بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

حق الانتفاع في التشريع الجزائري

حق الانتفاع في
التشريع الجزائري

مذكرة نهاية التكوين لنيل شهادة المدرسة العليا للقضاء

الدفعـة السابعة عشر




من إعداد الطالب القاضي
حجاج ياسين

المقـــدمــــة
إن الحق قد يكون عينيا عندما يخول صاحبه سلطة على الشيء، و قد يكون شخصيا عندما ينشىء علاقة ذاتيــــــــة بين شخصين، و الحق العيني قد يكون أصليا عندما يتقرر لذاته على الشيء و قد يكون تبعيا عندما يتقرر تبعـــــــا و ضمانا لحق آخر فيبقى ببقائه و يزول بزواله فيتبعه وجودا أو عدما كأصل عام.
و الحقوق العينية الأصلية، يجمعها حق واحد ألا وهو حق الملكية، و قد يتفرع عنها حقوقا عينية أصلية أخرى، و حينئذ تنقص هذه الحقوق من حق الملكية، إذ تتكون هذه الأخيرة من عنصرين، أولهما حق الرقبة، و ثانيهما حق الانتفــــــــاع، فإذا تصرف المالك في العنصر الثاني، فلا يبقى له سوى حق الرقبة .
إن الحق العيني الذي يهمنا في موضوعنا هذا هو حق الانتفاع، و يسمى باللغة الفرنسية Iususfuctus الذي يعد حقا عينيا أصليا متفرعا عن حق الملكية كما سبق و أن ذكرنا .
هذا و إن حضي حق الانتفاع باهتمام كبير من طرف المشرع الجزائري منذ الاستقلال، إلا انه لم يرد بشأنه تعريفــــــــــا خاصا رغم التغيرات التي طرأت على النصوص التي تنظمه بتغير الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية هذا فضلا عن تدعيمه بنصوص و قوانين خاصة لاحتوائها لكن هذه الأخيرة جاءت بصيغ و مفاهيم أخرى، تطبيقاتها وضعت حدا فـــــــــي بعض الأحيان لعمومية القواعد العامة، هذه الأخيرة التي نظمها المشرع في المواد 844 إلى 854 من القانون المدني[1] والتي تضمنت كيفية اكتساب حق الانتفاع و الالتزامات و الحقوق المترتبة لفائدة المنتفع و كيفيات انتهائه.
و من تلك النصوص الخاصة التي ترتب حق انتفاع ( على سبيل المثال لا الحصر ) نجد القانون المتعلق بكيفيات استغلال المستثمرات الفلاحية و هو القانون رقم 87/19 المؤرخ في 09/12/1987 المتضمن ضبط كيفية استغلال الأراضي الفلاحيــــــة التابعة للأملاك الوطنية و تحديد حقوق المنتجين و واجباتهم.
و كذا القانون المتعلق بكيفية استغلال الأملاك الوقفية و هو القانون رقم 91/10 المؤرخ في 27/04/1991 المعدل والمتمم المتضمن الأحكام التي تسير الأملاك الوقفية وكيفية استعمالها و استغلالها.
و بالإضافة إلى ما سبق من قوانين خاصة نجد المرسوم التنفيذي رقم 97/483 المؤرخ في 12/12/1997 و المتعلق بمنح حق امتياز قطع أرضية من الأملاك الوطنية التابعة للدولة.
عموما، إن الغاية من إنشاء حق الانتفاع سواء كان ذلك في القواعد العامة أو في القوانين الخاصة، هو إعطاء للمنتفع حقوق واسعة على العين محل الانتفاع مع الاحتفاظ بالرقبة للمالك، و عندما يسقط حق الانتفاع تتحد عناصر الملكية كافة بيد صاحب الحق بطريقة سهلة خالية من الإجراءات و الشكليات، و في بعض الأحيان تكون الغاية من إنشاء حق الانتفاع منح ضمانة للدائنين، فبدلا من أن يقدم المالك على رهن الشيء و تسليمه للدائن أو بدلا من أن يرهق عقاره بتأمينات، يعطي الدائن حقا بالانتفاع مباشرة من الشيء بالقدر الذي يوفي به كامل الدين.
هذا بصفة عامة عن حق الانتفاع في التشريع الجزائري ونضيف، أن الهدف الذي كان يتوخاه المشرع من خلال ترتيبه لحق انتفاع بموجب قوانين خاصة هو لأجل تحديد قواعد استغلال للأعيان محل الانتفاع و منه لتلبية الحاجيات الغذائية للسكان و كذا النهوض بالاقتصاد الوطني و هذا لكون القواعد العامة يرى فيها المشرع في بعض الأحيان بأنها تصعب نوعا ما حركته و نموه، و هو فــــــــي سبيل ذلك أنشأ حقوق انتفاع من نوع خاص لها مفهوم و أثار مختلفة كلية عن تلك التي نجدها في أحكام القانون المدني.
و على هذا الأساس يمكن التساؤل عن مضمون الأحكام التي قررها المشرع في مجال تنظيم هذا الحق فما هو إذن مفهومه؟ و ما هي الخصاص المميزة له؟ و كيف يكتسب ؟ و فيما تتمثل الآثار المترتبة عن قيام حق الانتفاع؟ و كذا أسبــــــــــــاب انقضائه ؟ وماهي أهم المنازعات التي يمكن أن يثيرها؟ كل هذا في إطار أحكام حق الانتفاع في التشريع الجزائري سواء كان ذلك في القانون المدني و قواعده العامــــة أو في النصوص القانونية الخاصة التي سبق و أن أسلفنا ذكرها.
و من أجل الإجابة على مجمل هذه التساؤلات سوف نقوم بتحليل هذا الموضوع في فصلين، فأما الأول فإننا نقوم فيــــه بتحديد مفهوم حق الانتفاع في ضل التشريع الجزائري و من خلاله نتعرض إلى مدلوله من جهة و إلى أسباب و طرق اكتسابه من جهة أخرى و هذا بتحليل في مبحثين .
أما الفصل الثاني فنقوم فيه بتحديد أثار حق الانتفاع و أسباب انقضائه ومن خلاله نتعرض إلى آثار قيام هذا الحق العيني من جهة، والى أسباب انتهاءه والمنازعات التي يمكن أن يثيرها من جهة أخرى و هذا بتحليل مفصل لهمــــــــــا في مبحثين.


خــطــة البحــث

المقدمة :

الفصل الأول : مفهوم حق الانتفاع
المبحث الأول: مدلول حق الانتفاع
المطلب الأول: ماهية حق الانتفاع طبقا للقواعد العامة
المطلب الثاني: ماهية حق الانتفاع وفقا لأحكام القوانين الخاصة
المبحث الثاني: أسباب اكتساب حق الانتفاع
المطلب الأول: أسباب اكتساب حق الانتفاع طبقا للقواعد العامة
المطلب الثاني: اكتساب حق الانتفاع وفقا للقوانين الخاصة

الفصل الثاني : آثار حق الانتفاع،والمنازعات التي يمكن ان يثيرها
المبحث الأول: الآثار المترتبة عن قيام حق الانتفاع
المطلب الأول: الحقوق والالتزامات المترتبة على حق الانتفاع
المطلب الثاني: انقضاء حق الانتفاع
المبحث الثاني: المنازعات المتعلقة بحق الانتفاع
المطلب الأول: المنازعات التي يختص بها القضاء العادي
المطلب الثاني: المنازعات التي يختص بها القضاء الإداري

الخاتمــــة:



الفصل الأول: مفهوم حق الانتفاع في ضل التشريع الجزائري


من خلال هذا الفصل، سوف نقوم بدراسة مدلول حق الانتفاع و التعريف به في أول مبحث منه و مـــــــن خلاله نلقى الضوء على ماهية هذا الحق العيني سواء في القانون المدني و قواعده العامة أو في القوانين و النصــــــــــــوص الخاصة - على سبيل المثال لا الحصر-، نذكر منها قانون 87/19 المتعلق بكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعــــــة للأملاك الوطنية الخاصة و قانون 91/10 المعدل و المتمم المتعلق بالأوقاف و إلى جانبهما نجد المرسوم التنفيـــــــذي 97/483 المتعلق بمنح حق امتياز قطع أرضية من الأملاك الوطنية التابعة للدولة .
أما في المبحث الثاني نعرج إلى دراسة أسباب اكتساب حق الانتفاع في التشريع الجزائري و تحليلها بالشكل التي تكون فيه تغطية الموضوع كاملة سواء كان في القانون المدني أو النصوص الخاصة.
















المبحث الأول: مدلول حق الانتفاع
إن تفصلينا لهذا المبحث تكون من خلال تحليل ينقسم و يتفرع إلى مطلبين، الأول يتمثل في دراسة ماهية حــــــــــق الانتفاع وفقا لأحكام القانون المدني و الثاني دراسته وفقا للقوانين و النصوص الخاصة السالف ذكرها، كل هذا علــــى النحو التالـــــــــــــــــــي:

المطلب الأول: ماهية حق الانتفاع طبقا للأحكام الواردة في القانون المدني الجزائري
تعرض القانون المدني الجزائري للحقوق المتفرعة عن الملكية في الكتاب الثالث تحت عنوان الحقوق العينية الأصلية من الباب الثاني تجزئة حق الملكية في الفصل الأول من حق الانتفاع و حق الاستعمال و حق السكن، و قد تضمنــــــت المواد من 844 إلى 854 من القانون المدني الجزائري هذا الحق، فأوضحت خصائصه و خصوصياته و هو ما سنتطرق إليــــه بصفة موجزة في هذا التحليل الآتي:
الفرع الأول: تعريف حق الانتفاع وفقا لأحكام القانون المدني:
بالرجوع إلى أحكام المواد 844 إلى 854 من القانون المدني، نجد بأن المشرع لم يورد تعريفا له و ترك ذلك للفقه[2]، هذا الأخير الذي اعتبر بأنه هو ذلك الحق العيني في الانتفاع بشيء مملوك للغير بشرط الاحتفاظ بذات الشيء لرده إلى صاحبه عند نهاية حق الانتفاع، الذي يجب أن ينتهي حتما بـــــمـــوت المنتفع.
و تبين من خلال هذا التعريف، أن حق الانتفاع هو حق عيني للمنتفع يقع مباشرة على الشيء المنتفع به و لا يتوسط بينهما مالك الشيء[3] و يترتب على ذلك أن هذا الأخير ليس ملتزما قبل المنتفع بتمكينه من الانتفاع، بل كل ما على المالك فعلـــه هو ألا يتعرض للمنتفع في مباشرة حقه، كما يتبين أيضا أن حق الانتفاع يشتمل على حق الاستعمال و حق الاستغلال إذ يجرد الملكية من هذين العنصرين و لا يبقى لها إلاّ حق التصرف، ومن ثم تصبح الملكية المثقلة بحق الانتفاع ملكية غير كاملـــــــة و تسمى بملكية الرقبة.
هذا كما قد يجتمع في المال الواحد حقان عينيان حق الرقبة للمالك و حق الانتفاع للمنتفع، و فيها لا يكونا شريكين على الشيوع في المال[4]،لان هذا الأخير لا يكون إلا في حقوق من طبيعة واحدة تتزاحم على الشيء الواحــد، وبناءا على ذلك لا يجوز لمالك الرقبة و لا المنتفع أن يطلب قسمة المال بينهما على أساس الشيوع ويبقى كل منهما محتفظا بحقه متميز عن حق المالك الآخر.
عموما فإن حق الانتفاع يندر الالتجــاء إليه في الحياة العملية، و لكن نصادف حق الانتفاع غالبا بصدد الوصية المستترة في شكل تصرف منجــــــز كبيع أو هبة، للتحايل على أحكام الوصية، حيث يبيع أو يهب شخص مالا معينا لآخر مع احتفاظ البائع أو الواهــــــب بحق الانتفاع طول حياته[5].
الفرع الثاني: خصائص حق الانتفاع وفقا لقواعد القانون المدني: من خلال ما سبق، نستخلص أن حق الانتفاع الوارد في أحكام القانون المدني بأنه يتميز بالخصائص التي نوجزها في الآتي:
1- حق الانتفاع هو حق عيني: إذ يعد حق الانتفاع حق عيني أصلي يتفرع على حق الملكية بأن يقتطع من سلطـــــات المالك سلطة الاستعمال و الاستغلال و تمنح لشخص آخر غير المالك[6]، فتكون له إرادته بما يتفق و الغرض الذي أعد من أجله، فله أن يستعمله بنفسه أو يؤجره و أن يرفع جميع الدعاوي المتعلقة به، كما يجوز له التصرف فيه كما له حق الأفضلية و التتبع[7] ، و بناءا على ما سبق فإننا نجد هذا الحق يتميز عن بعض الأنظمة المشابهة له و ذلك على النحو التالي:
فيتميز حق الانتفاع عن حق الإيجار في أن حق الانتفاع حق يخول للمنتفع باعتباره صاحب حق عيني سلطـــة مباشرة على الشيء محل الانتفاع دون تدخل من المالك وما على هذا الأخير إلا عدم التعرض للمنتفع في مباشرة حقه، أما حق الإيجار فهو حق شخصي ذلك لوجود علاقة دائنية بين المستأجر و المؤجر إذ لا يستطيع الانتفاع بالعيـــــن المؤجرة إلا بواسطة المؤجر الذي يقع على عاتقه التزامات بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين و ذلك بإصلاحهـــا وترميمها و جعلها صالحة للانتفاع.[8]،.وهو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 25/ 12/1988 تحت رقم 54388 والذي جاء فيها مايلي:
"من المقرر قانونا، أن حق الشفعة يكون لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أو بعضها.
ولما كان الثابت – في قضية الحال – أن قضاة المجلس لما رأوا أن المستأجر لا يدخل ضمن الحالات الثلاثة المنصوص عليها في المادة 795 من القانون المدني باعتبار أن حق الإيجار هو حق شخصي في حين أن حق الانتفاع هو حق عيني، ومن ثم فإنهم بقضائهم كما فعلوا قد طبقوا القانون تطبيقا سليما "[9].
كما أنه إذا ما تنازل المنتفع عن حق الانتفاع للغير، فإن المالك لا دخل له و بالتالي فإن سلوكه سلبي تجاه المنتفع فــــي حين إذا ما تنازل المستأجر عن حقه في الإيجار للغير فإن ذلك يتطلب تدخل المؤجر و منه فإن دور هذا الأخير هـــــــو إيجابي.
كما يتميز أيضا حق الإيجار عن حق الانتفاع، في كون المستأجر في حق الإيجار هو صاحب حق شخصي و ليس لـــه سوى الحصول على الثمار الطبيعية أو الصناعية للشيء في حين الثمار المدنية تبقى لدى المؤجر نتيجة احتفاظـــــه بسلطة استغلال الشيء، أما المنتفع في حق الانتفاع هو صاحب حق عيني له بذلك سلطة الاستعمال و الاستغلال إذ يستطيع تأجير الشيء و الحصول على ثماره المدنية[10]
هذا وللمنتفع في الدفاع عن حيازته لحقه العيني جميع دعاوى الحيازة طبقا للقواعد العامة ولذلك لم يرد نص خاص في ذلك، أما المستأجر فله أيضا في الدفاع عن حيازته لحقه الشخصي جميع دعاوى الحيازة ولكن بموجب نص خاص (المادة 487 من القانون المدني).
أما إذا ما ورد حق الانتفاع على عقار فإنه أعتبر بذلك مالا عقاريا يجوز رهنه رهنا رسميا و من ثمة فإنه يخضع لإجراءات التسجيل في السجل العقاري و هو ما لا يجوز بالنسبة لحق الإيجار باعتباره حقا شخصيا .
أما عن تميز حق الانتفاع عن حق الشريك في الشيوع، فانه بادئ ذي بدء نقول بان الملكية الشائعة لا تعني تعدد الملاك لنفس الشيء بل يملــك فيها كل شريك حصة على الشيوع، و عليه لا يمكن القول بالشيوع إلا في حق واحد، و لما كان حق الانتفاع حق مستقل تماما عن حق ملك الرقبة فإن أصحاب هذيــــــــن الحقين ليسا شريكين على الشيوع و عليه لا يجوز لمالك الرقبة و لا للمنتفع أن يطلب قسمة المال بينهما على أساس الشيوع، بل يبقى كل منهما محتفظا بحقه متميزا عن حق الآخر دون تزاحم بينها، لكن إذا ما كان حق الانتفاع نفسه مملوك على الشياع مع عدة أشخاص آخرين منتفعين فيجوز في هـذه الحالة للشريك في الانتفاع أن يطلب القسمة.
هذا كما يتميز حق الانتفاع عن حق الملكية في كونهما يختلفان من حيث المضمون، ذلك لأن حق الملكية يشتمل على عناصر ثلاثة هي الاستعمال و الاستغلال و التصرف، أما حق الانتفاع فيشمل على حقي الاستعمال و الاستغلال فقط، يجرد بذلك حق الملكية من هذين العنصرين ولا يبقى لها سوى عنصر حق التصرف، ومن ثم تصبح الملكية المثقلة بحق الانتفاع ملكية غير كاملة وتسمى بملكية الرقبة، ومنه فأن حق الانتفاع يترتب لشخص على مال مملوك للغير[11]، ولا يقال لمن يملك المال ملكية كاملة انه يملك كلا من الرقبة وحق الانتفاع بل أن انتفاعه بالمال لا يعتبر مباشرة لحق الانتفاع بل مباشرة لحق الملكية التامة.
2- حق الانتفاع هو حق مؤقت[12] إذ أنه و من خلال أحكام المادة 852 من القانون المدني، فإن حق الانتفاع يتقرر لمدة معينة و مؤقتة و سواء كان ذلك الأجل طويل أم قصير و ينتهي بانتهاء هذا الأجل، و في حالة عدم تحديد مدتــــــه اعتبر بحياة المنتفع، فبوفاة هذا الأخير ينتهي حق الانتفاع و يرجع إلى مالك الرقبة، فتعود له ملكية العين كاملة، و الحكمة من تاقيت حق الانتفاع هو أنه يحمل الملكية بعبء ثقيل من شأنه أن يحد من حركة و تداول المال و يؤثر ذلك على الوضع الاقتصادي، فلا مالك الرقبة و لا المنتفع يمكنهما التصرف بالملكية الكاملة طيلة المدة المحــــــــددة للانتفاع بالمال، لذا ارتأى المشرع أن ينهي هذا الوضع بموت المنتفع حتى تجتمع الملكية بكامل عناصرها بيــــــــد مالك الرقبة وحده[13].
هذا وبالإضافة إلى كونه يعطل من حركة تداول الأعيان فانه أيضا يحمل في ذاته عاملا من عوامل الشك وعدم الاستقرار بسبب القاعدة التي نحن بصددها من انه ينتهي حتما بموت المنتفع، فسواء حدد لحق الانتفاع اجل أو لم يحدد ، فانه لا يعرف متى ينتهي، إذ قد يموت المنتفع قبل انقضاء هذا الأجل والموت بطبيعته لايعرف اجله أو موعده على وجه التأكيد، فتقدير قيمة حق الانتفاع عندما يكون هناك محل لذلك يصعب البت فيه، إذ يحول دون ذلك عدم معرفة موعد انقضائه حتى لو كان له اجل محدد،إذ ينتهي حتما بوفاة المنتفع.
3- حق الانتفاع يقع على شيء غير قابل للاستهلاك: فلما كان التزام المنتفع برد العين المنتفع بها إلى صاحبهــــا مالك الرقبة نظرا لكون حق الانتفاع يترتب على مال مملوك للغير، فإنه يتوجب أن يكون هذا الشيء غير قابـــــــــــــل للاستهلاك، و عليه فإنه لا يرد حق الانتفاع على الأشياء القابلة للاستهلاك التي ينحصر استعمالها بحسب ما أعدت له فــــــي استعمالها و إنفاقها لأن المنتفع له فقط استعمال الشيء و استغلاله دون التصرف فيه أو استهلاكه، وبمفهوم المخالفة يستخلص بان الذي ينتقل إلى المنتفع في الشيء القابل للاستهلاك ليس هو مجرد حق انتفاع، بل هو حق ملكية كاملة يبيح للمنتفع أن يستهلك الشيء، على أن يرد مثله أو قيمته عند انتهاء حق الانتفاع، فالمنتفع عندئذ يصبح مالكا للشيء ولا تكون هناك رقبة تبقى للمالك وإنما يكون المالك دائنا للمنتفع بمثل الشيء أو قيمته، وبالتالي تتحول الرقبة من حق عيني هو ملك الرقبة إلى مجرد دائنية للمالك في ذمة المنتفع.

المطلب الثاني: ماهية حق الانتفاع وفقا لأحكام القوانين الخاصة
في خضم هذا المطلب سوف تكون لنا دراسة حول تعريف حق الانتفاع في النصوص الخاصة و كذا خصائصهـــــا و أهم مميزاتها بالمقارنة مع ما جاءت به أحكام القانون المدني.
الفرع الأول: تعريف حق الانتفاع في القوانين الخاصة: من خلال هذا الفرع نتوقف عند بعض القوانين الخاصة و استخلاص تعريف حق الانتفاع الخاص منهـــــــــا.
فأول مفهوم نتطرق إليه هو حق التمتع الذي جاء به القانون رقم 87/19، إذ و بخلاف القانون المدني الذي لم يورد تعريف لحق الانتفاع، فإن المادة 08 من القانون الخاص السالف الذكر عرفت حق الانتفاع في إطار أحكام هذا القانون بأنه حق عيني عقاري، يمنـــح على الشيوع بين أعضاء المستثمرة[14] وقابل للتنازل و النقل و الحجز عليه و يمنح مقابل دفع إتاوة يحدد وعاؤها قانـــــون المالية و استثناءا يمكن منح هذا الحق بصفة فردية بالنسبة للأراضي المتبقية بعد تكوين المستثمرات الجماعية طبقـــا للشروط التي أوردتها المادة 37 منه[15].
أما عن مضمونه فهو حق عيني عقاري يعطي للمنتجين حق إستعمال الأرض الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وإستعمالها بصفة أبدية، ومن هنا نجد أن حق الانتفاع الدائم المنصوص عليه في قانون 87-19 يختلف عن حق الانتفاع المنصوص عليه في القانون المدني، إذ أن هذا الأخير ينتهي بانقضاء الأجل المعين له، فإن لم يحدد أجل عد مقررا بحياة المنتفع[16].
ويمنح حق الانتفاع على مجمل الأراضي التي تتكون منها المستثمرة وعلى الشيوع بحصص متساوية في حالة الاستغلال الجماعي، وهي حصص قابلة للنقل والتنازل والحجز وفقا لما نصت عليه المادة 23 من قانون 87-19، وبالتالي يمكن رهنه أيضا، ومن هذه الناحية فهو يقترب إلى حق الإنتفاع التقليدي المنصوص عليه في القانون المدني
أما عن مفهوم حق الانتفاع بالأملاك الوقفية طبقا لقانون 91/10[17] ففيه نقول بان الوقف نظام قديم عرفته النظم و الشرائع السابقة عن الإسلام، إلا أن هذا الأخير جاء فأقر أصله و اعترف بوجوده و نظمه بطريقة تكفل توافقه مع قواعد الميراث و مقاصد الشرع و هو ينحصر في حبس العين حبسا مؤبـــــــدا مع التصدق بمنفعتها على جهة بر لا تنقطع، و هو أيضا التقرب إلى الله تعالى ببـــــــــذل المال في سبيل الخير المأمور به، فالوقف إذن كائن تخلقه إرادة الواقف وفي ذلك نجد عدة قرارات عن المحكمة العليا تاكده لاسيما القرار المؤرخ في 19/ 04/1994 والذي جاء فيه ما يلي:
"على قضاة الموضوع ان يحترموا ارادة المحبس، وان عدم احترام قواعد الميراث من طرف المحبس لا تؤدي الى ابطال الحبس."[18].
والوقف في كل الحالات، يبقى قائما على أصله أبدا، يتعامل و يدين و يستدين و تكون له حقوق و عليه واجبات في الحدود المقررة له، و كل كائن يجمع هذه الخواص هـــــو شخص قانوني اعتباري بحسب اصطلاح الفقهاء. و بالرجوع إلى النصوص القانونية للوقف و لا سيما المادة الثالثة(3) منه نجد المشرع الجزائري يعرف الوقف بأنه حبس العين عن التملك على وجه التأبيد و التصدق بالمنفعة على الفقراء أو على وجه من وجوه البر و الخير، وحسبما ورد في نص المادة 06 من القانون السالف الذكر قبل تعديله" أن الوقف نوعان:عام وخاص.
أ-الوقف العام: ما حبس على جهات خيرية وقت إنشائه ويخصص ريعه للمساهمة في سبيل الخيرات وهو قسم يحدد فيه مصرف معين لريعه فلا يصح صرفه على غيره من وجوه الخير إلا إذا استنفذ،وقسم لا يعرف فيه وجه الخير الذي أراد الواقف فسمي وقفا عاما غير محدد الجهة، ويصرف ريعه في نشر العلم وتشجيع البحث في سبيل الخير[19].
ب-الوقف الخاص: وهو ما يحبسه الواقف على عقبه من الذكور أو الإناث أو على أشخاص معينين ثم يؤول إلى الجهة التي يعينها الواقف بعد انقطاع الموقوف عليهم". وهذا النوع الأخير من الأوقاف كان محل تعديل بموجب القانون 02/10 المؤرخ في 14/12/2002 وإن كان بذلك قد خالف التشريعات المقارنة الأخرى في طريقة إلغاءه لها.
عموما ، فان مالك العيــــــن يفقد ملكيته عليها مباشرة بعد حبسها، و ينتقل حق الانتفاع بالمال الموقوف إلى الجهة التي أوقف عليها، بينما الملكية تبقـــــــى معلقة بحيث لا يجوز لا للواقف و لا للموقوف عليه و لا لنظارة الوقف التصرف فيها بأي شكل من أشكال التصرف، أما عن حق الانتفاع الوارد على العين الموقوفة، الذي يؤول للموقوف عليه فانه ينحصر فيما تنتجه فقط و هذا ما قررتــــــه المادة 18 من القانون السالف الذكر، هذا وللوقف شخصية معنوية تتولى إدارتها نظارة الوقف[20] طبقا لأحكام المادة 33 منه و له ذمة مالية تتضمن ملكية الرقبة، أما حق الانتفاع فيكون قد آل إلى الموقوف عليه وبالتالي فان الوقف وان كان يرتب حق انتفاع فانه يختلف عن ماجاءت به أحكام القانون المدني سيما من حيث النشأة أو من حيث المدة فأما عن النشأة فنجد الوقف ينشا فقط بموجب تصرف قانوني وبالنسبة للمدة فانه ينشا على وجه التأبيد غير مؤقت.
أما عن مفهوم حق الانتفاع الوارد عن عقد الامتياز وفقا للمرسوم لتنفيذي 97/483 المتعلق بمنح امتياز قطع أرضية من الأملاك الوطنية الخاصة التابعة للدولة، فانه بادئ ذي بدء يجب الإشارة إلى أن مصطلح حق الامتياز الوارد بالمرسوم و الذي نجده في غير محله، ذلك لأنه حــــــق عيني تبعى نظمه المشرع الجزائري في القانون المدني و له أصوله و أحكامه الخاصة به لكن المفهوم الذي يأخذ هذا المرسوم هو منح عقد امتياز و الذي يختلف كليه عن سابقه إذ هو عقد يرتب حق عيني أصلي.
بعد هذه الملاحظة، نعرج إلى التعريف الذي وضعه المشرع لعقد الامتياز وهذا بالرجوع إلى المادة الثانية مــن هذا المرسوم الذي يعرفه بأنه تصرف تمنح الدولة بموجبه و لمدة معينة حق انتفاع بأراضي متوافرة تابعة لأملاكها الوطنية الخاصة، لكل شخص طبيعي أو معنوي في إطار استصلاح المناطق الصحراوية الجبلية و السهبية، و عليه فإن عقد الامتياز هو أسلوب جديد لم يرد في القانون المدني و يمكن هذا الامتياز في منح جزء من الأراضـــــــي التابعة للأملاك الوطنية الخاصة في البداية مقابل دفع إتاوة، و تساهم الدولة بالنسبة للمشاريع التي تحظى بالأولوية كتوفير الطاقة و شق الطرقات[21].
هذه الأرض الوارد عليها عقد الامتياز يمكن للدولة أن تتنازل عنها للمستفيد وهذا بعد انجازه للمشروع المتمثل في استصلاحها و كذا معاينته، و الذي يكون يكون بمقابل من أجل اكتسابها و تملكها ملكية تامة بموجب عقـــد إداري مسجل و مشهر في المحافظة العقارية.
و إن كان يختلف هذا العقد عن عقد امتياز المرافق العامة المعروف في القانون الإداري و الذي هو مجـــــــــرد إجراء يقوم به شخص عام بمنح شخص طبيعي أو معنوي يدعى صاحب الامتياز الحق في تسيير مرفق عام لمــدة معينة و مقابل إتاوة و يتحصل عليها صاحب الامتياز من مستعمل المرفق العام .إلا أنه يتفق إلى حد كبير مع عق الامتياز الذي جاء به الأمر 08/04[22] المؤرخ في 01 سبتمبر2008 المحدد لشروط و كيفيات منح الامتياز على الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة و الموجهة لانجاز مشاريع استثمارية، هذا الامتياز الذي يمنح بناءا على عقد إداري تعده إدارة أملاك الدولة مرفقا بدفتر أعباء يحدد بدقة برنامج الاستثمار و كذا بنود و شروط منـــــح الامتياز سواء كان ذلك لفائدة شخص معنوي خاص أو شخص طبيعي لمدة أدناها ثلاث و ثلاثون (33) سنة قابلة للتجديد و أقصاها تسع و تسعون (99) سنة مقابل إتاوة سنوية وعند إتمام مشروع الاستثمار تكرس إجباريا ملكية البنايات المنجزة من المستثمر على الأرض الممنوح امتيازهـــا بمبادرة من هذا الأخير مع الأخذ بعين الاعتبار قواعد التسجيل و الشهر و هذا حسب ما جاءت به المواد 4, 13 من نفــــــس الأمــــــر، وهو بذلك وان كان هذا الانتفاع يتفق من حيث التاقيت مع احكامه العامة الواردة بالقانون المدني فانه يختلف عنه من حيث انتهاءه الذي ينقضي حتما بوفاة المنتفع صاحب الامتياز
الفرع الثاني: خصائص حق الانتفاع في القوانين الخاصة:
1) خصائصه وفقا لقانون 87/19: بالرجوع إلى المواد 6، 8، 12، 42 من قانون 87/19 فإننا نخلص إلى أن هذا الحق الوارد بقانون 87/19 يتمتع بخصائص غير التي نجدها بالقواعد العامة و التي أهمها:
_أنه حق انتفاع دائم: فبخلاف القواعد العامة فإنه بالرجوع إلى قانون 87 /19نجد بان حق الانتفاع جعله المشرع حقا دائما غير مرتبط بأجل معين معلوم فضلا عن كونه لا ينته بوفاة المستفيد على عكس ما ورد بالقانون المدني المتميز بالتأقيت أي يتقرر لمدة مؤقتة و محددة أو مقرر لحياة المنتفع و ينهي حتما بوفاته[23].
_أنه حق قابل للنقل: أي انه حق ينتقل إلى الورثة[24]، ذكورا كانوا أم إناث[25]، إلا أن الإشكال المطروح يكمن في حالة ما إذا كان الوارث قاصر و هذا أمام عدم تطرق هذا القانون إلى مثل هــــــــذه الحالـــــــــــــة [26]، و أمام قابلية انتقال هذا الحق إلى الورثة فإنه و طبقا لأحكام المادة 91 من المرسوم 76/ 63 المؤرخ في 25 مارس 1975 المتعلق بتأسيس السجل العقاري فإن هذا الانتقال لا يثبت إلا بشهادة توثيقية، أما في حالة عدم وجود ورثة فإن حق الانتفاع يعتبر مال شاغر لا وارث له طبقا للمادة 733 من ق المدني، وبالتالي تخضع هذه الحالة إلى الأحكام المنصوص عليها بالمادة 91 من قانون الأملاك الوطنية وكذا المواد 88، 89، 90 من المرسوم التنفيذي رقم 91/454 المتعلق بإدارة و تسيير الأملاك الوطنية العمومية و الخاصة.
_أنه حق قابل للتنازل: حيث انه، و بهدف الاستغلال الأمثل للمستثمرة جعل المشرع أن الأصل هو بقاء أعضاء الجماعة على استغلال الأرض، إلا أن المادة 23 من قانون 87/ 19 أجازت للأعضاء التنازل عـــــــن حصصهم مع احترام الطابع الجماعي للمستثمرة إلا في حالة الوفاة فلا يجوز التنازل عن الحصة إلا بعد مرور 05 سنوات من تاريخ تكوينها و سواء كان ذلك التنازل بعوض أو بدون عوض لكن يبقى مقيد بشروط لابد من توافرها و التي تضمنتها المواد 24،25 من القانون 87/19، هذا مع الإشارة إلى أن هذا التنازل لا يكون منفصلا عن الأموال و الأملاك المتنازل عنها لأن حصة المستفيـــــــــد تتكون من نصيبه في حق الانتفاع من جهة، و الأموال المتنازل عنها بصفة كاملة من جهة أخرى لأنها وحـــــــــدة لا تتجــــــــزأ.
_هو حق قابل للحجز عليه[27]: و إن كان كذلك طبقا للمواد 08 و 23 من القانون 87/19 فإن طبيعة حـــــــــق الانتفاع في ضل هذا القانون تفرض مراعاة الشروط الخاصة بمنحه و أهمها: أن تتوفر في الراسي عليه المزاد صفة منتج في القطاع الفلاحي، و أن لا يكون منظم إلى مستثمرة فلاحيه أخرى أو له حصة في نفس المستثمرة،أما إذا ا نصب الحجز على أموال المستثمرة الفلاحية الجماعية ككل، فان الراسي عليهم المزاد يجب أن لا يقلوا عــــن ثلاثة (03) أعضاء و هذا للمحافظة على الطابع الجماعي للمستثمرة تطبيقا للمادة 39 من نفس القانون.
_عدم جواز تجريد صاحب حق التمتع الدائم من حقه إلا طبقا لقانون نزع الملكية[28]، إذ يتبين ذلك من خلال المـــــادة 42 من القانون 87/ 19 ذلك لأن المستفيد يملك حق الانتفاع بموجب عقد إداري رسمي و مشهر في المحافظــــــــــة العقارية، و بالتالي فإنه يمنح له مميزات و خصائص تقربه من خصائص حق الملكية.
02) خصائص حق الانتفاع في ضل القانون 91/10: باستقراء مواد القانون السالف الذكر نستشف الخصائص التالية لهذا الحق:
_أنه حق دائم: إذ و على خلاف حق الانتفاع الوارد بالقانون المدني الذي يتميز بالتأقيت كونه مقررا لمدة محددة، فإن الوقف يرتب حق انتفاع غير مرتبط بأجل معين أو مدة محددة، ذلك لأن الوقف هو حبس العين عن التملك على وجه التأبيد[29] و هذا حسب ما قررته المادة 03 منه وبمجرد نشأته يؤدي إلى تجزأت الملكية إلى الأبد على أساس أن حق الملكية التامــــة قد آلت لوجه الله تعالى عز وجل و منه فإن ملكية الرقبة قد تجمدت و لا يمكن التصرف فيها.
_أنه حق غير قابل للتنازل: إن الأصل في الوقف هو أن الموقوف عليه لا يمكن التنازل عنه في الوقف العام إلا أنه يمكن ذلك استثناء لجهة من نوع جهة الخير الموقوف عليها أصلا و بعد موافقة صريحة من السلطة المكلفـــــة بالأوقاف، و هذا ما جاءت به المادة 20 من هذا القانون، و تأتي هذه الخاصية على خلاف القواعد العامة الواردة بالقانون المدنــــــي و التي يمكن فيها لصاحب حق الانتفاع أن يتنازل عنه و بدون موافقة من مالك الرقبة[30] .
_أنه حق قابل للرهن: فبالرجوع إلى المادة 21 من هذا القانون نخلص الى أن حق الانتفاع الوارد على الأمـــــــــلاك الوقفية يجوز رهنها و بالتالي فهو يتوافق عن ما جاءت به قواعد القانون المدني، لكن و في حالة بيع هذه الأملاك الموقوفة بالمزاد العلني فإنه وجوبا أن يكون الراسي عليها المزاد جهة خيرية مشابهة لها .



3) خصائص حق الانتفاع وفقا للمرسوم 97 / 483 : باستقراء مواد المرسوم السالف الذكر نستشف الخصائص التالية لهذا الحق: .
_أنه يرتب حق عيني: ذلك لأن الامتياز يخول لصاحبه الحق في استعمال العقار المملوك للدولة و استغلالـــــه لمدة معينة دون حق التصرف فيه، و هي نفس الحقوق التي يرتبها حق الانتفاع بالنسبة للمنتفع في المواد من 844 إلى 854 من القانون المدني.
_أنه حق انتفاع مؤقت: إذ أن الامتياز عند نشأته بموجب العقد الإداري يتضمن مدة معينة للامتياز على تلك القطعــة الأرضية التابعة للأملاك الوطنية الخاصة على الرغم من إمكانية جمعه لملكية الرقبة بعد التنازل عنها من طــــــرف الدولة عند توافر شروط ذلك.
_أنه حق قابل للنقل و التوارث: فهو بذلك يخرج عن القواعد العامة التي جاءت بها أحكام القانون المدني الذي ينتهي فيه الانتفاع حتما بوفاة المنتفع، وبالرجوع إلى عقد الامتياز نجده ينشىء انتفاع مرتبط بالمدة المحددة في العقد المنشئ له، ومن خلاله يمكن لورثة صاحب الامتياز الهالك أن يحلو محلــــــه في خلال المدة المتبقية من العقد.
_أنه حق قابل للتنازل عليه من طرف مالك الرقبة ألا و هي الدولة، و بالتالي يتحول العقد المنشئ من عقد امتيــــــاز إلى تنازل لصالح صاحب الامتياز عن القطعة الأرضية موضوع الامتياز بعد انجاز برنامج الاستصلاح، و هـــــــــو ما جاءت به أحكام المادة 12 من المرسوم التنفيذي المذكور أعلاه في فقرتها الثانية.
_إن عقد الامتياز يقبل الرهن الرسمي على الحق العيني العقاري الناتج عن الامتياز، بالتالي ومادام هو كذلك فانه ضروري ان يكون قابلا للحجز و البيع بالمزاد العلني في مواجهة هيئات القرض[31].







المبحث الثاني: أسباب اكتساب حق الانتفاع
من خلال هذا المبحث و بعد دراسة مفهوم حق الانتفاع في المبحث السابق سوف نعرج لدراسة مصادر و أسباب اكتسابه إذ تكون لنا دراسة هذا الموضوع في الأحكام العامة للقانون المدني بالمطلب الأول من جهة، و في النصوص القانونية الخاصة بالمطلب الثاني من جهة أخرى وفقا للتحليل الآتي :
المطلب الأول: أسباب اكتساب حق الانتفاع وفقا لمقتضيات قواعد القانون المدني:
يستخلص من أحكام المادة 844 من القانون المدني الجزائري أن حق الانتفاع يكتسب إبتداءا بالوصية و انتقالا بالشفعة و ابتدءا و انتقالا بالعقد و التقادم و هذه العناصر سيأتي بيانها بالتوضيح الآتي بيانه :
الفرع الأول: التصرف القانوني: إن التصرف القانوني كسبب من أسباب كسب حق الانتفاع يتمثل في التعاقد و الوصيـة[32]، فأما عن العقد فيكسب فيها حق الانتفاع بطريق الإنشاء الذي قد يكون بطريق مباشر يرتبه مالك العين لعقار كان أم منقولا لمصلحة شخص آخر و هذا بموجب عقد منشئ كعقد البيع أو الهبة، ومن خلاله يقرر المالك للشخص المنتفع سلطة الاستعمــــال و الاستغلال و يحتفظ هو بحق التصرف .
و قد يكون بطريق غير مباشر كأن يتصرف المالك في الرقبة للغير، و يحتفظ لنفسه بحق الانتفاع، و هنا يكـــــــــون موضوع العقد هو إنشاء حق الرقبة و ليس حق انتفاع أما هذا الأخير فينشأ بطريق غير مباشر عن طريق فصل الرقبة من الملكية التامة، و أن هذا الحق لا ينشأ بين المتعاقدين و لا بين الغير إلا بعد استيفاته للشروط الشكلية إذا كان واردا على عقار و يتمثل في الرسمية و التسجيل و الشهر في المحافظة العقارية[33].
هذا و ينتهي حق الانتفاع حتما بوفاة المنتفع إذ لم يحدد مدته في العقد أما موت من تصرف له المنتفع الأصلي فلا ينتهي الحق بل ينتقل إلى ورثته و هنا نجد صورة خاصة يورث فيها حق الانتفاع [34]. ويبقى المنتفع الأصلي صاحب حق الانتفاع بالرغم من تصرفه في حقه.
أما فيما يتعلق بالوصية، فإنه قد تترتب المنفعة بطريق الايصاء و لا يكون للمنتفع الموصي له حق استعمال و استغلال الشيء الموصي به إلا بعد وفاة المالك الموصي و أن الوصية لا تنقل هذا الحق و إنما تؤدي إلى نشأته، و كما فـــي العقد فإن كسب حق الانتفاع بالوصية قد يكون إما بأن يوصي المالك بحق المنفعة لشخص معين فتبقى الرقبة للورثة، أو بأن يوصي المالك بالرقبة لشخص معين فيبقى حق المنفعة للورثة[35]، وتسري على الوصية في هذا الشأن الأحكام العامة الخاصة بها سواء كان ذلك من حيث الشكل أو من حــــــــيث النصاب، وفي هذا الإطار يمكن أن يوصي المالك حق الانتفاع بالعين لشخصين أو أكثر متعاقبين علـــــــى قيد الحياة وقت الوصية، حيث إذا انتهى حق الانتفاع الأول بانقضاء مدة أو بوفاة المنتفع نشأ حق انتفاع جديـــــــــد مستقل عن الأول، و في هذه الحالة يكون حق الانتفاع الأول منجز و الثاني مقترن بأجل واقف .
كما يمكن الايصاء بحق الانتفاع لأشخاص مجتمعين في وقت واحد و بذلك يكون هذا الحق شائعا بينهم[36].
الفرع الثاني: الشفعـــــــــــة: فطبقا لأحكام المادة 794،795 من القانون المدني فإنه يثبت حق الشفعة لكل من:
- مالك الرقبة إذا بيع كل أو البعض من حق الانتفاع المناسب للرقبة.
- للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى أجنبي .
- لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أو بعضها .
هذا و قد أضافت المادة 57 من قانون التوجيه العقاري رقم 90 /25 حالة الملاك المجاورين.
فإذا كان حق الانتفاع شائعا بين شخصين أو أكثر و باع أحدهما حصته التابعة لأجنبي فانه لكل شريك في هذه الحالـــــة إمكانية أخذ هذه الحصة بالشفعة ما لم يأخذها مالك الرقبة باعتباره مقدما في المرتبة فإذا لم يتقدم مالك الرقبة لأخذ الحصة الشائعة في حق الانتفاع بالشفعة، وأخذها الشريك المشتاع، كانت هنا أيضا الشفعة سببا لكسب جزء شائع في حق الانتفاع، انتقالا من المنتفع إلى الشفيع لا سببا لإنشائه إبتداءا و منه فهـــو لا يكتسب بالشفعة إلا انتقالا.
عموما، إن المستفيد من الشفعة في القواعد العامة لا يحتاج إلى تسبيب رغبته للحلول محل المشتري الأصلي هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن الهدف من الشفعة في القانون المدني هو المصلحة الخاصة للمستفيد التي من الصعب الإلمام بها، غير انه بصفة عامة يقرر المشرع بها من اجل أما القضاء على الشيوع أو في بعض الأحيان من اجل بقاء الملكية داخل العائلة [37].


الفرع الثالث: التقادم: و يقصد به هذا التقادم المكسب القصير في العقار و تضاف إليه الحيازة في المنقـــــــــول و كذلك التقادم المكسب الطويل في العقار و المنقول وفقا لما قررته المواد 827 و 828 من القانون المدني الجزائري، فالتقادم المكسب القصير في العقار يكسب به حق الانتفاع المترتب على العقار و يتحقق ذلك إذا رتب شخص على عقار لا يملكه حق انتفاع لمصلحة شخص آخر حسن النية[38]، فإذا بقي هذا الشخص الآخر حائزا لحق الانتفاع لمدة عشر (10) سنوات فإنه يكسبه بالتقادم القصير و هو سببا لكسبه ابتدءا و كذلك في المنقول، أما كسب حق الانتفاع بالتقادم الطويل فيصعب تصور وقوعه عمليا، فإذا حاز شخص لعقار و هو سيء النية و بقـــــي حائزا له لمدة خمسة عشرة (15 ) سنة اكتسب حق انتفاع عليه و لكن أن هذا الشخص لا يمكن تصور أنه يقف عند القول بأنه حاز حق انتفاع فقط مادام الباب أمامه مفتوح للقول بأنه حاز حق ملكية كاملة لا حق انتفاع فحســـــــب بالتقادم الطويل.
المطلب الثاني: اكتساب حق الانتفاع وفقا للقوانين الخاصة
إن حق الانتفاع الناشئ بموجب النصوص القانونية الخاصة له عد ة مصادر و أسباب لاكتسابه و شرحا لهــــــــــا ارتأينا أن تكون وفقا للتحليل الآتي:
الفرع الأول: اكتساب حق الانتفاع في إطار القانون 87/19: يستخلص من خلال قراءة أحكام قانون 87/19, و المرسوم التنفيذي رقم 90 – 50 المؤرخ في 06 فيفري 1990 المحدد لشروط إعداد العقد الإداري الذي يثبت الحقوق العقارية الممنوحة للمنتجين الفلاحين، فإننا نجد بأن حق الانتفاع الوارد في هذا القانون يكتسب أساسا بموجب عقد إداري كما ينشأ أيضا عن طريق الميراث بالنسبة لورثتهم هذا فضلا عن حق الشفعـــة بالنسبة للدولة باعتبارها مالكة لحق الرقبة.
أما بالنسبة للعقد الإداري وبناءا على المواد 12 و 33 من القانون السالف الذكر فإن أهم أثر يترتب عليه هو حصول حـق انتفاع دائم على ارض فلاحيه تابعة للأملاك الوطنية الخاصة لمصلحة مستفيدين لهم صفة فلاح و لا يكون ذلك إلا بعد تحرير العقد الإداري و تسجيله و شهره قانونا بالمحافظة العقارية[39].
و عليه و بموجب ذلك العقد ترتب الدولة بصفتها مالكة للعين حق انتفاع دائم على العين لمصلحة المنتفعين، و الذي يحدد فيه الوعاء العقاري الذي يمارس عليه ذلك الحق و كذا قوائم الأملاك المتنازل عنها لهم على سبيل الملكية و مبلغها و كذا كيفية دفع ذلك المبلغ[40]، إلا أنه وحسب التطبيقات الميدانية و الإجراءات المتخذة قبل تحرير العقد الإداري و تسجيله و شهره يصدر قرار ولائي يحدد فيه نوع المستثمرة الفلاحية، و عدد أعضائها و مساحتها و موقعها الجغرافي و السبب في إضافة التعاقد بعد المنح عن طريق القرار الإداري هو منح المستفيد ضمانات أكثر، لأن القرار يمكن سحبه و إلغاءه أو تعديله دون اللجوء على القضاء وفقا لما نصت عليه المادة 78-04 من الأمر رقم 95-26 المعدل لقانون التوجيه العقاري
والى جانب العقد الإداري نجد الميراث، والذي يعتبر هو الآخر سببا لاكتساب حق الانتفاع وفقا لقانون 87/19 و ذلك عن طريق الانتقال إذ أن الميراث ينقل الحصة المتكونة من حق الانتفاع الدائم الذي سبق وأن نشأ بمقتضى العقد الإداري المشهر بالإضافة إلى الأموال المتنازل عنها من المورث الهالك إلى ورثته وفي هذا الإطار عالجـــــت المادة 26 من قانون 87/19 حالة تعدد الورثة و هذا بمنحهم إمكانية اختيار أحدهم ليمثلهم في الحقوق و الواجبات أو بتنازلهم بمقابل أو مجانــــا لأحدهم أو أنهم يقوموا ببيع حصتهم حسب الشروط الواردة بالمادة 24 من هذا القانون و لا سيما المواد 09 و10 منـــــــه.
و يجب التنويه في هذا المقام بأن كل انتقال أو إنشاء أو انقضاء للحقوق العينية العقارية بسبب الوفاة يجب أن تثبت بشهادة توثيقية[41] طبقا لأحكام المادة 91 من المرسوم 76/ 63 المؤرخ في 25/03/76 المتعلق بتأسيس السجل العقاري.
هذا و إلى جانب العقد الإداري المنشئ، و الميراث الناقل، نجد الشفعة كسبب آخر من أسباب حق الانتفاع، هذه الأخيرة التي تقتصر في قـــــانون 87/19 على نقل حق الانتفاع الدائم من المستفيد إلى مالكة الرقبة ( الدولة ) و منها ينتهي حق الانتفاع و يتحول إلى ملكية كاملة بإتحادها مع ملكية الرقبة.
و بالرجوع إلى أحكام المواد 795 و 798 من القانون المدني نجد بأن المشرع حدد متى يطالب بهذا الحـــــــق، والتي قصرها فقط عندما يكون هناك تنازل عن طريق البيع و بالتالي يخرج في هذا الإطار كل تصرف آخر غيرهـــــــا، لكن و بالرجوع إلى أحكام المادة 24 نجد بأنها قد أعطت للدولة مكنت ممارسة هذا الحق[42]، أي حق الشفعة و أكدت ذلك المادة 04 من المرسوم التنفيذي رقم 89–51 المؤرخ في 18/04/ 1989 المتضمــــــن كيفية تطبيق المادة 29 من القانون 87/19. و قد نصت المادة 62 من القانون 90/25 المتضمن التوجيه العقاري على الهيئة العمومية المكلفة بالتنظــــيم العقاري التي تقوم بممارسة حق الشفعة في حق الدولة[43]. كما تحل محل الذين أسقطت حقوقهم بموجب المادتـــــين 28-29 منه.
هذا كما أن المادة 9/2 من القانون 87/19 لم تجز ممارسة الشريك في المستثمرة حق الشفعة و هذا على عكس مــــا جاءت به القواعد العامة. إذ لم تسمح للمستفيد الحصول على أكثر من حصة واحدة و لا الانضمام إلى أكثر مـــــن جماعة واحدة.
الفرع الثاني: اكتساب حق الانتفاع الوارد بالقانون رقم 91/10: إن حق الانتفاع الذي جاء وفقا لمفهوم قانون 91/10 أعطى له المشرع سببا واحدا لاكتسابه ألا و هو التصرف القانوني من جانب واحد و الذي يعتبر المصدر الوحيد لإنشائه و هذا ما صرحت به المادة 04 منه و التي جاء فيها بان الوقف عقد التزام تبرع صادر عن إرادة منفردة، و العقد ها هنا يكون سببا لكسب حق الانتفاع لفائدة الموقوف عليه بطريق مباشر عن طريق إنشاء هذا الحق فيقرر المالك الواقف للشخص الموقوف عليه سلطة استعمال و استغلال العين الموقوفة بشكل غير متلف للعين منحصرا الانتفاع فيها على ثمارها[44] فقط.
وإذا ما كان يرمي إلى إنشاء حقوق عينية عقارية، فإن العقد الذي نحن بصدد الحديث عنه فضلا على أن يكون محررا وفقا لمقتضيات أحكام المادة 324 مكرر من القانون المدني، أي يجب أن يخضع إلى الشكـــــل الرسمي و ذلك تحت طائلة البطلان، فانه لا يرتب أي أثر إلا من تاريخ الشهر لدى المحافظة العقارية طبقا لنص المواد 793 من القانون المدني و15،16من الأمر75-74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري.
و عليه نستنتج من خلال ما سبق في إطار أسباب اكتســــــاب حق الانتفاع في ضل قانون 91/10 أنه يقوم فقط عن طريق العقد فقط وهو بهذه الصفة يختلف عن ما جاءت بــــه قواعد القانون المدني و كذا القانون 87/19 المتعلق بالمستثمرات الفلاحية. و لو أنه اختلاف بسيط و طفيف.
الفرع الثالث: اكتساب حق الانتفاع الوارد بالمرسوم التنفيذي 97/483: بالرجوع إلى أحكام المرسوم 97/483 المؤرخ في 12/12/1997 المتعلق بمنح حق امتياز قطع أرضية من الأمــــلاك الوطنية الخاصة التابعة للدولة، نجد بأن أسباب كسب هذا الحق بالنسبة للمستفيد صاحب الامتياز تتمثل أساسا فــــــي العقد الإداري المحدد للوعاء العقاري الذي يمارس عليه عقد الامتياز، و هذا ابتداءا و إنشاءا، إضافة إلى الميراث بالنسبة لورثته أثناء سريان العقد و قبل انتهاء مدته لكن في هذه الحالة الأخيرة يكون الإكتساب انتقالا و ليـــــــــــس إنشاءا[45] .
بالرجوع إلى المادة 09 من المرسوم السالف الذكر نجد بأن الامتياز يقوم بموجب عقد إداري محرر من طرف مديـــر أملاك الدولة لفائدة صاحب الامتياز على قطعة أرضية تابعة للأملاك الوطنية الخاصة[46] و هو نفس الشيء بالنسبـــــــــة للامتياز الوارد بالأمر رقم 06/11[47] المؤرخ في 30 /08/2006 المحدد لشروط و كيفيات منح الامتياز و التنازل عــن الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة و الموجهة لإنجاز مشاريع استثمارية لا سيما المادة 07 منه و التي تؤكد بأن الامتياز أو التنازل المذكور في هذا الأمر يكرس بعقد إداري تعده إدارة الأملاك الوطنية.
هذا و يضاف إلى العقد الإداري كسبب أو مصدر للامتياز نجد الميراث طبقا لنص المادة 17 من دفتر الشروط الملحق بالمرسوم التنفيذي 97/483 إذ أن ورثة صاحب الامتياز يكتسبـــــــــون هذا الحق عن مورثهم ليس إنشاءا و إنما انتقالا ذلك لأن عقد الامتياز يقوم في كل الحالات فقط بالعقد الإداري و ينتهي هذا الحق بانتهاء المدة المحددة بالعقد .ولكونه ينشأ حق عيني عقاري فإنه لا يكون له أي أثر إلا بعد استيفاءه لشروط التسجيل و الشهـــــــر بالمحافظة العقارية وفقا لمقتضيات المواد 793 من القانون المدني و 15 و 16 من الأمر 75-74 المؤرخ في 12/نوفمبر / 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري .






الفصل الثاني: آثار حق الانتفاع،انتهاءه والمنازعات التي يمكن أن يثيرها


بعد تحديد مفهوم حق الانتفاع في الفصل الأول والذي من خلاله درسنا مميزاته وخصائصه سواء في القواعد العامة أو في بعض النصوص القانونية، نأتي في هذا الفصل للوقوف عند آثاره التي يمكن أن يرتبها من جهة وكذلك المنازعات التي يمكن ان يثيرها من جهة اخرى وهذا من خلال مبحثين، الأول يتمثل في دراسة اثار حق الانتفاع و الثاني المنازعات المتعلقة بحق الانتفاع.





















المبحث الأول: الآثار المترتبة عن قيام حق الانتفاع
إن القانون المدني رتب على حق الانتفاع آثارا تختلف عن تلك التي جاءت بها النصوص القانونية الخاصة، و هذا انطلاقا من الاختلاف الذي تم الوقوف عليه على مستوى مفهومه بصفة عامة من جهة، و من جهة أخرى لاعتبار أن القوانين الخاصة التي تم التعرض إليها في الفصل الأول تتميز بطبيعة خاصة و مرتبطــــــة أساسا بمجال الاستغلال و تنظيمه.
و في إطار دراستنا لأثار حق الانتفاع اعتمدنا على مطلبين، أما الأول فندرس فيه الحقوق و الالتزامات المترتبة عن حق الانتفاع، و في المطلب الثاني، أسباب انتهاء ه وانقضائه سواء في القواعد العامة أو بالنصوص الخاصة.

المطلب الأول: الحقوق والالتزامات المترتبة عن حق الانتفاع:
ستكون دراستنا للحقوق والالتزامات المترتبة على حق الانتفاع في فرعين، الأول في القواعد العامة و الثاني في النصوص القانونية الخاصة
الفرع الأول: الحقوق والالتزامات المترتبة عن حق الانتفاع في القواعد العامة: إن الحقوق والالتزامات المترتبة عن حق الانتفاع في أحكامه العامة ســـــوف ندرسها بالتطرق إلى ذلك بالنسبة للمنتفع من جهة، ومن جهة أخرى بالنسبة لمالك الرقبــــة.
· الحقوق والالتزامات بالنسبة للمنتفع:
1_ حقوق المنتفع: إن للمنتفع حق عيني على العين المنتفع بها و بموجبه تظل سلطة التصرف لمالك الرقبـــــــــة وتكون سلطتي الاستعمال و الاستغلال من نصيب المنتفع، و تثبت تلك السلطات للمنتفع من خلال ممارســـــــة سلطات قانونية في إدارة الشيء و استغلاله و التصرف فيه مباشرة ما يلزمه من دعاوي في هذا الصدد[48].
ا/ حق المنتفع في استعمال الشيء و استغلاله:
- استعمال الشيء: يقصد بالاستعمال السلطة في استخدام الشيء ماديا، للمتعة أو المنفعة الشخصية بحسب طبيعته و للمنتفع أن يستعمل الشيء كما يستعمله مالكه، و لكنه على خلاف هذا الأخير، لا يستطيع استهلاكه أو إتلافه إذ ليس له سلطة التصرف فيه، و يرد حق المنتفع على ملحقات الشيء، و لا يقتصر على الشيء ذاته، و له من ثم، أن يستعمل ملحقاته، كحقوق ارتفاق تابعة له، أو المنقولات مخصصة له[49]، و في كل الأحوال على المنتفع ألا يصل بانتفاعه للشيء إلى حد استهلاكه إذ هو ملزم برده عند نهاية مدة انتفاعه كما يتقيد في استعمالــــــه بذات القيود التي وضعها القانون.
- استغلال الشيء: يعتبر الاستغلال أو الحصول على الثمار، السلطة الرئيسية التي يخولها حق الانتفاع لصاحبه[50] إذ أنه طبقا لنص المادة 846 من القانون المدني فان الثمار تكون للمنتفع بقدر مدة انتفاعه مع مراعاة أحكام الفقرة2 من المادة 839 من القانون المدني، و يتمثل الاستغلال في الحصول على ثمار الشيء سواء كانت طبيعية أو صناعيـــة أو مدنية و من الأخيرة فوائد رؤوس الأموال سواء نتجت عن قرض أو إيراد مرتب أو أسهم أو حصص في شركات حيث تكون أرباحها للمنتفع[51] .
فإذا ورد الانتفاع على أرض زراعية، و كانت مشغولة عند انقضاء الأجل أو موت المنتفع بزرع قائم تركت للمنتفع، أو ورثته إلى حين جني الزرع على أن يدفعوا أجرة الأرض مقابل هذه الفترة أي أن في هذه الحالة يتحول الحق العيني إلى حق شخصي متمثلا في حق الإيجار و منه يطبق أحكامه خلال هذه الفترة لا سيما فيما يخص الإصلاحــــــــــــات و الترميمات لتلك العين طبقا لأحكام المادة 852 من القانون المدني.
هذا عن الثمار، أما عن المنتجات فتبقى لمــالــــك الرقبة بسبب أنها تمس بأصل الشيء مما يؤدي إلى هلاكه و فنائه و بالتالي يعتبر تصرفا فيه و منه فإنه يخرج عـــن سلطة المنتفع.
ب/ سلطات المنتفع على الشيء محل حق الانتفاع: إذ أن للمنتفع في سبيل استعمال و استغلال الشيء القيام بأعمال الإدارة اللازمة له، كما له التصرف في حقه و أخيرا استعمال الدعاوي التي يخولها له حقه، و لعل من أعمــــــال الإدارة نجد الإيجار الذي يعتبر من أظهرها، إذ للمنتفع أن يؤجر الشيء الذي يرد عليه حقـــــــــه للحصول علــــــــى أجرته التي تعتبر ثماره المدنية، و يظل الإيجار قائما خلال المدة المحددة فيه طالما حق المنتفع قائما على العيـــــن المؤجرة، و لكنه ينقض بحق انتهاء الانتفاع بحلول أجله أو بموت المنتفع، لكن قد يستمر ذلك الإيجار لفائدة المستأجر إذا ما أجازه مالك الرقبة[52].
هذا كما للمنتفع أن يجري على حقه العيني جميع أنواع التصرفات، كالتنازل عنه للغير بعوض أو دون عوض و هنا ينتقل حق الانتفاع إلى المتصرف إليه متمثلا في الثمار التي يدرها حق الانتفاع فهي التي تنتقل إلى المتصرف إليه، دون حق الانتفاع ذاته لأن المنتفع رغم تصرفه، يضل ملتزما قبل مالك الرقبة بجميع التزاماته و لا تنتقل إلى المتصرف إليه هذا من جهة و لأن حق الانتفاع ينقضي بوفاة المنتفع، لا بوفاة المتصرف إليه من جهة أخرى إذا لم يكن حق الانتفاع محدد المدة، كما أن للمنتفع أن يرفع و يباشر الدعاوي المتعلقة بحق الانتفاع كدعوى الاعتراف بحق الانتفاع[53]، فضلا عن جميع دعاوى الحيازة، و دعوى تعيين الحدود و القسمة و في هذين الدعويين يكون إدخال مالك الرقابة فيهمــــــا وجوبي حتى يكون الحكم الصادر في أي منهما حجة عليه[54].
2_ التزامــــات المنتفع:
لقد رتب القانون المدني في ذمة المنتفع موجبات تهدف إلى المحافظة على العين المنتفع بها و يمكن تقسيــــــم كل هذه الالتزامات إلى ثلاثة، فلأولى ما يلتزم به المنتفع قبل مباشرة الانتفاع و الثانية ما يلتزم به أثناء الانتفـــــاع و الثالثة ما يلتزم به عند انتهاء الانتفاع .
أ‌- الالتزامات السابقة على مباشرة الانتفاع:
من خلال المادة 851/1 من القانون المدني نجد أن المشرع فرض التزامين هما جرد المنقولات المنتفع بهـــــــا و الثاني تقديم كفالة تضمن وفاء المنتفع بالتزاماته[55]، و هذين الالتزامين مقصوران على حالة ما إذا كان محــــــــل الانتفاع منقولا خوفا من ضياعه و تثبتا من ذاتيه أو قيمته و بالتالي فإنهما لا ينصرفان إلى الانتفاع على العقار الـذي ذاتيته ثابتة و لا خوف من فقده.
فأما عن جرد المنقول فيتم بتحرير محضر عن ذلك لكن يجوز إعفاء المنتفع من تحريره لكن يجب أن يكون صريحا فلا يستخلص ضمنا من مجرد النص في سند إنشاء حق الانتفاع على رد الشيء في نهاية الانتفاع علــى رد الشيء في نهاية الانتفاع بحالة جيدة و لا من مجرد عدم اعتراض مالك الرقبة على استلام المنتفع الشيء قبل جرده[56].
أما عن تقديم الكفالة فمن خلال المواد 851 و 847 من القانون المدني فإنه على المنتفع بالمنقول وجوبا أن يقدم كفالة به[57]، و ذلك لضمان الوفاء بالتعويض الذي يستحق لمالك الرقبة على المنتفع في حالة إعساره إذا أصاب العقار تلف أو لحق به ضرر.
أما إذا امتنع المنتفع أصلا عن القيام بهذين الالتزامين دون أن يتحقق إعفاؤه منهما فليس أمام المالك إذا لم يكن المنتفع قد تسلم المنقول بعد، إلاّ أن يمتنع عن تسليمه تطبيقا للقواعد العامة في حق الحبس، أما إذا تم التسليـــــــم فجزاء امتناع المنتفع عن الوفاء يختلف تبعا لنوع الالتزام، فامتناعه عن تقديم الكفالة يعطي مالك الرقبة الحق في الالتجاء إلى القضاء للحصول على حكم ببيع المنقول محل الانتفاع و توظيف ثمنه في شراء سندات عامة يستولي المنتفع على أرباحها، أما امتناعه عن تحرير محضر الجرد فيخول لمالك الرقبة أمام تخلف هذا المحضر، إثبات تحديد المنقولات المنتفع بها و التي يتعين على المنتفع ردها عند نهاية مدة الانتفاع بكافة طرق الإثبات، و كذلك يمكن أن يعتبر الامتناع عن تحرير محضر الجرد قرينة على تسلم المنتفع للمنقول كان بحالة سليمة.
ب/ الالتزامات أثناء مباشرة حق الانتفاع:
رتب القانون المدني في ذمة المنتفع التزامات نحو مالك الرقبة و تتمثل في:
- استعمال الشيء وفقا لما أعد له: إذ ورد في نص المادة 847 /1 من القانون المدني على ان يلتزم المنتفع باستعمال الشيء بالحالة التي كان عليها وقت الاستلام، وألا يخرج عن الغاية التي أعد لها فليس له أن يحول حديقة إلــــــى ارض زراعية أو مسكنا عائلي إلى فندق أو ملهى.
- الاحتفاظ بالتزام الشيء و إدارة العين إدارة حسنة، إذ لا يجوز له في سبيل زيادة غلته أن يحدث ما يؤدي إلـــــى هلاكه أو تلفه كأن ينهك سيارة النقل بما يعود عليه بربح وفير أو الأرض الزراعية بغرس أشجار أو بزراعـــــــــة محصول يدر له كسبا كبيرا، إذ عليه أن يبذل في ذلك عناية الشخص المعتاد حتى و لو كانت عناية المالك أقل من ذلك من أجل حفظ جوهر الشيء و بقاؤه على الشكل الذي استلمه[58]، فإذا أخل بهذه العناية يجوز للمالك إلزامه بالعدول عما يضــــر العين و له أن يلزمه بتقديم تأمين عيني أو شخصي فإن لم يفعل جاز له أن يطلب تسليم العين لحارس لإدارتهـــــا و تسلم غلتها للمنتفع، فإذا كانت خطورة على العين أمر القاضي بتسليمها لمالكها و إنهاء حق الانتفاع مع مراعاة حقوق الغير الذي تعامل معهم المنتفع، فإذا ما انحرف هذا الأخير عن سلوك الرجل المعتاد اعتبر مسؤول عن تعويض المالك بما يصيبـــــه من ضرر وفقا للقواعد العامة، و على المالك إثبات هذا الخطأ في جانب المنتفع، إذا لم يسلم العين للمالك عند انتهاء حق الانتفاع فيتحمل تبعة الهلاك إذا هلكت العين بعد ذلك في يده و لو كان الهلاك بسبب أجنبي.
- الالتزام بصيانة الشيء و القيام بالتكاليف المعتادة، التي تفرض على العين المنتفع بها كالضرائب مثلا، ويلتزم بها حتى و لو كانت الثمار أقل من التكاليف المقررة ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك و لو حصل حق الانتفاع تبرعا[59] أما التكاليف غير معتادة و كذلك الإصلاحات الجسيمة فيلتزم بها مالك الرقبة متى كانت غير راجعة إلى خطأ المنتفع[60].
- التزام المنتفع بإخطار مالك الرقبة بما يهدد الشيء المنتفع به و بكل ما يتطلب تدخله كما لو تعرض له أحـــــد مدعيا بأن له حق على العين المنتفع بها أو هلكت بسبب قدمها أو لسبب أجنبي أو استولت عليها الإدارة.
- الالتزام برد العين المنتفع بها عند نهاية مدة الانتفاع على الوجه و الحالة التي كانت عليها إلى مالك الرقبة تـــحت طائلة المسؤولية الكاملة عن كل ما يصيب العين من ضرر متى كان ذلك بتقصير منه.
· الحقوق والالتزامات بالنسبة لملك الرقبة:
و في هذا الإطار خول المشرع لملك الرقبة بعض الحقوق كما فرض عليه في نفس الوقت بعض الالتزامات و التي سوف ندرسها كالآتي:
1_ حقوق مالك الرقبة: إن أهم حقوق ملك الرقبة تتمثل في حقه في التصرف بالرقبة.
أ/ الحق في التصرف بالرقبة: إذ يحتفظ المالك بهذه السلطة في الحدود التي لا يكون فيها ضرر يلحق بانتفاع المنتفع بالعين فله أن يبيع الرقبة أو يقايض عليها أو يهبها أو يوصي بها[61]. أو يرهنها رهنا رسميا[62].
ب/ يحق لملك الرقبة أن يحصل على كل ما ينتجه الشيء من غير الثمار لأنها من حق المنتفع
ج/ كذلك يحق لملك الرقبة أن يباشر الدعاوي المتعلقة بالرقبة كدعوى الاستحقاق و دعوى القسمة و دعوى الإقرار بحق الارتفاق أو إنكاره[63] و دعوى تعيين الحدود[64].
هذا كما أن الدعاوي التي يرفعها الغير بشأن الرقبة يجب أن توجه ضده أما إذا كانت الدعوى موجهة ضد المنتفع بشأن الرقبة و حق الانتفاع فيجب توجيهها أيضا ضــــد مالك الرقبة.
2_ التزامات مالك الرقبة:
إن مالك الرقبة لا تترتب عليه التزامات شخصية تجاه المنتفع، لكن الجدير ذكره أنه ملزم بنفقات التصليحات الكبيرة، أي التي تتعلق بتجديد قسم مهم من العين المقرر عليها حق الانتفاع أي أنه ملزم بالتكاليف غير المعتادة علـــــى العين محل الانتفاع.
الفرع الأول: الحقوق والالتزامات المترتبة عن حق الانتفاع في القوانين الخاصة: على خلاف الأحكام العامة لحق الانتفاع فإن القوانين الخاصة ترتب حقوقا والتزامات متميزة عن تلك التي تمت معالجتها في الفرع السابق و التي سوف نقوم بدراستها كالآتي:
· الحقوق والالتزامات في قانون 87/19: لقد رتب المشرع على قيام حق الانتفاع الدائم آثار سوف نفصلها كالآتي و ذلك بالتعرض إلى حقوق المستفيدين و كذلك التزاماتهم من جهة و من جهة أخرى سلطات الدولة بصفتها مالكة الرقبة.
1) حقوق المستفيدين: والتي يمكن إجمالها في ما يلي:
ا /حق التصرف في الحصة: إذ أن المشرع طبقا لنص المادة 23 من القانون 67/19 أجاز للمستفيد كعضو مرتبط بعقد جماعي أن يتنازل عن حصته بعوض أو بدون عوض[65]، و الذي قيده بضرورة توافر جملة من الشـــــــروط في المتنازل له، هذا كما يخضع هذا التنازل لوجوب إفراغه في عقد رسمي يخضع لإجراءات الشهر طبقا للمادة 340 من القانــــون 87/19 تحت طائلة البطلان .
ب/ حق الانسحاب من المستثمرة: إذ أنه و طبقا للمادة 32 من القانون 87/19 فإنه يحق لكل عضو في المستثمرة الفلاحية الانسحاب منها متى أراد دون أن يؤدي ذلك إلى حلها و تقسيمها عكس شركة الأشخاص المدنية التي تنتهــــــي بمجرد انسحاب أحد الشركاء .
و بالمقابل يحق لكل شخص تتوافر فيه الشروط المنصوص عليها بالمواد 9 -10-24 الانضمام إلى المستثمـــــــــرة و يسمى هذا بمبدأ الباب المفتوح[66].
مع العلم بأن حصة العضو المستفيد بصفته شريك هي حق شخصي له في ذمة المستثمرة و لدائني الشريك حقوق على هذا الحق الشخصي دون أن تمتد إلى ممتلكات المستثمرة، و بالمقابل فإن لدائني المستثمرة حقوق في ذمة أعضائها بصفة تضامنية طبقا لنص المادة 17 مــــــــن القانون 87/19.
كما أنه إذا حلت المستثمرة يصبح كل عضو مالك لحصته فيسترجع نصيبه من الشركة إلاّ في حالة إسقـــــــــــــاط حق الانتفاع عنه.
ج/ الحق في انتقال الحصة إلى الورثة: و قد جاء هذا الحق بنص المادة 23 منه و ذلك خلافا لما كان في إطار نظام التسيير الذاتي و كذا الثورة الزراعية و الذي ينقل الحق المذكور دون الإناث، كما أنه يختلف أيضا عن الذي ورد في القانون المدني و الذي فيه حق الانتفاع ينتهي حتما بوفاة المنتفع و لا ينتقل إلى الورثة.
د/ التمتع بحق الاستقلالية في التسيير و الحرية في الاستغلال: و هذا ما نصت عليه المادة 43 من القانون 87/19 و هذا لتفادي الأخطاء التي وقعت تطبيقا لقانون الثورة الزراعية، و عليه منح المشرع الاستقلالية للمنتخبين و عاقب كل تدخل في التسيير سواء من الدولة أو الغير.
ه/ الحق في عدم التجريد من هذا الحق إلا وفقا لنزع الملكية و هو الأمر الذي نصت عليه المادة 42 مــــــن القانون 87/19 لأن القانون المذكور ملك المستفيدين حق الانتفاع الدائم إلى جانب الملكية التامة للأموال المنقولة الأخرى المتنازل عنها.
2) التزامات المستفيدين: من خلال المواد 21.18.17 من القانون 87/19 و كذا المرسوم التنفيذي رقم 89/ 51 المحدد لكيفيات تطبيق المادة 29 من القانون المذكور و المرسوم التنفيذي رقم 90/51 المحدد لكيفيات تطبيق المادة 28 من القانون السابق لا سيما المادة 4 منه فإننا نستخلص التزامات المستفيدين التالية.
ا_المشاركة الشخصية و المباشرة في أشغال المستثمرة و هذا ما نصت عليه المادة 21 من قانون 87/19 إذ أن حصة المستفيد من العمل تكون شخصيته و الذي يقع على عاتقه القيام به شخصيا[67] و يبذل في ذلك عناية الرجل العادي إذ و في حالة وجود مانع ناتج عن عجز بدني أو ممارسة مهمة انتخابية أو القيام بالخدمة الوطنية فإنه يعـوض بشخص آخر و على نفقته، إلاّ أنه ملزم بصفة شخصية و مباشرة بواجبات المستثمرة.
ب_ الاستغلال الأمثل للأراضي الفلاحية والمحافظة على صيرورة المستثمرة الفلاحية ووحدتها، إذ أنه و من خلال أحكام المادة 18 من القانون 67/19 فإنها توجب استغلال الأراضي استغلالا جماعيا على الشيوع[68] و بشكـــــــل يحافظ على طابعها الفلاحي[69] و ذلك من أجل وحدتها و إستمراريتها مهما كانت النزاعات الداخلية بشأنها، أما إذا اقتضت الضرورة تجزئة المستثمرة الفلاحية الجماعية فإنه يجب احترام الحد الأدنى لثلاث أعضاء لــــــكـــــل مستثمرة جديدة ناتجة عن المستثمرة الأصلية و أن يكون التعديل و التغيير من حيث تكوينها أو مشتملات الحقوق العينية العقارية في عقد رسمي مشهر تحت طائلة البطلان[70] .
ج_ الالتزام بعدم تحويل الأرض عن وجهتها الفلاحية و هذا حسب ما جاءت به أحكام المادة 04 من قانون التوجيه العقاري.
د_ دفع الإتاوة من طرف المستفيدين لفائدة الدولة و هو عبارة عن مبلغ زهيد يدفع سنويا مقابل الانتفاع بالأرض و التي يحدد وعاؤها قانون المالية.
ه_ الالتزام بعدم تخصيص تغيير مباني الاستغلال الفلاحي:
و_ الالتزام بعدم إيجار الأراضي مهما يكن شكل الصفقة و شروطها، و هو نتيجة لاشتراط الاستغلال الشخصــــــي و المباشر في أشغال المستثمرة.
3) سلطات الدولة بصفتها مالكة للرقبة: إن إقرار المشرع للدولة بهذا الحق كان بهدف المحافظة على الوجهة الفلاحية للأراضي و استغلالها استغلالا أمثل نظرا لوظيفتها الاجتماعية الهامة و التي خولها حق مراقبة الاستغـــــــلال و حق مراقبة ممارسة حق الشفعة.
ا_ حق مراقبة الاستغلال : فبواسطة المديريات الفلاحية بالولايات و تحت سلطة الوالي بصفته ممثلا للدولة فإن هذه الأخيرة تتولى مراقبة الاستغلال الأمثل للأراضي الممنوحة في إطار هذا القانون و كذا في المرسوم التنفيذي رقم 90/51 و هذا عن طريق التفتيشات و المعاينات الميدانية للمخالفات و اتخاذ التدابير اللازمة و التي قد تصل إلــــى إسقاط حق المستفيد من التمتع الدائم في المستثمرة الفلاحية [71] .
ب_حق ممارسة الشفعة: إذ تحل الدولة محل المستفيدين المعنيين[72] حسب كل حالة على حدى و هذا عن طريق الهيئة العمومية المذكورة بالمادة 62 من قانون التوجيه العقاري، و كل هذا يدخل في إطار ممارستها للرقابة بهدف الاستغلال الأمثل للأراضي الفلاحية الممنوحة فــــي إطـار قانون 87/19.
· الحقوق والالتزامات في قانون 91 /10 المتعلق بالوقف: إن الوقف بمجرد انعقاده يرتب آثارا عدة تتمثل أساسا في جملة من الحقوق و الالتزامات المترتبة على عاتق المنتفع الموقوف عليه و التي سنحاول شرحها كالآتي:
1) حقوق الجهة الموقوف عليها صاحبة حق الانتفاع: إن للجهة الموقوف عليها حق استعمال العين محل الانتفاع و ذلك على النحو التي يستعمل به المالك ملكه لكونـــــه حل محله في كل ما أعد له دون أن يصل هذا الاستعمال إلى حد الاستهلاك و الإتلاف لأنه و بناءا على أحكام المادة 18 منه فإن الجهة الموقوف عليها ملزمة بالمحافظة عليه و التقيد بالقيود التي فرضها القانون في استعمال الشـــــيء محل الوقف.
هذا و إلى جانب الاستعمال، فإن للمنتفع في أحكام الوقف الحق في استغلال العين الموقوفة و قد أتاحت المــــــــــــادة المذكورة أعلاه للمنتفع الحق في القيام بجميع الأعمال اللازمة للحصول على غلاله و ثماره، هذا و لما كانت الدولة طبقا لأحكام هذا القانون و لا سيما المادة 05 منه لها مهام احترام إرادة الواقف و تنفيذها ولأجل ذلك تم إحداث لجنة الأوقاف لدى الوزير المكلف بالشؤون الدينية أوكلت لها مهمة و تسيير الأملاك الوقفيــــة و حمايتها على المستوى الوطني هذا ما يعرف بالتسيير المركزي كما اعتمد أيضا التنظيم اللامركزي و ذلك في شكل نظارة الشؤون الدينية على مستوى الولاية مهمتها تسيير و إدارة و جرد كل الأملاك الوقفية الواقعة في إطــــــــــــار اختصاصها الإقليمي[73].
هذا و لدى ممارستها استغلال و تنمية الأملاك الوقفية فإن ذلك يتنوع بتنوع الملك الوقفي[74] في حد ذاتــــــــه سواء كان أرض زراعية صالحة للبناء, مبنية، أو بور.....إلخ. و عليه سوف نقف عند كل طريقة على حدى كما يلي:
فبالنسبة لاستغلال الأراضي الوقفية الزراعية و المشجرة: فانه بناءا على نص المادة 04 و 26 مكرر1 من القانون 91/10 المتعلق بالأوقاف فإن المشرع الجزائري قد حدد طرق و إمكانيات استغلال و استثمار الأملاك الوقفية و هذا بإحدى العقود التالية:
عقد المزارعة: و هو عقد يشبه الإيجار[75] من حيث إمكانية المزارع من الانتفاع بأرض مملوكة لغيره بمقابل و في نفس الوقت يشبه الشركة من حيث انه ينشئ مساهمة في إنتاج المحصول بين المالك بأرضه و بين المزارع بعملـــــــــة و يخول للمالك حصة من المحصول المنتج و تتفاوت قيمتها إما زيادة أو نقصانا تبعا لما أنتجته الأرض من محصول، و الجدير بالذكر أنه يسري على عقد المزارعة ما يسري على إيجار الأراضي الزراعية[76].
عقد المساقات: و هو إعطاء الشجر بمختلف أنواعه و ما يدخل في حكمه كالنخيل لمن يقوم بسقيه مع القيام بجميع الأعمال الأخرى التي يحتاجها الشجر بمقابل جزء معلوم من ثمره مشاعا فيه و هو ما ذهب إليه المشرع الجزائري حين عرّفه بالمادة 26مكرر1 من القانون السالف الذكر.
- أما بالنسبة للاستغلال الأراضي الوقفية العاطلة أو البور فإن المادة 26مكرر فقرة 2 من القانون السالف الذكــــر حددت وسيلة لذلك و تسمى بعقد الحكر[77].
هذا العقد ينشىء حق عيني يخول بموجبه للمحتكر الانتفاع بأرض موقوفة بالبناء و عليها أو بالغرس أو بأي غرض آخر و ذلك مقابل أجرة معينة[78] و لمدة معينة محددة في العقد و من آثار هذا العقد أن للمحتكر حق الحكر على الأرض و كذلك ملكيته لما يحدثه عليها من بناء أو غرس و بالمقابل يقع عليه التزام أن بجعل الأرض صالحة للاستغلال مع إمكانية نقل هذا الحق بالميراث أو بأي تصرف آخر خلال مدة العقد حسب ما أقره المشرع الجزائري في نص المادة 26 مكرر2.
أما بالنسبة للاستغلال الأراضي الموقوفة المبنية أو القابلة للبناء، فإنه يمكن أن تستثمر بإحدى الطرق التالية:
عقد المرصد: و هو عقد يسمح بموجبه لمستأجر الأرض بالبناء فوقها مقابل استغلال إيرادات البناء و له حق التنازل عنه باتفاق مسبق طيلة مدة استهلاك قيمة الاستثمار[79].
عقد المقاولة: وفقا للمادة 26 مكرر6 فإنه يطبق عليها أحكام القانون المدني بالمواد 549 منه و ما بعدها.
عقد المقايضة: و هو من عقود المعاوضة التي يتحصل بموجبها كل من المتعاقدين على مقابل ما يقدمــــــــه طبقا لنص المادة 58 من التقنين المدني الجزائري.
أما عن استغلال العقارات الوقفية المعرضة للاندثار و الخراب فيكون إما بعقد الترميم أو التعمير وفقا لما أقره المشرع الجزائري بالمادة 26 مكرر7 من القانون 91 /10.
عقد الترميم: و يقصد به إعادة بناء و تصليح البنايات التي في طريقها للخراب و الاندثار من طرف المستأجر مع خصمها من مبلغ الإيجار مستقبلا.
عقد التعمير: لم يعرفه المشرع الجزائري فضلا عن ذلك، فانه و بالرجوع إلى قانون التهيئة و التعمير 90/29 وخاصة المادة 51 منه نجد بأن هذه الأخيرة لا تقر بتسليم شهادات التعمير إلاّ على الأراضي غير المبنية، هذا يأتي على عكس ما ذكره المشرع في نص المادة 26 مكرر7 من قانون الوقف.
2) التزامات المنتفع بالوقف:
_ أنه لا يجوز التنازل في الوقف العام إلا لجهة من نفس نوع جهة الخير الموقوف عليها أصلا و سواء كان هـــــذا التنازل بالتراضي أو كان عن طريق المزاد العلني، إذ أنه و لما كانت إرادة الواقف اتجهت نحو حبس العين على ملك الله تعالى و توزيع ريعها على جهة خير فإن التنازل لا يكون إلا لجهة من جهة نوع الخير الموقوف عليها أصـــلا، و هذا بعد أخذ الموافقة الصريحة للسلطة المكلفة بالأوقاف.
_ يلتزم أيضا المنتفع بالعين الموقوفة بعدم التصرف[80] بملكية الرقبة لأن ملكيتها أصبحت في ملك الله تعالى و عليه لا يجوز التصرف فيها[81] أو اكتسابها بالتقادم و هو ما أقرته المادة 18 من هذا القانون.
· الحقوق والالتزامات في المرسوم التنفيذي رقم 97/483 المتعلق بمنح امتياز قطع أرضية من الأملاك الوطنية الخاصة التابعة للدولة: يرتب الامتياز وفقا للمرسوم السالف الذكر جملة من الآثار تتمثل فــــــــــي التزامات و حقوق متبادلة بين المتعاقدين، السلطة المانحة للامتياز من جهة و صاحب الامتياز من جهة أخرى وفقا للشرح الآتي.
1) حقوق والتزامات صاحب الامتياز: فلما كان هدف صاحب الامتياز هو تحقيق الربح[82] فإنه في سبيل تحقيق ذلك يتمتع بجملة من الحقوق يمكن حصرها في الحصول على المقابل المادي و كذا بعض المزايا المالية ناهيك عن حقه في ضمان التوازن المالي للمشروع، و في المقابل فإنه يتحمل عدة التزامات تقع على عاتقه و هذا من أجل تنفيذ العقد تنفيذا دقيقا كاملا و تحت إشراف و توجيــــه الإدارة .



التزامات صاحب الامتياز:
_ الإلتزام بإنجاز برامج الاستصلاح في الآجال المرجعية المحددة في دفتر الشروط، و التي تحدد مدته من طرف مدير المشروع، و تكون المدة معينة و متغيرة حسب طبيعة المشروع و يمكن تحديده بناءا على طلــــــب مكتوب إلى مدير أملاك الدولة في الولاية المختصة إقليميا.
_ يلتزم صاحب الامتياز بتزويد الإدارة بكل المعلومات التي تطلبها منه قصد متابعة عملية الاستصلاح .
_ يلتزم صاحب الامتياز بتوفير الأموال الضرورية لإنجاز عمليات الاستصلاح بصرف النظر عن عمليات الدعم و المساعدة التي تقدمها الدولة[83].
_ يلتزم صاحب الامتياز بالامتثال إلى التنظيم الساري المفعول فيما يتعلق بعمليات جلب المياه و على الخــــــــصوص الحصول على رخصة الاستغلال التي تسلمها المصالح المختصة[84].
_ و لعل أهم إلتزام يقع على عاتق صاحب الامتياز هو دفع إتاوة سنوية[85]، و التي تدفع كل سنة مسبقا لدى صندوق مفتشية الأملاك الوطنية المختصة إقليميا كما يمكن أن تكون موضوع مراجعة في إطار التشريع الساري المفعــــــول.
_ يلتزم صاحب الامتياز بعدم التنازل عن الامتياز و عدم التأجير من الباطن طبقا لنص المادة 15 من المرســــــوم التنفيذي و كذا المادة 15 من دفتر الشروط، لكن ورد على هذه القاعدة استثناء في الفقرة الثانية من المادة 15 من دفتر الشروط و تتمثل في حالة القوة القاهرة، وكذا في الحالة التي يكون فيها صاحب الامتياز في وضعية استحالة قصوى لمتابعة أشغال الاستصلاح .
_ يلتزم صاحب الامتياز أيضا بدفع الضرائب و الرسوم و المصارف الأخرى التي يمكن أن يخضع لها طيلة مدة عقــــد الامتياز، و بالرجوع إلى المادة 16 من المرسوم التنفيذي فإنه يمكن لصاحب الامتياز أن يستفيد من امتيازات ماليـــة و جبائية[86] في إطار أحكام هذا القانون .
حقوق صاحب الامتياز :
_ إن أول و أهم حق هو الحصول على المقابل المادي لأنه الهدف الأول من التعاقد، أي هو العائد المادي الموجز من خلال المكاسب المالية التي يحصل عليها جراء تنفيذ العقد بعد تغطيته ما تكبده من نفقات و تكاليف، و يمكن للإدارة أن تتدخل في أي وقت و متى اقتضت المصلحة العامة ذلك لتعدل هذا المقابل بالزيادة أو بالنقصان دون تدخل من الملتزم.
_ الحق في الحصول على المزايا المتفق عليها من الإدارة و التي منها الاستفادة من بعض القروض أو تتعهد بأن لا يسمح لشخص آخر أن يمارس نفس النشاط في نفس المنطقة، كما بإمكان الدولة إفادة صاحب الامتياز بإمكانيـــــــــة السماح له من تشييد بنايات و منشآت داخل القطعة الأرضية التابعة للدولة بعد حصوله على رخصة البناء .
2) الحقوق والالتزامات بالنسبة للهيئة المانحة للامتياز:
إن للدولة مساهمات في هذا العقد، و التي نستشف منها أن التزاماتها ضئيلة بالمقارنة مع التزامات صاحب الامتيــــاز و سوف نتعرض لذلك كما يلي:
ا) مساهمة الدولة في عقد الامتياز في ضل المرسوم التنفيذي 97 /483 لا سيما بالمادة 05 منه فإنه يمــــــــكن حصرها في الآتي:
- يمكن للدولة أن تساهم بالتكفل الكلي او الجزئي من النفقات الضرورية للمنشآت الأساسية ( طرق العبـــــــــــــور،الكهرباء، جلب المياه ) إلى نهاية حدود الأراضي موضوع الامتياز .
- يمكن للدولة انتداب خبراء فلاحين لفتر ة معينة قصد تقديم المساعدة التقنية بناءا على طلب صاحب الامتياز.
- يمكن للدولة التكفل بتكوين مستخدمي المستثمرة مهنيا.
ب) حقوق الهيئة المانحة للامتياز لقد جاء المرسوم التنفيذي بامتيازات هامة للإدارة و هي:
- الحق في الإشراف و التوجيه: إن هذا الحق مسلم به في جميع العقود الإدارية باعتبار الإدارة طرفا في العقــــــــد أن يكون لها أثناء ممارسة ذلك حق إصدار أوامر و تعليمات ملزمة حتى تضمن قيامه بتنفيذ التزاماته على النحو الذي تــــراه .
- الحق في تعديل شروط العقد[87] إذ يمكن للإدارة ذلك بفرض التزامات لم تكن محل تعاقد في دفتر الشروط و هذا لضمان السير الحسن للمرفق العام بانتظام و اطراد، و تحقيقا لمقتضيات المصلحة العامة، و يتجلى استعمال الإدارة هذا الحق في تمديد مدة انجاز هذا المشروع و مراجعة الإتاوة المحددة و فقا للمادة 90 من دفتر الشروط.
- الحق في توقيع الإجراءات على المتعاقد: و يقوم هذا الحق في حالة إخلال صاحب الامتياز بالتزاماته التعاقدية لا سيما احترام مدة تنفيذ العقد أو امتناعه عن ذلك، عموما فان عقد الامتياز باعتباره يرتب حق انتفاع على العين الواقع عليها الامتياز نجده مختلف تماما عن حـــــــــق الانتفاع الواردة أحكامه بالقواعد العامة، إذ في الوقت الذي يكون فيها الحق للهيئة المانحة لحق الامتياز مالكة الرقبة التدخل بسلطـــة الإشراف و التوجيه فضلا على سلطتي تعديل شروط العقد المنشئ للامتياز و توقيع الجزاءات، فإنه في أحكام حـــــــق الانتفاع بالقواعد العامة يكون سلوك مالك الرقبة فيه سلبي أي هو الترك و يكون تدخله إلاّ في الحالة التي يكون المنتفع قد استعمل العين المنتفع بها استعمالا في غير ما أعد له أو استعمالا غير مشروع طبقا للمادة 847 مدني جزائري لكن ذلك لا يرقي إلى درجة توقيع عقوبات جزائية.

المطلب الثاني: انقضاء حق الانتفاع في التشريع الجزائري
من خصائص حق الانتفاع وفقا لأحكام القانون المدني انه يتقرر لمدة معينة وينقضي بانتهائها ليتحد بعده مع ملكية الرقبة لتكون ملكية تامة، هذا يأتي على خلاف ما جاءت به بعض أحكام النصوص القانونية الخاصة المتميزة عنها سواء في حالات، أو كيفيات سقوط حق انتفاع فيها. وبناءا على ماسبق سوف نقوم بدراسة الأسباب المؤدية إلى انقضاء هذا الحق طبقا للقواعد العامة، لتليها دراسة ذلك في بعض القوانين والنصوص الخاصة وهذا كالآتي:
الفرع الأول: أسباب انقضاء حق الانتفاع طبقا لأحكام القانون المدني: إن حق الانتفاع بوصفه حق عيني ينتهي بجملة من الأسباب متمثلة فيما يلي:
بهلاك موضوع الحق أو الشيء الواقع عليه، وبانقضاء المهلة المحددة بالعقد و وفاة المنتفع، و الأمر نفسه في حال عدول المنتفع عن حقه، و كذلك ينتهي حق الانتفاع بعدم الاستعمــال لمدة 15 سنة. و باتحاد الذمة.
· انتهاء حق الانتفاع بانقضاء أجله أو بموت المنتفع
لقد نصت المادة 852 /1 من القانون المدني الجزائري على ما يلي:" ينتهي حق الانتفاع بانقضاء الأجل المعين، فإن لم يعين أجل عد مقررا لحياة المنتفع، و هو ينتهي على أي حال بموت المنتفع حتى قبل انقضاء الأجل المعين ..." .
من خلال هذا النص نستخلص بأن حق الانتفاع ينتهي سواء حدد له سند إنشائه أجلا ام لا[88].
فإذا ما حدد له ذلك، فان حق الانتفاع ينتهي بأحد الأمرين إما بانقضاء الأجل المحدد أو بموت المنتفع حتى قبل انقضاء ذلك الأجل، و منه نرى بأن حق الانتفاع لا يورث مادام ينتهي حتما بموت المنتفع
أما إذا لم يحدد اجله، فانه عد مقررا لحياة المنتفع[89].
عموما، و بانتهاء حق الانتفاع بإحدى الكيفيتين المذكورتين سابقا وقد كان في الأرض زرع قائم فانه يترك للمنتفع أو ورثته حســــــــب الحالة بأجرة المثل إلى حين إدراك و جني الزرع[90].
و في خضم هذا الحديث فإنه و بموجب المادة 793 من القانون المدني و كذا المادة 15 من الأمـــــــــــــر75/74 المتضمن تأسيس السجل العقاري و إعداد مسح الأرضي العام و في حالة ما إذا كان حق الانتفاع واقع محله على عقار، فإن هذا الحق لا ينتهي إلاّ بعد تسجيله و شهره بالمحافظة العقارية.
· انتهاء حق الانتفاع بهلاك الشيء
من خلال المادة 853 من التقنين المدني نستخلص بأن حق الانتفاع ينتهي بهلاك الشيء هلاكا كليا لانعدام محلـــــه، و هذا الهلاك قد يكون ماديا كاحتراق منزل، كما قد يكون قانونيا بإخراجه عن دائرة التعامل نتيجة لنزع الملكية من أجــــــل المنفعة العمومية [91].
فإذا ما كان الهلاك راجعا لخطأ مالك الرقبة التزم هذا الأخير بإعادة العين إلى ما كانت عليه و تمكين المنتفع منها، بل و يلتزم أيضا بتعويض المنتفع عن المدة التي فاته فيها الانتفاع، أما إذا كان الهلاك يعود إلى خطأ المنتفع فإنه يلتزم بإعادة الشيء إلى أصله فيعود معه حق الانتفاع .
في حين إذا كان الهلاك راجعا إلى خطأ الغير انتقل حق الانتفاع إلى مبلغ التعويض الذي يلتزم به الغير. و إذا نزعت ملكية الشيء للمنفعة العامة انتقل حق المنتفع إلى تعويض نزع الملكية و يكلف المنتفع بتقديم كفالة لأن التعويض هو مبلغ من النقود قابل للاستهلاك[92]، فإذا كان الشيء مؤمنا عليه، يقبض مبلغ التأمين من كان لصالحه التأميــــــن، المنتفع، أو مالك الرقبة، أما إذا كان التأمين للاثنين معا كان للمنتفع الانتفاع به بشرط تقديم كفالة و يكون رأس المال لمالك الرقبة .
أما إذا كان الهلاك لسبب يعود إلى القوة القاهرة فيكون المالك مجبرا على إعادة الشيء إلى أصله، لكن إذا ما أعاده رجع حق الانتفاع للمنتفع، و يلتزم هذا الأخير بأن يدفع للمالك مقابل ما أنفقه عن المدة الباقية من الانتفاع
· انتهاء حق الانتفاع بعدم الاستعمال و العدول عنه:
يخلص من خلال المادة 854 من التقنين المدني أن حق الانتفاع كحق عيني، يسقط بالتقادم أي بعدم الاستعمال لمدة 15 سنة، و ينقطع التقادم باستعمال المنتفع للشيء أو من ينوب عنه حتى و لو انطوت على إساءة في الاستعمال[93]، كذلك كلما وجد سببا يتعذر معه على المنتفع أن يستعمل العين و متى انتهى حق الانتفاع بعدم الاستعمال عاد الحق إلى مالك الرقبة.
هذا كما ينتهي أيضا هذا الحق بعدول المنتفع عنه و يكون ذلك سواء بإرادة المنتفـــــع المنفردة أو بتوافق إرادتي المنتفع و مالك الرقبة و هذا العدول لا يكون له أي أثر إذا كان محله عقار، ما لم يستوفي إجراءات الشهر مع مراعاة أصحاب الحقوق الواقعة على حق الانتفاع التي تبقى قائمته حتى بعد انقضائــــــــه بانتهاء مدته أو وفاة صاحبه .
· انقضاء حق الانتفاع بتوحيد الحقوق
و هذه الحالة يقصد بها اتحاد الذمة و فيها تكون صفتي المنتفع و مالك الرقبة في شخص واحد سواء بانتقال ملكيــــة الرقبة إلى صاحب حق الانتفاع أو بانتقال حق الانتفاع إلى مالك الرقبة[94].
عموما يترتب على انتهاء حق الانتفاع عودة ملكية الشيء كاملة إلى المالك و إذا كان الشيء قابلا للاستهـــــــــلاك فإن الملكية تنتقل إلى المنتفع و يرد للمالك مثله أو قيمته و إذا هلك الشيء فعلى المنتفع أن يثبت أن الهلاك لا يرجع إلى خطأ في جانبه و إلا كان مسئولا عن التعويض، و بالتبعية يعتبر المنتفع فيما يقيمه من أبنية و مغروسـات أو منشآت أخرى حسن النية إذا حصل على ترخيص و يعتبر سيء النية إذا لم يحصل على ترخيص بإقامتها.
الفرع الثاني: انقضاء حق الانتفاع وفقا للقوانين الخاصة: إن أسباب و حالات انتهــــــــــــــاء حق الانتفاع وفقا لبعض للنصوص القانونية الخاصة لها ميزات تنفرد بها وتختلف عن تلك التي أوردها المشرع في القواعد العامة، و شرحا لذلك قمنا بالتحليل الآتي بيانه:

· الحالات المؤدية إلى إنهاء حق الانتفاع طبقا لأحكام القانون 87/19.
إن أهم صورة لنهاية لحق الانتفاع الدائم في إطار القانون 87/19 هو سقوطه بسبب الإخلال بالالتزامات المحـــــددة سواء كان ذلك السقوط عن أحد المستفيدين منه، أو عن جميع الأعضاء ككل، هذا كما يمكن أن ينتهي هذا الحق في حالة عدم توافر الشروط الواجبة في الوارث مثلا ، هذا فضلا عن كونه قد ينتهي بممارسة الدولة لحــــــــق الاسترجاع في حالة فقدان الأراضي المستغلة لطابعها الفلاحي.
1)- سقوط حق الانتفاع عن المستثمرة الفلاحية كجماعة:
إن المشرع قبل إسقاط حق الانتفاع قرر جملة من الإجراءات جاءت بها المادة 05 من المرسوم التنفيذي رقم 90/51 و كذا المنشور الوزاري المشترك رقم 329 المؤرخ في 17 جوان 1990، هذا الأخير الذي منح لأعـــــــوان المصالح التقنية الفلاحية مهمة البحث و معاينة المخالفات و المعنيين من طرف الوالي المختص إقليميا و رفعهــــــا له بموجب تقرير.
و عند ثبوت المخالفة يعين الوالي لجنة استماع إلى المستفيدين المعنيين مع منحهم اعذار إن اقتضي الأمر و في حالة الاستمرار في المخالفة بعد انتهاء المدة المحددة في الإنذار الأول يخطر الوالي الجهة القضائية المختصــــــــــة الواقعة بدائرة اختصاصها المستثمرة لأجل استصدار أمر بتعيين محضر قضائي لمعاينة المخالفة طبقا لنص المــــادة 07 من المرسوم 90/51 و يبلغ المحضر لكل من الوالي و المستفيدين، فإذا لم يقدم المخالفون ردودا عن أسباب الإخلال أو أنها كانت أسباب غير كافية فإن الوالي بإمكانه و طبقــــــــا لأحكام المادة 08 من المرسوم السالف الذكر أن يرفع دعوى إسقاط الحقوق العينية العقارية ناهيك عن طلـــــــــب التعويض المتسبب فيه[95]. و قد حدد المنشور الصادر عن وزارة الفلاحة بأن سقوط هذه الحقوق تكون أمـــــــــام القاضي الإداري هذا الأخير الذي رفض هذا الاختصاص في بعض الحالات و إن كان قد أقربه في حالات أخـــــرى استثناءا طبقا لأحكام المادة 70 من قانون الإجراءات المدنية، و عليه فإنه و طبقا لأحكام المادة 90 من المرسوم السالف الذكر فإنه يترتب على إسقاط حق الانتفاع هو التصفية و البيع الإلزامي لفائدة بدلاء وفقا للشروط النصوص عليها بالقانون 87/19 .
لكن و بالرجوع إلى أحكام المادة 62 من قانون التوجيه العقاري فإننا نجد المشرع أقر بحلول الديوان الوطنــــــي للأراضي الفلاحية محل الذين أسقطت حقوقهم و بالتالي فان فكرة التصفية و البيع الإلزامي مستبعدة.
هذه الإجراءات كلها تخص إسقاط حقوق المستفيدين بموجب عقد إداري رسمي مشهر بالمحافظة العقارية لكن عمليا نجد مستفيدين بموجب قرار إداري من طرف الوالي فهل تطبق عليهم أحكام المرسوم السالف الذكر أم يجــــــــوز للوالي المختص إقليميا إسقاط هذا الحق بموجب إصدار قرار مقابل[96].
و يرى الدكتور بن رقية في هذا الحديث أن منح الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية الخاصة بموجــــــــب قرارات ولائية لا ترتب حق انتفاع مؤبد قابل للنقل و التنازل و الحجز عليه لأن هذا الحق لا ينتج إلا عن عقــــــــد إداري مسجل و مشهر طبقا للمادتين 34و 35 من القانون87/19، و بالتالي فإن المستفيد بقرار إداري فقط لا يعتبر سوى رخصة استغلال يمكن سحبها من طرف الوالي في أي وقت[97]
2) إسقاط حق الانتفاع عن أحد الأعضاء أو مجموعة من الأعضاء:
إذ أنه و بناءا على المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 89/ 51 المؤرخ في 18 أفريل 1989 المتعلق بكيفية تطبيق المادة 29 من القانون 87/19 فإن الدعوى ترفع أما م المحكمة التي تقع بدائرة اختصاصها المستثمرة الفلاحيـــــــة، و هذا من طرف ممثلها باعتبار أن هذه الأخيرة شركة مدينة تتمتع بحق التقاضي وفقا لأحكام المادة 13 مــــن القانون 87/19، إذ ترفع الدعوى باسم المستثمرة مع تعيين الممثل القانوني لها، ضد المستفيد أو المستفيدين الذين أخلوا بالتزاماتهم.هذا كما أن رفع الدعوى لابد أن يسبقها إشعار الوالي بها لكي يتسنى له حضور الجلسات المنعقدة، فإذا حكم بإسقاط الحق و صار نهائيا و أدى إلى انخفاض أعضاء المستثمرة إلى أقل من ثلاث فإنه في هذه الحالة يتم تفعيل أحكام المادة04 من المرسوم رقم 89/ 51 و من خلالها تخول للأعضاء الباقين مهلة ثلاثة (03) أشهر للقيام باستخلاف العضــو أو الأعضاء الذين أسقط حقهم تحت طائلة تعرض المستثمرة الجماعية للحل.


· انتهاء حق الانتفاع طبقا لأحكام القانون91/10: إن انتهاء الوقف يعني زواله و ذهاب معالمه،إذ يرى الدكتور محمد بن الحسين في هذا الصدد أن الوقف ينتهي إذا خرج انتفاع الجهة الموقوف عليها عن الانتفاع المقصود للواقف.
و الوقف بالرجوع إلى أحكام قانون 91/10 ولا سيما المادة 03 منه فإنه يتميز بالتأبيد، و هذه الأخيرة تعتبر شرطا لصحته، و بهذا المفهوم فإنه يتنافى مع موضوع الانتهاء الذي يقصد منه وضع حد لصفة التأبيد، و لذلك فإن المشرع لـــم يأت بما يفيد وجود إنهاء للوقف في القانون الجزائري و لذلك لن يكون لنا أي طرح للإنهاء من الناحية القانونيــــة .
فمن خلال ما نص عليه المشرع في قانون الأوقاف يتبين أنه قد أخذ بالرأي السائد بين الفقهاء. من حيث تأبيد الوقف هذا من جهة و من جهة أخرى ابتعد عن الرأي القائل بالإنهاء حيث لم يشر إليه مطلقا في نصــــــوص الأوقاف كما هو الحال في بعض الدول العربية الإسلامية[98] التي نصت عليه مثال قانون الأوقاف المصري، إذ سن فيه أحكام كثيرة بخصوصه و هذا ما لم ينص عليه مشرعنا الجزائري، فلم يذكر في الوقف أي تأقيت أو إنهــــــاء، و هو بهذا المفهوم يجعل الانتفاع الذي نشا عنه يختلف عن ما جاءت به أحكام حق الانتفاع وفقا للقواعد العامة. هذا الأخير الذي من خصائصه المميزة له هو التأقيت، حيث تتجزأ فيه الملكية إلى ملكية الرقبة و حق الانتفاع لمدة معينة لتعود بعد انتهــــــــاءها لتصبح تامة كما كانت من قبل.
· الحالات المؤدية إلى إنهاء حق الانتفاع طبقا لأحكام المرسوم التنفيذي 97/ 483
فلما كان عقد الامتياز هو عقـــــــد مؤقت بطبيعته و لا يمكن أن يكون عقدا مؤبدا فإنه ينتهي بطرق معينة و هي كالآتي:
1) الانتهاء الطبيعي لعقد الامتياز: و فيه ينتهي هذا الانتفاع نهاية طبيعته بتنفيذ كل ما تضمنه العقد، و قيــــام صاحب الامتياز بتنفيذ كل الالتزامات المترتبة في العقد تنفيذا كاملا.
2) الانتهاء غير الطبيعي لعقد الامتياز: و فيه ينتهي هذا الانتفاع لما توجد أثناء سريان العقد ظروف يمكـــــــــــن أن تؤدي إلى نهاته قبل انتهاء مدته أو قبل تمام تنفيذ العقد[99] و هذه الظروف تظهر في ما يلي:
_ باتفاق الطرفين المتعاقد و الإدارة على أن ينتهي العقد قبل المدة المتفق عليها و هنا يكون الانتهاء استنادا إلـــــــى رضا الطرفين طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها بالقانون المدني،.لكن هذا العدول الاتفاقي عن تمام تنفيذ العقد يجب أن يكون صريحا و يستوي أن يترتب على ذلك تعويض لأي من الطرفين أم لا يترتب ذلك .
_ بقوة القانون ينتهي حق الانتفاع الوارد بموجب عقد الامتياز و ذلك في حالات محددة منها أن يصدر تشريع بإنهائه، أو هلاك الشيء محل العقد.
_ انتهاء العقد بحكم قضائي و يكون ذلك بناءا على طلب أحد الطرفين في حالات منها إخلال أحد المتعاقديـــــــن بالتزاماته التعاقدية.
_ انتهاء العقد بإرادة الإدارة المنفردة: و يكون ذلك جزاء ارتكاب صاحب الامتياز خطأ جسيم يحمل الإدارة على إنهاء العقد بإرادتها المنفردة لفقدها الثقة به، و يسمى هذا الإنهاء فسخا للعقد[100].
عموما، وبالإضافة إلى الحالات السالفة الذكر الخاصة بانتهاء عقد الامتياز، فإن هذا الأخير ووفقا للمرسوم التنفيذي موضوع الدراسة نجده يذكر حالات أخرى متميزة وردت بالمادة 14 من المرسوم التنفيذي التي تنص ".....يفسخ الامتياز بالطرق القضائية إذا لم يف صاحب الامتياز بالتزاماته كعدم احترام بنود دفتر الشروط أو عدم تنفيذها ".
كما أوردت أيضا المادة 18 من دفتر الشروط حالات أخرى لفسخ الامتياز و هي:
- في كل وقت باتفاق الطرفين .ويكون كذلك بمبادرة من صاحب الامتياز على أن يقوم بإشعار مسبق مدته 06 أشهر،.وفي الأخير بمبادرة من الإدارة إذا لم يحترم صاحب الامتياز الالتزامات المفروضة عليه و على الخصوص تلك المتعلقة بإنجاز برامج الاستصلاح وفقا للشروط و الآجال المحددة، ويجري الفسخ في الحالة الأخيرة بالطرق القضائية وبعناية مدير الأملاك الوطنية للولاية المختص فيها إقليميا و ذلـك بعد اعذارين يتم إرسالهما لصاحب الامتياز برسالة موصى عليها مع إشعار بالاستلام و يبقيان دون جــــــــدوى. و الفرضية الأخيرة هي أن يكون لصاحب الامتياز الحق في تعويض تحدده مصالح الأملاك الوطنية يعادل مبلغ الأشغال المنجزة قانونيا من أموال صاحب الامتياز الخاصة مع طرح 10% بعنوان مقابل تعويض عن الضرر.
و في الأخير نستخلص بأن حق الانتفاع المترتب عن عقد الامتياز يختلف نوعا ما عن ما جاءت به قواعده العامــــة في القانون المدني، فإن كانا يتشابهان في حالة انتهاء الامتياز نهاية طبيعية فإنهما يختلفان في حالات الانتهاء و الانقضاء غير العادية، و بالتالي هذا ما يعطي خصوصية لهذا الحق العيني الوارد بموجب عقد الامتياز الممنوح وفقا للمرسوم التنفيــــــــذي 97/483 بالمقارنة مع ما جاءت به القواعد العامة.
المبحث الثاني: المنازعات المتعلقة بحق الانتفاع
من خلال هذا المبحث سوف نسلط الضوء على أهم النزاعات التي نجد لها كما واسعا في جداول المحاكم، وفي ذلك تقل إن لم نقل تنعدم ميدانيا النزاعات التي تترتب على حق الانتفاع بالمفهوم الذي وضعه المشرع بالقانون المدني إذ نجد من صور هذه المنازعات، تلك المتعلقة باستعمال حق الشفعة طبقا لأحكام المادة 795 من القانون المدني إذ في العديد من الأحكام يقع القضاة في لبس اعتبار بعض الأنظمة المشابهة بأنها حق الانتفاع ومنه ترتيب أحكام الشفعة على تلك القضايا وما يؤكد ذلك هو بعض القرارات الصادرة عن المحكمة العليا[101] والتي نجد منها القرار رقم 54388، المؤرخ في 25/12/1988، والذي جاء فيها ما يلي :
"من المقرر قانونا، ان حق الشفعة يكون لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أو بعضها.
ولما كان ثابت في قضية الحال ان قضاة المجلس لما رأوا أن المستأجر لا يدل ضمن الحالات الثلاثة المنصوص عليها في المادة 795 من القانون المدني باعتبار ان حق الإيجار هو حق شصي في حين ان حق الانتفاع هو حق عيني، ومن ثم فإنهم بقضائهم كما فعلوا قد طبقوا القانون تطبيقا سليما."[102]
عموما، ميدانيا تعتبر المنازعات المتعلقة بحق الانتفاع في القانون المدني نادرة جدا، وفي المقابل نجد زخما كبيرا منها في إطار النصوص القانونية الخاصة لاسيما تلك التي نحن بصدد دراستها على سبيل المثال لا الحصر، ونظرا لعدم وضوح بعض النصوص إرتئينا أن تكون دراستنا لهذا المبحث بالتعرض الى المنازعات التي يختص بها القضاء العادي من جهة والتي يختص بها القضاء الإداري من جهة أخرى.
المطلب الأول: المنازعات التي يختص بها القضاء العادي
ومن خلال هذا المطلب سوف تكون لنا دراسة حول اغلب منازعات حق الانتفاع التي يختص بها القضاء العادي في صوره الموجودة في بعض النصوص القانونية الخاصة كالاتي:
الفرع الاول: بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالمستثمرة الفلاحية
· النزاعات بين المستثمرة الفلاحية وأحد أعضاءها:
تتعلق هذه المنازعات على سبيل المثال، إسقاط حق الانتفاع عن المنتجين لإخلالهم بالتزاماتهم وكذا حالة التنازل عن الحصة من طرف المستفيد وفضلا عن النزاعات حول تقسيم الأرباح نجد المنازعات المتعلقة بتسوية التركة بعد وفاة أحد أعضاء المستثمرة
· النزاعات بين المستثمرة الفلاحية والغير:
فإذا وقع نزاع بين المستثمرة الفلاحية وأي شخص آخر سواء كان طبيعي أو معنوي يحكمه القانون الخاص، سواء تعلق الأمر بتنفيذ التزامات تعاقدية للمستثمرة أو تعويض ضرر تسببت فيه للغير، أو أي نزاع آخر عدا التشكيك في ملكية الأرض، يكون القضاء العادي هو المختص.
وفي كل الحالات ترفع الدعوى باسم المستثمرة وليس باسم أعضائها كما يحدث كثيرا في الحياة العملية ويمثلها رئيسها بشرط أن تكون المستثمرة كشركة مدنية قد نشأت فعلا بتحرير العقد الإداري المشهر بالمحافظة العقارية[103] ، كما تكون في بعض الحالات الدولة طرفا في المنازعات المتعلقة بالمستثمرة الفلاحية ويؤول الاختصاص فيها الى القضاء العادي إذا تعلق الأمر بممارسة حق الشفعة طبقا لأحكام المرسوم 96-87
ونفس الشيء عند ارتكاب المخالفات التي تؤدي إلى إسقاط الحقوق والتي فيها الوالي هو الذي يمثل الدولة في الدعوى ، طبقا لما نصت عليه المادة08 من المرسوم التنفيذي رقم 90-51، وقد فسر الاجتهاد القضائي الإداري أن المقصود بالقاضي العقاري هنا ؛ القاضي العقاري الواقع بدائرة اختصاصه الأراضي موضوع النزاع لأن القاضي الإداري لم يكن في يوم ما قاض مختص بإسقاط الحقوق العينية العقارية[104].
كذلك الحال بالنسبة للمنازعات المتعلقة بعدم الدفع الإتاوة فإذا كيف حق الإنتفاع على أنه إيجار فلاحي يكون القاضي العادي هو المختص بالنزاع طبقا للمادة "07" مكرر من قانون الإجراءات المدنية، ويضاف إليه النزاعات المتعلقة بعدم تسديد ديون المستثمرة المتعلقة بسعر الأملاك العقارية و المنقولة التي تنازلت عنها الدولة للمستثمرات .
الفرع الثاني: بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأملاك الوقفية :
ومن بين تلك النزاعات نجد في حالة ما إذا تصرف الواقف في مال غير مملوك له ملكية مطلقة هنا يكون تصرفه هذا محل منازعة وسببها الواقف نفسه، و في هذا الصدد أصدرت غرفة الأحوال الشخصية و المواريث بالمحكمة العليا بالجزائر قرار بتاريخ: 28/09/1993 في الملف رقم: 94323 قضت فيه بنقض القرار المطعون فيه و الذي أبطل عقد الوقف بصفة كلية، وبررت الغرفة قرارها أن عقد الوقف الذي شمل مال الواقف ومال أخيه (س) لا يكون باطلا إلا بالنسبة لمال الأخ المدعو (س) لكنه صحيحا بالنسبة للمال المملوك له[105]، وقد يتصرف الوكيل عن الواقف في مال مملوك لهذا الأخير ويوقفه على جهة معينة، ولكن وكالته انقضى أجلها أو أن الوكالة لا تسمح له بإبرام عقد الوقف فتحدث المنازعة بين الواقف و الوكيل أو بين الوكيل و الغير صاحب المصلحة و الصفة فيكون سبب المنازعة في هذه الصورة هو الوكيل.
ويحتمل أيضا أن يتصرف شخص في مال مملوك له ملكية مطلقة ولكنه عديم الأهلية أو ناقصها أو محكوم عليه قضائيا بحرمانه من التصرف في أملاكه أو كان مريضا مرض الموت، فيرفع من له الصفة و المصلحة دعوى أمام القضاء للمطالبة بإبطال التصرف فيكون سبب المنازعة هنا هو الواقف بتصرفه الغير جائز قانونا.
إن منازعات الوقف العادية عموما هي التي تقوم بين أطراف عاديين، ويعود الاختصاص فيها على مستوى الدرجة الأولى إما للقسم المدني باعتباره الولاية العامة للقضاء، أو أمام قسم شؤون الأسرة باعتبار الوقف موضوع من المواضيع التي تناولها قانون الأسرة، أو أمام القسم العقاري إذا كان محل النزاع عقارا موقوفا.
و الملاحظ أنه بصدور قانون المالية لسنة 2003 [106] أصبحت الدعاوى ترفض من أحد هذه الأقسام ليس لعدم الاختصاص وإنما لعدم دفع الرسوم وهذا فيما يخص الوقف الخاص لأن المنازعات المتعلقة بالوقف العام معفاة من الرسوم طبقا لأحكام المادة 44 من قانون 91/10[107]
وهذه الأقسام تفصل في دعاوى الوقف بأحكام ابتدائية قابلة للإستئناف أمام الجهة القضائية المقابلة لها في المجلس القضائي كدرجة ثانية و هي قابلة للنقض أمام المحكمة العليا أين تختص بالفصل فيها الغرفة المدنية أو الغرفة العقارية أو غرفة شؤون الأسرة.
و للإشارة هنا أن العمل القضائي لا يراعي هذا الإختصاص، فهناك أحكام وقرارات صادرة عن القسم المدني أو العقاري أو شؤون الأسرة بالمحاكم الإبتدائية و بالغرفة المدنية و العقارية وشؤون الأسرة بالمجالس القضائية و المحكمة العليا.



الفرع الثالث:بالنسبة للمنازعات المتعلقة بعقود الامتياز
ويكون الإختصاص للقضاء العادي في المنازعات التي يثيرها عقد الامتياز في الحالات التالية:
_ ما ورد في نص المادة7 مكرر من ق. ا.م من استثناء على اختصاص الغرف الإدارية في المنازعات التي تكون الدولة أو احد الأشخاص العامة طرفا فيها في حالة المنازعات المتعلقة بالإيجارات الفلاحية والأماكن المعدة للسكن أو مزاولة مهنية أو الإيجارات التجارية وكذلك في المواد التجارية أو الاجتماعية.
لقد أثارت هذه المادة تساؤلات كثيرة حول اسناد الاختصاص إلى القضاء العادي على الرغم من وجود شخص عام، فذهب احمد محيو إلى إن الإيجارات تخضع عادة إلى قواعد القانون الخاص(المواد 476 وما بعدها من القانون المدني) ويبدو حسب رأيه من الأنسب منح الاختصاص إلى قاض وحيد يقوم بالفصل في المنازعات لكي لا يؤدي وجود شخص عام كطرف في الدعوى إلى سحب النزاع من القاضي العادي.
ورأي الأستاذ مسعود شيهوب بأنه ليس من الحكمة في شيء اسناد الاختصاص إلى قاضي الغرفة الإدارية، ثم إلزامه بتطبيق أحكام القانون الخاص.
_ ويختص القضاء العادي بالنظر بالنسبة للمرافق العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري لان علاقة المستعمل بالمرفق تكون عقدية تخضع للقانون الخاص ، وقد تبنى المشرع الجزائري هذا الحل حين اعتبر المؤسسة العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري تاجرة في علاقتها مع الغير واخضعها لقواعد القانون التجاري(المادة 45 من قانون توجيه المؤسسات الاقتصادية)
_ كما يختص القضاء العادي في كل المنازعات التي تثار بين أصحاب الامتياز فيما بينهم حول كيفية استغلال الملكية المشتركة التجهيزات والمنشات المقامة من طرف الدولة المقامة في القطعة الأرضية محل الامتياز.
_ كما يعود الاختصاص في القضاء العادي في المنازعات المثارة بين صاحب الامتياز والغير، إذ أن الدولة لا تتدخل في هذه المنازعات إلا إذا اعتدي على مضمون حقها المادة 12 من دفتر الشروط، والذي يجب على صاحب الامتياز إبلاغ الإدارة بكل اضطراب قد يطرأ ويقصد بمضمون حق الإدارة هو المساس بحق ملكية الدولة على الأراضي موضوع الامتياز.



المطلب الثاني: المنازعات التي يختص بها القضاء الإداري:
ومن خلال هذا المطلب سوف تكون لنا دراسة حول اغلب منازعات حق الانتفاع التي يختص بها القضاء الإداري في صوره الموجودة في بعض النصوص القانونية الخاصة وهذا كالآتي:
الفرع الأول:بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالمستثمرة الفلاحية
حالة التشكيك في الملكية: من المعلوم أن ملكية الرقبة في الأراضي الممنوحة للمستثمرات الفلاحية تبقى للدولة، وعلى أي شخص يدعي أن الأراضي الممنوحة للمستثمرة أو جزء منها هو ملك له يتعين عليه أن يوجه دعواه أمام الغرفة الإدارية ضد مديرية أملاك الدولة طبقا لأحكام قانون الأملاك الوطنية[108]، ويمكن في هذه الحالة استدعاء المستثمرة، ووزارة الفلاحة في النزاع، وإذا رفعت الدعوى ضد المستثمرة وحدها فإنها تكون غير مقبولة لسوء توجيهها وإذا لم ترفع أمام القاضي الإداري يجب التصريح بعدم الإختصاص[109].
كما تمسكت الغرفة العقارية للمحكمة العليا أيضا باختصاصها في دعوى تشكيك في الملكية وذلك في القرار الصادر بتاريخ 15/06/2005 . ملف رقم 307801 وجاء فيه ما يلي:
"عن الوجه الثاني:والمأخوذ من مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات:
باعتبار أن الطاعنين (المدعى عليهم سابقا ) لا يملكون الأرض المتنازع عليها والتي تعود ملكيتها إلى إدارة أملاك الدولة والإجراءات السليمة تقتضي رفع الدعوى على مالك الأرض وليس على مستغليها ، أو على الأقل إدخاله في الخصومة غير أن المطعون ضدهم لم يقوموا بذلك بالرغم من أن التعليمة الوزارية رقم0134 المؤرخة في 16/03/1991 تستوجب إدخال مديرية أملاك الدولة في كافة القضايا المتعلقة بالأراضي الفلاحية التابعة للدولة وهذا الإجراء جوهري.
لكن أنه لما يزعمه الطاعنون فإنه طبقا للمادة 14 من قانون رقم 87-19 المؤرخ في 08/12/1987 فإن المستثمرة الفلاحية الجماعية تتمتع بكامل الأهلية القانونية في الاشتراط والالتزام و التعاقد طبقا لقواعد القانون المدني وأحكام التشريع المعمول به وبالتالي فإنها تملك صفة التقاضي والدعوى المرفوعة ضدها لم تخالف أي إجراءات جوهرية وعليه فإن هذا الوجه غير سديد ويستوجب الرفض..."
ان الغرفة العقارية في قرارها هذا قد أيدت القرار المطعون فيه المؤيد للحكم الذي قضى بإلزام الطاعنين بالتخلي عن القطعة الأرضية المتنازع عليها وفي رأينا كان على قضاة الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القرارين السابقين أن يشترطوا أن ترفع الدعوى على الدولة وليس على المستثمرة الفلاحية أو المستفيدين باعتبارها مالكة لرقبة الأرض، وبالنتيجة يقضوا بعدم إختصاصهم في الفصل في الدعوى طبقا للمادة "07" من قانون الإجراءات المدنية[110]
· حالة صدور قرار عن الوالي بإسقاط حق الإنتفاع أو حل للمستثمرة:عندما يتخذ الوالي قرار بإسقاط حق الانتفاع أو حل المستثمرة مرتكبا تجاوزا للسلطة وخرقا لأحكام المادة"08" من المرسوم 90-51 يمكن لأعضاء المستثمرة الفلاحية رفع دعوى أمام القاضي الإداري لطلب إلغاء هذا القرار وتكون هنا الغرفة الجهوية هي المختصة بالنظر في الدعوى في إنتظار تنصيب المحاكم الإدارية وبهذا الخصوص صدر قرار عن مجلس الدولة في 23/04/2001 بموجب المقرر المؤرخ في 20/05/1996.
· حالة سحب الإستفادة قبل تحرير العقد الإداري المنشئ للمستثمرة الفلاحية تتعلق هذه الحالة بالفترة السابقة على تحرير العقد الإداري المنشئ للمستثمرة الفلاحية كشركة مدنية.
فقبل صدور الأمر رقم 95-26 المعدل لقانون التوجيه العقاري طبقت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا مبدأ أن للمستفيد من القرار الإداري حق مكتسب لا يمكن للإدارة سحبه بإرادتها المنفردة بعد إنقضاء آجال الطعن القضائي طبقا للمبادئ التي تحكم القانون الإداري[111]، لأن الأمر يتعلق بمنح جزء من الأملاك الخاصة التابعة للدولة والتي لم يخول المشرع للإدارة حق إستعمال صلاحية السلطة العامة عند التعامل فيها، هذا فضلا على أن المرسوم 90-50 المؤرخ في 06/02/1990 نص على أن إعداد وتسليم العقد الإداري تتكفل به إدارة أملاك الدولة دون تأخير ولا يؤجل تسليمه إلا في حالة وجود منازعة قضائية حول ملكية الأرض، وعليه فإن أي تأخير في تحرير العقد أيا كانت أسبابه تتحمل مسؤوليته الإدارة ولايمكن التمسك به لإسقاط حق الإستفادة بإرادتها المنفردة ودون اللجوء إلى التقاضي.
غير أنه وبعد تعديل المادة 78 من قانون التوجيه العقاري بموجب الأمر 95-26 فإن المشرع خول للوالي سلطة إتخاذ قرار بإلغاء الإستفادة دون اللجوء إلى القضاء بالنسبة للمستفيدين بموجب قرار إداري مع العلم أن هذه المادة تطبق في حالة إعادة إدماج المستفيدين بعد إرجاع الأراضي الممنوحة لهم لملاكها الأصليين.
الفرع الثاني:بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأملاك الوقفية
ترفع منازعات الوقف الإدارية أمام الغرفة الإدارية المختصة طبقا لما هو معمول به، و التي تفصل فيها بحكم قابل للإستئناف أمام مجلس الدولة.
فبحكم الطبيعة المادية للوقف فإن لهذا الأخير شخصية معنوية خاصة به ويمثلها أمام القضاء الناظر.
وباعتبار الأملاك الوقفية أموال تتكون من عقارات ومنقولات ومنافع؛ و بحكم أن الملك الوقفي هو ملك الله تعالى وهو ما يستنتج من قانون الأوقاف رقم : 91/10 وبالتحديد المادة 05 منه و التي تعتبر بأن: " الوقف ليس ملكا للأشخاص الطبيعيين و لا الاعتباريين و يتمتع بالشخصية المعنوية، و تسهر الدولة على إحتـرام إرادة الواقــف و تنفيذها".
و عليه يمكن أن نستنج مما تقدم بأنه و ما دام الوقف ليس لزيد أو عمر وليس للدولة أو الولاية أو البلدية أو مؤسسة عمومية ذات الصبغة الإدارية طبقا للمادة 49 من القانون المدني و المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية. فإن المنازعات الوقفية المتعلقة بملكية الوقف تخرج عن إختصاص القضاء الإداري، و بالنتيجة فهي من إختصاص القضاء العادي أي إلى المحاكم العادية على مستوى الدرجة الأولى و الغرف بالمجالس القضائية (باستثناء الغرفة الإدارية) و المحكمة العليا باعتبارها هيئة النقض.
و حتى لو فرضنا أن وزير الشؤون الدينية و الأوقاف هو الناظر العام للأملاك الوقفية[112] وفوض بعض اختصاصاته لمديري الأوقاف أو نوابه على المستوى المركزي أو للمديريين الولائيين للشؤون الدينية و الأوقاف ووكيل الأوقاف على المستوى المحلي أو إلى ناظر الأملاك الوقفية[113]، لأنه يجوز للناظر أن يوظف عمالا لتسيير واستثمار الأملاك الوقفية. فإن ذلك ليس بصفته وزيرا يمثل الدولة وإنما ناظرا يمثل الأملاك الوقفيـة مادامت هذه الأخيرة ليست أملاكا للدولة، وميزانية تسييرها مستقلة عن ميزانية الدولة.[114]
فإن الوزير يمثل الوقف و بالتبعية تكون المنازعات المتعلقة بالأملاك الوقفية من اختصاص القضاء العادي، و لا تدخل في اختصاص القضاء الإداري نوعيا فإذا تصرف وزير الأوقاف كأن يبرم عقدا يتعلق بإدارة أو تسيير واستثمار الأملاك الوقفية يعتبر قد تصرف بصفته ممثلا للأوقاف وتخضع المنازعة فيه للقضاء المدني.
و نظرا لخصوصية الوقف باعتباره مال خاص بالموقوف عليهم أو الجهات الموقوف عليها فإن النزاع يعود إلى القضاء العادي و لا يكون للقضاء الإداري صلاحية الفصل في المنازعات المتعلقة بشأنه.
الفرع الثالث:بالنسبة للمنازعات المتعلقة بعقود الامتياز
ويكون القضاء الإداري مختصا بالنظر في عقد الامتياز من الجوانب التالية:
_ وفقا لنص المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية وتطبيقا للمعيار العضوي الذي أخذت به تكون الغرفة الإدارية مختصة مادام أحد طرفي عقد الامتياز هو الدولة ، وهي احد الأشخاص العامة المذكورين على سبيل الحصر في المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية، ومفهوم الدولة كأساس اختصاص الغرفة الإدارية هي السلطة المركزية أي المفهوم الضيق للدولة وليس المفهوم الواسع الذي نعرفه في القانون الدستوري والتي هي الشعب ، الإقليم ، السلطة، أي شعب يقطن إقليما معينا ويخضع لسلطة سياسية
_ يختص القضاء الإداري أيضا في منازعات عقد الامتياز إذا نظرنا له من زاوية محل العقد وهو ارض تابعة للأملاك الوطنية، فالاختصاص يكون حسب طبيعة الأملاك، إذ يختص القاضي الإداري بالمنازعات المتعلقة بالأملاك الوطنية العمومية، ويختص العادي بالمنازعات المتعلقة بالأملاك الوطنية الخاصة.
وعليه، فان المنازعات المتعلقة بالأملاك الوطنية العمومية تخضع للقاضي الإداري وتطبق عليها قواعد القانون العام أما المنازعات المتعلقة بالأملاك الوطنية الخاصة تخضع للقاضي العادي وتطبق عليها أحكام القانون الخاص[115].
غير أن الأستاذ احمد رحماني يرى بان المنازعات المتعلقة بتسيير الأملاك الوطنية الخاصة، يعود الاختصاص القضائي فيها للقضاء الإداري تطبيقا للمعيار العضوي، ولا يكون القضاء العادي مختصا في نظره، إلا عندما يعهد تسيير هذه الأملاك الى احد أشخاص القانون الخاص وأعطى مثالا على ذلك، وهو حالة تسيير مؤسسة عمومية اقتصادية لملك من الأملاك الوطنية الخاصة.
ويكون الاختصاص للقضاء الإداري[116] أيضا إذا نظرنا لعقد الامتياز من زاوية انه عقد مختلط يحتوي على أحكام تنظيميه وأخرى تعاقدية فيكون الاختصاص للقضاء الإداري للنظر في المنازعات المتعلقة بالجانب التنظيمي لعقد الامتياز دون الجانب التعاقدي الذي يعود الاختصاص فيه إلى القضاء العادي هذا من جهة .
ويكون الاختصاص للقضاء الإداري إذا نظرنا الى عقد الامتياز كونه أسلوب من أساليب تسيير المرافق العامة ، إذ أن بعض منازعات المرافق العامة المسيرة عن طريق الامتياز تخضع لاختصاص الغرفة الإدارية، لان السلطة الإدارية مانحة الامتياز طرفا في النزاع وهي الدولة[117].












الخاتمة
إن القانون المدني أورد أحكاما تنظم حق الانتفاع، وهذا الحق يخول للمنتفع سلطة التصرف في حقه بكل أشكال التصرف عدا الإتلاف، فيحق التنازل عنه أو تأجيره أو توقيع رهن عليه، لكن كل هذه التصرفات تنقضي بانقضاء حق الانتفاع.
لكن، وبالرجوع إلى أحكام حق الانتفاع الوارد في بعض القوانين الخاصة التي تمت دراستها على سبيل المثال لا الحصر يتجلى لنا اختلاف واضح بينها وبين تلك القواعد العامة سواء من حيث المفهوم بما فيها الخصائص أو من حيث الآثار والمنازعات المترتبة عنه.
هذا الاختلاف إن دل على شيء فانه يدل على مدى فشل قواعد وأحكام القانون المدني في مواكبة التطورات الحاصلة في المجتمع هذا من جهة، ومن جهة أخرى عدم قدرته على استغلال كامل القدرات الطبيعية للبلاد ولا أدل على ذلك هو إلغاء المواد 858 وما يليها من القانون المدني والمتعلقة باستغلال الأراضي التي تمنحها الدولة وكان ذلك بموجب قانون رقم :87-19 المؤرخ في 08/12/1987 المؤرخ في 09/12/1987 المتضمن ضبط كيفية استغلال الأراضي الفلاحيــــــة التابعة للأملاك الوطنية و تحديد حقوق المنتجين و واجباتهم.
عموما، اكتشفنا من خلال هذه الدراسة بان معظم النزاعات المتعلقة بحق الانتفاع هي تلك التي أوردها المشرع في النصوص الخاصة حيث نجد بشأنها زخما كبيرا من القضايا تم الفصل فيها والأخرى على جداول المحاكم تنتظر دورها خاصة تلك المنازعات المتعلقة بالمستثمرات الفلاحية بأنواعها، إذ وبالمقابل نجد هذا الحق طبقا للقواعد العامة تخلو منه المنازعات، و ميدانيا نجد له سوى تلك المتعلقة بجانب بسيط من حق الانتفاع ألا وهو جانب ممارسة حق الشفعة.
وعليه في الأخير، نخلص إلى انه يتعين على المشرع إعادة النظر في قواعد هذا الحق العيني وتحيين أحكامه بشكل يجعله يكفل تماشيه ومجارات تطور المجتمع، اذ من غير المعقول الابقاء على نصوص في القانون لا يلجا اليها الافراد و لا تجد لها مكان من حيث التطبيق الميداني للمجتمع، كل هذا من اجل وبهدف تسهيل تداول المال بين الاشخاص وحركته، الذي من شانه أن يؤدي إلى الرقي الاقتصادي.


________________________________

[1] – الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 26سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم .

[2] بالنسبة للفقه الفرنسي يعرف حق الانتفاع بأن هو الحق العيني في الانتفاع بشيء مملوك للغير، بشرط الاحتفاظ بذات الشــــــيء لرده لصاحبه عند نهاية حق الانتفاع الذي يجب أن ينتهي حتما بموت المنتفع أما بالنسبة للفقه المصري فيعتبره بأنه حق مؤقت لشخص على عين مملوكة للغير يخوله استعمالها و استغلالها و التصرف في منفعتها مدة الانتفاع طبقا لما يقضي به سبب إنشائه.

[3] د/عبد الرزاق السنهوري– الوسيط في شرح القانون المدني – ج 9- أسباب كسب الملكية مع الحقوق العينية الأصلية المتفرعة في الملكية – المجلد الثاني – دار النهضة العربية – ص – 1627

[4] د/ رمضان أبو السعود– الوجيز في الحقوق العينية الأصلية أحكامها و مصادرها – الطبعة – دار المطبوعات الجامعية ص508

[5] د/نبيل إبراهيم سعد–الحقوق العينية الأصلية في القانون المصري و اللبناني دراسة مقارنة-منشورات الحلبي الحقوقية- ص 254

[6] د/نبيل إبراهيم سعد – المرجع السابق- ص 254

[7] القاضي ندين محمد مشمو شي - حق الانتفاع دراسة مقارنة- منشورات الحلبي الحقوقية- ص56

[8] د/عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص 1627

[9] حمدي باشا عمر- القضاء العقاري في ضوء احدث القرارات الصادرة عن مجلس الدولة والمحكمة العليا- دار هومه- طبعة 2005 ص106

[10] د/بن رقية بن يوسف - محاضرات مقياس القانون المدني بالمدرسة العليا للقضاء دفعــــــــــــة 17.

[11] د/ عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص1628

[12] يعتبر الدكتور عبد الرزاق السنهوري أن الحكمة من جعل حق الانتفاع مؤقت ذلك لكونه يحد من تداول المال فلا المنتفع يملك الرقبة وبذلك لا يستطيع التصرف في ملكية العين كاملة ولا مالك الرقبة يتيسر له أن يجد مشتري للرقبة و هي مجزئة في حق الانتفاع لأن صاحب حق الانتفاع في وضعه يسعى الى ان يستخلص من العين كل ما يستطيع استخلاصه من منفعة دون ان يحاول تحسين العين , و بهدف التخفيف من هذا الوضع غيــــــــــر المرغوب فيه عين له المشرع حد أقصى هو حياة المنتفع , فلا ينتقل إلى الورثة بل ينتهي حتما فتعود الملكية إلى صاحب الرقبة كاملة و يرجع المال إلى وضعه العادي للتداول .

[13] القاضي ندين محمد مشمو شي – المرجع السابق- ص 63

[14] هذه الآلية كنمط استغلالي جاءت مباشرة بعد نمطي الاستغلال للأراضي الفلاحية السابقتين له اللذان أوردا على التوالي بالأمر 68/653 المؤرخ في 30/سبتمبر 1968 المتعلق بالتسيير الذاتي و الأمر رقم 71/73 المؤرخ في 08/11/1971 المتعلق بالثورة الزراعية .
[15] ا/ لنقار بركاهم سمية – منازعات العقار الفلاحي التابع للدولة التابع للدولة في مجال الملكية و التسيير – الديوان الوطنـــــــــي للأشغال التربوية – الطبعة الأولى ص 56 .

[16] المادة 852 من الأمر 75-58 المؤرخ في 26/06/1975 المتضمن القانون المدني.

[17] قدوج بشير – النظام القانون للملكية العقارية – الطبعة الثانية – الديوان الوطني للأشغال التربوية ص 544

[18] حمدي باشا عمر- المرجع السابق – ص217

[19]الأستاذ الغوتي بن ملحة – محاضرات في الوصية، الوقف، الهبة – ملقاة على الطلبة القضاة بالمدرسة العليا للقضاء- الدفعة 15 سنة 2005-2006

[20] د- بن رقية بن يوسف – محاضرات مقياس القانون المدني بالمدرسة العليا للقضاء دفعة 17 .

[21] ليلى لبيض – مذكرة ماجستير – شرح عقد الامتياز في الجزائر وفقا للمرسوم التنفيذي رقم 97/483 ص19

[22] الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية/العدد رقم 49 المنشورة بتاريخ 03رمضان 1429هـ الموافق ل 03 سبتمبر سنة 2008م

[23] حمدي باشا عمر – ليلى زروقي –المنازعات العقارية – دار الهومة – الطبعة الأولى 2006 – ص – 113

[24] ملف رقم240468 قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 19/01/2003 والذي جاء بالمبدأ التالي:"يحق للأرملة الحلول محل زوجها في نفس حقوقه وواجباته في الاستغلال الجماعي للأراضي التابعة للأملاك الوطنية في إطار المستثمرات الفلاحية تطبيقا لأحكام المادتين23،24 من القانون87/19 المؤرخ في 08/12/1987.
[25] ففي حالة تعدد الورثة فإنه طبقا لنص المادة 26 من القانون 87/19 يمكن لهم اختيار واحد منهم ليمثلهم في الحقوق والواجبات و يتكفل بالأحياء.

[26] يضيف الأستاذ بن رقية في هذا الإطار أنه في هذه الحالة يمكن توكيل شخص آخر لتولي ذلك كأجير.

[27] حمدي باشا عمر – ليلى زروقي – المرجع السابق – ص – 113

[28] د/ بن يوسف بن رقية – شرح قانون المستثمرات الفلاحية – الديوان الوطني للأشغال التربوية – طبعة 2001 –ص190

[29] د/ بن يوسف بن رقية – شرح قانون المستثمرات الفلاحية – الديوان الوطني للأشغال التربوية – طبعة 2001 – ص79.

[30] د/ بن رقية بن يوسف– محاضرات مقياس القانون المدني بالمدرسة العليا للقضاء دفعة 17.

[31] د/ بن رقية بن يوسف– محاضرات مقياس القانون المدني بالمدرسة العليا للقضاء دفعة 17

[32] د/ عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص 1639 .

[33] و هذا طبقا للمواد 793 من القانون المدني و المادة 15، 16 من الأمر 75/74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي و تأسيس السجل العقاري.

[34] د/ عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص 1645 .

[35] د/ غني حسون طه و أمحمد طه البشير أستاذان للقانون المدني – الحقوق لعينة الأصلية و التبعية ص- 302

[36] د/ عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص- 1647 .

[37] الاستاذ سماعين شامة النظام القانوني الجزائري للتوجيه العقاري دراسة وصفية وتحليلية دار هومةطبعة 2003 ص242

[38] د/ عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص 1651
[39] وفقا لمقتضيات المواد 793 من القانون المدني و 15 و 16 من الأمر 75-74 المؤرخ في 12/نوفمبر / 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري و لا سيما المواد:33 و 34 من قانون 87/19

[40] هذا ما نصت عليه المادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 90-50. المحدد لشروط إعداد العقد الإداري الذي يثبت الحقوق العقارية الممنوحة للمنتجين الفلاحين في إطار القانون 87/19

[41] حمدي باشا عمر – ليلى زروقي –المرجع السابق –ص216

[42] حمدي باشا عمر – ليلى زروقي –المرجع السابق –ص118

[43] تعرف هذه الهيئة باسم الديوان الوطني للأراضي الفلاحية و نظم أحكامه المرسوم التنفيذي رقم 96/87 المؤرخ في 24فيفري و اعتبر في مادته الأولى أنها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري، ومن جانب اخر لا يوجد نص خاص ينظم ممارسة حق الشفعة من طرف الدولة عن طريق الهيئة المعنية مما يتعين معـــــه الرجوع إلى القواعد العامة لأحكام الشفعة في القانون المدني هذا كما خولت التعليمة الوزارية المشتركة رقم 07 المؤرخة في 15 جويلية 2002 المتعلقة بالتنازل عن حق الانتفاع الدائم الممنوح للمستفيدين في إطار قانون 87/19 خولت مهام السالفة الذكر إلى السيد مدير أملاك الدولة المختص و هذا إلى حين تنصيبها لممارسة مهامها .

[44] إن المشرع الجزائري بالمادة 18 من القانون 91/10 يقول بأن المنتفع ينحصر حقه بالعين الموقوفة على ما تنتجه و ليس ثماره لكن بالرجوع إلى تعريف المنتوجات نجد بأنها كل ما يخرجه الشيء من ثمرات غير متجدد، وتتميز بعكس ما تتميز به الثمار بكون هذه الاخيرة دورية متجددة وكذلك تفرعها عن الشيء لا تمس اصله ولا تنتقص منه.

[45] د/ بن رقية بن يوسف– محاضرات مقياس القانون المدني بالمدرسة العليا للقضاء دفعة 17..

[46] ليلى لبيض – المرجع السابق –ص19

[47]الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية/العدد رقم 53 المنشورة بتاريخ 06شعبان 1427هـ الموافق ل 30 اوت سنة 2006م

[48] د) محمود جمال الدين زكي الوجيز في الحقوق العينية الأصلية مطبعة جامعة القاهرة 1978 –ص591.

[49] د/ رمضان أبو السعود-المرجع السابق– ص515.

[50] د/ محمود جمال الدين زكي–المرجع السابق– ص 591

[51] د/ رمضان أبو السعود-المرجع السابق– ص 515

[52] د/ محمود جمال الدين زكي–المرجع السابق– ص593.

[53] دعوى الاعتراف بحق الانتفاع هي دعوى عينية تقابل دعوى الاستحقاق للملكية على من يحوز الشيء الذي يرد عليه حق انتفاعه.

[54] د/ عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص 1678.

[55] د/ عبد الرزاق السنهوري - المرجع السابق – ص 1697 .

[56] د/ رمضان أبو السعود - المرجع السابق –ص 525

[57] د/ محمود جمال الدين زكي – المرجع السابق - 600 .

[58] القاضي ندين محمد مشمو شي – المرجع السابق- ص 314 .

[59] المستشار أنور طلبة–المطول في شرح القانون المدني–الجزء الرابع عشر-الطبعة الاولى سنة 2004 المكتب الجامعي الحديث- ص 220

[60] د/ محمود جمال الدين زكي – المرجع السابق – ص 602 .

[61] القاضي ندين محمد مشمو شي – المرجع السابق- ص 329

[62] د/ رمضان أبو السعود – المرجع السابق- ص 526.

[63] القاضي ندين محمد مشمو شي – المرجع السابق- ص 330

[64] د/ عبد الرزاق السنهوري – المرجع السابق – ص 1703.

[65] د/ بن يوسف بن رقية – المرجع السابق- ص 185 .

[66]د/ بن يوسف بن رقية – الاجتهاد القضائي للغرفة العقارية –الجزء الأول– قسم الوثائق – ص 73 .

[67] قضية رقم 227424 قرار بتاريخ 20/03/ 2002 .

[68] قضية رقم 196129 قرار بتاريخ 28/06/2000

[69] الاستاذ: سماعين شامة المرجع السابق- ص186

[70] و قد أكدت عليه المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 24/09/2003.

[71] هذا و كما تراقب شروط التنازل عن حق الانتفاع من طرف المستفيدين، و الإطار الذي تم فيه، و كذا في حالة انتقـــــــــال هذا الحق إلى الورثة في حالة الوفاة من حيث وجوب مشاركة الوارث المستفيد بعمله الشخصي، أو تعيين ممثل عنهم للقيام بالعمل في المستثمرة تتوفر فيه الشروط المطلوب قانونا و كذا احترام الحد الأدنى للأعضاء المكونين لجماعة المستثمرة في حـــالة إسقاط حقوق أحد الأعضاء أو عند القيام بتجزئة المستثمرة الفلاحية الجماعية.

[72] حمدي باشا عمر - ليلى زروقي – المرجع السابق– ص 118 .

[73] و هذا طبقا لأحكام المادة 330 من القانون 91/10 المتعلق بالأوقاف .

[74] الاستاذ رمول خالد–الاطار القانوني والتنظيمي لاملاك الوقف في الجزائر دراسة مقارنة باحكام الشريعة الاسلامية مدعمة باحدث النصوص القانونية والاجتهادات القضائية– دار هومة– 2004– ص 170

[75]الاستاذ محمد كنازة– الوقف العام في التشريع الجزائري دراسة قانونية مدعمة بالاحكام الفقهية والقرارات القضائية– دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع 2006– ص134

[76]الاستاذ محمد كنازة– المرجع السابق– ص135

[77] الاستاذ رمول خالد– المرجع السابق– ص171

[78] حمدي باشا عمر – ليلى زروقي –المرجع السابق–ص– 114

[79] و في هذه الحالة يجب مراعاة أحكام نص المادة 25 من القانون 91/ 10 المتعلق بالأوقاف

[80] ملف رقم 188432 قرار بتاريخ 29/09/ 1999 قضية ( ق .ع) ضد (ز.أ) .

[81] الإمام محمد أبو زهرة - محاضرات في الوقف – دار الفكر العربي – ص7

[82] ليلى لبيض – المرجع السابق– ص102

[83] إن المساعدة من طرف الدولة لا تكون مالية و إنما تتجلى مظاهرها في جلب المياه التزويد بالطاقة الكهربائية شق طرق العبور إلى المساحات.

[84] و هذا عملا بأحكام المادة 12 من المرسوم التنفيذي رقم 96 /301 المؤرخ في 15/09/1996 المحدد لكيفيات تعير مياه الشرب و الصناعة و الفلاحة و التطهير و كذلك التعريفات المتعلقة بها.

[85] هذا الاستغلال يتم بخلاف قانون 83/18 المتعلق بحيازة الملكية العقارية عن طريق الاستصلاح و الذي يتم بمقابل الدينار الرمزي طبقا للمادة 6 منه .

[86] تتمثل هذه الامتيازات في امتيازات متعلقة بالنظام العام و أخرى تخضع للأنظمة الخاصة نظمها الأمر 01/03 المؤرخ في 20/08/ 2001 المتعلق بترقية الاستثمار .

[87] ليلى لبيض – المرجع السابق – ص113

[88] المستشار أنور طلبة–المرجع السابق- ص224

[89] د/ عبد الرزاق السنهوري - المرجع السابق – ص 1708 .

[90]د/ انور طلبة – المرجع السابق- ص 224

[91] د/ رمضان ابو السعود- المرجع السابق-ص 529

[92] د/رمضان أبو السعود - المرجع السابق– ص 529.

[93] د/ محمود جمال الدين زكي المرجع السابق –ص610

[94] د/ انور طلبة – المرجع السابق- ص229

[95] وهو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 06 /07 /1997 تحت رقم 117969 والذي جاء فيه ما يلي :"من المقرر قانونا انه في حالة اقتراف المستغلين للأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية إحدى المخالفات أو الاخلالات الواردة في المادة 04 من المرسوم التنفيذي رقم 90 /51 المتعلق بكيفية تطبيق المادة 28 من القانون رقم 87 /19 ، يرفع الوالي القضية إلى القاضي المختص المكلف بالنظر في سقوط الحقوق العقارية وفي تعويض الأضرار المتسبب فيها.

ولما كان الثابت – في قضية الحال – أن المستأنف ألغى استفادة المستأنف عليه دون مراعاته للإجراءات المنوه عنها في المادة المذكورة ، مما يجعل قراره مشوب بعيب تجاوز السلطة ، ومن ثم فان الغرفة الإدارية لمجلس قضاء باتنة محقة فيما ذهبت إليه.

[96] لقد أكدت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 06/07/1997 أن القضاء وحده هو المختص بإسقاط الحقوق العيينة العقارية في حالة اقتراف المشغلين المستفيدين إحدى المخالفات المذكورة بالمادة 4 من المرسوم رقم 90/51 .

[97] يوجد لهذا الحديث قرار لمجلس الدولة أقر بموجبه أن للوالي صلاحية النطق بسقوط حقوق المستفيدين و أن مقتضيات المرسوم 90/51 لا يمكن تطبيقها في حالة وجود قرار فقط

[98] د زهدي يكن _الوقف في الشريعة والقانون_ ص243

[99] ليلى لبيض – المرجع السابق– ص126

[100] إن الفسخ هو مصطلح متداول بالنسبة لجميع العقود الإدارية إلا أنه بالنسبة لعقود الامتياز فيطلق على جزاء الفسخ إسقاط الالتزام.

[101] القرار رقم 150100 ، المؤر في 19/11/1997 32شور بالمجلة القضائية لسنة1997، عدد 02 ، ص55.

[102] حمدي باشا عمر- المرجع السابق – ص106

[103] إلا أن المحكمة العليا قبلت دعوى مرفوعة من طرف أعضاء مستثمرة فلاحية منشأة بموجب قرار ولائي ضد أعضاء مستثمرة فلاحية أخرى منشأة بنفس الشكل، هذا القرار صادر بتاريخ 26/04/2000 ملف رقم195.240

[104]لكن مجلس الدولة وفي قرار منشور له مؤخرا والصادر بتاريخ 01/02/2005 ملف رقم 014.397 تمسك باختصاص القضاء الإداري بإسقاط الحقوق العينية العقارية وهو إجتهاد مناقض لما كان عليه سابقا

[105] قرار منشور بالمجلة القضائية الصادرة عن المحكمة العليا بالجزائر العدد الأول لسنة 1999

[106] قانون المالية لسنة 2003 المؤرخ في 25/12/2003 المحدد للرسوم

[107] تنص المادة 44 من قانون 91/10 على أنه :" تعفى الأملاك الوقفية العامة من رسم التسجيل و الضرائب و الرسوم الأخرى لكونها عملا من أعمال البر و الخير."

[108] ملف رقم 260154 قرار صادر عن المحكمة العليا منشور بالمجلة القضائية العدد1–2004 بتاريخ 24-03–2004 قضية(م-ع) ضد(ب-ع)

[109] إلا أن الغرفة العقارية للمحكمة العليا تمسكت بإختصاصها في نزاع يتعلق بالتشكيك في الملكية في القرار الصادر عنها بتاريخ 28/04/1999 ملف رقم 186.653

[110] وهو ما ذهب إليه قضاة الغرفة العقارية في قرار صادر بتاريخ 24/03/2004 ملف رقم 260.154 حيث جاء فيه مايلي :"…حيث بالرجوع إلى القرار محل الطعن بالنقض القاضي بتعيين خبير يتضح أن النزاع يتعلق بدعوى إستحقاق ضد التعاونية الفلاحية المسماة مزرعة عمراوي رقم"02" بإعتبارها صاحبة حق لإستغلال المؤبد وفق القانون رقم87-19 المتعلق بالمستثمرات الفلاحية، وأن الدولة هي مالكة حق الرقبة ..

وحيث أن المطعون ضدهم ينازعون المستثمرة في ملكية الأرض لمساحة 02 هكتار وأن المستثمرة تحوز هذه الأرض بموجب عقود إستفادة فإن الإختصاص وفق المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية يعود إلى القضاء الإداري، وحيث أن الإختصاص النوعي من النظام العام وفق المادة 93 من قانون الإجراءات المدنية فإن قضاة الموضوع أساؤا تطبيق القانون مما يعرض قرارهم للنقض والإبطال".

[111] وهذا بغض النظر على ما نصت عليه التعليمات الوزارية التي صدرت آن ذاك عن وزارة الفلاحة التي أعطت للوالي الحق في إسقاط حقوق الاستفادة بإرادته المنفردة ودون اللجوء إلى القضاء إذا لم يتم تحرير ونشر العقد الإداري المنشئ للمستثمرة الفلاحية

[112] الأستاذ محمد كنازة– المرجع السابق– ص115

[113] الأستاذ رمول خالد – المرجع السابق-130

[114] الأستاذ : زهدي يكن : المرجع السابق، ص 312 و ما بعدها

[115] ليلى لبيض – المرجع السابق– ص145

[116] وهذا ما اكده مجلس الدولة في قراره الاخير الصادر بتاريخ: 09/03/2004 تحت رقم 11950و11952 في قضية شركة نقل المسافرين ورئيس بلدية وهران والاتي نصه:"عقد الامتياز عقد اداري – الاختصاص – القاضي الاداري (نعم)

لما كان عقد الامتياز عقدا اداريا تمنح بموجبه السلطة الامتياز للمستغل بشكل استثنائي مؤقت وقابل للرجوع عنه، فانه لا حق شخصيا دائما للمستفيد بما في ذلك حق تجديد الامتياز"

[117] ليلى لبيض – المرجع السابق– ص146

0 تعليق:

إرسال تعليق