بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمــة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره ، و نستهديه , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد...
فإن الحديث على صفحات هذا البحث سيدور بحول الله وقوته حول موضوع : " تأثير الأجهزة الذكية على النمو العقلي للطفل"
و سيتم في هذا الموضوع الاعتماد على جمع المعلومات من عدة مصادر ومراجع علمية و ذلك في ضوء ما تيسر لي من معلومات...
وأرجو من الله العلي العظيم أن يلهمني السداد و التوفيق في عرض هذا الموضوع على النحو الأفضل ...إنه سميع مجيب ..
و الله الموفق
مفهوم النمو:
النمو هو سلسلة متماسكة من تغيرات تهدف إلى غاية واحدة هي اكتمال النضج ومدى استمراره وبدء انحداره، فالنمو بهذا المعنى لا يحدث فجأة، بل يتطور بانتظام.
فالنمو قي أبسط مظاهره : زيادة كمية في الطول والوزن والحجم، وتبدل نسب أبعاد الجسم.
وهو تغير ايجابي أو تطور نوعي في السلوك والعمليات المعرفية والانفعالية، فما دام النمو مستمرا فالطفل ينتقل من حركة الذراع الكلية إلى حركة الأصابع وحدها، ومن الأصوات إلى الحروف إلى الكلمات، ومن العمليات الحسية الحركية إلى صنع الرمز إلى العمليات الفكرية العيانية إلى العمليات الفكرية المجردة.( وناس و عبد الحميد , 2006م, ص121)
القوانين العامة للنمو:
للنمو خصائص وقوانين عامة إذا فهمها الوالدان سهل عليهم التعاون مع الاتجاه الطبيعي للنمو، وأهم تلك القوانين والمبادئ ما يلي:
• النمو عملية مستمرة ومتدرجة : ومتصلة منذ بداية الحمل حتى البلوغ وكل مرحلة تتوقف على ما قبلها وتؤثر فيما بعدها.
• النمو يسير في مراحل : يسير النمو في مراحل يتميز كل منها بسمات خاصة واضحة ، إلا أننا من الصعب أن نميز بين نهاية كل مرحلة وبداية المرحلة التي تليه.
• كل مرحلة من المراحل لها سماتها الخاصة التي تميزها .
• سرعة النمو ليست على وتيرة واحدة : بل نلاحظ أن سرعة الطفل قبل الميلاد تكون كبيرة، ومعدلها أيضا أكبر من المراحل اللاحقة. إلا أنها تبطئ نسبيا بعد الميلاد .إلا أنها تظل سريعة في مرحلة الرضاع ومرحلة الطفولة المبكرة ثم تستقر السرعة نسبيا في الطفولة الوسطى والمتأخرة .ثم تحدث تغيرات سريعة وقوية في مرحلة المراهقة، لدرجة أن علماء النفس والنمو سموها مرحلة الولادة الثانية إلا أنها تستقر نسبيا في آخر مرحلة المراهقة .
• مظاهر النمو تسير بسرعات مختلفة : فيختلف معدل النمو من مظهر إلى آخر. فنرى أن أعضاء الجسم تختلف حجما من مرحلة إلى أخرى وكذلك أن الوظائف أن الوظائف العقلية لا تنمو بسرعة واحدة .
• الفروق الفردية واضحة في النمو :يختلف الأطفال من حيث سرعة النمو كما وكيفا. فكل فرد ينمو بطريقة وأسلوب خاص به، كما أن لكل طفل مواعيده الخاصة في النمو، ويختلف معدل النمو من طفل لآخر .
• النمو يسير من العام إلى الخاص ومن الكل إلى الجزء : لاحظ العلماء أن الأطفال عموما يستجيبون استجابات عامة ثم تتخصص تلك الاستجابات وتتفرع وتصبح أكثر دقة فيما بعد. فمثلا نلاحظ في حركة الطفل أنه يتحرك بكل جسمه إذا أراد أن يصل إل شيء ما ثم باليدين ثم بيد واحدة ثم بالكف كله ثم بإصبعين . ( خلف الله , 2004م, ص 101-103)
تتحكم عدة عوامل في نمو الطفل أهمها:
• العامل الوراثي:
الذي يعتمد على برنامج حيوي حقيقي
يحويه الجسم على مستوى الـADN.
وتكون الخصائص القياسية للناس على علاقة عند نفس المجموعة العرقية.
على سبيل المثال فيما يتعلق بالثلاث الأعراق البشرية الكبيرة بينما تكون قامة الراشدين متقاربة، توجد اختلافات في قياسات الأطراف، الطرف السفلي يكون أطول عند الأفارقة وأقصر عند الأسيويين بالنسبة للأوروبيين.
يوجد أيضا اختلافات حسب الجنس, فنجد أن قامة الراشدين تكون أقل عند الإناث ولكن النضج يكون أسرع.
وهناك عامل المحيط الذي له دور في تفسير التغيرات الاثنية.
• العوامل الهرمونية
o يفرز الفص الأمامي للغدة النخامية هرمونا يؤثر على عملية النمو بالجسم.
يبدأ هرمون النمو نشاطه منذ الأشهر الأولى لتكون الجنين، ليزيد إفرازه في السنوات الأولى من عمر الطفل ثم يعاود نشاطه في فترة البلوغ.
يؤثر هذا الهرمون على الأنسجة النامية على مستوى الغضاريف (تنظيم عملية نمو العظام طوليا) والعديد من عمليات التمثيل الغذائي، لذلك فان أي نقص لإفراز الهرمون يؤدي إلى خلل في عملية النمو .
o نجد أيضا هرمون الغدة الدرقية الذي يلعب دورا كبيرا في عملية نمو العظام وأي نقص في إفرازه يؤدي إلى بطء في معدل النمو وتأخر في النشاط العقلي والبدني.
o عند اقتراب البلوغ تعمل الهرمونات الجنسية على تسريع عملية النمو فتحدث بذلك طفرة البلوغ.
• عوامل المحيط
يمكنها أن تؤثر بالسلب أو الإيجاب على عملية النمو.
• عوامل التغذية
يمكن أن يؤثر نقص التغذية الكمي أو الكيفي في إبطاء عملية النمو، كذلك تؤدي الأمراض الناتجة عن خلل في هضم أو امتصاص الغذاء إلى نتائج مماثلة.
• العوامل الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية
يزداد النمو بتحسن المستوى الاجتماعي والاقتصادي.
• العوامل النفسية و العاطفية
قد يسبب محيط تسوده عوامل نفسية وعاطفية غير مواتية للطفل حالات من تأخر النمو .
النمو العقلي للطفل:
تطرق العديد من علماء النفس في نظرياتهم التي تبنوها الى جوانب النمو العقلي عند الطفل مهم سبيرمان وجيلفورد، واكثرهم شهرتا في ذلك العالم السويسري جان بياجيه، وهو عالم بايولوجيا في الاصل، اختبر جل الفرضيات والتجارب التي اجراها لدعم نظريته على طفلتيه، اذ انه كان يراقب سلوكهما ويسألهم ويحاورهما لمعرفة كيف ينمو ويتطور العقل لدى الاطفال. ومن خلال الكم الكبير من التجارب والبحوث التي اجراها هو وزملائه المؤيدين لنظريته ومن بعده تلامذته، يرى بياجيه ان النمو العقلي عند الطفل يمر باربع مراحل هي:
ا- المرحلة الحسية الحركية:
وهي المرحلة التي يستخدم فيه الطفل الاشياء المحسوسة التي يتلقاها من العلم الخارجي ويتعامل معها حركيا عن طريق يديه وعضلاته، فمثلا عندما يرى الطفل لعبة ما يقوم بامساكها بيديه ويحاول معرفة مكوناتها واجزائها عن طريق محاولات تفكيكها او تركيبها، وهذا كثيرا ما يراه الآباء ويعانون منه، سيما اذا كانت اللعبة او الحاجة التي تصل اليها يدي الطفل غالية او ثمينة او عزيزة اذ معظم الاحيان نتيجة للعبث ومحاولة التعرف يودي الى كسرها او خرابها. يقسم بياجيه هذه المرحلة الى عدة جوانب تتضمن:
ا- جانب المرونة العضوية:
يتمثل هذه الجانب قيام الطفل بحركات عشوائية في البداية ثم تميل هذه الحركات الى الاستقرار هدفها الاتقان والدقة في ادآء العمل، تشمل الاجزاء التي تقوم بهذه الحركات العشوائية الرأس والعينين واليدين والقدمين، فمثلا امساك الطفل في البداية بالرضاعة يكون عن طريق الحركات العشوائية وغير المنظمة، ثم بعد ذلك تستقر عملية الامساك بها بشكل منظم ومتقن كلما تقدم الطفل بالعمر. هذه المرونة العضوية ترتبط بعلاقات ايجابية مع الجهاز العصبي من خلال تطور عمل هذا الجهاز مع نمو الطفل بشكل مستمر.
ب- جانب التكيف الداخلي:
يتضمن هذا الجانب قيام الطفل بتكييف اعضاءه الجسمية لتستجيب للمنبهات الخارجية التي يتعامل في بداية عمره معها عن طريق الفم، فمثلا تحريك الشفتين وعضلات الفم التي يمكن ملاحظتها على الطفل بشكل واضح متوافقة مع افرازات الغدد اللعابية هي مؤشرات لتكيف اعضاء الجسم التي تتعامل مع الطعام الذي يقدم للطفل، وهذه العلاقة بين المنبه الخارجي والاعضاء التي تتعامل معه ايضا ترتبط بنمو وتطور الجهاز العصبي عند الطفل.
ج- جانب الموائمة:
يتضمن ها الجانب موائمة الطفل بين الحركات العشوائية التي يقوم بها والمؤثرات البيئية التي يواجهها، ينتج عن هذه الموائمة ادخال انماط جديدة من التفكير تجعل من الطفل اكثر استقرارا مع البيئة المحيطة.
د- جانب الترابط بين الحس والحركة:
يتضمن التوافق بين حركات الطفل مع احساساته بحيث يتمكن من الحصول على الاشياء من البيئة التي تتلاءم مع احساساته الداخلية، فمثلا رفض الطفل الاطعمة المرة او المالحة واتجاهه لتناول الاطعمة الحلوة هو دليل على ترابط ما بين حركاته وحاسة الذوق عنده.
ان جميع هذه الجوانب تعمل على تكوين الجانب الحسي الحركي، والذي يعده بياجيه مظهرا من مظاهر النمو العقلي عند الطفل.
2- مرحلة ما قبل العمليات:
وفيها لا يستجيب الطفل للمعلومات البيئية المختلفة بطريقة حسية حركية مباشرة، بل يعمل على ترميزها وتشفيرها ومن ثم توظيفها بوصفها خبرات سابقة يستفيد منها في التعامل مع المعلومات المستقبلية التي يواجهها، فمثلا عندما يتمكن الطفل من نسج قصة من خياله او يتمكن الطفل من معرفة ان الطيور تشترك فيما بينها بخاصية الطيران ويعمم هذه الحقيقة يكون قد دخل في هذه المرحلة، والتي عادة ما تظهر عند الطفل بعمر من 2-7 سنوات.
3- المرحلة المادية:
وفيها يتمكن الطفل من تطبيق الاشياء المحسوسة ومقارنتها، فمثلا يستطيع ان يربط ما بين العناصر المتشابهة في مجموعتين مستقلتين من حيث الشكل واللون. تظهر هذه المرحلة عند الطفل من عمر 7-12 سنة.
4- المرحلة المجردة:
وفيها يتمكن الطفل من ادراك المفاهيم المجردة، فمثلا عندما يتمكن الطفل من معرفة مفهوم العدالة والصدق والامانة، ويربط هذه المفاهيم بمواقف محسوسة يكون قد دخل في هذه المرحلة، والتي عادة ما تظهر من عمر 12 سنة فما فوق.
ان تلك المراحل التي تطرق لها بياجيه في نظريته ومن خلال التجارب والدراسات التي اجراها هو وتلامذته كان يستهدف من وراءها استخدام افضل الوسائل التربوية التي يمكن التعامل بها مع الاطفال، وتمثل ذلك عن طريق فهم المرحلة العمرية التي يكون الطفل فيها والمعلومات التربوية التي تناسبها، فمثلا لا يمكن لنا ان نعلم الاطفال في عمر من 3-10 سنوات المفاهيم المجردة مثل الصدق او الامانة او الحرية وغيرها من المفاهيم المجردة الا من خلال استخدام اساليب تربوية تتضمن فيها هذه المفاهيم وتحاكي عمر الطفل مثل استخدام القصص او الحكايات المصورة او التوجيهات التربوية المباشرة لأمثلة محسوسة في حياة الطفل، وبالتالي فان الامر يتطلب من التربويين والقائمين على العملية التربوية فيما اذا ارادوا النجاح في تحقيق الاهداف التربوية المبتغاة بتطبيق مبادئ هذه النظرية، ان يولوا امرين جل اهتمامهم هما: عمر الطفل وطبيعة المادة التربوية التي يريدون نقلها له، فاذا كان هناك تناسب طردي بينهما يكون الهدف التربوي واضحا وقابلا للتطبيق، بما يعطي نتيجة تربوية ملموسة، وهو بالتأكيد يصب في خدمة الهدف العام من العملية التربوية التي يسعى جميع التربويون ويحرصون اشد الحرص على نقلها بأساليب علمية حديثة ومناسبة للأجيال اللاحقة، مواكبة لطبيعة العصر والمرحلة الحضارية والعلمية التي تتقدم بشكل متواصل ومطرد في عالم دائم التغيير والتجديد، هذا التوافق التربوي هو انبل غاية للتربويين على مدى العصور.
تأثير الأجهزة الذكية على النمو العقلي للطفل
أتاحت التقنية الحديثة و الأجهزة الذكية الفرصة أمام الأطفال لممارسة ألعاب غير نمطية إنها ألعاب وبرامج التسلية والترفيه للجيل الجديد. إنها الألعاب العصرية التي بدأ الأطفال يفضلونها على الألعاب التقليدية التي طالما اعتادوا ممارستها لتطغى وتفرض نفسها عليهم. وإذا كان اندفاع الطفل نحو ألعاب الفيديو والكمبيوتر وأجهزة الهاتف المتطورة يحمل في طياته الكثير من الأمور الإيجابية.
فإن الأمر لا يخلو من بعض المخاطر الصحية والسلوكية التي ينبغي الالتفات إليها خاصة ما يتعلق منها بالنمو العقلي للأطفال..
و قد أصبح الأجهزة الذكية و تطبيقاتها و برامجها بالنسبة إلى أكثر الأطفال صديقاً حميماً وموجهاً يومياً اختاروه لأنفسهم , ويعتبر الهاتف مثلا للأطفال زميلاً يساعدهم وينصحهم وهو في الوقت ذاته لا يمكن أن يكون مملاً إطلاقاً وبالنسبة للأحداث هو مستشار ومصدر للمعرفة ودليل ومرشد في مجالات الحياة التي لم تعرف بعد.
فالهاتف الجوال مثل سكين حاد يمكن الاستفادة النافعة منه ويمكن أن يساء استخدامه فيكون مضراً، فإنه يوجب تنمية معرفة وإدراك العالم، وهو يساعد الأطفال أيضاً في التعليم والتسلية كما أنه مصدر للهو والمتعة، وهو يشجع ويقوي في الأطفال الرغبة في النشاط المبدع الفردي والجماعي كما أنه يقوم بدور المرشد الأخلاقي والأيديولوجي إذا أُديرت تطبيقاته بطريقة علمية و تربوية وإصلاحية.
إن الأهداف التي يصنعها الأجهزة الذكية و برامجها و تطبيقاتها تجعلها شريكة للأسرة والمدرسة والمجتمع.
ولكن مع ذلك هنالك جوانب سلبية عديدة فهذه الأجهزة هي من جهة نعمة، لكنه من جهة أخرى تخفي في داخلها خطر تشجيع العادات والسجايا السيئة في شخصية الطفل كما هو الحال عند ممارسة الأطفال للألعاب الإلكترونية من خلالها أو من خلال شاشات الكمبيوتر حيث أن الممارسة الخاطئة لهذه الألعاب من شأنها أن يترتب علها مخاطر جمة على الأطفال .
الأجهزة الذكية.. بين الترفيه والتدمير:
إن المغالاة في استخدام الأطفال للأجهزة الذكية يؤثر سلبيا على تطورهم عقليا و فكريا ونفسيا.
فالمشكلة تتمثل في صرف أوقات طويلة أمام الأجهزة الذكية "الأمر الذي يعني عملية كبح للتطور النفساني والعقلي و الفكري العادي. أن من العوامل الأخرى التي تؤدي إلى ضعف التطور للأطفال هي عدم تشجيعهم على المتابعة والانتظام في تلقي المعارف والعلوم الجديدة. وأن متابعة الأجهزة الذكية فضلا عن غياب عنصر التشجيع من قبل أولياء الأمور يؤدي إلى "إصابة الأطفال بإمراض نفسانية وعضوية جديدة "، الأمر الذي يحتم تحقيق أساليب جديدة لمعالجة هذه الأمراض،.
لقد أصبحت حياة أطفالنا تتأثر بها. ومن المهم بالنسبة للآباء وأمهات أن يشجعوا الأطفال على الاستفادة من الأجهزة الذكية ، ولكن في نفس الوقت ان يحاولوا تجنيبهم الآثار الضارة التي قد تنتج عن استخدامه.
تساؤلات حول سلبيات الأجهزة الذكية:
بالطبع تطرأ على أذهاننا الكثير من التساؤلات: كم عدد الساعات التي يمكن أن يقضيها طفلي أمام الأجهزة الذكية دون القلق من أن يتحول إلى مدمن عليها ؟ أو دون أن تضر عيناه؟ لكن هناك تساؤلات لا تخطر عادةً ببالنا: هل ستتسبب الأجهزة الذكية في أن يجعل الأطفال أشخاصاً غير اجتماعيين، خجولين، منطويين، أو حتى عدوانيين؟ كم عدد الساعات اليومية التي سيقضونها أمام الأجهزة الذكية قبل أن يبدؤوا في الشكوى من آلام الرسغ، الرقبة، والظهر؟ ماذا عن إهمالهم للقراءة والمذاكرة؟ والسمنة المفرطة هل هناك ارتباط بينها وبين استخدام الأجهزة الذكية ؟
الإيجابيات :
الأجهزة الذكية تبهر الأطفال وكثيراً ما يستحوذ على كل اهتمامهم وتركيزهم، ذلك أن استخدام ألعاب الأجهزة الذكية التعليمية قد تساعد على اكتساب الأطفال الثقة بالنفس وتقدير الذات حيث إن هذه الألعاب تسمح لكل طفل بالتحكم في التجربة التي يخوضها، معدل تطوره فيها، واختيار مستوى التحدي الذي يريحه. ( مرسي , 2003م , ص 21)
رغم أنه حتى الطفل الصغير يمكن أن يشاهد أفلام الرسوم المتحركة على شاشات الأجهزة الذكية ، إلا أن التحكم في الأجهزة الذكية والتعامل مع برامجها يتطلب استخدام عدد من المهارات مثل المهارات الحركية الدقيقة والتوافق بين حركات اليد والعين.
ومثل القراءة والكتابة تكون رغبة كل طفل وشغفه هما اللذان يحددان مدى سرعة تطور مهاراته في استخدام الأجهزة الذكية وأغلب الأطفال يتقدمون بسرعة إذا ما بدئوا في التعلم من الحضانة، قد تختلف رؤية كل مدرسة، لكن يجب على الآباء والأمهات ألا يقلقوا بخصوص السن التي يجب أن يبدأ فيها الطفل تعلم استخدام الأجهزة الذكية أو حتى يظهر اهتمامه به.
ورغم أن كثيرا من ألعاب الأجهزة الذكية هذه الأيام أكثر عنفاً عن ذي قبل وكنتيجة لذلك أصبح الأطفال الذين يستخدمون هذه النوعية من الألعاب أقل تحكماً في أنفسهم وأكثر عدوانية، لكن من المهم أن نتذكر أن ألعاب الأجهزة الذكية ليست كلها سيئة، فكثير من الألعاب التعليمية تمكن الطفل من تطوير وممارسة العديد من المهارات، يمكن أن تعلمه على سبيل المثال الحروف، الأرقام، الأشكال، الألوان، والإيقاع وأيضاً عند دخول الطفل المدرسة يمكن أن يقوم بالاستعانة بالألعاب الخاصة بالمواد الدراسية الألعاب الجيدة تتيح للطفل فرصة التدريب على حل المسائل ومهارات المنطق. هذه الألعاب تزيد المهارات الحركية الدقيقة لدى الطفل، وكذلك مهارات التوافق وتربي فيه الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات.
السلبيات :
الانترنت والأطفال
أما عن تأثير استخدام الإنترنت على الأطفال ، فيرى الباحثون أن هذا الأمر يقود إلى اضطراب وغير عادات النوم لدى الأطفال ناهيك عن المشكلات الدراسية وتدني المستوى التحصيلي لدى الأطفال ، كما أن الاستغراق في الإنترنت يؤدى إلى توقف الأطفال عن ممارسة الهوايات والأنشطة الأخرى المحببة لديهم ، في حين يمتنع أطفال آخرون عن التنزه والخروج الى الحفلات ومقابلة الأصدقاء والتجوال في الأسواق ومشاهدة الفيديو والتلفزيون ، كما يصاب بعض الأطفال بنوبات غضب وعنف عند محاولة وضع حدود وضوابط لاستخدام الشبكة من قبل الوالدين أو يتحايل بعضهم للدخول الى الشبكة من دون علماً الوالدين أو تحدياً لهم .
الاجهزة الذكية تسبب امراضا خطيرة للأطفال
في ظل تطور وتقدم التكنولوجيا وما تفرزه يومياً من أجهزة وألعاب مختلفة، انتشرت في أوساط المجتمع العربي ظاهرة توفر عدد كبير من الأجهزة الإلكترونية المزوّدة بأحدث الألعاب الإلكترونية، كالآيباد والبلاك بري والآيفون، والكمبيوتر، وألعاب الليزر للأطفال في أغلب الأسر، ما جعلهم يُنافسون الكبار في اقتنائها وشرائها حيث باتت تشكل لهم ولعاً وشيئاً أساسياً لا يمكن الاستغناء عنه، إلا أن معظم الأسر لا تعلم أن إدمان أبنائهم استخدام هذه الأجهزة قد يتسبب لهم بأمراض عديدة .
فعلى الرغم من فوائدها العديدة، فإن للأجهزة التكنولوجية واستعمالاتها تأثيرات سلبية على الذاكرة على المدى الطويل، بالإضافة إلى مساهمتها في انطواء الفرد وكآبته، لاسيما عند ملامستها حد الإدمان، فالجلوس أمام الكمبيوتر لفترة طويلة، قد يجعل بعض وظائف الدماغ خاملة، خاصة الذاكرة الطويلة المدى، بالإضافة إلى إجهاد الدماغ، كما أن الاستعمال المتزايد للتكنولوجيا، قد يزيد من صفات التوحد والانعزالية، وقلة التواصل مع الناس، وقد تتسبب الأجهزة التكنولوجية بأمراض عديدة وخطيرة كالسرطان، الأورام الدماغية، الصداع، الإجهاد العصبي والتعب، مرض باركنسون (وهو المرض العصبي يتميز صاحبه بارتعاشات عضلية، ثقل في الحركة، الكآبة النفسية)، كما تشكل خطراً على البشرة والمخ والكلى والأعضاء التناسلية وأكثرها تعرضاً للخطر هي العين، لكن الأمر الذي يجدد التساؤلات حول كيفية تعامل مع هذا العصر التكنولوجي في الوقت الذي يوسع فيه قاعدة مستخدميه على مستوى العالم بسرعة هائلة .
الخطورة على الأطفال
أظهرت دراسة أجريت حديثاً على أطفال في إحدى الدول المتقدمة، تتراوح أعمارهم بين أربع وخمس سنوات، أنّ الأطفال يقضون سبع ساعات ونصف الساعة يومياً أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، أي بزيادة ساعة وسبع عشرة دقيقة أكثر مما كان يفعل الأطفال في العمر نفسه قبل خمس سنوات . ومن المستغرب أكثر أنّ الدراسة نفسها أظهرت أن بعض الأطفال، ممن لا تزيد أعمارهم على السنتين، يقضون نحو ساعتين يومياً أمام شاشة جهاز إلكتروني .
ولو أجريت مثل هذه الدراسة على أطفالنا، لربّما جاءت النتيجة مقاربة لهذه النتيجة، وخصوصاً إذا تناولت أطفال الطبقة المتوسطة، في حين أجريت دراسة جديدة على عدد من الآباء والأطفال في دولة الامارات تشير إلى زيادة قلق الآباء من تأثيرات أجهزة التكنولوجيا (الهواتف النقالة، والأجهزة السطحية اللمسية) على صحة أطفالهم، حيث أشارت الدراسة إلى أن اكثر من نصف الآباء المشمولين فيها 4 .61% ابدوا قلقهم حول علاقة اطفالهم بالأجهزة التكنولوجيا، ونحو ثلاثة أرباع الآباء 9 .74% لا يدعون أطفالهم يستخدمون هذه التقنيات من دون مراقبة .
ماذا يقول الأطفال؟
يقول راغب ايمن (12 سنة)، إنه يفضل استخدام الآي فون والبلاك بيري لأنها الأجهزة المتطورة التي تحتوي على خدمة الاتصال مع جميع الخدمات الأخرى كالألعاب وغيرها باختلاف الكمبيوتر والآي باد الذي يفتقر لخدمة الاتصال، ويضيف من الألعاب التي أفضل استخدامها ألعاب التركيب والذكاء والتي تستعين بالذاكرة وتنشيط المخ، وذلك لمتعتها وشعوري بالمنافسة أثناء لعبها بغرار ألعاب العنف والمصارعة .
ويضيف: »ولأن ألعاب التركيب والذكاء تحتاج إلي التركيز وساعات طويلة، غالبا ما أشعر بإرهاق شديد وحرقان في العين وهذا ما لا أشعر به في البداية إلا بعد مرور ساعات طويلة، فأتوقف فوراً عن اللعب« .
ويختلف أحمد محي الدين (11 سنة) عن راغب في نوع الأجهزة، حيث يشير إلى استخدامه المفرط لجهاز الكمبيوتر في البيت، من خلال الألعاب التي يرى فيها المتعة والتسلية والترفيه بعد العودة من دوام مدرسي منهك، مشيراً إلى شدة الآلام التي يتعرض لها أثناء جلوسه المطول على جهاز الكمبيوتر، كآلام الظهر والرقبة والتي أحيانا تعيقه من إكمال واجباته الدراسية .
اما عبد الله فرات (12 سنة)، فيجد متعته في ألعاب المصارعة التي تخلق له جواً من الحركة والتنافس خاصة اذا كانت بمشاركة أحد أصدقائه، من خلال جهاز »البلاي ستيشن« ويقول: »يعد استخدامي لجهاز البلاي ستيشن قضاء وقت فقط، لكوني لست مدمن ألعاب وانما أتوجه إليها عند شعوري بالملل، وبالرغم من ذلك أعاني مشاكل صحية بسبب اللعب على الجهاز، كآلام الظهر، وتعب في العينين« . مكرم أيمن (10 سنوات) يختلف مع عبدالله، حيث استخدامه لجهازي »آي فون« و»البلاي ستيشن« لم يسبب له أي اضرار صحية وذلك لاعتداله في استخدامهم، ويقول: »أفضل الألعاب التي تحاكي العقل وتنشط الذاكرة فهذا ما يستهويني ويشدني لهذه الأجهزة، وايضا سهولة الحصول عليها من المواقع وتحميلها على الجهاز النقال »آي فون« ما يجنبنا الارهاق والجلوس لساعات طويلة على جهاز الحاسوب، فالجهاز النقال اقل ضرراً من الحاسوب« .
مخاطر الأجهزة
تتعدد الأجهزة التكنولوجية التي يتنافس في استخدامها الاطفال كالأجهزة السطحية اللمسية »الآي باد« التي يظهر ضررها في امراض كالتشنج في عضلات العنق بالاضافة إلى أوجاع اخرى في العضلات التي تظهر من الجلوس المطول وغير الصحيح .
وعلى الرغم من أن الأجهزة اللوحية الرقمية خفيفة الوزن ومن الممكن تكييفها، إلا أن استخدامها كثيرا ما يترافق بانحناء في الرأس والعنق مقارنة مع أجهزة الكومبيوتر العادية التي تستخدم في المكاتب، لذا فهي تثير قلقاً حقيقياً حول تشكل أوجاع في العنق والكتفين، حيث تنصح بعض الدراسات الامريكية بتفادي استخدام هذه الأجهزة اللوحية عبر حملها في الحضن، أقله عند مشاهدة شريط مصور، من جهة أخرى، فإن استخدام الجهاز اللوحي المرتفع جداً للنقر على شاشته، قد يخلف تأثيرات سلبية مضرة .
أما جهاز التلفاز فهو يعد الوسيلة التكنولوجية الأكبر والأكثر تأثيراً صحيا على الطفل، فإدمانه يؤدي إلى السمنة والعزلة، والكسل والخمول الجسدي والفكري، والهذيان الذهني، الذي يترتب اثناء الجلوس ساعات مطولة على التلفاز فهم يخافون من الخروج ولا يشعرون بالأمان، بل يصبحون أكثر أنانية وشحاً في تعاملهم مع جيرانهم ويميلون إلى العدوانية المفرطة. وكانت دراسات سابقة أظهرت أن 90% من الاشخاص الذين يستخدمون الحاسوب يعانون مشاكل في العين .
وفي هذا الصدد وجدت دراسة جديدة أن الهواتف الذكية التي تستخدم فيها شبكة الانترنت يمكن أن تتسبب بإجهاد العين وبالصداع .
وقال الباحثون في جامعة »ساني« لطب العيون بنيويورك إنهم وجدوا أن الأشخاص الذين يقرأون الرسائل ويتصفحون الانترنت على هواتفهم النقالة يميلون إلى تقريب الأجهزة من أعينهم أكثر من الكتب والصحف ما يجبر العين على العمل بشكل متعب أكثر من العادة .
وقال العلماء إن قرب الأجهزة من العين بالإضافة إلى صغر الخط في هذه الهواتف يزيد من تعب الأشخاص الذين يضعون النظارات او العدسات اللاصقة .
وقال الباحث المسؤول عن الدراسة مارك روزنفيلد إن »حقيقة حمل الأشخاص للأجهزة بمسافة قريبة من العين يجعلها تعمل بشكل متعب أكثر للتركيز على الأشياء المكتوبة« .
وأضاف أن حقيقة أن تعمل العيون بشكل متعب أكثر تعني ان الأشخاص سيعانون أعراضاً مثل أوجاع الرأس وتعب العين .
ويمكن لإرسال الرسائل الهاتفية واستخدام الانترنت عبر الهاتف أن يتسبب أيضا بجفاف في العين وشعور بعدم الراحة وعدم وضوح في الرؤية بعد الاستخدام المطول .
مخاطر الألعاب
اما نوعية الألعاب التي يتناولها الأطفال فتختلف بين ألعاب الصراعات والحروب وبين ألعاب الذكاء والتركيب وغيرها من الألعاب التي تنشط الذاكرة، كما تشير الأبحاث العلمية إلى أنه على الرغم من الفوائد التي قد تتضمنها بعض الألعاب إلا أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها لأن معظم الألعاب المستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين ذات مضامين سلبية ولها آثار سلبية جداً على الأطفال والمراهقين وتتمثل أيضا في الآثار الصحية التي قد تصيب الطفل، حيث حذر خبراء الصحة من تعود الأطفال على استخدام أجهزة الكمبيوتر والإدمان عليها في الدراسة واللعب ربما يعرضهم إلى مخاطر وإصابات قد تنتهي إلى إعاقات أبرزها إصابات الرقبة والظهر .
نوبات صرع
ومن جهة أخرى كشف العلماء مؤخراً أن الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحركة الموجودة في هذه الألعاب يتسبب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال، وحذر العلماء من الاستخدام المستمر والمتزايد لألعاب الكمبيوتر الاهتزازية من قبل الأطفال لاحتمال ارتباطه بالإصابة بمرض ارتعاش الأذرع والأكف .
أما عن الآثار السلوكية التي تخلفها ألعاب الصراعات والحروب، فتتمثل في بناء ميول العنف والعدوان لدى الأطفال والمراهقين، حيث إن نسبة كبيرة من الألعاب الإلكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين والتدمير، والاعتداء عليهم من دون وجه حق، وبذلك يصبح لدى الطفل أو المراهق أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها من خلال تنمية عقولهم وقدراتهم ومهاراتهم العدوانية التي يترتب عليها في النهاية ارتكاب جريمة، وهذه القدرات مكتسبة من خلال الاعتياد على ممارسة تلك الألعاب .
من جانبها أكدت بعض البحوث العلمية أن هذه الألعاب قد تكون أكثر خطراً من أفلام العنف التلفزيونية أو السينمائية لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل، وتتطلب من الطفل أن يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها ويمارسها، وأدت هذه الألعاب الإلكترونية ببعض الأطفال والمراهقين إلى حد الإدمان المفرط ما اضطر بعض الدول إلى تحديد سن الأشخاص الذين يسمح لهم بممارسة هذه الألعاب .
وحذرت دراسة من أن أعراض الإدمان المرضي على ألعاب الفيديو قد يسبب اضطرابات النوم والفشل على صعيد الحياة الخاصة أو الدراسة، وحدوث الكسل والخمول والعزلة الاجتماعية لدى الأطفال بالإضافة إلى التوتر الاجتماعي وفقدان المقدرة على التفكير الحر وانحسار العزيمة والإرادة لدى الفرد .
ومن الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية وإدمان الأطفال عليها:
* أمراض نفسية كاضطراب النوم والقلق والتوتر والاكتئاب، العزلة الاجتماعية والانطواء والانفراد بالكمبيوتر، وانعزال الطفل نفسه عن الأسرة والحياة والاكتئاب والانتحار .
* أمراض العيون وضعف النظر والرؤية الضبابية وألم ودموع في العينين .
* ضعف التحصيل العلمي ورسوب وفشل في الدراسة وعلامات منخفضة .
* ظهور السلوكيات السلبية مثل العنف والقسوة وضرب الإخوة الصغار وعدم سماع الإرشاد والتوجيهات والتمرد ومشاكل صحية وألم في أسفل الظهر وآلام الرقبة، وضعف في عضلات المثانة والتبول اللاإرادي، وضعف في الأعصاب وخمول وكسل في العضلات، وإمساك بسبب الجلوس المستمر واللعب بالألعاب الإلكترونية .
* إيذاء الإخوة بعضهم بعضاً من خلال تقليد ألعاب المصارعات وتطبيقها في الواقع، حيث تخلق روح التنافس بين اللاعبين .
* ارتفاع تكاليف الألعاب، والتي قد تؤثر على ميزانية الأسرة .
الموسيقا الصاخبة
وذكر تقرير علمي أعد بناء على طلب الاتحاد الأوروبي أن أجهزة التسجيل الشخصية التي يستخدمها المراهقون عادة في السيارات والحافلات أو القطارات أو الطائرات للاستماع إلى الموسيقا يمكن أن تسبب لهم الصمم المبكر والدائم .
وبحسب التقرير فإن هذه الأجهزة تهدد بفقدان ملايين الأشخاص لسمعهم بشكل دائم في أوروبا، ونبه التقرير إلى أن الذين يستمعون إلى الموسيقا الصاخبة لخمس ساعات أسبوعيا يعرضون أنفسهم لأصوات أعلى من تلك المسموح فيها في أكثر المصانع ضجيجا، مشيرا إلى أن الأصوات التي تطلقها بعض أجهزة التسجيل تماثل تلك الصادرة عن طائرة نفاثة قريبة خلال لحظات إقلاعها .
ولفت التقرير الذي أعده فريق من 9 اختصاصيين في »اللجنة العلمية حول المخاطر الصحية المكتشفة حديثاً« إلى أن المراهقين لا يدركون حجم الخطر الذي يتعرضون له بسبب هذه الأجهزة .
وقال معدوه إن »الاستماع المنتظم لأجهزة السمع الشخصية العالية الصوت خلال مرحلة الصبي تؤثر فوريا على السمع وأنها قد تسبب فقدان السمع مع الوقت« . ونبه التقرير إلى أن المسنين هم عرضة أيضا للإصابة بالصمم، مشيرا إلى أن هناك مابين 50 مليونا و100 مليون من بين 500 مليون أوروبي الذين يتأثرون بشكل أو بآخر بالضجيج الصادر عن أجهزة التسجيل الموسيقية الصاخبة . وفي هذا السياق، حذر المعهد الوطني الملكي للصم في بريطانيا العام الماضي من أن أكثر من ثلثي المراهقين الذين يستخدمون أجهزة mp3 الموسيقية يواجهون خطر فقدان السمع المبكر .
وبحسب دراسة أمريكية أخرى أعدها الدكتور رون إيفري من جامعة فاندربلت في ناشفيل بالتعاون مع الموقع الإلكتروني لشركة »إم تي في«، وهي قناة تلفزيونية تتخذ من نيويورك مقرا لها، ونشرت في مجلة طب الأطفال، فإن 2500 من الذين استمعوا إلى هذه القناة التي تبث أغاني شعروا بالطنين في آذانهم عندما كانت الموسيقا عالية جدا .
وقال 32 % من الذين أجابوا عن أسئلة تتعلق بأثر الموسيقا الصاخبة على الأذنين أنهم فقدوا سمعهم بدرجة أو بأخرى .
وأعد الدكتور إيفري هذه الدراسة خلال عمله في مستشفى جامعة هارفارد لأمراض العيون والآذان بولاية ماساشوستس في إطار متابعته لدراسة أولية عن تأثير الموسيقا الصاخبة كان قد بدأها 2002 .
وتبين أن 75% من الذين شاركوا في الدراسة يقتنون مشغلات ال »أم بي 3 بلاير« الموسيقية، وبأن 24 % من هؤلاء يستمعون إلى الموسيقا لأكثر من 15 ساعة أسبوعيا، كما اعترف حوالي نصف هؤلاء انهم يرفعون صوت هذه الأجهزة إلى نسبة قصوى تتراوح مابين 75% و100% من قوتها خلافاً للتوصيات الأمريكية للحفاظ على السمع . وقال »إن فقدان السمع أصبح شائعا إلى درجة أن الامر بات عاديا الآن . . إننا نعرف إلى أين نحن متجهون . . ونحتاج إلى معجزة للخلاص من هذه المشكلة« .
آراء طبية
يقول طبيب عيون الدكتور منتصر صلاح الدين: »تعتبر الأجهزة السطحية اللمسية »الآي باد« وأجهزة الكمبيوتر من اكثر الأجهزة التكنولوجيا ضرراً على العين، والتي قد تسبب جفاف العين عند مستخدميها من الاطفال، حيث تتم العملية من خلال التركيز المطول الذي يرهق عضلة النظر الضعيف، فالعين تحتوي على سائل دمعي يساعد على عدم جفافها، حيث يقوم الجفن بالرمش مرة كل خمس ثوانٍ وينتج عن ذلك تكون طبقة جديدة من الدموع تغطي سطح العين وان تعرضت العين إلى تركيز مطول وعدم الرمش، يؤدي ذلك إلى عدم افرازها الكمية الكافية من السائل الدمعي، ما ينتج عنه التهابات وحكة وعدم الراحة في العين« .
ويضيف: »الاصابة بجفاف العين نسبية وتعتمد على السائل الدمعي والتعرض البيئي، لذلك أنصح الأطفال بعدم الجلوس مطولا أمام شاشات الأجهزة، واخذ استراحة بقدر نصف ساعة بعيداً عن الأجهزة، وتعويد الجفن على الرمش أكثر أثناء التركيز ما يساعد على افراز السائل الدمعي، واستخدام السائل الدمعي الاصطناعي عند الحاجة« .
ويرى طبيب أسرة الدكتور سمير غويبه: »دخول الأجهزة التكنولوجيا في الأسرة رسخّ مفاهيم ومعاني الانفراد والانعزالية في الأسرة، حيث أصبح لكل فرد أجهزة خاصة به لا احد يتعدى على خصوصيته في استخدامها، ما باعد بين افراد الأسرة وأفقد روح التواصل والترابط، ومن اخطر الامراض التي قد تصيب أفراد الاسرة وخاصة الأطفال جراء استخدام هذه الأجهزة »التوحد« الذي يكون فيه المخ غير قابل لاستيعاب المعلومات او معالجتها ما يؤدي إلى صعوبة الاتصال بمن حوله واضطرابات في اكتساب مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي« .
ويشير سمير إلى الاعباء المادية التي قد تترتب على موارد الأسرة جراء اقتناء هذه الأجهزة للأطفال، من الإنفاق الشديد في الاتصالات وتكاليف الألعاب التي تحمل على هذه الأجهزة، وتكاليف صيانتها، والتنافس في الحصول على أحدثها مضيفاً: »لم يواكب تصحيح في استخدام هذه الأجهزة ما جعل سلبياتها أكثر من ايجابياتها، حيث اغلب استخدامات هذه الأجهزة في الدول الأوروبية تقوم على الأعمال، لهذا نحتاج إلى توصيل رسالة صحية للأسرة، كتنظيم الوقت، ترشيد استخدام هذه الأجهزة بشكل صحيح، تعريف الأسرة بمخاطر هذه الأجهزة وأثرها على صحة الطفل، استخدام الأسرة أسلوب النقاش مع الطفل والابتعاد عن القمع، إشراكه في نشاطات ونوادٍ رياضية، دور الاعلام في نشر اعلانات تدعو إلى الحد من استخدام هذه الأجهزة والتخفيف منها« .
التكنولوجيا في المدارس
تشير الدراسات الحديثة إلى أن أغلب المدارس الذكية تعتمد في تعليمها على الأجهزة التكنولوجيا أكثر من العنصر البشري، حيث أثبتت الاحصاءات مؤخرا أن الإمارات تحتل المركز ال 29 عالميا في تجهيز مدارسها بالانترنت وتكنولوجيا المعلومات، وأنها الأولى عربيا في الاستخدام التقني في مختلف المجالات، ما يسهم بشكل مكثف في استخدام الأجهزة من قبل الطالب وتعرضه لها بشكل يومي .
ضرر في المدرسة
وقالت وسام حمد مديرة مدرسة خاصة في هذا الصدد: »استخدام الأجهزة التكنولوجيا في التعليم يزيد من أضرارها الصحية على الطفل باعتبار أنه يستخدمها بشكل أكثر خارج المدرسة، واستخدامه لها في المدرسة سيؤثر على دماغه ويقلل من استيعابه للمادة، اضافة إلى انشغاله عن المادة التعليمية المطروحه أمامه، ناهيك عن عدم استعداد المدرسين لهذه التجربة والتي ستحتاج إلى تأهيل وتدريب دقيق« .
واضافت أنه يصعب استخدام الأجهزة التكنولوجيا في المدارس ذات الكثافة الطلابية العالية، حيث يصعب متابعة 30 طالبا متابعة صحية أكاديمية، إضافة إلى البيئة التي أتى منها الطالب والإمكانات التي ستترتب على الاهل والمدرسة عن اذا ما تم استخدام هذه الأجهزة في مدرستهم قالت: »في حال استتخدامنا للأجهزة التكنولوجيا ك »الآي باد« و»الكمبيوتر« في التعليم فسيتم وضع خطة صحية دقيقة تضمن سلامة الطالب وصحته، كتقليل ساعات استخدام الأجهزة، تخصيص فترة استراحة بين كل ساعة، تمرين عقل الطالب وبدنه على تقبل هذه الأجهزة في التعليم، توفير المكان والاضاءة المريحة للعين والجسم، أن تستخدم الأجهزة في مواد محدودة فقط كالرياضيات والعلوم والانجليزية، وتواجد الممرضة واستعدادها لأي تدخل طارئ« .
فوائد أكبر
ومن الجانب الطبي والنفسي يقول الدكتور علي الحرجان اخصائي علم نفس: »شاعت في مجتمعنا الآثار السلبية للأجهزة التكنولوجية وسوء الاستخدام لها والذي يؤدي إلى التسبب في العديد من الأمراض النفسية والعضوية، ولكن غاب عنا أن للأجهزة التكنولوجيا فوائد اكبر قد تستغل بشكل ايجابي في توجيه الطفل وتنمية إدراكه العقلي بشكل صحيح، وعلينا ان نتمتع بالفهم والإدراك الكافي لاستغلال هذه الأجهزة بالإيجاب من خلال توفير أجهزة لابتوب لكل طالب في المدرسة واستخدامها في التعليم والترفيه أيضا مع خلق جو توعوي وتوجيهي لهذه الألعاب، فالطفل بحاجه إلى اقل من ساعه تمارين ذهنية تسهم في تنمية خلاياه الذهنية، واستخدام هذه الأجهزة في التعليم وتوفيرها في المدارس قد يسهم بشكل ايجابي في تطوير الطفل« .
وأضاف: »لا ننكر الآثار السلبية لأجهزة التكنولوجيا، وما تسببه من امراض نفسية تؤثر على حياة الطفل اليومية والدراسية، ومن هذه الأمراض اضطراب في النمو الاجتماعي، اضطرابات في النوم، الشعور بالملل، الكسل، الضيق، الفشل، الاحباط، التوتر، التراجع الدراسي، عدم الثقة بالنفس، وجميع هذه الاعراض قد تسبب أخطاراً كبيرة في المستقبل، وجرائم في الأسرة والمجتمع« .
وأشار الدكتور علي الحرجان إلى ضرورة تواجد الأهل مع اطفالهم لتوجيههم وتوعيتهم بالاستخدام الصحيح لهذه الأجهزة، وايجاد بدائل تخفف من استخدام الأجهزة التكنولوجيا، وإعطاء الاهل من وقتهم لأبنائهم من خلال الجلوس واللعب معهم بدل التوجه لهذه الأجهزة، مع اختيار المدارس التي تستطيع أن تغير وتؤثر في الطفل بالايجاب .
الأشعة وأضرارها
للأجهزة التكنولوجيا اشعة كهرومغناطيسية قد تؤثر في صحة الطفل، حيث أوضحت الدراسات أن معدل امتصاص الجسم للطاقة الكهرومغناطيسية يعتمد بقدر كبير على توجه المحور الأكبر لجسم الإنسان بالنسبة للمجال الكهربي ويبلغ معدل الامتصاص قمته عندما يكون طول الجسم مساوياً ل 4 .0 تقريبا من طول الموجة وعند ذبذبات تتراوح قيمتها بين 70-80 ميجاهرتز (الذبذبات الرنينية) وعندما يكون الإنسان معزولا عن التلامس الأرضي . وقد لوحظ أن ملامسة الإنسان للأرض تحت هذه الظروف تخفض الذبذبات إلى ما يقرب من النصف (35-40 ميجا هيرتز)، ويوضح ذلك أهمية العناية بإقامة نظم التوصيلات الأرضية في الشبكات الكهربائية بالمدارس والمنازل ومنشآت العمل المختلفة .
وتعتمد حدود التعرض الممكن السماح بها على تعرض الجسم الكلي لمعدل امتصاص نوعي Specific Absorption Rate لفترة زمنية قدرها 6 دقائق . وتشير نتائج الدراسات التي أجريت حتى الآن إلى أنه يمكن للإنسان أن يتعرض للإشعاعات الكهرومغناطيسية وبصورة متكررة حتى هذا المستوى من دون حدوث تأثيرات صحية ضارة ويعبر عن هذا الحد بمتوسط كثافة .
ومن الأعراض الصحية للأشعاعات الكهرومغناطيسية الصداع المزمن والتوتر والرعب والانفعالات غير السوية والإحباط وزيادة الحساسية بالجلد والصدر والعين والتهاب المفاصل وهشاشة العظام .
كما تتفق العديد من البحوث العلمية الإكلينيكية على أنه لم يستدل على أضرار صحية مؤكدة نتيجة التعرض للإشعاعات الكهرومغناطيسية بمستويات اقل من 5 .0 مللي وات/سم،2 إلا أن التعرض لمستويات أعلى من هذه الإشعاعات وبجرعات تراكمية قد يتسبب في ظهور العديد من الأعراض المرضية، منها أعراض عامة كالشعور بالإرهاق والصداع، أما الاعراض عضوية فتظهر في الجهاز المخي العصبي وتتسبب في خفض معدلات التركيز الذهني والتغيرات السلوكية والإحباط والرغبة في الانتحار، والجهاز البصري والجهاز القلبي الوعائي والجهاز المناعي، اضافة إلى الشعور بتأثيرات وقتية منها النسيان وعدم القدرة على التركيز وزيادة الضغط العصبي وذلك بعد التعرض للإشعاعات الكهرومغناطيسية بمستويات من 01 .0 إلى 10 مللي وات/سم2 .
والمستويات المتفق عليها دوليا للتعرض الآمن للإشعاعات لا تضمن عدم استحداث الأضرار الاحتمالية جسدية كانت أم وراثية، والتي قد تنشأ بعد فترات زمنية طويلة نسبيا سواء في الأفراد الذين تعرضوا لهذه المستويات أو في أجيالهم المتعاقبة . وتنشأ الأضرار القطعية للجرعات الإشعاعية العالية والمتوسطة في خلال دقائق إلى أسابيع معدودة، وتتسبب في الاختلال الوظيفي والتركيبي لبعض خلايا الجسم الحي والتي قد تنتهي في حالات الجرعات الإشعاعية العالية إلى موت الخلايا الحية . أما التعرض لجرعات إشعاعية منخفضة التي قد لا تتسبب في أمراض جسدية سريعة، إلا أنها تحفز سلسلة من التغيرات على المستوى تحت الخلوي وتؤدى إلى الإضرار بالمادة الوراثية بالخلية الجسدية ما قد يترتب على استحداث الأورام السرطانية التي قد يستغرق ظهورها عدة سنوات، أما الإضرار بالمادة الوراثية بالخلية التناسلية فيتسبب في تشوهات خلقية وأمراض وراثية تظهر في الأجيال المتعاقبة للآباء أو الأمهات ضحايا التعرض الإشعاعي، وتعرف الأضرار الجسدية أو الوراثية متأخرة الظهور بالأضرار الاحتمالية للتعرض الإشعاعي.
http://assawsana.com/portal/pages.php?newsid=127119
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات و الصلاة و السلام على خاتم النبيين , محمد بن عبد الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ... أما بعد ...
لتجنب المشكلات المرتبطة بتأثير الأجهزة الذكية على النمو العقلي للأطفال يمكن الاستفادة من التوجيهات التالية :
- تحديد وقت معين يومي لاستخدام الأجهزة الكية و استخدام الإنترنت بحيث لا يتجاوز 3 ساعات متواصلة في اليوم الواحد.
- تحديد الهدف من التعامل مع الشبكة ووضع مخطط مسبق لما سيتم عمله في كل جلسة.
- التفكير في كيفية الوصول للهدف بأقصر الطرق وفي أقل وقت ممكن بحيث يكون العمل على الشبكة بشكل منظم ومنهجي.
- محاولة إهمال أي أمور جانبية عارضة أو مغريات والتركيز على الهدف.
- محاولة تجنب الجلوس على الإنترنت دون هدف أو للترفيه لساعات طويلة.
- تقديم الأولويات الاجتماعية وعدم إهمال مشاكل الحياة اليومية.
- النظر بالعينين خارج شاشة الجهاز لمدة 5 دقائق كل 30 دقيقة تقريبًا وعدم العمل لأكثر من 3ساعات متواصلة لتجنب حدوث التهاب ملتحمة العين.
- القيام ببرنامج رياضي يومي خارج المنزل.
- تنظيم استخدام الأطفال للإنترنت وتوجيههم ومراقبتهم وفلترة الإنترنت من خلال بعض البرامج التي تقوم بحجب المواقع غير اللائقة أو التي تشكل خطورة على الصحة أو المعتقدات أو العلاقات الاجتماعية.
- تنمية الاهتمامات الأخرى لدى الأطفال مثل اللعب وزيارة المنتزهات والأماكن العامة وغيره من الأمور التي يرى الوالدان أنها تشد اهتمام طفليهما. هذا و أسأل المولى تبارك و تعالى و أدعوه أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على نحو طيب. و بالله التوفيق ...
المراجع:
1- خيري وناس : بوصنوبرة عبد الحميد، التربية وعلم النفس السنة الثانية، الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد, عمان ،2006م .
2- سلمان خلف الله: الطفولة, جهينة للنشر والتوزيع ,عمان , 2004م .
3- محمد خليل مرسي : تكنولوجيا التعليم , دار غريب , القاهرة , 2003م .
4- من الانترنت :
موقع الجمعة السعودية لطب الأسرة
http://www.ssfcm.org/arabic/index.php
http://assawsana.com/portal/pages.php?newsid=127119
http://assawsana.com/portal/pages.php?newsid=127119
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن
كلية التربية
قسم علم النفس
بحث بعنوان :
تأثير الأجهزة الذكية على النمو العقلي للطفل
إعداد الطالبة :
أفراح طلال العنزي
إشراف الدكتورة:
العام الجامعي
1433/1434هـ