بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

حجية المحرر العرفي في إثبات الوقائع و التصرفات


المقدمة:
يحتل الدليل الكتابي قمة أدلة الإثبات في اغلب التشريعات وفى القانون الجزائري على وجه الخصوص، كما انه المجال الخصب في التصرفات القانوني رغم انه على خلاف أدلة الإثبات الأخرى يتسع ليثبت الوقائع والتصرفات القانونية.
وقد عرفت الكتابة منذ القديم ونصت عليها مختلف الشرائع ،وقد نص عليها القران الكريم في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه.......}[1].كما نصت عليها مختلف التشريعات ومن بينها المشرع الجزائري في الفصل الأول من الباب السادس المتعلق بإثبات الالتزام.

وتنقسم أدلة الإثبات الكتابية إلى كتابات يحررها الموثق أو ما اصطلح عليه في القانون الجزائري بالعقد الرسمي ،وأدلة يحررها الأطراف بأنفسهم وفقا لمبدأ سلطان الإرادة وهو ما اصطلح عليه بالمحررات العرفية،كما نص المشرع في التعديل الأخير للقانون المدني بموجب القانون 05/10 المؤرخ في:26/06/2005بالمواد323مكررو323مكرر1و327 من القانون المدني على المحررات الالكترونية وأعطى لها حجية المحررات العادية مما يطرح التساؤل عن قصد نية المشرع من هذا المصطلح ،هل يقصد بذلك المحررات العرفية أم الرسمية.
بالإضافة إلى السندات هناك بعض الكتابات مثل السجلات التجارية والرسائل الخاصة والدفاتر المنزلية لم تهيأ مسبقا للإثبات إلا أن القانون أعطى لها الحجية لغرض الإثبات وان كانت تقوم بهذه الوظيفة بصفة ظرفية غير أنها توفر ضمانات قد تكون مطابقة أو أقل من السندات العرفية ، مما يطرح التساؤل عن قيمة هذه الكتابات أو المحررات العرفية الغير معدة للإثبات . إشكالية البحث:
انطلاقا من عدة تساؤلات حيرتني في اختيار هذا الموضوع مرتبطة في مجملها حول غموض بعض النصوص القانونية أو تبنى نصوص عامة مشتركة كالكتابة و التي قد يقصد بها الكتابة الرسمية أو العرفية كما أنه حتى و إن تبنى المشرع الرسمية في بعض التصرفات غير أنه لم يحدد الغرض منها هل هي وسيلة إثبات القصد منها حماية المتعاقدين و بالتالي يمكن الإثبات بوسائل أخرى ومنها المحرر العرفي أو اعتبرها ركن في التصرف و بالتالي يستبعد كل وسيلة أخرى لتعلق هذه الشكلية بالنظام العام هذا الطرح ترك القضاء متذبذبا في تحديد حجية المحرر العرفي.
بالإضافة إلى ذلك انتقال المشرع الجزائري من مبدأ سلطان الإرادة وحرية التصرفات إلى مبدأ الشكلية ما أدى إلى اختلاف حجية المحررات العرفية عبر مراحل مختلفة يتدخل فيها المشرع تارة والاجتهاد القضائي تارة أخرى إما لتكييف الواقع مع القانون أو لتصحيح التطبيق الخاطئ والشائع لنص القانون أكثر من ذلك تبنى المشرع الجزائري بمقتضى الأمر رقم:75/74المؤرخ في :12نوفمبر1975 نظام الشهر العيني الذي يعتبر القيد وحده الذي ينشى الحقوق أو يعدلها أو يزيلها إلا انه لم يأخذ بهذا النظام بصفة مطلقة بل أبقى على نظام الشهر الشخصي إلى حين تمام عمليات المسح مما خلق عدة إشكالات من الناحية العملية ساهم فيها القضاء لأسباب اجتماعية بغية منه في استقرار الأوضاع الظاهرة.
كما تجدر الإشارة إلى ما جاءت به القواعد الإجرائية الجديدة بموجب قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم:08/09المؤرخ في:25فيفرى 2008 في فقرته الثانية من المادة الثامنة منه على ضرورة أن تكون الوثائق والمستندات المطروحة أمام القضاء كأدلة إثبات باللغة العربية أو مصحوبة بترجمة رسمية إلى هذه اللغة تحت طائلة البطلان وبما أن المحرر الرسمي لا يثير أي إشكال لان المشرع اشترط أن يكون باللغة العربية ،على خلاف المحرر الرسمي الذي لا يشترط القانون شكلية معينة مما يطرح التساؤل عن موقف القاضي إذا ما طرح أمامه محرر عرفي كدليل إثبات محرر بلغة أخرى غير اللغة العربية.
كل هذه التساؤلات السابقة الذكر محورتها في إشكالية مدى حجية المحررات العرفية وشروطها عبر المراحل المختلة في التشريع الجزائري .والوسائل القانونية لدحض هذه الحجية؟
و للإجابة على هذه الإشكالية السالفة الذكر انتهجت التسلسل المنطقي والمبسط في طرح الأفكار وذلك باستقراء النصوص والاعتماد على أراء الفقه، فاستهلت طرح هدا الموضوع بنظرة عامة عن أدلة الإثبات الكتابية وللمحرر العرفي على وجه الخصوص وذلك من خلال تعريفه وتحديد خصائصه وشروطه وأنواعه وموقعه من أدلة الإثبات وذلك من خلال تبيان أوجه الاختلاف والتلاقي وهذا كله في فصل أول بعنوان ماهية السندات العرفية وتمييزها عن السندات الكتابية الأخرى.
و بعد الإلمام بماهية المحرر العرفي وتمييزه عن بقية المحررات الكتابية انتقل إلى دراسة حجيته في إثبات الوقائع والتصرفات وأسباب انقضاء هذه الحجية في فصل ثان فكانت الخطة مفصلة على الوجه التالي:
الفصل الأول:
ماهية السندات العرفية وتمييزها عن السندات الكتابية الأخرى
المبحث الأول:القواعد المشتركة لأدلة الإثبات الكتابية وتمييزها عن بعضها
المطلب الأول:القواعد المشتركة لأدلة الإثبات الكتابية.
المطلب الثاني: مقارنة بين أدلة الإثبات الكتابية.
المبحث الثاني: مفهوم المحررات العرفية.
المطلب الأول:تعريف وخصائص المحررات العرفية.
المطلب الثاني:شروطه وأنواع المحررات العرفية.
الفصل الثاني :
حجية المحررات العرفية في الإثبات وأسباب انقضائها
المبحث الأول:حجية المحررات في الإثبات مابين المتعاقدين والغير
المطلب الأول:حجية المحررات العرفية ما بين المتعاقدين
المطلب الثاني: حجية المحررات العرفية بالنسبة للغير )التصرف يعتبر كواقعة مادية(
المبحث الثاني:أسباب انقضاء حجية المحررات العرفية
المطلب الأول:الطعن في حجية المحررات العرفية.
المطلب الثاني: سقوط حجية المحرر العرفي.

الفصل الأول:

ماهية السندات العرفية وتمييزها عن السندات الكتابية الأخرى

قبل التطرق إلى تحديد حجية المحررات العرفية في إثبات الوقائع والتصرفات لابد قبل ذلك من التطرق إلى تحديد ماهية المحرر العرفي ، فعلى خلاف المحرر الرسمي أو السند الرسمي الذي تطرق المشرع إلى تحديده،فان المحرر العرفي يكتنفه الكثير من الغموض و الالتباس لذلك ارتأيت قبل التطرق إلى حجية المحرر العرفي الإحاطة بماهيته وذلك من خلال تحديد ماهية المحرر العرفي وتمييزه عن بقية الأدلة الكتابية الأخرى وقد تناولت هذا الفصل في مبحثين رئيسين الأول يتعلق بالقواعد المشتركة لأدلة الإثبات الكتابية وتمييزها عن بعضها،أما المبحث الثاني فتناولت فيه مفهوم المحررات العرفية .

المبحث الأول:

القواعد المشتركة لأدلة الإثبات الكتابية وتمييزها عن بعضها

و سأتناول هذا المبحث في مطلبين، الأول يتعلق بالقواعد المشتركة لأدلة الإثبات الكتابية ثم في مطلب ثان أتطرق إلى إجراء مقارنة بين أدلة الإثبات الكتابية.

المطلب الأول: القواعد المشتركة لأدلة الإثبات الكتابية.

يقوم الإثبات الكتابي على قواعد مشتركة ،هي أن الكتابة هي القاسم المشتركة بينها والتي تحتل قمة أدلة الإثبات في مختلف التشريعات وذلك في إثبات مختلف الوقائع والتصرفات بما تتميز به من قواعد ملزمة لا يمكن مخالفتها كما أن مبدأ مناقشة الدليل الكتابي مبدأ جوهري نصت عليه مختلف التشريعات وأكدها المشرع الجزائري في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الأخير وبالتالي حصرت أهم القواعد المشتركة بين أدلة الإثبات الكتابية كما يلي:

الفرع الأول: الكتابــة

لم يعرف المشرع الجزائري الكتابة شأنه شأن معظم التشريعات فترك ذلك للفقه والاجتهاد وحسنا ما فعل حتى لا تتقيد الكتابة بأسلوب محدد ، حتى يبقى المجال مفتوحا لدخول أشكال وطرق أخرى ضمن مفهوم الكتابة، وحتى لا يبقى التعريف جامدا ومقتصرا على الكتابة التقليدية دون غيرها.
وقد كانت الكتابة هي الوسيلة الشائعة في الإثبات منذ القدم،وكانت تتخذ أشكالا وصورا متعددة كالرموز والصور والحروف وغيرها ، كما حث القرآن الكريم على تدوين الاتفاقات بقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه.......}[2].ثم جاءت القوانين الوضعية بأدلة الإثبات وقسمتها، فجعلت الأدلة الكتابية في قمة الهرم بين الأدلة المقبولة للإثبات عموما .والكتابة تختلف أهميتها باختلاف الشخص أو الجهة التي تقوم بتنظيم السند المكتوب، فهناك سندات رسمية وأخرى عرفية ، وسندات حديثة هي السندات الإلكترونية، فالأولى يوقعها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ،ولديه اختصاص للقيام بذلك، في حين السندات العرفية الأخرى ينظمها أصحابها دون تدخل موظف رسمي بذلك[3].
أولا:التمييز بين التصرف القانوني وأداة إثباته
يختلف التصرف القانوني عن أداة إثباته فقد يوجد التصرف القانوني بين الأطراف وتنعدم وسيلة الإثبات وذلك لا يعني بطلان هذا التصرف و إن كان قد يترتب عليه ضياع حق صاحبه .
و يحصل دائما أن يخلط الأشخاص بين التصرف القانوني وبين وسيلة إثباته أي كتابته على سند، فيقال في بعض الأحيان [ عقد زواج عرفي ] فالعقد كتصرف قانوني جائز ومشروع، يختلف عن وسيلة إثباته، وفي ما إذا كان المحرر عرفي أو رسمي وبالتالي فإنه لا بد من التحرز والانتباه لمثل هذا الخلط وضرورة التمييز بين التصرف وأداة إثباته .
فالعقد مثلا يتم باتفاق إرادتين وله شروط محددة في القانون المدني من حيث الرضا والأهلية والمحل والسبب وغيرها في حين أن السند الذي يدون به التصرف أو العقد هي أداة إثبات هذا التصرف، وأحيانا قد يكون التصرف باطلا بالرغم من استيفاء المحرر لشروط صحته وقد يكون التصرف صحيحا، إلا أن أداة إثباته لم تستوفى شروطها .
ثانيا:التمييز بين الكتابة الشكلية والكتابة كوسيلة إثبات
في بعض الأحيان تكون الكتابة ركنا شكليا لا بد منها لانعقاد بعض العقود وبالتالي إذا تخلف هذا الركن يعتبر التصرف باطلا[4] ومثالها ما نصت عليه المادة 324مكرر1.من القانون المدني كعقد بيع العقارات والعمليات على المحل التجاري .
أما الكتابة كوسيلة إثبات فإنه وإن تخلفت فذلك لا يؤثر على صحة العقد فإذا تم إبرام عقد من العقود غير الشكلية ولم يتم إفراغه بسند رسمي أو عرفي فإن ذلك لا يؤثر على صحة العقد، فيبقى صحيحا إلا أنه يبقى من دون دليل كتابي لإثباته، وبالتالي يصار اللجوء إلى أدلة الإثبات الأخرى لإثبات هذا العقد[5] .
وأخيرا لا بد من الإشارة إلى أنه في العقود الرضائية إذا اشترط المتعاقدان أن يتم كتابة التصرف في سند رسمي أو عرفي وتخلفت هذه الكتابة فإنه لا بد من التمييز بين ما إذا كان القصد من شرط الكتابة هو للإثبات ، فعندها يعتد به كشرط للإثبات وليس للانعقاد انطلاقا من قاعدة أن الأصل في العقود الرضائية [6]

الفرع الثاني:استبعاد الإثبات بالشهادة.

ويكون ذلك في حالتين هما التصرفات القانونية المدنية التي تزيد قيمتها عن 100.000دينار جزائري، والتصرفات غير المحددة القيمة وكذلك في إثبات ما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه الدليل الكتابي ولو كانت قيمة التصرف لا تزيد عن 100.000ألف دينار[7] ونتناول هذا المبدأ في حالتين:
أولا-التصرفات التي تزيد عن 100.000 ألف دينار
وهو ما نصت عليه المادة 333من القانون المدني والمعدلة بموجب القانون 05/10 حيث أنها أخرجت الإثبات بالشهادة في التصرفات القانونية دون التجارية والتي تزيد قيمتها عن ألف 100.000 دينار أو غير محددة القيمة، أما الوقائع المادية فإن الشهادة هي الأصل في إثباتها لأنه يستحيل توقعها لإعداد دليل لإثباتها، ولقيام هذه القاعدة يشترط في الواقعة المتنازع فيها أن تكون تصرفا قانونيا وأن يكون هذا التصرف مدنيا لا تجاريا، وأن تكون قيمة التصرف تزيد عن 100.000الف دينار أو غير محددة القيمة .لكن يبقى التساؤل مطروحا حول مدى تعلق قواعد الإثبات بالنظام العام ما دامت قواعد الإثبات وضعت لحماية الخصوم ويمكن جعل عبء الإثبات على عاتق أحد الطرفين بدل الآخر باتفاقهما كما يمكن التنازل عن هذه الحماية أثناء سير الدعوى وهذا ما جاء به القرار الصادر عن المحكمة العليا([8])الذي أشار إلى أن «وجوب الإثبات بالكتابة إذا زادت قيمة التصرف عن 1000 دج طبقاً لنص المادة 333 من القانون المدني ليست من النظام العام ويجوز للأطراف التنازل عنها صراحةً أو ضمناً بمعنى أنه لا يجوز للقضاة إثارتها من تلقاء أنفسهم» وعليه فإن قرار المحكمة العليا ذهب إلى أن قاعدة وجوب الإثبات بالكتابة ليست من النظام العام يمكن للأطراف مخالفتها.
ثانيا: في إثبات ما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه الدليل الكتابي
وهذه القاعدة معمول بها في جميع التشريعات، وهذا له ما يبرره من الناحية القانونية، لأنه إذا كان المتعاقدان قد عمدا إلى الكتابة فإن ذلك يعني أنهما قصدا بذلك الحصول على دليل أقوى من الشهادة ومن هنا كانت القاعدة في جميع التشريعات أنه لا يجوز مخالفة ما قصد إليه المتعاقدين بإباحة الإثبات بدليل أضعف منه، وهذه القاعدة تنطبق على التصرفات التي لا تزيد قيمتها عن 100.000 ألف دينار .
و ما تجدر الإشارة إليه أن المشرع الجزائري قصر هذه القاعدة على الكتابة الرسمية دون العرفية، حيث جاء في نص المادة 334من القانون المدني (لا يجوز الإثبات بالبينة ولو لم تزد القيمة عن 100.000 ألف دينار فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه مضمون عقد رسمي ، وهو أمر غير مستساغ ولا تقبله القواعد العامة في الإثبات، لأن الكتابة لها نفس الحجية سواء كانت عرفية أو رسمية، والقول خلاف ذلك يهدر قيمة الكتابة وينزل بها من المقام الأول في أدلة الإثبات إلى منزلة الشهادة، ولذلك يبدو أن الكتابة العرفية سقطت سهوا[9]ولم يقصد المشرع بدلك مخالفة قاعدة عامة في الإثبات.

الفرع الثالث: حق الخصوم في مناقشة الأدلة التي تقدم في الدعوى

فلا جدال في أن أي دليل يقدمه الخصم في الدعوى لابد أن يعرض على الخصوم جميعا لمناقشته ،والدليل الذي لا يعرض على الخصوم لمناقشته لا يجوز الأخذ به. ولا يجوز للمحكمة أن تأخذ بدليل نوقش في قضية أخرى ما لم يناقش في القضية القائمة.
وهذا مبدأ جوهري من مبادئ التقاضي[10] حتى لا تبقى الخصومة مجهولة ،وحتى تتكافأ فرص الخصوم في الدعوى .ومن ثم كان للخصم طلب التأجيل للاطلاع على المستندات من خصمه والرد عليها وهذا ما نصت عليه المادة 32 من قانون الإجراءات المدنية[11].وهذه القاعدة تتفرع عليها قواعد أربعة:-حق الخصم في الإثبات ،حق الخصم الأخر في إثبات العكس،لا يجوز لأي خصم أن يصطنع دليلا لنفسه،ولا يجوز إجباره على تقديم دليل ضد نفسه[12].

الفرع الرابع: سريان قواعد الإثبات المعمول بها وقت نشوء التصرف

وبالتالي فان القانون الذي يطبق هو القانون الذي كان ساريا وقت نشوء الحق المراد إثباته،فلو كان هذا القانون يجيز الإثبات بالبينة مثلا،جاز هذا الإثبات حتى ولو كان القانون الجديد وقت رفع الدعوى لا يجيز الإثبات إلا بالكتابة[13]،وفى مجال التصرفات فان القانون الذي كان معمولا به وقت إبرام التصرف هو الذي يسرى على هذا التصرف من حيث شروط صحته ومن حيث شكله ومن حيث طرق إثباته وحجته.

المطلب الثاني: مقارنة بين أدلة الإثبات الكتابية

يمكن التطرق إلى هذه المقارنة من خلال إبراز الفوارق بين المحرر العرفي وكل من المحررين الرسمي والالكتروني، ثم إلى مسالة التعادل الوظيفي بين هذه الأدلة.

الفرع الأول:الفرق بين المحرر العرفي والمحررين الرسمي والالكتروني

أولا:الفرق بين المحرر الرسمي والمحرر العرفي
يختلف المحرر العرفي عن المحرر الرسمي من حيث الشكل والحجية ومن ناحية القوة في التنفيذ.
1/ فمن من ناحية الشكل ، فالمحرر الرسمي يقوم بتحريره من طرف موظف عام أو مكلف بخدمة عامة وفقا للأوضاع المقررة، أما المحرر العرفي فالشرط الوحيد لصحته هو توقيع المدين إذا كان معدا للإثبات، أما إذا لم يكن معدا لذلك فلا ضرورة حتى لهذا التوقيع .
2/ من ناحية الحجية في الإثبات كل من المحرر العرفي والرسمي كما سوف نرى حجة على الكافة من حيث صدورهما ممن وقعهما، إلا أن المحرر الرسمي لا تسقط حجيته في بعض البيانات ا لمدونة أمام الموثق إلا عن طريق الطعن فيه بالتزوير،أما المحرر العرفي فيكفى للطعن في حجيته إنكار الخط أو التوقيع،كما أن تاريخ المحرر الرسمي يعتبر صحيحا للمتعاقدين وبالنسبة إلى الغير إلى حد الطعن فيه بالتزوير،على خلاف تاريخ المحرر العرفي الذي يكون حجة على موقعيها ولا يكون حجة على الغير إلا إذا كان له تاريخ ثابت. 3/من ناحية القوة في التنفيذ:فالمحرر الرسمي يمكن تنفيذه مباشرة دون الحاجة لحكم وذلك وفق نص المادة:320وما يليها من قانون الإجراءات المدنية والمادتين 6و21من قانون التوثيق ، أما المحرر العرفي فليس له أي قوة ،فإذا كان سند الدين ورقة عرفية ورفض المدين تنفيذ التزامه طوعا،فانه لا يمكن إجباره على التنفيذ حتى ولو كان معترفا به،وبالتالي فان الدائن لا يستطيع التنفيذ عليه إلا إذا حصل على حكم قابل للتنفيذ والحكم هو الذي ينفد لا المحرر.
ثانيا:الفرق بين المحرر العرفي والمحرر الالكتروني.
قبل تحديد الفرق لابد من الإشارة إلى أن المشرع الجزائري أعطى للمحررات الالكترونية حجية المحررات العادية في الإثبات وذلك وفق نص المادة 323مكرر1 من القانون المدني،وقد ذهب بعض من الفقه [14] أن المحرر العرفي أو الورقي يختلف عن المحرر الالكتروني في أن هذا الأخير ليس له كيان مادي وبالتالي لا يحمل توقيع يدوى بالإضافة إلى سهولة تعديل محتويات ومضمون المحرر العرفي[15]ويمكن تمييز أهم الفوارق بين المحررات العرفية والالكترونية من زاويتي الكتابة والتوقيع.
ا-الفرق من حيث الكتابة:
لا يشترط في الكتابة العرفية شكل معين أو لغة معينة أو أن تكتب على نوع معين من الأوراق أو لغة معينة على خلاف المحرر الرسمي أما الكتابة في المحررات الالكترونية فهي عبارة عن رموز تتكون ن الحرفين صفر وواحد يتم برمجتها وتنسيقها على الكمبيوتر،بحيث تتم الكتابة بواسطة هذه الرموز ويعبر كل منها ووفق العدد الذي تكتب به عن كلمة معينة ويتمكن الجهاز من قراءتها وتحويرها إلى لغة مكتوبة تكون محفوظة على دعامة فكما لا تشترط في الكتابة أن تكون على الورق فيمكن أن تكو ن على حجر أو دعامة أو قرص ممغنط.
ب-الفرق من حيث التوقيع:
لم تتطرق مختلف التشريعات إلى تعريف التوقيع التقليدي بالرغم من أهميته في الإثبات واهم ميزة في هذا الأخير هي أن يكون مباشرا أي يجب أن يقوم من نسب إليه التوقيع بمباشرته ووضعه على المحرر بنفسه فإذا تضمن المحرر وقائع تتعلق بشخص ما ثم جاء التوقيع باسم شخص آخر فان التوقيع لا يعد مباشرا في هذه الحالة ولا يعتد به،على خلاف المحرر الالكتروني فيمكن إنابة شخص بالتوقيع شرط علمه بالرقم السري لهذا التوقيع.[16]ولكن رغم هذا الفرق .هل المحرر الالكتروني محرر غير عرفي على الإطلاق؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل تتضح بقراءة المادة323مكررمن القانون المدني التي أعطت للمحررات الالكترونية حجة المحررات العادية مما جعلنا نتساءل عن قصد ونية المشرع من ذلك أي هل لها حجية المحررات العرفية التقليدية أم المحررات الرسمية وقد خلصت من خلال استقرار أراء الفقه إلى اعتبار المحرر الالكتروني محرر عرفي وذلك لاعتبارين فمن جهة لا يمكن أن يصح هذا الأسلوب الإلكتروني في الحالات التي يتطلب فيه القانون الكتابة كشرط للانعقاد التصرف التي تستلزم التوثيق وحضور الأطراف أمام الموثق ومن جهة أخرى فالأخذ بالطابع الرسمي وإحداث جهة تقوم بتوثيق هدا النوع يتعارض مع المنطق والواقع لان التصرفات في ها الإطار غالبا ما تتم بين غائبين ودلك بتبادل الرسائل والبرقيات عبر البريد الإلكتروني ،هداما يستبعد قيمة المحرر الالكتروني كمحرر رسمي واعتبارها مطابقة لقوة المحرر العرفي التقليدي.

الفرع الثاني:مسألة تنازع المحررات الكتابية:

لم يتطرق المشرع الجزائري إلى هذه المسالة وان كانت أقوى المحررات في الإثبات هي المحررات الرسمية فهي حجة على الكافة ،على خلاف المحررات العرفية التي تسقط حجيتها كما سوف نرى إذا أنكرها من صدرت منه وسبب قوة المحررات الرسمية في أنها تستمد حجيتها من الموظف الذي يقوم بتحريرها ،والذي لا يمكن الطعن في صدقه وثقته، لذلك وضع المشرع التزوير الوسيلة الوحيدة للطعن في المحررات الرسمية التي يقوم بتحريرها .
ويطرح هذا الإشكال أكثر بالنسبة لتنازع المحرر العرفي مع المحرر الالكتروني على اعتبار أن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى هذه النقطة على خلاف المشرع الفرنسي الذي تطرق إلى ذلك عند تعديله لنص المادة من القانون المدني 1316وادخاله وسائل الإثبات الحديثة فأعطى للقاضي سلطة التقديرية للبث في المنازعات المتعلقة بقوة الدليل الأكثر مصداقية سواء أكانت ورقية أو الكترونية وعلى ذلك فيمكن للقاضي الجزائري الاستعانة بالقانون المقارن وعلى وجه الخصوص القانون الفرنسي في حالة ما عرض عليه النزاع فيما يخص هذه المسالة .

المبحث الثاني:

مفهوم المحررات العرفية

السندات العرفية كما سبق القول نوع من أدلة الإثبات الكتابية يحررها الإطراف بمعرفتهم وقد جرى التعامل فيها مابين الأفراد حتى في بعض التصرفات التي يشترط فيها القانون شكلية معينة لذلك مر المحرر العرفي في مجال الإثبات بعدة مراحل انعكست على قوته وحجيته وذلك بسبب انتقال المشرع الجزائري من مبدأ الرضائية إلى الشكلية في بعض التصرفات، وقبل الانتقال إلى حجية المحرر العرفي عبر هذه المراحل المختلفة وموقف القضاء منها ارتأيت تحديد المحرر العرفي وذلك من خلال تحديد تعريفه وخصائصه في مطلب أول شروطه وأنواعه في مطلب ثان.

المطلب الأول:تعريف المحرر العرفي وخصائصه.

ويمكن تقسيمه إلى فرعين الأول تعريف المحرر العرفي والثاني خصائص المحرر العرفي.

الفرع الأول:تعريف المحرر العرفي:

لم يتطرق المشرع الجزائري إلى تعريف المحرر العرفي على خلاف المحرر الرسمي الذي تطرق إليه في المادة 324من القانون المدني التي تنص )العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة.........( فبمفهوم المخالفة فان المحرر العرفي هو الذي يحرر من غير الأشخاص المذكورين وقد عرف الفقه المحرر العرفي اعتمادا على القائم بتحريره على انه)سند معد للإثبات يتولى تحريره وتوقيعه أشخاص عاديون بدون تدخل الموظف ( [17]كما عرف أيضا في نفس السياق على انه) كل محرر غير رسمي لم يتدخل في تحريره موظف عام ما بحكم وظيفته([18] وقد يكون المحرر العرفي محرر من قبل الأشخاص المحددين بالمادة السالفة الذكر أو من طرفهم لكن خارج أداء مهامهم وهذا ما أكدته المادة 326 مكرر2من القانون المدني )يعتبر العقد غير الرسمي بسبب عدم كفاءة وأهلية الضابط العمومي أو انعدام الشكل كمحرر عرفي إذا كان موقعا من قبل الأطراف ،وقد تكو ن المحررات العرفية معدة مسبقا للإثبات لذلك فهي موقعة وجوبا ممن يحتج بها عليه وهى ما اصطلح عليه بالسندات العرفية،و قد لا تكون معدة مهيأة مسبقا للإثبات ففي هده الحالة تستمد حجيتها من القانون الذي يرتقى بها إلى مرتبة أدلة الإثبات،وقد تكون هذه المحررات موقعة من طرف من يحتج بها عليه كالرسائل والبرقيات وقد لا تكون موقعة من طرفه كالدفاتر التجارية والدفاتر والأوراق المنزلية والتأشير على سند ببراءة ذمة المدين.

الفرع الثاني:خصائص المحرر العرفي

من خلال التعريف السابق الذكر يمكن ذكر أهم الخصائص التي يتميز بها المحرر العرفي وهى:
أولا: انعدام الرسمية : يتميز المحرر العرفي بخاصية أساسية وهى انعدام الرسمية في إنشائها فعلى خلاف المحرر الرسمي فان الأفراد العاديين هم الذين يتولون تحرير وصياغة وإعداد المحرر العرفي ولا دخل لأي موظف رسمي في ذلك لذلك لا يتوفر على ضمانات كافية ،ومع ذلك فان الناس كثيرا ما يلجئون إلى هده الوسيلة للمحافظة على حقوقهم نظرا لما تتميز به من سرعة التحرير وسهولة الإعداد ونقص في التكاليف.
ثانيا: عدم اشتراط إجراءات معينة :كما يتميز المحرر العرفي بانعدام الرسمية وذلك لتحريره من أشخاص عاديين ،فمن باب أولى و طبقا لمبدأ التراضي لا يشترط لصحته افتراض مراعاة أوضاع وإجراءات إلا على سبيل الاستثناء كالتاريخ ومكان تحرير الأوراق التجارية .كما لا يشترط
أن تكو ن الكتابة باللغة العربية وذلك على خلاف المحرر الرسمي [19]

المطلب الثاني: شروط المحررات العرفية وأنواعها

بعدما تطرقنا إلى مفهوم المحرر العرفي ننتقل إلى تحديد شروطه واثر تخلفه لكي يتسنى الإلمام أكثر بهذه المحررات ونتناول في هذا المطلب في فرعين الأول يتعلق بشروط المحررات العرفية والثاني بأنواع المحررات العرفية.

الفرع الأول: شروط المحرر العرفي

وتتمثل هده الشروط في الكتابة والتوقيع.
أولا - الكتابة:يشترط في المحررات العرفية الكتابة التي تدل على الغرض التي أعد من اجله هذا المحرر والكتابة بخصوص المحرر العرفي تنقسم إلى كتابة مادية وهى الكتابة التقليدية أو على الورق والكتابة الالكترونية وتكون على وسائط ودعائم.
ويشترط في الكتابة أن تكون تدل على الغرض الذي أعدت من اجله ،أي أن تكون الكتابة واردة على الواقعة التي عد هذا المحرر دليلا عليها،وقد يتولى الإطراف بأنفسهم تحرير هذه المحررات،وغالبا ما يعهد بتحريرها إلى شخص اجني عن طرفي العقد عادة ما يكون كاتب عمومي.
ويستوي الأمر في أن تكون الكتابة بخط اليد أو عن طريق آلة راقنة، وباللغة العربية أو بأي لغة أخرى [20]على خلاف المحرر الرسمي الذي يشترط في تحريره اللغة العربية ووفق شكليات محددة،وذكر التاريخ ليس ضروري في المحرر العرفي وإنما يشترط التاريخ الثابت للاحتجاج بالورقة العرفية إزاء الغير ،مع أن بعض المحررات يشترط فيها ذكر التاريخ لأنه يلعب دورا كبيرا في المعاملات التجارية كالسفتجة والشيك والسند لأمر.
كما لا يشترط ذكر مكان تحرير المحرر إلا في حالات استثنائية في الأوراق التجارية السابقة الذكر وذلك لما له من أهمية في تحديد الاختصاص وكذلك من حيث تنازع القوانين.
وقد تطرق المشرع الجزائري من خلال التعديل الأخير للقانون المدني إلى نوع جديد من الكتابة هي الكتابة الالكترونية و التي نص عليها في المادة323مكررمن القانون المدني والتي عرفها بأنها.) ينتج الإثبات بالكتابة من تسلسل حروف أو أوصاف أو أرقام أو أية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم ،مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها وكذا طرق إرسالها (أي أن الكتابة تعبير و إفصاح عن واقعة قانونية مهما كانت اللغة التي كتبتها سواء الآلة الناسخة أو الكمبيوتر.
ثانيا-التوقيع: التوقيع هو الشرط الأساسي و الجوهري لوجود السند العرفي ،وهو الذي يدل صدور المحرر من موقعه ما لم يطعن فيه بالإنكار[21] ويتميز التوقيع بالطابع الشخصي لذلك لا يمكن إعطاء أي قيمة للتوقيع إلا إذا كان صادرا ممن ينسب إليه،ومن ثم فالوكيل لا يستطيع أن يوقع باسم موكله ولو تلقى تعليمات في ذلك وإنما يجب أن يوقع باسمه الشخصي وبصفته نائبا عن موكله.
والمشرع الجزائري لم يعرف التوقيع ولم يحدد شكله أو شروطه وقد كان يقصر التوقيع على الإمضاء وذلك وفق نص المادة327 من القانون المدني.التي نصت )يعتبر العقد العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة من خط أو إمضاء( وكان يستبعد التوقيع بالختم وذلك خشية ضياعه واستعماله على وجه غير شرعي ،غير انه بتعديل القانون المدني وسع المشرع من نطاق التوقيع بل ترك ذلك مفتوحا لإرادة الطرفين حيث تنص المادة 327مكرر) يعتبر العقد العرفي صادرا ممن كتبه أو وقعه أو وضع عليه بصمة إصبعه .... ( ومن ثم نقول انه يمكن التوقيع على المحرر بالإمضاء أو بوضع الختم أو بأي وسيلة تدل على ذلك.
كما أضاف المشرع التوقيع عن طريق البصمة وهذا أمر تقتضيه عدة مبررات كانتشار الأمية في أوساط المتعاقدين لان التوقيع بالبصمة هو أكثر أمانا وضمانا من التوقيعات الأخرى وذلك لاختلاف الخلق في بصماتهم[22] .
كما ا ضاف المشرع من خلال التعديل الأخير للقانون المدنى05/10المؤرخ في: 20 جوان2005 التوقيع الالكتروني حيث نصت المادة327من القانون المدني )يعتد بالتوقيع الالكتروني وفق الشروط المذكورة في المادة 323مكرر1على أن يكو ن لهدا التوقيع نفس التوقيع اليدوي على الورق إذا توافرت فيه الشروط المذكورة في المادة 323مكرر1 السابقة الذكر وهى:إمكانية تحديد الشخص المنسوب إليه المحرر بصورة قاطعة وحفظ التوقيع الالكتروني بصفة تضمن سلامته وفى الأخير ما يجدر التساؤل حوله هو هل كل المحررات العرفية يشترط فيها التوقيع وان كان الأمر كذلك فما هو اثر تخلف هذا التوقيع ؟ هدا ما نحاول الإجابة عليه في الفرع التالي .
ثالثا: اثر تخلف التوقيع
يمكن تمييز اثر توقيع المحرر العرف لكل من السند العرفي والمحررات العرفية الغير معدة للإثبات.
أ:بالنسبة للمحرر العرفي المعد للإثبات
إن التوقيع كما تقدم هو الشكلية الأساسية اللازمة لصحة المحرر العرفي لأنه هو وحده الذي يدل على وجود الرضا لإنشاء أي تصرف وبدون تلك الشكلية فليس هناك ما يدل على وقوع التراضي ،ومن ثم فان الورقة تعتبر باطلة كسند عرفي للإثبات، غير أنه لا يجوز الخلط بين الورقة العرفية الموقعة كدليل كامل للإثبات وبين التصرف الذي تضمنته بحيث إذا كانت([23]) الورقة لا تقوم لها قائمة كدليل إثبات في حالة خلوها من التوقيع فإن ذلك لا يستتبع عدم وجود التصرف الرضائي الذي يصح إثباته بما يقوم مقام الكتابة من إقرار أو يمين حاسمة.[24]
ومع ذلك فيجوز للقاضي أن يستخلص من سند عرفي غير موقع عليه بداية ثبوت بالكتابة إذا تأكد من مضمون الورقة العرفية أو من خط الطرف الذي يحتج عليه بالسند أو من إنشائه أو صياغته.
ب:بالنسبة للمحررات العرفية الغير معدة للإثبات
ويجب التمييز في هذه المحررات بين المحررات العرفية الموقع عليها والمحررات الغير الموقع عليها،فبالنسبة للأولى وهى الرسائل والبرقيات فقد اشترط المشرع فيها التوقيع لتكون كما سوف نرى لها حجية الدليل العرفي الكامل أما إذا افتقدت هذه المحررات للتوقيع فتصبح كما سبق القول مبدأ ثبوت بالكتابة [25].
أما بالنسبة للمحررات غير موقع عليها فهي في الأصل تأخذ مبدأ ثبوت بالكتابة ولا ترتقي إلى الدليل الكامل.
وما نخلص إليه في الأخير أن التوقيع هو الذي يعطى للمحررات العرفية قوة الدليل الكامل فإذا تخلف التوقيع في المحررات الموقعة أو لم يوجد في الأصل كما في المحررات الغير موقع عليها كدفاتر التجار والدفاتر المنزلية والتأشير ببراءة الذمة تصبح هذه الأوراق كمبدأ ثبوت بالكتابة فيمكن تكملته بالبينة والقرائن إذا توافرت الشروط المقررة لذلك.أو باليمين المتممة في بعض الحالات[26].

الفرع الثاني:أنواع المحررات العرفية

بعدما تطرقت في المطلب السابق إلى مفهوم المحرر العرفي وخصائصه لابد من التطرق إلى أنواع هذه المحررات لتتوضح الصورة أكثر ومن خلال ما تقدم يمكن تقسيم أنواع المحررات العرفية من عدة جوانب ،الجانب الأول وهو التقسيم التقليدي أو الشائع ،كما إن السندات والمحررات العرفية الغير معدة للإثبات تنقسم كذلك إلى عدة تقسيمات .
- أولا:التقسيم التقليدي للمحررات العرفية
فمن ناحية التسمية فان الالتباس في ترجمة كلمة (acte)أدى إلى الخلط مابين التصرف القانوني وأداة إثباته فأطلقت كلمة عقد على التصرف في حد ذاته ثم استعملت كلمة عقد على أداة إثباته فقيل عقد عرفي لذلك يمكن التفريق بين المحررات العرفية من خلال ثلاثة ألفاظ هي: المحرر,السند,الورق [27].
- ا: فتطلق كلمة المحرر على الدليل الكتابي عموما سواء كان معدا للإثبات أو ليس كذلك كالأوراق العادية وهذا التقسيم هو الذي اعتمدته في دراسة الموضوع .
ب:أما مصطلح السند فتطلق على المحرر المعد سلفا للإثبات فنقول السند العرفي و السند الرسمي والسند الالكتروني.
- ج:أما كلمة الورقة فتطلق على بقية أدلة الإثبات مثل الرسائل والبرقيات والدفاتر التجارية التي لم تعد مسبقا للإثبات كما سبق القول.
أما من حيث موقع هذه المحررات من أدلة الإثبات فان كل من المحررات العرفية تعتبر من أدلة الإثبات الكتابية إلا أنها تتنوع من حيث تهيئته للإثبات إلى محررات مهيأة مسبقا للإثبات (preuve préconstituéesومحررات غير مهيأة سلفا(preuve casuelles)فالمحررات الأولى هي التي أعدها صاحب الشأن مقدما للإثبات لذلك تسمى الكتابة في هذه الحالة سندا(acte)لأنها أعدت لتكون دليلا يستند إليه عند قيام النزاع .
والمحررات غير مهيأة مقدما قد تصبح دليلا مهيأ رغم انه في الأصل لم تهيأ لان تكون دليل للإثبات وذلك كدفاتر التجار وعليه يمكن تقسيم المحررات العرفية إلى محررات عرفية معدة سلفا للإثبات ومحررات غير معدة سلفا للإثبات وكل من هذه ينقسم بدوره من عدة زوايا.
- ثانيا :أنواع المحررات العرفية المعدة للإثبات (السندات العرفية)
وهذه الأخيرة تنقسم من عدة نواحي من حيث الشخص القائم بتحريرها ومن حيث شكله وطرق تحريرها.
- ا : فمن حيث الشخص القائم بتحريرها فهناك المحررات العرفية التي يحررها الأشخاص بأنفسهم . وهناك المحررات العرفية التي يحررها الموثق.
- ا1:المحررات التي يحررها الأشخاص بأنفسهم : فعلى خلاف المحرر الرسمي الذي يحرره أشخاص محددين في القانون فان السند العرفي وطبقا لمبدأ سلطان الإرادة يمكن للأشخاص العاديين تحريره بأنفسهم أو بواسطة الغير .
- ا2:السندات العرفية التي يحررها الموثق: وهى بدورها يمكن تقسيمها إلى سندات باطلة وسندات صحيحة .
- ا12السندات الباطلة:(تحول المحرر الرسمي إلى محرر عرفي )
إذا توافرت شروط المحرر الرسمي المنصوص عليهاأركان التصرفة 324 من القانون المدني أصبح حجة بما فيه اتجاه إطرافه وبالنسبة للغير،غير انه إذا اختل شرط من شروط صحته ترتب على ذلك بطلان هذا المحرر ،على انه يجب التمييز بين الورقة العرفية التي تثبت التصرف والتصرف القانوني في حد ذاته،فإذا كان المحرر الرسمي باطلا فلا يؤدى ذلك بالضرورة إلى بطلان التصرف الذي يحميه ،فيصبح إثباته بطريق أخر غير الكتابة ،ومن باب أولى قد يصح إثباته بالمحرر الرسمي إذا صح كمحرر عرفي وهذا ما نصت عليه المادة 324 مكرر2على انه(يعتبر العقد الغير الرسمي بسبب عدم كفاءة أو أهلية الضابط العمومي أو انعدام الشكل كمحرر عرفي إذا كان موقعا عليه من قبل الإطراف( وبالتالي يصبح المحرر الرسمي في حالة بطلانه له قوة المحرر العرفي ما إذا موقعا من ذوى الشأن.أما إذا كانت الرسمية اللازمة للمحرر ركن من أركان التصرف في حد ذاته فان تخلفها يجعل المحرر الرسمي في حكم العدم [28]لكن السؤال الذي يطرح هل كل المحررات التي يحررها الموثق رسمية ؟
22 المحررات الصحيحة)عقد اللفيف(: إن عقد اللفيف هو محرر عرفي بالرغم من انه محرر من طرف الموثق، وهدا ما كرسته المحكمة العليا في عدة قرارات جاء فيها: )من المقرر أن اللفيف هو عقد عرفي يحرر أمام الموثق يثبت فيه تصريحات الأطراف والشهود فقط ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد منعدم الأساس القانوني[29].
ولما كان الثابت في قضية الحال أن كلا من العقدين المقدمين للمحكمة عرفيين ومن ثم فإن قضاة الموضوع بأخذهم باللفيف واعتباره عقد رسمي دون توفره على الشروط المنصوص عليها قانونا خرقوا القانون(
- وفى قرار أخر)حيث أن العقد المؤرخ 13/10/1985 ليس عقدا رسميا رغم تحريره بواسطة موثق لأنه اكتفى بقيد اتفاق الأطراف فقط ولم يتم تسجيله أو شهره وليس له رقما تسلسليا ولا يحمل رقم الفهرس لهذا فالأمر يتعلق بمجرد عقد لفيف يعتبر بمثابة عقد عرفي[30](.
وعليه فإن عقد اللفيف الذي يعد عقدا عرفيا على الرغم من تحريره من قبل الموثق .
- ب: من حيث طريقة تحرير هده المحررات:
فرغم أن القانون لم ينص على شكلية معينة للمحرر إلا انه يمكن التمييز من حيث طريقة تحرير ها بين المحررات العرفية العادية التي لا يشترط تحريرها وفق نموذج معين ،والمحررات العرفية المطبوعة التي تتخذ نموذج معين في تحريرها كالاستمارات والمطبوعات التي تحررها مؤسسات التامين ،وفى الميدان التجاري نجد الأوراق التجارية مثل الشيك والسفتجة فهي تعتبر محررات عرفية نموذجية.
- ثالثا:أنواع المحررات العرفية الغير معدة للإثبات.
إن أهم تقسيم للتمييز بين هده المحررات هي أنها تنقسم إلى محررات عرفية غير معدة للإثبات وموقعة من الشخص الذي يحتج بها عليه كالرسائل والبرقيات، والمحررات العرفية الغير معدة للإثبات والغير موقع عليها وتتمثل في الدفاتر التجارية والأوراق المنزلية وأوراق التأشير ببراءة الذمة .

الفصل الثاني:

حجية المحررات العرفية في الإثبات وأسباب انقضائها

بعدما تطرقت إلى تحديد مفهوم المحرر العرفي وموقعه من أدلة الإثبات الكتابية أتطرق في هذا الفصل إلى حجية هذه المحررات في إثبات الوقائع والتصرفات والإشكالات التي تطرحها ،فللمحرر العرفي حجية فيما بين طرفي العقد وبالنسبة للغير،أما المحررات العرفية الغير معدة للإثبات فغالبا ما يحتج بها بين طرفي العقد ،غير أن هذه الحجية قد تنهار بالطعن في هذه المحررات بصفة مؤقتة لحين فصل المحكمة في صحتها وقد تنهار أو تسقط نهائيا وذلك في حالة تخلف شرط ضروري لصحة المحرر العرفي ،وقد يتأثر المحرر بالتصرف الذي يحميه لمخالفة هذا الأخير للشكل أو للنظام الذي يقتضيه القانون لذلك يمكن معالجة هذا الفصل من خلال مبحثين الأول يتعلق بحجية المحرر العرفي في الإثبات 'أما المبحث الثاني فيتعلق بأسباب انقضاء حجية المحرر العرفي.

المبحث الأول:

حجية المحرر العرفي في إثبات الوقائع والتصرفات

يمكن تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين الأول يتضمن حجية المحرر العرفي مابين المتعاقدين، وفى مطلب ثان حجية هده المحررات بالنسبة للغير على اعتبار وكما سبق القول أن التصرف يعتبر
واقعة مادية بالنسبة للغير.

المطلب الأول:حجية المحررات العرفية مابين المتعاقدين

ويمكن دراسة هده الحجية من خلال المحررات العرفية المعدة للإثبات والمحررات العرفية الغير معدة للإثبات.

الفرع الأول:المحررات العرفية المعدة للإثبات) السندات العرفية(

أولا:حجية السندات العرفية التقليدية
كما سبق القول فان المحررات العرفية المعدة للإثبات أو السندات العرفية قد أعدت سلفا كدليل إثبات، لذلك فهي موقعة ممن هو حجة عليه من حيث صدورها منه، وكذلك من حيث البيانات والوقائع المتضمنة بالسند.
- ا:حجية المحررات من حيث مصدرها.
تنص المادة 327 من القانون المدني )يعتبر العقد العرفي صادرا ممن كتبه أو وقعه أو وضع عليه بصمة أصبعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه .أما ورثته أو خلفه فلا يطلب منهم الإنكار ويكفى بان يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون أن الخط والإمضاء أو البصمة هو لمن تلقوا منه هذا الحق ( فطبقا لنص المادة السالفة الذكر فان المحرر لا يكون له حجة إلا إذا لم ينكره الشخص المنسوب إليه إنكارا صريحا ،أي أن تحديد مصدره موقوف على اعتراف من وقعه بصحة هذا التوقيع وذلك بعدم إنكاره [31] حيث جاء في قرار المحكمة العليا ( من المقرر قانونا أن العقد يتم بمجرد تبادل الطرفان التعبير عن إرادتيهما و من المقرر أيضا أن العقد العرفي يعتبر صادرا ممن وقعه ما لتم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه،ومن ثم فان النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه في غير محله، ولما كان الثابت في قضية الحال أن الطاعن لا ينكر اتفاقه مع مطلقته باقتسامه المنزل الزوجي معها والزوجية قائمة بينهما طبقا للعقد
-ب: حجية المحرر العرفي من حيث صحة البيانات والوقائع الثابتة فيه.
إذا ثبت صدور أو مصدر المحرر العرفي من الشخص المنسوب إليه سواء باعترافه به أو لثبوت ذلك بعد الإنكار كان للمحرر حجية من حيث مضمونة غير أنه لابد من التمييز بين ثبوت نسبة التوقيع للموقع ومضمون المحرر نفسه فبالنسبة لصحة الوقائع هل هي جدية أو صورية كان مجرد ذكرها بالمحرر قرينة على أنها صحيحة وهذه القرينة يجوز دحضها بإثبات العكس[32]
و لصاحب التوقيع أن يثبت صوريتها ،لكن يشترط في هذه الحالة يجب التقييد بقواعد الإثبات بحيث أنه لا يجوز إثبات ما يخالف أو يجاوز الكتابة إلا بالكتابة ، وفي هذه الحالة لا يكفي الإنكار لدحض حجية مضمون المحرر[33]
-ج : حجية صورة الورقة العرفية
على خلاف صور المحررات الرسمية التي لها قوة متفاوتة في الإثبات رغم أنها لا تحمل توقيع من صدرت منه و ذلك لان صورة المحرر الرسمي هي أيضا يقوم بتحريرها موظف عمومي ،أما صورة الورقة العرفية فليست لها حجية أو قيمة إلا بمقدار مطابقتها للأصل إذا كان موجودا فيرجع إليه كدليل إثبات [34] وفى الأصل ليس لصورة المحرر العرفي أي قيمة في الإثبات ولو كمبدأ ثبوت بالكتابة [35] فهي لا تحمل توقيع من صدرت منه ، أما إذا كانت الصورة مكتوبة بخط يد المدين فيمكن اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة[36]
- ثانيا:حجية المحرر الالكتروني.
لقد تطرقت فيما سبق أن المحرر الالكتروني هي محررات عرفية مما يثور التساؤل عن قيمة هذه المحررات في الإثبات وهل تعادل حجية المحرر العرفي في الإثبات أم لا ؟
فإذا نظرنا من ناحية حجية المصدر فان التوقيع الالكتروني يكون أقل خطورة من حيث التوقيع،لأنه يتم بشكل آلي وذلك في كتل مرة عند استخدام الرقم السري أو المفتاح الخاص[37] وقد أثيرت عدة إشكالات في هذا الجانب من المحررات مقارنة بالمحرر العرفي وذلك لعدم وجود الحضور المادي للموقع على خلاف التوقيع التقليدي ، مما أدى بالباحثين في هذا المجال إلى وضع حل تقني أو يسمى تقنية hachage irréversible والتي من خلالها يتم تحويل المحرر الالكتروني مضمنا بالتوقيع إلى معادلة رياضية لا يمكن فهمها ولا قراءتها
إلا بالمفتاح الخاص الذي يتم تسليمه إلى الطرف الآخر المتعاقد معه وذلك بالاستعانة بجهات التوثيق الالكترونية والمرخص لها القيام بهذه الوظيفة، حيث تقوم بمنح شهادات بصحة التوقيع الالكتروني وذلك بعد التحقق من شخصية الأطراف المتعاقدة وإتباع وسائل الأمان التقنية التي تضفي حماية وسرية لهذا التوقيع.([38])
و بالنسبة للمحررات الإلكترونية الخالية من التوقيع أو التي تحتوى توقيعات غير صحيحة فيمكن أن تصلح هذه المحررات كمبدأ ثبوت بالكتابة إذا كانت صادرة ماديا ومعنويا من الخصم الذي يراد الاحتجاج بها عليه و كان من شأنها أن تجعل الحق المدعي به قريب الاحتمال ، مثال ذلك الرسائل المتبادلة عبر البريد الإلكتروني و المواقع على شبكة الانترنت ، و على صعيد المعاملات التجارية يعتمد بتلك الرسائل كوسيلة للإثبات و لو لم تحمل توقيع صاحبها.
كما تجدر الإشارة أن مجرد التعرف على صاحب الرسالة أو إدخال رقم بطاقة الدفع الخاصة بالمتعامل عبر الانترنت لا يقوم بنفس الدور الفعلي للتوقيع ، ومن ثم لا يحظى التصرف غير الموقع بالأمان الكافي في الإثبات [39].
أما بالنظر إلى مضمون المحرر الالكتروني فهي تطرح إشكالات أكثر تعقيدا وذلك بالنظر إلى التقنية المستعملة في كتابة المحرر،وما تضفى عليه من قوة أو ضعف لهذا المحرر الالكتروني [40] بحيث في بعض التقنيات المستعملة يمكن تعديل ما هو مدون بالمحرر ومن هنا فالمحرر العرفي يخضع للسلطة التقديرية للقاضي وبما أن تحديد التقنية المستعملة في المحرر الالكتروني هي مسألة فنية فمن المستحسن على القاضي الاستعانة بأهل الخبرة في هذا المجال.

الفرع الثاني:حجية المحررات العرفية الغير معدة للإثبات

كما سبق القول تنقسم المحررات العرفية إلى محررات عرفية أعدت مقدما لتكون دليلا للإثبات وبالتالي فهي بالضرورة موقعة ممن هي حجة عليه والنوع الثاني محررات عرفية غير معدة للإثبات وما يميز هذه الأخيرة عن السندات العرفية ، وإن كانت تحتوي على الدليل إلا أن هذا الدليل عارض ويستمد حجيته على خلاف المحررات العرفية المعد للإثبات من نص القانون ،كما توجد ضمن هذه المحررات الغير معدة للإثبات محررات موقع عليها كالرسائل والبرقيات ومحررات غير موقع عليها .
أولا :المحررات الموقع عليها
وتتمثل هذه المحررات في الرسائل والبرقيات إذ تنص المادة 329 )تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الوراق العرفية ،وتكون للبرقيات هذه القيمة أيضا إذا كان أصلها في مكتب التصدير موقع عليها من مرسلها ،وتعتبر البرقية مطابقة لأصلها حتى يقوم الدليل على عكس ذلك (لذلك نتطرق إلى حجية كل من الرسائل والبرقيات .
-ا - الرسائل:
ونصصت عليها الفقرة الثانية من المادة 329 والتي تنص على )أن تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية ،من حيث الإثبات ( ومن خلال استقراء المادة السالفة الذكر يمكن دراسة حجية الرسائل في الإثبات من خلال نقطتين الأولى تتعلق بشروط التمسك بالرسالة كدليل إثبات ثم إلى حجية هذه الرسائل .
-ا-1: شروط التمسك بالرسائل في الإثبات :
نصت المادة 328 على ضرورة توفر شرطين على غرار المحررات العرفية في الرسائل لكي تكون دليلا في الإثبات وهما الخط والتوقيع لذلك كان من الأنسب والحل كذلك أن تنسب الرسالة من حيث الإثبات إلى المحرر العرفي فبالرغم أنها غير معدة مسبقا لذلك ،وغني عن البيان أن هذان الشرطان كافيان لقبول الرسائل كدليل إثبات .
شرط لمشروعية
الشرط الثاني وهو الشرط الأكثر أهمية وهو يخضع للسلطة التقديرية للقاضي وهو أن يكون المرسل إليه الذي يمسك بهذه الرسالة قد تحصل عليها بصفة مشروعة كما لا يكون في هذه مضمون هذه الرسالة انتهاك لحرمة السرية فإذا كانت هناك سرية تنتهك ،وأعلم المرسل إليه بذلك فلا يجوز لهذا الأخير استعمالها وفي حالة أمر المرسل إليه على استعمالها فيجوز للمرسل الرجوع عليه بالتعويض.
-ا-2 حجية الرسائل في الإثبات
لقد نصت المادة 329 فقرة أولى أن تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية الموقع عليها من حيث الإثبات متى كانت الرسالة موقع عليها طرف المرسل وحتى لو لم تستوفي شرطا جوهريا وهو أنها لم تعد مقدما للإثبات وبالتالي أصبحت للرسائل قوة الدليل الكتابي الكامل فهي حجة من حيث صدورها منه ولا يمكن الطعن فيها إلا بالإنكار كما سبق القول ، وهي أيضا حجة على المرسل من حيث البيانات والوقائع المتضمنة بالرسالة إلى أن يثبت العكس وفق القواعد المقررة ومبدأ لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة أو ما يجاوزها إلا بالكتابة كما أنها أيضا حجة على المرسل من حيث قيام التصرف القانوني باعتباره تعاقد بين غائبين ،كما أن لهذا المرسل الطعن في هذا التصرف بجميع الدفوع الموضوعية والشكلية كما في المحررات العادية.
وينتقل الحق إلى الورثة بجواز تقديم الرسائل كدليل إثبات وذلك بنفس الحدود التي كان للمرسل إليه استخدامها وبذات القيود المتعلقة بالمشروعية وعدم انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمرسل[41]
-ب-:البرقيات
نصت على حجية البرقيات الفقرة الثانية من المادة 329كما يلي )تكون للبرقيات هذه القيمة أيضا إذا كان أصلها المودع في مكتب التصدير موقع عليه من طرف مرسلها، وتعتبر البرقية مطابقة لأصلها حتى يقوم الدليل على عكس دلك.وإذا تلف أصل البرقية فلا تعتبر نسختها إلا لمجرد الاستئناس)
إن الحكمة من إعطاء البرقية قيمة الدليل العرفي المعد للإثبات هو أن البرقية تتكون من أصل وصورة ، فالأصل يكتب بخط يد المرسل ويوقع بتوقيعه ويحفظ لدى دائرة البريد ويقوم موظف البريد بإرسال صورة منه إلى المرسل إليه وبالتالي تكون النسخة المرسلة منه ليست دليلا كاملا في الإثبات إلا إذا تطابقت مع الأصل المودع في البريد الموقع من المرسل[42] فإذا أنكرها المرسل ،يطلب الأصل ويطابق مع الصورة ،فإذا لم يكن الأصل موقعا من طرف المرسل أو إذا لم تتطابق الصورة مع الأصل الموقع عليه فعندها لا يكون للبرقية حجة في الإثبات ،أما إذا تطابقت الصورة مع الأصل المودع في البريد الموقع عليه ،عندها تكون للبرقية حجة في الإثبات أي قوة السند العادي سواء من حيث صدورها من المرسل ،أو من حيث صحة الوقائع الواردة بها ، إضافة إلى دلك يمكن اعتبار التاريخ الوارد على البرقية تاريخ ثابت لوجود ختم مكتب البريد عليها[43].
ثانيا:المحررات العرفية الغير موقع عليها
هذه المحررات رغم أنها تلتقي مع المحررات السابقة الذكر في أنها غير معدة سلفا في كدليل إثبات ،إلا أنها تختلف عليه في أنها غير موقعة من الطرف الذي يحتج بها عليه ،وتتمثل هذه المحررات في الدفاتر التجارية والأوراق المنزلية والتأشير ببراءة ذمة المدين.
- ا :دفاتر التجار
تنص المادة 330 من القانون المدني )دفاتر التجار لا تكو ن حجة على غير التجار عندما تتضمن بيانات تتعلق بتوريدات قام بها التاجر يجوز للقاضي توجيه اليمين المتممة إلى احد الطرفين فيما يمكن إثباته بالبينة .وتكون دفاتر التجار حجة على هؤلاء التجار ،وإذا كانت هده الدفاتر منتظمة فلا يجوز لمن يريد استخلاص دليلا لنفسه أن يجزى ما ورد فيها واستبعاد ما هو مناقض لدعواه (
باستقراء المادة السالفة الذكر يمكن أن نستخلص أن الدفاتر التجارية تكون حجة للتاجر وقد تكون حجة عليه .
ا -1- فاتر التجار حجة للتاجر :على خلاف مبدأ لا يجوز أن يصطنع الشخص دليلا لنفسه ،فانه يجوز للتاجر أن يحتج بدفاتره التجارية ولتطبيق هده القاعدة يشترط في الخصم المتمسك ضده بالدفاتر التجارية أن يكون تاجرا على اعتبار أن كلا التاجرين ملزمين بمسك الدفاتر التجارية ،كما يشترط كذلك أن تكون الدفاتر التجارية منتظمة .
كما يجوز التمسك بالدفاتر التجارية ضد غير التاجر متى كان محل الالتزام سلعة أوردها التاجر لزبونه وكان التزاما يجوز إثباته بالبينة ،أي يشترط أن لا تتجاوز قيمة البضاعة نصاب الإثبات بالشهادة المحدد بموجب المادة 333 مكرر من القانون المدني ،وزيادة على ذلك فان الحجية المستمدة من الدفاتر في هذه الحالة حجية ناقصة يتعين إذا ما قبلها القاضي أن يكملها باليمين المتممة التي يوجهها من تلقاء نفسه للخصمين ،ولا يجوز تكملتها بشهادة الشهود والقرائن . كما يجوز للخصم إثبات الدليل المستمد من هذه الدفاتر بكافة طرق الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن لان المبدأ في المواد التجارية هو حرية الإثبات [44]
-ا- دفاتر التجار حجة عليه:في هذه الحالة تعتبر الوقائع المحررة بالدفاتر التجارية بمثابة إقرار من طرف التاجر لأنها حررت من طرفه ، وتكون حجة عليه سواء كان الخصم تاجر أو غير تاجر،ولا يشترط في هده الحالة أن تكون الدفاتر منتظمة أو غير منتظمة.
-ب- الأوراق والدفاتر المنزلية:
يقصد بالأوراق المنزلية الأوراق المختلفة التي يقوم بعض الناس بتدوين وتسجيل فيها وقائع خاصة بهم ،فإذا كان من الصعب تقبل تقديم الشخص لهذه الأوراق كدليل لنفسه ،فان الأمر معقول بتقديمها ضده ويتحقق ذلك في حالة إذا كانت الأوراق المنزلية مشتركة بين خصمين كما هو الأمر في التركات والشركات ,ويحدث ذلك أيضا بحكم الواقع في محضر حصر التركة ،وفى غير ذلك لا يمكن إلزام الشخص بتقديم أوراقه المنزلية أو الأمر بالاطلاع عليها كما في دفاتر التجار)1(
- ب -1- التأشير ببراءة ذمة المدين: وقد نصت على ذلك المادة 332من القانون المدني بقولها )التأشير على سند بما يستفاد منه براءة ذمة المدين حجة على الدائن إلى إن يثبت العكس ولم لم يكن التأشير موقعا منه ما إذا السند لم يخرج من حيازته.
وكذلك يكون الحكم إذا اثبت الدائن بخطه دون توقيع منه براءة ذمة المدين في نسخة أصلية أخرى أوفى مخالصة وكانت النسخة أو المخالصة في يد المدين (
-ب-2-التأشير على سند في يد الدائن :والقرينة أنه الحالة شرطان الأول هو أن يكون التأشير ببراءة الذمة على سند الدائن ،أما الشرط الثاني هو أن يبقى السند في حيازة الدائن ،فإذا كان التأشير في سند أخر فقدت قرينة الوفاء.ويكون على الدائن إذا أراد إسقاط هذه القرينة أن يقيم الدليل على أن السند خرج من حيازته لأي سبب من الأسباب ،ويعتبر خروج السند واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات.[45]
-ب-3-التأشير على سند أو مخالصة في يد المدين:في هده الحالة يجب أن يكون التأشير بخط الدائن على نسخة أصلية لسند الدين والتي تكون بحوزة المدين ،فتوافر هذا التأشير يكون حجة على الدائن بالوفاء رغم عدم توقيعه على هدا الوفاء .

المطلب الثاني: حجية المحرر العرفي بالنسبة للغير

)التصرف يعتبر واقعة مادية)
يعتبر التصرف القانوني بالنسبة للغير كواقعة مادية [46] وبالتالي كان التساؤل عن حجية هدا المحرر من حيث مضمومة ومصدره،وان كان تاريخ المحرر العرفي حجة مابين طرفي العقد إلى حد الطعن فيه بالتزوير فان تاريخ المحرر العرفي لا يكو ن حجة على الغير إلا إذا كان له تاريخ ثابت، لذلك يمكن دراسة حجية المحرر العرفي بالنسبة للغير من خلال صحة التاريخ وكذلك من حيث مصدره ومضمونه ،وقبل ذلك لابد من تحديد مفهوم الغير في الفرع الأول.

الفرع الأول:تحديد مفهوم الغير

أولا :الغير في حجية المحرر
يختلف مفهوم الغير في حجية الورقة العرفية عنه في تاريخها فالغير في حجية الورقة العرفية كالغير في حجية الورقة الرسمية هو كل شخص يسرى في حقه التصرف القانوني الذي تثبته الورقة العرفية ،ومن ثم يحتج عليه بالتصرف المتضمن بهذا المحرر وهم بوجه عام الخلف العام والخلف الخاص والدائن.
ثانيا:الغير بالنسبة لصحة التاريخ
أما الغير في تاريخ المحرر العرفي فان دائرته تضيق وهو اخص من الغير الذي يسرى في حقه التصرف القانوني الذي يشهد به المحرر من ثم كل من كان ممثلا في التصرف الذي تشهد به الورقة لا يعتبر غيرا من حيث ثبوت تاريخ المحرر العرفي ومن هؤلاء طرفا التصرف والأصيل إذا كان ممثلا ،الوارث وكل خلف عام له حصة في التركة ،الدائن العادي وبالتالي لم يبقى إلا الخلف الخاص وهو من انتقل إليه من السلف مال معين بالذات يسرى في حقه وكذلك الدائن الحاجز وان لم يكن كالخلف الخاص الذي له حق عيني ،فان الدائن الحاجز ما يزال حقه شخصي ،وإنما القانون يحميه من تصرفات مدينه التالية للحجز كما يحمى الخلف الخاص ،فالخلف العام والخاص والدائنون العاديون التي تتعلق حقوقهم بشي معين في ذمة المدين ،وبالتالي لا تسرى في حقهم تصرفات السلف إلا إذا كانت سابقة على تاريخ اكتسابهم لحقوقهم ،أما إذا كانت هده التصرفات لاحقة لذلك فلا تسرى في حقهم .

الفرع الثاني: حجية المحرر العرفي بالنسبة للغير

أولا:من حيث مصدره ومضمونه
إن حجية المحرر في هذا المجال متوقفة على صاحب التوقيع ،فيعتبر المحرر العرفي بالنسبة للخلف العام الوارث والموصى له بجزء من التركة والخلف الخاص والدائن صادرة من صاحب التوقيع إلى أن ينكر صاحب التوقيع لا الغير صدورها منه .أما إذا اعترف بالورقة من طرف صاحب التوقيع أو سكت عنها أصبحت الورقة حجة عليه وعلى الغير ،[47]وفى حالة وفاة صاحب التوقيع فهؤلاء الغير لا يطلب منهم إنكار صريح كما يطلب من صاحب التوقيع وإنما يكفى طبقا للمادة 327 من القانون المدني بان يحلفوا يمينا بأنهم  لا يعلمون أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي ممن تلقوا عليه الحق.
ماعدا تاريخ المحرر العرفي الذي يخضع لشروط خاصة كما سوف نرى فان الوقائع والبيانات المدونة بالمحضر لها نفس الحجية فيما بين المتعاقدين غير انه بما أن التصرف الوارد بالمحرر يعتبر واقعة مادية لهدا الغير فيجوز إثبات ما يخالف الوقائع المدونة به بكافة طرق الإثبات.
ثانيا: من حيث صحة تاريخه
يفترض صحة التاريخ الثابت بالمحرر العرفي بين طرفي العقد.أما بالنسبة للغير و بما أن المحرر من طرفهم ولم يعلموا بهذا التصرف فلا يمكن لهم التسليم بالتاريخ الظاهر في المحرر لأنه غالبا ما يكون هناك تواطؤ بين المتعاقدين في تقديم التاريخ وتأخيره إضرارا بمصالح الغير لذلك وضع المشرع قاعدة عدم الاحتجاج بتاريخ المحرر العرفي إلا إذا كان له تاريخ ثابت ،ويكون له ذلك بوسائل حددها المشرع لذلك سأتطرق إلى هذه الوسائل باختصار وقبل ذلك لابد إلى الإشارة إلى شروط لابد لهذا الغير إن تتوافر فيه للتمسك بهده القاعدة .
أ.شروط الواجب توافرها في الغير في صحة التاريخ
انتهينا فيما سبق إلى أن الغير في ثبوت التاريخ تضيق دائرته عنه في حجية المحرر غير انه لابد أن تتوافر فيه الشروط الآتية:
1- أن يكون للمحرر المحتج به تاريخ ثابت فإذا تنازع مشتريان لمنقول وكان لكل منهما تاريخ ثابت كان لكل منهما حجة على الأخر ولكل من المشترين أن يثبت عدم صحة هدا التاريخ.
2-أن يكو ن القانون لا يشترط إجراءات أخرى غير ثبوت التاريخ كما في التصرفات العقارية .
3- أن يكون الغير حسن النية وهذه الحالة متصورة في المنقول لا في العقار.
4-لا يعتد بالتاريخ الثابت إلا في المحررات العرفية المعدة للإثبات)السندات العرفية(
ب.:وسائل ثبوت التاريخ
نصت المادة 328 من القانون المدني على وسائل ثبوت التاريخ بنصها على انه يكون تاريخ المحرر ثابتا ابتدءا : من يوم تسجيله- من يوم ثبوته في عقد أخر حرره موظف عام- من يوم التأشير عليه على يد ضابط مختص – من يوم وفاة احد الدين لهم على العقد خط أو إمضاء ( وسوف أتطرق إلى هذه الوسائل باختصار[48]
ا- التسجيل:وهو تسجيل التصرف لدى مصالح الطابع والتسجيل التابعة لإدارة المالية والقصد من دلك الإجراء هو استفاء حقوق الخزينة.غير انه ما تجدر الإشارة إليه أن المادة من قانون المالية لسنة 1992حضرت تسجيل المحررات العرفية و إقتصرته على المحررات الرسمية فقط.
ب- من يوم ثبوت مضمون المحرر في محرر رسمي:ويكون ذلك بالإشارة إلى هذا المحرر العرفي في محرر رسمي ويكون ذلك بصفة صريحة ومحددة للوقائع المتضمنة بالمحرر العرفي ولا يكتفي بالإشارة فقط.أي يحدد موضوع المحرر العرفي تحديدا نافيا للجهالة ومثال هذه المحررات كان يبنى القاضي حكمه على محرر عرفي فتاريخ صدور هدا الحكم هو التاريخ الثابت للمحرر الذي تضمنه الحكم ،وكذلك كالإشارة إلى محرر عرفي في محضر الضبطية القضائية.
ج‌-من يوم التأشير على المحرر من موظف عام :ومثال دلك تأشير القاضي على المحرر العرفي وتحديد تاريخه عند تقديم ذلك المحرر في خصومة قضائية ،أو المصادقة عليه بالإمضاء لدى مصالح البلدية أو أي مصلحة رسمية أخرى. غير انه إذا كان ا لمحرر يتضمن تصرفا عقاريا لا لابد التأشير عليه من طرف مصلحة التسجيل لكي يحتج عليه بالتاريخ .
د‌- وفاة احد الذين لهم على المحرر اثر معترف به:فالمحرر العرفي يأخذ تاريخا ثابتا هو تاريخ الوفاة ،إذ من الواضح انه ما دام المحرر يحمل توقيع المتوفى فلا بد انه حرر فبل وفاته. ويستوي في هذه الحالة من اليوم الذي يصبح فيه مستحيلا على احد ممن صدر منهم المحرر العرفي أن يكتب أو يبصم لعلة في جسمه كاليدين والأصابع.
ج.الاستثناءات الواردة على ضرورة ثبوت التاريخ
هناك بعض الحالات لا يكون فيها للمحرر العرفي تاريخ ثابت ولكن مع ذلك تكون حجة على الغير وهذه الحالات هي:
- في المنازعات التجاريـة وذلك نظرا لسرعة المعاملات في الميدان التجاري وحرية الإثبات.
- المخالصات وذلك تطبيقا للمادة 328 فقرة أخيرة من القانون المدني يجوز للقاضي تبعا للضر وف رفض تطبيق هذه الأحكام فيما يتعلق بالمخالصة، وكذلك ما استقر عليه الاجتهاد القضائي في أن المخالصات لا تخضع لأحكام المادة 328 من القانون المدني.
- الكتابات الخاصة :أي أن المادة 328 من القانون المدني لا تعنى إلا الكتابات الخاصة.
- هناك حالة لا تخضع لثبوت التاريخ رغم أن المحرر معد للإثبات وهى علم الغير بتاريخ التصرف ولو لم يكن للمحرر تاريخ ثابت [49] والعلم واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة الطرق.[50]

المبحث الثاني:

انقضاء حجية المحرر العرفي

انتهينا في المبحث السابق إلى أن للمحرر العرفي حجة بين أطرافه وبالنسبة للغير،وبما أن المحرر العرفي من أدلة الإثبات الغير قاطعة أي يمكن إسقاط ودحض هده الحجية ،ولقد حدد المشرع الوسائل الكفيلة لذلك ، فعلى خلاف المحرر الرسمي الذي لا يمكن الطعن فيه إلا بالتزوير فان المحرر العرفي يمكن الطعن في حجته بالإنكار والتزوير،وهاتين الوسيلتين تدحضان حجية المحرر العرفي بصفة مؤقتة لغاية تحقق القاضي من صحته،غير أن حجية المحرر العرفي قد تسقط بصورة نهائية نتيجة فقدان المحرر لشكل جوهري هو التوقيع ،فتسقط حجية المحرر كدليل كامل ويصبح كمبدأ ثبوت بالكتابة ،لتخلف التوقيع أو بيانات أساسية في التصرف ، وقد يتأثر المحرر بالتصرف الذي يحويه فتسقط حجيته لعدم مطابقة المحرر للشكل الذي يقتضيه القانون كاشتراط القانون شكلية ما ليست عرفية كركن في التصرف ،وبالتالي فان حجية المحرر تنقضي بصفة مؤقتة نتيجة الطعن في المحرر ،وقد يتحول المحرر إلى مبدأ ثبوت بالكتابة وقد تسقط قيمته نهائيا كدليل للإثبات .لذلك ارتأيت أن اقسم هدا المبحث مطلبين الأول يتعلق بالطعن في حجية المحرر العرفي أما المطلب الثاني فأتطرق فيه إلى سقوط حجية المحرر العرفي.

المطلب الأول: الطعن في حجية المحرر العرفي

على خلاف المحرر الرسمي فان المحرر العرفي يمكن الطعن فيه بالإنكار والتزوير لذلك سأتطرق في فرعين إلي كل منهما.

الفرع الأول:الطعن بالإنكار

رغم أن المحرر العرفي يعد مسبقا كدليل إثبات إلا انه على خلاف المحرر الرسمي لا يحتج به إلا إذا اعترف به من الطرف الذي يحتج به عليه صراحة أو ضمنا وهذا ما نصت عليه المادة 327 من القانون المدني )يعتبر العقد العرفي صادرا ممن كتبه أو وقعه أو وضع عليه بصمة إصبعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه ،أما ورثته أو خلفه فلا يطلب منهم الإنكار ويكفى أن يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون الخط أو الإمضاء أو البصمة هو لمن تلفوا عليه هدا الحق(
نستنتج من قراءة المادة أن المحرر العرفي لا يكون حجة بين أطرافه إلا إذا اعترف بالتوقيع الوارد به من طرف صاحبه أو لم ينكره [51] لان المحرر العرفي يستمد حجيته من موقعه على خلاف المحرر الرسمي الذي توجد فيه قرينة تثبت صدوره من موقعه لأنه صادر من موظف يفترض فيه الثقة كما اتخذت بشأنه التدابير اللازمة لمنع تزويره . فإذا أنكر الطرف المحتج عليه بالمحرر زالت حجية المحرر مؤقتا.حيث جاء في قرار المحكمة العليا )على أن جهة الاستئناف اعتمدت العقد العرفي من غير أن تناقش دفعه بالإنكار له إزالة لكل التباس تكون بذلك قد شويت قرارها بالغموض والقصور في التسبيب([52],وهنا ما تجدر به الإشارة على الطرف المتمسك بهذا المحرر إثبات صدوره من الخصم الذي أنكره ،أي أن مجرد الإنكار ينقل عبء الإثبات إلى الطرف الذي يتمسك بالمحرر فعلى هذا الأخير إقامة الدليل على صحة توقيع الخصم أثناء التحقيق فما هي إذا إجراءات التحقيق لإثبات صحة التوقيع .
إما بالنسبة للورثة والخلف الخاص فلا يكفى أن ينكروا بل عليهم آن يحلفوا بأنهم لا يعلموا بهذا العقد أو مضمونه حيث جاء في قرار المحكمة العليا)ما دام الطاعن هو احد الورثة ينكر العقد المذكور من أساسه،والمطعون ضدها تدعى به فكان عليهم توجيه اليمين للطاعن( [53]وفى الحالتين سواء صدر الإنكار من الخصم أو طعن في مصدره من الغير الذي له مصلحة فعلى الطرف المتمسك بهذا المحرر إثبات صدوره من الخصم الذي أنكره ،أي إن مجرد الإنكار ينقل عبء الإثبات إلى الطرف الذي يتمسك بالمحرر فعلى هذا الأخير إقامة الدليل على صحة توقيع الخصم أثناء التحقيق فما هي إذا إجراءات التحقيق لإثبات صحة التوقيع .
أولا: إجراءات التحقيق في حالة الإنكار
لقد نصت المادة 76 من قانون الإجراءات المدنية على الإجراءات والقواعد الواجب أتباعها لمضاهاة الخطوط والإمضاء في حالة إنكار الر الخط آو الإمضاء أو الدفع بالجهالة والتي نختصرها وفق الترتيب الآتي:
-:لابد من تأكد القاضي أن الطعن بالإنكار أو الجهالة صريحا.:
وبالتالي لا يكفى السكوت من صاحب التوقيع لإجراء التحقيق في المحرر،أي لابد من إبداء الإنكار أو الجهالة قبل مناقشة الموضوع ذلك لان مناقشة موضوع المحرر من الطرف الذي يتمسك ضده به يعتبر تنازلا عن الإنكار أو اعترافا ضمنيا منه ،وبالتالي لا يقبل منه بعد ذلك إنكار الخط أو التوقيع الصادر منه.
ثانيا: دور القاضي في حالة الإنكار
إذا أنكر الخصم الخط أو الإمضاء المتمسك به ضده كان للقاضي الحرية الكاملة في تحديد وظيفة هذا المحرر في الدعوى فإذا وجد القاضي أن المحرر المقدم في الدعوى ليس له وظيفة في تحديد مركز المتخاصمين استبعد المحرر،أما إذا تبين للقاضي أن المحرر يهدف إلى إثبات واقعة منتجة في الدعوى .أي يتوقف عليها مصير الدعوى ايجابيا أو سلبا ،أمر بإجراء التحقيق وفى هذه الحالة يتعين عليه أن يؤشر على المحرر المطعون فيه بالإنكار حتى لا يمكن استبداله بمحرر أخر ،وقد نصت المادة 165من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على ضرورة تبليغ الملف إلى النيابة العامة من اجل تقديم طلباتها الكتابية ،كما انه إذا تم رفع دعوى أمام القاضي الجزائي فعلى القاضي المطروحة أمامه دعوى مضاهاة الخطوط إرجاء الفصل في الدعوى لغاية الفصل في الدعوى الجزائية ،ويمكن للقاضي لما له من سلطة إن يقرر بصفة شخصية في الخطوط والإمضاءات ،وغالبا مالا يجد من خلال الاطلاع على الوثائق ما يبنى عليه اعتقاده فيستعين بخبير للبث في هذه المسالة [54]
وعند الانتهاء من إجراءات تحقيق الخطوط يصدر القاضي حكمه بشان صحة المحرر في ضوء النتائج التي وصلت إليها التحقيقات ويكون الحكم الصادر في الطعن بالإنكار سابقا عن الحكم في الموضوع ،أي انه يستطيع الناكر أن يتمسك بمدفوع أخرى في حالة رفض دفعه ،وفى الأخير يكون الحكم إما بصحة المحرر العرفي المطعون فيه وبعدم صحته وفى هذه الحالة الأخيرة يفقد المحرر حجيته نهائيا ويستلزم إبعاده نهائيا من الخصومة،كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري رفع قيمة الغرامة المحكوم بها على خلاف السابق وحددها من خمسة ألاف إلى خمسين ألف دينار جزائي في حالة ثبوت خط أو توقيع الناكر له وهذا مبرر منطقي تمليه ارتفاع القدرة الشرائية كثيرا بالمقابل مع التشريع السابق.

الفرع الثاني: الادعاء بالتزوير في المحرر العرفي

يتعلق الأمر هنا بموضوع المستند والتزوير هنا إما أن يكون موضوعا لدعوى عمومية تقيمها النيابة العامة أمام المحاكم الجزائية, وإما أن تكون موضوعًا لدعوى مدنية كاستثناء [55]من أجل إثبات عدم صحة المحرر المقدم فيها لإسقاط حجيته في الإثبات.على اعتبار أن التزوير في هدا المجال هو تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق التي حددها القانون تغييرا من شانه الإضرار بالغير كما قد يكون الادعاء بالتزوير مجال دعوى أصلية[56] مستقلة أو يكون محل دفع في دعوى قائمة.
وقد نصت على التزوير أمام القضاء المدني المادة 79من قانون الإجراءات المدنية بنصها (إذا ادعى احد الخصوم أن مستندا مقدما في الدعوى مقلدا أو مزورا جاز للقاضي أن يصرف النظر عن هدا الادعاء إذا تراءى له أن الفصل في الدعوى لا يتوقف على المستند المدعى بتزويره ،وإلا فانه يستدعى الخصم الذي قدمه،ليصرح بما إذا كان يتمسك باستعمال دلك المستند) كما نصت على التزوير في المحررات العرفية وفق التعديل الجديد لقانون الإجراءات المدنية والإدارية المواد من 175الى178التى نصت على ضرورة تحديد أوجه التزوير في العريضة.
ويتفق الطعن بالتزوير مع مضاهاة الخطوط في كون كل واحد منهما يراد به الوصول لمعرفة إن كان المحرر المقدم في الدعوى صحيحا أم لا وطرق الإثبات فيهما واحدة كالمقارنة بالمستندات الخبرة... إلخ، والنتيجة هي الوصول إلى أن المحرر مقبول في الملف أو يستبعد، غير أنهما يختلفان في نقطة أن الإنكار ليس فيه اتهام من مدعيه أما الادعاء بالتزوير فإنه اتهام يؤدي ثبوته إلى مسؤولية المتمسك بالمحرر مسؤولية جزائية، لذلك ألزم المشرع القاضي قبل الأمر بالتحقق في الادعاء بالتزوير استدعاء الطرف الذي قدم المحرر ليصرح ما إن كان يتمسك به أم لا صراحة،وإذا سكت يستبعد المحرر لأن المشرع اعتبر السكوت عن استعمال المحرر في الدعوى تنازلا من المستعمل له.
ويلجا للادعاء بالتزوير في اغلب الحالات عند ما يفقد الخصم حقه في الإنكار كمناقشة موضوع النزاع من الخصم الذي يطعن في الحجية، أو في حالة المحرر العرفي المصادق عليه.[57]
والتزوير يعتبر واقعة مادية يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات [58]،وعند الانتهاء من التحقيق في دعوى التزوير يصدر القاضي حكمه بشان صحة السند ودلك قبل الفصل في الموضوع،فإذا قضت المحكمة برفض الادعاء بالتزوير وبصحة المحرر فإنها تستأنف النظر في الدعوى الأصلية.

المطلب الثاني: سقوط حجية المحرر العرفي

انتهينا فيما سبق أن حجية المحرر العرفي تسقط بصفة مؤقتة لغاية فصل القاضي في صحة المحرر العرفي المحتج به بالإنكار أو التزوير ،غير انه قد تسقط هده الحجية كدليل كامل في الإثبات وتتحول إلى مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بالبينة والقرائن،وقد تسقط حجية المحرر بصفة نهائية كدليل إثبات لاشتراط المشرع الرسمية كركن في التصرف.

الفرع الأول:تحول المحرر العرفي إلى مبدأ ثبوت بالكتابة

انتهينا فيما سبق أن التوقيع هو الإجراء الجوهري في المحرر العرفي و الذي يمثل الرضا في التصرف القانوني الذي يحويه، فإذا تخلف التوقيع كان السند باطلا ، ويصلح في هده الحالة كمبدأ ثبوت بالكتابة وهدا ما نصت عليه المادة ، كما يصلح كذلك أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة السند العرفي الموقع عليه أو الصادر من المدين[59] ،دون ذكر لمقدار الدين وبالتالي يجوز إثبات الدين بالبينة والقرائن ،ولا يعد هدا إثباتا لما يجاوز الكتابة لان الكتابة هنا ليست دليلا كتابيا كاملا.

الفرع الثاني: سقوط الحجية لبطلان التصرف) لتخلف الرسمية(

لقد نص المشرع الجزائري على ضرورة إبرام بعض التصرفات في شكل رسمي تحت طائلة البطلان مثل ما نصت عليه المادة 324 مكرر1 من القانون المدني فلا تنعقد بعض التصرفات كالمتعلقة بنقل الملكية في العقارات والحقوق العقارية و المحلات التجارية والصناعية وكذلك ما نصت عليه المادة 203من القانون التجاري من القانون التجاري حول ضرورة قيام العمليات المتعلقة بالمحل التجاري وان كانت هده المواد صريحة في اشتراط الرسمية و توقيع الجزاء القانوني عن تخلفها ، فان هناك بعض المواد جاءت فيها نوع من الالتباس من حيث أنها نصت على ضرورة كتابة بعض التصرفات ،ولم المقصود بهذه الكتابة هل الكتابة الرسمية أم العرفية وفى الحالة الأولى هل هده ركن في التصرف تقتضى إسقاط حجية المحرر العرفي واستبعاده لبطلان التصرف أو اعتبارها وسيلة إثبات وبالتالي يمكن إثباتها بوسيلة أخرى قد تكون المحرر العرفي ومثال دلك نص المادة 467 مكرر من القانون المدني على أن الإيجار لا ينعقد إلا كتابة وأن يكون له تاريخ ثابت وإلا كان باطلا .وقد اختلف حول طبيعة الكتابة المقصودة هل هي رسمية أو عرفية.
وكذلك نص المادة 615 من القانون المدني كذلك على أن المرتب مدى الحياة لا يكون صحيحا إلا إذ كان في عقد مكتوب.
وما نخلص إليه في الأخير أن القانون إذا اشترط الرسمية لقيام التصرف فان تخلف هذا الشكل يؤدى إلى بطلان التصرف ومنه المحرر العرفي الذي يتضمنه ،أما إذا كانت هذه وسيلة إثبات استرجع المحرر العرفي قيمته في الإثبات وصلح لإثبات هذا التصرف ،هذا التباين في الغاية من الرسمية في التصرفات أدى إلى اختلاف الفقه حول حجية المحرر العرفي ، بعد صدور قانون التوثيق بعدما كانت للمحرر الحجية الكاملة قبله لذلك سأتطرق لكلا المرحلتين وموقف القضاء منهما؟
أولا: تطور حجية المحرر العرفي في القانون الجزائري
لقد عرف المشرع الجزائري في مجال التعاقد بصفة عامة، و التصرفات الناقلة للحقوق العينية و العقارية عل وجه الخصوص، عدة نصوص متباينة و متناقضة، انعكست على حجية المحرر العرفي ويمكن إجمالها في مرحلتين متباينتين، الأولى قبل ظهور قانون التوثيق، والمرحلة الثانية بعده. لذلك سأتطرق لهاتين المرحلتين ، و موقف القضاء منهما .
المرحلة الأولى:
تميزت هذه المرحلة بسيطرة مبدأ الرضائية في التصرفات، فكان للمحرر العرفي نفس حجية المحرر الرسمي في نقل الحقوق. إذ يكفي في التعاقد توافر الرضا و المحل و السبب لانعقاد العقد. و رغم الطابع الرضائي لهذه الفترة إلا أنه كان له الدور في ظهور الرسمية في العقود لأول مرة وفق قانون المالية لسنة 1965 رقم 84/61 الذي أوجب الرسمية في التصرفات بعوض دون أن يحدد جزاء تخلفها. هذا ما يفسر أن هذه الرسمية كانت وسيلة إثبات، الغرض منها حماية المتعاقد الذي يتمسك بها. و بالتالي بقيت للمحرر العرفي الحجية الكاملة، و يمكن الاحتجاج بها أمام الجهات القضائية تطبيقا لأحكام القانون المدني القديم. و هذا ما أيدته المحكمة العليا في عدة قرارات، كالقرار رقم 200454 المؤرخ في 31/01/2000، جاء في إحداها : "لما كانت أحكام القانون المدني القديم في المادتين 1322 و 1582 الساريتين وقت التصرف تجيز البيع العرفي بما يسمح بنقل الملكية قانونا فإن قضاة الموضوع قد أعطوا قراراهم أساسا سليما و طبقوا صحيح القانون لما ألزموا الطاعنين بتثبيت هذا البيع بما يسمح بنقل الملكية قانونا مطابقين في ذلك أحكام المادة 03...."[60].
غير أنه و رغم حجية المحرر العرفي الناقل للحقوق العينية العقارية، إلا أن ذلك يصطدم بعدة إشكالات عملية نتيجة عدة أسباب، و من أهمها انتقال المشرع الجزائري من نظام الشهر الشخصي إلى نظام الشهر العيني، و عليه تبعا لذلك و قبل أن يقضي القاضي بصحة المحرر العرفي لتلك الفترة[61]، فعليه التأكد مما يلي:
أن يتأكد من الهوية الصحيحة لمحرري المحرر العرفي.
أن يكون العقار محل هذا التصرف واقعا ببلدية لم يمسها عملية المسح العقاري، و لم يتصرف في هذا العقار بعد هذا التصرف العرفي، لأنه بعد تمام المسح العقاري يصبح الدفتر العقاري هو السند الوحيد لإثبات الملكية.
التحقق من تاريخ إبرام العقد العرفي الذي يجب أن يكون مبرم قبل 01/01/1971، و هو تاريخ دخول قانون التوثيق حيز التنفيذ.
المرحلة الثانية
و تبدأ هذه المرحلة بصدور الأمر رقم 70/91 المؤرخ في 15/12/1971 المتعلق بالتوثيق الذي أوجب الرسمية في التعاقد تحت طائلة البطلان، فقد نصت المادة 12 منه: "زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى الشكل الرسمي، فإن العقود التي تتضمن نقل عقارات أو حقوق عينية عقارية أو محلات تجارية أو صناعية...."، و بذلك أصبحت الرسمية ركن في التعاقد. و رغم ذلك بقي التعامل في العقارات عن طريق المحررات، و هذا ما أدى بالحكومة، وبهدف استقرار الوضع القانوني في المجال العقاري، إلى إصدار منشور رئاسي بتاريخ 30/06/1976 الذي جاء لتثبيت العقود العرفية الثابتة التاريخ قبل 05/03/1976 تاريخ العمل بقانون الاحتياطات العقارية. غير أن هذا المنشور زاد الأمر تعقيدا بالنسبة للمحاكم بين مؤيد و معارض لحجية المحررات العرفية، باعتبار أن هذا المنشور ما هو إلا تفسير لوجهة نظر حكومية في تأويل الأمر رقم 74/76، باعتباره متناقض مع قانون التوثيق.
و في سنة 1985 تدخل المشرع من جديد من أجل تسوية العقود العرفية بموجب القانون رقم 85/01 المؤرخ في 13/08/1985 المتعلق بقواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها. فصدر في هذا المجال المرسوم 85/212 المؤرخ في 18/08/1985 الذي يحدد أوضاع الذين يشغلون أراضي عمومية أو خاصة محل عقود غير مطابقة للقوانين، فالمادة 14 منه تنص على أنه تدمج في الأملاك الخاصة و تحول إليها دون مصاريف...و تتخذ البلدية أي إجراء يستهدف الذين يشغلون فعلا هذه الأراضي التي أدمجت في حقوقهم الحيازية. نستشف من استقراء هذه المادة أن المشرع أدخل في الوعاء العقاري هذه العقود العرفية، و منح حق التصرف فيها لحائزيها الحاملين لعقود عرفية شرط أن يكون التاريخ ثابت قبل صدور هذا القانون. و مع ذلك فقد أبطلت العديد من العقود العرفية، و أعيد الأطراف إلى الحال التي كانوا عليها قبل التعاقد، رغم أن لديهم عقود إدارية مشهرة إطار التسوية.
و رغم اختلاف القضاء في تلك الفترة حول حجية المحرر العرفي،[62] إلا أن المشرع زاد الطين بله بمقتضى القانون 86/07 المؤرخ في 04/03/1986 المتضمن الترقية العقارية، و الذي نصت المادة 04 منه: "يحرر العقد التمهيدي المسمى عقد حفظ الحق في شكل عرفي و يخضع لإجراءات التسجيل، فإذا تم البيع وجب الشكل حسب ما تقتضي المادة 38 من نفس القانون". هذا ما شكل اختلاف لدى الكثير من القضاة حول حجية هذا العقد في انتقال و تضاربه بالنسبة للنصوص القانونية السابقة، و تحديد مبالغ التعويض خاصة في السنوات الأخيرة الذي ارتفعت فيه قيمة الوعاء العقاري، الذي أصبحت فيه المحررات العرفية أقرب إلى جريمة الاحتيال. و لحسن الحظ فقد تم إلغاءه بموجب المرسوم التشريعي رقم 93/03 المؤرخ في 01/03/1993 المتعلق بالنشاط العقاري، أين أوجب المشرع تحرير عقد بيع على التصاميم في شكل عقد رسمي مشهر.
و نظرا لاختلاف الفقه حول حجية المحرر العرفي بحجة أن قانون التوثيق قانون خاص، فقد استدرك المشرع هذا التأويل و نص صراحة على الرسمية في العقود، و التي على إثرها نقل المادة 12 من قانون التوثيق حرفيا إلى المادة 324 من القانون المدني. و رغم هذا بقي الاجتهاد القضائي متذبذبا في الأخذ بحجية المحررات العرفية.
و لتأكيد الرسمية في التصرفات العقارية جاء قانون التوجيه العقاري واضعا حدا لانتقال الملكية و الحقوق العينية العقارية عن طريق المحررات العرفية، إذ نصت المادة 03 منه على ما يلي: "تثبت الملكية الخاصة للأملاك العقارية و الحقوق العينية بموجب عقد رسمي يخضع لقواعد الإشهار العقاري". و لكن رغم كل ذلك، فهل تمسك القضاء بهذه النصوص؟
إن الجواب على ذلك يكون بالنفي، و هذا ما يفسر اختلاف غرف المحكمة العليا في اجتهاداتها. الشيء الذي أدى إلى ضرورة توحيد الاجتهاد القضائي و اعتبار الرسمية ركن في التصرف و لا مجال للعقد العرفي. و هذا ما ذهبت إليه الغرف المجتمعة للمحكمة العليا طبقا لقرارها الصادر في بتاريخ 18/02/1997 تحت رقم 136156 بعدم صحة التصرفات الواردة على العقارات بموجب عقد عرفي بعد 01 جانفي سنة 1971.
إلا أنه رغم ذلك فإن غرفة الأحوال الشخصية و المواريث للمحكمة العليا خالفت قرار الغرف المجتمعة السابق الذكر،. حيث أنها كرست حبس عقاري عرفي مؤرخ في جانفي سنة 1973 بدعوى أن الحبس هو من أعمال التبرع و لا تنطبق عليه المادة 12 من قانون التوثيق عند إبرامه[63].
كما تم تأكيد ذلك من طرف مجلس الدولة ي القرار [64]الذي جاء فيه أن المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني توجب تحرير العقود الناقلة للملكية العقارية في الشكل الرسمي مع دفع الثمن إلى الموثق، و أن الرسالة المحتج بها و العقد العرفي لا تعد عقد بيع، و من جهة أخرى لا يمكن الاستجابة لطلب المستأنفين الرامي إلى توجيه أوامر للإدارة.
هذا وما تجدر الإشارة إليه في الأخير وان كانت حجية المحرر في إثبات الملكية العقارية قد زالت بالانتقال إلى نظام الشهر العيني فان السياسة التشريعية الجديدة قد ردت الاعتبار للمحررات العرفية إذ منحت لملاك الأراضي بموجب عقود عرفية الحق في الحصول على شهادة الحيازة من البلدية طبقا للمادة 40 من القانون 90/25 المؤرخ في:18/11/1990المتضمن التوجيه العقاري ويخضع الطلب لإجراءات الإشهار طبقا للمرسوم رقم91/254المؤرخ في:27/07/1991 إلا انه ما يميز هذه الشهادة هي أنها اسمية غير قابلة للبيع وتجدد باسم الورثة .ويجوز استثناءا التصرف في العقار بموجب شهادة الحيازة طبقا لأحكام المادة 43 منه.
خاتمـة:
وما نستخلصه في الأخير أن المحررات العرفية هي التي تحرر من قبل الأفراد العاديين أو بمساعدة الغير ،وتتعدد هذه المحررات فمنها المحررات العرفية المعدة للإثبات أو السندات العرفية،والمحررات العرفية الغير معدة أو مهيأة للإثبات وهذه الأخيرة قد تكون موقعة من الإطراف كالرسائل والبرقيات ،وقد تكون غير موقعة من طرفهم كالدفاتر التجارية والدفاتر والأوراق المنزلية الخاصة والتأشير ببراءة الذمة بسند بيد الدائن أو المدين.
كما نص المشرع الجزائري على نوع أخر من المحررات الكتابية بموجب التعديل الأخير للقانون المدني رقم: بتاريخ: وذلك طبقا للمواد323مكرر و323مكرر1من القانون المدني وكذلك بموجب تعديل المادة 327 منه وقد منح المشرع لهذا النوع قوة الدليل الكتابي مما جعلن نتساءل عن نية وقصد المشرع من ذلك وقد انتهينا في الأخير إلى اعتبار المحرر الالكتروني محرر عرفي
كما انتهينا من خلال طرح الموضوع إلى أن المحررات العرفية تختلف كذلك من حيث قوتها وحجتها، فالسندات العرفية متى توافرت شروطها أصبحت كالمحررات الرسمية حجة على الكافة بما تضمنته ومن حيث صدورها من موقعها إلى حد الطعن فيه بالإنكار أو التزوير.وبما أن هذه السندات ذات الحجية الغير القاطعة فيجوز إثبات ما يخالفها لكن لابد في هذه الحالة احترام قاعدة لا يجوز إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة والمخالف لها إلا بالكتابة ،على خلاف الغير الذي يجوز له مخالفة هذه القاعدة وذلك بإثبات ما يخالف الثابت بالكتابة بكافة طرق الإثبات على اعتبار أن التصرف يعتبر بالنسبة إليه كواقعة مادية،من ناحية أخرى فان تاريخ المحرر لا يكون حجة على هذا الغير إلا من يوم أن يكون له تاريخ ثابت وذلك طبقا للوسائل المحددة في المادة 328 من القانون المدني.
أما المحررات العرفية الالكترونية فرغم أن المشرع ساوى بينها وبين السندات العرفية في الحجية ،إلا أن الشكل أو القالب الذي تفرغ  فيه يقلل أو يزيد من القوة الثبوتية لهذه المحررات وذلك حسب التقنية المستعملة في تحريرها ،وبما أن المسالة فنية فهي تخضع للسلطة التقديرية للقاضي .
أما المحررات العرفية الغير معدة للإثبات فقد ترتقي إلى الدليل الكامل كالرسائل والبرقيات متى استوفت شروطها وتطبق عليها القواعد السالفة الذكر في السند العرفي. وقد تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة تتمم بالبينة والقرائن أو اليمين المتممة حسب الحالة وتكون خاضعة للسلطة التقديرية للقاضي.
وقد تطورت حجية المحررات المعدة للإثبات عبر الزمن فكانت له الحجية المطلقة في إثبات جميع التصرفات وفقا لمبدأ سلطان الإرادة.أما بعد صدور قانون التوثيق قيد هذا الأخير من حجية السندات العرفية وذلك باشتراطه الرسمية في انعقاد بعض التصرفات.وبالتالي على القاضي أن يتنبه لتاريخ هذا السند من حيث ثبوت تاريخه وكذلك من حيث عدم مساسه ببعض الحقوق التي ترتبت بعده والمشهرة طبقا لمبدأ حجية الشهر واستقرار المعاملات.
وفى الأخير ورغم كل القيود المقيدة لقوة الدليل العرفي إلا أن الواقع يحتم على المشرع إعطاء قيمة اكبر لهذه المحررات في الإثبات وهذا تمليه عدة اعتبارات قانونية تتمثل في توافق هذه المحررات مع مبدأ سلطان الإرادة واعتبارات اجتماعية تتمثل في إفراغ الأفراد لتصرفاتهم في قالب عرفي رغم أن القانون يفرض شكلية معينة لذلك. هذا ما أدى بالمشرع في الكثير من الحالات ورغبة منه في استقرار الأوضاع الحقيقية إلى الاعتراف بحجية المحررات العرفية .
قائمة المراجع:
1 الكتب القانونية:
· عبد الرزاق السنهوري،الوسيط في شرح القانون المدني)الإثبات،أثار الالتزام)دار إحياء التراث العربي،بيروت ط1.
· مصطفى الجمال، مصادر الالتزام، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1999
· فرج توفيق حسن، قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية، منشورات الحلبي الحقوقية.
· محمد حسن القاسم، أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية، بيروت، 2002
· يوسف احمد النوافلة ،المحررات الالكترونية في الإثبات دار وائل للنشر،الاردن2007
· يحي بكوش،أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي،المؤسسة الوطنية للكتاب ط2-1988.
· العدوى جلال على، أصول أحكام الالتزام والإثبات، منشاة المعارف، الأردن، 1996
· عبد الحكم فودة المحررات الرسمية و المحررات العرفية في ضوء مختلف الآراء الفقهية و أحكام محكمة النقض، دار الفكر والقانون، المنصورة طبعة 2006.
· أحمد أبو الوفا، الإثبات في المواد المدنية و التجارية، الدار الجامعية للطباعة والنشر سنة 1983.
· سمير حامد عبد العزيز جمال، التعاقد عبر تقنيات الاتصال الحديثة، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، ط2-2007
· همام محمد محمود زهران، أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية، 2002.
· محمد توفيق اسكندر الخبرة القضائية،دار هومة ،2006.
· همام محمد محمود زهران ،الوجيز في الإثبات في المواد المدنية والتجارية ،دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية،2003.
· عمر حمدي باشا،ليلى زروقى،المنازعات العقارية،دار هومة ط 2006
· محمد أخياط ،بعض التحديات التي تثيرها التجارة الالكترونية،الموقع الالكتروني،2000
· سمير حامد عبد العزيز جمال،التعاقد عبر تقنيات الاتصال الحديثة،دراسة مقارنة،دار النهضة العربيةط2-2007.
· حمدي باشا عمر،مبادئ القضاء العقاري،دار العلوم للنشر والتوزيع،2000.
2 المحاضرات والمقالات
· الأستاذ ملزى عبد الرحمان محاضرات في الإثبات المدني ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة السابعة عشر ،السنة الدراسية،2007/2008.
· الأستاذ بدوى علي، محاضرات في القضاء الاستعجال ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة السابعة عشر، السنة الدراسية، 2008/2009.
· الأستاذ زودة عمر محاضرات في قانون الإجراءات المدنية ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة السابعة عشر ،السنة الدراسية،2006/2007.
· محاضرة بعنوان عقد حفظ الحق ألقيت من طرف القاضي خلفونى عبد المجيد بمجلس قضاء برج بوعريريج عند قيامنا بالتربص ،مارس 2008.
· محاضرة بعنوان تسيير مصرح الجريمة ألقيت من طرف خبراء الشرطة العلمية على الطلبة القضاة الدفعة السابعة عشر، السنة الدراسية، 2008/2009.
3 المجلات القضائية:
· المجلة القضائية لسنة 1990 العدد الرابع
· المجلة القضائية لسنة 1992 العدد الأول
· تطبيقات قضائية في المادة العقارية،مديرية الشؤون القانونية1995وزارةالعدل العدد29
· النشرة القضائية العدد43.
· نشرة القضاة لسنة 1997، العدد54.
· المجلة القضائية لسنة 2001 العدد الأول.
· مجلة مجلس الدولة 2002 العدد الثاني .
· المجلة القضائية 2006العدد الثاني.
4- القوانين:
· قانون المالية رقم:84-61المؤرخ في:08/04/1965.
· الامررقم66-154المؤرخ فى08/07/1966المتضمن قانون الإجراءات المدنية المعدل والمتمم.
· الامررقم75-58المؤرخ فى26/09/1975المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.
· الامررقم75-59المؤرخ فى26/09/1975المتضمن القانون التجاري المعدل والمتمم.
· الأمر رقم:75-74المؤرخ في :12نوفمبر1975 المتضمن إعداد المسح العام وتأسيس السجل العقاري.
· القانون 90-25 المؤرخ في:18/11/1990المتضمن التوجيه العقاري.
· المرسوم التشريعي 93-03المؤرخ في:01/03/1993المتعلق بالنشاط العقاري .
· القانون رقم08/09المؤرخ في 25/02/2008المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
الفهرس
المقدمة ..................................................................................... 01
الفصل الأول:ماهية المحررات العرفية وتمييزها عن المحررات الكتابية الأخرى........................04
المبحث الأول القواعد المشتركة لأدلة الثبات الكتابية وتمييزها عن بعضها......................... 04
المطلب الأول:القواعد المشتركة لأدلة الإثبات الكتابية....................................... ... 04
الفرع الأول:الكتابة........... ........... ........... ........... .......................... 04
أولا:التمييز بين التصرف القانوني وأداة إثباته ........... ........... ...........................05
ثانيا:التمييز بين الكتابة الشكلية والكتابة كوسيلة إثبات ........... ............................ 05
الفرع الثاني:استبعاد الإثبات بالشهادة........... ........... ........... ...................... 06
أول:في التصرفات التي تزيد عن 100000دج ........... ........... ....................... 06
ثانيا:في إثبات ما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه الدليل الكتابي ........... ..................... 07
الفرع الثالث:حق الخصوم في مناقشة الأدلة التي تقدم في الدعوى........... .................... 07
الفرع الرابع:سريان قواعد الإثبات المعمول بها وقت نشوء التصرف................. ............ 08
المطلب الثاني:مقارنة بين أدلة الإثبات الكتابية........... ........... ........................... 08
الفرع الأول الفرق بين المحرر العرفي والمحررين الرسمي والالكتروني .................. ............ 08
أولا:الفرق بين المحرر العرفي والمحرر الرسمي ........... ........... .................. .......... 08
ثانيا:الفرق بين المحرر العرفي والمحرر الالكتروني ........... ........... ......................... 09
الفرع الثاني:مسالة تنازع المحررات الكتابية........... ........... ................. ........... 10
المبحث الثاني:مفهوم المحررات العرفية....... ........... ........... .......................... 11
المطلب الأول :تعريف المحرر العرفي وخصائصه ........... ........... ......................... 11
الفرع الأول:تعريف المحرر العرفي........... ........... ........... ................. ........ 11
الفرع الثاني:خصائص المحرر العرفي........... ........... ........... .................. ...... 12
أولا: انعدام الرسمية........... ........... ........... ........... .................. ........ 12
ثانيا:عدم اشتراط إجراءات معينة............................................................. 12
المطلب الثاني:شروط المحررات العرفية وأنواعها............................... ................ 12
الفرع الأول:شروط المحررات العرفية.............................................. .......... 12
أولا:الكتابة................................................................................ 12
ثانيا:التوقيع............................................................................... 13
ثالث:اثر تخلف التوقيع...................................................................... 14
الفرع الثاني:أنواع المحررات العرفية........................................................... 15
أولا: التقسيم التقليدي لأدلة الإثبات الكتابية..................................................16
ثانيا:أنواع المحررات العرفية المعدة للإثبات )السندات العرفية(................................... 16
ثالثا:أنواع المحررات العرفية الغير معدة للإثبات................................................ 18
الفصل الثاني:حجية المحررات العرفية وأسباب انقضائها......................................... 19
المبحث الأول:حجية المحرر العرفي في إثبات الوقائع والتصرفات................................. 19
المطلب الأول:حجية المحررات العرفية مابين المتعاقدين.......................................... 20
الفرع الأول:المحررات العرفية المعدة للإثبات )السندات العرفية(................................. 20
أولا:حجية المحرر العرفى التقليدي............................................................. 20
ثانيا:حجية المحرر الالكتروني................................................................. 21
الفرع الثاني:حجية المحررات العرفية الغير معدة للإثبات......................................... 22
أولا:حجية المحررات الموقع عليها............................................................. 23
ثانيا:حجية المحررات الغير موقع عليها......................................................... 25
المطلب الثاني:حجية المحرر العرفى بالنسبة للغير )التصرف يعتبر واقعة مادية(...................... 27
الفرع الأول:تحديد مفهوم الغير.............................................................. 27
أولا:الغير فى حجية التصرف................................................................. 27
ثانيا :الغير بالنسبة لصحة التاريخ ............................................................ 27
الفرع الثاني:حجية المحرر العرفي بالنسبة للغير.................................................. 28
أولا:من حيث مصدره والوقائع الثابتة فيه..................................................... 28
ثانيا:من حيث صحة التاريخ................................................................. 28
المبحث الثاني:انقضاء حجية المحرر العرفي...................................................... 30
المطلب الأول:الطعن في حجية المحرر العرفي................................................... 31
الفرع الأول:الطعن بالإنكار................................................................. 31
أولا:إجراءات التحقيق في حالة الإنكار....................................................... 32
ثانيا :دور القاضي في حالة الإنكار........................................................... 32
الفرع الثاني:الادعاء بالتزوير................................................................. 33
المطلب الثاني:سقوط حجية المحرر العرفي...................................................... 34
الفرع الأول:تحول المحرر العرفي إلى مبدأ ثبوت بالكتابة......................................... 34
الفرع الثاني:سقوط الحجية لبطلان التصرف )تخلف الرسمية(.................................... 34
أولا:تطور حجية المحرر العرفي في القانون الجزائري............................................. 35
ثانيا: مراحل التطور......................................................................... 36
خاتمة..................................................................................... 39
قائمة المراجع............................................................................... 41
الفهرس................................................................................... 44
________________________________
[1]-الآية 282 من سورة البقرة.
[2]- الآية 282 من سورة البقرة
[3] فرج توفيق حسن ،قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية منشورات الحلبي الحقوقية. ص79
[4] د-السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني) الإثبات-أثار الالتزام(دار إحياء التراب العربي ط1بيروت ص137
-كذلك يحي بكوش أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الاسلامى المؤسسة الوطنية للكتاب 1988ط2ص427
[5] كذلك يلاحظ الفرق بين تطلب الكتابة لتمام التعاقد وتطلبها للإثبات فالعقد الذي لا تتطلب الكتابة إلا لإثباته يعتبر منعقدا عند تخلفها وان استحال عليه إثباته بشهادة الشهود،ويلزم لهذا الإثبات الإقرار واليمين ،أما العقد الذي تتطلب الكتابة لتمامه،فيعتبر غير موجود في حالة تخلفها حتى ولو كان هناك إقرار بها ويمين على وجوده.انظر مصطفى الجمال .مصادر الالتزام دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية ص59
[6] د. محمد حسن قاسم-أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان 2002ص 36
[7] مع لهذا المبدأ استثناء نص عليها القانون كفقد السند لسبب اجتبى أو تعذر وجوده لمانع ادبى كما أن هناك حالة لم ينص عليها القانون الجزائري هي التحايل على القانون وهو الرأي الراجح في الفقه والقضاء .على اعتباران التحايل غش والغش يثبت بكافة طرق الإثبات,انظر ا-ملزى عبد الرحمان المرجع السابق
[8]- قرار صادر بتاريخ 11- 05- 1983، تحت رقم 28537, النشرة القضائية, عدد 43، ص 65.
[9] د-ملزى عبد الرحمان محاضرات في أدلة الإثبات المدرسة العليا للقضاء السنة الدراسية 2007/2008
[10] السنهورى المرجع السابق ص33
[11] تقابلها المادة 70 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم:08/09الصادر بتاريخ:25/02/2008
[12] مع أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية في المادة 73أصبح يجيز للقاضي بان يأمر باستخراج أو إحضار أي مستند محتجز سواء لدى الخصم أو لدى الغير متى طلبه احد الخصوم.
[13] د-السنهوري المرجع السابق هامش ص24
[14]- يوسف احمد النوافلة المحررات الالكترونية في الإثبات دار وائل للنشر الأردن 2007ص63
[15] د-يوسف احمد النوافلة المرجع السابق ص64
[16] د-يوسف احمد النوافلة المرجع السابق ص64
[17] يحي بكوش أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الاسلامى ط2 ص126
[18] عبد الحكم فودة .المحررات الرسمية والعرفية في ضوء مختلف الآراء الفقهية وأحكام محكمة النقض.دار الفكر والقانون ط2 2006ص53
[19] -مع الملاحظة إن قانون الإجراءات المدنية والإدارية نص في المادة الثامنة منه على ضرورة أن تكون الوثاق والمستندات باللغة العربية تحت طائلة عدم القبول مما يثير التساؤل عن ما مصير المحررات العرفية التي تقدم كدليل إثبات بغير اللغة العربية .يقول الأستاذ بدوى على أن هذه المحررات تعامل معاملة الأدلة الغير مستحضرة في الخصومة وذلك من غير الممكن أن نقول بقبول الدعوى شكلا وفى نفس الوقت بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم الوثائق باللغة العربية. الأستاذ بدوى محاضرات ألقيت على الدفعة السابعة عشر للقضاء السنة الدراسية:2008/2009
[20] -انظر ما سبق ذكره في الهامش أعلاه.
[21] حيث كان التوقيع إلا باليد.يحى بكوش المرجع السابق ص130
[22] يقول الله تعالى -)بلى قادرين أن نسوى بنانه( الآية الرابعة من سورة القيامة.وقد اثبت العلم أن بصمات الأشخاص تولد وتتشكل بمجرد ولادة الإنسان.وهى غير قابلة للتشوه حتى في حالة تأثير مؤثرات خارجية كالحريق والغرق ،كما أن بصمات الناس لا تتشابه بينهم إلا في حالات قليلة عند التوائم .انظر في هذا محاضرة ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة السابعة عشر بتاريخ 25/01/2008 بعنوان مصرح الجريمة.
[23]- الدكتور همام محمد محمود زهران، أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية، سنة 2002، ص 239.
وكذلك مصطفى الجمال المرجع السابق ص56
[25] د-النهورى المرجع السابق ص418
[26] هذا ما نتناوله في الفصل الثاني عند التطرق إلى حجية المحرر العرفي
[27] د-السنهورى المرجع السابق ص105
[28] مصطفى الجمال المرجع السابق. ص59
[29] 68467 المؤرخ في: 21/10/1990 مجلة قضائية 1992 عدد 1 ص 84:
[30] 68467 المؤرخ في: 21/10/1990 مجلة قضائية 1992 عدد 1 ص 84:
[31] - يحي بكوش، المرجع السابق، ص 138
[32] السنهوري المرجع السابق ص 195
[33] مصطفى الجمال.المرجع السابق ص56
'4- الدكتور محمد حسين منصور، المرجع السابق، ص 95
[35] السنهوري المرجع السابق ص246
[36] العدوى جلال على أصول أحكام الالتزام والإثبات منشاة المعارف1996ص'440
[37] الدكتور حسن عبدالباسط جمعة
[38]- سمير حامد عبد العزيز جمال، التعاقد عبر تقنيات الاتصال الحديثة, دراسة مقارنة, دار النهضة العربية, طبعة ثانية, 2007, ص 23.
[39] - د/ محمد حسين منصور ، المرجع السابق ، ص 281
[40] محمد خياط بعض التحديات القانونية التي تثيرها التجارة الالكترونية مجلة الإشعاع العدد 35 ص 17 سنة2000
[41] العدوي جلال أصول أحكام الالتزامات والإثبات نشأت المعارف 1996 ص 445
[42] السنهوري مرجع سابق ص 256
[43] د يوسف احمد النوفلة المرجع السابق ص51
[44] محمد حسن القاسم المرجع السابق ص199
[45] يحى بكوش المرجع السابق ص186
[46] - يجوز أن تصلح الورقة العرفية حجة للغير لا لإثبات واقعة مادية فحسب،بل أيضا لإثبات التصرف القانوني ،كما إذا حصر الورثة فيما بينهم التركة بمقتضى محضر عرض وارد فيه ديونا للتركة ذكوا أنها دفعت .فهدا المحضر يصلح دليلا لمدين التركة وهو من الغير على أنهم و وفو ديونهم.انظر في هذا السنهوري المرجع السابق ص107هامش.
[47] الدكتور أحمد أبو الوفاء، مرجع سابق، ص 93
[48] وقد حصرت المحكمة العليا إثبات التاريخ الثابت في التصرفات المتضمنة نقل الملكية العقارية بالتسجيل فقط وليس التصديق عن طريق البلدية قرار رقم 315271بتاريخ:21/12/2005المجلة القضائية 2006عدد2 ص198
[49] - يحي بكوش ، المرجع السابق ، ص 141
[50] تطبيقات قضائية في المادة العقارية مديرية الشؤون القانونية 1995وزارة العدل29
[51] -أما إذا كان التوقيع مصادقا عليه فلا يجوز له الطعن بالإنكار بل يجب عليه الطعن بالتزوير .انظر في هذا الصدد د السنهورى مرجع سابق ص189
كذلك ملزى عبد الرحمان محاضرات في أدلة الإثبات المدرسة العليا للقضاء 2007/2008
[52] -قرار رقم:350942بتاريخ:04/01/2006
[53] قرار رقم 351676
[54] محمد توفيق اسكندر الخبرة القضائية دار هومة 2006ص96
[55] قد تكون هناك مبررات لإقامة الدعوى أمام القضاء المدني وذلك لاستحالة قيام الدعوى العمومية كوفاة المتهم أو تقادم الدعوى.
[56] ا)زودة عمر محاضرات في قانون الإجراءات المدنية ألقيت على طلبة الدفعة السابعة عشر للقضاء2006/2007
[57] ا ملزى عبد الرحمان محاضرات في أدلة الإثبات المدنية الدفعة السابعة عشر للقضاء السنة الدراسية:2007/2008
[58] همام محمد محمود مرجع سابق ص225
[59] د السنهورى المرجع السابق ص423
[60] كالقرار رقم 200454 المؤرخ في 31/01/2000
[61] مع الملاحظة إن المحرر العرفي يكون حجة إذا كان له تاريخ ثابت قبل تاريخ:01/01/1971 إما إذا لم يكن له ذلك فتخضع حجيته للسلطة التقديرية للقاضي
[62] حمدى باشا عمر.مبادى القضاء العقاري دار العلوم للنشر والتوزيع .2000 ص9و10
[63] -قرار بتاريخ 02/02/2000 تحت رقم 232678-المجلة القضائية 2001 العدد الأول ص 268 انظر في هذا الإطار عمر حمدي باشا-ليلى زروقى.المنازعات العقارية.دار هومة ط2006 ص53
[64] -قرار بتاريخ:26/02/2000 تحت رقم :10419غير منشور

0 تعليق:

إرسال تعليق