عن كتاب (تحليل ومناقشة القوائم المالية) الصادر عن جامعة
الموصل ـ العراق ـ 2003
مفهوم التحليل المالي
التحليل المالي Analysis (لغة) : رد الشيء إلى عناصره المكونة له ، مادية كانت أو معنوية ،
ويستخدم في الهندسة للتوصل إلى العناصر التي يتوقف عليها حل مسألة رياضية ، وقد
استعمله اليونانيون في البرهنة الرياضية .
ويعرف التحليل في مجالات الأعمال – بصورة عامة –
بأنه عملية تجزئة الكل إلى أجزائه مع تفحص هذه الأجزاء وبيان علاقة كل جزء بالآخر
، للخروج بسلسلة من الخطوات نحو تحقيق نتيجة معينة بأكثر الطرق فاعلية .
وفي مجال المحاسبة ، تعتمد عملية التحليل على
البيانات التي تحتويها القوائم المالية التي تقوم نظم المعلومات المحاسبية
بأعدادها وتقديمها إلى الجهات التي يمكن أن تستفيد منها والتي لها علاقة بالوحدة
الاقتصادية المعدة عنها تلك القوائم .
وبذلك فأن التحليل من وجهة
النظر المحاسبية سوف ينصب على دراسة تفصيلية لكل العلاقات المهمة والمفيدة التي
يمكن ان تنشأ بين البيانات المالية التي تحتويها القوائم المالية وتفسيرها بما
يؤدي إلى خدمة الجهات المتعددة التي يمكن ان تستفيد منها في عمليات اتخاذ القرارات
المختلفة .
وهناك بعض المصطلحات
المرادفة لمصطلح التحليل المالي مثل التحليل المحاسبي وتحليل ومناقشة القوائم
المالية ، وهي جميعاً تشير إلى تحقيق هدف واحد متماثل يتعلق بدراسة ما تحتويه
القوائم المالية من بيانات وتفسير العلاقات المهمة التي يمكن أن تنشأ فيما بينها
خدمة للجهات العديدة ، إلاّ أن هناك خلطاً قد يحدث لدى البعض في فهم وتوضيح كل من
مصطلحي التحليل المالي والتحليل المحاسبي
على اعتبار أن التحليل المالي يتعلق بدراسة البيانات المالية وان التحليل
المحاسبي يتعلق بدراسة البيانات المحاسبية ، وينشأ هذا الخلط من خلال اعتبار أن
مصطلحي البيانات المحاسبية هما مصطلحان مختلفان عن بعضهما ، في حين يمكن القول أن
البيانات المالية هي أحد أنواع البيانات المحاسبية على اعتبار أن البيانات
المحاسبية يمكن أن تشمل كلا من البيانات المالية وغير المالية (الكمية والوصفية)
وبما ان القوائم المالية تحتوي على بيانات ثم يتم تقييمها بصورة نقدية (مالية) من
خلال عمليات القياس المحاسبي التي تفترض قابلية تلك الأحداث للقياس النقدي
(المالي) فأنه يمكن القول أن البيانات التي تحتويها القوائم المالية هي في
غالبيتها بيانات مالية .
خطوات التحليل المالي
لكي يقوم المحلل المالي
بعملية التحليل المالي لابد من اتباعه مجموعة من الخطوات المتسلسلة تشمل الآتي :
الخطوة الأولى : تصنيف البيانات المالية
حيث يقوم المحلل المالي
بتصنيف وترتيب البيانات المالية التي تحتويها القوائم المالية على وفق الأسلوب
الذي يمكن أن تساعده في عملية استخراج وتوضيح العلاقات الرياضية التي يمكن ان تنشأ
بين عناصر تلك البيانات المالية وبما يمكن ان يسهل له أيضاً القيام بالخطوة
التالية وهي (المقارنة) .
ومن أمثلة عمليات التصنيف والترتيب التي يمكن أن
يقوم بها المحلل المالي هو إعادة ترتيب مكونات الموجودات المتداولة ومكونات
المطلوبات المتداولة نظراً لوجود العديد من العلاقات التي يمكن ان يستفاد منها في
ذلك مثل استخراج نسب السيولة (نسبة التداول ونسبة السيولة السريعة) وكذلك استخراج
صافي رأس المال العامل ... الخ .
الخطوة الثانية : المقارنة
يقوم المحلل المالي بعملية المقارنة للبيانات المالية من خلال العلاقات الرياضية
التي يمكن أن تنشأ بين بعضها البعض وبما يمكن أن يساعده فيما بعد في القيام
بالخطوة التالية وهي (تفسير النتائج) . ويلاحظ أن المحلل المالي كلما كان دقيقاً
في إيجاد العلاقات المهمة والتي يمكن أن تحقق فائدة من استخدامها كلما كان دقيقاً
في تفسير النتائج التي يتم التوصل إليها .
الخطوة الثالثة : تفسير النتائج
من خلال النتائج التي يتم
التوصل إليها وفق الخطوة السابقة يجب على المحلل المالي أن يقوم بتفسير وتوضيح
الأسباب التي قادت إلى تحقيق تلك النتائج وذلك من خلال الاستعانة بواحد أو اكثر من
معايير التحليل المالي الموضحة سابقاً في سبيل إعطاء الحكم الصحيح عن تلك النتائج
.
وتعتبر عملية تفسير النتائج
من أهم الأعمال التي يقع على عاتق المحلل المالي القيام بها حيث أن مجرد استخراج
نتائج العلاقات الرياضية التي يمكن ان تنشأ بين عناصر القوائم المالية لا يمثل
شيئاً مهماً ومفيداً إذا لم يكن هناك تفسيراً واضحاً له وبما يمكن أن يحقق الفائدة
لدى العديد من الجهات التي يمكن أن تستفيد من نتائج عملية التحليل المالي في سبيل
اتخاذ قراراتها المختلفة المتعلقة بالوحدة الاقتصادية والأعمال والنشاطات
والسياسات المالية التي قامت بها في أثناء الفترة المالية المعنية بعملية التحليل
.
معايير التحليل المالي
المعيار هو أداة يقاس عليها
شيء معين بهدف إعطاء حكم معين عليه وتفسير نتائجه ، ولكي يتم تفسير النتائج التي
يتم التوصل إليها من خلال عملية التحليل المالي فلابد من وجود مجموعة من المعايير
التي يمكن أن تعتمد في ذلك ، إذ إن مجرد التوصل إلى أرقام مطلقة من خلال عملية
التحليل المالي لا يعني شيئاً إلاّ إذا تم تفسير تلك النتائج كما أن تفسير النتائج
لا يمكن أن يتم إلاّ بوجود مجموعة من المعايير .
وهناك العديد من المعايير التي يمكن ان تستخدم في
عملية التحليل المالي أهمها الآتي :
أولاً. المعايير المطلقة (النمطية)
وهي مجموعة المعايير التي تم التوصل إليها عن طريق
دراسة عدة قوائم مالية لعدة فترات مالية ولعدد من الوحدات الاقتصادية وبالتالي
أمكن التوصل إلى نتائج (أرقام) مطلقة يمكن من خلالها الحكم على الوحدة الاقتصادية
المعنية بالتحليل ومن أهم هذه المعايير الآتي :
1. نسبة التداول
وهي تمثل أحد أنواع النسب
التي تقيس السيولة النقدية للوحدة الاقتصادية ، حيث يتم من خلالها توضيح العلاقة
التي يمكن أن تنشأ بين كل من الموجودات المتداولة و المطلوبات المتداولة في سبيل
الحكم على مدى قدرة الوحدة الاقتصادية على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير .
ويمثل المعيار المطلق لهذه
النسبة 1:2 أي أن إجمالي الموجودات المتداولة يفضل أن يكون ضعف إجمالي المطلوبات
المتداولة وبما يعني أنه على الوحدة الاقتصادية أن تؤمن وجود سيولة نقدية (من خلال
الموجودات المتداولة) تساوي ضعف ما عليها من التزامات أو ديون متمثلة
بالمطلوبات المتداولة وعليه فأن نسبة التداول يفضل أن تأخذ الشكل الآتي :
إجمالي المطلوبات
المتداولة |
إجمالي الموجودات
المتداولة |
نسبة التداول = الموجودات
المتداولة = 2: 1 كمعيار مطلق
المطلوبات المتداولة
2. نسبة السيولة السريعة
وهي تمثل أحد أنواع النسب
التي تقيس السيولة النقدية للوحدة الاقتصادية أيضاً ، يطلق عليها أيضاً نسبة
التداول السريعة . وبموجب هذه النسبة يتم استبعاد الموجودات المتداولة بطيئة
التحول إلى نقدية (وخاصة المخزون السلعي) وذلك في سبيل خلق حالة من الأمان لدى
الدائنين والمقرضين من قدرة الوحدة الاقتصادية على الوفاء بالتزاماتها تجاههم ،
وذلك لان المخزون السلعي غالباً ما يمثل نسبة كبيرة من إجمالي الموجودات المتداولة
فضلاً عن نه يمكن أن يكون هناك بعض العراقيل في أثناء تصفيته بصورة سريعة - إذا ما
اضطرت الوحدة الاقتصادية إلى ذلك لأي سبب من الأسباب .
وعليه فإن نسبة السيولة السريعة سوف توضح العلاقة بين إجمالي الموجودات
المتداولة سريعة التحول إلى نقدية خلال الفترة المالية ( أي بعد استبعاد المخزون
السلعي) وإجمالي المطلوبات المتداولة والتي يفضل أن يكون ناتجها كمعيار مطلق 1:1
وبما يعني أن إجمالي الموجودات المتداولة سريعة التحول إلى نقدية يفضل أن يساوي
إجمالي المطلوبات المتداولة ، وذلك وفق الصيغة الرياضية الآتية :
نسبة السيولة السريعة
= الموجودات المتداولة -
المخزون =
1:1 كمعيار مطلق
المطلوبات المتداولة
ثانياً . المعايير التاريخية
وهي تعتمد على النتائج التي
حققتها الوحدة الاقتصادية خلال فترة أو فترات زمنية ماضية (تاريخية) ، حيث يعتمد
المحلل المالي على مقارنة النتائج التي يتم التوصل إليها عن الفترة المالية
المعنية بالنتائج التي تم تحققها خلال الفترة أو الفترات المالية السابقة في سبيل
تفسير النتائج وإعطاء الحكم على النتائج المحققة عن أي علاقة رياضية يمكن أن تنشأ
بين البيانات المالية التي تحتويها القوائم المالية.
ثالثاً . المعايير القطاعية (الصناعية)
وهي تلك المعايير التي تعتمد
في عملية المقارنة على النتائج التي يتم التوصل إليها للوحدة الاقتصادية المعينة
مع النتائج التي حققتها وحدة اقتصادية أو وحدات اقتصادية أخرى تعمل ضمن نفس
القطاع (صناعياً كان أم تجارياً أم مالياً أم زراعياً) لكي تكون نتائج عملية
المقارنة أدق وأوضح في تفسير النتائج ، حيث انه من المفضل مقارنة النتائج التي يتم
التوصل إليها عن شركة تعمل في قطاع الغزل والنسيج مع شركة أخرى تعمل ضمن نفس
القطاع وليس مع شركة أخرى تعمل ضمن قطاعات أخرى .
رابعاً . المعايير المستهدفة (الوضعية)
وهي تلك المعايير التي تضعها
الوحدة الاقتصادية المعنية وتخطط للوصول إليها في ضوء إمكانياتها المادية والبشرية
المتاحة ، ويجب على الوحدة الاقتصادية أن يكون تخطيطها سليماً ودقيقاً لكي تكون
عملية المقارنة مع النتائج المتحققة سليمة ودقيقة أيضاً ، ومن أمثلة المعايير
المستهدفة التي يمكن أن تخطط لها الوحدة الاقتصادية أساليب الموازنات والتكاليف
المعيارية .