن كان مع الحدث فاعلون أصليون أو شركاء بالغون في حالة ارتكاب جنحة فإن وكيل الجمهورية يقوم بإنشاء ملف خاص للحدث يرفعه إلى قاضي الأحداث.."، فإذا ثبت أن المتهم كان يبلغ من العمر يوم ارتكاب الجنحة أقل من ثمانية عشرة سنة ومع ذلك أحيل إلى جهة مختصة لمحاكمة البالغين لا الأحداث كان الحكم أو القرار الصادر عن الجهة باطلا، وتعين نقضه قرار صادر عن المحكمة العليا رقم 26790 المجلة القضائية للمحكمة العليا العدد 02 سنة 1990 صفحة 263. 

غير أن القانون أجاز للنيابة العامة بصفة استثنائية في حالة تشعب القضية تكليف قاضي التحقيق العادي بإجراء تحقيق بالنسبة للجميع إذا طلب قاضي الأحداث ذلك وعند انتهاء البحث يتصرف القاضي في الدّعوى فيأمر عند الاقتضاء بإحالة البالغين على محكمة الجنح ويفصل عنهم القاصرين ويحيلهم إلى قسم الأحداث طبقا لأحكام المادتين 451 الفقرة 01 و 465 قانون إجراءات جزائية حين تنص المادة 451 فقرة 01 " يختص قسم الأحداث بنظر الجنح التي يرتكبها الأحداث"، أما المادة 465 تنص "إذا كان مع الحدث في ارتكاب جناية أو جنحة فاعلون أصليون أو شركاء راشدون وسبق لقاضي التحقيق أن أجرى ضدهم جميعا، يحيل هؤلاء إلى الجهة المختصة عادة لمحاكمتهم طبقا للقانون العام ويفصل عنهم القضية التي تخص الحدث وإحالته على قسم الأحداث". 

- أما إذا كانت الجريمة جناية فلا يمكن متابعة الحدث دون إجراء تحقيق سابق طبقا لمقتضيات المادة 452 فقرة أولى حيث تنص على أنه "لا يجوز في حالة ارتكاب جناية، ووجود جناة بالعين أكانوا قائمين أصليين أو شركاء، مباشرة أي متابعة ضد حدث لم يستكمل الثامنة عشرة سنة من عمره دون أن يقوم قاضي التحقيق بإجراء تحقيق سابق على المتابعة..." 

وإذا كان معه فاعلون أصليون أو شركاء بالغون وسبق لقاضي التحقيق أن حقق معهم جميعا فإنه يأمر عند انتهاء البحث بفصل الراشدين عن الأحداث ويقرر بإرسال ملف البالغين إلى النائب العام، وإلى المجلس القضائي قصد إحالته إلى غرفة الاتهام ويحيل القاصرين على قسم الأحداث الموجود بمقر المجلس طبقا لأحكام المادتين 451 الفقرة 02 و465، وتعتبر هذه القواعد من النظام العام بحيث يجوز التمسك بها في أية مرحلة كانت عليها الدّعوى ولو لأول مرة أمام المحكمة العليا. 

ثانيا: الجرائم المرتبطة 

من مصلحة العدالة والخصوم نظر الجرائم المرتبطة أمام جهة حكم واحدة ربحا للوقت وتسهيلا للعمل وتفاديا لصدور أحكام متعارضة وعقوبات عديدة، لذلك إذا اشتمل التحقيق على جريمتين أو أكثر من نفس النوع ومن اختصاص عدة محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة ببعضها البعض فإنه يجوز للمحقق أن يحيلها كلها إلى جهة الحكم التي ينتمي إليها. 

وإذا كانت الجرائم من أنواع مختلفة أحالها إلى المحكمة المختصة بالنظر في الجريمة الأشد لأن من يملك النظر في الأكثر يملك في الأقل، على أنه في حالة الارتباط البسيط فإن ضم الجرائم وإحالتها إلى محكمة واحدة أمر اختياري لا وجوبي. ويكون هناك ارتباط بسيط إذا قام بين الجرائم التي تناولها التحقيق عنصر مشترك لا يؤثر على عناصر الإثبات أو سير التحقيق، ومثاله أن يكون المتهم واحدا فيها أو تكون جميعها قد وقعت على مجني عليه واحد دون أن ترتبط بوحدة الغرض أو التعاصر الزمني في اقترافها. 

أما إذا كانت الجرائم مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة وكانت الجرائم مسندة إلى نفس المتهم فإن الإحالة على الجهة المختصة بالنظر في الجريمة الأشد واجبة لأنها تسمح بتوقيع عقوبة واحدة سالبة للحرية لا تتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا وفقا لأحكام المادة 34 قانون العقوبات. 

فالارتباط غير القابل للتجزئة بين جنحة ومخالفة يؤدي حتما إلى إحالة الجريمتين معا إلى محكمة الجنح المختصة كما يؤدي الارتباط بين جناية وجنحة إلى محكمة الجنايات، وتقدير الارتباط وعدم قابليته للتجزئة أمر موكول إلى قضاة الموضوع ولا يخضع لرقابة المحكمة العليا طالما أن ما أوردوه في حكمهم يتفق منطقيا وقانونا إلى ما انتهوا إليه من قيام الارتباط. 

ثالثا: الفصل في التدابير المؤقتة

قد يتخذ قاضي التحقيق خلال مرحلة البحث تدابير وقتية ضد المتهم كوضعه تحت الرقابة القضائية أو إيداعه الحبس المؤقت، أو إصدار أمر بإلقاء القبض عليه فما مصير هذه الأوامر عند الانتهاء من التحقيق والتصرف فيه؟ .

مما لا يشك فيه أن التدابير تصبح لاغية عند صدور أمر بالأوجه للمتابعة على أساس أن الوقائع المنسوبة إليه لا تكون أي جريمة أو أنه لا توجد في الدّعوى دلائل كافية وأنه يتعين إطلاق سراح المتهم في الحال ما لم يكن محبوسا لسبب آخر أو كان الأمر بالإفراج عنه محل طعن للاستئناف من قبل وكيل الجمهورية المادة 163 فقرة 03 قانون إجراءات جزائية. 

وإذا كان المتهم موضوع أمر بإلقاء القبض عليه أو بإحضاره وجب إخبار ضباط الشرطة القضائية بالأوجه للمتابعة حتى يكفوا عن البحث عنه. 

أما إذا كان الأمر بانتفاء وجه الدّعوى مبنيا على أن المتهم ارتكب فعلا الجريمة المنسوبة إليه غير أنه كان مجنونا وقت اقترافها وأن حالته العقلية لا زالت تشكل خطرا عليه وعلى الغير وجب على قاضي التحقيق أن يأمر بحجزه في مؤسسة علاجية طبقا لمقتضيات المادة 21 قانون العقوبات.

ولما كانت الرقابة القضائية تدخل حيز التطبيق ابتداءا من التاريخ القاضي بها وتنتهي بأمر نهائي بأن الأوجه لإقامة الدّعوى كان لا بد على المحقق أن يأمر برفع الالتزامات الوقائية التي اتخذت ضد المتهم متى أصبح الأمر بالأوجه للمتابعة نهائيا وغير قابل للطعن، كما ينبغي له أن يخبر الهيئات والسلطات التي تسهر على تنفيذ هذه الالتزامات حتى تكف عن تنفيذها. 

أما إذا انتهى التحقيق بصدور أمر الإحالة على محكمة المخالفات أو الجنح أو الأمر بإرسال ملف القضية إلى النائب العام قصد إحالته على غرفة الاتهام فالقاعدة العامة أن التدابير المؤقتة التي اتخذت ضد المتهم أثناء سير التحقيق تبقى سارية المفعول، بحيث أنه إذا أحيل على محكمة الجنح وكان محبوسا مؤقتا فإنه يبقى محبوسا إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي الحبس مع مراعاة القواعد المنصوص عليها في المادة 124 قانون إجراءات جزائية.           

وإذا رأى قاضي التحقيق أن الجريمة جناية وأمر بإرسال ملفها إلى النائب العام قصد عرضه على غرفة الاتهام فإن الأمر بالضبط ضد المتهم أو إيداعه الحبس المؤقت يحتفظ بقوّته التنفيذية لحين صدور قرار غرفة الاتهام طبقا لمقتضيات المادة 166 الفقرة الثانية التي تنص "ويحتفظ أمر الضبط أو القبض الصادر ضد المتهم بقوته التنفيذية لحين صدور قرار من غرفة الاتهام". 

وإذا كان المتهم متابع بجناية وأودع الحبس المؤقت ثم رأى قاضي التحقيق أن الواقعة تشكل في الحقيقة جنحة لا جناية فغير وصف الجريمة وأمر بإحالته على محكمة الجنح فإن الأمر بالحبس الذي أصدره في السابق على أساس أن الواقعة تكون جناية يبقى ساري المفعول إلى أن تفصل المحكمة في الموضوع ما لم يتعارض مع نص المادة 124 قانون الإجراءات جزائية وإلا أصبح أمر الإيداع لاغيا ولا أثر له بعد مرور عشرين يوما. 

أما إذا كان التدبير المؤقت يتمثل في التزام وقائي فإن الرقابة القضائية تبقى قائمة إلى أن تفصل في ذلك جهة الحكم كما تقتضيه المادة 125 مكرر 03 الفقرة 02 قانون إجراءات جزائية والتي تنص: "...وفي حالة ما إذا أحلت الحكم في القضية إلى جلسة أخرى أو أمر بتكملة التحقيق يمكن هذه الأخيرة إبقاء المتهم أو الأمر بوضعه تحت الرقابة القضائية".

رابعا: استرداد الأشياء المحجوزة

القاعدة العامة هي أن الأشياء التي وقع ضبطها في مرحلة جمع الاستدلالات أو التحقيق لا ترد إلى أصحابها إلا عند الفصل في موضوع الدّعوى. 

غير أن المشرع قبل الحكم إذا طالب بها المتهم أو المدّعي المدني أو أي شخص آخر يدّعي أن له حقا فيها طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 86 قانون إجراءات جزائية "يجوز للمتهم وللمدعي المدني ولكل شخص آخر يدعي أن له حقا على شيء موضوع تحت سلطة القضاء أن يطلب استرداده من قاضي التحقيق...."، فهذه المادة توجب على كل من يدّعي أن له حقا على الأشياء التي وقع ضبطها بأن كانت في ملكه أو في حيازته وقت ارتكاب الجريمة أن يقدم طلبا كتابيا باستردادها إلى قاضي التحقيق الذي يتعين عليه بعد ذلك أن يبلغ هذا الطلب بواسطة كاتبه إلى النيابة العامة وجميع الأشخاص الذين يعنيهم الأمر حتى يتمكنوا من تقديم ملاحظاتهم في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ التبليغ، وبعد انتهاء هذا الأجل يفصل قاضي التحقيق في الطلب سواء بالقبول وبرد الأشياء المحجوزة لديه إلى طالبها أم بالرفض. 

وفي كلتا الحالتين يجوز لمن يهمه الأمر أن يتظلم في أمر المحقق أمام غرفة الاتهام وذلك بموجب عريضة يقدمها في ظرف عشرة أيام من تاريخ التبليغ. 

خامسا: المصاريف 

عندما ينتهي القاضي من التحقيق يتصرّف في الدّعوى على ضوء النتائج التي توصل إليها فيصدر حسب الأحوال إما أمرا بالأوجه للمتابعة أو أمرا بالإحالة إلى محكمة المخالفات والجنح، وإما بإرسال ملف القضية إلى النائب العام قصد عرضها على غرفة الاتهام، وفي كل الحالات ينبغي على الكاتب أن يضم إلى ملف الدّعوى كشفا بالمصاريف التي استلزمها التحقيق تسهيلا لعملية تصفيتها وإلزام الخصوم بها أو بقائها على عاتق الخزينة العامة. 

ففي حالة الإحالة إلى المحكمة أو إرسال القضية إلى النائب العام هنا لا يتضمن الكشف إلا مصاريف التحقيق لأن ما قد تستلزمه المحاكمة من نفقات لا يعرفه مسبقا لذلك كان من المستحيل على كاتب التحقيق أن يقوم بتصفية حساب المصاريف وإنما يكلف بذلك كاتب الضبط لجهة الحكم المحالة عليها الدّعوى. 

أما إذا انتهى التحقيق بصدور أمر بأن الأوجه للمتابعة فإن المصاريف لا تتعدى النفقات التي استلزمها التحقيق والمقيدة بالكشف الخاص بها وفي هذه الحالة لا يخلو الأمر من أحد الافتراضات التالية: 

1. إما أن لا يكون في القضية مدع مدني وحينئذ لا فائدة في تصفية حساب المصاريف لأنها تبقى على عاتق الخزينة العامة وحدها. 

2. وإما أن يوجد في القضية طرف مدني وأن دوره اقتصر على التدخل في الدّعوى العمومية بعد تحريكها من النيابة العامة وفي أغلب الأحيان يعفى المدّعي المدني عمليا من المصاريف لأنه غير مسؤول عن رفع الدّعوى ضد المتهم، وإن كان المشرع لا يفرق في الفقرة الأخيرة من المادة 163 قانون إجراءات جزائية بين المضرور الذي يكتفي بالتدخل في الدّعوى المقامة من طرف النيابة العامة وبين الذي يخاطر بنفسه في تحريك الدّعوى العمومية تحت مسؤوليته الشخصية. 

3. وإما أن يكون في القضية مدع مدني وأن هذا الأخير هو الذي بادر في تحريك الدّعوى العمومية وفي أغلب الحالات يلزم الدعي المدني بالمصاريف ما لم يثبت أنه حسن النية فيعفى منها كليا أو جزئيا بمقرر مسبب تقتضيه الفقرة الأخيرة المادة 163 قانون إجراءات جزائية وتنص "ويصفى حساب المصاريف ويلزم المدعي المدني بها إن وجد في القضية مدع مدني، غير أنه يجوز أن يعفى المدعي المدني حسن النية من المصاريف كلها أو جزء منها بقرار خاص مسبب".                                      

المبحث الثاني: دور أمين الضبط في أوامر التصرف الصادرة عن قاضي التحقيق 

إن ازدواجية النظام القضائي الجزائري وتدرجه يفرضان بدون شك تنظيما بشريا لضمان أداء دور مرفق العدالة إزاء المتقاضين، ويعتبر موظفو أمانة الضبط، جزءا هاما من التنظيم، حيث نجدهم يشغلون وظائف في الجهات القضائية غير تلك التي تخص القضاة كما يمارسون بعض الأنشطة على مستوى الإدارة المركزية لوزارة العدل. 

وفي هذا الصدد جاء المرسوم 90/231 المؤرخ في 28/07/1996 الذي يتضمن القانون الأساسي الخاص الذي يطبق على موظفي كتابات الضبط للجهات القضائية حيث حددت تطبيقا لنص 04 من المرسوم 85/59 المؤرخ في 23/03/1985 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية، الأحكام الخاصة التي تنطبق على الموظفين الذين ينتمون إلى أسلاك كتابات الضبط. 

فمن خلال تتبع النصوص القانونية يتبين لنا أن مهام أمانة الضبط تختلف باختلاف أسلاكها وفنائها فوهي تقوم بأعمال قضائية وإدارية لقطاع العدالة وبشكل عام حضور أمين الضبط إلى جانب القاضي أمر ضروري ولا تصح الجلسة أو إجراء التحقيق بدونه فهو شاهد على ما يدور في إجراءات التحقيق. 

يعتبر أمين ضبط غرفة التحقيق من موظفي أسلاك أمناء الضبط، يمارس مهامه تحت إشراف قاضي التحقيق وهو من أهم موظفي أمانة ضبط المحكمة نظرا لأهمية الأعمال المسندة إليه في هذه الغرفة. 

إن حضور التحقيقات القضائية على مستوى مكاتب التحقيق، هو من الاختصاص الأصيل لأمناء الضبط (الرتبة الثانية في سلك أمناء الضبط)، طبقا لنص المادة 29 من المرسوم التنفيذي رقم 90/231 المؤرخ في 28/07/1990 المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 98/07 المؤرخ في 04/01/1998، إلا أنه وبموجب المادة 28 من نفس المرسوم يمكن أن يقوم بهذه المهام معاون أمين الضبط حيث نصت هذه المادة في فقرتها الأخيرة على "يحل معاونو أمناء الضبط محل أمناء الضبط في القيام بمختلف المهام المسندة إليهم" ونجد من حيث هذه المهام مهام أمانة ضبط غرفة التحقيق. 

وعليه فيعد أمين ضبط غرفة التحقيق من بين أمناء الضبط أو معاوني أمناء الضبط في المحكمة من طرف رئيس أمانة ضبط المحكمة وتحت إشراف وإدارة وكيل الجمهورية. 

المطلب الأول: تلقي الملفات وتقييدها 

إن قاضي التحقيق لا يمكنه الاتصال بالدّعوى العمومية إلا بموجب طلب افتتاحي صادر عن وكيل الجمهورية، طبقا لنص المادة 67 قانون إجراءات جزائية، أو بناءا على شكوى مصحوبة بادعاء مدني يتقدم بها المتضرر من الجريمة عملا بالمادة 72 من نفس القانون،وخارج هذين الإطارين لا يمكنه مباشرة عمله القضائي، وإنما يمكن أن ينتدب بموجب أمر للقيام بإجراء من  إجراءات التحقيق التكميلي أو الإضافي، أو ينتدب من قبل قضاة التحقيق الآخرين للقيام بإجراء من إجراءات التحقيق في إطار الإنابة القضائية طبقا لنص المادة 138 قانون إجراءات جزائية. 

الفرع الأول:كيفية تلقي الملفات

يمكن حصر كيفية تلقي أمين ضبط التحقيق الملفات الواردة إلى غرفة الاتهام في أربع طرق هي : 

أولا: تلقي ملف الطلب الافتتاحي لإجراء تحقيق الصادر عن وكيل الجمهورية 

الطلب الافتتاحي "هو الطلب الذي بمقتضاه يلتمس وكيل الجمهورية من قاضي التحقيق القيام بإجراءات التحقيق في قضية ما" ولا يشترط فيه حسب المادة 67 المذكورة شكلا معينا، إلا أنه جرى العمل، على أن يكون مكتوبا، ويتضمن اسم ولقب المتهم وتكييف الوقائع المنسوبة إليه والمواد القانونية التي تعاقب عليها، ويختتم بالتماسات وكيل الجمهورية (إصدار أمر إيداع، وضع تحت الرقابة القضائية أو الاكتفاء بعبارة إصدار أمر مناسب)، ويذكر في الطلب إذا كان المتهم مجهولا فتح تحقيق ضد مجهول، ثم يؤرخ الطلب ويوقع من قبل وكيل الجمهورية، وإذا ظهرت أدلة جديدة خلال التحقيق منفصلة عن تلك المبينة في الطلب الافتتاحي وجب على قاضي التحقيق عرض الملف على وكيل الجمهورية، لتقديم طلب إضافي للتحقيق في الوقائع. 

يتلقى أمين الضبط في غرفة التحقيق الملف الوارد بموجب الطلب الافتتاحي لإجراء تحقيق والذي يتضمن: 

الطلب الافتتاحي لإجراء التحقيق 

محضر التحريات الأولية المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية 

شكوى الضحية إن وجدت 

أدلة الإثبات إن وجدت 

ثم يقوم أمين الضبط بتسجيل الملف، في سجل قيد قضايا التحقيق ويعطيه رقما يسمى رقم التحقيق ثم يقدم الملف إلى قاضي التحقيق ليتخذ الإجراء الذي يراه مناسبا. 

ثانيا: تلقي ملف الشكوى  المصحوبة بادعاء مدني

أجازت المادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية لكل شخص يجد نفسه متضرر من جناية أو جنحة إلى قاضي التحقيق أن يدعي مدنيا بأن يتقدم بشكواه مباشرة أمام قاضي التحقيق المختص. 

وعليه يمكن تعريف الشكوى المصحوبة بادعاء مدني: بأنها طلب يقدمه المتضرر من جناية أو جنحة إلى قاضي التحقيق يطلب فيه تعويض عمّا لحقه من ضرر بسبب تلك الجناية أو الجنحة. 

ولا يوجب القانون شكلا معينا للشكوى ولكن من المعمول به أن يذكر هوية الشاكي وعنوانه وهوية المشتكي منه وعنوانه بالإضافة إلى عرض للوقائع ثم تؤرخ وتوقع من طرف المدعي. 

وتشترط المادة 75 من قانون الإجراءات الجزائية لقبول الشكوى تقديم المصاريف التي يتطلبها التحقيق، وذلك بدفع مبلغ الكفالة التي يحددها قاضي التحقيق بموجب أمر ويعفى من هذه المصاريف، من كان مستفيدا من المساعدة القضائية أو من كان معفيا منها بموجب قانون مثل بعض الإدارات العمومية. 

كما على المدعي المدني أن يختار موطنا له بدائرة اختصاص المحكمة التي يجري فيها التحقيق إذا لم يكن له إقامة بها ويترتب على مخالفة هذا الشرط كما نصّت المادة 76 سقوط حقه في التمسك بعدما توصله بتبليغ الإجراءات الواجب تبليغها. 

ويقوم أمين الضبط بعد تلقيه الشكوى المصحوبة بادعاء مدني بتسجيلها في سجل الادعاءات المدنية حسب تاريخ ورودها ثم يقدمها إلى قاضي التحقيق لتحديد مبلغ الكفالة بموجب أمر إيداع أمانة مدعي مدني، ما لم يكن المدعي مستفيدا من المساعدة القضائية أو معفى منها قانونا، ثم يحرر أمين الضبط أمر إيداع أمانة مدعي مدني في ثلاثة نسخ موقعة من طرف أمين الضبط وقاضي التحقيق ويسلم نسخة منه للمدعي المدني ليقوم بدفع مبلغ الكفالة لدى الصندوق ليسلمه وصلا يرجعه إلى أمين ضبط التحقيق يضمه بالشكوى، ويحرر أمين ضبط أمر تدخل مدعي مدني موقع عليه من طرف قاضي التحقيق وإلى ذلك يقوم بتشغيل الملف ويسلمه إلى وكيل الجمهورية بموجب أمر إبلاغ لإبداء التماساته.

بعد التماسات النيابة يسجل أمين الضبط القضية في سجل قيد قضايا التحقيق وبدون رقم النيابة ورقم التحقيق في سجلات الادعاءات المدنية السابق ذكره. 

ثالثا: تلقي ملفات التحقيق التكميلي الواردة من غرفة الاتهام 

أحيانا يتبين لغرفة الاتهام عند عرض القضية عليها، أنه لا يمكنها اتخاذ قرار ينص بإحالة المتهم إلى المحكمة أو الأمر بالاوجه للمتابعة لكون الملف لا يزال يضفوا به بعض الغموض فتقرر إجراء تحقيق تكميلي فإجراء حيزة أو سماع شاهد معين طبقا لنص المادة 186 قانون إجراءات جزائية، كما أنها قد ترى أن التحقيق الذي قام به قاضي التحقيق، لم يشمل بنص الأشخاص أو لم يشمل بنص الوقائع موضوع الدّعوى، فتأمر بمقتضى المادة 187 قانون إجراءات جزائية بإجراء تحقيق إضافي. 

"فإن قررت غرفة الاتهام إجراء تحقيق تكميلي أو إضافي على نحو ما سبق فإنها إما أن تسند مهمة إجراء ذلك التحقيق إلى أحد أعضائها وإما إلى أحد قضاة التحقيق ولو غير قاضي التحقيق الذي كان قد أجرى التحقيق القضائي في القضية وبذلك يمكن لها انتداب قاضي تحقيق للقيام بهذا العرض حسب ما جاء في نص المادة 190 قانون إجراءات جزائية. 

وعند تلقي أمين ضبط التحقيق ملف غرفة الاتهام، الذي يردّ إلى غرفة التحقيق عن طريق النيابة يقوم بتسجيله في سجلات التحقيقات التكميلية، ويمنحه رقما تسلسليا، ثم يقدمه إلى قاضي التحقيق لاتخاذ الإجراء المناسب وبعد الانتهاء من التحقيق التكميلي أو الإضافي، يرسلها أمين الضبط إلى غرفة الاتهام عن طريق النيابة العامة بعد الإنجاز . 

رابعا: تلقي ملفات الإنابة القضائية الواردة

عندما يتعذر على قاضي التحقيق القيام شخصيا ببعض إجراءات التحقيق وجود محل إجراء التحقيق خارج دائرة اختصاصه مثلا كسماع شاهد يقيم خارج دائرة اختصاصه فخوله القانون، بموجب المادة 138 قانون الإجراءات الجزائية وما يليها أن يصدر إنابة قضائية إلى قاضي التحقيق الذي يوجد بدائرة اختصاصه الشاهد أو محل إجراء التحقيق المراد مباشرته، لينوب عنه في مباشرة هذا الإجراء. 

يتلقى أمين الضبط الإنابة القضائية الواردة ويسجلها في السجل بها ثم يعرضها قاضي التحقيق ليتخذ بشأنها ما يراه مناسبا بحيث إما أن يقوم بالإجراء المطلوب بنفسه، أو يفوض أحد ضباط الشرطة القضائية بموجب إنابة قضائية وبعد إنجاز الغرض المطلوب يؤشر أمين الضبط على ذلك في السجل ويرسلها إلى الجهة المصدرة.

الفرع الثاني: تقييد الملفات 

يحرر أمين الضبط كل الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق حين يراعي فيها كل البيانات الواجب ذكرها مثلا في الأمر بندب خبير، يذكر اسم الخبير ولقبه وموطنه والمهمة المسندة إليه والمدة التي يجب إنجاز الخبرة فيها. 

كما يحرر أمر الانتقال (للتفتيش والمعاينة إعادة تمثيل الجريمة) ويذكر فيه سبب الانتقال وتاريخه ومكانه، ويحرر أمين الضبط أوامر التصرف بعد انتهاء التحقيق المادة 169 حيث يضمنها اسم المتهم ولقبه ونسبه وتاريخ ومكان مولده وموطنه ومهنته بالإضافة إلى الوصف القانوني للتهمة وأسباب صدور الأمر. ثم توقع كل الأوامر الصادرة من طرف قاضي التحقيق وتختم بخاتمه وبعد ذلك يقوم أمين الضبط بتقييدها في السجلات الخاصة بها. 

كما يراعي أمين الضبط تأشيرة وكيل الجمهورية في أوامر القبض وأوامر الضبط والإحضار وأوامر الإيداع لأنها أوامر ترسل بمعرفته وتنفذ بواسطة القوة العمومية . 

المطلب الثاني: حضور إجراءات التحقيق وتدوينها وتحرير محاضر   بشأنها

لقد أوجب المشرع الجزائري حضور أمين ضبط التحقيق في كل الإجراءات التي يقوم بها قاضي التحقيق بما فيها أوامر التصرف الصادرة عنه (قاضي التحقيق) ويعتبر شاهدا على صحة هذه الإجراءات كما يقوم بتدوينها، وتحرير محاضر بشأنها. 

الفرع الأول: حضور إجراءات التحقيق وتدوينها

قبل إصدار قاضي التحقيق لأمر من أوامر التصرف لسالفة الذكر يمر التحقيق عبر عدة مراحل يكون تواجد أمين الضبط فيه ضروري وإلا كانت الإجراءات باطلة وهذه الإجراءات تتمثل في: 

1. استجواب المتهم:

يحضر أمين ضبط التحقيق جميع استجوابات المتهم سواء كانت عند الحضور الأول أو في الموضوع أو الاستجواب الإجمالي. 

حيث جاء النص في المادة 100 قانون الإجراءات الجزائية على الاستجواب عند الحضور الأول للمتهم وهو أول إجراء يتعرف فيه قاضي التحقيق على شخصية المتهم كما يعتبر وسيلة لتمكين المتهم من تحضير دفاعه، لأن قاضي التحقيق ينبهه بأنه حر في عدم الإدلاء بأي إقرار وبحقه في اختيار محام، وينوه أمين الضبط عن كل ذلك في محضر الاستجواب عند الحضور الأول. 

أما الاستجواب في الموضوع، فهو مواجهة المتهم بالتهم المنسوبة إليه ومناقشته فيها مناقشة تفصيلية بطرح الأسئلة من طرف قاضي التحقيق، وفي القضايا الجنائية، يتم إجراء استجواب إجمالي قبل إقفال التحقيق طبقا لنص المادة 108 قانون إجراءات جزائية والهدف منه، هو تلخيص الوقائع، وإبراز الأدلة التي سبق جمعها أثناء مراحل التحقيق مع الإشارة إلى الاستعلامات التي وردت فيما يخص الحياة الشخصية والاجتماعية للمتهم وسوابقه العدلية، ويختم بالسؤال التالي: "هذا هو استجوابك الأخير، فهل لك ما تدلي به للدّفاع عن نفسك".

2. المواجهة: 

يحضر أمين الضبط التحقيق، إجراءات المواجهة وهي مواجهة المتهم لغيره من المتهمين أو بالمدعي المدني، أو بالشهود كما قد تكون المواجهة بين الشهود أيضا، وذلك إذا ما وجدت خلال مراحل التحقيق تناقضات في التصريحات ويدون أمين الضبط تصريحات أطراف المواجهة. 

3. سماع أقوال الطرف المدني: 

يحضر أمين ضبط التحقيق، سماع أقوال المدعي المدني ويدون تصريحاته حيث يسمع قاضي التحقيق المدعي المدني إذا ما قدم شكوى مصحوبة بادعاء مدني أو عند تأسيسه كطرف مدني أمام قاضي التحقيق بعد اتصاله بطلب النيابة الافتتاحي لإجراء تحقيق، وعند سماعه من طرف قاضي التحقيق عما إذا كان له محامي ليسمع في حضوره. 

4. سماع الشهود: 

يحضر أمين الضبط سماع الشهود منفصلين، وفي غيبة المتهمين ويدون ما يدلي به الشاهد، فيما يتعلق بهويته ودرجة قرابته للخصوم، كما ينوه في المحضر عن أداء الشاهد اليمين باستثناء القصر الذين يسمعون دون أداء اليمين، كما يدون أسئلة قاضي التحقيق وأجوبة الشاهد، ويلجأ قاضي التحقيق لهذا الإجراء من أجل إثبات الواقعة أو نفيها، وتجدر الإشارة هنا طبقا لما نصّت عليه المادة 243 قانون إجراءات جزائية، لا يجوز سماع المدعي المدني بصفته شاهدا، إذا رفض ذلك بعد تنبيهه من طرف قاضي التحقيق طبقا لنص المادة 89 فقرة أولى قانون إجراءات جزائية . 

5. حضور التفتيش والمعاينة وإعادة تمثيل الجريمة: 

أ‌- التفتيش: تتم عن طريق انتقال قاضي التحقيق إلى أماكن وقوع الجريمة الموجب أمر بهدف العثور على ما يفيد التحقيق واكتشاف الأدوات المستعملة في الجريمة أو المسروقات في جريمة السرقة أو الانتقال إلى منازل المتهمين أو المشتبه فيهم أو الذين بحوزتهم أشياء لها علاقة بالجريمة لتفتيشها ويحق لوكيل الجمهورية حضور التفتيش. 

ب‌- المعاينة: يحضر أمين الضبط إجراءات المعاينة الذي يتم عن طريق الانتقال إلى مكان وقوع الجريمة بموجب أمر لمعاينة المكان وضبط ما قد يعثر عليه من آثار وقد يكون موضوع المعاينة إثبات الآثار المادية التي هي متعلقة بالجريمة، وقد يكون موضوعها إثبات حالة الأماكن والأشياء التي لها علاقة بالجريمة، أو إثبات الوسيلة المستعملة في ارتكاب الجريمة أو المكان الذي وقعت فيه، ويحق لوكيل الجمهورية حضور إجراءات المعاينة. 

ت‌- إعادة تمثيل الجريمة: يلجأ قاضي التحقيق إلى هذا الإجراء خاصة في جرائم الدّم كالقتل والضرب والجرح، إذا رأى أن هذا الإجراء يساعد  على اكتشاف الحقيقة،وإزالة الغموض الذي يشوب القضية ويحضر أمين ضبط التحقيق إجراء إعادة تمثيل الجريمة، الذي يتم عن طريق انتقال قاضي التحقيق إلى مسرح الجريمة بموجب أمر بعد إحضار وكيل الجمهورية بالإضافة إلى حضور أطراف القضية الذين يعيدون تمثيل الجريمة بأمر من قاضي التحقيق وفقا للتصريحات التي جاؤوا بها بحضور محاميهم. 

الفرع الثاني: تحرير المحاضر بشأن إجراءات التحقيق 

بعد انتهاء قاضي التحقيق من إجراءات التحقيق وحتى يكون التحقيق فعالا يقوم أمين ضبط التحقيق بتحرير محاضر بشأن كل المراحل التي مرّ بها التحقيق، فالتدوين يعد من أهم المميزات الأساسية التي تميّز عمل قاضي التحقيق وهي مهمة مفوضة لكاتب ضبط التحقيق ويكون هذا التحرير على الشكل التالي: 

أولا: تحرير محاضر الاستجوابات والسماعات والمواجهات 

يقوم أمين ضبط التحقيق بتحرير هذه المحاضر طبقا لما جاء في قانون الإجراءات الجزائية لاسيما المواد 94 و95 والمادة 108 من قانون الإجراءات الجزائية، والمادتين 91، 92 في حالة استدعاء مترجم. إذ أنه يعد تدوين المحاضر توقع على كل صفحة من صفحاتها من طرف قاضي التحقيق وأمين الضبط والشخص المسموع (المتهم، الطرف المدني، الشاهد) وإن امتنع الطرف المسموع عن التوقيع أو تعذر عليه نوه أمين الضبط على ذلك في المحضر. 

كما يمكن لقاضي التحقيق أن ينتدب مترجما إذا رأى لذلك ضرورة وينوّه أمين الضبط في المحضر عن اسم المترجم ولقبه وموطنه وعن حلفه اليمين ثم يوقع المترجم أيضا على المحضر. 

ويجب على أمين الضبط أيضا عند تحرير هذه المحاضر، أن يجتنب التحشير بين السطور عملا بنص المادة 95 قانون إجراءات جزائية أما إذا كان هناك شطب أو تحريج يشير إليه أمين الضبط في هامش المحضر، ويصادق عليه من طرف قاضي التحقيق وأمين الضبط والطرف المسموع والمترجم كذلك إن وجد، وإلا اعتبرت هذه التشطيبات والتحريجات ملغاة، كما يلغى المحضر الذي لم يوقع توقيعا صحيحا. 

ثانيا: تحرير محاضر التفتيش 

يحرر أمين الضبط محضر التفتيش ويشير فيه إلى حضور وكيل الجمهورية ثم يضمنه جميع الأعمال التي قام بها قاضي التحقيق كفتح الأقفال والأشياء التي تم العثور عليها وحجزها. 

كما يقوم أمين الضبط بجردها لتوضع في أحراز مختومة ويحرر بشأنها محضر ضبط أدلة ثم يوقع المحضر من طرف قاضي التحقيق وأمين الضبط. 

ثالثا: تحرير محضر المعاينة: 

يحرر أمين الضبط محضر المعاينة، يضمنه تاريخ بداية المعاينة وتاريخ نهايتها والإشارة إلى حضور وكيل الجمهورية ثم يشير فيه إلى وصف المكان الذي تم الانتقال إليه ووصف الأشياء الموجودة فيه، بالإضافة إلى ذكر جميع العمليات التي يقوم بها قاضي التحقيق كجمع الآثار التي عثر عليها في المكان وجردها وحفظها في أحراز وتحرير محضر ضبط بشأنها ثم يوقع المحضر من طرف قاضي التحقيق، وأمين ضبط التحقيق. 

رابعا: تحرير محضر إعادة تمثيل الجريمة

يحرر أمين الضبط محضر إعادة تمثيل الجريمة بإملاء من قاضي التحقيق فيضمنه تاريخ بداية الإجراء، وتاريخ انتهاءه ويشير إلى حضور وكيل الجمهورية والأطراف ومحاميهم، ثم يتناول وصفا وجيزا لوقوع مكان الجريمة ويذكر في المحضر مشاهد إعادة تمثيل الجريمة وفقا لما يقوم به الأطراف بأمر من قاضي التحقيق ثم يختم المحضر ويوقع من طرف أمين الضبط وقاضي التحقيق. 

خامسا: تحرير محضر أداء الخبير القانوني لليمين ومحضر تبليغ الأطراف بالخبرة المنجزة 

يقوم أمين الضبط بتحرير محضر أداء اليمين حيث يذكر فيه هوية الخبير واختصاصه وعن اختياره خارج القائمة وعن قبوله المهام المسندة إليه، وأداء اليمين. 

ثم يوقع المحضر من طرف قاضي التحقيق وأمين الضبط والخبير. 

المطلب الثالث: تشكيل الملفات وتبليغ أوامر قاضي التحقيق

يقوم أمين الضبط تحت إشراف قاضي التحقيق بطب الوثائق التي تفيد في التحقيق كصحيفة السوابق القضائية رقم 02 الخاصة بالمتهم وكذلك شهادة الميلاد الخاصة به، ويقوم بإدراجها في ملف الإجراءات حيث يقوم بتحرير هذه الطلبات والإرساليات التي توقع من طرف قاضي التحقيق. 

كما يقوم أمين الضبط بتبليغ هذه الأوامر وهذا العمل يعتبر من بين أهم الوظائف التي يقوم بها، لأن عملية التبليغ تضمن حقوق الأفراد في متابعة إجراءات الدّعوى وحتى يتسنى لهم استئناف هذه الأوامر أيضا إذا صدرت في غير صالحهم. 

الفرع الأول;تشكيل الملفات

يعد تشكيل ملفات قضايا التحقيق من أهم أعمال أمين ضبط التحقيق لما له من أهمية في الحفاظ على أوراق الملف وحسن إدارتها. 

وجاء في نص المادتين 68-68 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية كيفية تشكيل ملفات التحقيق وذلك بتحرير نسخة من إجراءات التحقيق، وعن جميع الأوراق وتأشير أمين الضبط عن كل نسخة بمطابقتها للأصل، كما يقوم بجرد وترقيم أوراق الملف حسب تاريخ ورودها، أو تحريرها كما يقوم أمين الضبط بتحرير نسخة أخرى لتوضع تحت تصرف المحامين عندما يكونون مؤسسين. 

ولتوحيد العمل القضائي ضبط المنشور الوزاري رقم 314 المؤرخ في 12/04/1967 القواعد المنظمة لإرسال وإعداد الملفات القضائية، وبذلك تتشكل الملفات القضائية للتحقيق من حافظتين خارجية وداخلية على النحو الذي سيأتي بيانه: 

أولا: الحافظة الخارجية 

تسمى كذلك الغلاف الخارجي، ويختار من الورق المقوى ويختار لونه حسب تقسيم الجرائم وطبيعة الإجراء، فمثلا يختار اللون الأحمر لقضايا الجنايات، والأزرق لقضايا الجنح، ولون آخر للمخالفات، ولون آخر لملفات الادعاءات المدنية، ولون مغاير لملفات التحقيق التكميلي، ويمكن أن يحتوي الوجه الخارجي للحافظة الخارجية على البيانات التالية: 

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

مجلس قضاء رقم النيابة 

محكمة رقم التحقيق 

فرقة التحقيق 

التهمة 

المواد القانونية 

الضحية- الأطراف المدنية –الشهود المتهم – المسؤول المدني الوضعية الجزائية للمتهم

ض..........................

طم..........................

ش.......................... م............................

م م.......................... ............................

............................

............................

ويملأ الجدول بحيث يدون أسماء وألقاب أطراف الخصومة وفي الوضعية الجزائية يذكر الأمر الذي أصدره قاضي التحقيق للمتهم كالأمر بإحالة الملف على قسم الجنح، والمخالفات حسب الحالة، ويذكر تاريخ الأمر. 

ثانيا: الحافظة الداخلية 

وتتكون من أربع حافظات فرعية وهي:  

1. حافظة الموضوع: وتتشكل من أصل ونسختان مطابقتان للأصل توضع إحداهما تحت تصرف الأطراف عند تأسيسهم، والأخرى ترسل إلى غرفة الاتهام إذا حصل استئناف أمر ما أثناء التحقيق، ويتضمن الملف الخاص بالموضوع الوثائق التي تتعلق بكل إجراء يتخذ في موضوع الجريمة ومن أجل التحقيق ويمكن أن تكون: 

محضر التحريات الأولية أو الشكوى المصحوبة بادعاء مدني. 

الطلب الافتتاحي لإجراء التحقيق. 

محضر سماع أقوال الطرف المدني. 

محضر استجواب المتهم عند الحضور الأول. 

محاضر المواجهات. 

محاضر أدلة الإثبات. 

محاضر الاستجواب في الموضوع. 

أوامر ندب الخبراء.

الخبرات القضائية المنجزة. 

محاضر تبليغ الخبرات. 

أوامر الانتقال (معاينة أو تفتيش أو إعادة تمثيل الجريمة). 

الإنابات القضائية. 

محاضر تنفيذ الإنابات القضائية. 

أوامر الإبلاغ للنيابة. 

أوامر التصرف في التحقيق كأمر بإحالة على محكمة الجنح والمخالفات أو اختفاء وجه الدّعوى أو أوامر إرسال المستندات إلى النائب العام. 

2. حافظة الشكل: وتحتوي على جميع الأوراق الشكلية التي قد تضم: 

رسائل تأسيس الدّفاع.

نسخ من الاستدعاءات أو البرقيات الموجهة إلى الأطراف، واستدعاءات المحامين. 

نسخ عن التبليغات بشأن أوامر قاضي التحقيق، الموجهة للخصوم ومحاموهم.

نسخ عن استدعاء الشهود. 

3. حافظة الحبس: وتضم جميع الطلبات والأوامر المتعلقة بحرية المتهم،ووضعيته الجزائية قبل إصدار أحد أوامر التصرف السالفة الذكر وتتمثل في الوثائق التالية:

أمر إيداع. 

أمر بالوضع رهن الحبس المؤقت. 

محضر تبليغ المتهم من الرقابة القضائية. 

طلب الإفراج أو رفع الرقابة القضائية. 

أمر بالإفراج. 

أمر برفض طلب الإفراج أو رفض طلب رفع الرقابة القضائية. 

أمر بالقبض. 

أمر بالضبط والإحضار.

4. حافظة الاستعلامات: وتحتوي على الوثائق المتعلقة بمعلومات خاصة بشخص المتهم مثل: 

طلبات صحيفة السوابق العدلية. 

طلبات شهادة ميلاد المتهم. 

صحيفة السوابق العدلية رقم 02 للمتهم. 

شهادة ميلاد المتهم. 

الإنابات القضائية بالبحث الاجتماعي والأخلاقي للمتهم. 

التحقيقات القضائية المنجزة. 

كما يضاف كشف المصاريف القضائية الذي يعده أمين ضبط التحقيق والذي يشمل على المبلغ الخاص بمصاريف الخبرات القضائية، والمعاينات ومصاريف الاستدعاءات والمراسلات والبرقيات التي استلزمها التحقيق. 

وترقم وتجرد، الوثائق الخاصة بكل حافظة حسب تاريخ ورودها أو تاريخ تحريرها ويمكن أن يكون الوجه الخارجي لكل حافظة من الحافظات الفرعية المذكورة على الشكل التالي: 

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

مجلس قضاء .....

محكمة.....

فرقة التحقيق 

جدول مستندات القضية 

القضية ضد ......

التهمة......

المادة القانونية .........


..............

رقم الترتيب تاريخ المستندات طبيعة المستندات

1

2

3

4

5

6

7


حرر بـ .....في ..... أمين الضبط

وفي الخانة العلوية الفارغة يكتب عنوان الحافظة (شكل، موضوع، حسب استعلامات) . 

الفرع الثاني: تبليغ أوامر قاضي التحقيق

إن تبليغ أوامر قاضي التحقيق هو من أهم الوظائف حيث يقوم أمين الضبط بتبليغ الأطراف ومحاموهم بأوامر قاضي التحقيق الصادرة عند نهاية التحقيق كون هذه الأوامر هي التي تخص بحثنا. 

كما يبلغ أمين الضبط السيد وكيل الجمهورية بكل الأوامر الصادرة المخالفة لالتماساته، وفي الجدول التالي نوضح الأطراف الواجب تبليغها والأوامر المبلغ بها، وكذا الأجل القانوني الواجب التبليغ فيه.

الطرف الواجب تبليغه طبيعة الأمر المبلغ الأجل القانوني الواجب التبليغ فيه المادة القانونية المطبقة

وكيل الجمهورية كل الأوامر القضائية المخالفة لالتماساته في نفس اليوم الذي صدر فيه الأمر 168 قانون إجراءات جزائية فقرة أخيرة. 

محامو الأطراف جميع الأوامر القضائية 24 ساعة من ساعة صدور الأمر. فقرة أولى نفس المادة 

المتهم أوامر التصرف في التحقيق بعد انتهائه.

كل الأوامر التي يحق له الطعن فيها بالاستئناف (م 172) في ظرف 24 ساعة من ساعة الصدور فقرة الثانية والثالثة من نفس المادة. 

المدعي المدني أوامر الإحالة أو أمر إرسال المستندات إلى النائب العام. 

كل الأوامر التي يحق له الطعن فيها بالاستئناف (م 173 ). في ظرف 24 ساعة من صدور الأمر. الفقرة الثانية والثالثة من نفس المادة. 

المطلب الرابع:  مسك السجلات 

يقوم أمين الضبط بمسك السجلات المؤشر عليها من طرف رئيس المحكمة ويقوم بها، وبتنظيمها حسب المذكرات والنماذج الوزارية بحيث يسهر على قيد الملفات التي ترد إلى غرفة التحقيق، وكذا الإجراءات المتخذة بشأنها ويسجل الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق. 

وتفيد عملية المسك الجيد لهذه السجلات في تسهيل مراقبة الملفات ومتابعتها كما تعتبر المرجع الوحيد عند القيام بالإحصائيات، كما تساعد في البحث عن ملف ما عبر الزمن. 

وإن سجلات التحقيق عديدة ومتنوعة حسب نوع الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق والأوامر التي يصدرها، وفيما يلي سوف نعرض نماذج للسجلات المتعلقة بأوامر التصرف: 

أ‌- سجل أوامر الإحالة: 

الرقم التسلسلي رقم الملف اسم ولقب المتهم الوضعية الجزائية للمتهم التهمة تاريخ أمر الإحالة تاريخ إرسال الملف إلى النيابة الإمضاء الملاحظات 

النيابة التحقيق


ويخصص هذا السجل لتقييد أوامر الحالة الصادرة من طرف قاضي التحقيق طبقا لنص المادة 164 من قانون الإجراءات الجزائية. 

ب‌- سجل أوامر  إرسال المستندات إلى النائب العام: 

الرقم التسلسلي رقم الملف اسم ولقب المتهم التهمة تاريخ أمر تاريخ تسليم الملف للنيابة  الإمضاء الملاحظات 

النيابة التحقيق



يسجل أمين الضبط في هذا السجل أوامر قاضي التحقيق بإرسال مستندات إلى النائب العام إذا تبين له وقائع القضية تكون جناية طبقا لنص المادة 166 قانون إجراءات جزائية. 

ث‌- سجل أوامر انتفاء وجه الدّعوى 

الرقم التسلسلي رقم الملف اسم المتهم التهمة تاريخ الأمر تاريخ إرسال الملف إلى النيابة توقيع النيابة الملاحظات 

النيابة التحقيق


تسجل في هذا السجل أوامر قاضي التحقيق التي تتعلق بانتفاء وجه الدّعوى الصادرة طبقا لنص المادة 163 قانون إجراءات جزائية. 

د- سجل الإخطارات بأوامر التصرف: 

رقم النيابة رقم التحقيق أسماء المتهمين أسماء الأطراف المبلغة طبيعة الجرم طبيعة أمر التصرف تاريخ صدور الأمر الأطراف المبلغة تاريخ الإخطار رقم الرسالة المضمنة 



تسجل فيه الإخطارات الموجهة للأطراف ومحاموهم بخصوص أوامر التصرف الصادرة عن قاضي التحقيق طبقا لنص المادة 168 من قانون الإجراءات الجزائية. 

خـــــاتمـــــة 

نظرا لأهمية هذا الموضوع المتعلق بأوامر التصرف التي يصدرها قاضي التحقيق والتي يجب أن تعطى عناية خاصة، وما تتضمنه من وقائع وأدلة ضد المتهم المتابع عن طريق التحقيق القضائي. 

حاولنا في هذا المبحث إعطاء نظرة ولو وجيزة على أوامر التصرف وماهيتها وشروطها الأساسية والآثار المترتبة عليها. 

وأوامر التصرف هي حوصلة ما توصل إليه قاضي التحقيق نتيجة تطبيق النصوص القانونية على الوقائع المتابع لها الشخص المتابع بها ومن ثم تبرز قدرة القاضي في حسن فهم هذه النصوص الإجرائية. 

وباعتبار أن التحقيق القضائي هو الإجراءات ومتى تمّ احترامها وفهمها وفق قاضي التحقيق في إصدارها. 

ويلاحظ أن استقلالية قاضي التحقيق منقوصة الشيء الذي ترك قضاة التحقيق في أغلب الأحيان لا يرفضون كل التماسات النيابة ومهما كان نوعها وإن كان العكس فإن كل أوامر قاضي التحقيق تستأنف من طرف وكلاء الجمهورية والمطالبة بمواصلة التحقيق وهو ما لا يخدم السير الحسن للعدالة والسرعة في الفصل في قضايا لا تتطلب وقتا كثيرا. 


قائــــمة المراجع والمصــــادر 

أولا: المراجع باللغة العربية 

الدكتور أحمد شوقي الشلقاني- مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري- الجزء الثاني الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 2003. 

الدكتور عبد الله أوهايبية- شرح قانون الإجراءات الجزائية- دار هومة 2004.

الدكتور مأمون سلامة-الإجراءات الجزائية- دار الفكر العربي. 

الدكتور رضا فرج –شرح قانون العقوبات الجزائري الأحكام العامة للجريمة- الطبعة الثانية سنة 1976. 

الأستاذ إبراهيم بلعيات –أوامر التحقيق المستأنفة أمام غرفة الاتهام مع اجتهاد المحكمة العليا- دار الهدى الجزائر 2004. 

الأستاذ محمد حزيط –مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري- دار هومة الطبعة الرابعة 2009. 

الأستاذ طاهري حسين –الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجزائية- دار الخلدونية للنشر والتوزيع الطبعة الثالثة 2005. 

الأستاذ جيلالي بغدادي –التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية- الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الأولى 1999. 

الأستاذ أحمد شوقي الشلقاني، مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري- الجزء الثاني، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 2003. 

الأستاذ حسن المرصفاوي أصول الإجراءات الجنائية. 

ثانيا: القوانين

الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو 1966، يتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم بالقانون 06- 22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 (ج ر 84 مؤرخة في 24-12-2006). 

الأمر رقم 66-156 مؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو 1966 يتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم. 

ثالثا: المجلات 

المجلة القضائية 

نشرة القضاة 

مقدمة01……………………………………………………………………………………………………… 

المبحث الأول :  أوامر التصرف لقاضي التحقيق03……………………………….

المطلب الأول: الأمر بانتفاء وجه الدّعوى العمومية04……………………………… 

الفرع الأول: تعريف الأمر بانتفاء وجه الدّعوى 04……………………………………………..

الفرع الثاني: الشروط الأساسية للأمر بانتفاء وجه الدّعوى06………………………………..

الفرع الثالث: الأسباب القانونية والموضوعية بالأوجه للمتابعة07……………………………. 

الفرع الرابع: أثر ظهور أدلة جديدة على الأمر بالأوجه للمتابعة11…………………….. 

الفرع الخامس: حجية الأمر بالأوجه للمتابعة 13……………………………………………….

المطلب الثاني: الأمر بالإحالة أمام محكمة الجنح والمخالفات 14…………………….

الفرع الأول: الأمر بالإحالة في التشريع الجزائري 16……………………………………………

الفرع الثاني: النتائج المترتبة على الأمر بالإحالة أمام 

محكمة الجنح والمخالفات18……………………………………………………………… 

الفرع الثالث: تبليغ الأمر بالإحالة 19………………………………………………………………..

الفرع الرابع: طبيعة الأمر بالإحالة والتعليق عليه 20………………………………………….

المطلب الثالث: الأمر بإرسال المستندات 21…………………………………………………

الفرع الأول: الأمر بإرسال المستندات في التشريع الجزائري22………………………………. 

الفرع الثاني: الشروط الأساسية في إرسال المستندات 23………………………………………

الفرع الثالث: تبليغ الأمر بالإرسال 24………………………………………………………………

الفرع الرابع: الأمر بالإرسال وتصفية الأوامر القصرية25………………………………………..

المطلب الرابع: شروط أوامر التصرف وآثارها 26………………………………………….

الفرع الأول: الشروط الواجب توافرها في أوامر التصرف 26…………………………………..

الفرع الثاني: آثار أوامر التصرف 28…………………………………………………………………..

المبحث الثاني: دور أمين الضبط في أوامر التصرف

الصادرة عن قاضي التحقيق 35……………………………………………..

المطلب الأول: تلقي الملفات وتقييدها 36…………………………………………………….

الفرع الأول: كيفية تلقي الملفات وتقييدها 37……………………………………………………..

الفرع الثاني: تقييد الملفات41…………………………………………………………………………..

المطب الثاني : حضور إجراءات التحقيق وتدوينها 

وتحرير محاضر بشأنها 42……………………………………………………….

الفرع الأول: حضور إجراءات التحقيق وتدوينها 42……………………………………………

الفرع الثاني: تحرير المحاضر بشأن إجراءات التحقيق45……………………………………… 

المطلب الثالث: تشكيل الملفات وتبليغ أوامر قاضي التحقيق47…………………….

الفرع الأول: تشكيل الملفات 48………………………………………………………………………….

الفرع الثاني: تبليغ أوامر قاضي التحقيق54…………………………………………………………… 

المطلب الرابع: مسك السجلات 55………………………………………………………….

الخاتمة 58……………………………………………………………………………..

الملاحق………………………………………………………………………….. 59

المراجع60…………………………………………………………………………………………………… 

الفهرس62………………………….…………………………………………………..

0 تعليق:

إرسال تعليق