بحث في علم النفس الاجتماعي بعنوان الاتجاهات

بحث في علم النفس الاجتماعي بعنوان الاتجاهات
المملكة العربية السعودية
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
قسم الدراسات الاجتماعية
         
بحث بعنوان :
الاتجـــــــاهـــــــــات
إعداد الطالب : نايف الزهراني
إشراف الدكتور: محمد هندية
العام الجامعي
1436/1437هـ


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

يعتبر علماء الدراسات السلوكية والنفسية موضوع الاتجاهات من أهم مواضيع علم النفس الاجتماعي، بل لقد ذهب البعض إلى اعتباره أنه هو الميدان الوحيد لذلك العلم. ويستند أصحاب هذه الآراء،إلى أن جميع الظواهر النفسية الاجتماعية، بسيطة كانت أم مركبة، خاصة أو عامة، تخضع في أساسها لمحددات السلوك الإنساني الذي يواجهه ويسيطر عليه تركيب خاص يسمى"الاتجاه "بالإضافة إلى أن القيم والاهتمامات تؤثر بشكل واضح وفعال على هذا السلوك، فالقيمة هي تلك الدينامكية التي تدفع الفرد إلى سلوك معين في موقف معين،وبمعنى آخر فهي ذلك التنظيم الخاص للخبرة الناتجة عن مواقف الاختيار والمفاضلة والذي يدفع إلى أن يتصرف بصورة محددة في مواقف حياته اليومية.
ونظرا لأهمية الاتجاهات في مجال علم النفس الاجتماعي فسوف أتناولها بالتفصيل على صفحات هذه الورقة البحثية.
هذا و أسأل المولى تبارك و تعالى السداد و التوفيق في عرض هذا الموضوع على النحو الأفضل ...
و الله ولي التوفيق ...

الاتجاهات لمحة تاريخية:

   يعتبر المفكر الإنجليزي "هربرت سبنسر" من أوائل علماء النفس الذين استخدموا اصطلاح الاتجاهات.فهو الذي قال أن الوصول إلى الأحكام الصحيحة في المسائل المثيرة للجدل"يعتمد إلى حد كبير على الاتجاه الذهني للفرد الذي يصغي إلى هذا الجدل أو يشارك فيه".وقد استعمل هذا المصطلح بمعان مختلفة قليلاً أو كثيراً(1).
كما يعتبر المفكر الأمريكي"جوردون ألبورت"أن مفهوم الاتجاهات،هو أبرز المفاهيم وأكثرها إلزاماً في علم النفس الاجتماعي الأمريكي المعاصر، فليس هناك اصطلاح واحد يفوقه في عدد مرات الظهور في الدراسات التجريبية.ويرجع ألبورت سبب شيوع هذا الاصطلاح إلى العوامل التالية:
1-     إن هذا الاصطلاح لا ينتمي إلى أي من المدارس السيكولوجية التي كان يسود بينها النزاع، وهي مدرسة الغرائز السلوكية، مدرسة الجشطالت. وعليه فمن الطبيعي أن يتلقفه غالبية علماء النفس الذين كانوا يقفون خارج هذه المدارس.
2-     إن هذا الاصطلاح يساعد المتبني له، أن يتهرب من مواجهة مشكلة البيئة والوراثة التي كان الجدل حولها محتدماً طوال العقدين الثالث والرابع من هذا القرن.
3-     أن لهذا الاصطلاح قدر من المرونة، يسمح باستخدامه في نطاق الفرد وعلى نطاق الجماعة.وقد استخدم فعلاً في كل من هاتين الوجهتين،مما جعله نقطة التقاء بين علماء النفس وعلماء الاجتماعي،تتيح بينهم المناقشة والتعاون في البحث.
4-     الرغبة الملحة لدى علماء النفس بوجه عام، وخاصة في أمريكا في أن يتمكنوا من استخدام المقاييس في دراستهم.فالقياس في أذهان الكثيرين هو الذي يجعل البحث جديراً بأن يسمى بحثاً علمياً.
مفهوم الاتجاه:
        لا يوجد تعريف واحد مقنع يعترف به جميع المشتغلين في الميدان ،إلا أن التعريف الذي ذاع أكثر من غيره و الذي لا يزال يحوز القبول لدى غالبية المختصين و هو تعريف جوردون ألبورت: "الاتجاه حالة من الاستعداد أو التأهب العصبي و النفسي، تنتظم من خلال خبرة الشخص، و تكون ذات تأثير توجيهي أو دينامي على استجابة الفرد لجميع الموضوعات و المواقف التي تستثير هذه الاستجابة (1)".
و لتقريب المعني المقصود إلى الذهن يمكن القول إن الاتجاه هو الحالة الوجدانية القائمة وراء رأي الشخص أو اعتقاده فيما يتعلق بموضوع معين، من حيث رفضه لهذا الموضوع أو قبوله و درجة هذا الرفض أو القبول.
ويعرف"بوجاردس" الاتجاه قائلاً:بأنه"ميل الفرد الذي ينحو سلوكه تجاه بعض عناصر البيئة أو بعيداً عنها متأثراً في ذلك بالمعايير الموجبة أو السالبة تبعاً لقربه من هذه أو بعده عنها"وهو يشير بذلك إلى مستويين للتأهب هما:أن يكون لحظياً،أو قد يكون ذات أمد بعيد.
وسأحاول فيما يلي مناقشة كل مستوى من هذين المستويين على حدة بشيء من الإيجاز:
1-        التأهب المؤقت أو اللحظي: وينتج بطبيعة الحال من التفاعل اللحظي بين الفرد وعناصر البيئة التي يعيش فيها،ويمثل ذلك،اتجاه الجائع نحو الطعام في لحظة إحساسه بالجوع وينتهي هذا التهيؤ المؤقت بمجرد إحساس الجائع بالشبع.
2-        التهيؤ ذا المدى الطويل:ويتميز هذا الاتجاه بالثبات والاستقرار،ويمثل ذلك اتجاه الفرد نحو صديق له،فهو ثابت نسبياً،لا يتأثر غالباً ، كالمضايقات العابرة، ولذلك فمن أهم خصائص هذا النوع من الاتجاهات أنه تأهب أو التهيؤ،له صفة الثبات أو الاستقرار النسبي الذي يتبع بطبيعة الحال تطور الفرد في صراعه مع البيئة الاجتماعية والمادية.وعليه فالاتجاهات هي حصيلة تأثر الفرد بالمثيرات العديدة التي تصدر عن اتصاله بالبيئة وأنماط الثقافة، والتراث الحضاري للأجيال السابقة، كما أنها مكتسبة وليست فطرية(1).

عوامل تكوين الاتجاهات :

هناك عدة عوامل يشترط توافرها لتكوين الاتجاهات النفسية الاجتماعية و منها:
1-        قبول نقدي للمعايير الاجتماعية عن طريق الإيحاء:يعتبر الإيحاء من أكثر العوامل شيوعاً في تكوين الاتجاهات النفسية،ذلك أنه كثيراً ما يقبل الفرد اتجاهاً ما دون أن يكون له أي اتصال مباشر بالأشياء أو الموضوعات المتصلة بهذا الاتجاه.فالاتجاه أو تكوين رأي ما،لا يكتسب بل تحدده المعايير الاجتماعية العامة التي يمتصها الأطفال عن آبائهم دون نقد أو تفكير،فتصبح جزءاً نمطياً من تقاليدهم وحضارتهم يصعب عليهم التخلص منه،ويلعب الإيحاء دوراً هاماً في تكوين هذا النوع من الاتجاهات فهو أحد الوسائل التي يكتسب بها المعايير السائدة في المجتمع دينية كانت أو اجتماعية أو خلقية أو جمالية،فإذا كانت النزعة في بلد ما ديمقراطية فإن الأفراد فيه يعتنقون هذا المبدأ.
2- تعميم الخبرات: والعامل الثاني الذي يكون الإنسان من خلاله اتجاهاته وآرائه هو"تعميم الخبرات"فالإنسان دائماً يستعين بخبراته الماضية ويعمل على ربطها بالحياة الحاضرة فالطفل(مثلاً)يدرب منذ صغره على الصدق وعدم الكذب أو عدم أخذ شيء ليس له،أو احترام الأكبر منه عمراً..الخ.والطفل ينفذ إرادة والديه في هذه النواحي دون أن يكون لديه فكرة عن أسباب ذلك،ودون أن يعلم أنه إذا خالف ذلك يعتبر خائناً وغير آمن،ولكنه عندما يصل إلى درجة من النضج يدرك الفرق بين الأعمال الأخرى التي يوصف فاعلها بالخيانة،وحينما يتكون لديه هذا المبدأ(أي المعيار)يستطيع أن يعممه في حياته الخاصة والعامة.
3- تمايز الخبرة: إن اختلاف وحدة الخبرة وتمايزها عن غيرها،يبرزها ويؤكدها عند التكرار،لترتبط بالوحدات المشابهة فيكون الاتجاه النفسي،ونعني بذلك أنه يجب أن تكون الخبرة التي يمارسها الفرد محددة الأبعاد واضحة في محتوى تصويره وإدراكه حتى يربطها بمثلها فيما سبق أو فيما سيجد من تفاعله مع عناصر بيئته الاجتماعية.
4- حدة الخبرة:لا شك أن الخبرة التي يصاحبها انفعال حاد تساعد على تكوين الاتجاه أكثر من الخبرة التي يصاحبها مثل هذا الانفعال،فالانفعال الحاد يعمق الخبرة ويجعلها أعمق أثراً في نفس الفرد وأكثر ارتباطاً بنزوعه وسلوكه في المواقف الاجتماعية المرتبطة بمحتوى هذه الخبرة وبهذا تتكون العاطفة عند الفرد وتصبح ذات تأثير على أحكامه ومعاييره.

مراحل تكوين الاتجاهات

يمر تكوين الاتجاهات بثلاث مراحل أساسية هي:
1-        المرحلة الإدراكية أو المعرفية: يكون الاتجاه في هذه المرحلة ظاهرة إدراكية أو معرفية تتضمن تعرف الفرد بصورة مباشرة على بعض عناصر البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية التي تكون من طبيعة المحتوى العام لطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه،وهكذا قد يتبلور الاتجاه في نشأته حول أشياء مادية كالدار الهادئة والمقعد المريح،وحول نوع خاص من الأفراد كالأخوة والأصدقاء،وحول نوع محدد من الجماعات كالأسرة وجماعة النادي وحول بعض القيم الاجتماعية كالنخوة والشرف والتضحية.
2-        مرحلة نمو الميل نحو شيء معين: وتتميز هذه المرحلة بميل الفرد نحو شيء معين،فمثلاً أن أي طعام قد يرضي الجائع، ولكن الفرد يميل إلى بعض أصناف خاصة من الطعام،وقد يميل إلى تناول طعامه على شاطئ البحر،وبمعنى أدق أن هذه المرحلة من نشوء الاتجاه تستند إلى خليط من المنطق الموضوعي والمشاعر والإحساسات الذاتية.
3-        مرحلة الثبوت والاستقرار: إن الثبوت والميل على اختلاف أنواعه ودرجاته يستقر ويثبت على شيء ما عندما يتطور إلى اتجاه نفسي، فالثبوت هذه المرحلة الأخيرة في تكوين الاتجاه.

أنواع الاتجاهات:

تصنف الاتجاهات إلى الأنواع التالية:
1-        الاتجاه القوي: يبدو الاتجاه القوي في موقف الفرد من هدف الاتجاه موقفاً حاداً لا رفق فيه ولا هوادة،فالذي يرى المنكر فيغضب ويثور ويحاول تحطيمه إنما يفعل ذلك لأن اتجاهاً قوياً حاداً يسيطر على نفسه.
2-        الاتجاه الضعيف:هذا النوع من الاتجاه يتمثل في الذي يقف من هدف الاتجاه موقفاً ضعيفاً رخواً خانعاً مستسلماً،فهو يفعل ذلك لأنه لا يشعر بشدة الاتجاه كما يشعر بها الفرد في الاتجاه القوي.
3-الاتجاه الموجب:هو الاتجاه الذي ينحو بالفرد نحو شيء ما(أي إيجابي).
4-        الاتجاه السلبي:هو الاتجاه الذي يجنح بالفرد بعيداً عن شيء آخر(أي سلبي(.
5-        الاتجاه العلني:هو الاتجاه الذي لا يجد الفرد حرجاً في إظهاره والتحدث عنه أمام الآخرين.
6-        الاتجاه السري:هو الاتجاه الذي يحاول الفرد إخفائه عن الآخرين ويحتفظ به في قرارة نفسه بل ينكره أحياناً حين يسأل عنه.
7-        الاتجاه الجماعي:هو الاتجاه المشترك بين عدد كبير من الناس، فإعجاب الناس بالأبطال اتجاه جماعي.
8-        الاتجاه الفردي:هو الاتجاه الذي يميز فرداً عن آخر، فإعجاب الإنسان بصديق له اتجاه فردي.
9-        الاتجاه العام:هو الاتجاه الذي ينصب على الكليات وقد دلت الأبحاث التجريبية على وجود الاتجاهات العامة، فأثبتت أن الاتجاهات الحزبية السياسية تتسم بصفة العموم، ويلاحظ أن الاتجاه العام هو أكثر شيوعاً واستقراراً من الاتجاه النوعي.
10-      الاتجاه النوعي:هو الاتجاه الذي ينصب على النواحي الذاتية، وتسلك الاتجاهات النوعية مسلكاً يخضع في جوهره لإطار الاتجاهات العامة وبذلك تعتمد الاتجاهات النوعية على العامة وتشتق دوافعها منها(1).

قياس الاتجاهات:

تشير البحوث والدراسات النفسية و الاجتماعية، إلى وجود طرق عديدة لقياس الاتجاهات منها:
1-        طرق تعتمد على التعبير اللفظي للفرد: ويعتبر من أكثر الطرق تقدماً نظراً للاعتماد فيه على الاستفتاءات والحصول على الإجابات لعدد كبير من الأفراد في وقت وجيز.
2-        طرق تعتمد على الملاحظة، أو المراقبة البصرية للسلوك الحركي للفرد: فإن عملية ملاحظة السلوك الحركي للفرد تتطلبي وقتاً طويلاً، وتستدعي تكرار الملاحظة في ظروف مختلفة.من أمثلة ذلك،الحكم على الاتجاه النفسي للفرد عن طريق ملاحظة ذهابه إلى الجامعة أو لتأدية الصلاة،أو ملاحظ الشخص الذي يتردد على نوع معين من المكتبات،أو ملاحظة الركن أو الموضوع الذي يهتم به شخص ما عند قراءته للصحف دائماً،وهكذا.
3-        طرق تعتمد على قياس التعبيرات الانفعالية للفرد: فهي تتمثل في دراسة ردود الشخص الانفعالية على مجموعة من المؤثرات، وهذا الأسلوب لا يصلح للاتجاهات النفسية عند مجموعة كبيرة من الأفراد.ويلاحظ أن قياس الاتجاه يتطلب بناء اختبار خاص أو مقياس خاص لهذا الغرض.

الشروط الأساسية التي يجب توافرها في بناء المقاييس:

لا بد أن نشير إلى الشروط الأساسية التي يجب توافرها في بناء المقاييس وهي:
1-        اختيار عبارات المقياس،وتركيب العبارة في حد ذاتها،يعتبر أساسا ضرورياً،وهذا يعني انتقاء عباراته وتركيبها بطريقة صحيحة ملائمة لنوعية الاتجاه المراد قياسه وتقديره.
2-        تحليل عبارات المقاييس، ويعني ذلك الناحية الكيفية للحكم على صلاحية كل عبارة من عبارات المقياس لتقدير الاتجاه المطلوب قياسه.وبتفسير أوضح، لا بد من معرفة مدى اتفاق كل عبارة مع الهدف العام للاختيار.
أساليب القياس:

الطرق المباشرة لقياس الاتجاهات:

1- إيجاد النسبة المئوية للإجابات المؤيدة و المعارضة : هذا الإحصاء للاتجاهات المؤيدة و المعارضة يشبه الدراسات الأولى التي عملت على الرأي العام.
و لكن هذه الطريقة أهملت الآن لعدم دقتها، إذا كانت الأسئلة توضع في صور مسرفة في البساطة و كان يترتب عليها إجابات عشوائية إلى حد ما. أما في الأبحاث الحاضرة فهذه الأسئلة التي تتطلب الإجابة بنعم أو لا تضبطها على الأقل أسئلة أخرى.

2- استخدام سلالم الاتجاهات:

هناك نوعان رئيسيان من السلالم هما:

* السلالم القبلية : هي كسلم المسافة الاجتماعية لبوجادروس ، و يقال عن هذه السلالم إنها سابقة على التجربة لان الباحث يحدد مقدما ترتيب العبارات المختلفة المتعلقة بالقبول أو الرفض ، و لهذا النوع من السلالم عيب هم أن ترتيب العبارات بحسب درجة التغلب يختلف باختلاف الأفراد.فمن الممكن أن لا يتفق الترتيب الذي يقترحه الباحث مع الترتيب الذي يقترحه المختبرون، و لإصلاح هذا العيب انشأ ثرستون السلالم المسماة بالسلالم النفسية الفيزيائية.
* السلالم النفسفيزيائية: تعتمد بصفة عامة على الطرق المستخدمة في الأبحاث النفسفيزيائية ، ومن هنا جاء اسمها. و نقطة البداية فيها هي تحديد العتبة و يعمل السلم النفسفيزيائي على مرحلتين :
1- المرحلة الأولى: هي وضع الاختبار على أساس تجريبي ، و ذلك بإجراء بحث على العينة محدودة، كي نحدد بالضبط دلالة الاتجاهات المتضمنة في أسئلة السلم عند الأشخاص الذين نسألهم .
2- المرحلة الثانية: هي تطبيق السلم بعد ضبطه على هذا مجموعة الأشخاص المقترح اختبارهم.

الطرق غير مباشرة للقياس :

1-        المقابلة الإكلينيكية.

2-        دراسة تواريخ الحياة: فان دراسة التواريخ الذاتية للحياة دراسة مقارنة يوضح بعض الاتجاهات .
3-        استخدام التكتيكات الاسقاطية : من نوع الإدراك الداخلي للموضوع . فقد قدم بروشانسكي لطلاب أمريكيين صور مستخرجة صورا مستخرجة من الصحف ، بها مشاهد تتضمن صراعات اجتماعية كالبطالة و الإضراب ، و بحيث يكون مدلول الموقف ملتبسا ،وكان قد قاس مقدما اتجاهاتهم الاجتماعية فظهر أن أوصاف الطلاب للصور الواحدة مختلفة اشد الاختلاف.
4-        الطريقة القائمة على دراسة سلوك الشخص في المواقف الواقعية : و غرض هذه الطريقة استبعاد الأخطاء التي قد تنشا من عدم الصراحة عند الأشخاص في ايجا بتهم الشفوية .
و لكن ضبط قياس الاتجاهات عن طريق السلوك مشكلة معقدة، لأنه لا شيء يثبت أن الأفعال أكثر إخلاصا من الأقوال، فان جميع مظاهر الشخصية يمكن اعتبارها حقيقية بمعنى ما. لأنها إن لم تعبر عن الواقع المر فإنها تعبر عما يريد أن يكون(1).

وظيفة الاتجاهات:

1-        الحاجة إلى الانتساب لجماعة معينة :

فالإنسان يتخذ الأحكام القبلية للجماعة التي ينتسب إليها ، بل و أحيانا ما يتخذ الإنسان في ثورته على جماعته الأحكام القبلية المضادة .فظاهرة اتخاذنا لرأي معين لا تتحدد فقط بالقيمة الحقيقية التي ننسبها إلى هذا الرأي بل أيضا بحاجتنا إلى الانتساب إلى جماعة معينة . و هذه الفكرة فكرة الحاجة إلى الانتساب هي في غاية الأهمية و تتحكم في عديد من الاتجاهات. ففي علم الجريمة مثلا أوضح لاجاش كيف أن المجرم رغم سمعته الاجتماعية السيئة يحس بالحاجة إلى الاندماج في الجماعة . و أن اللغة الخاصة بالجماعات لهي من علامات الانتساب إلى هذه الجماعات. و يمكن هنا دراسة ظاهرة التطابق مع الجماعة.

2-        الحاجة إلى الاستمرار في حياتنا و الحاجة إلى الملجأ:

تساعدنا الاتجاهات على ألا نتخذ سلوكا جديدا في مواجهة كل تجربة  و على العكس نعجز أمام موقف شبيه شبها خشنا بموقف معين عن أن ندرك ما فيه من نواحي الجدة.

3-الحاجة إلى إعطاء الحوادث معنى و دلالة:

و خاصة إبان التغيرات و الأزمات و الهزائم، إذ تسمح المعتقدات بإعطاء دور جديد للفرد، ومن ثم بإعطاء مغزى للحياة.

4- الحاجة إلى الاحتماء الوجداني و المعرفي من مجهول:

مثالا على ذلك اختبار كلينبرج و هو اختبار المسافة الاجتماعية إزاء  32بلد منها 3 غير موجودة : لقد جمعت اتجتهات مناهضة إزاء هذه البلدان الثلاثة . و على ذالك يبدو المجهول باعتباره خطرا و تجيب الاتجاهات إذن على حاجة إلى الاحتماء الوجداني و المعرفي على السواء.

مشاكل قياس الاتجاهات:

*مشكلة تنوع الإجابات بتنوع العرض:في بعض الأحيان لا نستطيع أن تحدد الإجابات على السؤال معين بحسب العرض هناك إجابات تكون بنعم لا أو نعم و هناك إجابات تتطلب إجابات اختيارية أو تعبيرية .
* مشكلة قياس شدة الإجابات : و الأمر يتعلق بمقدار الشدة التي بها يتخذ الناس حلولهم ،والشدة تساعدنا على تحديد قسمة الإجابات الايجابية أو السلبية.
* مشكلة مضمون السؤال: غالبا لا نستطيع للوصول إلى الصيغة الحسنة التي تساعد على فهم الجميع للسؤال بنفس الطريقة.
*صعوبة تحقيق الثبات و الصحة في الايجابيات(1).

الخاتمة

وخلاصة القول أن الاتجاهات تمثل نظاماً متطوراً للمعتقدات، والمشاعر والميول السلوكية التي تنمو في الفرد باستمرار نموه وتطوره، والاتجاهات دائماً تكون تجاه شيء محدد أو موضوع معين،وتمثل تفاعلاً وتشابكاً بين العناصر البيئية المختلفة ولا يستطيع الفرد أن يكون أو ينشئ اتجاه عن شيء معين إلا إذا كان في محيط إدراكه،أي أن الفرد لا يستطيع تكوين اتجاهات حيال أشياء لا يعرفها أو حيال أشخاص لا يتفاعل معهم،وهو(الاتجاه)عبارة عن وجهة نظر يكونها الفرد في محاولته للتأقلم مع البيئة المحيطة به،وأن تفسير السلوك يرتبط جزئياً بالتعرف على اتجاهات الأفراد وتعتبر عمليات القياس عامة،والاتجاه خاصة،عمليات أساسية في ميدان علم النفس الاجتماعي،ويعود ذلك إلى أن عملية القياس تحدد إلى أي مدى يمكن أن يعتمد على صحة النظريات والفروض القائمة.وبذلك يمكن مساعدة الدارس على تعزيز أو رفض بعض النظريات والفروض، وفتح أمامه مجالات أخرى للبحث والتجريب.فالإنسان يميل دائماً إلى التعميم سواء عن طريق الاستقصاء أو التبرير.وفي هذا الميل إلى التعميم يبدو وكأن الاتجاه الذي يتحدث عنه الفر، إنما هو اتجاه عام وسائد.ولكن عند استخدام الأسلوب العلمي في القياس يثبت عكس ذلك،بل قد يثبت أن مثل هذا الاتجاه ما هو إلا اتجاه فردي أو اتجاه محدود،وبناء على ذلك،فإن معظم الافتراضات أو النظريات التي قامت على غير مثل هذا التعميم،تعتبر على غير أساس.كما أن قياس الاتجاه النفسي كأي عملية من عمليات القياس يساعد على التنبؤ بما يحدث في المجال الاجتماعي للجماعة.وهذا هو أهم هدف تسعى إليه البحوث والدراسات النفسية الاجتماعية.فعن طريق قياس الاتجاه النفسي الاجتماعي يمكن التنبؤ بمدى(حدود)وزمن التغير الاجتماعي المرتقب في أي جماعة من الجماعات.كما يمكن التنبؤ أيضا بإمكانية إدخال عامل جديد إلى حيز التفاعل النفسي الاجتماعي للجماعة.وعليه يمكن القول بأن عملية قياس الاتجاه النفسي، هي إحدى العمليات الهامة التي يجب أن يلم بها كل من يعمل في الميدان الاجتماعي الجماهيري، وخاصة المعلم والأخصائي الاجتماعي و النفسي .
                          و الله الموفق ...

                          قائمة المراجع 

1- أحمد عزت راجح: أصول علم النفس , ط11, المكتب المصري الحديث , الإسكندرية ,  1993م .
2- صلاح طلبة : المدخل إلى علم النفس , ط 6, دار  المعارف , القاهرة , 1995م.
3- عبد الحليم محمود السيد و آخرون : علم النفس العام ,ط7 , دار غريب للطباعة , القاهرة ،2003م.
4- مصطفى سويف : مقدمة لعلم النفس الاجتماعي ,ط 5,  مكتبة الخانجي , القاهرة , 1998م .


ابحث عن موضوع