المرجع: الفصول 2 و3 من ظهير الإجراءات الانتقالية (34/37/38/49/80 من قانون المسطرة الجنائية)
1- مدخل:
لقد أناط قانون المسطرة الجنائية بممثل النيابة العامة (الوكيل العام، وكيل الملك) إقامة وتحريك الدعوى العمومية وذلك إما تلقائيا أو استنادا إلى شكاية يرفعها كل شخص متضرر.
وعليه فإنه يباشر الإجراءات اللازمة بنفسه أو يأمر بمباشرتها. وانطلاقا من هاته المبادئ فإنه يستعين بضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة نفوذه بإصداره مجموعة من الأوامر تعرف بــ :"تعليمات النيابة العامة" توجه إليهم حيث يأمر بواسطتها الاستماع إلى الأطراف وشهودهم إن وجدوا أو إجراء المواجهات الضرورية وغيرها من الإجراءات المسطرية التي تهدف إلى تأكيد الادعاءات الواردة بالشكاية أو الوشاية أو نفيها، أو الاقتصار على إجراء أو إجراءين منها، كما يمكن أن تنصب هذه التعليمات على تبليغ حكم أو قرار قضائي أو إجراء بحث إداري ما(رد الاعتبار- المساعدة القضائية).
وترد تعليمات النيابة العامة عن طريق السلم الإداري لتحال إما على المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية أو مصالح الأمن العمومي المختصة ترابيا وذلك حسب نوع القضية، ويمكن أن تكون هذه التعليمات عادية أو سرية حسب خطورة الأفعال أو صفة الأطراف.
2- أنواع تعليمات النيابة العامة:
بالرجوع إلى مقتضى الفصول السابقة فإن وكيل الملك والوكيل العام كل فيما يخصه يقيم الدعوى العمومية في دائرة المحكمة المنتصب لديها وذلك إما بصفة تلقائية أو استنادا على شكاية ترفع إليه من طرف كل شخص متضرر، مما يفيد أن تعليمات النيابة العامة تنقسم إلى نوعين:
- تعليمات صادرة بمبادرة من الوكيل العام للملك أو وكيل الملك.
- تعليمات صادرة بناء على شكاية من شخص متضرر.
أ- تعليمات النيابة العامة الصادرة بمبادرة منها:
إن هذه التعليمات يوجهها وكيل الملك أو الوكيل العام تلقائيا بناء على ما يصل إلى علمهما من وشايات أو أخبار عن مخالفات للقانون الجنائي إلى ضباط الشرطة القضائية لإجراء الأبحاث اللازمة في موضوعها، وعلى الضباط المذكورين إيلائها الاهتمام الكامل والقيام بجميع ما يتطلبه الأمر من تحريات وأبحاث مع موافاة النيابة العامة بنتيجة هذا البحث بعد اكتماله إما في شكل محاضر منجزة أو تقارير.
ب- تعليمات النيابة العامة الصادرة بناء على شكاية:
في هذه الحالة يرفع الشخص المتضرر أو نائبه شكاية إلى وكيل الملك الذي يعمل فور توصله بها على توجيهها إلى ضابط الشرطة القضائية المختص مرفوقة بإرسالية يضمنها تعليماته بشأنها محددا الإجراءات الواجب القيام بها والتي يمكن أن تكون إجراءا أو إجراءين أو مجموعة إجراءات كتلقي تصريحات، القيام بمعاينات، إجراء المواجهات، المطالبة بوثائق تفيد البحث ... إلخ.
ت- إيقاف تعليمات النيابة العامة:
بإمكان النيابة العامة إيقاف التعليمات الصادرة إلى ضابط الشرطة القضائية بتعليمات لاحقة كإلغاء أمر صادر بإلقاء القبض في جرائم إهمال الأسرة بعد أداء الظنين للنفقة المحكوم عليه بها، أو بتقديمه مباشرة أمامها، والاستعاضة عنه بإحالة الملف لا غير، وبصفة عامة لظهور مستجدات تقتضي وقف التعليمات الصادرة سابقا.
3- الجانب الشرطي:
إن تعليمات النيابة العامة كما سبقت الإشارة إليها تكون في غالب الأحيان كتابية، ويبعث بها عن طريق السلم الإداري حيث تمر عبر مكتب الضبط التابع لكتابة رئيس الأمن الإقليمي الذي يتولى:
تسجيلها بسجل الضبط العادي أو السري (حسب طبيعة الإرسال).
توجيهها إما إلى مصلحة الشرطة القضائية أو الأمن العمومي (دائرة الشرطة) حسب طبيعة القضية.
وحينما تتوصل مصلحة الأمن العمومي بالتعليمات وبعد دراستها تحال على دائرة الشرطة المختصة ترابيا، وبمجرد توصل عميد الشرطة رئيس الدائرة بالشكاية:
- يتم تسجيلها بسجل الضبط العادي أو السري.
- يقوم بدراستها.
- يكلف أحد مساعديه باستدعاء الشاكي ومباشرة البحث وتنفيذ ما جاء فيها وذلك تحت إشرافه وتوجيهه (قد يتولى الأمر بنفسه إذا كانت تكتسي صبغة خاصة).
- تلقي أقوال الشاكي في محضر قانوني.
- استدعاء باقي الأطراف واستكمال البحث معهم في حدود التعليمات الصادرة إليه.
- الاستماع إلى الشهود إن وجدوا.
- القيام بأي إجراء أو تحر يفيد البحث ويوصل إلى الحقيقة.
بعد إتمام التحريات وتجهيز الملف تعاد المسطرة إلى مصدرها (وكيل الملك) إما بتقديم الطرف المشتكى به إذا ما نصت التعليمات على ذلك، أ والإحالة بنفس الطريقة التي وردت بها التعليمات عن طريق السلم الإداري.
وفي بعض الأحيان تتولى مجموعة من دوائر الشرطة تنفيذ تعليمات متعلقة بشكاية واحدة وذلك حينما يكون أطراف الشكاية يقطنون تحت نفوذ هذه الدوائر.
وما تجب الإشارة إليه هو أنه إذا تم تقديم أطراف الملف مباشرة أمام النيابة العامة فإن عميد الشرطة رئيس الدائرة يقوم بتحرير إرسالية يبين فيها ذلك الإجراء ويحيلها عبر السلم الإداري حتى يتسنى لمكاتب الضبط إخراج الملف ببيان ذلك في الخانات المخصصة بسجلات الضبط.
كما تجب الإشارة أيضا إلى أنه لا فرق بين الشكايات والوشايات التي تحال على مصلحة الشرطة على شكل تعليمات للنيابة العامة أو تلك التي تسجل مباشرة أمام ضباط الشرطة القضائية وبالتالي فإنها تنال نفس الاهتمام والعناية.