جرائم العنف
القتل العمد
النص القانوني
هو الفصل 392 من المجموعة الجنائية و ينص علي ما يلي :
" كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا و يعاقب بالسجن المؤبد ..."
تعريف
القتل العمد هو إزهاق روح إنسان عمدا بغير حق بفعل إنسان آخر مهما كانت الوسيلة المستعملة .
مثال ذلك : خنق الضحية باليد,طعنها بسكين ,إطلاق عيار ناري عليها ...إلخ .
العناصر التكوينية :
لكي تتحقق جريمة القتل العمد يجب أن يتوفر كل من العنصرين التاليين:
أولا : العنصر المادي :
ويتمثل في :
1- وقوع فعل القتل على إنسان على قيد الحياة
2- حصول نتيجة إجرامية من هذا الفعل أي إزهاق روح هذا الإنسان
3- وجود علاقة سببية بين فعل الفاعل و موت الضحية .
ويقصد بالعلاقة السببية ارتباط النتيجة الإجرامية بفعل الجاني ارتباطا مباشرا ووثيقا.
ثانيا : العنصر المعنوي :
العنصر المعنوي في جريمة القتل العمد هو القصد الجنائي أي انصراف إرادة الجاني بصورة حرة إلى ارتكاب جريمة القتل وهو عالم بالفعل الذي يصدر عنه.
العقوبة :
العقوبة المقررة لجريمة القتل العمدي في صورته البسيطة هي السجن المؤبد.
الظروف المشددة في القتل العمد :
شدد المشرع المغربي عقوبة القتل العمد فرفعها إلى الإعدام في حالة ما إذا اقترن القتل بواحد من الظروف التالية :
1) اقتران القتل بجناية ( الفصل 392 )
2) ارتباط القتل بجناية أو جنحة ( الفصل 392 )
3) سبق الإصرار ( الفصل 393 )
4) الترصد ( الفصل 393 )
5) قتل الأصول ( الفصل 393 )
6) القتل عن طريق التسميم إذا حدثت عنه الوفاة ( الفصل 398 )
7) القتل عن طريق التعذيب أو الأعمال الوحشية ( الفصل 399 )
8) قتل الذين يقل سنهم عن 12 سنة بالضرب أو الجرح أو العنف أو الإيذاء أو بتعمد حرمانهم من التغذية أو العناية ( الفصل 410 الفقرة الأخيرة )
9) القتل الناشئ عن جناية الخطأ ( الفصل 412 )
10) القتل الناشئ عن الإحراق العمدي وأعمال التخريب ( الفصول 584 و585 و 588 و الفصل 9 من ظهير 12 ماي 1961 بشأن المحافظة على السكك الحديدية وأمنها.
غير أننا سنكتفي بعرض موجز لظروف التشديد الخمسة الأولى وهي اقتران القتل بجناية أو ارتباطه بجناية أو جنحة أو ارتكابه مع سبق الإصرار والترصد وقتل الأصول.
1- اقتران القتل العمد بجناية :
نص المشرع في الفصل 392 الفقرة 2 على أنه يعاقب على القتل بالإعدام إذا سبقته أو صحبته أو أعقبته جناية أخرى .
المقصود بالاقتران :
هو المصاحبة الزمنية بين وقوع القتل وارتكاب جناية أخرى قبله أو بعده أو أثناءه ومادام النص يشترط اقتران القتل العمد بجناية أخرى فقد وجب أن تكون هذه الجناية مستقلة على القتل العمد في جميع أركانها, ومعاقب عليها وسواء كانت تامة أم مجرد محاولة, فلو ارتكبت جناية خطف قاصر المنصوص عليها في الفصل 471 ثم قتل عمدا, فالجاني تشدد عقوبته إلى الإعدام لأن خطف القاصر يصبح بالنسبة للقتل ظرفا مشددا.
مثال آخر: الزوج الذي يقتل زوجته وشريكها عند مفاجئتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية أو يقتل أحدهما ويلحق بالآخر عاهة مستديمة يعتبر مرتكبا للقتل العمد مقترنا بجناية أخرى, إلا أن القاضي في هذه الحالة يراعي الظرف المشدد ثم العذر المخفف. وبناء على ذلك ينزل بعقوبة الإعدام إلى الحبس من سنة إلى 5 سنوات
( الفصل 423) .
تأثير ظرف الاقتران على المساهمين والمشاركين :
العقوبة المشددة بسبب الاقتران تطبق على:
- من ساهم أو شارك في الجنايتين معا
- من ساهم في إحداهما وشارك في الأخرى
- من ساهم أو اشترك في القتل العمد وحده .
أما من ساهم أو اشترك في الجناية الأخرى وحدها فيخضع لعقوبة هذه الجناية وحدها لا غير , ولا تسري عليه عقوبة القتل العمد المرفق بظرف التشديد لأنه لم يساهم ولم يشارك في هذا القتل.
2- ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة :
نص الفصل 392 الفقرة الأخيرة على أن القتل عمدا يعاقب بالإعدام أيضا إذا كان الغرض منه إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل ارتكابها أو إتمام تنفيذها أو تسهيل قرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة .
وواضح من النص أن القاتل يرتكب القتل العمد أولا للتمهيد لارتكاب جناية أو جنحة.
ومثال الإعداد والتحضير لارتكاب جناية أو جنحة : السجين الذي يقتل الحارس إعدادا لجنحة الفرار.
أما تسهيل ارتكاب الجناية أو الجنحة فالفاعل يكون مرحلة لم يدخل بعد معها في مباشرة التفنيد.
وإتمام التنفيذ يعني أن الفاعل باشر التنفيذ لكنه تعثر فلم ير بدا مي القتل لإنجاز جريمته كما لو كان يسرق شخصا فقاومه فقتله ثم سرقه.
وتسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة مثالها : شخص يقتل شرطيا لتسهيل فرار آخر الذي ارتكب جناية أو جنحة وقبض عليه الشرطي.
أما تخليصهم من العقوبة فيكون على الأغلب بطمس معالم الجريمة كقتل الشاهد الوحيد في إثبات الجناية أو الجنحة .
3- سبق الإصرار :
عرف الفصل 394 سبق الإصرار بأنه :
" العزم المصمم عليه, قبل وقوع الجريمة , على الاعتداء على شخص معين,أو على أي شخص قد يوجد أو يصادف,حتى ولو كان هذا العزم معلقا على ظرف أو شرط "
والعزم المصمم عليه يستوجب اتخاذ قرار القتل من طرف الجاني وهو في هدوء وروية وتفكير ويصمم على تنفيذ مخططه الإجرامي فيلازمه هذا التصميم إلى حين تنفيذ الجريمة , وبناء على هذا فسبق الإصرار يستلزم توافر عنصرين:
أ- عنصر زمني: وهو وجود فاصل زمني بين عزم الجاني وتقريره ارتكاب القتل العمد وبين التنفيذ الفعلي للقتل.
ب- عنصر نفسي: يتمثل في استعادة الجاني لتفكيره الهادئ -بعد العزم المصمم عليه- وتقدير عواقب تصرفه قبل الشروع في تنفيذ الفعل .
والعزم كما ينص على ذلك المشرع قد يكون معلقا على ظرف أو شرط.
مثال الأول : من يوطد العزم على قتل خليلته إذا ما تحقق له أنها تخدعه مع ما سواه.
ومثال الثاني : من يصمم العزم على قتل منافسه في الانتخابات إذا أعلن فوزه فيها أو إذا اقترب الضحية من داره.
تأثير سبق الإصرار على المشاركين و المساهمين :
إن ظرف سبق الإصرار – كحالة الارتباط السالفة – من الظروف الشخصية, والظروف الشخصية لا تسري إلا على من توفرت فيه من المساهمين والمشاركين طبقا للفقرة 2 من الفصل 130 .
الضرب والجرح العمديين
النصوص القانونية:
الفصول : 400 و401 و402 و403 و404 و408 و409 و410 و411 من المجموعة الجنائية المغربية.
تعريف:
الضرب أو الجرح هما فعل الاعتداء على جسم الإنسان بأية وسيلة كانت.ويدخلان ضمن مفهوم الإيذاء. لكن ما هو المقصود بفعل الضرب والجرح؟ وماذا يميزهما عن فعل العنف أو الإيذاء الذي تحدث عنه المشرع؟.
1-الضرب:
هو كل ضغط أو صفع أو رض أو دفع أو احتكاك بجسم المجني عليه سواء ترك به أثرا (احمرار في الجلد أو تورم أو زرقة أو لم يترك شيئا.).
2-الجرح:
وهو كل فعل يترك أثرا بجسم المجني عليه ظاهريا كان أو باطنيا كقطع الأنسجة أو حصول وخز أو تسلخ أو كدم أو حرق أو كسر في العظام.
3-العنف:
هو المساس بالضحية عن طريق استعمال القوة دون ضرب أو جرح.
مثال ذلك: قطع الشعر بالقوة, إمساك الضحية من جسمه أو ملابسه, أو تغيير اتجاه دابته بالقوة, أو قذف الماء على وجهه.
4-الإيذاء:
هو مفهوم عام يشمل كلا من الضرب والجرح والعنف ويدل كل فعل يلحق ضررا بجسم الإنسان أو صحته.
العناصر التكوينية:
لكي يتحقق وجود جريمة الضرب أو الجرح لابد من توافر العنصرين التاليين:
الركن المادي:
ويتمثل في فعل الضرب أو الجرح سواء ترك أثرا على الضحية أو لم يترك شيئا, وسواء أدى إلى عجز عن الأشغال الشخصية أو إلى عاهة دائمة أو موت دون نية إحداثه أو لم يؤد إلى شيء من هذا القبيل.
مثال: لطمة واحدة بالكف, كسر ساق الضحية بالعصا, قطع عضو من أعضاء جسمه بالمدية, رميه بالحجارة أو بأية وسيلة أخرى.
الركن المعنوي:
ويتحقق بانصراف إرادة الفاعل إلى القيام بضرب الغير أو جرحه وهو عالم بالنشاط الذي يصدر عنه.
العقوبة:
يعاقب على الضرب البسيط أو الجرح العادي بعقوبة الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 200 درهم إلى خمسمائة درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط(الفصل 400 الفقرة 1 ).
الظروف المشددة في الضرب والجرح:
تشدد العقوبة تبعا للظروف التالية:
*نتيجة الضرر الحاصل:
- حصول عجز عن الأشغال الشخصية لمدة تزيد عن 20 يوما.
- فقد عضو أو بتره أو الحرمان من منفعته أو عمى أو عور أو أي عاهة
دائمة أخرى .
- حدوث موت الضحية دون نية قتله.
*نتيجة خطورة الفاعل:
-سبق الإصرار
-أو الترصد
*نتيجة الوسيلة المستعملة في الفعل:
-استعمال السلاح.
*نتيجة الصفة التي يحملها المجني عليه:
-أحد الأصول.
-طفل عمره أقل من 12 سنة –موظف عمومي(الفصل 267 ).
*نتيجة الصفة التي يحملها الفاعل:
-موظف عمومي
-أصول الطفل
-أو شخص له سلطة عليه
-أو مكلف برعايته.
الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر
النص القانوني:
هو الفصل 431ق.ج الذي ينص على ما يلي :
"من أمسك عمدا عن تقديم مساعدة لشخص في خطر رغم انه كان يستطيع إن يقدم تلك المساعدة إما بتدخله الشخصي وإما بطلب الإغاثة دون تعريض نفسه أو غيره لأي خطر يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر إلى خمس سنوات و غرامة من 200 درهم إلى 1000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".
العناصر التكوينية:
أولا: العنصر المادي:
يتمثل في :
1- فعل الإمساك عن تقديم مساعدة لشخص في خطر لازال على قيد الحياة
وهذا الخطر قد يكون مثلا فيضانا أو غرقا أو حريقا أو صعقا أو اختناقا أو إصابة أو مرضا مفاجئا أو محاولة قتل...الخ.
2-قدرة المتدخل على نجدة المستغيث إما بتدخله المباشر(كفك الحبل عن رقبة الذي يحاول الانتحار، أو مد قضيب أو عصا ليمسك بها غريق، أو تقديم الإسعافات الأولية لمصاب بجريح) وإما بطلب الإغاثة سواء من الجمهور أو من السلطات المحلية و الاستعانة بذوي المهارات.
3-كون هذا التدخل السريع والفوري لا يعرض نفسه ولا نفس غيره لأي خطر.وهكذا لا يفرض على من يجهل السباحة أن يقذف بنفسه في الماء لينقذ الشخص المعرض للغرق:
ثانيا:العنصر المعنوي:
وهو توفر القصد الجنائي لدى الشخص الممتنع عن تقديم المساعدة.
العقوبة:
عاقب المشرع على من يمتنع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر بالحبس من ثلاثة اشهر إلى خمس سنوات وغرامة من 200درهم إلى 1000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
بقي أن نشير إلى أن المحاولة غير معاقب عليها باعتبار أن هذه الجريمة جنحة.
وجدير بالذكر أن هذه الجريمة موضوع دراستنا تختلف عن جريمة عدم التدخل للحيلولة دون وقوع الجريمة المنصوص عليها في الفصل 430 ق.ج في النقط التالية:
-يشترط الفصل431 ق.ج أن يكون هناك خطر داهم لا مفر منه في حين أن الفصل 430 لا ينص على هذا الخطر.
-بالنسبة للفصل 431 ق.ج يمكن التدخل لاتقاد شخص في خطر وقد يتم حتى بطلب الاستغاثة بينما الفصل 430 ق.ج يوجب ضرورة التدخل الشخصي الفوري والمباشر لمنع وقوع فعل وشيك الوقوع يعد جناية,أو الحيلولة دون ارتكاب جنحة تمس السلامة البدنية للأشخاص (العنف العمدي مثلا).
التـهـديـد
التعريف
هو عمل من أعمال العنف المعنوي ويتمثل في توعد شخص بسوء إما بأقوال أو بمكتوبات مجهولة، أو بصور أو رموز أو علامات، وتعاقب المدونة الجنائية عن التهديدات في الفصول 425 إلى429، ويمكن أن تكون التهديدات بسيطة أو مقرونة بأوامر أو شروط.
التهديدات البسيطة:
هي التهديدات التي تتوعد شخصا معينا بالسوء فقط دون أن تكون مقرونة لا بأوامر ولا بشروط مثال: سأحرق منزلك أو سأقتلك، فهذه التهديدات تعاقب إذا ما توفرت فيها الأركان التالية:
- أن تكون التهديدات مقصودة.
- أن يكون موضوعها جناية ضد الأشخاص أو الأموال.
- أن يكون مجسما أو مكتوبا.
التهديدات المقرونة بأوامر أو شروط:
يقترن هذا النوع من التهديدات إما بأوامر، ومثال ذلك الأمر بوضع مبلغ مالي في مكان معين. وإما بشروط ومثال ذلك: سأقتلك إن لم تزوجني ابنتك
يتجلى مما سبق أن القانون يعاقب على هذه التهديدات بقسوة شريطة أن تتوفر فيها الشروط التالية:
- أن تكون مقصودة.
- أن تشمل التهديدات جميع الجرائم ضد الأشخاص أو الأموال.
- أن تكون شفهية أو كتابية.
المشاجرة
الفصل405:"من ساهم في مشاجرة أو عصيان أو تجمع ثوري ارتكب أثناءه عنف أفضى إلى موت, طبق الشروط المشار إليها في الفصل 403,يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس، ما لم يستحق عقوبة أشد باعتباره مرتكبا للعنف ".
يتصل هذا الفصل بالفصل 302الذي يعاقب على العصيان وبالفصلين 20و21من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 377ـ58ـ1 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1378(15 نونبر 1958) المتعلق بالتجمعات العمومية .والتجمعات التي يقصدها هذا الفصل هي التي يكون الغرض منها هو المس بالنظام العام وارتكاب جرائم باستغلال كون مثل هذه التجمعات تساعد على بقاء الفاعل مجهول.
وتشكل هذه الفقرة حالة من الحالات التي توجد فيها مسؤولية جماعية بين المساهمين في المشاجرة والعصيان أو التجمع الثوري.
والعناصر التكوينية هي:
(1مساهمة الفاعل في مشاجرة أو عصيان أو تجمع ثوري .
(2فعل مادي هو ارتكاب عنف أفضى إلى موت شخص أثناء هذه التظاهرة, ولا تمنع الإشارة إلى الفصل المتعلق بالضرب والجرح
المؤديين إلى الموت دون نية القتل, من المتابعة من اجل القتل العمد
إذا كان القتل مقصودا.
3)النية الجرمية.
وإذا كان المساهم في التجمع أو المشاجرة أو العصيان هو نفسه فاعلا أصليا أو مساهما في هذا العنف ,فيجب أن يتابع بناء على الفصل 403.ونكون حينئذ أمام حالة من حالا ت اجتماع الجرائم ,ولكن العقوبة التي تطبق هي العقوبة التي الجنائية الأشد.
ويضيف الفصل في فقرته الثانية :
-"أما الرؤساء والمنظمون والمدبرون والمحرضون على المشاجرة أو العصيان أو التجمع الثوري فإنهم يعاقبون كما لو كانوا هم الذين ارتكبوا أفعال العنف المشار إليها."
أما تحديد هؤلاء الأشخاص، فهو مسألة واقع ترك أمرها لقضاء الموضوع، وينشئ هذا الفصل نوعا من التضامن بين الرؤساء والمنظمين والمدبرين والمحرضين وبين مرتكبي الجنايات التي وقعت أثناء التجمع.
والعناصر التكوينية هي :
1) كون الفاعل رئيسا أو منظما أو مدبرا أو محرضا.
2) أن يتعلق الأمر بمشاجرة أو عصيان أو تجمع ثوري .
3) أن ترتكب خلال المشاجرة أو العصيان أو التجمع إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 403.
4) النية الجرمية .
وليست هذه الفقرة ظرفا مشددا للجنحة المنصوص عليها في الفقرة الأولى وإنما هي أحد العناصر المكونة لجناية .
الفصل 406:"من ساهم في مشاجرة أو عصيان أو تجمع ثوري وقع أثناءه ضرب أو جرح، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، ما لم يستحق عقوبة أشد باعتباره مرتكبا لهذا العنف ".
إن العناصر التكوينية هنا هي نفس العناصر المكونة للفصل 40,مع الفرق الكامن في أن الفعل المرتكب يجب أن يكون فقط ضربا أو جرحا مهما كانت خطورته، وأن لا ينتج عنه موت شخص .
وتنص الفقرة الثانية من الفصل 406 على ما يلي:
"أما الرؤساء والمنظمون والمدبرون والمحرضون على المشاجرة أو العصيان أو التجمع الثوري فإنهم يعاقبون كما لو كانوا هم الذين ارتكبوا أفعال العنف المشار إليها."
وهكذا فإذا أصيب شخص أثناء التجمع الثوري بفقد عضو حسبما هو منصوص عليه في الفصل 402، فإن مدبر التجمع يتعرض لعقوبة جنائية هي السجن من خمس إلى عشر سنوات .
الجرائم المرتكبة ضد الموظف العمومي
الإيذاء أو العنف ضد الموظف العمومي
عاقب الفصل 267 من القانون الجنائي على العنف والإيذاء الذي يرتكب ضد الموظف العمومي بقوله: " يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين من ارتكب عنفا أو إيذاء ضد أحد رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها."
وإذا ترتب عن العنف إراقة دم أو جرح أو مرض, أو إذا أرتكب مع سبق الإصرار أو الترصد, أو أرتكب ضد أحد رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين بالمحكمة أثناء الجلسة, فإن الحبس يكون من سنتين إلى خمس سنوات.
فإذا ترتب عن العنف قلع أو بتر أو حرمان من استعمال عضو أو عمى أو عور أو أية عاهة مستديمة, فإن العقوبة تكون السجن من عشر إلى عشرين سنة.
وإذا ترتب عن العنف موت دون نية إحداثه, فإن العقوبة تكون السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة.
وإذا ترتب عن العنف موت مع توفر نية إحداثه, فإن العقوبة تكون الإعدام.
وعلاوة على ذلك يجوز بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحبس, الحكم بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات.
العناصر التكوينية للجريمة:
العنصر المادي:
ويتمثل فيما يلي:
1)استعمال العنف أو الإيذاء بجميع أشكالها.
2)أن ينصب العنف أو الإيذاء على أحد رجال القضاء أو الموظف العمومي أو رؤساء أو رجال القوة العامة.
3)أن يقع الإيذاء أو العنف أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها.
العنصر المعنوي:
ويتمثل في ارتكاب الفاعل للعنف أو الإيذاء ضد الموظف العمومي أو ضد من ذكر في الفصل 267 ق.ج وذلك عن قصد وعمد منه.
عقوبة العنف أو الإيذاء ضد الموظف:
الأصل في هذه الجريمة أنها جنحة يعاقب عليها بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين (الفصل 267/1 ق.ج).
لكن العقوبة ترفع إلى الحبس من سنتين إلى خمس سنوات إذا ترتب عن العنف أو الإيذاء إراقة دم أو جرح أو مرض أو ارتكب مع سبق الإصرار والترصد أو ارتكب ضد أحد رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين بالمحكمة أثناء الجلسة (الفصل 267/2 ق.ج) حيث تضل العقوبة حبسية فقط.
لكن هذه الجنحة تتحول إلى جناية و يعاقب عليها بعقوبة السجن من عشر إلى عشرين سنة إذا ترتب عن العنف قلع أو بتر أو حرمان من استعمال عضو أو عمى أو عور أو أية عاهة مستديمة (الفصل 267/3 ق.ج).
أما إذا ترتب عن العنف أو الإيذاء موت دون نية إحداثه فإن العقوبة هي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة (الفصل 267/4 ق.ج).
أما إذا كان الموت قد نتج عن العنف مع توفر نية إحداث الموت فالعقوبة هي الإعدام (الفصل 267/5 ق.ج).
هذا ويجوز للمحكمة أن تحكم بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحبس.
جريمة العصيان
نص الفصل 300 من القانون الجنائي على ما يلي: " كل هجوم أو مقاومة بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الأوامر والقرارات الصادرة عن تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو النظم أو أحكام القضاء أو الأوامر القضائية يعتبر عصيانا, والتهديد بالعنف يعتبر مماثلا للعنف نفسه."
العناصر التكوينية لجريمة العصيان:
العنصر المادي:
ويتكون من العناصر التالية:
1. فعل الهجوم أو المقاومة بالعنف أو الإيذاء أو التهديد بالعنف, ويعتبر، مرتكبا لجريمة العصيان كذلك كل من حرض عليه سواء بخطب ألقيت في أماكن أو اجتماعات عامة أو بواسطة ملصقات أو إعلانات أو منشورات أو كتابات (الفصل 304 ق.ج).
2. ارتكاب هذا العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة.
3. كون الضحية كان يقوم بتنفيذ أوامر وقرارات السلطة العامة أو بتنفيذ أنظمة أو قرارات أو أحكام القضاء أو الأوامر القضائية.
العنصر المعنوي:
وهو القصد الجنائي الذي يتحقق بقيام الفاعل بمقاومة عمدية بالعنف أو الإيذاء ضد موظف أو ممثل سلطة عامة مع علمه بصفة هذا الموظف وكون هذا الأخير يقوم بتنفيذ أوامر السلطة العامة.
العقوبة:
تختلف عقوبة جريمة العصيان باختلاف عدد المرتكبين للعصيان وكذا باستعمال السلاح أو عدم استعماله.
فالعصيان البسيط المرتكب من شخص أو شخصين بدون استعمال سلاح يعاقب عليه بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 60 إلى 100 درهم. فإذا استعمل السلاح
فالعقوبة هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة من 100 إلى 500 درهم (الفصل 301/1 ق.ج).
لكن العصيان الذي يرتكب من طرف أكثر من شخصين مجتمعين يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاثة سنوات وغرامة من 200 إلى 1000 درهم (الفصل 301/2 ق.ج).أما إذا كان في الاجتماع أكثر من شخصين يحملون أسلحة ظاهرة فالعقوبة هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من 100 إلى 1000 درهم (الفصل 302/2 ق.ج).أما إذا وجد أحد الأشخاص حاملا لسلاح غير ظاهر فتطبق عليه العقوبة السابقة لوحده.
وزيادة على العقوبات السابقة فيجوز الحكم على المرخصين أو المتزعمين للعصيان بالمنع من الإقامة لمدة ما بين خمس وعشر سنوات (الفصل 305 ق.ج).
وقد نص الفصل 306 ق.ج على عذر قانوني معف من العقاب على العصيان, حيث يعفى من العقاب كل من ساهم في تجمع دون أن يقوم فيه بعمل أو وظيفة لكنه انسحب منه عند أول إنذار من السلطة العامة.
أما الفصل 307 ق.ج فقد عاقب على العصيان المرتكب من شخص أو أكثر محبوسين بجريمة أخرى, حيث تنفذ عليهم عقوبة العصيان كما تنفذ عليهم العقوبة المحكوم بها من أجل الجريمة المحبوسين بسبها, وهذا استثناء من الفصل 120 ق.ج و(الفصل 307/1 ق.ج). وفي حلة الحكم بالبراءة أو عدم المتابعة أو الإعفاء من أجل الجريمة الأصلية فإن مدة الحبس الاحتياطي لا تخصم من مدة عقوبة العصيان (الفصل 307/2 ق.ج).
أما الفصل 308 ق.ج فقد عاقب في فقرته الأولى بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 120 درهما ولا تتجاوز ربع مبلغ التعويضات, كل من قام بتنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة أو صرحت بها, وإما إذا كان التعرض على هذه الأشغال بواسطة التجمهر أو التهديد أو العنف فإن العقوبة هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة المشار أليها سابقا.
أما محاولة العصيان فغير معاقب عليها لعدم وجود نص خاص بذلك.
الإهانة
لم يعرف المشرع المغربي الإهانة لكنه ذكر الوسائل التي تتحقق بها هذه الجريمة وذلك حماية للموظفين العموميين من تعسفات الأفراد, حيث نص الفصل 263 ق.ج على ما يلي:
" يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 250 إلى 5000 درهم من أهان أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها, بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها أو بكتابة أو رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم.
وإذا وقعت الإهانة على واحد أو أكثر من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين في محكمة, أثناء الجلسة, فإن الحبس يكون من سنة إلى سنتين.
وفي جميع الأحوال, يجوز لمحكمة القضاء, علاوة ذلك, أن تأمر بنشر حكمها وإعلانه بالطريقة التي تحددها على نفقة المحكوم عليه, بشرط ألا تتجاوز هذه النفقات الحد الأقصى للغرامة المقررة في الفقرة الأولى".
أولا: العناصر المكونة للجريمة:
وهي أربعة:
العنصر المادي المتمثل في الإهانة:
وهذا الفعل يتحقق بالوسائل المذكورة في الفصل 263 ق.ج وهي:
الإهانة بالأقوال: وهي إصدار أصوات تسمعها الآذان, وبما أن الأمر لا يتعلق بجريمة تتطلب الإشهار, فلا حاجة إلى التفوه بالإهانة إذ يبدو أن يتحقق ذلك أيضا بحدة لهجة الحديث.
الإهانة بالإشارات: وهي كل حركة بأحد أطراف الجسد أو كله تعبر عن الاحتقار والاستخفاف بالشخص الموجه إليه وهي تختلف عن الاعتداء لكونها لا تصل إلى الجسد, وهكذا فإن البصق الموجه لشخص يعتبر عنفا, لكن يجب التمييز بين انعدام الآداب أو الاحترام وبين الإشارات المهينة.
الإهانة بالتهديدات: إذا وقع التهديد بالكتابة فإنه يخضع لمقتضيات الفصول 425 الى429 من ق.ج,أما إذا كان مصحوبا بأمر أو شرط فيخضع للفصول 426
و427 ق.ج. حيث نص الفصل 427 من ق.ج على التهديد الشفاهي المصحوب بأمر أو المعلق على شرط.
الإهانة بإرسال أو وضع أشياء معينة: هذه الوسيلة تتضمن على الخصوص إرسال ثوابيت صغيرة أو حجر أو جثة حيوان ... الخ.
الإهانة بالكتابة: وتؤخذ الكتابة هنا بمفهومها الواسع حيث تشمل أية رسالة كيفما كانت طريقة كتابتها حتى ولو كانت على شكل أسطوانة أو شريط مسجل.
الإهانة بالرسوم: وتتضمن جميع الرسوم وكذا النقوش والصور والرموز, والمشرع نص على الإهانة بكتابة أو رسوم غير علنية علما أن الإهانة بكتابة أو رسم علني تشكل جنحة معاقب عليها بمقتضى الفصل 44 وما يليه من ظهير 15/11/1958 (قانون الصحافة).
وتتحقق الإهانة أيضا عند قيام شخص بتبليغ السلطات العامة عن وقوع جريمة يعلم بعدم وقوعها أو بتقديم أدلة زائفة متعلقة بجريمة خيالية أو التصريح لدى السلطات القضائية بارتكابه جريمة لم يرتكبها ولم يساهم فيها (الفصل 264 من ق.ج).
صفة الضحية:
حيث يشترط المشرع أن تكون الضحية من بين الأشخاص الذين هدف المشرع إلى حمايتهم وهم:
- رجال القضاء.
- الموظفون العموميين (أنظر مفهوم الموظف في الفصل 224 من ق.ج).
- رؤساء القوة العمومية.
- رجال القوة العمومية.
كما أن الضحية هنا بطبيعة الحال يجب أن تتعرض للإهانة أثناء مزاولتها لمهامها أو بسبب مزاولتها.
3. أن يكون القصد من الإهانة هو المساس بشرف الموظف العمومي أو بشعوره أو بالاحترام الواجب لسلطته.
العنصر المعنوي:
وهي النية الإجرامية لدى الفاعل وإقدامه على توجيهها, وتتحقق هذه النية بمجرد أن يهدف الفاعل إلى المساس بشرف الموظف العمومي مع علمه أنه يحمل إحدى الصفات المذكورة في الفصل 263 من ق.ج.
العقوبة:
تعاقب الإهانة العادية بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 250 إلى 5000 درهم (الفصل 263/1) من ق.ج وتطبق نفس العقوبة على إهانة الهيئات المنظمة (الفصل 265 من ق.ج). كما تطبق نفس العقوبة أيضا على مرتكبي الأفعال أو الأقوال أو الكتابات العلنية الرامية إلى التأثير على قرارات القضاة قبل صدور الحكم الغير القابل للطعن في قضية ما, أو تلك الرامية إلى تحقير المقررات القضائية والتي من شأنها المساس بسلطة القضاء أو استقلاله (الفصل 263 ق.ج).
لكن المشرع شدد العقوبة إلى الحبس من سنة إلى سنتين إذا وقعت الإهانة على أحد رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين في المحكمة أثناء الجلسة (الفصل 263/2 ق.ج).
كما يجوز للمحكمة في جميع الأحوال أن تحكم بنشر حكمها و إعلانه بالطريقة التي تحددها على نفقة المحكوم عليه شرط ألا تتجاوز النفقات مبلغ الحد الأقصى(5000 درهم)للغرامة المقررة في الفصل (263/3 ق.ج).
أما محاولة الإهانة فلا عقاب عليها لعدم وجود نص خاص يعاقب عليها,على اعتبارها جنحة فقط.
الجرائم المرتكبة من طرف الموظف العمومي
جريمة الاعتقال التحكمي
تدخل جريمة الإيقاف أو الاعتقال التحكمي في باب شطط الموظفين في استعمال سلطتهم إزاء الأفراد، ذلك أن هذه الجريمة تمس بالحرية الشخصية للمواطن وان الموظف العمومي مكلف بحمايتها لكون هذه الحرية محمية دستوريا في الفصل العاشر من الدستور المغربي الذي ينص على أنه "لا يلقى القبض على أحد ولا يعاقب إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون."
وطبقا لهذا المبدأ الدستوري فقد عمل المشرع المغربي على حماية هذه الحرية الشخصية وعاقب على المساس بها في الفصل 255 من ق.ج بقوله :
" كل قاض، أو موظف عمومي، أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عملا تحكميا، ماسا بالحريات الشخصية أو الحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية.
لكن إذا أثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه في مادة تدخل في نطاق اختصاصاتهم ويوجب عليه طاعتهم، فإنه يتمتع بعذر معف من العقاب، وفي هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدر الأمر وحده.
وإذا كان العمل التحكمي أو المساس بالحرية الفردية قد ارتكب أو أمر به لغرض ذاتي أو بقصد إرضاء أهواء شخصية، طبقت العقوبة المقررة في الفصول 436 إلى 440."
العناصر التكوينية للجريمة
يتبين من خلال مضمون الفصل 225 من ق.ج. أعلاه أن هذه الجريمة تتطلب عنصرين لتحققهما وهي:
العنصر المادي :
ويتجلى في:
1- فعل مادي يتمثل في إعطاء الأمر أو مباشرة عمل تحكمي ماس بالحرية الشخصية أو الحقوق الوطنية للفرد، وذلك كاعتقال شخصي بدون مبرر قانوني أو منعه من حق التجول و الاستقرار أو التصويت أو الترشيح أو حرمانه من الوظائف العامة أو حرية الاجتماع وتأسيس الجمعيات...الخ.
أما الاعتقال التحكمي فهو احتجاز شخص داخل مؤسسة أو مكان مخصص لذلك أو أي مكان آخر لفترة زمنية وذلك خارج الحالات المنصوص عليها قانونا أو بدون أمر السلطة العامة.
2- كون الفاعل قاضي أو موظف عمومي أو ممثل السلطة أو القوة العامة، ويباشر هذا العمل التحكمي أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها.
ومفهوم الموظف العمومي حدده الفصل 224 من ق.ج بقوله :
" يعد موظفا عموميا، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي، كل شخص كيفما كانت صفته، يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة، أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية، أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام.
وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته، إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها."
أما إذا ارتكب هذا العمل التحكمي من طرف الأشخاص العاديين فيخضع لأحكام الفصول من 436 إلى 440 من ق.ج.
العنصر المعنوي:
وهو القصد الجنائي أي اتجاه إرادة الفاعل إلى اعتقال الشخص وحرمانه من حريته بدون حق أو حرمانه من ممارسة حقوقه الوطنية.
العقوبة:
عقوبة العمل التحكمي هي التجريد من الحقوق الوطنية وهي عقوبة جنائية نظرا لخطورة هذا العمل التحكمي الماس بحرية وحقوق الأشخاص التي حماها المشرع دستوريا وفي مختلف القوانين الأخرى (الفصل 225/1 من ق.ج.).
وتطبق هذه العقوبة أيضا على الرئيس الذي يأمر المرؤوس بالعمل التحكمي إذا أثبت المرؤوس أنه تصرف بناءا على أمر من رئيسه حيث يتمتع بعذر قانوني معف من العقاب ويعاقب الرئيس الذي أصدر الأمر (الفصل 225/2 من ق.ج.).
أما إذا كان العمل التحكمي قد ارتكب أو أمر به لغرض ذاتي أو لأهواء شخصية فتطبق العقوبة المقررة في الفصول 436 إلى 440 ق.ج.
وزيادة على هذه العقوبات المقررة للعمل التحكمي، فإن المشرع المغربي رتب عند ثبوت هذا العمل التحكمي مسؤولية مدنية على الفاعل حيث نص الفصل 226 من ق.ج. على ما يلي :
" الجنايات المعاقب عليها في الفصل 225 تنتج عنها مسؤولية مدنية شخصية على عاتق مرتكبها كما تنتج عنها مسؤولية الدولة مع احتفاظها بالحق في الرجوع على الجاني."
كما أن الفصل 227 من ق.ج عاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية كل موظف عمومي أو أحد رجال القوة العمومية أو مفوضي السلطة العامة، المكلفين بالشرطة القضائية أو الإدارية إذا رفض أو أهمل الاستجابة لطلب إثبات حالة اعتقال تحكمي ولو يقدم دليلا على كونه قد أبلغه إلى السلطة الرئاسية.
كما تطبق عقوبة التجريد من الحقوق الوطنية على كل عضو في الهيئة القضائية أو ضابط شرطة قضائية حرك متابعة أو قام بإجراء ضد شخص يتمتع بحصانة قضائية في غير حالات التلبس وقبل حصوله على رفع تلك الحصانة (الفصل 229/ ق.ج).
ويعد مرتكبا لجريمة الاعتقال التحكمي أيضا طبقا للفصل 228 من ق.ج ويعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من 100 إلى 500 درهم كل مشرف أو حارس في سجن أو في مكان مخصص للمعتقلين قام بالأفعال التالية.
- تسلم معتقلا بدون وثائق قانونية مبررة لذلك طبقا للفصل 653 من ق.م.ج.
- رفض تقديم المعتقل إلى السلطات أو الأشخاص الذين لهم الحق في رؤيته طبقا لأحكام الفصول 660 إلى 662 من ق.م.ج وذلك دون وجود أمر من قاضي التحقيق يمنع الاتصال بالمعتقل.
- رفض تقديم السجلات إلى من له الحق في الاطلاع عليها.
جريمة العنف غير المشروع
نص الفصل 231 ق.ج على ما يلي :
" كل قاضي أو موظف عمومي، أو أحد رجال مفوضي السلطة أو القوة العمومية يستغل أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها، العنف ضد الأشخاص أو يأمر باستعماله بدون مبرر شرعي، يعاقب على هذا العنف، على حسب خطورته طبقا لأحكام الفصول 401 إلى 403 مع تحديد العقوبات على النحو التالي :
إذا كانت الجريمة جنحة ضبطية أو تأديبية فإن العقوبة تكون ضعف العقوبة المقرة لتلك الجنحة.
إذا كانت جناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت، فإن العقوبة تكون هي السجن المؤبد."
العناصر التكوينية للجريمة :
العنصر المادي :
ويتكون من أربعة عناصر وهي :
1- فعل مادي يتمثل في استعمال العنف ضد الأشخاص أو الأمر باستعماله.
2- كون هذا العنف بدون مبرر شرعي.
3- صفة الموظف العمومي بمفهوم الفصل 224 من ق.ج.
4- ارتكاب العنف أثناء مزاولة الوظيفة أو بسبب مزاولتها.
انتهاك حرمة المنازل
( 230و441)
نص الدستور المغربي في الفصل 10منه (الفقرة الثانية )على أن "المنزل لا تنتهك حرمته. ولا تفتيش ولا تحقيق إلا طبق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون".
وعاقب الفصل 230ق ج على انتهاك حرمة المسكن الذي يرتكبه الموظف العمومي بهذه الصفة .
وبالإضافة إلى ذلك فإن ق.م.ج أحاط المنزل بعدة ضمانات .لكن ما هو المنزل الذي يحميه المشرع وينظر إليه نظرة احترام؟
(الفصل 511.ق.ج ينص على أنه :
"يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى ثابت أو متنقل سواء كان مسكونا فعلا أو معدا للسكنى وكذلك جميع ملحقاته كالساحات وحواضر الدواجن والخزين والإسطبل أو أية بنية أخرى داخلة في نطاقه مهما كان استعمالها حتى ولو كان لها سياج خاص بها داخل السياج العام ".
أولا :انتهاك حرمة المسكن الذي يرتكبه الموظف العمومي بهذه الصفة (الفصل 230)
النص القانوني :
الفصل 230 ق.ج وهو ينص على أن:
"كل قاض أو موظف عمومي أو أحد رجال أو موظفي السلطة العامة أو القوة العمومية يدخل بهذه الصفة مسكن أحد الأفراد رغم عدم رضائه في غير الأحوال التي قررها القانون ,يعاقب بالحبس شهر إلى سنة وغرامة من 200درهم إلى 500درهم. وتطبق أحكام الفقرة الثانية من الفصل 225 على الجريمة المنصوص عليها في هذا الفصل ".
العناصر التكوينية :
العنصر المادي:
1- فعل مادي يتمثل في دخول الموظف العمومي بهذه الصفة إلى مسكن الغير ومفهوم الموظف العمومي هو المشار إليه في الفصل 24السالف ذكره .
أما انتهاك حرمة المنزل الذي يرتكبه الأشخاص العاديون فيخضع لأحكام الفصل 441 ق. ج .
2- دخوله في غير الأحوال التي قررها القانون .
وعلى هذا إذا كان دخوله قانونيا فلا نكون أمام جريمة انتهاك حرمة المنزل .
ويكون دخوله قانونيا ـ إذا كان القانون يؤهله لذلك ـ في الأحوال التالية :
ـ في حالة البحث التمهيدي مع التقيد بالساعات القانونية ويعد الحصول على رضا صاحب المنزل المكتوب بخط يده أو المضمن في محضره .
ـ في حالة التلبس بالجناية أو الجنحة ويكون الدخول داخل الساعات القانونية إلا إذا طلب صاحب المنزل ذلك أو إذا وجهت نداءات الاستغاثة من داخله أو وجود نص قانوني خاص .
ـ في حالة تقديم مساعدة لشخص في خطر .
ـ في حالة تنفيذ إنابة قضائية ـ إنما داخل الساعات القانونية .
ـ في حالة تنفيذ الأحكام والقرارات المدنية التي تسمح بالدخول إلى المساكن إذا كان ذلك ضروريا كما في حالة الإفراغ أو الحجز.
3- انعدام رضاء صاحب المسكن ويتجلى في معارضة الشخص دخول هذا الموظف العمومي إلى منزله دون مبرر قانوني,ومقاومته وما إلى ذلك.
العنصر المعنوي:
يتجلى في القصد الجنائي أي علم الموظف العمومي أنه يدخل مسكن الغير وفي غير الأحوال التي يبيح له فيها هذا الدخول قانونا.
العقوبة :
هي الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من200 درهم إلى 500 درهم لكن إذا ثبت هذا الموظف العمومي أنه تصف بناء على أمر صادر من رؤساءه في مادة تدخل في اختصاصهم ويوجب عليه طاعتهم فإنه يتمتع بعذر معف من العقاب ,وفي هذه الحالة تطبق لعقوبة على الرئيس الذي أصدر الأمر وحده .(الفصل 230 الفقرة الثانية).
جريمة انتهاك سرية المراسلات
ينص الفصل 232 ق ج على ما يلي:"كل موظف عمومي أو أحد أعوان الحكومة أو المستخدمين في إدارة البريد أو وكآلاتها يفتح أو يختلس أو يبدد رسائل عهد بها إلى مصلحة البريد ,أو يسهل فتحها أو اختلاسها أو تبديدها,يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من 100 إلى 1000 درهم .
ويعاقب بنفس العقوبة كل مستخدم أو وكيل لإدارة البرق إذا اختلس أو بدد برقية أو أذاع محتوياتها .
ويحرم مرتكب الجريمة ,علاوة على ذلك ,من مباشرة جميع الوظائف العامة أو الخدمات العمومية لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن عشر "
إن حرمة المراسلات وسريتها مبدأ دستوري نص عليها الفصل 11 منه مرتبط بكرامة وحقوق وحرية المواطن ,ولا يسمح بانتهاك هذه الحرمة أو السرية إلا بمبرر قانوني ولذلك فالموظف العمومي وخصوصا رجل الأمن مطلوب منه حماية هذه الحرمة والسرية ومراعاة النصوص القانونية المتعلقة بها .
وعليه فإن جريمة انتهاك حرمة المراسلات يتم بالطرق التي حددها القانون ,وتقوم هذه الجريمة بتوافر العناصر التالية :
- أن يتعلق الأمر برسائل أو برقيات
- أن يتم الانتهاك إما بالفتح أو الاختلاس أو التبديد أو تسهيل ذلك.
- صفة الفاعل كونه موظف عمومي أو أحد أعوان الحكومة أو المستخدمين في إدارة البريد أو وكآلاتها.
- النية الإجرامية .
أما إذا قام بانتهاك سرية المراسلات أحد الأفراد العاديين فإن الفصل 448 ق.ج يعاقب على ذلك من شهر إلى سنة وغرامة من 120 إلى 500 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
إفشاء السر المهني
إن السر المهني أمانة في عنق الموظف العمومي يتطلب منه ما تتطلبه الأمانة بصفة عامة وليس له حق التصرف فيه تصرف المالك الحر في ملكه.وعليه فموظف الشرطة مطالب بكتمان جميع الأسرار التي تصل إلى علمه أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها من أخبار أو أحداث أو غيرها، وعليه اتخاذ الاحتياط والحذر اللازمين لتفادي إفشاء أسرار الدولة أو الأشخاص .
وقد عاقب الفصل 446 ق. ج على ذلك بقوله :"الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة وكذلك الصيادلة والمولدات وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة,إذا أفشى سرا أودع لديه، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها له القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه,يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من 120إلى 1000 درهم..."
فهذا الفصل له مفهوم عام لأنه يذكر" كل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أودع لديه." وإن كان يظهر لأول وهلة أنه يهم الحفاظ على السر المهني بالمهن الطبية خصوصا في فقرته الثانية (446/2 ق ج ).
وعليه فالفصل يشمل جميع الأشخاص المكلفين بكتمان الأسرار التي يطلعون عليها بسبب مهنتهم أو وظيفتهم,أما المنتمين للقطاع الخاص فيخضعون لعقوبة الفصل 447 ق ج وهو الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من 120 إلى 10000درهم,مع مراعاة ظروف التشديد المذكورة في نفس الفصل .
أما جريمة إفشاء السر المهني المنصوص عليها في الفصل 446 ق. ج فتقوم على العناصر التالية :
1ـ فعل الإفشاء بأي وسيلة كانت .
2ـ كون ما تم إفشاؤه يشكل سرا .
3ـ صفة الشخص الذي تلقى السر وأفشاه.
4ـ النية الإجرامية.
فرار المعتقلين بسبب إهمال أو تواطؤ المكلفين بالحراسة
يقتضي هذا الموضوع أن نميز جريمتين مستقلتين في عناصرهما وعقابهما هما الفرار بسبب إهمال المكلفين بالحراسة (الفصل 311) والفرار بسبب تواطؤ لمكلفين بالحراسة (الفصل 312)
أولا: فرار المعتقلين بسبب إهمال المكلفين بالحراسة:
النص القانوني:
هو الفصل 311 الذي يقول:
"إن الرؤساء أو المأمورين ,سواء في الدرك الملكي أو في القوات المسلحة أو الشرطة ,المكلفين بمراقبة السجناء أو بحراسة المراكز,وكذلك الموظفين بإدارة السجون وغيرهم من المكلفين بالحراسة أو بنقل المسجونين يعاقبون بالحبس من شهر إلى سنتين ,إذا حصل منهم إهمال مكن أو سهل الهروب ".
العناصر التكوينية :
العنصر المادي:
1 ـ حصول إهمال مكن أو سهل الهروب ,ويعتبر إهمالا النوم أو نسيان تدبير وقائي أو إهمال الطواف أثناء الحراسة وما إلى ذلك.
2ـ كون الهارب محبوسا أو معتقلا أو مقبوضا عليه بموجب قرار قضائي.
3ـ حدوث الإهمال من طرف المكلفين بالحراسة المذكورين في الفصل 311
وهم:
أ ـ الرؤساء والمأمورين سواء في الدرك الملكي أو في القوات
المسلحة أو في الشرطة.
ب ـ موظفو السجن .
ج ـ المكلفون بالحراسة أو بنقل المسجونين بصفة عامة .
العنصر المعنوي:
هذه الجريمة غير عمدية لذلك فإن الركن المعنوي فيها هو الخطأ الجنائي.
العقوبة :
الحبس من شهر إلى سنتين.
ثانيا: فرار لمعتقلين بسبب تواطؤ المكلفين بالحراسة
النص القانوني:
هو الفصل 312 الذي يقول :
"يعتبر مرتكبا لجريمة التواطؤ على الهروب ويعاقب الحبس من سنتين إلى خمس سنوات كل شخص ممن أشير إليهم في الفصل السابق مكن أو ساعد على هروب أحد المسجونين أو حاول ذلك ,ولو بغير علم السجين ,بل ولو لم يقع الهروب فعلا أو محاولته ن طرف السجين ,وتطبق نفس العقوبة ولو كانت المساعدة على الهروب قد وقعت فقط بعمل سلبي متعمد .
ويمكن أن تصل العقوبة إلى الضعف إذا كانت المساعدة قد تضمنت التزويد بالسلاح .
وفي جميع الحالات يجب ,علاوة على ذلك أن يحكم على مرتكب الجريمة بالحرمان من مباشرة جمع الوظائف أو الخدمات العامة مدة لا تتجاوز عشر سنين".
العناصر التكوينية :
1ـ فعل مادي يتمثل في تمكين أو مساعدة أحد المسجونين على الهروب سواء حصل بالفعل أو لم يحصل أو لم تحصل محاولته .
ومساعدة المسجون قد تتم بفعل إيجابي (كفتح باب الزنزانة أو السجن ) كما تتم بفعل سلبي متعمد (كإغفال قفل الباب خصيصا أو تعمد إهمال تقييد السجين أثناء عملية نقله ).
2ـ كون الهارب مسجونا بموجب قرار قضائي .
3ـ وقوع هذا التواطؤ ن طرف المكلفين بالحراسة المذكورين في الفصل 311.
العنصر المعنوي:
هو القصد الجنائي.
العقوبة:
الحبس من سنتين إلى خمس .
ويصبح من 4 سنوات إلى عشر إذا تضمنت المساعدة التزويد بالسلاح .وفي جميع الحالات يجب أن يحكم على مرتكب الجريمة بالحرمان من مباشرة جميع الوظائف أو الخدمات العامة بمدة لا تجاوز عشر سنوات. ويجوز أن يحكم على الفاعل بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40وبالمنع من الإقامة الذي لا يتجاوز خمس سنوات (الفصل 315).
المحاولة :
يعاقب عليها بنفس عقوبة الجريمة التامة.
جريمة الغدر
نص الفصل 243 ق. ج على ما يلي: "يعد مرتكبا للغدر, ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وغرامة من 200 إلى 10000 درهم, كل قاض أو موظف عمومي طلب أو تلقى أو فرض أو أمر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق, سواء للإدارة العامة أو الأفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة".
إن المقصود من جريمة الغدر هو أن يتلقى الموظف العمومي بطريقة غير شرعية مبلغا من المال يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق.
وهذه الجريمة هي جنحة في الأصل معاقب عليها بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 200إلى 10000 درهم, وتختص المحاكم الابتدائية في النظر فيها, لكن هذه الجريمة قد تصبح جناية من اختصاص محكمة العدل الخاصة إذا وصل المبلغ إلى 25000 درهم فما فوق.
ولقيام هذه الجريمة لا بد من توافر العناصر التالية:
ـ صفة الفاعل (قاض أو موظف عمومي ).
ـ طلب أو تلقي أو فرض أو الأمر بتحصيل مبلغ مالي (ضريبة,غرامة).
ـ أن يكون هذا المبلغ غير مستحق أو يتجاوز المستحق.
ـ أن يكون لفائدته الشخصية أو لشخص آخر أو للإدارة العامة .
ـ أن يقوم بهذا الفعل عن قصد جنائي منه.
كما أن الفصل 244 ق.ج عاقب بنفس عقوبة الفصل 243 كل ذي سلطة عامة أمر بتحصيل جبايات مباشرة أو غير مباشرة لم يقررها القانون.
كما تطبق نفس العقوبة على ذوي السلطة العمومية أو الموظفين العموميين الذين وبدون مبرر قانوني ولأي سبب كان وبأي شكل كان يمنحون إعفاء أو تجاوزا عن وجيبة أو رسم عام أو ضريبة أو يسلمون مجانا محصولات مؤسسات الدولة
أما المستفيد من ذلك فيعاقب كمشارك.
جريمة الرشوة
العناصر التكوينية لجريمة الرشوة
ينص الفصل 248 من القانون الجنائي على أنه: "يعتبر مرتكبا لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من250 إلى 5000 درهم, من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هدية أو أية فائدة أخرى من أجل:
1ـ القيام بعمل من أعمال وظيفته بصفته قاضيا أو موظفا عموميا, أو متوليا مركزا نيابيا, أو الامتناع عن هذا العمل سواء كان عملا مشروعا أو غير مشروع طالما أنه غير مشروط بأجر. وكذلك القيام أو الامتناع عن أي عمل ولو أنه خارج عن اختصاصاته الشخصية إلا أن وظيفته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله .
2ـ إصدار قرار أو إبداء رأي لمصلحة شخص أو ضده وذك بصفته حكما أو خبيرا عينته السلطة الإدارية أو القضائية أو اختاره الأطراف .
3ـ الانحياز لصالح أحد الأطراف أو ضده وذلك بصفته أحد رجال القضاء (أو المحلفين)أو أحد أعضاء هيئة الحكم .
4ـ إعطاء شهادة كاذبة بوجود أو عدم وجود مرض أو عاهة أو حالة حمل أو تقديم بيانات كاذبة عن أصل مرض أو عاهة أو عن سبب وفاة وذلك بصفته طبيبا أو جراحا أو طبيب أسنان أو مولدة"
ونص الفصل 249 كذلك على ما يلي: "يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 250 إلى 5000 درهم كل عامل أو مستخدم أو موكل بأجر أو بمقابل من أي نوع كان طلب أو قبل عرضا أو وعدا, أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو عمولة أو خصما أو مكافئة مباشرة أو عن طريق وسيط دون موافقة مخدومه ودون علمه, وذلك من أجل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال خدمته أو عمل خارج عن اختصاصاته الشخصية ولكن خدمته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله".
ويستنتج إذن من هذين الفصلين أن الأركان الأساسية لجريمة الرشوة هي التالية:
1ـ ركن مادي يتكون من أخذ العطية أو قبول الوعد أو الطلب.
2ـ أن يقوم بهذه الأفعال أحد الأشخاص المعنيين في القانون على سبيل الحصر.
3ـ أن يكون العمل أو الامتناع المقابل للرشوة داخلا في اختصاص المرتشي أو تسهله وظيفته أو من الممكن أن تسهله.
4ـ الركن المعنوي أو القصد الجنائي.
الركن المادي
الركن المادي في جريمة الرشوة هو قيام الموظف بطلب أو قبول أو أخذ وعد أو عطية أو أية فائدة أخرى كيفما كان جنسها أو نوعها من صاحب المنفعة مقابل أداء عمل أو امتناع يدخل ضمن اختصاصاته الشخصية.
وكما سبق القول أن المشرع المربي في تجريمه للرشوة اعتمد النظرية الفرنسية المبنية على أساس استقلال فعل كل من الراشي والمرتشي في هذه الجريمة, ولهذا يكون من الضروري التعرض إلى الفعل المادي للراشي والمرتشي على الترتيب التالي:
صور الركن المادي للمرتشي:
من خلال الفصلين السابقين 248 و249 يتبين لنا أن جريمة الرشوة تتحقق بالنسبة للمرتشي بتقديمه طلبا بالعرض أو بالوعد أو بالهبة أو بالهدية أو بأية فائدة أخرى, حتى لو لم يستجب صاحب المصلحة لطلب الموظف. وبذلك لم يعتبر المشرع هذه الأفعال مجرد محاولة بل اعتبرها مكونة لجريمة الرشوة. ولا شك أن طلب الموظف للرشوة وإعلانه عن رغبته في الحصول على مقابل لعمله يظهر ذلك الانحراف الذي يتحقق به الاتجار في الخدمات العمومية. فكان تصرفه هذا كافيا لاعتباره جريمة تامة ما دام العنصر الأساسي للرشوة قد تم تنفيذه. ولا أهمية بعد ذلك
لتسلمه للمكافئة فعلا أو عدم تسلمه إياها. وبذلك يكون المشرع المغربي قد تبنى نفس الاتجاه المعتمد في أغلب التشريعات الجنائية الحديثة في هذه الجريمة .
ومفاد ما سبق أن جريمة الرشوة تتحقق في حق الموظف في حالة قيامه بأحد الأفعال الآتية:
1ـ طلب عرض : تقوم جريمة الرشوة في هذه الصورة بمجرد حصول الطلب من جانب الموظف مقابل القيام بعمل أو الامتناع عنه. ولو رفض صاحب الحاجة الاستجابة لطلبه, وقد ساوى القانون بين طلب المنفعة لنفسه أو لغيره. كما لا يهم أن يرد الطلب على منفعة معروضة أو ينصرف إلى مجرد الوعد بها. ولو لم يحصل عليها الموظف بالفعل. ولطلب بهذا الشكل يعتبر أدنى مراحل ارتكاب جريمة الرشوة لأنه بعد تلبية الطلب قد يقنع المرتشي بعرض الراشي وما اقترن به من شروط وقد لا يوافق عليه فيستمر التفاوض إلى أن يتم الاتفاق على المقابل من حيث المقدار والنوع وكيفية القبض وزمانه وغير ذلك.
2ـ طلب وعد: في جريمة الرشوة لا يشترط أن يحصل المرتشي من صاحب المصلحة على فائدة معجلة, فالرشوة تتحقق متى طلب المرتشي من الراشي وعدا بمقابل, كأن يطلب منه أن يحدد له مبلغا معينا من المال أو بتقديم مساعدة معينة كالوعد بوظيفة أفضل أو الحصول على امتيازات محددة وغير ذلك.
3ـ طلب هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى: وتسمى الرشوة في هذه الحالة "الرشوة المعجلة"وهي الصورة الغالبة والعادية في هذه الجريمة .ذلك أن المرتشي يتقاضى عادة ثمنا معجلا نظير قياه بالعمل المطلوب منه أو الامتناع عنه.
4ـ قبول العرض أو الوعد أو تسلم الهبة أو الهدية أو أية فائدة أخرى: لكي تتحقق جريمة الرشوة لا يكفي فقط حصول الطلب أو الوعد من قبل المرتشي, بل لا بد من صدور سلوك يدل على قبوله للمنفعة مقابل القيام بعمل أو الامتناع عنه.
والفرق بين قبول الوعد وتسلم الهبة أو الهدية, هو تأجيل التنفيذ في الحالة الأولى وتعجيله في الحالة الثانية. أما قبول العرض فقد يكون مرتبطا بوقت محدد للتنفيذ. وقد لا يكون كذلك حسب نوع العرض المقدم من الراشي وكيفية تقديمه .
صور الركن المادي لدى الراشي
جاء في الفصل 251 من القانون الجنائي أن: "من استعمل عنفا أو تهديدا, أو قدم وعدا أو عرضا أو هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى لكي يحصل على القيام بعمل أوالامتناع عن عمل أو على مزية أو فائدة مما أشير إليه في الفصل 242 إلى 250 وذلك من استجاب لطلب رشوة ولو بدون اقتراح من جانبه, يعاقب بنفس العقوبات المقررة في تلك الفصول سواء أكان للإكراه أو للرشوة نتيجة أم لا؟".
الواضح من هذا الفصل أن الركن المادي في جريمة الراشي لا يختلف كثيرا عن الركن المادي في جريمة المرتشي. فمجرد عرض الرشوة أو الوعد بها يعتبر محققا للجريمة التامة حتى ولو يترتب عن ذلك أية استجابة من طرف الموظف بغض النظر عن طبيعة هذه الاستجابة أكانت صريحة أم ضمنية. فالراشي حتى ولو تراجع عن تنفيذ ما وعد به مقابل الأعمال المطلوب أداؤها من طرف الموظف فتبقى مسؤوليته واردة ما دام أن الجريمة أصبحت قائمة بالنسبة له. ولا يقيد بعدوله الإرادي في هذه المرحلة. كما يشترط في العرض المقدم من طرف الراشي أن يكون جديا وواضحا لا شك فيه.
صفة موظف أو أية صفة ألحقها بها القانون
اشترط القانون في الشخص الذي تنطبق عليه أحكام الرشوة صفة معينة وهي صفة الموظف العمومي ومن في حكمه. وقد ألحق المشرع المغربي في جريمة الرشوة بالموظف العمومي المعرف في الفصل 224 من القانون الجنائي الأشخاص الآتي ذكرهم:
1ـ المتولين لمركز نيابي كأعضاء المجالس القروية والبلدية والبرلمان .
2ـ المحكمين والخبراء سواء كان هؤلاء المحكمون والخبراء معينين من السلطة القضائية أو من السلطة الإدارية أو من الأطراف.
3ـ الأطباء والجراحين وأطباء الأسنان والمولدات .
4ـ العمال والمستخدمين والوكلاء بمقابل في القطاع الخاص.
وعلى هذا الأساس لكي يتابع المرتشي على جريمة الرشوة يجب أن يكون موظفا عموميا بالدولة أو أحد الأشخاص الأربعة السابق ذكرهم. وبذلك يكون المشرع المغربي قد عمم هذه الصفة على أفراد ليسوا موظفين ولا علاقة لهم بمصالح الدولة .
أن تكون الخدمة المقدم عنها الرشوة من اختصاص المرتشي وأن تكون مهمته قد سهلتها أو من الممكن أن تسهلها:
الأصل أن الاتجار بالوظيفة لا يتحقق إلا إذا كان العمل المطلوب داخلا في اختصاص الموظف أو من في حكمه. ويقصد بأعمال الوظيفة كل عمل يدخل في الاختصاص القانوني للوظيفة التي يتقلدها الموظف إلا أن القانون لا يشترط لاعتبار العمل المتعلق بالرشوة داخلا في اختصاص الموظف فعلا. بل يكفي أن يكون على صلة به تسمح له بتنفيذ الهدف من الرشوة. كما يكفي أن تكون للأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها علاقة بوظيفته وأن تسهل له هذه العلاقة القيام بهذه الأعمال أو حتى أن تسهلها له. وعلى هذا الأساس يعتبر تقديم مبلغ من المال أو أية هدية أخرى إلى كاتب الضبط مكونا لجريمة الرشوة ذلك لأن علاقة الكاتب بالقاضي تجعله في وسعه أن يؤثر عليه في اتجاه يحمله على تأجيل القضية.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي قد سوى بين أن يكون الموظف على علم بعدم اختصاصه بالعمل ثم ادعى أنه من اختصاصه ليتقاضى الرشوة, أو أنه يعتقد خطأ باختصاصه بالعمل في حين أنه في حقيقة الأمر غير مختص به. أما في حالة زعم الموظف الاختصاص فإن ذلك لا يكفي لقيام جريمة الرشوة ما لم تكن ثمة صلة بين وظيفة المرتشي والأعمال المطلوبة منه.
الركن المعنوي
القصد الجنائي
جريمة الرشوة جريمة عمدية .يشترط فيها توافر القصد الجنائي لدى الجاني, ولذلك يجب أن يكون المرتشي مدركا وقت الطلب أو قبول الوعد أو أخذ العطية أن هذا ثمن لعمل أو امتناع مما يدخل في وظيفته, أي أن تكون لديه نية الاتجار في وظيفته أو عمله, بل يسأل الموظف الذي يخل بواجبات وظيفته جنائيا حتى ولو لم توجد لديه نية الاتجار بها. لأنه يكفي مجرد استغلال الوظيفة للحصول على فائدة غير مشروعة من ورائها.
ويقوم القصد الجنائي في صورة الطلب بمجرد أن يبدي الشخص رغبته في مال أو منفعة أو وعد بشيء من ذلك عن علم بأنه مقابل الاتجار بالوظيفة أو العمل. أما في صورة القبول فإنه يتوافر بدوره بكشف المرتشي عن موافقته على العرض الذي تقدم به الراشي عالما أنه مقابل الاتجار بوظيفته أو عمله. وهو لا يقوم إلا إذا كان المرتشي جادا في قبوله.
أما إذا كان هازلا أو كان يهدف من وراء ذلك كشف أمر المرتشي فينتفي لديه القصد الجنائي إذ لم تطابق موافقته العرض الذي تقدم به الراشي. أي أنه لا يتابع على جريمة الرشوة إلا إذا كان يقصد من عرضه حمل الموظف على أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه, وأن تتجه إرادته إلى تحقيق العرض الذي يسعى من أجله. وبناء على ذلك لا يتوافر القصد الجنائي في حقه إذا كان يجهل أن الموظف مختص ولكنه قدم المقابل بنية حمله مثلا على التوسط لدى من بيده الأمر.
وتعتبر جريمة الرشوة قائمة بالنسبة لأحد الطرفين متى توافر القصد الجنائي لديه حتى ولو لم يستجب الطرف الآخر لطلبه أو لعرضه.
الاشتراك في الجريمة عن طريق الوساطة
إذا كان الوضع المادي لجريمة الرشوة أن يكون لها طرفان : الراشي والمرتشي قد يوجد بجوارهما أحيانا شخص ثالث هو الوسيط أو الواسطة أو الرائش, ويقصد بالوساطة قيام الوسيط بربط الصلة بين أطراف العلاقة في جريمة الرشوة وذلك بمساعدتهما على الأعمال التمهيدية أو التنفيذية لارتكاب الجريمة.
ويعتبر الوسيط في جريمة الرشوة كل شخص يتدخل بين الراشي هادفا تسهيل ارتكاب الجريمة من أحد الطرفين أو منهما معا ممثلا أحد الأطراف لدى الآخر وذلك لتمرير الرشوة في خفية وتستر, بحيث أن الراشي غالبا لا يجرؤ على دفع مقابل الرشوة خشية أن يترفع عنها الموظف أو المستخدم. وكثيرا ما تقابل رشوة صاحب الحاجة بالدفع والتنكر خوفا من أن يضبط وهو في حالة تلبس لا تعففا من الموظف. وهكذا يتدخل الوسيط بين أطراف العلاقة في جريمة الرشوة لتسهيل عملية الارتشاء فيصبح من جراء ذلك حلقة وصل بين الراشي والمرتشي, فينقل رغبتهما وإرادتهما إما بطريقة شفهية أو كتابية أو بوسائل أخرى تمويهية.
وبفضل فعل الوساطة تظهر صعوبة الكشف عن أطراف الرشوة ولذلك ذهب المشرع إلى تجريم الفعل الذي يأتيه الوسيط ومعاقبته بعقوبة تتفق وعمله الإجرامي المساهم في تحقيق جريمة الرشوة والتستر عن الجريمة.
وعلى هذا الأساس تم تكييف العمل الذي يقوم به الوسيط على أنه اشتراك في جريمة الرشوة طبقا لأحكام الفصل 129 من القانون الجنائي ( 1 ) التي تعتبر مشاركا في الجريمة كل من "ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك".
ومفاد ذلك أن الوسيط الذي يشارك في جريمة الرشوة لا تتم مساءلته إلا إذا تحققت جريمة الرشوة, ذلك لأنه يستمد صفته الإجرامية من إجرام الفاعل الأصلي الراشي المرتشي بل يكفي أن تتحقق جريمة الرشوة في أحدهما فقط.
الاشتراك في جريمة الرشوة بالأمر أو التحريض
يؤاخذ الوسيط على قدم المساواة مع المرتشي متى أمره وحرضه على ارتكاب الجريمة. فالرئيس الذي يأمر مرؤوسه أو يسمح له بالاتجار في أعمال الوظيفة يعتبر مشاركا في جريمة الرشوة, والموظف الذي عرض أو شجع زميله على قبض الرشوة يعتبر كذلك.
ونفس التكييف يسري على الشخص الذي يظهر للموظف محاسن الرشوة وما تحققه من أرباح وفوائد. لكن شريطة أن ينفذ فعلا الموظف الجريمة. ويشترط أن يقع التحريض بعبارات صريحة تتضمن فعلا الدعوة إلى التنفيذ والرغبة الملحة في إنجاز الفعل وعليه لا يعتبر تحريضا الكلام العابر عن تحبيذ الجريمة أو التحدث عن مزاياها. لهذا فإن المشرع لم يحدد وسيلة معينة يقع بها الأمر أو التحريض فقد يكون بالقول أو الإشارة أو بأية وسيلة أخرى تؤدي إلى النتيجة المرجوة.
والواضح من هذا الكلام أن العمل الذي يقوم به الوسيط بفعل أمره أو تحريضه لأطراف العلاقة في الرشوة على اتباع مسلك الارتشاء يأتي مطابقا لأحكام الفصل 129 المتعلق بالاشتراك في الجريمة. مما يؤكد أن فعل المحرض هنا يعتبر اشتراكا في جريمة الرشوة.
المكافأة اللاحقة
الصورة العادية في جريمة الرشوة هي حصول المرتشي على مقابل من طرف الراشي قبل أداء عمل من أعمال وظيفته أو يمتنع عن أدائه لصالح الراشي صاحب المصلحة. أويتم الاتفاق بينهما على القبض بعد إنجاز العمل .إلا أن هناك حالة تبقى غامضة وفي حاجة إلى توضيح خاصة وأن أغلب التشريعات لم تتعرض لها في نصوص مستقلة لبيان حكمها ومنها التشريع المغربي, ويتعلق الأمر بالحالة التي يتسلم فيها المرتشي مكافأة لاحقة من الراشي المستفيد من موضوع الرشوة دون أن يكون هناك اتفاق سابق بينهما .
المشرع المغربي كما سبق القول لم يشر إلى هذه الحالة صراحة في أي فصل من الفصول. وعدم الإشارة تفيد الإباحة كما يقول الدكتور عبد الوهاب حومد. ومعنى هذا أن القانون الجنائي المغربي لا يعتبر هذه الحالة صورة من صور جريمة الرشوة وتبعا لذلك فكل المكافآت اللاحقة من هدايا وهبات وأموال التي يقدمها الراشي إلى المرتشي مقابل
أداء عمل أو الامتناع عنه, دون أن يكون هناك اتفاق سابق بينهما, لا تسري عليها أحكام جريمة الرشوة. في حين نجد الدكتور أحمد الخمليشي يذهب إلى رأي مخالف للرأي السابق مؤكدا بأن المشرع المغربي يعاقب على ذلك لأنه نص على عقاب طلب أو قبول أو تسلم الهدية أو أية فائدة أخرى دون أن يحدد زمنا للتسليم, ولذلك يشمل المكافأة السابقة واللاحقة أيضا. بالإضافة إلى ذلك أن عدم العقاب على المكافأة اللاحقة بمجرد جريمة الرشوة من حقيقة أسباب تجريمها ذلك أن العبرة ليست بزمن الاستفادة بل العبرة بحصول الاستفادة وهي العنصر الأساسي في تكوين جريمة الرشوة.
ونحن نميل إلى هذا الرأي يجد سنده في أغلب التشريعات كالتشريع المصري الذي ينص صراحة في الفصل 105 من قانون العقوبات على التكييف القانوني لهذه الحالة بقوله: "كل موظف عمومي قبل من شخص أدى له عملا من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو خل بواجباتها هدية أو عطية بعد تمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه, ولا تزيد عن خمسمائة جنيه".
جريمة استغلال النفوذ
ينص الفصل 36 من قانون محكمة العدل الخاصة بأنه: "يعد مرتكبا لاستغلال النفوذ ويعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من خمسمائة إلى خمسة آلاف درهم, كل من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه من الحصول على وسام أو نيشان أو رتبة شرفية أو مكافأة أو مركز أو وظيفة أو خدمة أو أية مزية أخرى ثمنها السلطة العمومية أو صفقة أو مشروع أو ربح ناتج عن اتفاق يعقد مع السلطة العمومية أو مع إدارة موضوعة تحث إشرافها أو بصفة عامة الحصول على قرار لصالحه من تلك السلطة أو الإدارة ,مستغلا بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض .
وإذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عموميا ,فإن العقوبات ترفع إلى الضعف ".هذا وقد تعرض المشرع المغربي لهذه الجريمة أيضا قبل أن يرد هذا النص بموجب قانون 26 نوفمبر 1962 في الفصل 250 من القانون الجنائي .
ويتضح لنا من خلال النص الساب أن جريمة استغلال النفوذ تحتوي على عناصر لا تختلف كثيرا عن عناصر جريمة الرشوة .إلا أنهما يختلفان في أكثر من موضوع كما سنرى في المطلب التالي:
الفرق بين الرشوة واستغلال النفوذ
يظهر الفرق بين الرشوة واستغلال النفوذ فيما يلي :
1 ـ من حيث موضوع المقابل : في جريمة الرشوة يقوم المرتشي بالاتجار في الوظيفة التي تدخل ضمن اختصاصاته .بينما في استغلال النفوذ فيتاجر باستغلال له حقيقيا أو مزعوما لدى السلطة العامة .
وبمعنى آخر أن الجاني في جريمة استغلال النفوذ يقوم بتسخير نفوذه الحقيقي أو المزعوم على الجهة المختصة لحملها على قضاء حاجة صاحب المكافأة أو المقابل .
2 ـ من حيث الصفة : لكي تتحقق جريمة الرشوة لا بد ن توافر صفة الموظف في المرتشي أو يكون من بين الأشخاص المحددين في القانون على سبيل الحصر. فيحين لم يشترط القانون في مستغل النفوذ توافره على هذه الصفة. ولذلك يجوز أن يكون شخصا لا صفة له إطلاقا .
3 ـ من حيث الاختصاص : النظر في جرائم استغلال النفوذ يكون من اختصاص محكمة العدل الخاصة إذا بلغت المكافأة المالية المقدمة للجاني خمسة آلاف درهم أو أكثر، أما جريمة الرشوة فلا تدخل ضمن اختصاص محكمة العدل الخاصة إلا إذا كان الجاني فيها موظفا عموميا طبقا للفصل 224 المشار إليه سابقا، أو تكون قيمة الرشوة خمسة آلاف درهم أو أكثر .
4 ـ من حيث العقوبة : في جريمة الرشوة ,إذا كان المرتشي موظفا عموميا وكانت المكافأة أقل من خمسة آلاف درهم تكون العقوبة هي السجن من 5 إلى 10 سنوات وغرامة من 100 إلى 10000 درهم. وإذا كان مبلغ المكافأة أقل من خمسة آلاف درهم أو كان مرتكبها متوليا مركزا نيابيا أو حكما أو خبيرا أو طبيبا أو جراحا وغيرهم، فإن العقوبة هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين وخمسين درهما إلى خمسة آلاف درهم ( الفصل 248 ).وإذا ارتكبها عامل أو مستخدم أو وكيل بأجر فتنقص العقوبة إلى الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 250 إلى 5000 درهم ( الفصل 249 ).
أما العقوبة على جريمة استغلال النفوذ فتكون السجن من 5 إلى 10 سنوات وغرامة من 500 إلى 5000 درهم إذا كان الجاني غير موظف .وتضاعف هذه العقوبة إذا كان الجاني موظفا عموميا (فصل 36 من قانون محكمة العدل الخاصة ),إذا بلغت الفائدة من الجريمة 5000 درهم أو أكثر. أما إذا كان المبلغ أقل فالعقوبة تكون الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 250 إلى 5000 درهم وتصل هاتين العقوبتين إلى الضعف إذا كان مرتكب الجريمة موظفا عموميا أو قاضيا,أو متوليا مركزا نيابيا .
أركان جريمة استغلال النفوذ
جريمة استغلال النفوذ تتكون من الأركان التالية:
1 ـ الفعل المادي
2 ـ الاعتماد على نفوذ حقيقي أو مزعوم
3 ـ القصد الجنائي.
الفعل المادي
الفعل المادي في جريمة استغلال النفوذ هو نفس الفعل المادي المكون لجريمة الرشوة.يتمثل في طلب الجاني أو قبول عرض أو وعد أو بطلب تسليم هدية أو هدية أو هبة أو أية فائدة أخرى كيفما كان شكل الطلب أو القبول أو التسلم صريحا أو ضمنيا، مباشر أو عن طريق وسيط, كتابة أو شفويا, ولا يهم نوع الفائدة أو الهدية .
وتتحقق الجريمة حتى ولو تم رفض الطلب أو العرض من الطرف الآخر، ذلك أنه يكفي لقيام الجريمة إعلان الجاني إرادته وعزمه في تقاضي مقابل لنفوذه .
الاعتماد على نفوذ حقيقي أو مزعوم
يجب لتحقيق جريمة استغلال النفوذ أن يستند الجاني في قضاء حاجة صاحب المقابل على نفوذ له حقيقي أو مزعوم على الموظف أو الجهة المختصة .بحيث إذا تسلم المكافأة دون أن يدعي في ذلك بأن له نفوذا لدى السلطة المختصة يمكنه من تحقيق هذه المزية فإنه لا يعد مرتكبا لجريمة استغلال النفوذ، كما أن الزعم بالنفوذ يتحقق بالتعبير الصريح دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية .
كما لا يشترط لقيام الجريمة أن يستند الجاني على نفوذه لدى السلطة العامة نفسها .وإنما يكفي فقط أن يدعي بالنفوذ لدى السلطة العامة متى كانت المزية أو العمل المطلوب أداؤه من هذه الجهة .
القصد الجنائي
القصد الجنائي في جريمة استغلال النفوذ يتمثل في انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المادي المكون لهذه الجريمة الذي يتجسد في طلب المكافأة أو تسلمها مقابل استعمال نفوذه لدى الجهة المختصة لتحقيق حاجة صاحب المكافأة .
وطبقا لذلك لا تتحقق جريمة استغلال النفوذ في حالة انعدام القصد الجنائي كما إذا كان صاحب لنفوذ يجهل بتقديم الهدية كأن تقدم إليه بواسطة شخص آخر ,أو وصفت بمنزله,أو بأية وسيلة لا يعلم بها .وكذلك إذا تسلمها دون أن يطلب منه أي طلب في الحال .
أما القصد الجنائي بالنسبة لصاحب الحاجة فيتوافر لديه بمجرد تقديم المكافأة لأجل الاستفادة من نفوذ من تقدم إليه سواء قبلت منه أو تم رفضها .وسواء كان يهدف من تقديمها الحصول على الاستفادة عاجلا أو آجلا .
جريمة الاختلاس
ينص الفصل 32 من قانون محكمة العدل الخاصة على أنه:"يعاقب بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة كل قاضي أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق ,أو أخفى أموالا عامة أو خاصة, أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو سندات أو عقودا أو منقولات موضوعة تحث يده بمقتضى وظيفته أو بسببها".
وجاء في الفصل 241 من القانون الجنائي ما يلي :"يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقولات موضوعة تحث يده بمقتضى وظيفته أو بسببها .
فإذا كانت الأشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة تقل قيمتها عن ألفي درهم ,فإن الجاني يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات".
وينص الفصل 242 من القانون الجنائي على أنه :"كل قاض أو موظف عمومي أتلف أو بدد مستندات أو حججا أو عقودا أو منقولات ائتمن عليها بصفته تلك أو وجهت إليه بسبب وظيفته ,وكان ذلك بسوء نية أو بقصد الإضرار فإنه يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات".
والواضح من هذه الفصول أن المشرع المغربي قد ميز بين جرائم التبديد والاختلاس والاحتجاز بدون حق والإخفاء التي تحال على محكمة العدل الخاصة متى كانت قيمة الأشياء محل الجريمة لا تقل عن خمسة آلاف درهم، وبين التخريب والإتلاف الذي يرجع الاختصاص فيها إلى المحاكم العادية.
وفي دراستنا لهذه الجريمة سنقتصر على الاختلاس المنصوص عليه في الفصل 32 من قانون محكمة العدل الخاصة المشار إليه سابقا.
وجريمة الاختلاس اعتمادا على الفصول السابقة هي إخلال الموظف بالثقة والأمانة التي أولتها إياه الدولة بحيث تعتبر من الأمور التي يجب على الموظف المحافظة عليها. فإذا استولى على المال الذي وضع بين يديه أو على أي شيء يدخل في حكمه بسبب وظيفته يعد مرتكبا لجريمة الاختلاس المعاقب عليها.
ويستفاد مما سبق أن عناصر الجريمة وأركانها هي:
1 ــ صفة الجاني
2 ــ فعل مادي
3 ــ تسلم الأشياء بمقتضى الوظيفة
4 ــ الركن المعنوي
صفة الجاني
جريمة استغلال النفوذ لا يرتكبها إلا الموظف العمومي بالمفهوم الذي حدده الفصل 224 من القانون الجنائي الذي جاء فيه:"يعد موظفا عموميا في تطبيق أحكام التشريع الجنائي ,كل شخص كيفما كانت صفته ,يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام".
وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة، ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بد انتهاء خدمته ‘ذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها".
ويستفاد من هذا النص أن صفة الموظف لعمومي تتحقق بتوافر أمرين :
ـ التكليف بأداء وظيفة أو مهمة محددة.
ـ المساهمة في خدمة الدولة أو المصالح العمومية.
ويكتسب الشخص صفة الموظف العمومي بمقتضى الشرط الأول متى قام بأداء عمل بناء على تكليف له بذلك من السلطة أو الجهة المختصة ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعية أو خيرا.
وبمقتضى الأمر الثاني تنطبق صفة الموظف العمومي على كل شخص يقوم بعمل معين يساهم به في خدمة الدولة أو الهيئات البلدية أو مؤسسة عمومية ,أو مصلحة ذات نفع عام.
الفعل المادي
الفعل المادي المكون لجريمة الاختلاس هو اختلاس أموال أو تبديدها أو احتجازها أو إخفاؤها أو أي شيء يقوم مقامه حسب ما جاء في الفصل 32 السابقة.
ويتحقق فعل التبديد والاختلاس بتصرف الموظف في الشيء تصرف مالكه، ورغم أن الشيء ليس له بل للدولة أو لفرد من الخواص. ويتخذ هذا التصرف مظاهر مادية مختلفة تدل عليه منها كأن يعرض الموظف محل الجريمة للبيع أو الرهن مثلا.
ولا يشترط أن يترتب عن التبديد أو الاختلاس ضرر فعلي للدولة أو الفرد ,كما لا تنتفي الجريمة برد الموظف الشيء المختلس بعد أن تصرف فيه تصرف صاحب الشيء.
كما أن جريمة الاختلاس لا تتحقق حين يكون اختفاء الشيء راجعا إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي كالحريق أو السرقة أو الضياع.
ويعتبر اختلاسا كذلك احتجاز الشيء بدون حق بالاحتفاظ عليه وعدم تصريفه مع وجود نية التصرف فيه واختلاسه أو تبديده لاحقا.
أما محل الجريمة أو الأشياء التي تكون موضوع التبديد أو الاختلاس فهي حسب الفصل 32 السابق ,الأشياء التالية :
1ـ الأموال بالمعنى النقدي سواء كانت مملوكة للدولة أو لإحدى المؤسسات التابعة
لها، أو مملوكة للخواص من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين.
2ـ السندات التي تقوم مقام النقود في التعامل والإبراء والأداء كالشيك مثلا.
3ـ الحجج أو الوثائق التي تحتوي على الحقوق والالتزامات .
4ـ العقود بمعناها في القانون المدني والإداري.
5ـ المنقولات بمفهومها الواسع ,فهو يشمل كل شيء له كيان مادي ويمكن نقله من مكان إلى آخر كوسائل النقل والبضائع والحيوانات وغير ذلك.
تسلم الأموال أو الأشياء بمقتضى الوظيفة أو بسببها
جريمة الاختلاس لا تتحقق بمجرد استيلاء موظف عمومي على مال مملوك للدولة أو لأحد من الناس، بل اشترط القانون عنصرا هاما يجب توافره في فعل الأشياء
لتحقق جريمة الاختلاس وهو أن يكون المال أو أي شيء يقوم مقامه محل الجريمة من جانب الموظف قد وجد في حيازته بمقتضى أو بسبب وظيفته.
فإذا لم يكن هناك وجود المال في الحيازة فلا تتحقق جريمة الاختلاس كما إذا استولى الموظف على شيء لم يكن قد سلم إليه كان يكون ضائعا وقعت عليه يداه أثناء تأدية الوظيفة أو على شيء دخل حيازته بسبب لا يد له فيه.
بل لا بد من وجود هذا المال في حيازته بمقتضى وظيفته أو بسببها والتسلم بسب الوظيفة معناه أن تقضي القوانين أو النظم الخاضعة لها الوظيفة بأن يحوز الموظف المال الذي تسلمه وأن يقدم عنه الحساب أمام السلطة العامة أي أن يكون من خصائص الوظيفة ومن أعمالها حيازة الموظف ماديا للمال الذي يسلم إليه.
وبناء على ذلك تتحقق الجريمة في حق موظف البريد الذي يفتح ظرفا مسجلا سلم إليه ويختلس مه نقودا كانت بداخله .
ولا تهم الوسيلة التي تم بها التسليم ,فقد يكون المال مسلما إلى الموظف من صاحبه مباشرة أو عن طريق الإدارة التي يعمل بها هذا الموظف وقد يكون المال مسلما إلى الموظف رغما عن صاحبه بمقتضى سلطة تبرر ذلك وكل ما يلزم هو أن تكون الحيازة المادية للمال من مقتضيات وظيفة الحائز فهذا هو المفهوم من وجود المال في الحيازة بسبب الوظيفة.
جرائم الأموال
السرقات
السرقة البسيطة
النص القانوني:
هو الفصل 505 الذي ينص على أنه "من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 120الى 500 درهم".
العنصر المادي :
ويتجلى فيما يلي :
1-فعل مادي وهو الاختلاس، ويتحقق بشيئين :
أ- بإخراج الشيء من حيازة صاحبه والاستئثار به,وفي هذا الصدد قد يستخدم السارق يده، وقد يمرن حيوانا على النشل ويستخدمه في ذلك. وقد يستخدم الغير حسن النية كمن يشير إلى عامل في مطبخ ليناوله معطفا موجودا على إحدى الكراسي فيناوله العامل إياه ظنا منه أنه صاحبه.
ب- انتفاء رضاء المجني عليه بهذا السلب .
2-أن يتعلق الاختلاس بمال منقول مملوك للغير
والمال المنقول هو ما يمكن نقله من مكان إلى آخر ويشمل الحيوان والجماد صلبا كان أو سائلا كالماء والغاز.
ولا أهمية لقيمة المنقول المسروق ولا لما إذا كانت حيازته من طرف الضحية غير مشروعة كالسلاح غير المرخص به والمال المتحصل من الجريمة.
العنصر المعنوي :
هو القصد الجنائي لارتكاب الجريمة
عقوبة السرقة البسيطة:
عاقب المشرع المغربي على السرقة في صورتها البسيطة بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 200درهم إلى 500درهم (الفصل505) على أنه خفف العقوبة إذا كانت الأشياء المسروقة زهيدة القيمة إلى الحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من 200إلى 250درهم على أنه إذا اقترنت هذه السرقة الزهيدة بظروف مشددة مما أشير إليه في الفصول 507 إلى 510 طبقت عليها العقوبات المقررة في تلك الفصول (506).
بقيت الإشارة إلى أنه في السرقة البسيطة أو المشددة- التي سيأتي الحديث عنها- يجوز الحكم على المتهمين من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل40 وبالمنع من الإقامة من خمس سنوات إلى عشر (الفصل 539 الفقرة الأولى ).
جريمة إخفاء الأشياء
النص القانوني:
هو الفصل 571 الذي يقول:
" من أخفى عن علم كل أو بعض الأشياء المختلسة أو المبددة أو المتحصل عليها من جناية أو جنحة يعاقب بحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات وغرامة من 200 درهما إلى ألفي درهم,ما لم يكن الفعل مشاركة معاقبا عليهما بعقوبة جنائية طبقا للفصل 129 ق.ج" .
العناصر التكوينية:
العنصر المادي
ويتجلى في فعل إخفاء الأشياء المختلسة أو المتحصل عليها من جناية أو جنحة. وسواء تمت حيازة هذا الشيء المخفي عن طريق الشراء أو الإيداع أو الإيجار أو غيره. كما لا يهم ما إذا كان تسلم هذا الشيء المخفي وقع من طرف مرتكب الجريمة نفسه أو من طرف غيره (الوسيط).
ويجب أن يكون الشيء قد وقع الاستيلاء عليه بواسطة جناية أو جنحة مهما كان نوعها,شريطة أن يكون هذا الاستلام قد تم عن طريق شخص هو غير شخص المخفي.
ولا يؤثر على المخفي ما إذا كان السارق غير خاضع للملاحقة أو أعفي من العقاب أو أن السرقة قد ارتكبت في الخارج أو أنها أصبحت غير معاقب عليها بسبب وفاة الفاعل الأصلي أو العفو العام أو الخاص.
العنصر المعنوي:
هو القصد الجنائي أي أن المخفي عالم بالمصدر الإجرامي ومع ذلك تتجه إرادته الحرة إلى إخفاء هذه الأشياء.
العقاب :
يعاقب على هذه الجريمة بالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات وغرامة من 200 درهم إلى ألفي درهم (الفصل 571 الفقرة 1) ويجوز أن يحكم أيضا على الفاعل بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في الفصل 40 من خمس سنوات إلى عشر (الفصل 573).
إلا أنه إذا كانت العقوبة المقررة في القانون للجنحة التي تحصلت منها الأشياء أقل من العقوبة المشار إليها أعلاه, فان عقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 200 درهم إلى 2000 درهم تعوض بالعقوبة المقررة لمرتكب الجريمة الأصلية(فصل 571 الفقرة 2), مع جواز الحكم عليه دائما بالحرمان المذكور أعلاه .
أما في الحالة التي تكون فيها العقوبة المطبقة على مرتكبي الجريمة التي تحصلت منها الأشياء المخفاة أو المبددة أو المتحصل عليها هي عقوبة جنائية فإن المخفي تطبق عليه نفس العقوبة إذا تبث أنه كان يعلم وقت الإخفاء الظروف التي استوفت تلك العقوبة حسب القانون.
غير أن عقوبة الإعدام تعوض بالنسبة للمخفي بعقوبة السجن المؤبد(الفصل 572)
الإعفاء من العقاب:
يعفى من العقاب مع التزامه بالتعويضات المدنية من أخفى عن علم كل أو بعض الأشياء المختلسة أو المبددة أو المتحصل عليها من جناية أو جنحة, في الأحوال التالي:
1- إذا كان الشيء المختلس أو المبدد أو المتحصل عليه من جناية أو جنحة مملوكا لزوجه
2- إذا كان الشيء المختلس أو المبدد أو المتحصل عليه من جناية أو جنحة مملوكا لأحد فروعه
قيود المتابعة:
إذا كان الشيء المختلس أو المبدد أو المتحصل عليه من جناية أو جنحة مملوكا لأحد أصول المخفي أو أحد أقاربه أو أصهاره إلى الدرجة الرابعة فلا يجوز متابعة الفاعل (أي المخفي) إلا بناء على شكوى من المجني عليه, وسحب الشكوى يضع حدا للمتابعة.
الجرائم الماسة بالأخلاق العامة
جرائم العرض
تعريف :
يقصد بجرائم العرض كل الممارسات الجنسية غير المشروعة سواء تمت برضى الطرفين أم بإكراه أحدهما للآخر بصرف النظر عن طبيعة جنسيهما.
وقد تعرض القانون المغربي لجرائم العرض في الفصول من 483 إلى 504 من القانون الجنائي التي تتضمن الجرائم التالية :
- الإخلال العلني بالحياء (ف 483).
- هتك عرض قاصر بعنف أو بدونه, أو عرض غير قاصر مع استعمال العنف (ف484 و485 ).
- اغتصاب المرأة (ف 486).
- الشذوذ الجنسي (ف 489).
- الفساد (490).
- الخيانة الزوجية (ف 491).
- اختطاف امرأة متزوجة أو التغرير بها أو نقلها من المكان الذي وضعها فيه من له ولاية أو إشراف عليها أو حمل غيره على فعل ذلك (ف 494).
- تعمد إخفاء امرأة متزوجة مخطوفة أو مغرر بها أو تهريبها أثناء البحث عنها
(495).
- أعمال التحريض والمساعدة والوساطة والاتجار في بغاء الغير (ف497– 504)
- تعمد إخفاء امرأة متزوجة هاربة من سلطة من له الولاية القانونية عليها أو تهريبها أثناء البحث عنها (ف 496).
هذا بالإضافة إلى بعض الجرائم التي تعرض لها قانون الصحافة لسنة 1958, المتعلقة بترويج المنشورات والإعلانات أو الرسوم والأفلام والصور الخليعة وكل ما يدخل في حكمها من الأفلام المنافية للآداب العامة والأخلاق, والمساعدة عليها (ف59 إلى 66).
ودراستنا لجرائم العرض ستقتصر على أهم الجرائم في مباحث ثلاثة :
- جريمة الفساد
- والخيانة الزوجية
- وجريمة الاغتصاب
جريمة الفساد
تطلق جريمة الفساد على علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية. وهو نفس التعريف الذي أورده المشرع المغربي في الفصل 490 من القانون الجنائي عندما قال:" كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة".
يظهر من خلال ما سبق أن عناصر وأركان جريمة الفساد هي :
1- فعل مادي (علاقة جنسية).
2- عدم وجود علاقة زوجية بين الفاعلين.
3- القصد الجنائي.
فعل مادي (علاقة جنسية)
جريمة الفساد تتكون من فعل مادي يتمثل في علاقة جنسية بين رجل وامرأة أي بحصول الوطء فعلا بالطريق الطبيعي الذي يتحقق بإيلاج العضو التناسلي للرجل في عضو التأنيث لدى المرأة. وتتحقق الجريمة حتى ولو لم تتم العملية الجنسية بين الفاعلين إلى نهايتها.
وبناء على ذلك لا تقع الجريمة بما دون ذلك من أعمال الفحش التي ترتكب بينهما من مداعـبة وتقبيل وضم وكل ممارسة غير طبيعية وإن كان ذلك لا يمنع من متابعتهما بجريمة الإخلال العلني بالحياء متى توافرت شروطه.
عدم وجود علاقة زوجية بين الفاعلين
وهو شرط أساسي في جريمة الفساد. ذلك أن وجود علاقة زوجية بن الفاعلين يبعد عنهما كل شبهة من هذا القبيل وبالتالي لا يمكن للفصل 490 السابق أن يطبق عليهما. ولو كان عقد الزواج الذي يجمع بينهما فاسدا إلا إذا كان فساده مجمعا عليه وكانا يعلمان بفساده غير أنه يمكن للفاعلين دفع هذه الجريمة بإثبات وجود علاقة زوجية بينهما بجميع وسائل الإثبات القانونية.
القصد الجنائي
القصد الجنائي في جريمة الفساد يتحقق بإدراك الفاعل حقيقة تصرفه مع علمه بعدم وجود علاقة شرعية بينه وبين الطرف الآخر ويمكن للمتهمين دفع هذه القرينة ونفي القصد الجنائي بإثبات جهل أو غلط جعلهما يعتقدان وجود العلاقة الزوجية رغم أنها غير موجودة عمليا.
وهكذا يمكن دفع التهمة عنهما بغلط أحدهما في الطرف الآخر كمن وجد في فراشه امرأة فوطئها معتقدا أنها زوجته أو في انتهاء عدة الطلاق الرجعي أو اعتقد أن الطلاق رجعي بينما هو بائن.
إثبات جريمة الفساد
جاء في الفصل 493 من القانون الجنائي على أنه: " الجرائم المعاقب عليها في الفصلين 490 و491 لا تثبت إلا بناء على محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس أو بناء على اعتراف تضمنه مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي.
وبهذا النص يكون المشرع المغربي قد خرج عن القاعدة العامة في الإثبات الجنائي التي تقضي بحرية الإثبات حسب مقتضيات الفصل 288 من المسطرة الجنائية بفرضه
على القاضي وسائل محددة لا يجوز له الخروج عنها في جريمتي الفساد والخيانة الزوجية وهذه الوسائل هي :
1- محضر الضابطة القضائية الذي تحرره في حالة تلبس.
2- الاعتراف الكتابي للمتهم.
3- الاعتراف القضائي.
عقوبة جريمة الفساد
العقوبة المقررة لجريمة الفساد حسب الفصل 490 هي من شهر إلى سنة ويجوز للقاضي في حالات معينة أن ينزل عن الحد الأدنى إذا توافرت ظروف معينة تقتضي التخفيف من العقوبة شريطة أن لا تقل مدة الحبس عن ستة أيام الفصل 150من القانون الجنائي. ويجوز كذلك تعويض عقوبة الحبس في هذه الجريمة بغرامة لا تقل عن خمسة دراهم وأن لا تزيد عن خمسة آلاف درهم. ويجوز للقاضي أن يحكم بوقف تنفيذ العقوبة حسب ظروف المتهم ودرجة خطورته الإجرامية.
كما أن هذه العقوبة قابلة للتشديد في حالة العود أو الفساد مع المحارم أو مع من للمتهم الحق في الولاية عليه.
جريمة الخيانة الزوجية
ينص الفصل 491 من القانون الجنائي على أحكام جريمة الخيانة بقوله : " يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية ولا تجوز المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه.
إلا أنه في حالة غياب الزوج خارج المملكة فإن زوجته التي تتعاطى الفساد بصفة ظاهرة يمكن للنيابة العامة متابعتها ".
يستفاد من هذا النص أن المشرع المغربي ميز بين الخيانة الزوجية وجريمة الفساد على أساس أن طرفي الجريمة في الخيانة الزوجية متزوجين أو على الأقل أن يكون أحدهما متزوجا, أما في جريمة الفساد فلا وجود لهذه الرابطة إطلاقا وعلى هذا الأساس أيضا ميز بين العقوبة المقررة لكل جريمة بتشديد العقوبة في الحالة الأولى وتخفيفها في الحالة الثانية.
وأركان جريمة الخيانة الزوجية من خلال الفصل السابق ثلاثة :
- علاقة غير مشروعة.
- كون الجاني متزوجا.
- القصد الجنائي.
وجود علاقة جنسية غير مشروعة
تشترك جريمة الخيانة الزوجية مع جريمة الفساد في هذا الركن الذي يتحقق بحصول المواقعة الجنسية التامة بين رجل وامرأة في المكان الطبيعي أي بإيلاج عضو التذكير في عضو التأنيث وحصول الوطء كاف لتحقق هذه الجريمة متى توافرت الشروط الأخرى كما أن الجريمة لا تسقط بكون الحمل مستحيلا ذلك أن الغاية من تجريم هذه الجريمة هي صيانة وحماية حرمة الزواج وليس اختلاط الأنساب وهكذا يعاقب على الخيانة الزوجية ولو كانت الزوجة عقيما أو كان الزوج كذلك.
كون الجاني متزوجا
كون الجاني متزوجا من الشروط الأساسية لقيام جريمة الخيانة الزوجية بحيث يشترط أن يقع الوطء وعلاقة الزوجية قائمة فعلا أو حكما وبناء على ذلك لا تعتبر الجريمة قائمة في حالة انتفاء هذه الرابطة وإن صح اعتبارها فسادا وإن حصل ذلك أتناء الخطبة ويشترط أن يكون العقد صحيحا. كذلك إذا وقع الوطء بعد انحلال رابطة الزوجية بطلاق بائن أو وفاة أحد الزوجين أما إذا ارتكب الفعل أثناء عدة الطلاق الرجعي فإن الجريمة تبقى قائمة لأن الطلاق الرجعي لا يرفع أحكام الزواج ولا يزيل ملك الزوج قبل انقضاء العدة.
وتعتبر حالة الزوجية قائمة من لحظة إبرام العقد وليس من تاريخ الدخول, فدخول الزوج بزوجته ليس شرطا ضروريا على اعتبار أن الوطء الذي تم قبل الزواج يكيف فسادا, ولا يشترط أن يكون عقد الزواج مكتوبا بل يكفي أن يثبت الزواج بدليل عرفي.
القصد الجنائي
يتوافر القصد الجنائي في جريمة الخيانة الزوجية إذا ارتكب الفعل عن إرادة حرة وواعية وعن علم تام بأركانها ووقائعها كما يتطلبها القانون فلا تقوم الجريمة إذا انتفى القصد الجنائي كما إذا تبث بأن الوطء قد حصل عن غير إرادة كما في حالة الإكراه نتيجة قوة أو تهديد أو أي سبب آخر من الأسباب المعدمة للإرادة الحرة ويؤخذ هذا التكييف من مقتضيات الفصل 486 من القانون الجنائي الذي جاء فيه : " الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها " وكذلك إذا سلمت له نفسها ظنا منها أنه زوجها فإن الوطء يكون قد حصل غلطا, وكذلك في حالة اعتقاد الزوجة أنها ليست في عصمة الزوجية كما إذا اعتقدت أن طلاقها بائن أو أن عدتها قد انتهت أو أن زوجها لم يراجعها في حين أن الأمر غير ذلك وكذلك الزوج الذي يواقع امرأة ظنا منه عن حسن نية أنها زوجته فلا يعتبر مرتكبا لجريمة الخيانة الزوجية.
اشتراط الشكاية في جريمة الخيانة الزوجية
جريمة الخيانة الزوجية من الجرائم التي لا تثار المتابعة فيها إلا بناء على شكوى من أحد الزوجين ذلك ما أشار إليه الفصل 491 السابق بقوله: " ...ولا يجوز المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه إلا في حالة غياب الزوج خارج المملكة فإن زوجته التي تتعاطى الفساد بصفة ظاهرة يمكن للنيابة العامة متابعتها ".
الظاهر من النص أنه يمنع على النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية بشأن جريمة الخيانة الزوجية من تلقاء نفسها, كما في سائر الجرائم, قبل التوصل بشكاية من أحد الزوجين ما عدا الحالة الواردة في الفقرة الثانية من الفصل السابق, وهي حالة ما إذا كان الزوج غائبا خارج المملكة المغربية وزوجته تتعاطى الفساد بصفة ظاهرة, فهنا يحق للنيابة العامة إثارة المتابعة الجنائية دون التوصل بشكاية من الزوج الغائب.
وسبب تقييد المشرع حرية النيابة العامة في هذه الجريمة, يرجع بالأساس إلى كون جريمة الخيانة الزوجية جريمة شخصية تصيب حقا شخصيا للمتضرر, سواء كان زوجا أو زوجة, ولذلك يعود له حق إثارة المتابعة إن شاء حركها بتقديم شكاية إلى النيابة العامة وإن شاء امتنع عن ذلك مراعيا ظروف الأسرة وشرف العائلة, كما أن هذه الجريمة جريمة اجتماعية أصابت حقا عاما للمجتمع كله فضررها تعدى الزوجين غير أن المشرع رعيا لمصلحة الأسرة وحفاظا على شرف العائلة وكيانها رأى أن يقيد المتابعة باشتراط الشكاية من المتضرر وإذا قبل الزوج أو الزوجة هذه الوضعية المهينة وقبل الاستمرار في المعاشرة الزوجية رغم العار والفضيحة اللذان أصابا العائلة والأسرة بسب هذه الجريمة, فإن القانون يبارك هذه الفكرة وكأن رضاء المجني عليه في هذه الحالة من أسباب الإباحة وإن كانت هذه الجريمة مرتبطة بالنظام العام كسائر الجرائم, ومن تم فإن رضاء المجني عليه بوقوع الزنى لا يبرره, ولحل هذه الإشكالية لابد من وجود نص تشريعي لسد هذه الفجوة.
وينص الفصل 492 جنائي على أن: " تنازل أحد الزوجين عن شكايته يضع حدا لمتابعة الزوج المشتكى به عن جريمة الخيانة الزوجية. فإذا وقع التنازل بعد صدور حكم غير قابل للطعن فإنه يضع حدا لآثار الحكم بالمؤاخذة الصادر ضد الزوج أو الزوجة المحكوم عليها. ولا يستفيد مشارك الزوجة ولا مشاركة الزوج مطلقا من هذا التنازل ".
الواضح من النص أن المتابعة الجنائية تنتهي بسحب الشكاية في جريمة الخيانة الزوجية من أحد الزوجين. كما أن التنازل بعد صدور حكم نهائي ضد الزوج أو الزوجة يعتبر من الأسباب العامة لانقضاء العقوبة.
إثبات الخيانة الزوجية
يقضي الفصل 493 جنائي بأن: " الجرائم المعاقب عليها في الفصلين 490 و491 لا تثبت إلا بناء على محرر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس أو بناء على اعتراف تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي ". وأدلة الإثبات حسب الفصل السابق هي :
1- محضر يحرره ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس :
المقصود من هذه الوسيلة مشاهدة الفاعل وقت ارتكابه فعل الخيانة بحضور ضابط الشرطة القضائية أو بحضوره عقب ارتكاب الفعل بزمن يسير وكانت آثار هذا الفعل ونتائجه ما زالت قائمة وثابتة تدل على أن الجريمة قد وقعت فعلا.
2- الاعتراف المكتوب الصادر عن المتهم :
يقضي هذا الدليل بصدور اعتراف مكتوب عن المتهم ولا يدخل ضمن هذه الوسيلة الصور الفوتوغرافية الدالة على حصول الخيانة الزوجية من أحد الزوجين لكون المشرع لم يعتبرها وسيلة لإثبات الخيانة الزوجية بالإضافة إلى أن فن التصوير الحديث يمكن من خلق صور وهمية تبرهن على وجود علاقة جنسية بين رجل وامرأة, ورغم ذلك يمكن لقاضي الموضوع الاعتماد عليها على سبيل الاستئناس إذا كان وضع الصور يدل على صحة الواقعة إلى حد ما.
3- الاعتراف القضائي :
وهو إقرار المتهم على نفسه بأنه ارتكب الجريمة المتهم بشأنها أمام المحكمة, أما الاعتراف الذي يصدر عنه في غير جلسة الحكم فلا أساس له سواء تم أمام قاضي التحقيق أو القاضي الباحث إذا لم يصرح به في الجلسة العلنية ولعل السبب في استبعاده هو أن المشرع اخذ بعين الاعتبار الإكراه الذي يمكن أن يقع على المتهم أمام الضابطة القضائية أو أمام النيابة العامة عند التحقيق معه.
والاعتراف القضائي حجة قاصرة على صاحبه لا يتعداه إلى غيره, وهكذا إذا اعترف المتهم بالجريمة المنسوبة إليه أمام المحكمة في حين أنكرت شريكته في الجريمة, فاعترافه لا يسري عليها بل يؤاخذ هو فقط على اعترافه ويحكم عليها بالبراءة.
التحريض على الدعارة
ينص الفصل 502 على: " يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم, من قام علنا بجلب أشخاص, ذكورا أو إناثا, لتحريضهم على الدعارة, وذلك بواسطة إشارات أو أقوال أو كتابات أو أية وسيلة أخرى ". والمحاولة معاقب عليها.
أما العناصر التكوينية فهي :
1 - فعل مادي هو جلب أشخاص بواسطة إشارات أو أقوال أو كتابات أو أية وسيلة أخرى.
2 - أن يكون الجلب علنا.
3 - أن يكون غرض الفاعل هو تحريض الغير على الدعارة.
ويتسم الاجتهاد القضائي بطابع التردد فيما يتعلق بالأفعال التي تكون الجلب خاصة بالنسبة لما اصطلح على تسميته " بالجلب السلبي " والذي يستنتج من مجرد اتخاذ موقف معين, كالتوقف أمام فندق أو توجيه نظرات إلى المارة أو السير ذهابا وجيئة في مساحة صغيرة, وهذه الحالات قد نميل إلى إدخالها ضمن ما عبر عنه بقوله " أو أية وسيلة أخرى ".
ويرجع للاجتهاد القضائي الفصل في هذا الموضوع.
وهذه الجريمة ترتكبها غالبا البغايا أنفسهن ولكن قد يرتكبها " سماسرة " يمارسون هذا النوع من الجرائم وذلك بنشر إعلانات في بعض الجرائد المختصة أو حتى بواسطة الهاتف(وذلك كشبكات " نداء الفتيات" call girls).
الفصل 503 " يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم ما لم يكن فعله جريمة اشد, من تغاضى عن ممارسة الدعارة بصفة مستترة ومعتادة من أشخاص يتعاطون البغاء في محلات وأمكنة يتصرف فيها بأية صفة إذا كانت مما لا يستعمله الجمهور".
لا يقصد هذا الفصل من يقدمون مساعدة حقيقية لمتعاطي البغاء(وغالبا ما يكون ذلك بمقابل) ولكنه يقصد من يتغاضون عن ممارسة هذه الأفعال, ويوجد في هذه الحالة مالك العمارة الذي يعرف أن الشخص المكتري يستقبل بصفة اعتيادية نساء بغايا في بيته, وذلك إذا لم يتمكن هذا المالك من أن يثبت أنه استعمل الوسائل القانونية التي وضعت رهن إشارته لأجل وضع حد لهذه التجارة المستترة. والعناصر التكوينية هي :
1- التغاضي بصفة اعتيادية عن تعاطي البغاء.
2- أن يكون التعاطي في محل لا يستعمله الجمهور(كشقة أو الجهة الخلفية لدكان).
3- صفة الفاعل أي كونه يتصرف في المكان بأية صفة كانت.
4- النية الإجرامية.
ويعاقب المشرع على المحاولة كما يعاقب على الفعل التام.
الفصل 504: " في جميع الحالات, يجوز الحكم على مرتكبي الجنح المعاقب عليها في هذا الفرع, زيادة على ما ذكر, بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في الفصل 40 وبالمنع من الإقامة من خمس إلى عشر سنوات. ومحاولة هذه الجنح تعاقب بنفس العقوبات التي تعاقب بها الجريمة التامة ".
الإخلال العلني بالحياء
النص القانوني
الفصل 483: "من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتي درهم إلى خمسمائة درهم
ويعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي يكونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره, أو كان في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم ".
العناصر التكوينية
العنصر المادي
1 - فعل مادي يتمثل في العري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات والأفعال, أما الأقوال والكتابات والصور المعيبة التي تمس الحشمة والأخلاق العامة فمعاقب عليها بالفرعين 6 و7 من ظهير 15 نوفمبر 1958 المتضمن قانون الصحافة في المغرب.
ويعتبر عريا متعمدا إبراز المرأة ثدييها أو الرجل لعضوه التناسلي كما تعتبر بذاءة في الإشارات والحركات(الغمز والرقص الخليع).
وتعتبر بذاءة في الأفعال تقبيل المرأة علنا أو لف الذراع حول خصرها أو أن يمشي عاري الجسم في الطريق العام وكذاك التبول في مكان عام.
2- ارتكاب هذا الفعل المخل بالحياء أو الحشمة بصورة علنية وتتحقق هـذه العلانية :
- بمحضر شخص أو عدة أشخاص شاهدوا الفعل الفاضح عفوا, إذن ولو وقع الحادث بمكان خاص إنما بمحضر أشخاص ما كانوا قاصدين تلك المشاهدة.
- بمحضر شخص قاصر دون الثامنة عشرة من عمره, سواء كان قاصدا المشاهدة أم لا.
- في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم فليس في الأمر أمكنة عامة, بل أمكنة خاصة إذا لم يراع فيها الفاعل أو الفاعلين الاحتياطات اللازمة للتستر وذلك لمنع تلك الأعمال عن الأنظار العابرة كالغرفة التي تظل نوافذها مفتوحة على الشارع العام وعلى مرأى من الجيران.
- أما في الأماكن العامة فالجريمة تتحقق بمجرد حدوثها في مكان عام قابل لارتياد المارة بحرية أو في محل يمكن أن يمر به شاهد محتمل.
العنصر المعنوي
هو القصد الجنائي أي أن يقوم الفاعل بعرضه وهو عالم بأنه على مرأى واقع أو محتمل من الغير.
أما إذا كان الفعل قد صدر منه عرضا فلا جريمة, ونفس الشيء يقال إذا وجد في حالة ضرورة كالهروب عاري الجسم تماما للإفلات من كارثة معينة كالحريق أو الزلزال أو غيره.
العقوبة :
الحبس من شهر واحد إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.
هتك العرض
النص القانوني :
نص على هذه الجريمة الفصل 484 بقوله: " يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس من هتك بدون عنف أو حاول هتك عرض قاصر يقل عمره عن 15 سنة سواء كان ذكرا أو أنثى "
العناصر التكوينية :
العنصر المادي
1- المساس بجسم المجني عليه بفعل يعد منافيا للآداب, وفي مكان يعد من العورات, سواء وقع الكشف عن هذه العورة أم لا.
مثال ذلك احتضان شخص لامرأة كرها عنها وطرحها على الأرض
والاستلقاء فوقها ولو لم يكشف الجاني ملابسه أو ملابس المجني عليها.
2- كون هذا الفعل وقع على قاصر يقل عمره عن خمسة عشر سنة سواء كان ذكرا أو أنثى وبدون عنف.
العنصر المعنوي
هو القصد الجنائي أي علم الفاعل بارتكابه عملا مؤذيا بالأخلاق.
أما إذا انتفى هذا القصد الجنائي فلا تتحقق الجريمة كما إذا مس الجاني موضعا لعورة المجني عليه نتيجة ازدحام في الحافلة مثلا.
العقوبة :
هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات(الفصل 484).
الظروف المشددة للجريمة
شدد المشرع العقوبة إذا وقع هتك عرض شخص مع استعمال العنف أو الإكراه كما شدد العقوبة بالنظر إلى صفة الفاعل أو تعدد المرتكبين وما إذا أدى الأمر إلى افتضاض بكرة البنت وذلك حسب الجدول التالي :
وصف الجريمة الوسيلة العقوبة المقررة صفة الفاعل أو تعدد الجناة الفصل 487الافتضاض الفصل 488 اجتماع الظرفين صفة الفاعل والإفتضاض
هتك عرض قاصر دون الخامسة عشرة من عمره
الفصل 484 بدون عنف الحبس من سنتين إلى خمس سنوات السجن من خمس إلى عشر سنوات عشر سنوات
هتك عرض شخص تجاوز 15 سنة من عمره
الفصل 485 الفقرة الأولى مع استعمال العنف الناشئ عن إكراه بدني السجن من 5 سنوات إلى 10السجن من 10 سنوات إلى 20 سنة 20 سنة
هتك عرض قاصر يقل عمره عن 15 سنة الفصل 485 الفقرة الثانية مع استعمال العنف الناشئ عن إكراه بدني السجن من 10 سنوات إلى 20 سنةالسجن من20 إلى 30 سنة 30 سنة
والمقصود بصفة الفاعل أي من الأشخاص المذكورين في الفصل 487 وهم كما يلي:
- أصول الضحية.
- أو من لهم سلطة على الضحية.
- أو وصيا عليها.
- أو خادما بالأجرة عندها أو عند أحد من الأشخاص السالف ذكرهم.
- موظفا دينيا أو رئيسا دينيا.
المحاولة :
يعاقب عليها بنفس عقوبة الجريمة التامة وفي مختلف الحالات.
الاغتصاب
النص القانوني
تعرض لهذه الجريمة الفصل 486 بقوله: " الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات ........."
العناصر التكوينية :
العنصر المادي
1- مواقعة غير شرعية : تكون المواقعة غير شرعية إذا لم تربط بين الرجل والمرأة علاقة الزوجية.
كما تتحقق هذه المواقعة أو المجامعة بولوج ذكر الرجل فرج المرأة كلا أو بعضا.
ولا بد أن يقع هذا الفعل في المكان الطبيعي المعد له من المرأة, فإن كان الفعل من دبرها فلا يشكل جريمة اغتصاب إنما جريمة هتك عرض. ولابد أن يقع الفعل من الرجل عن طريق عضوه التناسلي, فإن كان الفعل بأي شيء آخر كإدخال الرجل لإصبعه في فرج المرأة فلا يعد الفعل اغتصاب.
ولا وجود للجريمة إذا كانت المواقعة مشروعة, فالزوج الذي يجامع زوجته كرها عنها لا يرتكب جريمة الاغتصاب, وتبقى المرأة في عصمة زوجها حتى ولو كانت مطلقة طلاقا رجعيا, أما الطلاق البائن فإنه ينهي الرابطة الزوجية, ومن ثم إذا وقع الوطء كرها عن المرأة في هذه الحالة فإن المطلق يعتبر مرتكبا للجريمة.
2- كون الفاعل رجلا والضحية امرأة إذ لا يتصور أن تغتصب الأنثى واحدة من جنسها. كما يشترط أن تكون المجني عليها امرأة على قيد الحياة, لأن الاغتصاب لا يقع على جثة وإلا أصبحنا أمام جريمة أخرى منصوص عليها في الفصل 271 من المجموعة الجنائية.
ولا يهم أن تكون الأنثى بكرا, كما أنه لا عبرة بدرجة أخلاقها وعلى هذا يتحقق الاغتصاب ولو وقع على باغية أو مومسة دون رضاها.
3- انعدام الرضاء : ينعدم الرضاء إذا أكره الجاني المجني عليها ماديا(كاستخدام القوة البدنية)أو أدبيا كالرجل الذي يهدد امرأة بإفشاء سر خطير من أسرارها وتخاف على نفسها من الفضيحة, أو استعمال الحيلة(كالذي يدخل سرير امرأة على صورة حسبته زوجها فتمت المواقعة)أو إذا كانت المجني عليها فاقدة للوعي والتمييز سواء كان ذلك بفعل إرادي من جانب الجاني كما لو أعطاها مادة مخدرة أو لجأ إلى التنويم المغناطيسي أم كان ذلك نتيجة لحالة لا دخل للجاني فيها كما لو وقعت الجريمة أثناء نوم المجني عليها أو أثناء وجودها في حالة إغماء كذلك ينعدم الرضاء أيضا إذا كانت الضحية مجنونة أو غير مميزة وانعدام الرضاء هو الذي يفرق جريمة الاغتصاب عن جريمتي الفساد والخيانة الزوجية.
العنصر المعنوي
هو القصد الجنائي أي أن يكون الفاعل عالما بأنه يواقع أنثي بغير رضاها, وأن هذه المواقعة غير مشروعة في نفس الوقت تتجه إرادته إلى إتيان الفعل.
العقوبة :
هي السجن من خمس سنوات إلى عشر.
الظروف المشددة :
هذه الظروف هي: القصور الجنائي والافتضاض وعلاقة القرابة أو ولاية أو خدمة أو كون الجاني موظفا دينيا أو رئيسا دينيا والاستعانة بشخص أو عدة أشخاص وذلك حسب الجدول الآتي :
جريمة الاغتصاب ( الفصول من 486 إلى 488)
|
سن المجني عليها يعادل أو يفوق15 سنة |
سن المجني عليها يقل عن 15 سنة |
العقوبة المقررة |
من 5 سنوات إلى 10 سنوات (الفصل486
الفقرة الأولى) |
السجن من 10 سنوات إلى 20 سنة(الفصل
486 الفقرة الثانية) |
صفة الفاعل(مشار إليها في الفصل 487
الفقرة الأولى) |
من 10 سنوات إلى 20 سنة (الفصل487
الفقرة الخامسة) |
من 20 سنة إلى 30 سنة (الفصل 487
الفقرة السادسة) |
الافتضاض |
من 10 سنوات إلى 20 سنة (الفصل 488
الفقرة الخامسة) |
من 20 سنة إلى 30 سنة (الفصل 488 الفقرة
السادسة) |
اجتماع الظرفين المشددين الافتضاض
وصفة الفاعل |
20 سنة (الفصل48 الفقرة الأخيرة) |
30 سنة (الفصل 488 الفقرة الأخيرة) |
استعمال وسائل التعذيب وارتكاب أعمال
وحشية بقصد اغتصاب الأنثى |
الإعدام (الفصل 399) |
الإعدام (الفصل 399) |
المحاولة :
المحاولة في جريمة الاغتصاب تتم بقيام الجاني بعمل لا لبس فيه يهدف مباشرة إلى ارتكاب الجريمة :
أ- عمل لا لبس فيه : أي يدل بوضوح على أن الهدف منه هو اغتصاب الضحية.
ب- يهدف مباشرة إلى تنفيذ الجريمة : ويتحقق هذا كلما كان الوضع الذي انتهى إليه الجاني يجعل تنفيذ الاغتصاب وشيك الوقوع لا يفصل بينهما فاصل زمني يذكر ويعود تقدير هذه الملابسات كلها إلى قاضي الموضوع.
جلب الأشخاص للدعارة
النص القانوني
نص على هذه الجريمة الفصل 498 بقوله : " يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائتين وخمسين إلى عشرة آلاف درهم ما لم يكن فعله جريمة أشد كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال الآتية :
1- أعان أو ساعد أو حمى ممارسة البغاء أو جلب الأشخاص للبغاء وذلك بأية وسيلة كانت.
2- أخذ بأي شكل كان نصيبا مما يتحصل عليه الغير عن طريق البغاء, أو تسلم جبايات من شخص يتعاطى عادة البغاء.
3- عاش مع شخص يتعاطى عادة البغاء.
4- استخدم أو استدرج أو رعى شخصا قاصرا أو بالغا بقصد ممارسة البغاء, ولو برضائه, وكذلك من سلم شخصا إلى البغاء أو الدعارة.
5- مارس الوساطة, بأية صفة كانت بين من يتعاطى البغاء أو الدعارة وبين من يستغل أو يمول بغاء الغير أو دعارته ".
العناصر التكوينية :
العنصر المادي
1- فعل جلب الأشخاص للبغاء : ويتحقق ذلك بإقناع الشخص أو التأثير عليه لممارسة الدعارة سواء كانت الوسيلة على شكل :
- المساعدة المادية أو المعنوية.
- إعطاء عناوين ومنازل البغايا للعملاء.
- استدراج امرأة من أجل الدعارة, كاتخاذ بعض الوسائل التي تجعلها تصحب هذا الوسيط أو الوسيطة إلى مكان معين لممارسة الدعارة دون حاجة إلى تحريض أو إكراه.
- استخدام ظاهر لامرأة في عمل معين في الوقت الذي يكون فيه الهدف هو جلبها لممارسة البغاء بصورة مستمرة.
ويطلق على من يجلب الأشخاص للدعارة اسم الوسيط أو الوسيطة لأن الوساطة ليست قاصرة على الإناث فقد يمارسها الذكور أيضا.
2- تسلم نصيب مما يتحصل عليه الغير عن طريق البغاء, وهذا النصيب قد يكون مبلغا من المال في شكل نفقة السكن أو الأكل أو الشرب أو عبارة عن خدمات معينة.
العنصر المعنوي ( هو القصد الجنائي )
العقوبة :
هي الحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من 250 إلى 10000درهم.(الفصل 498 الفقرة الأولى).
ويجوز أن يحكم على الفاعل بالحرمان من واحد أو اكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 و بالمنع من الإقامة من خمس إلى عشر سنوات (الفصل 504 الفقرة الأولى).
ويعاقب الفصل 502 بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 200 إلى 500 درهم من قام علنا بجلب أشخاصا ذكورا أو إناثا لتحريضهم على الدعارة وذلك بواسطة :
- إشارات
- أو أقوال
- أو كتابات (نشر إعلانات ..)
- أو أية وسيلة أخرى (مكالمة هاتفية مثلا ...)
ويجوز أن يتعرض الجاني لنفس الحرمان والمنع من الإقامة المشار إليهما أعلاه(الفصل504 الفقرة الأولى).
الظروف المشددة :
هذه الظروف تعرض لها الفصل499 من المجموعة الجنائية حين نص على عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من 500 إلى 20000 درهم على الأحوال الآتية :
1- إذا ارتكبت الجريمة مع قاصر دون الثامنة عشرة من عمره.
2- إذا استعمل في ارتكاب الجريمة إكراه أو استغلال لسلطة أو تدليس.
3- إذا كان مرتكب الجريمة حاملا لسلاح ظاهر أو مخبأ.
4- إذا كان مرتكب الجريمة هو الزوج أو أحد الأشخاص المعددين في الفصل487.
5- إذا كان مرتكب الجريمة من المكلفين بحكم وظيفتهم بالمساهمة في محاربة البغاء أو حماية الصحة أو الشبيبة أو المحافظة على النظام العام.
على أن الفصل 500 يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفصول 497 إلى 499 ولو كانت بعض الأفعال المكونة لعناصر الجريمة قد ارتكبت خارج المملكة وفي جميع هذه الحالات يجوز أن يحكم على الفاعل بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 وبالمنع من الإقامة من 5 إلى 10 سنوات.
المحاولة :
المحاولة معاقب عليها بنفس عقوبة الجريمة التامة (الفصل 504 الفقرة الأخيرة).