بحث بعنوان: نظرية النظم في العلاقات الدولية

فنظرية النظم تسمح بتخطي الفاصل بين الشؤون الداخلية للدولة و السياسة الدولية. و يعمل منهج تحليل النظم على كافة المستويات الدولية والإقليمية و الوطنية، ويربط بين المستويات أيضا
المملكة العربية السعودية
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
قسم الدراسات الدولية

بحث بعنوان:
نظرية النظم في العلاقات الدولية
إعداد الطالب : 

إشراف الدكتور:
العام الجامعي
1436/1437هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
تتضمن الأحداث الدولية سلسلة مستمرة من التفاعلات الصراعية تشمل الحروب و التوترات و أخرى تعاونية سلمية تشمل التنظيم الدولي و محاولة إقرار السلم و الأمن الدوليين عبر تطبيق مبادئ القانون الدولي، و العمل المشترك بين الدول من خلال المنظمات الدولية و الإقليمية ذات الطابع الاقتصادي أو السياسي الأمني، و يشارك في صنع و صياغة هذه التفاعلات العديد من الفواعل المتباينة في نوعها و أهدافها ( دول، أفراد، جماعات و تنظيمات فوق قومية، شركات متعددة الجنسيات، منظمات حكومية و أخرى غير حكومية)، أمام هذا السيل العارم من الأحداث المتدفقة و المتداخلة على مستويات متباينة، يواجه الباحث في هذا الحقل جملة من الصعوبات في محاولته لفهم و تفسير الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة الخام، فإلى جانب القضايا العسكرية هناك قضايا اجتماعية ثقافية و اقتصادية تتحكم و توجه السلوكات الدولية،  فتارة تنشأ الدولة علاقات مع منظمة دولية حكومية و أخرى غير حكومية ، و في الوقت ذاته تجد نفسها في ارتباط مع شركات متعددة جنسيات، حركات و منظمات إرهابية تقتحم ساحة الأحداث العالمية، و تصبح مصدر جديد يهدد أمن الدول و الأفراد، قضايا جديدة بيئية و أخرى ثقافية، و كل هذه الفواعل تدخل في شبكة واسعة من التفاعلات المتعددة الابعاد.
وقد ظهرت هناك العديد من الأعمال من قبل المفكرين التي حاولت أن تقدم لنا تفسيرات لما يحدث في العلاقات الدولية، في شكل نظريات و مفاهيم و نماذج وغيرها، و تعتبر النظريات من أبرز الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها لفهم و تفسير ما يحدث في العلاقات الدولية, ومن بين أهم النظريات التي تطرقت إلى هذا الشأن نظرية النظم وسوف أتناولها بالدراسة على صفحات هذه الورقة البحثية .
والله الموفق.

نظرية النظم:

تعتبر نظرية النظم من أهم التطورات التي نشأت في إطار المدرسة السلوكية في منتصف الخمسينيات ، فنظرية النظم تسمح بتخطي الفاصل بين الشؤون الداخلية للدولة و السياسة الدولية. و يعمل منهج تحليل النظم على كافة المستويات الدولية والإقليمية و الوطنية، ويربط بين المستويات أيضا. (حتى، 1985م)

رواد نظرية النظم:

 من أهم رواد هذه النظرية نجد مورتن كابلان M.Kaplan و ديفيد سنغر D.singer  و جورج مودلسكي G.modelski  و تشارلز ماكليلاند Charles Makliland.
ينطلق ديفيد سنغر من اعتبار أن النظام الدولي هو الذي يشكل مفتاح تفسير لماذا وكيف تحاول الأمم التأثير على سلوكات بعضها البعض؟  في حين أعطى مورتن كابلان النظام معنى يتمثل في مجموعة من المتغيرات المترابطة فيما بينها إلى درجة كبيرة و متغايرة في نفس الوقت مع بيئاتها كما أن بينها علاقات داخلية تميزها عن مجموع المتغيرات الخارجية.  
أما تشارلز ماكليلاند فقد اعتبر نظرية النظم كوسيلة لتطوير و فهم العلاقات بين الدول القومية فيقول'' إن الخطوة الأولى أو مفتاح هذا المنهج هي إستراتيجية إدراك ومعرفة ظواهر مختلفة من خلال العلاقات القائمة بين عناصر الظاهرة ثم إطلاق صفة النظام عليها انطلاقا من تحديد أي عنصر من المشكلة هو الأكثر صلة بها، ثم بعد ذلك معرفة الإجراءات الواجب استخدامها لتجنب الكثير من التعقيدات بهدف التعرف على العلاقات بين المدخلات والمخرجات وللتحرك المنظم بين مستويات التحليل المختلفة بالتعرف على الصلة بين النظم الرئيسية والنظم الفرعية وللتنبه لحدود الظاهرة ومدى العمل لكل من النظم الفرعية والرئيسية وللأخذ في الحسبان دور المتغير الثابت-المقياس للدراسة وحدوث اضطرابات في بيئة النظم...كل هذه العناصر رئيسية أخرى لنظرية النظم العامة. 
ويعتبر كابلن ''أن سلوكيات الدول تجاه بعضها البعض تحددها بشكل أساسي طبيعة النظام الدولي القائم وسماته الأساسية ،من عدد الوحدات الرئيسية إلى توزيع القوة بينها. فبنية النظام حسب كابلن تحدد بشكل  كبير سلوكية أطرافه.''  كما يرى ماكليلاند أن السلوك الدولي للدولة الواحدة هو عبارة عن أخذ وعطاء بين هذه الدولة وبيئتها الدولية، وكل هذا الأخذ و العطاء مجتمعا وبمشاركة كل الأطراف داخل الوحدة الواحدة هو ما نطلق عليه النظام الدولي . (بيليس وسميث، 2004م)
إذا حسب منهج التحليل النظمي فإن بنية النظام الدولي هي التي تحدد سلوك الدول الأطراف وذلك عكس الاتجاه الواقعي(التقليدي) الذي يجعل من مفاهيم القوة و المصلحة التي تحرك سلوك الدول هي التي تحدد بنية وطبيعة النظام الدولي. (حتى، 1985م، ص 192)

الاتجاهات المفسرة لبنية النظام الدولي في إطار نظرية النظم :

رغم اتفاق معظم أنصار هذا الاتجاه على تأثير بنية النظام الدولي على سلوكيات الدول، أي على العلاقة بين توزيع القوة ووقوع الحروب والصراعات في النظام الدولي، إلا أنهم لم يتفقوا حول بنية النظام الدولي التي تشكل مصدرا للصراع أكثر من غيرها، فظهرت بذلك ثلاثة اتجاهات أساسية تسعى إلى تفسير العلاقة بين النظام الدولي ووقوع الصراعات:

الاتجاه الأول: علاقة نظام تعدد الأقطاب بالصراع:

يستند هذا الاتجاه على الفرضية القائلة أن'' تواتر Frequency الحروب يخف عندما يتحول النظام من الثنائية القطبية إلى تعدد الأقطاب، أي أن زيادة عدد الأطراف الرئيسية يساهم في استقرار النظام.'' ويدعم هذا الاتجاه كل من ديفيد سنغر و كارل دويتش.  حيث يعتبر نظام القطبية التعددية أنه ميزة للنظام المستقر الذي هو نظام يركز فيه على الدبلوماسية والوسائل التقليدية للتفاوض، وتكون أهداف الوحدات فيه أهدافا محدودة. 
و يضيف كل من  دويتش وسنغر أنه كلما ابتعد النظام عن الثنائية القطبية في اتجاه التعددية فان من المتوقع أن يتلاشى تكرار اللجوء إلى الحرب، ويرى كلاهما أن التحالفات تقلل من حرية أطرافها في التفاعل مع الدول غير الأعضاء في التحالف، ومع أن التحالف يقلل من حدة ومدى الصراع بين أطرافه، إلا أنه يزيد ذلك مع الدول خارج الحلف.
كما يؤكدان على أن بنيان القطبية المتعددة يتسم بدرجة من المرونة تتيح درجة أكبر من هذا التفاعل بين الدول، مما يمنح لها آليات لتمرير طموحاتها والتعبير عن أهدافها ومصالحها بالطرق السلمية ودون اللجوء إلى الحرب، كما أنه نظام لا يتميز بخاصية السباق نحو التسلح، لأن أي زيادة في الإنفاق العسكري أو إتباع سياسات دفاعية معينة لن تفهم من طرف الدول الأخرى أنها تشكل تهديدا لها. 

الاتجاه الثاني: علاقة نظام الثنائية القطبية بالصراع:

يرى دعاة هذا الاتجاه أن الثنائية القطبية هي أكثر مدعاة للاستقرار، والأقل من حيث الحروب، ويمثل هذا الاتجاه كينيث والتز، الذي يعتقد أن النسق ثنائي القطبية يسوده الحذر المتبادل بين القطبين، كما أن التقارب في مستويات القوة بين القطبين يحول دون سعي أي منهما في محاولة فرض هيمنته على القطب الآخر.
كما يرى مايكل هاس M.Haas  بدوره أن نشوب الصراعات و الحروب يكون أقل احتمالا في ظل ثنائية الأقطاب، وذلك رغم ميلها إلى أن تكون أطول نسبيا من حيث المدى الزمني الذي تستغرقه. كذلك يرى روزكرينسR.Rosecrance  أن احتمالات الحروب و الصراع تكون أكبر في ظل النسق متعدد الأقطاب عنها في ظل النسق ثنائي القطبية.  حيث أن تعدد الأقطاب يعني وجود بدائل كثيرة أو صور عديدة لأوضاع الاتزان مما قد يفسح المجال أمام تزايد احتمالات نشوب الحروب للتحول من وضع اتزان معين إلى آخر أما في ظل ثنائية الأقطاب فليس ثمة أوضاع بديلة قد تدفع بأي من القطبين إلى التعديل في الوضع الراهن. 
ويرى والتز أن هناك علاقة طردية بين زيادة القوى الكبرى لقوتها وبين تحقيق الاستقرار وذلك أن زيادة القوى العظمى لقوتها في القطبين يقلل من احتمالات استخدامها، حيث يصبح امتلاك الأسلحة مهم بتوفرها كدافع ردعي وليس باستعمالها، مما يعني أن فكرة التوازن تحقق الاستقرار. وعلى هذا الأساس يرى والتز ضرورة زيادة الدول العظمى في القطبين لقوتها لأن ذلك يقلل من احتمالات استخدامها. (متولي، 1989م)
إلا أن كلا من الاتجاهين الأول و الثاني قد لاقا انتقادات من طرف بعض الباحثين الذين أدركوا قصور كل اتجاه في تقديم تبريراته، ومن بين هؤلاء المعارضين نجد ريتشارد روزكرانسR.Roscrans الذي يقترح نموذجا آخر-كبديل للنموذجين السابقين- يجمع بينهما وأطلق عليه ''القطبية الثنائية التعددية Bi-multipolarity.

القطبية الثنائية التعددية كاتجاه وسط:

ويعتبر هذا الاتجاه كمحاولة للجمع بين ايجابيات الاتجاهين السابقين (القطبية الثنائية و التعددية) من جهة و التخلص من نقاط ضعفهما من جهة ثانية. حيث ينتقد روزكرينس R.Rosecrance  النموذج الثنائي ويقول'' إنه في هذا النظام الذي تكون القوتان العظميان معنيتين تماما بنتائج أية مسألة دولية كبرى يمكن القول أننا أمام صراع صفري Zero Sum games. ويرى أن دوافع التوسع واحتمالات الصراع بين قادة الكتلة أو التحالف هي أكبر في القطبية الثنائية أكثر منها في التعددية.
كما يرى في نظام تعدد الأقطاب أنه بالرغم من أن حدة الصراع قد تكون أقل في هذا النظام إلا أن تكرار حالات الصراع قد تكون أكثر نتيجة الاختلاف الكبير في المصالح، و يضيف'' إذا كانت القطبية تحد من آثار ونتائج الصراع، إلا أنها لا تؤثر إلا بنسبة بسيطة على عدد حالات الصراع، وإذا كانت القطبية الثنائية تتضمن صراعا خطيرا بين القطبين فإنها تقتضي أو تخفف الصراعات الأخرى في أي مكان من العالم'' أما النموذج الذي يقترحه روزكرينس- القطبية الثنائية التعددية-''فتعمل فيه الدولتان العظميان-القطبان-كمنظمين ضابطين للصراع في المناطق الخارجة عن حدود كل قطب منهما في حين كان الصراع لا ينتهي في أية حالة من الحالتين إلا أنه لا يمكن ضبطه في هذا النموذج''.  وهذا يعني أن الحرب في القطبية الثنائية التعددية أقل احتمالا مما هي في القطبية الثنائية أو التعددية. إذن حسب روزكرينس فإن زيادة القطبية التعددية ستدعم الوفاق بين القوى العظمى و بالتالي زيادة التعاون في حل المشكلات التي تقع في نطاق القطبية التعددية.

الاتجاه الثالث: نظام القطب الواحد :

تعرف القطبية الأحادية بأنها بنيان دولي يتميز بوجود قوة أو مجموعة من القوى المؤتلفة سياسيا تمتلك نسبة مؤثرة من الموارد العالمية، تمكنها من فرض إرادتها السياسية على القوى الأخرى، دون تحد رئيسي من تلك القوى.  (أبو شبانة، 1998م)
وفي علاقة شكل هذا النظام بالصراعات الدولية، يعبر عنه مايكل هاس M.Haas الذي يرى أن نظام القطب الواحد أكثر ميلا إلى تحقيق الاستقرار الدولي، فوجود قطب واحد-حسبه-يضمن استقرار النظام بحكم القوة المهيمنة لهذا القطب، وقد وجد Haas في تحليله لواحد وعشرين نظاما دوليا فرعيا بدأ من عام 1649 أن نظام القطبية الواحدة كحالة الإمبراطوريات هو أكثر أشكال الأنظمة الدولية استقرارا. 
كما دعا كل من روسو و دونتي من قبل إلى التخلص من الحروب عبر إقامة حكومة دولية فدرالية تكون فوق الجميع وتربط الدول بعضها ببعض كما يرتبط الأفراد في دولة واحدة.  وحسب هذا الاتجاه فإن الصراعات والحروب لا تنتهي طالما بقي النظام الدولي قائما على تعدد الدول، والسلام لن يتحقق إلا بإلغاء هذا التعدد واعتناق قومية عالمية جديدة تكون أرقى وأحسن من القوميات الضيقة الراهنة، كما يرى هذا الاتجاه أنه لا يمكن تحقيق المصالح المشروعة لكافة الشعوب إلا في ظل حكومة عالمية. 

  خصائص النظام الدولي المساعدة على انتشار الصراعات الدولية:

في ضوء اختلاف الباحثين حول بنية النظام الدولي التي تشكل مصدرا للصراع أكثر من غيرها، إلا أنهم يتفقون حول مدى تأثير بنية هذا النظام وكذا القوى داخله وأنماط التفاعل بين أطرافه على تحقيق الاستقرار أو الجنوح إلى الصراعات و الحروب. وتفاديا لذلك الخلاف لخص جون فاسكيز JohnVasquez خصائص النظام الدولي المساعدة على انتشار الصراعات الدولية في:
- الدول الأقوى في النظام الدولي هي الأميل لخوض الحروب، وحين يتغير ميزان القدرات العسكرية سريعا بين الدول الكبرى المتعادية، حتى تقترب من درجة التعادل يزداد احتمال انجرارها إلى الحرب.
- حين تتفق الدول الكبرى على قواعد اللعبة السياسية و الأعراف الدولية بما يحد من قدراتها على التصرف منفردة، يقل بشدة نزوعها لخوض حروب ضد بعضها بعضا. 
و الواقع أن أسباب الصراعات الدولية المتعلقة بالنظام الدولي التي اتفق عليها علماء العلاقات الدولية قليلة نسبيا، لأن كثيرا منهم تحول من دراسة أسباب الصراع الدولي على مستوى النظام الدولي إلى دراسته على المستويين الفردي و الوطني، وحتى على مستوى موضوعات الصراع بين الدول، وقد برز هذا التحول بشكل واضح بعد نهاية الحرب الباردة التي أفرزت أنواعا جديدة من الصراعات، أصبح للعامل الثقافي والديني دورا كبيرا في تشكلها، الأمر الذي زاد من صعوبة تبني مستوى تحليلي دون آخر في تفسيرها، وفسح بالتالي المجال لنظريات أخرى تقوم على تفسيرات تأملية تعطي الأهمية للعوامل غير المادية (الهويات والأفكار) في تشكيل السلوكيات النزاعية على اعتبار أنها لا تنبع من الطبيعة الفوضوية للنظام، بقدر ما هي انعكاس للتركيبة الاجتماعية والخطابات والأفكار السائدة في المجتمع. 

نقد نظرية النظم:

 يؤخذ على منهج نظرية النظم أن أقصى ما يتوصل إليه ليس نظما وإنما هو اتجاهات في العلاقات الدولية، وهناك بعض الكتاب الفرنسيين يضعون حدودا على هذا المنهج ومنهم (ريمون آرون) يقول: إن أكثر القوانين عمومية في العلاقات السياسية الدولية لا يمكن أن تكون بطبيعتها أكثر من تعميمات محدودة القيمة العلمية جدا، وإذا كان ما ذهب إليه "آرون" صحيحا في كليته. فقد أثبتت السوابق الدولية أنه من الممكن التوصل إلى قواعد عامة تحكم النظام الدولي أو العلاقات الدولية ولكن هذه القواعد ليست مطلقة، وهي عرضة للتغيير، وليمكن أن تفيد في تحليل العلاقات الدولية والتنبؤ بها، وصناعة القرارات في العلاقات الدولية. (العويني ،1981م )
الخاتمة:
تخضع الظواهر الدولية وفقا لنظرية النظم لقواعد تنظمها، وعلى هذا الأساس فالوصول إلى هذه القواعد يساهم في تحليل العلاقات الدولية ونظمها، ومن أمثلة النظم الدولية نظام توازن القوى ونظام القطبية الثنائية ونظام تعدد المراكز، ويقوم نظام توازن القوى على عدد من التحالفات والمحاور التي تفككت قواها أو تكاد، وذلك لردع أي محور قوي من استغلال أي تفوق، في قواه لتغيير معالم الوضع الدولي القائم. وقد تميز النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بنظام الاستقطاب، ونظام القطبية الثنائية، بمعنى أنه في أعقاب الحرب العالمية الثانية تميز النظام الدولي بوجود قطبين رئيسيين هما : الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ورغم أن الدولتين العظمتين كانتا في إطار التحالف إبان الحرب العالمية الثانية ضد المحور. (عودة ، 2005م) يبين النظام الدولي بهذا الشكل أنه بعد الحرب العالمية الثانية حدث اختلاف في العلاقة بين الحلفاء حيث تحول الحليف الأمريكي إلى قطب وتحول الحليف السوفيتي إلى قطب مناوئ للقطب الأمريكي. وما يهمنا في هذا الصدد أن كلا القطبين الأمريكي والسوفيتي سار في فلكها مجموعة من الدول، ولكن مع ديناميكية العلاقات الدولية وظهور عوامل جديدة تحولت العلاقة داخل القطبين من المركزية إلى اللامركزية، فوجدنا في إطار القطب الغربي بروز فرنسا كمناوئ للسياسة الأمريكية، وتقدم إنجلترا وفرنسا في مجال السلاح الذري وهذا أدى إلى تدعيم النزعة اللامركزية في داخل القطب الأمريكي وحلفائه. وعلى الجانب الآخر حدثت لامركزية أيضا داخل القطب السوفيتي وحلفائه، وأبرز سماتها النزاع الصيني السوفيتي بالإضافة إلى ظهور بعض من الزعامة الاستقلالية داخل أوروبا الشرقية من أبرزها النموذج الروماني بزعامة (شاوشيسكو)، وبهذا الشكل اتجه النظام الدولي إلى نظام تعدد الأقطاب، ويسميها بعض الكتاب (سياسة تعدد المراكز) وبهذا الشكل أصبحت هناك مراكز بارزة في النظام الدولي (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وفرنسا في عهد ديجول والصين في عهد ماوتسي تونج).
وفي نفس الإطار برزت سياسة عدم الانحياز التي كانت امتدادا لسياسة التضامن الأفروآسيوي وقد أضفت طابعا أشد ديناميكية في النظام الدولي ولكن هذه السياسة ما لبثت أن تحطمت فيما بعد. المهم : وفقا لهذا النظام يمكن التوصل إلى القوانين والأنماط في كيفية عمل النظم والتوصل إلى استنتاجات عامة تتعلق بعوامل التوازن والاختلال التي تحكم تطور النظم. أما النظام الفرعي فيقصد به بعض المنظمات المنبثقة عن النظام في إطار محدد، قد يكون هذا النظام في إطار إقليمي أو إطار دولي.
 من أمثلة الإطار الإقليمي منظمة جامعة الدول العربية. ومن أمثلة الإطار الدولي الأمم المتحدة.(عودة، 2005م)
وفي الختام ألخص منهج نظرية النظم في أنها - رغم ما وجه لها من نقد-  تعتبر من أهم المناهج المعاصرة على الإطلاق وتأتي بمثابة رد فعل لإخفاق النظريات والمفاهيم التقليدية في التوصل إلى إطار علمي مقبول لتحليل السلوك الدولى. 
وتتكون نظرية النظم من ثلاث فرضيات أساسية تتمثل في:
إن النظام الدولي في حقيقته وحدة عضوية حية ومتحركة وتتمتع بالقابلية المستمرة للتطور والتغير سواء ما يتعلق من ذلك بالسمات الأساسية المميزة للنظام أو بهيكله التنظيمي ونمط أداته.

قائمة المراجع

1- أبو شبانة، ياسر(1998م) النظام الدولي الجديد بين الواقع والتصور الاسلامي، دار السلام ، القاهرة.
2- بيليس، جون وسميث، ستيف (2004م) عولمة السياسة العالمية، ترجمة: مركز الخليج للأبحاث، الإمارات العربية المتحدة.
3- حتى، ناصيف يوسف (1985م)النظرية في العلاقات الدولية، دار الكتاب العربي. بيروت.
4- عودة، جهاد عودة (2005م) النظام الدولي... نظريات و إشكاليات ، دار الهدى للنشر و التوزيع، القاهرة.
5- العويني ، محمد علي (1981م) أصول العلوم السياسية ، نظرية الدولة الفكر السياسي ، الرأي العام والإعلام العلاقات الدولية ، ، عالم الكتب ، القاهرة .
6- متولي، عبد الحميد متولي(1989م) الوجيز في النظريات و الأنظمة السياسية دار المعارف، القاهرة.


ابحث عن موضوع