بحث هذه المدونة الإلكترونية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات

من إعداد الطالبة القاضية مجلس التربـــص
عبـد العزيز مــنية مجلس قضاء البلـيدة
الدفعة السادسة عشرة
2005 – 2008
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات
المــقـدمـــــة
إن المحاكم الجزائية قد اعتمدت في تأسيس أحكامها على أسلوب التسبيب القائم أساسا على ذكر الأسباب و التي هي مجموعة الأدلة و الأسانيد و الحجج التي يقوم عليها منطوق الحكم و هو أسلوب ينطبق و نوعية أحكامها ، و من ثمة كان أساس الحكم الجزائي الصادر عن محاكم الدليل هو التسبيب و هو يخضع إلى القواعد العامة في تأسيس الأحكام الجزائية المعمول بها في أغلب التشريعات .
و من هذا المنطلق فإن الحكم الجزائي يقوم على أساسيات تتمثل في ديباجة الحكم ثم الأسباب بذكر الوقائع و الظروف التي وقعت فيها الجريمة و النصوص القانونية المطبقة و هو أساس الحكم وفقا للمادة 379 من قانون الإجراءات الجزائية و أخيرا المنطوق و هو خلاصة تطابق الوقائع الجرمية مع النصوص العقابية و هو نفسه الجزء القابل للتنفيذ .
إلا أن هذه القاعدة لا تنطبق على الأحكام الصادرة عن محاكم الجنايات في الدعوى العمومية و إنما يقوم مقام التسبيب فيها الأسئلة المطروحة و الأجوبة المعطاة عنها ، و هو أسلوب متميز لتأسيس حكم محكمة الجنايات لما له من نجاعة .
و ورقة الأسئلة كأساس لتأسيس حكم محكمة الجنايات هي عبارة عن مجموعة من الأسئلة ضمن ورقة توضع من قبل جهة مخولة بذلك قانونا تتمثل في رئيس محكمة الجنايات الذي هو رئيس الجلسة وفقا لمعايير و شروط محددة يجب مراعاتها و احترامها .و نظام الأسئلة ليس تسبيبا بالمعنى السائد و المتداول بشأن الأحكام الجزائية إنما هو أسلوب مغايـر.
و غاية القول فإنه تطرح عدة تساؤلات في هذه الحالة من بينها ماهية الإجراءات المتبعة في تأسيس حكم محكمة الجنايات و هل هذه الإجراءات تتمتع بالخصوصية ؟ و هل ورقة الأسئلة تعتبر كافية تفي بالغرض الذي وجدت من أجله؟ .بالإضافة إلى أن وضع الأسئلة أمام محكمة الجنايات قد أثار عمليا بعض الإشكالات نظرا لاختلاف المفاهيم حولها.
هذه الأسئلة في مجموعها تكون إشكالية البحث لذلك ارتأينا وجوب دراسة مجال تأسيس الحكم الصادر عن محكمة الجنايات التي تستند على نظام الأسئلة و الأهمية التي يحظى بها هذا النظام كإجراء جوهري من خلال:
أنه يحل محل التسبيب إذ تعتبر الأسئلة أسلوبا خاصا في تأسيس الحكم الجنائي
أنه إجراء جوهري عدم القيام به أو السهو عنه يؤدي إلى بطلان الحكم
أنه مصدر و مرجع هام لرقابة الأحكام الجنائية و مجالا خصبا لنقضها
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المقدمـــــة
و على الرغم من التطور شبه اليومي لمفهوم الجريمة و أنواعها و إجراءات المحاكمة الجنائية إلا أنه لا توجد إلا قلة من الكتب و البحوث المهتمة بهذا الجانب العملي الإجرائي خاصة فيما يتعلق بنظام الأسئلة و أن معظم المراجع في هذا الموضوع هي عبارة عن بحوث و محاضرات و مقالات في مختلف المجلات .
لهذا فإن بحثنــا في موضوع نظام الأسئلة في قضاء محكمة الجنايات سيكون ضمن المنهج التالي:
مقدمــة بينت فيها أهمية هذا البحث و الاختلاف بين محاكم الدليل و محاكم الاقتناع و الإشكالية المطروحة.
مبحث تمهيدي احتوى على اختصاص محكمة الجنايات و خصائصها و بين ما تتميز به عن الجهات القضائية الأخرى.
مبحث أول تعرض لورقة الأسئلة من الناحية الشكلية و الموضوعية لها حيث في المطلب الأول تطرقنا لخاصية ورقة الأسئلة أما في المطلب الثاني فتم التعرض لمضمون هذه الورقة.
مبحث ثاني تعرضت فيه لمصدر الأسئلة و أنواعها ففي المطلب الأول تطرقت للمصدر الأساسي لها و هو منطوق قرار الإحالة أما في المطلب الثاني تحدثت فيه عن المصدر الثاني و هو المرافعات و أخيرا خصصت المطلب الثالث للحديث عن الأسئلة المتعلقة بظروف التخفيـــف.
مبحث ثالث ضم ثلاثة مطالب الأول تلاوة الأسئلة بالجلسة و الثاني الإجابة عن الأسئلة المطروحة و الثالث علاقة الحكم بورقة الأسئلة و ورقة المرافعات
و أخيرا الخاتمة التي دونت بها أهم النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث مع بعض الاقتراحات
و لا يفوتني القول أن هذا العمل من جهد البشر الذي يسري عليه الخطأ و ما أحسن ذلك القول الذي ورد على لسان المزني حيث قال " قرأت على الشافعي كتاب الرسالة ثمانين مرة و في كل مرة أقرؤه يغير و يبدل و أخيرا قرأت قوله تعالى "و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا." " سورة النساء الآية 82
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات خطــة البحث
الخــــطـــــة
المقدمــــــة
المبحــث التمهيـــدي
اختصـاص محكمـة الجنايـات و خصائصـها
المطلب الأول: الاختصاص و معايير تحديده
الفرع الأول: مفهـــوم الاختصـــاص
الفرع الثاني: معيـار تحديــد الاختصاص
المطلب الثاني: خصائص محكمة الجنايــات
الفرع الأول: خاصية أنها محكمـة مختلطـة
الفرع الثاني: خاصية أنها محكمـة اقتنــاع
الفرع الثالث: خاصية عدم قابلية أحكامها للطعن بالاستئناف
المبحــــث الأول
ورقـــة الأسئلـــة و خاصيتــــها
المطلب الأول: خاصية ورقة الأســـئلة
الفرع الأول: من حيث انعدام التسبيــب
الفرع الثاني: من حيث التصدي للوقائـع
المطلب الثاني: مضمــون ورقــة الأسئلــة
الفرع الأول: المحتوى الشكلــي لورقة الأسئلة
الفرع الثاني: المحتوى الموضوعي لورقة الأسئلة
الفرع الثالث: الجهة المخولة بإعداد ورقة الأسئلة
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات خطــة البحث
المبحــــث الثانــي
مصـــادر الأسئلـــة و أنواعـــها
المطلب الأول: مصـــادر الأســـــئلــة
الفرع الأول: قــــــرار الإحالـــــة
الفرع الثاني: إجــراءات المرافـعــــات
المطلب الثاني: أنــــــواع الأسئـــــلة
الفرع الأول: الأسئلــــة الرئيسيــــــة
الفرع الثاني: الأسئلة المستخرجة من المرافعـات
الفرع الثالث: الأسئلة المتعلقة بظروف التخفـيف
المبحــــث الثـالــث
تـلاوة الأسئلــة و الإجابــة عنـــها
المطلب الأول: تـــلاوة الأسئلــة بالجلسـة
الفرع الأول: الأسئــلة الواجــب تلاوتهــا
الفرع الثاني: النزاعات الناشئة عن وضع الأسئلة
الفرع الثالث: عيـــــــوب الأسئلــــة
المطلب الثاني: الإجابـة عن الأسئلـة المطروحة
الفرع الأول: مرحلــــة المداولــــــة
الفرع الثاني: مضمــون الإجابـة عن الأسئلـة
الفرع الثالث: النطــــــق بالحكـــــم
الفرع الرابع: عيــــــوب الإجابــــات
المطلب الثالث: علاقة ورقة الأسئلة بالحكم و محضر المرافعات
الفرع الأول: علاقـــــة الحكـم بورقــة الأسئلــة
الفرع الثاني: علاقـــــة الحكـم بمحضر المرافـعات
الخــاتــمـــة
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث التمهيدي

المبحـــث التمهيــــدي

اختصـاص محكمــة الجنـايـات و خصـائصهـا

تعتبر محكمة الجنايات جهة قضائية متميزة عن باقي الجهات القضائية الجزائية الأخرى و ذلك لما تتميز به من خصائص و إجراءات سنها المشرع نظرا لخطورة القضايا التي تختص بالفصل فيها، إذ أن محكمة الجنايات تعتبر هي الجهة القضائية المختصة بالفصل في الأفعال التي توصف بأنها جنايات و توصف بأنها جنح أو مخالفات مرتبطة بها و المحالة إليها بقرار من غرفة الإتهام بالإضافة أن لها كامل الولاية في الحكم على الأشخاص البالغين جزائيا و ليس لها أن تقرر عدم اختصاصها.
و سنحاول من خلال هذا المبحث التمهيدي توضيح مميزات و خصائص محكمة الجنايات و تحديد اختصاصها

المطــلب الأول : الاختصاص و معاييــر تحديـده

الفـــرع الأول : مفهـــوم الاختصاص

بعد تشكيل الجهة القضائية تشكيلا قانونيا تطرح مسألة مدى اختصاصها للفصل في الدعوى المطروحة عليها.
فالاختصاص هو أهلية جهة قضائية معينة للنظر أو الفصل في دعوى جزائية محددة، و لكي يمكن انعقاد الاختصاص لمحكمة الجنايات بالفصل في الجرائم المعروضة عليها يجب أن تتوفر جملة من الشروط، و هي أن تكون الجريمة المعروضة عليها ذات وصف جنائي أو على الأقل ذات وصف جنحي أو مخالفة مرتبطة بالجناية ارتباطا مباشرا و متماسكا ، و أن تكون قد أحيلت عليها بمقتضى قرار احالة صادر عن غرفة الاتهام. و بمعنى آخر أشمل يمكن القول و حسب المادة 248 من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالقانون رقم 75-46 لسنة 1975 أن محكمة الجنايات تعتبر هي الجهة القضائية المختصة بالفصل في الأفعال الموصوفة بأنها جنايات. و كذلك الجنح و المخالفات المرتبطة بها بالإضافة إلى الجرائم الموصوفة بأنها أفعال إرهابية أو تخريبية المحالة عليها بقرار من غرفة الاتهام.
أما بالنسبة إلى الاختصاص المحلي فإن مجال اختصاص محكمة الجنايات يمتد ليشمل كل الجنايات الواقعة ضمن دائرة المجلس القضائي التي تنتمي إليه إداريا و قضائيا.
و أما بالنسبة إلى الاختصاص بالفصل في الدعوى المدنية التبعية التي يكون هدفها و موضوعها الحكم بالتعويض عن الضرر الناتج عن الأفعال الجرمية المعروضة على محكمة الجنايات فإن هذه الدعوى تكون داخلة ضمن اختصاص محكمة الجنايات بالتبعية و بصفة استثنائية. و كذا يجب ان يكون الشخص المحال عليها من الأشخاص البالغين جزائيا(1) و كذاك القصر البالغين 16 سنة كاملة الذين يكونون متابعين بارتكاب أفعال إرهابية أو تخريبية محالين إليها بقرار نهائي من غرفة الاتهام . و بالمقابل فإنها لا تختص بالفصل في أي اتهام آخر غير وارد في قرار الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام.

الفرع الثـاني : معيــار تحديــد الاختصاص

اعتمد المشرع معايير ثلاثة لتحديد الإختصاص الذي ينعقد للجهة القضائية و سنتناوله في النقاط التـــــــــالية:
1- معيار شخص المتهم :
لقد نصت المادة 249 من قانون الإجراءات الجزائية على أن لمحكمة الجنايات كامل الولاية في الحكم جزائيا على الأشخاص البالغين لسن الرشد الجزائي بتمام الثامنة عشر حسب المادة 442 من قانون الإجراءات الجزائية يوم ارتكاب الوقائع أو أفعال الجريمة وليس يوم تقديمه و منه لا يجب إثارة أي دفع يتعلق بعدم الاختصاص أمام محكمة الجنايات ماعدا الحالة التي يكون فيها المتهم وقت الوقائع حدثا(2) و إذا كان سنه 16 سنة وقت ارتكاب الوقائع و توبع بارتكاب أفعال إرهابية أو تخريبية فإن ذلك لا يطرح أي إشكال و تكون المحكمة مختصة بنظر الدعوى قانونا وفقا لنص المادة المذكورة أعلاه .
2- معيار نوع الجريمة أو الاختصاص النوعي :
كقاعدة عامة فإن محكمة الجنايات مختصة بالفصل في الدعاوى العامة المرفوعة بشأن الجرائم ذات الوصف الجنائي و غير مختصة بالفصل في الجنح و المخالفات و لكن إستثناء، فإن قانون الإجراءات الجزائية قد نص في المادة 248 منه ، تعتبر مختصة بالفصل في الأفعال الموصوفة بأنها جنح أو مخالفات المرتبطة بالجناية و المحال اليها بموجب قرار من غرفة الإتهام، و كذا يشمل اختصاصها الفصل في الدعاوي المدنية التبعية التي يقيمها الضحية .
3- معيار محل ارتكاب الجريمة أو الاختصاص المحلي :
إن اختصاص محكمة الجنايات مرتبط بإختصاص غرفة الإتهام التي تنتسب إلى نفس المجلس القضائي الذي تنتسب إليه محكمة الجنايات و عليه فإن محكمة الجنايات لا تختص بنظر أي اتهام آخر غير ذلك الذي صدر عن غرفة الاتهام، و نصت المادة 251 من قانون الإجراءات الجزائية على أن ليس لمحكمة الجنايات أن تقرر عدم اختصاصها فإن هذا المبدأ لا يعني إلا الاختصاص النوعــي العام حيث يمتد اختصـاص محكمة الجنايات المختصة مبدئيـا بالفصل في
__________________________
(1) أ. عبد العزيز سعد أصول الإجراءات أمام محكمة الجنايات الديوان الوطني للأشغال التربوية الطبعة الأولى 2006
(2) أ.أحمد الشافعي البطلان في قانون الإجراءات الجزائية الديوان الوطني للأشغال التربوية الطبعة الثانية 2006
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث التمهيدي
الجنايات المرتكبة من البالغين إلى الفصل في الجنح و المخالفات المرتبطة بها و بتمتعها بالإختصاص الكامل فإن محكمة الجنايات تقضي حتى في الجنايات التي تخرج عن اختصاصها المحلي. و كذاك القاصرين البالغين 16 سنة الذين يكونون قد ساهموا في أعمال موصوفة بالتخريبية أو الإرهابية
ومهما يكن من أمر و سواء انعقدت جلسات محكمة الجنايات بمقر المجلس أو بمكان آخر فإن الإختصاص الإقليمي لمحكمة الجنايات سيمتد بحكم القانون ليشمل كافة الجرائم التي تقع داخل دائرة الإختصاص المحددة قانونا للمجلس القضائي الذي تتبعه أو تنتسب اليه.
وخلاصة القول أن الدفع بعدم الإختصاص أمام محكمة الجنايات إذا حصل يتعين القضاء بعدم قبوله وهو مبدأ عام يشمل الإختصاص المحلي و النوعي و الشخصي حتى و لو تغير الوصف القانوني للوقائع الجرمية فإن محكمة الجنايات تبقى مختصة و لا يجوز أن تصرح بعدم اختصاصها إلا في حالة ما إذا أحالت غرفة الإتهام عسكري أو حدث عليها بطريقة غير صحيحة.

المطلب الثــاني : خصـــائص محكمــــة الجنايات

الفـــرع الأول : خاصية أنها محكمـة مختلطــة

إن نص المادة 146 من دستور 1996 تنص على أن يختص القضاة بإصدار الأحكام القضائية و يمكن أن يساعدهم في ذلك مساعدون شعبيون و لقد نصت المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية قبل التعديل بموجب الأمر 95-10 على أن محكمة الجنايات تتشكل من ثلاثة قضاة محترفين و أربع محلفين مساعدين إلا أنه و تحت الانتقادات الموجهة لهذه التشكيلة من القضاة و المحامين و المهتمين بحقوق الدفاع و حريات الأفراد أصبحت تشكيلة محكمة الجنايات تتكون من ثلاثة قضاة محترفين أحدهم برتبة رئيس غرفة بالمجلس القضائي على الأقل رئيسا و إثنين برتبة مستشار بالمجلس على الأقل بالإضافة إلى محلفين اثنين يتم اختيارهم من قائمة معينة يتم تحديدها مسبقا وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 264 و مابعدها من قانون الإجراءات الجزائية.

الفـــرع الثـاني : خاصية أنها محكمــــة اقتنــاع

" إن القانون لا يطلب من القضاة ان يقدموا حسابا عن الوسائل التي بها قد وصلوا إلى تكوين إقتناعهم ولا يرسم لهم قواعد بها يتعين عليهم أن يخضعوا لها على الأخص تقدير تمام أو كفاية دليل ما ولكنه يأمرهم أن يسألوا أنفسهم في صمت و تدبر و أن يبحثوا بإخلاص في ضمائرهم في أي تأثير أحدثه في إدراكهم الأدلة المسندة إلى المتهم و أوجه الدفاع عنها ولم يضع لهم القانون سوى هذا السؤال الذي يتضمن كل نطاق واجباتهم : هل لديكم اقتناع شخصي؟" و منه فإن قضاة محكمة الجنايات احرار في كيفية تكوين اقتناعهم من خلال ما يتم عرضه أمامهم من أدلة إثبات من طرف النيابة العامة و أدلة نفي من طرف المتهم و محاميه و ما يجري من مرافعات و ما يقدم مـن
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث التمهيدي
خبرات و موازنتها و تقديرها في صمت و تدبر حتى يتكون لديهم الإقتناع بالبراءة أو الإدانة و ذلك بواسطة الإجابة عن الأسئلة المطروحة عليهم و التي تتم بالتصويت السري المكتوب بنعم أو لا حسب الاقتناع الشخصي لكل واحد منهم ثم تؤخذ الإجابة النهائية بالأغلبية بالإضافة إلى أن القانون لا يطلب منهم تعليل أو تسبيب الحكم الذي يصدرونه في الدعوى العمومية.

الفـــــرع الثالث : خاصية عدم قابلية أحكامها للطعن بالاستئناف

تقضي محكمة الجنايات في الدعوى العمومية المعروضة عليها بموجب قرار احالة الصادر عن غرفة الاتهام أو المحالة عليها من طرف الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا -بعد نقض و ابطال الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات- بأحكام ابتدائية و نهائية لا تقبل الطعن فيها إلا عن طريق الطعن بالنقض أمام الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا و لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف و هذا في الدعوى العمومية و الدعوى المدنية التابعة لها و هذا ما يستخلص من الفقرة الثانية من المادة 250 من قانون الإجراءات الجزائية التي ورد فيها ما يفيد أن محكمة الجنايات تقضي بقرار نهائي.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول

المبحــــث الأول

ورقـــــة الأسئلــــة و خــاصيتها

إن المادة 144 مـن الدستور و المادة 379 من قانون الإجراءات الجزائية تـوجبان أن تكـون الأحـكام الصادرة مـن الجهـات القضائية أحكـاما مسببة و معللة تعـليلا كافيا، و توجبان أن يشتمـل كل حكم على أساس و منطوق وأن الأسباب هي أساس الحكم و بيانها في الحكم ضـروري لإضفاء ثقة الناس عليهـا و لتمكين المحكمة العليا من ممارسـة سلطاتها في مراقبة سلامة تطبيـق القـانون، أما المادة 307 من قانون الإجراءات الجزائية فقـد أعفـت قضاه محكمة الجنايـات مـن بيان أسباب اقتناعهم بإدانة المتهم، باعتبار أن القـانون لا يطلب منهـم أن يقـدموا حسابا عن الوسائل التي توصلوا بها إلى تكوين اقتناعهم و تأييدا لـذلك فإن الإجتهاد القضائي و الفقه قد استقـرا علـى أن الأسئلة التي تستخلص من منطوق غرفة الاتهام و الأجوبة التي تناقش و يصوت عليها في غرفة المداولات تشكل أسباب الحكم و تقوم مقام تعليله. و أن اساس ورقة الأسئلة كنظام معتمد لتأسيس حكم محكمة الجنايات مـرده إلى عــاملين اثنيـن:
*الأول: أن محكمة الجنايات مشكلة من ثلاثة قضاة و محلفين و هذين الأخيرين هم السبب المباشر في إعتماد نظام الأسئلة كأساس لحكم محكمة الجنايات و منه يتضح أن هذا السبب مرتبط أساسا بتشكيلة و تركيبة المحكمة التي من بين أعضائها محلفين لا علاقة لهما بالجهاز القضائي و يتم اختيارهم على طريقة القرعة وفق إجراءات و قواعد قانونية محددة سلفا. (1)
*الثاني: أما العامل الثاني هو أن محكمة الجنايات هي محكمة اقتناع أساسها المادة 307 من قانون الإجراءات الجزائية لذلك لا تحتاج فـي تأسيس أحكامها إلى الـقواعد و الأحكام الخاصة بالتسبيب فيكفي الإجابة على الأسئلة الموضوعة حتى تعتبر محكمة الجنايات قد أسست حكمها بشكـل كاف.
و منه فـإن غاية القـول أن وجود المحلفين ضمن تشكيلة محكمة الجنايات فضلا عن كون أن أحكامهم تصدر تبعا لاقتناعهم الشخصي كانا سببين كافيين لبروز نظام الأسئلة ضمن إجراءات المحاكمة الجنائية، و هو الشيء الذي أكسبها نوعا من الخصوصية باعتبارها تحل محل تسبيب و تعليل حكم محكمة الجنايات .
_______________________________
(1) تاريخ المحلفين أ. عبد العزيز سعد محاضرة بعنوان الأصول العامة لمحكمة الجنايات و اجراءات المحاكمة ندوة وطنية للقضاء
الجنائي 24/25 نوفمبر الديوان الوطني للأشغال التربوية 1994 ص.50
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول

المطلــب الأول : خاصيــة ورقــة الأسئلـــة

الفـــرع الأول : مـن حيـث انعدام التسبيــب

إن ورقة الأسئلة لـها دور كبيـر في سير إجراءات المحاكمة أمام محكمـة الجنايـات كون أحكامها لا تسبــب.
* القـاعدة : تسبيــب الأحكــام
إن القاعدة العامة في جميع الأحكام مهما كـان نوعها هـو خضوعها إلى إجراء مهم و جوهري هو التسبيب الذي يعتبر من أقوى الضمانات التي فرضهـا القانون على القضـاة الذين ساهموا في إصدار الحكم أو القرار كما ينبغي تبيان الحجج التـي بني عليها الحكم، و الأهداف المقصودة التي أراد المشرع تحقيقها من خـلال سنه لـهذا الإجراء هي في عمومها لا تخرج عن الأهداف التــالية:
- إن تسبيب الأحكام هو ضمان للقاضي على حسن قيامه بعمله و ضمانا للخصوم لمعرفة مبررات الحكم للتظلم فيه إذا تفطنوا إلى وجود أي خطأ.
- ان التسبيب يدفع القاضي إلي العناية بحكمه و توخي العدالة.
- ان التسبيب يمكن المحكمة العليا من ممراسة حقها في الرقابة على الأحكام و القرارات القضائية.
و من خلال هذا يبقى التساؤل قائما حول امكانية تطبيق الأحكام و القواعد الخاصة بالتسبيب على ورقة الأسئلة كاستثناء عن القاعدة العامة بوصفها تحل محل التسبيب.
* الاستثــــــــــــناء :
إذا كانت الأسباب تعتبر من أهم العناصر و المكونات الجوهرية التي يجب أن يشتمل عليها الحكم الجزائي تحت طائلة البطلان و النقض فإن الإستثناء على القاعدة يمكن أن نجده في الحديث عن الحكم الصادر في مادة الجنايات مادامت لا تسبب بالطريقة التي تسبب بها الأحكام الأخرى، إلا أن هناك من يذكر هذه الصفة و يعتبر أن أحكام محكمة الجنايات لا تسبب أصلا ولا مجال للحديث عنها و حجتهم في ذلك أن الأسئلة المستخلصة من منطوق قرار الإحالة و الأجوبة التي توضع بشأنها تشكل أساسا للحكم و تقوم مقام تعليله و بذلك فهي لا تشكل تسبيبا حقيقيا بل يمكن أن تعد بمثابته إلا أن هناك من يرى أنها طريقة و نموذج جديدين معتمد في تسبيب الأحكام الجنائية و هو يتناسب مع الطبيعة الخاصة للمحكمة التي يصدر من طرفها.
إن الطريقة المتمثلة في ورقة الأسئلة لا تسبب الحكم الصادر في مادة الجنايات بالطريقة و الأسلوب المتبعين في تسبيب الأحكام الجزائية المنصوص عليها في المادة 375 من قانون الإجراءات الجزائيــة غير أنهـــا تفضـــي إلى نفس النتيـجة و هو صدور حكم مؤسس تأسيسا كافيا .
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
محترما الشروط الواردة في المادة 314 من قانون الإجراءات الجزائية الخاصة بالحكم الجنائي الصادر في الدعوى العمومية.
فالأسئلة و الأجوبة التي يتظمنها الحكم الجنائي من شأنها أن تلعب دور إقناع الخصوم بعدالة الأحكام إذ تشكل مراحل متسلسلة توضح كيف أن المحكمة وصلت إلى هذا المنطوق كما أنها تدفع المحكمة إلى العناية بهذا الحكم، و هذا ما نلمسه من خلال قيام الرئيس بإعداد ووضع الأسئلة المناسبة حسب الشروط القانونية و وفق القواعد المقررة، و قيام المحكمة بالمداولة بشأنها للوصول إلى حكم قانوني، تمكن المحكمة العليا من ممارسة سلطة الرقابة على مدى صحتها و مدى احترامها للقواعد الخاصة بوضعها و طرحها و هي بذلك تمارس الرقابة على صحة الحكم الجنائي. (1)
إلا أن الأستاذ سليمان بــارش(2) يرى في مقال نورد جزءا منه جاء فيه " ... و قد اوجب القانون على محكمة الجنح ضرورة تسبيب الحكم في حين لم يلزم محكمة الجنايات بذلك وعليه فإن الملاحظة الأساسية التي نود الإشارة إليها هي إمكانية الإخلال بحقوق المتهم نتيجة عدم تسبيب الحكم... إن مسألة الاقتناع الشخصي مسألة باطنية لا تفيد بحقيقة الدليل إذ أنها تختلف من عضو إلى عضو فقد يكون اقتناعه من الأدلة المادية في حين يكون آخر اقتناعه بمجرد المظاهر الخارجية لشخصية المتهم، و بالتالي فإن الإقتناع الشخصي لا يفيد بالأساس الحقيقي للحكم لهذا نرى ضرورة وجوب تسبيب الحكم خصوصا و ان محكمة الجنايات محكمة ذات طابع شعبي ... و خلاصة القول فإن عدم تسبيب حكم محكمة الجنايات و هي أخطر المحاكم و وجوب تسبيب احكام الجنح فيه انتهاك لمبدأ الشرعية الإجرائية ..." .
و مع هذا يمكننا القول أن الأسئلة تحقق نفس الأهداف و الغايات التي يحققها عادة التسبيب حسب القواعد العامة و هو الأمر الذي يجعلنا نخلص الى أن الوسيلة و الأداة قد تختلف في مجال التسبيب لكن النتيجة واحدة.

الفــرع الثــــاني : مــن حيــث التصـدي للــوقائع

لقد اعتبر الدكتور حسن علام ان الحكم كعمل إجرائي يجب أن يتضمن بيانا للجهة التي صدر عنها و أوضاع صدوره و الواقعة التي صدر فيها (3) إلا أن الأمر بالنسبة للقانون الجزائري يختلف فلا نجده قد تكلم عن الوقائع أصلا و دليل هذا نص المادة 379 من قانون الإجراءات الجزائية كونه جاء خاليا من وجوب بيان الوقائع أو النص عليها إلا أن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للوقائع في الحكم الصادر عن محكمة الجنايات مما هو عليه في الحكم الجزائي، إذ نجد المادة 314 من قانون الإجراءات الجزائية قد حسمت مسألة الوقائع بالنسبة لأحكام محكمة الجنايات و نصــت
________________________________
(1) الأستاذ جيلالي بغدادي الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية الديوان الوطني للأشغال التربوية الجزء 1 طبعة 2002 ص.343
(2) مقال بعنوان مبدأ الشرعية في مشروع تعديل قانون الإجراءات الجزائية جريدة النصر عدد 30-12-1983
(3) الدكتور حسن علام قانون الإجراءات الجنائية منشأة المعارف الاسكندرية طبعة 2 1991 ص. 535
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
صراحة في الفقرة 6 منها على وجوب اشتمال الحكم على الوقائع موضوع الاتهام، و لقد عرفنا أن الحكم الجنائي الصادر في الدعوى العمومية يتكون في مجمله من أسئلة و أجوبة خاصة بها تشكل أساس الحكم و منطوقه و هذا هو أيضا مكان الوقائع المتضمنة في الحكم الجنائي و عليه فإن الوقائع بما تتضمنه من أركان الجريمة و ظروفها تشكل أقوى العناصر التي يقوم عليها مضمون الأسئلة ، غير أنه و مما تجدر الإشارة إليه أن القانون و من خلال نص المادة 314 من قانون الإجراءات الجزائية إلى جانب أنه لم يحدد الطريقة التي يتم فيها تناول هذه الوقائع و علاقتها بالأسئلة حيث أن المحكمة العليا اعتبرت أن الأسئلة و الأجوبة المعطاة بشأنها تحتوي على بيان جميع الوقائع موضوع الاتهام و هو ما يتجلى من خلال قرار المحكمة العليا عندما اعتبرت أن الطعن المقدم من النائب العام لدى مجلس قضاء جيجل حول الوجه المأخوذ من مخالفة قاعدة جوهرية في الإجراءات لعدم اشتمال الحكم الجنائي على الوقائع موضوع الاتهام حسب ما تقتضيه المـادة 314 فــقرة 6.

المطلـب الثـــاني : مضمــون ورقـــة الأسئلـــة

إن ورقـة الأسئلة ليست مجرد ورقة عادية ضمن أوراق ملف الدعوى بل أنها ذات قيمة إثباتيه متميزة تأخذ قيمتها مـن كونها تشكل جـزءا من الحكـم و مكملا له (1)، كما تعتبر المرجع الأساسي في عملية تأسيس أحكام محكمة الجنايات طالما أنها لا تسبب.
و يقصد بمضمون ورقة الأسئلة المحتوى الذي تتشكل عليه و هي عبارة عن مجموعة أسئلة تقوم بدورها على عناصر تعد النواة التي تبنى عليها سواء كانت تخص الجانب الشكلي أو الموضوعي.

الفــرع الأول : المحتـوى الشكلــي لـورقــة الأسئلـــة

1- شكــل ورقـــة الأسئلـــة :
يرى الأستاذ عبد العزيز سعد طالما أن شكل الأسئلة غير محدد و هو بذلك متروك للاجتهاد الشخصي للقاضي على إتباع و اتخاذ أي شكل معين لورقة الأسئلة يرى أن العملية لا تعدوا أن تكون تقنية تتطلب فنيات من واضعيها.
________________________________
(1) مختار سيدهم مقال بعنوان محكمة الجنايات و قرار الإحالة عليها
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
فإذا كان المشرع لم يحدد شكل معين تتخذه ورقة الأسئلة و اكتفى بالتأكيد على أنه يذكر فيها الإجابات المتوصل إليها من طرف أعضاء محكمة الجنايات فإن ذلك أدى إلى بروز عمل ميداني مفاده احتواء هذه الأسئلة ضمن جدول مقسم إلى ثلاثة أقسام أو جداول و هذا ما جاءت به المحكمة العليا حيث تحرر الأسئلة من طرف رئيس محكمة الجنايات على ورقة خاصة تسمى ورقة الأسئلة مقسمة إلى ثلاثة أعمدة يذكر في العمود الأيمن الرقم الترتيبي للسؤال و في العمود الأوسط نص الأسئلة و في العمود الأيسر الأجوبة عليها (قرار صادر يوم 4جوان 1974 من الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 9956) (1) كما جرى العمل بأن تلي الجدول المذكور المقررات التي تتخذها المحكمة من براءة أو إعفاء أو إدانة و في هذه الحالة العقوبات المحكوم بها و النصوص القانونية المطبقــــــة.
فالأسئلة تحرر من قبل رئيس محكمة الجنايات أو تحت إملائه في ورقة الأسئلة يذكر فيها ما تقرره المحكمة و يوقع عليها حالا الرئيس و المحلف الأول طبقا للمادة 309 الفقرة 6 من قانون الإجراءات الجزائية و تحتوي ورقة الأسئلة عموما علــــــــى:
- المجلس التابعة له محكمة الجنايات
- تاريخ الجلسة
- اسم المتهم أو المتهمين
- نوع التهمة
ثم تذكر الأجوبة و الأسئلة المعطاة بالترتيب التالـــي:
- السؤال الأصلي المتعلق بالإدانة.
- الأسئلة الفرعية المتعلقة بالوقائع المختلفة.
- أسئلة الظروف المشددة
- الأسئلة الاحتياطية
- سؤال الظروف المخففة
- بالإضافة إلى منطوق الحكم.
و منه فإن هذا الشكل يفي بالغرض المطلوب منه كون الأسئلة تصاغ ضمنها على نحو تصان فيه كل الشروط القانونية الخاصة بالأسئلة مما يجعل ضرورة اعتماده و افراغه في قالب رسمي تفاديا لأي تناقض.
________________________________
(1) الأستاذ جيلالي بغدادي الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية ط1 الجزء 2 الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002 ص. 185
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
2- طـريقــة وضـع الأسئلـة :
قبل التطرق إلى طريقة وضع الأسئلة يجب الملاحظة أن هناك فرق بين عملية وضع الأسئلة و مسألة طرحها حيث أن الأسئلة توضع و تحرر قبل بداية إجراءات المحاكمة بينما طرحها يكون بعد غلق باب المرافعات و على أعضاء المحكمة بغرفة المنشورة و المداولة قصد الإجابة عنها، و إن وضع الأسئلة يكون في أي مكان يرغب فيه رئيس محكمة الجنايات بالإضافة إلى أن الغرض من وضعها هو احترام إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة الجنائية يؤدي إغفاله إلى البطلان الذي يرتب النقض بينما يبقى الهدف من طرح الأسئلة هو مناقشتها من قبل أطراف الدعوى العمومية بالإضافة إلى الوصول إلى إجابات حولها.
إن وضع الأسئلة و تحريرها يتم بطريقتيــــن :
أ- الطــــــريقة الأولى : أساسها وضع سؤال واحد يشمل كافة عناصر الجريمة أو الواقعة دفعة واحدة دون دمج للظروف المشددة على أن تجيب عنها المحكمة بجواب واحد و ورودها بهذا الشكل لا يسبب عدم الانسجام كما يحول دون وقوع تناقض الإجابة مع مختلف عناصر الواقعة و مثال ذلك :" هل المتهم .... مذنب باختلاسه أموالا عمومية عمدا تابعة لمؤسسة .... كانت موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها أثناء ممارسته كموظف بهذه المؤسسة الاقتصادية و العمومية و ذلك خلال سنة ...... وعلى أي حال منذ زمن لم يمض عليه أمد التقادم القانوني بعد بمكان.......... اختصاص محكمة الجنايات لمجلس قضاء ....." الجواب كان لا بالأغلبية.
وهنا يتضح من خلال صيغة السؤال أنه تضمن كافة عناصر الواقعة دفعة واحدة فشمل السؤال كل من ركن اختلاس أموال عمومية، ركن العمد، ركن الوظيفة و ركن وضع الأموال تحت يده بمقتضى وظيفته.
إلا أن هذه الطريقة لا تخلو من بعض العيوب و النقائص إذ أن صياغة السؤال بهذا الشكل يعد مخالفا للقانون لاسيما نص المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على ضرورة وضع سؤال عن كل واقعة معينة في منطوق قرار الإحالة.
وقد يكون صحيحا الإستعانة بسؤال واحد يضم جميع عناصر الواقعة يحول دون الوقوع في تناقض مع الأسئلة الأخرى لأنه لا يوجد إلا سؤال واحد في الأصل لكن ذلك من شأنه أن يؤثر على المشاركة الفعلية للمحلفين عند الإجابة عن الأسئلة و المساهمة في اصدار الحكم و هذا راجع إلى صعوبة استعاب السؤال بما يحتويه من أركان دفعة واحدة خاصة و أنهم أشخاص عاديون لا علاقة لهم بالقانون فكان الأولى تبسيط السؤال بشكل يسهل عملية الفهم و الإستيعاب لديهم.
إن وضع السؤال اعتمادا على هذه الطريقة من شأنه كذلك أن يؤثر على الهدف من وجود نظام الأسئلة فضلا على انه بهذه الطريقة يحول دون تمكين المحكمة العليا من فرض رقابتها على أحكام محكمة الجنايات.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
ب- الطـــــريقة الثـــــــانية : و تكون بتعدد الأسئلة حسب الوقائع المكونة للجريمة و على ضوء الإجابة عليها تحدد الإدانة من عدمها و مثالها :
- هل المتهم ......... مذنب باختلاس أموال عمومية عمدا تابعة لمؤسسة..........؟
الجواب كان نعم بالأغلبية.
- هل أن المتهم موظف بالمؤسسة الضحية ؟ الجواب كان لا بالأغلبية.
- هل أن الأموال المختلسة كانت تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها ؟ الإجابة كانت لا
بالأغلبية.
و تعد هذه الطريقة الأكثر استعمالا في العمل القضائي و لا يؤخذ عليها إلا كثرة الأسئلة ضمن مضمون الحكم الجنائي.

الفرع الثــــاني : المحتوى الموضوعي لورقة الأسئلة

لما كانت الأسئلة و الأجوبة هي بمثابة تعليل بالنسبة للأحكام الصادرة من محكمة الجنايات جرى العمل بأن يذكر في السؤال المتعلق بالإدانة هوية المتهم و تاريخ و مكان وقوع الجريمة و العناصـر المكونة لهـا باعتبــار أن ذلك يساعد على معرفة ما إذا كانت الجناية قد أدركها التقادم أم لا -(1) و باعتبار أن عدم ذكر عناصر الجناية لا يمكن اعضاء محكمة الجنايات من الإجابة عن السؤال إجابة مطمئنة و في هذا الإطار قررت المحكمة العليا أن السؤال الذي لا يتضمن كل أو بعض العناصر المكونة للجناية يكون ناقصا و يمكن أن يتعرض للنقض (2)
1- هــوية المتــهــم :
إن المحكمة الجنائية عند بداية إجراءات المحاكمة أول ما تقوم به هو التأكد من هوية المتهم على النحو الموجود في الملف و ان تحديد شخصية المتهم شرط جوهري لصحة الأسئلة مهما كان نوعها خاصة سؤال الإدانة و عليه فإنها يجب أن تتضمن تحديد هوية المتهم بكل دقة و ذلك عن طريق بيان اسمه ولقبه و سنه و مهنته و مقر سكناه فضلا عن ذكر حالته العائلية و الحكمة من وراء تحديد هوية المتهم بكل دقة ضمن الأسئلة أمام محكمة الجنايات هو الوصول إلى المعرفة الشخصية للمتهم من قبل أعضاء المحكمة بما فيهم المحلفين .
و متى نشأ نزاع بين أطراف الدعوى حول هوية المتهم فإن الفصل فيه راجع إلى محكمة الجنايات دون مشاركة المحلفين، أما مجرد الخطأ المادي فمن الممكن تصحيحه من طرف رئيس المحكمة ولا ينجر عنه البطلان.(3)
___________________________
(1) الأستاذ جبلالي بغدادي محاضرة حول الأسئلة أمام محكمة الجنايات الندوة الوطنية للقضاة 1994.
(2) الأستاذ عبد العزيز سعد المرجع السابق ص.134
(3) قرار صادر يوم 6-11-1984 الغرفة الجنائية الأولى الطعن رقم 40484
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
2- تضمـن الســؤال لكـلمة "مذنــب" :
لقد جاءت المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية واضحة بشأن صيغة السؤال رغم أنها لم تأت بصيغة الأمر حيث يطرح السؤال بالشكل المنصوص عليه قانونا و هــو " هل المتهم فلان بن فلان مذنب بارتكابه واقعة كذا " و هذه الجملة تحدد علاقة المتهم بالوقائع محل المتابعة وتدل على الركن المعنوي المشترط للعقاب، هذا ما جاء في قرار المحكمة العليا الصادر في 26-11-85 من الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 39440 المجلة القضائية للمحكمة العليا العدد 1 سنة 1990. و يشترط القانون أن يسأل أعضاء المحكمة عما إذا كان المتهم مذنب بارتكابه واقعة كذا فمصطلح مذنب الوارد في نص المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية لازم لأنه يدل على توافر الركن المادي للجريمة و المسؤولية الجزائية لدى المتهم غير أنه لا حرج إذا استعمل مصطلح آخر كلفظ مدان مثلا ما دام أنه يؤدي نفس المعنى.
إلا أنه في قرار لاحق غير منشور يحمل رقم 184267 مؤرخ يوم 24-11-1998 جاء فيه أن استبدال كلمة مذنب المنصوص عليها قانونا بأي عبارة أخرى أمر غير جائز متى كانت هذه الكلمة تؤدي نفس المعنى.
و هنا نكون أمام قرارين مختليين إلا أن القانون الفرنسي نص في المادة 349 من قانون الإجراءات الجنائية و التي تقابلها المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري اشترط وضع السؤال بالصيغة التالية "l'accusé est-il coupable d'avoir… "(1).
و بالشروط نفسها توضع الأسئلة أمام المحكمة العسكرية الجزائرية أين نجد مصطلح مذنب شرط لازم في صياغة السؤال(2).
و من ثمة فإن وضع السؤال بالصياغة الواردة في القانون و تضمنه كلمة مذنب يجعل من السؤال مطابق للقانون و يؤدي المغزى من وضعه بهذه الكيفية.
3- تــاريخ الواقعـــة أو اقتراف الجريمــة:
أن معرفة تاريخ ارتكاب الجريمة قد تكون له أهمية في بعض الحالات إذ به يحدد بدء سريان القانون أو مدة التقادم أو إنقضاء الدعوى العمومية لاسيما بالنسبة للجرائم الفورية، لذلك يستحسن بيانه في السؤال المتعلق بالإدانة غير أن عدم تحديده بدقة لا ينجر عنه البطلان متى كان السؤال قد نص على أن الواقعة ارتكبت منذ زمن لم يمض عليه أمد التقادم و أنه لم يتم تقديم أي اعتراض من أحد أطراف الدعوى حول هذه المسألة(3).
______________________________________
(1) 256-263 ص 2001 Jean larguier procédure pénale Dalloz 18eme édition
(2) المادة 159 من قانون القضاء العسكري
(3) قرار صادر عن الغرفة الأولى في الطعن رقم 44915 المجلة القضائية العدد 1 سنة 1990
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
إلا أن تحديد تاريخ الوقائع يكتسي في بعض الأحيان اهمية لتفادي محاكمة حدث أمام محكمة الجنايات إذ أنه يؤخذ بتاريخ وقوع الجريمة للتأكد مما إذا كان المتهم حينها راشدا أو حدثا إذا أن محكمة الجنايات تحكم بعدم الإختصاص النوعي في حالة ما إذا أحيل عليها حدثا(1).
4- مكــان وقــو ع الجريمـــة:
إن مكان اقتراف الجريمة يحدد الإختصاص المحلي أو الإقليمي لمحكمة الجنايات كما أنه قد يدل على خطورة المتهم الإجرامية لذلك يستحسن بيانه في السؤال المتعلق بالإدانة، غير أن السهو عن ذكر هذا البيان لا يؤثر في سلامة السؤال و الحكم المبني عليه ما دامت المادة 251 من قانون الإجراءات الجزائية لا تسمح لمحكمة الجنايات بأن تقرر عدم اختصاصها إلا أنه يعتبر مكان وقوع الجريمة ركنا لازما لتكوين الجريمة إذ يعتبر ذكره مهم و ضروري ليس من زاوية الإختصاص و لكن لأن مكان الجريمة يشكل أحيانا عنصرا من عناصر قيامها(2) و يشكل أحيانا ظرفا مشددا يصلح لأن يكون موضوعا لسؤال أو عدة أسئلة، كعنصر العلانية في جريمة الفعل المخل بالحياء .و عندئذ يجب تحت طائلة البطلان و النقض بيانه في السؤال المتعلق بالإدانة (3).
5- أركـــان الجريمـــة :
إن القانون يتطلب لقيام الجريمة ضرورة توافر أركان معينة إذا ما اكتملت هذه الأركان أصبحنا بصدد الحديث عن جريمة تامة أو شروع فيها يستحق الفاعل إنزال العقاب الذي حدده النص الجنائي أما إذا انتفى أحد هذه الأركان فلا قيام للجريمة و لا وجود لها من الناحية القانونية (4). إذ لا جريمة و لا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون(5). و من هنا تتضح الأهمية الخاصة لأركان الجريمة في قيامها مما يجعل ضرورة النص عليها ضمن الأسئلة أمرا لابد منه.
و إذا كان الركن المادي للجريمة عبارة عن المظهر الخارجي لنشاط الجاني و الذي يتمثل في السلوك الإجرامي الذي يجعله محلا للعقاب فإن هذا الأخير لا يكفي لأسناد المسؤولية إلى شخص معين بل يجب أن يكون الجاني قد اتجه بإرادة حرة و معرفة تامة إلى اخراج الجريمة إلى حيز الوجود و على النحو الذي حصلت فيه و هو ما يعبر عنه بالنية الإجرامية أو الركـن المعنوي للجريمة. (6)
__________________________
(1) قرار صادر يوم 27-12-1983 من الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 44915 المجلة القضائية العدد 1 سنـة 1990
(2) الدكتور عادل قوره محاضرات في قانون العقوبات القسم العام الجريمة ديوان المطبوعات الجماعية 1980
(3) الدكتور ابراهيم الشباسي الوجيز في شرح العقوبات الجزائري القسم العام دار الكتاب البناني ص. 63
(4) قرار صادر يوم 27-12-1983 المجلة القضائية العدد 1 سنة 1989
(5) المادة الأولى من قانون العقوبات الجزائري
(6) الدكتور.أحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجزائي العام دار هومة طلعة 2003 ص. 46
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
و يعتبر غير مرتكز على أساس و يستوجب النقض الحكم القاضي بإدانة متهم بالجناية المنصوص عليها بالمادتين 387 و 388 من قانون العقوبات إذ لم يرد في الأسئلة المتعلقة بالإدانة ما يدل على توافر عنصر العمد في الإخفاء و عنصر العلم بالظروف المشددة (1) .
و لما كان القصد الجنائي ركنا من أركان جناية القتل العمد و جب استظهاره في السؤال المتعلق بالإدانة و إلا كان هذا الأخير ناقصا و ترتب على ذلك البطلان و النقض إذ بدون بيان العنصر الأساسي في السؤال لا يعرف أعضاء المحكمة ما إذا كان القتل المنسوب إلى المتهم هو قتل متعمد أو قتل خطأ (2).
ويكون منعدم الأساس القانوني الحكم القاضي بإدانة متهم بجناية الشروع في القتل العمدي بناء على سؤال لا يتضمن العناصر الأساسية للمحاولة (3).
إلا أنه قد يكون نفس الفعل تارة عنصرا أساسيا للجريمة و قد لا يشكل ركنا لها تارة أخرى و إنما يقترن بها فحسب و عندئذ يعتبر ظرفا مشددا لها(4).
و لا حرج أن توضع عدة أسئلة يخصص كل واحد منها إلى عنصر من عناصر الجريمة.
و كل هـذه القرارات تصب في أن تحـديد الأركان و العناصر المكونة للجريمة أمرا جوهريـا يـرتب البطـلان مما يؤدي إلـى نقـض الحكم المبنــي عليــه.

الفـــرع الثـالــث : الجهــة المخولــة بـإعداد ورقة الأسئلـة

إن محكمة الجنايات تفتتـح دورتـها بـأمر مـن رئيس المجلس القضائي و بنـاء على طلب صادر مـن النائب العام بذات المجلـس، عـادة ما يكون طلب كتابـي يقتـرح فيـه يوما معينا ليكون تاريخا منـاسبا لافتتاح الدورة كمـا يتولى رئيـس المجلس القضائـي بدوره تعيين رئيسا لمحكمة الجنايات يكون قـاضي برتبة رئيس غرفـة بـالمجلس القضـائي علـى الأقـل منذ تعديـل 1995 -إذا لم يترأسـها هو شخصيا- يعـمل على ضبط جدول قضايا كل دورة بناء على اقتراح النائب العام و يقوم بوضع ورقة الأسئلـة قبل جلسة المرافعات بوقـت كاف حيث أن مسألة الوقت لم تطرح من الناحية العملية أو النظرية أية مشكلـة طالما أنه لم يحصل و أن وجد أطـراف الخصومة الجنائية أنفسهـم أمام ملف خال من ورقة الأسئلة و منه فإن رئيس محكمة الجنايات وحده دون سواه هو المكلـف بالتفكير فـي الأسئلة و تحريرها و وضعها فـي الشكل الملائم و الصيغة
________________________________
(1) قرار في 10.12.1987 الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 41453
(2) قرار صادر يوم 22.05.1988 الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 67370
(3) قرار صادر يوم 29.05.1984 الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 34777
(4) قرار صادر يوم 15.02.1983الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 32372
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الأول
المناسبة، و عمل مثل هذا يتطلب من رئيس محكمـة الجنايـات الإطـلاع على ملف القضيـة مسبقا و دراسته لتكوين فكرة متكاملة تساعده على إعداد الأسئلة المنـاسبة التـي ستعرض على الأطراف في الجلسة لمناقشتها و يجب على رئيس محكمـة الجنايات أثنـاء وضـع الأسئلة أن يتجنب تلـك الغـامضة و المبهمـة و كذلك المتشعبة التي لا تمكن المحكمة العليا مـن مراقبة تطبيــق القانـون تطبيقا سليما ولا تسمح للقضاة و المحلفـيـن إصدار حكـم عـــادل.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني

المبحـــث الثانـــي

مصـــادر الأسئلــة و أنــواعــها

بتحليل الماديتين 305 و 306 من قانون الإجراءات الجزائية نستنتـج أن الأسئلة التـي يمكن طرحها أو عرضها على محكمة الجنايات بعد انتهـاء جلسة المرافعات و قبـل الانتقال إلى غرفة المداولة تنحصـر في طائفتيـن من الأسئلة الأولـى مجموعة الأسئلة المستخرجة مـن منطوق قرار الإحالة الصادر عن غـرفة الاتهام، و الثـانية فئة الأسئلة المستخلصة من المرافعات.
و لذلك فإنه لا يجوز لرئيس جلسة محكمـة الجنايات أن يضع في ورقة الأسئلة سؤالا لإدانة المتهم بوقائع غير مذكورة في منطوق قرار الأحالة و غيـر منـاقشة في جلسة المرافعات كما لا يجوز له أيضا أن يستوحي أي سؤال اعتمادا على معلوماته الشخصية إذ أن مثل هذا السؤال إن وضع سيكون منعدم الأساس و الوجود و أن الحكم بالإدانة الذي يمكن أن يصدر بالإعتماد عليه سيعتبر حكما مخالفا للقانون يستوجب نقضه.

المطلب الأول: مصـــادر الأسئـــــلة

إن للأسئلة مصدرين أساسيين هما منطوق قرار الإحالة و المرافعات .

الفرع الأول : قـــرار الإحـــالة

إنه لا شك فـي أن العلاقة بيـن الأسئلـة و قرار الإحالة و إن كانت تعتبر علاقة متلازمة فإن صياغة أي سـؤال يتعلـق بالإدانة لا يمكن أن يكون إلا معتمدا على هذا القرار .
لقد عرفت الإحالة على أنها المرحلة الإجرائية التي بها تخرج الدعوى من حوزة سـلطة التحقيـق لتدخل فـي حوزة المحكمة المختصة و تعبير الإحالة le renvoie يكاد أن يكـون مشتركا بين فروع شتى للقانون (1) و القاعدة العامة أن غرفة الاتهام(2) هي الجهة التي خولها القانون
__________________________________
(1) الدكتور سليمان عبد المنعم إحالة الدعوى الجنائية من سلطة التحقيق إلى قضاء الحكم دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية 1999 ص 18
(2) غرفة الاتهام هي الجهة القضائية التي تتولي الإحالة على محكمة الجنايات و مقرها المجلس القضائي تتشكل من رئيس و مستشارين يختارون من بين قضاة المجلس القضائي و يعينون بقرار من وزير العدل لمدة 03 سنوات يتولى وظيفة النيابة العامة أمامها النائب العام لدى المجلس القضائي أو احد مساعديه على أن يقوم بمهمة الضبط أحد كتاب المجلس هذا ما جاء في المواد 176 و ما يليها من ق.ع.ج و كذلك 225 ص 1978
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
حق إحالة الجنايات طبقـا للمادتين 248 و 249 من قانون الإجراءات الجزائية فإذا رأت هذه الغرفة أن الواقعة المنسوبة للمتهم لها وصف الجناية قانونا قضت بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات.
و يتضمن قرار الإحالة بيان هوية المتهم، بيان الوقائع موضوع الاتهام و وصفها القانوني، و هي كما نلاحظ عناصر خاصة بقرار الإحالة لكن مما يجدر الإشارة إليه أن المشرع الجزائري حصر مسألة استخراج الأسئلة في منطوق قرار الإحالة فقط بدلا من القرار بأكمله و هذا ما نجده مجسدا و منصوصا عليه في المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية التي جاءت صريحة بقولها "... و يضع سؤالا عن كل واقعة معينة في منطوق قرار الإحالة...".
بيد أن حصر مسألة استخراج الأسئلة من منطوق قرار الإحالة قد يصعب من مهمة رئيس الجلسة في اعداد هذه الأسئلة و وضعها و علة ذلك النقائص التي قد تشوب منطوق قرار الإحالة التي يمكن تلخيصها في الحالة التالية :(1)
- حالة عدم ذكر في منطوق قرار الإحالة ركن من أركان الجريمة مثل إحالة المتهم بتهمة الحريق بدون بيان آخر كمحل الشيء موضوع الحريق.
- حالة عدم اشتمال منطوق قرار الإحالة لظرف التشديد الذي يكون مقترنا بواقعة أحيل المهتم على أساسها، مثل ذكر السرقة الموصوفة بتوفر ظرفي التعدد و العنف دون تحديد هذا الظرف مما يحول دون وضع سؤال مستقل لكل ظرف.
- حالة اشتمال منطوق قرار الإحالة لوصف قانوني خاطئ بشأن الواقعة مثل تقديــم الدعـم
لجماعة إرهابية أو مساعدتها وفقا للمادة 87 مكرر 4 من قانون العقوبات رغم أن هذه المادة لا علاقة لها بمثل هذا الوصف و أن الوصف الصحيح هو الإشادة بهذه الأفعال أو تشجعيها أو تمويلها.
و من الغريب أيضا أن بعض قرارات غرفة الاتهام اكتفت بإحالة متهمين إلى محكمة الجنايات دون أن تشير إلى الاتهامات المسندة إليهم و لا إلى المواد القانونية المطبقة في منطوقها، فكيف يمكن في هذه الحالة لرئيس محكمة الجنايات أن يستخرج الأسئلة الرئيسة من القرار مادام منطوقه خال من كل بيان (2) ؟
إن المحكمة العليا قد اجتهدت و أجابت على هذا التساؤل في قرارها الصادر بتاريخ 20-11-1984 تحت رقم 41088 المنشور في المجلة القضائية رقم 1 لسنة 1989 بأن قضت بنقض حكم محكمة الجنايات موضوع الطعن معتبرة أن الأسئلة المعقدة و المتشبعة كانت نتيجة خطأ
___________________________
(1) الأستاذ مختار سيدهم مقال بعنوان محكمة الجنايات و قرار الإحالة عليها المرجع السابق ص 90
(2) الأستاذ. جيلالي بغدادي محاضرة بعنوان الأسئلة أمام محكمة الجنايات
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
واقع في منطوق قرار الإحالة ثم قضت بتمديد أثر النقض ليشمل الحكم و قرار الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام و أحالت القضية و الأطراف إلى غرفة الاتهام لإعادة الفصل في موضوع الإحالة من جديد بشكل صحيح. (1)
و تجدر الملاحظة في هذا الصدد و على سبيل المقارنة أن المشرع الفرنسي تفادى هذه الصعوبات و قرر أن الأسئلة تستخرج من قرار الإحالة بأكمله لا من منطوقة فحسب.
و على هذا الأساس فإن الأسئلة المستخرجة من منطوق قرار الإحالة الصادر عن غرفة الإتهام و التي يطلق عليها تسمية الأسئلة الرئيسية أو الأساسية يمكن تقسيمها إلى نوعين هما الأسئلة الرئيسية المتعلقة بالإدانة و الأسئلة الرئيسية المتعلقة بظروف التشديد الوارد ذكرها في منطوق قرار الإحالـــــــة التي ستأتي الإشارة إليها في المطلب اللاحق.

الفرع الثـاني: إجراءات المرافعات

تنص المادة 306 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تستخلص ظرفا مشددا غير مذكور في قرار الإحالة إلا بعد سماع طلبات النيابة و الدفاع فإذا خلص من المرافعات أن واقعة تحتمل وصفا قانونيا لم يتضمنه قرار الإحالة تعين على الرئيس وضع سؤال أو عدة أسئلة . و منه يتضح و أن المحكمة إذا تبين لها من خلال المرافعات أن هناك ظروف مشددة للواقعة المتابع بها المتهم جاز لها أن تطرح سؤالا أو عدة أسئلة عن هذه الظروف، فقد تكون الواقعة محل المتابعة مثال ذلك السرقة مع الكسر وظرف الليل (المادة 353 من قانون العقوبات) و يتبين من المرافعات أن المتهم كان يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ وهو ظرف مشدد للعقوبة طبقا للمادة 351 من قانون العقوبات غير أن طرح مثل هذه الأسئلة يشترط سماع النيابة و شرح الدفاع تحت طائلة النقض (2) .و هذه الأسئلة لا تستخرج من منطوق قرار الإحالة و إنما توضع تلقائيا من قبل رئيس محكمة الجنايات أو بناء على طلب أحد الخصوم نتيجة لما ظهر من المرافعات .
و يخضع وضع هذه الأسئلة إلى ضوابط تتمثل فــــي :
- ضرورة احترام الشروط الشكلية و الموضوعية الخاصة بالأسئلة.
أن يتم إقتراحها أثناء سير المرافعات و قبل غلق بابها
- تمكين أطراف الخصومة الجنائية من مناقشتها.
______________________________
(1) الأستاذ جيلالي بغدادي الاجتهادات القضائية في المواد الجزائية ص.159
(2) الأستاذ مختار سيدهم محاضرة في الاجتهاد القضائي في مادة الأسئلة لمحكمة الجنايات
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
فإذا كان بإمكان المحكمة تعديل التهمة بإضافة ظرف أو ظروف مشددة فإنه بإمكانها أيضا إعادة وصف الوقائع بطرح سؤال أو عدة أسئلة احتياطية مع الأسئلة الأصلية في الجلسة إذا تبين من خلال المرافعة أن الوقائع تحتمل وصفا آخر خلافا للوصف الذي ورد بقرار الإحالة .
كما تجدر الإشارة إلى أن السؤال الاحتياطي يجب أن ينصب على الوقائع المحقق فيها حتى لا تتجاوز المحكمة سلطتها إذ أن المادة 250 من قانون الإجراءات الجزائية تمنع المحكمة من توجيه اتهام جديد لم يرد بقرار الإحالة لكن هذا لا يمنع من إعادة وصف الوقائع سواء لصالح المتهم كأن يكون متابعا بتهمة القتل العمدي فيتضح من المرافعة أن الوقائع تشكل ضربا و جرحا مفضيا إلى الوفاة دون قصد حدوثها أو لغير صالحه كأن يتبين بأن القتل العمدي وقع مع سبق الإصرار و الترصد.
و تطرح الأسئلة الاحتياطية إما تلقائيا من الرئيس أو بناء على طلب الأطراف، و الإجابة عنها مرتبط بمصير الإجابة عن الأسئلة الأصلية أي أن المحكمة إذا أجابت بالإيجاب عن السؤال الرئيسي فلا تتداول بشأن السؤال الاحتياطي الرامي إلى إعادة الوصف و الذي يصبح بدون موضوع غير أنه إذا كان يتعلق بتعديل التهمة أو الأعذار القانونية فالأمر يختلف و يتعين على المحكمة أن تتداول بشأنه بعد الإجابة عن السؤال الرئيسي بالإيجاب.

المطلب الثاني: أنــواع الأسئلـــة

تختلف أنواع الأسئلة حسب مصادرها ، فالأسئلة المستخرجة من منطوق قرار الإحالة هي الأسئلة الرئيسية و تنقسم إلى نوعين - السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة
- أسئلة الظروف المشددة
أما الأسئلة المستخرجة من المرافعات فهي ثلاثة أنواع
- أسئلة خاصة ترمي إلى تعديل التهمة بإضافة ظرف أو ظروف مشددة
- أسئلة احتياطية هدفها تغيير الوصف الوارد في منطوق قرار الإحالة
- أسئلة تتعلق بالأعذار القانونية التي وقع التمسك بها
و أخيرا السؤال الذي يوضع بحكم القانون و هو سؤال ظروف التخفيف
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني

الفــرع الأول : الأسئلــة الرئيسيــة

و تشمل الأسئلة المتعلقة بالإدانة و أسئلة ظروف التشديد
*أولا: الأسئلة الرئيسية المتعلقـة بالإدانـة
لقد نصت الفقرة الأولى من المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه يتعين على رئيس محكمة الجنايات أن يضع عن كل واقعة معينة في منطوق قرار الإحالة سؤالا على الشكل التالي: "هل المتهم مذنب بارتكاب واقعة كذا؟" و يشترط أن تكون كل واقعة محل سؤال مستقل و ذلك لتسهيل عملية الإجابة و عدم إحراج هيئة المحكمة فقد تثبت واقعة دون الأخرى مما يجعل القضاة غير قادرين على الإجابة على جزء من السؤال بالإيجاب و بالنفي على الجزء الآخر كون السؤال جاء على النحو التالي: " هل المتهم.......ارتكب سرقات محلات تجارية إضرار بالغير؟" مما يجعل السؤال غامضا و مبهما نظرا لتعدد السرقات فقد يكون المتهم قد ارتكب سرقة دون بقية السرقات حسب اقتناع أعضاء هيئة المحكمة فكيف يمكنهم الإجابة في نفس السؤال بالإيجاب على سرقة و بالنفي على السرقات الأخرى لكون الجواب يكون بنعم أو بلا فقط.
إن الواقعة الجرمية المجردة دون الظروف المقترنة بها و مجرد احتوائها في سؤال الإدانة لا يكفي لقيام هذا السؤال بدوره و بآثاره القانونية على أحسن وجه بل لابد من ضرورة تدعيمها بذكر الأركان القانونية التي تقوم عليها و التي من خلالها نعرف مدى مسؤولية الفاعل، فإذا كان لا يتصور وجود سؤال رئيسي دون ذكر الوقائع فكذلك لا يعقل و جود واقعة من دون أركان، إلى هذا ذهبت المحكمة العليا في اجتهاد مفاده أن الأسئلـة المتعلقة بالإدانة تجب تحت طائلة البطلان أن تتضمن كافة عناصر الجريمة (1) و كان يجب أن يحتوي السؤال على كل عناصر جريمة محاولة
القتل و المتمثلة في البداية في تنفيذ الفعل و أن هذا التنفيذ لم يوقف لينتج أثره إلا لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها بالإضافة إلى عنصر القصد الجنائي.و مغزى ذلك حصر وقائع القضية بشكل واضح و كذا الأفعال المنسوبة للمتهم.
غير أنه من الصعوبة بمكان التمييز أحيانا بين ما هو ركن (2) في الجريمة و يذكر ضمن السؤال الرئيسي و ما هو ظرف تشديد يطرح عنه سؤال مستقل.
- فالعنف مثلا المذكور في المادة 335 من قانون العقوبات المتعلق بالفعل المخل بالحياء يبدو لأول وهلة أنه ظرف تشديد و الواقع أنه ركن في الجريمة.
- و كذا المبلغ المختلس في جريمة تحويل أموال عمومية أو خاصة طبقا للمادة 119 قبل التعديل فهو ركن في الجريمة باعتباره جسمها إذ بانعدامه تنعدم هي كذلك لكن حين يتجاوز حدا معينا يصبح
_____________________________________
(1) الأستاذ. عبد العزيز سعد المرجع السابق ص.133
(2) يعتبر ركن حسب المحكمة العليا العنصر الذي يشترط توافره لتحقيقها بينما بعد ظرفا مشددا العنصر الذي يضاف إلى أركان
الجريمة و يشدد عقوبتها
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
ظرف تشديد كما جاء في الفقرات 2 إلى 6 من نفس المادة و ذلك بتصاعد العقوبة إلى أن تصل إلى الإعدام لذا فإن السؤال الرئيسي الذي يتضمن فقط عبارة المال العام أو الخاص دون تحديد المبلغ إضافة إلى بقية العناصر الأخرى ثم يطرح سؤال مستقل عن قيمة المبلغ كظرف تشديد، أما إذا كان المبلغ في حدود الفقرة الأولى أي اقل من 100.000 دينار فإنه يجوز ذكره ضمن السؤال الرئيسي دفعة واحدة و لا يمس ذلك بسلامة السؤال مادت العقوبة غير مشددة.
- بالإضافة إلى أن السؤال المتعلق بالاشتراك يجب أن يتضمن عنصر العلم و إلا كان باطلا.
- كما قضي بان السؤال الخاص بالشروع في جناية يجب تحت طائلة البطلان أن يتضمن عناصر المحاولة(1).
من خلال هذا يتبين و أن وضع السؤال يتطلب استيعابا كافيا من طرف رئيس المحكمة الجنائية لجميع عناصر الجريمة و التفريق بينها و بين الظروف المشددة(2) ولا حرج أن توضع عدة أسئلة يخصص كل واحد منها إلى عنصر من عناصر الجريمة.
و من كل ما سبق تعد الأسئلة الرئيسية هي الفيصل الحقيقي بين الإدانة و البراءة و ذلك كله متوقف على نتيجة التصويت التي يتوصل إليه أعضاء المحكمة الجنائية.
*ثانيا: الأسئلـة الخــاصة بالظروف المشــددة
لقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية على أن يكون كل ظرف مشدد محل سؤال مستقل و متميز و نلاحظ هنا أن المقصود بالظروف المشددة هو كل ظرف أو حالة أو صفة لا تدخل ضمن تكوين العناصر الجرمية للجناية و لكن من شأنها إذا اقترنت بالوقائع
أو بواقعة من الوقائع الجرمية أو بصفة من صفات الجاني أو المجني عليه أو بحالة مــن الحالات
القانونية الأخرى أن تشدد العقوبة المقررة للجريمة البسيطة وقد تغير وصفها القانوني.
و يستوي أن تكون هذه الظروف عامة كظرف العود أو خاصة بجرائم معينة عينية أو مادية أو موضوعية كانت كظرف الكسر أو التسلق في جريمة السرقة أو شخصية كصفة البنوة في قتل الأصول، و قد تبدوا المسألة سهلة إلا أنها لا تخلوا من الصعوبة في بعض الحالات مثلما هو الحال في المثال السابق المتعلق بالفعل المخل بالحياء ضد قاصر و من هذا المنطلق فإن ورود أسئلة ظروف التشديد إلى جانب الأسئلة المتعلقة بالوقائع ضمن سؤال واحد يشكل عيبا جوهريا و يعتبر سؤالا متشعبا و معقدا مخالفا بذلك صياغة الأسئلة و هو الأمر الذي ينجم عنه البطلان.
________________________________
(1) الأستاذ بن شيخ الحسين مذكرات في القانون الجزائي الخاص دار هومة للطباعة و النشر الجزائر 2000 ص53
(2) أ. مختار سيدهم محاضرات الاجتهاد القضائي في مادة الأسئلة لمحكمة الجنايات.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
و الظروف المشددة تشكل ثنائي مهم مع السؤال المتعلق بالإدانة رغم انفصالهما، إذ كلاهما مصدره واحد و هو منطوق قرار الإحالة كما أن الأساس القانوني لهذه الأسئلة الخاصة بظروف التشديد هي نفسها المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية التي تضمنت النص على سؤال عن كل واقعة.
و مع ذلك فإن ظروف التشديد ليست جزءا من الواقعة و الأركان التي تقوم عليها و إنما هي عناصر تضاف إلى الجريمة لاحقا لتشديد العقوبة و من ثمة فلابد من تحقق الإدانة أولا ثم يأتي تفعيل الظروف المشددة و التي تكون مقترنة بالجريمة و البحث في مدى وجودها من عدمه.
و إذا كانت المحكمة العليا قد عرفت الظروف المشددة على أنها ليست ركنا و إنما عنصرا يضاف إلى الأركان يعمل على تشديد العقوبة فإن الفقه عرفه على أنها عناصر ثانوية أو تبعية لا تدخل في التكوين القانوني للجريمة و إنما تؤثر فقط على جسامتها أو على مـــقدار العقوبة المقـــررة لها(1).
و على ذلك فإن انتفاء الظرف لا يؤثر على الوجود القانوني للجريمة على عكس الحال بالنسبة لانتفاء الركن أو العنصر الداخل في تكوينها. فالظروف هي عناصر عارضة في الجريمة بينما الركن فهو عنصر أساسي و ثابت فيها.
و عليه فإن الظروف المشددة تتميز بالخصائص التاليــــــة(2) :
- أنها عناصر عارضة و هي بهذا المعنى قد تلحق بالجريمة و عندئذ يقتصر أثرها على احداث تغيير في جسامتها أو لا تقترن بها فتبقى جسامتها و عقوبتها دون تغيير.
- أنها عناصر إضافية و هي على هذا النحو تلحق بأحد عناصر الجريمة و تضفي عليه وضعا يرتب أثرا مغيرا لجسامة الجريمة لذلك فهي عناصر إضافية تلحق بالعناصر الأساسية المكونة للجريمة.
- أنها تؤثر في جسامة الجريمة فالظروف المشددة تواجه خطورة الجاني و ترتب تشديد العقوبــة (3)
__________________________________
(1) الدكتور عبد الحميد الشورابي الظروف المشددة و المخففة للعقاب منشأة المعارف الإسكندرية 1999 ص 11
(2) الدكتور عبد الحميد الشورابي المرجع السابق. ص 14
(3) الدكتور احسن بوسقيعة المرجع السابق ص. 252
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
كما تم تقسيم الظروف المشددة إلى نوعيـــــــــن:
- ظروف مشددة عامة:
و يتعلق الأمر بالعود و هو إعادة ارتكاب جريمة جديدة بعد حكم نهائي عن جريمة سابقة (1) في غضون فترة معينة و لقد حدد المشرع شروط تطبيق هذا الظرف في المادة 54 و ما يليها من قانون العقوبات لذلك أوجب بيان توافر الشروط المحددة قانونا لتطبيق العود في قرار الإدانة و إلا كان هذا الأخير ناقص البيان. و عند تطبيق أحكام العود يجب ذكر الحكم السابق و صفته النهائية و المحكمة التي أصدرته و الجريمة التي أدين من أجلها. (2)
- ظروف مشددة خاصة : و تنقسم بدورها إلى:
* الظروف المشددة الواقعية:
و هي التي تتصل بالوقائع الخارجية التي رافقت الجريمة. هذه الظروف تشدد الفعل الجرمي و من هذا القبيل: حمل السلاح-الليل- استعمال العنف -الترصد –الإصرار...
و يختلف التشديد بإختلاف طبيعة و عدد هذه الظروف فمثلا إذا كانت السرقة بسيطة تمت بدون أي ظرف من ظروف التشديد الخاصة بها فإن عقوبتها تتراوح من سنة إلى خمس سنوات (3). أما إذا حدث و اقترنت بظرف مشدد واحد كالليل فإن العقوبة تشدد فتصبح الحبس من خمس سنوات إلى عشر سنوات (4). في حين إذا تمت بظرفين كالليل و استعمال العنف مثلا معا تشدد أكثر لتصبح العقوبة هي السجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة (5) غير أنه أحيانا يكفي تحقق ظرف واحد لتصل العقوبة إلى أقصاها كظرف حمل السلاح في جريمة السرقة إذ تصل العقوبة في هذه الحالة إلى المؤبد (6)
* الظروف المشددة الشخصية :
و هي تلك الظروف الذاتية التي تتصل بشخصية الفاعل أو الشريك :فمثلا صفة الأصل أو الفرع بالنسبة للضحية في جرائم العنف العمدي كأن يكون الجناة أحد الوالدين الشرعيين أو أي شخص له سلطة على الطفل الضحية. وصفة الموظف في جرائم الاختلاس (7).
__________________________________
(1) المادة 54 و ما يليها من قانون العقوبات الجزائري
(2) الأستاذ جيلالي بغدادي محاضرة في الأسئلة أمام محكمة الجنايات
(3) المادة 350 من قانون العقوبات الجزائري
(4) المادة 354 من قانون العقوبات الجزائري
(5) المادة 353 من قانون العقوبات الجزائري
(6) المادة 351 من قانون العقوبات الجزائري
(7) المادة 29 من القانون 06-01 المؤرخ في 20-2-2006 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
ومما تجدر الإشارة إليه أن أثر الظرف المشدد لا يقتصر على العقوبة فقط فيشددها بل يمتد أثره ليشمل الجريمة فمن شأنه أن يؤدي إذا اقترن بها إلى تغيير وصف الجريمة من بسيطة إلى جريمة ذات وصف أشد .
كما أنه إذا تعددت الظروف المشددة كان من اللازم أن يكون كل ظرف محل سؤال مستقل و إلا كان هذا الأخير باطلا و ترتب عنه نقض الحكم (1).

الفرع الثاني: الأسئلة المستخرجة من المرافعات

* أولا : الأسئلــة الإضـافية المتعلقــة بظـروف التشديــد:
القاعدة العامة أن محكمة الجنايات مقيدة بالوقائع المحالة إليها و لا يجوز لها أن تنظـر
في واقعه لم يقع التحقيق فيها وإلا أخلت بحقوق الدفاع (2) إلا أنه يحق لمحكمة الجنايات بمقتضى كامل الولاية التي خولتها إياها المادة 249 من قانون الإجراءات الجزائية إجراء تعديل الوصف المعطى للجريمة الموجهة إلى المتهم بإضافة ظرف أو ظروف مشددة لم يتضمنها قرار الإحالة على شرط أن تعطى الكلمة للنيابة العامة و للدفاع لمناقشتها.
و ظروف التشديد يمكن لمحكمة الجنايات استنباطها من المرافعات بإحدى الطريقتين:
- سواء ما يفهم من خلال حيثيات القضية و مجموع المناقشات الدائرة في الجلسة.
- أو من خلال إعتراف أو تصريحات المتهم نفسه أمام محكمة الجنايات بشكل تفيد معه
و أنه ارتكب الوقائع المنسوبة إليه في ظل ظروف تشديد لم تكن واردة في منطوق قرار الإحالة.
* ثانيا : الأسئلـة الاحتياطية المتعلقـة بتغيير الوصف الجرمي :
لقد ورد في الفقرة الثانية من المادة 306 من قانون الإجراءات الجزائية أنه إذا خلص من المرافعات أن واقعة ما تحتمل وصفا قانونيا مخالفا لما تضمنه قرار الإحالة وجب على الرئيس وضع سؤال أو عدة أسئلة احتياطية إذ أنه إذا أحيل متهم أمام محكمة الجنايات بقرار من غرفة الاتهام على واقعة معينة وصفتها بأنها جناية اغتصاب مثلا تم تبين من خلال المرافعات أن هذه الواقعة نفسها يمكن عدم اقتناع القضاة و المحلفين بأنها تحمل هذا الوصف و إنما يمكن وصفها بوصف قانوني آخر قد يكون هتك عرض ففي مثل هذه الحالة يتعين على رئـيس المحكمة أن يضع سـؤالا احتياطيا حول جناية هتك العرض يناقش فـي الجلسة من قبل الأطراف ثم تقع تلاوته مع الأسئلة الأخرى التي تحتويهـا ورقة الأسئلة، و علـى فرض انه تم طرح هذا السؤال مـن رئيس المحكمة تلقائيا أو بناء على طلب الأطراف فإنه لا يمكن منـاقشته في غرفة المداولة و التصويت عليه إلا إذا
_______________________________
(1) قرار رقم 42965 المجلة القضائية العدد 3 سنة 1992 .ص194
(2) قرار صادر في 12-04-1983 الغرفة الجنائية الأولى الطعن رقم 34439
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
تبين أن التصويت على السؤال المتعلق بالوصف الأصلـي كان تصويتا سلبيـا أما إذا كان إيجابيا فـإن هـذا السؤال يصبـح دون جدوى. و على أيـة حال فـإن هـذا لا ينقص من أهميـة الأسئلة الاحتياطية إذ هي وسيلة من الوسائل المتـاحة أمام الأطراف وكذا الرئيـس لمواجهة المستجـدات الطـارئة أثناء المرافعات و ما يحقق ذلـك من أهميـة لــ :
- الرئيـــس : عندمـــا يرى أن الوقائع على ماهي عليه لا تؤدي إلى اقتناع المحكمة بها و أنه اتضح له من خلال المرافعات ان الوقائع تحمل وصفا مغايرا تماما سواء كان هذا الوصف الجديد يؤدي إلى تخفيف العقوبة أو تشديدها فإنه يعمل على طرح سؤال احتياطي.
- النيــــابة : التي لها أن تقترح على محكمة الجنايات أي سؤال احتياطي ترى أنه ضروري لتعديل وصف التهمة المتابع بها المتهم بقصد اضفاء قصد جنائي أشد على الوصف الموجود المستخرج من منطوق قرار الإحالة و الذي سيؤدي إلى تشديد العقوبة .
- دفاع المتهم : الذي عادة ما يسعى من خلال الأسئلة الاحتياطية إذا تبين له من خلال المرافعات أن الوقائع المعروضة أمام المحكمة تحتمل وصفا جنائيا آخر يقترح الدفاع وصف جنائي من شأنه أن يكون أخف من الوصف الأول يؤدي تبعا لذلك إلى تخفيف العقوبة المحتملة.
ويمكن القول أن الاسئلة الإحتياطية تعتبر أهم و أكثر الأسئلة استعمالا من قبل الدفاع و هذا مانجده في المرافعات الجنائية.
غير أن طرح سؤال إحتياطي لا يكون لازما إلا إذا توافرت الشروط التالية: (1)
- أن يتبين من المرافعات أن نفس الواقعة المحالة إلى المحكمة بتهمة معينة تحمل وصفا قانونيا مخالفا لما ورد في قرار الإحالة وبناء على هذه القاعدة قررت الغرفة الجنائية أنه لا داعي لطــرح
سؤال احتياطي حول رضا المجني عليه في قضية اغتصاب طالما هذه الجناية تفترض حتما لتحققها عدم رضا المجني عليه (قرار صادر يوم 10-12-1974 في الطعن رقم 11097).
- أن يقرر رئيس محكمة الجنايات طرح السؤال الاحتياطي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الخصوم أما إذا لم يتبين من المرافعات أن الواقعة كانت تقضي وصفا قانونيا مخالفا لما ورد في قرار الإحالة و أن الدفاع لم يطالب بطرح سؤال احتياطي فلا داعي لطرحه على أعضاء المحكمة ولا يحق للمتهم أن يبني بعد ذلك طعنة بالنقض على عدم طرح سؤال احتياطي من قبل الرئيس (قرار صادر يوم 28-01-1975 على الطعن رقم 10480)
- أن يكون أعضاء المحكمة قد أجابوا بالنفي على السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة و الذي وقع طرحه حسبما ورد في قرار الإحالة (قرار صادر يوم 19-05-1981 في الطعن رقم 23.020).
________________________
(1) الأستاذ. جيلالي بغدادي محاضرة الأسئلة أمام محكمة الجنايات
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
*ثالثـا: السؤال المتعلق بالدفاع الشرعي و الأعذار القانونية :
لا تقتصر الأسئلة الإحتياطية على تعديل التهمة بإضافة الظروف المشددة أو إعادة الوصف للوقائع بل يمكن أن تتعلق بالأعذار القانونية المتمسك بها (المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية) و يتعين التفريق بين هذه الأعذار و حالات الدفاع الشرعي فإذا كان القانون يجيز طرح أسئلة عن الأولى فإن ذلك غير جائز عن الثانية لسبب بسيط هو أن الإجابة بالإيجاب عن السؤال الرئيسي يعني قيام مسؤولية المتهم في ارتكاب فعله و طرح سؤال ثان عن الدفاع الشرعي و الإجابة عنه بالإيجاب أيضا يدخل المحكمة في تناقض ويعرض حكمها للنقض .و هذا النوع من الأسئلة هي من الأهمية بمكان و مصدرها المرافعات وحدها دون غيرها و تهدف إلى أحد الأمريـــن:
- إما إلغاء الوقائع المنسوبة إلى المتهم و إعتبارها لا أساس لها من الصحة و غير مقنعة و هو ما يؤدي إلى استبعاد أي عقاب جنائي لها لعدم قيام الجريمة أصلا و هو ما يتجسد من خلال الأسئلة الخاصة بإثارة أي سبب من أسباب الإباحة و لاسيما حالة الدفاع الشرعي و حالة الضرورة.
- و إما للتخفيف من العقوبة المقررة للوصف الجنائي للتهمة المتابع بها الشخص أو الإعفاء منها و ذلك عن طريق التمسك بعذر من الأعذار القانونية.
و هذه الأسئلة تشكل جميعها اسئلة لفائدة دفاع المتهم و من هذا المنطلق فإن هذا النوع من الأسئلة يهدف إلى إحداث توازن مع أسئلة الإدانة.
1- ســؤال الدفـاع الشـرعي أو أسبـاب الإبـاحة:
إن الشريعة الإسلامية تحرم الإعتداء من أي كان و تجيز الدفاع الشرعي ضد الاعتداء كيف ما كان و في هذا المعنى نزلت الآية الكريمة رقم 194 من سورة البقرة " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ماعتدى عليكم" .ولقد عرف الدفاع الشرعي على أنه استعمال القوة اللازمة لدرء
اعتداء غير مشروع يقع على النفس أو المال أو العرض سواء كان الاعتداء يهدد المدافع ذاته أو غيره من الناس (1) و يرى أغلب العلماء في القانون الجنائي أن دفاع الشخص عن نفسه أو ماله أو مال غيره أمام عدوان أو خطر وشيك الوقوع هو استخدام طبيعي لغريزة الحرص على الكيان و البقاء (2) لذلك اعتبر سلوك المدافع في هذه الحالة سلوكا مشروعا و مبررا ولقد أخذ المشرع الجزائري بهذا المبدأ و عبر عنه في المادة 39 من قانون العقوبات بنصه "لا جريمة إذا كان الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع المشروع عن النفس أو عن الغير أو عن مال مملوك للشخص أو للغير بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع جسامة الاعتداء" .
_________________________________
(1) الدكتور مصطفى مجدي هرجة جرائم القتل و الجرح والضرب في ضوء الفقه والقضاء دار الكتب القانونية 1990 .ص 154
(2) رمسيس بهنام النظرية العامة لقانون الجنائي طبعة 1983 ص.347
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
و لما كان الدفاع المشروع حق معترف به في الشريعة الإسلامية و في جميع التشريعات القانونية الوضعية (1) فإن إتيان أي سلوك في ظله يعد مبررا قانونيا يصلح لأن يكون أساسا للإحتجاج به لدرء المسؤولية و العقاب.
و إذا كان الإحتجاج بحالة الدفاع الشرعي أمام محاكم الجنح و المخالفات أمر سهل بإعتبار أنها أحكام واجبة التسبيب يتسنى من خلاله للمحكمة العليا مراقبة صحة أو عدم صحة تطبيق القانون. فالاحتجاج بالدفاع الشرعي أمام محكمة الجنايات التي لا تسبب أحكامها و تقوم الأسئلة و الأجوبة عنها مقام التسبيب فيها، يكون في الجلسة أثناء المرافعات حتى تتمكن النيابة العامة من تقديم ملاحظاتها حوله وعلة ذلك الوصول في النهاية إلى نفي المسؤولية الجنائية عن المتهم عن طريق اقناع المحكمة أن الشخص المتابع بالوقائع محل السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة إنما كان في حالة دفاع شرعي عن النفس أو عن الغير أو عن مال مملوك للشخص المتهم أو الغير و جرت العادة أن يتم طرح السؤال المتعلق بالدفاع المشروع وفق القواعد و الشروط الخاصة بالأسئلة و منه يمكنه أن يأخذ الشكل التالي "هل المتهم فلان كان عند ارتكابه واقعة كذا في حالة دفاع مشروع عن النفـــس؟" أو أن يطرح على الطريقة الواردة في القانون الفرنسي " هل المتهم فلان يستفيد من خلال ارتكابه هذا الفعل بحالة الدفاع المشروع المحدد في المادة كذا؟" (2).
و مما لا شك فيه أن توصل أعضاء محكمة الجنايات في نهاية المداولة و عبر اقتناعهم الشخصي بالجواب الإيجابي على السؤال المتعلق بالدفاع المشروع و المقدم من قبل الدفاع في الجلسة من شأنه أن يؤدي إلى نفي المسؤولية عن المتهم وهو يعد أهم أثر من آثار هذا السؤال على المسؤولية الجنائية إذ ينفيها و يجعل من الفعل الجرمي كأن لم يكن على اعتبار أن ما قام به المتهم لا يعدو أن يكون مجرد دفاع لرد الاعتداء الحاصل عليه و هو الفعل المبرر قانونا.
وهنا يطرح السؤال نفسه هل يجب وضع سؤال خاص بحالة الدفاع مستقلة عن سؤال الإدانــــــــة؟
و للإجابة على هذا التساؤل لدينا رأييــــــن:
الأول : يرى أن طرح سؤال مستقل خاص بالدفاع المشروع لا لزوم له، لأن الإجابة بالإيجاب على السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة يدل ضمنيا على عدم توفر هذا الفعل المبرر لدى المتهم، وبالتالي عدم توفر حالة الدفاع الشرعي. حيث جاء في قرار المحكمة العليا أنه لما كانت الأسئلة و الأجوبة هي بمثابة تعليل أمام محكمة الجنايات فلقد استقر قضاء المجلس الأعلى (المحكمة العليا حاليا) على أن طرح سؤال مستقل خاص بالدفاع الشرعي غير لزومي لأن الإجابة بالإيجاب على
_________________________________________
(1) المادة 122 مكرر من قانون العقوبات الفرنسي و المواد 245. 246. 247 من قانون العقوبات المصري
(2) المرجع السابق ص264 Jean larquier
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة تدل ضمنيا على عدم توافر هذا الفعل المبرر لدى المتهم (1) ولا حرج في طرح سؤال خاص بحالة الدفاع الشرعي إذا كانت الإجابة عنه لا تتناقض مع الإجابة على السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة و إلا ترتب عن ذلك البطلان (2)
أما الثاني : فيرى أن حالة الدفاع الشرعي هي صفة تلحق الفعل ولا تشكل جزء منه مثلها مثل ظرف التشديد.
و إذا كان السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة و المستخرج من منطوق قرار الإحالة يمكن أن تقع الإجابة عنه بنعم فإن حماية المتهم من خطأ محكمة الجنايات بالتجاوز عن حقه في الدفاع عن نفسه لا تكون إلا بممارسة حقه في وضع سؤال إضافي يشمل على بيان أنه كان في حالة الدفاع الشرعي بقصد دفع الاعتداء عليه أو ماله أو الغير ذلك أن وضع سؤال خاص بالدفاع الشرعي و الإجابة عنه بالإيجاب سوف لن يتناقض مع السؤال الرئيسي الذي يكون الجواب عنه بالإيجاب باعتبار أن السؤال الرئيسي يتعلق بالعناصر المادية للفعل الجزائي و إسنادها إلى المتهم، و أن السؤال المتعلق بإثبات حالة الدفاع الشرعي يشكل وصفا يتصل بهذا الفعل و لا يشكل أي عنصر من عناصـــــــره.
و على هذا الأساس فمتى كان الفعل الجرمي المنسوب إلى المتهم قد وقع تحت حالة الدفاع المشروع حسب المادتين 39-40 من قانون العقوبات كأن يكون المتهم قد ارتكب من الأفعال ما ارتكب من قتل أو ضرب أو الجرح لدفع الاعتداء الحال الواقع على حياته أو ماله من شخص آخر فإنه يكون في حاله دفاع شرعي و من حقه أن يطرح سؤالا بهذا الشأن قبل غلق باب المرافعات و من واجب المحكمة أن تقبله و تضمه إلى الأسئلة الأخرى و تجيب عليه بعد الإجابة بنعم عن السؤال
المتعلق بإثبات الإدانة أما إذا كانت الإجابة بالنفي عن السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة فإن طرح سؤال بشأن الدفاع الشرعي يصبح بدون جدوى.
و أمام اختلاف وجهتي النظر هذه كان القانون الفرنسي واضحا عندما أجاز طرح سؤال موضوعه سبب من أسباب الإباحة أو مانع من موانع المسؤولية إلى جانب سؤال الإدانة الرئيسي (3) و يكون سؤال الدفاع الشرعي محل مداولة من جميع أعضاء محكمة الجنايات بما فيهم القضاة المحترفين و المحلفين. (4)
___________________________________
(1) قرار صادر يوم 24-02-1981 الغرفة الجنائية الأولى طعن رقم 22680
(2) قرار صادر يوم 27-3-1990 الغرفة الجنائية الأولى طعن رقم 64901
(3) المادة 349 مكرر 1 قانون الإجراءات الفرنسي
(4) الأستاذ جيلالي بغدادي الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية ص.72
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
2 - الأسئلة المتعلقة بالأعذار القانونية:
تنص الفقرة الرابعة من المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية على أن كل عذر وقع التمسك به يكون محل سؤال مستقل و متميز .
بموجب هذا النص يضع رئيس محكمة الجنايات سؤالا خاصا حول كل عذر قانوني وقع التمسك به خلال الجلسة و ذلك بناء على طلب المتهم أو من تلقاء نفسه.
و الأعذار القانونية نوعان أعذار معفيــة و أخرى مخففـة من العقاب.
أ‌- الأعذار القانونية المعفية من العقاب :
و هي تمحو المسؤولية القانونية عن الجاني رغم ثبوت إدانته و إرتكابه للفعل المتابع من أجله و من ثم يعفى الجاني من العقاب ليس بسبب إنعدام الخطأ و إنما لإعتبارات وثيقة الصلة بالسياسة الجنائية و بالمنفعة الإجتماعية (1).
و الأعذار المعفية تعتبر مانعا من موانع العقاب تتميز عن موانع المسؤولية الجنائية و مرد ذلك أن موانع المسؤولية الجنائية لها صلة وثيقة بإدراك و اختيار الجاني فهي مرتبطة بإرادته الإجرامية التي تكون منعدمة كما في حالة الجنون في حين نجد أن موانع العقاب لاصلة لها اطلاقا بإرادة و إدراك الجاني و اختياره فالجاني هنا متمتع بالأهلية الجنائية و مع ذلك يرى المشرع لحكمة ما و في جرائم و حالات معينة أن يعفى المتهم من العقاب رغم جرمه (2) .
و هذه الأعذار هي حالات ثــــــلاث :
1- عــذر المبلـــــغ :
و يتعلق الأمر هنا بمن ساهم بصفته متهم -فاعل أصلي أو شريك- في ارتكاب الجريمة أو شروع في الجريمة ثم يقدم خدمة للمجتمع بأن يبلغ العدالة عن الجريمة المزمع ارتكابها أو عن هوية المتورطين فيها فنظير هذه الخدمة رأى المشرع مكافأته من خلال إعفائه من العقاب المقرر لمثل هذه الأفعال و منها ما نصت عليه المادة 92/1 من قانون العقوبات بالنسبة للمبلغ عن الجنايات و الجنح ضد أمن الدولة وكذلك ما نصت عليه المادة 179 من قانون العقوبات بالنسبة للمبلغ عن جناية تكوين جمعية أشرار و كذا ما ورد في المادتين 186 و 199 من قانون العقوبات و غيرهما.
_________________________________
(1) د. احسن بوسقيعة المرجع السابق ص.236
(2) الأستاذ ابراهيم الشباسي المرجع السابق ص.216
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
2 - عــذر القرابـــة :
و هو ما نصت عليه المادة 91 فقرة أخيرة من قانون العقوبات عندما أعفت الأقارب و الأصهار إلى غاية الدرجة الثالثة من العقوبة المقررة لجريمة عدم التبليغ عن جرائم الخيانة و التجسس. و كذا المادة 180/2 من قانون العقوبات بالنسبة لجريمة اخفاء الجاني من وجه العدالة بالنسبة لأقارب و أصهار الجاني لغاية الدريجة الرابعة.
3- عــذر التوبـــة :
أو كما ارتأى الأستاذ أحسن بوسقيعة تسميته و اعتبره عذر معفي من العقاب لمن أنبه ضميره بعد الجريمة و انصرف إلى محو آثارها بأن أبلغ عنها السلطات قبل نفاذها (1)غير أن هذا العذر يخص جرائم الجنح دون الجنايات.
ب- الأعذار القانونية المخففة للعقاب :
و هي جرائم معينة مذكورة على سبيل الحصر واردة في المواد من 277 إلى 280 من قانون العقوبات.
- يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل و الجرح و الضرب إذا دفعه لارتكابها تعرضه إلى ضرب شديد من أحد الأشخاص (المادة 277 من قانون العقوبات)
- يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل و الضرب و الجرح الواقع من صاحب المسكن على المعتدي إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب أسوار أو حيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو ملحقاتها و كان ذلك قد حدث أثناء النهار (المادة 278 من قانون العقوبات).أما إذا كان الإعتداء قد وقع ليلا اعتبر مرتكب هذه الأعمال في حالة دفاع مشروع عملا بأحكام المادة 40 من قانون العقوبات (المادة 278/2 من قانون العقوبات ).
- كما يستفيد من هذا العذر مرتكب جناية الخصاء إذا كان الدافع من ارتكابها تعرضه لفعل مخل بالحياء عن طريق العنف (المادة 280 من قانون العقوبات).
- و كذا عذر البالغ الذي يفاجئ شخصا متلبسا بهتك عرض قاصر لم يكمل 16سنة في جريمة الضرب و الجرح (المادة 281 من قانون العقوبات).
- و حالة مفاجأة أحد الزوجين للآخر متلبسا بالزنا فإنه يستفيد من عذر الاستفزاز إذا ما ارتكب جرائم القتل و الضرب و الجرح على الزوج الآخر أو شريكه (المادة 279 من قانون العقوبات) .
إن كل عذر من هذه الأعذار سواء المعفية أو المخففة يجب أن تكون محل سؤال مستقل ولا يجب على رئيس محكمة الجنايات أن يضع السؤال المتعلق بالأعذار القانونية من تلقاء نفسه، و مـع
_____________________________
(1) الدكتور احسن بوسقيعة المرجع السابق ص.237-238
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
ذلك إذا تقدم المتهم أو محاميه بطلب وضع سؤال إضافي يتعلق بهذه الأعذار بموجب مذكرة كتابية أثناء جلسة المرافعات أو بعد غلق باب المرافعات و قبل أو بعد تلاوة الأسئلة التي وضعتها المحكمة و قبل الإنتقال إلى غرفة المداولة فإنه لا يجوز للرئيس تجاوز هذا الطلب أو صرف النظر عنه، و انما يجب عليه أن يستمع إلى شروح و دفوع المتهم أو محاميه و أقوال ممثل النيابة العامة بشأنه ثم يدونه في ورقة الأسئلة و يطرحه كسؤال إضافي لصالح المتهم بعد أن يكون كاتب الجلسة قد سجله بسجل الجلسات و يعرضه بغرفة المداولات على القضاه و المحلفين لمناقشته و التصويت عليه و إذا حصل التصويت عليه بنعم فـإن من شأنه أن يجعل المحكمة تقضي بإدانته و إعفائه من العقاب أو تقضي بإدانته و تعاقبه بعقوبة مخففة .
أما إذا لم يطالب الدفاع بطرح سؤال حول عذر مخفف خلال الجلسة فلا يحق له بعد ذلك أن يبني طعنه بالنقض على ذلك (1) هذا في حالة ما إذا كانت الإجابة على السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة إجابة ايجابية أما إذا كانت إجابة سلبية فإنه لا داعي لطرح سؤال يتعلق بعذر قانوني يهدف إلى الإعفاء من العقاب أو إلى تخفيفه مادام أن الواقعة الجريمة غير قائمة و يصبح السؤال بدون جــــــدوى.

الفرع الثالث : السؤال المتعلق بظروف التخفيف.

إن أغلب التشريعات الحديثة تعطي للقضاة وسيلة لجعل العقاب مناسبا لإجرام المتهم و ذلك بسنها نظاما للظروف المخففة من شأنها تخفيض العقوبة في الحدود المقررة قانونا.
فالظروف المخففة أسباب تخول لقضاة الموضوع حق تخفيف العقوبة و هي تتناول كل ما يتعلق بمادية الفعل الإجرامي كضعف الضرر الناتج عن الجريمة و بشخص المتهم كحسن أخلاقه و سيرته و بكل ما يمكـن أن يحيط الجريمة من ملابسات .و لما كان من المستحيل حصر كل هــذه
الظروف في مادة أو مجموعة من المواد القانونية. ارتأى المشرع ترك تقديرها لقضاة محكمة الجنايات في الحدود المقررة بالمادة 53 من قانون العقوبات و مايليها.
إن الظروف المخففة هي أسباب تخول قضاة الموضوع سلطة تخفيف العقوبة المقررة قانونا و النزول بها مبدئيا إلى ما دون الحد الأدنى المقرر للعقوبة مع مراعاة الحدود المنصوص عليها في المادة 53 المعدلة من قانون العقوبات. و إذا كانت ظروف التخفيف تختلف أو تتميز عن الأعذار المخففة من حيث كون هذه الأخيرة محددة بالقانون و محصورة في حالات معينة و أن القاضي ملزم بالأخذ بها و تطبيقها متى توفرت عناصرها و شروطها فإن ظروف التخفيف غير محددة في القانون و هي متروك أمر الأخذ بها إلى السلطة التقديرية للقاضي دون بيان الأسباب.
________________________________
(1) الأستاذ جيلالي بغدادي الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية ص.69
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثاني
و السؤال المتعلق بظروف التخفيف هو كغيره من الأسئلة الأخرى من حيث وجوب ادراجه بورقة الأسئلة و عرضه على القضاة و المحلفين في غرفة المداولة بقصد مناقشته و التصويت عليه بعد طرح السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة.
و لتنفيذ مبدأ تـفريد و تشخيص العقاب الذي أقره الدستور ولتمكين اعضاء محكمة الجنايات من جعل العقوبة متناسبة مع درجة خطورة الفعل الإجرامي و حالة المتهم الشخصية و النفسية أوجب
المشرع على رئيس محكمة الجنايات وحده دون باقي أطراف الخصومة و من تلقاء نفسه أن يضع سؤالا حول الظروف المخففة لا تتم تلاوته بالجلسة و انما بقاعة المداولة بعد أن تكون الإجابة عن سؤال الإدانة قد وقع بصفة إيجابية .حتى لا تظهر نية و اتجاه المحكمة نحو الحكم الذي سوف تنطق به لأنها إذا تلت الأسئلة المتعلقة بالظروف المخففة كأنها أكدت الإدانة بحكم مسبق.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث

المبحــث الثالـــث

تــلاوة الأسئلــــة و الإجــــابة عنهــــــا

من الإجراءات الجوهرية التي اهتم بها قانون الإجراءات الجزائية كثيرا وجوب تلاوة الأسئلة التي وضعها رئيس المحكمة بالجلسة بعد غلق باب المرافعات و قبل الإنتقال إلى غرفة المداولة سواء كانت هذه الأسئلة رئيسية أو إضافية أو احتياطية بإستثناء السؤال الذي وضعه القانون و المتعلق بظروف التخفيف الذي يطرح في غرفة المداولات.
أما الإجابة على السؤال فتكون بطريقة التصويت في غرفة المداولة بالأغلبية و بواسطة الإقتراع السري ضمن أوراق عادية و بعد الإنتهاء من التصويت و الإجابة عن الأسئلة تعود المحكمة بكامل أعصائها إلى قاعة الجلسات .

المطلــب الأول: تــــلاوة الأسئلــة بالجلســــة

يلتزم الرئيس بقراءة الأسئلة حتى و لو استغنى عن ذلك كل من الدفاع و النيابة العامة هذا ما نصت عليه المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها "و يتلوا الأسئلة الموضوعة" فإنه لا يجوز لأي كان مخالفة القانون .غير أنه كثيرا ما يلجأ رئيس الجلسة إلى أخذ موافقة أطراف الدعوى العمومية كمحامي المتهم و النيابة بعدم قراءة الأسئلة و كأن موافقتهم من شأنها أن تضفي نوعا من الشرعية على مثل هذا الامتناع الذي يبقى مخالفا للقانون، ثم يعمد الرئيس إلى أمر كاتب الجلسة بأن يسجل في محضر المرافعات (1) بأن الأسئلة قد قرئت و هذا دليل على أن عدم تلاوتها يشكل مخالفة قانونية و إلا فلا داعي للإشارة إلى ذلك .و الواقع أن هذا الإمتناع يعد مخالفا للقانون في أمريــن :
____________________________________
(1) لقد أوجد المشرع الجزائري محاضر المرافعات أمام المحكمة الجنائية و حتى العسكرية لنقل بصدق و أمانة كل ما يجري أمامها فينقل المحضر إجراءات المحاكمة خطوة من بداية تشكيل المحكمة إلى رفع الجلسة
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
- قانوني : مفاده مخالفة نص المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية التي أوجبت تلاوة الأسئلة عندما نصت في الفقرة الرابعة بقولها ـ و يجب أن توجه في الجلسة جميع الأسئلةـ و هو أمر صريح و واضح لا يحتاج إلى أي اجتهاد.
- إجرائي: مرجعه مخالفة الهدف و الغرض من تلاوة الأسئلة فحتى يتمكن الدفاع من استعمال الحق في المناقشة أوجبت المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية على رئيس الجلسة تلاوة الأسئلة.
و من ثم فإن عدم تلاوتها يعد مساسا بحقوق الاطراف.و جاء أيضا في نفس المادة ـ يجب أن توجه في الجلسة جميع الأسئلة التي ستيجيب عليها المحكمة ما عدا السؤال الخاص بالظروف المخففةـ

الفـــرع الأول : الأسئلـــة الواجــب تـلاوتـها

يستفاد من نص المادتين 305 و 306 من قانون الإجراءات الجزائية أن الأسئلة التي يوجب القانون على الرئيس تلاوتها هي :
أولا- الأسئلة المستخرجة من منطوق قرار الإحالة:
و هي الأسئلة الرئيسية المتعلقة بالإدانة وعند الإقتضاء الأسئلة الخاصة بالظروف المشددة. و تكون صيغة السؤال على النحو التالي:
* بالنسبة لســـؤال الإدانــة : " هل المتهم مذنب بارتكابه واقعة كذا؟ " وجرى العمل بأن يذكر في السؤال المتعلق بالإدانة هوية المتهم، التهمة ، تاريخ و مكان وقوع الجريمة و العناصر المكونة لها كما تم ذكره سابقا.
* بالنسبة لسؤال ظروف التشديد: اكتفى المشرع في المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية بإلزام رئيس محكمة الجنايات بأن يضع سؤالا مستقلا حول كل ظرف مشدد دون أن يحدد الصيغة التي يوضع عليها هذا السؤال إلا أن المنطق يقتضي بأن لا تذكر فيه هوية المتهم و الظروف الزمانية و المكانية التي حصلت فيها الجريمة لأن هذه البيانات قد وردت في السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة.
ثانيا- الأسئلة المستنبطة من المرافعات :
سواء كانت أسئلة احتياطية ترمي إلى تغيير الوصف القانوني للواقعة أو أسئلة خاصة هدفها إضافة ظرف أو ظروف مشددة غير واردة في قرار الإحالة و مما لاشك فيه أن تلاوة هذه الأسئلة ضرورية و لازمة تحت طائلة البطلان.
ثالثا- الأسئلة المتعلقة بالأعذار القانونية:
إن تلاوتها لازمة أيضا لتمكين النيابة من مناقشتها و منه فأي عذر من الأعذار يصلح لأن يتمسك به دفاع المتهم أمام محكمة الجنايات و يصح لأن يكون محلا لسؤال إضافي متى اقتنعت المحكمة بواقعيته و قانونيته، فإذا حدث و قبلته محكمة الجنايات يمكن في هذه الحالة طرح السؤال على النحو التالي " هل المتهـم فلان يستفيد مـــن العذر المعفي للعقوبة الوارد في المــادة ....
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
عن ارتكابه لواقعة كذا ؟" ، هذا بالنسبة للأعذار المعفية من العقاب أما بالنسبة للأعذار المخففة فإن توفر احدها في شخص المتهم جاز للدفاع أن يثيره ضمن سؤال إضافي خاص بهذا العذر يقترح على محكمة الجنايات ضمن الصياغة التالية " هل المتهم فلان، يستفيد من العذر المخفف للعقوبة الواردة في المادة... عن ارتكابه لواقعة كذا؟".
رابعا- ســؤال الدفــاع الشرعـــي:
من حق الدفاع أن يقترحه على محكمة الجنايات ضمن سؤال خاص يكون على الشكل الأتي " هل المتهم فلان، كان عند ارتكابه واقعة كذا في حالة دفاع مشروع عن النفس؟".
خامسا- الأسئلـة المتعلقة بالظروف المخففة :
يقع وضعها و طرحها على اعضاء المحكمة بغرفة المشورة وبعد ثبوت إدانة المتهم. و على هذا الأساس فإن السؤال الخاص بظروف التخفيف عادة ما يطرح بالصيغة التالية " هل المتهم فلان يستفيد من ظروف التخفيف الواردة في المادة 53 من قانون العقوبات؟"
إن جميع الأسئلة التي يمكن أن يناقشها و يصوت عليها القضاة و المحلفين في غرفة المداولات يجب أن تتلى و تعرض أثناء الجلسة وقبل الإنتقال إلى غرفة المداولات و بإعتبار أنه لا يجوز تحت طائلة البطلان وضع سؤال و عرضه في غرفة المداولات في غياب كل من المتهم و الدفاع و النيابة العامة ما عدا السؤال المتعلق بظروف التخفيق.
غير أن عدم تلاوة الأسئلة الأصلية المستخرجة من منطوق قرار الإحالة قبل الإنسحاب إلى قاعة المداولة لا يشكل سببا للنقض مادام هذا القرار قد بلغ للمتهم و لم تبق إلا الصياغة الفنية للسؤال و التي لا يجوز للأطراف أن تناقشها (1) أما بالنسبة للأسئلة الإحتياطية سواء تعلق الأمر بإعادة الوصف أو بتعديل التهمة أو بالأعذار القانونية فإن تلاوتها في الجلسة اجراء جوهري يترتب عن إغفاله النقض و ذلك لأن الأطراف لم تكن على علم بها مسبقا لمناقشتها و لم تهيئ دفاعها على أساسها .

الفـرع الثـاني : النـزاعات النـاشئة عـن وضع الأسئلة :

بعد أن يقرر رئيس محكمة الجنايات قفل باب المرافعات يجب عليه أن يتلو على مرأى و مسمع الجميع الأسئلة التي يتعين طرحها على أعضاء المحكمة حتى يتسنى لمن يهمه الأمر أن يقدم ملاحظاته بشأنها فإذا استعمل أحد الأطراف هذا الحق و استجاب رئيس المحكمة لطلبه دون اعتراض باقي الخصوم فلا اشكال، أما إذا كان طلبه محل معارضة و نشأ عن ذلك نزاع تعين حل الإشكال.
____________________________
(1) قرار المحكمة العليا رقم 186252 بتاريخ 24-03-1998 غير منشور
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
تخول المادتين 29 و 305 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجزائية للمحكمة حق الفصل في جميع المسائل العارضة بدون إشراك المحلفين بعد سماع أقوال النيابة العامة و أطراف الدعوى و محاميهم على أن لا يمس حكمها بموضوع الدعوى. و يستفاد من هذه النصوص(1) :
- أن الجهة المختصة بالفصل في النزاعات الناشئة عن وضع الأسئلة هي محكمة الجنايات بدون اشتراك المحلفين.
- أنه لا يقع البث فيها إلا بعد سماع أقوال النيابة العامة و شرح الدفاع فإذا تبين من محضر المرافعات أن المحكمة قررت إدانة المتهم بناء على سؤال وضع داخل غرفة المشورة بدون أن يتمكن الدفاع من مناقشته كان الحكم باطلا كما أنه لايجوز للمحكمة أن تأخذ بظرف مشدد لم يرد في منطوق قرار الإحالة إلا بعد سماع طلبات النيابة و شرح الدفاع (2) غير أنه إذا ثبت من محضر المرافعات أن النيابة العامة اقترحت في الجلسة و بحضور المتهم و محاميه طرح سؤال خاص بظرف مشدد و أن المحكمة استجابت لطلباتها دون أي اعتراض من الدفاع فلا يحق للمتهم بعد ذلك أن يدفع للمرة الأولى و أمام المحكمة العليا بعدم تقديم دفوعه حول هذا الظرف المشدد لأن سكوته أمام المحكمة يعد تنازلا ضمنيا عن التمسك بالبطلان .
- أن تفصل المحكمة في النزاع بحكم معلل و إلا ترتب عن ذلك البطلان ولا يشترط أن يقع البث بحكم مستقل و إنما يجوز أن يدرج قرار المحكمة بمحضر المرافعات أو بالحكم الفاصل في الدعوى العمومية.
- أن لا تتطرق المحكمة في حكمها الفاصل في النزاع إلى موضوع الدعوى لأن كل ما يتصل بالوقائع و أدلة الإثبات و له تأثير على براءة أو إدانة المتهم يجب عرضه على جميع أعضاء محكمة الجنايات بما فيهم المحلفين.
- أن الحكم الصادر في النزاع لايجوز الطعن فيه بالنقض إلا مع الحكم الصادر في الموضوع تفاديا للمماطلة و ضياع الوقت.

الفــرع الثـــالث: عيـــوب الأسئلــة

أن ورقة الأسئلـة لا تخلوا من العيـوب و التناقضات و هذه العيوب تتمثل فيما يلي :
1. ســـؤال معقــد :
و يكون كذلك، إذا اشتمل على أكثر من واقعة كالسرقة و اقتحام منزل الغير مثلا أو إذا تعلق
____________________________
(1) أ. جيلالي بغدادي محاضرة الأسئلة أمام محكمة الجنايات
(2) قرار صادر بتاريخ 10/02/1983 الطعن رقم 833 29
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
السؤال بعدة متهمين كأن يطرح السؤال على النحو التالي " هل المتهمون .....مذنبون لارتكابهم جريمة كذا؟" و هو ما وجدناه في بعض الأحكام، أي محاكمة بالجملة مما يؤدي إلى تعقيد السؤال و ينجر عنه النقض و كذا إذا تعلق بعدة ضحايا، ذلك أن ارتكاب الفعل ضد كل ضحية له ظروفه الزمانية و المكانية كما أنه يشكل واقعة مستقلة بذاتها يتعين طرح سؤال مستقل عنها. فقد تثبت الإدانة في واقعة اضرار بضحية ولا تثبت في الأخرى و حتى لو ثبتت في كلتيهما لا يجوز الجمع بينهما في سؤال واحد، إذ تضمن واقعة و ظرف تشديد(1)
2. ســـؤال نـــــاقص:
يجب أن يتضمن السؤال كافة أركان الجريمة و إذا كان ناقصا من إحداها أو أكثر يصبح مشوبا بالقصور و يعرض الحكم للنقض(2)
3. سؤال مبهـم أو غامض:
و هو السؤال الذي لا يحدد طبيعة الواقعة بالضبط و يتركها مفتوحة على جميع التأويلات كقوله: هل المتهم مذنب بسرقة منزل الضحية........؟
بدل القول هل أن المتهم مذنب بسرقة محتويات أو أثاث منزل الضحية .....؟ علما أن المنزل عقار ولا يكمن سرقته (3)
4. سـؤال مبني علـى خطأ وارد في منطـوق قـرار الإحالة:
من الصعوبات الكبرى التي تعترض رئيس محكمة الجنايات أن يكون منطوق قرار الإحالة متضمنا لأخطاء يصعب اصلاحها فيضطر الرئيس إلى مسايرتها رغم ما في ذلك من مخاطر النقض فإذا كان منطوق القرار قد اكتفى بإحالة المتهم على محكمة الجنايات دون ذكر التهمة أو أن الواقعة لا تشكل غير عنصر من عناصر الجريمة مثل مساعدة جماعة ارهابية بدل تشجيعها عن طريق المساعدة فإنه يخلق انسدادا أمام رئيس المحكمة في طرح سؤاله.
5. سـؤال يتجاوز سلطـة المحكمة :
إذا كان من الواجب أن تتقيد المحكمة الجنائية بالتهم الواردة في منطوق قرار الإحالة و ظروفها المشددة ما عدا تعديل التهمة أو اعادة الوصف فإن كل ما زاد عن ذلك يشكل تجاوزا لسلطة المحكمة يستوجب النقض.
____________________________
(1) قضية رقم 184526 بتاريخ 30-6-1998 المجلة القضائية العدد 2 سنة 1999 ص.137
(2) قضية رقم 45268 بتاريخ 13-1-1987 المجلة القضائية العدد 3 سنة 1993 ص.120
(3) قضية رقم 186229 بتاريخ 24-3-1998 المجلة القضائية العدد 2 سنة 99 ص.140
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
6. إغفال الفصـل فـي إحدى التهـم المـوجهة للمتهم:
إذا كان تجاوز السلطة هو إضافة تهمة أو ظرف تشديد للمتهم ما عدا إعادة الوصف و تعديل التهمة فإن اغفال الفصل في تهمة من التهم الموجهة إليه لا يفرغ منطوق قرار الإحالة كليا كما أنه لايجوز أن يحاكم المتهم مرة ثانية عن الواقعة التي أغفل الفصل فيها بمفردها و أن هذا الإغفال يعرض الحكم للنقض و تعاد محاكمته عن جميع الوقائع المنسوبة إليه.
7. سـؤال لا يتضمـن عبارة الإدانة-مذنـب-:
تنص المادة 305 من قانون الإجراءات الجزائية على أن يكون السؤال في الصيغة الآتيـة: " هل المتهم مذنب بإرتكاب واقعه كذا؟" فلفظ مذنب تدل على الإدانة و انعدامها أو استبدالها بعبارة ارتكب أو قام يعرض الحكم للنقض و للمحكمة العليا قرارات عدة حول هذه النقطة منها القرار رقم 184267 بتاريخ 24-11-1998 مع العلم أن هذه العبارة غير مطلوب ذكرها في الأسئلة عن ظروف التشديد و هذا الرأي غير مسلم به حيث أن هناك من الفقهاء و الشراح من يعتبر أن كلمة مدان أو مرتكب وقائع كذا و كذا تؤدي إلى نفس المعنى التي تؤديه كلمة مدان و ينتج عن ذلك أنه لا مجال للنقض .
8 . طــرح سـؤال بشكــل خاطئ في مضمونه:
أهم نموذج لهذا النوع من الأسئلة هو ما يتعلق بظروف التشديد للشريك في جريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار و الترصد، كأن يطرح السؤال: "هل فلان مذنب بمشاركته في القتل العمدي مع سبق الإصرار و الترصد" ، إن الشريك في الجريمة لا يرتكب جريمته مع سبق الإصرار و الترصد و هما ظرفان مشددان يتعلقان بالفاعل الأصلي و إنما الشريك يعاقب حسب علمه بهما حيث أن المشارك في جريمة القتل العمدي مثلا لايرتكب جريمته مع سبق الإصرار و الترصد و لكنه يعاقب بالظروف المشددة في حالة علمه بها و يطرح السؤال في هذا الصدد: " هل كان المشارك يعلم بسبق إصرار الفاعل الأصلي فلان على ارتكاب كذا..........؟".

المطلـب الثـــاني: الإجــابة عـن الأسئلـة المطروحــة

بعد الانتهاء من تلاوة الأسئلة يتوجه الرئيس إلى ممثل النيابة لتقديم طلباته ثم الدفاع لتقديم ملاحظاته و بعدها المتهم ما إذا كان لديه ما يضيفه ثم تنسحب التشكيلة للمداولة و لكن قبلا يتلو الرئيس عملا بالقانون التعليمات المنوه عنها في المادة 307 من قانون الإجراءات الجزائية على القضاة و المحلفين: " إن القانون لا يطلب من القضاة أن يقدموا حسابا عن الوسائل التي بها قد وصلوا الى تكوين اقتناعهم و لا يرسم لهم قواعد بها يتعين عليهم أن يخضعوا لها على الأخص تقدير تمام أو كفاية دليل ما ولكنه يأمرهم أن يسألوا أنفسهم في صمت و تدبر و أن يبحثوا باخلاص ضمائرهم في أي تأثير قد أحدثته في إدراكهم الأدلة المسندة الى المتهم وأوجه الدفاع عنها ولم يضع
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
لهم القانون سوى هذا السؤال الذي يتضمن كل نطاق واجباتهم " هل لديكم اقتناع شخصي" " بعدها يأمر الرئيس بإخراج المتهم من قاعة الجلسات و يوجه الأمر إلى قائد الحراس المكلف بالمحافظة على النظام و يأمره بحراسة المنافذ المؤدية إلى غرفة المداولة حتى لا يتسنى لأحد أن ينفذ إليها لأي سبب من الأسباب بدون اذن من الرئيس. ثم يعلن عن وقف الجلسة و بعدها تنسحب المحكمة إلى غرفة المداولة و يحال عليها ملف القضية و هذا ما نصت عليه المادة 308 من قانون الإجراءات الجزائية.

الفـــرع الأول : مــرحلة المداولـــة

إن المداولة هي المرحلة الأخير من مراحل اجراءات سير المحاكمة الجنائية في جانبها العملي و هي عبارة عن تبادل الرأي بين الأعضاء الذين يشكلون المحكمة حول وقائع الدعوى و تطبيق القانون عليها من خلال مناقشة كل جوانب القضية المختلفة (1) و التوصل إلى حكم فاصل في القضية عن طريق الإجابة عن الأسئلة المطروحة. و تكون أصوات أعضاء محكمة الجنايات متساوية أي لا فرق بين صوت المحلف و القاضي. حيث تجري المداولة تحت إدارة الرئيس و توجيهه فهو الذي يقوم بشرح كيفية إجراء المداولة، إلا أن هناك من يرى أن الرئيس قد يؤثر على حرية اختيار المحلفين و هذا صحيح إن لم تحترم الإجراءات و الشكليات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية و المتمثلة في الإجابة عن الأسئلة المطروحة سواء بالإدانة أو الإعفاء من العقوبة عن طريق اوراق تصويت سرية، وتعد في صالح المتهم الأوراق البيضاء أو التي قرر اغلبية الأعضاء بطلانها. و تصدر جميع الأحكام بالأغلبية طبقا لنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجزائية .
و لكن لم يشترط القانون أن تحصل الإجابة بالأغلبية المطلقة و إنما تكفي فيها الأغلبية البسيطة كما لايشترط أن يذكر عدد الأصوات التي كونت الأغلبية، فتوافر الأغلبية شرط لصحة الإجابة على السؤال سواء كان يتعلق بالفعل الرئيسي أو بظروف مشدد أو بعذر قانوني أو بالظروف المخففة.
غير أنه إذا كان من اللازم أن يتداول اعضاء المحكمة بشأن الأسئلة الرئيسية المستخرجة من منطوق قرار الإحالة و أن يجيبوا عليها بالإيجاب أو النفي بالأغلبية تبعا لإقتناعهم الشخصي وفقا لمقتضيات المادة 307 من قانون الإجراءات الجزائية فالأمر بخلاف ذلك فيما يخص الأسئلة الأخرى، فالمحكمة تصبح غير ملتزمة بطرح السؤال الإحتياطي و الإجابة عليه متى استنفذت ولايتها و أجابت بالإيجاب على السؤال الرئيسي المستخرج من منطوق قرار الإحالة، كما يصبح بدون موضوع ولم يبـق أي داع للمداولة فيه و الإجابة عليـه السؤال المتعلق بالظرف المشـدد أو بالعذر القانوني متى أجابت المحكمة بالنفي على السؤال الرئيسي و لم يتبين من المرافعات أن الواقعة تحتمل
____________________________
(1) الدكتور محمد نجيب حسين شرح قانون الإجراءات الجنائية ص. 903
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
وصفا قانونيا آخر. ففي هذه الحالة يتعين على المحكمة أن تقضي ببراءة المتهم، أما إذا أجابت بالإيجاب على السؤال الرئيسي المتعلق بالضرب و الجرح العمدي و بالنفي على السؤال المتعلق بالظرف المشدد المتمثل في العاهة المستديمة و قضت ببراءة المتهم كان حكمها منعدم الأساس القانوني لأن مجرد الضرب أو الجرح العمدي البسيط يكون في حد ذاته مخالفة يعاقب عليها القانون(1) .
أما فيما يخص السؤال المتعلق بالظروف المخففة فإنه لا يوضع ولا يطرح على أعضاء المحكمة للإجابة عليه إلا إذا أجابت المحكمة بالإيجاب على السؤال المتعلق بالإدانة المستخرج من منطوق قرار الإحالة.

الفـرع الثـاني : مضمـون الإجـابة عــن الأسئلـة

إذا كان موضوع المداولة بغرفة المشورة هو الوصول إلى إجابات محددة بشأن الأسئلة الموضوعة فإنه لا شك في أن مضمون هذه الإجابـــات إنما يرد حــــول:
* التصويت بشأن الإدانة كمرحلة أولى و أساسية
* التصويت بشأن العقوبة أو الإعفاء منهـــا
* القضــــــــاء بالبـــــــراءة
1- التصـــويت بشــــأن الإدانــــة
التصويت على الإدانة أو المداولة حول التهمة (2) بقصد إسناد الفعل الجرمي للمتهم و من ثم تأكيد مسؤوليته على الواقعة أو نفيها عنه، هو الأمر الذي يتم من خلال التصويت و الإجابة على السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة و هو الفيصل بين اثبات المسؤولية الجنائية للمتهم و من ثم تحديد العقوبة بشأنها أو نفي هذه المسؤولية عنه و منه الإنتهاء إلى اعلان البراءة في حقه.
يقوم الرئيس في بادئ الأمر بقراءة السؤال الأول و هو السؤال الأصلي و الذي يجب أن يحتوي على جميع عناصر الجريمة المتابع بها المتهم و تتم عملية التصويت عن طريق الإجابة عن السؤال بواسطة الإقتراع السري الذي يتم ضمن أوراق عادية صغيرة الحجم على شكل قسيمات يتم إعدادها عادة داخل غرفة المداولات من طرف القضاة و المحلفين أنفسهم و يقوم كل عضو بالكتابة عليها و بخط يده كلمة (نعم) أو (لا) و هي عبارة عن تجسيد الإقتناع الشخصي لكل عضو بكل ضمير و جدية لرأيه حول الإدانة ثم تغلق و تسلم للرئيس الذي يتولى لاحقا تدوين القرار المتوصل إليه على هامش الجدول المخصص لذلك ضمن ورقة الأسئلة ولا تكون القرارات المتخذة إلا بأغلبية
______________________________
(1) قرار صادر بتاريخ 6-11-84 الطعن رقم 34375 المجلة القضائية العدد1 سنة 89 ص 311
(2) الأستاذ سليمان بارش المرجع السابق ص.284
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
الأعضاء كما هو منصوص عليه في المادة 309 من قانون الإجراءات الجزائية، كما اعتبرت المادة أن الأوراق البيضاء بسبب امتناع عضو من الأعضاء عن التصويت او تلك المقرر بطلانها بسبب الكتابة عليها بعبارات اخرى أو التمزيق وما شابه ذلك اعتبرتها لصالح المتهم كأنها تضمنت عبارة (لا) إذا كان السؤال محل التصويت هو سؤال الإدانة. و أهم نتيجة يمكن التوصل إليها من خلال عملية التصويت بشأن الإدانة هو الوصول إلى اثباتها أو نفيها.
فمتى تمت الإجابة على سؤال الإدانة بالإيجاب بأغلبية الأصوات قامت مسؤولية المتهم و لا حاجة في مثل هذه الحالة للجواب على السؤال الإحتياطي الرامي إلى تغيير وصف الجريمة، لأنه يصبح في هذه الحالة من دون جدوى ، غير أن ذلك لا يمنع محكمة الجنايات من مواصلة التصويت حول الأسئلة المستقلة الخاصة بالظروف المشددة و تلك المتعلقة بالأعذار القانونية المخففة و المعفية ولا حتى السؤال الخاص بسبب من اسباب الإباحة بوصفه لا يتعارض مع سؤال الإدانة كما لاحظا، على أن نخلص في الختام إلى التصويت على سؤال ظروف التخفيف.
و إذا ما كانت نتيجة التصويت بشأن الإدانة ايجابية و بعد تحديد اجابة كل سؤال من الأسئلة و جب على أعضاء المحكمة الجنائية الإنتقال إلى المرحلة التالية للتصويت و الخاصة بالعقوبــــة.
2- التصـــويت بشــــأن العقوبــــــة:
بعد ثبوت ادانة المتهم و التأكد أن الجريمة لا تخضع لأي سبب من اسباب الإباحة أو مانع من موانع المسؤولية في هذه الحالة يتعين على أعضاء المحكمة التصويت و التداول حول تطبيق العقوبة و لا تكون هذه الأخيرة مناسبة إلا بعد الإجابة عن السؤال المتعلق بظروف التخفيف و التأكد
من مدى استفادة المتهم منها ولقد حددت المادة 309 من قانون الإجراءات الجزائية الطريقة المتبعة بشأن تطبيق العقوبة و هي نفس طريقة التصويت على الإدانة بواسطة اوراق تصويت سرية بالأغلبية.
وهنـاك طريقتين معمول بهما للتوصــل على عقـوبة اللازمــة في المجال العملي :
1- الطــريقـــة الأولــــى:
يعلم الرئيس هيئة المحكمة بالعقوبة و يبين لهم الحد الأدنى و الأقصى لها ثم تتداول المحكمة للتوصل إلى العقوبة التي سوف تطبق على المحكوم عليه في مجال ما هو مسموح به قانونا و يكون ذلك دائما عن طريق أخذ الأصوات في أوراق سرية و بالأغلبية المطلقة فمثلا إذا نص القانون على العقوبة من 10إلى 20سنة سجنا فقد يتم التوصل إلى التصويت بالأغلبية على 12سنة مثلا و لكن قد تثور مشكلة في التوصل إلى الإتفاق بالأغلبية في الدور الأول حول العقوبة المقررة فيقوم الرئيس بإبعاد تلك العقوبة و يقترح عقوبة أخرى و دواليك إلى غاية التوصل إلى الإتفاق بالأغلبية المطلقة على العقوبة معينة.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
2-الطـــريقة الثانيــة: ( و هي متبعة في بعض المجالس و لا يتضمنها نص قانوني )
بعد أن يعين الرئيس الحد الأدنى و الأقصى للعقوبة يقوم الأعضاء بالتصويت على مدة العقوبة التي يرونها مناسبة للفعل الإجرامي على أن لا تتجاوز الحد الأقصى أو تنزل عن الحد الأدنى ثم يقوم الرئيس بجمع العقوبات و تقسيمها على عدد الأعضاء و منه ينتج بعقوبة متوسطة يوافق عليها الجميع بالأغلبية المطلقة.
ثم ينقل مباشرة منطوق الحكم على ورقة الأسئلة التي توقع من طرف الرئيس و المحلف الاول ( المحلف الأول الذي يتم اختياره اثناء اجراء عملية القرعة).
ولكن قد يتطلب الأمر اجراء عملية التصويت مرة اخرى بعد تحديد العقوبة و هذا ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 309 من قانون الإجراءات الجزائية و ذلك في حالة ما إذا اصدرت محكمة الجنايات حكم بعقوبة جنحية فلها أن تأمر بوقف تنفيذها.
و يجب الإشارة هنا أن التصويت على العقوبة يكون بالحصول على الأغلبية للأصوات و هي ثلاثة من أصل خمسة و هذا مثل المداولة بشأن الإدانة إذ أن المشرع اعتبر الإدانة حاصلة لمجرد تحقق الأغلبية البسيطة حسب النص الفرنسي و هو المعمول به . مع الملاحظة أن ترتيب إجراءات التصويت يستوجب أن يكون التصويت على الإدانة ثم بعد ذلك التصويت على العقوبة وفقا لإجراءات التصويت المحددة في القانون.
ومما لابد من الإشارة إليه أن توفر الإدانة بشأن الوقائع المنسوبة للمتهم لا يؤدي بالضرورة إلى البحث عن العقوبة المناسبة لها فقد تقع الإدانة بواسطة الإجابة بنعم بالأغلبية لكن في المقابل يتم أيضا الإجابة بالإيجاب فيما يخص السؤال المقدم من طرف الدفاع الخاص بتوفر عذر من الأعذار المعفية و الذي دار بشأنه مناقشات جادة أثناء المرافعات أدت إلى قبوله من قبل اعضاء المحكمة وضمه الى الموضوع.
ففي مثل هذه الوضعية لا يحصل مداولة بشأن العقوبة على الرغم من وقوع الإدانة ولكن عوض ذلك يتم إعفاء المتهم من العقاب.
3- القضـــــــاء بالبـــــــراءة :
إن القضاء بالبراءة هـو النتيجة المباشرة و الحتميـة للجواب بالنفي عـن السؤال الرئيسي المتعلق بالإدانة لصالح المتهم دون الحاجة إلى التداول بشأن العقوبة و في هـذه الحالة لا تحتاج المحكمة إلى الجواب على بقيـة الأسئلة الأخرى سواء الخاصة بالظروف المشددة أو المخففة إذ تصبح غير ذات جـدوى.
إن جميع الإجابات المتوصل إليها بشأن الأسئلة لا بد من أن تذكر بورقة الأسئلة لأمريـن اثنــــين: * أن المادة 309 من قانون الإجراءات الجزائية نصت على ذلك.
* لأن ورقة الأسئلة هي أساس الحكم الصادر عن محكمة الجنايات و منطوقة.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث

الفــرع الثــالث : النطــق بالحكـم

بعد الانتهاء من المداولة تعود هيئة المحكمة إلى القاعة و يعلن الرئيس عن استئناف الجلسة و يأمر بإحضار المتهم و ينبهه بأنه سوف يتلو الإجابات التي أعطيت عن الأسئلة التي طرحت و يكون ذلك بقراءة السؤال ثم الإجابة عنه بنعم أو بلا بالأغلبية. و أن عدم قراءة الأجوبة يؤدي إلى بطلان الحكم برمته و يجب التنويه عن القراءة في محضر المرافعات.
و من هذا المنطلق يقوم رئيس المحكمة شخصيا أو عند الضرورة يقوم مقامه أحد مساعديه المحترفين و بحضوره بالنطق بالحكم محترما الشروط و الضوابط المتمثلة فــــي:
- تلاوة الإجابات بشأن الأسئلة الموضوعة و هو أول عمل إجرائي يقوم به رئيس الجلسة بعد خروجه من غرفة المداولات و هذا ما نصت عليه المادة 310/1 من قانون الإجراءات الجزائية.
- أن يتم النطق بالحكم في جلسة علنية حتى ولو كانت المرافعات سرية لكونها تمثل خطرا على النظام العام و الأداب العامة.
- التصريح بالحكم بحضور كافة أعضاء الهيئة التي نظرت الدعوى و تداولت فيها من بدايتها و هذا لأنها تكون على دراية تامة بحيثيات القضية و ملابساتها من خلال توليها كافة اجراءات المحاكمة.
- يتم التصريح بالحكم في حضور المتهم لأنه هو الطرف الأصيل و الأساسي في جميع اجراءات المحاكمة.
- أن يتم النطق بالحكم بحضور كافة الأعضاء المشاركين في المداولة لكونه امتدادا لمرحلة المداولة و يترتب النقض في حالة التصريح بالحكم الجنائي في غياب أي عضو من هؤلاء الأعضاء.
- تلاوة مواد القانون المطبقة من قبل رئيس الجلسة غير أن عدم تلاوته لا يترتب عليه البطلان مادامت أرقامها ذكرت و يمكن لأي كان الرجوع و الإطلاع على محتواها.
غير أن الإجابات يمكن أن تتلى من غير الرئيس كأن يتولى قراءتها احد مساعديه المحترفين و لكن بحضوره(1) و هذا لأن الأجوبة ليست سوى قراءة لقرارات تم التوصل لها داخل قاعة المداولات لا تحتاج إلى أي مناقشة لاحقة عكس ماهو عليه بالنسبة لتلاوة الأسئلة.

الفــرع الرابـع : عيـوب الإجـــابــات

لا تخلو عملية الإجابة عن الأسئلة من النقائص على غرار تلاوتها، و هي عيوب تكون نتيجة مخالفة أحكام قانونية حددت مسبقا شروط الإجابة عن الأسئلة و تؤدي إلى نقض حكم محكمة الجنايـــات و منهــــا:
______________________________
(1) أ. عبد العزيز سعد المرجع السابق ص. 146
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
1. حـالة الجـواب الذي لا يتضمـن عبـارة الأغلبيـة :
تتخذ المحكمة قراراتها بالأغلبية سواء فيما يتعلق بالإجابة عن الأسئلة أو العقوبة، و الأغلبية المطلوبة هنا هي الأغلبية البسيطة فقط ثلاثة أصوات على الأقل ولا يعتبر كشفا لسر المداولة إذا أجابت المحكمة بقولها نعم بثلاثة أصوات على الأقل مادام أسماء أصحاب هذه الأصوات لا تعرف.
لذا فإن اغفال ذكر هذه العبارة في كل جواب عن سؤال سواء كان بالنفي أو بالإيجاب يعرض الحكم للنقض.(1)
2. الشطــب علـــى الجــــواب :
طبقا للقواعد العامة فإن الشطب والحشو بين الأسطر يجب أن يصادق عليه الرئيس تحت طائلة البطلان . (2) و لما كانت ورقة الأسئلة هي مصدر الحكم الصادر في الدعوى العمومية فإن المصادقة على كل حشر أو شطب فيها يعتبر إجراء جوهريا ولازما لإثبات صحتها لذلك فإن الإغفال عنه يترتب عليه البطلان (3)
3. تنــــــاقض الإجــــــــــــابة :
يتعين أن تكون الإجابة منسجمة و متطابقة مع المنطوق، وقد يكون سبب التناقض يرجع إلى غرفة الاتهام عند إحالتها متهما على محكمة الجنايات بتهم متناقضة و هو الأمر الذي يعرض الحكم الجنائي الصادر في مثل هذه الحالة إلى النقض. ومثال ذلك طرح سؤال حول ارتكاب المتهم للواقعة فتجيب عنه المحكمة بالإيجاب ثم تطرح سؤالا آخر حول سبق الفصل في الدعوى و تجيب عنه بالإيجاب أيضا الأمر الذي خلق تناقضا بين الإجابتين و يعرض الحكم للنقض. (4)
4. الإجابة بعبـارة – بـدون موضوع- عـن الســؤال الرئيسـي :
يتعين على المحكمة أن تجيب عن كل سؤال بالإيجاب أو النفي أما عبارة بدون موضوع فلا يجوز أن تستعمل إلا في الحالات التي تكون مناقشة السؤال دون فائدة و هي حالتين :(5)
* إذا كانت الإجابة على السؤال الرئيسي بالنفي و كانت هناك أسئلة حول الظروف المشددة فإن هذه الأخيرة تصبح بدون موضوع.
* في حالة السؤال الاحتياطي عند الإجابة بالإيجاب عن السؤال الرئيسي.
و ما عدا ذلك فإن الإجابة بهذه العبارة يعرض الحكم للنقض لأنه يعني رفض الإجـابة عن السـؤال.
_________________________________
(1) قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 29-09-1998 غير منشور
(2) موسوعة دالوز الجنائية لسنة 1973
(3) الأستاذ جيلالي بغدادي الاجتهاد القضائي في المواد الجنائية ص.147
(4) قرار رقم 34357 بتاريخ 16-11-1984 المجلة القضائية عدد 3 لسنة 1989
(5) الأستاذ مختار سيدهم محكمة الجنايات و قرار الإحالة عليها ص.120-121
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث

المطلـب الثـالث : علاقـة ورقـة الأسئلـة بالحكم و محضر المرافعـات

الفرع الأول : علاقة الحكم بورقة الأسئلة

إن عـلاقة حكم محكمة الجنايات بورقـة الأسئلـة هي عـلاقة تكـاملية و جوهرية، و من أجل أن تتمكن المحكمة العليا من ممارسة سلطتها في الرقابة على مدى صحة الأسئلة و الأجوبة المعطاة عنها كما هي في ورقة الأسئلة و مراقبة سـلامة الأحكام المبنية على هذه الأسئلة و الأجوبة أوجب القانون في البنـد 7 من المادة 314 مـن قانون الإجراءات الجزائية ضرورة ذكر الأسئلة و الأجوبة و الإشارة إليها في صلب الحكم الصادر في الدعوى الجزائية. و إن إغفال المحكمة لذكر مضمون ورقة الأسئلة بالحكم يؤدي إلى مخالفة القانون و خرق إجراء جوهري يترتب عنه بطـلان الحكم و نقضـه.
بالإضافة إلى أن الأسئلة التي وقعت تلاوتها بالجلسة و الأجوبة المعطاة عنهـا في غرفة المداولات تكون معا مجتمعة بمثابة التسبيب و التعليل فإن الحكم الجنائي يجب أن يتضمنها لكي نتفادى نقضه، حيث أنه متى كان الحكم المطعون فيه خال من ذكر الأسئلة المطروحة و الأجوبة المعطاة عنها و خال من بيان الوقائع موضوع الاتهام كما وردت في منطوق قرار الإحالة فإنه يتوجب نقضه (1) .
لكن هنـاك اجتهاد آخر للمحكمة العليا جاء في القضية رقم 251890 بتاريخ 12-09-2000 جاء فيه : حيث استقـر قضاء المحكمة العليا على أن وجود ورقة الأسئلة رفقة الحكم المنطوق فيه يغني عـن ذكر الأسئلة و الأجوبة في الحكم اعتمادا علـى أن ورقة الأسئلة هي جزء من الحكم و أسـاسه (2)
إلا أن هذا الاجتهاد جاء مخالفا للنص القانوني الصـريح الرامي إلى وجوب ذكر الأسئلة و الأجوبة في صلب الحكم لأنه لا مجال للاجتهاد مع وجود النص الصريح، و القاعدة الفقهية تقول لا مجال للاجتهاد مـع صراحـة النص.

الفرع الثاني: علاقة محضر المرافعات بورقة الأسئلة

إن محضر المرافعات وثيقة أساسية تشهد على كل واقعة في الجلسة من إجراءات حيث تنص المادة 314 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتيها الأخيرتين على أن يحرر كاتب الجلسة خلال ثلاثة أيام من تاريخ النطق بالحكم محضرا بإثبات الإجراءات المقررة و يوقعه مع الرئيس . و يشتمل هذا المحضر على المسائل العارضة التي تكون محل نزاع و كل واقعة جرت في الجلسة حيـث ينقـل بصدق و أمانـة كل ما يجري من إجراءات المحاكمة خطوة بخطـوة و أي سكوت
_______________________________
(1) قرار منشورة بالمجلة القضائية العدد 1 لسنة 1993 ص 178
(2) الأستاذ جيلالي بغدادي الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية ص. 341
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المبحث الثالث
عن إجراء معين يعني أنه لم يقع ، بالإضافة إلى أن انعدامه يجعل مراقبة المحكمة العليا للإجراءات الجوهرية التي يفرضها القانون غير ممكنة و من بينها النص على تلاوة الأسئلة و الأجوبة المعطاة عنها. و يمكن بناء عليه اتخاذ كل الجزاءات من طرف المحكمة العليا عند الطعن بالنقض في حالة ما إذا تبين لها أن إجراء جوهريا تم خرقه مما يترتب عنه بطلان الحكم.
و يعد سكوت محضر المرافعات عن إجراء معين دليل على عدم وقوعه يجعل هذا الإجراء كأن لم يكن ، و لما أغفل الرئيس تلاوة الأسئلة الاحتياطية قبل قفل باب المرافعات و تلا فقط الأسئلة الأصلية ثم فاجأ الأطراف بوجود أسئلة احتياطية أجابت عنها المحكمة فإن ذلك يشكل مساسا بحقوق الأطراف يترتب عنه البطلان(1).
و منه فإنه يجب و تحت طائلة البطلان أن ينص محضر المرافعات على تلاوة الأسئلة مهما كان نوعها و الإجابة عنها و أن تغاضيه عن ذلك يعتبر كأن الأسئلة و الأجوبة لم تطرح و هذا سبب من أسباب النقــــض.
_______________________________
(1) قرار صادر عن المحكمة العليا الغرفة الجنائية بتاريخ 30-5-2000 ملف رقم 243430 المجلة القضائية عدد خاص سنة 2003 ص.577
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات الخاتمـــــة
الخــاتمــة
لقد تطرقنا من خلال هذه الدراسة إلى الإجراءات الخاصة بتأسيس حكم محكمة الجنايات و الأسس التي تقوم عليها ورقة الأسئلة كنظام للتأسيس القانوني . لذلـك نود في ختام هذه المذكرة أن نستعرض أهم النتائج التي توصلنا إليها:
أن الحكم يعد مرحلة من مراحل المحاكمة الجنائية و أنه غاية أي إجراء من إجراءاتها فضلا
على أن كل طرف من أطراف الدعوى الجنائية هدفه الوصول إلى حكم قضائي.
إن ورقة الأسئلة بما تتضمنـه من عناصر هي النظـام الإجرائي المعتمـد في تأسيس حكم
محكمة الجنايات و لا يوجد نظام غيره.
وضع الأسئلة و الأجوبة المعطـاة عنها يعتبر أسلوبا مختلفا في تأسيس الحكم الجنائي و هو
بذلك يختلف شكلا و مضمونـا عن الأسلوب المتبع في تأسيس الأحكام الجزائية الأخرى و الذي يعتمد على التسبيب من خلال الأسانيد و الحــجج التي تعتمد عليها المحكمة في الوصول إلى الحكم . و منه و رغم اختلاف هذين الأسلوبين إلا أنهما :
- يتفقان من حيث تناسب كل منهما و تركيبة المحكمة المختصة ، فالأسئلة و الأجوبة
عنها تتلاءم مع تشكيلة محكمة الجنايات المتضمنة المحلفين، فضلا عن الاقتناع الشخصي لأعضائها. و التسبيب يتناسب و تشكيلة المحكمة الجزائية المعتمدة على البراهين و الأدلة.
- و يختلفان من حيث الشكل و المضمون ، غير أن ذلك لا يمنع من أن اعتمادهــما
يؤدي للوصول إلى الغاية المنشودة و هي الحكم العادل .
إن نظام الأسئلة تعرض إلى عدة انتقادات من طرف أهل الاختصاص و الباحثين من بينها:
- الموقع الإجرائي الذي تحتله تلاوة الأسئلة و هو بعد مرحلة غلق باب المرافعــات
رغم الأهمية التي تتمتع بها كإجراء لازم لسير المحاكمة بوصفه أساس الحكم الجنائي إذ في هذه المرحلة تكون مناقشتها في وقت قصير لم يكن الأطراف قد حضروا وسائل دفاعهم بعد للرد عليهـا.
- الغموض الذي تكتنفه مرحلة المداولة على أهميتها فلا توجد طريقة محددة لكيفيــة
الاقتراع و المداولة حول التهمة و العقوبة.
- حصر المشرع الجزائري استنباط الأسئلة بمنطوق قرار الإحالة بدلا من القرار بأكمله
و هذا تقليص لحرية رئيس الجلسة في عملية استخراج الأسئلة و قد يصل إلى الاستحالة بسبب غموض منطوق قرار الإحالة و عدم شموله لبعض الوقائع.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات الخاتمـــــة
- و أخطر ما يمكن اكتشافه من خلال هذه الدراسة هو عدم التوافق بين نصـــوص
القانون و قرارات المحكمة العليا عندما أقرت هذه الأخيرة أن عدم ذكر الأسئلة و الأجوبة المعطاة بشأنها ضمن الحكم الجنائي لا يؤثر على الحكم ، و هو الشيء الذي يخالف أحكام المادة 314 من قانون الإجراءات الجزائية التي أوجبت ضرورة اشتمال الحكم الجنائي على الأسئلة و الأجوبة.
و نظرا لكل ما سبق فإنه يمكننا أن نتجرأ قليلا و لتفادي أخطاء قرار الإحالة و تجنبا لهذه التعقيدات و التشعبات ينبغي أن ندعو بصراحة و وضوح إلى:
التخلي عن الاعتماد الكلي على منطوق قرار الإحالة في وضع و إعداد الأسئلة و نتحول إلى
تمديده ليشمل كل قرار الإحالة بصفة شاملة.
تجديد إجـراءات محكمة الجنايات فنتخلى عن وجوب تلاوة قرار الإحالة في بداية الجلسة و
الاكتفاء باشتراط وجوب تبليغه إلى المتهم و محاميه خلال مهلة مناسبة و كافية لإعداد دفاعهم. و استبداله بتلاوة ورقة الأسئلة في بداية الجلسة و اعتمادها كمحور و أساس للمناقشة أثناء جلسة المرافعات. أو تلاوتها بعد تلاوة قرار الإحالة إذ لا يوجد مانع من جعل أمين الجلسة و بعد الانتهاء من تلاوة قرار الإحالة أن يتلو الأسئلة الموضوعة ، و لما لا تبلغ ورقة الأسئلة بما تتضمنه إلى المتهم على غرار قرار الإحالة وفقا لأحكام المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية.
سحب المحلفين من محكمة الجنايات لعدة أسباب منها:
- كونـهم لا يسهلون عمل الرئيس و المستشارين الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى
شرح نص المادة موضوع العقوبة و بيان مدى انطباقها على الوقائع .
- أغلب المحلفين قد يتعاطفون أو يتحاملون على المتهميــن دون الأخذ بعين الاعتبار
الجريمة و توافر أركانها التي يجهلونها تقريبا. و هذا راجع في أغلب الأحيان إلى مستواهم الثقافي .
- تأثير القضاة على رأي المحلفين في بعض الأحيان و هذا يـجعل وجودهم من عدمه
سيـــــــان.
- خطورة العقوبة و أهميتها كونها قد تصل إلى الإعدام توجـب توافر أشخاص أكفاء ،
فكيف نشترط لرئاسة محكمة الجنايات قاضيا برتبة رئيس غرفة على الأقل و آخرين برتبة مستشار و يكون بينهم محلفين لا يكادون يجيدون كتابة نعم أو لا.
- ضرورة تعديل المادة 144 من الدستور و الخاصة بتسبــيب الأحكام القضائية دون
استثنائها لأحكام محكمة الجنايات مما يؤدي إلى التشكيك في شرعية هذه الأسئلة و ترك هذه الأمور لتنظيم القانون.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات الخاتمـــــة
بالإضافة إلى العمل على توحيد توجهات آراء المحكمة العليا حتى لا يكون هناك تناقض مع
المواد القانونية من جهة ، و حتى تكون مرجعا لبعض النقاط التي لم تثر من طرف قانون الإجراءات الجزائية خصوصا كيفية المداولة حول التهمة و العقوبة لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تدعيم هذا ا لنظام.
هذه مجمل الاقتراحات و الأفكار التي يمكن أن تضمن للمتهم حماية حقيقية لممارسة حقه في الدفاع عن نفسه و تضمن للقضاة تكوين اقتناع حر و إصدار حكم عادل و نزيه.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المراجــــع

المــراجـــــع

* المراجع باللغة العربية:
المؤلفـــات:
1- الأستاذ عبد العزيز سعد ، أصول الإجراءات أمام محكمة الجنايات ، الديوان الوطني للأشغال التربوية ط1 2002.
2- الدكتور عبد الحكم فودة ، محكمة الجنايات منشأة المعارف ، الاسكندرية 1999.
3- الدكتور محمد نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام، النظرية العامة للجريمة و النظرية العامة للعقوبة ، دار النهضة العربية ،ط5 القاهرة.
4- سليمان بارش ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، دار الشهاب باتنة 1986.
5- الدكتور إبراهيم الشباسي ، الوجيز في شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم العام ، دار الكتاب اللبناني.
6- الدكتور أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجزائي العام ، دار هومة 2003.
7- الدكتور عادل قورة ، محاضرات في قانون العقوبات ، القسم العام، الجريمة ، ديوان المطبوعات الجامعية 1980.
8- الدكتور عبد الحميد الشواربي ، الضروف المشددة و المخففة للعقاب ، منشأة المعارف الاسكندرية 1999.
9- الدكتور مصطفى مجدي هرجة ، جرائم القتل و الجرح و الضرب في ضوء الفقه و القضاء ، دار الكتب القانونية 1990.
10- الأستاذ جيلالي بغدادي ، الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية ، الديوان الوطني للأشغال
التربوية ،الجزء الأول ، ط1 2002.
11- الأستاذ جيلالي بغدادي ، الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية ، الديوان الوطني للأشغال
التربوية ، الجزء الثاني، ط1 2002.
12- موسوعة دالوز الجنائية ، القسم الخاص بمحكمة الجنايات ، الجزء 2، 1979.
البحوث و مقالات :
1- الأستاذ مختار سيدهم، محكمة الجنايات و قرار الإحالة عليها ، بحث منشور بالمجلة القضائية ، عدد خاص 2003.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات المراجــــع
2- الأستاذ مختار سيدهم، الاجتهاد القضائي في مادة الأسئلة لمحكمة الجنايات، مقال منشور بالمجلة القضائية العدد الثاني عدد خاص 10 ، 1991.
3- الأستاذ جيلالي بغدادي ، الأسئلة أمام محكمة الجنايات ، محاضرة ملقاة في الندوة الوطنية للقضاء الجنائي ، زرالدة 24-25 نوفمبر1993 .
4- الأستاذ عبد العزيز سعد ، الأصول العامة لمحكمة الجنايات و إجراءات المحاكمة ، محاضرة ملقاة في الندوة الوطنية للقضاء الجنائي، زرالدة 24-25 نوفمبر 1993.
النصوص القانونية:
- الجزائرية
1- قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
2- قانون العقوبات الجزائري.
3- قانون القضاء العسكري الجزائري
- الأجنبيـة
1- قانون الإجراءات الجنائية المصري.
2- قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي.
* المراجع باللغة الأجنبية:
1- JEAN LARQUIER , PROCEDURE PENALE , DALLOZ 18 eme edi. 2001.
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات الفهــــرس
الفــــــهـــــرس
المقدمــــــة..............................................................................02
المبحث التمهيـدي: اختصاص محكمة الجنايات و خصائصـها..............................06
المطلب الأول: الاختصاص و معايير تحديده....................................06
الفرع الأول: مفهـــوم الاختصـــاص...................................06
الفرع الثاني: معيـار تحديــد الاختصاص...................................07
المطلب الثاني: خصائص محكمة الجنايــات...................................08
الفرع الأول: خاصية أنها محكمـة مختلطة....................................08
الفرع الثاني: خاصية أنها محكمــة اقتناع....................................08
الفرع الثالث: خاصية عدم قابلية أحكامها للطعن بالاستئناف.....................09
المبحـث الأول: ورقـة الأسئلـة و خاصيتــها.............................................10
المطلب الأول: خاصية ورقة الأســـئلة......................................11
الفرع الأول: من حيث انعدام التسبيــب......................................11
الفرع الثاني: من حيث التصدي للوقائـع.......................................12
المطلب الثاني: مضمــون ورقــة الأسئلــة...............................13
الفرع الأول: المحتوى الشكلــي لورقة الأسئلة...............................13
الفرع الثاني: المحتوى الموضوعي لورقة الأسئلة...............................16
الفرع الثالث: الجهة المخولة بإعداد ورقة الأسئلة...............................19
المبحـث الثانــي: مصــادر الأسئلـة و أنواعــها......................................21
المطلب الأول: مصـــادر الأســـئلــة..................................21
الفرع الأول: قــــــرار الإحالــــة.................................21
الفرع الثاني: إجــراءات المرافعــــات..................................23
نظام الأسئلة أمام محكمة الجنايات الفهــــرس
المطلب الثاني: أنــــــواع الأسئـــــلة..............................24
الفرع الأول: الأسئلــــة الرئيسيــــــة.............................25
الفرع الثاني: الأسئلة المستخرجة من المرافعـات..............................29
الفرع الثالث: الأسئلة المتعلقة بظروف التخفـيف..............................36
المبحــث الثـالــث: تـلاوة الأسئلـة و الإجابــة عنــها............................38
المطلب الأول: تـــلاوة الأسئلــة بالجلسـة...............................38
الفرع الأول: الأسئــلة الواجــب تلاوتهــا..............................39
الفرع الثاني: النزاعات الناشئة عن وضع الأسئلة...............................40
الفرع الثالث: عيـــــــوب الأسئلــــة..............................41
المطلب الثاني: الإجابـة عن الأسئلـة المطروحة...............................43
الفرع الأول: مرحلــــة المداولــــــة..............................44
الفرع الثاني: مضمــون الإجابـة عن الأسئلـة..............................45
الفرع الثالث: النطــــــق بالحكـــــم..............................48
الفرع الرابع: عيــــــوب الإجابــــات..............................48
المطلب الثالث: علاقة ورقة الأسئلة بالحكم و ورقة المرافعات...................50
الفرع الأول: علاقـــــة الحكـم بورقــة الأسئلــة...................50
الفرع الثاني: علاقـــــة الحكـم بورقــة المرافـعات..................50
الخــاتــمـــة............................................................................52
المـــراجــــع...........................................................................55
المـــلاحــــق

0 تعليق:

إرسال تعليق