بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

التأمين التعاوني والتأمين التجاري و الفرق بينهما

التأمين التعاوني والتأمين التجاري و الفرق بينهما

التأمين التعاوني:

‌أ-  مفهومه: "أن يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار متشابهة، ويدفع كل منهم اشتراكاً معيناً، وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر، وإذا زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء حق استردادها، وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز، أو أنقصت التعويضات المستحقة بنسبة العجز، وأعضاء شركة التأمين التعاوني لا يسعون إلى تحقيق ربح، ولكنهم يسعون إلى تخفيف الخسائر التي تلحق بعض الأعضاء، فهم يتعاقدون ليتعاونوا على تحمل مصيبة قد تحل ببعضهم" (1). 
‌أ-  حكمه: 
أفتى بجوازه كل اللقاءات الفقهية التي تناولت التأمين وأهمها:
أسبوع الفقه الثاني المنعقد في دمشق سنة 1961م وهو المعروف بمهرجان ابن تيمية، وكذلك مؤتمر العلماء الثاني المنعقد بالقاهرة عام 1385هـ، والمؤتمر السابع المنعقد أيضاً في القاهرة عام 1392هـ، والمؤتمر الأول للاقتصاد الإسلامي المنعقد في مكة عام 1396هـ، والمجمع الفقهي السابع لرابطة العالم الإسلامي في عام 1398هـ ، وقرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في قرارها رقم 300/2/1399، وقرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1406هـ. 
ولهذا نقل الإجماع على جوازه عدد من الهيئات الشرعية كهيئة الراجحي الشرعية في فتواها رقم (40)، وكذلك الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا " رحمه الله" (2).
ولكن في هذا الإجماع نظر إذ يوجد من فقهاء العصر من يخالف في هذه المسألة ويرى التحريم، ومنهم الدكتور سليمان الثنيان في كتابه التأمين وأحكامه (3).

التأمين التجاري :

مفهومه: وفي هذا ينفصل المؤمن (وهو شركة التأمين) عن المستأمنين الذين  تتعاقد مع كل واحد منهم على حدة ويقوم المؤمن بتوزيع المخاطر على المؤمن لهم في صورة أقساط دورية ثابتة يحددها طبقاً لما تقتضيه الأسس الفنية التي يعتمد عليها والمتمثلة في قواعد الإحصاء. ويلتزم المؤمن طبقاً لهذا العقد بدفع مبلغ التأمين عند تحقق حدوث الواقعة التي يتوقف عليها استحقاقه ويتعهد المؤمن (وهو شركة التأمين) بدفع هذا المبلغ بدون التضامن ولا التنسيق مع المستأمنين وما يزيد لديه من مبالغ فإنه يستأثر بها المؤمن ويتحمل الخسارة (4).
حكمه: اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم هذا التأمين على قولين:
القول الأول: التحريم وهو قول جمهور الفقهاء المعاصرين، وبه صدر قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 51 وتاريخ 4/4/1397هـ. وكذلك مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى شعبان 1398، وكذلك المجمع الفقهي الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، القرار رقم 9(9/2) سنة 1406هـ=1985م.
القول الثاني: الجواز،وبه صدر قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي لمصرفية رقم 40 (5) وانتصر له من الفقهاء المعاصرين الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله (6).
والذي يترجح للباحث حرمة التأمين التجاري، لقوة أدلة المحرمين وضعف أدلة المجيزين. 

آراء الفقهاء في التأمين:

اتصل التأمين بالفقهاء المسلمين للمرة الأولى في القرن التاسع عشر ولعل أول فقيه تحدث عن التأمين بصيغته المعهودة اليوم هو العلامة محمد أمين ابن عابدين المولود سنة 1784م. وقد عرف المسلمون عقد التأمين عندئذٍ من البحارة الأوروبيين إذ كانت سفنهم يغطيها التأمين البحري الذي يسمى في ذلك الزمن سكيوريتيه (بالفرنسية) وأشتهر عند المسلمين باسم "سوكره"، فقال فيه ابن عابدين لما سئل عن حكمه: "إذا عقد في بلد إسلامي كان عقد معاوضة فاسد لا يلزم الضمان به لأنه التزام مالا يلزم شرعاً وهو باطل عند الأحناف".
وقد اختلف الفقها منذ ابن عابدين في حكم التأمين فمنهم من أجازه بلا تحفظ وهم قلة قليلة، ومنهم من أجاز أنواعاً منه حتى لو كان على صفة التأمين التجاري، إلا ان جمهورهم منذ ابن عابدين قد منع التأمين التجاري وأجاز صيغة بديلة تسمى التأمين التعاوني.
ولعل أول جهد فقهي جماعي يُعنى بدراسة التأمين التجاري (على أساس مجمعي) ما وقع في ندوة اسبوع الفقه الإسلامي بدمشق في شوال 1380هـ (ابريل 1961م) فقد قدمت ابحاث فقهية في التأمين تباينت اراء اصحابها. وشهدت تلك الندوة الخلاف الشهير بين مصطفى الزرقا ومحمد ابو زهرة رحمهما الله جميعاً حول المسألة. ولم ينته المؤتمر الى رأي محدد عدا الدعوة الى ابتكار نظام إسلامي للتأمين. ثم جرى بحث الموضوع في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهـر في مؤتمـره الثاني سنة 1385هـ (1965م) وأجاز المؤتمرون فيه نظام التقاعد كما أجازوا قيام الجمعيات التعاونية لغرض التأمين حيث يشترك جميع المستأمنين فيها بالتأمين. ولكنه توقف في مسـألة التأمين التـجاري. وفي عام 1392هـ (1972م) دعت ندوة التشريع الإسلامي التي انعقدت بطرابلــس ليبيا الى ان يعمل على إحلال ما اسمته التأمين التعاوني محل التأمين التجاري. وفي عام 1397هـ (1976م) قرر مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة حرمة التأمين بكل أنواعه. ثم نص قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى في سنة 1398هـ على تحريم التأمين بجميع أنواعه (وكان القرار بالأكثرية إذ لم يوافق الشيخ مصطفى الزرقا على هذا القرار وكان عضوا في المجمع).

اعتراضات الفقهاء المعاصرين على التأمين التجاري:

كان قرار مجمع الفقه الإسلامي (رابطة العالم الإسلامي) الصادر سنة 1398هـ قراراً طويلاً مفصلاً تضمن تقرير لجنة كونها المجمع وعمد اليها بصياغة القرار وتكونت من الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ محمد السبيل والشيخ محمد محمود الصواف رحمه الله.
وقد استندت اللجنة المذكورة (ثم المجمع الفقهي) في قولها بحرمة التأمين الى الأوصاف التالية التي وجدتها في التأمين التجاري:
1-  فيه غرر فاحش لان المستأمن لايستطيع ان يعرف في وقت الدخول في العقد مقدار ما يعطي او يأخذ.
2-  ضرب من ضروب المقامرة لان فيه غرم بلا جنايه وغنم بلا مقابل وبمقابل غير مكافئ.
3- انه يشتمل على ربا الفضل والنسا، فاذا دفعت الشركة الى المستأمن اكثر مما دفع لها فهو ربا فضل، ولانه يدفع بعد مدة فيكون ربا نساء ايضاً.
4-  انه من الرهان المحرم لانه فيه جهالة وغرر ومقامرة، وقد حصر النبي y رخصة الرهان بعوض في ثلاثة في خف او حافز او نصل.
5-  فيه أخذ مال الغير بلا مقابل وهو محرم.
6-  الالزام بما لا يلزم شرعاً لان المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه.
كما ردت في تقريرها على أدلة المجيزين للتأمين فردت استدلال اباحته بالاستصلاح بالقول إن هذه مصلحة شهد الشرع بالغائها، وردت القول بالاباحة الأصلية أي ان الأصل في العقود الجواز لوجود النص، وردت القول باجازتها بناء على حكم الضرورة اذ لم تر تلك ضرورة تبيح المحظور، وردت الاستدلال بالعرف لان العرف ليس من ادلة التشريع، ونفت ان يكون التأمين من انواع عقود المضاربة، وردت القياس على ولاء الموالاه وهو ما يكون من الفرد اذا ألحق نسبه بقبيلة او نال حريته بالعتق لان ذلك قصده التآخي وهذا غرضه الربح، ولم تقبل قياسه على الوعد الملزم لان غرضه ليس المعروف والقربة بل الربح، وكذا قياسه على ضمان المجهول وضمان مالم يجب لان الضمان نوع من التبرع بينما التأمين معاوضة، وكذا قياس التأمين على ضمان خطر الطريق الذي قال الفقهاء بجوازه فانه في رأي اللجنة قياس مع الفارق. كما لم تقبل قياس التأمين على نظام التقاعد الذي سبقت الفتوى بجوازه لان التقاعد "حق إلتزام به ولي الأمر باعتباره مسؤولاً عن رعيته وراعى فيه ما قام به الموظف من خدمة الأمة" فليس هو في رأي اللجنة من المعاوضات المالية. كما ردت القياس على نظام العاقلة (وعاقلة الرجل هم افراد قبيلته يتحملون عنه دية القتل الخطأ) لان تحمل ديه القتل الخطأ وشبه العمد الأصل فيها صلة القرابة والرحم التي تدعو الى النصرة والتواصل اما عقود التأمين التجارية فليست كذلك. وردت قياسها على عقود الحراسة لان الامان ليس محلاً للعقد في المسألتين. وكذا قياسه على الايداع لان الاجرة في الايداع عوض عن قيام الأمين بالحفظ.

صيغة التأمين المفتى بجوازها:

ذكرنا سابقاً ان الفتاوى المجمعية قد إتجهت الى القول بحرمة التأمين التجاري وقد قدمت صيغة التأمين التعاوني بديلاً مقبولاً من الناحية الشرعية فما هي صفة هذا التأمين وما اختلافه عن التأمين التجاري.
ورد في قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ما نصه:
"التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث وذلك عن طريق إسهم أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر فجماعية التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر. والثاني خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة فليس عقود المساهمين ربوية ولا يستغلون ما جمع من الاقساط في معاملات ربوية".
يتضح مما سبق ان التأمين الذي تشير اليها الفتوى يتصف بما يلي:
1-  انه اتفاق بين مجموعة المستأمنين.
2- إلتزام كل فرد من المستأمنين فيه نحو الآخرين لا يتوقف على مقدار ما دفع من قسط ولكن حدوده القصوى هي نصيبه من الخطر العام لان هذا هو معنى التعاون والتكافل.
3-  ان الفتوى لا تمنع استثمار اقساط التأمين لمصلحة أصحابها ولكنها تشترط ان يكون ذلك ضمن نطاق المباح.

صيغة التأمين التعاوني:

لم تظهر شركات التأمين الإسلامية إلا بعد صدور الفتاوى المجمعية التي قدمت صيغة التأمين التعاوني بديلاً عن التأمين التجاري المفتى بتحريمه.
وشركة التأمين التعاوني شركة وظيفتها إدارة الأموال وليس الضمان كما هو الحال في شركات التأمين التجاري.
فتقوم شركة التأمين التعاوني بتصميم محافظ تأمينية مثل محفظة التأمين ضد حوادث السيارات. فتحدد طبيعة الخطر وتقوم بالحسابات الاكتوارية المناسبة وتصمم برنامج التعويض....الخ. ثم تدعو من أراد الى الاشتراك في هذه المحفظة بدفع قسط محدد متناسب مع الخطر. ثم تجمع هذه الأموال في المحفظة المذكورة وتديرها باستثمارها لصالح أصحابها. هذه الأموال تبقى ملكاً للمشاركين، ومهمة الشركة ادارتها لصالحهم. فاذا وقع المكروه على أحدهم، قامت الشركة بالاقتطاع من تلك الأموال ثم تعويضه بالقدر المتفق عليه. وتجري تصفية هذه المحفظة سنوياً بإصدار حسابات ختامية لها. فاذا وجد في نهاية العام ان الأموال في تلك المحفظة قد فاضت عن حاجة تعويض من وقع عليهم المكروه، ردت الشركة مازاد الى المشاركين في المحفظة. واذا نقصت تلك الأموال فلم تكن كافية لتعويض جميع من وقع عليهم المكروه في ذلك العام، كان على الشركة ان ترجع على مجموع المشاركين وتطالبهم بدفع قسط إضافي، ذلك لان فكرة التأمين التعاوني قد قامت على "التكافل" بين المشتركين في المحفظة وليس على ضمان الشركة للتعويض على المكروه الذي وقع للمشترك. ولكن نظراً لصعوبة مطالبة الشركة للمشتركين بدفع قسط إضافي وبخاصة اولئك منهم الذين لم يعودوا اعضاء في المحفظة تعمد شركات التأمين التعاوني الى تقديم قرض بلا فائدة من ملاك الشركة الى المحفظة التي إحتاجت الى الزيادة ثم تسترده في الفترة التالية. فكأنها قد جعلت عملية التكامل المذكورة تجري بين المشتركين في هذا العام والمشتركين في قابل.
وعلاقة الشركة بهذه المحفظة تقوم على اساس الوكالة فهي تدير المحفظة مقابل أجر مقطوع منصوص عليه في الاتفاقية والربح اذا تحقق يكون للمشتركين وكذا الخسارة تكون عليهم اذ ان الوكيل مؤتمن فلا يضمن.
وربما قامت العلاقة على أساس المضاربة، فتكون الشركة مضارباً يدير المحفظة بجزء من الربح المتحقق من الاستثمار. وفي هذه الحالة لا تستحق الشركة إلا نصيباً من الربح اذا تحقق.
أوجه الاختلاف بين شركة التأمين التعاوني وشركة التأمين التجاري:
ان الاعتراض الرئيس على صيغة التأمين التجاري هي انها غرر ومخاطرة. ذلك ان دفع المستأمن مبلغاً من المال الى شركة التأمين التجاري مقابل الضمان يترتب عليه الدخول في عقد شبيه بعقود الميسر والقمار. فهو عقد إحتمالي ربما حصل في النهاية على تعويض يمثل أضعاف مادفع وربما دفع تلك الرسوم ولم يحصل على شئ، وكل ذلك معلق بأمر إحتمالي هو وقع حادث منصوص في البوليصة.
هذا من عقود الغرر التي ورد النهي عنها في حديث رسول الله.
أما في التأمين التعاوني، فإن العملية معتمدة على التأمين المتبادل بين المشتركين وما يدفعه كل فرد منهم هو تبرع منه لهذه المحفظة التي يحصل منها التعويض. فكأنهم يجمعون مخاطرهم وكذلك أموالهم بالتبرع لكي يستأمن المشترك منهم بالركون الى مساعدة اخوانه في حال وقوع المكروه عليه.

التأصيل الفقهي لنموذج التأمين التعاوني:

التأصيل هو الرد الى الأصل وأصلته جعلت له اصلاً ثابتاً يبنى عليه. فما الأصل الذي بنى عليه نموذج التأمين التعاوني؟
كان الاعتراض الرئيس على نموذج التأمين التجاري هو الغرر، اذ ان العلاقة التعاقدية بين المستأمن والشركة انما هي عقد إحتمالي كما سبق بيانه. والغرر في اللغة هو الخطر والخديعة وفي الاصطلاح الفقهي مايكون مستور العاقبة، وعرفه بعض الفقهاء بانه "ماتردد بين أمرين أحدهما أظن". وقد ورد في الحديث ان رسول الله y نهى عن بيع الغرر. ومن أمثلة بيوع الغرر المنهي عنها بيع الملامسة مثل ان يقول له كل ثوب لمسته فهو عليك بكذا، وبيع الحصاه كأن يرى حصاة مغلي أي شئ جاءت كان له بكذا...الخ. وقليل الغرر لا يمكن التحرز منه مثل شراء المبنى دون الكشف عن اساساته او السيارة دون معرفة اجزائها الداخلية....الخ. ولكن ما يفسد العقود هو كثير الغرر الذي يترتب عليه ان تكون الحقوق والالتزامات التي تتولد من العقد. (مثلاً: قبض الثمن من قبل البائع، وقبض المبيع من قبل المشتري) فاذا كان أحدهما يحصل على حقوقه كاملة بينما ان الآخر حصوله على حقوقه أمر إحتمالي فذلك المنهي عنه. لكن جمهور الفقهاء على ان الغرر الكثير مفسد لعقود المعاوضات مثل البيع والسلم والاجارة...الخ. اذ ان ذلك ما ورد النهي عنه.
أما عقود التبرعات كالهدية والاعطية ونحو ذلك، فان كثير الغرر لا يفسدها لان مبناها الارفاق والتعاون والتكافل ونحو ذلك وليس الاسترباح والتجارة التي هي على المشاحة بين الناس. ولذلك فان الأصل الذي بني عليه نموذج شركة التأمين التعاوني هو نقل التأمين من عقود المعاوضات الى عقود الارفاق والتبرعات. فبدلاً عن بيع شركة التأمين التجاري لبوليصة التامين، جعلنا المستأمنين ينشئون بينهم محفظة يحمون فيها المخاطر وما يكفي لتعويض من وقع عليه المكروه منهم، وهي تقوم على اساس التبرع لا المعاوضة.
جلي ان الغرر ملازم للتأمين على أي صيغة اعتمد. ذلك ان التأمين يتعلق بأمور غيبية لا يعلمها إلا الله. ولكن الفرق الأساس بين التأمين التعاوني والتجاري هو معالجة الخطر من خلال عقد التبرع الذي لا يفسده الغرر حتى لو كثر وليس عقد المعاوضة الذي يحوله كثير الغرر إلى الميسر والقمار.(7)

الفرق التأمين التعاوني و بين التأمين التجاري:

 عقد التأمين التجاري قائم على المعاوضة، حيث تلتزم شركة التأمين بتعويض المؤمن لهم في مقابل استحقاقها لأقساط التأمين، فإن كان هناك فائض فهو لها، وإن كان هناك عجز فهو عليها، فالعقد دائر بين الغنم والغرم، وهذا هو حقيقة المقامرة، بينما دور شركة التأمين التعاوني يقتصر على إدارة التأمين، فهي تأخذ الأقساط من المؤمن لهم ولا تتملكها، بل تضعها في حسابات منفصلة عن مركزها المالي، فإن حصل فائض فهو لهم، يمكن أن تخفض به أقساط التأمين اللاحقة، ويمكن أن يجعل في حسابات احتياطية لأعمال التأمين المستقبلية، وإن حصل عجز فتخفض التعويضات بمقدار العجز، وتأخذ الشركة أجراً مقابل إدارتها لعمليات التأمين، كما تستحق حصة من الأرباح الناتجة من استثمار الأموال المجمعة بصفتها مضارباً. ولأجل ما سبق نجد البون شاسعاً بين النتائج المحققة من التأمين التعاوني وآثاره على الفرد والمجتمع مقارنة بالتأمين التجاري، فالسمة العامة في التأمين التجاري أن تكون أقساط التأمين مرتفعة لا يتحملها أوساط الناس فضلاً عن ذوي الدخل المحدود، (في الولايات المتحدة مثلاً نسبة من يتمكنون من دفع أقساط التأمين الطبي لشركات التأمين التجاري لا تتجاوز 35% من عدد السكان)، والسبب في ذلك أن نظام التأمين التجاري قائم على استرباح الشركة من أقساط التأمين ذاتها، فكلما ارتفعت هذه الأقساط وانخفضت التعويضات التي تدفعها الشركة للمؤمن لهم كلما زاد فائض التأمين، وبالتالي تزداد ربحية الشركة؛ لأن هذا الفائض سيكون من نصيب الشركة (المساهمين) وليس المؤمن لهم، وفي المقابل فإن فائض التأمين في شركات التأمين التعاوني من نصيب المؤمن لهم، فكلما زاد هذا الفائض ازدادت احتياطيات التأمين، وبالتالي انخفضت أقساط التأمين للسنوات القادمة، أي أن كفاءة شركة التأمين التعاوني في إدارتها للتأمين يسهم في تخفيض الأقساط، بينما الأمر بالعكس في شركات التأمين التجاري .اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: وقد سبق بيان أنّ وجه كون التأمين الصحّي من الميسر أنّ الشّخص يدفع مبلغا من المال تمتلكه شركة التأمين، فإذا مرض أو حصل له حادث استفاد وإلاّ ذهب ماله، ثمّ قد تكون الاستفادة بمثل أو أقلّ أو أكثر مما دفع. وفي هذا من الجهالة والغرر، وأكل المال بغير حقّ، أو الخسارة لأحد الطّرفين ما لا يخفى. وليت بعض المسلمين أو العقلاء يقومون بإنشاء مؤسسات تأمين تعاونية تقرّها الشّريعة الإسلامية، تكون فكرتها الأساسية أن يتضامن دافعو الأموال لصندوق معيّن ( لا يمتلكه طرف آخر ) أنّه إذا حصل لأحدهم مرض أو حادث أنْ يعوّض برضاهم، ثمّ لا بأس أن يُعطى القائمون على هذا الصّندوق من الموظّفين رواتب، ولا بأس أن تستثمر الأموال شركة أخرى بنسبة معينة من الأرباح .اهـ.(8)
المراجع:
 (1)    الغرر وأثره في العقود ص 638، للدكتور الضرير، الطبعة الثانية. من ضمن مطبوعات مجموعة دلة البركة.
(2)    فتاوى في التأمين ص 88، من مطبوعات دلة البركة.
(3)    ص 282-283.
(4)    دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة، د محمد مصطفى الشنقيطي  2/475.
(5)    قرارات الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية 3/357.
(6)    فتاوى التأمين ص45.
(7)
http://www.kantakji.com/media/1820/coinsu.htm
(8)
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=228178

حكم التأمين التعاوني والتأمين التجاري ,ما هو التأمين التعاوني والتأمين التجاري ,ما حكم التأمين التعاوني والتأمين التجاري ,الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري ,قارن بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري ,الفروق المؤثرة بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري ,ماهو الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري ,تعريف التأمين التجاري والتأمين التعاوني ,التأمين التجاري التعاوني ,التامين التجاري والتامين التعاوني ,التأمين التعاوني والتجاري